|
السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي!
|
Quote: أنقذوا ناجي القدسي يا أهل السودان
12-17-2012 01:02 AM صلاح شعيب
يعيش الهيثمي هناك في اليمن مع عشيرته وحيدا بعد أن أهملناه نحن السودانيين كلنا، وهو الذي قدم لنا عيون اللحن. فناجي القدسي موسيقار مسكون بالتجويد المتناهي لأعماله. ولا يقف عند حد إعطاء المغني اللحن وإنما يسلمه للأوركسترا حتى تتقنه أمامه. وسط عمالقة الملحنين في عصره كان يملك حسا لحنيا متقدما، وهو آنذاك لم يكمل الثلاثين من عمره. كان صاحب البصمة المميزة في اللحن السوداني إذا نظرنا إلى أغنية الساقية التي كتب كلماتها عمر الطيب الدوش بإسلوب وظف فيه علاقته بالدراما التي كان يحاضر عنها في المعهد العالي للموسيقى والمسرح. والساقية، كلمات وكوبليهات، كانت في وقتها نقلة كبيرة من نقلات النغم السوداني. فمن جهة مفرداتها الموغلة في الرمزية، ولحنها الذي ينتقل بهذه المفردات من حالة إلى أخرى، عبرت الأغنية عن تيارين من تيارات الحداثة الشعرية واللحنية في الأغنية. أما أداء حمد الريح الذي تشرب فكرة اللحن فقد نقلته الساقية إلى مرتبة متقدمة في لونية الغناء الذي أجاده. ليس ذلك فحسب، فالألحان الستة التي منحها القدسي لحمد الريح أعطته دفعة كبيرة وسط مجايلييه من المغنيين. فقد غنى له بخلاف الساقية "أحبابنا أهل الهوى" و"خليتني ليه عشت الشقا" و"سلم بي عيونك" و"حمام الوادي" و"أحلى منك":
بالنسبة للملحن ناجي القدسي فقد مهدت له أعماله التي أهداها إلى حمد الريح، والتاج مكي، وأبو عركي البخيت، ومصطفى سيد أحمد، سمعة طيبة وسط الملحنين المجيدين. وبالنسبة للدوش فقد عززت الأغنية تجاريبه المتطورة في شعر العامية، حيث كان قبلها قد تعاون مع وردي في بناديها، والود، وبلد رايح، والحزن القديم. وفيما بعد أهدى الدوش مصطفى سحابات الهموم التي تسير على منوال مفرداته المحتقنة بالهم العام، حيث لا يقتصر خطابه الغنائي على مناجاة الحبيبة أو التدلل إليها، وإنما ينطلق من الهم العاطفي ليغزل نولا شعريا يتناص مع مضامين الساقية وبناديها، وغيرهما. والحال هكذا، لولا حرفية ناجي المعتقة، ومقاربته اللحنية المكتملة لنص الساقية لما وجدت هذه الأغنية الرواج الكبير الذي تزامن مع الظرف السياسي الذي رمزت ضده. هذا برغم أن حمد الريح أنكر، لاحقا، ترميزها السياسي إزاء سلطة مايو التي سجنت الملحن ناجي في كوبر، ولم تطلق سراحه إلا بعد أن مضت ثلاثة أشهر.
والحقيقة أن قصة ناجي محمد أحمد علي إسماعيل الهيثمي تحكي عن العلاقة التاريخية بين اليمن والسودان في شقها الثقافي. فهو ضمن أبناء المهاجرين اليمنيين الذين وفدوا إلى السودان منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي. ولقد تزوج بعضهم من سودانيات وأنجبوا عددا من الأبناء الذين تمثلوا نار الوجد السوداني، وصاروا يضفرون معانيه في شعرهم، وأدبهم. ولا يمكننا إدراك عمق هذه العلاقة إلا بالرجوع إلى كتاب(السومانية) للدكتور نزار عبده غانم، والذي عاش والده ردحا من الزمان في السودان. ولقد عمل عبده غانم محاضرا بجامعة الخرطوم، وكان من أصدق أصدقاء العلامة عبدالله الطيب. ولقد رصد نزار ـ و الذي حمل في حله، وترحاله، هويته السومانية ـ جذور التبادل الثقافي بين البلدين. وفي سفره القيم أشار نزار إلى دور أبناء اليمن، والسودانيين من أصل يمني، في تشكيل جزء من الثقافة السودانية، وبالمقابل عرف بدور المهاجرين السودانيين، واليمنيين من أصل سوداني، في إثراء نواحي التعليم، والثقافة، في موطنه الأصل. وذكر الدكتور نزار ضمن ما ذكر في كتابه الفريد دور المبدعين السودانيين الذين يتحدرون من أصل يمني، وبحث أبعاد قريحتهم الإبداعية المميزة في إثراء الغناء السوداني. ولقد أشار نزار الذي كان يجيد غناء العاقب محمد حسن، وعبد القادر سالم بالعود إلى مساهمة الفنان الطيب عبدالله، والملحن ناجي القدسي، والشاعر حسين بازرعة الذي أسهم بقدر وافر في غنائية عثمان حسين، وهناك عدد آخر لا يسع المجال لذكرهم شملهم توثيق الدكتور نزار.
المؤسف أن الأستاذ ناجي القدسي توقف عن مد الفنانين بألحانه نحو ما يقرب الثلاثة عقود من الزمان، حيث قضى معظمها في اليمن التي عاد إليها ليستدفئ بحضن بعض أهله حين لم يجد التقييم اللائق به كموسيقار قدم جهدا إبداعيا نوعيا. والحق أن القدسي وجد أصنافا من العراقيل داخل الأجهزة الإعلامية والفنية. ونتيجة لذلك، ولرهافته العالية ترك التلحين وقفل عائدا إلى موطن أجداده عله هناك يواسي غبنه بشوق إلى من تبقى من الأهل.
وفي اليمن دخل الملحن الكبير في هالة تصوف قصد بها أن تعينه على التخفيف عن اصطدام الهويتين في ذهنه المتقد، فهو من حيث الوجدان سوداني أكثر من سودانيين من جهة الأم والأب، ولكنهم عاشوا في بلادهم دون أن يغوصوا في معرفة أحاسيس أمتهم كما فعل ناجي القدسي الذي أخرج من السلم الخماسي أنغاما طرقت مسامع غالبية السودانيين، وبزت أنغامه كثير أنغام لمبدعين سودانيين معروفين. ولعل هذا ما جعله يقف مع آخرين في القمة مع الملحنين الحداثيين الذين أدركوا معنى التجديد في الصياغة اللحنية للشعر العامي والفصيح. ولعل الرصد لمسيرته التي بدأت بأبو عركي، وحمد الريح، وإنتهت بمصطفى سيد أحمد، قبل مغادرته السودان، ترينا إلى أي مدى استطاع القدسي أن ينمي قدراته في تخيير الجيد من عيون الشعر العامي والفصيح، ومن ثم البحث عن مقابل لحني لا يأتي رتيبا أو مكررا لبناءات لحنية راسخة، وإنما يأتي باللحن الذي يحسه الناس عميقا في جدته، وقويا في قدرته على الإمساك بتلابيب الأذن المدربة خصوصا. أما من حيث وجدان الجذور فإن القدسي لا محالة قد وجد بعض السلوى داخل عشيرته الكبيرة في اليمن، وهناك تعاون مع بعض المغنيين اليمنيين كما تواترت بعض الأخبار، غير أن تماهيه في التصوف قاده أيضا إلى الذوبان في حب المصطفى (ص). وعبر رحلة الروح الصادقة إلى منابع صافية قد تنجز لنفسها السلام الداخلي استطاع ناجي أن يلحن عملا كبيرا حافظ فيه على الإمتاح من بئر السلم الخماسي وليس السباعي. ويحكي السودانيون الذين قابلوه في اليمن كيف أنه ظل محافظا على التواصل مع أبناء الجالية السودانية في اليمن برغم خروجه الغاضب من السودان بسبب ما قال بإن الساحة الفنية ما عادت منتجعه التي ترعرع فيها، حيث كان الحسد لا يسري آنئذ فيها، ولا يطويها الضجر من تقدمه بخطى ثابتة نحو علالي المجد الفني.
وحين عاوده الحنين والشوق إلى مراتع الصبا، وإلى المناخ الفني الذي منحه صيتا كبيرا ومعتبرا في الإبداع الغنائي السوداني عاد الملحن ليغذي وجدانه القديم الذي عمقته صحبة الأحباب من الشعراء في سنار والخرطوم بحري، وجملته علاقاته المتينة بالفنانين والموسيقيين الذين يحتفظون له بدور كبير في تطوير إحساسهم الفني عبر أنغامه التي تتدفق من خلال معالجات الأوركسترا لموازيره اللحنية القوية العلاقة، والمتماسكة في تراتبها النغمي. ولقد فرح الكثيرون بمقدم الفنان السوداني، إبن البلد البار، وتوقعوا أنه سيبدأ من حيث إنتهى ليدعم تجارب الأصوات الجديدة التي ظل منحازا لها في سبعينات القرن الماضي، ومراهنا على أن يكون لها الصيت الواسع يوما. غير أن القدسي لم يجد الإحتفاء اللائق به من قبل المسؤوليين بالدولة كما قال للكاتب أثناء محادثة ربطت بين واشنطن وصنعاء. ولقد قال لي ناجي إنه عاد إلى السودان بأمل أن يجد التقدير داخل الوطن الذي ولد وترعرع فيه، وقضى أسعد أيامه، ولكنه لم يلمس بأن وطنه قادر على إستيعابه وهو في هذه السنة المتقدمة ليعين الأجيال الجديدة بخبرته الموسيقية. وقال بصدق " برغم أنني قد بلغت في الكبر عتيا ولكن القلق الإبداعي ما يزال يملأ جوانحي، وكان همي أن أعيش بقية حياتي في وطني الذي منحته كل ما عندي من إحساس فني لتطوير تراثه الغنائي. لقد أهملني من هم يرعون الإبداع داخل الأجهزة القومية ولذلك قررت العودة مرة ثانية لليمن". وأضاف ناجي "لم يسأل عن ناجي الذي جاء ليعيش بقية حياته في موطنه أحد..كل ما يمكن أن أقوله إن السودان هو الدولة الوحيدة التي لاتقوم برعاية المبدعين الذين لهم بصمات واضحة في الإبداع..ومع ذلك أحس الآن أنني يجب أن أقنع بأنني قدمت تراثا فنيا جاء نتاج معايشة نفسية للحظات الإلهام الفني.. وهذا يكفيني.."
في حديث مع المهندس أحمد محمد الهيثمي، وهو شقيق الملحن ووكيل أعماله في الخرطوم، قال إن الأسرة تتكون من خمسة أشقاء وأربع شقيقات، ويرى أنهم ينتمون إلى شرق السودان الذي شهد ميلادهم، حيث تنتمي والدتهم إلى أسرة السيد علي الميرغني. وأضاف أحمد أن ناجي إكتسب إسم القدسي في المعهد العلمي الذي درس فيه، وقد كان دائما ما يقول إن كل الأحاديث قدسية حينما يسأل عن تصنيفها. ولذلك فقد منحه زملاؤه الطلاب لقب القدسي، وحين قرر الدخول إلى الساحة الفنية إستعان بلقبه المدرسي. وقال أحمد إن ناجي وجد في بدء إهتمامه بالفن معارضة من الاسرة لدخول هذا المجال، وكان يمتلك صوتا جميلا غير أنه فضل ألا يخوض غمار الغناء وإحترف التلحين إحتراما لرغبة الأسرة. ويقول المهندس أحمد إن من ضمن الاسباب التي ساهمت في مغادرة أخيه السودان الإحساس بالمعاملة السيئة التي وجدها من بعض زملائه الذين كانوا يضعون العراقيل أمامه، وكانوا يهابون تقدمه الفني ويرون أن ذلك يتم خصما عليهم. وأضاف أحمد أن أقرب الفنانين إليه لم يقدروا دعم ناجي لهم، وظلوا لا يعيرون حقوقه المادية إهتماما ما جعله يلجأ للقضاء ويوقف بعضهم من ترديد الألحان التي منحها لهم.
وقال شقيق الموسيقار إن عودة ناجي الأخيرة إلى السودان كانت بدافع أن يعوض سنين غربته ولينشط في التعاون مع الفنانين الكبار، وكذلك فناني الجيل الجديد، وأن تستفيد الأجهزة الفنية والثقافية من خبرته الموسيقية بيد أنه فشل أن ينال مراده بسبب الإهمال الذي يجده المبدعون الكبار وسط هذا الضجيج الفني.
يقول الأستاذ يوسف الموصلي عن الملحن "هذا الناجي من أحسن الذين يناجون الخيال اللحني. فعندما خرجت الساقية إلي الوجود كنت طالبا أتلمس الطريق إلي موهبتي الفنية. لقد ظل هذا اللحن العظيم عالقا بذهني إلي أن قمت بتوزيعه موسيقيا للصديق الفنان حمد الريح بالقاهرة وتم تسجيله وحمل ألبوم حمد الريح إسم الساقية. ناجي القدسي كان فنانا عالي الحساسية والشفافية وكان يحلم بالاوركسترا السيمفوني يتغلغل في ثنايا ألحانه. أول مره التقيت به عندما التحقت بالمعهد العالي للموسيقي والمسرح. تعجبت من هذا الإنسان الذي لا يفارق العود يده. تجده دائما يحتضن العود كطفل صغير." ويواصل الموصلي في إفادته بقوله "ناجي القدسي ناجح بكل ما تحمله الكلمة من معني وقد ظهر نجاحه الباهر مع فنانين هما حمد الريح والتاج مكي وشكل مع كل منهما ثنائيا خاصا. تعلمت منه سماعا دون أن يعرف هو أنني قد تعلمت منه التداخل بين المقدمة الموسيقية ونهايات الكوبليهات مثلا في اغنيته التي غناها حمد الريح عندما يصل حمد إلي المد الصوتي (سلم ساحبيب) تنزل الموسيقي من الاعالي كشلال (تارا تا راتا) متخللة لذلك المد الصوتي، ويضيف الموصلي :( هنالك اغنيتين من اغنياتي ولدتا من صلب أغنيتين لفنانين عظيمين هما أبو عركي وناجي القدسي فبعد ولادة عن حبيبتي حأحكي ليكم لأ بوعركي جاءت أغنيتي (انتي ليا) كابنة شرعية لها وعندما ضمخت اغنية حمام الوادي ارجاء المهرجان الغنائي الأول فإذا بـ"الاماني السندسية" تخرج إلي الوجود كابنة شرعية لها. لقد اهدانا اليمن السعيد اثنين من أعظم الموسيقيين الذين نشطوا في ديارنا فاعتبرناهم سودانيين هما احمد ربشه رحمه الله ناجي القدسي أمد الله في عمره "
من وسط هذه العلاقة خرج الملحن ناجي القدسي الذي يحدثنا عن نفسه بقوله للصحافية إنتصار بقوله إنه (من العرب العاربة، وأنا مولود في 1946 في أدبره، وليس عطبرة وأمي سودانية قريبة السيد علي الميرغني، وست نور خالة زوجة جعفر الصادق، ونحن أسرة ذات عراقة، وأي تاجر متجول في مدن السودان يعرف أسرتنا. درست الكمبوني، والثانوي في المدارس المصرية بمدينة عطبرة. كنت أعشق حصص الموسيقى، وفي سنار المدينة التحقت بالمعهد العلمي.. كنت شغوفاً ومحباً للسينما وأحرص على مشاهدة عروضها خاصة أفلام محمد عبد الوهاب منذ كان صغيراً يغني (أنا عندي كمنجة.. وصوتي كمنجة)، والفنانة صباح، للدرجة التي خبرت فيها تاريخ الفن المصري جيداً، وفي سنار بدأ عشقي للفن وخرجت موهبتي للناس. ويضيف القدسي (في سنار أوصيت ابن خالتي، الذي كان يعمل سائقاً مابين سنار والخرطوم فأوصيته أن يشتري لي عوداً من جورج مشرقي، وكان سعره (4.5) جنيه..وأول أغنية جربتها على العود (رحماك يا ملاك) للفنان أحمد المصطفى.. بالمناسبة أحمد المصطفى (أحسن زول بيعرف يعمل غنى في البلد دي).. ويواصل ناجي حديثه الشيق عن بداياته مع العود: كنت أمسك العود وأوزن أوتاره وكأنني (أصادقه وأحضنه على صدري) فالإحساس هنا حلو، ويشعرك بفخر وإعزاز خاصة أن آله العود لم تكن متاحة للناس كلياً، وفي العاصمة كان لدى حسن عطية فقط."
ويواصل ناجي في حديثه الشيق الذي نشرته صحيفة الرائد بأنه يتذكر في سنار الشيخ إبراهيم سليم الذي علمه العزف على آله العود في العام 1951م، ويضيف القدسي "مع احترامي الشديد لمكانة كرومة وسرور لكنني كنت أحس أنني في حاجة إلى أحمد المصطفى لأنه بالنسبة لي معلمي وقدوتي باعتباره طور الأغنية السودانية.. ولأنني منذ بداياتي كنت أحب التجديد والتطور كونت فرقة سنار المدينة الموسيقية، وسنار تعتبر رائدة النهضة في فن الموسيقى والصحافة وكتابة القصة القصيرة، وعلى فكرة أنا اعتبر سنار (قلب الجزيرة النابض)، وحالياً يترأس الفرقة السر نايل، ولا يزالون حتى اللحظة يتغنون بالأغاني التي لحنتها، وأنا أول شخص في العالم غنيت (للشيخ) لأنه كان العرف السائد، وفي الإسكندرية يحلف الناس بالمرسي أبو العباس، وهنا يحلفون بالسيد علي، أو بسيدي الحسن ود حسونة.. وفجأة انتقل أبي إلى الخرطوم مع الأسرة، ولكنني بقيت في سنار لإكمال دراستي في المعهد العلمي، وانتهزت الفرصة لعمل المزيد من الألحان الجميلة حتى أخذها معي إلى الخرطوم فعملت قطعة موسيقية بعنوان (ليالي سنار)، بعدها انتقلت إلى الخرطوم وكنت متخصصاً في أغنيات العملاق أحمد المصطفى، وأول الفنانين الذين تعرفت عليهم في حي الدناقلة بالخرطوم بحري الفنان محمد الأمين، وصالح الضي، وخليل إسماعيل، وكانت أغنية (الأماني العذبة) سيدة الموقف آنذاك تتردد في أي محفل، ومع هؤلاء أبو عركي البخيت، وهم الذين دلوني على الإذاعة التي كانت موجودة في حي الملازمين جنوب سجن الرجال وجوار منزل السيد الصادق المهدي، فذهبت إلى هناك وأتذكر أن رئيس قسم الموسيقى كان الموسيقار برعي محمد دفع الله، والأستاذ علي مكي اللذان أشرفا على إجازة مقطوعة (أمال) في العام 1961م التي اعتبرها جواز مروري ودخولي إلى عالم التلحين من أوسع أبوابه..)
نأمل أن تنهض اللجنة الجديدة لإتحاد الفنانين برئاسة د. محمد سيف الدين والمسؤولون عن الإبداع والأجهزة الثقافية والإعلامية للقيام بأدوار عرفانية تجاه كل المبدعين الذي شكلوا أحاسيسهم وعبروا عن إحساس الشعب السوداني، ولينهض المسؤولون مرة ثانية لإعادة الملحن الكبير ناجي القدسي إلى وطنه الذي بنى نهضته الغنائية بمساهماته المميزة في مجال الغناء والموسيقى. ولعله من المخزي أن يصل الجحود بأهل البلاد النافذين بإهمال مبدع مثل ناجي القدسي، هذا الفنان الذي عاد إلى اليمن وفي حلقه غصة بسبب هذا الجحود الذي لا يشبه بلدا أنجبت عبقريته الفنية الفذة ضمن عبقريات إبداعية كثيرة. وعلى أي حال نأمل أن تسعى الجالية السودانية في اليمن إلى بحث أحوال هذا الموسيقار ولتعيد إليه الاعتبار، ولتكرمه بشكل يليق لما قدم من إبداع، وليساعدوه للعودة حتى يجد مجالا للعيش الكريم وسط أهله.
[email protected] |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: jini)
|
Quote: تلقطآ لسيرته لم نجد ما (يبل الريق) كان من سكان حلة حمد ببحري من أشهر ألحانه " الساقية" لحمد الريح وغنى له أبو عركى عن حبيبتي انا بحكي ليكم و جسمي أنتحل تغنى له مصطفى سيد أحمد (مهما هم تأخروا فأنهم يأتون) |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: jini)
|
تحية لناجى القدسى الملحن الكبير ... فى عصر خفوت الالحان الكبيرة برحيل برعى وعلاء الدين حمزة واحمد زاهر وصمت وخفوت صوت بشير عباس وحسن بابكر وسنى الضوى و لوذ ود الحاوى بالغربة. فسادت وظهرت الحان لا تقوى على البقاء فى مخيلتنا سوى لحظة سماعها ثم نرمى بها فى سلة المهملات تحية للأخ -صلاح شعيب وهو يتذكر الأحياء من المبدعين وسط ركام النسيان والإهمال. تحية لجنى وهو ينقل المقال من سودانايل لهذا المنبر عسى ان يجمله بعبق وعبير وعطر وإبداع ناجى القدسى وسط هذا الركام والضوضاء والغيبوية والدجل وهلمجرا... اليمنيون قوم ناجى إثنيا حملوا لواء العلم والمعرفة والدين والفن والشعرفى الكثير من دول إفريقيا تحديدا وسطها وشرقها وساهموا برقيهم فى نشر الدين الإسلامى المعتدل دون ضوضاء . لناجى القدسى والحانه الشجية فتلفتح الأسافير !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: وضاح عبدالرحمن جابر)
|
شكرا الزميل جني بنقل المقال وشكرا للمؤرخ الثقافي الزميل أحمد الأمين والزميل وضاح وليكن هذا البوست مساحة لجلب أغنيات الراحل للتعريف به أكثر ولو كنت على معرفة بخاصية نقل الفيديو لجلبت عددا من الأغنيات ونأمل أن يساعدنا الزملاء في ذلك وشكرا لك يا جني مرة أخرى.زوليت الصديق نزار غانم الذي يملك باسورد سوانيزاون لاين يعود ويعرفنا أكثر بناجي الملحن الذي اعتبر مخياله الحداثي موازيا لمخيال الشاعر محمد عبد الحي وفي ميزان حسناتك الوطنية يا جني
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: احمد الامين احمد)
|
الأخ جني و الأساتذة الكرام
زارنا بمكتبة الأغنية السودانية الأسبوع المنصرم الأستاذ علوان الجيلاني الشاعر و الناقد اليمني
وكتب لنا السطور التالية :
مساء الخير تحية من صنعاء لإدارة الموقع وأعضائه ولجميع أهلنا في السودان الحبيب أشكر أولاَ الجهد الرائع والمتميز الذي تبذلونه في هذا الموقع ..وأدين لكم بإتاحة أعمال متميزة تسنى لي تحميلها من هنا ..هي بالتحديد مجموعة من الحان الموسيقار العبقري ناجي القدسي الذي تربطني به صداقة متينة وقد كان يجلس بجانبي حين كنت أحمل الحانه التي شدا بها الرائعان حمد الريح والتاج مكي وغيرهما وقد سعد بذلك سعادة غامرة وطلب مني أن أكتب لكم شكره وتحيته لما تفعلونه ... إنني هنا أتمنى عليكم المزيد مما يتعلق بهذا الموسيقار الذي أبدع إبداعا استثنائيا وظلم ظلما استثنائيا فلم يعط حقه من التقدير خاصة في اليمن ..ومن جهتي سأقوم _إن شاء الله _ بإمدادكم ببعض أعماله المسجلة بصوته والتي أبدعها في فترات مختلفة منذ مجيئه إلى اليمن سنة 1982م وحتى اليوم..أيضا ٍامدكم ببعض ماغناه له بعض فناني اليمن إضافة إلى بعض مؤلفاته الموسيقية الصرفة مرة أخرى أشكركم والسلام عليكم
علوان الجيلاني شاعر وناقد وأمين الحقوق والحريات با تحاد الادباء والكتاب اليمنيين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: يحي قباني)
|
وكان هذا ردي عليه :
شرفنا قدومكم أستاذنا علوان الجيلاني ...
شرف كبير ان ينضم رجل في مقامك الثقافي و الادبي الي هذا الصرح التوثيقي
وان كان سيحملنا و يضاعف من جهدنا الكثير حتي نكون عند حسن ظنكم ...
و حقيقة اسعدنا كثيرا سماع اخبار الموسيقار المرهف ناجي القدسي
و سعداء اكثر انك وجدت اعماله موثقة بالمكتبة و انه سعد بذلك ...
اتمني ان توصله سلامنا و حبنا .. وكلنا شوق لسماع اعماله ...
ونتمني تشريفه لنا بالمكتبة و سنكون علي اتصال معكم لتمكين ذلك ...
لك التحية مرة اخري ... و التحية لاهلنا في اليمن الشقيق و الحبيب
و القريب الي نفوس كل السودانيين الشرفاء ...
يحيي قباني
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: يحي قباني)
|
فجاء رده الثاني هكذا :
مساء الخير للأفاضل الرائعين الأستاذ قباني الأستاذ ماجد مبارك الدكتور زيدان بشير الاستاذ عبد المنعم عثمان وكل أحبابنا في السودان الحبيب غمرني ودكم وكرم ترحيبكم وتألقت روحي بألق أرواحكم النبيلة وعقولكم النيرة للسودان وأبنائها علينا فضل كبير احتضنتنا حين ضاق بنا الوطن وعضتنا أنياب الزمان ثم كان لها فضل تعليمنا وإضاءة عقولنا بنور العلم والمعرفة ..شخصباتعلمت على أيدي مجموعة من الأساتذة الأفاضل سكن يعضهم في بيتنا وعا شوا بيننا ولم تزل مخازن ذكرياتنا تحفل بعبق أيامهم الجميلة ومنهم ومعهم بدأنا نتذوق الغناء السوداني ..سمعنا معهم أغاني الكابلي وابن البادية ووردي والريح وغيرهم سيد خليفة الوحيد الذي كنا نعرفه من قبل أن نرحل مع اساتذتنا في دنيا النغم السوداني بسبب (إزيكم ) وأخواتها .. ومنذ ثمانينات القرن الماضي عاد الكثير من الأسر اليمنية التي عاشت في السودان وتزاوجت وأنجبت وتعلمت وزاولت مختلف الأنشطة الحياتية هناك ..وقد ظلت تلك الأسر رغم مرور السنين تحتفظ للسودان وأهله بوفاء وولاء لا يتزعزعان والسبب هو حسن العشرة وجمال الصحبة والجوار (السمح) ولطف المعاملة والشعور با لمواطنة والمساواة وهي سمات لم يجدها اليمنيون في أي بلاد أخرى عاشوا فيها.
مايربطنا بالسودان كثير كثير ..وبالنسبة لي كقارىء وكاتب متابع أعترف أن الجانب الأعمق من تعرفي على الثقافة والفن والإبداع في السودان الحبيب خلال الفترة الأخيرة كان سببه ارتباطي القوي بالموسيقار العظيم ناجي القدسي فهذا الرجل قادني في لقاءات طويلة ومتوالية إلى الفن في السودان منذ أغاني السيرة والمديح مرورابالحقيبة وكرومة وسرور وصولا إلى رواد الفن وفترته الذهبية التى كان هو أحد صناعها
الميزة الرائعة في هذا أن الموسيقار ناجي القدسي ليس فنانا فحسب بل هو مثقف من طراز رفيع فهو إذ يقودك إلى تعرف حقيقي على مفاصل المشهد الغنائي السوداني لا يني عن التعريج بك على الشعر والرواية والصحافة وعادات وتقاليد المجتمع والتصوف يفعل كل ذلك بشكل مشوق أخاذ لا تقل براعته فيه عن براعته في خلق الالحان أوكشف أسرار ابداع الآخرين برشاقة وخفة وحلاوة مذهلة. أكثر من كل ذلك عشقه للسودان وشغفه بها وشعوره القوي با لإنتماء لها وأنه لم يخلق لغيرها وجودا وابداعا.
إنه سعيد بكم سعاده كبيره ..وقد أخبرته صباح اليوم بترحيبكم وتحاياكم وأخبرته عن مكالمة الأستاذ ماجد مبارك من أمريكا فا نشرح حتى ابتلت جوانحه وهو يقول لي : أنا قلت ليك ديل ناس أسياد وفا ثم بقي لساعات يحكي عن سودانه الحبيب وكأن الأخبار التي زففتها إليه كانت بمثابة : افتح يا سمم لذاكرته المعتقه بروائح الموسيقى التى هيجت خمرتها(بضم الخاء) أشجانا لا حدود لها سلام عليكم وعلى كل السودان وأهلها الكرام والسلام أمانة للذي ربى وعلم أجيالا من اليمنيين أعني أستاذنا الأديب الكبير الدكتور مبارك خليفة أطال الله عمره
December 2012 - 09:25 AM
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: يحي قباني)
|
الزميل أحمد الأمين شكرا للإستجابة والمشاركة الإيجابية وهذه هي أعمال ناجي التي لحنها لحمد الريح ويمكن نبدأ بها ثم بقية الفنانين: ونيابة عن الزميل جني شكرا للزميل يحيي قباني في إثراء البوست
أحبابنا أهل الهوى
خليتني ليه عشت الشقا
سلم بي عيونك
حمام الوادي
أحلى منك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: احمد الامين احمد)
|
تحية صلاح وأسف ياجنى لم اجد (خليتنى ليه عشت الشقا) لأكمل لحون ناجى لحمد الريح وعسى ان يجدها الباشمهندس قبانى فى (بيت الكلاوى ) اكتب ياصلاح الحان ناجى القدسى لغير حمد الريح وسوف احاول غدا إنزال ما يتيسر منها .. مع التحية لجنى وناجى القدسى ها المبدع الصامد الصامت فى عصر الضوضاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: احمد الامين احمد)
|
يا سلام يا أحمد
طفرت دمعتاي حين سمعت سلم يا حبيب فتذكرت حديث ناجي إلي حين قال إنه رغم التجاهل الذي وجده من السودان ـ هكذا قال ـ إلا أن العزاء في:
"أنا ما نادم على ذكريات حلوة عملتا لأخواني السودانيين"
هكذا قالها..ترى ألا توجد جهة الآن تعيد الاعتبار لناجي..فليكن النداء للإخوة في الجالية السودانية في اليمن لتفقد أحواله وزيارته وتكريمه..ومؤكد أن هناك مبدعين ومغنيين..وأين أنتم يا يوسف الحبوب..يا أيها الصديق؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: Elmosley)
|
شكرا جميلا جني شكرا جزيلا صلاح الذكريات ودموع مرة ومالحة هيجتوا حنين قاتل لشخص وديع ومتجاوز كان زهرة المدائن في السبعينات هل صحيح انه لم يجد التكريم اللائق به طبعا ومعظم مسؤلينا مصابين بالامية الفنية والجمالية استاذ قباني ياصديقي مدنا بتلفون ناجي مع محبتي ودمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: محمد سنى دفع الله)
|
فى عام 96استضفنا الاستاذ ناجى فى منتدى النيلين الثقافى فى صنعاء تحدث عن الموسيقي السودانية ومراحل تطور الالحان السودانية ذكر معلومات مدهشة وعرف بالحان واسماء مجهولة
اظن ان الحوار سجل فى كاسيت يمكن ان يتوافر لدى الصديق عثمان تراث
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: يحي قباني)
|
الأخ العزيز جني وأحمد الأمين وبقية الزملاء
أجلت ترتيب الاغنيات التي لحنها ناجي من أجل الاتصال به والحصول على قائمة كاملة بالأعمال التي لحنها..وقد كان حيث اتصلت به ووجدت في روح معنوية عالية ومعه الاستاذ علوان الجيلاني والذي سيرسل قائمة بأعماله وقد كتب علوان في صفحتي بالفيس بوك وأورد شكر ناجي لكم جميعا ووعد بأن لديه أعمال جديدة سيقدمها للشعب السوداني.
هذا ما كتبه الأديب علوان:
أكتب الآن من صنعاء..الموسيقار ناجي القدسي يجلس إلى جواري في مكتبي قرأنا معا مادة الكاتب والمبدع الإنسان صلاح شعيب (أنقذوا ناجي القدسي) وقرأنا تعليقاتكم النبيلة .. لم يستطع الموسيقار الكبير مغالبة تأثره خاصة ونحن نقرأ المادة والتعليقات عقب مكالمة من الأستاذ صلاح شعيب للأستاذ ناجي القدسي ..هاهو يقول لي : قل لهم ما في خوف من الأيام وظلمها مادام ناس السودان الحقيقيين دول موجودين ..وأنا ما أقدر أعبر عن شكري لهم إلا من خلال أعمال موسيقية جديدة تليق بهم وببلدي الحبيب السودان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: صلاح شعيب)
|
تحية صلاح شعيب وإحترام : أكثر فنان سودانى أرتبط بالملحن الكبير هو الفنان الكبير حمد الريح صاحب الصوت الجميل والأداء الراقى وحسن إنتقاء المفردات !! حمد الريح ربما يكون أكثر فنان سودانى الان مرتبط بالسلطة الحاكمة ( هو حر فى خياراته السياسية ) عليه لماذ لا يسخر الفنان حمد الريح قربه من السلطة ويناشد المسؤولين فى الثقافة والإعلام تكريم الملحن الكبير ناجى ؟؟ كذلك حمد الريح مسؤول رفيع بإتحاد الفنانين لماذا لايبادر بإقامة حفلات بواسطة كبار الفنانين لرعاية ورد الجميل لناجى القدسى ؟؟ بعد سفر ناجى لليمن ظهر قانون الملكية الفكرية والمصنفات الفنية الذى يحمى حقوق المبدعين من التغول فهل ناجى القدسى فى بعده عن السودانى مستفيد من حقوقه عبر إذاعة الحانه بالسودان وتسجيلها عبر شركات ؟؟؟ هل له وكيل أعمال يتابع حقوقه بالسودان وهى كفيلة برعايته ؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: احمد الامين احمد)
|
الأخوان جني وقباني وأحمد الأمين وبقية المشاركين في هذا التوثيق وعد الاستاذ علوان الجيلاني وأمدني اليوم بهذا التوصيق الهام لمسيرة الموسيقار ناجي القدسي كما أرسل لي صورا لمراحل ناجي..وأتمنى أن تساعدنا هذه المادة للتوثيق لبقية الملحنين السودانيين الذين بدأت في اعداد بحث عنهم وتحصلت على سيرة أكثر من خمسة عشر ملحنا وأتمنى أن اطور التجربة لأضمها في كتيب..الشكر للأستاذ علوان على اهتمامه بأمر الموسيقار ناجي وهو يقدم لنا هذه الوثائق النادرة ويا ريت يا أحمد الأمين يكون الموضوع ده فتح لينا باب للعودة إلى تأريخ تراث احمد زاهر وبابا فزاري وخليل احمد وفتحي المك ويوسف السماني وأنس العاقب والماحي سليمان وسليمان أبو داؤود ومحمد سليمان المزارع وعلاء الدين حمزة وغيرهم..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسيقار ناجي القدسي أعماله وأهم مفاصل حياته فتش عنها ووثقها: علوان الجيلاني ولد في عطبرة (أتبرا) سنة 1944م. كان توأماً لآخر سبقه إلى الوجود بدقائق- لذلك سماهما أبوه الحسن والحسين تيمناً بسبطي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. ظل ناجي يحمل اسم الحسين حتى بلغ سن الحبو.. حين تعرض هو وتوأمه الحسن لتسمم أودى بالتوأم (الحسن) ونجا هو منه.. الأمر الذي جعل أباه يناديه بالناجي واستساغت الأسرة والجيران الاسم حتى لصق به... ولم يعد يسمى بغيره. والده محمد الهيثمي غادر اليمن منذ أوائل العقد الثالث من القرن العشرين تاركاً في قرية الحدالة بمنطقة العدين محافظة إب (وسط اليمن) زوجته وابنه البكر عبد الله. ومن شرق السودان تزوج بالشريفة فاطمة محمد سعيد من أسرة السيد الحسن الميرغني..التي أنجبت له خمسة أولاد وأربع بنات.. كان ناجي مع توأمه الذي مات ولادتها الثالثة. التحق ناجي في عطبرة أو (أتبرا) كما كانت تسمى وقتها بخلوة الفكي حسين في حي أبشوش جوار جامع أبشوش حيث كانت أذنه تلتقط روائع التلاوات... ثم انضم إلى الكامبوني الذي كان من بين المدرسين فيه إيطاليون كانت لهم صالة بعيدة عن الفصول يعزفون فيها ضروباً من الموسيقى العالمية (سمفونيات، كونشيرتات، سوناتات، موسيقى حجرة).. وهناك اكتشف ناجي شغفه المصيري بالموسيقى فكان يتسرب من حصص الدراسة متسللاً إلى صالة الموسيقى حيث تأخذه أنامل عازفة إيطالية إلى عوالم تسحر روحه وتملك شغافه.. بموازاة ذلك كانت أذناه الحساستان تصغيان دائماً لكل نغمة تندلع من آلة أو حنجرة.. أو جهاز إلى جانب أغاني الأمهات وحضرات المديح.. وغناء العمال والأغاني التي تنقلها أجهزة الراديو من الإذاعة المصرية... لكبار فناني مصر والشام... وما هي إلا فترة قصيرة حتى استقطبت حواسه عروض السينما في عطبرة... فتوله بالأبطال المغنيين... محمد عبد الوهاب.. فريد الأطرش.. أم كلثوم، أسمهان، ليلى مراد، كارم محمود، عبد العزيز محمود وغيرهم... رأى كيف يعزفون على العود... وكيف تصورهم المشاهد وهم يلحنون.. فصنع آلة بدائية من خشب وأسلاك وجعل من براد شاي قديم ميكرفوناً وصعد إلى شرفة عالية في البيت واندمج في الغناء حد نسيانه الانتباه لنفسه فانزلق متردياً.. كسرت ساقه اليسرى وذراعه اليسرى... وظلت عرجة خفيفة تلازم مشيته من حينها حتى اليوم.. في حوالي العاشرة من عمره سنة 1954م تقريباً انتقل مع أسرته إلى مدينة سنار... حيث التحق بالمعهد العلمي في سنار... وبسبب شغفه اللافت بالأحاديث القدسية لقبه الكابتن ميرغني حامد حارس مرمى فريق الاتحاد بـ (القدسي) وأحبتها شفاه زملاؤه وأساتذته حتى اشتهر بها (ناجي القدسي). إلى جانب الدراسة في المعهد العلمي أشبع شغفه حباً في الأفلام الغنائية حتى أنه عمل معلناً عن الأفلام... يروج لها بالميكرفون في شوارع سنار على عربة يجرها حمار... في نفس الوقت كان يكون مع الشيخ إبراهيم سليم وآدم محمد صالح فرقة غنائية... وبمفرده وحساسيته الفنية المفرطة تعلم العزف على العود... وبدأ التلحين وهو في الثانية عشرة تقريباً. عَمَلُ أبيه بالتجارة وبحثه الدائم عن بيئات رواج تجاري أفضل قاد الأسرة إلى الخرطوم بعد منتصف الخمسينات من القرن الماضي... وهناك واصل ناجي القدسي السعي لإشباع نَهَمِه للإبداع الموسيقي.. فالتحق بمدارس الجامعة الشعبية حيث درس الموسيقى على يد أستاذ العود المصري عبد المنعم عرفة. في السادسة عشرة من عمره أبدع أول تأليف موسيقي خاص به مقطوعة (آمال) التي سجلتها أوركسترا الإذاعة السودانية سنة 1961م، وفي ذات السنة كون مع الشاعر حسين حمزة وأخيه الفنان هاشم حمزة وعوض الله أبو القاسم فرقة فنية في الهاشماب بأم درمان.. ولحن ناجي مجموعة من القصائد للشاعر حسين حمزة هي (جسمي انتحل، ضاع مع الأيام، سلوى، الدبلة، الصداقة، لاقيني في الأحلام)، وقد سُجِّلت كلها للإذاعة السودانية سنة 1961م بصوت الفنان هاشم حمزة ولاقت رواجاً كبيراً. ما لبث عقد تلك الفرقة أن انفرط بسفر الفنان هاشم حمزة إلى أوروبا الشرقية للدراسة... وخلال عام 1962م.. قام نجم الغناء الصاعد أبو عركي البخيت بغناء (جسمي انتحل) التي طبقت شهرتها آفاق السودان... واشتهر البخيت بها كما اشتهرت به دائماً... أما لحن (ضاع مع الأيام) فقد تم استبدال كلمات الشاعر حسين حمزة بكلمات الشاعر مرتضى صباحي (خلاص مفارق كسلا) التي أطلقت نجومية التاج مكي فتحول مع الملحن ناجي القدسي إلى ثنائي بالغ الروعة... من خلال أربعة ألحان أخرى هي (النضارة) من شعر عز الدين هلالي،و(التينة) من شعر عبد الرحمن مكاوي،و(ليلة الميلاد أو روح بابا) من شعر إسحاق الحلنقي و(أهل المحبة)..من شعر إسحاق الحلنقي وقد تم ذلك على مدار الأعوام 1962-1966م، في الفترة نفسها لحن أنشودتين وطنيتين (أم الثورات) من شعر محمد أحمد سوركتي و(الثورة ثورة شعب) من شعر إسحاق الحلنقي غناهما التاج مكي أيضاً... كما لحن للفنان بهاء الدين عبد الرحمن نشيد (يا بلادي).. من شعر اللمين بلة، ولحن للفنان محمد اللمين (شعبي الحامي أرض النيل)من شعر هاشم صديق و(رغم السيف) من شعر هاشم صديق و(قم للمعلم) من شعر أمير الشعراء أحمد شوقي،كما اشتغل على ملحمة لثورة أكتوبر من شعر حسين حمزة بمشاركة الفنانين أبو عركي البخيت وخليل إسماعيل وبهاء الدين إسماعيل وعوض الحاج. - سنة 1967م كان الشاب العبقري قد بلغ ذروة انفجاره الإبداعي... ففي بداية ذلك العام قاده منصور منصفون صاحب شركة منصفون للإنتاج الفني إلى التلحين لمبدع صاروخي الانطلاق هو الفنان حمد الريح... وكان لحن (الحقيقة) أول ألحانه له من شعر حسين حمزة أول ألحانه له. وذات ليلة من ليالي عام 1967م التقى ناجي في أمسيةٍ بالشاعر المختلف عمر الطيب الدوش... الذي أعطاه كلمات (الساقية لسه مدورة) وخلال ليلتين على رملة شاطئ بحري وفوق مياه النيل أنجز اللحن الخالد الذي صار دهشة ليالي الخرطوم وسهراتها قبل أن يكون على موعد قريب مع صوت الفنان حمد الريح وحتى يتحقق ذلك أتبعه الموسيقار المنهمر بجملة ألحان لحمد هي: (أحلى منك) و(خليتني ليه أعيش الشقا) من شعر عبد الرحمن مكاوي، و(حمام الوادي)، و(أنتو في وادي) للشاعر إسحاق الحلنقي، (وسلم بعيونك) للشاعر محمد أحمد سوركتي.. في سنة 1969م أصدرت شركة منصفون جميع ألحان الموسيقار ناجي القُدْسِي للفنانين حمد الريح والتاج مكي، وأبو عركي البخيت على اسطوانات طبعت بجودة عالية في اليونان فملأ صداها الدنيا وشغل الناس... وتحولت أغنية (الساقية) من وقتها إلى واحدة من أهم علامات الموسيقى السودانية عبر تاريخها كله كما اتضح بها وبمجموع الأغاني التي أصدرتها منصفون ذلك العام.. أسلوب هذا الموسيقار المميز وبصمته الخاصة في سياق الموسيقى السودانية.. - في نهاية 1969م ذهب إلى سنار حيث أنجز لحنه الخالد (الشيخ فرح ودتكتوك) من شعر إسماعيل حسن أوائل سنة 1970م وهو اللحن الذي صدح به فيما بعد الفنانان السر نايل وفرح الجنينة، كما تغنت به كثير من فرق التصوف في السودان.. بعد إنجاز لحن الشيخ فرح عاد إلى الخرطوم وعمل موسيقى مسرحية بوابة حمد النيل... وأنجز ألحاناً أخرى منها (أزرع العتمور أزاهر) من شعر يونس السنوسي وغناء الفنان زيدان إبراهيم و(عباد الشمس يا عبادا) من شعر حسن ساتي وغناء زيدان إبراهيم. في نفس الفترة أنجز أربعة ألحان على قصائد للكاتب الكبير محمود محمد مدني هي (أمشي وتعال يا شوق) (يا سكة مشاية) و(أشتاق ليك)، (زي عيونك أصلو ما في) ولم تجد هذه الألحان طريقها إلى النور حتى اليوم. سنة 1970م أيضاً التحق بمعهد الموسيقى في الخرطوم وواصل فيه تعليماً متقطعاً حتى السنة الثالثة ولم يكمل الدراسة في المعهد.. أثناء هذه المرحلة لحن للفنان الجيلاني الواثق أغنية (قايلك خلاص) من شعر علي سلطان... ولحن للفنان عبده الصغير (كيفن.. كيفن) شعر عباس الهاشمي... وكانت أهم إنجازاته في فترة المعهد بين 1970-1971م هو تلحينه لألحانه الثلاثة العظيمة (مهما هم تأخروا، أو أجراس العودة) وهي مزيج من مقاطع شعرية لمحمود درويش ونزار قباني، إضافة إلى الأبيات الشهيرة (طلع البدر علينا) وقد وضع لحنها على مقاييس صوت الفنانة فيروز ولكن حالت ظروف على رأسها الحرب اللبنانية دون وصوله باللحن إليها... ثم رائعة الشاعر حسن ساتي (تراتيل) ورائعة إسحاق الحلنقي (وين خمايلك يا بنفسج)..وأنجز قطعته الموسيقية (ليالي سنار) التي سجلت على عود منفرد ودف لإذاعة أم درمان وقدم كورال وأوركسترا المعهد العالي للموسيقا لحنه (قم للمعلم) في احتفالات عيد المعلم بقيادة الموسيقار الكوري أوسان شون. -في يوليو 1971م كان الموسيقار الفذ ناجي القدسي قد بلغ السابعة والعشرين من عمره... وبلغ ذروة النجاح الإبداعي بكل ما تعنيه الكلمة... وفي نفس الوقت كان على أعتاب أول المراحل في متاعبه ومعاناته التي ما زالت حلقاتها تتوالى إلى هذه اللحظة.. بدأت رحلة المعاناة بدخوله سجن كوبر على خلفية ترديد المتظاهرين لهتافات مناوئة للنظام على موسيقى لحنه الخالد (الساقية لسة مدورة) وذلك أثناء تداعيات انقلاب هاشم عطا... وحين خرج من السجن بعد ثلاثة أشهر قضاها فيه... وجد نفسه قد خسر كل شيء.. فقد ضُرِب حوله حصارٌ فني وسدت الأبواب دونه وفقد الحب الذي أجج في روحه كل إنجازاته الإبداعية التي حققها منذ عام 1966م حتى عام 1971م وجرب لأول مرة في حياته معنى أن يتعرض المرء لتخلي أصدقائه الخُلَّص عنه. -سنة 1972م أدت تداعيات ما مر به بعد دخوله سجن كوبر إلى إصابته بأزمة نفسية حادة جعلته يعيش حالة من القتامة والتدهور والظلام، راح يصارعها بموسيقاه الملهمة التي كانت نوافذ لروحه الموجعة... فاتجه بقوة إلى التصوف والتأمل لينجز قامات لحنية شواهق.. بدأها بثلاث عتبات صغار هي (البحر) و(بنيت فردوسي وزخرفته) لإيلياء أبو ماضي، و(اللاذقية) لأبي العلاء المعري، قبل أن يدخل في حوار إبداعي استثنائي مع الشاعر المتفرد محمد مفتاح الفيتوري من خلال قصيدته (معزوفة لدرويش متجول)، و(ياقوت العرش) ثم دخل في صمت قاتل لأكثر من سنة استفزته بعدها حادثة اجتماعية فأنجز لحن (المحكمة) من شعر عباس الهاشمي... ومع هذه التجربة الفنية المميزة... عاش الموسيقار الموجوع دفيناً مع عبقريته في ظلام الأزمة والعزلة والحصار غير المفسر الذي ضرب عليه.. فقد تحاشت حناجر المطربين ألحانه... وأدى هذا إلى تأزم علاقاته بكل من حوله... وظل عذابه يتفاقم حتى أصابه اليأس من أي انفراج فغادر السودان نهاية عام 1976م إلى السعودية... حيث عاش هناك متنقلاً بين العمل في مكتبات شارع الجامعة، وشركة تهامة للدعاية والإعلان...وقدم أثناء ذلك للفنان الكبير محمد عبده لحن (دعوا الوشاة) من شعر البهاء زهير، وسجل هو لإذاعة جدة بمصاحبة أوركسترا الإذاعة عملين موسيقيين هما (ليالي جدة) و(ليالي بحري) إضافة إلى لحن(غبت عني فما الخبر) من شعر البهاء زهير.. أداه بصوته. -قبل نهاية عام 1979م انتقل للعراق حيث استقبل بشكل جيد... وأحيط برعاية خاصة ورتبت له أوضاع السكن والعيش والتحق بكلية الفنون الجميلة في بغداد بغرض التعرف على المقام العراقي.. وخلال عام كامل قضاه هناك أنجز خمسة ألحان على كلمات كتبها هي(فين القمر غاب) و(تسرعت وجيتك)و(لا تقابلني بدموعك)و(مضى عام) و(غربتني)... مستعملاً السلم السباعي كما أنجز لحن ملحمة (الحجاج وقف) من شعر بدر الدين مدثر، ولحن ملحمة (أسرج خيولك) للشاعر اللبناني موسى شعيب... إضافة إلى نشيد (الثورة ثورة شعب)، الذي لحنه سنة 1964م على السلم الخماسي حيث قدمه لإذاعة العراق على السلم السباعي. نهاية سنة 1980م عاد الموسيقار ناجي القدسي إلى السودان حيث التقى بالفنان الظاهرة مصطفى سيد أحمد وقدم له ألحانه الثلاثة العظيمة التي كان قد أنجزها بين 1970-1971م وهي (مهما هم تأخروا أو أجراس العودة) و(تراتيل) و(وين خمايلك يا بنفسج)،وحاول وقتها محاولته الأولى والأخيرة لبناء أسرة.. حين أقدم على الخطوبة... وكان وقتها قد بلغ سن السابعة والثلاثين من عمره.. ولكن الفشل كان نصيب خطوبته تلك.. إذ لم يكن دافعه إليها ذاتياً بقدر ما كان استجابة لإلحاح أسرته.. -عند مطلع سنة 1982م كانت المعوقات التي أحاطت بتعاونه مع الفنان الظاهرة مصطفى سيد أحمد... إضافة إلى شعوره بتغير مفزع يشهده المناخ الفني في السودان... قد أحبطته.. وأعادته إلى ذكريات الألم والعزلة والحصار التي عاناها عقب خروجه من سجن كوبر سنة 1971م وحتى سنة 1976م فتكوم على نفسه لبعض الوقت. -وفي ربيع عام 1982م غادر السودان إلى اليمن بلاد أبيه وأجداده... وفي اليمن فوجئ بنفسه يدخل النفق المظلم بكل معنى الكلمة... فقد واجه مناخاً صعباً بيروقراطياً ينعدم فيه العمل المؤسسي انعداماً كلياً..وتحاصر فيه الفرص حصاراً تاماً.. ويستحيل فيه الاعتراف بالعبقريات الإبداعية العظيمة ما لم تكن متكئة على سند من منصب أو حزب أو شلة أو قبيلة.. ولم تكن ثمة فضيلة في وضعه الجديد إلا الراتب والسكن اللذان أقرتهما له وزارة الإعلام والثقافة... غير ذلك فقد تقصدته الإدارة بالاضطهاد والتهميش على نحو يكشف عن مدى الجهل الذي كانت تعانيه تلك الإدارة... على أنه خلال سبع سنوات عجاف امتدت حتى عام 1989م لم يستسلم... فقد أنجز عدة ألحان على نصوص للشاعر عبد العزيز المقالح ولحن ملحمة (أيقونة التاريخ)للشاعر حسن اللوزي (وزير الإعلام والثقافة في اليمن وقتها) ولحن (أتدرين) للشاعر علي بن علي صبرة (نائب وزير الثقافة وقتها) ولحن (الشجرة) للشاعر عبد الله الكباري... كما لحن ثلاث أغانٍ لأعياد سبتمبر.. وهي كلها ألحان لم يجنِ عنها شيئاً من التقدير المادي أو المعنوي... ولم يكن يخفف عنه بعض معاناته إلا أصدقاء من المبدعين الخُلَّص الذين لا سلطة لهم.. مثل الموسيقار علي الأسدي، والفنان عبد الرحمن الغابري وأعضاء فرقة الموسيقى بالوزارة من أمثال الفنان عبد الباسط الحارثي والفنان عبد الرحمن الغابري والفنان عبد اللطيف يعقوب، والفنان أحمد الخالدي والفنان أحمد المعطري والفنان الكاتب صبري الحيقي، والفنان حسن علوان، والموسيقار والناقد الفني جابر علي أحمد والفنان يحيى الشلال.. بسبب ذلك نجد له في ذلك العماء استثناءات قليلة... سجل لإذاعة صنعاء توشيحاً دينياً رائعاً بعنوان(أتيت إليك) سنة 1986م يذاع باستمرار منذ ذلك الوقت وحتى اليوم. - في سنة 1997م.. عين الشاعر الكبير سيد أحمد الحردلو سفيراً للسودان في اليمن فشكل وجوده سنداً لا بأس به للموسيقار العظيم السيء الحظ. -وفي عام 1989م عاد إلى السودان برفقة الحردلو مع لحن جديد من كلمات الحردلو هدية لعرس الحردلو نفسه عنوانه (إنشاالله)... وقد قدمه بصوته في عرس الحردلو بنادي الضباط بالخرطوم... تلى ذلك مشروع تعاون مع الفنان الشاب عماد الطيب يتكئ على قصائد للشاعر مولانا أزهري الذي تعرف عليه في تلك العودة القصيرة إلى السودان.. وكانت الألحان هي (بيني بينك) و(خطوة خطوة) وهو مشروع لم يكتب له النجاح. عاد الموسيقار ناجي القدسي من عامه ذاك إلى صنعاء... ليشتبك في معركة فنية مع الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم حول مفهوم الموسيقى السمفونية.. -وفي عام 1990م شارك في الرحلة الشهيرة للسفينة ابن خلدون مع ناشطين ومبدعين من جميع أنحاء العالم إبان أزمة الخليج الأولى.. وشهدت الأعوام بين 1990-1994 انتعاشاً مميزاً تعرفه حياة الموسيقار ناجي القُدْسِي الفنية للمرة الأولى في اليمن...-فرغم نكبته بوفاة والده الحاج محمد الهيثمي في فبراير 1992م- فقد أنجز خلالها مقطوعته الموسيقية الشهيرة (ليالي العدين) التي جابت بها فرقة وزارة الثقافة محافظات اليمن كلها حيث حظيت بشعبية كبيرة قبل أن تسجلها الفرقة للإذاعة لتكون على رأس المقطوعات اليمنية التي تتميز بها مكتبة إذاعة صنعاء... كما قدم لحناً رائعاً لقصيدة الشاعر الكبير محمد الشرفي (حبيبتي) الذي سجله لإذاعة صنعاء الفنان جميل صالح صحبة أروكسترا الوزارة... كما أنجز مجموعة أغانٍ وقطع موسيقى تصويرية لمسرحية (العسل المر) التي كانت من أنجح المسرحيات التي عرفتها مسارح اليمن. إلى جانب كل ذلك حول الموسيقار الباذخ عشرة نصوص للشاعر سيد أحمد الحردلو إلى ألحان مدهشة وسجلها له بصوته على أشرطة كاست ليحملها إلى الفنان الكبير محمد وردي. سنة 1995م فقد الموسيقار ناجي القدسي أخاه الكبير عبد الكريم الذي كان صديق عمره والممول المادي له أيام البدايات.. وكانت اليمن قد دخلت عقب حرب 1994م مرحلة صعبة... فقد تغير المناخ المنفتح الذي عاشته عقب قيام الوحدة سنة 1990م ذلك المناخ الذي أتاح لعبقرية ناجي أن تعلن عن نفسها.. ومن ثم ساد الكساد الحياة كلها وعلى رأسها الفن وشهدت اليمن ظاهرتين متعاكستين تشكلان مفارقة ثقافية واجتماعية وسياسية قل نظيرها.. فقد علت أصوات التيارات التكفيرية وقابلها اتساع توجه الناس خاصة أهل الإبداع إلى التصوف... وكان نصيب الموسيقار البارع ناجي القدسي الانضمام إلى المكاشفية على الطريقة الجيلانية حيث لبس ملابس أهل التصوف..وأطال شعره وأطلق لحيته لتعرفه شوارع صنعاء ومقايلها وأماكنها العامة بذلك الشكل المميز اللافت للأنظار .. وقد انعكس انضمامه إلى الطريقة على مدائح الحضرات التي تقيمها، فخلال مدة قياسية... كان الموسيقار العظيم قد أحدث ثورة في طرق وأساليب المديح من خلال ألحانٍ حداثيةٍ خاصة صاغها للطريقة قارب عددها حوالي الأربعين لحناً بين فصيح وعامي سوداني.. هذا التوجه الصوفي قاد الموسيقار ناجي القدسي سنة 1996م إلى إنجاز عمل خالد... يعد من أكثر العلامات المؤشرة على عبقريته وهو تلحين مسرحية (مأساة الحلاج) لصلاح عبد الصبور كاملة... وقد أثرت تجربتها عليه إذ حفظ المسرحية كاملة وتوله بأداء مقاطعها الشعرية وحواراتها بصوته الأجش الموحي وتعابير وجهه الشديدة التصوير في الأماكن العامة بصنعاء وتحولت تجمعات الناس حوله يسمعونه يلقي تلك المسرحية أينما ذهب إلى ظاهرة أثارت حفيظة بعض الجهات فتم تكفيره بشكل كيدي واضح...وتقاعست جميع الجهات المهتمة بالحقوق والحريات والثقافة والأدب والإبداع عن نصرته أو الصراخ من أجله وقد ألقي به في السجن قرابة شهرين تعرض خلالها للضرب والتهديد بالقتل وإهدار الدم.. وقد انتهت تلك المأساة بمجرد أن شكلت لجنة من القضاة لمقابلته في السجن فتم الإفراج عنه بعد أن عجب القضاة من تهمة كهذه توجه إلى رجل لا يليق به إلا أن يوصف بـ (مؤمن من أهل الله). بيد أن الموسيقار الذي كان قد عانى كثيراً من الظلم والظلمات ومن عنت الناس وعنت الحياة لم يبال بحادثة التكفير ولا بغيرها من المضايقات التي كانت تطاله بين حين وآخر اعتراضاً على تصوفه الذي منحه مظهراً خاصاً ومنطقاً مميزاً في الحياة... خصوصاً وأنه كان قد دخل في حال جذب صغر في عينه الأشياء والأحداث وسائر أفعال البشر.. -سنة 1998م عاد إلى السودان بعد غياب دام تسع سنوات ليفاجأ بأن ألحانه لقصائد الحردلو التي أرسلت إلى الفنان محمد وردي قد فقدت..فكانت تلك إحدى النكبات الكبيرة التي أصابت حياته... وتواصل في ذلك الوقت مع الشاعر مولانا أزهري شرشاب... الذي أهداه ديوانه (إكسير الحياة) فبدأ معه تجربة تلحينية لأربع من قصائده هي (إكسير الحياة)و(وتر الأماني)و(بهواك أنا)و(إنت الوفا).. وفي نفس السنة عاد إلى اليمن ليقضي أطول فترة انقطع فيها عن السودان مسقط رأسه.. وملهم روحه وحاضن نجاحاته القديمة وذكرياته الأليمة... بين 1998-2008م عاش الموسيقار ناجي القدسي في صنعاء عزلة تامة وحالة عدمية لا تطاق وطال الأسى جوانب حياته كلها.. ناهيك عن الإهمال والشعور بالظلم الذي لازمه.. -سنة 2001م فقد اليد الرحيمة الآسية برحيل أمه الشريفة الحاجة فاطمة محمد سعيد ميرغني.. ودشنت صنعاء عاصمة للثقافة العربية سنة 2004م وكرم كل المبدعين في مجالات الإبداع كافة وأنصفوا مادياً ومعنوياً وقدمت لهم الدروع والميداليات والأوشحة والأموال ببذخ غير عادي المستثنى الوحيد في ذلك كله كان الموسيقار العظيم ناجي القدسي. تلى ذلك عام 2006م تتويج الخرطوم عاصمة للثقافة العربية.. وتوقع الموسيقار ناجي القدسي أن تتذكره أمه الرؤوف ولكنه لقي منها نفس ما لقيه من صنعاء.. بل لقد كان نسيانها أو تناسيها له أشد مرارةً وأكثر إيلاماً. في هذه العشر السنوات بين 1998-2008م كان العمر فقد تقدم وتراجعت الأحلام كثيراً... وامتد ظلام اليأس إلى مناطق كثيرة في الروح والقلب والعقل.. وكثرت التساؤلات عن الجدوى.. وكانت الإبداعات قليلة لأول مرة في حياة هذا الموسيقار العجيب.. بحيث يمكن إجمالها في تعامل لحني مع قصيدة (الوردة تفتح سرتها) للشاعر علوان الجيلاني 1998م، وتعامل آخر مع (يوميات حاج) لمحمد الفيتوري 2002م... وتعامل لحني ثالث مع قصيدة الشيخ عبد الرحيم البرعي (بمحمد شرف المحامد يعظم) عام 2005م، إضافة إلى تشذيبات لملحمته (مأساة الحلاج)، كان يقوم بها بين حين وآخر.. -سنة 2008م عاد إلى مراتع الصبا والشباب في الخرطوم واحتفي به في لقاء تلفزيوني على قناة النيل الأزرق بمشاركة أصدقائه القدامى شركاء الإبداع والنجاح الفنان الكبير حمد الريح والشاعران الكبيران محمد أحمد سوركتي وعبد الرحمن مكاوي.. وقد أثبت ذلك اللقاء أن حنيناً جارفاً لناجي القدسي وإبداعه تمتلئ به نفوس وقلوب السودانيين...وأنهم لم ينسوه ولم ينسوا إبداعاته ومساهماته الباذخة في إثراء الموسيقى السودانية...وقد جر ذلك الظهور له... بعد عقود من البعد والاختفاء إلى سيل من الكتابات حفلت بها الصحف ومواقع الانترنت ومنتدياته في السودان. في نفس العام عاد إلى اليمن لبضعة أشهر ليعود إلى السودان مرة أخرى ويقيم فيها عاماً كاملاً.. -بين نهاية 2009م ومطلع 2010م تعرض لأزمتين قلبيتين.. خلال ثلاثة أشهر.. ألجأته كل أزمة منهما إلى النوم في العناية المركزة بالمستشفى الجمهوري بصنعاء لأكثر من عشرة أيام.. -قبل نهاية عام 2010م عاد إلى السودان.. وبقي هناك حتى أغسطس 2011م. -قبل نهاية عام 2011م تعرض لأزمة قلبية ثالثة نام على إثرها عدة أيام في العناية المركزة بمستشفى الثورة بصنعاء أجريت له خلالها قسطرة علاجية.. - في هذه الأيام (ديسمبر 2012م) يقف الموسيقار ناجي القدسي على قمة ثمان وستين سنة من أيام هذه الحياة ويتربع على هرم من الإبداع الموسيقي الباذخ يتجاوز المائة وعشرين لحناً... ويسكن غرفة جوار برج الاتصالات بميدان التحرير في صنعاء وحيداً... محروماً من أي تكريم أو تقدير تقدمه الجهات المختصة له في أي من بلديه (السودان-واليمن) سعادته الوحيدة تقدير محبيه وعشاق موسيقاه الذي تعبر عنه كتابات وأسئلة المحبين من السودانيين المقيمين في السودان أو الموزعين في جهات العالم الأربع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلام يغشاك يا ناجي يا قدسي! (Re: صلاح شعيب)
|
اهدانا اليوم الاستاذ ناجي القدسي اربعة اعمال حصرية تنشر لاول مره ...
وارسل لنا هذه الرسالة الخطية :
نقل الرسالة و كتب لنا اليوم الاستاذ علوان الجيلاني علي صفحات مكتبة الاغنية السودانية الاتي : مساء الخير أستاذ يحيى قباني مساء الخير لكل المبدعين في هذه المكتبة ولكل أهلنا في السودان الحبيب.. تحية من الموسيقار ناجي القدسي الذي يعبر عن شكره وامتنانه لكم بإهداء المكتبة هذه الألحان الأربعة وهي: 1- معزوفة لدرويش متجول- شعر الشاعر الكبير محمد مفتاح الفيتوري.. لحنها الموسيقار ناجي القدسي أواخر عام 1971م.. وهذا التسجيل بصوته على العود سنة 1976م. 2- ياقوت العرش-شعر الشاعر الكبير محمد مفتاح الفيتوري.. لحنها الموسيقار ناجي القدسي أواخر عام 1971م.. وهذا التسجيل بصوته على العود سنة 1976م. 3- زي عيونك أصلو ما في- شعر الأستاذ الكبير محمود محمد مدني- لحنها الموسيقار ناجي القدسي أواخر عام 1969م.. التسجيل بصوته على العود سنة 2007م. 4- غنيوة للوطن الجميل..شعر الشاعر كمال الجزولي.. لحنها الموسيقار ناجي القدسي سنة 1973م... التسجيل بصوته على العود سنة 2007م. ------- ومرفق بهذا إهداء لمكتبة الأغنية السودانية ولكل محبيه بخط يده. وإنشاء الله تكون هذه الاعمال الأربعة بداية لأعمال أخرى سنرفعها لكم خلال الأيام القادمة... كما سنعيد رفع الصور التي أظن أننا لم نوفق في معرفة كيفية رفعها خلال الأيام الماضية.. مع الإعتذار عن أي تقصير.. احترامي ومحبتي لكم جميعاً.. وللسودان كلها..
لسماع الاعمال الحصرية يمكنكم الوصول عن طريق الرابط مكتبة الموسيقار ناجي القدسي - مكتبة الأغنية السودانية
| |
|
|
|
|
|
|
|