دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
بســـم الله الرحمـــن الرحـيم (( كما بدأنا أول خلقٍ نعيده !! وعداً علينا .. إنا كنا فاعلين )) صدق الله العظيم
مقدمة إحتفالاً بمرور ثلاثين عاماً على تأسيس حركة الأخوان الجمهوريين نقدم ، هنا ، الطبعة الثانية لأول كتاب صدر عنهم و قد كان بعنوان (السفر الأول) و بتاريخ 26 أكتوبر عام 1945م ، الموافق 20 ذو القعدة عام 1364هـ .
إن الذي يطلع على محتوى دعوتنا ، اليوم ، ثم يرجع إلى كتابنا (السفر الأول) ، الذي خرج قبل ما يربو على ثلاثين عاماً ، سوف يقف على ظاهرة فريدة ، ليس لها ضريب ، في تاريخ الحركات الفكرية ، على الإطلاق .. هذه الظاهرة هي الإتساق ، و الإنسجام التام الذي ينظم سائر كتاباتنا و مواقفنا ، طوال هذه الحقبة من الزمان .. فلا تناقض و لا تخبط ، و لا تخليط .. فإنك واجد في (السفر الأول) كل بذور دعوتنا التي ندعو بها اليوم ، وكل إرهاصات مواقفنا المشهودة ، المرصودة حتى اليوم .. هذه الظاهرة لها ما وراءها !! فهي أبلغ دلالة على تحقق داعي هذه الدعوة " بالتوحيد" و على صدور كل شئ عنها منتظماً في سلك " التوحيد " ..
هذه واحدة .. , الثانية أن دعوتنا قد كانت مرعية ، و محفوظة ، و مسددة ، و هي في ذلك الطور الأول ، لأنها إنما هي ، حتى في ذلك الطور الأول ، دعوة إلى الإسلام ، في صدق وإخلاص .. و لقد زخرت الثلاثون عاماً الأخيرة بتبويب هذه الدعوة ، و بتمديد خطوطها ، وتفصيل مجملها .. حتى خرجت للناس كما يعرفونها اليوم ، دعوة إلى الإسلام على بينة وبصيرة .. و (السفر الأول) وثيقة تشهد بأن حركة الجمهوريين ، منذ نشأتها ، هي السهر الدائم على مصلحة هذا البلد ، و الهم الدائم بمصير أبناء هذا البلد .. فإن (السفر الأول) قد دعا إلى تحقيق إستقلال السودان عن الحكم الثنائي ، بإصرار صلب ، ثم هو قد دعا إلى إعطاء الإستقلال مضمونه الحقيقي ، بنظر ثاقب ، و ذلك بالتخطيط له إقتصادياً و سياسياً و إجتماعياً .. و هو ما كان يميز الجمهوريين عن الأحزاب الطائفية التي لم تطرح برنامجاً للتعمير والإصلاح في أي يومٍ من الأيام .. و إنما كانت هذه الأحزاب واجهات سياسية تتصارع فيما بينها على السلطة من أجل توسيع النفوذ الطائفي ..
و الكتاب أيضاً ، يتناول بالمعالجة الموضوعية ، من قبل ثلاثين عاماً المشاكل الأساسية التي لا زالت تواجه مجتمعنا السوداني حتى اليوم .. و سنتناول فيما يلي بعضاً من سمات هذا السفر الخالد : -
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
الإسلام و السفر الأول لقد كانت (الفكرة الجمهورية) إسلامية منذ يومها الأول .. و لقد كانت ، في ذلك ، واعية ، متحررة .. ها هو (السفر الأول) يتحدث عنها (نحن اليوم بسبيل حركة وطنية تسير بالبلاد ، في شحوب أصيل حياة العالم ، هذه المدبرة ، إلى فجر حياة جديد ، على هدى من الدين الإسلامي ، و برشد من الفحولة العربية ، و بسبب من التكوين الشرقي. و لسنا ندعو ، أول ما ندعو ، إلى شئ أكثر ، و لا أقل من إعمال الفكر الحر فيما نأتي و ما ندع ، من أمورنا ـ الفكر الحر الذي يضيق بكل قيد ـ ويسأل عن قيمة كل شئ ، و في قيمة كل شئ ، فليس شئ عنده بمفلت عن البحث ، وليس شئ عنده بمفلتٍ من التشكيك . فلا يظنن أحد أن النهضة الدينية ممكنة بغير الفكر الحر ، و لا يظنن أحد أن النهضة الإقتصادية ممكنة بغير الفكر الحر ، و لا يظنن أحد أن الحياة نفسها يمكن أن تكون منتجة ، ممتعة بغير الفكر الحر) .
هذه كانت (الفكرة الجمهورية) .. دعوة إلى الإسلام في معنى ما هي دعوة إلى الفكر الحر .. فإن الإسلام دعوة ، أوكد دعوة ، إلى تحرير الفكر .. و ذلك مقتضى قوله تعالى : "و أنزلنا إليك الذكر ، لتبين للناس ما نزل إليهم و لعلهم يتفكرون ! " .. غير أن الجمهوريين لم يسموا أنفسهم بإسم الإسلام لإعتبارات مرحلية .. فكان إسمهم ، في البدء (الحزب الجمهوري) . ذلك بأنهم قد دعوا ، في ذلك الوقت إلى قيام (حكومة سودانية ، جمهورية ، ديمقراطية ، حرة !) بينما كانت الحكومة الوطنية منقسمة على نفسها بين الأحزاب الإتحادية التي تنادي بالوحدة مع مصر تحت التاج المصري ، و الأحزاب الإستقلالية التي كانت متهمة بالدعوة إلى تاج محلي بالتحالف مع بريطانيا .. فكلاهما كان (ملكياً) . فجاء (الجمهوريون) يدعون إلى (الجمهورية الديمقراطية) .. و قد قالوا في السفر الأول : (رأت هذه الجماعة التي تكونت بإسم الحزب الجمهوري أن أنسب نظام يلائم نفسية هذا الشعب ، و يتجاوب مع رغائبه ، و يخدم أغراضه ، ويحمي منافعه هو ـ قيام حكومة جمهورية ديمقراطية حرة) .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
وفي عام 1951 جاء الأستاذ محمود محمد طه بالفكرة الإسلامية المفصلة ، و مبوبة المحتوى .. غير أن الجمهوريين ظلوا على إسمهم القديم ـ الحزب الجمهوري .. فلم يسموا أنفسهم بإسم الإسلام خشية أن يختلط إسمهم بإسم الدعوات (الإسلامية) التي لا حظ لها من الإسلام إلا الإسم (كالآخوان المسلمين) .. و إتجه الجمهوريون إلى ملء المحتوى الإسلامي لدعوتهم ، بلسان حالهم ـ و هو الأخلاق ، و بلسان مقالهم ـ و هو الحجة البالغة . فلما أخذ محتوى دعوتهم في الظهور هوناً ما أسمى الجمهوريون الدعوة بإسم (الدعوة الإسلامية الجديدة) ، و أسموا أنفسهم (الأخوان الجمهوريون) .. و الأخوان ، هنا ، هم ، بما حققوا من إتباع السنة النبوية ، النواة الصالحة لأخوان النبي ، صلى الله عليه و سلم ، الذين أشار إليهم في الأثر المشهور "وا شوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !" ، و الأخوان الجمهوريون ، بذلك ، طلائع الأمة الإسلامية المرتقبة ، التي يبشرون بمجيئها ، و يمهدون لهذا المجئ بإقامتهم الإسلام في أنفسهم ، و بدعوة الناس إليه ، فعل (الأخوان الجمهوريين) اليوم إنما هو ، ليكونوا غداً (الأخوان) و ليكونوا (المسلمين) .. فإن هذين الإسمين هما اللذان سوف ينطبقان عليهم ، يومئذ . غير أن دعوتهم ، و هي إلى الإسلام ، سوف يتأذن الله بشيوعها ، في كل بقعة من بقاع هذا الكوكب ، فيدخل الناس فيها أفواجاً .. و يومئذ فلن تميز بين الناس العقيدة ، لا ، و لا العنصر !! ذلك بأن هذا الكوكب سوف تحكمه حكومة عالمية واحدة ، تخضع لها سائر الدول ، فلا يكون التمييز بين الناس إلا على أساس أقاليمهم .. و تصير البشرية إلى الإنسانية حيث الوحدة التي في إطارها تنمو و تزدهر الخصائص الأصيلة لكل إقليم ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
هذا هو الإسلام في محتواه الإنساني "فطرة الله التي فطر الناس عليها" . و هو إنما يقوم على الأصول المشتركة بين الناس كافة ـ و هي العقل و القلب .. أو ما يعرف بالمواهب الطبيعية .. و لذلك جاء تعريف التعليم في (السفر الأول) ، بأنه "تنمية المواهب الطبيعية" !! و تلك أبلغ دلالة على وجود الدعوة الى الإسلام في مستواه الإنساني بذرة في هذا السفر ، كلما تهيأت لها الظروف نمت و إزدهرت و آتت أكلها .. و لقد وردت الإشارة إلى هذا المستوى من الإسلام الذي يفضي فيه التمييز العقيدي إلى التمييز الإقليمي في السفر الأول بما يلي "على هدى من الدين الإسلامي ، و برشد من الفحول العربية ، و بسبب من التكوين الشرقي" !!
السفر الأول و السودان : لقد كان السودان و لا يزال ، هو شغل الجمهوريين الشاغل ، و كانت ثقتهم ، و لا تزال ، في أصالته لا تحدها حدود ، و كانوا ، و لا يزالون ، يبوئونه دور الريادة بين كافة بلاد العالم .. فقد قال الأستاذ محمود محمد طه في السفر الأول "ويؤمن الحزب الجمهوري إيماناً لا حد له بالسودان ويعتقد أنه سيصبح من الروافد التي تضيف إل ذخر الإنسانية ألواناً شهية من غذاء الروح ، و غذاء الفكر ، إذا آمن به أبناؤه فلم يضيعوا خصائصه الأصيلة ، و مقوماته بالإهطاع نحو الغرب ، و نحو المدنية الغربية ، في غير روية و لا تفكير" . هذا هو رأي الجمهوريين في السودان منذ ذلك التاريخ .. و السودان ، عند الأخوان الجمهوريين ، هو الأرض التي سيقوم عليها أنموذج المجتمع الإنساني الذي سوف يتسع ليضم سائر بقاع الأرض ، و ذلك بظهور الإسلام على الدين كله ، يوم تشرق الأرض بنور ربها ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
السفر الأول و الأحزاب الطائفية : إن البصيرة النافذة هي التي تتخطى حجب الزمان و تتجاوز الملابسات الوقتية ، فيصدق المستقبل حكمها على الناس و على الأحداث .. قال الأستاذ محمود محمد طه في السفر الأول : "لماذا عندما ولدت الحركة السياسية في المؤتمر "مؤتمر الخريجين" إتجهت إلى الحكومة تقدم لها المذكرات تلو المذكرات ، و لم تتجه إلى الشعب تجمعه و تنيره ، وتثيره لقضيته ؟ و لماذا قامت عندنا الأحزاب أولاً ثم جاءت مبادؤها أخيراً ؟ و لماذا جاءت هذه المبادئ ، حين جاءت ، مختلفة في الوسائل ، مختلفة في الغايات ؟؟ و لماذا يحدث تحور و تطور في مبادئ بعض هذه الأحزاب بكل هذه السرعة ؟؟ ثم لماذا تقبل هذه الأحزاب المساومة في مبادئها مساوة جعلت أمراً كالوثيقة عملاً محتملاً ، و قد وقع و إستبشر به بعض الناس ؟؟ نعم لسائل أن يسأل عن منشأ كل هذا – والجواب قريب !! هو إنعدام الذهن الحر ، المفكر ، تفكيراً دقيقاً في كل هذه الأمور" ..
هذا ما قاله الأستاذ محمود قبل ثلاثين عاماً ، و الأحزاب الطائفية يومئذ في مهدها .. فأنظر كيف دلت الأيام على صدق قوله حينما تصدرت هذه الأحزاب العمل السياسي و تعاقبت على السلطة طوال هذه الحقبة من الزمان .. إن الأستاذ محمود قد وضع يده على بذور الفناء التي صحبت نشأة الأحزاب الطائفية .. "إنعدام الذهن الحر المفكر" .. فأحزابنا كانت طائفية النشأة ، و لا يكون مع الطائفية ذهن حر مفكر على الإطلاق .. لقد وظف الجمهوريون أنفسهم منذ ذلك التاريخ لإجتثاث جذور الطائفية الضاربة في نفوس شعبنا الذي إستغلت فيه الزعامات الطائفية حبه للدين ، فضللته ، و إستغلته ، أسوأ الإستغلال ، في توسيع نفوذها السياسي و الإقتصادي . و نحن نرى أن القضاء على الطائفية القضاء المبرم لا يتم إلا بالتوعية بالدين الصحيح بين أفراد شعبنا .. و هو ما يقوم به الأخوان الجمهوريون ، اليوم ، في إتصالهم بأفراد الشعب ، إتصالاً يومياً دؤوباً ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
السفر الأول و التعليم: و قال السفر الأول عن التعليم م يلي : ـ (فلو كان المؤتمر ـ مؤتمر الخريجين ـ موجهاً توجيهاً فاهماً لعلم أن ترك العناية بنوع التعليم خطأ موبق ، لا يدانيه إلا ترك العناية بالتعليم نفسه ، و لأيقن أن سياسة : (سر كما تشاء) المتبعة في التعليم الأهلي سيكون لها سود العواقب في مستقبل هذه البلاد ، فإن نوع التعليم الذي نراه اليوم لن يفلح إلا في خلق البطالة ، و تنفير النشئ من الأرياف ، و تحقير العمل الشاق في نفوسهم) . هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه قبل ثلاثين عاماً .. فأنظر كيف تتفاقم اليوم أزمة التعليم ! وأنظر كيف تتحقق اليوم ، هذه النبوءة : (فإن نوع التعليم الذي نراه اليوم لن يفلح إلا في خلق البطالة و تنفير النشئ من الأرياف ، وتحقير العمل الشاق في نفوسهم) !! ألا نرى اليوم ، خريجينا في الجامعات ، و المعاهد و المدارس ينفرون من العمل في الأرياف ؟؟ ألا نرى اليوم طلابنا يحتقرون العمل اليدوي ؟؟ لقد ظل الجمهوريون يرفعون رأية الإصلاح في نظامنا التعليمي منذ ثلاثين عاماً ، و قد أصدروا سفراً عن التعليم ، أعيدت طبعته في الأيام الأخيرة .. و الجمهوريون دعاة إلى الثورة الثقافية التي فيها يلتقي الفكر بالواقع ، فتعود للعمل اليدوي مكانته ، و يعود إليه إحترامه .. و تصدر في هذه الأيام الطبعة الثانية من كتاب (الثورة الثقافية) للأستاذ محمود ، و بذلك تنتظم أوليات دعوتنا مع أخرياتها في سلك التوحيد "كما بدأنا أول خلقٍ نعيده !" .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
السفر الأول و مشكلة الجنوب: لقد وضع الجمهوريون يدهم على إرهاصات مشكلة الجنوب منذ ثلاثين عاماً ، فسبقوا بذلك وقتهم ، و تقدموا الأحداث .. فها هو السفر الأول يقول : ـ (و المكان الأول من هذه العناية سينصرف لمواطنينا سكان الجنوب الذين قضت عليهم مدنية القرن العشرين أن يعيشوا حفاة عراة جياعاً مراضاً بمعزل عنا)
و يقول السفر الأول و هو يعدد أهداف (الفكرة الجمهورية): (العناية بالوحدة القومية ، و نرمي بذلك إلى خلق سودان يؤمن بذاتية متميزة ، و مصير واحد ، و ذلك بإزالة الفوارق الوضعية من إجتماعية و سياسية ، و ربط أجزاء القطر شماله و جنوبه وشرقه و غربه ، حتى يصبح كتلة سياسية متحدة الأغراض متحدة المنافع ، متحدة الإحساس) هكذا وضع الجمهوريون أسس الوحدة القومية منذ ذلك التاريخ .. فهي وحدة جغرافية البناء التحتي ، فكرية و شعورية البناء الفوقي ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
السفر الأول و المسألة الإقتصادية : و قال الجمهوريون في السفر الأول قبل ثلاثين عاماً و هم يرسمون الخطوط العريضة للتنمية الإقتصادية (ترقية الفرد من ناحيته الإنتاجية و المعيشية حتى يتمكن من إستغلال موارد بلاده الزراعية و الصناعية بإنشاء جميعات تعاونية لهذا العرض، إنشاء نقابات توجه العمال التوجيه الصحيح) .. كما جاء في أهداف الجمهوريين (ترقية الفرد و العناية بشأن العامل و الفلاح) .
و نحن نرى أن الجمهوريين، منذ ذلك التاريخ، جعلوا تنمية الفرد هي الغاية من وراء التنمية الإقتصادية و الإجتماعية .. و قد فصلوا هذا المبدأ، فيما بعد، فأبرزوا مزية الإسلام التي ينماز بها عن سائر الفلسفات الإجتماعيات، و هي مقدرته على التوفيق بين حاجة الجماعة إلى العدالة الإجتماعية الشاملة و حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة متخذاً الأخيرة بمثابة الغاية من الأولى .. أنظر كيف وضع الجمهوريون أساس الإشتراكية الديمقراطية بدعوتهم إلى إنشاء الجمعيات التعاونية قبل ثلاثين عاماً !! و أنظر كيف دعا الجمهوريون إلى قيام نقابات للعمال في ذلك الوقت الذي لم تنشأ فيه بعد الحركة النقابية !! و إلىالعناية بشأن الفلاح قبل قيام إتحادات المزارعين !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
و قال السفر الأول في مسألة المرأة (و سيولي هذا الحزب هذه المسألة عناية ما عليها من مزيد . و سنرى !!) . و صدق الجمهوريون المرأة وعدهم فأولوا مسألتها عناية ما عليها من مزيد ! و صاروا اليوم، هم وحدهم نصراء المرأة الحقيقيين .. فإنهم هم الذين دعوا إلى تطوير التشريع الإسلامي من فروع القرآن حيث قوامة الرجل على المرأة إلى أصول القرآن حيث مساواة المرأة بالرجل .. و أخرجوا في ذلك النشرات و الأسفار، (كتطوير شريعة الأحوال الشخصية) و (كخطوة نحو الزواج في الإسلام) و إحتفلوا بعام المرأة العالمي، و أخرجوا خلاله ستة عشر كتاباً، ذاعت بين الناس وأحدثت أثرها الحميد، و أقاموا المحاضرات و الندوات و أركان النقاش في جميع أنحاء البلاد .. يبصرون أفراد شعبنا، عامة، و المرأة خاصة، بحقوق المساوة المدخرة لها في أصول القرآن . و فوق ذلك فقد ربى الأستاذ محمود المرأة ذات الدين، السالكة في طريق السنة النبوية .. و خرج من تلميذاته من تعد مفخرة للمرأة .. و للبشرية كافة، عبر تاريخها الطويل، فخرجت المرأة، متمثلة في (الأخت الجمهورية) إلى الشوارع و الأماكن العامة تدعو إلى الدين .. و لأول مرة في تاريخ الأديان ..
لقد قال الأستاذ محمود محمد طه عام 1945 عن مسألة المرأة : (وسيولي هذا الحزب هذه المسألة عناية ما عليها من مزيد و سنرى !!) و ها هو عام 1976 يشهد، عند الجمهوريين، إعزاز المرأة و تكريمها بتأهيلها للدعوة إلى الدين .. و لقد رأينا أي عناية أولى الجمهوريون مسألة المرأة ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
السفر الأول و التعليم الديني قال السفر الأول و هو يدعو إلى إنهاء إزدواجية التعليم المتمثلة في التعليم الديني و التعليم المدني : - (ما يرى الحزب الجمهوري أن يكون هناك تعليم ديني و تعليم مدني كل في منطقة منعزلة عن الأخرى .. و لا يرى أن يكون للرجل أخلاق في المصلى و أخرى غيرها في الحانوت أو الشوارع، و إنما يرى أن يتعلم كل الناس أمور دينهم و أمور معاشهم، ثم يضطربون في ميدان الحياة بأجسام خفيفة وأرواح قوية، و قلوب ترجو لله وقاراً) .
هذا هو رأي الجمهوريين في (التعليم الديني) .. كان و لا يزال .. فإن هذا النمط من التعليم الذي يمارس اليوم هو الذي يخرج طبقة من يعرفون (برجال الدين) .. و هم السبب وراء الجفوة المفتعلة بين الشباب و الدين . وقد صوروا الدين، بسوء تمثيله له، صوراً شوهاء .. و من ثم دعوتنا إلى تنقية معين الدين الصافي من كدوراتهم، و عزلهم عن التمسح بأستاره .. هذا شرط أساسي من أشراط البعث الديني لا محيص عنه، و هكذا، فإن معاركنا مع رجال الدين، و التي تدخل في هذه الأيام أطوارها الحاسمة، إنما هي معارك مبدئية .. فنحن لا ننطلق فيها من أضغان شخصية .. أو قصد سئ ..
أما بعد، فسنترك القارئ الكريم مع (السفر الأول) .. ليتابع فيه ظاهرة إنسجامه مع ما نذيعه اليوم من محتوى الدعوة الإسلامية الجديدة . فهو قد كان نواة هذه الدعوة .. و لا تصدر هذه الأفكار المنسجمة المتسقة إلا من نفس حققت (بالتوحيد) (وحدتها) فلما فكرت أو قالت أو فعلت كان فكرها وقولها و فعلها (موحداً) .. و كانت دعوتها دعوة، بأبلغ لسان، إلى التوحيد .. فإلى الكتاب، و الله ولي التسديد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
بسم الله الرحمن الرحيم " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم، فأخشوهم، فزادهم إيماناٌ، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل "
حسبنا الله ونعم الوكيل.. " أ ما بعد ـ فعندما قيض الله للبلاد فكرة المؤتمر إستجابت لها، و إلتفت حولها، فخرح المؤتمر مرعياٌ مرموقٌاٌ .. و إنخرط الخريجون بزمامه في حماس باد، و أمل عريض .. فدعا إلي إصلاحات جمة، فأصاب كثيراً من النجاح، ووفق، بوجه خاص، في يوم التعليم .. فقد جمع الأموال، وأفتتح المدارس في شتي أنحاء القطر، أو، إن أردت الدقة، إنه ساعد العاملين من أبناء مدن القطر علي إنشاء المدارس الوسطى التي أرادوها، وقد كان، كلما أنشأ مدرسة، أو ساعد علي إنشاء مدرسة، تخلى عنها لمصلحة المعارف تسيرها وفق مناهجها، وأولاها ظهره، وتطلع إلي غيرها .. فقد جعل وكده إنشاء المدارس، ولاشيء بعد ذلك ـ ثم أن المؤتمر كان له رأى ونشاط في الميدان الإقتصادى وفي إصلاح القرية، و إصلاح الفرد، و محاربة الأمية، وتحسين الصحة العامة، إلي آخر ما إلي ذلك .. مما جعل المؤتمر مرجواً ـ ثم ولدت الحركة السياسية في المؤتمر، و ذلك يوم بعث بمذكرة للحكومة يطالب فيها إلى جانب حقوق أخرى بحق تقريرالمصير .. و قد أحاط المؤتمر هذه المذكرة بتكتم رصين، عاشت فيه، حتى اللجان الفرعية، في ظلام دامس .. ثم أخذ يتداول مع الحكومة الردود بهذا الشأن بدون أن يعني بأن يقول للجان الفرعية، بله الشعب، كيف يريد أن يكون هذا المصير الذي يطلب أن يمنح حق تقريره .. ثم إنقضت فترة، و مشت في المؤتمر روح شعبت أتباعه، شيعاً، على أساس الصداقات، و تجانس الميول، بادئ الرأي، ثم إتخذ كل فريق إسماً سياسياً، و جلس يبحث مبادئه، و دساتيره .. فمنهم من يريد للبلاد إندماجاً مع مصر، و منهم من يريد لها إتحاداً، ومنهم من يريد لها شيئاً لا هو بهذا، و لا هو بذاك، و إنما هو يختلف عنها إختلافاً، هو على أقل تقدير، في أخلاد أصحابه، كاف ليجعل لهم لوناً يميزهم عن هؤلاء، و أولئك .. أنبثت هذه الأحزاب، و تعددت، و إختلفت، فيما يوجب الإختلاف، و فيما لا يوجب الإختلاف .. و لكنها كلها متفقة على الإحتراب على كراسي المؤتمر، و على الإستمرار في حرب المذكرات هذه، مع الحكومة .. و إن الحال لكذلك، و إذا بالخبر يتناقل بقرب مولد حزب جديد . ثم ولد حزب الأمة بالغاً، مكتملاً .. و جاء بمبادئ يغاير المعروف منها مبادئ الأحزاب الأخرى مغايرة تامة، و يكشف المجهول منها غموض يثير الريب .. و المؤتمر في دورته هذه بيد الأشقاء، و هم قد كان مبدؤهم الإندماج، أول أمرهم، و لكنهم، عندما قدموا مذكرتهم للحكومة ـ حسب العادة المتبعة ـ ظهر أنهم إعتدلوا، و جنحوا إلى الإتحاد، و لكن الحكومة ردت عليهم رداً لا يسر صديقاً .. فعكفوا عليه يتدارسونه حسب العادة أيضاً، و لكن هذه مساعي التوفيق تسعى، بين الأحزاب، لتتحد، و تقدم مذكرة جديدة للحكومة .. فكانت مساومات، و كانت ترضيات .. بين من يريدون الإنجليز، و بين من يريدون المصريين، و ظهرت الوثيقة ـ هكذا أسموها هذه المرة ـ الوثيقة التي تنص على حكومة ديمقراطيبة حرة، في إتحاد مع مصر، و تحالف مع بريطانيا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
هذه صورة سريعة جداً، مقتضبة جداً، لنشاط المؤتمر في السياسة، و في الإصلاح .. ولسائل أن يسأل لماذا لم يسر المؤتمر في التعليم الأهلي على هدى سياسة تعليمية موضوعية، منظور فيها إلى حاجة البلاد كلها، في المستقبل القريب، و البعيد ؟ و لماذا لم يعن المؤتمر بمناهج الدراسة كما عنى بإنشاء المدارس؟ و له أن يسأل لماذا، عندما ولدت الحركة السياسية في المؤتمر، إتجهت إلى الحكومة تقدم لها المذكرات تلو المذكرات و لم تتجه إلى الشعب، تجمعه، و تنيره، و تثيره لقضيته ؟؟ و لماذا قامت عندنا الأحزاب أولاً، ثم جاءت مبادؤها أخيراً ؟؟ و لماذا جاءت هذه المبادئ، حين جاءت مختلفة في الوسائل مختلفة في الغايات ؟؟ و لماذا يحدث تحور، و تطور، في مبادئ بعض هذه الأحزاب، بكل هذه السرعة ؟ ثم لماذا تقبل هذه الأحزاب المساومة، في مبادئها، مساومة جعلت أمراً كالوثيقة عملاً محتملاً، و قد وقع وإستبشر به بعض الناس ؟
نعم لسائل أن يسأل عن منشأ كل هذا ـ والجواب قريب: هو إنعدام الذهن الحر، المفكر، تفكيراً دقيقاً، في كل هذه الأمور، فلو كان المؤتمر موجهاً توجيهاً فاهماً لعلم أن ترك العناية بنوع التعليم خطأ موبق، لا يدانيه إلا ترك العناية بالتعليم نفسه .. و لأيقن أن سياسة (سر كما تشاء) هذه المتبعة في التعليم الأهلي سيكون لها سود العواقب في مستقبل هذه البلاد . فإن نوع التعليم الذي نراه اليوم لن يفلح إلا في خلق البطالة، و تنفير النشئ من الأرياف، و تحقير العمل الشاق في نفوسهم .. و إنعدام الذهن المفكر تفكيراً حراً دقيقاً هو الذي طوع للمؤتمر يوم ولدت فيه الحركة السياسية ـ وهي قد ولدت ميته ـ أن يعتقد أن كتابة مذكرة للحكومة تكفي لكسب الحرية، حتى لكأن الحرية بضاعة تطلب من الخارج، و يعلن بها الزبائن بعد وصولها، حتى تكون مفاجأة، و دهشة .. و لو أن جميع الأحزاب القائمة الآن إستطاعت أن تفكر تفكيراً دقيقاً لأقلعت عن هذه الألاعيب الصبيانية التي جعلت الجهاد في سبيل الحرية ضرباً من العبث المزري..
و آية العجز عن التفكير الدقيق عند قوم أن تراهم يخلطون تخليطاً مشيناً بين الوسائل و الغايات، أو بين الوسائل التي تفضي عن قريب إلى الغاية، و الوسائل البعيدة الإفضاء ـ فتراهم ينفقون جهداً جهيداً فيما لا يستحق أن يعنى الرجل الرشيد طرفة عين ـ و قديماً طوع العجز عن التمييز بين الوسائل و الغايات لبعضهم أن يقول (الغاية تبرر الوسيلة) و هو قول خطأ من أصله .. فإن الغاية لا تبرر الوسيلة، و إنما تعينها، أو تعين حظها من مراقي الرفعة .. فالغايات الرفيعة، كالحرية مثلاً، لا يمكن أن يتوسل إلى منازلها بغير وسائل التضحية، و وسائل النبل، و وسائل القصد الصريح ـ ذلك بأن الوسائل بسبيل من الغابات .. و هي، في سبحاتها العليا، تلتقي بها، و تتواشج معها، حتى لقد يصبح التمييز بينهما رياضة تستعصي حتى على فحول العقول ـ و المقدرة على التمييز الدقيق بين الوسائل و الغايات هي أول، و ألزم ما يجب أن تتحلى به العقول التي تتصدى لتوجيه مصيرنا، نحن، لأنا ضعفاء، ننشد القوة، فما نقوى على إنفاق الجهد في غير غناء، و لأنا قلال، نبغي الكثرة فما نطيق أن نذهب شيعاً، وأهواء !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
نحن اليوم بسبيل حركة وطنية تسير بالبلاد في شحوب أصيل حياة العالم هذه المدبرة، إلى فجر حياة جديد، على هدى من الدين الإسلامي، و برشد من الفحولة العربية، و بسبب من التكوين الشرقي .. و لسنا ندعو، أول ما ندعو، إلى شئ، أكثر و لا أقل، من إعمال الفكر الحر فيما نأتي، و ماندع من أمورنا ـ الفكر الحر الذي يضيق بكل قيد، و يسأل عن قيمة كل شئ، و في قيمة كل شئ .. فليس شئ عنده بمفلت عن البحث، وليس شئ عنده بمفلت عن التشكيك .. فلا يظنن أحد أن النهضة الدينية ممكنة بغير الفكر الحر .. و لا يظنن أحد أن النهضة الإقتصادية ممكنة بغير الفكر الحر .. و لا يظنن أحد أن الحياة نفسها يمكن أن تكون منتجة ممتعة بغير الفكر الحر . إن الحزب الجمهوري لا يسعى إلى الإستقلال كغاية في ذاته، و إنما يطلبه لأنه وسيلة إلى الحرية .. و هي التي ستكفل للفرد الجو الحر الذي يساعده عل إظهار المواهب الكمينة في صدره و راسه . و يؤمن الحزب الجمهوري، إيماناً لا حد له، بالسودان .. و يعتقد أنه سيصبح من الروافد التي تضيف إلى ذخر الإنسانية ألواناً شهية من غذاء الروح، و غذاء الفكر، إذا آمن به أبناؤه، فلم يضيعوا خصائصه الأصيلة، و مقوماته، بالإهطاع نحو الغرب، و نحو المدنية الغربية، في غير روية، و لا تفكير .. و رأي هذا الحزب في المدنية الغربية، هو أنها محاولة إنسانية نحو الكمال .. و هي ككل عمل إنساني خطير، مزاج بين الهدى و الضلال .. و هي لهذا، جمة الخير، جمة الشر .. و شرها أكبر من خيرها .. و هي كذلك بوجه خاص على الشرقي الذي يصرفه بهرجها، و بريقها، و زيفها، عن مجال الخير فيها، و مظان الرشد منها .. ويرى هذا الحزب : أننا ما ينبغي أن نتقي هذه المدنية، بكل سبيل، كما يريد المتزمتون من أبناء الشرق .. و لا ينبغي أن نروج لها، بكل سبيل، و نعتنقها، كما يريد بعض المفتونين، المتطرفين، من أبناء الشرق .. و إنما ينبغي أن نتدبرها، و أن ندرسها، وأن نتمثل الصالح منها .. هذه المدنية تضل و تخطئ، من حيث تنعدم فيها معايير القيم، وتنحط فيها إعتبارات الأفكار المجردة .. فليس شئ لديها ببالغ فتيلاً إذا لم يكن ذا نفع مادي، يخضع لنظام العدد، والرصد .. فهي مدنية مادية، صناعية، آلية، وقد أعلنت إفلاسها، وعجزها، عن إسعاد الإنسان، لأنها كفرت بالله، و بالإنسان .. و يعتقد الحزب الجمهوري أن الشرق، عامة، و السودان، خاصة، يمكنهما أن يضيفا عنصراً إلى المدنية الغربية هي في أمس الحاجة إليه، و ذلك هو العنصر الروحي . هذا هو إيمان الحزب الجمهوري بالشرق، و بالسودان، و ذلك هو رايه في المدنية الغربية، وعلى هذا الإيمان، و ذلك الرأي، إتخذ الحزب طريقه على النحو الآتي :
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
أ- المسألة السياسية : أما هذه فالمبدأ فيها الجلاء التام .. و الوسيلة الحكومة الجمهورية الديمقراطية .. و الغاية إسعاد الفرد بإشاعة فرص الكسب حتى يعيش في مستوى يليق بكرامة الإنسان، و بضمان الجو الحر الذي يساعد علي إظهار المواهب الكمينة في صد ره، ورأسه، وقد جاء بياننا في الصحف كافياٌ عن إطالة الكلام في هذا .. ولكننا نريد أن نذكر هنا أن عتادنا في هذه المسألة هو الشعب السوداني الموحد المستنير .. ولخلق هذا فإن علينا أن نبث فيه روح الأعزاز، وأن نوقظه، وأن نثيره، وأن نكتْبه، وأن نجمعه حولنا ـ وأن علينا أن نبعث في الأمة حياة نابضة، شاعرة، واصلة، إلي جانب حياة كل فرد، وكل طائفة، وكل مجموعة، حتى تضطرب الأمة في ميادين التجارة، و معامل الصناعة، وحقول الزراعة، ودورالعلم، ومحافل السياسة، وهى شاعرة بحياتها، مأخوذة بروح مشدود إلي الكمال، موكل بإقتحام السدود المضروبة دون الحرية و الإستقلال ..فإن الأمة التي لا يعتلج صدرها بدواعى القلق، ودوافع الحياة، ليست خليقة بأن تعز، ولا بأن تعلو، بل هي لا يمكن أن تعز وأن تعلو، فقد قضى ربك ألا تكون الحرية شيئاٌ مسفاٌ يناله المستلقى على هينته، والجالس ـ ولو قد كانت، لما طويت عن أخ الخنع اليراع.
و الحزب الجمهوري هذا لن يتقاضانا أكثر من أن نؤمن بحقنا في الحياة الحرة الكريمة .. و لا أكثر من أن نستيقن من أنه من ألزم واجباتنا أن نهيئ لأخلافنا حياة ترتفع عن حياة السوائم والأنعام فإن هذه الحياة التي نحياها نحن اليوم ـ هذه الحياة التي تستغرق مطالب المعدات والأجساد كل جهادها، و كل كدها، لهي حياة لا يغبط عليها حي حياً .. فإن نحن رضيناها لإخلافنا من بعدنا إنا إذن لخاسرون .. لن يطلب إلينا الحزب الجمهوري أكثر من هذا الإيمان، و لا أكثر من ألا نجعل في حسابنا موضع إهاب للهمم الفواتر التي رمتها نوازع الشكوك، وإعتركت على مقعد يقينها غوائل الظنون، و شعبتها مصارف الزيف .. فإن تلك الهمم لهي بئس العتاد إذا أحلولكت بهمة الظلام، و إستبهم طريق اليقين، و إلتبست مسالك النجاة ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
ب ـ المسألة الإقتصادية : كل الموارد الإقتصادية ستلقى عناية تامة، و المورد البشري بوجه خاص .. فإنا أفقر إليه منا إلى أي شئ آخر عداه .. فإن عدد السكان يجب أن يزيد .. و صحة الفرد يجب أن تتحسن .. و ذلك يقتضي العناية بغذاء الأطفال، وسكنهم، و تعليمهم في الهواء الطلق، و تحبيب الرياضة البدنية إلى نفوسهم، و بذلك يستطيع السودان أن يقوم على سند من شباب قوى الأسر، قوى الأخلاق، قوى العزم على القيام بمناصرة الحق، في ثقة، و ثبات، حتى لكأنه الطود الأشم .. أو لكأنه العيلم المسجور ـ و المكان الأول من هذه العناية سينصرف لمواطنينا سكان الجنوب الذين قضت عليهم مدنية القرن العشرين أن يعيشوا حفاة، عراة، جياعاً، مراضاً، جهلة بمعزل عنا .. فهؤلاء يجب أن نسلكهم فينا، و أن نخلطهم بنا .. و يجب أن نستقل الأراضي النضرة الخصبة التي يقومون فيها، و يجوسون خلالها كأنهم الظلال . و يجب أن نريهم كيف يستغلونها ليحيوا حياة الأناس .
إن الإنسان لا يمكن أن يحب بلاده، و أن يفخر بها، و أن يستقتل في سبيل الدفاع عنها، و عن حريتها، إذا كان إنما يحيا فيها بائساً، جائعاً، محروماً .. و إن الإنسان لا يمكن أن يصح رأيه في نفسه، و أن يحترمها، و أن يربأ بها عن مواقف الذل و الهوان، إلا إذا كان يشعر بأنه يحسن عملاً شريفاً يكسب منه قوتاً شريفاً .. و كذلك سيولي الحزب الصناعة المحلية، و المقدرة الفردية، عناية خاصة .. سيعني الحزب بالصناعات التي تنتظم الإنتاج الزراعي ..
ج ـ مسألة التعليم : يطمع الحزب الجمهوري بأن يسير بالحياة على هدى الدين الحنيف .. و يطمع في أن يرد الحياة إلى ما كانت عليه أيام عمر ـ عمر العظيم .. أيام كان فيها الناس آدميين كآدم ـ أيام كان الناس يخافون الله و لا يخافون شيئاً عداه ـ أيام كانوا ينشدون الغزة، فيطلبونها عند الله، ويعلمون ان العزة لله جميعاً ـ نعم يطمع الحزب الجمهوري في أن يرد الحياة إلى ما كانت عليه في تلك الأيام الغر، وسبيل الحزب الجمهوري إلى ذلك هو التعليم على أسلوب غير هذا الأسلوب المضلل الذي نسير عليه اليوم ..
فالتعليم لدى هذا الحزب إن هو إلا إعداد للرجل ليحيا حياة نافعة في مجموعة الرجال الذين سيعيش بينهم .. و إعداد للمرأة لتحيا حياة نافعة في مجموعة النساء اللائي ستعيش بينهن .. فهو إذاً تنمية للمواهب الطبيعية، و حفز على إستخدامها بطريقة تكفل للفرد السعادة، و تعود على الجماعة التي يعيش فيها بأبر الخدمات .. و ستشمل برامج التعليم الرياضة البدنية في الهواء الطلق، و قواعد الصحة العامة .. و سنرمي بمزاولة الأعمال اليدوية إلى تحبيب العمل الشاق إلى نفوس النشئ، و إلى تثقيف اليد و العين .. وسيعمد إلى تحبيب الأرياف إلى النشئ بتحبيب الطبيعة، و بدرس حياة النبات، و الطيور والزهور، و سنقصد إلى غرس أصول الأخلاق كالثقة بالنفس، و الصبر، و المثابرة، و قوة الإبتكار، و الكلف بالدفاع عن الحق، والتأذي من رؤية الظلم و الفساد ـ و ما يرى الحزب الجمهوري أن يكون هناك تعليم ديني، وتعليم مدني، كل في منطقة منعزلة عن الأخرى .. و لا يرى أن يكون للرجل أخلاق في المصلى، و أخرى غيرها في الحانوت، أو الشوارع، و إنما يرى أن يتعلم كل الناس أمور دينهم، و أمور معاشهم، ثم يضطربون في ميدان الحياة بأجسام خفيفة، و أرواح قوية، و قلوب ترجو لله وقاراً .. إن التعليم يجب أن يبدد السخافات التي رانت على جوهر الدين، و أن يذهب القشور التي حجبت المعين، و أن يرد بالشعب المناهل التي شرب منها عمر، و أصحاب عمر ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
د ـ مسألة المرأة : وهى مسألة تنذر بسود العواقب، و تهدد بتدهور أخلاقي ماله من قرار .. وسيولى هذا الحزب هذه المسألة عناية ما عليها من مزيد .. وسنرى !! وأما عن تعليم المرأة عندنا فيرى الحزب أن سيره على هدى الغرب فاشل فشلاٌ ذريعاٌ .. فهم قد حاولوا أن يسيروا بها فى مراحل الرجل، فلم يفلحوا إلا في جعلها شيئاٌ لا هو بالرجل، و لا هو بالمرأة . وإذا كان التعليم هو، كما أسلفنا، تنمية المواهب الطبيعية، والحفز علي إستعمالها بطريقة تكفل للفرد السعادة، وتعود علي الجماعة التي يعيش فيها بأبر الخدمات، كان من المحقق أن تعلم المرأة تعليماٌ هو بسبيل من هذا ـ تعليماٌ يسلكها في ميدانها الخاص، لا في ميدان الرجل .. هذا من ناحية التعليم في التوفر علي أسباب المعاش .. وأما التعليم الديني فهو يخاطب المرأة، كما يخاطب الرجل، ويطلب من كليهما حسن السيرة، وقوة الخلق ..
هذه هي أصول أهم الشعاب التي ينساب فيها نشاط الحزب الجمهوري، منذ اليوم .. ولدى الحزب جمعيات إختصاص بكل مسألة من هذه المسائل تتوفر علي الدرس، والإستقصاء، والفهم المستقيم، والتوجيه الصحيح، والعمل النافع .. وأن علي التفكير الدقيق، والفهم المستقيم، ليتوقف كل النجاح .. ورائد الحزب الجمهوري في إعتساف هذا الطريق هو الإيمان ـ الإيمان القوي الذي لا يتطرق إليه الوهن، بالله، وبأن الإسلام هو طريق النجاة للعالم أجمع، وبأن الشعب السوداني يملك أكثر من غيره، أسباب الرشد، وأسباب الإنابة .. وشعار الحزب الجمهوري قول الذين قال عنهم الله تعالي :- " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم، فزادهم إيماناٌ، و قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " حسبنا الله ونعم الوكيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
دستور الحزب الجمهوري
الإسم : الحزب الجمهوري
المبدأ : الجلاء التام
الغرض: أ) قيام حكومة سودانية جمهورية ديمقراطية حرة مع المحافظة عل السودان بكامل حدوده الجغرافية القائمة الآن. ب) الوحدة القومية ج) ترقية الفرد و العناية بشأن العامل و الفلاح . د) محاربة الجهل . هـ) الدعاية للسودان. و) توطيد العلاقات مع البلاد العربية و المجاورة
العضوية: 1) لكل سوداني بلغ من العمر 18 سنة 2) لكل مواطن ولد بالسودان أوكانت إقامته فيه لا تقل عن عشر سنوات لم يبارح خلالها السودان.
مال الحزب: يصرف في الأغراض التي نشأ من أجلها الحزب.
مذكرة تفسيرية : لما كانت الغاية من قيام الحكومات هي أن تهيئ للفرد أقصى ما يمكن أن يصل إليه من الرفاهية رأت هذه الجماعة التي تكونت بإسم الحزب الجمهوري، أن أنسب نظام يلائم نفسية هذا الشعب، ويتجاوب مع رغائبه، و يخدم أغراضه، ويحمي منافعه، هو قيام حكومة جمهورية ديمقراطية حرة .. وقد توخت جماعتنا أن تبين نوع الحكم الذي تسعى إليه لئلا يكون هناك ما من شأنه أن يترك الناس في ظلام من أمرهم .. و لآن الحزب الجمهوري لا يجعل فضلاً لمواطن على آخر إلا بقدر صلاحيته، و كفاءته، للإضطلاع بالأعباء المنوطة به، و لأنه، من ناحية أخرى، لا يقيد الناس بضرب من ضروب الولاء و التقديس اللذين لا مصلحة للإنسانية فيهما .. و خلاصة القول إن هذا الحزب، كما هو ظاهر، يرى أن النظام الجمهوري هو أرقى ما وصل إليه إجتهاد العقل البشري في بحثه الطويل عن الحكم المثالي و على هذا الأساس و للأسباب المذكورة فضله . و السبل المؤدية إلى هذا الهدف قد يختلف الناس في فهمها أما رأي هذا الحزب هو أن مثل هذه الغاية لا تتم إلا بالتحرر من النفوذ الأجنبي في جميع مظاهره ذلك لأننا نؤمن بأننا قد بلغنا درجة نستطيع بها أن ندير شئوننا بأنفسنا وليس أدعي لتجويد الخبرة اللازمة بفن الحكم من أن نمارس هذا الفن نفسه ممارسة غير مشوبة على الطريقة التي نرتضيها. و على ضوء هذه الحقيقة تنكشف أمامنا حوائج تستدعي منا إلتافتاً خاصاً.
1. العناية بالوحدة القومية، و نرمي بذلك إلى خلق سودان يؤمن بذاتية متميزة و مصير واحد و ذلك بإزالة الفوارق الوضعية من إجتماعية و سياسية، و ربط أجزاء القطر شماله وجنوبه وشرقه و غربه حتى يصبح كتلة سياسية متحدة الأغراض متحدة المنافع متحدة الإحساس. 2. ترقية الفرد من ناحيته الإنتاجية و المعيشية حتى يتمكن من إستغلال موارد بلاده الزراعية و الصناعية بإنشاء جمعيات تعاونية لهذا الغرض و إنشاء نقابات توجه العمال التوجيه الصحيح. 3. تعليم الفرد حتى يصبح عضواً صالحاً في المجموعة يدرك ما عليه من الواجبات و ماله من الحقوق. 4. الدعاية للسودان بشتى الوسائل حتى يتمكن أن يسمع صوته خارج هذا النطاق المحلي الضيق. 5. نحن و إن كنا لا نريد أن نرتبط بشئ ما في الوقت الحاضر ولكن لا يمكننا أن نتجاهل الأواصر التي تربطنا بدول الشرق العربي بشكل عام، و المنافع التي تربطنا بالأقطار المجاورة بشكل خاص و سوف تتكيف علاقاتنا مع هؤلاء جميعاً علي هذا الأساس .
الجمعة الموافق 20 ذو القعدة 1364 الموافق 26 أكتوبر 1945
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
خــاتمة : أما بعد، فهذا كان (السفر الأول) .. و نرجو أن تكون قد تتبعت جذور الفكرة الإسلامية، مجملة في هذا السفر الذي كان مطلعاً لما يزيد عن الثمانين سفراً، توالت طوال الثلاثين عاماً الماضية لتبوب، و تفصل (الفكرة الإسلامية) - تفصل ما أتى مجملاً في السفر الأول .. و لعلك أن تكون قد وقفت على تقويم الحركة الوطنية و الأحزاب الطائفية .. و رأيت الإحتفال العظيم الذي يوليه الجمهوريون لشئون هذا البلد .. و لاحظت الحلول العلمية التي وضعوها للمشكلات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية التي يواجهها المجتمع السوداني اليوم، و التي إستطاع الجمهوريون، منذ نشأتهم، أن يتلمسوا إرهاصاتها، و أن يجتاز إحساسهم بها حجب المستقبل .. و لعلك أن تكون، أيضاً، قد رأيت ما نعاه الجمهوريون على النظام التعليمي الذي وضعه الإستعمار، فنسجنا نحن على منواله، بعيون معصوبة، وفكر آسن . فكانت نتيجة ميراثنا، عن الإستعمار، من النظام التعليمي هذه العطالة المقنعة في دواوين الحكومة، و هذه الإزدواجية من تعليم مدني و آخر ديني .. يخرج الأخير أوصياء على الدين، و كأني بهم يبيعون صكوك الغفران لمن والاهم بولاء القداسة الزائفة ... و الدين منهم، و من صنيعهم براء ..
لقد نادى (السفر الأول) بوحدة نظام التعليم .. حتى يخرج منه جيل من الشباب موحد الشخصية، موحد الغاية، موحد الفكر و الإحساس . و نادى (السفر الأول) و الجمهوريون يومئذ في مهد دعوتهم، بالثورة الثقافية !! هذه التي يضطلع بها الأخوان الجمهوريون اليوم، في كل شارع، وفي كل منتدى، وفي كل مكان عام .. بوجودهم، مجرد الوجود، حيث تعبق منهم أنفاس الخلق الصحيح، و بنشرهم الفكر الحر، بلسان رطب، صادق، صادق، صادق ..
لقد دعا (السفر الأول) إلى (النهضة الدينية) .. و دعا إليها على أساس من (الفكر الحر) .. فهو منذ ذلك اليوم، يرى الدين وسيلة لإنجاب الفرد حر الفكر .. تلك هي الثورة الفكرية الحقة .. و هو فكر نشط الحركة، إيجابي الإتجاه .. لا يمس شيئاً من حياة الناس اليومية إلا أحاله إلى عمار وصلاح و تلك هي الثورة الثقافية .. إننا نحن الأخوان الجمهوريون، حملة الدعوة إلى الثورة الثقافية منذ ما ينيف على ربع القرن.
إننا اليوم، إذ نحتفي بمرور ثلاثين عاماً على (السفر الأول) ـ السفر الخالد ـ فشغلنا الشاغل هو هذه الثورة الثقافية .. الثورة الدينية !! فنحن قد أيقنا أن شعبنا هذا عميق الوشيجة بدينه، جم التقديس لنبيه الكريم، و هو لم يضلل، حين ضلل، إلا من قبيل هذا التعلق الصادق بالدين .. ففعلت به الطائفية الأفاعيل .. و لذلك، فإن للطائفية لجذوراً عميقة في نفوس أفراد شعبنا .. لا يتم إجتثاثها، و القضاء المبرم عليها، إلا بتلك (الثورة الدينية) !! و ما محتوى تلك الثورة الدينية ؟؟ محتواها بإيجاز : بعث (السنة النبوية)
إننا قد أيقنا أن ببعث السنة النبوية في أفراد هذا الشعب بعث هذا الشعب، و إنشاؤه خلقاً آخر .. ذلك أن السنة النبوية، و هي عمل النبي الكريم، عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم، في خاصة نفسه .. هي القمينة بأحداث التغيير الجذري و السريع في نفوس أفراد شعبنا، و الثورة الثقافية أبرز سماتها التغيير الجذري، ثم هو تغيير سريع .. فهوجذري لأنه تغيير المفاهيم و السلوك، و هو سريع لأنه مبنى على منهج مخطط ميسور البدايات، محسوب المراحل، مضمون النهايات .. و شعبنا سريع الإستجابة لمنهج كمنهج السنة النبوية .. فإن من أبرز سمات شعبنا هي (أميتة) متعلموه لا يخلون من بساطة (الأمية) .. و ديننا دين الأميين .. نبيه أمي، و أمته أمية "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته، و يزكيهم، ويعلمهم الكتاب، و الحكمة، وإن كانوا، من قبل، لفي ضلالٍ مبين .. و أخرين منهم لما يلحقوا بهم .." وأخرين من "الأميين" ستنبعث فيهم السنة النبوية بعد إندثارها .. وسيكونون إنموذجها الصالح لأمم الكوكب قاطبة .. هؤلاء هم السودانيون الذين ينطوون على حب، وعلى تقديس، للنبي الكريم لا يدانيهما شئ في حياتهم، ولا يدانيهما حب و تقديس للنبي الكريم، عند أي أمة من الأمم ..
و منهج السنة النبوية التحول به سريع، لأنه يتجه إلى المتعلم و إلى الأمي، في آنٍ معاً، ببساطة شديدة، و بعمق شديد، فالمواطن الريفي يستطيع أن يتعلم عمل السنة في العبادة، و في المعاملة في جلسات معدودات، و يستطيع أن يقوم لتوه، فيطبق ما تعلم، يستطيع أن يحقق تغييراً أساسياً في حياته في أقصر فترة من حياته .. فيكون مواطناً صالحاً، عالماً، جم العلم .. والخطة التعليمية في منهج السنة النبوية "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم" و هي هي خطة القرآن التعليمية "و إتقوا الله و يعلمكم الله" .. إذا تعلم القروي البسيط من مواطنينا ما لا تصح العبادة إلا به من شئون دينه، ثم تعلم الغاية من العبادة .. و عمل بما علم ـ لتحول ريفنا كله إلى ثورة على الطائفية، و ثورة على الجهل، و ثورة على الجمود .. و طار ريفنا، كله، بحركة العمران و الإصلاح، و للحق بأسباب المدنية .. و لتغيرت أخلاق المدينة !! فنحن لا تنقصنا الخبرة الفنية، و لا المهارة الفنية، و لا ينقصنا التخطيط العلمي، بقدر ما تنقصنا الأخلاق!! أزمتنا الراهنة أزمة أخلاق .. و من أجل ذلك دعونا إلى الثورة الثقافية .. الثورة الدينية .. لتغيير الأخلاق .. "إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم " .. و من ههنا عمل الأخوان الجمهوريين الدؤوب في ميدان الثورة الثقافية .. و هو ميدان خالٍ من سواهم .. إن تعليم هذا الشعب و تغييره، لن يكونا إلا إذا أحلنا كل منبر فيه إلى منبرحر يبصر أفراد الشعب بوسائل التغيير، و يوصل إليه، قبل ذلك، المعلومات الوافية حتى يكون، و هو المقصود بكل خطة، واضع هذه الخطة .. و لن يكون تعليم هذا الشعب و تغييره إلا إذا تحول كل مكان فيه إلى منبر حر !! كل مكان !! إن الذي رسم خطوطه العريضة (السفر الأول) يجري اليوم واقعاً، و نابضاً بالحياة، في هولاء الفتية الذين يحملون الكتاب "في الشوارع، و الأماكن العامة" .. يدعون إلى الله على بصيرة وكتاب منير !! سيماهم على وجوههم نور من ضياء الإسلام ! فإذا لقيتهم فهم طلبتك، فضع يدك على أيديهم، و حول حياتك و حياة أهلك، إلي قيام بالليل، كما هي السنة، تصلي لله خالياً به، و إلي سعي لخدمة الناس بالنهار، كما هي السنة، قاصداً رضوان الله، تخشاه، و ترجو وقاره.. لقد أسفر (السفر الأول) عن أول الطريق في الدين .. و لقد جاءت الأسفار تترى لتبين (دقائق حقائق الدين) .. فما أصلح أول هذا الأمر، وما أصلح آخره !! و الله، من وراء ذلك ، محيط..
الأخوان الجمهوريون أم درمان ص. ب. 1151 ت 56912
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
والله يا عبد الله اننى لست جمهوريا ولكنى احترم الجمهوريين ايما احترام .. وقد كنت احضر حلقات النقاش فى قهوة النشاط بجامعة الخرطوم فى عهدها الذهبى من عام 1973 الى عام 1978 واستمع الى الحوار الهادئ والرزين لدالى ومهما كان يجد من استفزاز من الحضور تجده يظل هادئا وميتسما طوال الوقت ويصر على النقاش المنطقى .. وانا كان لى شرف مقابلة المرحوم باذن الله محمود محمد طه فى منزله بامدرمان وسط مؤيديه وناقشته فى فكره ووجدته الرجل المثقف والمستنير والذى يضارعك الحجة بالحجة والمنطق. السر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: Mustafa Mahmoud)
|
تشكر يا دكتور على باقة الورد...تحدث الأستاذ محمود محمد طه عن مجىء عالم خال من الشر فسألته زائرة أجنبية أ يعطيها مثالا لذلك العالم فقال لها ما معناه أن الشجر - أو الورد الذى ينبت شوكا تانى ما بقوم ليهو شوك!! والشوك عند الأستاذ محمود أصلو سببه الخوف - تقوّم الشوك لتحمى نفسك!! فلما ينتهى الخوف سوف لا يكون شوك!! جاء فى مقدمة كتاب أسئلة وأجوبة للأستاذ محمود محمد طه ((سـر الحياة
قديماً هام الناس بسر الحياة الأعظم .. هاموا بسر القدرة ، و بسر الخلود .. فجد الفلاسفة وراء ما أسموه بحجر الفلاسفة ، و بحث الكيماويون عما أسموه إكسير الحياة .. و حلم القصاصون بخاتم المنى، و بالفانوس السحري.. و لم يظفر أي من هؤلاء بشئ مما كانوا يبتغون. قل لهؤلاء جميعاً ، و لغير هؤلاء ، من سائر الناس، إن سر الحياة الأعظم ـ إن إكسير الحياة ـ هو الفكر .. الفكر الحر .. الفكر القوي، الدقيق ، الذي يملك القدرة على أن يفلق الشعرة ، و يملك القدرة على أن يميز بين فلقتيها.. و هذا الفكر إنما هو ثمرة العقل المسدد ، المروض، المؤدب بأدب الحق ، و أدب الحقيقة ... ))
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
إلى وطني سجين* أحلها إلى جمجمات الزمن جهادك ممتحن ما وهن أصابت لواء وصى النبى وقلب الحسين ورأى الحسن إذا نحن لم ندّكر مارسا وجرح الجنوب فشا واختزن فمن قتل الناس فى جودة علي حقهم واثار المحن لقد حصدوا الموت بانفأسهم علي زرعهم ناسجات الكفن يصيحون في ظما يابس وخزانهم حجر ما هتن ونادوا يموتون: يامسلـمـين فهـــل عرفوا دينهم و الوطن أما زال غردون يطوى البلاد علي جمل ارسلته الفتن يفك الحصار وأرماحه تساقطن عن قصره اذ رطن تلبس طربوشه خائن فصار خديوى هذا الزمن تروج من زيفه عصبة لها شرف بالخنا مرتهن صغار النفوس واوطارهم من المجد ما يطعمون البدن ذهلت عن الحق فى موطن يغم الهدي ويضل الفطن وبادرت اجلوه من منبر وأفصحت عنه و غيرى لحن أطيّر عنه نسور القيود وأنفض عنه ظلام الشجن أعاد فقرّب آماله قرابين فى عتبات الوثن وأسكتنى الغم حتى ســكنت و مالى في وطنى من سكن
فيا خارجا أمس من كوبر خروج الحسام زها وافتتن أفيضوا لنا الخيل من كردفـــــان وتكبير مهدينا المؤتمن أتسمع في النـــيل زأر النحـاس وفيه الرمــــاح وفيه اللسن نريد الحياة بلا قسمة جميعا فليس لها من ثمن نؤمــر مــيزاننا المستقـيــم ونرضـى بمــا قـال إما وزن
*(محمد المهدي المجذوب - صفحة 159 و 160 من ديوان منابر)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: Omer Abdalla)
|
الاخ عبد الله سافعل ان شاء الله.. والحديث ذو شجون.. وقد اعدت لنا ذكريات جميلة ايام حلقات النقاش فى قهوة النشاط بالجامعة بين الجبهة الديمقراطية والميثاق الاسلامى والجمهوريين والمايويين.. وقد كانت معظم حلقات النقاش تنتهى بالضرب والركل وتكسير المعارض الا حلقة الجمهوريين الذين كانوا ينبذون العنف ويناقشون الحضور بمنطق يصعب ان ترفضه.. السر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: عبدالله عثمان)
|
شكرا لك يا عبد الله على شعورك وسوف لن يطول الانتظار .. ان المدة قد طالت وانا كنت قد سجلت ملاحظاتى عند مقابلتى للاستاذ محمود محمد طه عند ذهابى اليه مع صديق الطفولة والذى كان طالبا بكلية الصيدلةفى ذلك الوقت .. وقد خرجت من المقابلة بشعور بان الاستاذ محمود كان يضع السودان فى حدقات العيون ولم تكن الفكرة دينية فحسب ...فان الفكر الجمهورى كان يضع الحلول لكافة مشاكل السودان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية لان اغلب الناس كانوا يفهمون الدين الاسلامى على انه دين التزمت والتعصب ووضع الحلول بحد السيف.. فجاء الفكر الجمهورى ليضع المنطق محل السيف.. وحتى الان يعتقد الكثيرين بان الفكر الجمهورى هو فكر دينى بحت وان هذا الفكر حاد عن الطريق القويم ولذا كفروا الاستاذ دون مناقشته بمنطقه وساحكى لكم ماذا كان يقول الاستاذ.. علما باننى فى ذلك الوقت كنت انصاريا على السكين السر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفكر الجمهورى: واحد وستون عاما (Re: السر عبدالله)
|
فى مساء احد الايام ذهبت مع صديقى الجمهورى لمقابلة الاستاذ محمود محمد طه.. وعند وصولنا لمنزله وجدنا مجموعة من مؤيديه يجلسون امام المنزل ووسطهم الاستاذ محمود وعندما رانا قام ليرحب بنا كما رحب بنا المجموعة التى كانت تجلس معهم وبعد عبارات الترحيبسالنى اذا كنت جمهوريا فقلت له: انا انصارى من جماعة السيد الصادق المهدى.. فقال : مرحب بيك واهلا: فسالته : انا لا اعرف الكثير عن الفكر الجمهورى مع اننى من المداومين على حضور الليالى السياسية التى يتحدث فيها الاستاذ الصبور دالى وانا معجب به جدا.. فقال يمكنك ان تعرف الكثير اذا قرات الكتب التى تم اصدارها فسالته سؤالا مباشرا : استاذ محمود .. هل انت نبى ؟ فقال وابتسامه تعلو وجهه المضئ: انا لست نبيا ولكن مجدد للدين لان الكثيرين الذين يفهمون الاسلام على انه دين تعصب وتزمت وارهاب.. وكلمة الارهاب التى يتدالولها الناس الان سمعتها من الاستاذ منذ ذلك الوقت.. فقلت له:هل حزبك حزب دينى بحت ام ان هموم السودان من اولويات برنامج حزبك؟ فقال: ان السودان ومشاكله الكثيرة من اولويات همومنا وترقية الانسان السودانى ومحاربة الجهل الذى يسود المجتمع السودانى هى اهم اولوياتنا.. نحن لدينا تصور وحلول لمشاكل السودان الاقتصادية والاجتماعية والدينية واهم الامور التى تقف عقبة فى وجه تقدم السودان الجهل والفقر والمرض .. ونحن نسعى لتحقيق الاستقلال الحق وان يكون المصير بيد الشعب السودانى..فسالته هناك جدل كثير حول اراءك الدينية .. فقال ان منعظم الناس لا يقراون الفكرة الجمهورية من الكتب التى توضح ذلك ولكن انتقاداتهم سماعية فقط وارجو ان تقرا لنا كى تحكم بنفسك ومستعدين للاجابة على كل سؤال .. وتحدث الاستاذ محمود باختصار عن هموم السودان وبرناج طموح لتحقيق الرخاء والنهضة الدينية بفكر مستنير وواضح فقلت له : ان الجمهوريين فى الجامعة يتمتعون باعصاب حديدية وهدوء يثير الاعجاب ولا ينفعلون بردود الفعل والعنف الذى يواجهونه فى الليالى السياسية فهل هذه اوامر منك ام انهم هكذا بطبيعتهم.. فقال الاستاذ محمود: اننا لا ننفعل ولا نحبذ العنف... والحجة والمنطق سبيلنا للاقناع.. اننى لا اود الدخول فى التفاصيل .. ولكنى وجدت الرجل متواضعا جدا ويرحب بك كانه يعرفك منذ سنوات ووجدته بسيطا جدا فى تعامله مع الناس ووجدته مثقفا جدا ملم بتاريخ السودان القديم والحديث .. وكيف لا وهو من الذين صنعوا هذا التاريخ الحديث.. ولى سؤال فقط يا استاذ هبدالله : اننى قرات كثيرا عن الفكر الجمهورى وسمعت الكثير عنه وقراتن كل مداخلتك اغلان ولكنى حتى الان اريد ان اعرف على ماذا يقوم الفكر الجمهورى من الناحية الدينية.. نعم اننى اعرف ان النهضة الدينية من اسياسيات الفكر الجمهورى ولمن ماهى الفكرة الرئيسية من الناحية الدينية المذهبية .. وهل يعتقد الجمهوريون ان الائمة الاربعة من المجتهدين الذين اناروا الطريق للمسلمين للسير فى الطريق الصحيح ؟ولك ودى واحتلرامى السر
| |
|
|
|
|
|
|
|