|
|
 البوم البعجـــــــــــــبه الخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــراب
|
في كل عصرية في حارتنا تسمع أطفال الحي يتصايحون ( البوم البعجبه الخراب .. البوم البعجبه الخراب )
تخرج إلي الشارع فإذا بهم يشيعون احد أولئك الذين عرفوا بالبلاهة أو تستطيع القول عنه أحد الذين سحب الله منهم بعض رشاد تتطلع للبوم حاله يرثى لها
اللعاب يتطاير من فمه ........اختلط عرقه بتراب علق بجسده .......منكوش الشعر
.......حافي القدمين ........ يتدلى من فكه لسان لم أرى له مثيلاً لكنه لا يعقل ان يكون لإنسان في عرضه وطوله فضلاً عن أسنانه المتفرقة الصفراء
ذو فم له رايحة لو نطق إمامك تمنيته ان يصمت للأبد أو طلبت الواحد القهار ان يذهب عنك حاسة الشم دهراً
يحمل على يده عصا غليظة لا تبارحه يدافع بها عن نفسه لحظة تشييع أطفال الحي له .
يحاول الأطفال تجنبها وهم يشيعونه بالعبارة المعتادة ( البوم البعجبه الخراب ) يلتفت البوم إليهم من الحين إلى الأخر مهمهماً بكلمات لا يستطيع احد فك طلاسمها ..وأطفال الحي لا يملون من الركض خلفه
سالت جدي عن قصة البوم البعجبه الخراب .......
فقال لي البوم أتى إلى المدينة بين بين عشيية وضحاها
لا يعرف له أهل او وطن
لكنه استقر بطاحونة الحلة قرب الجزارات
فكانت له الماوى والسكن
هذا كل ما يعرفه اهل المدينة عن الرجل
.
كان البوم يكره الملابس الجديدة والاستحمام ولا يأكل إلا من بين الكوش
يحلف جدي بأن البوم عندما تجود عليه بشي من الأكل لا يأكله إلا بعد ان يخلطه بالتراب أو بثيابه الرثة المتهالكة .....
ما استغرب له وصف البوم عند بعض النساء والرجال بأن البوم صالح وولي من أولياء الله الصالحين
يحكي عنه الكثير من الخوارق مثلاً بأن حاج احمد قد لمحه في مدينة ما من المدن ولما رجع في نفس اليوم اكد له أهل الحي بأن البوم لم يغادر المدينة لحظة ........ وبأن فلان مات بعد ما تنبأ البوم بوفاته بيوم واحد واخذ يخبر أهل الحي عن قرب اجله . .......
قما آن يصاب احد أطفال الحي بحمى آو سخونة إلا وتذهب والدته إلى البوم طالبة الرضاء عن ابنها لأنه صغير ولا يدرك قدره ولا قيمة البوم وخوارقه وتجود عليه ببعض نقود .
فتيات الحلة يبحثن عن قبول البوم لهن ويتحدثن عن إذا ما نطق البوم اسم فاطمة فعلى فاطمة آن تستعد للزواج آو تستقبل مولوداً .وإذا ماشاهد احد المزارعين البوم بمزرعته كان ذلك معناه الخير والبركة والبشارة بمحصول وفير . حكت لي جدتي عن قصة
يوماً نهرت البوم فاخذت تزورها الهلاويس كل ليلة ولم يذق جفنها النوم الا بعد ان زارت البوم ودفعت له بسخاء
فلذا كثيراً ما تحذرني من ان اغضب البوم او تعكير صفوه .
في فترة من الفترات كان للعبد لله يقين بما يذهب إليه البعض عن بركة البوم وخوارقه لدرجة كنت اخشى المرور من امامه او محاولة مضايقته وشيئاً فشيئاً بدأ هذا اليقين يتزحزح وتحل مكانه قناعات أخرى فقول الله عز وجل لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم مثير للتأمل والتدبر بما يعني حسن في الفكر وحسن في الوجه واكتمال في هيئة الجسد حسن يظهر عظمة الخالق عز وجل .. ........ والله جميل يحب الجمال ..
وما البوم في حقيقته إلا من ذوي الاحتياجات الخاصة كغيره ممن يحتاج للمجتمع للرعاية والاهتمام به من أجل الارتقاء به وإعادته قي الحياة لأداء دوره الطبيعي ولكن للأسف تواجد البوم في مجتمع معتوه في مواريثه في ثقافته فأخذ يبحث عن تحقيق أحلامه وطموحاته في شخصية البوم وينسج من حوله الاسطورة والخوارق والبوم نفسه في أمس الحوجة لرشدهم ووعيهم .
|
|
 
|
|
|
|
فرح الطاهر ابو روضة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست