|
أمين بناني:فتحت ملفات الفساد لذلك تمت اقالتي
|
الرأي العام 8-8 كنت هنالك
أمين بنانى بين لجنة الحسبة ووزارة العدل
لهذه الأسباب «.....» تمت إقالتى مرتين..!!
--------------------------------------------------------------------------------
حاوره: مالك طه
«ليس حزباً محترماً ذلك الذي يرميه كبار قادته والمتنفذون فيه من خارج الأسوار والمؤسسات».
كانت هذه الجملة من اشهر العبارات في أدب الإقالة السياسى، وبها مهّد الاستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية حينذاك ونائب رئيس المؤتمر الوطنى للاعلان عن اقالة الاستاذ أمين بنانى من منصبه كوزير دولة بوزارة العدل على خلفية حديث صحفى عاب فيه بناني ادارة الحزب الحاكم بعقلية أمنية.
ولكن بنانى يرى أن تتبعه للروائح الكريهة في مرافق الدولة وليس حديثه عن الحزب هو الذى عجل باقصائه من الوزارة.
وبدأ اسم بنانى في الظهور الاعلامى بقوة منذ أوائل التسعينات في اوج الالتزام والانضباط التنظيمي والثورى عندما اختار لجنة الحسبة بالمجلس الوطنى منبراً يتحدث من خلاله عن التجاوزات ويلاحق ما يرى أن فيه اهداراً للمال العام.
ويبدو ان هذه الجرأة و«المناكفة» التي عجلت بإبعاده من لجنة الحسبة كما يرى هو قد كانت عاملاً مساعداً في تزكيته لتولى منصب وزير دولة بوزارة العدل.
وما لبث في الوزارة غير قليل حتى أخذ الحديث عن طريق الانقاذ الغربى في التصاعد وكان بنانى غير ضنين بالتصريحات الاعلامية عن تتبع وزارته لملفات الفساد ومحاولة فتحها وملاحقة المتهمين مما حدا بشائنيه الى القول ان الرجل يدير الوزارة بعقلية البرلمان.
وبعد الخروج من الوزارة والحزب الحاكم، اتجه بنانى الى تكوين حزب جديد شاركه في تأسيسه د. لام اكول ومكى علي بلايل ولكن الشراكة لم تدم طويلاً.
والآن يجلس بنانى المحامي في مكتبه بشارع الجمهورية وقد خصص جزءاً من وقته وهمه لقضايا دارفور ومحاولة انهاء صراع الرزيقات والهبانية فهو الى القبيلة الأخيرة ينتمى.
«الرأى العام» استنطقت بنانى عن تجربته البرلمانية والتنفيذية في قضايا الفساد واهدار المال العام..
عبر هذه النافذة الجديدة بالملف السياسي والتى ستأتى دائماً تحت عنوان «كنت هنالك»..!!
--------------------------------------------------------------------------------
* من الملاحظ اهتمامك خلال فترة مقدرة من عمر الانقاذ بقضايا الفساد، هل لأن الانقاذ بحكم تكوينها المغلق كانت من اكثر النظم السياسية فساداً؟
- الفساد عنصر اساسي في الحياة «قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء» .. ولكن المهم كيف نتعامل مع الفساد من حيث المنهج والادوات، لان الفساد يوجد في النظم المفتوحة وفي النظم الشمولية، ولكن خطورته تصبح اكبر في النظم المغلقة نظراً لغياب عامل الشفافية، ولأن هذه النظم تضعف ارادة المجتمع فتغيب الحرية وتضعف الوسائط العامة التى يمكن ان تتناول القضية بشفافية، وأهم هذه الوسائط الصحافة والمؤسسات المتخصصة في مثل هذه القضايا كمؤسسات الحسبة وحقوق الانسان ونظم التفتيش وهذا ينطبق لحد كبير على الانقاذ التى بدأت كنظام ينشد الطهارة ولكن ملامح الفساد بدأت تظهر في وقت مبكر.
* متى لاحظت هذه الملامح بالضبط حسب متابعتك؟
- الفساد في الانقاذ بدأ بفساد الاشياء لا الاشخاص، ففي عام 1992م وكنت وقتها رئيس لجنة الحسبة ظهر الدواء الفاسد والشاش الطبى الفاسد والمحاليل الفاسدة والاسمنت الفاسد والدقيق الفاسد وسلسلة من الأشياء الفاسدة التي لا نهاية لها وذلك لأن الانقاذ لم تفرق بين الستر والتستر، فقد كانت تريد ان تمارس فضيلة الستر فوقعت في خطيئة التستر.
* في أى مجال يمكن ممارسة هذه الفضيلة؟
- الشريعة تميل الى الستر في قضايا العرض، أما قضايا المال العام فإن الشريعة تميل إلى إعلانها، ولكن الانقاذ مالت فيها الى التستر وتحت ذلك نما الفساد خاصة في العطاءات والمشتروات الحكومية وفي الخصخصة.
* ما هو وجه الفساد بالتحديد في موضوع الخصخصة؟
- موضوع الخصخصة اثرناه في المجلس الوطني منذ عام 1992م، لقد كانت خصخصة القطاع العام تنطوى على فساد وظلت كذلك حتى اليوم. وتم فيها تشريد آلاف الاسر واهدار لموارد الدولة.. وليس العيب ألا يكون هناك فساد ولكن العيب ألا نحاربه، فالفساد لا يتجزأ لا في شخوصه ولا مناهجه ولا اساليبه.
ولا يمكن ان نبرئ الحكومة القائمة من مسؤولية وقوع فساد حتى لو في القطاع الخاص لأن مسؤوليتها محاربة الفساد حيثما كانت وأن تحاكمها، فما بالك اذا كانت تتساهل في مبيعاتها ومشترواتها وسائر الأموال التى تقع تحت تصرفها بصورة مباشرة.
* من هم هؤلاء المفسدون، هل هم من اصحاب الدرجات الوظيفية الوسيطة الذين يصعب كشفهم ولا تكون الاضواء مسلطة عليهم عادة. أم هم من الكبار؟
- ليس بالضرورة ان يكون المفسدون من كبار المسؤولين، ولكن بالضرورة ان نحمل هؤلاء الكبار المسؤولية ما داموا لم يحدوا من هذه الظاهرة ويضعونها في اولويات برنامجهم السياسى.
وبهذه المناسبة فقد سعدت عندما أعلن الرئيس في خطابه بمناسبة الاستقلال عن قيام جهاز لهذا الغرض ولكن لم اسمع به حتى الآن!.
* كل هذا الحديث عن الفساد يمكن للنائب البرلمانى إثارته، ولكن لماذا لم تتابع هذه الملفات الفاسدة عندما انتقلت من البرلمان لوزارة العدل؟
- لقد قمت بواجبي عندما كنت في وزارة العدل، فقد قمت بفتح ملفات الفساد في بنوك الدولة وفي الطرق، ولكن تمت إقالتى لهذا السبب، وهى المرأة الثانية، اذ اقلت في المرة الأولى من لجنة الحسبة.
* يعني انك حاولت الاقتراب من المحظور مرتين فتمت اقالتك؟
- نعم بالضبط هذا ما حصل -فقد حاولت الاقتراب من المحظور مرتين في اللجنة والوزارة فتمت اقالتى.
* لماذا ركزت خلال توليك منصب وزير دولة بالعدل على ملفى الطرق والبنوك بالذات؟
- كنت أؤمن ان وزارة العدل مختصة تماماً بملاحقة الفساد في اي موقع... ولكن عندما حاولت الاقتراب من البنوك أصدروا بياناً ذكروا فيه ان البنوك مواقع حساسة ويجب الا نتناولها في الاعلام، وقالوا أيضاً ان اخبار وزارة العدل والتحقيقات التي تقوم بها -يجب ان تكون بمنأى عن أجهزة الإعلام.. وهذا في اعتقادى خطأ لأن الاعلام يجب ان يتابع سير أداء المؤسسات التى تفرض رقابة قانونية على الفساد مثلما ان الاعلام يفرض رقابة شعبية.
* ولكن التصريحات الصحفية التى كنت تطلقها من موقعك بوزارة العدل يمكن ان تفسر على انها محاكمة اعلامية فقط؟
لم نقصد اعطاء معلومات بغرض تشويه سمعة المؤسسات المصرفية، أو نحاكمها إعلامياً، ولكن كنا نريد ان يعلم الشعب ان الدولة تبذل مجهوداً للتحقيق في الفساد في موقع ما.. وهذا مهم حتى تكون هناك ثقة بين الشعب والحكومة.
* من خلال تجربتك العملية ما هى العوامل التى تحد من محاربة الفساد؟
- واحدة من مشاكل النظم الشمولية او المغلقة ان الاجهزة التى تقوم بمحاسبة او محاربة الفساد يتم تحجيم صلاحيتها أو اضعافها، أو اسناد أمرها الى شخصيات ضعيفة.. احياناً القوانين لا تجعل الوزارة في مركز قوى بما يمكنها من توجيه الضربات المطلوبة للمفسدين، اضافة الى ان هنالك مسؤولين لا ينفذون إقرارات الذمة.
* هل نفذت مبدأ اقرار الذمة على نفسك عندما كنت وزيراً؟
- نعم من جانبي فقد عبأت اقرارات الذمة الخاصة بى.
* بعد ان خرجت من الوزارة.. كيف تكسب عيشك الآن وماذا تعمل؟
- أمارس المحاماة كما يمارسها أى محامٍ آخر، وهي مهنتى الأساسية ومصدر عيشي.
* هل أفادتك تجربة الوزارة في جلب الزبائن؟
- لا لم تفدنى في جلب الزبائن.. قد تكون سمعتى السياسية انفع بالاضافة الى سمعتى كقانونى ومحامٍ.
* بالمقابل هل خلقت لك هذه التجربة اعداءً او ساهمت في تنفير الزبائن منك؟
- لم استفد من الحكومة في مجال المحاماة.. احياناً يتم توجيه شركات الحكومة لمكاتب محاماة معينة، لكن مكتبي ليس من بينها.
|
|
|
|
|
|