دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة
|
تلعقني الغرفة بلسان بارد لزج ... حين يكون السكون حولي يجيئني من السحاقة إحساس يتملكني ... يملؤني ترقب .. ستأتي ... ستاتى الطامة قبل العصافير ... الشمس ستجيء من خلف الباب الغربي ..من طرفها .. من ذيلها زهرة التفتح ......... و أنا أكون قابعا في علانية المشاوير .. في الركن الآخر من مساء قاتم الشجن ,, لا ترحلوا يا مدنا تجيء من بواطن الدهشة فتحيل الأزمان تواريخا لا تنبت غير النهر الدم .. لا ترحلوا ريحا على بساط الوهم والمجون .... اقتلوا بأيديكم سلحفاة دواخلكم ... لا يجدي في وطن الجوع والخوف و التعب والنفاق - الصمت ....... لا يجدي البكاء والنحيب .. والركن في الغرفة يحاصرني و يلعقني باللزوجة .. ليتني يا زهرة التفتح المحاصرة أفك هذه الطلاسم .. ليتني أحيل هذه الغرفة التي أصبحت محطة انتظار إلي أمواج نهر الدم والغضب لا تلين ولا تقف ولا تذر .. وتمتد بداكي سنابلا للقمح والزيتون .. تمتد رقصة وساحة من الغضب ..تمتد بسمة و أرضا ونخلة تلد كل عام مرحلة ... في المرة الأخيرة .. في المرة التي لم تعقبها مرة ... في المرة التي اختفت في جوفها الوعود والنفير .. سألت زهرة التفتح كيف يجيئك الندى مع الصباح ؟ لا ألمح في وجهك لون الأرض ولا نفحة النسيم .. لا ألمح حتى الحزن القديم ... زمانا كنت حديقة بلا أسوار .. بلا اختناقات .. تقفي سارية رغم الأمواج والرياح .. لكن الطحالب الآن تملأ جدولا ما نضب يوما ولا استكان ...كنت عندما سألتها لا أتكهن أبدا بلحظة الفراق .. كنت لا أرى خلفي أشباح الكوابيس والرصاص والسيوف والخيول ... كنت لا أرى مدينة تمد مخالب اليأس والحصار ..و غرفتي تمتص منى الأحلام ... سحابي يتكون من دخان سيجارتي ونيران تشتعل في دواخلي .. ومطري دمع لا ينزل .. وتنزل الشرفات من صهوة الجياد والنخيل ..ضحكت زهرة التفتح حين تناهى إليها أن ميعاد قطفها قد فات .. وقالت لي أن عمك لا يستوعب غير التكهنات وكلام النساء والقطيعة ... قلت لها : لا شأن لي ... قالت : لا ..لك شأن يغنيك .. لا أطالب قلبك المستحيل والموج ,,, انك سقيتني الماء لأنمو فنميت .. وعطرتني بنفحك أهازيج فسقيت الطل حسنا ..الآن لا أطلب منك مزيدا لا أطلب غير الصبر مفتاحا لهذا اللغز ...سألتها : لماذا ؟ .. أجابت : لأنه المستحيل والحصار .. حين تسور المدينة بالمشانق والعساكر البنادق لا يكون لماذا .. حين يخمد الحماس في نهر الدم لا تجئ إجابة اللماذا ..لأنه المستحيل والحصار . - : من أنت ؟؟ - : أأ - : أسكت هذه المنضدة و الإسفلت شبهان ... المشتقة و الكرافتة توأمان ... و أنا أضيق حين أشاهد المسطحات ...أكره الزمن الذي لا يلد غير النساء والنساء... لا يوجد ما يسد الرمق ...البطن والفضيلة .. وأنا في الركن يلعقني لسان لزج ... تأتى أغنية زهرة التفتح عبر النافذة .. حين أردت قطفها منعوني .. وقف السياف بيني وبين التمني حتى ... سوروا الحديقة بالشقاء والترياق والحنظل .. جلدوها في وضح النهار .. عذبوني في الحرمان ...والمارة تسبني وتشتمني وهى لا تفهم ... و الليل يمر .. والشهر يمر .. والعساكر تمر .. والناس تمر .. .. يحاصروني ... يدبرون كل شئ .. والمنضدة بزواياها الأربعة لا تتحرك .. ماتت محاولتهم الأولى وهى شرنقة ...وأستمد قواي من أغنية العصافير وزهرة التفتح التي تجئ كالحلم عبر النافذة ..إشارة أخرى وكنت خلف الباب .. جاءتني زهرة التفتح .. صوت يتهدل .. ضارعة أن لا أبقى .. رجتني أن أبحث عن أخرى .. وتدخل أخنى بالإفطار .. والماء البارد ..القشعريرة الآن تحط رحالها في الجسد الناحل الباحث دوما ... - : إن كلماتك لن تخيفنا ولن ترعبنا - : عابرون في السطور .. و لم أعد أسمع غير دقات قلبي و صوت أختي تحثني على الأكل .. وأنا كالآلة أمضغ .. كالآلة ابتلع .... تدخل في جوفي أشياء .. بكت زهرة التفتح ... = : لن تتزوجيه ...ولو جاء بمال قارون بكت زهرة التفتح يومها .. وحين تبكى الزهرة يعرف الزمن انه الميعاد .. وتصبح الدموع جداولا ..جداولا .. ويتكون التحول في المربع الأخير ... وتأتى لافتة ... ثم في الركن يعود طفلا ,,, أعطوني أعطوني بكت زهرة التفتح أمامي .. و الدار مليئة بالناس والأطفال .. والكراسي ...خصلة الفرح يطير مع نسمات الليل .. وزهرة التفتح تمتد سنابلا في المربع الأخير ... تضحك ... وتضحك ... و أنا من الركن أراقبها و أحسد نفسي فيها أحيانا ..اللحم في الأواني يصطلي بالنار .. والأسرة تئن تحت الأجساد المترهلة ..وهى كدأبها توزع النسيم والسنابل والضحك ..وجاء العم .. جاء بعلن الحرب والحصار .. و فى حقل الجهل تستحيل خضرة السنابل خناجر ...يلبس أمه .. عجوز شمطاء وحاقدة .. لن تدوم هذه الضحكة طويلا ....لن تدوم الابتسامة رحيق .. - : ما أسمك ؟ - : محمد أحمد كيف يجئ من أزمنة سحيقة هذا العم .. عم من زمن عساكر النبيذ و الأطلال ...وقف وسط الدائرة يصيح فيها اكتمي ملء رئتيك هذه الابتسامة الألقة .. وعجوز تراقب .. أشعلي هذا الحطب ... وخرفا يئن تحتها السرير .. أحرقوا السنابل .. وأخرى في الشباك ترمى نظرة ..و أفيق من ذهولي .. طبولي تدق .. انهم يحاصرونها .. لا أصدق .. يحاصرونها . الموت للجبنـاء .. الرخصاء ..و بصقت ... وفى اللامبالاة يصبح البصق أغنية ورصاص .. وتأتى يدها ,, فقط يدها .. لليد نظرة عتاب .. استنجاد ..أبصق على كل الأقنعة الزائفة التي تختبئون خلفها .. لن تشربوا فنجان الشاي على بقايانا .. لن نكون ضريحا ولا ماضي ... - : أنتم المتهمون بالربا على وجوه أهلي .. على بيوت أهلي ...أنتم المتاجرون بالسواحل المضيئة و العمارات المشوهة بواجهاتكم .. - : أسـكن .. أسكت و صرت أضرب .. يمينا وشمالا .. أضرب وأبصق .. وسطا و أعلى .. و أسفل .. لن ترحلوا فينا بخيولكم ... - : أنتم الملوثون بالأدران و الأوثان و المؤامرة - : أسكت ... ألا .. تخاف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ - : أنتم الخائفون يا ملاحي الرعب في المدينة .. تلعقون أحذية الجبابرة والسفلة .. أنتم خلف كل كارثة تجئ ... أنتم ******** والمطبلون ... ووجدت نفسي في الركن القصي يمتد نحوى لسان الغرفة اللزج .. الذين يحاصرونها يأتون من عقب سيجارة و آخر كلاب المدينة .. بكت زهرة التفتح .. إنها تبكى وتستورد مشاعر أخرى مستعارة كوجه القادمين من خلفها ... تبكى .. ثم تأتى مكورة ...ثم تتمدد شهيدا ... ثم ....تستحيل كل شئ .. ثم . بـــلا عنــوان تـــصيح أعطوني أعــطـــــــون أعــطـــــــو أعــطــ أعــ أع أ . ويتمدد بكاءها حزنا .. الحزن نهرا ... والنهر دمـــا .... والدم شهداء ....... والشهداء ســنابــل ........ والسنابل تغنى ( إذا الشعب يوما أراد الحياة .... و أنا من الركن أهلل .. باطل .. باطل ... و دم ينزف من فمي ... باطل .. باطل ... ويتحول في كل شئ .. امنحيني دموعك يا زهرة التفتح سيلا لا يقف .. اشرعي في كسر الأسوار .. يسقط الحصار ...فليسقط الحصار ... وترتفع هامة الأشجار و الأصوات ... أتت العصافير و أنا أهلل .. و أحمل يدي و دفتري و يدها على رصيف العام .. تلعقنى الغرفة بلسان بارد لزج .. وصوت أختي يحثني على الأكل .. و أنا تدخل جوفي آلاف الأشياء ولكن كالآلة ... إحساسي الآن مع الجزء الأول من ترحالي ... نحن نغنى لآيهم .. فليكن النفي والاغتراب .. - : أنت مفصول من العمل - : فليكن ... فلا شئ يهم .. فلقد تزوجت زهرتي آخر . ومن داخل ظلام الغرفة يدير أبى المفتاح و ينادى = : قم توضأ وصلى الفجر فقد حان .
محمد عبد الله حرسم 1979م
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: أيمن محمود)
|
وانت ماعفرت حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة
يعنى من العنوان ما دخلت جوا
بستحمل منك كلامك دا
بس ما اسمو نقد
مش والا انا غلطان
وبرضو دا رايك
واول مرة الاققى زول يقول لى كلامك دا
صحى والله
انا غايتو دايما لو ما فهمت حاجة بفوت اخليهو ما بخش فى حتة ما حلوة زى بتاعتك دى
وكلامى دا والله ما زعل
بس عادة النقد بيكون عندو هدف
والا شنو ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: كمال ادريس)
|
صديقى الجميل جدا كمال ادريس
يا زول يا ذوق
تحياتى الكتيرة
تصدق انها مكتوبة سنة 79م
وبعد كدا فائزة بالجائزة الثانية فى مهرجان نادى ابها الادبى الثقافى فى 1409ه تقريبا
لجنة محكمين من دكاترة ونقاد وادباء
رغم ذلك انى استمتع جدا بمن يقول لى اين الخلل والله يا لا اقول انها كاملة لكنها ضمن التجريب نحو فك الحصار عن الاعتياد
شكرا يا صديقى كلامك المنور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
سلام تاني يا محمد صدقني انا لم احكم من العنوان والا اكون ظالم ! انا قريت كلامك كلو تقريبا ،،
Quote: واول مرة الاققى زول يقول لى كلامك دا |
للاسف في رأيي الناس ديل كانو بجاملو فيك ساي !
Quote: بس عادة النقد بيكون عندو هدف والا شنو ؟ |
ايوه النقد عندو هدف او اهداف - بس المجاملة ما من اهدافو ،،، هدفي من كلامي هو تبيان انو كلامك موضوع الحديث لايحمل قيمة جمالية تذكر عشان يا اما جيتنا بكتابة افضل - يا اما كسبت زمنك في حاجة اخرى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: أيمن محمود)
|
(وبعدين اشرح لي لو سمحت معناهو شنو العنوان العجيب ده - حين تبكي زهرة التفتح المحاصرة ؟!!! مجرد هراء !! )
دا كلامك يا ايمن
اديك معلومتين مهمات
الاولى انو القصة من عام79م وانها منذ ذلك التاريخ وهى من ضمن حركات التجريب
التانية انو القصة دى من القصص الفائزة فى مهرجان نادى ابها الادبى قبل سنوات وبها نقاد ودكاترة
معلومة اضافية انو القصة دى حديدا منشورة فى منتدى التجديد العربى ال ما بنشرو فيهو الا تجربة ناضجة
وفى كل الاحوال النقد مفيد دايما وانا اتمتعبيهو جدا
بس ما يكون دراب الواحد يرميهو ويمشى
اقراهو كم مرة كدا وستكتشف الكتير فى القصة وساوالى نشر قصص اخرى هنا لترى اكثر
رغم انى عادة لا ارد على الكتابة ال (ردميات)
لكن لعلى اجد شيئا يسلينى فى حضورى الاول هنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
وهذه قصة اخرى من ذات النهج:
نزييف..وامتلاك
كيف يعود من حيث بدا المشوار ... تشعبت المتاريس وتداخلت المعالم .. وارتخى الحلم .. تستحيل هذه الأشياء الصدئة وحوشاً تبدأ غولاً تتناثر تكبر تتباعد ثم يجئ مدى مخيف للغاب المسّور بالصبر والتأني ومفتاح الرحلة .. وعصام مفتون بالجرح الغائر .. وعمي هارون تنزف عيناه .. يا ساعة لا تعرف معنى الراحة والرحمة .. أقبل يا صبري نهراً وعصام يحبو فوق جدار الجرح .. شجر يموت أول الربيع وآخر الخريف .. ملجأ ابتسامتي للريح فاه .. وتتدلى رقبتي من نافذة الأيام .. كنت حينما عرفتها أتجول في حديقة الزمن سائحاً مرهقاً بالأماني ومحملاً بألف سؤال وسؤال .. محاصراً بترهل الوقت العصي .. هي خضراء و غيث يجئ نسيماً ومطراً ورعداً وقمحاً .. مدت يدها يوماً وسألتني هل أنت المجاهد الذي يجئ عقب الشفق والنداء .. قلت ونفسي تتعشقها أرضاً وزيتونه تلد كل عام مرحلة أ،ا المرابط خلف خندق التوحش .. أنا المسافر جواً ملايين الأيام .. رجوت أن أسكن لحظة الانضمام للمسيرة .. وعصام يشرح للمفتون قضية الوجع ومراسم الزفاف والعجاف .. وتتداخل المعاني ... الفقر يركب راحتي و العناد لجام في فك المفتون بها .. و أنا جئتك يا سوسن ليلاً .. (( وقال الراوي : شراعك منسوج من إنسان مدحور مغمور .. مهزوم بالفطرة .. لا يعرف معنى العودة أو السكون )) .. و أنا أمتد أكثر .. شجرة الليمون هذه تعرفنى أكثر .. أجالسها حين تضيق المنافذ وابحث عن شراييني .. تعطيني الفرح حامضاً .. و عمي هارون يجئ بصوت مات منذ عشرين قرناً وفيه بحة رجل عركته التجربة .. يركب كبرياء نعلاً وعصا .. ولن تبنى بالعدم مدينة .. كل قرية بلا متاريس سراب .. سراب .. الفقر يحني ظهرك يا صبي .. المهر .. الفقر .. الفقر القهر .. و تذبحني هذه التفاصيل .. و فرحك حامض كما شجرة الليمون يا عمي هارون يا سيطاناً في ظهر حياتي .. وعصام يلعق بقايا أزمة هذا المدحور المهزوم .. و أنا أصرخ في وادي الشوق عنواناً آخر للحضور .. و عمي هارون ينعتني بالفقر .. و أنا زمان قد سكنت وجه سوسن وقريتي عند خصر النيل أرضاً وحلماًُ و سقيا لخضرة النيل لوناً من بهجة عطشي عند الابتعاد .. أرتمي أكثر .. أرتبط أكثر .. أتفانى في حبك يا ذات الفرح الحامض .. (( وقال الراوي : سوسن لا تأتي ضحى .. نعاها عصام ودخان سيجارته يملأ صحف اليوم التالي .. خبراً و إشاعة .. و عمرها خمسة وعشون عاشقاً و جريحاً .. )) . يخيل إلي أحياناً أني أبدأ الهجوم .. تحدث في أغلى ما أملك فليكن التوغل عنفاً و عشقاً .. عرفتها في صالة المسافرين .. هي تحب السفر و السفر يحبها .. تزرع زهراً ينمو رعداً و عذاباً .. تواعدانا ثم افترقنا .. - أفضل أن نستريح .. - هيا ودعي الكسل - ما معنى أن نسرع ونحن لم نعثر على عنوان واضح ؟ - هيا فالسؤال يقتل الوله .. أنا انتهيت فيها هي تبدأ بي .. خطابي الأول كان مع نادر .. أرهقها نادر بالسؤال .. كان حلمه غريباً .. سكون يجئ من عتبة الباب ورهبة تعقب السكون ثم حصار عجيب .. غول يمد يده وشمس تركب جواداً وريح يتوكأ على عصاه .. شرق بتحول أغنية وجبل يتمدد قمحاً .. النور سكين غائر في خاسرة السفينة .. غيوم تزيد لمعن الرؤية .. و يجيء جيش من الأفيال يزرعون القمح في الفيافي .. زينب جاءته الصبح فضربته على الخد الأيسر صحا مذعوراً يرجف حتى ساعات الضحى الأول وسوسن تتوسل لشيخ الجالس في الغرفة دخان يملأ ماعوناً و عريناًُ .. الشيخ يصيح هاتوا ناراً .. و خطوات الأم لهفى تسرع لتلبي طلبات الشيخ .. اذبحوا ديكاً عند الغروب .. يذبحون ديكاً .. ما نوع مرضه يا شيخي ؟ يصيح الشيخ هاتو نخلاً .. و يكف يجيء النخل .. سيدي .. يصيح الشيخ هاتوا نخلاً .. و عمي هارون يجري وتنزف صلعته عرقاً أخضراً .. لن تأتي النخلة أبداً فلنذهب لها نحن والشيخ يصر قوله .. و سوسن تتجرع مرارة الصمت .. وعصام تلقاه عند منعطف الطريق راجلاً .. قلت لها يا سوسن فلنتجاوز هذي الليلة .. لم تفهم أبداً يوماً ما أعني و لم أفهم أنا ما أعني .. و ركب عصام صهو الفرصة .. وتحدث في أغلى ما أملك .. سأهجم عليها . يتحول جرحي قطاراً وليلقوا علي التهمة .. لا منطق يثنيني .. لا شيء يهم .. فحين يمشي حولي يجيئني إحساس يتملكني ويسري في خدر في المفاصل و العروق .. يتحول إلى الإحساس دافئاًُ أكبته يتفجر ضحكة .. أكبتها تتحول صرخة .. ثم .. يتحول وحشاً رابضاً للحظة فاصلة و لا تجئ لحظة الهجوم .. لماذا تحلم يا نادر هذه الأحلام و الشيخ ينتظر النخلة .. مكسورة اللحظات يا سوسن تنظرين في عيني .. انظر فيها أنسى عصام الممسك بيدها و أنسى عمي هارون زارع شجرة الليمون .. كان من الأجدر يا هارون أن تزرع نخلة لا فرحاً حامضاً .. و الوحش الرابض ينسل من خلف عرين الدهشة غولاً لا يسكن بالأماني .. سأهجم عليها و أتحول فيها بطلاً أو مرثية .. و أقتل فيها الوسطية .. نادر أجري ودعك يا شيخنا من نخلة لا تجئ طواعية .. كم أخذتني الغمة حين رأيت نيل عينيها يموت وهي تمسك بآخر فرع من شجرة الليمون .. سأهجم .. لا زال الباطن يغلي و يفور .. و لا زالت التفاصيل الدقيقة ترسم خطة الهجوم المباغت .. عصام يأخذ الدوران حول عصا شجرة الليمون .. يحاصر سوسن ونادر تصبح أنفاسه أكثر حرارة صعوداًُ و هبوطاً .. يحاصرونها ..يبلغونها عصام وهارون يرشيان الزمن زجاجة تسري خدراً في المفاصل .. تحاول الجلوس على الرصيف و تحاول أن تنسل من زحمة صالة المسافرين .. يرهقها التجول والبحث عن شئ ما .. وفرع الليمون يمسك بأهدابها .. (( و قال الراوي : سوسن ترقص رقص الطائر المذبوح .. لم يستطع الطيران ولا أن يجعل الألم يسكت .. )) . ###### ينبح في سكون الليل .. الصمت متلاش .. وهارون يحمل عكازاً و الشيخ ينتظر ثمراً و أنا مكوم في ركن الترقب والانفعال عصام يصرخ .. ونادر يحمل خنجراً وفأساً .. عصام يصرخ .. نادر يزأر .. ونساء تولول .. و أنا أوقفت كل خطط الهجوم المباغت و تصبح صالة المسافرين عكازاً لهارون .. و انقطع آخر فرع في شجرة الليمون والفرح الحامض .. ال###### ينبح .. و هارون وعصاه يجري ويمسح العرق النازف رغم البرد والانفعال ... - لم تركتها ؟! - لم تكن تستحق . - أنت تحبها ؟! - ماتت وكفى .. نخلة تحرق نفسها وثمرتها لا تنضج .. ماء ينساب في المجرى لكنه لا يروي أرضاً عطشى .. ليل ساكن لكنه لا يمنح حلماً و لا أمناً .. و أنا أعود من خلف آخر الفروع حقلاً من القمح الأخضر و الفرح الأخضر .. أعود لابساً دروع التوهج والإشراق محصناً ضد التسيب العاطفي وعرفت أن حباً لم يمنحها و عياً غير جدير بالوجود .. ولم يكن ذلك حباً بل قل امتلاكاً ...
محمد عبد الله حرسم 1979م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
وتجربة ثالثة فى ذات النهج:
حينما تحال غرفتى زنبقة
أطِل عليك .. عيونك تحلم باللحظة .. عناق هواك يظل يعربد في خاطري والضوء القابع خلف ظلال الأشياء يتلصص نافذة الهمس .. عليك أجيء عليك أطل .. بين الرغبة و القرية مدينة كبيرة المسافة .. خطواتها الإسفلت .. شرابها المجون عافية عرفتها في طول ساقها في طقسها المتقلب اللعوب . حملتني في تلك الأيام ريح التباعد واخترت السفر البرد اللاترويح عن الجوع الكافر و هربت أجرجر في الذيل المقطوع حنجرتي مذبوحة .. الصوت لا يعبر المسافة جيداً .. و عيوني تتسلق جذوع الأشجار باحثة عن ساق لا تعرف أن تعري ذاتي ..تشتهي سفراً بدون متاع إلى المدينة التي تنام بين الرغبة و القرية ، واخترت يومها الهروب .. يداي ترتعشان أرتمي على حافة الوجوم ، يومها أنكرتني أوجه كل السادات بقيت رحلة لكلمة بغيضة تهم بالصراخ .. تهم التفتت لافتة الإشارة غير منظمة الإرسال .. اختلطت ألوانها ورحلت ابحث عن رحلة الذهول .. انتابني الذبول .. شعرت حينها بأن عمري الطويل ذرة صغيرة ماصرة .. سياجها تأهب النضال اخترت أن أكون زنبقة . كلفني الاختيار مليون فكرة لأفك ذلك الحصار .. تباعدت دواخلي تمزقت رؤاي . تشتت خطواتي إلا أني اخترت أن أكون زنبقة .لدهشتي وجدت أن من يصير زنبقة تنطلي عليه أي حيلة , يصير لوح بهجة لغيرها .. باختصار يصير ملك غيره .. و يومها .. اخترت السفر إليك .. حملت تعب رحلتي المنتهية رميتها في سلة المهملات بقرب نافذة تطل على الوجه القديم لي , ألقيتها غير عابئ لـ: كيف وأين ومتى ولماذا .. وماذا ؟؟ لبست حذائي .. جميل حذائي حين كنت اختار له الألوان كانت قدمي يوماً تتمطى داخل كل نوع بكبرياء الأسياد .. لكني أحس الآن أن السيد يضيق من الرحلة ..يبصق في وجه ربطة العنق وفتحت الباب .. و حين اختارني الخارج المضيء بالأشعة المنادية ، فتحت باب غرفتي .. نسيت أن أعود لأدير مفتاح نورها .. نسيت أن أقفل نافذة تطل على الوجه القديم لي .. وحين عرفت أن شيئاً ما يبيح لي أن أنطلق .. أختار شجرة ملساء .. جذعها .. لحاءها ..تفارق الحياة . وخرجت .. خطوة تدوس كبرياء وخطوة تطيح بي لأسفل الإسفلت هل هكذا تكون حانة التمرد المباح .. وهكذا أصبحت بندول شارع يطول دونما انتهاء ظللت شارداً في تلكم الشوارع ظللت أبحث عن رحلة طويلة ولكن دونما انتهاء و هكذا عرفتها .. بين الرغبة والقرية مساحة كبيرة المسافة .. قصيرة الأنفاس .. خطواتها الإسفلت ... عرفتها ذات يوم .. عرفتها في طول ساقها .. في النظرة المليئة انتابني الذهول .. شعرت حينها أن عمري الطويل ذرة صغيرة حقيرة .. يومها أنكرتني أوجه كل السادات .. احتقرتني نملات قومي بعد أن سطوا على مدينتي الجميلة .. فاخترت أن أكون محلة نشيطة .. ويومها : تقاربت دواخلي تلملمت رؤاي .. عرفت أني لست أهلاً لكون غرفتي تصير زنبقة .. لأن من يصير زنبقة تنطلي عليه أي حيلة .. يصير لوح بهجة لغيرها .. يموت سره .. تتيه بهجته في انتظار كلمة من غيره .. و باختصار لأنني لا أريد أن أكون ملكاً لغيري .
حرسم 1980م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: Emad Khairy)
|
Emad Khairy اشكرك على حسن ظنك في االذي اكتبه - وانا سعيد بانه اعجبك اما فيما يتعلق بكتابات محمد عبد الله حرسم ، فما عبرت عنه فهو رايي الشخصي يحتمل الصواب والخطاء ، انا لست متخصص في النقد ولا كاتب قصصي ، ما كتبته هو ما احسسته من خلال كتابات اخونا محمد عبد الله حرسم . ربما يعود ذلك اى انني لا احب هذه اللونية من الكتابة ، اراها غير ممتعة ومجرد هراء ! الاسراف في الرمزية غير مرحب به عندي ! وهذا الراي ثابت حتى في كتابات المشهور من الادباء والكتاب انا اميل للكتابات البسيطة السلسة والواقعية ! تحياتي لكما
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: أيمن محمود)
|
سلام وتحية
شخصياً لا احبز ولا اميل للأعمال الموغلة في الرمزية شعراً كانت أم نثراً أو قصة ، الكثيرون يمجدون أشعار عاطف خيري ويحتفون بها في حين أني لا استتسيغها ولكن ذلك لا يعطينا الحق في وصف ما لم يلاقي هوىً في أنفسنا بالهراء فتلك قسوة غير مبرره .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: بكري اسماعيل)
|
Quote: نخلة تحرق نفسها وثمرتها لا تنضج .. ماء ينساب في المجرى لكنه لا يروي أرضاً عطشى .. ليل ساكن لكنه لا يمنح حلماً و لا أمناً .. و أنا أعود من خلف آخر الفروع حقلاً من القمح الأخضر و الفرح الأخضر .. أعود لابساً دروع التوهج والإشراق محصناً ضد التسيب العاطفي وعرفت أن حباً لم يمنحها و عياً غير جدير بالوجود .. ولم يكن ذلك حباً بل قل امتلاكاً ...
محمد عبد الله حرسم 1979م
|
الاخ محمد عبد الله حرسم ,تحياتي: انا لست بناقد ولا كاتب محترف,لي تجارب في كتابة الشعر ومحاولات في الكتابة النثرية.صراحة إندهشت للمعلومة إنو الكلام المكتوب دا كان سنة 79. يعني تاريخ الصراع بين أصحاب الكتابة المتحررة من قيود ما يسمي بالتفعيلة (شعرا) وأنصار المباشرة الفجة في الكتابة السردية والكتابة الإبداعية بأجناسها المختلفة تاريخ قريب من التاريخ البديت تكتب فيهو قصصك وتحديد ا العام 66. عموما انا شايف إنو في محاولات تستحق الإشادة في إستخدام عناصر جمالية في الكتابة السردية والبورد فيهو نقاد فطاحلة متخصصين في القصة القصيرة. وممكن يجوا يدلو برايم. وانا شايف إنو من حقك الاصيل ان تعيد كتابة قصصك بدون إخلال بالمعني العام وان تطلب من متخصصين مراجعة سلامة اللغة كمادة خام ,بدون التدخل في العناصر الإبداعية للجنس الادبي المحدد العايز تواصل فيهو. شكرا كتير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: مرتضي عبد الجليل)
|
Quote: صراحة إندهشت للمعلومة إنو الكلام المكتوب دا كان سنة 79. يعني تاريخ الصراع بين أصحاب الكتابة المتحررة من قيود ما يسمي بالتفعيلة (شعرا) وأنصار المباشرة الفجة في الكتابة السردية والكتابة الإبداعية بأجناسها المختلفة تاريخ قريب من التاريخ البديت تكتب فيهو قصصك وتحديد ا العام 66. |
الاخ مرتضى ولك التحية باجمل مما قلت
انا سعيد كونك هنا توقيعك يجعل للكلام معنى يضاف الى سابقه
ما يدلل على صدق ما ذهبت اليه انه اصطدم اول ولوجه بذات الصرخة التى كانت قبل اكثر من ثلاثين عاما
نعم كانت اعوام التمرد على السائد ورفض المعتاد
فقط اولى الاضاءات المهمة لفهم ما اريده من طرح التجربة
Quote: موما انا شايف إنو في محاولات تستحق الإشادة في إستخدام عناصر جمالية في الكتابة السردية |
كتر خيرك وشكرا
Quote: والبورد فيهو نقاد فطاحلة متخصصين في القصة القصيرة. وممكن يجوا يدلو برايم. |
وحقيقة انا فى انتظار زول يجى يقيم ويقوم التجربة لانى انا انفصلت عنها من قبل فترة طويلة وانا اراها كما يراها غيرى الآن وكانى لم اكتبها انا
ان معيار النقد هى منهج والمنهج يحتاج لكثير من الجهد فى عدم اسفاف مجهودات الآخرين انما وضع الافكار فى حيزها المناسب
واحاينا ان انت اغفلت تاريخ الكتابة فانت قد لا تلج الى اجواء القصة اصلا والتجربة
شكرا جميلا نسيما الاخ مرتضى كلام انتظر مثله لنرى ما الذى اضافته التجربة او ما الذى خصمته التجربة القصصية فى المجموعة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: بكري اسماعيل)
|
Quote: شخصياً لا احبز ولا اميل للأعمال الموغلة في الرمزية شعراً كانت أم نثراً أو قصة ، الكثيرون يمجدون أشعار عاطف خيري ويحتفون بها في حين أني لا استتسيغها |
الجميل فى حضوره بكرى اسماعيل
نعم لكل منا طريقة يحب بها الفكرة ولكل منا طبيعة تختلف عن الآخر وهو طبيعى ولا يختلف عليه اثنان
Quote: ولكن ذلك لا يعطينا الحق في وصف ما لم يلاقي هوىً في أنفسنا بالهراء فتلك قسوة غير مبرره . |
وهو بيت القصيد ان النقد عملية معقدة جدا وياخد مناحى كثيرة والنقد صار الآن مدراس وعمليات مركبة تتطور مع تطور الكتابة نفسها والنقد نفسه اصبح فعلا احيانا تابعا لما يكتب واحيانا كيانا متفرد\ا قائما على ما سبق من فعل ابداعى
ولذلك دوما انا عن نفسى اقرأ وعندما لا يعجبنى ما هو مكتوب اغلق المنتدى او الموضوع وخلاص كدا تكون علاقتى مع الموضوع انتهت
شكرا جزيلا لكلمة صدق وحق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
Quote: ان النقد عملية معقدة جدا وياخد مناحى كثيرة والنقد صار الآن مدراس وعمليات مركبة تتطور مع تطور الكتابة نفسها والنقد نفسه اصبح فعلا احيانا تابعا لما يكتب واحيانا كيانا متفرد\ا قائما على ما سبق من فعل ابداعى |
ولذا اتساءل بينى وبين نفسى وبينى وبينكم احاينا اخرى ما الذى تغير بين عامى 1979م - 2013م
من نمط الكتابة والمضمون والمستساغ من الكلام
هل اللغة هى المتغير الوحيد ام ان استخادمات اللغة هى ايضا متغير لماذا تصطدم مجارى بعض 2013م مع 12979م هل هى عوامل اللتغير ام عى عوامل الثبات
لذات الاشكالية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
هناك جيل كامل نشأ فى السودان وفى العالم العربى عموما فى ذات الفترة هم رواد حركة التحرر من السائد والمعتاد
اسماء كثيرة لمعت وكانوا اصحاب مشاريع
وقدموا تجارب تستحق الوقوف عندها طويلا وليس مجرد عبورا ومرورا عابرا
انها تجارب تستحق النقد والتبصر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
دوماً صفر
في لحظة الحصار أحس بشيء ثقيل .. ثقيل جداً .. لا يمكن أن يكون كل هذا في نفسه .. بداخله ويحتل .. دأبت في الأيام الأخيرة كل البقايا والنفايات أن تتراكم فيه فتزكم تصرفاته ولا يلبث هذا التراكم أن يولد الناموس فيصبح مريضاً مريضاً .. في تلك اللحظة لا يستطيع أن يفصل بين الممكن والمستحيل .. و لا بين المفروض و الواجب و بين الحلم الذي فرض نفسه عليه .. ما أقسى أن يتقيأ الإنسان نفسه خاصة إذا كان دون إرادته .. ( أسمعوني مرة واحدة وصدقوني .. بيني وبينكم مودة عميقة في دواخلي .. لا تنصرفوا عني بهذه السهولة .. إنني أبحث عنكم .. أبحث عن صدق واحد لا يتجزأ .. لا يصبح أسمالاً .. صدق يأتي متكاملاً منساباً أو فجائياً .. أي شيء .. المهم أن يأتي في هذا الزمن الصعب ..لا ترموني .. لا ترموني في الإهمال .. لا تنسوني .. لا .. لا .. ) .. شمل السكون البيت .. البحر يجيء من فوق عتبة الباب .. ثم تأتي رائحة الأزهار ويتعقبها رائحة موتها .. ثم يجيء شيء ما .. شيء لا ملامح له .. لا تفاصيل يبقيه على خارطة الزمن والمسافة .. لا يبيح إلا لنفسه بهذه الأشياء .. ويبقى ذلك الشيء ينمو من داخله .. يتراكم .. يزكم تصرفاته ويبقى هو حيث هو .. لا يحس إلا بالضياع المطلق .. لا يوجد صدق مطلق .. و لا يوجد مطلق للمطلق .. ثم ينثني مع خط الأفق المتعرج على حافة الجبال البعيدة فلا يرى إلا البحر .. والبحر يفجر فيه ذكرى العهد الأول .. عصر الحلم والمحاولة .. عهد اللاجرح .. الآن لا الرجوع يرضيه و لا البقاء .. يريد أن يتقدم ولكن .. ما أن يعلو الموج حتى يتذكر التراكمات التي تزكم تصرفاته .. فيتقيأ .. - خطؤك يا أحمد أنك حين يجيء المد لا تتوقف .. - أنا إنسان .. - لا يا أحمد .. المدن مظلمة .. تختلط فيها المتاريس والأوهام .. المدينة جرح و آلية .. لا يجيء الموعد و الموت إلا بالصفر .. لحظة الانطلاق صفر .. و النهاية والبداية .. كلها صفر فابحث دوماً عن صفر لتجد أنك قد وهبت نفسك للصفر فما أحب أن يهب الإنسان الصفر نفسه للصفر .. - دوماً صفر ؟! - نعم يا أحمد دوماً صفر .. صفارة الإنذار و الإعلان تعلن قدوم الهلاك .. لتصاعد الدم في عينيه .. فلا يرى إلا أحمر .. الصفر صار أحمر .. والقطار يتلكأ في المسافة .. ذهابه وإيابه بندولي الشكل والمضمون .. ولا توجد فيه ما يملأ النفس إلا الزكام .. و صلاح قد مات .. وسوسن ذهبت إلى العراء تبحث عن صفر .. والده يتمرغ في النضال ضد الظروف الحياتية اليومية .. أمه تركته صغيراً صفراً .. هو لا يتذكر منها إلا ما عاد به قطار السكة من بقاياها .. والمدينة التي يقطنها لا يتذكر فيها الملامح و لا الشمس ولا الهجير و لا الندى .. الليل يتذكره أحياناً حيث كان يندفن وسط الهيبة الكاذبة والتحول المطلق .. - ارجع يا أحمد ... - لن أرجع .. إني أكرهكم الآن و بعد .. أبصر حقيقتكم جيداً بلا منظار مكبر .. اتركوني حيث الموت .. لا أريد أصفاركم ولا أرقامكم .. اتركوني أعيش كما يحلو لي .. أنكم تخنقون في كل شيء .. الأخلاق و الترصد والنكد .. ملايين المشانق عندكم .. أقلامكم رذاذ ورصاص .. أوراقكم بساط أكاذيب وحريق اتركوني .. لا ترتعوا كاهلي بنضال أبي - والدي - أن يسبقني الريح لا .. سوسن لن تخرج ولن تموت تحت أرجل عيونكم القذرة .. أن تضعوني في وهج الشمس و الهجير .. ..لا لا لا .. أن تمنعوني لحظة صدق لا لا لا .. السائق ينظر إليه في تعجب وتطلع .. وهو ينظر إلي عنق الزجاجة .. كيف تبدأ الأشياء كبيرة ثم تضيق و تعود صغيرة حقيرة .. أريد أن أتزوج سوسن لماذا اعترضوا ؟ هم أنفسهم لا يدرون .. و هذا هو المستحيل نفسه .. هذا هو المكان الذي يجد نفسه فيه حيث لا يستطيع أن يفصل بين المفروض و الواجب و بين الحلم الذي فرض نفسه عليه والرغبة .. والسائق يتطلع إليه .. والشمس محرقة أشعتها تجيء عبر زجاج النافذة كما رغبته المسروقة .. يحرك يده من موضع لموضع باحثاً عن مكان صفر .. تتعادل فيه الأشياء .. يستطيع بذلك أن يوفر ثمن الدواء لوالده المسكين .. وثم الكفن لأخيه صلاح .. والمنديل على رأسه الأصلع .. والعين تتحرك في تكاسل وبخفة .. الحسان تملأ الشوارع .. غضب آخر .. إذ ما معنى حرية شارع يصيب العرى فيه كل شيء ..جرح يسبق جرحاً سابقاً وعين لا يسعها إلا أن تنوم .. المجرمون .. قتلوا ابني .. ومع هذا الصراخ سمعوا صراخاً آخر كان ينبع من قرار مكين - من تحتهم من مكان سحيق .. صوت قوي مفجوع .. ارتفعت العربة و هوت وشيء أبيض مع صوت صارخ تطاير ثم أحمر ... كل شيء أحمر .. طفل أحمر تحت العربة .. والزحام يزحف والزحف يكثر و الكل يري أن يعرف ليثرثر .. بدا الرقم صفراً ثم تضاعف ثم بوصول رجال الأمن عاد صفراً .. العيون تتطلع والسائق يتأسف مرة و يلعن مرة ويبكي أخرى .. أما أحمد فقد كان في الزجاجة .. كيف تبدأ الأشياء كبيرة ثم تعود صغيرة حقيرة .. - إنه هو الفاعل .. - إنها تلك الملعونة التي وجودها بجانبه .. - لقد مات الطفل في التو .. - أين الأم .. - إنها في المستشفى .. أغمى عليها وربما أصيبت بنوبة قلبية .. عم عثمان كان يقول له لن أزوجك سوسن حتى لو أحضرت لها برج إيفل أو حدائق بابل المعلقة .. و أحمد يتساءل ويتضاءل .. لماذا يصر هذا الأبله على شيء لا جدوى منه .. و عثمان يحاصره .. لابد من أن يعترف بكل شيء .. لقد أحببتها .. بكل قوتي .. بكل ما أملك .. وما نتج ؟ رأيت من خلال عينها الدنيا .. من خلال شعرها عشقت الليل وموج البحر في قريتي الرابضة هناك خلق كثباني الرمل .. من شفتيها رضعت حنان أمي التي فقدتها في صغري تحت عجلات قطار السكة - كنت أجد عندها الصفاء .. أرحل السديم مهاجراً في الريح .. وفي ذات يوم ذابت اللحظات والتحمت المسافات ثم أصاب الصمت كل شيء إلا الجرح .. وعم عثمان يقول لن تتزوجها .. وهي تصمت أكثر .. سوسن التي ملأت الدنيا ضجيجاً تصمت الآن .. الأرقام الموجبة تتناقص والسالبة تتزايد وفي لحظة ما .. وهو يترقب .. ينتظر ردها .. و على غير ما يتوقع جاءت لحظة الصفر .. الأم تصرخ مات الطفل و القاعة تضج بروادها و القاصي يدق على المنضدة العالية .. والحاجب ينادي و السائق هناك في القفص و الزجاجة الملعونة تجلس القرفصاء أمام المتحري كمعروضات .. نقصت نصف العبوة .. المتحري صاحب هذه الشنبات لا يترك شيئاً للصدفة .. وسوسن تذهب للعراء هرباً من الزحام والصمت و المواجهة . و حين مات صلاح لم يجد حتى ثمن الكفن .. و صورة (( أمه تموت )) تخطر وتزاحم لتحتل مكاناً بارزاً في الصورة .. ثم يمتد الإطار وحلاً يحمل صورة والده المناضل واللون الأحمر يمثل الجزء الأوسط من اللوحة .. - فليسقط الاستعمار و ليسقط استيراد الدعاية .. لقد خنقه الحصار في عنق الزجاجة و لم تأتي إليه اللحظة فامتدت المسافة حزناً طويلاً .. يضيق الطريق في آخره كما الزجاجة و ينتظر دائماً لحظة الصفر التي لا تجيء .. والقطار يتلكأ .. و لا يوجد ما يملأ النفس غير الزكام .. ثم يأتي البحر من فوق عتبة الباب .. ثم تأتي رائحة الأزهار ويتعقبها رائحة موتها .. وصفارة الإنذار تعلن قدوم الهلاك .. ظلام .. ظلام .. يتصاعد الدم في عينيه فلا يرى إلا الأحمر .. يجب أن يكون موتاً بنتيجة .. و فجأة يجيء شيء ما .. شيء لا ملامح له .. لا تفاصيل يبقيه على خارطة الزمن والمسافة .. وذلك الشيء ينمو في داخله .. يتراكم .. يتزاكم .. يزكم تصرفاته ولا يستطيع إلا أن ينتظر الصدق المطلق .. ولا تأتي تلك اللحظة .. ولا البحر و الليل عصر النحول والمحاولة ولا الشمس تترك مكاناً خالياً تتعادل فيه الأشياء .. و لا عندما نطقوا بالحكم على السائق بالإعدام اهتم له .. إذا ما المعنى أن يقتل مساوياً لطفل صغير .. المئات يقتلون الأبرياء في كل مكان محتل و نحن نلتزم الصمت أو الخطب الحماسية .. ولا أهتم كذلك عند مجيء سوسن حاملاً في السابع من شهرها فلتعد إلى العراء أو إلى الوراء فلا شيء يهم .. و الآن جاء دور حبل المشنقة فليكن خيراً من الموت البطيء كل يوم .. - خطئك يا أحمد أنك حين يجيء المد لا تتوقف .. - أنا إنسان .. - لا يا أحمد .. المدن سرمدية الظلام .. أبدى العذاب .. تختلط فيها المتاريس والمقاييس .. لا يا أحمد أن تطالب بالصدق والأنانية تعربد في الطرقات .. لا يجيء الموعد والموت إلا بالصفر .. لحظة التجلي صفر .. الإلهام صفر .. القضاء صفر .. القدر صفر .. الموت صفر .. البداية والنهاية صفر .. كل اللحظات صفر فابحث دوماً عن صفر لتجد أنك قد وهبت نفسك للصفر .. فما أحب أن يهب الإنسان نفسه للصفر .. - دوماً للصفر ؟! و في لحظة الحصار أحس بشيء ثقيل .. ثقيل جداً .. لا يمكن أن يكون كل ذلك في داخله ويحتمل .. دأبت في الأيام الأخيرة البقايا والنفايات أن تتراكم فيه فتزكم تصرفاته ولا يلبث هذا التراكم أن يجعله يحس وهنا على وهن .. وما أقسى أن يتقيأ نفسه فإنه لا يبيح بهذه الأشياء إلا لنفسه .. تقلب للمرة الألف على السرير .. ليبدأ العد التنازلي للأرقام الموجبة والتصاعدية للأرقام السالبة .. ليلتقيا في لحظة ما - تسمى - دوماً صفر ..0
محمد عبد الله حرسم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
Quote: وانا شايف إنو من حقك الاصيل ان تعيد كتابة قصصك بدون إخلال بالمعني العام وان تطلب من متخصصين مراجعة سلامة اللغة كمادة خام ,بدون التدخل في العناصر الإبداعية للجنس الادبي المحدد العايز تواصل فيهو. |
شكرا مرتضى عبد الجليل
اتردد كثيرا حين اريد ان اهبش اى كلمة او جملة مما كتبت لانى لا اريد ان اخل بتاريخ الكتابة
وللحرف تاريخه وقيمته فى تاريخه
ربما لو اتفق معك الكثير من النقاد الذين انتظر منهم من ياتى لقييم لى هذه التجربة سلبا او ايجابا
سافعل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
حتى حركة النقد كما حركة الرد هى حركة متحيزة جدا
وتنمو مع نمو علاقاتك لا بنمو تجربتك لخلق علاقات جديدة
ان حركة نقدية واعية يمكن ان تشجع على خلق صلات جديدة بين الكتابة وبين الكاتب والقارىء
ان مجرد تلوين حضور العمل الادبى لن يمنحنا نيشان
ولا لن يزيد ما انا عليه
لكنه وبعد قرابة الخمس وثلاثون عاما سيمنح تجربتى مساحة افضل لاعادة انتاج الفكرة
فكرة تكسير قواعد الثبات التى يرى بها الآخرون الاشياء
يعنى ليه لازم زول مات قبل مية سنة يكون خاتى قواعد يحكمنا بيها لامن نموت نحن كمان ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
ما عادت الكتابة قضية انما هى شهوة يمارسها المثقف كطقس من طقوس اشعاره بانه متفرد وجبار وقوى ويملك ما لا يملكه الآخرين
ان الكتابة فعل يمارسه البعض كنوع من التنفيس والبحث عن مواز متخيل لرعونة فكرة المثقف كامل الدسم
ما عاد الناس يكتبون هنا لانه فعل ناقص
ومعتل
لانه المقابل قليل
اما هناك حيث البحث عن خيال مآتا هو نوع من الجلوس فى مقود عربة اسمها الشهرة والتفرد
به يمكن ان يغمط الاخرين ام يمسحهم او يكتبهم اغبياء او يمارس معهم قيادتهم تحت اباطه
مزعج جدا فكرة انك الاقوى والافضل والاجمل والانقى والاحسن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
وهناك تجربة القصة القصيرة جدا وهى تجربة حديثة نسبيا وارى انها ايضا تستحق وقفة ليس بالضرورة الآن انما سياتى من يتحدث عن التجربة يوما ما :
كان همسها متاحا وحلوا ومثير .....وكان حضورها صاخبا كما سؤالها ....وكان هو يريدها له لوحده .....ولكنها كانت تحس بانها لكل الدنيا .... كان يلح ... وكانت تسرقه حتى بهاءه ... وكان يعرف انها ارق من لحظته ....وهو يستميت فى البحث عن مفتاحها .....يرفع عينيه لسحابة تزيد المكان سكونا جميلا .......يراها رذاذا .......يرى همسها يطل من فوق السحاب ......لكنه همس كمن يوجه السؤال لنفسه .....مهموما كان يحاول اللحاق بانفاسها ......ليعطر لها المداخل .....لكنها كانت لا تأتى واحدة ......كلما بصرها رأى مرة عينها اليمنى ....ومرة اظافر قدميها .... ومرة خدها ........... لا تأتى كاملة ....... بل تأتى متناثرة .......... تأتى كلها الا ................. أذنها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
يا أيها الطفل الذي .. في داخل الرحم – الوطن – لا تندفع لا تسبق الزمن الرديء .. و لا تجيء حتى و إن تقيّأك الرحم البذئ إن تستطع.. بع راحتيك .. الحق أبلج كيف استقامة قامتك .. و المد أعرج إن تستطع.. خبئ عيونك قبل أن تأتي إلينا و أترك لهذا الوحش أذناً واحدة قهقه له .. و إن التفت خبئ الأخرى .. فأنت لها في الغد أحوج و دع للسانك الباب الموارب و أسرج الضحك الجميل .. و ردد الكلمات أحلى .. بع أن تستطع ورماً وداء حتى لا تؤجر مرقدك حتى تجد نفسا تنام هي الأضغاث لا تأتي ببشرى من براثن هذه الآفات.. و الموجات و الساحات و إل .. مات المطّلُ على جوانحنا المضاءة إن تستطع.. هيئ لأنفك أن يشم العار قبل أن يأتي الزكام و من النحيب .. من النشيج لملم المدن الكبيرة في وطن .. و لا تنام و ضع الوطن في دفترك خبئ الدفتر في كيس الزبالة حتى يمر من التفاتيش .. العساكر.. و الحثالة و ركلات الكلام الجارح المرّ العقيم .. و كل صيحات الثكالى حتى يمر من العسعس ** و ضع الوطن في دفترك ولا تجيء حتى تلوّن خارطة من كان قبلك أسوداً و أروي حكايات القبيلة كيف سادوا ثم بادوا قبل سنوات قليلة إن تستطع.. أخّر مجيئك. إن تستطع.. عانق عناقيد الفرح .. والانتظار دع الأكتاف للأحمال والعمر.. النهار..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
Quote: ربما يعود ذلك اى انني لا احب هذه اللونية من الكتابة ، اراها غير ممتعة ومجرد هراء ! الاسراف في الرمزية غير مرحب به عندي ! وهذا الراي ثابت حتى في كتابات المشهور من الادباء والكتاب انا اميل للكتابات البسيطة السلسة والواقعية ! |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: ناذر محمد الخليفة)
|
أنا احب .. انا لا أحب ..
انتو يا ناذر قالو ليكم الموضوع ده للاستفتاء العام ؟!! ما تخلو الناس تكتب دون راجمات معنوية زى دى .. الكتابه دى مساله كويسه جدا .. تستحق أن نبذل تجاهها شيئا من اللطافة والذوق والسماحه .. السماحة بتاعة اذا باع وإذا إشترى وإذا قرأ ديك .. بالغتوا والله !!
مشتاقين ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: أيمن محمود)
|
ايمن كتب .. والسلام عليه يوم يكتب ويوم يبدع نقدا .. كيف الحال والاحوال ..
Quote: غايتو لو ما بتزعل من النقد بتاعي كلامك الفوق ده مجرد هراء ساكت ، ليس فيه قيمة فنية تذكر ، مجرد كلمات ليس لها مغزى معين ، وليس فيها من مقومات القصة شئ! |
ومحمد عبدالله حرسم كتب ..
Quote: هل هناك نقاد فى المنبر يثبرون لى اغوارها ؟ |
والصحيح يسبرون .. والنقاد هم النقاد كما هو معلوم !!..
ثم يا أيمن يا عزيزي .. لم اتحدث عن النقد بتاعكم على علاته.. تحدثت عن اللطافه والسماحه إزاء الكتابه .. مطلق الكتابه التى يكتبها الانسان وهو محسن لنفسه او حتى فى مظان الاحسان ..
مودتى ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد حيدر المشرف)
|
محمد حيدر سلامات وان شاء الله انت طيب
Quote: ثم يا أيمن يا عزيزي .. لم اتحدث عن النقد بتاعكم على علاته.. تحدثت عن اللطافه والسماحه إزاء الكتابه .. مطلق الكتابه التى يكتبها الانسان وهو محسن لنفسه او حتى فى مظان الاحسان .. |
اتفق معك ولا خلاف على مبدأ اللطافة ،،، بس لو كتبت كلام وقلت تعال انقدوني .... بقول ليك رأيي بكل تجرد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: أيمن محمود)
|
Quote: كلامك الفوق ده مجرد هراء ساكت ، ليس فيه قيمة فنية تذكر ، مجرد كلمات ليس لها مغزى معين ، وليس فيها من مقومات القصة شئ! |
بالعكس تماما. النص المعنون بـ"حين تبكي زهرة التفتح المحاصرة" في رأيي المتواضع كقارئ عادي و متذوق للأدب بشكل عام نص ذو قيمة جمالية عالية لغته شعرية فيها تكثيف و حرفية يدل عليها بشكل واضح تدفق الكلام و تواصله بغير تكلف و لا انقطاع. هذا نص ممتاز بدون أدنى شك. انظر هنا يا رعاك الله:
Quote: سألت زهرة التفتح كيف يجيئك الندى مع الصباح ؟ لا ألمح في وجهك لون الأرض ولا نفحة النسيم |
Quote: كنت لا أرى مدينة تمد مخالب اليأس والحصار |
Quote: سحابي يتكون من دخان سيجارتي ونيران تشتعل في دواخلي .. ومطري دمع لا ينزل |
Quote: وقالت لي أن عمك لا يستوعب غير التكهنات وكلام النساء والقطيعة |
هذه بضع نماذج فقط للدلالة على الاستخدام المبدع للغة استخداما يخرج بها من اطار العادية إلى افاق الفن و الجمال. كان يمكن لحرسم أن يكتب أن فلانة حبيبيتي و ابنة عمي تزوجت من آخر اغني مني و انا دبرست و عملت مشاكل و الناس جو يوم العرس و ملوا لينا السراير و اختي جابت لي الفطور و ابوي صحاني لصلاة الفجر ..الخ لكنه لم يفعل لأنه يعرف ما الأدب و ما الابداع. شكرا يا حرسم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
Quote: أنا احب .. انا لا أحب ..
انتو يا ناذر قالو ليكم الموضوع ده للاستفتاء العام ؟!! ما تخلو الناس تكتب دون راجمات معنوية زى دى .. الكتابه دى مساله كويسه جدا .. تستحق أن نبذل تجاهها شيئا من اللطافة والذوق والسماحه .. السماحة بتاعة اذا باع وإذا إشترى وإذا قرأ ديك .. بالغتوا والله !!
مشتاقين .. |
محمد المشرف السلام عليكم
الفرق كبير بين الشتيمة والنقد
الشتيمة انا ما قاعد ارد عليها ابدا
والنقد عندو قواعد وقيم ومدراس
واذا فى شىء فى رايك ما عندو قيمة فعند ناس تانية عندو قيمة كبيرة فمسالة اختلاف القراءة دى ما مزعجة كلو كلو
ياخ كتر خيرك كونك هنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
فأدب الاختلاف ببساطة : أن أحترم الذي أمامي بما يقول ويطرح ويفكر وأن أنطلق في محاورته من نقاط الاتفاق لا من نقاط الخلاف .
لذلك قيل :
كلامنا خطأ يحتمل الصواب وكلام غيرنا صواب يحتمل الخطأ تأكيداّ على قبول الرأي الآخر واحترامه.
نعم يا محمد المشرف (يسبرون ) والخطأ ناتج للاستعجال فقط ساراعى ذلك مستقبلا
شكرا للتنبيه
| |
|
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
كتب سيف النصر
Quote: هذه بضع نماذج فقط للدلالة على الاستخدام المبدع للغة استخداما يخرج بها من اطار العادية إلى افاق الفن و الجمال. كان يمكن لحرسم أن يكتب أن فلانة حبيبيتي و ابنة عمي تزوجت من آخر اغني مني و انا دبرست و عملت مشاكل و الناس جو يوم العرس و ملوا لينا السراير و اختي جابت لي الفطور و ابوي صحاني لصلاة الفجر ..الخ لكنه لم يفعل لأنه يعرف ما الأدب و ما الابداع. شكرا يا حرسم. |
اولا الجميل سيف النصر
لك التحية بقدر حضورك الانيق هنا وفهمك وادبك الجم
حروف تمنح ابتسامتى الق جديد لكلام كتب قبل اكثر من ثلاثين عاما
ولم ارد ان ابدل حرفا تركته كما كتب ليحكى تاريخا محددا
شاكر جدا حضورك البهى
دوما هناك فى كل وقت من يمنح الانسانية دعما للتواصل والاستمرار نهرا يستمر رغم كل شىء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
إضافة تعليق... نشر كـHarsam Mohammed Abdalla (تغيير) النشر في فيس بوك
Mollhem Kordofan · متابعة · الأكثر تعليقا · Egypt في Self employed businessman أول مابدأ أيمن يهاجم كتب (غايتو لو ما بتزعل من النقد بتاعي) ولمن رد على عماد خيرى قال...(اما فيما يتعلق بكتابات محمد عبد الله حرسم ، فما عبرت عنه فهو رايي الشخصي يحتمل الصواب والخطاء ، انا لست متخصص في النقد ولا كاتب قصصي) أيمن ...نحنا بنحبك وبنحب بوستاتك ومادايرين نفقدك يامان أعمل حسابك رد · أعجبني · متابعة المنشور · 12 فبراير، الساعة 08:24 مساءً
من الفيس :
صديقى واحد اجمل الناس الذين التقيتهم ملهمنا الفخم
دوما كما تعودتك تاتينى كما النسيم
ياخ كتر خيرك يا صديقى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
· متابعة · الأكثر تعليقا · Egypt في Self employed businessman أيمن عدوانى ضد النص والا ضدك ياحرسم مانى عارف يمكن الإتنين ..بس كلامو ماسمح والله ملهم كردفان رد · أعجبني · متابعة المنشور · 12 فبراير، الساعة 08:20 مساءً
تسلم على السؤال يا صاحبى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
حين طرحت الشمروع القصصى الذى تم فى الاعوام 1979م الى حوالى 1983م
فقد قصدت جدا ان اجد من يتوهط كدا بعقلية تلك السنوات
وان يضع مايكطروسكوب حول استخدامات اللغة العنوان كيفية كتابة الجمل هل هى الطريقة التى كانت سائدة فى ذاك الزمان هل هى المعتاد هناك
بمنظور من العام 2013م نحن الآن فى زمن محتلف عن زمن النص المتوب هل يمكن ان نقارن بين النص 1979م والنص كما فى 2013م
هناك اسئلة فعلا تقلقنى جدا
ارجو من اى ناقد يحضر ان لا يرمى لى جملة واحدة ويمشى
كويس كويس ليه كعب كعب ليه
وشكرا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
حين طرحت الشمروع القصصى الذى تم فى الاعوام 1979م الى حوالى 1983م
فقد قصدت جدا ان اجد من يتوهط كدا بعقلية تلك السنوات
وان يضع مايكطروسكوب حول استخدامات اللغة العنوان كيفية كتابة الجمل هل هى الطريقة التى كانت سائدة فى ذاك الزمان هل هى المعتاد هناك
بمنظور من العام 2013م نحن الآن فى زمن محتلف عن زمن النص المتوب هل يمكن ان نقارن بين النص 1979م والنص كما فى 2013م
هناك اسئلة فعلا تقلقنى جدا
ارجو من اى ناقد يحضر ان لا يرمى لى جملة واحدة ويمشى
كويس كويس ليه كعب كعب ليه
وشكرا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
إضافة تعليق... نشر كـHarsam Mohammed Abdalla (تغيير) النشر في فيس بوك
Mollhem Kordofan · متابعة · الأكثر تعليقا · Egypt في Self employed businessman أول مابدأ أيمن يهاجم كتب (غايتو لو ما بتزعل من النقد بتاعي) ولمن رد على عماد خيرى قال...(اما فيما يتعلق بكتابات محمد عبد الله حرسم ، فما عبرت عنه فهو رايي الشخصي يحتمل الصواب والخطاء ، انا لست متخصص في النقد ولا كاتب قصصي) أيمن ...نحنا بنحبك وبنحب بوستاتك ومادايرين نفقدك يامان أعمل حسابك رد · أعجبني · متابعة المنشور · 12 فبراير، الساعة 08:24 مساءً Mollhem Kordofan · متابعة · الأكثر تعليقا · Egypt في Self employed businessman أيمن عدوانى ضد النص والا ضدك ياحرسم مانى عارف يمكن الإتنين ..بس كلامو ماسمح والله ملهم كردفان رد · أعجبني · متابعة المنشور · 12 فبراير، الساعة 08:20 مساءً Mohamed Abdelhalim Mahmoud · الأكثر تعليقا · Toronto, Ontario التداعي عبر ايجاد الصور الذهنية اوفتح نوافذ للتامل عن الحالة النفسية وطقوسها في متابعة السرد اسلوب جدير بالفحص الفني وبالتامل ايضا....نبحث عن الصدق في خبايا المعاني واعماق النفس...تحية للاستاذ حرسم وسنعود بعد الغوص في حروفكم الباذخة والله.. رد · أعجبني · متابعة المنشور · 26 فبراير، الساعة 01:15 مساءً
المكوّن الإضافي الاجتماعي لفيس بوك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
عنوان آخر للركض .. و الإنغماس
حتى هذه النسمة القادمة من مكان لا تجدي ... وهذه الوقفة لا تجدي ... يتململ .. أعماقه تغلي وتفور .. وعيناه لا تستقر .. يتابع خط الأفق مكوناً سفناً ومنارات و أرصفة و .. و .. وصومعة غلال .. من نهاية هذا البحر تأتي ملايين الأشياء .. لماذا لا يطول النظر هذا المدى !! عاجز هذا النظر كما العقل .. كما الفعل .. يدخل وانحباس اللسان شرخ آخر .. وتدون الأشياء خارطة أشلاء للإنتماء ومحاولات التوحد .. ونافذة مشرعة تطل منها ذكريات الرحيل من هناك .. هناك حيث الأشياء بسيطة والأحلام سهلة والمكان مسور بالماء و الأمان .. الماء يروى الأرض والأرض تلد الخضرة والخضرة تثمر والثمر يجئ بعده الأمان والهدوء .. يتمعن في آخر الأفق الملتصق بالبحر .. لماذا يقف هذا البحر في هذا المكان دائماً .. ويطل سؤال خبيث .. لماذا تركت العمل بالمسرح يا مختار ؟ ..كنت تحاول أن تحدد المسافات التي تريدها و أنت تسأل عن حوجتنا لهذا الفن .. ولماذا زحام الحياة وفضاء الكلام .. كيف الوصول و الطريق كثير التعرج والتداخل والغموض ؟؟..كيف تجئ المعادلات سهلة والتشابك يبدأ بك من رأس السؤال وحتى عجز الإجابة .. و كما حجم هذا المساء كان الترقب .. لماذا اخترت السفر و الرحيل من هناك يا عم عباس ؟ كانت الأرض ملكاً لك .. و كان السياج ملكاً لك .. وكان الماء ملكاً لك .. وكان الجهد ملكاً لك . وكنت سيد نفسك .. لماذا اخترت الزحام ؟ لماذا اخترت عبودية الركض واللهاث ؟.. هذه الليلة كل الأشياء تهمس .. وتجلجل .. تلبس زينة الاحتفال .. لمبات النيون تسرق أناقة ضوء المساء .. أغلقت المتاجر والحوانيت والمقاهي .. ضاعت أصوات الباعة المتجولون .. وخلت الشوارع إلا من قط يموء .. و###### يهز ذيله لنسمة تمر .. وشرطي في آخر الشارع يتعقب الطريق ... وضع غريب آخر .. أين يختفي ضجيج النهار ؟ .. لا يستمرئ الوقفة فيجلس .. تطول الجلسة فيقف .. و تمر الدقيقة كأختها .. وتتكرر ..ولا يزال البحر واقف كما هو .. ولا يزال المدى لا يرسل غير الموج و عنف الذكريات .. تقاطع تأملاته ومداخلاته بعض مقاطع لمسرحية تعرض على خشبة المسرح الحديث خلفه .. وحالة من الصراخ و العويل مردوفة بموسيقى غربية تزيد من درجة غليانه وتبرمه .. وجع جديد / قديم يطل .. - سأنتظرك حتى لو ابيّض شعري .. لن أكن لغيرك .. - أنا مسافر في هذه الدنيا .. لا أهتم أن كان لي بيت أم لا .. ثلاجة أم لا .. عربة ..هنائي في داخلي .. أنا أزهد .. - و أنا كذلك . هراء هذا الفعل .. هراء هذا الكلام .. يضحك .. و أنا كذلك ؟ و بلا ترتيب تجئ فاطمة ذات العشرين ربيعاً .. و يضحك مختار بهستريا .. وصافرة سفينة تخترق أذنيه .. هؤلاء المخرجون يرمون بك في لج هذا الهراء لتحلم و .. تدفع .. كم كنت ساذجاً يا مختار حين كنت تظن الطريق سهل .. ماذا تجدي هذه الفرجة ؟ .. ولماذا يجئ الفعل معتلاً مهزوماً .. لماذا يجئ حلم .. ليكن الاختلاف ولتستمر الحياة يا مختار .. ولكن ما لهذا الوجه .. الوجه المرعب يزحمه .. وجه عابس و أنف ملطّخ و فم مسّور بهذه الشعيرات غير المنتظمة وعينان ترسلان شظايا تجسيك على ركبتيك تتوسل .. وتنفجر بين الأشياء تضاد غريب .. تحب حين يتوقع أنها تكره وتكره حين يتوقع أنها تحب . و قال الراوي : ( كانت تأتي من بين أيادي الأطفال .. وترسم للمدينة لافتاتها .. وتعلم العروس رقصة الطيور المذبوحة وكانت تحكي مصرع فنان تحت سياج الهم وبين أشيائه ) . كانت هناك في المحطة الأولى .. رآها تصوب النظر إليه .. نظرات جريئة وحادة .. حاول أن يزوغ منها... ولكنها كانت قد دخلته عنوة لأنه لم يعتاد مثلها .. عينا فاطمة خجلى .. وكانت عينا كاترين تقولان كل شئ بوضوح .. هيا نعبر الجنون بطقوس الوله .. كانت تريد أن تعيش لأنها تخاف الموت .. ولأنها لا تحب الهزيمة .. وكان مختار يعرف تماماً أنها تحاصره .. - يجب أن تسافر معي .. سنعطيك كل شيء .. كل شيء .. ومختار في فخ هذه الزاوية مربع لازدهار البنفسج عيون لالتقاط المسار .. وانشطار في التوجه .. الفن الذي لا يحرك أمة من مواتها ليس فناً .. و هذا الأوان أوان الثرثرة .. وقابض هذه العبارة ( أن تصمت هو أن تموت ) . كم هي المسافة بين الإفلاس و الجدوى ؟ ... تزدحم الطرق المؤدية للمطار كل صباح جديد .. لماذا يفر هؤلاء .. عم عباس كان أول المغادرين .. كان يجري مرعوباً من زحام إلى زحام اشد كلما ظن أنه وصل تتعقد الأمور ويزيد لهاثه .. ووجه ذلك الفارس المرعب يطارده .. الشوارع خاوية كما البطن .. والنفس تشتهي .. و الخضرة تلوح بعيدا خلف هذه الوجوه الهاربة ..... الـخـضرة تـمـسك بـآخر خطوات هذا الهارب و آخر المسار لا يلوح .. وكانت فاطمة هي الوحيدة التي تعرف ميعاد الولوج إليه .. كانت تحكيه وتحلم معه .. كانت تسفيه كأس الكتابة في زمان القحط .. وتعطيه الكلمات في زمان العسر .. أمسكت بيده يوم خرج مع عم عباس .. هو لا يدري لماذا لم يطاوعها .. يذكر الآن كيف فارقها ووجهها خارطة للألم والبكاء .. يرخي أذنيه .. موسيقى غربية تزحمه .. وهي شعرة ما بين الإمساك بتلك اللحظة وإفلاتها .. حتى المعاني صعبة كهذا الوجه المفلطح .. لماذا يطارده هذا الحارس وهذا الوجه ؟ .. وانحباس اللسان ؟ .. و كما السفينة ماذا لو سار على سطح المدينة .. اللحظة المرهونة لا تجاوز أول الذاكرة . - أتعرفين يا كاترين أن هذه السياحة التي تدخلين بها ضرب من الحصار .. - بالتأكيد لا! ..ارتقى .. فقط .. أريدك أن تكون في القمة ... - أعلم ذلك .. و لكنك تشوهين طريقي . فاطمة جاءت من رحم مشتعل بالرعب والرغبة المخنوقة .. مفتونة المواسم .. والدها مات وهي لا تزال طفلة لم تتعلم الكلام .. لا تذكر كيف كانت طفلة .. حوصرت بالوجع والإهانة .. لكنها كانت تمسك بمختار الأمل .. حاولت أن تردعه عن السفر .. كانت تدرك أن أحلامه بحجم هذا الفضاء و بيفع هذه الأرض البكر .. هي لم تكن تعرف لماذا تخاف رحيله ولكنها كانت تدرك خوفها من ذاك الوجه المرعب المفلطح .. شيء ما كان يوحي لها بذلك .. وافلت مختار من بين يديها .. كان يدميها مختار هناك على رمال البعد يمدد كتفيه حبالاً لينوم على تعبه كل الغلابة .. وتمسك في ذاكرتها بآخر مرابط هذا المختار وأنفاس مسيرته فاطمة كانت تدرك أنها تموت رويداً رويدا ً و كانت تقاوم .. - أريدها يا ... - الناس ؟ - لا أهتم .. - ستعرف كل شئ ..كل شيء .. ( وقال الراوي : الفضاءات تتقزم ..و المساحات الخضراء تنعدم ورحل السحاب عنهم ولم يمطر رغم دعوات الشيوخ ) . الموسيقى الصاخبة تملأ أذنيه .. أصوات أقدام ورصاص ولهاث .. والوجه المرعب يجيء من كل مكان كما فاطمة .. يجيء من كل شيء حتى من تلك المقاهي المتكئة على أخشاب بالية خلف قطار السكة حديد .. أناس يصلون الصبح حاضراً ويأتون إلى المقهى يناقشون مباراة كرة القدم .. فاطمة تحاول أن تزيح هذا الوجه النتن .. و أصوات حشرجة تذيع المباراة .. صمت مريب .. المذيع بصوت مكرر يعلن ولوج هدف رخيص .. مكرر .. مكرر .. موسيقى .. هلع .. صراخ .. دم مراق .. كيف يجلب هذا الهلع طريق .. كيف تجلب هذه الضجة جيل ؟ .. الفزع لا يجلب عقلاً .. يا مخرج الروائع توقف .. أما آن لك تترجل عن هذا الفرس الجامح .. أن تناول القشور لا يجدي .. لماذا لا تلج ؟؟ .. - يا فاطمة أحبكِ .. - لا تسافر . - لا تصنعي خوازيق . - أنت لا تحاول أن تفهمني . - لماذا نسرق حتى اللقاء ؟ كان العام يجر أذياله .. وكانت أطراف المدينة ملتهبة تضج بالصخب .. و كانت الأسواق خالية إلا من قط يموء وسط أكوام الزبالة .. و###### ينبح خلف رجل الشرطة .. و .. شبح يسير في الظلام خلفه شبح .. يقتربان .. يتماسكان لحظة ثم يندفعان .. صوت باب سيارة يفتح ويرتطم .. تختفي الأيادي و السيارة بأصحابها . كانت يدك يا مختار ممدودة .. إصبع في الحناجر وإصبع في ملامح ذلك المكان .. و أصبح يسد الطريق و منافذ الوصول إلى المطار .. والقرية تنزف كما فاطمة وجعاً أسود .. طفلة تبكي وثدي أمها لا يدر شيء .. غبار كثيف يحد منابت الوجع والرحيل .. وكانت كاترين لا تيأس و تلد المحاولة تلو المحاولة .. أنت هنا مقبور يا مختار ... كاترين تضع مكياجاً وتتبرج سماً .. خذ يا مختار .. اليد ممدودة والابتسامة تلد سيجارة و .. جواز سفر .. وقال الراوي ( كان صهيل مختار ينمو من شقوق الوجع وينمو .. كان يدور يا سحاب التمكن كن مطري و يا يدي كن الممكن .. أركض يا شمع الظلام وعلم المسار .. و أكبر يا طفلي المسروج للسفر ..أمتطي صهو الطريق .. فك الحصار .. و أقبض معي وجه النهار ) . تدخله العبارة من كل المسامات والشروخ .. البحر مكانه يمتد على مدى النظر .. و هذه العوالم تنعكس على صفحة الماء عكراً .. لماذا مصاب بانبهار السفر ؟ .. و تمتلكه رهبة الفرجة لا رغبة المشاركة ...و يطوف بأنفاسه أوديتها و ليلها ويتسوح فيها ... وكان شئ ما يظل يتمدد بينهما .. ويظل يكبر كالسؤال المردد الخبيث .. وصخب الموسيقي لا يزال .. وكانت خيوله المطاردة لفاطمة تتعارك مع الوجه ذو الرائحة النتنة .. - لو كنتِ تحتاجينني فلنتزوج .. - أخيراً لفظتها .. - و هل هناك فرق بين الحب والحوجة ؟ - لن نصل إلى العمق و أنت بهذا العنف . - كنت أعتقد أنني قد فهمتك . - أنت عنيف وفي اتجاه واحد . - أنا أؤمن بأن الذي يحب لا يعرف المتاجرة ولا المناورة و لا التراجع .. أنه يفعل كل شيء . و يترهل النهر عند هذا المنعرج في نفس زاوية الشمس المتراجعة نحو الأفول .. ووجه الحارس على ضفتي الذاكرة .. حين سور نفسه بهذا المكياج كان يدرك سر أن تضع مكياج العظمة الغموض وهالة العلو ورماك بالعجز يا مختار .. أنه لا يعترف بالموهبة .. وكانت الأخرى مع عم عباس حين قرر الرحيل .. يا عم عباس هل كان الرحيل قدر و كان شيء ما يشدك خلفه .. و كان اشتهاؤك يا كاترين أقسى .. كانت هموم مختار أمامها على الهواء الطلق .. كان يحكى لها عن كل شيء و كانت هي ترسم تفاصيل الهجوم عليه .. هي تزرعه بالإحباط وتسقيه كأس الهروب من المواجهة وتسوره بكره البقاء .. أن تبدع في بلد شرعته خبز وماء موت .. أن تركض وحدك وهم .. الإبداع عندنا حيث الرحابة والقبول .. بيننا و بينكم مائة عام .. عندكم منابت الهموم أكثر .. و لا تلد إلهاماتكم إلا بقايا هياكل .. البناء مختل .. فكيف تعطي جائع ليأكل ثقافة ؟ لمن تبدع و الذين من حولك مصابون بضعف الذاكرة و فروسية الكلام ؟؟ متى ستجد من يحميك من هذا الوجه المرعب المدمر الذي يطاردك .. هو فقط يعرف الفرق بين العالم الأول والثاني ... و الخامس .. ويجيد اللعبة . و جرح يجيء عقب جرح آخر .. ويرمي مختار عقب السيجارة المائة ..أقدام تركض .. وجه واحد كان يركض نحو الخضرة ملطخاً .. وألف وجه كان يركض نحو المطار .. لم يدرك مختار سيناريو هذا الوجه المفلطح ذو الرائحة النتنة .. يجيء مرة عم حسنين الباشكاتب .. و مرة مدير المسرح و مرة شرطي ومرة جزار .. و حذاء .. و###### ينبح في ظلام مر ... و أنياب أسد و عمدة .. شرطي .. تاجر .....أينما يكون يكون سد وفجيعة.. وتتكثف أسباب السفر .. صافرة السفينة في أذنيه تختلط مع أصوات الركض والعويل .. ويستسلم للحدود الضيقة تطارد همومك وهي تتكثف .. أنا أعلم أنك تحاول ولكن المحاولة وحدها لا تكفي . - لا اهتم . - لكننا . - سيناريو آخر للهزيمة و الانكسار .. سئمت هذه المعادلة . - أنت تملك ما لا يملكون لكنهم يملكون المفاتيح .. أينما تركض هم أمامك .. - لأني أملك ما لا يملكون .. - و هم يملكون ما لا تملك .. - هذا الحوار أعمى وأصم وأخرس . وتتداخل موسيقى غريبة عنيفة مع المراحل الأخيرة من إتكاءة السفينة بعد رحلة طويلة ومجهدة .. والضوء الباهت حولك ينبئك بانتشار الهزيمة .. العام في لحظاته الأخيرة .. الصخب في قلب المدينة على أنغام غناء لا يعرف معناه أحد .. تذكر أمه هناك .. كان يعرف أن حركة فمها الجميل هي دعوات و أمان وابتهالات للصحة وحصاد أوفر وخضرة تمتد و بركة تحل .. كان يدرك أنها تستقبل عامها الجديد و هي على سجادة وقلبها سليم .. ويعرف مختار أن الهموم هناك صغيرة كتلك المراكب المنسابة في النيل كأشعة شمس صباحية .. كانت ظلال النخيل هي الأحضان و السلوى .. كان حاج محمد يتكئ علي تلك الرمال المفروشة يحكي عن بطولاته وصولا ته في المدن ويصدقون كل كلمة يقولها .. أدرك لحظتها فقط أنهم لا يحتاجون لمسارح بل يحتاجون لصوامع غلال .. وصوامع غلال . و قال الراوي :( كان الأطفال يتوغلون في انهمار ضوء القمر .. و من خلفهم تطل ألف مئذنة ومن خلف المآذن تطل منابت الروح ) . فجأة يتذكر مختار جواز السفر و غرفته البائسة ذات الجدران المتآكلة .. وتلك الفوضى .. كان يملك كل المدينة وهو داخل غرفته ويفقد كل شيء خارجها .. يتوه .. حتى لمبات النيون تجهره ..ويبقى الحذاء ثقيلاً رغم محاولات الهرولة ... ويجيء الوجه المفلطح من كل الزوايا .. ويعاني هو نعاس الخلاص ويدخله حنين السفر .. يداه مغلولتان وكل الطرق تؤدي إلى الإحباط .. كيف تنمو هذه الدهاليز وكيف تجيء خارطة الفرد مشوهة ؟؟ والوجه يصاهر دمه .. ( عزيزي مختار تعال .. تعال .. أحبك – تعال ) .. مزق الرسالة كما مزق جواز السفر .. ألقى القصاصات حانق الرغبة مخنوق الاعتبار .. كانت أشلاؤه تدنو ويضيق تنفسه .. الوجوه الراكضة نحو المطار تمارس معه حرفة ( *المدافرة ) .. حتى هذه الوقفة لا تجدي .. العمدة يطارد عمه عباس والأرض تتلاشى .. الوجه المرعب يطارده ..أصوات الصافرات حانقة وركض وعويل وسيجارة .. استدار .. يجب أن يسكت هذه الأعاصير .. يجب أن يعارك آخر معاقل هذا الوجه المفلطح .. واستدار وبنفس قوة استدارته كانت فاطمة في وجهه تماماً .. فوجئ و أنغمس .. هي تدخله وتزحمه .. بنفس الفستان الأزرق الجميل .. كانت فاطمة في كل شيء .. الأبواب و الشبابيك والأزقة .. تخرج من زبد البحر ومن صومعة غلال .. أقدام تركض وعويل موسيقى صاخبة وصافرة طويلة مميزة تعلن منتصف الليل .. ظلام عام ..أبواق السيارات المتراصة على الشاطئ و صافرات السفن .. ملامح تبدأ واضحة ثم تنزوي كوجه عم عباس بحياء ثم تتحول وجه مرعب وتكتم أنفاسه .. تمد يدها وتركض فيه فاطمة .. أوردته و شرايينه تنتفخ كما أوداجه .. عيناه جاحظتان .. وكما لم يستوعب اللحظة تماماً اندفع للخلف بنفس سرعة استدارته .. وتندفع معه كل المدينة ..وكان الماء المالح كالوجه المفلطح .. موج وشنبات كثيفة .. صراخه يضيع وسط صافرات السفن الراسية وأبواق السيارات .. تظهر يد تارة ومرة نصف وجه .. غرغرة الماء كصافرة السفينة .. كعنف الخطى اللاهثة نحو المطار .. و أنوار حمراء وبيضاء و زرقاء تحتل الفضاء ..ثم تضيق المنافذ .. والعام يتلاشى .. نور جاهر وظلام شديد .. ثم سواد حالك .. وتتلاشى الأشياء كما العام .. ولا يبقى إلا صمت من نوع ما .. كصمت عم عباس حين سأله مختار لماذا رحلنا من هناك ؟ لماذا ؟؟ . وقال الراوي :( برتابة الفعل استعمر العمدة فاطمة .. وأحتل الأرض ) . حين فتح مختار عينيه كان كل شيء حوله أبيض .. وأول ما تذكر طل سؤال قديم مردد .. لماذا يموت العاشقون وأشياءهم الجميلة تحت سياط الوجه المفلطح ؟ - ي..يـ .. يا ..يا دك ..توووووو....ر أياد أربع تحاصره .. و إبتسامة .. حاول بجهد أن يتعرف على ملامح هذه المرأة .. فمها يتحرك .. كانت تقول له شيء ما .. هي تهمس .. يرخي أذنيه في إعياء .. لكنه لا يسمع .. يتوسل إليها أن ترفع صوتها .. بطرف عينه اليسرى يرى سجادة .. يلتفت يمنة يراها تمد له سيجارة و بخبث .. جواز السفر . - ستجد كل شيء هناك .. سنعطيك كل شيء .. كل شيء .
محمد عبد الله حرسم جدة 19/07/1409هـ 02/12/1989م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
Mohamed Abdelhalim Mahmoud · الأكثر تعليقا · Toronto, Ontario التداعي عبر ايجاد الصور الذهنية اوفتح نوافذ للتامل عن الحالة النفسية وطقوسها في متابعة السرد اسلوب جدير بالفحص الفني وبالتامل ايضا....نبحث عن الصدق في خبايا المعاني واعماق النفس...تحية للاستاذ حرسم وسنعود بعد الغوص في حروفكم الباذخة والله..
الجميل محمد عبد الحليم
اعتز جدا بحروفك الانيقة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
Mohamed Abdelhalim Mahmoud
Quote:
التداعي عبر ايجاد الصور الذهنية اوفتح نوافذ للتامل عن الحالة النفسية وطقوسها في متابعة السرد اسلوب جدير بالفحص الفني وبالتامل ايضا....نبحث عن الصدق في خبايا المعاني واعماق النفس...تحية للاستاذ حرسم وسنعود بعد الغوص في حروفكم الباذخة والله..
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حين تبكى زهرة التفتح المحاصرة (Re: محمد عبد الله حرسم)
|
احببت
مشاركة الآخرين تجربتى حين كنت فى ذاك العمر
دعنى اقول انى كسبت كثيرا هنا
لانى ادرك كل مرة ان الحضور ثمنه كبير
وليس سهلا ان ترضى (الكل)
ان اعمال الفكر والثقافة هى مواد قابلة للاشتعال احيانا
وهى ايضا مجرد كلمات احيانا
ولكن تكوين البعض الفكرى والثقافى متحيز
لا يرى الا من خلال (نفسه) و(مزاجه)
هى الدنيا تعلمك
يوما ما سيعرف الاخرين كيف كنت
ربما بعد ان تفارق الحياة
| |
|
|
|
|
|
|