كتابة ما لن يذكره التاريخ ...!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-21-2012, 08:55 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كتابة ما لن يذكره التاريخ ...!

    (1)

    أن تكتب ليقرؤك الآخرون عمل مضنيٍ للغاية والأشد ضنكاً من ذلك أن تكتب لتقرأ ما كتبت لحبيبتك التي تجلس القرفصاء أمامك متوشحةً روح ناقدٍ عظيم قضي نحبه علي منصات التتويج .
                  

09-21-2012, 09:01 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    (2)

    أنا هنا فقط لتدوين بعضاً مما جري ويجري ..... يختلف الرواة لكن تظل هناك حقيقة واحدة تتلخص في إننا لطالما حلمنا بوطن حر وشعبٍ سعيد غير أنه لطالما آثر النوم في أحضان الآخرين .
                  

09-21-2012, 09:05 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    (3)

    وأنا



    ......
    أنا رجعُ الكمان يشرق بي
    أنا في حضرة الذكري
    صدي الأشياء تنطقُ بي




    فأنطُق

    (محمود درويش / يختارني الإيقاع)
                  

09-21-2012, 09:11 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    تنــــويه :




    هذه الكتابة شبيهة الي حدٍ ما بأحداث وقعت منذ سنوات ـ ظروف كثيرة تجبرني لأن أخفي بعضاً من معالم هذه السيرة ـ أهمها علي الاطلاق رغبة بطل هذه القصة ـ أشهد أنه كان ولا يزال واحداً ممن أحبوا هذا الوطن بعمق .

    ـــــــــــ
    إذن لنبدأ
                  

09-21-2012, 09:22 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    أنا أنتمي للجموع التى رفعت قهرها هرما

    ــــــــــــــــــــ
    شي جيفارا




    أبريل 1998








    لا أذكر كم من الوقت مضي وأنا أحاول إقناع ( أحمد ) بعدم جدوي ما يفعله ـ أن تتساقط دموعك هناك يعني أنك تتقدم بثبات نحو حتفك ـ هناك من الأفضل أن تحتفظ برباطة جأشك ـ بل يجب ذلك ـ ضف الي ذلك أن تستخرج ما مدك الرب من صبر ـ فلا معني علي الإطلاق أن تحتفظ ببقايا صبرك ـ هناك أيها الإنسان يستنفذون إنسانيتك يمرغونها في وحل لزوجتهم النتنة . يفعلون ذلك ببرود عجيب .
    شرعنا في إجراءات خروج (أحمد) عدة أوراق أحملها بيمناي ـ كان نهاراً قائظاً من نهارات أبريل ـ للمفارقة كان اليوم هو الثالث من أبريل ، الساعة تقترب من الثانية عشر ظهراً بالتقريب كنت برفقة (سلمي) ـ جاءت الأخري لتشهد خروج (أحمد) سوانا لم يكن هناك من يهمه أمر (أحمد) ـ تساقط الناس من حوله كأوراق الخريف ـ تغير الزمان كثيراً حتي أقرب أقربائه تناسوه في دوامة حياتهم دائرية الشكل ـ قلت لأحمد وأنا أربت علي كتفه :

    حمدالله علي السلامة ياخ .....!
                  

09-21-2012, 09:29 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)




    بكت

    (سلمي) بكاءاً صادقاً لا كبكاء (اليومين) ديل ـ بل بكت بكاءاً طازجاً فجري الدمع سخياً ـ كل ذلك و(أحمد) يراقبنا بحذر محق هو في حذره فما ناله جرء الوثوق بالآخرين كان أكبر بكثير ـ ففيما مضي من سنوات كان واثقاً من .... حزبه ... أحلامه و وطنه ـ كان واثقاً من غدٍ لطالما عمل لأجله بكدٍ وإخلاص كان عفيفاً لا يساوم علي الحلم أبداً .

    رجل في متوسط العمر ساقوه بعيداً ظل ينادي (أحمد) أن لا ينسي وصيته ـ تتخيل أنت الواقف أن الرجل لا شك ذاهب الي حتفه ـ هكذا هم الأنبياء كتبة التاريخ حريصون للغاية لتوصيل وصاياهم الي من يهمهم الأمر . تذكرت ورقة صغيرة وصلتني بطريقة أو بأخري قبل سنوات طوال ، قصاصةٌ في حقيقة الأمر كانت عبارة عن وصية (أحمد) الأخيرة جاء فيها :
                  

09-21-2012, 09:38 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)




    أعلم إني ذاهب الي الموت ، لا أملك الآن سوي التحديق في شريط حياتي ، جسارات الكثيرين تتقافز أمامي وأنا سأواصل حتي النهاية ، ليبق ما بيننا وبين الوطن ... تحياتي للرفاق ولـ(سلمي) ما تبقي من أحلام .

    ــــــ
    أحمد

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-21-2012, 09:47 PM)

                  

09-21-2012, 09:52 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    قدمت ( للضابط ) ما أحمل من أوراق ـ أوراق كثيرة من بينها أمر بالإفراج عن (أحمد) ـ نظر لي بتهكم ما بعده ثانٍ ـ قال ببرود لا أدري كم إستهلك من العمر في صنعه :
    تعال بكرة ثم رمي بأوراق (أحمد) في درج المكتب .

    تعال بكرة لا أكثر ولا أقل .
                  

09-21-2012, 10:02 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)





    تناول



    الضابط أوراق (أحمد) مرةً أخري بعد أن رآني أقف كلوح ثلج أمامه كان الغضب قد ملأ أوردتي كنت أتنفس غضباً أري غضباً ـ أقف غضباً قال لي :
    وهو يتناول الأورق مرةً أخري .

    يازول ما قلنا ليك تعال بكرة !

    صمتُ ولم أرد .... مددت بما معي من أوراقٍ مرةً أخري

    قال وهو يقلب الأوراق بين يديه :

    طيب ما تقول لينا جايب معاك إفراج !

    لم أرد فلا معني لإضافة شيئٍ في هذا المقام

    وين المتهم ؟
    هكذا صاح (الضابط) ثم أضاف :

    ياعسكري جيب المتهم من برة
                  

09-21-2012, 10:04 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)





    وأتي أحمد


    كان المشهد حاراً بين (أحمد وسلمي) كليهما يبكيان بحرقة لاتدري أهي دموع اللقاء بعد فراق طويل أم دموع المظالم التي تعرض لها (أحمد) جراء وثوقه بهمه الوطني النبيل ـ كانت تراجيديا مفعمة بالحنين .

    أتي ...!
                  

09-21-2012, 10:12 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    بخطوِ

    متثاقل قدم أحمد شأنه شأن أي متهم ـ يداه مقيدتان بالسلاسل ولا أدري ما الحكمة في ذلك ـ كان نصفه الأعلي شبه عاري تقريباً ـ تقوس الظهر منه وبدا لي ولكأنه رجل في خريف العمر لا في أواخر العشرينات والتي قضي سبع سمان منها في غياهب السجون متنقلاً من سجن لآخر قبل حصوله مؤخراً لأمر إخلاء سبيله لعدم كفاية الأدلة .سبع سنوات هي حصيلة جمع الأدلة سبع سنوات من التعذيب والقهر والمرض سبع سنوات من إنتظار المجهول سبع سنوات قابل فيهم (أحمد) ما لا عين رأت .
    غير أن العزاء كله أنه مواطن من مواطني بلاد الإستواء ـ البلاد التي تموت ناساتها وهم في إنتظار جمع الأدلة التي تدينهم في جرائر لم يرتكبوها ـ البلاد التي لا نهايات لأحلامها ـ البلاد التي تبيعك الرماد ثم تجلس لتتقبل الفاتحة علي ومضة روحك في صوالين العزاء ـ البلاد التي كلما مضيتها ما أوصلتك الخطي ـ البلاد التي تتسارع علك تلتقيها لكنها تدمن الهروب تماماً كالصبايا العاشقات .

    البلاد التي ...........!
                  

09-21-2012, 10:21 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    ساعتان




    بتمام الكمال قضيناها في غرفة (الضابط المناوب) وللأمانة كان متعجرفاً للغاية حتي لتحس أنك أمام فرعون ذات نفسه لا أمام موظف دوله قادته الدروب ليجلس في مكتب وثير عاتقاً ومستقبلاً لرقاب الخلق من البسطاء والكادحين والمجرمين ـ كان حريصاً للغاية ليرينا في ساعاتنا تلك أسوأ ما بالنفس الأمارة ـ حتي فرعون أظنني لو تبوأ مقعد الرجل ما كان له أن يكون ما كانه علي الإطلاق .

    كدت إنهار وأنا أتابع أسئلة الرجل لأحمد ـ سيل أسئلة لزجة يضحك بهستيريا غير آبهٍ بأحمد الذي قضي أجمل سني العمر إنتصاراً لقضيته التي لم يكن علي الاطلاق من ضمنها النظر للآخر بهذه الروح القميئة ـ غمس أصابع أحمد في محبرة تعسة ذكرتني بمحابر مدرستنا وأنا قابع في الكنبة الثالثة من جهة اليسار ـ اليسار الذي ظللت رهنه منذ تلك الفترة تقريباً ـ يسار الحالمين والمضطهدين والفقراء وأبناء السبيل ـ يسار القضايا الكبيرة والأحلام المؤجلة يسار القابضين علي جمر القضايا بحقٍ وحقيقة .

    قدم لنا محاضرة طويلة حدثنا عن الخونة والمرتزقة بلغةٍ وجلة فيها ما فيها من الرعب والخوف ، فالقتلة لا ينامون علي الاطلاق ـ لا يغمض لهم جفن ـ يحاولون في عريهم أن يرموننا بجروحهم لينسلوا منها ـ غير أنهم في حقيقة الأمر يرون جرحنا في منامهم نقلقهم بإحتجاجاتنا بأصواتنا / بدمائنا / نزعجهم بأغانياتنا الوطنية المشاكسة ـ وحين نخرج من أكفاننا يرتعدون ـ يطلبون السماح ـ غفراننا ـ نسياننا للآلام فكيف ننسي !؟
                  

09-21-2012, 10:33 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    .




    كان


    الزمان عسكرياً لا يرحم ـ تلوث الفضاء فجأة برائحة البوت ـ تحولت الشوارع لثكنات عسكرية قل أن تجد للحياة منفذاً فيها ـ تسلل الكثيرون استقروا في منافيهم البعيده حاملين مساغب وأحزان عمرهم ـ ثم وبعيون دامعات شاركونا الأحزان كلما جال بخاطرهم حياتهم التي عاشوها هنا . تحول الوطن فجأةً لقاتل ـ مصاص دماء كانت الشوارع ـ إمتلأت الأزقة بالرصاص ورائحة الجثث الملقاة علي الطرقات ـ إبتسمت الكلاب وأقامت مهرجانات الإكتفاء ـ إختفت هوهواتها وتحولت لابتسامات تسيل منها الدماء .






                  

09-21-2012, 10:44 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)





    وقع


    أحمد من فرط الإعياء و(الضابط المناوب) يواصل في لزوجته ببرود مميت ـ كان المنظر وحده كافياً لقيام الثورة التي فاصلنا في توقيتها إنتظاراً لنضوج ظروفها . كان الأمر بالنسبة لي أكبر بكثير من قضية وطن ـ خيط رفيع بين قضية الوطن وقضايا مواطنيه ـ لم يعد الأمر ساعتها بالنسبة لي جغرافيا مقدسة أتأملها من النيل الي النيل ومن الوريد الي الوريد ـ تحول الوطن لحظتها لنزيف دماء ، لطوابير الهاربين من جحيم الوطن ، لهتافاتنا من أجل قيم الخير والعدالة الإجتماعية ـ الآن لم يعد يهمني سوي إنقاذ (أحمد) . وددت لو كنت مكانه لو أملك سلاحاً أعدل به كفة التاريخ للحظةٍ ـ إنتصر فيها (لأحمد) وللذين طالتهم أيادي الظلم علي مر العصور .
    قالوا قديماً : أن التاريخ لا يرحم ـ وهي مقولة من فرط إعجابنا بها كتبناها علي ظهور الدفاتر ـ وواجهات دواليبنا الخشبية ـ حوائط الجدران كذلك حملت المقولة بصبٍر وجلد ـ قيل كذلك : أن التاريخ لا يكذب ـ أما الرواة وحدهم الكذبة ـ وحدهم من يتحملون وزر التاريخ ـ لا أحد يروي التاريخ وفق ما رأي ـجميعهم يتناقلونها فقط في أماسيهم الرحبة ـ ينزعون منها ما هو خادش لمصالحهم الذاتية ـ ثم يضيفون نكهات تنكهات التي تخص خيالهم الخصيب ـ لم يحدثونا علي الاطلاق سوي ما أرادوا توصيله ـ أما التاريخ ـ التأريخ فبقي في صدور الرجال والنساء وحتماً ستخرج ذات نور .

    ــــــ

    تصبحو علي خير ياخوانا نجيكم كان الله سهل

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-21-2012, 10:45 PM)

                  

09-21-2012, 10:34 PM

salah ismail
<asalah ismail
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    =====================
    متابعه
    ............
    كل الود

    ====
                  

09-21-2012, 10:41 PM

salah ismail
<asalah ismail
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    =====================
    متابعه
    ............
    كل الود

    ====
                  

09-23-2012, 08:43 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: salah ismail)





    قضينا



    حوالي الساعة والنصف في المكتب الخشبي ذو الأثاث الوثير ثم خرجنا ثلاثتنا ـ علي كتفي إستند (أحمد) و(سلمي) مستندةً علي الأمل والأمنيات ـ ثلاثتنا كنا نستند علي الوطن ـ الوطن الذي كان وسيظل رغم الأفاعيل .
    كان (أحمد) يتمتم بكلمات غير مفهومة كان فاقداً لوعيه علي ما أظن . شرعنا مباشرةً في حمله الي عربة أجرة كانت تقف في الاتجاه الآخر ـ لم يفاصلنا السائق في الأجرة علي غرار سائقي المركبات ـ تعاونا في حمل (أحمد) مددناه في الكنبة الخلفية ـ إقتسمت و(سلمي) المقعد الأمامي ـ وإنطلقنا مباشرةً نحو المستشفي .

    من يكتب التاريخ ؟؟ ـ ليته كان يدون نفسه بنفسه ليته فعل ذلك ـ فالرواة (آفة التاريخ) . وكل سيد يجد من يزيف له الحقائق وفق إرادته ، تسيل الدماء لتروي محابر الزيف ، وحين يموت البسطاء تنتصب الأقلام وتمتلئ المنابر بالخطب الرنانة ـ أموت سيدي وأعرف كم يلزمنا من الوقت لنقرأ تاريخنا الوطني علي حقيقته ؟؟؟
                  

09-23-2012, 08:55 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    كبقايا






    معركة كان ظهر أحمد تمددت السياط فيه كالأخاديد ، كالنيل في مجراه كانت الدماء ، نظر الطبيب الي ثلاثتنا وبكي ، أتراه كان يبكي حظنا البائس ؟ أم كان يبكي وطنه لا أدري ؟ أنا أيضاً كنت في حوجة ماسة لممارسة النحيب لكن كيف لي ذلك ؟ تذكرت أن دموعنا هي آخر أسلحتنا . قل أن نلجأ لها ، هكذا علمتنا التجارب ، . لتريهم من أنت أيها الإنسان لكن :
    كن أكبر من أن تريهم دموعك ، أعداؤك يا بني ينفذون إليك من خلالها يتسلقونك من ركام أحزانك ، ومنها يلعقون دماؤك ، دمع الإنسان ملح حياته ، أياً كان وأينما كنت إحتفظ بها ـ لا تسكبها أمام من لا يقدرون الحياة .


    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 09:03 AM)

                  

09-23-2012, 09:11 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    هذا


    الصباح بدا لي وجه (أحمد) مشرقاً ـ إختفت الأخاديد التي في ظهره ـ ثلاثة أسابيع كانت كفيلة بإعادته لمربع الحياة ـ فقط إختفت منه الابتسامة . طوال الايام السابقة كنت أحاول إخراجه من حالة التوهان التي دخلها ، مواضيع كثيرة كنت أفتحها أمامه أملاً في مشاركته لي غير أنه ظل صامتاً وحذراً ومتأملاً في أغلب الأحايين ، لا أذكر أن تحدث طوال أسابيعنا الثلاث التي قضيتها وسلمي الي جواره الإشارة ظلت لغته الوحيده .

    كما لم يكن بمقدور كائن من كان أن يحكي (لأحمد) ما حدث في سنوات غيابه تغيرت الحياة كثيراً إختفت الشعارات وحلت الشعائر ـ حتي هؤلاء الناس الذين يمضون في الدروب بخواطر مكسورة ورؤوس مطأطأة ليسوا علي الاطلاق من راهن عليهم أحمد ورفاقه في عنفوان ثورتهم التي ما حصدوا منها غير الوبال ، و صار من المألوف أن تري الظلم في الطرقات وكل ما يفعله الناس أن يضربوا الكف بالكف ثم يمضون ولكأن لم يكن ، روضتهم السلطات فتحولوا من شعب معلم لشعب مهموم معركته الوحيدة في الحياة الحصول علي قطعة خبز .

                  

09-23-2012, 09:21 AM

هيثم طه
<aهيثم طه
تاريخ التسجيل: 08-30-2011
مجموع المشاركات: 1153

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    Quote: أعلم إني ذاهب الي الموت ، لا أملك الآن سوي التحديق في شريط حياتي ، جسارات الكثيرين تتقافز أمامي وأنا
    سأواصل حتي النهاية ، ليبق ما بيننا وبين الوطن ... تحياتي للرفاق ولـ(سلمي) ما تبقي من أحلام .





    سلامات يا نبي الوطن خضر
                  

09-23-2012, 09:25 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    حتي


    وقت قريب كنت أظن أن ما يحدث ماهو إلا سحابة حزن وجدت لترحل وماهي إلا شهور قلائل وتعود للمدينة كرنفالاتها وأفراحها التي غيبوها ، شوارعها التي إستكانت ، ورودها التي ذبلت كل شئ كنت أتخيله عائداً لأصله . فالتاريخ الذي تعلمناه يقول ذلك ، حتي الكتب السماوية بشرتنا بذلك والأصل في الحياة الحرية ....... لالالالالالالالالا الأصل في الحياة الخبز ، الخبز قبل العدل ، الخبز قبل كل شئ في الحقيقة .

    كم كان حلمنا ساذجاً ونحن نراهن علي أن الوطن هو الأساس ، الوطن كان كل شئ بالنسبة لنا ، حتي أننا ومن براءتنا كنا نعتقد أن رجال الأمن أنفسهم يتملكهم هذا الإحساس ، حتي وهم يقومون بحرق أعواد الثقاب في جبينك الوطني يتملكهم فخر الإنتماء ، وبذات اليقين تتحمل مؤخرات بنادقهم وأعواد ثقابهم المطفئة في جبينك الوطني ، مساكين هم هؤلاء الشرطيون مساكين للدرجة التي لا يفرقون فيها بين الظالم والمظلوم ، بين الجاني والضحية ، مساكين للدرجة التي يفعلون ما يؤمرون به حتي وإن أتي ذلك خارج قناعات قناعاتهم الشخصية ، مساكين للدرجة التي لا يعود إليهم الضمير إلا بعد خلع بذاتهم ، وبذاءاتهم العسكرية .

    أتري كيف يحتضنون نسائهم ـ؟ كيف تأتي إجاباتهم كلما سألنهن بغنجهن العجيب عن أخبار العمل ؟
    مرهقون هم دوماً أؤلئك السجانون ، مرهقون أكثر من مسجونيهم ، مرهقون حتي عندما يعودون لمنازلهم لممارسة تفاصيلهم الإنسانية ، أما القتلة منهم فهم بكل تأكيد يموتون في اليوم ألف مرة بحسرتهم ، فكيف ؟ كيف للإنسان أن يقتل ؟ وكيف ينظرون لأنفسهم مرةً أخري ؟ أتراهم يلعنون حظهم ؟ أم أتراهم يلعنون الأقدار التي رمتهم في درك مستنقعاتهم الآسنة تلك ؟

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 10:21 AM)

                  

09-23-2012, 10:33 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    قالت سلمي :


    حمدالله علي السلامة يا أحمد

    عينا أحمد تجولتا في الغرفة رمقنا بنظرات حائرة ثم إمتلأت عيناه بالدموع ، إحتنضته إنتحبنا سوياً كل علي طريقته ، حاولت أن أقول شيئاً ـ أي شئ ـ غير أن التراجيديا التي أمامي لم تكن لتستحمل حرفاً غير الصمت ، صمتي الآن إعتقد أنه خير وليمة أقدمه في هذا الجو المربك ـ وليمتي التي لا أملك غيرها ـ صعب للغاية أن تتحدث أمام من شخص زوادته الدموع ، دعه يبكي هو لا يحتاج الآن للشعارات المقززة ، لا حوجة له علي الاطلاق في الإستماع لجل الأشكال الهلامية التي لطالما تستخدموها كمخدر للألم ، هو يحتاج الآن لبكاء غير مشروط ـ، بكاء يعري تاريخنا السياسي ماضيه وحاضره بكاء يجد موطئ قدم في مستقبل دمعنا الوطني لا غير .
                  

09-23-2012, 11:01 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    جال بخاطري ذكريات الجامعة ، تفاصيل حميمة جمعتنا سوياً ، أتاني أحمد بحضوره المهيب ، أناقته المفرطة ، ضحكاتنا في مدرجات العلوم الإدارية ، زغاريد (جمعية ومريم وأم بختين) عاملات اليومية اللائي لم يدخرن زغرودة حال سماعهن لنبأ مفرح يخصنا ، كأنهن في سباق مع الأفراح ، لنجاحاتنا الأكاديمية يزغردن ، لفوزنا بمقاعد الإتحاد يزغردن ، للصباحات الوسيمة يزغردن ، حتي جعلونا أسري للزغاريد .

    دون مقدمات سألني أحمد عن (الحزب) وعن الرفاق ـ تري من أين أبدؤه ؟ أمن إنكساراتنا الوطنية ؟ أم من حالة الضياع التي يعيشها الجميع ، لم يعد هناك (حزب) بالمعني المفهوم ، لم يبق منه غير الإسم ، وذكريات هنا وهناك ، رفاق تائهون ، إنشغل الناس عن القضايا الكبيرة وإستعاضوا عنها بجري محموم خلف لقمة العيش . وبالتالي إنفض سامر الناس عن القضايا الكبيرة الي أن تقوقعوا في هموم صغيرة . غاب الحزب قسراً ، كان الحاصل للأمانة أكبر من مقدرات حزب بعينه ، السلطة كانت تعي ذلك منذ بواكيرها ، و لذا لم تدخر قتلاً لقاتل لإستئصال الجذوة التي ظلت متقدة طوال ما مضي من زمانٍ غر ، كدت أن أحكيه عن ما حدث ويحدث غير أنني آثرت الصمت مرةً أخري ، لم أشأ علي الإطلاق إدخاله في إحباط جديد ، وهو القادم من براثن اليأس ، فلا معني لذلك ، كان يتقدمني حرصي علي ما تبقي من نبله ووجدانه منعاني من الحديث ورغبتي في إخراجه من حاله الغيبوبة التي أدخلوه فيها جعلاني ألتزم الصمت أمام سيل أسئلته .

    قلت متصنعاً إبتسامة زائفة :

    الدكتور قال حيمر بعد ساعة وغالباً ح يكتب ليك خروج .


    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 11:06 AM)

                  

09-23-2012, 11:13 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    شرعت (سلمي) في ترتيب الغرفة .
    قالت وهي تخرج لفافة صغيرة من حقيبتها :
    شوف جبت ليك معاي شنو ؟
    كانت اللفافة عبارة عن ورود طبيعية حمراء وبيضاء تحس ولكأنها تفتحت لتشهد ميلاد أحمد ، أعجبتني سلمي للغاية أعجبني إختيارها ، تفتحت الأزاهير كلها ، حتي وجه أحمد خلته زهرة في بستان الحياة كانت المرة الأولي التي أري فيها إبتسامة أحمد ، منذ سنوات طوال لم تتحرك هذه الشفاه رغبة في الحياة ، فيا للأزاهير وياللنساء ودهائهن العظيم .
                  

09-23-2012, 11:29 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    ساعتي تشير للعاشرة صباحا
    نقرات خفيفة علي باب الغرفة بعدها دلف الطبيب مباشرةً ، هو الآخر علته إبتسامة صادقة ، تقدم نحو أحمد وهو يردد :
    حمدالله الف علي السلامة يا بطل


    أيوة كدة ياخ ...!
    ثم شرعنا فوراً في إجراءات الخروج

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 11:41 AM)

                  

09-23-2012, 11:33 AM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)

    اكتب يا خدر ..

    وزي ما يجي، يجي ..

    تاريخ ام حزن؟



















    -----

    او حتى تاريخ الحزن الوطني الكبير ..
    لا فرق
                  

09-23-2012, 07:29 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: قيقراوي)

    الأعزاء
    صلاح اسماعيل
    هيثم طه (حموري)
    فتح الرحمن (قيقراوي)

    ازيكم ياناس والله شاكر لكم حضوركم وسط هذه القصاصات . غايتو أعفوا لينا الشحتفة دي أخوكم بخش بي بروكسي وأبورسلي عديل
    وبالتالي عشان أعمل لي مداخلة بحتاج لي مليون إجراء غايتو شكيناهم لي الله هؤلاء الناس .
    مودتي وخليكم قريبين


    مودتي يا صحاب
                  

09-23-2012, 08:02 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    خرجت للشارع متأبطاً فرحتي بشفاء أحمد ، باحثاً عن سيارة أجرة تقلنا الي المنزل ـ أحاسيس كثيرة إنتابتني وأنا أحاول تثبيت قدماي علي الأرض ، أحسست إني طائر ، إحساس غريب كان يتملكني ، أحساس بالإنتصار بعد سيل من هزائم متتالية ـ شئ كنجاح عظيم بعد فشل متلاحق ، لا أذكر أن راودني إحساس مماثل فرتابة الحياة كانت أكبر من الشعور بالفرح .

    وأنا وسط كل هذه الأحاسيس تذكرت مقولة رجل إلتقيت به منذ سنوات بمحض الصدفة إلتقيت به في محطة المواصلات ، ومن فرط يأسي تخيلته سيسألني شيئاً لله ، هممت بالدفع بالمقولة الخالدة التي صارت تجلس مؤخراً في الصف الأول من شفاه السودانيين ، (فايتنك بالصبر) والتي لا أدري حقاً مكتشفها التاريخي غير أنها كانت معبرة للغاية عن حقيقة ما وصل بالقوم من حال ، هممت بدفع المقولة ، غير أن تقاسيم وجه الرجل منعني من ذلك ، كان يحمل في يمناه كتاباً متهالكاً وفي يسراه يحمل صحيفة سياسية أظنها (الأيام) .

    إستوقفني عنوان الكتاب للأمانة ، أظنني قرأته في السابق ، دون مقدمات سألني الرجل عن موقف مواصلات أمدرمان أجبت عن سؤاله وأشرت للناحية الأخري والتي خصصت لمواصلات أمدرمان ، ثم وبإحترام ووقار الحكماء شكرني ثم إنصرف ، تستهويني منذ طفولتي الإكتشافات ربما كان ذلك هو
    السبب الذي دفعني للركض خلف الرجل قبل أن يتلاشي في زحام العابرين ، ركضت خلف الرجل ، إستوقفته دون سبب منطقي ، فحتي تلك اللحظة لم أكن إمتلك مدخلاً مناسباً لتطفلي ذاك ـ سألته وأنا إستجمع جرأتي :

    يا عم الكتاب الشايلو ده ممكن تديني ليهو أقراهو وأرجعوا ليك .؟
    أظن أن مدخلي كان سليماً ، أجابني بإبتسامة أنيقة : ومالو يا إبني مد يمناه مقدماً لي الكتاب ، ثم واصل سيره ولكأن لم يكن من أمري شئ .
    هتفت : بس يا عم أرجعوا ليك كيف ؟
    أجابني دون أن يلتفت ناحيتي :
    الحي بلاقي يا ولدي .
    ثم إنصرف تاركاً إياي أسيراً لمقولته التي صارت بعد ذلك قانوناً من قوانين حياتي الشخصية . إبتسمت وإحترمت تحفظه ومضيت .

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 08:04 PM)

                  

09-23-2012, 08:20 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    ربع



    الساعة بالتمام والكمال مرت قبل أن نستكمل آخر الخطوات التي تمكننا من الخروج من المسشفي ، أوصي الطبيب خلال تلك الدقائق بأدوية جديدة مع التشديد علي ضرورة معاودته خلال إسبوع من تاريخ اليوم ،

    سلمي شكرته إنابة عن أحمد ، توادعنا ثم خرجنا ثلاثتنا نتأبط بعضنا البعض في حميمية قلت أن تتكرر ، كان منظرنا أليماً علي نبله ، مفرحاً علي حزنه ، كريماً علي شحه ، كانت تناقضات الدنيا تمثلني للأمانة إذ إنني لا أدري علي الإطلاق سبباً واضحاً لغبطتي في الوقت الذي كانت الدماء في شراييني تغلي من الغضب ، غضب من كل شئ ، غضب من نفسي ، غضب لهواننا ، غضب لإنكساراتنا ، غضب لهزائمنا ، غضب من العالم الذي لم يحرك ساكناً لآلام (أحمد) وآلاف الناس الذين كان مصيرهم أسوأ بكثير من مصير أحمد . الإحساس بالظلم أفظع من الظلم نفسه ، لا تكفي كلمات الأرض لإزالة ما بقي في نفوس المظاليم ،

    شوهوا أجمل ما فينا ، حولونا لدميً في أياديهم القذرة ، بالكاد لم نكن أكثر من لعُبة قذرة في أيديٍ نتنة . هوذا كشف حسابنا الذي سنواجههم به . لن نسألهم عن ما فعلوه بالأرض سنسألهم فقط عما فعلوه بالإنسان ، ولن ننسي .

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 08:22 PM)

                  

09-23-2012, 08:33 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    سألني أحمد :
    حنمشي علي وين بالضبط ؟
    في الحقيقة لم أكن ساعتها أعرف لأي وجهةٍ سنمضي كل ما كان يشغلني أن نخرج من هذا المكان لا أكثر .

    أجبت:

    حنمشي شارع النيل

    أجابني قائلاً : هو بالله لسع قاعد ؟
    ضحكت ها أحمد يعود بسخريته المحببة ، أضفت وأنا أواصل في ضحكي
    والله يا أحمد بيني وبينك كده هو زاتو بمشي وبجي .
    تخيلت أن (سلمي ) ستنتهرني علي عدم مبالاتي وسوء تقديري لما نحن فيه من موقف فاجأتني بضحكتها الميمونة ثم واصلت :
    والله أصلكم ما حتعقلوا
    هو بالله شنو العاقل في البلد المجنونة دي لامين نعقل نحنا ؟

    واصلت سلمي : أحمد مفروض من هنا يمشي البيت مباشرةً والأسبوع ده كلو حيكون عبارة عن نقاهة وحنتبع نفس الاجراءات
    بتاعت المستشفي يعني مافي سجائر مافي تمباك مافي أي برامج أخري فهمتني ولا أوضح أكتر يا (خالد) .
    فهمتك طبعاً لكن البني آدم ده مشتاق يشم هواء ياخ
    سلمي : مافي أي هواء حيتشم في الأسبوع ده وده قرار عديل
    أمرك يا ستي وهو كذلك
    أي خلوكم أولاد ناس وأسمعوا الكلام
    جداً يا سلمي
                  

09-23-2012, 08:49 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    خرجنا

    عبر البوابة الجنوبية للمستشفي ، بوابة المستشفي بدت أقرب لسوق كبير ، نساء يفترشن الأرض في إنتظار زيارة مرضاهم ـ أطفال صغار يلعبون في حجر أمهاتهم ـ نساء ورجال يحملون أوراق عدة يخرجون ويدخلون في إيقاع سريع عبر البوابة ـ رجل أمن صفيق يتلذذ بمنع رجل سبعيني جاء للإطمئنان علي إبنه حسبما فهمنا من حوارهم الدائر ـ أطباء وطبيبات حديثو التخرج فرحون بمعاطفهم البيضاء يمشون في زهوٍ مصطنع

    عبرنا أخيراً البوابة ، سيارة الأجرة التي إستوقفتها وجدت صاحبها في ملاسنة دامية مع سائق آخر ، كان من الواضح أن كليهماقررا الإستنجاد بأسوأ ما أنتجته الشوارع من مفردات ، بدت لثلاثتنا إن معركة حامية الـ وطيــس في الطريق ، وما هي الا دقائق معدودات حتي نحمل جثامين الرجلين ، رغماً عن يقيني التام أن المعارك التي تبدأ بالملاسنات تنتهي في الغالب بالأحضان والأمنيات ، رغوة الإثارة بدت تختفي من كليهما تدريجياً ما إن تقدمنا ناحيتهما ونحن نردد ذات الجمل المأثورة :

    ياخوانا باركوها ياخوانا الكلام ده عيب في حقكم .

    بالفعل ما هي إلا ثوانٍ معدودة حتي وجدناهما وقد إستسلما تماماً ، إختفت غرائزهما الشيطانية وهدأت ثورة النفوس ولم يتبقي من المعركة سوي أمنيات رجلين يودان الغوص في أحضان بعضهما البعض ، لعنا الشيطان ثم تبادلا ذات الأمنيات آنفة الذكر ، لم يكتفيا بل غاصا أعمق من ذلك بحديث عن الأنساب ليكتشفا فجأةً أنهما أبناء منطقة واحدة لا يفصل بينهما سوي جدول صغير لا يتعدي عرضه في أبلغ الظروف نصف المتر .

    عرجا علي الأهل رويداً رويداً تحدثاً عن غرق مركب (الحسين) ترحما علي من قضوا نحبهم غرقاً ويأساً في مواجهة أمواج النيل ، تناقشا كثيراً عن هموم أهاليهم لم يتركوا شيئاً علي الإطلاق ، قهقهات ورحمتات وتفاصيل كثيرة تمت ، ونحن في إنتظار نهاية هذه الأشواق الممتدة من النيل الي النيل ، هكذا دنيا (السوداني) منا يثور لأتفه الأسباب وما أن تهدأ ثورته حتي يقاسمك خبز الحياة .

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 09:01 PM)
    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 09-23-2012, 09:02 PM)

                  

09-23-2012, 09:11 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    بما تبقي من صبر قالت سلمي :

    يا حاج لو سمحت بعد ده ممكن نمشي ؟

    يابتي مافي مشكلة الدنيا ملحوقة

    بس انحنا معانا مريض ويادوب طالعين من المستشفي هكذا أجبته

    حمدالله علي السلامة قالا بصوت واحد تقريباً

    مالك انشاء الله عافية بس ؟

    عافية والحمد لله

    سأل الآخر سلمي : يا بت الشيخ إنتي من بنات وين ؟ باقيلي بتشبهي لي بت (حاج اسماعين)

    أجابت سلمي بغيظ : أنا من بنات النيل الأبيض من الدويم ياحاج

    سبحان الله صحي والله يخلق من الشبه أربعين

    أربعين ولا أربعة وأربعين ياخال والله أنحنا فترنا لو ما عايز تتحرك خلينا نشوف زول تاني

    العفو ياخوانا أها يا (عثمان) ودعتك الله وبالمناسبة أنا بكون (قانص) هنا طوالي أها بعد ده عرفت دربي لازم تجيني

    أجاب (عثمان) والله يا (حاج التوم ) أنا زاتي ما بعيد منك أنا بكون واقف بإستمرار جمب العمارة (اللبنية) الفي طرف الشارع الورانا ده
    أجاب (حاج حاج التوم) ياتو عمارة دي ماعرفتها

    عثمان : ياخ شفت الاشارة بتاعت مريديان أها تمشي طوالي لي قدام شمال كلزيوم طوالي

    التوم : ياخ بالله شوف انت معناتها شغال جمب ناس (حاج أمين)

    عثمان : ينور عليك بس أنا جمبو طوالي .
    إنتهينا تقريباً من وضع أغراضنا في السيارة ، تعاونت وسلمي في نقل الأغراض ، جلست سلمي في المقعد الأمامي ، تقاسمت وأحمد المقعد الخلفي في سيارة الأجرة .
    ظللنا نراقب ثلاثتنا إطلالة السائق والذي ما إن جلس علي المقود حتي سأل عن الوجهة التي نقصد ، للأمانة لم تكن هناك وجهة بالمعني المطلوب ، غير أنني أجبته بثبات




    (القراش) يا عمنا .

    ــــــــــ
    أتوقف هنا علي أن أعود متي سهل الرب في تساهيل الكتابة
                  

09-24-2012, 03:07 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    القــــراش
                  

09-24-2012, 06:26 PM

باسط المكي
<aباسط المكي
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 5475

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    ياخضر لعلك بخير
    يامعتق الكلام
                  

09-24-2012, 10:09 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: باسط المكي)



    القراش :

    درج الناس ومنذ سنوات طوال علي إقتسام أجزاء من منازلهم وعرضها بأجور رمزية تساعدهم في تصاريف حيواتهم البائسة ـ فظهرت في الأحياء الطرفية مدن صغيرة ، حتي إنك تجد داخل المنزل الواحد عديد مدن لم تزرها من قبل ، مدن تألفها وأخري تبغضها وأخري تنتمي إليها .

    وجدتني إجتر الذكريات إجتراراً إذ لم يبق في محيط الواقع ما يشبع الروح ـ رحل الأصدقاء تباعاً بحثاً عن دفءٍ لطالما بحثوه في الطرقات ـ حتي الخمر لم يعد ذاك الخمر ـ أمسيات الأصدقاء تبدلت بما يشبه النواح ـ همسات المحبين تحولت لعويل وصراخ في أغلب الأحول ، كل شئ كل شئ تبدل .

    كان (القراش) بمثابة دول داخل (دولة) ، مزيج جنسيات متعددة ، إرتريون وجماعات من شرق آسيا ، مصريون ، عاهرات ، محتالون ، مخمورون ، بالإضافة لدجال ورجل شرطة ، كان سكناً شعبياً خالصاً ، في الحقيقة كان وكراً شعبياً لا أكثر ولا أقل ، فقط جوال خيش ترفعه إيذاناً بدخول ذلك المستنقع الآسن لا أكثر .

    كان وكراً للثعالب وذوي العاهات والسكرجية والعاهرات والمجانين والدجالين كان مستنقعاً يعج بالطحالب البشرية ، كل ذلك لم يكن ليمنع هذا الدرك الأسفل الذي نقطنه من أن يكون أكثر مكان يضج إنسانيةً وطرباً . رائحة الحب البشري معطوناً برائحة الخمور البلدية وهي تسيل من أفواه المغنين في الأمسيات يزيد من شبق المسكن ليتحول بدوره لأكبر (مغني) عرفته الإنسانية في تاريخها المجيد ، كثيرون كانو يأتوننا في الأمسيات رجال في غاية الإحترام من هندامهم نعرفهم ، أبلغ الظن أنهم كانو يبحثون عن حب ضائع سقط منهم في دوامة الحياة . نساء متعطرات تسبق خطاويهن الروائح البلدية لتمد المكان بكهارب لم تحلم بها . كان القاسم المشترك الذي جمع الساكنين في المكان الفقر ، الفقر والتشرد ، حصيلة النقاشات التي كانت تجري تؤكد ذلك ، وجوه الناس يؤكد ذلك ، ترفعهم عن صغائر الأمور يؤكد ذلك .
                  

09-24-2012, 10:40 PM

Al-Shaygi
<aAl-Shaygi
تاريخ التسجيل: 11-16-2002
مجموع المشاركات: 7904

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)


    Quote:
    كتابة ما لن يذكره التاريخ ...!

    واصل يابا....
    ومتابعين ....
    إت يا خرابي قايل التاريخ ده زول عندو زهايمر؟؟؟
    التاريخ برضو متابع ما دام طلعت من بنات أفكارك وعزفتها على الكيبورد....


    تحياتي


    الشايقي

    http://www.youtube.com/watch?v=WjNosdjuv7s

    فاوضني بلا زعل

    [email protected]
    http://alkatwah.com

    .
                  

10-15-2012, 02:09 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: Al-Shaygi)

    الأعزاء
    باسط مكي
    الشايقي
    مودتي وإحترامي الأكيد ـ معليش للتأخير ـ يادوب ومشكوراً أخونا بكري نقل لي البوست للربع الجديد . أنا آسف خالص ياخوانا وأرجوا أن تبقوا هنا
    ولي قدااام

    خضر
                  

10-15-2012, 08:24 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    كان


    (القراش) بمثابة دول داخل (دولة) ـ جنسيات متعددة ـ إرتريون وجماعات من شرق آسيا ـ مصريون ـ عاهرات - محتالون ـ مخمورون ، وطنيون ، كان سكناً شعبياً خالصاً ـ في الحقيقة كان وكراً شعبياً لا أكثر ولا أقل ـ حتي أنك لتلاحظ ذلك بمجرد دخولك ، جوال خيش ترفعه إيذاناً بدخول ذلك المستنقع لا أكثر .

    كان وكراً للثعالب وذوي العاهات والسكرجية والعاهرات والمجانين والدجالين كان مستنقعاً يعج بالطحالب البشرية ، غير أن كل ذلك لم يكن ليمنع هذا الدرك الأسفل الذي نقطنه من أن يكون أكثر مكان يضج إنسانيةً وطرباً رائحة الحب البشري معطوناً برائحة الخمور البلدية وهي تسيل من أفواه المغنين في الأمسيات يزيد من شبق المسكن ليتحول بدوره لأكبر (مغني) عرفته الإنسانية في تواريخها المجيده .

    كثيرون كانو يأتوننا في الأمسيات رجال في غاية الإحترام ، روائح عطورهم المميزة تسبق خطاويهم الرتيبة ، أبلغ الظن أنهم كانو يبحثون عن حب ضاع حبٍ سقط منهم في دوامة الحياة . و نساء متعطرات تسبقهن الروائح البلدية ، لتمد المكان بكهارب لم تحلم بها .

                  

10-31-2012, 10:15 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    كان


    القاسم المشترك الذي جمع الساكنين في المكان الفقر ، الفقر والتشرد ، حصيلة النقاشات التي كانت تجري يؤكد ذلك ، وجوه الناس يؤكد ذلك ، ترفعهم عن صغائر الأمور يؤكد ذلك .

    إذ كان بالكاد أن ينبح جرو صغير في عتبة (القراش) ليهب الجمع لمناصرة نباح (جروهم) الذي ينبح كان مكاناً لائقاً للتعبير عن التعايش السلمي بين الحيوان وأخيه الحيوان كان مكاناً لائقاً لأن يعود الإنسان لـ حيونة فطرته الأولي .

    حدث مرةً أن نبح الجرو وهب الناس والحيوانات لمناصرة حارسهم الأزلي في استغاثته هب كلٍ بنجدته بعضهم بعصي (مدغلبة) وبعضهم تتقدمهم الأسلحة البيضاء ، بحثوا عن الكائن الذي أفزع (جروهم) في الأخير لم يجدوا شيئاً لم يجدوا شيئاً ليفعلوه غير معاتبة جروهم علي الازعاج ثم ذهب كل في إتجاه . غير أن حدس (الجرو) لم يخب فعاد للنباح مرةً أخري .

    علي كلٍ كانت غالبيتها معارك في غير معترك كانت كذلك حتي أننا إكتشفنا وبمحض الصدفة أن (جرونا) كان ينبح كلما إشتم في الدار رائحة (الحياة) من نساء معطرات ورجال يقفون علي عتبات فوهات الحب . ومنذ ذلك اليوم لم يعد لنباح (الجرو) معني ، فقد إكتشفنا وبمحض الصدفة أن للجرو جينات (الثعالب) ومن يومها لم يعد (للجرو) نفسه معني .



    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 10-31-2012, 10:17 PM)

                  

10-31-2012, 10:46 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    عامان



    بالتمام ظللت أبحث فيها عن سكن يأويني ، ضاقت الأرض بما رحبت .ضاقت حتي إنني لم أجد أمامي سوي العودة لداخليات الطلاب ، أقضي معظم نهاري جائلاً شأني في ذلك شأن كل البشر الجائلين الذين يضيقون الخرطوم علي ضيقها ، أتسلل ليلاً عبر الجدار الجنوبي ، فور دخولي أتوجه مباشرةً للسطح ، هناك حيث الكثيرون من أمثالي المشردين ، ضف لبعض عمال اليومية والخضرجية وكل الذين يمكن أن تشاهدهم ذات نهار قائظ في السوق العربي ، أحياناً كنا نتقاسم الفراش ، يتسامر البعض فيما يغط البعض في سبات عميق.

    كان السطح ممتعاً للغاية ، يتيح لك رؤية الخرطوم علي عريها الحقيقي تشاهدها من علٍ وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة قبل أن تلفظنا للتشرد وحياة المجاهيل ، أحياناً كانت تظهر بعض الاشكالات التي كنا نعالجها بمبالغ ضيئلة يتم جمعها علي عجل . مثلاً حدث ذات مرة أن إستل أحدهم سكينته محاولاً الإنتحار .

    كان جاداً للغاية في مشروعه إبتدأ نهايته بطعنة مباشرة تجاه القلب ، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أملي وصيته للحضور فهمنا أنه لم يمضي (بأخوي وأخوك) ضائقة مالية لم يستطع بعدها الإيفاء بإلتزامته أمام أسرته الصغيرة التي تركها أملاً في صناعة مستقبل يشبه بريق أعينهم ، ماتت إبنته الصغري جراء مرض عادي لايرقي لمستوي الفقد ، مات إبنه الأكبر جراء حادث سير ، ماتت زوجته جراء (الأحزان) ليموت هو جراء (سكينته) وهذا كل مافي الأمر .
                  

10-31-2012, 11:26 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)



    بادئ

    الأمر فوجئنا بالغياب ، غياب أحدهم أياً كان المسمي ، ثم تعايشنا مع فكرة الرحيل ، الرحيل نحو الضفاف البهناك ـ الرحيل الذي لا عودة منه ، كان هاجس رحيل الرجل متفاوتاً لدي شهود قصته فالبعض تجاوز المسألة بسرعة البرق ، وآخرين أصروا علي تجاوز المسألة بسرعة (الفيلة) وآخرون أصروا اللحاق به .

    حتي إننا ومن غرائب حزننا صرنا نؤبن أمواتنا وهم علي قيد الحياة ، وللمفارقة خرجنا ببرتكول ينظم رحيل الساكنين ، كان الموت هو الممشي والدليل ، كان الموت راقياً لدرجة المشتهي . للدرجة التي عين ساكني السطح (عزرائيلاً) ينظم فيما بينهم حركة العبور للضفة الأخري . و(عزرائيلنا) بدروه شكل لجاناً للموت ، الموت بأي هيئة تختار ، الموت بأي وسيلة تراها مناسبة لتكون خاتمة لمماتك الحي .

    شبح ما إستقر (سطحنا) شبح ما حول إنس الناس لسباق محموم نحو الموت . بطولات زائفات يحكيها الناس تمجيداً لهروبهم اليائس ، يحكون عن أشجع الراحلين ، عن تماسكهم ، عن ركلهم لنعيم الدنيا يحكون أولاد (الإيه) الذين لم يتشرفوا بتذوق الحياة إلا في أسطح المنازل والزقاقات كما الحشرات .

    لم نكن نبكي موتانا ، لم نكن نفعل تجاههم أي شئ بعد موتهم سوي إنتظار قادم جديد، (راحل جميل) كما كنا نسميه . فليس بعد الموت شئ ، ليس بعده سوي ضمير الإنسان ، ضميره الذي لا يموت ضميره الذي وبموجبه يحررون شهادة الوفاة وليس بعد الموت موت .

    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 11-01-2012, 02:14 PM)
    (عدل بواسطة خضر حسين خليل on 11-01-2012, 02:20 PM)

                  

11-02-2012, 09:36 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتابة ما لن يذكره التاريخ ...! (Re: خضر حسين خليل)





    كل

    ما سبق عاليه جعلني أختار القراش كمأوي يحتضن (أحمد) بعد هذا الغياب الطويل لم أشأ أول الأمر أن أشرح لأحمد وسلمي طبيعة المكان الذي إقترحته تاركاً الصدفة أن تلعب دورها في تعريفهم بطبيعة المكان

    وقد كان .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de