|
ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين
|
علي يقين من أن الصراع بين مفهومين للوطن ومفهومين للمواطنة، ومفهومين للهوية، هو صراع قديم في السودان وسابق كثيرا لظهور جمهورية السودان للوجود.
وعلى يقين من أن الوطن في العقيدة السرية عند بعض أحزابنا والععلنية عند بعضها الآخر، هو الانتماء الديني للإسلام والانتماء العرقي للعروبة وأن من هو خارج هذين الانتمائين، هو إنسان إما فائض أو عميل أو جاسوس أو مخرب (شرزمة).
وعلى يقين من أن هذا هو الباب الذي دخل منه التهميش إلى حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعلى يقين من أن هذه الأدواء تنخر في كيانات الجميع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، مهما برقت الشعارات وتعالت الهتافات، فاحزابنا جميعها ظلت تسلي منتسبيها والمتعاطفين معها بالشعارات البراقة والهتافات الداوية ولا شيء غير ذلك سوى ان تظل قيادتها هي هي على مر العصور، تشارك الرب في الأحدية والقدم.
ومع كل ذلك، وبعد كل ما حل ببلادنا من خراب ودمار وتراجع على جميع الأصعدة، بعد كل الأرواح التي أزهقت والمجتمعات التي دمرت والموؤدة التي قتلت، مع كل ذلك، حلمنا بأن الجميع قد شبوا عن الطوق ويمكن أن يتشبثوا بالفرصة الأخيرة للسلام وإنهاء الحروب والتخلص من الدكتاتورية وإقامة كيان وطني جديد يمكن للجميع ان يحبوه بالتساوي ويعيشوا فيه متساوين. فرصة ميثاق ىالفجر الجديد.
لكنهم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
تراجع الحزب الشيوعي السوداني عن ميثاق الفجر الجديد وتملص من تفويض مندوبه الذي وقع على الميثاق في كمبالا.
ورغم ما في هذا الموقف من تخاذل، فلا أظن انه أمر شاذ يأتي من خارج منظومة تفكير وسلوكيات هذا الحزب.
فإذا عدنا قليلا إلى الوراء، عام 1983 هذا القريب، نجد أن هذا الحزب قد وقف موقفا تخاذليا غريبا من إعلان الحركة الشعبية لتحرير السودان عن نفسها في المنفستو الأول.
والغريب في ذلك الموقف أنه كان موقفا (تبرعيا) حيث لم يطالب أحد، ولا النميري، الحزب بإعلان موقفه من الحركة الشعبية.
حرص الحزب في بيان له بمناسبة صدور منفستو الحركة الشعبية الأول عام 1983، على نفي أي صلة له بالحركة الشعبية لتحرير السودان، رغم أن الحركة لم تلمح مجرد تلميح في المنافيستو لأي علاقة لها بالحزب، سوى حديث المنفستو عن (الاشتراكية). بل ان الحزب قد ذهب في بيانه إلى توضيح عدم وجود علاقة (قرابة) بين جون قرنق والشهيد جوزف قرنق.
غير أن الذي يقرأ ويحلل تاريخ هذا الحزب، لن يجد تناقضا بين هذه المواقف المتخاذلة وبين ذلك التاريخ.
لذا سنعود للنظر في تاريخ مواقف هذا الحزب من مراحله الجنينية، وسترون العجب العجاب.
(والرهيفة أتنقد)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
قلت فيما سبق:
Quote: سأواصل في هذا البوست فضح مواقف هذه الأحزاب وسلوكها السياسي المغلف بالوطنية وهو أبعد ما يكون عنها. سأفعل ذلك، ليس من خلال الهتر والتشفي الرخيص، وإنما من خلال التحليل الاستدلالي النقدي |
وأكرر هذا هنا حتى لا يفهم أحد أن هذا البوست مخصص لنقد المواقف السياسية والسلوك السياسي للحزب الشيوعي السوداني. قلت الأحزاب السودانية، وهذا ما سأفعل.
والمناسبة هي التراجع المخزي لهذه الأحزاب عما اتفق عليه ممثلو قوى الاجماع الوطني مع الحركة الثورية وهو ما عرف بميثاق الفجر الجديد بعد أن هددهم نافع على نافع بالعقوبات الجسدية الشخصية.
وهذا يجعل من هذا البوست نقدا للحركة السياسية السودانية برمتها والتي أنتج نشاطها السياسي عبر أكثر من نصف قرن، هذه الدولة الفاشلة التي تتحكم فيها العنصرية وتحكم بالحديد والنار.
هذا ما لزم توضيحه.
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
الأخ حامد.. تحياتى،
فمن أين لنا قادة لا يزيدهم التهديد إلا إصراراً على القضية؟ قادتنا السياسيين نافذ فيهم قدر القزمية والتأقزم!!
و اسمح لى بمناسبة الذكرى السنوية لأغتيال عملاق الفكر و عملاق المواقف: محمود محمد طه، أن أذكر بمقولته الشهيرة: "الشعب السودانى شعب عملاق يتقدمه أقزام!!"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
نمضي هنا مع الحزب الشيوعي السوداني الذي نتناوله أولا من بابا (الأقربون أولى بالمعروف) كما قلت. ثم نتناول بعده حزب الأمة ثم الحركة الاتحادية في تجلياتها المختلفة ثم الحركة الاسلامية في تنحولاتها المختلفة وحتى الحركة الشعبية لتحرير السودان لن تنجو منا.
الهدف:
هو إثبات فرضية تقول بأن خللا خطيرا قد صاحب نشأة ومسيرة الحركة السياسية السودانية جعلها غير قادرة إلا على إنتاج سودان إقصائي تهميشي عنصري ظالم، هو (السودان القديم)، وذلك تبريرا لمساندتنا غير المحدودة للذين يسعون لبناء (السودان الجديد).
المناسبة كما قلنا هي هذا الموقف المخذل والمتخاذل من بيان الفجر الجديد الذ اعتبارناه أول لبنة في بناء السودان الجديد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
عقدت (حركة التحرر الوطني) أول مؤتمر لها تحت اسم (الحزب الشيوعي السوداني عام 1950. لكن تطورات كبيرة قد حدثت داخل الحركة خلال الفترة من عام 1946 إلى عام 1950.
فيما يلي سوف نتتبع الأداء السياسي الاستراتيجي والتكتيكي منذ 1946 إلى الوقت الراهن في حلقات متتابعة.
1) في عام 1946م كان الصراع بين دعاة الجمود ودعاة الانطلاق داخل الحركة قد احتدم، بل انفجر انفجارا داخل اللجنة المركزية ل (حركة التحرر الوطني). وفي صيف ذلك العام استطاعت (العناصر الثورية) أن تطرد من اللجنة المركزية من أسموهم حينها (بالعناصر الانتهازية). وتشكلت لجنة مركزية جديدة. وبالفعل فقد استطاعت القيادة الجديدة أن تعمل بسرعة على توطيد الحركة داخل جماهير العمال في المدن، إذ لم يكن هناك عمال خارجها. وقد ظل خط الحركة العام هو (النضال ضد الاستعمار وحق الشعب السوداني في تقرير مصيره). وتقوقع الشيوعيون داخل المفهوم الغامض للاستقلال وتقرير المصير، إذ لم تتحدث وثائقهم حول آليات ممارسة الشعب السوداني لتقرير مصيره. وكان هذا الموقف ضبابيا تماما مقارنة مع موقفي الحزين التقليديين. فإذا كان التيار الاستقلالي يتحدث عن الاستقلال، فقد كان لدى قيادة هذا التيار مفهوم خاص وواضح للاستقلال. وهو خروج المستعمرين، مصر وبريطانيا. أما الاتحاديون فإنهم يعنون بالاستقلال خروج الإنجليز عن وادي النيل. ولم يستطع الشيوعيون تحديد مفهوم خاص بهم للاستقلال. فهم يتحدثون فقط عن النضال ضد الاستعمار وحق الشعب السوداني في تقرير مصيره، بدون تفاصيل تكشف عن رؤية واضحة. بل أن الشيوعيين اندفعوا ودفعوا بالعمال في نضال غير واضح الأسباب أو الأهداف ضد (الجمعية التشريعية) عام1948م.
وهذه قضية كبيرة لم تلقى ما يليق بها من التحليل والتعليل. فالجمعية التشريعية هي من المؤسسات الدستورية التي بدأت الحكومة الإستعمارية البريطانية إدخالها ضمن نظام الحكم في السودان، مثل المجلس الاستشاري عام 1942 والجمعية التشريعية عام 1948. فبغض النظر عن جدواها في مجال إشراك السودانيين في الحكم من عدمه، فإنها كانت تعني، من حيث هي مؤسسات دستورية، أن السودان دولة أخرى وليس إقليما مصريا. فلو كان إقليما مصريا لترك أمر تطوير نظام الحكم فيه لمصر، ووفق نظام الحكم الملكي المصري. لهذا كانت الحكومة المصرية تعارض بشدة قيام هذه المؤسسات الدستورية في السودان. وكان رد مصطفي النحاس رئيس الوزراء المصري في أغسطس عام 1939 علي طلب حكومة السودان الموافقة علي قيام المجلس الاستشاري، هو تأكيد موقف مصر الرافض لقيام مثل هذه المؤسسات باعتبار أن مصر والسودان بلد واحد، وهي لا تري في مثل هذه المؤسسات سوي أنها (ترمي إلى فصل السودان عن مصر). (انظر د. إبراهيم محمد الحاج موسى ( التجربة الديمقراطية في السودان و تطور نظام الحكم ) ونفس هذا الموقف وقفته الحكومة المصرية من الجمعية التشريعية ولنفس الأسباب الإستراتيجية.
وما كان أمام السيد عبد الرحمن، ومن منظور إستراتيجي أيضا، إلا أن يقف موقفا مناوئا لموقف الحكومة المصرية. فأي شيء ، أهون من الإعتراف بأن السودان ما هو إلا إقليم مصري. وإذ كان قيام مثل تلك المؤسسات يعني فصل السودان عن مصر فهو أول الداعين إلي ذلك علانية، ولابد له من تأييدها.
فإذا كان الاستقلاليون قد أيدوا قيام الجمعية التشريعية فلأنها تؤكد انفصال السودان عن مصر. وإذا كان الاتحاديون قد قاوموها فلنفس السبب الاستراتيجي. فلماذا قرر الشيوعيون مقاومتها بالقوة؟ إن أقل ما يقال هنا أن الشيوعيين لم يقدوا ما يبرر موقفهم وبالصورة الواضحة التي فعلها الاتحاديون والاستقلاليون.
ولاشك أن الإدارة الاستعمارية، قد قصدت من إقامة الجمعية التشريعية خلق جسر بين السلطة، (الحاكم العام)، وبين الشعب السوداني. فالجمعية التشريعية لم يقصد منها إضفاء شرعية على سلطة الحاكم العام. فشرعية سلطته مستمدة من اتفاقية الدولتين المستعمرتين أو اتفاقية الحكم الثنائي 1900. لذا كان الحاكم العام ترشحه بريطانيا وتعينه مصر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
(2) في عام1950م عقدت (حركة التحرر الوطني) أول مؤتمر لها تحت مسمى (الحزب الشيوعي السوداني). وحدد الحزب وجهة نظره حول المرحلة السياسية آنذاك على إنها: (مرحلة الاتحاد الوطني ضد الاستعمار من أجل حق الشعب في تقرير مصيره).
ومن هذاالتكرار الممل لنفس الشعار في جميع مراحل تطور الحركة السياسية السودانيةن يتضح عجز الحوب التام عن صياغة رؤية خاصة به حول مستقبل السودان المستقل. فالصراع السياسي في السودان يدور أساساً حول معنى الاستقلال، أي أن الصراع كان يدور حول مستقبل السودان بعد خروج المستعمر ونيله استقلاله. فالاستقلاليون الدينيون كانوا يرون أن مستقبل السودان هو الارتباط بإرثه الديني المهدوي، كما كان الاتحاديون يرون إن المستقبل الوحيد للسودان هو في الارتباط بمصر من أجل إجهاض المشروع الاستقلالي الديني.
ووسط كل هذه الرؤى الواضحة المرتبطة بمستقبل الدولة المستقلة في السودان، كان (الحزب الشيوعي السوداني) يجعل من النضال ضد الاستعمار وحق تقرير المصير نهاية حدود رؤيته، ولا يقول شيئاً عن مستقبل الدولة المستقلة. هل كان الحزب يسعى إلى أن تكون الدولة القادمة، استقلالية دينية أم اتحادية عروبية أم شيئاً ثالثاً؟ هذا ما لم يكن واضحاً أبداً. بل أن الحزب قد ترك هذه القضية الرئيسية، قضية الساعة آنذاك، وانغمس أكثر في الحديث عن وسائل تحقيق النضال ضد الاستعمار. وقد حدد ذلك (بتنظيم جماهير الطبقة العاملة وبناء التحالف الوثيق بينها وبين جماهير المزارعين). ولم يحاول أبداً خلق تيار ثالث ينادي بالاستقلال حسب رؤية جديدة. وهذا يعود بنا إلى ما ذكرناه سابقاً عن عجز الماركسيين عن الوصول إلى جماهير الأرياف والهوامش لاستقاء وجهة نظرها وتبني خط سياسي بناءا على ذلك. فقد كانت الجماهير الغفيرة في الشمال الأقصى والجنوب وجبال النوبة ودارفور بعيدة كل البعد عما كان يسعى له التيار الاتحادي العروبي المتمثل في الأحزاب الاتحادية وعما كان يدعو له التيار الاستقلالي الديني المتمثل في (حزب الأمة).
إذن، هذه الربكة التي يعيشها الحزب الآن حيال خيار الدولة الدينية والدولة العلمانية، هي داء قديم أخفته الشعارات الرنانة عن أنظار الناس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
(3) في عام 1952م أسهم الحزب بفعالية في تكوين (الجبهة المتحدة لتحرير السودان) التي دفع فيها بالنقابات العمالية. وكان هذا امتدادا لمحاولات الحزب
إثبات وجودة كقوة فاعلة داخل الساحة وليس أكثر. فلا تزال الأجندة الرئيسية وراء حركة الساحة السياسية السودانية غريبة عليه، كما لا يزال الحزب عاجزاً عن
تحديد وإعلان رؤيته الخاصة لمستقبل السودان بعد خروج المستعمر. وحيث إن الحزب قد صنف الأحزاب الاتحادية على إنها (أحزاب الرأسمالية الوطنية)، فإنه من
الواضح كان يركن إلى أن رؤيتها لمستقبل السودان هي الأقرب إلى خط الحزب على الرغم من انتقاداته (لتردد) تلك الأحزاب و(اتجاهاتها الرجعية) أحيانا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
(4) في عام 1953م اتخذ الحزب الشيوعي السوداني موقفاً غريباً من (اتفاقية السودان) أو ما عرف باتفاقية الحكم الذاتي. فقد انفرد الحزب برفضه لتلك
الاتفاقية التي قبلتها كل الأحزاب السودانية. فهذه الاتفاقية كانت تعني عملياً موافقة بريطانيا على الخروج من السودان بعد انقضاء فترة الحكم الذاتي التي
تركت للبرلمان المنتخب تحديد موعد نهايتها ولم تشترط سوى إكمال عملية السودنة خلال تلك الفترة، ومن ثم إجراء استفتاء يحدد فيه الشعب السوداني مصيره بين
خيارين هما الارتباط بمصر حسب ما يدعو إليه التيار الاتحادي العروبي أو الاستقلال التام حسب ما يدعو إليه التيار الاستقلالي الديني. وواضح جداً إن هذه
الاتفاقية كانت تضع نهاية تامة للهدف المرحلي الذي كرس (الحزب الشيوعي السوداني) كل جهده السياسي تجاهه، ألا وهو النضال ضد المستعمر وحق الشعب السوداني
في تقرير مصيره. فقد أجابت الاتفاقية على القضيتين بما يرضي غالبية الشعب السوداني.
هنا بدى الحزب وكانه يتشبث ببقاء الاستعمار من أجل أن يظل له (الحزب) مبرر للوجود. فهو قد ظل يرهن وجوده بشعار واحد فقير (النضال ضد الاستعمار).
ولم يلبث الحزب إن رأي ضعف موقفه الرافض للاتفاقية فعاد وتراجع عن هذا الموقف في شهر مارس من نفس العام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
(5) وإزاء تسارع الأحداث السياسية بعد عام 1953م، كان على الحزب إن يحدد استراتيجية السياسية فوراً بعد أن تراجع عن الموقف الفج تجاه اتفاقية الحكم الذاتي. وبالفعل فقد حدد الحزب استراتيجية في مؤتمره الثاني عام 1953م. وأنقل هنا حرفياً ما أورده الأستاذ عبد الخالق محجوب سكرتير عام الحزب في تحديد تلك الاستراتيجية:
(أن يدفع بالطبقة العاملة إلى مركز القيادة للجماهير، وإنه من الممكن لهذه الطبقة أن تحل قيادتها مشاكل التحرر الوطني الديموقراطي ثم تسير بالبلاد إلى أحداث الثورة الاجتماعية)
فإذا عرفنا أن الحزب لم يحقق أي نجاح يذكر في انتخابات برلمان الحكم الذاتي (فاز بمقعد واحد)، فإننا ندرك أن تلك الاستراتيجية السياسية التي تبناها الحزب عام 1953م، لم تكن أكثر من أحلام. فإذا كان الحزب يخطط لأن تتولى قيادة الطبقة العاملة قيادة جماهير الشعب السوداني متخطية (الحزب الوطني الاتحادي) و(حزب الأمة)، فإن الحزب كان يحلم بلا شك، بل كان يسعى إلى تضليل كوادره بهذه الأوهام. نعم إن التفاؤل جزء أساسي من قناعات المثقف الماركسي، ولكن ليس لحد خداع الذات.
(6) غير إن الحزب سرعان ما اكتشف الأساس الخيالي لاستراتيجية في وطيس حركة الإعداد للانتخابات. وواجه الحزب نفسه، معترفاً (بعزلة الحزب وضعف صلاته الثابتة بالجماهير) . لهذا ابتكر الحزب تنظيم (الجبهة المعادية للاستعمار)، وذلك بعد اتفاقية الحكم الذاتي المؤدية للاستقلال حسب مشيئة الشعب السوداني التي ستظهر في نتيجة الاستفتاء. من هنا يتضح، بما لا يدع مجالاً للشك بأن (الحزب الشيوعي السوداني)، كان لايزال في حيرة من أمره ولا يدري ماذا يفعل عشية الاستقلال. فبعد موافقة بريطانيا على الجلاء بمجرد إن يطلب البرلمان المنتخب ذلك بعد اكمال السودنة وإجراء الاستفتاء، لا يكون هناك معنى لتكوين (الجبهة المعادية للاستعمار). فالحركة السياسية السودانية في أواخر عام 1953م، كانت قد تجاوزت مرحلة محاربة الاستعمار ودخلت فعلياً في مرحلة الحكم الوطني. وأية استراتيجية سياسية لم تع ذلك، هي استراتيجية متخلفة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
(5) وإزاء تسارع الأحداث السياسية بعد عام 1953م، كان على الحزب إن يحدد استراتيجية السياسية فوراً بعد أن تراجع عن الموقف الفج تجاه اتفاقية الحكم الذاتي. وبالفعل فقد حدد الحزب استراتيجية في مؤتمره الثاني عام 1953م. وأنقل هنا حرفياً ما أورده الأستاذ عبد الخالق محجوب سكرتير عام الحزب في تحديد تلك الاستراتيجية:
(أن يدفع بالطبقة العاملة إلى مركز القيادة للجماهير، وإنه من الممكن لهذه الطبقة أن تحل قيادتها مشاكل التحرر الوطني الديموقراطي ثم تسير بالبلاد إلى أحداث الثورة الاجتماعية)
فإذا عرفنا أن الحزب لم يحقق أي نجاح يذكر في انتخابات برلمان الحكم الذاتي (فاز بمقعد واحد)، فإننا ندرك أن تلك الاستراتيجية السياسية التي تبناها الحزب عام 1953م، لم تكن أكثر من أحلام. فإذا كان الحزب يخطط لأن تتولى قيادة الطبقة العاملة قيادة جماهير الشعب السوداني متخطية (الحزب الوطني الاتحادي) و(حزب الأمة)، فإن الحزب كان يحلم بلا شك، بل كان يسعى إلى تضليل كوادره بهذه الأوهام. نعم إن التفاؤل جزء أساسي من قناعات المثقف الماركسي، ولكن ليس لحد خداع الذات.
(6) غير إن الحزب سرعان ما اكتشف الأساس الخيالي لاستراتيجية في وطيس حركة الإعداد للانتخابات. وواجه الحزب نفسه، معترفاً (بعزلة الحزب وضعف صلاته الثابتة بالجماهير) . لهذا ابتكر الحزب تنظيم (الجبهة المعادية للاستعمار)، وذلك بعد اتفاقية الحكم الذاتي المؤدية للاستقلال حسب مشيئة الشعب السوداني التي ستظهر في نتيجة الاستفتاء. من هنا يتضح، بما لا يدع مجالاً للشك بأن (الحزب الشيوعي السوداني)، كان لايزال في حيرة من أمره ولا يدري ماذا يفعل عشية الاستقلال. فبعد موافقة بريطانيا على الجلاء بمجرد إن يطلب البرلمان المنتخب ذلك بعد اكمال السودنة وإجراء الاستفتاء، لا يكون هناك معنى لتكوين (الجبهة المعادية للاستعمار). فالحركة السياسية السودانية في أواخر عام 1953م، كانت قد تجاوزت مرحلة محاربة الاستعمار ودخلت فعلياً في مرحلة الحكم الوطني. وأية استراتيجية سياسية لم تع ذلك، هي استراتيجية متخلفة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
(6) منذ الاستقلال، ظل في السودان حزبان تقليديان، للإتحاديين (+ الختمية) والأنصار. وحزبان عقائديان، لليسار والاسلاميين.
المفارقة أن الحزبين التقليديين ديموقراطيان، لأن الديموقراطية تضمن لهما الوصول للحكم. والحزبان القعائديان معاديان للديموقراطية من منطلقات ايديولوجية. فالديموقراطية لدى الشيوعيين – في ذلك الزمان – هي مجرد خدعة رأسمالية ويسمونها الديوقراطية البرجوازاية.
والديموقراطية عند الاسلاميين أمر لا يجوز لأنها ليست من الدين في شيء وتتعارض مع الشريعة وتجعل الحاكمية للشعب.
لهذا نجد أنه خلال عامي 1954-1957م، وقف عداء الشيوعيين التقليدي للديموقراطية واللبرالية، بين الحزب وبين العديد من المتعلمين اللبراليين الذين يرفضون كلاً من المشروع الاتحادي العروبي والشروع الاستقلالي الديني. كما إن تقوقع الحزب داخل المدن قد حرمه من التواصل مع القضايا الحقيقية لجماهير الأرياف والأطراف المهمشة. غير إن الحزب قد أبدع مخرجاً ذكياً من تلك العزلة عن طريق الحركة النقابية العمالية والحركة النسوية والحركة الشبابية الطلابية، كمنافذ يصل عبرها إلى جماهير الشعب السوداني خارج المدن. وهنا بالتحديد حقق (الحزب الشيوعي السوداني) أعظم نجاحاته. فقد نجح في ربط الحركة النقابية بالفكر الاشتراكي العلمي كما نجح في خلق حركة نسوية صارت مثار أعجاب الصديق والعدو حتى اليوم، كما أحرز الحزب تقدماً ملحوظاً في أوساط الشباب والطلاب.
غير إن تلك الفترة التاريخية قد شهدت ظهور الحركة الإسلامية الراديكالية في السودان ممثلة في تنظيم (الإخوان المسلمون) عام 1954م. وقد جاء هذا التنظيم وكأنما هدفه الوحيد هو محاربة الشيوعية في السودان. وهكذا واجه الحزب خطراً جديداً وعدواً عنيداً ظل يصارعه وينافسه في مناطق نفوذه حتى صرعه مؤخرا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
(7) السنوات ما بين عامي 1971 و 1985م، كانت أسوأ سنوات عمر (الحزب الشيوعي السوداني). فقد خرج الحزب من المواجهة مع النظام العسكري منهكاً مثخناً بالجراح، إذ أعدم خيرة كوادره بما فيهم أمينه العام الأستاذ عبد الخالق محجوب وأعدم رئيس اتحاد عمال السودان الشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق القيادي الشيوعي الجنوبي وآخرون. هذا بالإضافة إلى تلك الكوادر المدربة التي آثرت السلامة والسلطة فانقسمت من الحزب وانحازت لسلطة الانقلاب.
من ناحية أخرى فقد كانت خسارة الحزب سياسياً أفدح أثراً على مستقبله من فقدانه لكوادره بالموت والانقسام. فقد قضت الفترة القصيرة التي قضاها الحزب مساندا ومشاركاً في السلطة العسكرية، على كل ما بناه الحزب من رصيد في العقل الجمعي للشعب السوداني، الذي كان يرى في الشيوعيين مثالاً للشجاعة وعفة اليد والثبات على المبدئ. ولم يستطع الحزب، طوال السنوات التي أعقبت اشتراكه في السلطة إن يمحو عن إذهان الناس إن كوادره قد وقفت في صف السلطة وهي تواجه الطلاب بالدبابات عام 1970م في جامعة الخرطوم. وظل الشيوعيون وحلفاؤهم من الديموقراطيين يخسرون باستمرار انتخابات اتحادات الجامعات والمعاهد العليا منذ عام 1970م لصالح الإسلاميين حتى ارتكب الإسلاميون نفس الخطأ عندما نفذوا الانقلاب 1989م.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
واخيرا أضاف الحزب الشيوعي لهذا السجل الحافل من التخبط، رفضه للدولة العلمانية علنا وعلى رؤس الاشهاد كما رفض فصل الدين عن الدولة على استحياء بالتمترس خلف الدولة المدنية، وهي نفس الدعوة التي يتمرس خلفها الأحوان المسلمون في مصر هذه الايام.
وثالثة الأثافى، أن الحزب قد راح مؤخرا ينهج نهج الصادق المهدي في (تنفيس) الإنجازات السياسية للشعب السوداني بالمراوغة وطلب التفسير والمهلة للدراسة. وهذا واضح من تراجعه المشين عن ما وقع عليه مندوبه في كمبالا مؤخرا.
فإذا كان هذا حال الحزب الوحيد صاحب الايديولوجيا العالمية من أحزاب السودان القديم، فكيف يكون حال حزب مثل حزب الأمة؟
هذا ما سنبدأ في النظر فيه الآن.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
حزب الأمة
مأزق هذا الحزب هو أن الديمقراطية التعددية، العلمانية بالضرورة، في تناقض جذري مع الأسس الدينية الشمولية التي انبنى عليها الحزب والتي يدين لها بالسند الشعبي الدائم المتمثل في طائفة الأنصار الدينية. وفي نفس الوقت، فإن الديموقراطية هي الضمانة الوحيدة الأكيدة لاحتلال الحزب لسدة الحكم في البلاد. هذا التناقض بين الآيديولوجيا والوسائل، هو ما شكل مأزقا تاريخيا دائما لهذا الحزب، جعله لا يعرف سوى المواقف المغبشة التي تحاول باستمرار إيجاد طريق ثالثة بين الديموقراطية العلمانية والشمولية الدينية. ويتجلى هذا المأزق الذي يعيشه (حزب الأمة) أكثر كلما وقع حدث سياسي يتطلب أن يوضح حزب الأمة موقف بجلاء بين الحكم الديموقراطي والحكم الشمولي. وكثيرة هي الأحداث السياسية التي جعلت (حزب الأمة) يواجه مأزقه وجها لوجه ويفشل في إتخاذ موقف واضح منها. ومنها علي سبيل المثال:-
1 - المصالحة الوطنية علي عهد الدكتاتور نميري 1977 2 - تحديد موقف من قوانين سبتمبر لعام 1984 بعد الإنتفاضة 3- إتفاقية كوكادام 1987 4- إتفاقية السلام السودانية (الميرغني – قرنق) 1988 5- إنقلاب الإنقاذ الإسلامي 1989 6- الموقف من نظام الإنقاذ الإسلامي الحالي.
ولسوء الحظ فأن هذا التذبذب الراسخ في تفاصيل نشأة هذا الحزب قد جعله، وهو أكبر الأحزاب السياسية، غير قادر علي إنجاز حلول عملية جريئة للمشاكل السياسية التي يمور بها بلد مثل السودان متعدد الأعراق والأديان والثقافات والتوجهات السياسية.
وفيما يلي نقدم كشفا لمواقف وسلوك هذا الحزب منذ إتفاقية الحكم الذاتي عام 1953 وحتى الوقت الراهن:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
1- ظل قادة (حزب الأمة) حتى نهاية عام 1953 يعولون علي أمرين: -
ا/ رفض الحكومة البريطانية للسيادة المصرية علي السودان. ب/ مقدرة الحزب علي اكتساح أية إنتخابات أو أي إستفتاء لتقرير المصير.
2 - الفترة من عام 1954 حتى عام 1956، كانت أسوأ فترة سياسية تمر علي هذا الحزب. فقد تلقى الحزب هزيمة نكراء في إنتخابات برلمان الحكم الذاتي عام 1954 وفاز الإتحاديون بأغلبية ساحقة، مكنتهم من تكوين الحكومة الإنتقالية منفردين. ولم يعد أمام (حزب الأمة) سوى اللجوء للدين وقودا لحشد الأنصار وإعلان الجهاد للوقوف في وجه إحتمال ضم السودان لمصر نهائيا. لكن ولحسن حظ هذا البلد، فإن الخطر المصري قد انجلى من تلقاء نفسه بقيام ثورة يوليو 1952 وتململ الإتحاديين من الخطاب الثوري الإشتراكي الذي بدأ يطل من القاهرة.
لقد كانت تلك فترة عصيبة حقا حيث بدأت صحيفة الحزب المسماة (الأمة) تصدر بعناوين ضخمة تتحدث عن "الدم" في تهديد واضح. بل إن هذا الحزب قد جرب حشد أنصاره ومقاومة حكومة الإتحاديين في حوادث مارس الشهيرة عندما زار الرئيس المصري محمد نجيب السودان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: طه جعفر)
|
سيناريو مقترح وصلت رسالة الاستاذ حامد البدوي الي محضر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني خرج سؤال تائه من اسفل عمامة تغطي وجها بالكامل مين حا مد البدوي دا؟ اجابة واحد من الحركة الشعبية و مين الباقر دا؟ سوال من اسفل وجه بلا ملامح و مين طه دا؟ و مين مرتضي دا؟ و مين و مين و مين و مين و مين و مين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هل يعلم هؤلاء اننا كنا شيوعيون نسد عين الشمس با صابعنا فقط و نتف علي وجه اعداء الشعب السوداني و نحن سجونهم من اين جاء هؤلاء ؟ في حالة الحزب الشعب السوداني قد اتضحت لي الاجابة. استبدت بنا الاحزان يا حامد
طه جعفر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: طه جعفر)
|
الصديق الذي أفتقده كثيرا،
طه الخليفة جعفر.
شكرا على المرور والقراءة والمداخلة.
ما أود قوله في هذا البوست هو أن السودان القديم بقضه وقضيضه، لم يعد يصلح للعيش. بل هو قادر على الحياة وإعادة إنتاج نفسه.
وإذا أصروا على حقنه بالمنشاطات وموالته بعمليات التجميل، فإنه سوف يتفتت بين أيديهم قريبا لأنه قد اهترأ (التفتت بدأ بالفعل).
والسبب بسيط، وهو أن ثمة خلل صاحب الحركة السياسية التي أدارت البلاد منذ الاستقلال وحتى الآن.
ولم يسلم من هذا الخلل التاريخي لا يمين ولا يسار ولا وسط.
دعونا نأخذ هذا الرجل المحتضر بكل ملحقاته، ونضعه في القبر ليصير جزءا هاما من تاريخنا ليس أكثر.
ودعونا نبني السودان الجديد.
لك محبتي وتحياتي لجعفر وأم جعفر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
الاخ حامد بدوي بشير انا اقرأ كل ما تكتب هنا و اجدني اتفق مع معظمه و لا ازيد. الذي يحيرني هو ان بوستات الونسة تلقاها في يوم واحد دقت الـ7 صفحات و ما تكتبه لا يأبه اليه الكثيرين و كأننا او البعض منا مذعورين ايضا من انواع الكتابة التي تفيد حالتنا السودانية هذه. المهم هو ان تواصل مجهودك و سوف يأتي اليوم الذي سوف نتفاعل جميعا مع مثل هذه الكتابة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: Mahjob Abdalla)
|
التحايا الطيبات أستاذ حامد بدوي بشير
بوست قيِّم جداً في هذه الفترة الحرجة من عمر أمَّة أدمنت الفشل ..! لو إعتنينا بجرد حساباتنا بهذه الدقة وهذه المصداقيّة لتغيّرت أشياء كثيرة.
واصل علنّا نعي الدرس ونتعلم من مثل هذه الحسابات الصادقة.
متابعة وقراءة متأنيّة لأكثر من مرّة ...!
لك الود أمير عمر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: Amir Omer)
|
الأخ محجوب عبدالله.
القراءة كما الكتابة أو قل أنهما صنوان.
القارئ الجاد هو كاتب جاد، والكاتب الجاد هو في الأصل قارئ جاد.
يسعدني كثيرا ان تكون من المتابعين لما أطنطن به هنا أحيانا، تنفيسا حتى لا يرتفع الضغط أكثر مما هو مرتفع ونلحق بالذين ماتوا زعلا، وهم كثر في هذا الزمن.
وبالله عليك، دا زمن (ونسة)؟
من أين يجدون خلو البال (ليتونسو) في هذا الزمان الأغبر؟
شكرا على التعليق والمتابعة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
على الرغم من الغبار الكثيف الذي يثيرهـ معارضو التوقيع على ميثاق الفجر الجديد، وأغلبهم ينطلقون من منطلقات ذاتية، فإن أهمية الميثاق تنبع من شيئين إثنين هما:
(1) العمل الجاد على خلق أوسع جبهة عمل معارضة للمؤتمر الوطني تضم فصائل مسلحة وأخرى مدنية، ومن لم يلتقط هذه الرسالة سيضع كل بيضه في سلة المؤتمر الوطني،
(2) التراضي على مبدأ فصل الدين عن السياسة كأساس للحكم لا يقبل الإلتفاف عليه ولو من باب أسطوانة الإمام الصادق المهدي المشروخة أو محمد مختار الخطيب (بتاعت الدولة المدنية) المملة.
-----------------
يا أستاذ حامد آلا ترى في انضمام الأستاذ الكودة إلى ركب الفجر الجديد إحراجاً لمن تنصلوا عنه، ذلك أنه يترأس حزب الوسط الإسلامي؟
قرأت هذا الصباح بياناً من المكتب السياسي لحزب الأمة يرحب فيه بالتوقيع على بيان مشترك بين الكودة ومالك عقار، معللاً هذا الترحيب على أن البيان أعطى الأولوية للحل السياسي وأحال النقاط الخلافية إلى المؤتمر الدستوري (الجامع). الإمام ليس عندهـ أكثر من الترحيب والشجب والإدانة والكلام طبعاً ما بفلوس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: Murtada Gafar)
|
Quote: التحايا الطيبات أستاذ حامد بدوي بشير
بوست قيِّم جداً في هذه الفترة الحرجة من عمر أمَّة أدمنت الفشل ..! لو إعتنينا بجرد حساباتنا بهذه الدقة وهذه المصداقيّة لتغيّرت أشياء كثيرة.
واصل علنّا نعي الدرس ونتعلم من مثل هذه الحسابات الصادقة.
متابعة وقراءة متأنيّة لأكثر من مرّة ...!
لك الود أمير عمر |
الأخ أمير،
لك تحيتي وشكرا على التعليق.
أعتقد ان الوقت قد حان لتعرية جميع الاصنام تمهيدا لإسقاطها.
وأنا لعلى يقين من أن دولة الحزب الواحد الراهنة في السودان ما كانت لتبقى عاما واحدا، لو لم تجد التربة الملائمة والمكناخ المناسب.
هذا المناخ وتلك التربة هما لحمة وسداة السودان القديم.
والطريق إلى إسقاط المؤتمر الوطني يبدأ بإسقاط تربة ومناخ السودان القديم. السودان القديم هو الذي تستمد منه سلطة العزل والتهميش غذاءها، وستجف وتذبل إذا جففنا منابع غذائها.
يجب أن نعري هذه الاصنام ونحملها على أكتافنا إلى مقابر شرفي كجزء من تاريخ لا نتملص منه ولا من مسئوليتنا في إيجاده في المقام الأول.
وشكرا مرة أخرى على المتابعة، ولا تبخلوا علينا بتعليقتكم الناضجة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
ما أكتبه هنا، حتى الآن على الأقل، هو حقائق تاريخية صرفة.
أنا لا أحلل أو أستنتج.
التاريخ المدون والتاريخ المعروف كمعلومات عامة، هو الذي يعري هذه الأحزاب التي ظلت تتكيئ طوال حياتها على وهم أن الشعب السوداني شعب عاطفي وغبي وبلا ذاكرة.
وأعتقد أن الوقت قد حان لنعرف أين ومتى وكيف أرتكبت الأخطاء التي أودت ببلادنا، ومن ارتكبها ولماذا.
التحليل سيأتي بعد السرد التاريخي، لأنه سيبنى عليه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
إذا كان ما بدأناه هنا هو بمثابة (قائمة) بأسماء المتخاذلين والمتملصين من ميثاق الفجر الجديد، فإننا نكون قد وصلنا إلى آخر القائمة، وقد رتبنا هذه القائمة بحيث بدأنا بأحسن المتخاذلين وانتهينا بأسوائم.
وليس أمامنا، والحال هذه، سوى الولوج إلى عالم الطرف المناوئ للميثاق والذي يقاتل منجزيه يوميا مبددا أموال الشعب السوداني وموظفا لها لهدف استمراره في السلطة.
هذا الطرف بالطبع هو السلطة الحالية.
لكن المحير في هذه السلطة، هو إنك لا تستطيع ان تطلق عليها إسما إلا بالتقريب.
فأنت لن تستطع أن تقول الحركة الاسلامية، لأن السودان يعج الآن بالحركات الاسلامية.
ولن تستطع أن تقول الإخوان المسلمون، لأن ثمة أخوان واخوان آخرين غيرها، بل أن جل جسمها الآن مكون من شخصيات لا علاقة تاريخية لها بالإخوان.
ومع ذلك سنتعامل معها بصفتها الحركة الاسلامية بالتقريب.
ثم أن الاختلاف بين كل هذه الكيانات الاسلامية لا يتعدى الاختلاف بين أمونة وآمنة أو أحمد وحاج أحمد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
الحركة الإسلامية السودانية
مرت الحركة الإسلامية الحديثة في السودان بخمسة مراحل قبل أن تبلغ تحقيق هدفها النهائي وهو إقامة الدولة الإسلامية النموذج في السودان. ونلقي فيما يلي نظرة على مسيرة هذه الحركة في مختلف هذه المراحل.
المرحلة الأولى 1950 – 1964
هذه هي مرحلة الحركة التربوية الإصلاحية ومرحلة (الإخوإن المسلمون). في هذه المرحلة كانت الحركة، وكما عبر الدكتور حسن الترابي: (عالة في زادها الفكري والتنظيمي علي الخارج) وفي واقع الأمر فإن المنبع الفكري الوحيد للحركة في هذه المرحلة كان هو إرشادات حسن البنا. والمطلب الوحيد للحركة هو إن يتقبلها المجتمع السياسي السوداني جزءا منه. وقد إستفادت الحركة من الأجواء السياسية الديمقراطية التي سادت المجتمع السياسي السوداني بعد الإستقلال، فلم تواجه حروبا من أي نوع كما لم تتكلف أية تضحيات. وحيث إن حسن البنا كان داعية مدنيا رافضا للعنف بشتي صوره، فإن الحركة، وهي تستقي منه فكرها، لم تكن نشازا وسط المجتمع السوداني المدني المسالم.
المرحلة الثانية 1964 – 1969
هذه مرحلة (جبهة الميثاق الإسلامي) وشعار (الدستور الإسلامي). مرحلة الحزب الذي شارك في الحياة السياسية مشاركة كاملة، وخاض الإنتخابات تحت شعاره المرفوع وإستطاع إن يدخل نوابا إلى الجمعية التاسيسية. في هذه المرحلة طرحت الحركة نفسها جماهيريا، وإن لم تستطع إلا إن تكون حركة صفوية. وقد امتازت جبهة الميثاق الإسلامي بالدقة في التنظيم ووضوح الرؤية في طرح الإسلام سياسيا بصيغة جديدة وكبديل سياسي منافس، متفوقة في ذلك علي التيارات الإسلامية الأخرى في السودان }الأنصار، الختمية، الصوفية، أنصار السنة{ ماعدا الجمهوريين.
في هذه المرحلة تجاوزت الحركة الإسلامية السودانية أطروحات حسن البنا وأصبحت مرجيعتها الفكرية تعود إلى سيد قطب. والاختلاف في الدرجة بين فكر حسن البنا وسيد قطب يعود إلى سبب موضوعي جدا، وهو إن حسن البنا كان يفكر وينظم ويعمل ضمن نظام سياسي علي درجة كبيرة من اللبرالية، حيث كانت في مصر أحزاب وبرلمان وحريات عامة وحياة نيابية على أيام حسن البنا. بينما كان سيد قطب يفكر ويعمل وينظم ضمن نظام شمولي يكبل الحريات العامة ويمنع النشاط السياسي. وفي هذا نجد تعليل نبذ العنف لدي حسن البنا وتبنيه لدي سيد قطب. فحين رفض حسن البنا الثورة والعنف ضد الحكومة بعد حادثة إغتيال رئيس الوزراء المصري، النقراشي باشا علي يد أحد أفراد جماعة (الإخوإن المسلمون)، كان في الواقع يرفض معاملة الحكومة بالمثل إثر قيامها بحل الجماعة واعتقال قادتها وتشريدهم ومصادرة الأموال والشركات الخاصة بالتنظيم. وقد قال حسن البنا عندما سئل عن ردة فعل تنظيمه تجاه ما قامت به الحكومة، قال: (أما الثورة فلا يفكر فيها الأخوإن، ولا يعتمدون عليها ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها) .
أما سيد قطب فقد حكم بجاهلية المجتمعات الإسلامية إستنادا علي مبدئه في الحاكمية، حيث ربط الحاكمية بالإقرار بألوهية المولي عز وجل. فهو يقول في (مقدمات التصورالإسلامي): (إن الإقرار بالألوهية يتضمن الإقرار بالحاكمية، وعدم الإقرار بالألوهية والحاكمية أو بالأولى دون الثانية، يفضي إلى جاهلية المجتمع، فالمجتمع إما مسلم وإما جاهلي) . ولمصطلح (الحاكمية) معني واحدا لدي سيد قطب، وهو تحكيم الشريعة الإسلامية. وهذا يعني ضمنا إستيلاء الإسلاميين علي السلطة في البلد المعين. فليس الحاكمية هنا مفهوما فلسفيا، إنما هي مفهوم سياسي مباشر يعني حكم الإسلاميين الراديكاليين. ولهذا يكون المجتمع إما مسلما يحكمه الإسلاميون وإما جاهلي يحكمه الآخرون ويجب تقويضه بالعنف. وأخطر من ذلك فإن سيد قطب قد نادى بحمل الناس وقسرهم علي الشرائع. فهو يقول إن (أولي خصائص الألوهية هي حق تعبيد الناس، وتطويعهم للشرائع والأوامر) .
وبإنتقال الحركة الإسلامية السودانية من فكر حسن البنا إلى فكر سيد قطب فإنها قد أدخلت نفسها في مفارقة موضوعية باعتبارها حزبا عاملا في نظام ليبرالي تعددي. فإذ كان عنف (الإخوإن المسلمون) في مصر علي أيام سيد قطب مبررا بإزاء سلطة دكتاتورية عنيفة، فإنه لم يكن لعنف الإسلاميين في السودان ما يبرره حسب معطيات الساحة السياسية السودانية خلال تلك الفترة الديمقراطية (1964 – 1969). غير إن سرعة احتضإن الحركة الإسلامية السودانية لأفكار سيد قطب يؤكد أن العنف والقهر الذي أبدته الدولة الإسلامية الأولى في السودان، دولة الخليفة عبد الله، لم يكن أمرا عارضا أو ظرفيا، وإنما هو عنصر أساسي من عناصر قيام الدولة الدينية في بلد متعدد في كل شيء، ويرفض ويقاوم بإستمرار تجاهل أو سحق هذه التعددية. فمن شدة وعنف رفض الآخر للدولة الدينية، تأخذ الدولة الدينية في السودان شدتها وعنفها.
(عدل بواسطة حامد بدوي بشير on 02-24-2013, 05:33 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: بريمة محمد)
|
Quote: عفواً ..
Quote: الوطن في العقيدة السرية
هل تقصد العادة .. بدل العقيدة.
مجرد إلتباس
بريمة |
أخونا في مملكة الثديات بريمة،
وينك والشوفة طولة.
قلت لي الجملة دي مالها؟؟
كدي عندي ليك سعال:
الجملة دي هي الشي الوحيد الفهمتو من الدش الكتير الفي البوست دا؟
كدي خليك شاطر وقول لي فهمتا تاني شتو؟؟
يالله حبيبي، شاطر، قول، ما تخجل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: waleed nayel)
|
Quote: أخونا في مملكة الثديات بريمة،
وينك والشوفة طولة.
قلت لي الجملة دي مالها؟؟
كدي عندي ليك سعال:
الجملة دي هي الشي الوحيد الفهمتو من الدش الكتير الفي البوست دا؟
كدي خليك شاطر وقول لي فهمتا تاني شتو؟؟
يالله حبيبي، شاطر، قول، ما تخجل. |
مرحب بأخونا فى مملكة المبعرّات .. (جمع بعرة ..)، وكما قالت العرب أن البعرة تدل على البعير .. وأن الطريق يدل على المسير ..
ففهمت من تلك اللغة ان تبعيّرك هنا يدل على انك بعير .. بحق! .. وأن الخبط الذى تخبط فيه هنا عشوائياً هو اثر (طُباعة) الجمل مما يدل على انك جمل تسير ..
بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: بريمة محمد)
|
Quote: ففهمت من تلك اللغة ان تبعيّرك هنا يدل على انك بعير .. بحق! .. وأن الخبط الذى تخبط فيه هنا عشوائياً هو اثر (طُباعة) الجمل مما يدل على انك جمل تسير ..
بريمة |
أخونا في مملكة الثديات بريمة،
أسأل الله لك السلامة مما أنت فيه.
لم أتصور إنك في هذا الدرك السحيق من الجهل.
أنت مثير للشفقة - بالعربي Pathetic
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
Quote: استاذنا حامد...تحياتي تشكر علي البوست ....فواصل تذكرت عنوان البوست عندما قرأت ان هناك رهط من بني كوز او مواليهم تجمعوا واعلنو وثيقه الفجر الاسلامي....تخيّل!!!!!!! كن طيبا |
الأستاذ وليد نايل،
شكرا على المرور والتعليق.
عندما قرأت عن هذا الرهط، ضحكت، بدافع من شر البلية.
وتساءلت، هل يعيش هؤلاء بيننا اليوم، أم لا يزالون في العام الأول للهجرة النبوية؟
تصور إنسان يعيش بجسده وكل احتياجاته البيولوجية، هنا والآن، بينما لا يزال تطوره الذهني في منطقة ما قبل 1500 سنة.
هو هنا بجسده واحتياجاته البيولوجية، لأنه يأكل البيرقر ويشرب البيبسي ويركب السيارة اليابانية وفي بيته اسبلت يونيت.
وبعد أن يحشو كرشه بما لذ وطاب من منتجات القرن الواحد والعشرين الغذائية، يخرج على الناس ليتجشأ الزبالة.
حقا بلدنا هي بلد العجايب.
حتى المصريين الذين أطلقوا في العالم بدعة الإخوان المسلمين، يخجلون من هكذا تخلف.
بل أن الإخوان المسلمين في مصر لا ينادون بالدولة الدينية وإنما ينادون بالدولة التي ينادي بها الحزب الشيوعي السوداني - الدولة المدنية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
نصل الآن إلى آخر الداخلين إلى الساحة السياسية السودانية من الأحزاب المؤثرة والفاعلة في مسيرة الحركة السياسية السودانية.
الحركة الشعبية لتحرير السودان
مرت الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ إندلاعها عام 1983م بثلاث مراحل هي في جوهرها مراحل تطور ونضج أكثر من كونها إستجابة للمتغيرات الداخلية والإقليمة والدولية، وإن ظلت هذه المتغيرات عوامل أساسية في تحديد توقيت تلك التحولات.
المرحلة الأولى: المرحلة الثورية (1983-1993م) فهم جديد لمشكلة السودان
مثل (منفستو) الحركة الذي أعلنت من خلاله عن وجودها، نقلة نوعية ضخمة ضمن حركات التمرد والثورة التي ظلت مندلعة في الجنوب منذ عام 1955م. فلأول مرة في تاريخ السودان يقدم تنظيم سياسي سودإني فهماً قائماً على الدراسة والتحليل لما كان يسمى (مشكلة جنوب السودان)، وتتبدى نتائج الدراسة والتحليل في الفهم الجديد للمشكلة. فقد توصلت (الحركة الشعبية لتحرير السودان) إلى إن ما يسمى بمشكلة جنوب السودان هي في الحقيقة (مشكلة عامة، إذ هي في الاساس مشاكل المناطق المتخلفة في القطر كله).
ولا تتحامل الحركة على (الشمال) وتحمله مسئولية خلق مشكلة المناطق المتخلفة، بل تلوم الإستعمار. فهي ترجع نشوء هذه المشكلة إلى سياسة الإستعمار التي كانت قائمة على (تكريس التباين الإجتماعي والثقافي والديني بين الشمال والجنوب).
كما يظهر أثر الدراسة والتحليل في تحديد مصطلح (الشمال) في فهم الحركة، فالحركة ترى إن الشمال (يشمل [فقط] مديريتي الخرطوم والجزيرة القديمتين). وترى الحركة إن إقليم دارفور وكردفإن وكسلا والشمالية (متخلفة مثلها مثل المديريات الجنوبية).
ترجع الحركة سبب إندلاع التمرد في الجنوب، دون بقية الاقاليم المتخلفة إلى عدم الرضى بحركة سودنة الوظائف [1954-1955م] من قبل الصفوة الجنوبية. إلا إنها لا تلوم الصفوة الشمالية على التوزيع غير العادل للوظائف بين الصفوه الشمالية والصفوه الجنوبية. فهي ترى إن هذا التوزيع غير العادل، (كان ضرورة تاريخية ترجع جذورها إلى التنمية الهامشية غير المتوازنة في الشمال والجنوب خلال الفترة الإستعمارية).
وبناءاً على هذا الفهم للمشكلة تتوصل الحركة إلى إستنتاج أساسي يبرر إحداث هذا التحول الراديكالي في تنأول المشكلة. فحيث إن إندلاع التمرد في الجنوب يرجع إلى عدم رضا الصفوه الجنوبية ######طها على التوزيع غير العادل للوظائف التي أخلاها الموظفون الاستعاماريون، فإن هذا قد جعل أهداف التمرد في الجنوب (تدور حول الوظائف والالقاب الوظيفية) وليس حول مشكلة الجماهير المهمشة والاقاليم المتخلفة. ومن هذا التشخيص الدقيق لنشأة المشكل السياسي السوداني ولطبيعة حركات التمرد في الجنوب، تخرج الحركة الشعبية بخطها السياسي الجديد الذي يمكن تلخيصه في ثلالث نقاط رئيسية هي : 1 - (تحويل الحركة السياسية الجنوبية من حركة رجعية يقودها رجعيون همهم الجنوب والمصالح الذاتية، إلى حركة تقدمية يقودها ثوريون ملتزمون بأحداث تحول إشتراكي في القطر كله).
2 - الوقوف ضد محاولات فصل الجنوب،سواء جاءت من قبل قوى جنوبية أو قوى شمالية، فالهدف الأساسي للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان (ليس فصل الجنوب عن بقية القطر).
3 - ادراك السودان وإنقإذه من: (التشتت الكامل) الذي يتهدده بسبب: (الروح الإنفصالية التي تطورت في الجنوب منذ عام 1955م. فهذه الروح الإنفصالية، حسب رأي لحركة الشعبية، (وجدت تجاوباً في المناطق المتخلفة في شمال السودان. ولقد ظهرت بالفعل حركات إنفصالية وحروب عصابات في غرب وشرق السودان. وإذا ترك الحبل على القارب، فإن هذه الحركات الإنفصالية في الجنوب والشرق والغرب، مضافاً إليها عناد نظام طغمة الاقلية القمعي في الخرطوم وتعلقة بالسلطة تحت كل الظروف، كل هذه سيقود إلى التشتت الكامل للسودإن. إن تشتت السودان المحتمل هو الذي تهدف الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان إلى ايقافه).
هذا هو الخط السياسي الذي كان للحركة الشعبية عند بداية إندلاع نضالها. ولا شك إن الإتجاه الثوري الإشتراكي واضح في هذه المرحلة من الخطاب السياسي للحركة. وطبيعي إن تتحالف الحركة في هذه المرحلة مع نظام الرئيس الاثيوبي منقستو هيلا مريام الثوري الإشتراكي في اثيوبيا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثم تراجعوا مذعورين إلى خندق الدين (Re: حامد بدوي بشير)
|
قبل الاستراحة غير المريحة مع أخينا في مملكة الثدياتن بريمة الذي رقيناه إلى برمة، كنا قد قلنا أن:
الدعوة لقيام [سودإن جديد] تتطلب إن يصل الخطاب السياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان إلى كافة مواطني السودان في الجنوب والشمال والشرق والغرب. وهذا لن يتحقق إلا إذا أوقفت الحرب، وإلا إذا كان للحركة الشعبية وجود شرعي في المركز، في الخرطوم. ومن هنا جاءت ضرورة تحقيق السلام.
وبتوقيع الحركة الشعبية لاتفاقية السلام الشامل مع الحكومة، دخلت الحركة السياسية السودانية كلها مرحلة جديدة من مراحل تطورها.
فلأول مرة تقف الدولة العلمانية ندا قويا ومسلحا للدولة الدينية القوية والمسلحة والتي تعيش في ظلها الدولة العروبية التابعة.
ثم دخل الشماليون في الحركة الشعبية افواجا.
هنا فقط شعر الاسلاميون الحاكمون حجم الروطة التاريخية التي أدخلوا فيها الدولة الدينية.
ومثل لاسلاميين، فقد ارتجفت قلوب كل الأحزاب الشمالية بلا استثناء.
فبعد الاستقبال الأسطوري الذي قابل به الشعب السوداني الزعيم جون قرنق، عرف الجميع أن السودان يسلك دربا جديدا.
هنا تقرر حقيقة، فصل الجنوب باي ثمن.
تناغم الاتجاه غير المعلن لفصل الجنوب لدى أحزاب الشمال، مع رغبة الانفصاليين الجنوبيين المعلنة داخل الحركة الشعبية، فوقع الانفصال.
وعادوا إلى أهلهم مسرورين وقد ارتاحوا من شبح الدولة الديموقراطية العلمانية.
غير أن هذه الفرحة لم تدم طويلا، إذ خلفت التطورات التي صحبت اتفاقية السلام، خلفت في الشمال، الحركة الشعبية قطاع الشمال، كما خلفت مناطق مهمشة كانت قد رفعت السلاح جنب إلى جنب مع الجنوبيين.
والباقي معروف للجميع حتى وصلنا إلى ميثاق الفجر الجديد الذي كان حدثا قسم الساسة السودانيين إلى لونين فقطن أبيض واسود واختفت كل الألوان خاطفة اللونين والغبشاء والمغشوشة.
وأمام خطورة هذا الميثاق تراجعت كل الأحزاب الشمالية التي حللنا مواقفها في هذا البوست، تراجعت مذعورة إلى القوقعة التي يظنون أنها عاصمتهم من الموت، قوقعة الدين.
وإلى هنا نكون قد قلنا كل ما أردنا قوله، كما نكون قد وثقنا لجزءً صغير من كتابنا الذي لم ينشر، حول الحركة السياسية السوداني (1946 - 2010)، في هذا الزمن الذي صار كل شيء فيه قابل للنشل.
ودمتم.
| |
|
|
|
|
|
|
|