|
السودان : خمس سنوات من العزلة فى الطريق ! د. على حمد ابراهيم
|
اكتب هذا بالحبر الشينى الصامد و قلبى مدبول مثل قلب الشاعر العربى القديم يوم بانت حبيبته سعاد . قلبى مدبول بالهم يوم بانت الحكمة ، وانهزمت امام سطوة الاثرة لحظة رضوخ الرئيس البشير لضغوط المحيطين به من رفاقه فى سدة الرئاسة السودانية لكى يبدأ فترة رئاسية اخرى مداها خمس سنوات تبدأ فى ابريل القادم حرصا منهم على مصالحهم التى يؤمنها لهم وجود السيد البشير فى السلطة . ولا تؤمنها لهم قدراتهم الذاتية . اما مصالح الشعب السودانى ، الفضل ، كما صار السودانيون يصفون أنفسهم تندرا ######رية ، فلا عجالة . و يمكنها أن تنتظر خمس سنوات اخرى تحت هجير عزلة دولية واقليمية ومحلية شاملة. و عقوبات اقتصادية ضاغطة ترحم اذا كانت نار جهنم ترحم . لقد فاز الرئيس البشير ببطاقة الترشيح الرئاسى القادم فى ابريل المقبل بصعوبة شديدة . اذ لم يحصل الا على خمسين بالمائة من اصوات الهيئة القيادية للحزب الحاكم ، رغم الحشد الاعلامى و السياسى والنفسى والمعنوى الذى صاحب العملية برمتها من بدايتها وحتى نهايتها . ومع ذلك جاء الحصاد شحيحا ومحرجا لجهة أنه لم يسد إلا بعضا من الرمق السياىسى فى دوائر الحزب الذى يدعى أن عضويته المسجلة تبلغ عشر ملايين عضو ! . ما مغزى أن يحدث هذا فى أمر ترشيح الرئيس الذى ظل يدير مسرح الرجل الواحد على مدى ربع قرن من الزمن . أو قل ظل اللاعب الوحيد فى الميدان الخالى . يشوت الكرة لوحده ويحرز الاهداف فى الجهة و بالصورة التى يريد . و يحول قوائم المرمى من امام كل من يحاول التهديف مثله. لقد قبل الرئيس البشير الاستجابة لطلب المستفيدين من وجوده فى الرئاسة رغم تأكيداته المتواترة للصحافة المحلية والاقليمية والعالمية بأنه حزم أمره و اتخذ قراره بمغادرة قصر الجنرال غردون على ضفاف الازرق . لو كان الأمر يخص شخص الرئيس وحده ، اذن لما اهتم أحد . ولكن الأمر صار يخص شعبا بأكمله وجد نفسه رهينة عند الاسرة الدولية تحاصره بعشرات القرارات العقابية لا لذنب جنته اياديه ولكن لذنوب تعتقد الاسرة الدولية أن ايادى قادته قد جنتها ضد الآخرين . نعم الشمس لم تشرق من الغرب بعد بالنسبة لهؤلاء القادة المشكوك فى امرهم . اذ يمكنهم أن يواجهوا العدالة الدولية بشجاعة و يبرهنوا على نظافة ايديهم كما واجهها زملاء لهم فى صفوف المعارضات المسلحة. وعادوا الى السودان مرفوعى الرأس . وكما واجهها زميلهم فى المنصب و الجاه والجوار الاقليمى – اهورو جومو كنياتا ، نجل الجاموس الافريقى الذى تتذكره ربوعه كلما تذكرت ثورة الماوماو الكينية فى ستينات القرن الماضى . لقد كان الأمل أن يفك الرئيس البشير الرهن من على رقاب شعبه بأن يختار بين التنحى او المثول امام العدالة الدولية. أى الطريقين سلك ، كان سيفضى بشعبه الى الخروج من دوامة العقوبات والعزلة. يعيد الى المنصب ألقه بعد أن هجر صاحب المنصب المظان الدولية خوفا على الذات .لا بد أنكم شاهدتم كيف خرج الشعب الكينى بعشرات الملايين ليستقبل ابنه العائد من براثن لاهاى بعد أن قدم دفوعاته بالبراءة أمام القضاء الدولى. نفس لاهاى التى يخافها البعض خوفهم من الموت الزؤام عاد منها اهورو جومو كنياتا مرفوع الرأس . اذ لا يصح الا الصحيح فى نهاية كل مطاف . الألق الرئاسى فى السودان سيظل مفقودا طالما ظل السودان يزازى من المنتديات الدولية. ولا يغشاها كما كان يفعل الازهرى والمحجوب و زروق, واحمدخير الرئيس بقبوله اعادة الترشح يكون قد قبل استمرار رهن شعبه الى حين اعلان آخر . أخ يا وطن !
|
|
|
|
|
|