دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
جريدة الميدان | العدد 875 4 جمادى الأولى 1406 هـ الموافق 15 يناير 1986 أهل الحشو أهل الحشو أو " الحشوية " هم الذين يرتكبون كل الجرائم والفظائع ، وينسبونها إلي الله . وكان قسس القرون الوسطى يحكمون علي المرء بالموت ، ويشعلون في جسده النار ، ويقولون ان الله هو الذي فعل ذلك .. وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي حكم المهلاوي، وحاج نور، والمكاشفي، ومحمد سر الختم ماجد، وجعفر نميري، وغيرهم، بالإعدام شنقاً حتى الموت علي المفكر الشهيد محمود محمد طه ، ونفذوه نهار 18 يناير 1985 ، ثم عادوا فقالوا ؛ ان محمود " أماته الله شنقاً في سجن كوبر" ! وهكذا وبمنتهى السهولة يريدون أن يغسلوا أياديهم من الدماء التي لطختها ، ويطهروا ضمائرهم من الجريمة التي أثقلتها . ولو كان مثل هذا المسلك مشروعاً دينياً لأصبح في مقدور كل المجرمين أن يضعوا جرائمهم علي أعتاب الذات الإلهية ويمضوا إلي حال سبيلهم ! والمسألة لا علاقة لها بالتوحيد ، بل تقع برمتها في إطار المكر الإجرامي الذي يدفع أهله للإنفلات من مسئولية جرائمهم بكل الوسائل والسبل . ولا نريد أن نذهب بعيداً ، فقد قال النميري في تأييده للحكم أنه عكف علي دراسة أوراق القضية سبعاً وعشرين ساعة (فلم أجد لمحمود محمد طه وحزبه مخرجاً ولا شبهة تدرأ هذا الحكم الحدّي) وبذلك يصبح حق الحياة لمحمود وحزبه متعلقاً بفهم النميري للدين واستيعابه للفقه ! ونحن قد رأينا الحكم ينتقل من يد قاتلة إلي يد قاتلة أخرى ، ورأينا المقصلة تقام وتتطاول ، ورأينا الرجل يساق والجسد يتدلى .. إنها جريمة شهودها الناس جميعاً ، ليس في السودان فقط ، بل في العالم كله ، لأنها إحدى أبرز جرائم العصر . وفي مواجهة القاصرين الهاربين من مسئولية أعمالهم من رجال الدنيا اللابسين أقنعة الدين ، ومن الحكام الطغاة ، نلمح جمع الشهداء الذي يعمر تاريخ السودان ، ممن تصدوا للمسئولية الكاملة عن كل مبادئهم ، وممن قالوا أن أجسادهم ليست سوى النسخة المجسدة لتلك المبادئ ، و واجهوا السيف ، والرصاص ، والمشنقة المنصوبة ، علي الفروة ، وبالتحية العسكرية الأبية ، وبالهتاف بمجد السودان وثواره ، وبالإبتسامة الوضاءة المشرقة .. هولاء هم الباقون .. أَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
جمع الأستاذ تلاميذه في مسيرة هادئة ، يتقدمها النساء والصبية ، متوجهاً إلي قصر السلطان ، يحمل مذكرة تاريخية ، يعارض فيها القوانين التي قطعت يد السارق في زمن المجاعة . فقد السلطان صوابه ، فزرع بزته العسكرية بشتى الأنواط والأوسمة .. وألقى خطاباً جارحاً ، وزج بالمعارضين في السجن ، وبعد عدة أيام ، شكل محكمة ، أعظم قضاتها نال درجة الدكتوراه فيما يخرج من السبيلين ، وطلبوا من الأستاذ الإستتابة .. رفض الأستاذ حتى الاعتراف بأهلية المحكمة ، ورفض دفاع المحامين المتبرعين . و جاءت ساعة الاستجواب ، فواجه قضاته بأنهم غير مؤهلين فنياً وأخلاقياً .. شتت هيبة القضاء فأجلت الجلسة .. تشاور الطغاة .. أعلنوا في الجلسة الثانية حكم الإعدام .. أيده السلطان . إنتظروا الأستاذ ثلاثة أيام ليتخلى عن فكره ـ بعدها إقتيد إلي المقصلة ، مشي بجلال نحو الحبل ، واستدار وجهه النبيل صوب المحتشدين وابتسم .. وأسلم أنفاسه الأبدية إلي كل رئـة ، وأطاح بعرش السلطان بعد ثلاثة أشهر من رحيله . العالم الذي قال ( إن أجمل مشهد وأبدعه هو أن ترى سطح القمر ، فهو بكل تأكيد ليس سطحاً مصقولاً ، ولكنه سطح وعر ، وغير مستوٍ ، ومثل سطح الأرض نفسها ملئ في كل مكان بالنتؤات ، والهوات العميقة ، والتعرجات) هذا العالم رأى بمنظاره لأول مرة أقمار المشتري الأربعة ، وأنجز أعمالاً هامة في العلوم الأساسية ، وفي مجال الإختراعات العلمية ، إخترع ؛ جهاز تمدد السوائل ، وميزان مائي يعمل بقاعدة أرشميدس لتعيين كثافة الأجسام الثمينة ، وجهاز البوصلة العسكرية . هذا هو غاليليو ؛ العالم الإيطالي الفلكي الذي برأته الفاتيكان بعد حوالي 300 عام من محاكمته أمام التفتيش في عام 1633 . وجاء في تصريح البراءة عن بول بوبار رئيس سكرتارية الفاتيكان أن قضاة محكمة التفتيش الذين أصدروا حكمهم بإدانة الفلكي المشهور ، كانوا يعيشون في عصر تفشى فيه الجهل والأفكار الخاطئة في كل أنحاء أوربا. كان غاليليو يؤمن أن الحقيقة يجب أن تقنع الجميع ، وكان الكرادلة يقولون ( كل من ليس معنا فهو مرتد وكافر) .. وأنهم أي الكرادلة قبل ظهور جاليليو لم يحتملوا التخمينات العلمية التي أتى بها (جوردانو برونو) فأمروا بهلاكه وأعدم حرقاً بالنار ، وكان هذا أسلوب الكاثوليك في عقاب العلماء المرتدين في ذلك العصر . ولقد ذاع صيت غاليليو في مدينة بيزا والبندقية بإحتوائه لنظرية كوبرنيكس والدفاع عنها ، وكانت الأخبار تتسرب إلي روما ، وروما تعد العدة لغاليليو المسكين . وأخيراً ذهب غاليليو إلي روما لإقناع الكرادلة بعدم حظر النظام الفلكي الكوبرنيكي فوجد غاليليو النص الآتي أمامه : ــ " الآراء التي يجب حظرها : 1 ــ أن الشمس ثابتة لا تتحرك في السماء . 2 ــ أن الأرض ليست مركز الكون ، وأنها غير ثابتة ، وأنها تتحرك بحركة مزدوجة ." وكان غاليليو قد طبع كتابه "حوار حول الأنظمة العالمية الكبري" علي نمط حوار بين أشخاص . وبهذا طلب من غاليليو المثول أمام محاكم التفتيش التي إنشئت للحد من إنتشار مبادئ حركة الإصلاح وشكلت المحكمة من عشرة قضاة من الكرادلة والدومينكان . وحضر غاليليو في أبريل عام 1633 وكان قد أُحضِر مرة أو مرتين إلي قاعة محكمة التفتيش ، وكان الحكم قد حُدد بصورة دقيقة ميبتة ، لا مجال فيها للنق ، شبيهة بالاحكام المطلقة ، وكانت الأسئلة باللغة اللاتينية . ( إن هذا العالِم المنشق ، والذي حُذر من تبني آراء كوبرنيكوس التي تناقض التعاليم المقدسة .. هذا العالم يجب أن يهان ويذل ، وعلي السلطة أن تبدو كبيرة ، وعلي غاليليو أن بسحب أقواله ، ويخـَطِئ آراءه ، فإذا رفض فيجب أن يعذب .) .. ويذكر التاريخ أن طبيباً إنجليزياً كان قد عُذب بجهاز شد الجسم ، علي يد محاكم التفتيش الإسبانية. لكن غاليليو لم يُعذب ، بل هُدِّد بالتعذيب مرتين ، ولما زاد التهديـد والإرهاب والضغط ، إستجاب غاليليو ، و وافق ، وتم التراجع عن آرائه ، و سحب كل ما قال ، وكتب بخط يده وثيقة الخلاص والتخلي عن آرائه . وإليكم الأسطر الأخيرة الأخيرة من الوثيقة التاريخية : ( أنا المدعو غاليليو غاليلي ، قد إعترفت بأخطائي ، وأقسمت ، و وعدت ، و تعهدت ، ، كما هو في أعلاه ، وشهادة صدق ، ذلك ، قد كتبت بخط يدي ، هذه الوثيقة المتعلقة بإعلان تنصلي من تلك الآثام ، وتلوتها كلمة ، كلمة ، في روما في دير منيرفا ، في هذا اليوم الثاني والعشرين من شهر يونيو عام 1633 ). بعد ذلك وضع غاليليو تحت الإقامة الجبرية في منزله .. ولقد أثار ذلك الأمر العالم الفرنسي رينيه ديكارت فتوقف عن النشر وترك فرنسا وهاجر إلي السويد ، والجدير بالذكر أن الشاعر الإنجليزي الشاب (جون ملتون) كان قد جاء لزيارة العالم المحبوس في منزله ، والذي حوكم ، وكان عمره 70 عاماً آنذاك . وبنهاية المحاكمة التاريخة مات النشاط العلمي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ، ونما وأذدهر في شمال أوربا . وقبل أن يكمل غاليليو آخر كتبه (العلوم الجديـدة) التي تعني بالفيزياء المختصة بالمادة علي الأرض وليست الفيزياء في النجوم ، كان قد فقد بصره ، ومات وهو ما يزال حبيساً ففي منزله عام 1642 . وكان قد كتب لأحد أصدقائه قائلاً : ( وا أسفاه .. لقد أصبح غاليليو صديقك ، وخادمك المخلص ، منذ شهر ، كفيف البصر كلياً ، بشكل لا يرجى شفاؤه ، وبحيث أن هذه السماء ، وهذه الأرض وهذا الكون ، التي كبرتها بمشاهداتي الرائعة ، و عروضي الواضحة مئة مرة ، بل ألف مرة فوق الحدود المقبولة عالمياً من الرجال والعلماء في العصور السابقة ، قد تقلصت الآن وانكمشت بالنسبة لي ، إلي حجم ضيق يساوي الحجم الذي تملءه أحاسيس جسمي الخاصة). لقد برأ الفاتيكان غاليليو .. والآن زرعت أمريكا مرصداً يمكن من رؤية كل الكون الشئ الذي جعل أحد العلماء يتحدث معلقاً ومتخوفاً من الإنقلابات التي سيحدثها في القواعد العلمية الثابتة مبدئياً بعد نتائج الرصد المتوقعة .
ألا تقودنا براءة غاليليو إلي براءة وإنصاف المفكر السوداني الشهيد محمود محمد طه ؟ الذي قدم نفسه قرباناً وفداءاً للشعب السوداني .. والذي أنشئت له عام 1968 محكمة الردة الشهيرة ، وما أثنته عن عزمه ، فواصل مسيرته الفكرية دون أن يرفع أصبعاً في وجه أحد.. وكان هو واتباعه مثاليين في تعاملهم مع الناس ، فكم ضـُرِبوا ، وأُهينوا ، وسبت اعراضهم .. فكان سلاحه الوقار الجم ، هو ومن معه ، وتقليد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما يقرب من ثلاثـمئة كتاب حجة دامغة أعيت أعداءه ، فما استطاعوا إلا تصفيته جسدياً . وقبل المؤامرة والتصفية ، لفت الأستاذ محمود نظر العالم إلي أن محاكم التفتيش السودانية شكلت بقضاة غير مؤهلين فنياً وأخلاقياً .. وهذه العبارة قد أطاحت بالهياكل القضائية آنذاك ، وحشدت دولة النميري في ساحة سجن كوبر آلاف الناس ليشهدوا كيف يستبسل الرجال .. وابتسم الأستاذ محمود محمد طه وأسلم رأسه الجليل لحبل المشنقة وهو شيخ في السادسة والسبعين من عمره ، وضرب بذلك أول وآخر مثال من أمثال البسالة والشجاعة في أرض السودان . وقرأنا ماذا كتب العالم عن محمود . ترى بعد كم عام يأتي قوم آخرون ، ويعلنون أن محموداً كان حلاج القرن الحادى والعشرين ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
إذا كان الروائي العالمي أناتول فرانس قد إختصر في قصته المشهورة كل تاريخ البشرية في ثلاث كلمات : ولدوا ، و تعذبوا ، ثم ماتوا .. فنحن بنفس القدر و بنفس المنطق ، نختصر تاريخنا المعاصر في أربعة كلمات قرآنيات من سورة النور " ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ " منذ أن بدأ التاريخ ومقدرات الإبداع والفطرة والخلود تقع من الفرد البشري ، بتناسب منسجم مع الزمان ، ومتطورة معه من الأفضل إلي الأفضل. ولكن الشئ الذي كان بالكاد ثابتاً ولا يزال ، هو أن القلائل هم القادرون علي تحقيق هذه الحالة الفريـدة من حالات الفرد البشري. ومع تطور الزمان في قيمه وفضائله ، أصبحت إمكانية التحقيق تقع من الذين يملكون مقدرة توحيد القوى في بنيتهم البشرية ، بفضل الله ، وبفضل كفاحهم ، فلا ينالهم التشويش ولا يزعزعهم إيقاع الزمن البطئ ، (زمن الإستتابة) فيصبحون غير قادرين علي الرؤية المستقبلية الواضحة المطمئنة . كان من أكبر دلائل الجهالة أن يؤتى بالرجل ليوضع في مأزق إيقاع الزمن البطئ ، ليرجع عن مبادئه ، فهذا والحق جهل بحقيقة الرجل. قد يقول قائل بأن هذا الحديث عن الموت إنما هو كلمات تقال ، وضرب من ضروب الفلسفة في تعريف المجهول .. فلنفترض صحة هذا ، إذن ماذا نقول عندما يتحول هذا الحديث من كلام يقال إلي سلوك محقق في مواجهة الموت والمخوِّفين به .. هنا إستطاع الأستاذ محمود أن يحقق الوحدة في بنيته ، لقد فكر كما أراد ، وقال كما فكر ، وعمل كما قال ، وكانت نتيجة عمله خيراً وبراً بالأحياء والأشياء . ( و بالموت تكون فرحتنا، حين نعلم أن به نهاية كربنا، وشرنا، وألمنا .. قال تعالى عنه: " لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك، فبصرك اليوم حديد " .. وإنما بالبصر الحديد ترى المشاكل بوضوح، وتواجه بتصميم .. ). والرجل قدم لقضيته وفكرته قوة الدفع ، التي تؤهلها لأن تتحرك في زمن يقظة الضمير ، واستنارة الفكر ، زمن الخروج من الجمود الفكري والعقم العاطفي ، قدم لها أكثر مما لو كان قضى ضعف عمره في محاضرات يلقيها علي الناس الذين لا يقنعهم إلا المثال الحي . ولذلك كان علي الذين نفذوا هذا الجهل وهذه المكيدة أن يعرفوا بأن التصفية الجسدية لا تحل قضية فكرية ، إنما تزيد من دعائم وجودها .. هذا إذا كانت قضيتهم فكراً ، وأما إذا كانت قضيتهم تصفية ، وأحقاد ، ومحاولة تخويف الآخرين ، فهذه قضية أخرى .. فليطمئنوا بأن الرجل كان أكبر داعية للاعنف والسلام في زمن الكراهية والأحقاد. من الطرائف التي لها دلالات علي الجهالة ، أنه وقبيل تنفيذ الإعدام علي الشيخ الكبير ، صعد أحد القضاة لينطقه بكلمة التوحيد لا إله إلا الله .. لو كان لهذا القاضي أقل إلمام بكتابات الأستاذ الأستاذ محمود ، ولو من باب الأمانة العلمية لوفر علي نفسه عناء هذا الأمر .. لقد جاء في كتاب للأستاذ محمود بأن السيد المسيح كان يتعبد في الجبل فجاءه الشيطان ، وقال له : قل لا إله إلا الله . فعلم المسيح بأنه سيقع في إحدى السؤين ، إما أن يقولها فيكون قد أطاع الشيطان ، وإما ألا يقولها فيكون قد أنكر كلمة التوحيد ، فأجابه بفطرته السليمة : كلمة حق ، ولا أقول بقولك .
قد يكون الأستاذ محمود قد حققها علي هذا النحو ولا ندري ، لأنها لفظ بين إثنين ... ولكن في إعتقادي بأن الشيخ الفاضل قد حققها علي مستوى آخر ، وهو صاحب كتاب لا إله إلا الله ، وقد قال فيه : لا إله إلا الله آصل أصول الدين، فما هي بنافلة من القول ، ولا هي بترف ذهني ، ولا هي مثل أعلى ، إنما هي حقيقة أولية تعاش ، وخلق بسيط يمارس في واقع الحياة اليومية ، بدايتها بسيطة ونهايتها في الإطلاق . وبعد لو لم يقدم الأستاذ في كل حياته سوى موقفه هذا ، لكفاه ذلك عظمةً ، وخلوداً ، ومجداً ، ورحمةً عند رب العالمين .
يـعقوب كبـيدة بورتسودان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
السلام عليكم و رحمة الله استاذ عبد الله و دعنى فى البداية اشكرك على ما تخطه بقلمك عن سيرة الاستاذ الشهيد محمود محمد طه عليه سحائب الرحمة. لقد تابعت بنهم و شغف بالغين خيطك بعنوان الى سبانا الشريف و قد كان خيطا مضيئا بحق و كنا فى امس الحوجة اليه خصوصا نحن الذين لم نعاصر الاستاذ و لم نلتقه و لكن فى ذاك الخيط الممنا بجوانب كثيرة . المهم يا اخى عبد الله لقد فكرت جادا فى جمع مادة الخيط المذكور لنصدرها كتابا يقرؤه كل من اراد ان يتبصر فى امر الفكرة و بساطة اتباعها و لكنى لم اجد وسيلة اتصال بك و لم اكن عضوا بهذا المنبر ساعتئذ و اتمنى يا اخى الكريم ان تصدروا تلك المادة كتابا اتمنى ذلك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
الكُرّاسة المحموديّة
مشيت لسريرك ...
" هديّةٌ صغيرةٌ إلى الشّهيد النبيل الأستاذ محمود محمد طه في ذكراه السّنويّة الأولى ". *** كان في النهر اضّطرامٌ بالأسى. وكان جناح جبرائيل (الظّلمانيّ والنّورانيّ) يتفتّحُ في لحظةِ ظلامِ المواردِ .. آنذاكَ رحلتَ يا غمامةً من الوجدِ و" مشيت لسريركْ/ يِسُوقَكْ شوق الواجد/ في مُزناتُو الخدرَه / يِدَوِّر بيك مرجيحة الرّب .. " .. تفيضُ نفسي بالحزن الرّحمانيِّ وأشتاقُ إلى أن أكونَ ذاتَكَ الجّديدة التي وُلِدَتْ من بينَ دفَّتَيّ المصحفِ؛ من التَّبَطُّنِ في كلمةِ " قُلْ" التي هي ذاتُ فعلِ "كُنْ" .. كنتَ تدعونا لحياةٍ عميقةٍ وعريضةٍ هي حياة الفكر والشِّعور وأُسحرُ (أنا) بأنداءٍ من تلكَ الحياةِ تُباغِتُنِي بالتَّقَطُّرِ الهادئ حيناً والهادر حيناً فليتَ "دارُ ريّا" ساقت البسطَ والسّرورَ إلينا..
قُلتَ أنتَ للحقِّ مقالَ الشّهيد العارف أبي حسين منصور الحلاّج قديماً :- بيني وبينُكَ إنِّي يُنازعُنِي فارفَعْ بإنّيْكَ إنِّي من البينِ فكان ذلكَ الرّفعُ لكَ إلى بحبوحةِ الرِّبوبيّةِ، إلى سكينةِ الأُنسِ المتفتِّحةِ كالموجِ والمطمئنّةِ بلطائفِ نعناعِ المعاني ... فشربتَ " كأسَ الرُّضوانِ النّورانيَّ " وذهبَ عنّا الزّبدِيُّون الظّلمانيُّون ولكن لم يذهب عنّا الأذى بعدَ ونُعافى .. فالكثافةُ وغلظةُ الرُّوح السّبتمبريّة ما تزالُ تُؤجّلُ ميلادَ اللّطافة، ولو بمقدارٍ، في النّفوس؛ ميلاد الفرد – الحريّة وليس الفرد – الخبز؛ ليس فرد "اللّذّة اليوميّة والمسرّات الصّغيرة" .. وأعني، بلغةِ الوجدِ، ميلاد الطّفل اللّطافة في قمّةِ فعلِ الشِّعورِ إذ يُغنّي : " ترنّموا ترنّموا نُرَدُّ للطّفولةِ/ من رامَ دربَ العودةِ/ الحبُّ دربَ العودةِ/ الله ربَّ الرّحمةِ/ خُلاصةُ المحبّةِ – إنشادٌ عرفانيٌّ .. "
لا يُنكِرُكَ إلاّ الغافلون يا شهيدنا الأستاذ محمود محمد طه ويا شقيقَ روحي المسمومةَ بالظّلامِ و المُدنفةَ، في ذاتِ الحين، بأشواقٍ ومواجدٍ خبرتُها عيانيّاً أُتمتِمُ بها خافتاً ومسكيناً آناً من الزّمانِ و أهمسُ : خُذني إلى حضنِكَ ياالله!
نَمْ، فقد كنتَ (فداءَنا) الرّوحيَّ عن الزّبديّين المتسلِّطين فلكياً 16 عاماً ووقتٌ لا يُقاس بحكم التخريب الشِّعوريِّ الذي هو قبل الاقتصاديِّ، بل هو التّخريب بالأصالة، وقد راحوا (حقّاً) بفعلِ الطِّيبةِ الصّافي الذي أقدمتَ عليهِ في 18 يناير 1985 ولكن حذراً : فنحنُ ما نزالُ : (عشباً حتَّنْ هادي اللّيلة يقاوم شرَّ الزّبديّين) وهذا من حقِّ تديُّني الفرديِّ عليَّ الآنَ أن أكونه، بل هو عندي من حقِّ أيِّ مُتديِّنٍ حرٍّ و(فردانيٍّ) أن يكونه.
يناير 1986. إبراهيم جعفر.
رحيْلَكْ غنوه و كاس رضوان نورَانِي*...
تقديم:- " و أنتم حينئذ كثيرٌ و لكّنّكُمْ غثاءٌ كغَثَاء السّيل.. ".. الإهداء:- إلى الشهيد النّبيل الأستاذ محمود محمد طه الذي اغتاله شر الزّبَدِيّين ببشاعةٍ مُطْلَقَة ". ******* هذا وقْتٌ يفجعنا فيه غثَاء الزّبَدِيّينَ و لكن... بَلْقَى حمامةْ حُزْنَكْ تاكُلْ شر الزّبَدِيِّين مشيت لسريرك يِسُوقَكْ شوق الواجِدْ في مُزْنَاتُو الخَدْرَه يدَوّر بيك مرجيحة الرّبْ تسوسِنْ رُوحَكْ و ماكا حزين و ما هامِّيْكْ لي فقدَنا لي طَلّة ياسمِيْنْ قَوْلَكْ نَالَكْ يفُوح بي الطِّيْبَه خِيَّانَكْ ما حيفُوتُوا مَحَلَّكْ مِسْك الخير الخَيْرَه يضُوع من ارْدَانَكْ طيبْة الموجَه رقص اللّيل في عيُونَكْ رحمه غِشَانَا صَفَاكَا يقينْ رضْوان نديان في ملامْحَكْ و انتَ بتَمْشِي مَقَامَكْ كان رشَّانا رذاذ وصلاً ربّانِي حلفْنا نقَطِّر ندى حُرْقَتْنَا مَحَنّه و ندخُلْ جُوَّه الرّعْشَه و نحيا السّر الوشُّو الغابه نخلِّي ضلام الرُّوحُمْ عسعَسْ فِيْنَا و سمّم غَرْسِ جمالنا و طيبة روحنا طيور اقداس الغضب اتوَلَدَتْ, سِكْرَتْ, و شَفّتْ في ألوانْ من رُوحِكْ واجْدَه و بيها الشَّوق وَدََّانا بْنَعْشَمْ نَلْقَى مَقَامَكْ رحيْلَكْ غُنْيَه و كاس رُضوان نوراني بِيَسْقِي النّاس الحزن الدّامع و صافِي بِيَسْقِي النّاس الغَضَبْ الخير الرّايِعْ و دَافِي حُزْنَكْ فينا و حُزْنَنا عاشِقْ تجرح رُوحو الطّيبه يغنّي تجرح رُوحو الطّيبه يِبْقَى الموجَه يصلِّي و يشْرَبْ مويَةْ رُوْحَكْ حُزْنِ شَفِيفْ العشب يتفَتَّتْ فيهو موسيقى العُشْبْ يْتْفَتَّتْ فينا موسيقى العُشْب يتفَتَّت قَدْرَ الدّنيا موسيقى و القى حمامة حُزْنَكْ تاكُل شرّ الْزّبَدِيِّينْ و العُشْبِ يقاوِم شرّ الزَّبَدِيِّين ما كُلّنا عُشْبَاً حَتَّنْ هادِي اللّيله بقاوِمْ شرّ الزّبَدِيِّين كُلَّنا عُشْبَاً حتّن هادِي اللّيله بِقاوِمْ شرّ الزَّبَدِيِّينْ
18 يناير-21 مايّو 1985. إبراهيم جعفر.
* من مسودّة مجموعتي الشعرية المسمّاة كمانات الأغاني.
محمود...
محمود بصَلّي مع النّجوم مرّاتْ يَعَايِنْ من شَبَابِيْكْ الغِيُومْ يلَمْلِمْ النَّدْ و الطّرِيْقَه يمَدِّدْ الشَّوْقْ لي التِّخُومْ ولَمَّنْ حماماتَ الْمَغَارِبْ يَهْدِلَنْ: حيْ يا قَيٌومْ! يشربْ الشّايْ في الحَدِيْقَه والزّمانْ عاشِقْ يرُومْ طينةْ انْسَانْ في الحَرِيْقَه تْرٌوقْ وتِذَّارَفْ علُومْ *** محمٌودْ ينَازِلْ في الضَّرِيْمْ بَسْ غَشْوَه من بَرْد اليَقِيْنْ تخَدِّرٌو وكاس النّدِيْمْ يَلْفَاهٌو بي الوَعْدَ الْقَدِيْمْ
http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t...708fad9eff4e46af6127
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
سمعته اليوم كان المذيع يتحدث عن الاستاذ محمود على انغام قصيدة عرمان بصوت الخالدة اخلاص همت. كان تلخيصا مغتضبا عن حركة الاستاذ والجمهوريين، وهذا او الطوفان، وكلمة الاستاذ فى المحكمة التى كان مسجلة. وبعض عبارات النميرى فى تأييد الحكم. وقد اشتمل التقرير على عبارات قوية حول انه بالرغم من مرور 28 عاما الا ان افكار الاستاذ صارت حديث كل المثقفين السودانيين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
كلمة الأستاذ محمود محمود طه
أمام محكمة المهلاوى في السابع من يناير 1985
((أنا أعلنت رأيي مرارا ، في قوانين سبتمبر 1983م ، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام .. أكثر من ذلك ، فإنها شوهت الشريعة ، وشوهت الإسلام ، ونفرت عنه .. يضاف إلي ذلك أنها وضعت ، واستغلت ، لإرهاب الشعب ، وسوقه إلي الاستكانة ، عن طريق إذلاله .. ثم إنها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير .. و أما من حيث التطبيق ، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها ، غير مؤهلين فنيا ، وضعفوا أخلاقيا ، عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية ، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب ، وتشويه الإسلام ، وإهانة الفكر والمفكرين ، وإذلال المعارضين السياسيين .. ومن أجل ذلك ، فإني غير مستعد للتعاون ، مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر ، والتنكيل بالمعارضين السياسيين))
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: معاوية عبيد الصائم)
|
شكرا يا أستاذ معاوية عبيد الصائم على الإحتفال بذكرى الأستاذ بهذه الكلمات المشرقة تسلم تسلم تسلم ===
في ذكرى (28) لاستشهاد الأستاذ "محمود محمد طه "
لن ينضب معين الذكرى ، ولا النورس الذي يطوف في البحار البعيدة يعرف أننا فقدنا هرماً من أهراماتنا المعرفية الناهضة في 18 يناير 1985 ، كان في خاطره أن وطننا يُقبِرُ أصحاب الرؤيا . يُعمِّر الذين يذهبون مع التيار ، لا ترنو بصيرتهم إلا بالقدر الخفيض من فوق تراب الأرض ، لا يصنعون شيئاً لها ، ولا يرنون إلى أفقٍ بعيد . لا نسائم تتوق للإعتاق ، ولا تنظر الأبصار كيف يلتقي الأفق البعيد بالسماء ، دون أن نسأل أنفسنا : كيف تراءى لنا أن يلتقي الذين لا يلتقون . أنهُر من الدماء غير المُبرر سفكها ، وقد أريقت . سهّلت تصورات البعض أن القتال شريعة الخلاف ، ونفي الأجساد يشفي غليل الذين يعتقدون أن من يخالف نهجهم ، يرغب زلزلة كرسي التسلط والحكم . وجاء الطوفان أسرع من كل تصورات الحالمين .
(1)
تمر ذكرى استشهاد صاحب الفكر ، والسباق إلى رؤية جديدة حملها طوال عمر طويل من ضفاف الوطنية الناهضة . سابق جيله والسابق له والجيل اللاحق ، بأنه عاش الحياة التي أحب أن يرى. وهب حياته لقضية أكبر من أن تكون مدفونة في الصدر . ونظر لإسلام الدعوة في وجهها و رأى الكنوز المخبوءة في النصوص ، قبل أن تتكون الدولة والسلطة القديمة وحاجات السياسة التي اقتضتها نشأة العقيدة وسط تضاريس مجتمع في الزمان والمكان .
(2)
كانت النصوص القرآنية الأولى نبع الهَدي للذين يريدون أن يتعرفوا المنابع الروحانية النقية في عنفوان قوتها ، ويتمتعون بالقص القرآني وهو يحكي لهم كيف كانت الحُمى تعصف بالنبي الأكرم ، حين كان يرتجف من البرد حين تلقى الوحي أول أمره . وكانت قضية " محمود " الثاني أن يتأمل في سيرة " محمود " الأول ويتتبع خطاه التي أبصرها . نظر الرسالة الإسماح التي احتمت بأغلفتها وتشرنقت تنتظر التوق ومقدم الذين يقرءون بإرادتهم الحرة ، وإنسانيتهم التي ابتنتها بيوت الصبر على المكاره. طلق " محمود الثاني "حياةً موعودة بالراحة لجيله ، وأعاد مسيرته إلى مجارٍ غير طبيعية . وقف من الحياة ، ورأى العقيدة بمرآة التأمُل ، وتفتحت أوراق رؤاه وأزهرت .وبالعمل ارتقى سلماً ، يقول عنه المتصوفة التقليديون : " إن في مثل تلك المقامات والمراقي ،لا يكتُب العارفين عن العلم اللدُني " يبدو أن تلك الكشوف المعرفية ، أضاءت له الطريق حين عاش حياة الذين رغبوا عن الحياة إلا ما يقيم الأود ، ويسُد الحاجة . كثير الصيام والقيام ، وصل قلبه بصاحب الوقت مُتأملاً . وجاءته الرؤيا التي تتمنَّع على غيره من السابحين في سطح العقيدة يتعبدون وفق نصوص المجتهدين دون إعمال للذهن . غطس في لجة البحر الكبير وشاهد ما لم نُشاهده ، وتحسس الوجد و التعبُد . وانفتحت له نوافذ مثل التي تحدث عنها بإيجاز " أبو حامد الغزالي " وهو يحكي قصة عشرته المتصوفة، وكيف عاش بينهم سنوات ، ولذَّ له شرابهم من المعرفة عن طريق العمل .
(3)
كنتُ لما أزل أنتظر الوقت للكتابة عن الكتاب المُتنازع بين العقائد وعلوم النفس البشرية وفيزيويوجيا الأدمغة .فالمتصوفة في كل عصور التاريخ ، بمختلف مشاربهم عرفوا كيف يصلون لاستقبال الرؤى في الأذهان عند جلسات الصفاء . لذا كان الشهيد ينثر زهراته اليقينية على عتبات كل المداخل الغامضة على رؤى أصحاب الظاهر ، فيوجز عن " العلم اللدُني " . والقارئ للأحاديث النبوية التي يُورد ، لا يذكر مصدراً ، ولا يعتد بمصابيح المراجع وأسانيد الأقدمين ، بل بالذهن المُتقد ، والمصباح المُضيء في قلبه. (4)
عن الأستاذ محمود : مولده عام 1909 . أمه من رفاعة وأبوه من شمال السودان . درس الهندسة في غردون التذكارية وتخرج عام 1936 . التحق بسكك حديد السودان وعمل في عطبرة وكسلا . استقال من العمل الحكومي عام 1941 والتحق بالعمل الخاص . أسس عام 1945 الحزب الجمهوري أول أحزاب السودان الوطنية بقيادته . اعتقلته السلطة الاستعمارية مرة أولى عام 1946 ومرة ثانية اعتقل وقضى محكوميته أيام الاستعمار في سجن مدني ثم سجن كوبر وخرج من محبسه عام .1948. كان محبسه مصادقة لصفاء الذكر الحكيم وأحد بشائر مؤلفات " أبو حامد الغزالي ". قراءة وتنوير أتى مع صيامه الصمدي وجلوس العُباد وتفتحت الأنوار ، واستقبل الذهن " الحامودي " تلك الكشوف الكبرى. خرج من سجنه عام 1948 واعتكف اختيارياً برفاعة لثلاث سنوات إلى عام 1951 ، وأطلت بشائر تأويله الجديد معنى ومبنى ..
(5) ننقل وقائع اعتقاله واستشهاده من مدونة " الفكرة الجمهورية " :
( فى يناير من العام 1985م أقام الجمهوريون مؤتمر الاستقلال بدار الاستاذ محمود بأم درمان ، وفى ختامه مساء 4 يناير تحدث الاستاذ محمود عن ضرورة أن يفدى الجمهوريون الشعب السودانى حتى يرفعوا عن كاهله اصر الظلم الذى وقع عليه ، مقدما نماذج من تأريخ التصوف لصور من فداء كبار المتصوفة لشعبهم. الكيد السياسى والمحكمة المهزلة فى صباح الخامس من يناير 1985م اعتقلت سلطات النظام المايوى الاستاذ محمود محمد طه بعد أن كانت قد اعتقلت عددا من الجمهوريين قبله ، ليتم بذلك تنفيذ التدبير المعد سلفاً لمحاكمة الاستاذ محمود والجمهوريين أمام المحاكم التى شكلها النظام من خصوم الجمهوريين من قوى الهوس الدينى. فى يوم الاثنين 7 يناير 1985م قُدّم الاستاذ محمود وأربعة من تلاميذه للمحاكمة أمام محكمة الطوارئ ، برئأسة حسن ابراهيم المهلاوى ، فأعلن الاستاذ محمود محمد طه رفضه التعاون مع المحكمة ، بعبارات خلّدها التأريخ فى سجل الشرف ، واضعا المحكمة ، والقانون الذى تحاكم به ، والسلطة التى تأتمر بأمرها فى موضعها الصحيح من أنها مجرد أدوات لقمع الشعب وأسكات صوت الأحرار من أبنائه. فى يوم الثلاثاء 8 يناير 1985م أصدرت المحكمة المهزلة حكمها المعد سلفا بالاعدام على الاستاذ محمود وتلاميذه الأربعة ، لتغطى سماء البلاد موجة من الحزن والذهول. فى يوم 15 يناير 1985م أصدرت محكمة الاستئناف المزعومة برئاسة المكاشفى طه الكبّاشى حكمها المتوقع بتأييد حكم المحكمة المهزلة ، بعد أن قامت بتحويل الحكم من معارضة للسلطة واثارة للكراهية ضدها ، الى اتهام بالردة ، لتتضح ملامح المؤامرة أكثر . فى يوم الخميس 17 يناير 1985م صادق " الرئيس " جعفر نميرى على حكم الاعدام ، بعد أن أوسع الفكرة الجمهورية تشويهاً ، ونصب نفسه قاضيا على أفكارها ، فاتجهت الانظار الى سجن كوبر بالخرطوم بحرى فى انتظار تنفيذ الحكم. ابتسامة على حبل المشنقة! عند الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة الثامن عشر من يناير 1985م ، الموافق للسادس والعشرين من ربيع الآخرة من عام 1405هـ ، صعد الاستاذ محمود درجات السلم الى المشنقة تحت سمع وبصر الآلاف من الناس ، وعند ما نزع الغطاء الذى كان يغطى رأسه قبيل التنفيذ، انكشف وجهه عن ابتسامة وضاءة لفتت الأنظار فانفتحت بموقفه الاسطورى هذا ، وبابتسامة الرضا تلك ، دورة جديدة من دورات انتصار الانسانية على عوامل الشر فى داخلها وفى الآفاق. فى السادس من أبريل 1985م سقطت سلطة مايو أمام انتفاضة الشعب السودانى ، وفى 18 نوفمبر 1986م أصدرت المحكمة العليا السودانية حكمها بأبطال أحكام المحكمة المهزلة ومحكمة الاستئناف المزعومة بحق الاستاذ محمود. وقد أعلنت منظمة حقوق الإنسان فيما بعد يوم 18 يناير يوما لحقوق الإنسان العربي ..)
عبد الله الشقليني 17/01/ 2013
*
في ذكرى (28) لاستشهاد الأستاذ "محمود محمد طه "
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
======================= لا.. دون لقاء حيث النظرة تذهب بالصخر رمالا ...ورفات.. الجبل الواقف...عاد الي احضان الريح سحائب حبلي... سوفات...تمطرهم...سوفات... منْتَظرٌ... لا حيث سوي حيث اللقيا... ذرات تراب..طاهرة.. لا عند لها... فكيف الظن... قل..يحيها...من انشأها...اول مرة... ويعود..بها...في ثلث الليل... اصيل اللحظة في الصلوات.. ونظرنا.. نظرتنا الاولي...للشمس..فغابت..عنا... واعدنا الكرة..بحثا..نقرأ..وشم البدر السافر في السموات تجلّي... ثم تخلّي عنا ايضا... وتلاشي الومض...بعيدا...لا يسمع منا...شيئا وما عادت...اصداء نداء او اجدت دعوات... ونظرنا الجسد...تحسسناه...لمسنا...كل تفاصيل.. النظرة... ونظرنا في انفسنا... فتلاشت كل الاشياء...فقلنا... اعدنا القول... نداء الكون...فعادت بالروح الاشياء...نسميها.. شمس... قمر... ... بحر...ماء... ورياح...اشياء حول العرش تدور... اشياء تنتظر الكلمات... ====== 01/19/2013
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
د. فاروق عثمان في مثل هذه الأيام من العام الف وتسعمائة وخمس وثمانون صعد شيخ في الثالثه والسبعين من عمره علي منصات مشانق الهوس الديني ومقاصل الفكر،صعد بخطي ثابته وبصر حديد وشجاعه تواري أمامها الأقدام خجلا وانزوت منها البسالة في ركن بعيد،مقدما نموزجا لكيف يكون المفكر المدافع عن مبادئه ورؤاه والمتشبث بقناعاته حتي ولو كان الموت ثمنا لها،تقدم هذا الشيخ بابتسامه حيرت وجه الموت القمي وعاتقا هذا الشعب من دكتاتوريه جسمت علي صدره سته عشر عاما،انه شهيد الفكر والفكره الأستاذ محمود محمد طه ابن مدينة رفاعه العريقه،والذي قدم نموزجا متفردا في الفكر الإسلامي،مجيبا علي كثير من اسئله الراهن الصعبه والتي عجز دعاة الكتب الصفرا وحاملي الفكر الانكفائي والمنهج الاقصائي والتكفيري من الإجابة عليها،ولما لم يجدو منطقا أمام قوة منطقه وصلابة شكيمته وبيان حجته لجؤ الي سلاحهم المجرب وهو التكفير ومن ثم الاغتيال ظنا منهم ان بغياب جسده سيتواري فكره ويندثر ولكن هيهات،قدم الأستاذ محمود فكرا ناصعا كسيرته ونقيا نقاء تاريخه،ناسفا الفكر الإسلامي المنغلق والمتكلس،ومعتمدا علي اعمال العقل بدلا عن النقل والتفكير والإبداع مقابل الجمود والتكلس،ومجييبا علي كثير من الأسئلة التي كانت تقلق الكثيرين وذلك من خلال التنظير بما يسمي آيات الأصول وآيات الفروع وتجديد نسخ الناسخ بالمنسوخ وعلم الحقيقه والشريعة وحركة العقل ضد الثنائية فالتف حوله الشباب والنساء وذوي العقول النيره الذين أدركوا عظم فكرته وقوة منطقه وبيان حجته لانه كان يخاطب العقول قبل العواطف ويطرق أبواب التفكير قبل إشهار سيوف التكفير.تمر هذه الأيام ذكري استشهاده الخالد ونفتخر نحن الذين لم نحظي ان نطلع علي فكره الباهر إلا بعد رحيله الفاجع،ولكن سلوانا ان إنتاجه الفكري ما زال مبذولا علي طرقات النت وشوارع الاسافير فكرا ناصعا يظل خالدا وشاهدا علي مفكر حق لهذا الوطن ومستنريه ومثقفييه ان منتجه واحدا منهم ويظل فكره و استشهاده قلما ولا نقول سيفا يفقأ عين دعاة الهوس وحاملي صكوك التكفير
ويبقي الفكر..الي استاذ محمود محمد طه في عليائه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
هكذا كان الإخوان الجمهوريون يرددون في حلقاتهم الدينية مستلهمين التراث الصوفي الذي إنتشر في السودان منذ قرون ومسترشدين بمبادئ محمود محمد طه الذي لقبوه بالأستاذ..ولد طه عام 1909 في مدينة رفاعة وسط السودان وتلقى تعليماً دينياً في مراحله الأولى، ثم إنتظم في التعليم المدني ودرس الهندسة في كلية غردون التذكارية، التي تحولت فيما بعد إلى جامعةالخرطوم..أسس طه الحزب الجمهوري عام1945 مطالباً بالإستقلال عن دولتي الحكم الثنائي إنجلترا ومصر، لكن الأخوان الجمهوريين عرفوا بعد إستقلال السودن بأعتبارهم جماعة دينية تدعو إلى النهوض بالمجتمع أكتر من كونهم حزباً سياسياً يسعى إلى الوصول إلى السلطة..
بدأت المواجهة بين الأخوان الجمهوريين والرئيس السوداني السابق جعفر نميري في سبتمبر أيلول عام 1983عندما أصدر نميري قوانين قال إنها تمثل الشريعة الإسلامية نصت على تطبيق عقوبات حدية من قطع يد السارق وجلد شارب الخمر فأعلن طه والجمهوريون معارضتهم لتلك القوانين..في الخامس والعشرين من ديسمبر أيلول عام 1984وبعد إسبوع فقط من مغادرته المعتقل أصدر طه منشوراً شهيراً بعنوان "هذا أو الطوفان" طالب فيه بالغاء قوانين سبتمبر واصفاً إياها بأنها تشويه للدين أعتقل طه صباح اليوم التالي وقدم إلى المحاكمة في يناير كانون الثاني عام 1985حيث القى أمام المحكمة كلمة واحدة أعرب فيها عن عدم إعترافه بها وجدد خلالها من إنتقاده لقوانين سبتمبر..
في الثامن يناير أصدرت المحكمة حكمها بإعدام طه بتهمة الإرتداد عن الدين الإسلامي وتم تأييد الحكم في الخامس عشر من يناير..
كانت الفرصة الأخيرة لإنقاذ طه من حبل المشنقة هي عدم مصادقة الرئيس السابق جعفر نميري على الحكم..لكن نميري أطل على شاشة التلفزيون السوداني مساء الخميس السابع عشر من يناير كانون الأول ليلقي خطبة طويلة أعلن خلالها تأييد حكم الإعدام وهاجم فيها أفكار الجمهوريين .. وفي صباح الجمعة الثامن عشر من يناير كانون الثاني عام 1985نفذ حكم الإعدام على طه الذي كان يبلغ من العمر 76عاماً حينها..وبعد مرور ثمانية وعشرين عاماً لا تزال ذكرى إعدام طه تثير الكثير من الجدل والنقاش وسط المثقفين السودانين وتعيد إلى الأذهان السؤال القديم المتجدد بشأن الحريات الدينية وحرية الراي والتعبير في الدول العربية والإسلامية بصورة عامة وفي السودان على وجه الخصوص.
عمر عبد العزيز البي بي سي نقلا عن التقرير المسموع حسبما سمعته الأستاذ نجدة المبارك حسن
للإستماع للتقرير أضغط هنا
http://www.alfikra.org/talk_view_a.php?talk_id=192
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
مقال حول منع الاحتفال بذكرى الاستاذ محمود محمد طه فى السودان ماوراء منع الاحتفال بذكرى استشهاد الأستاذ محمود محمد طه بقلم علاء الدين بشير في الوقت الذي تنتظم فيه فعاليات احياء ذكرى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه في المدن والعواصم المختلفة في العالم منعت السلطات الأمنية في الخرطوم يوم الجمعة 18 يناير، اقامة الذكرى السنوية الثامنة والعشرين لاستشهاده والتي نظمها مركز الأستاذ محمود الثقافي بمقره بأم درمان بحجة أن إدارة المركز لم تستخرج تصديقاً من جهاز الامن باقامة الاحتفالية. وقد بدت الحجة التي منع بها الاحتفال والمستخدمة من السلطات الامنية مستغربة وليس المنع في حد ذاته، فقد منعت في سني حكم الانقاذ فعاليات إحياء ذكرى استشهاد الاستاذ محمود كثيرا ليس في الاماكن العامة مثل المركز فحسب ولكن تمت ملاحقتها حتى داخل المنازل والمكاتب الخاصة في فترات سابقة ! و كان مفهوما في تلك الظروف وملابسات ما قبل اتفاقية السلام واجازة الدستور الانتقالي للعام 2005 لطبيعة النظام المنغلقة فكريا و سياسيا و المتشددة امنيا. ومكمن الغرابة هنا ان مركز الاستاذ محمود محمد طه الثقافي مركز مرخّص له بالعمل الثقافي من وزارة الثقافة بولاية الخرطوم وقد جدّد ترخيصه السنوي قبل نحو اربعة اشهر بعد عقد جمعيته العمومية بحضور ممثل من الجهات الحكومية المختصة، وبحسب القانون فان اقامة المراكز الثقافية لأنشطتها داخل مقارها لا يقتضي اذنا من جهاز الامن الاّ اذا كان النشاط المراد اقامته خارج مقر المركز. وكان مركز الاستاذ محمود محمد طه الثقافي الذي تأسس في العام 2009 قد اقام قبل الاحتفال الاخير ثلاثة احتفالات بذكرى 18 يناير وكانت جميعها معلناً عنها في وسائل الاعلام التى اتيحت وتجرأت في نشر الاعلان، فقد نظم احتفالا 2010 و 2011 داخل مقر المركز ولم يتم الاعتراض على ذلك من اية جهة حكومية بينما طلبت ادارة المركز من الجهات المختصة التصديق لها باقامة بعض فعاليات الاحتفال بالذكرى في العام 2012 في الميدان الغربي المجاور لمقر المركز ولم ترد عليها تلك الجهات بينما اكتفت هي باقامته داخل اسوار المقر. يتضح من ما سبق ان منطق القانون - على علاته - ينتفي في التبرير لمنع اقامة الاحتفالية ولم يبق الاّ البحث في الاسباب الاخرى التي يمكن ان تكون وراء قرار المنع، واول ما يتبادر الى الذهن ان يكون الاحتفال بذكرى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه في حد ذاته غير مسموح به على اعتبار الخصومة بين النظام القائم وبين فكر الاستاذ محمود محمد طه التجديدي المنطلق من داخل فضاء الدين الاسلامي والمناهض لتصورات الاسلاميين السودانيين ذات المرجعية الاخوانية السلفية وحلفائه من المكونات الدينية الاسلامية الاكثر سلفية والتي ترى انه لا ينبغي الاحتفال والتمجيد لشخص اعدم بتهمة الردة عن الاسلام، وقد كان هذا هو المنطق العاري للسلطات الى وقت قريب قبيل اتفاقية السلام و اجازة الدستور الانتقالي للعام 2005 الذي ولأول مرة احتوى على وثيقة كاملة للحقوق كفلت حرية الاعتقاد والتعبير عن الاعتقاد وفقا لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي، ويمكن ان تكون الحجة سائغة اذا كانت فقط موقفاً لهذه المكونات الاكثر سلفية من حلفاء النظام التي وللطبيعة المنغلقة لرؤاها الدينية لن تستطيع مهما تم التوضيح لها ان تتصالح ورؤية الاستاذ محمود محمد طه الدينية التجديدية او تقبل فكرة بطلان حكم الردة الصادر ضده من قضاة محاكم مايو فى نسختها الاشد اظلاما، و رغم ان النظام الحاكم ليس متقدما كثيرا فى حقيقة ايديولوجيته عن هذه المكونات ولكن ولاعتبارات عدة اولها انه الممسك بإدارة دولاب الدولة وتصريف شؤون الحكم ولأنه من مهر التوقيع على الدستور الانتقالي الذي لا يزال ساري المفعول فانه ملزم بأن يصون ذلك الالتزام ليس من الناحية الاخلاقية فقط و لكن لأعتبارات ادارته للدولة نفسها و احكام سيطرته عليها كما يتطلع الى ذلك، فهو ابتداءً الذي منح المركز الترخيص بالعمل في المجال الثقافي والتنويري، ومع ان المركز مسجل كمنظمة مجتمع مدني مفتوحة العضوية للسودانيين من غير الجمهوريين وليس حزبا سياسيا ولكنه يحمل اسم الاستاذ محمود محمد طه ويتخذ من منزله المتواضع بالثورة الحارة الاولى مقرا له وهو ذات المنزل الذي كان محور حركة الاخوان الجمهوريين منذ مايو 1969 والتي امتد اشعاعها التنويري الى كافة ارجاء السودان وحتى تنفيذ حكم الاعدام الجائرعلى الاستاذ محمود في 18 يناير 1985 و بالتالي لا يمكن ان تصادق الدولة – الواقعة تحت قبضة النظام الانقاذي - على قيام المركز ثم تأتي لتمنع انشطته خاصة و ان قيام المركز و استمرار انشطته يمكن ان يساعدها فى تحسين صورتها السيئة ووضعها الذى يتذّيل القوائم الدولية فى مجال الحريات الدينية و المدنية و خاصة بعد انفصال الجنوب. أما الاعتبار الثاني فيتمثل في الحكم القضائي الصادر عن المحكمة العليا، الدائرة الدستورية بناءً على الدعوى القضائية المرفوعة ضد حكومة جمهورية السودان من اسماء محمود محمد طه و عبد اللطيف عمر حسب الله في 25 فبراير 1986، بعد الانتفاضة التي أطاحت بنظام الرئيس الاسبق جعفر نميري، وتطالب باعلان بطلان اجراءات المحاكمة الجائرة التي تمت للاستاذ محمود محمد طه، واربعة من الاخوان الجمهوريين وقضت باعدام الاستاذ محمود بعد ان غيّرت التهمة اثناء سير القضية الى (الردة) التى لم تكن موجودة اصلا فى القانون الجنائى السودانى ، فاعمل قاضى غير المختص رأيه و لفّق تهمة كانت قد وجهت للاستاذ محمود فى العام 1967 و لكن لم تكتمل خيوط المؤامرة وقتها لاعتبارات الحكم الديمقراطى و مهنية و نزاهة القضاء وقتها .
وقد تم نظر قضية الاستاذة اسماء محمود محمد طه و الاستاذ عبد اللطيف عمر حسب الله فى فبراير 1986 بواسطة القضاة : محمد ميرغني مبروك رئيساً، هنري رياض سكلا عضواً، فاروق أحمد إبراهيم عضواً، حنفي ابراهيم محمد عضواً، زكي عبد الرحمن عضواً، محمد حمزة الصديق عضواً، ومحمد عبد الرحيم عضواً. وكانت هيئة الدفاع، التي تولت رفع الدعوى، مكونة من السادة المحامين : د. بيتر نيوت كوك، عبد الله الحسن، عابدين إسماعيل، طه إبراهيم، جريس أسعد، والاستاذ محمود حاج الشيخ. وبعد تقديم هيئة الدفاع مرافعتها طلبت المحكمة، من النائب العام، السيد عمر عبد العاطي، باعتباره ممثل الحكومة، ان يرد على مذكرة الادعاء المرفوعة بواسطة المحامين، فجاء ردّه كالاتي : . نعترف بان المحاكمة لم تكن عادلة ولم تتقيد باجراءات القانون 1- . ان المحاكمة اجهاض كامل للعدالة والقانون 2- . لا نرغب في الدفاع اطلاقاً عن تلك المحاكمة 3- وبعد المداولات، جاء قرار المحكمة العليا، الذي ابطل الحكم الصادر من محكمة المهلاوي و الذي قضى باعدام الاستاذ محمود محمد طه و استتابة تلاميذه الاربعة ونورد منه هنا الآتي: "ان محكمة الاستئناف، وفيما نوّهنا به، اشتطت في ممارسة سلطتها على نحو كان يستحيل معه الوصول الى حكم عادل تسنده الوقائع الثابته وفقاً لمقتضيات القانون. ويبين ذلك جلياً مما استهلت به المحكمة حكمها حين قالت : "ثبت لدى محكمة الموضوع من اقوال المتهمين ومن المستند المعروض امامها وهو عبارة عن منشور صادر من الاخوان الجمهوريين ان المتهمين يدّعون فهماً جديداً للاسلام غير الذي عليه المسلمون اليوم... الخ".. وبمراجعة المستند المشار اليه واقوال المتهمين التي ادلوا بها امام المحكمة الجنائية لا نجد سنداً لهذه النتيجة الخطيرة التي نفذت اليها محكمة الاستئناف مما يكشف عن حقيقة واضحة هي ان المحكمة قد قررت منذ البداية ان تتصدى بحكمها لفكر المتهمين وليس لما طرح امامها من اجراءات قامت على مواد محددة في قانون العقوبات وامن الدولة، وأدى الى تحريكها منشور محرر في عبارات واضحة لا تقبل كثيراً من التأويل". وبعد تمحيص طويل ونظر مدقق في الحيثيات والبينات التي استند اليها الحكم الاول قررت المحكمة ما يلى : 1- اعلان بطلان الحكم الصادر في حق المواطنين محمود محمد طه والمدعي الثاني في هذه الدعوى من المحكمة الجنائية ومحكمة الاستئناف. 2- الزام المدعين برسوم واتعاب المحاماة في هذه الدعوى. ونشر ذلك الحكم فى الصحف المختلفة وقتذاك الى جانب مجلة الاحكام القضائية لعام 1986 تحت عنوان "حيثيات المحكمة في قضية أسماء محمود وآخرين ضد حكومة السودان". لذا كان اجدر بالنظام و من خلال سيطرته على مؤسسات الدولة وهو يتمشدق بالحجج القانونية في منعه الاحتفال ان يبصّر الجهات الامنية بذلك الحكم او ان تنوّر الهيئة القضائية الجهات السياسية والامنية بحكم المحكمة العليا الدائرة الدستورية القاضي ببطلان حكم الردة الصادر ضد الاستاذ محمود من محاكم التفتيش المايوية على اعتبار انه حكم من اعلى هيئة قضائية فى البلاد اذا كانت حريصة حقا على سمعة القضاء كما تدعى ومن ثم لجم المكونات السلفية الحليفة له إن هي ضغطت عليه من اجل منع قيام مثل هذه الاحتفالات او شرعت في ذلك من تلقاء نفسها. واذكر ان جامعة النيلين بالتواطؤ مع السلطات الامنية كانت قد منعت اتحاد الجامعة قبل نحو اثني عشرعاما من اقامة الاحتفال بذكرى الاستاذ محمود محمد طه بدار الاتحاد، وقد بررت ادارة الجامعة ذلك، في بيان وزعته على الصحف، بأن الجامعة تضم اكبر كلية للقانون فى البلاد، وبالتالي فانها لن تقبل ان تتعرض حرمة القضاء للطعن من داخل مبانيها. ولم تستح ادارة الجامعة من رفع مثل هذه الحجة فى الوقت الذي كان حري بأكبر كلية للقانون في البلاد تحتضنها الجامعة ان يكون جزءا من شاغلها الاكاديمي ان تدّرس طلابها قضاة وقانونيي المستقبل وقائع المحاكمة الباطلة التى تمت للاستاذ محمود محمد طه و تلاميذه الاربعة امام محكمة القاضي المهلاوي ثم الحكم الصادر من المحكمة العليا الدائرة الدستورية الصادر فى العام 1986 و الذى قضى ببطلان حكم الردة ضد الاستاذ محمود واستتابة تلاميذه بدلا عن تزوير الحقائق. و ربما كان السبب – وهو الراجح عند اغلب المهتمين - وراء منع الاحتفال بذكرى الاستاذ محمود محمد طه و المختبئ خلف حجة عدم التصديق هو الحملة الكبيرة التي يشنها النظام واجهزته الامنية والسياسية ضد الحريات بشكل عام و ضد المراكز الثقافية ومنظمات المجتمع المدني والتي نتج عنها حتى الآن اغلاق اربعة مراكز ومنظمات ثقافية هى بيت الفنون والدراسات السودانية والخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية ومنظمة (ارى)، بذريعة انخراطها في انشطة لتغيير النظام وتهديد الامن القومي، لكن الواضح لدى النشطاء ان الحملة تتدثر بذلك اخفاءً للاجندة السياسية المبطنة في رغبة النظام العمل على انهاء تأثير تلك المنظمات والمراكز الثقافية على الوعي العام نتيجة نشاطها النسبي ازاء الضعف العام للقوى السياسية في الوقت الذي يعمل فيه النظام بليل من اجل طباخة دستور جديد للبلاد يعتقد انه يمكن له من خلاله ان يحكم به سيطرته على الاوضاع في البلاد واقصاء الآخرين. وما يريب ان مركزالاستاذ محمود محمد طه الثقافي قد زارته لجنة حكومية خاصة بمخالفات الاسكان قبل ايام من الاحتفال بالذكرى ودفعت بحجة واهية الى ادارة المركز بأن جيران المركز بالثورة الحارة الاولى اشتكوا من ازعاج تسببه لهم الانشطة المقامة به وهي حجة تدحضها موافقة الجيران المسبقة كتابة على قيام المركز الذي اسلفنا انه يتخذ من منزل الاستاذ محمود المتواضع مقرا له وهو المنزل الذي كان محورا لنشاط الاخوان الجمهوريين الكثيف والمتواصل ليلا ونهارا منذ مايو 1969 وحتى 18 يناير 1985. وكان مواطنو الثورة الحارة الاولى قد كرّموا الاستاذ محمود قبل نحو عامين باعتباره رمزا وطنيا سامقا ومناضلا جسورا ضد الطغيان الامر الذي يتنافى مع مزاعم شكوى الازعاج من الجيران. ولا ادري لم تلقت لجنة مخالفات الاسكان هذه الشكوى تحديدا وفي هذا التوقيت من جيران مركز الاستاذ محمود وتغافلت عن الدور المختلفة للاحزاب والهيئات وعلى رأسها دور حزب المؤتمر الوطنى الحاكم ومقار الحركة الاسلامية وغيرها التي تكتظ بها الاحياء السكنية ليس فى ولاية الخرطوم وحدها ولكن في كل انحاء السودان ؟ !. أما السبب الظاهر بالنسبة لي في قرار المنع فهو مكافأة النظام للتكوينات السلفية ورجال الدين المتحالفين معه على حملتهم النشطة المستمرة الآن ضد القوى السياسية المعارضة التي وقعت على ميثاق (الفجر الجديد) وهذه المجموعات الدينية ظلت تتحالف مصلحيا مع كل النظم التى تعاقبت على حكم البلاد و خاصة الشمولية منها وكان الاستاذ محمود وفكرته من اكبر المنازلين لها في الساحة واستطاع ان يبين افلاسها وكساد فهمها الديني القاصرعن حاجة العصر وطاقته من داخل القرآن والسنة المطهرة بتجسيد قيم الدين فى سلوكه اولا ثم تعريته لهم بلسان المقال المبين ثانيا وكانت هي بتحالفها مع نسخة مايو الاخيرة السبب (الظاهر) في المؤامرة التي انتهت بتنفيذ الحكم الجائر باعدام الاستاذ محمود محمد طه وظنت – مع أن بعض الظن اثم - انها بذلك استطاعت اقصاء فكرته عن ساحة النزال لذا فان أي عودة للتذكير بسيرة الاستاذ محمود او فكرته ترعد قلوبها وترجف فرائصها، وتزداد همة هذه التكوينات اذا علمنا ان من ينشط بينهم الآن المكاشفي طه الكباشي احد القضاة الذين قال عنهم الاستاذ محمود قولته الشهيرة امام محكمة القاضي المهلاوي انهم غير مؤهلين فنيا وضعفوا أخلاقيا !.وما درى النظام الغافل الذى خرج عن الشريعة فعليا بأسم تطبيق الشريعة حتى استحل الربا وولغ فى دماء شعبه و ازكمت روائح فساده انوف قاعدته اولا قبل عامة الشعب ان الخروج من مأزقه الفكرى و السياسى و حتى الشخصى لقياداته ليس له من سبيل الاّ بالتواضع و النظر فيما قاله الاستاذ محمود محمد طه ، ويمكن لمن شاء منهم ان يستقيم على الجادة ان يطل على تلك المقولات على الرابط :www.alfikra.org لم تكن القوة الامنية التى نفذت قرار منع اقامة الاحتفالية تحتاج ان تاتى مدججة بالسلاح ولا بكل ذلك العدد لتغلق المدخلين المؤديين الى مركز الاستاذ محمود محمد طه ، فهم لو كان يعلمون ان الرمز المحتفى به ظل و طوال سنى دعوته لفكرته التى فاقت الاربعين عاما يحدّث عن السلام ليس مع البشر فحسب وانما مع الاحياء و الاشياء و قد جسّد مقولاته هذه عمليا و لم يحمل حتى عصا ليتوكأ عليها كما قال الدكتور منصور خالد ، فى الوقت الذى يرى فيه القائمون على الاحتفال بذكراه من تلاميذه ان من اكبر ابواب الوفاء لاستاذهم ووالدهم الروحى هو الالتزام العملى بروح دعوته وهى السلام واحترام القانون الدستورى و ليس القانون الجائر بالطبع ! . [email protected] الخرطوم 19 يناير 2013
http://www.sudaneseonline.com/arabic/%D9%85%D...%AF%D8%A7%D9%86.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
شهادة للتاريخ: انطباعات عن اول اجتماع للتجمع بخصوص قضية الاستاذ محمود*
د.أحمد مصطفى الحسين لقد شجعني على رواية هذه الأحداث تأكيد أخي د. النور في بوسته على ضرورة التوثيق لما مر من أحداث. وما أرويه هنا من أحداث تتعلق بالأيام التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام الظالم في الأستاذ محمود. ففي مثل هذا اليوم 15/ 1/1985 أعلن المكاشفي طه الكباشي في خطاب مذاع ومتلفز، وضعيف العبارة وركيكها، تأكيد حكم الإعدام على الأستاذ محمود بصورة كشفت عن حقد دفين ومؤامرة مبيتة ورقة في الدين وجهل به. ولم يكن أمر هذا التآمر خافيا على الأستاذ محمود بعد خروجه من المعتقل في 19/12/1984. فقد كان دائم الحديث في تلك الأيام التي تلت خروجه من المعتقل عن المؤامرة وخيوطها. ومن أبرز ما حدث في هذا المجال أن الأستاذ محمود قد تحدث في جلسة يوم الجمعة 4/1/1985 التي كانت قبل يوم من اعتقاله الذي تم في يوم السبت 5/1/1985 بصورة واضحة عما سيحدث. لقد كانت الجلسة على حسب ما أذكر تتمحور حول موضوع علمي لا يتعلق من قريب أو بعيد بالسياسة ومواضيع الساعة في تلك الأيام. وحينما تحدث الأستاذ في نهاية الجلسة غير موضوع الحديث تماما عما كان يدور إلى الحديث عن الفداء والمحنة التي يعيشها السودان من جراء تطبيق قوانين سبتمبر المشئومة. ومن جملة ما قال في ذلك الحديث، وهو مسجل ويمكن الرجوع إليه في أرشيف الجمهوريين، أن السودان يعيش في بلاء ولم يجد شعبه من الإسلام غير السيف والسوط. وقال إن أسلافنا الصوفية كانوا يفدون الناس من البلاء وإننا نحن الجمهوريين سوف نفدي الشعب السوداني من هذا البلاء وسوف نقتل وسوف نصلب.
أول اجتماع للتجمع
بعد أن صدر تأييد حكم الإعدام من قبل محكمة الاستئناف، التي كان يرأسها المكاشفي ومن عضويتها حاج نور، في مثل هذا اليوم 15/1/1985، دعا طلاب جامعة الخرطوم النقابات العمالية والمهنية إلى اجتماع عام يعقد في دار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم حينما كان بالقرب من سيما النيل الأزرق. وقد كانت هذه بداية التجمع الوطني الذي قاد الانتفاضة في أبريل 1985. وقد دعيت أنا كجمهوري إلى ذلك الاجتماع وكنت وقتها محاضرا في الجامعة حديث التخرج.وقد أذن لي الأستاذ محمود من سجنه بحضور ذلك الاجتماع بواسطة الأخت د. بتول مختار( ابنة أخ الأستاذ محمود). وأرفق ذلك الإذن برسالة طلب مني أن أقرأها على المجتمعين. وحينما حضرت إلى الاجتماع الذي بدأ في حوالي الساعة الثامنة مساء في جو مشحون بالتوتر وجدت القاعة تضج بممثلي النقابات التي أذكر منها نقابة المصارف، التي كانت ممثلة بمجموعة من الشباب أذكر منهم الأخ لسان الدين، ونقابة المحاميين، ممثلة في الأستاذ مصطفى عبد القادر والأستاذ عبد العاطي ونقابة الممرضين، التي كان من ممثليها الأخت نعمات مالك زوجة المرحوم الأستاذ عبد الخالق محجوب، ونقابة أساتذة جامعة الخرطوم، وكان من ممثليها البروفيسور محمد الأمين التوم والدكتور عدلان حاردلو والدكتور مروان حامد الرشيد، ونقابة الأطباء، ومثلها الدكتور الجزولي دفع الله.
وحينما بدأ الحديث في الاجتماع ساخنا وغاضبا، نهض رجل " أحمر" يرتدي جلبابا سودانيا وبادر الحاضرين قائلا انه لا يستطيع الاستمرار في الاجتماع لأن الاجتماع غير قانوني وأنه لا يملك تفويضا من نقابته بحضور الاجتماع وأنه كان يعتقد أن الاجتماع مجرد ندوة دعي هو شخصيا لحضورها.وقد أثار حديثه سخط الحاضرين ورد عليه بروفيسور محمد الأمين التوم بغضب معنفا ومفندا لكلامه وساخرا من حديثه عن قانونية الاجتماع. وخرج الرجل "الأحمر"، الذي عرفت بعد سؤالي عنه أنه الجزولي دفع الله الذي أصبح فيما بعد رئيسا لمجلس وزراء الانتفاضة، وهذا كان واحدا من مصادر القنوط والإحباط التي أصابتني بعد الانتفاضة وجعلتني أفكر في الخروج من السودان. وكنت قد طلبت من رئيس الاجتماع في بداية الجلسة أن أقرأ الرسالة التي طلب مني الأستاذ محمود قراءتها على الاجتماع. وقد كانت الرسالة مذهلة، ولا يمكن أن تكون صادرة في الوضع الطبيعي من رجل محكوم عليه بالإعدام يفترض فيه أن يكون مشغولا بالبحث عن مخرج لنفسه من هذه المحنة. وكان محتوى الرسالة الموجزة يقول للمجتمعين إذا كنتم قد اجتمعتم لكي تقولوا لنميري أطلق سراح محمود فلا تقولوا له ذلك.جردوا القضية وقولوا ليس من المعقول محاكمة الفكر والمفكرين. وحينما قرأت تلك الرسالة أثارت حماسا شديدا وسط المجتمعين وتعالت صيحات الاستحسان والتأييد والمديح. وأنفض الاجتماع في تمام الساعة الحادية عشرة بعد أن قرر تسيير موكب إلى القصر الجمهوري ورفع عريضة احتجاج على الحكم الظالم للرئيس نميري على أن ينعقد الاجتماع مرة أخرى في يوم الأربعاء الموافق 16/1/1985. للحديث بقية • نشر هذا الموضوع في سودانيزاونلاين في ذكرى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه وقد رأيت اعادت نشره لما فيه من توثيق تلريخي لذلك الحدث العظيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: أكسير الحياة: هام به الفلاسفة الرسامون القص (Re: عبدالله عثمان)
|
مقابلة دكتور منصور خالدمع جريدة البيان: دهش كثيرون عندما كتب د.منصور عن الأخوان الجمهوريين أواخر مايو كيف بدات علاقتك بالجمهويين والى أين إنتهت ؟
الجمهويون قادتنى اليهم فحولة فكرية، وخصائل شخصية. كثيرون كانوا يقدرون فى الجمهوريين تلك الفحولة دون أن يشاركوهم الراى ناهيك عن الانضواء تحت لواء تنظيمهم . من بين الخصال التى حببتهم الى نفسى ، أدب الخطاب وتجويد الكتاب والتوافق المبهج بين السر والعلانية وربما كان مقتل محمود على يد نميرى هو أكبر حدث حملنى الى القطيعة البائنة معه . كنت فى دارى بلندن، عشية إعدام الأستاذ أتابع ما يدور فى السودان برفقة الحبيب الراحل الدكتور خليل عثمان والذى تمت بينه وبين الأستاذ علاقة وارفة، وتداعى علينا كثر لا يصدقون ما يسمعون الأخ الراحل حسين بليل ، الأستاذ التجانى الكارب، الأخ الراحل أبوبكر البشير الوقيع . قضينا ليلة محلوكة نسعى فيها بكل ما فى وسعنا لحشد العالم لكى يقنع نميرى بالكف عن السير فى تنفيذ قراره. اتصلت بنائب الرئيس الأمريكى جوج بوش، وسيمون تيل رئيسة البرلمان الأوروبى وأحمد مختار أمبو مدير اليونسكو، والأمير صدر الدين أغا خان فى جنيف، والمستر رتشارد لوس فى البرلمان البريطانى وكان لكل واحد من هؤلاء فضل على السودان وعلى النظام الذى يترأسه نميرى شخصيا. الإجابة على جميع هؤلاء كانت الرفض والتحايل، وضاعف من غضبى ما علمت به من استهانة الرجل بكل الضغوط الأسرية عليه وفيما علمت أن رأس الرمح فى تلك الضغوط الأسرية – الدكتور عبدالسلام صالح – خرج غاضبا ومتوعدا أن لا يعود إلى دار نميرى. وفى الصباح جاءنا الخبر الذى جعلنا جميعا نشرق بالدمع حتى تحولت دارى إلى بيت بكاء، لا أدرى ما أصنع، أأهدى خليلا وهو يتشنج بالبكاء كالطفل، أم أهدئ من روع أبى بكر صاحب القلب الذى قرضته الأمراض، أم أقول للتجانى حنانيك بعد فجعنى بقوله " لم أكن أظن أنه سيأتى علي حين من الدهر أقول فيه لا يشرفنى أن أكون سودانيا إلاّ هذا اليوم " أم أنصرف عنهم حميعا لأفعل ما أفعله دوما فى مثل هذه الحالات: أعتصر قلبى فى وريقة. هؤلاء رجال لم يكونوا فى يوم من الأيام جزءًا من منظومة الجمهوريين، ما جمعهم بالأستاذ الشهيد هو رابطة الإنسانية واحترام الفكر والمفكرين . كثيرون قد يقولون إن محمود لم يكن هو أول ضحية للنميرى فقد سبقته ضحايا لتحمل معه المسئولية عما لحق بهم، بيد أن محمودا لم يكن هو الإمام الهادى الذى نازع نميرى السلطة، ولم يكن هو الشيوعيون الذين أتهموا – حقا أوباطلا – بالإنقلاب على حكمه وإذلاله بحمله على أن يخرج من داره خافر الرأس حافى القدمين، وليس هو قيادات الأخوان التى كانت وراء محاولة شعبان للاستيلاء على الحكم، وليس هو قيادات الجبهة التى جيشت الجيوش للإطاحة بالحكم. جرم الرجل الذى لم يكن يحمل عصاة يتوكأ عليها وهو الشيخ الذى أنهكته السنون إنه أبدى الراى فى وريقة واحدة استنكر فيها ما يدور باسم الدين دون أن يصف السلطان بالبغى، وهو أقل ما كان يقتضيه المقام ذلك. وحملتنى على أن أقول هذا جنون لا يستطيعه بشر الا بعون ربه، ولن يكون لى مع الرجل بعد اليوم لقاء حتى وإن كان هو الممسك بمفاتيح الجنان .
| |
|
|
|
|
|
|
|