|
عبد المعين يعين ولايعن
|
سلام ياعزيزي يحيى بالله عليك يا عارف الأسباب سلم على البورداب قول ليهم يا البورداب ما لاقي لي دوداب ------- رسل مقالي لي كافة الأحباب لي عجب الفية قبل الهجوع ما شاب والجندرية والموصلي الجياب ايمان ودريمنا غفار والأباباب قبل العصير ما غاب يوصل يدق الباب تسلم بشير اسماعيل عبد المعين يعين ولا يعن
كثر هم المبدعون السودانيون الذين " طبزنا" اعيننا بايدينا باهمالهم وهذه - قطع شك – غفلة حمقاء يتسرب حينها – وهي دائمة - كل جميل ما بين انفراج الاصابع وفغرة الأفواه, ماذا نعرف عن كثير من مبدعينا وعن اعمالهم, ماذا نعرف عن احمد زاهر الملحن, عن ابوبكر خالد القاص, عبد العزيز الصياد المغني المجيد, وربما اذا سالت بعض ابنائنا من الأجيال الجديدة عن عبد المعين لرد عليك بالمثل " جبناك يا عبد المعين تعين" هذا اذا كان له المام ومتابعة.
غصة هي الذاكرة المجزوءة عن امثال هؤلاء حين يمضون تاركين لنا مهمة البحث الشاق – شحيح النتاج - والذي يشبه "اكل العنكوليب",,,, اسماعيل عبد المعين هو احد هؤلاء الذين ضيعناهم ولم يبق لنا منهم الأ ما قد يكون ضاع الآن - حرقا - ضمن اعمال الهجمة البذيئة على وثائقنا ومجمل تاريخنا.
قال عبد المعين – كما اورد احد البورداب – انه جاء بايقاع التم تم من الحكامات اللأئي اخذنه عن مساعدية اللواري فقد كانوا اذاعة السودان قبل اذاعة امدرمان, والآن –فقط - استطيع ان افهم معنى مقولة " سارت به الركبان " التي جاءتنا باردة هامدة من تراث العرب. كنت ادمن صداقة المساعدية الذين جلست معهم على الأرض مثلما جلست معهم على " تندات" اللواري فسمعت منهم اجمل الألحان, وجدتهم على غير ما لحق بهم من سمعة اخذنا فيها بالتعميم, وكنا مثل الذباب نحط على القاذورات فننشرها ونروج لها, فالمساعدية لهم قيمهم المهنية والأنسانية ولهم فنهم, وفوق هذا وذاك لهم دورهم الذي ارخ له عبد المعين في مسيرة فن الغناء السوداني حيث كانوا اكفا وسيلة للأتصال المسموع في ذلك الزمان.
من اغانيهم الجميلة:
ياربي تجيب الصيف
ننجر مع الشنيف
الليل بوبا
.....
ودوني لي غبيش
وقال لي حشي العيش
الليل بوبا
وكثلك:
نشيل الجوز في الجوز
نسقي جناين الموز
حريق سكر
نسقي جناين الموز
----------
عطشانة ماابننبل
كان غرقوني بحر
الألما الفي الحجر
شربا الحمام وسدر
-------------
الفقر ماندورا
كان قبة ما نزورا
تأتي هذه الكلمات ضمن نص موازي من الكرير و الصفقة الموزونة, وقد كانت كلمة الصفقة تعني الحفلة كما تعني بيت العرس في كثير من بقاع السودان.
جانب أخر هو انني اظن – مرجحا - ان الثقافة العربية – في معظمها - لم تأت للسودان عن طريق الشمال او الشرق, بل اتت عن طريق الغرب وذلك بعدة شهادات نجتزئ منها على عجل وتعميم اسم ايقاع التم تم ووزنه, والشبه الذي يكاد يكون تطابقا بين الغناء بالسودان وبعض دول المغرب العربي مثل موريتانيا ومالي, اضاقة الى انتشار الطريقة التيجانية القادمة اصلا من المغرب الى السودان ومصر على حد سواء, وغيرذلك من وجود كبير لسلالات المغاربة والشناقيط في اجزاء من دارفور وكردفان, وورود شخوص في السيرة الهلالية رجح الكثير من الدارسين انها سودانية – رغم قول البعض بانها مصرية - وقد نعلم ارتباط السيرة الهلالية بالمغرب العربي.
لنعد الى عبد المعين الذي اراد ان يضع قواعد للغناء السوداني عبر مشروع مساهمته النظرية التي تعرف بالزنجران وهي – فيما يرى – مزاوجة بين الزنجي و العربي في منظومة اللحن والأيقاع, كل ذلك ضمن مرجعية سوسيولوجية هي ان الدم الزنجي الذي يجري في الأعراق السودانية يطربه – اصلا – الأيقاع, لذا يجب ان ينضبط الأيقاع السوداني ب"مشي الخيل" و ليس " مشي الجمل" كما يمطه بعض المغنين, وضرب مثلا لذلك بعزة في هواك على انها سريعة كما غناها الخليل وليس " ممطوطة" كما تؤدي الآن, وربما كان هذا احد خلافاته مع الكثيرين ومنهم اساتذة وطلاب معهد الموسيقى .. والله – وهو وهم – اعلم بذلك مني. وفد ضرب امثلة اخرى كثيرة مثل:
المهدي جا
من دنقلا
قال الفتا
بي فد ريال
والعزبا بالفاتحة
" معليش يا جندرية, فهذه اهزوجة قديمة لم يصبها عهد الجندرة"
ومثل يا الساكن جبال التاكا, وانت كان زعلان انا ما بزعل وغيرها.
وعلى ذكر الخليل قال عبد المعين مؤرخا للحن عزة في هواك ان مقدمته ذات الطابع " المارشاتي" ماخوذة عن جلالة قديمة هي:
ود الطريفي رايو كمل
جابوا شالايتو من دار قمر " وهي ديار قبيلة القمر – بكسر القاف والميم واهمال الفاء - بدارفور".
شوف - بالله عليك - الى اي حد كان هذا الرجل مسكونا بهواجس البحث والتقصي في الدقائق من اجل معرفة الجذور الثقافية للأغنية السودانية, ومن اجل وضع تقعيد نظري لفن - سوداني - نكاد نفتقده حتى الآن في كثير من ابداعنا الفني. يفعل هذا بجدية تامة وايمان كامل برسالته برغم المصاعب والعوازل وظلم ذوي القربى الذي هو اشد من وقع السنين المهند
رحم الله عبد المعين الذي لم يقدر في حياته وهذه دوامة اشبه بدوامة الأنقلابات العسكرية والديمقراطية في السودان, موت المبدع بدون بكريم او افادة من امكانياته ثم البكاء الحق من البعض او التباكي بعيون الغول من البعض الأخر في انتظار ميت جديد من المبدعين, وقطعا هناك رابط منطقي بين هذين الدائين في نفسيتنا الأجتماعية يستحق على الأقل محاولة الدراسة فللسياسي جذره المتموضع في الثقافة, وصدق من قال:
الكل في سوداننا يحتل غير مكانه
المال عند بخيله والسيف عند جبانه
او كما قال الأخر:
مما يزهدني في ارض اندلس اسماء معتصم فيها ومعتضد
اسماء مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
وعمتم صباحا ومساءا وزيدونا من عبد المعين, لك التحية عجب الفية على الأبتدار ولكل من شارك او سيشارك.
بشير اسماعيل
--------------------------------------------------------------------------------
|
|
|
|
|
|