|
الشبل اللبناني وبقالة "اوماك": يا شعبنا ..... الما منك ما مننا
|
الواقع أنه كان للرئيس نشاط من نوع آخر، فقد قام الرئيس برفقة نحو خمسمائة دستوري أو يزيد بافتتاح ثلاثة بنايات أُطلق عليها إسم "أبراج واحة الخرطوم"، وهي بنايات لا يصدق عليها أي من الوصفين، فهي ليست واحة ولا أبراج، ومشروع بهذا الحجم لا يستحق أن يقوم بافتتاحه من يحمل أكثر من مقام رئيس محلية أو من ينوب عنه، أو ربما يجري افتتاحه دون إعلان، وقد قامت قناة النيل الأزرق بتخصيص يوم مفتوح لتغطية افتتاح المشروع الذي وصفه والي الخرطوم بأنه أحد مشاريع "التنمية" الكبرى بالولاية. بدأ العمل بالمشروع - بحسب تصريح الوالي - قبل أكثر من عشر سنوات، فقد بدأ تنفيذه في عهد المرحوم مجذوب الخليفة حينما كان والياً للخرطوم، ثم تواصل العمل فيه أثناء ولاية سلفه عبدالحليم المتعافي، والمشروع– على الرغم من إفتتاحه - لا يزال قيد الإنشاء، فالقسم الأعظم منه لم يكتمل، والجزء الذي تم إفتتاحه عبارة عن "سوبرماركت" كبير يختلف عن بقالات السوق المحلي وبقالة "أوماك" بما يوفره للزبائن من إمكانية إستخدام "درداقة" شخصية أثناء التسوق. من بين ما إفتتحه الرئيس في المبنى جناح يشتمل على محلات تجارية لعرض منتجات الماركات العالمية من الملابس والأحذية والعطور ... الخ، مثل "ماكس" و "نيكست" و "جيوردانو"، أي والله، كما إفتتح أيضاً ما يُعرف في عالم المجمعات التجارية ب "ركن المطاعم" أو مايقال له " الفوود كورت".
نحن لا نفتري ولا نهزأ بذكر هذه التفاصيل حول المحلات التي قاما لرئيس والتنابلة الذين تراصوا خلفه على السلالم المتحركة للمبنى، فقد وردت هذه التفاصيل على لسان رجل الأعمال عيسى آدم بنجاوي الذي أجريت معه مقابلة تلفزيونية بمناسبة الإفتتاح، وكان يجلس الى جواره شاب صغير السن لعله من لبنان أو سوريا، إعتقدت في البداية أنه "مطرب" أُستقدمته إحدى الجهات للمشاركة في مهرجان الإفتتاح، ثم تبين لي فيما بعد أن سيادته هو صاحب إمتياز تشغيل المشروع"التنموي" الذي جرى إفتتاحه. إنه من المهين لشعب يعيش مثل هذه الحالة من عُسر الحياة وقساوة الظروف التي دفعت به الى التعبير عنها بالخروج للشارع في إنتفاضة شعبية، أن تحتفي حكومته بفشل المنهج الذي أوصل بالبلاد الى هذه الحالة، ومن باب الغفلة وسوء التقدير أن يقوم الرئيس في مثل هذه الظروف بالحفاوة بمثل هذا المشروع الذي يسيئ للمشاعر بأكثر مما يدخل من المباهج في النفوس، فشعبنا قبل أن تفقره الإنقاذ بمثل الحالة التي وصل إليها لا يأبه بمثل هذه الرفاهية، فمثل هذه البضائع يستجلبها مثل هذا الشبل اللبناني لرفاهية أهل الإنقاذ وزوجاتهم وأنجالهم الكرام، فشعبنا بات يبحث عن قطعة خبز حاف لتملأ بطنه، ولا يزال قسماً كبيراً منه يعيش وسط كهوف الجبال خوفاً من الضربات الجوية، ويعيش عشرات الألوف من أهلنا بدارفور في معسكرات اللجوء والنازحين، وأبناؤنا وبناتنا من الشباب والخريجين عطالى يهيمون على وجوههم في الطرقات، والرزيلة أضحت وسط صبايا بلادنا إحدى وسائل كسب العيش، فمالنا ولبنان وجيوردانو وأركان المطاعم، فبعد كل هذا، ألم يستبن بعد من هو صاحب الأفق الشاذ !!.
http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...-07-06-18-46-52.html
|
|
|
|
|
|