دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
بدرالدين عجاج: موت مبدع غيلة مع سبق الأصرار والترصد
|
سعدت، في زيارتي الأخيرة الى لآهاي (هولندا)، بزيارة عمدة المدينة الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة أحمد الباحث المتمكن فى الثقافة السودانية المعاصرة. وكانت فرصة أخرى للتواصل فيما انقطع، هذه المرة يحيط بنا كرم مغربي أصيل، من نقاش حول هموم مشتركة ما زالت تؤرقنا معاً نحو سودان السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. أهداني الدكتور أحمد آخر اعماله النقدية "الحداثة في الشعر الهولندي المعاصر" والذي أرجو ان أقدم في بوست منفصل بعض من نصه وروحه حتى تعم الفائدة. ولكن أود هنا ان انقل لكم مساهمته ذات الأبعاد المضمرة، والتي لا تغيب عن فطنة القارئ. ما نحن بصدده يقدم صورة مغايرة للانطباع المبتسر عن فجائعية الحدث التي أحاطت بفراق المغفور له بإذن الله الفنان عجاج. فأعادت الى ذهني الأحاسيس التي انتابتنا عندما غيبت كارثة "الانقاذ" ومشروعها الحضاري الفنان خوجلي عثمان..... هل كتب علينا ان تكتسينا موجات الألم بصورة متتالية وتنحسر من حياتنا شعاع الأمل؟ لا اعتقد ذلك فمساحات الأمل في وطن سالم وشعب سعيد هي في النهاية أقوى وأعتى من كل خوان وجبار عنيد. فإلى مساهمة الدكتور عكاشة:-
موت مبدع غيلة وبعض مشكلات الفن والثقافة فى سودان اليوم هذه مقالة تهدف الي معالجة الإرث الفني للموسيقار الراحل (الي جوار الله وعفوه) بدرالدين عجاج. تهدف المقالة الي التوصل الي قناعات فكرية فيما يتعلق بشأن الفن والثقافة فى سودان القرن الـ 21 . وفي البداية لابد من القول بأنني لا أعرف الراحل شخصيا ولكنني متتبع للثقافة والفن السودانيين وبرحيل هذا الموسيقار السوداني شعرت بضرورة البحث في دوره فى ثقافة وموسيقي السودان – وهذا ما يشكل إرثه الحقيقي. وهذا فعلا ما يستحق أن يخاض فيه حتي نستخلص العبرة عن جهد موسيقي وفني مميز. وليس بعجاج أول مبدع يفقد حياته نتيجة العنف. ألم يلق فضل المولي زنقار الردى صريعا لطعنات مديه. وكذلك أثار مصرع كل واحد منهما من اللغط ما أثار غير أن مابقي من أثرهما هو إسهام كليهما فى غناء وموسيقي السودان. ولا تهدف هذه المقالة الي إضفاء هاله علي الموسيقار الراحل ولا كيل المديح وبالغ التحييذ علي موسيقاه أو ألحانه. إنما تهدف الي مناقشة موضوعية وهادفه لعناصر مشروعه الفني والثقافي الذي وضع له موته المفجع نهايه جاءت علي نحو مفاجئ ومحزن. وإشتمل مشروع عجاج الفني علي مايلي: التجديد الموسيقي وضمنه يقع: ** إدخاله آلة الأورغن الرقمي الحديث والعزف عليه. ** إستنباط نغمة( سادسة فى الموسيقي السودانية). ** الأغنية المغايرة (غيرالأغنية السودانية الحديثة المتعارف عليها ويمكن أن يشار إليها بـ Post-modernist.الإبداع الناشئ والسعي الي أداء مغاير فيما يتعلق بآلة الأورغن الرقمي الحديث: كان الموسيقار الراحل علي إدراك عميق بحيقية أن هذه الآلة الموسيقية قادرة علي محاكاة الكثير من الآلات الموسيقية وإصدار أصوات (نغمات) أوركسترالية: وكذلك وعى الموسيقار الدور الهام الذي لعبته هذه الآلة فى الموسيقي الكلاسيكية وفي Soap operas وموسيقي البوب Pop music وفي موسيقي الجاز حيث أستخدمت كبديل لآلة البيانو وآلة ال Bass. وقد حفز هذا الإدراك الموسيقار الراحل علي إدخال آلة الآورغن الرقمي الي جانب الآلات التي سبق أن أدخلت فى مراحل مبكرة وعلي نحو تدريجي وأثرت الموسيقي والتلحين والغناء الحديثه فى السودان. وكان أول هذه الآلات هو العود العربي (في العشرينات من القرن الماضي) وتبعه الكمان، والأكورديون والجيتار والآلات النحاسية. وقد أسهمت كل آلة فى تقدم الألحان والموسيقي السودانية ولكن الأورغن الرقمي كان عامل تطوير هائل للموسيقي السودانية: إذ أمكنه إصدار أخفت النغمات وكذلك أقواها مل الـ Pleine-Jeu. وكان يمكن للأورغن الرقمي أن يفتح الباب أمام تطوير كبير فى الموسيقي السودانية لولا الرده الثقافية الهائله التي نجمت عن هيمنة قوي سياسية ودينية، وهي القوي التي قمعت الثقافة والمجتمع والحياة فى السودان وصبغتها بطابع الإرتداد الفكري والثقافي وأخضعتها لأغراض الدولةالدينية المرجوة ونتيجة للهزات الفكرية والثقافية تعسر السير قدما بتحديث الموسيقي والفكر والثقافة والمجتمع. وماعادت هناك الحاجة الي نهوض بالموسيقي ولا بتجديد ثقافي أو فكري ملازم لها. وحقاً لقد إحتجنا الي الجهد الموسيقي لبدرالدين عجاج ولمأساته لنقف علي حقيقة هامه فى تطور فننا وموسيقانا: وهي الحقيقة المتمثله فى أن الحداثة فى الثقافة والفن والموسيقي فى مجالات عديدة أخري فقدت الي زمن قد يطول حقاً. ولتوضيح هذا الأمر لابد من التذكير بأن السودان منذ بداية القرن الماضي الي السبعينات منه ظل مرتبطاً بالثقافة العربيةالمعاصره والفكرالإنساني المعاصر والإقتصاديات والتقنيات الحديثة. وكانت هي الثقافة الغالبة. ومؤخراً أضحى يشار الي وجود ثقافات موازيه – ثقافات أهل الهامش ولايزال البعض يفتقد هيمنتها وتهميش الثقافات الآخري –الهامشية. ولم يدرك الكثيرون من أن "ثقافة المركز" قد همشت هي الأخري. وإبدلت بثقافة إرتدادية تتعامي عن كافة التطورات الفكرية والثقافية المعاصرة وأضحت هذه الثقافة الإرتدادية بهمومها السلطوية والدينية هي السائده: وهكذا أضحت الثقافة الحديثة (المعبر عنها باللغة العربية وذات الصلة بالشرق العربي وآرائه وفنونه). الي جانب ثقافات أهل الهامش – محمل تهميش بين. وقبل غلبة الهوس الديني علي فكر وثقافة السودان كان هنالك الغناء والموسيقي الحديثين Modernist musician lyrics ويقصد بها الشعر الغنائي والألحان والموسيقي اللذين هدفوا الي توحيد وجدان جميع سكان السودان بمختلف أعرافهم وثقافاتهم وديارهم. وتميزت تلك الأغناني والألحان بالشاعرية المرهفه والوجدانية الرفيعة وكان لأهل الشعر والطرب المعرفه الدهرية الواسعة وأنتموا للفكر الثقافة في العالميين العربي والأفريقي والعالم العريض Cultural) cosmopolitionisor). وكان بدرالدين عجاج جزءاً من الحداثة الغنائية والموسيقية السودانية وكان عازما علي العبور بها الي بعدها الما بعد الحداثة Postmodernism عبر التجديد الموسيقي والنغمة السادسة( فى الموسيقي السودانية) والأداء المغاير. وقد حالت عوامل شتي دون أن يتحقق هذا الطموح : منها الردة الثقافية وإنتفاء الحاجة من جرائها للتحديث والبعد الجسدي (الهجرة واللجوء الي هولندا) عن السودان وأجواء الثقافة والفن فيه علي عهد هذه الرده الفكرية والثقافية التي طال أمدها. منذ السبعينات أضحت الموسيقي معبره عن الفكر السياسي الإرتدادي السائده وتميزت بطابعها غير الدهري. وبدت وكأنها القاءاً ملحوناً بسيطا مع طقطقات Pitches أو تلاوات نبرات رتيبه وإنشاداً أو ترنيماً(Chants or plain singing) . ولعله هذا يعد شكلاً من أشكال الإنشاد فى سودان القرن الـ 16 (سودان الفونج والعنج). وكانت الأشعار تنظم بإيقاعات تطول وتقصر Long and braves by tons . ونتيجة لفقر النظم الشعري وقصر المناغمة أضطر المداح وشعراء المديح الي إستخدام الألحان وإيقاعات الموسيقي الحديثة نسبة لأنها إيقاعية وموزونة شعريا ومتناغمة ومتواترة بكلمات تركز علي موضوعات الإسلامي الشعبي والتقوية الدينية ( الإدعاء بالعلم بالله والصلاحية وبعث الدين وروحه من جديد ). ونتيجة لهذين العاملين أصبح هنالك التعامي عما يجد فى الثقافة والفكر العاميين المعاصرين. وكذلك أضحي كأنه الإهمال ولا شئ جدير بالإهتمام إلا إذ مالقي رضا المتنفذين (فى السلطة ووسائل الإعلام أو المؤسسات الفقهية التي لاحد لها). ويضحى النتاج الغنائي والألحان (غالبا عبارة عن إنشاد ديني) مقدسا وماعداه يعد ضلالا. الى جانب المتغيرات في الجانب الثقافي والفني توجد الي جانب المؤشرات السالبة الأخري للهيمنة التقوية (هيمنة العسكر والأيدلوجيين الأصلوليين) علي المجتمع والحياة والسياسة والإقتصاد والعلم والثقافة. وتشمل هذه: ** تدني مستويات العيش والرفاه العامة. ** الإملاق المادي الذي لحق بقطاعات إجتماعية واسعة ومن بينها الطبقة الوسطي. ** الزيادة الهائله في الفوارق فيمابين المواطنين ودخولهم. ** تدني الإنتاجية وإفلاس المؤسسات الإنتاجية وقطاعات إقتصادية بكاملها من جراء المنافسة الخارجية ومشكلات الإنتاج في المؤسسات الصناعية والزراعية والخدمية. ** إنعدام إمكانيات تنويع الأنشطة الإقتصادية Economic diversification . والتركيز المتزايد علي الإنتاج البترولي وكل هذه عوامل لا تشجع علي الإبداع الفكري والخلق في كافة المجالات الأدبية والفنية وتطبيق هذا على الغناء واللحن والموسيقى. ونعلم أيضا أن القمع السياسي إبان الربع الأخير فى القرن الماضي أدت الى هجره واسعة شملت خروج علماء ومبدعين ومن بينهم الموسيقار الراحل الذي هاجر الى هولندا وأسرته وبعد سنوات من الإغتراب قرر العودة الى السودان في العام الماضي 2007. لعله آثر إعادة محاولة تجديد الألحان والموسيقى في سودان يبدو عقيماً وطالما هيمنت على مقاليد الأمور فيه قوى الإرتداد الفكري والثقافي.
النغمة السادسة (فى الموسيقي السودانية) في مختلف التقاليد الموسيقية غير الأوربية تستخدم سلالم موسيقية تحتوي علي فواصل Intervals وطبقات Pitches متعددة. ومن بين هذه التقاليد الموسيقية السلم الشرقي السائد فى الشرق العربي وفي بلادنا وهو يتكون من خمسة ألوان نغمية Tones. وقد حاول بدرالدين عجاج خلق لون نغمي سادس وشملت محاولاته: ** إستخدام الـ Semitones (تلوين للنغمات). ** إعطاء قيمة صيغية مغايره Different tone value للنغمات. ** إستخدام بعض عناصر السلالم الموسيقية الفرعية مثل Slendro,Pelog. ** استخدام النغيمات المجزءة Quator tone والفواصل التي تقل عن Semitone.
رحم الله الفنان عجاج واللهم آسرته الصبر والسلوان.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بدرالدين عجاج: موت مبدع غيلة مع سبق الأصرار والترصد (Re: Dr Salah Al Bander)
|
اخى صلاح لاشك ان رحيل الفنان بدر الدين عجاج له وقع اليم خاص بالنسبة لى شخصيا لانه كان اول من قدم لى موسيقى خاصة لبرامجى فى الاذاعة قدم لى عشرات المقطوعات التى ما تزال تصدح بها الاذاعة السودانية حتى الان اهداها لى دون من او تعال بهدف التغيير واقول انها كانت المفضلة لدى وله باع طويل فى ادخال الاورغن الى رحاب الاغنية وله باع فى ان الاغنية يمكننا ان نستمع اليها مموسقة دون مؤدى فلقد كان ملحنا وعازفا عارفا بفنه رحمه الله بقدرما اضفى علينا من بهجة وانسانية من خلال موسيقاه والحانه التى رصف بها ذاكرتنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بدرالدين عجاج: موت مبدع غيلة مع سبق الأصرار والترصد (Re: سلمى الشيخ سلامة)
|
الرحمه اولا للفنان الكبير بدر الدين عجاج.. كان عنده لي معزه خاصه لأجتهاده في المجال الموسيقي.. وشرفني القدر بالحديث معه في مكالمه طويله مهمه بينت لي الي اي حد كان انسانا طيب المعدن..
............ ............
شكرا يا صلاح علي احضار بعض من كتابات الدكتور عكاشه..وهو شخصيه جميله أدبيه وفنانه وأحد العمده السودانيه بهولندا..وداعم بكل امكانياته لمنظمات المجتمع المدني السودانيه بها..
المقاله قيمه وشارحه..وفيها نتعرف علي جوانب فنيه لم نعرفها من قبل..وجميل ان توعدنا ببوست آخر.. لك وللدكتور أحمد عكاشه الشكر.. رحم الله الأستاذ بدرالدين والفنان خوجلي عثمان وكل ضحايا دولة الهوس!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بدرالدين عجاج: موت مبدع غيلة مع سبق الأصرار والترصد (Re: Dr Salah Al Bander)
|
اهلين تسلم علي الموضوع القيم والموفيد عن استازنا وحبيبنا بدرالدين عجاج هو علمنا معني الحياه بكل قيما الجميله مهما الناس تقول أو تعيد لآ يمكن أن تفيه حقه هو الفن بكل معانيه من قيم وتصميم وأرادة علم نفسه الفن وعلمه لمن حوله علمهم الفن في التصرفات مع كل من حوله من أصدقا أعطي الكل من فيض حنانه ملك كل ما هو جميل في نفسه هم قتلوا جسده فقط لن يستطيوا أن يقتلوا كل ما هو قيم وجميل في أنسانه سيظل دائما في أزهاننا وستبقي مبادئه نبراس ومدرسه لكل موجتهد له ألف رحمه وصبر لكل احبابه وحسرة وحزن بقية الدهر لك كل التقدير والشكر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بدرالدين عجاج: موت مبدع غيلة مع سبق الأصرار والترصد (Re: dina agag)
|
بقدر ما أحببناك .. كان الفقد عظيما ، كبيرا .. غائرا ما عادت الاشياء هى الاشياء .. و لا عاد الناس هم الناس.. حسبى الله بعضهم يأتى و يذهب .. و بعضهم .. يذهب حتى قبل أن يأتى و أنت أتيت .. و ذهبت .. لتبقى .. هو قدرنا المحتوم .. لا ريب و قدرنا، أن نودعك إلى حين.
الله.. يا كم تغرّبنا وكم بلغت منا الهموم كما لم يبلغ الكبر فإن أكُن أمس قد غازلت أُمنيةً حيث استوى الصمتُ أو حيث استوى الضّجر فالمجد أعظم ايقاعاً وَربَّ دمٍ يمشي حزيناً ويمشي إثرهُ القَدَرُ (الفيتورى) عزيزي وحبيبي وأبونا ودأمي بدرالدين
| |
|
|
|
|
|
|
|