دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الي الرئيس العراقي القادم نقلا عن جهة الشعر
|
****
رسالة من عراقي في المنفى إلى الرئيس العراقي المقبل
جمال جمعة
" أوصيك بأهل العراق، فإن طلبوا منك أن تعزل والياً كلّ يوم فاعزله، فلئن تعزل والياً كل يوم خير من أن تُشهر عليك عشرة آلاف سيف". وصية معاوية لولده يزيد
سيادة الرئيس لأول مرّة أخاطب رئيس جمهورية، ولأول مرّة أكتب رسالة إلى شخص لم أره في حياتي، لكن ما أفعله شيء يجول في خواطر العراقيين ويجيش في ضمائرهم، ولست أطمع منك بغير السمع قبل أن تستقرّ على كرسيك الوثير في القصر الذي بني من عظامنا وطلي بدماء الشهداء منّا .
يا سيادة الرئيس لست أعرف من أنت ولن يهمني من تكون أو ما هو جنسك ولا قوميتك أو عشيرتك التي تنحدر منها ولا المذهب الذي إليه تميل. كل ما أطلبه منك أولاً أن تكون عراقياً فقط. وهو شَرطي الأول للحوار معك... وبدون ذلك إرم الرسالة إلى سلة المهملات فهي ليست موجهة إليك وإن ملأتَ صدرك بالنياشين.
يا سيادة الرئيس لا نريد أن نراك أكثر من دقيقة في اليوم . إحترمْ حياتنا الخاصة وبيوتنا ونزهاتنا ولا تعلّق صورك على الجدران ولا تنصب تماثيلك في الساحات ولا تظهر لنا أينما نستدير، مرتدياً السدارة تارة والعقال تارة أخرى كأنك في عرض أزياء لفولكلور الشعوب. لا نريد أن نتابع أخبارك على التلفزيون لساعات طويلة وأنت تستقبل فلاناً وتودع فلتاناً أو تعقد اجتماعاً كل يوم لتشعرنا بأنك موجود، لا نريد ذلك يا سيادة الرئيس! نريد أن نحسك في صحة أطفالنا وفي نومنا الذي نغط فيه بأمان. نريد أن نشعر بك في الخبز الذي يفيض من قدورنا ومن الماء النظيف الذي نشربه يومياً وفي الكهرباء التي لا تنقطع كل ساعتين. فليكن شعارك الذي تضعه نصب عينيك ، يا سيادة الرئيس، هو: "العراق للعراقيين فقط"، فالعراقي هو أولاً وأخيراً وليس ثانياً أو عاشراً ، وحين أقول العراقي فإني أعني الكردي والعربي والآشوريّ والمندائي والأيزيديّ والأرمنيّ والتركماني واليهوديّ فكلنا عراقيون، ولا يستقيم عراق إلا بنا أجمعين. فلا تقدّم علينا عربان الجوار ولا بدو القفار، وإن كان لك منهم أصحاب واثقون.
يا سيادة الرئيس لا تؤثر أبناءك في المناصب ولا أقاربك في التعيين. ولا تنهل من العراق مما ليس لك فيه حصّة ونصيب، ولا تدخل في صنعة أو تجارة تغالب فيها أهلها الآهلين، فلن يكون لك منها إلا مرتبك الذي تخصصه الدولة لك وكل ما زاد فهو مال حرام ومَكس يقام عليه الحد والحساب، فلا تغررك الدنيا وليكن لك في عبد الكريم قاسم أسوة حسنة.
يا سيادة الرئيس لا تشتر الشعراء ولا المثقفين. حاورهم، نعم!، إسالهم عن أحوال شعبهم ولا تخصص لهم الودائع ولا الجوائز والمكافآت، فجوائزهم حب الناس وحرية الفكر والنشر التي سينعمون بها في عهدك الجديد. إنما لا تدعهم يكتبون مديحاً لك وكفّ لسان أوّل من يقوم بذلك، فمن مدحك أمامك فقد ذمك، وإن كان من الصادقين.
يا سيادة الرئيس لا نريد ان نرى الجيش متأهبين عند كل ركن ولا العسس واقفين على كل باب. لا نريد أن يدققوا في هيئاتنا ولا أن يتفحّصوا سحناتنا عند كل مفترق طريق، فكل من دخل العراق فهو آمن، والعراق بيتك العرين .
يا سيادة الرئيس لا تسرق أموالنا ولا تودعها بأسماء موهومة في البنوك الأجنبية، فكل شيء سيكون بحساب، وسنطالبك بجرد بيدر عن كل فلس جاء من النفط والى أين ذهب، وليكن شعار "من أين لك هذا؟" سيفك الذي سيطول المفسدين.
يا سيادة الرئيس كن من الناس وبينهم وتذكر أنهم ما أولوك أمرهم إلاّ لثقتهم بك ولن يدوم لك ثبات أو يقرّ قرار إن خنت أمانتهم وخيبت آمالهم وإن مُلئت بهم الأقبية والزنازين. وإياك أن تظن أنك فوق القانون، لا أنت ولا عائلتك، فما أنت ألا مواطن ارتأى الناس أن تكون يدهم التي تقيم القسطاس وتوازن الميزان، فإنما أنت عليهم أمين. لا نريد، يا سيادة الرئيس، أن نرى في عراقنا المقبل طفلاً من الأكراد يرتجف من البرد، ولا أهله يرتعدون عراة في بواطن الكهوف وهم على النفط ينامون، ولا أن نرى أطفال البصرة في ثياب مرقعة وأحذية بالية يخطرون، فإن ظلّ ذلك فاعلم أنك مخلوع، وحكمك باطل، لأنك لم تؤد واجبك كما ينبغي وخنت الأمانة التي عليها اؤتمنت، فحقّ عليك الخروج، وأخذناكم بما كنتم توعدون. العراقيون يا سيادة الرئيس، معدن الناس، شُمّ فلا تذلهم، كرام فلا تجوّعهم. محكوا الدنيا فضحكوا عليها، عيونهم مرتابة وآذانهم شكاكة وعقولهم ماحكة، فلا يغيب عن فطنتهم شيء. ووالله إنّ إرضاء أبليس لأهون من خديعتهم، لأنهم لا يصدقون إلا ما بين أيديهم، وما هم بغير أنفسهم واثقون. وإني لأكتب ذلك لك لكي لا يصيبك ما أصاب حكامنا الأولين.
والسلام على من أحب شعبه وأكرمه فأمِن به غوائل الأيام
***
صالونات السيد الرئيس
|
|
|
|
|
|
|
|
|