|
|
 اللاموقف ... مقال قميص عامر
|
خارج الديمقراطية
المصدر: حسين درويش
التاريخ: 09 ديسمبر 2012
اللاموقف، عبارة شديدة القسوة والغموض، نراها عنواناً لسلوك المثقفين الذين يعتقدون أن الأحداث التي تجري من حولهم، لا تمسهم أو تعنيهم، وهم في غنى عن الخوض في غمارها، فتراهم على الحياد. ويخشى المرء انحيازهم للمنتصر، فيصبح حالهم حال الانتهازيين الذين يركبون موجة من فازت عضلاتهم وصابت أسهمهم.
انعدام الموقف يدفع الآخرين إلى تقرير مصيرنا، وهو تماماً ما قاله سقراط ذات يوم: (الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم، هو أن يحكمهم الأشرار). والأشرار هؤلاء الذين ينتهزون الفرص للقفز إلى المناصب أو المصالح العامة، دون أن يعترض أحد أو دون ينتقدهم أي كان، فما جدوى ذلك ونحن منصرفون إلى السلبية واللاموقف.
ساهمت الفردية اللاهثة نحو متطلبات الحياة اليومية، في تكريس اللامبالاة وجعلها أسلوباً للعيش. ونجد عبارات (ما يخصني، شو دخلني، ما لي علاقة، وغيرها ... )، أصبحت مدخلاً للتملص من مسؤولية المثقف أو غيره، داخل مجتمعه. فهو متبرم وساخط ورافض في دائرة ضيقة، ولكنه خائف ومنسحب ومتخاذل في دائرة أوسع، وليس غريباً أن يعتدي الأشرار على حقه في العيش الكريم !
إن المساهمة في صنع القرار تدفع المجتمعات نحو حياة سياسية واقتصادية صحية، وتضعها في مواجهة مصائرها، لأن الناس معها، يختارون بأنفسهم، ولا يمكن لإنسان أن يختار مصيراً سيئاً لنفسه، لذا تراه يجتهد لاختيار الأنسب لحياته ولمجتمعه. كما إن المساهمة في الحياة العامة، تعطي قيمة إيجابية لحب الحياة ومصادقتها.
وليس من الإنصاف أن نصف الذين لا موقف لهم، بالجبن أو التخاذل، لأنهم جاؤوا من عالم غير ديمقراطي، عالم تغلبه المصالح الشخصية وتتفوق فيه النزعة الأنانية، ولا يقبل صاحب منصب أو موقع، التزحزح من مكانه لأن حياته ارتبطت بالمكان، فصار جزءاً منه. ولن يقبل بسهولة أن يُقال أو يُعزل من مكانه .
إذا كان الحديث موجهاً نحو المثقفين، بالدرجة الأولى، فذلك لأنهم ضمير المجتمعات وعينهم الساهرة على الحقيقة، لذلك يجري خطابهم لما يمثلونه أمام الآخرين، من قيم ملهمة وحياة طليعة، تراها الأجيال الناشئة بعين التقليد والمحاكاة، فليكن تقليداً عظيماً يليق بقيم كبيرة تتوارثها الأجيال.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست