(هكذا أصبحتُ من أهل الهوى) ولزاد الشجون الابر المسممة بالكلام

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 09:03 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-21-2012, 03:36 AM

ناظم ابراهيم
<aناظم ابراهيم
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 3734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(هكذا أصبحتُ من أهل الهوى) ولزاد الشجون الابر المسممة بالكلام

    هكذا أصبحتُ من أهل الهوى

    فادي العبد الله


    «كيف أصبحت من أهل الهوى؟»، سألتني الصديقة التي تزعجها صلافة أم كلثوم وتكبُّر صوتها الذي لا يذوب في الأسماع والقلوب، فلفتني أنها -على خلاف الكثيرين- لم تسأل «متى» أو «لماذا»... بل «كيف»، ذلك أن معظم أهلنا يربطون الاستماع إلى «الستّ» ببلوغ سنٍّ لا تعود تسمح بالتقافز على الإيقاع، وبخبرة لا ترضخ للرومانسية الشديدة الطهرانية، كما أنهم يفترضون في شهرة أم كلثوم، كأعظم مطربات العرب، سبباً كافياً للاستماع إليها، أو على الأقل للاعتراف بها سيدة على الطرب. الصديقة المرهفة الحساسية افترضت، بحسن ظنّها، أن لديّ مداخل أخرى إلى هوى السيدة.

    الحقّ أنني لم أتنبه يوماً إلى المدخل الذي أدى بي إلى هذا الهوى، فلا كلمات الأغاني الكلثومية، التقليدية والتائهة عن أي معنى مرتبط بزمان ومكان، ولا الحديث عن ظرفها، أو حتى قصة العشق البائس الذي اتهم به القصبجي ورامي، ولا انشداد الآلاف من المستمعين أمام وقفتها الجامدة على المسرح... كانت تحرضني على أكثر من إهمال هذا الصوت المتجبّر لامرأة في الستينات من عمرها، إلى أن... إلى أن سمعتُ في الصوت ذاته رغبته المتحفزة في اللعب والخفة.

    في لحظة، اختفت تركيبات السنباطي الأوركسترالية، وإيقاعات بليغ حمدي وعبد الوهاب الباحثة عن مصالحة أم كلثوم مع شباب الستينات من القرن الماضي والذي يجهل تاريخها. توارى كل شيء خلف ذاك التحفز في الصوت، وغالباً في أغاني زكريا أحمد («حلم»، «هو صحيح»، «حبيبي يسعد أوقاته» وغيرها). بدت لي أم كلثوم، في تلك الأغاني، بلا عُمر، أو أنها تستعيد أطوار عمرها رجوعاً إلى نشأتها القروية وتدريبها الإنشادي. من يستمع إلى ارتجالاتها في «نظرة وكنت أحسبها سلام» (من حفلة المغرب، 1968) يسمع أصوات الأرغول والناي الفلاحي. ومن يرَ ضحكتها الواسعة أمام ردّ فعل الجمهور وزغاريد النسوة، يكتشفْ في هذه المرأة، دفينةً فيها، الطفلة التي منعها موقعها الاجتماعي طويلاً من الظهور.

    في الارتجال تحديداً، تطفو روح مختلفة لأم كلثوم على سطح صوتها. لا تعود أداة الآخرين في إيصال أفكارهم، تجديدية كانت أو مُحافِظة، ولا تعود أسيرة عُمرها أو شهرتها. حين ترتجل «الستّ»، فذاك لمتعتها وسَلطنتها هي وحدها وقبل الجميع. لذا، كانت أجمل تسجيلاتها من الحفلات، وغالباً حفلاتها خارج مصر، في الشام أو لبنان أو المغرب. غير أن تسجيلاتها القديمة في الاستديو، في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، تجمع إلى نضارة صوتها وبروز أنوثة طاغية فيه (كما في الطقاطيق، مثل «اللي حبك يا هناه» و «جمالك ربنا يزيده»)، ارتجالات كانت من نسيج الغناء ذاته آنذاك (كما في الأدوار التي لحنها لها داود حسني وزكريا أحمد، مثل «إيمتى الهوى يجي سوا»، و«يوم الهنا»). العودة إلى ما تيسر لنا من تسجيلات تلك الفترة تبيّن سبب شهرة أم كلثوم الهائلة آنذاك، وتفسّر الوَلَه المزعوم بها والذي سيطر على الكثيرين.

    في الارتجال أيضاً يتغير صوت السيدة. يرقّ تارة ويعذب، أو يتأوه، أو يسطع، أو يشتد، أو يتأنّق في زخرفاته وعُرَبه، أو يصفو، أو تشوبه بحّة متعمدة. فانتبه إلى أن «العذوبة» كشرط لجمال الصوت ليست مرادفة للـ «نعومة» والذوبان، على ما نحسب، بل هي وصف الطلاوة التي تمنحها إياه القدرة والطواعية حين يستغلهما الذكاء الموسيقي وتحرّكهما روح لعوب. بتُّ من «أهل الهوى» عندما استمعت إلى صوت السيدة، في أقصر نسخة من أغنية «أهل الهوى»، يبدأ مُسلطناً، وتلمع في ثنايا زخرفاته ابتسامة فرح عميق يناجي الليل. أو ربما، قبل ذلك، حين استمعت إلى صوتها كصوتٍ، لا كحاملٍ لكلمات، ولا كرمز لحقبة. صوت مجرّد إلا من مصاحبة عدد ضئيل من عازفيها القدامى، أي كمادة صوتية متحفزة إلى التلاعب مع أذنيّ كمستمع، فتدعوني إلى ألاّ أشرُد ثانية عن إقامة الصوت فيّ ولا عن مواكبته.

    مع صوت السيدة، أقيم مشدوداً بقوة المفاجأة، أو بقوة انتظار المفاجأة. فأحتسب حتى خيباتي، حين تمر مسرعة على أحد المقاطع، شطراً من المفاجأة، إلى أن يأتي المقطع الذي ستُسلطن فيه، في تلك الأمسية تحديداً (إذ إن لكل تسجيل لـ «هوّا صحيح» مثلاً، اختيار مختلف لموقع الارتجال المركّز). وحين تسلطن السيدة، فإن ارتجالاتها الطويلة، أو زخرفاتها القصيرة المنمنمة، تزلزل التوقّعات والاحتمالات المُفكّر فيها مسبقاً. هذه الزلزلة أُسمّيها الطرب، وجوهر توثّب صوت «الستّ»، وتوقّد خفتها في التعامل مع اللحن والكلام، خفةً، في الروح نفسها.

    يُروى أن أحد باعة شرائطها النادرة، في دمشق، كان يضيف في سجلاّته كلمة «الشيطان» أمام بعض تواريخ الحفلات، لاعتقاده بأن ارتجالاتها فيها كانت من عمل جهة غير بشرية، ناريّة، أو حتى «شريرة» لفرط ما تُدهش. غير أن «الشيطان» يكمن أحياناً في التفاصيل، لا سيما في السنوات الأخيرة من حياة أم كلثوم. لذا، قد لا يكون مهماً أن ندخل في «هواها» عند مرحلة معينة أو بفضل أغنية محددة، أو انطلاقاً من رغبة في تعلّم المقامات التي أتقنتها وتضاءل استعمالها معها ومن بعدها. نصير من «أهل الهوى» حين يحدونا إليه الصوت. لتمام الهوى، يكفي الإنصات إليها، كما لو أنها المرة الأولى، وأن نترك لها أن تفاجئنا بابتسامة أو بنظرة متطاولة، أو بعُرَبٍ تتداور كالموجة تجري وراء أختها (كما في «فاكر لما كنت جنبي»)، أو برقّةٍ غير مظنونة. يكفي أن أنفض عني غبار العادة كي تأتيني «الستّ» متألقة لعوباً في ليل «أهل الهوى»، حيث الليل نار ونور.
                  

10-21-2012, 03:46 AM

ناظم ابراهيم
<aناظم ابراهيم
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 3734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (هكذا أصبحتُ من أهل الهوى) ولزاد الشجون الابر المسممة بالكلام (Re: ناظم ابراهيم)

    هكذا يمجد الاخرين الفنان ويحترمون فنه لحد التقديس

    وصاحب زاد الشجون وزورق الالحان بنال ابر الكلام

    يثير الاسى والدهشة ما يتعرض له قمة الغناء السودانى الاستاذ محمد الامين

    فلو كنت املك دراهم الخليج كلها لدفعتها له لكى اسمع

    بعد السنين المره يادوب العيون سهرهم هجد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de