|
لا لتطبيق الحدود الاسلامية فى السودان ؟
|
يمر السودان بمنعطف خطير، وسط مد وجذب، يدعو للقلق على مستقبل هذا الوطن الجريح، الذى لم يعرف الاستقرار منذ اسقلاله تارة بين الطائفية وحينآ بين العسكر بدعم من التكنوقراط الاهثين وراء بريق ووهج السلطة.وسط هذا البحر المتلاطم الامواج يبرز خلاف من حين الى آخر عن اشكالية الحكم، بين التيار الاسلامى والتيار العلمانى وهو التيار الغالب من اهل السودان.
فالجماعات الاصولية ومن يتعاطف معها من مثقفين وتكنوقراط ،والاحزاب الطائفية التى استقلة الجانب الدينى فى المجتمع السودانى وسط جهل الكثير بمساوئ الطائفية التى اغرقت السودان فى بحر لجئ من المشاكل والمحن،والذين ينادون يتطبيق الشريعة الاسلامية او الحدود الاسلامية،ولنكن اكثر دقة فالحدود عبارة عن الجزء العقابى فى الدين الاسلامى،فلزلك نجد ان الغالبية من الشعب السودانى يرفض تطبيق مثل هذا الجزء، لاسباب اولها ان المجتمعات الحالية محكومة بالقانون المدنى لا بما يسمى الشريعة الاسلامية،ولذلك ليس من العدل ان يحكم المجتمع بالقانون المدنى،ونطبق علي افراده جزئية من قانون آخر.
ثانيآ: كيف ستطبق هذه الحدود على اخواننا فى الوطن من مسيحين وبعض القبائل الادينية،اذ أن لهم شريعة مختلفة ورسول آخر،فاذا كان الامر لابد منه،وحتى نعدل بين الشريعتين ولن نعدل فلنطبق الشريعة المسيحية عليهم،بل ونعتبرها مصدر أساسيا للتشريع بجوار شقيقتها المسلمةمنعا للتميز.
ثالثآ: أن تركيبة الدولة الآن بمفهومها الحديث تختلف تمام الاختلاف عن مجتمع القبيلة والعشيرة على مجتمع النبى ومن تلاه من الخلفاء،فالحدود لم تعد تصلح للتطبيق لاختلاف مفهوم الجريمة نفسه عن ذى قبل وعلى سبيل المثال لتطبيق حد الزنا،يجب أن يرى الفعل أربعة شهود عدول،رجال وفى حالة ان يكن نسوة يتضاعف العدد لثمانية، وهذا كان يعتمد على ان الفعل يتم فى الخيام والخلاء الفسيح فى الصحراء كما كان يحدث فى عهد الدولة الاسلامية الاول،اما الان فقد اختلف الوضع ويستحيل تطبيق الحد فعليا بعد تطور الفن المعمارى والتحكم فى الابواب والاقفال بالريموت كنترول بل ويمكنك رؤية الزائر او الطارق على الباب على شاشة بلورية من داخل غرفة نومك،لزلك توجد استحالة فى تجميع اربع شهود خصوصا لو كانو عدول اثناء حدوث الفعل،عكس القانون المدنى الذى يمكن أن يوقع العقوبة بقرائن أخرى مختلفة،كتسجيل المكالمات كما حصل فى حالة الرئيس بيل كلينتون وتحليل الملابس الداخلية وتحليل السائل الموجود عليها،لاثبات الجريمة وعقاب فاعليها حسب مواد القانون،بالنسبة للسرقة فأن مفهومها اختلف هو الآخر، حيث ان هناك سرقة افكار وابحاث علمية الامر الذى يختلف عن السرقة التقليدية الذى وردت بشأنها النصوص،فكيف نطبق حد القطع على مرتكبيها. وكذلك باقى الحدود،والتساؤل الذى يطرح نفسه لماذا لا نحكم العقل مثل ما فعل عمر ابن الخطاب الذى اجتهد وعطل العمل بحد السرقة فى عام الرمادة او المجاعة لانتفاء موجب تطبيقه،فهل لو كان عمر معايش لهذا العصر فهل كان سوف يكفر فكم من مجاعة وكارثة تحل بسوداننا الحبيب،لذلك يمكننا ان نتخلص من القاعدة الفقهية التى تقول "لا اجتهاد مع نص" فالمفترض أن العقل كفيل بالنص وليس العكس،فنحن فى زمن العقل وليس النقل، واذا لم نجتهد مع النصوص فأين سنجتهد، هل نجتهد فى الفروع وأقوال الفقهاء الذين لم يعايشو عصرنا،بل وبمقياس اليوم هم متخلفين عن ركب الحضارة،فماذا كان سوف يكون راى الامام مالك وابن حنبل عن عصر الانترنت والسيارة والعطور الباريسية وهلم جر.
فخلاصة القول ان الاديان تصلح لكل زمان ومكان كشعائر، فلن يمنعك احد من أن تصلى وتصوم حسب ديانتك، لاكما يحصل فى السعودية،فأن تأتى بالاديان فى الحياة والعلم والاقتصاد،فهذا يعنى افساد الدين والدنيا معا،ودولة الرسول نفسها لم تكن دولة بالمعنى الحالى،بل كانت دولة مدنية والدليل على ذلك اركان الاسلام خمسة ولا يوجد منها ما يشير للشريعة بأنها من اركان الاسلام.
|
|
|
|
|
|