الندوة الاولي لتأسيس التجمع العلماني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 06:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-02-2013, 03:09 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الندوة الاولي لتأسيس التجمع العلماني

    منتدي ابن رشد بالتعاون مع حزب الجبهة الديمقراطية يعقدان الندوة الاولي لتأسيس التجمع العلماني في مقر الحزب الرئيسي العنوان:
    14 ش محمد شفيق – متفرع من ش وادي النيل المهندسين
    الندوة بعنوان
    الاصولية والعلمانية الصدام القائم
    هذا ويستضيف حزب الجبهة منتدي ابن رشد للمرة الأولي
    بعد ان عقد المنتدي لمدة سبع سنوات ندوات تحت عنوانلتأسيس العلمانية في مصر، كانت اخرها الندوة السابعة بعنوان: العلمانية والاصولية : الصدام القادم في مارس من العام الماضي
    واستشرف المشاركون في الندوة قدوم الصدام بين التيار الاسلامي الاصولي والعلماني ولقد صدقت توقعاتهم
    ولهذا نعقد هذا العام مؤتمر بعنوان : الصدام القائم
    وتهدف الندوة لتكوين تجمع علماني يكون نواة لتيار علماني فاعل في الشرق الاوسط
    وتطرح الندوة 3 اسئلة محورية
    السؤال الاول:توصيفك لحالة الصدام القائم بين الاصولية والعلمانية ؟
    السؤال التانى:كيف تواجه هذا الصدام؟
    السؤال الثالث: ماهى رؤيتك المستقبلية لتجاوز الصدام من خلال تكوين التجمع العلمانى ؟
    والدعوة عامة

    برنامج اليوم الاول: 1 مارس 2013
    1- الجلسة الافتتاحية| من الساعة 11.00 الى 12.00
    د| مراد وهبة
    د. اسامة الغزالي حرب

    2- الجلسة الثانية| من الساعة 12.00 الى 01.00
    الاستاذ عبد الواحد ابراهيم فى قراءة لدور الدولة الدينية فى تقسيم السودان

    3- الغداء من الساعة01.00 الى 02.00

    4- الجلسة الثالثة |من الساعة 02.00 الى 03.00
    منظمة شباب الجبهة أ. جوزيف نسيم
    فى عرض عن رؤيتهم للوضع الحالى وكيفية التصدى له

    5- الجلسة الرابعة | من الساعة 03.00 الى 04.00
    سوريا أ. فرحان مطر عن دور القوى العلمانية فى الثورة السورية ورؤية مستقبلية
    6-الجلسة الخامسة | من الساعة 04.00 الى 05.00 فريدي بنيامين حركة مصر المدنية وطرح عن رؤية الوضع الحالى بمصر وكيفية مواجهته
    7—استراحة من الساعة 05.00 الى 06.30
    8- الجلسة السادسة | من الساعة 06.30 الى 07.30
    التيار العلمانى المصرى ورؤيته للصدام القائم فى مصر وكيفية مواجهته :أ
    ميلاد سليمان ،أ. احمد منصور
    9- الجلسة السابعة : من الساعة 07.30 الى 08.30
    العراق : أ. أياد الركابي وتقديم ورقة عن الوضع القائم الان فى العراق وكيف يمكن تخطيه

    برنامج اليوم الثاني
    1- الجلسة الاولى ( الافتتاحية) : من الساعة 11.00 الى 12.00
    تقدم د منى ابو سنة
    د. هالة مصطفي

    2: الجلسة الثانية : من الساعة 12.00 الى 01.00
    تونس وتقديم د الامين ذويب اثر التجربة البورقيبية علي الاصولية والوضع الراهن في توسن
    3 الغداء من الساعة 01.00 الى 02.00
    4. الجلسة الثالثة : من الساعة 02.00 الى 03.00
    جبهة الشباب الليبرالى ورؤية عن الصدام القائم بين الاصولية والعلمانية وكيفية مواجهته ، أ. محمد الشيمي

    5. الجلسة الرابعة : من الساعة 03.00 الى 04.00
    أ. محمد احمد دومان، شرح عن الوضع فى مالى وماتسببت فيه محاولات الدولة الدينية للسيطرة وتدخل حلف الناتو

    6. الجلسة الخامسة : من الساعة 04.00 الى 05.00 ، رابطة الطلاب الليبراليين وسرد للمجموعات المتواجدة فى المحافظات وتقديم عن رؤيتهم للوضع القائم وكيفية مواجهته ، أ. كيرلس بهجت
    7. بريك : من الساعة 05 الى 05.30
    8. الجلسة السادسة : من الساعة 05.30
    الختام والتوصيات
    ملحوظة ، زملائنا من مالي والعراق سوف يتم اللقاء معهم عبر الفيديو كونفرانس
                  

03-02-2013, 03:17 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الندوة الاولي لتأسيس التجمع العلماني (Re: Sabri Elshareef)

    h
    ttp://bambuser.com/v/3410651




    يمكن المتابعة عبر هذه الوصلة للمشاهدة في ماتبقي من برنامج اليوم




    ادناه ورقة الاخ عبد الواحد ابراهيم عن ما فعلته الاصولية الاسلامية في السودان



    عبد الواحد ابراهيم*
    ظهرت الدولة السودانية الحديثة عقب إستقلال السودان فى العام 1956م من دولتى الحكم الثنائى ( انجلترا ومصر) ، وكانت عبارة عن إتحاد ممالك قديمة تم فى ازمنة مختلفة منها ما يعود الى عصورالممالك النوبية القديمة ، قبل الميلاد مثل مملكتى "نبتة" و"مروى" مروراً بالممالك النوبية المسيحية ، وتوسعت الدولة لتضم اجزاء مختلفة من الممالك القديمة مثل مملكة الفونج الإسلامية (1505-1820م) التى ضمت كل اجزاء السودان الحالى باستثناء اقليم دارفور الذى الحق بالدولة فى العام 1916م ، وكان يشمل ممالك الفور(1637-1875) و"الداجو" و"التنجر" التى تدين بالاسلام ، ومملكة " تقلى" (1570 -1820م) فى منطقة جبال النوبة ومملكة المسبعات الإسلامية فى الغرب الاوسط (1690- 1820م) ، اضافة الى مملكة "البجا" فى شرق السودان بينما ظل جنوب السودان الذى الحقت اجزاء منه بالدولة السودانية فى فترات مختلفة ، فاجزاء منه الحقت ابان حكم آل محمد على باشا فى العام 1847م واخرى فى العم 1899م بعد انتصار قوات الاستعمار البريطانى على المهدية ، ثم ادير بقوانيين خاصة بعيداً عن اطراف السودان ذات الاغلبية المسملة.
    الاتجاهات السياسية والفكرية الدينية
    و الحركة الفكرية والسياسية فى السودان تاثرت الى حد كبير بما يحدث فى مصر ، ويتضح ذلك من ايام الدولة الفاطمية ، حيث ترسخ الوعى السياسى للغالبية المسلمة على مفاهيم مرتبطة بالاصلاح الدينى والاصلاح السياسى على اساس الامامة ، ويلاحظ بان الغالبية المسلمة فى السودان سنية وذات مسارات صوفية ، الا انها تأثرت بالكثير من المفاهيم المرتبطة بالفكر الشيعى مثل فكرة المهدية ، والولاء والمحبة لآل البيت والامامة وإدعاء إحلال روح الله فى الخليفة التى برزت فى نهاية الدولة الفاطمية ، وغيرها من التركة الثقافية للدولة الفاطمية التى قامت فى مصر969- 1172م والتى انشات الازهر الذى ارتبط به السودانيين كغالبية الشعوب من دول العالم الإسلام .
    بدأ انتشار الطرق الصوفية بعد قيام دولة الفونج الإسلامية 1505-1820م عن طريق الدعاة القادمين من الحجاز والعراق منهم تاج الدين البهارى الذى ادخل الطريقة القادرية اكبر الطرق الصوفية فى السودان ، ثم جاء من مصر بعض الفقهاء مثل الشيخ محمود العركى مؤسس الطريقة العركية فى وسط السودان الى جانب الطريقة السمانية ايضاً ، ومن جهة الغرب السودانى تكاثرت الطرق الصوفية مثل التجانية ومؤسسها "ابو العباس احمد" الجزائرى الاصل ، والادريسية التى اسسها "احمد بن ادريس الفاسى" المغربى فى شمال السودان اضافة الى الطريقة الختمية التى لعبت دوراً سياسياً بارزاً فى القرن العشرين. ساهم إنتشار الطرق الصوفية بصورة كبيرة بالتاثيرفى طريقة وإسلوب التدين لدى السودانيين ، فالصوفية معروفة بمسلكها ودعوتها السلمية لقيم الدين والتدين ، كما انها تحترم الآخر المختلف سواء فى الطريقة او المذهب او الملة او الدين ، واستمر الإسلام السودانى إسلاماً صوفياً الى منتصف ثلاثينات القرن الماضى ، الى ان دخلت الى السودان اشكال جديدة من الحركات الاصولية التى تقدم رؤية مختلفة عن تلك التي أستقرت في أذهان السودانيين.
    بروز حركات الاسلام السياسى:-
    جماعة انصار السنة المحمدية :
    نشأت حركة سلفية باسم" جماعة انصار السنة المحمدية" فى العام 1939م ، وتم تسجيلها لدى حكومة الاستعمار البريطانى فى سنة 1947م (1) ، ثم افتتحت فروعاً فى انحاء السودان المختلفة وعقدت اول موتمر لها فى العام1948م ، ووصفوا انفسهم كجماعة دعوية تهتم باصلاح المجتمع بدءاً من العقيدة التى حسب اطروحتهم يجب ان تكون إسلامية سنية سلفية ، وانهم اى ـ جماعة انصار السنة المحمدية ـ (( جماعة إسلامية سنية تدعوا الى منهاج النبؤة فى التوحيد والعبادة والسلوك وتعقد الولاء والبراء على الكتاب والسنة)). (2) كما يدعون الى التوحيد وصحيح العبادة من وجهة نظرهم ، "دعوة الأمة إلى التوحيد الخالص المطهر من الشرك وأدرانه وشوائبه، وإلى حب الله تعالى حبا صحيحا صادقا، يتمثل في طاعته وتقواه، والوقوف عند أمره ونواهيه والإخلاص له في السر والعلن"
    جماعة الاخوان المسلمين :
    ظهرت حركة الاخوان المسلمين فى السودان فى اواسط اربعينات القرن العشرين ، حين التقى بضعة طلاب سودانيين بمؤسس جماعة الاخوان المسلمين فى مصر"حسن البنا" بمنطقة حلوان جنوب القاهرة فى العام 1943م ، وطلبوا منه نشر الفكرة فى السودان و بعث البنا وفداً من رجالاته الى السودان برئاسة الطالب السودانى جمال الدين السنهورى ، يرافقة بعض المصريين والسودانيين بهدف دراسة الوضع لبدء العمل الاخوانى ، على قاعدة ان جماعة الاخوان المسلمين اول دعوة تجديدية شاملة فى التاريخ المعاصر! (3) وبعد عامين ارسل حسن البناء السكرتير العام لجماعة الاخوان المسلمين "عبد الحكيم عابدين". وهنا يتضح دور مصر فى التأثير السياسى على السودان ، من خلال نشأة و قيام الاحزاب والحركات السياسية ، فى اليمين واليسار بكل مكوناته الماركسية والقومية. والى جانب حركة الاخوان المسلمين نشأت حركة فى كلية غردون باسم " حركة التحرير الإسلامى" وبادبيات الاخوان ، وإلتحمت مع حركة الطلاب القادمين من مصر ثم انعقد الموتمر العام الذى ضم الحركتين فى العام 1954 م ، تغير فيه الاسم الى جماعة " الاخوان المسلمين" ليرفضه بعضهم من داخل الموتمر واطلقوا على انفسهم " الحزب الاشتراكى الإسلامى" ابرزهم بابكر كرار وميرغنى النصرى والدرديرى ابراهيم واحمد الطيب ، وانتهى الطريق ببعضهم الى إعتناق افكار القومية العربية بعد ثورة يوليو 1952م. وأول عمل سياسى مباشر للاخوان المسلمين فى السودان ، كان عبر طرحهم "جبهة الدستور الإسلامى" فى العام 1955م كتجمع يطالب بالدستور الإسلامى ، اى بعد عام من الانتخابات البرلمانية وقبل عام من إستقلال السودان ، وكانو يمارسون نشاطهم بشكل طبيعى دون اى مضايقات اثناء الاستعمار وبعده ، ولم يواجهوا اى تضييق على عملهم السياسى باستثناء فترة محدودة بين 1969 الى 1977م - اثناء حكم المشير جعفر نميرى - ثم انضموا للمصالحة الوطنية كسائر الاحزاب والشخصيات السياسية. و كانت جبهة الدستور الإسلامى تضم شخصيات من عوائل واسر عريقة وكبيرة ومؤثرة فى السودان ، من البيوتات الصوفية وبعضها ينتمى الى الحركة الوهابية.
    ظهرت قيادات جديدة للاخوان ، تمتلك وعى اكبر فى الادارة والقانون والتنظيم ومعرفة اكثر بالعالم ، ابرزهم دكتور حسن الترابى بن القاضى الشرعى الذى ورثه "العلم الدينى" اضافة دارسته للقانون بجامعة الخرطوم ، ونيله شهادة الماجستيرمن جامعة اكسفورد ، ثم الدكتورا من جامعة السوربون التى أهلته ليصير واحداً من أمهر سالكى دروب البراغماتية ، ليقود تنظيماً دينياً إسلامياً محدود العضوية الى سدة السلطة لتدين له بلاد بحجم السودان ، مستغلاً الفراغ المؤسسى للحزبين الكبيرين "الامة القومى" و"الاتحادى الديمقراطى" ، واعتمادهم على الطرق الصوفية المنتشرة التى كانت تضمن لهم الاصوات فى الانتخابات دون عناء ثم تنفض كل طريقة الى (زواياها) و(تكاياها).
    بدأت حركة "الاخوان المسلمين" تألب الراى العام السودانى على اليسار الماركسى ، بتهم الالحاد ونشر الكفر ومحاربة الدين والتدين ، وأحس تنظيم الاخوان بخطر اليسار على تمددهم فى الساحة السياسية ، فاستغلوا حادثة معهد المعلمين الشهيرة حيث اتهم احد الطلاب فى العام 1965م بتهمة الاساءة الى زوجة النبى محمد (ص) قامت جماعة الاخوان المسلمين (جبهة الميثاق الإسلامى) بحشد الرأى العام والاحزاب التقليدية صاحبة الاغلبية البرلمانية لتقوم بدورها بحل الحزب الشيوعى وطرد نوابه من البرلمان ، ثم جاء حكم القضاء بعدم دستورية حل الحزب الشيوعى ولم تنفذه الحكومة ، مما دفع ببعض الماركسيين العسكريين الى التحالف مع خلايا القوميين العرب فى الجيش والاشتراك فى إنقلاب (مايو) الذى اطاح بالديمقراطية الثانية فى العام 1969م وتم القاء القبض على بعض قادة الاخوان عقب نجاح الإنقلاب وزج بهم فى السجون ، وفى مقدمتهم الدكتور الترابى الى ان قامت المصالحة الوطنية فى العام 1977م ، حيث اشترك الاخوان المسلمون فى حكومة جعفر نميرى وعين "احمد عبد الرحمن محمد" وزيراً للداخلية ، ودخل الاخوان الاتحاد الاشتراكى وكان وقتها التنظيم الوحيد المصرح له قانونياً.
    المجموعات الدعوية:
    بجانب الحركة الاصولية الاخوانية ظهرت احزاب وحركات دعوية تستفيد من المناخ السياسى اذا كانت السلطة تعبر عن التيار الاصولى بشكل عام ، وتتحول الى مجموعات ضغط رقيبة على النظام و تنتسب هذه المجموعات الى الاسلام السياسى ، مثل "جماعة الاعتصام والتوحيد" بقيادة"سليمان ابو نارو" المنشقة فى التسعينات من جماعة الاخوان وقد رفضت المشاركة فى "الانتخابات" التى اجريت فى عام 2010م بحجة علمانيه الدستور!. وازدهرت حركات الاسلام الدعوى ذات الطابع السلفى والمتشدد عقب إستيلاء الاخوان المسلمين على السلطة ، بالانقلاب فظهرت "حركة السروريين" السلفية بقيادة "عبد الحى يوسف" الذى تعاونت معه السلطة ، بفتح القنوات الاعلامية امام افكاره وله برامج فى التلفزيون الرسمى يبث من خلاله الفتاوى. كما تنشط "حركة التكفير والهجرة" القريبة من السروريين وهى تدعو الى تكفير الجماعات الاسلامية ، وحركات الاسلام السياسيى بوصفهم يعرفون الاسلام ولا يطبقونه ولم يبلغونه ، اما بقية افراد المجتمع يعتبرونهم جهلاء لم يعرفوا او يتعرفوا الى الإسلام الصحيح. كما يوجد "حزب التحرير الاسلامى - ولاية السودان " وهو حزب ينادى بالخلافة الإسلامية! ويعتبر السودان بكامله ولاية من ولايات الامبراطورية الإسلامية! ، هذه الاحزاب والحركات وليدة (طوطم ) ايديولوجى واحد هو الدين ولا شئ غير الدين ، فهى ترفع شعاراً واحداً يمكننا ان نختصره فى" الإسلام هو الحل" ومنه تتفرع شعارات مثل (تطبيق الشريعة ، العودة الى الله ، الدعوة الى التوحيد ، وإتباع السلف) ، وتتبدى إختلافاتهم فى وحول هذه الشعارات متى ما طلب منهم تحديد مضامين ومحتوى شعاراتهم بدقة ، حيث يبدأ كل منهم فى تكفير الاخر او النظر اليه كحليف مؤقت فى مواجهة دعاة العلمانية. وتطرح الاحزاب والتيارات السياسية السودانية مفاهيم ورؤى مختلفة حول علاقة الدين بالدولة ، بعضها يطرح العلمانية وقد اُختلف حول مفهوما ودلالتها ، فمنهم من يتحدث عن علمانية جزئية واخرين يدعون للعلمانية الشاملة ، ومنهم من يطرح الدولة المدنية بمعنى السلطة الزمنية وفى هذا تتفق اغلبها كونها اى السلطة زمنية ، بينما يطرح بعضها الدولة الدينية او الاسلامية كتوصيف لعلاقة الدولة بالدين.
    مواقف بعض الاحزاب والقوى السياسية من القضايا الاساسية المرتبطة بعلمنة الدولة:
    الحزب علاقة الدين بالدولة ولاية المرأة قانون الاحوال الشخصية المواطنة الموقف من السلطة
    الامة القومى مدنية موافق إسلامى المواطنة معارض
    الاتحادى الديمقراطى جمهورية إسلامية موافق إسلامى المواطنة مشارك
    الموتمر الوطنى (الاخوان المسلمين) دولة إسلامية موافق إسلامى المواطنة مع الالتزام بالشريعة الحزب الحاكم
    الحركة الشعبية علمانية موافقة مدنى المواطنة معارضة
    الحزب الشيوعى مدنية موافق مدنى المواطنة معارض
    حركة تحرير السودان علمانية موافقة مدنى المواطنة
    معارضة
    حركة جيش تحرير السودان علمانية موافقة مدنى المواطنة
    معارضة
    حركة العدل والمساواة إسلامية موافقة إسلامى المواطنة معارضة
    حزب البعث العربى الاشتراكى علمانية موافق الاسلام والعرف المواطنة معارضة
    حركة (حق) علمانية موافقة مدنى المواطنة معارضة
    الحزب الليبرالى علمانية موافق مدنى المواطنة معارضة
    حزب الموتمر السودانى علمانية موافق مدنى المواطنة معارضة

    حزب الموتمر الشعبى
    إسلامية موافق الاسلام والعرف المواطنة معارضة
    الناصرى مدنية موافق الاسلام والعرف المواطنة معارض
    جماعة انصار السنة إسلامية رفض إسلامى للمسلم فقط مشاركة
    حزب التحرير الاسلامى خلافة إسلامية رفض اسلامى للمسلم فقط معارض
    الحزب القومى السودانى علمانية موافق مدنى المواطنة معارض
    موتمر البجا علمانية موافق الاسلام والعرف المواطنة معارض
    التحالف السودانى علمانية موافق الدين والعرف المواطنة معارض
    الحزب الجمهورى علمانية موافق مدنى المواطنة معارض

    وتجدر الاشارة الى أن الجدول اعلاها لا يمثل كل الاحزاب والحركات السياسية ، ولكنه يشمل الابرز فى الساحة السياسية والاعلامية والذى إستطعنا ان نتحصل علي افكارها وتوجهاتها من خلال برامجها ، ولا نملك هنا الانقدم تحليل كمى جزئى (للفائدة ) للعشرين حزب المذكورة.
    فجملة الاحزاب التى تنادى بالعلمانية هى احدى عشر حزباً ، بينما التى تنادى بالدولة المدنية ثلاثة احزاب فقط ، اما التى تنادى بإسلامية الدولة فهى ستة احزاب . ويوجد ثمانية عشر حزب توافق على حق المرأة فى شغل منصب رئاسة الجمهورية . ويوافق إحدى عشر حزباً على ان يكون قانون الاحوال الشخصية مستمد من الإسلام ، بينما تقول تسعة احزاب فقط بمدنية قانون الاحوال الشخصية ، اما مفهوم المواطنة فتقر به سبعة عشر حزباً وويشترط حزبين فقط ان تكون قائمة على اساس الانتماء للاسلام ، بينما يزاوج الحزب الحاكم بين المواطنة وواسلمة الانتماء الى الدولة ، وتلك حصيلة عشرين حزباً منهم سبعة عشر فى المعارضة وثلاثة احزاب مشاركة فى السلطة.
    والمتابع للتطورات السياسية والفكرية للحركة الحزبية فى السودان ، يستشعر إمكانية تغييرموقف تلك الاحزاب بشأن العلاقة بين الدين والدولة ، ويزداد إحتمال حدوث ذلك بالتوافق مع صعود الحركات الاصولية التى درجت على ابتزاز القوى السياسية بمعايرتها بالابتعاد عن الدين و الشريعة وصحيح الاسلام و خطاب جماعة الاخوان المسلمين عقب تشكيل اول برلمان سودانى فى العام 1954م دليل واضح ، حيث طرحت مشروع الدستور الإسلامى وقالت فى خطابها ان من لم يوافق على إسلامية الدستور فهو بالضرورة ضد الاسلام ، وساهم ذلك فى تبنى احزاب ذات طابع ليبرالى بعضاً من التوجهات الدينية تحت ضغط الخطاب الاصولى الاخوانى ، حيث قدم الحزب الاتحادى الديمقراطى وهو حزب وسط اطروحة الجمهورية الإسلامية وتبنى حزب الامة فكرة الوسطية الدينية ومدنية الدولة والجمع بين ما اسموه الاصالة والمعاصرة.
    إتخذ التيار الرئيسى للحركة الاصولية ممثلاً فى جماعة الاخوان المسلمين وان تعددت اسمائها مسالك عديدة لبناء التنظيم وضرب الخصوم فى وقت واحد ، بدأ يتحالف سياسيا مع الحزبين الكبيرين فى فترة الديمقراطية الاولى 1954-1959م ، على الاقل فى الخطاب الاعلامى تحت دعاوى إسلامية الدولة وتثبيت الدين والشريعة وحكم الله ، واصبح لصيقاً بالحزبين فى فترات الانظمة العسكرية ثم كان جزءاً من الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر النميرى 1969- 1985م ، والتحق بالمصالحة الوطنية فى 1977م تحت دعاوى تفكيك النظام من الداخل وكان تيار الاصولية يبنى فى نفسه من خلال مؤسسات الدولة ، ويبنى فى تحالفاته مع بقية التيارات الاصولية وإستطاع ان يتسع قليلاً بطرحه "جبهة الميثاق الاسلامى" ، التى ضمت مجموعات من جماعة "انصار السنة المحمدية" وغيرها. حددت الحركة الاصولية خصومها بدقة فاتخذت مسارات مختلفة فقامت بتكفير رئيس الحزب الجمهورى الاستاذ "محمود محمد طه" ، وظلت تؤلب ضده الجماعات الدينية منذ نهاية ستينات القرن المنصرم ونال حكم قضائى بالبراءة ، ثم اتهمته ذات الاصولية الاسلامية بالكفر وادعاء النبؤة ، وفى نهاية الامرلفقت له قضية الخروج من الدين والكفر وقدم الى المحاكمة , وتم اعدامه يوم 18 يناير1985م فى ظل نظام النميرى حليف الاصولية الدينية. ثم كانت الجماعات الاصولية اول من ادخل العنف فى العمل السياسي عبر الحركة الطلابية بالحادثة الشهيرة المعروفة ب" رقصة العجكو" عندما إعتدت عناصر من تنظيم الاخوان المسلمين بتفجير اعمال عنف في حفل طلابى اثناء عرض تلك الرقصة الشعبية بحجة تحريمها ، وقعت اشتباكات عنيفة ادت لمقتل طالب وجرح اخرين نتيجة لاشتباك انصار الاتجاة الاصولى " الاخوان المسلمين" مع عناصر طلابية فى جامعة الخرطوم وكان ذلك فى نهاية الستينات.
    عملت الاصولية الاخوانية وحلفائها على إضعاف كل التجارب الديمقراطية ، عبرأذرع عديدة أهمها الإعلام ومارست صحافتهم الابتزاز السياسى على الاحزاب السياسية فى حقبة الديمقراطية الثالثة 1985- 1989م ، فأسسوا صحف " الراية " لسان حال الجبهة الاسلامية القومية الاسم الجديد لتنظيم الاخوان المسلمين ، اضافة الى صحيفتى "الأسبوع " و" الوان" وسعى اعلام الاصولية الاخوانية الى تقويض النظام الديمقراطي بانتقاده اداء الحكومة الديمقراطية ، ورئيس الوزراء والبرلمان الذى شاركوا فيه بـ(54) مقعداً اغلبها من "دوائر الخريجين" رغم فشل الترابى فى دائرته الانتخابية ، ثم حركوا ذراعهم الطلابى المسمى "الاتجاه الإسلامى " داخل الجامعات والمعاهد العليا و كانت شعاراتهم (( فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء ، لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء ، فليعد للدين مجده ، او ترق منا الدماء ، او ترق منهم دماء ، او ترق كل الدماء!)) ، ثم شعاراتهم الجماهيرية (( شريعة شريعة واللا نموت الإسلام قبل القوت )) و (( هى لله هى لله لا للسلطة ولا للجاه)) كما قاموا بتسيير المظاهرات المناوئة للإئتلاف الديمقراطى بهدف تقويضه.

    الاصولية والسلطة فى السودان:
    اكتسب تنظيم الاخوان المسلمين الاصولى بعض الخبرات فى مجالات مختلفة ، لادارة الدولة فى عهد المشير جعفر نميرى حيث شارك فى ادارة الدولة وانتشروا فى الهيئات والمؤسسات المدنية والوزرات المختلفة و اخترقوا بكوادرهم فى " المؤسسة العسكرية" مما وفر لهم معلومات كافية عن وضعية الجيش السودانى ، كما ادخلوا بعض كوادرهم فى جهازى الشرطة والأمن و إستطاعوا استقطاب بعض كبار ضباط جهاز أمن الدولة الذى تم حله وتفكيكه عقب إنتفاضة الشعب السودانى ضد نظام جعفر نميرى فى العام 1985م.
    كانت فكرة قائد الاصولية الدكتور حسن الترابى هى السيطرة على العقل القائد لـ(ثورة مايو) ، الرئيس جعفر نميرى الذى زامله فى مدارسة حنتوب الثانوية ، وكلاهما يعرف الاخر بصورة كبيرة ، اوعز الترابى الى النميرى بضرورة تبنى فكرة الشريعة الإسلامية عن طريق رجالهمن الاخوان المسلمين فى القصر ، وكبار مستشاريه بوزارة العدل على اعتبار ان الشريعة تحل مشكلة البلد الذى شاع فيه الفساد ، والذى بدوره تسبب فى فقر الشعب ، وان الشرعية تجعل الفرد يتقى الله "ومن يتقى الله يجعل له مخرجاً" ، ثم اختار الترابى ازاحة وتصفية خصومه بعناية وعمل على ابعادهم من المناصب المهمة ليحل محلهم اخوانه فى التنظيم ولم يقف عند هذا الحد فقد قام رجال الترابى بمحاكمة الشهيد المفكر محمود محمد طه الذى كان يمثل عقبة كؤود امام انتشار فكر الاخوان المسلمين مما جعل النميرى يقدمه الى محاكمة شهيرة وتم إعدامه بسبب معارضته قوانيين سبتمبر المعروفة (بالشريعة الإسلامية) كما اسلفنا ، و قام نظام جعفر نميرى بايعاز من رجالات الترابى بمحاكمة المنتمين الى حزب البعث العربى الاشتراكى ، بعد إعتقالات استمرت سنوات تحت إدعاء ان القومية العربية كفر ويجب محاربتها. كانت فلسفة الاخوان من مشاركة نظام جعفر النميرى تقوم على تحقيق اكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والمالية واختراق النظام بعناصر التنظيم والوصول الى الوظائف والمراكز الحساسة فى الدولة ، يقول السفير: احمد التجانى صالح وهو من قدامى الاخوان المسلمين (( تعاونا مع النظام لانه اعلن انه مع الإسلام ومشى فى طريق الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية وتطورت العلاقة من مصالحة الى تعاون حققنا فيه بعض المصالح فى المجالات التشريعية والاقتصادية والسياسية للتنظيم وإستطعنا زعزعة دعائم الاتحاد الاشتراكى وتم إفراغه من ساحة عمله تمهيداً لان ترثه الحركة الإسلامية)) (4).
    دخل الاخوان البرلمان عقب إنتخابات العام 1986م وشاركوا فى بعض تشكيلات الحكومة الإئتلافية مع الحزبين الكبيرين ولكنهم عملوا على إفشال التجربة الديمقراطية ، وبدأ ذلك واضحاً من خلال صحفهم وتحركاتهم داخل المؤسسة العسكرية حيث تبنت "قيادات الجبهة الإسلامية القومية "مشروعاً باسم "أمان السودان " لدعم القوات المسلحة ويرفض السلام مع الحركة الشعبية ويسعى للتقرب من الجيش و قياداته ، وتصاعدت التعبئة الشعبية والاعلامية للجبهة الاسلامية ووصلت قمتها حين اعترض الاسلاميين على لقاء رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى محمد عثمان الميرغنى الطرف الثانى فى الحكومة الإئتلافية ، بالعقيد جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لايقاف حرب الجنوب ، والدخول فى عملية السلام النهائية التى ٌوضعت ملامحها فى إتفاقية (الميرغنى - قرنق) اديس ابابا فى العام 1988م ، و كانت تنص على اعطاء جنوب السودان حكم ذاتى و الغاء قوانيين سبتمبر التى لا تتواءم والتكوين الدينى لاغلب الجنوبيين كما انها مرفوضة من قطاعات واسعة من الشمال. و لم يتيح تنظيم الاخوان المسلمين "الجبهة الإسلامية القومية" الفرصة للبلاد فى السير باتجاه التطور السياسى الديمقراطى فقد اعد للانقضاض على التجربة الديمقراطية ، والتى جاءت نتيجة تضحيات ونضالات جماهيرية كبيرة قادها العمال والمزارعين والمهنيين ، وكافة قطاعات الشعب السودان فى الانتفاضة الشعبية التى انهت حكم جعفر النميرى فى 6 ابريل 1985م. واستغلت الاصولية الاسلامية تهاون الاحزاب السياسية معها بعد ان رفضت التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية ووقعت عليه جميع الاحزاب ، والهيئات النقابية والتنظيمات المهنية عدا التنظيمات الاصولية وفى مقدمتها "الجبهة الإسلامية القومية" التى كانت تخطط فى الظلام للانقلاب على الديمقراطية فامر مجلس شورى الاخوان المسلمين عناصره بالقوات المسلحة بالإستيلاء على السلطة بالقوة فاطاح "العميد /عمر حسن احمد البشير" بالنظام الديمقراطى فى صبيحة الجمعة الموافق 30 يونيو 1989م ليدخل السودان فى اسوأ حقبة سياسية يمر بها فى تاريخه القديم والحديث.
    الاصولية ومرحلة التمكين فى السودان:
    ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر)
    عقب الانقلاب قامت سلطة جديدة ترتدى زياً عسكرياً وبوجه ملتحى وعقل اصولى بتصفية الخدمة المدنية من كل ما لا ينتمى الى تنظيم الاخوان المسلمين ، فشرعت فى تفصيل قانون الفصل التعسفى من العمل واسمته (قانون الصالح العام) وشهدت هيئة سكك حديد السودان اكبر مذبحة فى تاريخها الطويل بفصل (4700 ) عامل ، و امتد خنجر الصالح العامل ليشمل الى هيئة المؤانى البحرية ، النقل النهرى ، الخطوط الجوية السودانية القوات المسلحة والشرطة وادارات السجون ، الهيئة القومية للكهرباء ، مياه المدن ، اساتذة الجامعات والاطباء والصيادلة ، المهندسين الزراعيين ، الدبلوماسيين بوزارة الخارجية ، مدراء الادارات ورؤساء الاقسام بالوزارات ووصل الامر حتى فصل السعاة من وظائفهم فى اكبر عملية لتدمير الخدمة المدنية لبلد شهد البريطانيون المستعمرون السابقون ان الخدمة المدنية فيه كانت على نفس درجة الرقى والتطور والاداء فى المملكة المتحدة ، وقارب عدد المفصوليين لاسباب التمكين قرابة 250 الف عامل . تمت عملية الاحلال والابدال بشكل كامل بمعيار يعطى الاولوية للولاء علي الكفاءة ، وادى سوء ادارة الجهاز الحكومى الى تدمير المشروعات الكبرى مثل مشروع الجزيرة (2 مليون فدان) اكبر مشروع زراعى مروى فى العالم تحت ادارة موحدة ثم تبعته مشاريع مثل مشاريع "طوكر" و"قرورة" ومشروعات التنمية بكسلا والقضارق بشرق السودان ، وتوقفت المؤسسة الزراعية الشمالية الى الابد فى الشمال ولحق التدمير مشروعات جبال النوبة ومشاريع التنمية فى كردفان ودارفور والثروة الغابية بعد أن كان السودان اكبر مصدر للصمغ العربي في العالم بنسبة (85%) وتدهورت حركة الرعى وتربية المواشى ، واضمحلت الثروة الحيوانية جراء الاهمال ، وضرب الجفاف مناطق كثيرة متفرقة من انحاء السودان نتيجة طبيعية لتراجع مساحة الرقعة الزراعية ، وفى الوقت الذى شهد السودان مجاعات فى مناطق مختلفة كان إعلام النظام الاسلامى يقلل من خطر المجاعة ويسميها (فجوة غذائية) وانتفضت الجماهير اكثرمن مرة وتم قمعها من خلال الاجهزة الرسمية الشرطة والامن والمخابرات اضافة الى مليشيات (الدفاع الشعبى) وجهاز (الامن الشعبى) الذى أنشئ قبل قيام النظام بفترة طويلة ، تم بيع مؤسسات الدولة بعد إقرار ذلك فى البرنامج الإقتصادى الثلاثى الاول فى بداية عهد الاصولية الإسلامية ، حيث اتجهت البلاد الى تبنى ما اسمته (الاقتصاد الحرً) و(اقتصاد السوق) اوالاقتصاد الإسلامى حين يخاطبون البسطاء. وفقد السودان بهذه السياسية معظم ممتلكاته وثرواته واصوله الثابتة التى بيعت بأسعار لاتساوي حجم الأصول ، أو خصخصتها للمشترى الجديد عضو التنظيم الاصولى الاسلامى او المستثمر الخليجى لا سيما الاراضى الزراعية. وقامت سلطة الاسلاميين بتغير جميع القوانيين وكان اكثرها خطورة قوانيين ملكية الارض ، حيث استقر السودان على ثلاثة أنواع من الملكية وهى عامة (اراضى مملوكة للدولة) وملك حرً(الاراضى على النيل) واراضى حواكير(اراضى مملوكة للقبائل) ، ثم بدأت الاصولية لعبتها السياسية الخطرة فاخذت تعبث بما استقر عليه السودانيين قبل ميلاد الدولة نفسها بغرض الدخول فى لعبة فرق تسد ، وصارت تشترى فى القيادات القبلية (الآدارة الأهلية) وقامت بعملية أحلال وأبدال بتعيين أصحاب الولاء مما اثار الفتنة بين القبائل ، وألبت منطقة ضد اخرى وادخلت البلاد فى صراعات فى جميع اقاليمها فى الشرق وفى الغرب وفى الشمال.
    الصراع مع الاصولية فى السودان:
    من واقع التجربة السودانية نستطيع ان نلمس ان هدف الاصولية الدينية هو الوصول الى السلطة ، ليس بهدف التغيير لصالح الشعب ولكن للسيطرة الكاملة على مقدراته ، وتحويل ممتلكاته الى القطاع الخاص ً بدعاوى تحديث الإقتصاد ، ثم سيطرة الاسلاميين حصراً على ثروات البلاد عبر افراد ينتمون الى ذات التنظيمات الاصولية ، ومن هنا يظهر ان صراع الاصولية ليس فقط مع التيار العلمانى وانما مع كل الشعب وفى اى بلد وفى اى زمان.
    فى سعيه للوصول الى السلطة لا يتورع تيارالاصولية الدينية فى إستخدام اى وسيلة بما فيها العنف أو الانقلابات العسكرية كما هو في حالة السودان فالهدف هو السلطة ثم الحفاظ عليها بكل الوسائل ، ففى السودان فرط الاخوان المسلمين بثلث السودان لضمان بقائهم وذلك بعد مقتل مئات الالاف واهدار الموارد الطبيعية وتدمير الاقتصاد السوداني وتوجيه موارد النفط البترول في التسليح مع تحميل المواطن فاتورة الحرب بزيادة الاعباء الضريبية ، وبذلك فضل العقل الاصولى إعطاء الجنوب حق تقرير المصير مقابل تمسكهم بشعار "الشريعة الإسلامية"
    ثم اشتدت الحرب بعد ان اضاف الاسلاميين للحرب بعداً جديداً حين خرج أئمة وقادة الاصولية بفتاوى الجهاد ضد الجنوبيين فأفتوا بأن كل من يٌقتل فى الجنوب يصبح شهيداً يدخل الجنة (5) ، وكانوا يصفون مقاتلو الحركة الشعبية بالخوارج فى التلفزيون الرسمى المملوك للدولة فى برنامج للتعبئة العامة باسم (ساحة الفداء) للتعبئة العامة. واعتمدوا على مليشيا الدفاع الشعبى كجيش غيررسمى لعدم ثقتهم فى افراد القوات المسلحة ، واستخدموا فى حرب الجنوب اسلحة اكثر فتكاً راح ضحيتها مئات الالاف من الطرفين على اقل تقدير، ولذلك لم تفلح "اتفاقية السلام الشامل" التى وٌقعت فى نيفاشا 2005م وبكل محفزاتها وبما حوته من مطالب تتعلق بالتقسيم الادارى وقوانيين الحكم اللامركزى ، ومنح الولايات صلاحيات اكبر من خلال تفويض وتخويل السلطات للولايات ، فى تغليب خيار الوحدة فقد رفضت حكومة الإسلاميين مطلب الحركة الشعبية و الاحزاب الجنوبية إستثناء ولاية الخرطوم (محافظة) او مدينة الخرطوم او حتى جزءاً منها من تطبيق الشريعة مقابل ان تدعم الحركة الشعبية خيار الوحدة وهذا ما لم يحدث حتى نال لجنوب إستقلاله في 9يوليو2011م
    وليس بعيداً عن الجنوب ، ففى دارفورايضاً قامت حرباً مهلكة يقدر البعض ضحايتها بحوالى 300 الف قتيل ونزوح قرابة المليون الى معسكرات اعدتها الامم المتحدة وفاق عدد اللاجئين المليون ، و كانت الحكومة المركزية قد إستهانت بمطالب حاملى السلاح فى اقليم دارفور وهى العيش الكريم وإيقاف التدهور الاقتصادي ، الذى تسببت فيه الحكومة بتقاعسها عن القيام بواجباتها تجاه مواطنيها ، ووصف البشير المجموعات المسلحة بقطاع الطرق وعصابات النهب المسلح ثم بدأت الاصولية الإسلامية فى تجريب المجرب والاستعانة بابناء القبائل وتعبئتهم ضد المسلحين وبدأت الحرب تاخذ بعداً آثنياً وعرقياً بفعل سياسة النظام ، بتعبئة بعض القبائل العربية ضد القبائل الغير عربية ثم اتسع نطاق الصراع فى دارفور، ليصبح السودان مختبر معملى تدرب فيه الدول تدريب صغار دبلوماسييها وموظفو وزارات خارجيتها الجدد على كيفية التدخل فى الصراعات والإيهام بحلها ، وتحقيق قدراً من المصالح والنفوذ لتلك البلدان. على النطاق الخارجى تعاونت الاصولية الإسلاميين فى السودان أمنيا مع الولايات المتحدة الامريكية فى مكافحة الارهاب ، وملكوا وكالة المخابرات المركزية الامركية CIA ملفات الإسلاميين التى حصلوا عليها من خلال إقامتهم (الموتمر الشعبى العربى والإسلامى) فى بداية التسعينات ثم شهدوا الاسلاميين صراعات داخلية فيما بينهم حول السلطة وظهر الى العلن الخلاف الشهير بين الرئيس البشير وعراب النظام حسن الترابى الذى كان يدير البلد لفترة من الزمن حين كان يظهر بطريقة (المرشد والرئيس) او (آية الله والرئيس ) كما فى إيران او (رئيس الوزراء والمرجع الشيعى السيستانى) فى العراق. ثم انشق تنظيم الاصولية الاخوانى الى حزبين "الموتمر الوطنى" بقيادة عمر البشير ، و"الموتمر الشعبى" الذى يترأسه حسن الترابى الذى اصبح معارضاً النظام ! ظلت قطاعات واسعة من الشعب السوداني تشكك في صحة الصراع بين الاسلاميين احترازاً من آحابييل واكاذيب الاصولية الاسلامية ولايستطيع احداً الجزم ان ما حدث تمثيلية ام حقيقة ، وكان الشعب قد فقد الثقة فى الاسلاميين منذ إستلائهم على السلطة حين وجه زعيم الاصولية الإسلامية الدكتور الترابى حديثه للبشير قائلا: (إذهب الى القصر رئيساً وسوف اذهب الى السجن حبيسا) لاجل تضليل قيادات الاحزاب والتموية على الدول والانظمة المجاورة وفى مقدمتها النظام المصرى السابق ، الذى إنطلت عليه الخدعة فكان اول المبادرين الى تأييد الانقلاب ، بحجة ان النظام الديمقراطى لم يكن متعاون معه بشكل كاف ، وتجاوز النظام المصرى بموقفه هذا حكومة الديمقراطية ليغرس سكيناً فى ظهر الشعب السودانى الذى يؤمن بالديمقراطية ، ويمارسها قبل الكثير من الدول العربية والافريقية.
    اطلق "الاخوان المسلمين" على حزبهم اسم "الموتمر الوطنى" لما فيه جاذبية فى عموم القارة الافريقية ، لاقترانه بنضالات شعب جنوب افريقيا ضد نظام التفرقة العنصربة (الابارتايد) ، وكان مطمح اسلاميو السودان إستقطاب الجنوبيين وقد نجحوا فى إستقطاب بعضهم لفترة من الزمن ، ولكن ايمان الجنوبيين بالانعتاق من دولة الشريعة كان قوياً ، وايمانهم بان الحياة ستكون افضل بعيداً عن الدولة المدرجة فى قوائم الدول الفاشلة ، إن الاصولية وفى مقدمتها تنظيم الاخوان المسلمين فى اى زمان وفى اى مكان ينظرون الى الوجود المسيحي فى اى بلد على إنه عائق امام الشريعة وتطبيقاتها وهكذا كانوا ينظرون لجنوب السودان ولذلك لا يرجف لهم جفن او تأخذهم لومة لائم فى إتخاذ اى اجراء يرون فيه اعاقة لمشروعم تطبيق (الشريعة الإسلامية) والذى اثبتت التجربة السودانية انه فى جوهره يعنى وصولهم الى السلطة وتمكينهم منها واستحوازهم على الثروة ، حتى ولو ادى ذلك الى تقسيم الاوطان وهلاك شعوبها ، فالولاء للدين وليس للاوطان فاينما وجدت ارض فهى ارض الله وعلى المسلم جلعها ارضاً للاسلام (6) لذلك كان إنفصال جنوب السودان سلسلاً بصورة مدهشة! ، ولذلك نجد ان جوهر الصراع بين التياريين الاصولى الدينى الاسلامى والتيار العقلانى المدنى العلمانى هو بين من يريد إستخدام العقل كأداة لحل المشكلات الحياتية المتجددة دوماً ، وبين من يريد ان يقدم حلول تاريخية لمشكلات يطرحها العصر الراهن ، مع ملاحظة ان التيار الاصولى يستخدم أدوات عصرية تمكنه من تحقيق غاياته فهم يستخدمون الطائرة والسيارة والموتوسيكل والدراجة كما يستخدمون الانترنت والموبايل والصحافة والكتاب ، ولديهم قدرات مالية فهم يضاربون فى البورصة ويشتغلون فى تجارة العملات وينشئون البنوك والمؤسسات المالية التى تستخدم لإستقطاب الفئات الفقيرة والمحرومة والمأزومة ، ويتوفر للاصولية منهج براغماتى يجعلهم على علاقة بالعالم الخارجى ومراكزه الاقتصادية والمالية المؤثرة ، وسبق وان إستغلوا حالة الصراع الدولى فى السبعينات بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة ، ليتحالفوا مع الولايات المتحدة وأصدقائها ولا يزال هذا التحالف مستمراً مما وفر لهم نوعاً من الحماية ، بينما نجد تيار التحديث والتقدم المٌعلمنْ يعانى من انعدام حلفاء او ظهير دولى بعد تفكك الاتحاد السوفيتى ، وهذا يعود الى ان الانظمة القائمة فى المراكز الراسمالية غير مهمومة بالمساعدة فى تحديث هذه المجتمعات ، بقدر ما هى مهمومة بتحقيق المصالح الإقتصادية لشعوبها وتنظر للمنطقة كمستودع كبير للنفط والغاز غض النظر عن واقع التخلف الذى تعيشه تلك المجتمعات ومنها بلداننا التى تشهد تنامى التيار الاصولى ، وهنا يمكننا ان تقول بأن تيار التحديث والعلمنة فى البلادان العربية وقع فى خطأ تقويم موقف المراكز الراسمالية الدولية كونها داعمة له واستسلم لهذه الراحة النفسية الكذوبة.
    رؤية حول المستقبل:
    ظل التيار العقلانى والعلمانى والمدنى يواجه هجمة شرسة من قبل الاصولية الدينية بصورة عامة ، حيث تعرض كبار المفكرين والكٌتاب والمثقفين منهم الى حملات وهجمات ادناها التكفير مروراً بدعاوى التفريق بينهم وبين زوجاتهم وصولاً الى الإغتيالات السياسية التى شهدتها المنطقة العربية مثل إغتيال المفكر السودانى محمود محمد طه و فرج فودة ، وتكفير نصر حامد ابوزيد وسيد القمنى والاعتداء على نجيب محفوظ واخرهم المناضل التونسى "شكرى بلعيد" ، وتعدى الامر الافراد ووصل الى تكفير حركات سياسية مثل الحزب الشيوعى السودانى والحركة الشعبية لتحرير السودان وبقية الحركات المسلحة فى دارفور ويمكن القول ان الاصوليين يكفرون كل من لم ينتمى اليهم كتيار ويكفرون بعضهم اذا إختلفوا ، كما حدث للدكتور الترابى الذى كفرته جماعات سلفية عديدة فى السودان و المملكة العربية السعودية.
    ان صعود تيار الاصولية الإسلامية وسعيه الدؤوب للسيطرة على مقاليد الحكم فى بلدان عربية عديدة قاد الى صدام داخلي فى مصر وتونس ووصل الامر فى حالة السودان الى تقسيم البلد والعمل على جعلها تعيش فى واقع سياسيى واقتصادى واجتماعى متخلف ، مما يستدعى بالضرورة طرح رؤى جديدة للخروج من هذا الوحل السياسيى والفكرى الذى تعيشه بلداننا على قاعدة حشد قوى التغيير بكل أطيافها بهدف التصدى لهذه الردة الفكرية والسياسية التى تدفع ثمنها الشعوب والاوطان ، مع التاكيد على إن الحوار الجاد بين المفكرين والمثقفين فى المنطقة سيفضى الى عمل مؤسسى شرطه الوحيد هو تقديم تنازلات متبادلة بين أطياف التيارالعقلانى المدنى والعلمانى بهدف انقاذ الاوطان. ويجدر بنا ان ننبه الى ضرورة خلق آليات تواصل وتنسيق بين اطياف التيارالعقلانى والمدنى والعلمانى والتحديثى تتجاوز الحدود السياسية لان تاثير الاصولية عابر للاقطار من خلال التنظيم الدولى حالة التيار الاخوانى ، اوالتنظيم ذو الفروع مثل الخلافة حالة حزب التحريرالإسلامى او الجماعة السلفية وفروعها المختلفة فى كل بلدان المنطقة او حتى تنظيم القاعدة الدولى.
    *صحافى سودانى
    المصادر
    (1) http://www.ansar-alsuna.net/article/11
    (2) المصدر السابق
    (3) الموتمر الخامس – مجموع ة رسائل حسن البنا ويقول فيها (الاخوان دعوة سلفية ، وطريقة سنية ، وحقيقة صوفية ، وهيئة سياسية ، وجماعة رياضية ، ورابطة علمية ثقافية ، وشركة اقتصادية ، وفكرة إجتماعية).
    (4) الحركة السودانية الإسلامية السودانية بعد مسيرة50عاماً 1953-2003م أين هى الان رؤية نقدية وتحليلية http://www.ikhwanwiki.com/index.php?title=الح....A7.D9.85_1977.D9.85
    (5) التلفزيون السودانى فى عام 1998م وهو ينقل صورة الترابى هو يبشر والدة احد القتلى فى الجنوب بان "ابنها الان لفى عليين مع الحور العين وقال مخاطباً تلك المراة المكلومة فى ابنها "انه يغفر لك ول 70 من اهله"
    (6) الطيب مصطفى: رئيس منبر الشمال العادل وعضو تنظيم الاخوان المسلمين ورئيس الهيئة القومية للاتصالات و خال الرئس البشير ومن ابرز دعاة فصل جنوب السودان عن السودان – ندوة بقاعة الشارقة 2006م ندوة تحدث فيها الدكتور حيدر ابراهيم على مدير مركز الدراسات السودانية.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de