|
Re: عجاج الهروب من زمن الزيف . (Re: عمر مصطفى مضوي)
|
عذرا أن جاءت كلمة ( الكفيل ) هكذا ولكنها أصيلة جدا في سياق الغربة والسنين العجاف وهي مما يوجب الاستغفار والثناء والحمد والحنق والغضب والأسف والشعور بكل ما هو نقيض لذاته . وهي الغربة نفسها بكل ما تحمل من معاني ووجع . حين ههممت بالهروب من وطني لم أكن قد بلغت سن الألم وكان الدرب أخضرا ويانعاً والأماني تتبدى في الأفق عرائس حسان في حفلة تحيط بها سخرية الأقدار وتقلبات الزمن . وهاأنذا الآن لا أرضا قطعت ولا ظهرا أبقيت ابحث عن حاجاتي التي أوصاني بها جدي أبحث عن دقائق لنفسي اسمع فيها ( كان نفسي أقولك من زمان وحاجة فيك وقصتنا وبتتعلم من الأيام بدلا من الوعظ الذي يجعلني أمشى على أطراف أصابعي خوفا من جهنم والعذاب والنار والجحيم ) وكأننا خلقنا للعذاب أينما حللنا . أو كما قال صديق لي أننا في السودان قد خلقنا فعلا في كبد الكبد . ثم تمضي بنا الغربة مبتهجة وطروبة بسرقتها المبتذلة والرخيصة لسنوات كان يمكن أن تكون أكثر عدلا ونبلا وجمالاً لولا أن القيم نفسها قد تحولت قسرا وجبراً إلى أخرى لم نألفها حتى الفرح أصبح رخيصاً لدرجة أنني أفرح فرحا طفو ليا طاغيا إذا لحقت بالبقالة قبل الصلاة أو إذا لحقت بالإشارة قبل أن يتغير لونها للأحمر أو إذا ابتسم احدهم لنكتة بليدة أجبرتني اللحظة على ذكرها . ثم بعد كل ذلك تتحول الحياة إلى لهاث مر وغبي لا يفتر ولا ينتهي ونحن نتفكك من الداخل إلى عوامل أولية من الحزن والمرض والغم ويتحول الفرح في ذهن المغترب المغلوب إلى أمل في امرأة تشاركه هذا الشجن المقيت وبضع دراهم لا يقمن صلبه ولا صلب أي من حوله .
| |
|
|
|
|