|
المعارضة لا تفعل شيئا والحكومة ظلت على حالها !
|
أن تعارض حكومة ما - أي حكومة - لما يزيد عن عقدين من الزمان ، وأنت لا تزال ترى أن معارضتك ذات جدوى ، فهذا أمر لا يطيقه عاقل .. المعارضة تتنقل من مرحلة إلى مرحلة إلى أن وصلت مرحلة البحث عن جزء من السلطة وأحيانا كرسي واحد ... الأحزاب الكبيرة - أو التي كانت كبيرة - تشققت وتصدعت ، وأصبحت تسابق المنشقين عنها وتنافسهم على كراسي السلطة الممنوحة تلطفا من الحزب الحاكم .. ونفس هذه الأحزاب تقدم نموذجا أسوا بكثير من حزب السلطة الذي درج على عقد مؤتمراته والربط بينه وبين جماهيره باستمرار لكنه يظل متهما من المعارضة أنه حزب غير ديمقراطي .. لكن الأحزاب التي يفترض أنها أحزاب ديمقراطية ( واظبت ) على تنفير عضويتها وانفضت عنها جماهيرها ومارست الطائفية والتوريث واحتمت بالبيوت صاحبة السيادة التاريخية .. طيلة عقدين من الزمان لم تتمكن المعارضة من إخراج مظاهرة واحدة ذات اثر ، وحين أتيحت فرصة لها عبر الانتخابات انزوت خلف سادتها ولم تجد ما تخاطب به جماهيرها لتدفعهم إلى مراكز التسجيل ومن ثم إلى صناديق الاقتراع .. وأخيرا حدثت مهزلة الانسحاب من الانتخابات حين اتضح لهم أنهم يقفون على سقف مستعار ، ومن واصل سعيه للانتخابات أحبط عمله بفعل الجماهير المغيبة عن ما تفعله هذه الأحزاب .. والمعارضة الآن أسوا حالا من أي وقت مضى ، فهي لا تملك ما تقنع به عضويتها القريبة جدا ، ولا تملك ما تواجه به الجماهير اللهم إلا الفقاقيع التي لا تستر وجها ولا تزيل غشاوة .. ولا يوجد من يمكنه إزالة عثرة المعارضة ، ولا تضميد جراحها ، ولا إرجاع النور إلى بصرها ناهيك عن بصيرتها .. فالأحزاب الكبيرة لن تعود عن موتها الدماغي مهما استخدموا معها من أجهزة ومحاليل وريدية ، والأحزاب الصغيرة تتقزم كل يوم حتى تكاد تحصد العدم .. الحكومة لم تتغير ، فهي حكومة الإنقاذ مهما اطلق عليها من مسميات ، ومهما تلطفت بجزء من كراسي الحكم لغيرها ، لأن المنهج هو هو ولم يبرح مكانه ابدا . الدساتير والقوانين على كثرتها وتعدد مرات صياغتها وإجازتها كلها تكرس فهما واحدا ومنهجا واحدا هو منهج الجبهة الإسلامية وبرنامجها . والحكومة تعلم تماما أنه لا يمكن تنفيذ هذا البرنامج إلا عبر كوادرها ، وهي بهذا تمنح الفرص التي تتفضل بها على الآخرين ترضية ومجاملة وتسكينا وإسكاتا . لكن رغم ذلك ، ورغم الدراية التامة للمعارضة بذلك ، ورغم المعاناة التي يعيشها الناس في معاشهم ، والتضييق عليهم في امرهم كله ، إلا أن الحكومة استطاعت أن تأخذ من عمر السودان - خاصة الأجيال المعاصرة - اكثر من عقدين من الزمان ، وهي لكثير من الناس تمثل نصف العمر إن لم يكن العمر كله لبعضهم . الشعب يريد خبزا ، يريد صحة ، يريد تعليما ، يريد خدمات اساسية لا غنى للمعاصرين عنها . والمعارضة تعرقل أداء الحكومة والمسلح منها يزيد الصرف على حساب التنمية .. والله وحده يعلم من سيترجل أولا المعارضة أم الحكومة ...
|
|
|
|
|
|