|
السجن لصحافية رفضت كشف مصادر معلومات لمقال لم تكتبه عن عميلة سرية للاستخبار
|
السجن مع وقف التنفيذ لصحافية أميركية رفضت كشف مصادر معلومات لمقال لم تكتبه عن عميلة سرية للاستخبارات
واشنطن: آدم ليبتاك* حكم قاض اميركي بالسجن على مراسلة «نيويورك تايمز» جوديث ميللر بسبب ازدرائها للمحكمة برفضها الكشف عن مصادرها للادعاء في إطار التحقيق حول الكشف عن هوية عميلة سرية لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي أيه). وعلى الرغم من ان ميللر لم تنشر أي مقال صحافي حول العميلة المذكورة، فاليري بليم، فإن توماس هوغان، قاضي المحكمة الجزئية بواشنطن، امر بسجنها لمدة اقصاها 18 شهرا، مشيرا الى انها فكرت في كتابة مقال حول قصة العميلة السرية وأجرت مقابلات مع بعض الأشخاص حول مادة المقال، إلا ان القاضي هوغان علق تطبيق عقوبة السجن الى حين الفراغ من الاستئناف واطلق سراحها اثر تقديمها التزاما بالحضور لدى استدعائها من قبل المحكمة. وقال القاضي هوغان خلال سير المحكمة ان ثمة مواجهة تقليدية بين المصالح المتنافسة، وأضاف قائلا ان جوديث ميللر تصرفت بحسن نية وكانت تؤدي واجبها كصحافية صاحبة خبرة تدرك ان التعديل الاول للدستور يمنح الصحافيين الحق في إخفاء هوية مصادرهم الخاصة، إلا انها كانت مخطئة في رفضها الإجابة على الاسئلة التي طرحت عليها في إطار تحقيق رسمي. وكان التحقيق المذكور يهدف الى معرفة الجهة التي زودت الصحافي روبرت نوفاك وصحافيين آخرين بأن معلومة مفادها ان فاليري بليم عميلة تعمل لحساب وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» . جدير بالذكر ان قانونا اجيز عام 1982 نص على ان كشف هويات العملاء السريين في بعض الظروف يعتبر جريمة. وكانت ميللر قد تحدثت بايجاز خلال جلسة المحكمة وأكدت انها سترفض الاجابة على الاسئلة الخاصة بالاتصالات السرية التي اجرتها. وقالت للصحافيين خارج قاعة المحكمة في وقت لاحق انها تشعر بخيبة امل ازاء قرار ان توجه اليها تهمة ازدراء المحكمة بسبب مقال لم تكتبه اصلا ولم تنشره «نيويورك تايمز» اصلا. وأضافت معلقة انه من المثير للخوف ان يحكم على الصحافيين بالسجن بسبب ادائهم لعملهم. وطبقا لقرار سابق في إطار القضية، فإن ميللر كانت قد جمعت معلومات بغرض إعداد تقرير حول فاليري بليم وزوجها الدبلوماسي السابق جوزيف ويلسون وفكرت بالفعل في كتابة مقال حولهما لكنها لم تفعل ذلك، طبقا لحديث القاضي هوغان. وجاء التحقيق بسبب مقال نشر في صفحة الرأي كتبه ويلسون لصحيفة «نيويورك تايمز» في يوليو (تموز) عام 2003 انتقد فيه تبريرا ساقته ادارة الرئيس بوش حول الحرب في العراق. وكشف الصحافي روبرت نوفاك عن هوية فاليري بليم في تقرير صحافي كتبه بعد مرور ثمانية ايام على نشر مقال ويلسون، اذ كتب في تقريره ان مسؤولين في ادارة الرئيس بوش تعرفا على فاليري بليم كعملية سرية في مجال اسلحة الدمار الشامل، كما اشار مقاله الى ان المسؤولين المذكورين تحدثا كرد فعل على «العاصفة التي أثارها ويلسون»، على حد تعبيره. من جانبهم، قال محامو ميللر ان المحكمة ستستمع الى المرافعات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وكانت الجهات المعنية قد قررت وضع القضية ضمن نظام البت السريع، ومن المقرر ان يصدر قرار بشأنها بنهاية العام او في يناير (كانون الثاني) المقبل. وكان ممثل الادعاء، جيم فليسنر، قد اشار الى سابقة في قضية برانزبيرغ ضد هييز التي نظرت فيها المحكمة العليا الاميركية عام 1972، وقال في هذا السياق ان المحكمة طالبت المراسلين بالإجابة على اسئلة هيئة المحلفين العليا حول مصادرهم. وأضاف فليسنر ان باتريك فيتزجيرالد كان قد لجأ الى الصحافيين كآخر خيار بهدف اقناعهم بالكشف عن مصادرهم الخاصة. واستطرد فليسنر قائلا ان جوديث ميللر مطالبة بالإدلاء بمعلومات في تحقيق يتعلق بالأمن القومي الاميركي، كما صرح ان الحبس هو العقوبة الوحيدة في حال عدم استمرار الصحافية جوديث ميللر في رفضها الاجابة على اسئلة المحكمة. وكان المدعون قد اعتمدوا على وثائق قانونية سرية في إقناع القاضي بالمطالبة بشهادة جوديث ميللر، لكنهم لم يكشفوا عن طبيعة هذه الوثائق للمدعى عليها ولا لمحامييها. وطلب واحد من محاميي جوديث ميللر، فلويد ابرامز، من قاضي المحكمة الكشف عن تخليص على الاقل لهذه الوثائق حتى تتمكن المدعى عليها من الرد، إلا ان القاضي رفض هذا الطلب بحجة ان قواعد ومعايير هيئة المحلفين العليا تتطلب السرية. وفي حال خسارة المدعى عليها الاستئناف وعدم تدخل المحكمة العليا، فإنها ربما تودع السجن الى حين استكمال التحقيق او حتى تكشف عن المصادر موضوع التحقيق. من جانبه، قال آرثر سالزبيرغر، ناشر صحيفة «نيويورك تايمز» انه شعر بالفزع ازاء قرار القاضي لوغان، وقال في تصريح رسمي ان عقوبة السجن المحتملة على جوديث ميللر تعتبر بمثابة هجوم على قدرة كل الصحافيين على إعداد التقارير حول الحكومة والسلطات والهيئات المختلفة وجهات اخرى. وأضاف مؤكدا اهمية سرية المصادر في الكثير من التقارير الاخبارية المهمة مثل ووترغيت والممارسات المهددة للصحة من جانب قطاع التبغ وصناعة السجاير والفساد في اجهزة الشرطة. وكان القاضي هوغان قد امر في اغسطس (آب) الماضي بسجن ماثيو كوبر، الصحافي بمجلة «تايم»، في إطار التحقيق بشأن قضية فاليري بليم مع وقف التنفيذ الى حين ظهور نتيجة الاستئناف. وكان كوبر قد توصل الى اتفاق مع محقق خاص وأدلى بشهادة قال فيها انه تحدث مع لويس ليبي، رئيس طاقم الموظفين العامل مع نائب الرئيس ديك تشيني، وقال ان ليبي قد فوضه للادلاء بشهادته. وتسلم كوبر الشهر الماضي امر استدعاء ثانيا بحثا عن معلومات حول ما اذا كان قد تحدث مع مسؤولين حكوميين آخرين، إلا انه رفض التعاون وتقرر مثوله أمام القاضي هوغان الاسبوع المقبل في قضية اخرى تتعلق بازدراء المحكمة. اما الصحافي روبرت نوفاك، الذي نشر المقال حول فاليري بليم، فقد رفض مناقشة ما جرى في التحقيق. وكان المدعون قد طلبوا في مسألة فاليري بليم الاشخاص المتهمين بكشف هويتها توقيع تنازل يكشف الصحافيون بموجبه تفاصيل الاحاديث السرية التي يجرونها من مسؤولين. وكان كل من تييم روسيرت، من «ان بي سي» وغلين كيسلر وولتر بينكاس من «واشنطن بوست» قد ادلوا بشهاداتهم. وقال بيل كيللر، مسؤول التحرير بصحيفة «نيويورك تايمز»، ان جوديث ميللر لن تأخذ مسألة التنازلات بهذه البساطة لأن المسؤولين الذين وقعوها ربما اقدموا على ذلك بدافع الخوف من ان يؤدي الرفض الى التشكيك فيهم او تعريض وظائفهم للخطر. وقال كيللر خلال حديثه مع الصحافيين خارج قاعة المحكمة ان مسألة توقيع المصادر على تنازلات امر في حاجة الى الكثير من الاهتمام، وقال ان هذا التوجه ربما يؤدي في نهاية الأمر الى تخويف المسؤولين من الإدلاء بما لديهم من معلومات للصحافيين عندما يرون شيئا خاطئا. * خدمة «نيويورك تايمز» http://www.asharqalawsat.com/2004/10/09/images/news.259458.jpg المصدر: جريدة الشرق الأوس
|
|
|
|
|
|