عندما يتحدّث الكبار ... سميح القاسم فى وداع صديقه محمود درويش.. !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 06:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2013, 03:07 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عندما يتحدّث الكبار ... سميح القاسم فى وداع صديقه محمود درويش.. !

    كلمات صادقة ونارية تتجاوز حدود الرثاء التقليدى !
    كلمات بطعم الدموع ... ووقع الرصاص
    ...
    همس وبوح خاص
    من شاعر كبير الى شاعر أكبر !

    (عدل بواسطة امير بوب on 02-28-2013, 12:13 PM)

                  

02-27-2013, 03:20 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

    وهكذا قال درويش
                  

02-27-2013, 03:23 PM

هشام الطيب

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 1708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

                  

02-27-2013, 03:28 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: هشام الطيب)

    شكرا هشام الطيب على المرور
    ...
    واِليك بعض اقوال درويش ... هذا المجنون !

                  

02-27-2013, 03:33 PM

Hatim Alhwary
<aHatim Alhwary
تاريخ التسجيل: 01-23-2013
مجموع المشاركات: 2418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

    يا سلااااام ياخ

    قالها من قبل درويش لصديقه سميح القاسم

    أسميك نرجسة حول قلبي

    سنكتب من غير قافيةٍ أو وطنْ

    لأن الكتابة تثبت أني أُحبكْ ،

    وأنَّ لأمي حق بِقلبكْ

    وأن يديكَ يدايَ ، وقلبي قلبكْ !


    فليكتب سميح وليكتب...حباً وحب...نحن محبي دوريش لنا حق في يدين وقلب سميح


    تحياتي لك يا بوب
    حاتم هواري
                  

02-27-2013, 03:48 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: Hatim Alhwary)

    اخى حاتم هوارى ... سلام
    وشكرا ليك على المساهمة

    شوف هنا كمية الحزن فى صوت ونبرة مارسيل خليفة ... والتى تبيّين حجم فاجعة الرحيل


    سلام على محمود درويش حتى مطلع الفجر !
    تحياتى
                  

02-27-2013, 03:52 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

    هذا هو اسمكَ
    قالتِ امرأة
    وغابت في الممرّ اللولبي...
    أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي.
    ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
    طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
    كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
    أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً...
    وأطيرُ. سوف أكون ما سأصيرُ في
    الفلك الأخيرِ. وكلُّ شيء أبيضُ،
    البحرُ المعلَّق فوق سقف غمامة
    بيضاءَ. واللا شيء أبيضُ في
    سماء المُطلق البيضاء. كُنتُ، ولم
    أكُن. فأنا وحيد في نواحي هذه
    الأبديّة البيضاء. جئتُ قُبيَل ميعادي
    فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي:
    "ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟"
    ولم أسمع هتَافَ الطيَبينَ، ولا
    أنينَ الخاطئينَ، أنا وحيد في البياض،
    أنا وحيدُ...
    لا شيء يُوجِعُني على باب القيامةِ.
    لا الزمانُ ولا العواطفُ. لا أُحِسُّ بخفَّةِ
    الأشياء أو ثقل
    الهواجس. لم أجد أحداً لأسأل:
    أين "أيني" الآن؟ أين مدينة
    الموتى، وأين أنا؟ فلا عدم
    هنا في اللا هنا... في اللا زمان،
    ولا وُجُودُ
    وكأنني قد متُّ قبل الآن...
    أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني
    أمضي إلى ما لستُ أعرفُ. رُبَّما
    ما زلتُ حيّاً في مكان ما، وأعرفُ
    ما أريدُ...
    سأصير يوماً فكرةً. لا سيفَ يحملُها
    إلى الأرض اليباب، ولا كتابَ...
    كأنها مطر على جبل تصدَّع من
    تفتُّحِ عُشبة،
    لا القُوَّةُ انتصرت
    ولا العدلُ الشريدُ
    سأصير يوماً ما أريدُ
    سأصير يوماً طائراً، وأسُلُّ من عدمي
    وجودي. كُلَّما احترقَ الجناحانِ
    اقتربت من الحقيقةِ. وانبعثتُ من
    الرماد. أنا حوارُ الحالمين، عَزفتُ
    عن جسدي وعن نفسي لأكملَ
    رحلتي الأولى إلى المعاني، فأحرقني
    وغاب. أنا الغيابُ، أنا السماويُّ
    الطريدُ. سأصير يوماً ما أريدُ
    سأصير يوماً شاعراً،
    والماءُ رهنُ بصيرتي. لُغتي مجاز
    للمجاز، فلا أقول ولا أشيرُ
    إلى مكان. فالمكان خطيئتي وذريعتي.
    أنا من هناك. "هُنايَ" يقفزُ
    من خُطايَ إلى مُخيّلتي...
    أنا من كنتُ أو سأكون
    يصنعُني ويصرعُني الفضاءُ
    اللانهائيُّ
    المديدُ.
    سأصير يوماً ما أريدُ
    سأصيرُ يوماً كرمةً،
    فليعتصرني الصيفُ منذ الآن،
    وليشرب نبيذي العابرون على
    ثُريّات المكان السكّريِّ!
    أنا الرسالةُ والرسولُ
    أنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
    سأصير يوماً ما أريدُ
    هذا هوَ اسمُكَ
    قالتِ امرأة،
    وغابت في ممرِّ بياضها
    هذا هو اسمُكَ، فاحفظِ اسمكَ جيِّداً!
    لا تختلف معهُ على حرف
    ولا تعبأ براياتِ القبائلِ،
    كُن صديقاً لاسمك الأفقَيِّ
    جرِّبهُ مع الأحياء والموتى
    ودرِّربهُ على النُطق الصحيح برفقة
    الغرباء
    واكتبهُ على إحدى صُخور الكهف،
    يا اسمي: سوف تكبرُ حين أكبرُ
    الغريبُ أخُو الغريب
    سنأخذُ الأنثى بحرف العلَّة المنذور
    للنايات.
    يا اسمي: أين نحن الآن؟
    قل: ما الآن، ما الغدُ؟
    ما الزمانُ وما المكانُ
    وما القديمُ وما الجديدُ؟
    سنكون يوماً ما نريدُ
                  

02-27-2013, 03:56 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

    وحين يقول
    .....
    مضت الغيوم و شرّدتني
    و رمت معاطفها الجبال و خبّأتني
    .. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل
    البلاد و كانت السنة انفصال البحر عن مدن
    الرماد و كنت وحدي
    ثم وحدي ...
    آه يا وحدي ؟
    و أحمد
    كان اغتراب البحر بين رصاصتين
    مخيّما ينمو ، و ينجب زعترا و مقاتلين
    و ساعدا يشتدّ في النسيان
    ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي
    و أرصفة بلا مستقبلين و ياسمين
    كان اكتشاف الذات في العربات
    أو في المشهد البحري
    في ليل الزنازين الشقيقة
    قي العلاقات السريعة
    و السؤال عن الحقيقة
    في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه
    عشرين عاما كان يسأل
    عشرين عاما كان يرحل
    عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في
    إناء الموز
    و انسحبت .
    يريد هويّة فيصاب بالبركان ،
    سافرت الغيوم و شرّدتني
    ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني
    أنا أحمد العربيّ - قال
    أنا الرصاص البرتقال الذكريات
    و جدت نفسي قرب نفسي
    فابتعدت عن الندى و المشهد البحريّ
    تل الزعتر الخيمة
    و أنا البلاد و قد أتت
    و تقمّصتني
    و أنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد
    و جدت نفسي ملء نفسي ...
    راح أحمد يلتقي بضلوعه و يديه
    كان الخطوة - النجمه
    و من المحيط إلى الخليج ، من الخليج إلى المحيط
    كانوا يعدّون الرماح
    و أحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا
    و يقفز .
    أحمد الآن الرهينه
    تركت شوارعها المدينة
    و أتت إليه
    لتقتله
    و من الخليج إلى المحيط ، و من المحيط إلى الخليج
    كانوا يعدّون الجنازة
    وانتخاب المقصلة
    أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
    جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
    و أنا حدود النار - فليأت الحصار
    و أنا أحاصركم
    أحاصركم
    و صدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار
    لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق
    الذكريات وراء ظهري ، و هو يوم الشمس و الزنبق
    يا أيّها الولد الموزّع بين نافذتين
    لا تتبادلان رسائلي
    قاوم
    إنّ التشابه للرمال ... و أنت للأزرق
    و أعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
    و تتركني ضفاف النيل مبتعدا
    و أبحث عن حدود أصابعي
    فأرى العواصم كلها زبدا ...
    و أحمد يفرك الساعات في الخندق
    لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق
    هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق
    المتمزّق الحالم
    و هو الرصاص البرتقاليّ .. البنفسجه الرصاصيّة
    و هو اندلاع ظهيرة حاسم
    في يوم حريّه
    يا أيّها الولد المكرّس للندى
    قاوم !
    يا أيّها البلد - المسدس في دمي
    قاوم !
    الآن أكمل فيك أغنيتي
    و أذهب في حصارك
    و الآن أكمل فيك أسئلتي
    و أولد من غبارك
    فاذهب إلى قلبي تجد شعبي
    شعوبا في انفجارك
    ... سائرا بين التفاصيل اتكأت على مياه
    فانكسرت
    أكلّما نهدت سفرجله نسيت حدود قلبي
    و التجأت إلى حصار كي أحدد قامتي
    يا أحمد العربيّ ؟
    لم يكذب عليّ الحب . لكن كلّما جاء المساء
    امتصّني جرس بعيد
    و التجأت إلى نزيفي كي أحدّد صورتي
    يا أحمد العربيّ .
    لم أغسل دمي من خبز أعدائي
    و لكن كلّما مرّت خطاي على طريق
    فرّت الطرق البعيدة و القريبة
    كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبة
    فالتجأت إلى رصيف الحلم و الأشعار
    كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر
    آه من حلمي و من روما !
    جميل أنت في المنفى
    قتيل أنت في روما
    و حيفا من هنا بدأت
    و أحمد سلم الكرمل
    و بسملة الندى و الزعتر البلدي و المنزل
    لا تسرقوه من السنونو
    لا تأخذوه من الندى
    كتبت مراثيها العيون
    و تركت قلبي للصدى
    لا تسرقوه من الأبد
    و تبعثروه على الصليب
    فهو الخريطة و الجسد
    و هو اشتعال العندليب
    لا تأخذوه من الحمام
    لا ترسلوه إلى الوظيفه
    لا ترسموا دمه وسام
    فهو البنفسج في قذيفه
    صاعدا نحو التئام الحلم
    تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى
    و تنفصل البلاد عن المكاتب
    و الخيول عن الحقائب
    للحصى عرق أقبّل صمت هذا الملح
    أعطى خطبة الليمون لليمون
    أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار
    و السمك المجفّف
    للحصى عرق و مرآه
    و للحطاب قلب يمامه
    أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن
    يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب و البصل
    الطري و تذهبين إلى البنفسج
    فاذكريني قبل أن أنسى يدي
    … و صاعدا نحو التئام الحلم
    تنكمش المقاعد تحت أشجاري و ظلّك …
    يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ
    و يختفي المتفرجون على جراحك
    فاذكريني قبل أن أنسى يديّ !
    و للفراشات اجتهادي
    و الصخور رسائلي في الأرض
    لا طروادة بيتي
    و لا مسّادة وقتي
    و أصعد من جفاف الخبز و الماء المصادر
    من حصان ضاع في درب المطار
    و من هواء البحر أصعد
    من شظايا أدمنت جسدي
    و أصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل
    أصعد من صناديق الخضار
    و قوّة الأشياء أصعد
    أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة
    ينشدون :
    صامدون
    و صامدون
    و صامدون
    كان المخيّم جسم أحمد
    كانت دمشق جفون أحمد
    كان الحجاز ظلال أحمد
    صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين
    الأسيرة
    صار الحصار هجوم أحمد
    و البحر طلقته الأخيرة !
    يا خضر كل الريح
    يا أسبوع سكّر !
    يا اسم العيون و يا رخاميّ الصدى
    يا أحمد المولود من حجر و زعتر
    ستقول : لا
    ستقول : لا
    جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
    كي يلغي العواصم
    و تقول : لا
    جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة
    و التردد .. و الملاحم
    نحو اقتحام المرحلة
    و تقول : لا
    و يدي تحيات الزهور و قنبلة
    مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة
    و تقول : لا
    يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوح
    و بالشموس المقبلة
    و تقول : لا
    يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج
    فوق المقصلة
    و تقول : لا
    و تقول : لا
    و تقول : لا
    و تموت قرب دمي و تحيا في الطحين
    ونزور صمتك حين تطلبنا يداك
    و حين تشعلنا اليراعة
    مشت الخيول على العصافير الصغيرة
    فابتكرنا الياسمين
    ليغيب وجه الموت عن كلماتنا
    فاذهب بعيدا في الغمام و في الزراعة
    لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
    سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الرخام
    لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
    واذهب إلى دمك المهيّأ لانتشارك
    و اذهب إلى دمي الموحّد في حصارك
    لا وقت للمنفى ...
    و للصور الجميلة فوق جدران الشوارع و الجنائز
    و التمني
    كتبت مراثيها الطيور و شرّدتني
    ورمت معاطفها الحقول و جمعتني
    فاذهب بعيدا في دمي ! و اذهب بعيدا في الطحين
    لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
    يا أحمد اليوميّ
    يا اسم الباحثين عن الندى و بساطة الأسماء
    يا اسم البرتقاله
    يا أحمد العاديّ !
    كيف محوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر و التفاح
    بين البندقيّة و الغزاله !
    لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
    سنذهب في الحصار
    حتى نهايات العواصم
    فاذهب عميقا في دمي
    اذهب براعم
    و اذهب عميقا في دمي
    اذهب خواتم
    و اذهب عميقا في دمي
    اذهب سلالم
    يا أحمد العربيّ... قاوم !
    لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
    سنذهب في الحصار
    حتى رصيف الخبز و الأمواج
    تلك مساحتي و مساحة الوطن - الملازم
    موت أمام الحلم
    أو حلم يموت على الشعار
    فاذهب عميقا في دمي و اذهب عميقا في الطحين
    لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
    ... و له انحناءات الخريف
    له وصايا البرتقال
    له القصائد في النزيف
    له تجاعيد الجبال
    له الهتاف
    له الزفاف
    له المجلّات الملوّنه
    المراثي المطمئنة
    ملصقات الحائط
    العلم
    التقدّم
    فرقة الإنشاد
    مرسوم الحداد
    و كل شيء كل شيء كل شيء
    حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح مجهه
    يا أحمد المجهول !
    كيف سكنتنا عشرين عاما و اختفيت
    و ظلّ وجهك غامضا مثل الظهيرة
    يا أحمد السريّ مثل النار و الغابات
    أشهر وجهك الشعبيّ فينا
    واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟
    يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت
    و ابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم
    حنطة ويدين عاريتين
    وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته
    على الموتى إذا ماتوا
    و كي يرمي ملامحه
    على الأحياء ان عاشوا !
    أخي أحمد !
    و أنت العبد و المعبود و المعبد
    متى تشهد
    متى تشهد
    متى تشهد ؟
                  

02-27-2013, 05:06 PM

هشام الطيب

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 1708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)


    الله الله ياخ!
    الله على هذه المُتعة التي لا تنتهي.
    أشكرك عزيزي أمير بوب.
    كُن بألف خير


    (من حق الولد أن يلعب خارج ساحة الدار. من حقه أن يقيس المدي بفتحة ناي. من حقه أن يقع في بئر أو فوهة كبيرة في جزع شجرة خروب.
    من حقه أن يضل الطريق إلي البحر أو المدرسة. ولكن ليس من حق أحد حتي لو كان عدواً، أن يبقي الولد خارج الدار).
    - من رسائل محمود درويش إلى سميح القاسم.

    (عدل بواسطة هشام الطيب on 02-27-2013, 05:07 PM)

                  

02-27-2013, 05:12 PM

هشام الطيب

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 1708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: هشام الطيب)


    الرسائل بين محمود درويش وسميح القاسم
    عزيزي سميح
    .. وما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل؟ لقد اتفقنا علي هذه الفكرة المغرية منذ عامين في مدينة استوكهولم الباردة. وها أنذا أعترف بتقصيري لأنني محروم من متعة التخطيط لسبعة أيام قادمة فأنا مخطوف دائما إلي لا مكان آخر. ولكن تسلل الفكرة المشتركة إلي الكثيرين من الأصدقاء تحول إلي إلحاح لا يقاوم.
    كم تبهجني قراءة الرسائل...! وكم أمقت كتابتها لأني أخشي أن تشي ببوح حميم قد يخلق جوا فضائحياً لا ينقصني، حتي تحولت هذه الخشية إلي مصدر اتهامات لا تحصي ليس أفدحها التعالي كما هو رائج!.
    الآن أشمر عن عواطفي، وأبدأ. لا أعرف من أين أبدأ عملية النظر إلي مأساتنا المشتركة. ولكني سأبدأ لأنضبط ولأورطك في انضباط صارم. سيكون التردد أو التراجع قاسيا بعدما شهدنا القراء علينا، وبعدما هنأتك بعيد ميلادك الذي يواصل صناعة الفراغ بين العمر والصورة. كل عام وأنت في خير وشعر حتي نهايات النشيد.
    لن نخدع أحدا، وسنقلب التقاليد، فمن عادة الناشرين، أو الكتاب، أو الورثة أن يجمعوا الرسائل المكتوبة في كتاب. ولكننا هنا نصمم الكتاب و نضع له الرسائل. لعبتنا مكشوفة. سنعلق سيرتنا علي السطوح، أو نواري الخجل من كُتاب المذكرات بكتابتها في رسائل.
    انتبه جيدا، لن تستطيع قول ما لا يقال. فنحن مطالبان بالعبوس، مطالبان بالصدق والإخفاء ومراقبتهما في آن. مطالبان بأن لا نشوه صورة نمطية أعدتها لنا المخيلة العامة، مطالبان بإجراء تعديل ما علي طبيعة أدب الرسائل، أبرزه استبعاد وجوه الشهود وجمالية الضعف الإنساني، فكيف نحل هذه المعضلة التي يجمد بقاؤها الفارغ الطليَّ بين الرسالة والمقالة..؟
    سنحاول إفلات النص من ضفافه، إذ لعل أبرز خصائص الكتابة هي فن تحديد الضفاف الذي يسميه النقد بناء. فلنكسر البناء لتعثر لعبتنا الجديدة علي ساحتها المفتوحة.
    وأصل الحكاية - كما تذكر - هو رغبتنا الواضحة في أن نترك حولنا، وبعدنا، وفينا أثراً مشتركا وشهادة علي تجربة جيل تألب علي نور الأمل وعلي نار الحسرة وأن نقدم اعتذارا مدويا عن انقطاع أصاب ساعة في عمرنا الواحد، و أن نعيد ارتباطنا السابق إلينا و إلي وعي الناس ووجدانهم، لنواصل هذه الثنائية المتناغمة - ثنائيتنا - إلي آخر دقيقة في الزمن، بعدما تمردنا عليها في مطلع التكوُّن الجنيني تمردا كان ضرورياً لبلورة خصوصية لا بديل عنها في الشعر، ثم تجاوزت نزعتها الاستقلالية لتتحول إلي تناحر سفيه قد كان أحد مصادره إحساس الواحد منا بشكل مفاجيء، بقطيعة حوار توصل إلي يتم. لقد كان كل واحد منا شاهداً علي ولادة الآخر، فلنتابع هذه الشهادة.
    ولكن، ما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل...؟
    لسنا بشاعرين هنا. ولن نكون شاعرين إلا عندما يقتضي الأمر ذلك. هل هذا ممكن..؟ لا أعرف إن كنت سترضي بهذا التغييب الملازم لاستحضار إنسانيتنا المقهورة بعدوان الحب والقصيدة، منذ حول العربيُّ الجديد شاعره الجديد إلي موضوع. فماذا نريد أن نقول..؟ لقد فعل الشعر فينا ما تفعل الموسيقي بموضوعها، تتجاوزه للإفتتان بذاتها وأداتها. ولكن أين مكاننا..؟ وأين لحمنا ودمنا..؟ أين طفولتنا..؟ لقد تعبت من المهارة. ولكن أعجبتني حاسة المهارة المنتبهة إلي ذاتها في مجموعتك الشعرية الجديدة. ومع ذلك، إن أكثر ما يعنيني هو إنسانيتك. وهنا تحديداً: أبوك. لقد أعادتني مرثيتك إليه، إلي كرم الزيتون المعلق علي خاصرة السمو الراسخ، وإلي قدرتنا علي الدهشة وسط تبادل الروائح الصلبة في الطبيعة، وإلي الحدود الناتئة الفاصلة بين الفصول. مَنْ لا مكان له لا فصول له. ولكنني مازلت مفتوناً ومجنونا بخريفنا. وخريفنا ليس هو الشجر المدافع عن بذاءة الزهر، ولكنه الرائحة. فكيف ستنقل إليّ هذه الرائحة بالرسائل..؟
    خذني إلي هناك إذا كان لي متسع في السراب المتحجر، خذني إلي مضائق رائحة أشمها علي الشاشة وعلي الورق وعلي الهاتف. فإذا تعذر ذلك فليسمع منك كل الحصي والعشب والنوافذ المفتوحة اعتذاري الجارح.
    من حق الولد أن يلعب خارج ساحة الدار. من حقه أن يقيس المدي بفتحة ناي. من حقه أن يقع في بئر أو فوهة كبيرة في جزع شجرة خروب. من حقه أن يضل الطريق إلي البحر أو المدرسة. ولكن ليس من حق أحد حتي لو كان عدواً، أن يبقي الولد خارج الدار.
    لم نذهب إلي العمر في هذه الطريقة، بل ذهبنا إلي هذا الطريق. هل تذكر هتافك الساطع أبداً علي هذا الطريق ؟ أبداً.. وأن تعرِّج، أو عرج بنا علي منافٍ لم تخطر علي بال آلهة الشر الإغريقية. ولا أفعي جلجامش فعلت ما فعلت بنا بنت الجيران. هل تذكر الشارع الخارج من عكا إلي الشمال العربي، وسكة الحديد الموصولة إلي الجنوب العربي...؟ ولكن، أبداً.. أبداً علي هذا الطريق مهما اشتد مزاح الزمن، ومهما توسع حمار الخواجا بلعام..
    لستُ نادماً علي شيء، فمازلت قادرا علي الجنون وعلي الكتابة وعلي الحنين. ودون أن أتساءل: هل سبقت الفكرة أداتها ليتكاثر عليها هذا الحصار..؟ أصرخ في وجوه الذين يدفعون الفكرة إلي الضجر: إن روحي هناك. وأقول لك: إن أولئك المحتلين، الواقفين بيني وبينك، لا يستحقون أي مقارنة مع أي شر عربي.. عبيد الخرافات، طفيليات العجز المحيط، سلالة الانتقام، لا حق لهم في التصفيق لحماقة الآخرين التي تواصل إنتاجهم المؤقت. وماذا لو انتصروا في غياب..؟ هل يضمن فولازهم القوي النجاح الدائم لفكرة ميتة..؟ وهل تسوق الأداة الحق من الزائل..؟.
    لهذا السبب أحارب الالتباس الخبيث، ولا أمد حنيني علي جسر فردي. فكن أنت جسري الصلب، وقدم لجدل الداخل والخارج عافية التواصل. عوضني عن غيابٍ لأفرح: مادمت هناك أنا هناك. وافتح النافذة المطلة علي العكس. ما كان يطل علي الخارج، فينا، يستدير ليطل علي الداخل، هي الدائرة.. هي الدائرة.
    ويلحون عليَّ ليقتلوني: هل أنت نادمٌ علي سفر..؟ لم يذهب شيءٌ عبثاً، لم يذهب. وقد حاولنا أن نضخ الوعد بما أوتينا من لغة وحجارة ودم، ومازلنا نحاول البقاء والسير. لن ينكسر الصوت ما دام شعبي حيا.. حيا.. حيا، ومادام للأرض يوم هو هوية العمر. فلماذا يساق فردٌ واحد إلي سؤال: هل أنت نادمٌ علي سفر..؟ سُدي أحاول أن أرد السؤال إلي سياقه، فأهمس في آلة تسجيل صغيرة: إذا كان هذا يريحكم فأنا نادم علي سفر..؟
    المكان، المكان، أريد أي مكان في مكان المكان لأعود إلي ذاتي، لأضع الورق علي خشب أصلب، لأكتب رسالة أطول، لأعلق لوحة علي جدار لي، لأرتب ملابسي، لأعطيك عنواني، لأربي نبتة منزلية، لأزرع حوضا من النعناع، لأنتظر المطر الأول. كل شيء، خارج المكان، عابر وسريع الزوال حتي ولو كان جمهورية. ذلك.. ذلك هو ما يجعلني عاجزا عن الرحيل الحر.
    محمود درويش باريس 19/5/1986
                  

03-01-2013, 12:06 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: هشام الطيب)

    الخ هشام الطيب
    سلام
    يا سلااام ياخ ... شفت بالله كيف المجادعات التى تمت بين هذين العملاقين .....
    هذه النصوص جديرة بالقراءة والتمعّن ... وهى تفتح فضاءات جديدة لأدب المراسلات
    ...
    رحيل درويش لا شك فقد كبير ... وترك فراغ ملحوظ فى الراهن الشعرى ...
    .... اليك بعض مما كتب الشاعر الكبير شوقى بزيّع فى رثاء درويش
    وهو كذلك من اروع الصعاليك !
    ...
    لا مرثــاة لائقـــة بعجــزك عــن قرائتـــها ... (الى محمود درويش)
    =================================
    الآن يمكن للقصيدةِ أن تعود الى منابعها
    وللجسد المؤرَّق أن ينامْ
    الآن والكلمات هائمةٌ بمفردها
    على وجه البسيطةِ
    تستطيع يداك أن تجدا طريقهما، بلا ضوءٍ،
    الى المعنى
    وعيناك المبقَّعتان بالأحزان
    ترتدَّان عن فوضى البصيرة
    مثل عكازين عمياوين
    كي تتهجَّيا خفقان قلبك في الظلامْ
    الآن تدرك أن كل كتابةٍ
    عقدٌ نوقِّعه مع الشيطان أحياءً
    وننجزه بحبر الموت،
    كل قصيدةٍ جرحٌ نرمِّمه بلحم حضورنا الفاني
    ونسقط في الختام
    لا شيء بعدُ إذن لنفعلهُ
    وقد فرغ الإناء من الكلامْ
    لا شيء بعدُ إذن
    سوى التحديق في ذهب البدايات
    الموارى تحت أنقاض الحياة
    وفي بلادٍ من ذبالات القصائد
    لم تزل مدفونةً تحت الركامْ
    لا شيء إلا أن تعاين ما استطعتَ
    جذور شعركَ وهي تنشجُ
    تحت مطرقة الثرى المهدوم
    مثل أنوثةٍ عريتْ من الأوراق،
    منتحلاً صفات الريح
    وهي تقود بالجرس الذي يتقدم الرعيانَ
    في جلعاد
    قطعان الغمامْ
    نضب الطريق من الخطى
    والرحلة اكتملتْ
    وعدت مضرجاً بالشعر نحو سرير نومكَ،
    مثلما ولدتكَ أمك عدتَ
    كيما تستعير من التماع يمامةٍ مذبوحة الأحلام
    تحت سنابكِ الأعداء
    أحزاناً مؤقتةً
    وترقد في سلامْ
    الرحلةُ الآن انتهت
    ومحاجر الموتى التي تفتضُّ أعينها،
    وقد تعبتْ من التحديق،
    شربين السفوح
    تضيء لك الطريق الى أريحا
    والجبال تغمَّدتك بمخلب الأوجاع
    وهي تسيل من جذع الغيوم الصَّلب
    حتى بحَّة القصب الحنونِ
    على ضفاف الأنهر الكسلى
    لك الآن الخيارُ بأن تكون كما أردتَ:
    جناحَ قُبّرةٍ يرفرف فوق أطلال الوجودِ
    أو ابتسامةَ عاشقيْن على طريق الحبّ
    أو أملاً يشيِّع بالدموع
    غروب شمس اللاجئين الى الخيامْ
    كم خطوةً تحتاج بعد
    لكي تريح جبينك الذاوي على الصلصال،
    أو تتنفس الصعداء من وعثاء نفسك؟
    كم صباحاً رائقاً
    لترى، وقد أصبحتَ أبعد من حدود الجاذبية،
    ما تُعِدُّ لك الطبيعة في خزائنها العتيقةِ
    من وساوس،
    أيها المولود من عطش الوعود الى التحقُّقِ
    والحروف الى تأنثها
    ومن ظمأ السماء الى نبيٍّ
    يُسرج الرؤيا كمعراجٍ
    ويحملها الى البيت الحرامْ
    آن الأوان لذلك الجسد المهشَّم كالزجاج
    بأن توسِّده الثرى
    آن الأوان لكي تنامْ
    * * *
    اليوم تلتمس القصيدةُ صمت شاعرها
    لتكتب نفسها في صورةٍ أخرى
    وتولد مثل أبطال الحكايات القديمةِ
    من خيال مشيّعيك،
    منكَّس الأهداب مثل سفينةٍ ترسو
    بلا متنزهين على الرمال،
    وطافحاً بالذكريات
    لخنجرٍ في ظهر جنديٍّ يئنُّ على الحصى
    ومتوَّجاً بالأقحوانْ
    اليوم لا مثوىً يضمُّك غير ما اتَّحدَتْ به كفَّاكَ
    من نزق التفرُّس في ضباب الشكلِ
    أوغبش الدخانْ
    أبديَّتانِ من الرؤى تتناهبان وجودك الشبحيّ،
    واحدةٌ من الكلماتِ
    والأخرى من الشهوات
    فيما حول قبركَ،
    حيث أربع سندياناتٍ تجوب الأرضَ
    بحثاً عن شتاءٍ زائغ النظرات في عينيك،
    تنهض آخر الحجب التي خبَّأتَ
    في أحشائها ياقوتة المعنى
    لتمحضك التفاتتها الأخيرةَ،
    والسنابل كي تصدَّ الموتَ
    عما كان شَعركَ قبل أن يذوي
    ويلتحم الزمانُ مع المكانْ
    ها أنت تمخر خائر الأهدابِ قوس أهلَّةٍ
    مخنوقة العبرات
    فوق صلاة أمِّك،
    ها نباتاتُ الجليل الحانياتُ على طريق البيت
    واللمعانُ شبه المأتميِّ لجنَّة الماضي
    وها ذهبُ الشموس على صفيحِ
    بيوتِ غزَّةَ
    وهو يلفظ بغتةً أنفاسهُ
    ويغوص في كبد الثرى قبل الأوانْ
    ها هم، كما لو أنهم فقدوا بموتكَ
    قطرة الحب الأخيرةَ
    والطفولة وهي تبحث عن براءتها
    ويُخطئها الحنانْ
    يتدافعون وراء نعشكَ
    مثلما تتدافع الأمواج تحت ظهيرةٍ مفقوءةِ العينين
    نحو البحر،
    غير مصدّقين بأن قلبك،
    حيث كان الشعر يهدر مثل عاصفةٍ من الصبوات،
    قد خسر الرهانْ
    مدنٌ بكاملها تجيء الآن حاملةً شوارعها الكئيبةَ
    كي تقول لك: الوداع
    وأنت تسقط، مثلما أبصرتَ في رؤياك،
    عن ظهر الحصانْ
    يتقدَّم النسيان كي يرفو تمزُّق مقلتيك على الثرى
    والزعفرانُ لكي يضمّد بالأنامل
    صوتك المجروح،
    والموتى لكي يهدوك أجمل ما تفتَّح في حناجرهم
    من الأشواك،
    تأتي الأمهات القادمات من الأغاني
    كي يصِلْنكَ بالتراب الأم،
    تأتي النجمةُ الثكلى التي افترشتْ سماءً
    ضحلةَ الجريانِ في الأردن،
    سربُ روائحٍ مسروقةٍ من ياسمين الشام،
    والألق المثلّم بالعرائس والمناحات الطويلةِ
    فوق نهر النيل،
    لكن قبل ذلك،
    قبل أن يتقدَّم الشعراءُ كي يرْثُوكَ
    أو يَرِثُوك،
    نلمح بغتةً قمر الكنايات المجلَّل بالتمائمِ
    وهو يخترق الحشودَ
    لكي يراكْ
    تأتي الحواسُ الخمس كي تتبادل الأدوار
    فوق مسوَّدات لم تجد وقتاً
    لتكملها رؤاكْ
    تتقدَّم اللغة التي أخرجتها من عتمة القاموس
    نحو عوالمٍ زرقاءَ
    لم يفتضَّها أحدٌ سواكْ
    يتقدَّم التشبيه أبيض طازج الشُّبهات
    نحو يديك،
    تسبقه أبالسةُ المجاز السود،
    والعُرَبُ الصغيرةُ فوق صحراء النداءِ المستعادةِ،
    والرحيل المترف الإيقاع
    من ألق المثَّنى في معلقة أمرئ القيس القتيلِ
    الى نشيجٍ ذابل الشرفات
    في "أنشودة المطر" التي انهمرتْ
    على السيَّاب،
    لا أحدٌ سواكْ
    أصغى الى النيران وهي تشبُّ في ثوب البلاغةِ
    حيث في أوج اقترانك بالجنون الصِّرفِ
    خانك قلبك الواهي
    وأثخنك العراكُ مع الملاكْ...
    ...
    عبثاً نحاول أن نرمم ما تهشَّم في غيابكَ
    من شظايا الروح
    حيث الشعر أسئلةٌ معلقةٌ تفتِّش عن جوابِ
    لا أفْقَ يرشدنا اليك
    وأنت تدخل عتمةً أخرى
    وتحترف الترنُّح كالنساء النائحات
    على حبال الموت،
    نوغل في ظنونك دون أن نلقاك،
    نلمح كوكباً غضَّ الجناح
    يهيم في برِّية الأفلاك
    ثم يخرُّ من أعـــلى الحنــين مـــضرَّجاً بخيالهِ
    فنقول: هذا أنت
    نسمع صرخةً مجهولة الرايات
    تخفق مثل أجنحة النسور على الذُّرى
    فنقول: هذا صوتك الملفوح بالإعصار
    يهدينا الى اللغة الجديدةِ،
    أنت من أثًّثتَ أقبية الجمالِ
    بما يليقُ من انخطافاتٍ،
    وصالحتَ الغموض مع الوضوحِ
    بفتنة التأويل
    حيث يراعك المحموم راح يشلُّ مثل السمِّ
    أعصاب البلاغةِ،
    أنت قِبلةُ أعين الغرقى
    وقابلةُ السرابِ
    ما الشِّعر، قلتَ، سوى المنازلةِ الأخيرةِ
    بين برق الرأس والشيطانِ
    في الأرض الخرابِ
    ما الشعر إلا شهوة الطيران فوق الموت
    حيث، مجرداً إلا من الكلمات،
    يُشهر شاعرٌ أوراقه البيضاء
    في وجه الغيابِ
    وعبرتَ وحدك برزخ الآلام
    كي ترنو الى ما عتَّقتْهُ يد الطبيعةِ من نبيذٍ
    في غياهب كهفها الجوفيّ،
    أو ما ردَّدتْهُ حناجر الفانينَ
    في أذن الترابِ
    * * *
    يا حاديَ الألم الفلسطيني
    يلزمني لكي أرثيك صيفٌ دارسُ الأقمارِ
    يسهر حول قبرك مع صنوبرهِ العليل،
    وغصَّةٌ لمرور نعشكَ
    تحت شرفتها،
    وتلزمني منازلُ للحنين
    وغابةٌ من أذرعٍ لتناول الأيام طازجةً
    كما ولدتْ لأول مرةٍ،
    ومذابحٌ خرساء تخطر كالنوارجِ
    فوق أفئدةِ الحصى العاري
    وغربانٌ ملائمةٌ لتمرين الحدادِ على السوادْ
    ها أنت ترمق من وراء القبرِ
    ليلكة الجنونِ المدلهمَّة في خرائب صدرك المعطوب
    وهي تعيدُ تنقيح التراب من الشوائبِ
    ثم تعبر مثل لمح البرقِ
    من ريحٍ لريحْ
    لا غيمَ يشرب وجهك النائي كما من قبلُ،
    لا مرثاةَ لائقةٌ بعجزك عن قراءتها
    ولا جهةٌ تحالفها الحياة، وقد رحلتَ،
    سوى تلألؤ وردة الهذيانِ
    في دمك الذبيحْ
    لا شيء تتركه إذن للموت
    إلا ما أراق خيالك الوحشيُّ
    من حبر الأساطير الذي أهداه شعبك للقيامةِ
    كي يعيدك مرةً أخرى
    الى أحشاء رام الله
    مرفوعاً على الأعناق كالقربان،
    حيث تئنُّ في قدميك جلجلةٌ من الموتى،
    وفي عينيك وعدٌ بالقيامة، لن تكذِّبه،
    وفي رئتيك أكثر من مسيح
                  

03-01-2013, 12:15 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

    يقول درويش ..

    وأعشق عمري .... لأني اذا مت أخجل من دمع أمي !
                  

03-01-2013, 12:25 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

    سميح القاسم هذا المفجوع برحيل أعزّ اصدقائه ...
    هاهو يكتب له رسالته الأخيره لدرويش ...
    ولكنه يعرف ان لا رد سيأتيه هذه المرة ... فقد رحل درويش ... وبقيت شجرة الخرّوب !

    تَخلَّيتَ عن وِزرِ حُزني ووزرِ حياتي وحَمَّلتَني وزرَ مَوتِكَ، أنتَ تركْتَ الحصانَ وَحيداً.. لماذا؟
    وآثَرْتَ صَهوةَ مَوتِكَ أُفقاً، وآثَرتَ حُزني مَلاذا أجبني. أجبني.. لماذا؟. • • • • •
    عَصَافيرُنا يا صَديقي تطيرُ بِلا أَجنحهْ وأَحلامُنا يا رَفيقي تَطيرُ بِلا مِرْوَحَهْ
    تَطيرُ على شَرَكِ الماءِ والنَّار. والنَّارِ والماءِ. مَا مِن مكانٍ تحطُّ عليهِ.. سوى المذبَحَهْ
    وتَنسى مناقيرَها في تُرابِ القُبورِ الجماعيَّةِ.. الحَبُّ والحُبُّ أَرضٌ مُحَرَّمَةٌ يا صَديقي وتَنفَرِطُ المسْبَحَهْ
    هو الخوفُ والموتُ في الخوفِ. والأمنُ في الموتِ لا أمْنَ في مجلِسِ الأَمنِ يا صاحبي. مجلسُ الأمنِ أرضٌ مُحايدَةٌ
    يا رفيقي ونحنُ عذابُ الدروبِ وسُخطُ الجِهاتِ ونحنُ غُبارُ الشُّعوبِ وعَجْزُ اللُّغاتِ وبَعضُ الصَّلاةِ على مَا يُتاحُ مِنَ الأَضرِحَهْ
    وفي الموتِ تكبُرُ أرتالُ إخوتنا الطارئينْ وأعدائِنا الطارئينْ ويزدَحمُ الطقسُ بالمترَفين الذينْ يُحبّونَنا مَيِّتينْ ولكنْ يُحبُّونَنَا يا صديقي بِكُلِّ الشُّكُوكِ وكُلِّ اليَقينْ
    وهاجَرْتَ حُزناً. إلى باطلِ الحقِّ هاجَرْتَ مِن باطلِ الباطِلِ ومِن بابل بابلٍ إلى بابلٍ بابلِ
    ومِن تافِهٍ قاتلٍ إلى تافِهٍ جاهِلِ ومِن مُجرمٍ غاصِبٍ إلى مُتخَمٍ قاتلِ ومِن مفترٍ سافلٍ إلى مُدَّعٍ فاشِلِ
    ومِن زائِلٍ زائِلٍ إلى زائِلٍ زائِلِ وماذا وَجَدْتَ هُناكْ سِوى مَا سِوايَ وماذا وَجّدْتَ سِوى مَا سِواكْ؟



    متابعة
                  

03-01-2013, 12:47 PM

وضاحة
<aوضاحة
تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 9116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: امير بوب)

    يا سلام يا أمير
    بالله درويش رحل
    ان لله وان اليه راجعون
    كان شاعر عظيم ومبدع
                  

03-01-2013, 01:18 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: وضاحة)

    العزيزة وضاحة...
    شكرًا علي مرورك...
    للأسف محمود درويش رحل منذ العام 2008
    ومازلنا نستنشق عبيره في كل لحظة وحين. رغم حالة الدهشة من الرحيل المفاجئ...
    فقلبه المرهف لم يعد يحتمل كل هذا القبح الذي من حولنا... لذا فقدآثر الرحيل باكراً
    له الرحمة بقدر ما قدّم لنا من أعمال لاتزال خالدة في الوجدان.
    ومكانه مازال شاغراً في خارطة الشعر العربي.

    لك خالص التحايا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de