|
الترابي:" قاطعوا الشجرة فهي التي أخرجت آدم من الجنة" – المؤتمر:" أنت من زرعها" (حرب الرموز)!!
|
حرب «الرموز الانتخابية» في السودان قديما وحديثا: دلالاتها أثارت ضجة وفكاهة
الترابي دعا السودانيين إلى مقاطعة «الشجرة» .. لأنها أخرجت آدم من الجنة
الثلاثـاء 28 ربيـع الثانـى 1431 هـ 13 ابريل 2010 العدد 11459 الشرق الاوسط
الخرطوم: «الشرق الأوسط» تنسب إلى زعيم المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي مزحة تقول إنه دعا الناخبين لمقاطعة «الشجرة» رمز حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي يقوده الرئيس عمر البشير، ووصفها بأنها لعينة أخرجت سيدنا آدم من الجنة، بيد أن سخرية مريرة ارتدت إليه من أعضاء الحزب الحاكم بقولهم: «أنت من زرعها»! وتنقل الذاكرة الشعبية السودانية من انتخابات سابقة أن حزبين متضادين رمز أحدهما «القطية» أو الكوخ المبني من القصب، ورمز الثاني «الفانوس»، كانا يستخدمان الرمزين في المكايدة الدعائية، فيقول أنصار أحدهما «الفانوس أحرق القطية»، فيرد عليهم أنصار الآخر «الفانوس أضاء القضية يا جهلة».
وأوردت صحيفة «السودان الجديد» في انتخابات عام 1968 أن الرموز لم تنل رضاء بعض المرشحين مثل الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد أحد رموز الإسلاميين الذي كان رمزه «الزجاجة»، والزجاجة في المفردة الشعبية السودانية تعني «إناء الخمر»، وهربا من هذا التأويل الذي يناقض معتقدات الشيخ احتج الشيخ مليا ضد رمزه.
وحكاية الرموز في الانتخابات السودانية قديمة قدم الأمية في البلاد التي يقدر عدد الأميين فيها بأكثر من 40 في المائة من جملة السكان. وتختار الأحزاب والمرشحون رموزهم الانتخابية من قائمة رسوم لحيوانات وأدوات ونباتات وغيرها، لها مدلولات تسخرها جماهير الحزب حسب مقتضيات حملتها الانتخابية. فيحاول المرشح الذي رمزه «الحمار» نفي صفات البلادة والغباء عن الحمار، وفي ذات الوقت التأكيد على صفاته الحميدة مثل الصبر والتحمل والإلفة، لكن الأحزاب على ما يبدو لا تختار رموزها اعتباطا، فمرشح الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد اختار المطرقة (الشاكوش) بكل ما يحمله من دلالة في الفكر الشيوعي، بيد أن بعض ظرفاء المدينة نقبوا عن المدلول الشعبي للشاكوش، وهو يطلق على من تهجره حبيبته، وحين قاطع نقد الانتخابات قالوا «أخد شاكوش» على الرغم من أنه تجاوز السبعين من عمره! واختار مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي حاتم السر «العصا»، وللعصا في ثقافة الطائفة الختمية أكثر من مدلول، فزعيم الحزب ومرشد الطريقة الختمية محمد عثمان الميرغني معروف بعصاه التي يتوكأ عليها من دون أن يتجاهل مآربه الأخرى، ويهلل حواريوه لرمز حزبهم قائلين: «العصا لمن عصا».
الشجرة رمز حزب المؤتمر الوطني الحاكم حيكت حولها الكثير من المزح ابتكرها خيال معارضيه، فبعضهم قال إنها الشجرة التي أكل منها سيدنا آدم فأخرجته من الجنة، ووصفها بعضهم بأنها شجرة أحد أنواع التبغ المحلية كريه الرائحة والمنظر (التمباك)، بينما يحرص مناصرو الحزب على تأكيد معاني الشجرة ودورها الحيوي باعتبارها ظلا وثمرا وخضرة وحسنا، وكلها تحمل وعودا. بعض المرشحين سيئي الحظ لم يكن أمامهم من خيارات سوى بعض الرموز ذات المدلولات الشعبية القابلة للتأويل على طريقة «طعام زيد قد يكون سما لعمر» فقبلوها على مضض، لكنها مفارقات الانتخابات السودانية. المرشح الشاب والصحافي الهندي عز الدين - انسحب - أوقعه الحظ في وحيد القرن المعروف محليا بـ«الخرتيت»، وهو حيوان قبيح الشكل على الرغم من أنه كان شعار جمهورية السودان قبل حكم الرئيس النميري الذي حوله إلى نسر يعرف بـ«صقر الجديان»، ويبدو أن النميري غير شعار الجمهورية تيمنا بنسر الجمهورية العربية المتحدة أيام جمال عبد الناصر. حاولت إحدى مناصرات الهندي عز الدين التنقيب في مآثر «الخرتيت»، فلم تجد غير الأسطورة التي تقول إن في قرنه مادة مقوية للباءة وعلاج الضعف الجنسي.
لكن الرموز الانتخابية التي حددتها مفوضية الانتخابات السودانية بمحمولها الموجب والسالب، سقطت في امتحان اليوم الأول من الانتخابات، فشكا بعض ضباط المراكز من حجمها الصغير وقالوا إن كبار السن وضعاف البصر من الناخبين لا يستطيعون تمييزها، مما أوقع كثيرا من الناخبين في أخطاء غير قابلة للإصلاح.
وقال أحد ضباط مراكز الاقتراع وسط العاصمة الخرطوم أثناء جولة قامت بها «الشرق الأوسط» إن الرموز صغيرة جدا، مما يجعل الناخب يستهلك زمنا طويلا، الأمر الذي يجعل المراكز تعجز عن توفير الزمن الكافي للناخبين المسجلين في الدفاتر. وبسبب الرموز انسحب ثلاثة رؤساء تحرير صحف سودانية مرشحون للبرلمان: عثمان ميرغني صحيفة «التيار»، ومحجوب عروة صحيفة «السوداني»، والهندي عز الدين صحيفة «الأهرام اليوم». وقالوا للصحافيين إن ناخبيهم لم يجدوا رموزهم في استمارة الانتخاب، وحين الاستفسار اتضح أن الأمر ارتباك في عمل مفوضية الانتخابات التي وزعت رموز دوائر أخرى، مما جعلهم يعلنون الانسحاب بعد اليوم الأول، بينما راجت معلومات عن استبدال الرموز في ولايات ومراكز كثيرة، مما أربك أول أيام الاقتراع في الانتخابات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البلاد.
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=565056&issueno=11459
|
|
|
|
|
|