|
لتغير المعارضة من سياستها/ عمر الشريف
|
عمر الشريف
حكومة الانقاذ او (البشير) منذ توليها السلطة بالانقلاب العسكرى فى عام 1989م واجهت عقبات ومرت بانفاق مظلمة كادت أن تجعل من السودان صومالا او لبنان او بوسنة فى تلك الحقبة وذلك بسبب عدم موافقة دول الجوار لسياسات الحركة الاسلامية التى كانت هى المحرك الاساسى فى السودان . لقد تجاوزت الانقاذ تلك الانفاق والمنحدرات والعواصف ليس بقوتها او تخطيطها وسياستها فقط وإنما بعدة عوامل منها مكانة وتعامل الشعب السودانى الذى عرف به والوضع الاقتصادى الذى كان يمر به والحرب الاهلية والجفاف ووجود المعارضة بأقسامها والحرب الاثيوبية الارتيرية وعدم الاستقرار فى القرن الافريقى ودعم ووقوف الجامعة العربية من منطلق العلاقات الاخوية وحرب العراق ، لتلك الاسباب لم يكن لدول الكبرى نية التدخل فى السودان حيث لا يمثل لهم خطورة تستحق التدخل مثل العراق .
لكن ظل السودان يرتكب الاخطاء عند تجاوزه لكل عقبة حيث لم يؤيد اخراج العراق من الكويت بالطريقة التى اجمعت عليها دول المنطقة والدول الداعمة لها وقام بأدخل واستقبال كوادر بعض المنظمات المحظورة فى بلدانها وتدخل فى بعض النزاعات الداخلية لبعض الدول الافريقية وعلاقته الغير واضحه مع ايران التى تشكل خطرا على الاسلام ودول الخليج . لهذا عمل جيرانه على زعزعة أمنه واستقرارة واقتصادة فى تلك الفترة بكل الوسائل المتاحة وبتعاون دولى حتى وصل بهم الحال ان يقسم السودان وأن تدعم الحركات فى الغرب والشرق والجنوب وبعضهم قدم الدعم العسكرى المباشر . لكن ظل قادته يقنعون شعبهم باسم الدين والجهاد ووجدوا التأييد منهم حتى اكتشفوا الواقع الذى يعكس أن الدين ظاهرا وما خفى اعظم . لم تقم الحكومة يوما بمحاسبة مسئول أخفق ولا محاكمة مجرم أختلس ولا مصادرة اموال وأملاك جمعت بالفساد لمن ينتمى لها ، لكنها اعدمت من تاجر بالدولار وجلدت من لبس البنطال وحاكمت من تظاهر ضد رفع الدعم وزيادة الاسعار لانهم غير مسجلين فى تنظيمها وسجلاتها .
المعارضة المدنية والعسكرية عليها ان تراجع حساباتها فى نهاية هذا العام لكى تعرف سبب خسارتها وفشلها فى كل عام لتغير ثوبها للعام جديد وتنظف داخلها من صدأ الماضى لتواكب عصر التكنولوجيا وسرعة المعلومة وطموحات وتطلعات الشعب ومجريات الاحداث الداخلية والخارجية ، المعارضة المدنية اصبحت تصريحاتها خطب حماسية ودعوات جهادية لا تتجاوز المساحة التى تحدثت فيها ولا تواجد لها فى الميدان اما المعارضة العسكرية انحصرت فى مناطق تعلم ضعفها وفقرها وقلة حيلتها واصبحت عصابات سلب ونهب وكر وفر فى تلك المناطق وقد زادات من المعاناة اكثر من الاعانة اما المعارضة اللكترونية والورقية فهى تصريحات وكتابات لاتقدم ولا تؤخر لان متابعيها اكثرهم خارج دائرة الحدث والواقع ومن بالداخل ينسى ما قرأه مع هموم معايشة ومشاكله . لقد إنتبهت الحكومة جيدا لتغيير نهجها وسياستها لتكسب الوقت وتنافس فى الانتخابات القادمة وتصل للانفتاح العالمى . حيث نجحت فى تقليل الضغط الخارجى ودعمه للمعارضة وذلك فى بعدها عن النهج الاسلامى الذى كانت تنادى به مع بعض حركات دول الجوار وتقديم التنازلات واستفادت من دروس الانقلاب على الاسلاميين فى الجزائر وحماس ومصر ومحاربتهم فى الصومال والسنغال ومقاطعة كثير من الدول للسودان اقتصاديا وسياسيا حتى اصبح شبه معزول .
على المعارضة بشقيها أن تكسب الشعب وتعيد الثقة معه وتكون برامجها واضحة ولمصلحة الشعب والحفاظ على تراب الوطن وتنميته وأن تعمل من الداخل بالضغط على الحكومة باشراكها فى الحكومة او السماح لها بمواصلة عملها السياسى ونهجها للتغير السلمى لتكون قواعدها وتشيد مؤسساتها واعلامها لتنافس فى الانتخابات القادمة بكل قوة وثقة فى فوزها . لان التغير لا يأتى بالعنف والسب والشتم والتظاهر الغير حضارى وحرب العصابات ولا يستفيد منه المواطن وتذهق فيه الارواح وتدمر الممتلكات وتعطل التنمية وتزيد الفجوه بينها وبين الشعب وتفيد الخصم . نريد معارضة جديدة بنهج وطنى واسلامى وشعبى وتنموى وانفتاح خارجى يحفظ الحقوق والمواثيق ويعمل على التعاون المثمر وعدم التدخل فى شئون الاخرين لتكون نموذج لتغير السلمى الديمقراطى فى المنطقة .لتجرب المعارضة هذه الطريقة بعد ان جربت طريقتها واسلوبها السابق عشرات السنين ولم تثمر حتى بشىء يشاهد او يذكر أو تقدم ملموس على الارض حتى اليوم .
|
|
|
|
|
|