المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 10:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-13-2013, 10:44 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية )

    إهداء

    الي كل عشيرتي في البرين
    الغربي والشرقي من النيل
    الحالمون بغد مشرق المنتشرون في كل بقاع الأرض
    يحلمون بالعودة يوما
    إلي أمي وأبي
    واخوتي
    أهدي هذه الصفحات
                  

01-13-2013, 10:46 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (1)
    جلس الصبي ذو السبعة أعوام في ركن قصي من المسجد الممتد يرقب جده الكهل النائم علي مقربه منه كان قد فرغ لتوه من ملء الابريق ووضعه بجانب جده في حركة خفيفة فالجد خفيف النوم علي الارض الرملية التي تكسو جنبات المصلي مدد الصبي رجليه حتي غاصت فى الرمل وارسل ناظريه الي الجهة المقابلة المطلة علي النهر فقد حان موعد وصول عمه لرفع اذان العصر وتممل الجد في رقدته فور تعالي صيحات بعض الصبية تحت شجرة النيم العتيقة خلف السور الغربي القصير كانت هذه الشجرة هي حارسة المسجد من الجهة الغربية الا ان سلسة اشجار الدوم العتيقة من الجهة الشرقية المقابلة للنهر كان هو مصدر الازعاج الحقيقي للجد النائم فصبية الحي يتجمعون تحت شجيرات الدوم قبل وصولهم للمسجد والتحلق في حلقات التلاوة والحفظ غير انهم يحدثون جلبة عظيمة أثناء رميهم الثمار والتراكض لجمع ما غنموه كان العم قد أسرع الخطي للمسجد وارتقي السلم الطيني القديم الي اعلي المئذنة العتيقة وصل بخفة الي الحافة بجانب الهلال المعدني الذي يزين اعلي المئذنة ورفع صوته مناديا للصلاة وبحركة سريعة غادر الصبي مكانه فقد نهض الجد من مرقده في سريره الخشبي القصير التي لامست حباله الأرض قرب له أبريق الماء وطفق يبحث عن نعلي الجد في انحاء المسجد الا ان محاولاته قد بائت بالفشل فحتما قد تسلل الجرو الصغير الي باحة المسجد وعبث كعادته بنعلي جده المسافة بين المصلي والمضيفة كان صعبة المسير فالرمال الممتدة تعيق السير غير ان حرارة الرمل وافتقاره الي النعال كانت تزيد من معاناته وعند الركن الايمن من المضيفة كانت البروش الطويلة قد طويت بعناية ووضعت علي جانب الجدار رفع صوته منماديا فهرول اليه بعض الصبية الذين انهمكوا في حمل البروش ورصها في باحة المصلي انتظارا لورود المصلين لاداء فريضة العصر كان بعض الصبية لا زالو ا عالقين في شجرة النيم الضخمة وبصيحة عظيمة من العم المؤذن غليظ الصوت تناثروا الواحد تلو الآخر وتجمع الصبية حول الساديب الكبير في الحجرة الواسعة التي تفتقر الي باب يسد مدخلها كانت الغرقة خالية الا من ذلك الساديب الخشبي الذي يحمل علي متنه مئات من الالواح الخشبية المنجورة بعناية فائقة كانت الالواح الخشبية المصقولة ذو الرؤس المدببة معدة اساسا لكتابة آيات القرآن الكريم للحفظ والتلاوة تدافع الصبية كل لأخذ لوحه والمخارجة السريعة الي باحة المسجد بعد اداة الصلاة فبعد الفراغ من صلاة العصر يغادر الكبار الي دورهم وحقولهم الا ان الصبية يبقون مع الجد الشيخ لمراجعة القرآن وحفظه

    نواصل
                  

01-13-2013, 01:00 PM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (2)
    بعد صلاة المغرب يتفرق جمع الصبية ليلتئم تحت اشجار الدوم في هذه الاثناء لا يمارسون هوايتهم اليومية في رشق الثمار بالحجارة الصلدة في هذه الساعة يحلو لهم هوايات أخري سخيفة يقضون الوقت في المصارعة والشجار البداية بالمديدة الحارة وتتشابك الايدي الغضة والاجساد النحيلة يتفرقون عند بكاء احد المتصارعين خوفا من مرور أحد كبار القرية وحدوث ما لا يحمد عقباه صبي المسجد ما زال ملازما جده فبعد صلاة المغرب وتفرق الصبية الدارسين يبقي الجد في المسجد انتظارا لصلاة العشاء بعد انقضاء الصلاة يبحث الحفيد عن عكازته عكازة طويلة كالشعبة لها فرعين في نهايتها يتوكأ عليها ويحملها معه عند قراءة الخطبة يوم الجمعة وعندما يقوم بتوثيق عقود الزواج لا تبارح يمينه مع القلم الاسود العتيق ودفتر الحكومة ونظارته السوداء السميكة وشاله الحجازي المطرز وحفيده النشط الجد لا يفارق الحفيد يغادرون المسيد عندما يرسل الليل طلائعه باب السمجد الشمالي يفتح مباشرة علي منزله الطيني ذو الغرف الكثيرة والباحات الرميلة الواسعة مراح الحمير عند مدخل الباب ويليه مراح الغنم وبيوت الجداد والحمام والوزين ساحة ضخمة قامت ست الدار برصها بالحجارة والرمل وبمرور الزمن اصبحت صلبة وقوية يفرشون فيها التمر ليجف ايام الحصاد خمسة قسيبات ضخمة متراصة علي جانب الساحة تحمل في داخله غلة العام فالجد يملك الكثير من التمر في الشرق والغرب وفي ساقية بعيدة ايضا ورثها عن والدته



    نواصل .....
                  

01-13-2013, 02:21 PM

tmbis
<atmbis
تاريخ التسجيل: 10-19-2002
مجموع المشاركات: 24862

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    يا جمال ..
    ما قريت حاجة .. لكن هذه الايام انا في شهية مفتوحة للقراية رواية او قصة قصيرة .. وطالما شجعتنا .. للقراية ح نقرا عشان نرجع نكتب من جديد خاصة انو وقف حمارنا في العقبة من فترة طويلة ..
    ساطبع للقراءة ومن ثم العودة بإذن الله
                  

01-14-2013, 07:14 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: tmbis)

    Quote: ساطبع للقراءة ومن ثم العودة بإذن الله


    تمبس العزيز وأنا في انتظارك ..
    وجودك زاد للكتابة خليك قريب
    دروب القرية محتاجة المقيل
                  

01-14-2013, 07:07 PM

Elsanosi Badr
<aElsanosi Badr
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 4166

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    العزيز جمال الف الف مرحب بيك في الحوش الكبير ، واصل ما تنقطع واللوحة السريالية اللرسمتها ريشتك كاني اشاهدها من تناثر الصبية حول شجرة الدوم وحلقة القران وصعود المand#1654;ذن



    واصل يا جميل فنحن في انتظارك
                  

01-14-2013, 07:28 PM

showgi idriss
<ashowgi idriss
تاريخ التسجيل: 08-07-2005
مجموع المشاركات: 440

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: Elsanosi Badr)

    جمال

    متابعين بشغف!!!

    واصل

    واله اقول ليك

    كبها مرة واحدة

    وبطل شحتفه

    تحياتي
                  

01-15-2013, 07:26 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: Elsanosi Badr)

    Quote: واصل يا جميل فنحن في انتظارك


    سنوسي البدر
    شاكر ومقدر
    جملت المكان بحضورك
    وتحيات مقدرات تليق بك
    اكرر شكري وتقديري


    وخليك قرييييب
                  

01-15-2013, 07:30 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    شوقي ادريس
    حاضر يا جميل ... ... ا
    نت تأمر
    ولكن شوية شوية بتكون أحلى
    بجد مقدر كلماتك وسطورك سلمت ياخي أخا عزيزا ..
    تحية وتقدير كثير ليك


    من جمال
                  

01-15-2013, 07:37 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (3)
    عنقريب الجد مفروش في باحة المنزل
    عنقريب مخرطة كبير
    بجانبه عنقريب هبابي آخر للحفيد
    بينهما تربيزة من الخشب لا تقوى علي حمل شيء
    كشمبير صغير في الجانب معلق به قربة صغيرة من جلد الغزال
    اشتراه العم من العرب الجائلين بثمن بخس دراهم معدودة
    تربيزة الخشب بين العنقريبين خضراء اللون وكل اثاث المنزل مضروب باللون الأخضر حتي ابواب المنزل
    ألا ان الأزيار في المزيرة الكبيرة وكرعين العناقريب شذو عن تلك القاعدة وضربو باللون الأحمر الطوبي
    في ذلك المساء كان فرحة الجد وحفيده كبيرة فقد أعدت الجدة لهم طعام عشاء من النوع الذي يحبونه (أجي مساد بالآجيق والفلفل )
    الجد يحب هذا الصنف حبا ظاهرا منذ القدم سهل في الأكل والبلع وسهل الهضم فالجد لا يملك الاسنان الكافية للمضغ كما ان معدته التي عركت القراريص والسوك والقرقوش والتمر قد شاخت
    الحفيد أيضا يحب هذه الأكلة جيدا وله فيها تقنية متفردة فهو يتابع الربروب من الأجيق المخلوط باللبن يزدرده دفعة واحدة من غير مضغ فعملية المضغ تستغرق وقتا أطول وجهد منهك
    بعد العشاء يصر الجد علي شرب الشاي الفلت الا ان الحفيد يقوم بتناول كوز العلمون وينهل من القربة الباردة الرطبة .
    يبدأ الجد في قراءة أوراده الليلية بصوت متقطع والحفيد يستمع ،
    لأنه قد حفظ هذه الاوراد منذ أمد بعيد
    سرعان ما يبحر الجد في نوم عميق ويظل الحفيد يرقب قبة السماء المرصعة بالنجوم كأنها بهو قصر اندلسي بديع
    يراقب النجوم والشهب ويري نجوما تسير وأخر تومض ومن ثم تنطفي
    ليل البلدة هادىء الا من نباح الكلاب أو صوت ديك غبي فقد القدرة علي تبيان الوقت
    الكل قد هجع في هذا الليل الصيفي ذو النسمات العليلة
    فقد تغطي الجد ببردته والحفيد لديه ثوب قطني احضره له عمه من الحج العام الماضي به زيادات وكشكشة تصل الارض
    دائما ما تنهره الجدة لرفع الثوب من الأرض خشية تسلق العقارب والهوام مرددة ( النبى نوح )


    نواصل
                  

01-16-2013, 08:54 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (4)
    يرفع العم اذان الصبح بصوت شجي هذه المرة
    يتململ الحفيد في مرقده فطراوة الصيف لا تجعل النايم مهتما بالقيام
    فهو يريد مواصلة النوم
    التفت الى جده فوجده قد بارح مكانه واستعد للذهاب الي المسيد ف
    ي هذه الساعة يغادر الجد المنزل ولا يأت اليه الا بعد صلاة العشاء
    تنشط العاملات في المنزل في تلكم الاثناء والجدة يرافقنها أثنتان من العجائز اللاتي رافقنها منذ ان كانت عروس يقمن بخدمتها وخدمة زوجها وخدمة المسيد
    يحلبن اللبن ويعوسن الكسرة وينظفن المسجد ويملان الازيار التسعة في المسيد
    يقمن بتنظيف التمر وتعبئته في القساسيب (1) ونسج وصناعة بروش المسجد
    يقمن بتنظيف الويكة وسحنه وشخ اللبن واستخراج السمن
    يقمن باعداد شاي الصباح الذي يتناوله الجد علي عجل وحفيده معه بنصف عين ووجه متثاقل
    يجر حفيده الي المسجد
    أصعب لحظات العمل هو فرش البروش في المسجد عند صلاة الصبح لقلة الصبيان
    يساعده العم وكل من أتي باكرا
    تقام الصلاة وتكثر الدعوات ويقرأون أوراد الصباح
    يأتى بالشاي مرة أخري ويتفرق الجمع ويبقي الجد وحفيده يتلون القرآن الكريم ويصلون صلاة الضحي سويا
    مسيد القرية هو الجامع والملتقي لكل الاحداث
    فيه يتم اجتماع الجمعية التعاونية المتعددة الاغراض وبه يقام احتفالات المولد النبوي الشريف وعقود الزواج والكرامات كل يوم اربعاء من كل شهر عربي
    يتم عمل الكرامة في المسجد ويقوم الصبية بتجميع كميات المريق (2) من البيوت ليجمعوه في برميل كبير في باحة المسجد ويقومون كذلك بجلب التمر البركاوي من النوع الجيد
    يتم خلطه مع المريق ويجلب الاطفال الواقود من طرف النهر
    ويتم تركيب الكرامة وتوزيعه علي الأطفال والبيوت

    نواصل

    (1) القساسيب : جمع قسيبة وهي وعاء من الطين لحفظ الغلال
    (2) المريق : حبوب الذرة
                  

01-19-2013, 06:47 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (5)
    كرامة البليلة توزع على نطاق واسع في الحي مع دعوات الحبوبات وغبطة الصغار وكرم الآباء
    عادة متكررة تصدر من المسيد كل اربعاء مع ختمة مجموعة من الاطفال للقرآن وتزيين اللوح وتشريفه والطواف به علي الآباء والأعمام لنيل الثناء وبعض الدراهم والتمر
    إرتباط أهل الحي بالمسيد منذ القدم
    فقد تم بناءه في غابر الأزمان أيام حياة والد الجد بالعون والنفير
    بناء من الجالوص مترامي الأطراف علي قوز الرملة ناحية النهر
    يتوسط البلدة
    غرف متراصة طويلة مقسمة
    كل غرفة لها استعمالها الخاص
    الصحن الرئيسي للمسجد باحة واسعة تؤدي فيها صلوات الصبح والمغرب والعشاء أ
    ما صلوات الظهر والعصر فتؤدي في القاعة الرئيسية الفسيحة المفروشة بالسجاد
    المقر الرئيسي لأداء صلاة الجمعة والعيدين
    القاعة الرئيسية مبني كبير تتوسطه أربعة حوامل خشبية ضخمة ( الانديق )
    تحمل سقف القاعة من كل الجوانب
    المبني طيني وبه فتحات صغيرة بالأعلي
    معروش بجريد النخل وجزعه المضروب بالجير الأبيض الهوكس
    في كل ركن كوة كبيرة بها رتينة عتيقة للاضاءة ليلا
    أذا حدث طاري مثل الأمطار والهبوب
    للمسيد سدنة يخدمونه بالنظافة والترتيب وملء الازيار بالماء
    كل الاحداث التي تمر بالحي يكون في المسيد حتى مناسبات العزاء وعقود الزواج وحل المشاكل والمعضلات
    الجد والحفيد من ساكنى المسجد طوال اليوم
    يقومون بتلاوة القرآن وانتظار الصلاة تلو الصلاة
    للجد ولدان
    الأول والد الحفيد
    يقوم بتجارته حول القري المجاورة
    والآخر مزارع يرفع الأذان في المسيد عند دخول الوقت
    للجد مساحات واسعة من الأرض الزراعية جناين المانجو والبرتقال علي اليمن وأنت نازل بالدرب الكبير ( درب المأمور )
    جناين التمر المتراصة علي يسارك ، قنديل وبركاوي وبت مودة ومشرقي .
    غلة الجناين والحقول للمسيد نصيب كبير
    كل ما يغرس نخلة يدعو لها بالتوفيق وانها حل للفقير والمعدم وابن السبيل .
    أهل الحي يجودون بما كسبوه للمسيد والفقراء المعدمين
    حياتهم متصلة وقلبهم واحد يجتمعون مساءا في المسيد ويتفرقون
    استعدادا ليوم جديد


    ونواصل
                  

01-19-2013, 01:11 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    حبيبنا واستاذنا جمال
    تحية طيبة
    نرحب بك في الحوش الكبير ، حوش كل السودان .
    ثقتي أنك إضافة حقيقة للمنبر .
    تحياتي وتمنياتي لك بالتوفيق.
                  

01-20-2013, 06:45 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: محمد الزبير محمود)

    Quote: حبيبنا واستاذنا جمال
    تحية طيبة
    نرحب بك في الحوش الكبير ، حوش كل السودان .
    ثقتي أنك إضافة حقيقة للمنبر .
    تحياتي وتمنياتي لك بالتوفيق.



    أخي الغالي
    محمد الزبير
    شاكر ومقدر ترحيبك
    وتحية خاصة ليك وللأسرة
                  

01-21-2013, 06:39 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (6)
    في ليالي الصيف المقمرة يتجمع الناس في المسجد بعد صلاة العشاء
    الرجال في باحة المسجد الرئيسية علي البروش
    والنساء حول النيمة غربي المسجد يتسامرون الاطفال والصبيان حول شجيرات الدوم بالجهة الشرقية للمسجد يمارسون هواياتهم الليلية
    يتسابق اهل الحي في جلب طعام العشاء الي الرجال في المسجد
    صحن كبير مغطي بطبق ومربوط بقماش ابيض
    ذاك الصحن من منزل الجد قراصة باللبن الرايب والبصل والفلفل
    الجد لا يحب هذا النوع من الأكل
    يرقب الصحون الأخري المزينة أطرافها بالفطير الجاف واللبن الحليب بالسكر
    السواد الاعظم من الصحون محملة بالويكة والخدرة والكداد
    نادرا ما تجد أحدا قد جاد بصحن به لحم وثريد
    الا ليلة الاثنين يوم السوق الكبير
    فتجد في الصحون قليل دهن
    يتم نشر الصحون عشوائيا بين البروش وتبدا عملية دوران الرجال كل حول الصحن الذي يحبه
    الا ان الجد في مجلسه علي العنقريب يؤتي له بصحن الفطير باللبن ويزاحمه الحفيد الذي عرك هذه الأكلات الهشة
    صبيان الحي ينظرون الي الحفيد نظرة حسد فهم محرومون من الاكل عند ضربة البداية
    دورهم يأتي بعد أن ينهي الرجال أكلهم
    حين تعم الفوضي ويختلط الحابل بالنابل
    فأن أحرف صبي لن يستطيع الحصول علي اكثر من لقمتين لكثرة الصبية وقلة المتبقي
    هنا يمارس الصبية هوايتهم في الكر والفر ليفوزوا بأكبر قدر مما تبقي
    صبايا الحي من الجهة الجنوبية امام حوش الجد في التلة الرملية أغلبهن داخل حوش الجد يمارسن بعض الاعمال أهمها غسل صحون العشاء وعمل الشاي
    الصبيان علي تلال الرمل القريبة من النهر أكثرهم حظا من كلف بمهمة جلب الشاي من حوش الجد
    مهمة عظيمة يتنافسون في أداءها
    اغلب الشبان قد اسلم جسده للرمل الناعم البارد وارسل نظراته لقبة السماء يرقب نجومها
    ومنهم من أستسلم للنوم جراء العمل الشاق في الحقول سحابة النهار
    مجموعة تحلقت حول احدهم وهو يعزف الحانا شجية من طمبور قديم
    كان الطمبور يبعث الحانا منزوعة من الجزور شجية متناغمة تدغدغ المشاعر والاحاسيس
    والقمر ينظر اليهم خلسة من خلف سحابات الصيف المهاجرة
    النهر من خلفهم قد اسلم جسده التعب للضفتين مسترسلا من غير هدي صوب الشمال في تئنة في هذا الوقت من العام
    قبل موسم الفيضان
    ليستعد لفورته القصوي في أوائل يوليو
    صفوف النخيل ايضا قد سكنت وصمتت وطفقت تنظر الي ما حولها بريبة
    وفي المقابل كانت اشجار الفواكه واجمة من هول ما حولها من جمال .

    نواصل
                  

01-22-2013, 07:26 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (7) حصاد التمور تظاهرة اجتماعية في البلدة
    يبدا الجد نفير حش البلح أول البادئين
    للجد أنواع مختلفة منها ما يصفر ويحمر قبل الأوان
    ويتوفر في بيته الكجكول وقبله القلودسى
    عندما يبدأ الجد في اجراءات حش البلح فتلك أيام سوداء في حياة الحفيد
    عليه التردد بين البيت والحقل ومعه بعض الصبية لجلب الأكل وتوصيل شوالات التمر بحمير جامحة قوية تئن في الطلوع بجواويل البلح
    يتسابقون عند العودة خالية
    حمارة الجد السوداء التي جلبها من ديار الشايقية هي السباقة دائما
    يزاحمها حمارة عمه البيضاء من سلالة أرض المحس
    يعتني بها العم جيدا فهي تأكل الفول والدوم والبرسيم ولا تشرب الماء الا من صفيحة جاز بيضاء ناصعة مختومة برسم التيتل أبو أجنحة
    أيام حش التمر أيام دميرة وفيضان
    أشجار المنقا قد طرحت نتاجها الأخضر الشهي
    الفرسان علي ظهور حميرهم يستغلون خلو درب المأمور من السابلة ويغيرون علي جنينة الجد ويخرطون المنقا الخضراء
    يشاهدهم العم المندس بين الاشجار ويفاجئهم بصوت جهوري أجش غير صوت الأذان و ينهرهم
    يتسابق الصبية الي ظهور حميرهم لا يلوون علي شيء
    يتعهد العم بجلدهم في باحة المسجد بعد صلاة العشاء ولكنه لا ينفذ عهده
    وتتكرر غارات الصبية في اليوم التالي
    رائحة نوار المنقة وطلع النخيل ولحاء الأشجار المبتلة بالماء والعشب الأخضر المتفرق في أرض الحقل مرتع خصب للنمل الأحمر الدقاق
    جحافل النمل تزحف نحو جسد الحفيد يتضايق الحفيد وينظر الي جده
    الجد لا يكترث بجيوش النمل الزاحفة علي أرجله وقد مدد ساقيه علي سجادته مدورا سبحته ويهمهم وينظر تارة الي حشاش التمر ومرة الي جامعي الثمر
    ينطق بكلمات غير مفهومة لكن يفهمها جامعي الثمر ويشدوا عن سواعدهم
    قراصة التركينج والويكة الحمراء مع البصل الأخضر سيدتي المائدة الرئيسية أثناء حش التمر
    في الفطور والغداء والشاي السادة في ترمسيات صناعة صينية محكمة الفلة في طرف الجدول عند النخلة الكبيرة ذات الأساسق السبعة
    والزير القناوي والماء البارد
    يوم الحصاد يوم طويل وشاق
    يلتقي فيه قوميات كثيرة تسكن علي حدود البلدة يجتمعون لحصاد التمر
    في المساء ينتقلون الي الحلة وكل قد حمل كيسا معبأة من الكرامة
    والجد في موكبه تتقدمهم حمارته السوداء الذي يمتطيها الحفيد وهو يحمل العرجون الأصفر وقليل من الجريد وبعض الترمسيات .

    نواصل
                  

01-23-2013, 07:35 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (8)
    يقوم العم في الربع الأخير من شهر رمضان بالبحث في السواقي القريبة والبعيدة عن ثور ضخم
    يجتهد أهل الحي في جمع ثمنه مهما بلغ
    فهذا الثور سيتم ذبحه في الأربعاء الأخير من شهر رمضان المبارك
    قبل الليلة المنشودة يؤتى بالثور ويربط خارج المسيد
    في شجرة النيمة الغربية يراه كل من في البلدة
    يتصايح الاطفال حوله فرحين مغتبطين
    هذا الثور بأكملة سيتم التهامه في يوم واحد
    سيكون نصيب الاطفال منه كبيرا
    عشا الميتين مناسبة متوارثة منذ القدم الناس في تلك الانحاء
    يحتفلون باشياء لا يعرفون مصادرها
    يحتفلون والسلام
    في الليلة المنشودة يبدأ العم في تجميع اسلحة الذبح ومعه رجال أقوياء من أهل القرية
    يذبح الثور خارج المسيد ويسلخ في الباحة الرئيسة للمسجد
    وفي الغرفة المعدة مسبقا بفرش من البروش الطويلة يحول اللحم الي داخلها ويتم توزيعها علي كيمان متساوية علي عدد الاسر التي ساهمت في ثمنه
    يوزع القليل لبعض الفقراء والمساكين
    تنشط الحريم في صناعة الكندي(2) والعيش البلدي قبله بيوم
    يتم توزيع اللحم بعد صلاة الفجر مباشرة لكل الاسر
    منذ الصباح تملاء القدور بالماء والبصل واللحم لعمل الفتة
    في الصحون الكبيرة يتم فرش الكندي والعيش البلدي
    يرش بالسليكة الحمراء المليئة باللحم
    بعض الموسرين يرشون عليه قليل من الأرز المصري الابيض
    جحافل الاطفال يتجولون في مجموعات ومربعات حول البيوت
    لبنات الصغار ايضا لهن تكتيكاتهم الخاصة والقائدات المهرة يمشطون شوارع البلدة وهم يحملون أكياس القماش
    يجمعون التمر والكعك والتسالي
    مربعات الاطفال يطوفون بكل البيوت يأكلون في ذلك اليوم أكثر من عشرون مرة
    يتفننون في العاب نط الحبل والسباق لاضافة مساحات جديدة في بطونهم الصغيرة للوصول الي اماكن أخري لم تتم زيارتها
    لهم رموز خاصة يضعونا بالفحم علي أبواب البيوت
    بعد الانتهاء من أكل عشاء الميتين الخاص بهم كبار السن يزورون القبور ويرشونها بالماء ويملأون حولها جرار الفخار
    في ذك اليوم يحتفل الجميع بهذه المناسبة حتى المغيب



    (الكندي ـ كسرة الذرة )
                  

01-26-2013, 08:02 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (9)
    كعععععععععععود شل
    صرخة تمزق سكون الليل الهادي
    علي جانب النهر في التلة الرملية
    مجموعة من الاشباح الصغيرة تتراكض
    والقمر قد ارسل ضوءه الخجل علي صفحة الرمل الممتد
    خلف قطعة صغيرة من العظم يلهث الصغار كر وفر من وصل الي الميس أولا
    في تلكم الاثناء مجموعة من صبايا الحي يتجمعن فوق القوز الخلفي لمنزل الجد ت
    وسدن الرمل الناعم البارد وأطلقن خيالهن للحكى عن الفارس المتنظر
    أغلبهن يعتريهن الخجل في الخوض بمثل هذه الأحدايث
    لكن منهن من تبحر بخيالها
    أغلب النسوة يتجمعن في هذا القوز في الليالي المقمرة الصافية يباشرون تكلمة اعمالهم اليومية اليدوية
    نسج الطباق وتنظيف العيش وحياكة الطواقي
    في اليالي المعتمة يتحول الجميع الي الاحاديث الجانبية والونسات الخاصة
    صغارهن حولهن
    وقليل من التمر والماء
    ويمتد السمر
    الرجال في باحة المسيد علي البروش يتحدثون عن أعمال الحقل والمشروع
    وصيانة المسجد
    وجر البابور
    وقرب الانتهاء من صيانة المركب القديمة
    التي تقلهم دائما الي جيرانهم في البر الآخر
    أو الي مدافن موتاهم

    نواصل
                  

01-27-2013, 07:54 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (10)
    غايبيكون
    مهمد غايبيكون
    ود همد تود غايبيكون
    صوت حزين وحمارة سوداء قصيرة ورجل كهل في السبعين
    يمشط شوارع القرية الرملية يعلن للملاء رحيل أحد الأفراد
    تشرإب الأعناق من بين فرجات الأبواب ومن خلال سور البيوت الطينية القصيرة
    يرغبون في تكرار الأسم لمزيد من المعرفة والتأكيد
    فحروف الرجل الحزين غير واضحة المخارج
    لا يلتفت اليهم ويواصل سيره الحثيث الي آخر الحلة
    يعود منها صامتا ويضع عصا ترحاله في الجهة الغربية للمسيد عند شجرة النيم العتيقة
    لا يهتم بربط حمارته فهي لا تبارح سيدها
    يسبقه رجال الحي الي الغرفة الخلفية للمسيد ويتناولون معاول الحفر علي عجل
    ينادون ريس المركب القديمة الوحيدة ليقلهم الي الجانب الآخر من النهر حيث مدافن موتاهم
    يركب الفوج الأول من الرجال الاشداء بغية تجيهز القبر
    يلحقهم الآخرون بالجنازة علي عنقريب وبرش أبيض
    يحمل الفقيد علي أعناق القوم ومنه الي المركب التي تئن بحمولتها الي الجهة الأخرى
    يصل المشيعين الي المدافن في البر الشرقي ومعهم الكبدار
    الشيخ يسبقه أولاده
    فقد آلت اليهم حرفة صناعة الطوب المستخدم في ستر الميت
    يقومون بعملهم في جهد بين تحت شمس حارقة
    يجلبون الماء من النهر
    ويخلطون الطين بالرمل
    ويصنعون طوبا ذا حجم كبير
    لا يتقاضون ثمنا لذلك
    وانما تأتيهم نهاية العام ما تجود به منتجات السواقي والجروف


    ونواصل
                  

01-28-2013, 08:10 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (11)
    الله أكبر
    الله أكبر
    الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
    موكب مهيب و أصوات شجية
    وأشعة شمس ذهبية خجلة تداعب الوجوه
    يتقدمهم الجد أمام المسجد حانيا ظهره الي الامام مسرع الخطي
    وراية خضراء ترفرف علي عود القنا الممتد فوق الهامات
    وبرد الصبح الخفيف يداعب الاجساد
    والركب في طريقه لباحة العيد
    هناك على الأرض الرملية المنبسطة في الجزء الجنوبي من المسيد في اتجاه النهر
    تتجمع الوفود من كل صوب من المساجد القريبة والبعيدة
    كل وفد برايته المميزة يعرفون انتمائاتهم بألوان راياتهم
    تتجمع الرايات في حلقات حديد مثبتة علي منصة طينية
    صبية المسجد قد فرشوا البروش من صبحا بعيد
    يتجمع المصلون الرجال ومن خلفهم نساء افترشن ألوان مزركشة من السجاد أمام كل واحدة صحن مليء بالكعك والتمر
    يتحاوم الصبية حولهن طمعا بالفوز بقطعة كعك أو قطعة عملة معدنية
    خلف الجمع الذي يستعد للصلاة يتجمع الباعة يعرضون بضائعهم
    ليس لهم هم الا تصريف مخزونهم من الحلوي والمشروبات
    لا يهتمون بأداء الصلاة مع الجماعة
    ينادون علي بضاعتهم بصوت عال يختلط صوتهم مع صوت مقيم الصلاه من مكبر صوت متحشرج
    يتقافز الصبية حولهم ويملأون جيوبهم وبطونهم بما لذ وطاب
    تقام الصلاة ويرتقي الجد منصة الأعلام ويلقي خطبة عصماء
    يتجمهر الناس قبل انتهاء الخطبة يباركون العيد لبعضهم البعض
    يسترسل الجد في خطبته التي تطول
    يتحول الناس من حوله الي فرق
    فريق يتحول الي شط النهر بغية الحصول علي مقعد في المركب القديمة لزيارة القبور في الجهة الأخرى من النهر
    فوج يتحول الي الجهة الغربية من باحة العيد لمشاهدة سباق الحمير والجمال
    يتصايحون ويصفقون لفوز أحدهم
    فوج آخر تغلغل في الشوارع المؤدية الي القرية
    يطرقون بابا أثر باب
    مهنئين بالعيد
    يمضي يوم الناس في سلام وتمنيات وآمال
    انه العيد الصغير الذي يلي الشهر الكريم


    ونواصل
                  

01-29-2013, 07:06 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (12) خلف قطيع من النعاج الأصيلة المختلطة ببعض الماعز
    كان الصبي ذو العراقي القصير المتسخ يحمل عصاه منذ الصباح الباكر
    يبدأ يوم هذا الصبي التعس
    أكثر من خمسين رأسا من النعاج والغنم من بيت الجد الكبير الخرب
    يبدأ الصبى في جر الباب الخشبي الثقيل
    تتزاحم ارتال الغنم علي المدخل بغية الخروج من السجن الليلي الي فضاء البرود (1)
    يعاني الصبي في لم شمل القطيع المنتشي بالحرية
    يستعمل عصاه ورجليه في الركض يمنة ويسره
    يصل الحقل بعد طول عناء
    هناك في الحقل كان قد سبقه بعض الصبية بقطعانهم
    تسرح القطعان في الأرض الممتدة متخيرة من النبات ما لذ وطاب
    يتخير الصبية المرتع الخصب يساعدهم ذلك علي استقرار القطيع
    ليتفرغ الصبية في ممارسة هواياتهم
    مجموعة تبدأ في عمل كشيقة (2)من الجريد الجاف وبعض الأعواد مرتكزين علي شجرة شوكية جافة
    بعضهم بدأ في جمع الواقود لاشعال النار وقلي الفول الاخضر
    منهم من ذهب يملا أواني الماء من الجدول الكبير
    الصغار منهم ذهبوا للكر والفر خلف الحشرات الطائرة الملونة
    قلما يجد أحد منهم فراشة جميلة ملونة زاهية ويجد في طلبها
    يبنون البيوت الطينية الصغيرة أمام مجلسهم
    يتصارعون
    يلعبون لعبة دق الصوط بجذور شجيرات الهشاب الصغيرة
    يمضون سحابة يومهم في الحقل
    يرعون الغنم
    لا ترد اليهم امدادات الطعام من الحلة
    يغيرون علي جناين المنقة والبرتقال نصف النهار عند خلو السواقي من اصحابها
    يلقطون حبات التمر القديمة من الكشيق
    يفلعون شجر الدوم والنخيل ويفرحون بما غنموه
    يتسابق بعض الصبية في عراك الكبوش
    يهتم بعضهم بتدريب كبشه علي التناطح ويختارون أضخمها وأقواها ليزجو به للحلبة
    يتصايح الصبية أثر فوز أحدهم
    يملأون المكان ضجيجا ومرحا
    يرتع القطيع وتبدأ في التوقف عن المرعي
    ينتهي اليوم مع مغيب الشمس
    يبدأ الصبية في فك الأرتباط واعاده الدمج
    مهمة عسيرة لكبر القطيع
    وتبدأ مسيرة العودة للحلة عبر طرق ضيقة رملية
    يعاني الصبي في ارجاع القطيع للبيت القديم الخرب
    ويعاني ايضا في جر الباب الخشبي الثقيل
    ويعاني حين يصل منزله ويتناول عشاءه
    يعاني لأنه ينتظره يوم آخر نسخة طبق الأصل

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ا

    لبرود ـ مرتع الغنم بعد الحصاد
    الكشيقة ـ عشة للظل
    الكشيق ـ قاعدة النخل الملئية بالحشائش والجريد الجاف




    ونواصل
    ي
                  

01-30-2013, 08:33 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (13)
    سرب من الحمير الجامحة تئن بحمولتها من المقاد والطماطم والعجور والجرجير
    وبطيخة كبيرة علي سرج الحمار يحتملها سائق الحمار راجلا بكلتا يديه
    تتجه قافلة الحمير الي السوق غربا
    القيف مليان مراكب وخير وضوضاء
    هذا اليوم الأحد العصير
    تبدأ الاستعدادات ليوم السوق الكبير غدا الاثنين
    قافلة الحمير تمر بالبيوت الطينة المتراصة علي جانبي الطريق
    أطفال الحي متحفزين لألتقاط أي شاردة أو واردة تقع من القفاف الكبيرة المحملة بالطماطم والعجور والبصل
    في حالة الندرة لا يترددوا في الشحدة
    يجود المارون بما ليدهم من انتاجهم الوفير
    في باحة السوق الرئيسية يتجمع باعة البرسيم بحميرهم
    وأكوام البصل الجاف وجوالات القمح والذرة والمكادة رصت علي جانبي الممر الطويل
    اصحاب المحلات قد أعدوا العدة ليوم غد برص جركانات الزيت والطحنية والجبنة خارج محلاتهم الباعة
    المتجولون في الاسواق القريبة قد اتخذوا أماكنهم بفرش جوالاتهم علي المناطق الاستراتيجية في الممر الرئيسي
    يتصايح بعضهم ويتشاجر مع جاره بغية توسيع بستطته او اتخاذ موقع مناسب
    ضباط الصحة قد مروا علي الجزارات بغية التأكد من نظافة التلوكيقات وتربيزات العرض وشناكل تعليق اللحم
    مكتب البلدية قد فتح ابوابه عصرا لتلقي اي شكاوي ومتابعة تنظيف الحمامات
    موقف الحمير قد وقف عليه اثنين أشداء بغية تصليح الباب المتهالك وتنظيم مدرج الدخول والخروج
    فغدا ستأتي ارتال من الحمير من جميع الالوان والموديلات لهذا الموقف الفريد
    منذ الصباح يختلط الحابل بالنابل
    ويستمر بورصة البلدة في العمل حتي الرابعة عصرا
    بيع وشراء وتبادل
    تباع الخراف والحمير والغلال والخضار والفاكهة وغيرها في السوق
    يتقابل الأهل من الحلال المجاورة ومن الجزر
    بعد الرابعة ينطلق أهل الجزر الي المحلات الكبيرة لشراء مستلزمات الاسبوع
    زيت ودقيق وسكر وشاي وملابس ودواء
    بعد الرابعة ينطلق الصبية للسوق للبحث عن العملات المعدنية في البساط الرملي الممتد عبر الممر الرئيسي
    عند العصر ينتهي كل شيء
    وتعود القرية ساكنة وادعة
    عند العصر تكون كل بيوت الحي قد امتلات بالخير والأمل


    ونواصل
                  

02-02-2013, 08:34 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (14)
    (جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب
    قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب
    يا ولدي يا ولدي )
    إسترجع الصبي شريط زكرياته وهو يجلس مع جدته في طرف القيف
    رحمها الله كانت أمرأة بقلب ستين رجلا
    كانت الوداعية العجوز ترمي حبات خرز لها علي الرمل قبالة جدته
    كانت أكبر حبات الخرز ( النْري ) تتجه نحو الصبي دائما ن
    ظرت اليه الوداعية العجوز بعيون ميتة
    وقالت سيكون لحفيدك هذا سفرة طويلة بالطائرة يوما ما
    كانت كلماتها البسيطة هو الحجر الضخم الذي حرك البركة الساكنة
    لم تكترث جدته بقولها كانت أمرأه مؤمنة ولا تعير كلام الوداعيات إهتماما ولكنها في نفس الوقت لم تكن لتحرجهن حين يأتين اليها
    أشاحت جدته بوجها ناحية النهر ففهمت حينها أنها تريد من الصبي جلب ربطة أخري من نبات الترمس الجاف الذي تركه عمه علي القيف ومضى للجزيرة الداخلية
    نزل درجات القيف الكبيرة منكبا علي وجهه مع صياح جدته ان يتأنى في السير خشية الوقوع في النهر قبالة الحجارة
    فالصبي لازل طفل صغير
    وقف الصبي ونظر الي النهر الصافي الجارى أمامه علي مهل
    لكنه يأخذ دورة سريعه حين يصل حجارة البابور القديم
    علي الجرف كان نبات الأشرنكاي (1)الأخضر اليانع قد بدأ يلف فروعه حول أقرانه
    وكأن كل نبات يريد أن يطوق الآخر
    نسيم عليل بارد يداعب وجهه ونظره لا يتعدى الشط الآخر
    حمل ما استطتع حمله وتدرج القيف مرة أخرى وضع ما يحمله عند قدمي الجدة
    كانت بارعة في دق الترمس وجنيه ولقيط الويكة والورق كانت رائعة المجلس لا تفارقها سبحتها الخضراء
    وكان الحفيد يطرب لهمهماتها مع نفسها بلحن قديم كان يسمعه من والده في زمن غابر
    كانت دائما ما تردد
    نوارة البلاد يا أم قلة زاروك سعاد هييي
    بلدك مو بعيد يا أم قلة
    وشباكك حديد هييي
    عرشك مو جريد يا أم قلة واليوم يوم سعيد هيي
    عرف بعد ان بلغ به الكبر مبلغه أن أم قلة هي ( مكة المكرمة )
    ألا رحم الله الجدة


    ونواصل
                  

02-03-2013, 07:39 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (15)
    عربة قديمة تنهب الأرض الرملية محازية الرقعة الزراعية بالجهة الشرقية للقرية
    جلس الجزار مع السائق في كابينة القيادة
    والآخرون فضلوا الوقوف في الصندوق الخلفي ممسكين بزوي حادة بقوة
    فالعربة تتأرجح ذات اليمين وذات اليسار
    فالطريق غير ممهد علاوة علي وجود معدات خم التراب في صندوق العربة
    كان عالي راكبيها محاورتها داخل الصندوق
    الا ان عيونهم كان تركز علي برود الحقول علهم يجدون ثورا مكينا يصلح أن تكون الذبيحة الثانية في صفاح الحفيد الخميس القادم
    فبنظرة فاحصة من الجزار الخبير قال ان الثور الذي فرزه الجد من مراحه لن يكفي جيوش المدعوين لفطور الصباح
    علي ظل شجرة وحيدة نص البرود جلس المزارع العجوز ممسكا بحبل الثور القوي ذو القرون الحادة والعيون الحمراء الضيقة
    400 الف يفتح الله :ا
    لثور ثور كرامة يا سيدنا أدينا الفضل :
    500 آخر كلام : ب
    اركا يا شيخ :
    يتدخل أحدهم اقسموها النص :
    450 مبروك أرتخت قبضة يده على الحبل ووافق المزارع العجوز
    ثلاثة رجال اشداء يزحلقون الثور الكبير علي ظهر العربة
    الرجل العجوز لا زال يعد ثمن البيع بأيدى مرتعشة وعين علي الثمن وآخر علي الثور المحمول
    غادرت العربة تاركة قليل من الغبار حول الشجرة ورجل عجوز لازال يعد القروش
    علي العود الكبير المعوج خارج دار الجد تم ربط الثورين
    وعلي مقربة من المكان كان سرادق الحفل قد امتد أمام ديوان الجد الكبير
    نشط الصبية والشباب في تركيب القرب وبلها بالماء بغية تجهيزها لليوم الموعود
    نساء الحي انهمكن في جلب حلل النحاس الكبيرة من بيوت بعينها
    ربة الجمعية أفردت صوانيها مع كبابي الشاي والعصير
    علي كل كباية وصينية كلمة الجمعية بخط أحمر رديء
    الجزار يحوم مزهوا بين الحضور فقد أحضر الثور الكبير بثمن بخس
    أستدعى مساعديه مساء ذلك اليوم لذبح الثورين
    تجمع الناس
    وعلي الأرض الرملية تم مفاجئة الثورين بالحبال في أرجلهم وطرحهم أرضا
    تنافست سكاكينهم في السلخ وتضاربت فؤوسهم في تكسير العظم
    وحمل اللحم علي عجل
    ونشطت النساء في العمل سهرا حتي الصباح
    وتحت المظلة الكبيرة جلس الجد في الوسط حاملا عكازته وشنطته السوداء ونظارته السميكة
    وانعقد مجلس العقد بتلاوة آيات من القرآن الكريم وتم الصفاح وانطلقت أصوات بنادق انجليزية قديمة أ
    جفلت الحمير القريبة
    وعلا بها زغاريد النساء
    ونشط الشباب في توزيع التمر المغموس في العسل والسمسم والكعك والحلوى
    نشط الشباب في جلب صواني الأكل
    فول وجبنة ولحم وجرجير وكمونية وفطير مسكر
    وماء حار برائحة القرب التي لم تؤدي دورها في تبريد الماء
    وأكتفت بطبع رائحتها ولون الجورتق(1) في الماء
    الحفيد بلباسه الأبيض الناصح يحمل سوطا وسيفا
    وببنيته الضعيفة يصارع القوم وهو يتلقي التهاني من مزارعين أشداء
    وأصحاب كثر
    يتفرق الجمع علي أمل اللقاء عصرا
    لتمكلة مراسم الزواج
    يبقي الجد وخاصته في ديوانه الكبير
    يتحدثون في السياسة والزراعة
    الي أن يحين وقت الأحتفال

    (1) الجورتق ... حبات القرض

    نواصل ...
                  

02-04-2013, 07:09 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (16)
    غابت شمس يوم الصفاح
    وأرسل الليل مقدمة جيشة ميمنة وميسرة وقلب
    وجد الصبية في خلع صيوان الصفاح
    وسارع العم ومرافقيه في تجهيز الرتاين العتيقة التي جلبت من المسيد القريب
    تم انارتها بعد جهد وتم توزيعها بعناية على أماكن مختارة
    فرشت البروش البيضاء الطويلة
    وتكرم الجد بسجادته العجمية
    تم رص العناقريب امام ديوان الجد الكبير
    وقليل من الكراسي الحديدية المنسوجة بالحبال
    تجمع الناس من كل حدب وصوب من الحلال القريبة والبعيدة
    ومن الضفة الأخري من النهر
    الساحة الكبيرة الرملية الممتدة أمام منزل الجد أمتلأت عن أخرها بالقوم وحميرهم وجمالهم
    يترقبون ظهور العربة العتيقة من الشارع الغربي لمنزل الجد
    عندما تظهر أنوار عربة قادمة تشرأب أعناق القوم نحو مصدر الضوء
    وسرعان ما تغمد الأعناق حين تظهر عربة أخري عابرة تلقي عليهم كثير من الرمال وكثير من خيبة الأمل
    إلي ان يجلجل الصوت المعروف لأغلب الحضور
    هذه العربة العتيقة التي تجوب شوارع البلدة طوال النهار ما بالها أختفت الآن
    وبرهة وأمام فوج من الأطفال السعداء تظهر العربة العتيقة تحمل المغنية الأكثر شهرة في الانحاء
    تقف العربة بصعوبة أمام باب الدار
    وبصعوبة أكثر تخرج المغنية من باب العربة المتهالك ضخمة الجثة محبوبة
    يتكاثر عليها الناس مصافحين
    تتبعها مساعدتها وهل تحمل دلوكة ضخمة ذات ثلاثة أرجل مغلفة بجلد ثور مخضبة بالحناء ونجمة حمراء باهتة علي الجانب
    وتأخذ المغنية المحبوبة مكانها وسط النساء
    ويتحلق الرجال غير بعيد يحملون العصي والسياط
    وجناح جبريل ليهو اندلا يا ليلا بريدك بلال فوقك الله
    ويتقافز الصبية مثيري الغبار
    ويبدأ الحفل ويتصايح القوم أمام العريس
    الذي ظهر بأبهي حلته مع عروسه التي غطت بالكامل بثوب أحمر قاني
    ويمتد الحفل الي أواخر الليل
    ويتباري أصحاب العريس في رمي جنيهات جديدة علي راس المغنية
    ويتبارون في عرض فنونهم في الرقص
    وقوة تحملهم في ضرب السوط
    ولا يخلو الدارة من الانفلات والفوضي
    الا ان أصحاب العريس دائما ما يكونوا بالمرصاد للمتفلتين
    يحملون عصاىي غليظة بسواعد قوية
    يضبطون النظام
    ويمنحون الفرصة للكل للتعبير عن مشاركتهم العريس الحفيد


    ونواصل
                  

02-05-2013, 07:26 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (17)
    علي الدرب المتعرج بين الزروع
    كانت مجموعة من الفتيات تتقدمن الركب
    كان عليهن تجهيز المكان علي حافة النهر ريثما يصل العريس وعروسه وخاصته لزيارة النهر في اليوم السابع من الصفاح
    عادة متجزرة في أهل القرية
    يهرعون الي النهر ويمارسون طقوس غريبة مكتسبة ومتوارثة من ديانات سابقة عمت المنطقة في غابر الأزمان
    تحرك الركب من منزل الجد قبل العصر بقليل
    تتقدمهم سرب من الحسان والشباب يحملون جريد النخل الرطب
    يلوحون بها علي أنغام الدلوكة والاهازيج والزغاريد
    كان العرييس في حلته الكاملة
    الجلباب الأبيض الناصع والشريط الأحمر القاني المزين بهلال الذهب علي الجبين
    في يده اليمني صوط طويل
    وفي الأخر سيف في غمده الجلدي الفاخر
    البسته الجدة سبحة طويلة من الخرز الأسود غليظة الحبات يتدلي علي عنقه في صفين
    كانت العروس تلف جسمها بثوب أحمر عليها ورود بيضاء
    وفي جبينها حلة مثلثة من الذهب الخالص
    وكان عنقها ينوء بما تحمله من حلل ذهبية زاهية فضلا عما تلبسه في أيديها من الأساور الذهبية المتراصة
    مجموعة من الاطفال علي ظهور حميرهم يتناوبون في إثارة الغبار
    وحول العريس كان صحابه من الشباب يصفقون ويبشرون
    والفتيات تجمعن حول العروس يطلقن الزغاريد ويرددن الأهازيج
    وصل الركب عند حافة النهر
    وبدأت الطقوس بغسل وجه العريس سبعة مرات بماء النهر
    وتبعته العروس
    قامت الجدة برمي كمية من قليلة من حبات القمح علي صفحة الماء
    وتم توزيع الشاي والكعك والتمر علي الحاضرين
    تجمع الناس من الحقول القريبة
    وزاد عليهم بعض الشباب من الجزر القريبة
    فسماع ضربات الدلوكة في تلك الانحاء كفيلة بأن تترك ما تفعله وتتجه نحو الصوت سريعا
    أصبح حافة النهر يعج بجمع غفير
    شاركوا العريس زيارته للنهر
    وعرضوا فنونهم في الرقص والتصفيق
    كما بدأ بعض الشباب في استعراض فنونهم في السباحة أمام جمع الحسان
    غير مكترثين بتغير لون الماء الي البني الغامق
    فقد بدأ النهر ثورته للفيضان
    قضى الجمع بقية اليوم في حافة النهر
    وعند الغروب
    تسلل الجميع عبر الدروب
    في اتجاه القرية


    ونواصل
                  

02-06-2013, 07:35 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (18)
    سبع رايات خضراء ثبتت علي الجانب الأيمن من المئذنة الطينية العتيقة
    كل راية تمثل حي من أحياء تلك النواحي
    نشطت النسوة قبل أسبوعين في صبغ بعض جنبات المسيد بالجير الأبيض
    كانت غرف المسيد الكثيرة قد فرشت ببروش بيضاء
    وتم زيادة عدد ازيار الماء في المزيرة الكبيرة المبينية بجذوع الأشجار والمعروشة بجريد النخل
    حتي أبواب المسيد لم تسلم من صيانة سريعة وتركيب بعض الواح الخشب المربوطة جيدا برقائق الجلد
    في صحن المسجد كان كل شيء قد أعد تماما
    فقد تم حمل بعض العيدان القديمة من علي الجانب الأيمن وتم رصه خارج سور المسيد
    وأصبحت مكانا مناسبا لربط الحمير مما قلل التكدس حول شجرة النيم الوحيدة غربي المسيد
    فيما تواتر علي الحي بعض المادحين من ديار الشايقية
    ففي هذا الشهر من السنة الهجرية موعد الاحتفال بمولد المصطفي صلي الله عليه سلم
    أفرد للمادحين غرفة كاملة من غرف المسيد المفروشة بالبروش التي تم جلب بعض المراتب من الدور القريبة من المسجد أغلبها من بيت الجد
    في كل يوم بعد أداء صلاة المغرب ينشط المادحون في مداعبة دفوفهم بانغام شجية
    ينشدون مدائح الشيخ حاج الماحي وآخرون
    يتجمع الرجال والنسوة والاطفال
    تتسع الدائرة وتضيق ويعلو الغبار وينشط العم في ممارسة هوايته تجهيز الرتاين للاضاءة
    الله يا رحمن
    حي قيوم
    وتتسع الدائرة وتضيق
    وفي وسطها المادحون الثلاثة والجد أمامهم بحلته الكاملة حاملا عكازته رافعا سبابته
    وفي الجانب الآخر رهط من نساء الحي يقمن باعداد الشاي واللقيمات
    ينشط الشباب في جلب الشاي وتوزيع اللقيمات والتمر
    الاطفال في حركة دائبة بين حلقة الذكر وموقع النساء
    يريدون رؤية الذاكرين ورقصهم وتحلقهم في فضاء الرحمة
    ولكنهم يتراجعون الي حيث الأكل والشرب
    قلة من الشباب يفترشون الرمل البارد خارج المسجد في الحد الفاصل بين الضوء والظلام
    تأتي اليهم أصوات المادحين ممزوجة بصراخ الأطفال
    وذرات الغبار العالق
    يتمد الذكر الي الليل
    يهدأون قليلا ثم تعلا اصواتهم تارة أخرى
    يهتم الناس في تلك الانحاء باحياء مولد المصطفي في ربيع الاول من كل عام هجري



    ونواصل

    (عدل بواسطة جمال عبد الناصر محمد on 02-09-2013, 07:19 AM)

                  

02-09-2013, 07:17 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (19)
    تحركت المركب الشراعية السفرية العتيقة من أحدي الجزر في الشمال نحو الجنوب
    حاملة البصير الي القرية
    كان الجد قد قرر بناء مركب شراعية جديدة بدلا عن تلك التي أصابها القدم والتآكل بفعل المياه
    رحلة البصير قد تستغرق زهاء العشر ساعات ابحارا الي الجنوب
    هذا اذا كان الهواء صلاحا ربما يضطرون الي الرسو في أقرب جزيرة اذا اتت الرياح بما لا تشتهي سفنهم .
    تجمع الرجال في منزل الجد انتظارا للبصير القادم من أقصي الشمال
    فالبصير ورث هذه المهنة كابرا عن كابر
    فبجانب صناعته للمراكب يقوم بصناعة السواقي والعناقريب وأبواب السنط الضخمة .
    تجمع الناس عند الجد عن طيب خاطر
    فهم مستعدون للعمل في بناء المركب التي تقلهم بدون مقابل الي الوجهة التي يريدونها
    فهم تارة يبحرون بها الي الضفة الاخري عندما يريدون دفن أحد الموتي .
    أو لاحدى الجزر للزيارة وتقديم واجب العزاء أو المشاركة في أحد الأفراح
    المركب القديمة قد آلت الي التقاعد بعد عمل أكثر من عشرين عاما
    ولا يتحدد عمر المركب بجودة الصناعة بل أن الظروف الطبيعية التي تصاحب عملها هي الجهة الوحيدة المسئولة عن تحديد عمرها
    وصل البصير مع آذان المغرب وأفرد له غرفة منزوية من غرف بيت الجد الكثيرة
    وأكرم وفادته مع أعوانه
    ومنذ الصباح توجه المزارعون الأشداء الي غابة السنط الكبيرة
    معهم الجد والبصير يشيرون للقوم علي أشجار السنط الناضجة
    فنهاية حياة أي شجرة هي بداية لمولد مركب جديدة
    بعض الرجال بدأو في عمل راكوبة ضخمة علي حافة النهر تحت أشجار النخيل الخاصة بالجد
    الحفيد وأقرانه نشطو في جلب الأكل والشاي من منزل الجد للعاملين
    يستغرق بناء المركب أكثر من ثلاثة شهور
    تظهر براعة البصير في نشر الأخشاب وبناء المركب بتوازن تام
    يتنهي المرحلة الأولي ببناء جسم المركب ودفعه الي النيل وسط اهازيج الحضور
    تبدأ المرحلة الثانية بتركيب الساري والقماش
    تبحر المركب وسط الزغاريد والأهازيج
    بداية عمر مديد
    ######اء جديد

    ونواصل
                  

02-10-2013, 07:44 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (20)
    كانوا يترقبون حضورها الي البلدة بين الحين والحين
    أمرأة بيضاء مهيبة الجانب ضخمة الجثة منتفخة الأوداج
    يتدلي حول وجها الدائري المنتفخ ضفريتين كالحتي السواد
    كانت ترافقها أمرأة أخرى لا تقل عنها ثقلا
    كانت أم الصبي تعتني بهن أيما أعتناء
    ففي ليلة قدومهم الي البلدة كانت وجهتهم الرئيسية بيتهم
    تبيت عندهم لتتجه الصبح الي موقع عملها الذي من أجله أتت من المدينة
    في تلكم الليلة كان لزاما علي أم الصبي أن تقوم بذبح شاة من زريبتها أكراما لهذه الوافدة
    فاطمة : ست الدستور
    هكذا كان اسمها
    في بيت الصبي كانت تحتفظ بكمية من الدلاليك المصنوعة بمهارة
    وتحتفظ الأم بأشياء غريبة في شنطة سوداء مريبة تقبع في ركن قصي
    كان محرما علي أطفالها الإقتراب منها
    إلا أن أصغر ألأخوة دائما ما يبلغ به الجرأة لاقتحام سرية الحقيبة السوداء
    كاب أمريكي من الجلد الفاخر
    معقوف الجانب كالذي يعتمره رعاة البقر في أفلامهم
    بدلة أفرنجية كاملة مع حذاء أيطالي من الجلد الفاخر
    نظارة سوداء كالذي يلبسه ضباط الأمن حول الرئيس
    عصا معقوفة من الخيزران المصقول
    غليون فرنسي غال الثمن
    وولاعة ذات فتيل قطني كئيب
    كان الصبي هذا يغيب مدة داخل الغرفة ويخرج فجأة وهو علي شاكلة الممثل شاري شابلن يحمل عصاه ويدخن غليونه
    كانت الأم تصيح فيه ولكنه كان يتجاهلها
    وبعد الوعيد والتهديد بأن هذه الملابس للجماعة
    يتراجع الصبي خوفا ويخلع ما عليه من ملابس
    فاطمة ست الدستور كانت لا تبارح منزلهم في كل حفلاتها المقامة في القرية والقري المجاورة
    تمكث في البلدة زهاء الأسبوع
    تحتفل بها الأم عند مقدمها مع حاشيتها
    ويتكفل نساء الحي بالأيام الباقية
    نفرز لها عنقريب المخرطة المميز في المنزل
    وتفرش لها ما تكتنزه من الملايات المصرية المطرزة بالحرير
    كان الاطفال يخافون منها ومن رائحتها النفاذة
    كانت تسكب ع مقادير كبيرة من الروائح العطرية المصنعة محليا في جسدها .
    كانت تحاول التلطف بالاطفال ولكنهم كانو يجفلون منها
    في البلدة تقام حفلات الزار بين الفينة والأخرى
    يتجمع النساء والأطفال في المكان المنشود منذ وقت باكر
    يملاء المكان دخان البخور بألوان شتى
    وتزين الجدران ويحاط حلقة الرقص بأقمشة ملونة وتفرش الأرض بالسجاد الفاخر
    تتبوأ ست الزار مقعدها في وسط الدائرة وحولها المساعدات يضربن الدلاليك بايدي قوية ويصفقون بأيد أقوى
    ترتفع عقريتها بغناء لم نألفه
    وتتساقط النسوة في الدارة
    تلك بملابس أفرنجية وأخري بملابس أهل الشرق وأخريات بملابس الأحباش
    نساء حاسرات الرؤوس منكشات الشعور
    يرقصن بهستريا عظيمة ويأتون بحركات ساحرة
    يضربن الأرض بأرجلهن وأحيانا بأيديهن
    تستمر المرأة في الغناء يشربن السيجار الكوبي الانيق
    ويلبسن نظارات سوداء
    هيأتهن تدعى الي الخوف
    وكلهن في غناء ورقص
    تحت إمرة أولاد ماما

    ونواصل
                  

02-11-2013, 08:49 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (21)
    رهو
    رهو
    رهو
    سلم علي فاطمة بنت الرسول
    صلوات الله عليه وسلم
    صيحة يطلقها كل من يشاهد سرب طيور سوداء تظلل سماء البلدة
    آتية من الجنوب الشرقي نحو الشمال الغربي
    يتقدمهم قائد السرب
    والبقية في صفين غير متوازيين خلف القائد ي
    نظر أهل القرية الي تلك الطيور بكثير من التقديس
    فحسب اعتقادهم انها قادمة من أرض الحجاز ومسافرة الي المغرب
    وحتما ستعود الي ارض الحجاز بعد انتهاء هجرتها أوائل الصيف
    الي تلك البقعة المباركة تحمل علي اجنحتها المنهكة من طول الأسفار سلام الناس الي بنت الحبيب المصطفي
    نظرت الجارة العجوز الي السماء بيعن واحدة أمعانا في تدقيق النظر
    مع انها علي الأرض لا تري جيدا بكلتا عينيها
    وقالت طير الرهو عائد من مكة الآن وحتما سيعود السرب قريبا اليها
    غالطتها جارتها الاخرى التي خبرت الحياة في أرض الحجاز
    قائلة ان طير الرهو التي شاهدتها هناك اكبر بكثير مما نراه الآن وهذا السرب ما هو الا طيور عادية في هجرتها الازلية نحو الشمال
    اهل البلدة يشتاقون ويقدسون كل شي يربطهم بأرض الحرمين
    كان الناس في تلك الأزمان لا تتاح لهم الفرص للحج والزيارة
    لبعد تلك الديار ولصعوبة التنقل والترحال
    كان الحاج المسافر الي الديار المقدسة يبدأ استعداده للسفر الي الحج قبل شهور من الموسم
    وبعد انقضاء الحج يحتاج لمثلها للعودة
    كثيرون منهم قد ضلوا الطريق وتفرقت سبلهم
    وأكثرهم طاب لهم المقام في طيبة ومكة
    ومنهم من يتعرض للنهب والسلب والقتل
    كانت الطرق وقتها غير آمنة والوسائل بدائية
    لذلك كان عزوف الناس عن السفر الي هناك
    وكان كل شيئ يربطهم بتلك الديار مقدسا
    مثل تلك الطيور
    يحملونها اشواقهم
    لمحبوبهم
    وآله وصحبه وسلم
    أجمعين

    ونواصل ...
                  

02-12-2013, 08:13 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (22)
    صباح الجمعة ي
    ظل الجو ساكنا في السواقي شرق البلدة
    في هذا اليوم لا تعمل وابورات الجمعية
    هذا هو يوم الصيانة اليومية للوابور ومضرب المياه والكوديك وتنظيف القنوات
    يجتمع المزارعون من كل حدب وصوب من السواقي الجنوبية والشمالية
    تحت الشجرة الظليلة فوق القيف قبالة مبني البابور
    المبنى الوحيد علي شاطيء النيل من الطوب الأحمر
    قبل بدء العمل يتمازح المزارعون فيما بينهم ويتناولون طعام الافطار والشاي
    ينزل الاشداء منهم تحت القيف لربط فلنشات المواسير الضخمة تحت الماء
    يتناوبون فيما بينهم في الغطس لفك أجزاءها وتنظيفها ثم ربطها
    باقي المزارعون يعملون سويا في المجرى الواصل بين النهر والمواسير ( الكوديك )
    يخرجون الطين المتجمع في المجري ويضعونها بعيدا
    سائق البابور رجل عجوز لا يساعده أحد في تنظيف سيور الماكينات الضخمة ولا سقيها بزيت ثقيل أسود
    يقوم بعمله في صمت ونكران ذات ي
    حول براميل الزيت الثقيلة ويفتحها بمفاتيح ضخمة
    يملأ صفيحة كاملة منها ويحملها لوحده الي جوف تلك الماكينات
    يكرر الفعلة أكثر من مرة
    في غالب الأحيان يأتي المسئول عن الصيانة الدورية أبناءه يساعدون السائق الكهل
    ويقوم هو بتغيير بعض قطع الغيار المصنعة محليا
    هذه الماكينات ليس لها قطع غيار
    فالشركات التي انتجتها توقفت منذ الحرب العالمية الثانية
    الا ان خبرة مالكيها جعلتها تعمل حتى تلك الأزمان
    بقية المزارعين يحملون حبالهم الي الجدول الرئيسي يقيسون المسافات ويحفرون الحفر
    كل مسافة معنية بأحد المزارعين يقوم بتنظيفها من الحشائش
    المزارعون العاملون في الكوديك لا يشملهم تنظيف الجدول الرئيسي ي
    عاني الاطفال من مثل هذا اليوم فعليهم سقى أبقارهم من النيل مباشرة
    الابقار العنيدة تمشي بتؤدة علي درجات القيف الغير ممهدة
    فضلا عن وجود تلك الابقار بكثرة علي الشاطيء يثير حفيظة بعض الثيران الضخمة
    فتعبر عن ثورتها بطرق شتى
    صفحة الماء الصافية لا تعكرها الا وصول بعض صائدي السمك بمراكبهم الخشبية
    يجوبون النيل طولا وعرضا يرمون شباكهم
    يتجمع حولهم أطفال المزراعين
    وبعض منهم لشراء ما يجود به النيل
    بأثمان بخسة
    قد تجد أسماكا كبيرة طازجة
    يقضي المزارعون سحابة اليوم بعد انتهاء العمل تحت تلك الشجرة الظليلة الضخمة
    يتناولون طعام الغداء الذي يردهم من البيوت
    يحتسون الشاي ويملؤون صدورهم من هواء النيل الصافي العليل

    ونواصل ...
                  

02-16-2013, 09:21 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (23) يا قمر دورين البطل في الليل بين ضفاير النيل
    جلس علي حافة التلة الرملية التي تلي بيته من الجهة الغربية
    الرمل الناعم البارد يتدرج الي ان يصل قمة هرمه عند حافة جدار الحوش
    يرقب القمر الذي أكتمل
    ويتسلل خلسة بين سحابات بيضاء متناثرة علي قبة السماء
    ذاك القمر المكتمل ملاء بنوره الذهبي صفحتي السماء والأرض
    اختفت النجوم من قبة السماء ولم يتبقي الا من أذن له الرحمن
    رمي بجسده علي الرمل البارد وطفق يرعي القمر في تسلله بين تلك السحابات الصغيرة
    في تلك الساعة من الليل وقد أنفض السامرين من حوله
    تتخلل أصابعة حبات الرمل البارد وعينيه مثبته علي صفحة القمر المضي
    وذاكرته مع من يهوى
    وقد غادرت البلدة منذ أمد بعيد الي جهة لا يعلمها
    سأل عنها النسيم والقمر
    لم يجد اجابة من كليهما
    وطفق يرقب القمر كل ليلة
    ربما في تجواله بين تلك السحابات يجد ضالته
    قضى وقتا طويلا وهو في مرقده ذاك
    الي ان غادر القمر المضي كل سحابات السماء
    وركن بالركن الغربي من البلدة
    حتى ان نوره اضمحل وامتدت الي مرقده ظلال أشجار الدوم المتراصة غرب المنزل
    رويدا رويد ظل ذاك الظل الكئيب يزحف نحوه بصمت مريب
    أحسن بدنو أجله فغادر المكان علي عجل
    دخل الي منزله
    كان أخوته ووالديه نيام
    تسلل الي سريره البارد بفعل نسايم الصيف أواخر الليل
    اضطجع عليه وبحث عن قمره الذي كان في قبة السماء
    كان قمره قد إنزوى خلف غرف منزلهم
    ايقن ساعاتها أنه لن يجدها ثانيه
    واسلم للنوم نفسه

    ونواصل
                  

02-17-2013, 08:01 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (24)
    كان يجلس علي قاربه الخشبي القوي
    عاري الصدر
    يتنسم هواء النيل العليل ف
    ي فجر ذلك اليوم البهي
    أطلق الحبل لشبكته الجديدة داخل النهر وجلس يصلح في حبال شبكته القديمة .
    كان طرور الشبكة الجديدة المكونة من سبعة حبات قرع مصقولة تطفح علي صفحة الماء
    كان يرقبها بعين ويرقب عمله بالعين الأخرى
    وكان بين البرهة والأخري يستخدم عينيه الأثنين في مسح شامل علي صفحة الماء علي أمتداد النهر بين الشرق والغرب
    الا أنه كان يركز ناظريه عند حافة الجزيرة الكبيرة التي ترقد بين الضفتين
    في الجذء الجنوبي من مجري النيل
    هناك عند حافة الجزيرة علي الصخور كانت شجيرات الطلح والهشاب المتشابكة تشكل غابة صغيرة موحشة
    لا أحد يجروء علي الإقتراب منها
    فعندها يلتقي النهران من الغرب والشرق محدثة شيمة كبيرة وصوتا أكبر مع ارتطدام الماء بالصخر هناك
    وحسب قول الاهالي كان يعيش تمساح عشاري ضخم لم يره أحد الا ان الحديث حول وجوده قد ملأ البلدة منذ أمد بعيد
    ظل صاحبنا يرقب شبكته تارة ويرقب المكان تارة أخرى
    وفي حين أحس بضربات قلبه يزداد فقد تحرك الماء بحركة قوية علي جانبي القارب الخشبي
    وبنظرة سريعه منه رأي عيني ذلك التمساح تظهر وتختفي علي صفحة الماء
    كان رجلا شجاعا وقويا
    كان يحمل دائما سكينا حادا يربطها بحبل قوي حول خاصرته
    في اللحظة التي حاول الوقوف فوق القارب ليتبين الأمر كان ذلك التمساح الشرس قد هجم علي القارب مستعملا ذيله القوي
    استل سكينته ورمي بنفسه علي الماء وأصبح وجها لوجه مع ذلك الكائن الشرس
    أمسك بالتسماح بين ساعديه وضمه الي صدره الواسع القوي
    وحاول طعن التمساح بسكينته القوية الحادة
    تصارع الاثنان
    وامتلأت صفحة الماء بالدماء
    في ذلك الوقت من الصباح لم يكن هناك أحد من المزارعين متواجدا
    طالت فترة المصارعة في الماء والي مسافات بعيد نحو التيار
    خارت قوى المتصارعين
    ومن الجانب الشرقي للجزيرة ظهر قارب صغير يمخر العباب نحو الشمال
    كان ذلك القارب ومن فيه هو طوق النجاة
    التف القارب حول الرجل والتسماح وتعاونوا في القبض عليه وربطه بالحبال وجره الي الشاطي
    كان تمساحا ضخما بشعا
    تجمع بعد ذلك المزارعون علي الشاطيء
    وأبلغوا شرطة المنطقة
    وحضر شرطيين بعربتهم
    وحملوا التمساح الجريح
    وهناك علي مدخل نقطة الشرطة
    تم قتل التمساح وتحنيطه
    وملء جوفه بالتبن و وضعه في مدخل الباب الرئيسي تخليدا لبطولة وشجاعة الرجل


    ونواصل ...
                  

02-18-2013, 08:02 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (25)
    فقد والديه في حادث غرق مركب قديمة
    بين الجزيرتين
    في تساب عام ما
    في ذلك المغرب الحزين
    كان والديه عائدين من عزاء في البر الشرقي
    انكفأت المركب الشراعية القديمة في عرض النهر اختلط الماء بالعويل و... الألم
    كان والده سباحا ماهرا
    كل الذين كانوا علي متن المركب نجوا الا هو وزوجته حاول انقاذها ولكن ثوبها الجديد القوي التف حول عنقه ومضيا مع التيار متعانقين
    ارتحل الصغير الي منزل جده ي
    رعي الغنم ويسقي البقار
    لم ينل حظا من العلم مثل اقرانه
    كان حظه في الرعي ومطاردة الثيران وحش القش للابقار وسقيهم
    نشأ مفتول العضلات من شغل الحرث والحفر
    نشأ جريئا مغوارا
    كان يقضي سحابة نهاره في الحقل
    وليله يتتبع الدلاليك وحفلات الأعراس حاملا عكازته بيد وسكينته في زراعه اليسري
    لا يهاب الليل ولا الظلمة
    كلما سمع صوت فرح
    زار البرود القريب لميتطي أقرب حمارة الي الوجهة التي يحددها بوصلته التي لا تخطيء
    يحضر الحفل
    يرقص مع الراقصين يركز لضرب السوط
    وعند الفجر يلكز حمارته الي جهه منزله
    ومع خيوط الفجر الأولي يدلف الي الدار ينام سويعات ليبدأ عمل شاق جديد
    هداه فكره الي ان يرسل لخاله في ديار الغربة \
    جائته البشري بعد شهور من تلك البلاد البعيدة
    ظرف أصفر يحمله أحد العائدين
    قاده عمه الي المدينة وأخرج له جوازا وأوراقا
    حمل حقيبته الفارغة وغادر علي أمل أن يعود بها ممتلئة
    غاص في وحل الغربة
    لم تمتلي حقيبته بعد
    ولكن امتلأ رأسه شيبا

    ونواصل

    (عدل بواسطة جمال عبد الناصر محمد on 02-18-2013, 08:03 AM)

                  

02-19-2013, 08:18 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (26)
    ربة الدار أمراة عجوز
    قاربت سنون عمرها السبعون
    نهضت من نومها باكرا واعدت الشاي بالحليب لعائلتها
    كان زوجها قد غادر المنزل بعد أذان الفجر
    ومن المسجد مباشرة الي الحقل
    تململ إبن بنتها الصغير علي فراشه بضجر واضح
    فقد آن الأوان ليحمل ترمسية الشاي والقهوة لجده في الحقل
    حمل الطفل كيسا من القماش بداخلة عدة الشاي والقهوة وغادر الدار وأسنانه تصطك من شدة البرد
    توجهت ست الدار الي موقع أزيار الماء في وسط الدار
    هناك تحتفظ بانتاج يوم كامل من حليب البقر الوارد من مراحهم العامر
    علي مقربة من الأزيار نظرت الي طشت نحاسي قديم كانت قد وضعت عليه سعن الحليب مع قليل من الماء منذ ليلة البارحة
    علي مقربة من المكان تحتفظ بكشمبير مصنوع من فروع الأشجار
    علقت قربتها بخيوطها المتينة علي ذلك الكشمبير وقربت بنبرها المنسوج بالحبال
    افرغت الحليب داخل السعن ونفخت فيه من روحها
    ربطت فوهة السعن بدوبارة متينة
    وعلي دندنات اغنيات قديمة بدأت في ممارسة هوايتها
    شخ اللبن
    استغرق العمل ردحا من الزمن
    تستخرج السمن من ذاك اللبن وتحتفظ ببقايا اللبن في مواعين أخري يستخدمونه في الأكل صباحا ومساءا
    ما يجود به السعن من صرف تجمعه في كورية بيضاء ضخة
    تقوم بطهية وافراغه في زجاجات نظيفة معدة مسبقا
    تقفل عنق زجاجاتها بكرار المكادة المتوفر بكثرة في دارها
    في تلك الاثناء يحضر الجد وحفيده من الحقل بحمارتهم البيضاء التي تسبقهم الي الدار
    علي ظهرها تمساحية من القش المربوط بعناية
    لغنم الدار
    يقف الحمار امام الدار انتظارا للحفيد والجد
    يصل الحفيد أولا ليساعد الحمار في الدخول
    يضع الحفيد ربطة القش عند حافة البرندة الكبيرة
    تقدم ربة الدار الفطور لزوجها وحفيدها
    على مقربة من راس القش
    يتوسد الجد ملفحته ويغط في نوم عميق
    يتثائب الحفيد علي مقربة منه
    ولا مجال له لاخذ قسط من النوم
    فعليه العودة للحقل
    لسقي الأبقار وباقى النعاج


    ونواصل
                  

02-20-2013, 08:30 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (27)
    رمي الكيس المصنوع من الدمور الثقيل علي طرف العنقريب بتثاقل واضح
    كان حبات العرق التي تجمعت حول جبهته دليلا علي الإرهاق الكبير الذي يعانيه ذلك الصبي التعس في رحلته اليومية من وإلى المدرسة
    ألقى نظرة اخيرة الي الكيس المعبأ بالكتب والكراسات
    علي أمل اللقاء به صبيحة السبت القادم
    فمن هنا الي هناك عطلة اجبارية يرتاح فيها من عناء هذا المشوار اليومي المقيت
    خلع نعليه الباليتين ورمي بعراقيه المصنوع من نفس قماش كيس الكتب
    عله يتنسم بعض الهواء القليل الذي بدأ يتخلل ركائز برندتهم الطويلة مثيرة بعض الغبار المخلوط برائحة روث البهائم والحمام
    كانت والدته خارج الدار واخوته الكبار لم يعودوا من مدرستهم بعد
    رفع ناظريه الي حيث تضع والدتهم زادهم اليومي لمن أتي باكرا الي المنزل
    تناول الصحن الكبير الموضوع في المعلاق المصنوع من سعف النخيل والمعلق خلف الركيزة الكبيرة في برندتهم
    مستعينا بتربيزة خشبية قديمة كادت أن تقع به أكثر من مرة ن
    ظر بداخل الصحن ووجد قطعا صغيرة من الخبز الجاف وكورية صغيرة بها قليل من اللبن الرايب وكثير من الذباب
    تناول قطعتي الخبز علي عجل والتقط كوب الماء الكبير وأفرغه في جوفه
    ي تلك الاثناء دخلت والدته المنزل ووضعت ثوبها وهي تصرخ من التعب وبعد المشوار من الحقل الي البيت
    اشارت والدته الي كيسين بجانب الركيزة
    حينها علم صاحبنا ان عليه المغادرة الآن بحمارتهم الي الطاحونة القريبة
    لطحن كيسي القمح والذرة
    تعاون مع والدته في رفعهم علي ظهر حمارتهم وغادر الباب الرئيسي
    الي حيث موقع الطاحونة وصلها في ذلك الحر القائظ
    لاحظ تجمع الناس حول الطاحونة كانت ابوابها مقفلة وقد تكدست اكياس العيش خارج مدخلها
    جاء صاحبها واعلن عن عطب اصحاب ماكيناتها
    غادر الصبي مع عصبة من أقرانه الي طاحونة أخرى بعيدة
    وصلوها بعد جهد وعناء
    هناك كان الزحام كبيرا فبنظرة واحدة علي كمية الحمير المربوطة حولها تعرف انه لا مجال للدخول اليوم
    اقترح أحدهم المواصلة للطاحونة التي تليها كان بعيدة
    جدوا السير اليها ووصلوها عند المغيب
    كانت تلك الطاحونة في حلة صغيرة عند وصولهم اليها كانت ماكيناتها قد توقفت للتو من العمل
    اسقط في يدهم بعد هذا المشوار الطويل ولحسن حظهم بادر صاحبها بتشغيلها
    عندما جن الليل كان مجموعة الصبية قد ييموا وجوههم شطر قريتهم
    هناك كان ذويهم قد أعدوا العدة للبحث عنهم
    علي مشارف الحي وصلت حميرهم منهكة واجسادهم متعبة
    كان الصبية في حالة من الاعياء والتعب واضحة
    في تلك الانحاء ي
    مارس الناس حياتهم اليومية القاسية
    يكافحون للبقاء
    ويبقون للكفاح


    ونواصل
                  

02-23-2013, 12:49 PM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (28)
    خلف مقبض المحراث كان يمشي حافي القدمين
    يتحرك بخفة متجاوزا الحجارة الكبيرة التي تتدرحج خلف سنة المحراث
    كان يقوم بحرث الأرض بمهارة فائقة
    أمامه ثورين عظيمين قام بتربيتهم وتدريبهم بعناية
    في حر قائظ كان عليه الانتهاء من حرث كل تلك المساحة للانتقال للمساحة الاخرى في الساقية التي تليها
    يقوم بعمله الشاق هذا مقابل أجر زهيد
    يزرع مع الزارعين ويحصد معهم يعلفون له ثيرانه
    ولا يمانعون اذا وجدوه يحش البرسيم من حقولهم
    فجميع المزارعون يعرفون انه سيأتي اليوم الذي يستعينون به
    في ايام زراعة القمح والفول والمريق يشقق لهم الأرض
    ويرفع التقاند والجداول
    وبعد رمي البذور يبدل سنة المحراث بقطعة خشبية مستوية تسمى الدرداقة
    يساوي لهم الأرض
    عندما يجلب أطفال المزارعون الطعام من الحي القريب يسارع المزارعون لدعوته لتناول الطعام معهم
    أينما كانوا
    كان قليل الكلام كثير العمل
    تجده تارة مع العاملين في قلع الكوديق أو تنظيف الجدول الكبير
    في فزع حش الفول أو متيق القمح أو النوريق
    حتى الثورين كانا مثل سيدهما يقومان بالخدمة في كل الازمان
    فبعد الانتهاء من الحرث وتسوية الأرض تجد من يستعين بهما في جر عود ضخم الي الحلة القريبة
    حتى ايام الحصاد فلهما مكان مميز قرب أعواد النوريق
    أيام التحاريق وهروب النيل من المجرى الرئيسي يستعين المزارعون بهما في جر فلنشات ومواسير البابور الكبير
    كان صاحب الثورين رجلا خدوما مرحا
    توفى والداه وهو صبى
    تربي في كنف هؤلاء المزارعون البسطاء
    لا يملك من حطام الدنيا غير تلكم الثورين
    فهم أهله وخاصته
    يقضى كامل اليوم معهم يحادثهم ويعتنى بهم
    كل العناية
    وفي المساء يودع ثوريه الي الحلة القريبة
    هناك في بيت والده الخرب
    يقضي ليلته ي
    يحلم بثوريه
    وبغده
    يحلم بتكوين أسرة وزوجة
    يعمل بجد هنا وهناك
    للوصول الي ما يصبو اليه


    ونواصل
                  

03-02-2013, 12:31 PM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (29)
    المتجر الكبير في وسط البلدة يعج بالمتسوقين
    في هذا الجذء من النهار
    بعض انقضاء السوق الكبير في ساحة الحي
    امتلاء المتجر برواده من القري البعيدة والقريبة ومن الجزر والضفة الاخري من النيل
    هذا هو اليوم الأخير من شهر شعبان
    أمام المتجر الكبير وسط البلدة تجمعت كميات كبيرة من الحمير التي تحمل القفف المصنوعة من سعف الدوم وجريد النخل
    عند أبواب المتجر كميات كبيرة من الجرادل النحاسية والأكياس يرغب حامليها بملأها بكراتين الشاي المستورد من كينيا والبن الحبشي والسكر والدقيق
    علـت اصواتهم فهم يرغبون في مغادرة المكان قبل حلول الظلام
    صاحب المتجر الكهل يضع نظارته السميكة فوق أنفه ويتظاهر بكتابة بعض الحسابات بينما صبيته يقومون بتلبية طلبات الزبائن
    كانوا خمسة صبية يستعينون برفاقئهم وجيران المتجر
    منهم من يجلب الكراتين من المخزن الداخلي وآخرون يفتحون صفائح الزيت والطحنية والجاز
    وآخرون يحملون جوالات السكر زنة الخمسين رطلا
    يهمهم الشيخ الكبير صاحب المتجر ويتضجر من شدة الحر
    فقد سد جمع المستوقين منافذ الهواء عنه ا
    لا من شباك صغير خلفه يفتح علي زريبة جاره من الخلف
    بينما يستعد المتسوقين لليوم الأول من رمضان
    يستعد صاحب المتجر أيضا للاحتفال باليوم الأول من الشهر المبارك
    مجموعة من الصبية يقومون ببل قربة الماء الكبيرة التي لا تستعمل الا في هذا الشهر الكريم
    مجموعة اخري تتفقد البروش الطويلة المصنوعة من سعف الدوم والتي يزيد طولها عن العشرة أمتار
    تنظف البروش وتطوى وتوضع في الجانب القريب من باب المتجر
    نهارات الصيام الحارة يقضيها الشيخ داخل متجره في الايام العادية
    تمر نسمات الهواء من باب المتجر الكبير مرورا بالشباك المطل علي زريبة جاره
    يقضي الشيخ سحابة النهار ويتهيأ لاستقبال ضيوفه وجيرانه أمام المتجر للافطار
    يتجمع اهل الحي القريبين أمام المتجر منذ العصر يتفقدون قربة الماء ويحملون ترامس الشاي والقهوة
    ريثما ترسل الزوجات صواني الطعام قبيل الآذان
    في الركن القريب مجموعة من الصبية متسخي الثياب ينظرون الي الجمع بوجل
    عند الآذان يفر مجموعة الصبية الي دورهم لابلاغ أهلهم بأن الجمع قد بدأ في الأفطار
    كما يفرون فجأة في اتجاهات عدة يعودون فجأة الي المكان
    يتحاومون حول البروش
    علهم يجدون صحنا من البليلة الباردة أو كوبا من الآبري الحار
    جلهم يقضون ليالي رمضان أمام ذلك المتجر الكبير
    علي ضوء الرتاين المعلقة في سقف المتجر
    يتسامر القوم حتى أوقات متأخرة من الليل
    سهرا يعينهم علي قضاء اليوم التالي نوما


    ونواصل
                  

03-02-2013, 12:33 PM

طارق جبريل
<aطارق جبريل
تاريخ التسجيل: 10-11-2005
مجموع المشاركات: 22556

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    الله عليك يا حبيب
    واصل ياخي الله يمتعك
                  

03-02-2013, 12:45 PM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: طارق جبريل)

    Quote: الله عليك يا حبيب
    واصل ياخي الله يمتعك


    طارق يا حبيب
    كما أتمتع دائما بسطورك
    تمتعت بطلتك وحضورك
    كل تحياتي ومودتي لك
                  

03-04-2013, 07:53 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (30 )
    أصلح شنطته الحديدية الصدئة
    والتي كانت قابعة في ركن قصي فترة من الزمن طويلة
    كانت شنطة حديدية خضراء اللون بها خطوط بيضاء
    تفنن من قام بطلائها
    فسكب فيها عصارة فنه لتظهر بصورة أبهى وأجمل
    وضع بها ملابسه القليلة وحذاء جلدي قديم برباط مهترئ
    وعلي الجانب الآخر وضع زجاجة حبر جديدة
    أشتراها من متجر الحي وقلم حبر جديد ومجموعة من أقلام الرصاص
    بعض الكتب القديمة ومجلة بدون غلاف
    وإناء من الألمونيوم القاسي مخلوع اليد
    ومشط مخلع الأسنان وفتيل عطر من نوع رخيص
    نظرت اليه والدته بحنية زائدة والدمع يملأ جفنها
    فها هي المرة الأولي الذي يغادر وليدها الي داخلية المدرسة الوسطي في البلدة المجاورة
    التي تبعد عنهم عشرات الكيلومترات شمالا
    العنقريب الصغير الذي قرر أخذه معه الي الداخلية
    اثار حفيظه أخاه الذي يصغره
    والذي طفق يبكي بحرقة فهذا العنقريب الصغير يتوارثه الأبناء كابرا عن كابر
    فلما جاء عليه الدور فإذا بالعنقريب يسافر الي مدينة أخرى
    علي جانب الركيزة طوي برش أبيض وتم ربطه بحل متين وبداخل البرش وضعت بطانية مهترئة ومخدة تعاني من أنيميا حادة
    تناول الإبن كوبا من الشاي في عجل فموعد وصول العربة التي ستقله الي مقصده قد حان
    كان أخوته الصغار يجلسون حوله ينظرون اليه في وجل وكأنه مخلوق قادم من كوكب آخر
    ينظرون إليه وقد تحجرت الدموع في أعينهم فماهي الا ساعات قليلة ويغادرهم الأخ الأكبر
    قبيل الغروب حانت ساعة الوداع
    عند المقهي القريب من المنزل توقفت العربة المقلة للأخ العزيز
    أطلقت صافرتها استعدادا للرحيل
    غاب الأخ الاكبر داخلها مع كثير من الناس والدواب
    من بين فرجات الزوايا الحديدة للعربة أخرج يديه يلوح لأخوته
    تحركت العربة صوب الشمال محدثة جلبة وكثير من الغبار
    لم يترك اخوته العربة تسير قليلا حتى ركضوا خلفها
    تسابقوا للحاق بالعربة وسط الغبار والضجيج حتى خارت قواهم
    وعادوا الي منزلهم عشاءا يبكون
    ليجدوا والدتهم في حالة ليست بأحسن منهم
    قدمت لهم طعام العشاء
    رفض الصغار تناول العشاء
    وفي وسط الحوش الكبير كانت عناقريبهم متراصة وأعينهم مشتتة
    ينظرون الي السماء فيجدون وجه أخيهم مرسوم علي صفحة القمر المكتمل تلك الليلة
    خلدوا الي نومهم واحدا تلو الآخر
    ظلت والدتهم ساهرة
    تنظر مرة الي أطفالها النيام
    و مرة إلى الجوار
    موضع سرير أبنها الخالي


    ونواصل
                  

03-05-2013, 09:11 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (31)
    برعت في صناعة البروش والطباق والأواني المصنوعة من سعف النخيل والدوم
    وآلت على نفسها تربية ولديها اليتيمين فقد غادر والدهم الحياة وترك لها هذا الأرث
    ولدين ليس لهما من حطام الدنيا غير ساعديها وصبرها
    كانت تصحو باكرا وبرفقة ولدها تذهب إلى الفضاء الكبير الذي يلي حقول أهل البلدة علي الجانب الغربي من النهر
    كانت هناك شجيرات الدوم المتناثرة كانت تقوم بجمع سعف الدوم الأخضر وتجميعه وربطه
    كان ولدها يساعدها أحيانا وأحيانا يقوم برشق شجر الدوم المثمر بالحجارة
    فكما كانت تجود شجيرات الدوم الصغيرة لوالدته بابنائها كان الشجر الكبير المثمر يجود للصبي بحبات الدوم الناضجة البنية اللون
    كانوا يجمعون غلتهم مع زوال الشمس نحو الافق الغربي
    كانت الام تئن بحملها الذي جمعته كما يئن هو بحبات الدوم الذي جمعها في طرف ثوبه البالي
    تقوم الام بتنظيف السعف ونشره ليجف
    كما أنها كانت تقوم بجمع العرجون الجاف من جناين التمر ابان الحصاد
    تتخير العرجون الطويل وتدخره بعد تجفيفه لمثل هذه الايام
    العرجون هو اساس دوائر الأطباق والاواني السعفية المختلفة
    كانت تعرج الي السوق الكبير وتتخير ألوان الاصباخ المختلفة التي يجلبها الباعة المتجولون
    الذين يصلون لسوق القرية في نفس يوم السوق ويغادرونها الي سوق آخر حين ينجلي غبار ذاك اليوم
    تبدأ الام في نسج البروش الملونة والطباقة الزاهية
    تجمع حصيلة ما صنعت يديها وتجلس خلف انتاجها في سوق القرية
    ما تجود به ريع تجارتها وعرقها تصرفه علي ابنائها الايتام
    لديها رحلة سفر طويلة معهم فهم ما زالوا في بداية المشوار
    وعليها الكد عليهم والصبر حتي يأتي اليوم الذي تجني فيها نتائج عرقها وصبرها
    فأمامهم مراحل التعليم المختلفة ومصروف الغذاء والكساء والعلاج
    ولكنها تسير في دربها شامخة لا تلتفت الي الوراء
    لتطلب المساعدة من أحد
    فجميع أهل القرية سائرون في نفس الدرب بذات الصبر ونفس الشقاء
    يكافحون للعيش والبقاء
    منهم المزارعون في حقولهم الخاصة
    والاجراء في حقول الغير
    والرعاة والعمال
    يسيرون في درب الحياة افرادا وجماعات
    إلى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا


    ونواصل
                  

03-06-2013, 09:02 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (32)
    غريب
    والغربة سترة حال
    غريب والغربة أقسى نضال
    غريب وبعيد حضور وزوال
    كان الصوت ينساب عزبا شجيا
    إستلقي علي ظهره وهو يطلقه آهاته من الأعماق ونظره يرتكز علي سقف الغرفة الخالي
    إلا من مروحة قديمة تتأرجح وتدور ببطء يغيظ
    كأن أمر تحريك الهواء في الغرفة البائسة لا يعنيها
    شرد عقله بعيدا مع تلك الكلمات العذبة الي ماض بعيد
    الي مهد الطفولة ومرتع الصبا وهو يجول هناك وسط القرية وقت الضحى
    وقد حان الوقت لينتصف الشمس في كبد السماء وترسل تلك الأشعة الحارقة التي تزداد حرقة ووهجا عند ملامستها الأرض الصلبة الممتدة أمام متجر جده
    هناك في قريتهم تلك الأرض المنبسطة القوية بفعل تراكم زيوت السيارات والحصي والرمال
    هناك كان يتجول بين الشاحنات التي تتخذ موقفا أما المطعم القريب من متجرهم
    الشاحنات المتسخة بفعل سفرها الطويل في الصحاري والفيافي بين المدن
    ذرات الرمال وباقيا الزيوت تغطي مساحات لا بأس بها علي جانبي الشاحنة
    كان يمر بينها بلباسه المستخ إتساخ تلك الشاحنات
    يسرق النظر الي ملاحي الشاحنة ليكتب في غمرة انشغالهم بتناول طعامهم أسمه بخط ردي علي صفحتي الشاحنة لينزوي ويلحق بشاحنة أخرى
    تقف غير بعيد قبل أن تصله لعنات المساعدية من داخل المطعم
    كان حلمه أن يكون يوما متجها الي الجنوب علي ظهر أحدى تلك الشاحنات
    قضى أيامه في تلك القرية البعيدة
    وحانت ساعة رحيله
    وهاهو الآن في غرفته في بلاد الغربة البعيدة
    ينظر الي السقف وتنحر فؤاده تلك الكلمات المنسابة
    وترجع بعقله الي بلاده البعيدة
    يجتر زكريات شجية تراكمت عليها سنين طويلة

    ونواصل
                  

03-09-2013, 08:22 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (33)
    كانت ليلة باردة شديدة الرياح
    تكور الصبي في مرقده تحت غطائه الثقيل
    وكانت الريح القوية تعصف بسقف الغرفة الداخلية التي عرشت بجذوع النخل وجريدها ت
    علوه بروش قديمة متراصة اتقاء المطر والبرد والاتربة
    كان وقع صوت الرياح الباردة مع أصوات البروش المتطايرة فوق السقف تشكل له صوتا مزعجا مخيفا
    بعض تلك البروش وضعت عليها حجارة سوداء غليظة جمعها الجد أبان حفر بئر الماء في فناء المنزل
    من الغرفة الملاصقة كان صوت تأوهات الجد وانينه المتقطع يصل اليه في مرقده
    ما بال جده يتأوه تلك التأوهات الضعيفة المتقطعة
    وما بال جدته تسرع الخطى في هذا البرد القارص تارة الي مطبخها وتارة الي جارتها
    وقد شمرت خادمات المنزل عن سواعدهن جيئة وذهابا في خدمة الجد
    يبدو أن أمرا جللا قد اصاب جده الحنون
    فقد رأي عماه يغادران المنزل في عجالة
    وقد عادا في أول الليل بصحبة البصير
    الذي جاء يحمل مخلاته وبداخلها عتاده المعهود
    فالصبي يعرف محتوياتها جيدا
    سكين حاد قصيرة ومسامير طويلة
    قليل من الفحم
    وقنينتي سائل ابيض مطهر
    وكميات من الأربطة الطبية وبعض المراهم
    وربطات من أعشاب سحنت وربطت بعناية
    استرق الصبي السمع
    وتاهت عينه في ظلام الغرفة
    عندما دخل البصير حجرة الجد
    حينها ازدات تأوهات الجد وزادت حيرة الصبي
    كانت الخادمات تجلبن من المطبخ بعض الأشياء علي عجل
    ربما قمن بغلي أعشاب البصير واشعال الفحم المصاحب
    انه لا محالة عملية كي لظهر جده
    تألم كما تألم في ذاك اليوم الذي أجلسه ذات البصير في قدح أسود منكفي
    وطلب منه معاينة السماء بحجة أن هناك طيارة ضخمة تحلق
    وعندما أرسل بصره الى السماء سال دمه الساخن علي القدح الأسود
    ذلك يوم لن يسناه
    ولن ينسي يدي البصير السريعتين
    ولا ينسي ساعد جده القوية التي كانت ممسكة به
    ذلك الساعد اليوم قد اصابه وهن
    وان عميه يقومان بنفس الدور الذي قام به جده يوم ختانه


    ونواصل .....
                  

03-10-2013, 08:16 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (34 )
    يا لطيف بلا سكو *
    جملة علت بها عقيرة منادي الحي وخلفه بعض الصبية يسرعون الخطى في شوارع البلدة المتربة
    كان منادي الحي يحمل في يده دفا طالما حمله ليالي رمضان لينادي بوقت السحور
    بينما يحمله في أوقات شتى عند خسوف القمر أو كسوف الشمس أو ابتلاء محصول الزرة أو الفول عام ما بآفة الحشرات والجراد ف
    ي تلك الليلة التي كان قمرها خجلا لا يكاد ضوئها ينير شوارع البلدة المتربة
    كان المنادي ومن خلفه الاطفال يسيرون في الشوارع من غير هدى
    وقد انضم اليهم بعض الرجال وقليل من النساء
    كان لسانهم يلهج بذكر الله فقد كانت مصيبتهم في أمام مسيدهم وجدهم الوفي الذي يرقد الآن طريح الفراش
    بعد أن أجري له البصير عدة عمليات كي لظهرة ويديه وركبيته
    كان ملاذهم الدعاء للجد الممدد في غرفته د
    عائهم بعاجل الشفاء من هذا المرض العضال
    وكان الحفيد من مرقده يرقب حركة الناس في غرفة الجد المجاورة
    في تلك الاثناء لم ينشط للخروج خلف المنادى كل مرة كعادته
    كانت قواه خائرة فقد كانت لتأوهات الجد وأنينه المتقطع فعل السحر في تحطيم همته للخروج .
    ليلتها كان منزل الجد مزارا لأهل الحي تري أشباحهم زرافات ووحدانا علي ضوء القمر الشاحب يزحفون نحو منزل الجد
    يدخلون ويخرجون وجوهم واجمة وشفاههم تتمتم بدعاء غير مفهوم
    حتى أشجار النخيل القريبة وصف أشجار الدوم من الجهة الشرقية للمسحد
    كانت واجمة كأنه صور رسمت علي جدار الكون
    وكان مبني المسيد بغرفه البيضاء وباحاته الفسيحة خالية من الناس
    فقد غادره القوم بعد أداء صلاة العشاء مباشرة
    دون تناول العشاء والشاي كعادنهم
    فبعد أن أم العم المصلين في صلاة العشاء أكثر من الدعاء لوالده وسط ابتهال الحضور ودموعهم
    صلاة لم يحضره الجد ولا حفيده
    وجدران المسيد واجمة تنظر الي المصلين في ريبة
    وكأنها تتساءل أين قائد هؤلاء وأمامهم

    ونواصل

    • يا لطيف بلا سكو : ارفع البلاء يا رب
                  

03-11-2013, 07:58 AM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    ما أندى تلكـ الدروب ..
    وما أجمل هذا السرد ..
                  

03-11-2013, 08:06 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال ود القوز)

    Quote: ما أندى تلكـ الدروب ..
    وما أجمل هذا السرد ..


    جيمي يا حبيب
    تحية وتقدير
    الحكي دا من أندينا وإنت عارف اندينا حكاويه حكاوي قمر ورمل ونهر
    وما اجمل طلة صباحك .. وبهاء مرورك
    خليك قريب الحكي في أولو
                  

03-11-2013, 12:01 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    جمال امبس ..

    كلام جميل ..

    يا لطيف بلا سكو : ارفع البلاء يا رب

    الله الله الله .. يا سلام يا جمال ..
    كان فيها بليلة توزع للاطفال .. حمال امبس كان يسموها ( سيقيدان قاري ) ..
    خلينا نأرخ لتراثنا النوبي .. لا تتوقف .. واصل هذا السرد الجميل
                  

03-11-2013, 12:10 PM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    Quote: خلينا نأرخ لتراثنا النوبي .. لا تتوقف .. واصل هذا السرد الجميل


    علي أمبس
    سرن نوي كمندو
    ياخي تراثنا عميق وعايز مجلدات
    مثل هكذا حكاوي قطرة في محيط
    تعال سويا نمشي في دروب قرانا بين رملنا ونيلنا ونخيلنا
    الحكي دا بوجع القلب يا قريبي
    بس هي حكاوي الغربة والحن للجذور

    يخليك ربي
                  

03-12-2013, 12:13 PM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (35)
    نسمات الفجر الباردة تداعب وجهه الغض
    خرج من الباب الشرقي للمسجد متجها صوب النهر حافي القدمين حاسر الرأس
    بعد أداءه لصلاة الفجر مع الجماعة
    سلك ذاك الدرب من غير عادته
    فقد كان يجلس في المسيد مع جده بعد الصلاة في انتظار إفطار الصباح وقراءة الأوراد
    واليوم خرج مسرعا بعد أن فقد صحبة جده الذي أصبح لا يشهد مع الناس الصلاة
    تجاوز الصبي صف الدومات دون أن ينظر اليها
    كان المكان موحشا ومليئا بالأحجار الصلدة المتناثرة بعيدا وقريبا من الدومات
    فالصبية يجبلونها من حافة النهر لرشق ثمار الدوم
    تجاوز المنطقة وهو يكابد برودة الأحجار علي رجلية ويصارع الرمل أحيانا في طريقه الي النهر
    وهناك علي حافة النهر جلس الصبي مطرقا ينظر الي صفحة الماء بشرود غريب
    كانت الشمس قد بدأت في أرسال طلائع أشعتها الذهبية من علي الأفق الشرقي م
    من خلال كثبان رملية تراصت وإشرأبت بأعناقها تنظر الي جمال النهر بخجل
    كان سرب الأوز قد بدأ في مغادرة أعشاشها من اللسان الرملي الممتد داخل النهر
    و بدأت اسراب الأوز تجوب صفحة الماء باسطة أجنحتها
    تدور حول المكان وتعود الي حيث صغارها
    وقد بدأت الخيوط الذهبية للشمس تتناثر علي صفحة الماء
    وبدأت ملامح المكان في الظهور
    والصبي لا زال جالسا علي صخرة عند حافة النهر مطرقا ي
    حرك سكون النهر بقطع صغيرة من الحجارة الصلبة
    في هذه الاثناء كانت مركب الجد العتيقة تمخر عباب النهر الي الجهة الشرقية
    يقودها الريس العجوز ا
    لذي غادر المسجد دون أن يري الصبي
    فغياب الجد عمق شرود من حوله
    خاصة رفيق دربه الصبي
    ذو السبعة أعوام


    ونواصل
                  

03-12-2013, 03:11 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    تحية طيبة لك أخي الأكرم : جمال عبد الناصر محمد
    قمت بقراءة البعض مما نثرته هنا ، وأتمنى لك التوفيق ،
    وقبل أن نُدلي براينا ، أريد أن أسأل :
    لماذا اخترت هذا العنوان بالذات ،
    مع العلم باللبس الذي سوف يحدث من سفر الأستاذ " الطيب محمد الطيب " : المسيد
    تحية لك وسوف نتواصل لاحقاً
                  

03-13-2013, 09:46 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: لماذا اخترت هذا العنوان بالذات ،
    مع العلم باللبس الذي سوف يحدث من سفر الأستاذ " الطيب محمد الطيب " : المسيد


    أخي العزيز عبد الله الشقليني
    طاب يومك
    أين لهذه السطور ان تقارن وتضاهي بسفر العلامة طيب الله ثراه
    انما هي صور فوتوغرافية عن ما يحدث في قرانا في الشمال
    والمسيد في قرى شمال البلاد هو حجر الرحي
    حوله تدور كل الأحداث ومنه تبدأ كل الدروب
    لذلك اخترت هذا العنوان ولم يدر بخاطري سفر العلامة الطيب محمد الطيب
    أضف الي ذلك أن كلمة المسيد كلمة نوبية .. وفي منتديات اخري نشرتها باسم ( المسيد رواية بمفردات محلية )
    الطيب محمد الطيب ذلك الطود الشامخ .. أكرمني الله بمقابلته والجلوس معه أكثر من مرة. ( رحمه الله وغفر له )
    كان له مكتب أنيق وحضور أنيق بعمارة الضرائب وسط الخرطوم ..
    وكان له صداقة وتواصل مع قريبي رب عملي في شركة حلويات سلا
    وكنت أتحين الفرص لزيارته ومقابلته رحمه الله وغفر الله
    كما أنني كنت مواظبا علي حضور برنامجه الشهير ( صور شعبية )
    ما اكتبه هنا بعض الاحداث التي تدور في القرية ..
    آمل الا يكون هناك لبس ..
    فشتان ما بين هذه السطور .. وسفر الطيب
    وأترقب عودتك للكتابة والتحليل والنقد ..
    فأنا في أول الطريق احتاج لمن ينير لي الدرب

    شكرا شكرا أخي عبد الله ....

    (عدل بواسطة جمال عبد الناصر محمد on 03-13-2013, 10:02 AM)

                  

03-16-2013, 10:08 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (36)
    قضى الصبي سحابة يومه جالسا علي شاطيء النهر
    لم يشعر بحرارة الجو ولا بحرارة الجوع
    كان ما يشغله أكثر من حرارة الجو والجوع
    حتى عمه لم يفتقده في المنزل لعظم ما يشغلهم هناك
    كان الصبي يرقب النهر صعودا ونزولا
    مركب الجد عادت من وجهتها الأولي ورست علي نفس الجانب الذي يجلس عليه
    بعض المزارعين كانو يتوافدون علي الشط لاقتلاع بعض حبات اللوبيا والخضروات
    كما أن بعضهم كان يقوم بسقي أبقاره من ماء النهر
    كان المكان ساكنا الا من أصوات متقطعة من ماكينات الماء التي تعمل في البر الشرقي
    يقوم الهواء بجلب صوتها تارة ويحمله بعيدا تارة أخرى
    كان يرقب هذه اللوحة بعينين ذابلتين
    لسان الرمل الممتد داخل النهر أيام التحاريق
    و كانت أسراب الأوز تغادر مقلعة وسرعان ما تهبط في جماعات
    أصواتها المزعجة تعلو عندما يصل اليها بعض الصبيان سباحة من البر الشرقي
    في مثل هذا الوقت من منتصف النهار
    وعندما يخلو شاطئ النهر من المزراعين ينشط الصبيان في السباحة وصولا الي اللسان الرملي الممتد
    بعد أن ملو من رشق ثمار الدوم والمصارعة
    غير قريب من النهر
    في أغلب الأحيان يفقدون طفل عزيز غرقا في مناطق غريقة بين اللسان الرملي والشاطيء
    رغم تحذير الآباء الدائم فالصبية لا يبارحون النهر
    رغم تساقط الأصحاب والأقرباء عاما بعد عام
    لا تنتهي العلاقة بين الصبية والنهر
    قام الصبي يجر ارجله صاعدا مدرجات القيف الرملية
    وكانت معاناته كبيرة وأرجله تغوص في الرمل
    كان يتشبت ببعض الأشجار الصغيرة النابتة في طريقه الي الأعلى
    كانت الشمس قد بدأت تميل نحو الغروب
    وبدأت ظلال الأشجار تمد رؤوسها وسط النهر
    وبدأت الطيور تعود الي أعشاشها في جماعات وأفراد
    وبعد جهد مضن وصل الحفيد الي أعلي الشاطيء وسلك نفس الدرب الذي أتى منه صباحا
    ودلف الي المسيد من بابه الشرقي
    وقد بدأ الظلام يلف المكان
    كان مجموعة من الناس قد فرغوا لتوهم من صلاة المغرب وغادروا المسيد
    ألقى نظرة سريعة الي صحن المسجد
    لم يري غير البروش البيضاء الطويلة مطوية ومتراصة علي الجانب
    واصل سيره وخرج من الباب الشمالي الي منزل جده

    ونواصل ....
                  

03-17-2013, 12:21 PM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (37) دخل الصبي منزل الجد خلسة
    فأهل الدار منشغلون بزوار الجد
    وكان الليل قد بدأ يتسرب الي القرية من جميع الجوانب
    والبرد القارص أشتدت وتيرته وبدات بعض رياح أمشير في الهبوب محدثة أصواتا موحشة في أعالي اشجار الدوم ذات الأوراق الجافة خلف المنزل
    لم يسأله أحد عن غيابه طوال اليوم عن البيت والمسجد ولم تقابله الجدة كالعادة عند دخوله
    حتي عاملات المنزل كان لديهن ما يشغلهن
    انتهت خطواته عند مرقده في الحجرة الداخلية من ذلك البيت الكبير
    كانت غرفة الجد مليئة بالزائرين المستفسرين عن حاله
    كان يسمع أصواتهم ويتبين صوت والده وعمه
    وكان القوم فيما يبدو يتشاورون لنقله الي المدينة القريبة لتلقي العلاج والعناية بصورة أفضل
    وكان يسمع اصوات أعتراضات كثيرة وموافقات
    مرة باللين ومرة بالشدة كعادة أهل البلد
    تكوم الصبي على فراشه تحت أكوام الملابس الموضوعة في الحامل الخشبي الكبير
    كان نور الفانوس الكبير الذي يضيئ غرفة الجد يرسل ضوءه الباهت ليضيء جزء من غرفته
    رويدا رويدا بدأ يتبين ملامح الغرفة
    كان يحفظ محتوياتها ففي كل شتاء يرحل اليها وحيدا يشاركه فيها أباه وعمه في بعض الأحيان
    عندما يكون جده تعبا أو اصابته علة ما
    كان سقف الغرفة معروشا بجريد النخل وجذوع الاشجار
    كان بين البناء والسقف فرجات تفصلهم اتقاء النمل الأبيض الذي يأكل الأبيض والأسود ويحيل سقوف البيوت الي رماد
    من السقف كانت تتدلي أقداح مصنوعة من الخشب الأسود معلقة في معاليق سوداء صنعت من وبر الجمال والغنم ف
    ي الجانب الآخر صف أخر من الاقداح المصنوعة من النحاس أصغر حجما معلقة بذات المعاليق
    وفي الأسفل اصطفت الأزيار القديمة
    كان لكل زير تاريخ تليد
    فذلك الزير الأحمر الضخم كان قد وقف شامخا تحت شجرة النخيل في راس الجدول الكبير ردحا من الزمن يسقي المارة من ماءه البارد سنين عددا
    حتىى اذا شاخ وأصبحت أجهزته لا تقوي علي تبريد الماء نقل الي مقبرة الازيار في هذه الحجرة واستقرت في جوفها بذور الويكة الجافة المختلطة بالتراب وخيوط العنكبوت
    وذلك الزير الأسود الكبير والذي جلبه الجد من أحدي القري القريبة من أشهر صانعي للأزيار في تلك الأنحاء
    وكان ذلك الزير سيد شباب أزيار المسيد يتوسط الصفوف في مزيرة المسيد الخشبية
    الا أن لكل أجل كتاب ولكل بداية نهاية فها هو يتوسط بخجل أزيارا أقل منه حجما وأضعف تبريدا للماء في أوج شبابه
    ويتبوأ مقعده في الصف يحتضن بذور الفاصوليا البيضاء المخلوط بالتراب والرماد
    وذاك وذاك وذاك
    وحقائب جلدية كبيرة متناثرة جلبها والده من سفره المتكرر
    وأخرى قد جلبه الجد من سفراته المتعددة الي بيت الله الحرام
    وفؤوس قديمة وأدوات زراعة وجوالات فارغة وأخري معبأة بالتمر والقمح
    ودجاجات تصدرن بعض اصوات الاحتجاج بين الفينة والآخري
    حينما تتنافس علي المكان أو الغذاء علي كثرته
    بلغ منه التعب والأرهاق مبلغه فهو لم يذق طعم الزاد طوال يومه ذاك
    ولم ينم منذ أن صحا لصلاة الفجر
    وثقل رأسه في مرقده وهو يستمع لهمهمة الرجال وبعض أنين الجد المتقطع
    وبرهة كانت أشرعته قد أمتلأت بهواء الابحار وسارت مركبه علي صفحة الليل
    الي غد قريب بأمل آخر

    ونواصل ....
                  

03-20-2013, 08:29 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)


    (38) لم يدر كم من الليل مضى وهو في مرقده ذاك
    صحا فجأة بصوت هواء أمشير العازف ألحانه عند دخوله الغرفة من فرجات السقف مارا الي الجانب الآخر في عمل متناسق
    كان لازال ضوء الفانوس شاحبا وقد رسم علي الجدار بعض الأشكال المربية
    كانت أعناق الأزيار تطول الي حد ملاصقة سقف الغرفة
    وقد أمتد من باب الغرفة ظلال متحركة عكس أتجاه المتحركين بجلبة داخل غرفة الجد
    وكان يسمع صوت العربة المتهالكة والوحيدة في البلدة تزمجر خارج الدار وتغطي في أحيان كثيرة صوت وجلبة المتحلقين حول الجد
    فمع هذا البرد القارص وأنهيار أجهزتها عن العمل كل هذه السنين فزمجرتها وأنينها عكان يعلو فوق أنين الجد وجلبة الرجال
    الذين حملوا الجد علي اعناقهم بعنقريبه الكبير وبجهد جهيد وضعوه علي سطح العربة في الصندوق الخلفي
    كان الصبي واقفا يرتجف من شدة البرد خلف أحد الركائز العديدة في برندة الدار الطويلة
    كانت أسنانه تصطك من شدة البرد وتحجرت الدموع في عينيه من هول ما يري فعزيزه يغادر غرفته علي أعناق الرجال
    وهو الذي حمل ما حمل طوال السنوات علي عاتقيه
    تبين عمه وأباه وهم يلفون وجوههم بشالات حجازية من الصوف داكنة
    وجدته تهرول ببعض المستلزمات السريعة والتي قد يحتاجونها في رحلتهم
    وركب العم والأب مع والدهم علي سطح العربة
    واعتلى اثنين من الجيران كابينة العربة الأمامية المتهالكة وهم يهمهمون لأقربائهم ببعض الوصايا
    وتجمهر بعض النسوة حول العربة وهم ينتحبون فنهرتهم جدتي بالابتعاد والكف عن البكاء
    فتفرقوا في طرقات القرية الجانبية
    والمسيد من خلف العربة قابع في مكانه يرقب رحيل سيده بوجل
    ويخيل للناظر ان حجراته ومأزنته العتيقة المبينة من الطين اللبن قبل مئات السنين تود الرحيل مع تلك العربة
    فالمسيد من غير سيده كجنة خاوية علي عروشها
    فقد أرتسمت صورة الجد علي كل جدار وكل مدخل ..
    عندها دارت العربة مبتعدة مخلفة بعض الغبار وكثير من الأسى .

    ونواصل
                  

03-25-2013, 06:50 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    نواصل ؟
                  

03-25-2013, 08:05 AM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    Quote: نواصل ؟

    تواصل هذا السرد الأنيق ..
    الملئ بالشجن .. والمترع بالق تلكـ الأزمنه ..
    واصطحاب كل جماليات المكان في معيته ..
    يجعلكـ وخاطركـ تحلقان ..
    في روعة تلكـ الشطآن شرقاً وغرباً ..
    تتهادي على أديمها الغريني الخصيب ..
    الذي يلتصق بكـ لا يروم مفارقة خطواتكـ ..
    في سرمدية عشق تتواصل ..
    تماماً كما تلكـ الذكريات التي تلتصق بقاع ذاكرتكـ ..
    تستعصي على الرحيل ....
    فما أجمل هذا السرد سيدي ..
    واصل يأخ ...
                  

03-25-2013, 08:29 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال ود القوز)

    Quote: تواصل هذا السرد الأنيق ..
    الملئ بالشجن .. والمترع بالق تلكـ الأزمنه ..
    واصطحاب كل جماليات المكان في معيته ..
    يجعلكـ وخاطركـ تحلقان ..
    في روعة تلكـ الشطآن شرقاً وغرباً ..
    تتهادي على أديمها الغريني الخصيب ..
    الذي يلتصق بكـ لا يروم مفارقة خطواتكـ ..
    في سرمدية عشق تتواصل ..
    تماماً كما تلكـ الذكريات التي تلتصق بقاع ذاكرتكـ ..
    تستعصي على الرحيل ....
    فما أجمل هذا السرد سيدي ..
    واصل يأخ ...



    \جمال أمبس
    حنواصل يا حبيب استدعاء الذاكرة لنحكي عن أرضنااطاهرة
    أرض الأجداد
    ننتظر الربع الثاني لنبحر سويا في تلك الدروب
    خليك قريب
    وشكرا لسطورك الرائعات
    ما بنقدر نجاري حروفك
    أنت عارف لغة الماما أنداندي يا حبيب
    العربي دا اكتساب وشيطنة مننا بس
                  

03-25-2013, 09:28 AM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    Quote:
    \جمال أمبس
    حنواصل يا حبيب استدعاء الذاكرة لنحكي عن أرضنااطاهرة
    أرض الأجداد
    ننتظر الربع الثاني لنبحر سويا في تلك الدروب
    خليك قريب
    وشكرا لسطورك الرائعات
    ما بنقدر نجاري حروفك
    أنت عارف لغة الماما أنداندي يا حبيب
    العربي دا اكتساب وشيطنة مننا بس



    عارف يا جمال يا امبس ..
    عند نقاط التقاطع شديدة الحدة ..
    يكمن الابداع وفي كافة الأشياء ..
    الـ ( Mother tongue )
    عمرها ما كانت عقبه ..
    فتجد من رواة النوبية ..
    من هم أكثر ابداعاً ..
    من الناطقين بالعربي كلغة وحيده ..
    ربما لتوفر المفردات المقارنه ..
    واتساع مواعين المفردات والمعاني ..
    التي تعين الكاتب على الانتقاء منها ..
    لخدمة نصه وروايته ..
    ويمكن هنا الإشاره والاستدلال بسردكـ الأنيق هذا ..
    فقد طوعت اللغة العربية بمنتهى الحنكة ..
    لتعكس لنا ما بمخيلتكـ من صور ذكرياتيه مختزنة ..
    وبسلاسه .. ودون ان تسلب الصورة المجتره والمستدعاة ..
    من ذاكرتكـ بعض من جزيئياتها ..
    التي قد تخل بمضمونها ..
    أو تهتز تلكـ الصورة منكـ ..
    وهي في طريقها لنا كمتلقين ..
    فأهنئكـ على سردكـ الأنيق هذا ..
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    بعدين ..
    الــ ( Mother tongue ) .. بتاعي ..
    برضو نوبي قح .. وكذا البيئة ..
    وان أتى البندر وتربيتنا فيه ..
    خصماً على مخزوننا ..
    من هذه اللغة الجميله ..
    ومفرداتها شديدة الأناقه ..
    فواصل يأخ ..
    ونحن قريبين لنتابع ..........
                  

04-01-2013, 07:10 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال ود القوز)

    (39 )
    سلكت العربة طريقها صوب المدينة في تلك الليلة الباردة
    كان الطريق ترابيا وعرا
    وكانت العربة تتأرجح يمنة ويسرح ويتأرجح معها جسد الجد القابع في الصندوق الخلفي
    وجفت أيدي الوالد والعم من برودة الليل وهم ممسكين بزوايا صندوق العربة المتهالكة
    كانت العربة تعلو تهبط في زحفها علي الأرض الزراعية
    كلما تجاوزت جدولا قديما أو أحوضا مهملة
    كانت تعاني في سيرها في ذلك الظلام الدامس تعلو وتهبط وتثير كثيرا من الغبار والجلبة
    كان سيرها بطيئا مملا
    وكثيرا ما كانت تنغرس في الرمل والطين
    وكان حكمة راكبيها بالاستعانة بجيرانهم الأشداء القابعين في كابينة القيادة في دفع العربة للخروج من الوحل والرمل
    وكانوا يستخدمون المصابيح اليدوية لانارة الطريق للسائق
    فان مصابيح العربة قد أصابها القدم والعطب
    لم تكن تعطى ضوءا جاهرا لانارة الطريق
    فضلا عن رياح أمشير المثيرة للاتربة كانت تعيق تقدمهم
    وصلوا الي مبتغاهم مع خيوط الفجر الأولي
    واستقبلتهم المدينة ببرودة هوائها ووحشة شوارعها
    كان السائق يعلم طريق المشفي جيدا
    وهناك أمام مبني كبير وباب أكبر تم انزال الجد وإدخاله حجرات الكشف
    رافقه ابناه ومرافقيهم
    وانتهز السائق الفرصة وعرج ناحية سوق المدينة
    ربما وجد فرصة لاصلاح عربته المتهالكة
    انزوي الطبيب بالجد المتأوه
    وفضل الابناء الانتظار خارج غرفة الكشف
    يلتمسون شيئا من الدفء وقليلا من الزاد
    ربما سيطول المكوث هنا
    ربما يعودوا بعد يوم أو يومين
    وكان همهم الأكبر والدهم
    الذي يئن بالداخل

    ونواصل
                  

04-01-2013, 02:50 PM

محمد فضل محمد

تاريخ التسجيل: 11-30-2010
مجموع المشاركات: 17

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    امكانيات ادبية رهبية
    وسرد رائع ورصين
    مستمتعين ايما متعة
    .......
    لا تنسى محمود الترزي
                  

04-02-2013, 08:15 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: محمد فضل محمد)

    Quote: امكانيات ادبية رهبية
    وسرد رائع ورصين
    مستمتعين ايما متعة



    قريبي وحبيبي الدكتور محمد فضل محمد
    سعد صباحي بمرورك الكريم
    متعك الله دنيا وأخرى
    كيف انسي محمود شقيقي الأصغر جايب ليه مكنة جديدة
    حية ليك وللعيال وخليك قريب
                  

04-06-2013, 07:10 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    فوق شوية لمن نفضى
                  

04-08-2013, 08:21 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (40)
    عاد صاحب العربة مساءا يحجل بعربته صوب بوابة المشفي
    قضى كل اليوم يبحث عن عطار يصلح ما أفسده الدهر في عربته
    لم ينجح إلا في بعض الإصلاحات القليلة التى طالت الباب الخلفي
    وبعض الزوايا المتهالكة
    وقد دفع من حر ماله لصبي غشه ورسم له وردتين على الباب الأمامي من الجانبين
    هذا كل حصاده في ذلك اليوم البارد المترب
    وصل الي بوابة المشفي ووجد الجارين في إنتظاره أمام الباب الكبير
    مع زحام الزائرين وجلبة الباعة المتجولين
    سأل عن الجد وولديه وعن موعد عودتهم للقرية
    طال انتظارهم أمام الباب
    وطالت المعاناة من البرد والجوع والغربة
    أطل وجه العم من بين الزحام
    وقال أن الجد سيمكث أياما هنا
    وعليهم العودة في ليلهم هذا
    صوبوا عربتهم صوب القرية مرة أخرى
    و اعتلي الجارين والعم الكابينة المتهالكة
    تاركين أنين الجد وولده في المدينة
    وفضل العم العودة لترتيب الأمر في البيت الكبير
    والعودة لاحقا بأغراض قد يحتاجونها
    فقد يطول المكوث في المشفي
    وغابت العربة في الظلام محدثة جلبتها المعهودة
    التي قلت قليلا بفضل الاصلاحات في الباب الخلفي
    وسارت مزهوة بوردتين في خديها الأيمن والأيسر
    وكان عليها أن تسهر كل ذلك الليل البارد لتصل مع تباشير الصباح للقرية ....


    ونواصل ....
                  

04-10-2013, 09:29 AM

جمال عبد الناصر محمد
<aجمال عبد الناصر محمد
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 310

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المســـــــــــــــــــــيد ( رواية من دروب القرية ) (Re: جمال عبد الناصر محمد)

    (41)
    سلك السائق الطريق الشرقي المحاذي للنيل
    فالعربة لا تقوى علي السير في الطريق الغربي
    فبعد الرحلة الاولي المرهقة لن jتمكن تلك العربة المتهالكة من السير في تلك الدروب الوعرة
    ففضل السير بمحاذاة النيل قريبا من العمران
    اذا طرأ طارئ ستكون النجدة قريبة لا محالة
    ذلك الطريق المتعرج المترب الذي يتلوى في ذلك الليل الحالك السواد الشديد البرودة
    كثعبان ضخم متخم نائم
    يقترب في كثير من الأحيان وبصورة حادة مع مجري النيل
    ليرتفع فجأة علي تلة صخرية
    تحفه من الجوانب أشجار النيم الضخمة والتي بدأت في تلك الليلة السوداء كسفن في لجة
    وأشجار نخيل سامقة وطويلة بلغت من العمر عتيا
    لا تتواني ولا تتأخر في الوقوع فجأة على الأرضة
    منهية بذلك سنينا عديدة من الشموخ
    فجأة تقفل الطريق وتعيق المسافرين
    والعربة تئن وتجد في السير محدثة جلبتها المعهودة
    وراكبيها اعتمروا عمائمهم ولفوا وجوههم
    يحدقون في الطريق بعيون أدركها النعاس
    وأنقطع حبل الحديث بينهم
    لا تسمع الأ وشوشة اوراق الاشجار وصوت ملامسة الفروع بزوايا العربة
    ساروا ليتهم تلك
    ومع تباشير الصباح كانوا في باحة المسيد الرملية في البلدة
    تجمع الرجال حول العربة الرجال الذين أدوا لتوهم فريضة الفجر وخرجوا من المسجد بأبوابه الثلاثة
    ألا أنهم داروا وعادوا نحو الباحة الرملية أمام منزل الجد متلهفين لسماع الأخبار
    سائلين عن صحة الجد
    وكا تجمع الرجال
    تخيل اليهم أن الاشجار وتلال الرمال الذهبية شرق مجري النهر
    قد تجمعت أيضا للسئوال عن الجد
    فمن خلف التلال الرملية الذهبية إشرأبت الشمس ترسل أشعتها الذهبية الخجلة علي صفحة الماء
    واسراب الطيور ايضا كانت قد غادرت أعشاشاها وبدأت تحلق وتحوم علها تجد اجابة شافيه عن غياب الجد
    والصبي واقف غير بعيد يرتجف من البرد ينظر إلي عمه في ريبة
    ما بالهم تركوا حبيبه وعادوا
    وكثيرة هي الأسئلة وليس من مجيب ...


    ونواصل ....
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de