|
العم سيد سليمان محمد نور اول الحاصلين علي الجنسية الامريكية في حديث الذكريات
|
العم سيد سليمان محمد نور اول الحاصلين علي الجنسية الامريكية في حديث الذكريات
* سيد سليمان محمد النور علي، المقيم بحي بانت شرق بام درمان من مواليد القولد 1917م .. للرجل تاريخ حافل بالذكريات وهو احد اول اربعة سودانيين هاجروا الي امريكا عام 1941م وهو يروي لنا اليوم بعضا من ذكرياته علي صفحات (الدار) بكل ما تحوي تلك الذكريات من رحلات ومغامرات. اول رحلة خارج السودان. * اول خروج لي من السودان كان عام 1937م في يناير وكانت لمصر عبر وادي حلفا ولم اكن امتلك اية وثيقة سفر وكان السفر وقتذاك يتم عبر (ضامن) يدعي الكاشف فهو الذي يسمح لك بركوب الباخرة بعد ان يتأكد من القبيلة التي تنتمي اليها. لم اتلق تعليماً * نسبة لظروفي الاجتماعية المتمثلة في انفصال والدي عن والدتي لم اتلق أي تعليم نظامي او تعليم في الخلوة كما درج اقراني وقتذاك بل عملت مع الوالد في الزراعة. والدتي ساعدتني في السفر لمصر * تزوج والدي بامرأة اخري فقررت السفر لمصر وطلبت اذن السفر من والدي فرفض السماح لي عندها لجأت الي والدتي والتي قامت بمساعدتي بعد ان رهنت مصوغاتها الذهبية بمبلغ واحد جنيه وعندها تحركت من القولد الي كريمة وارسلت تلغرافا للاسكندرية للسيد موسي محمد موسي والذي ارسل لي عبر التلغراف مبلغ (واحد جنيه ونصف) فاستقليت القطار حتي ابو حمد ومن ثم الي حلفا ومنها بالباخرة الي اسوان فالقاهرة ثم الاسكندرية حيث رحب بي العم موسي وبدأت مسيرة بحثي عن العمل وعملت في بنك دلتا براتب قدره عشرة قروش شهريا ولمدة عامين وفي عام 1939م ذهبت للقاهرة للالتحاق بالجيش المصري ولم اوفق ومكثت هناك لمدة عام عملت في القصر الملكي المصري مع عمر فتحي باشا كبير ياورات الملك بوظيفة عامل وكان الراتب 22 جنيها. العودة للاسكندرية * في عام 1940م عدت للاسكندرية بعد نشوب الحرب العالمية الثانية واذكر انني عملت بمصنع كترلي للسجائر براتب شهري قدره 5 جنيهات حتي عام 1941م. حضور والدي * في يونيو 1941م حضر والدي الي الاسكندرية بغرض اعادتي للسودان فرفضت بحجة انني لا املك مالا يساعدني علي العيش هناك وقمت باعطاء والدي كل ما املك من مال 20 جنيها وعاد والدي للسودان بعد ان طلبت منه العفو لانني قررت السفر عبر البحر لاية جهة ولم يقبل بفكرتي في البداية لكنه اخيرا منحني عفوه وعاد للسودان. الجواز بمبلغ 25 قرشا * قمت بتقديم طلب لحكومة السودان بالقاهرة لمنحي جواز سفر وبعد دفع الرسوم البالغة 25 قرشا تسلمت جوازا مدة صلاحيته 5 سنوات فالتحقت بحاراً بالباخرة (النيل) والتي تملكها شركة يحيي باشا بمرتب 7 جنيهات شهريا وكان معي من السودانيين محمد عيسي حسن التوم ومحمد عثمان نقد وزكريا حسن خليل وعبد اللطيف محمد عثمان نقد ومحمد صالح علي شيبو وابحرنا حتي مدينة بورسعيد وعبرنا قناة السويس ووصلنا ممباسا ومنها لاغوس ثم غانا ومنها لكيب تاون ومنها توجهنا للجزر الكاريبية حت وصلنا نيويورك يوم 29 نوفمبر 1941م وعند وصولي امريكا لم يكن في جيبي جنيه واحد. دخول امريكا في الحرب العالمية * في السابع من ديسمبر 1941م اعلنت امريكا دخولها الحرب واعلنت الحرب علي اليابان وفي ليلة الكريسماس 24 ديسمبر 1941م هربنا من الباخرة انا وزكريا حسن خليل وكانت الباخرة (النيل) التي هربنا منها تستعد للابحار صباح الغد ولم نكن نملك اية اموال بالاضافة الي عدم إلمامنا باللغة الانجليزية ولقد عاتبني زميلي المرحوم زكريا حسن خليل يرحمه الله علي الهروب لكنني قلت له هذه هي الدنيا الجديدة واذا لم ننزل بها فلن نراها مرة اخري. اول يوم في امريكا * ذهبنا الي فندق (كابش) والتقينا بصاحب الفندق الذي سألنا عن سر حضورنا مبكرا فروينا له القصة فطمأننا علي وجود فرص عمل وكان ان تصادف وجودنا مع وجود احد الاخوة العرب ويدعي احمد الطنطاوي الذي اخذنا الي شركة امريكا اكسبورت لاين واستخرجوا لنا كروت عمل من الادارة الامريكية وعملنا براتب شهري مقداره 85 دولار شهريا بخلاف الاجر الاضافي وكانت الباخرة تتبع للبحرية الامريكية وعملنا بها لمدة اربع سنوات بعد انضممت للبحرية الامريكية وقد غرقت باخرتنا في الهجوم علي نورماندي عام 43 فتم نقل كل الطاقم الي دوفا ومنها الي غلاسكو باسكوتلندا ثم الي بوسطن ومنها الي نيويورك وتم استقبالنا استقبالا حارا من قيادات البحرية الامريكية خاصة وكان معنا بالباخرة بعض جرحي الحرب. وبعد انتهاء الحرب العالمية بدأ السودانيون يتوافدون الي امريكا علما بان اول سودانيين وصلوا امريكا هم ساتي ماجد من القدار والطيب صالح من جزيرة سلنارتي المحس وبذلك نكون نحن اول اربعة سودانيين تطأ اقدامهم امريكا. العودة للسودان * بعد انتهاء الحرب العالمية عدت للسودان عبر الاسكندرية وقد منحت في ذلك الوقت الجنسية الامريكية ودخلت السودان في سبتمبر 1950م بتأشيرة لمدة 15 يوما ولقد طلبوا مني لحظة دخول القولد مقابلة العمدة لعمل اقامة من مفتش دنقلا بواسطة العمدة عبد الرحمن بابكر موسي والذي اوفدني برفقة عسكري للمفتش حيث تم منحي اقامة لمدة ستة اشهر عقدت فيها قراني وبعدها حضرت لاول مرة في حياتي للخرطوم لعمل تأشيرة خروج من مكتب الاجانب المقابل لوزارة الداخلية وكانت رسوم تأشيرة الخروج لمصر 5 قروش. وبعد ذلك تكررت مرات عودتي للسودان .. وفي فبراير 1967م تقاعدت بالمعاش وتم منحي اقامة اكرامية من قبل وزارة الداخلية السودانية بعد ان اصدر وزير الخارجية وقتذاك المرحوم محمد احمد محجوب قرارا يجيز الجنسية المزدوجة. قصتي مع الوفد السوداني الزائر لامريكا * من المواقف التي لا يمكن ان تنمحي من ذاكرتي ابدا في شهر سبتمبر عام 1947 حضر وفد سوداني لامريكا يضم السادة الصديق عبد الرحمن المهدي ومحمد احمد المحجوب وعبد الله خليل ومحمد صالح الشنقيطي كممثلين لحزب الامة ومنهم من الحزب الوطني الاتحادي السادة اسماعيل الازهري ومحمد عثمان يس وابراهيم المفتي وحامد صالح المك .. ولقد قابلتهم بالصدفة في مطعم الاهرام ببروكلين وعرّفتهم بشخصي واصريت علي دفع قيمة وجبة افطارهم ولقد كانت دهشتهم كبيرة حينما علموا ان هنالك اعدادا كبيرة من السودانيين بامريكا فما كان مني الا ان اخذتهم لمسجد داؤود ببروكلين وبعد اداء صلاة المغرب قمت باحضار السودانيين الموجودين ببروكلين لمقابلة اعضاء الوفد والذي حضر من السودان لمناقشة استقلال السودان بالامم المتحدة ولقد كان قرار الامم المتحدة بان ينال السودان استقلاله عام 1980م انواط وأوسمة * انا حاصل علي العديد من الانواط والاوسمة خلال عملي بالبحرية الامريكية واتقاضي معاشي الشهري من البحرية الامريكية.
نقلآ عن صحيفة الدار
|
|
|
|
|
|