دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: إحتيال السفارة السودانية بأمريكا إعلامياً / دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي .. (Re: مجاهد عبدالله)
|
Quote:
واشنطن تايمز صحيفة حديثة الصدور نسبياً صدر العدد الأول منها يوم 17 مايو 1982 م وهي مملوكة لكنيسة الريفرند سن مايونق موون التوحيدية عبر شركتها (نيوز وورلد كوميونيكيشن) وعرف عنها تأييدها السافر للحرب الباردة على الإتحاد السوفياتي السابق ومساندتها لعصابات الكونترا المدعومة من قبل المخابرات الأمريكية و التي كانت تحارب في نيكاراغوا إضافة إلى إلتباس علاقتها مع اللوبي اليهودي الأمريكي المتنفذ بسبب آراء مؤسسها في موضوع المحرقة النازية. إذن أهدرت السفارة السودانية أموالنا وأودعتها في المكان الخطأ تماماًُ فليتها اكتفت بنشر الرسالة عبر الإنترنت أو منحت المقابل المالي لصحيفة لها موقف يستحق الإشادة. أما القول بإن السيد المستشار الإعلامي كان ينسق الأمر مع رئاسته فهذا لايضيف شيئاً وأنما ينتقص، ففيم كان ينسق مع رئاسته ولماذا وافقت الرئاسة على نشر الإعلان في ملحق إعلاني في صحيفة مغمورة تصدر عن كنيسة متناهية الصغر يزعم مؤسسها (وهو كوري الجنسية) أنه مكلف من قبل السيد المسيح مباشرة بالعمل على إكمال مهمته وإنشاء مملكة الرب على الأرض. إستخدمت الرسالة الشعار الرئيسي لحملة أوباما الإنتخابية عنواناً لها بعد أن أضافت إليه ما يشير إلى السودان فجاء عنوانها " نعم نستطيع: معاً نستطيع تحقيق السلام في السودان". لا يمكن إغفال أن الرسالة تمت كتابتها ببراعة وبلغة رفيعة رغم احتوائها على بعض المعلومات غير الصحيحة مثل الحديث عن تأريخ "الصداقة والتعاون بين الولايات المتحدة والسودان" وغير ذلك مما قد يمكن التغاضي عنه في إطار "الضرورة الدبلوماسية". على كل فإن الرسالة تشكل نقلة نوعية في التعاطي مع الولايات المتحدة بشكل علني وتمليك الشعب الحقيقة عما يحدث وراء الأبواب المغلقة فساسة واشنطن لا يحترمون رجال الدولة القادمين من العالم الثالث لأن هؤلاء لا يحترمون شعوبهم. لا تحترم الولايات المتحدة ولا أي بلد آخر الساسة والدبلوماسيين الذين يقدمون الصفقات من وراء ظهر شعوبهم. إن أكثر ما تخشاه القوى العظمى هو الساسة الذين يعبرون عن إرادة مواطنيهم لذا فهي ترفض التعامل مع شافيز وموراليس. الدول العظمى تحترم القادة الأقوياء فقط وممثليهم الأقوياء لذا فإن التعاطي إنابة عن الشعب وليس من وراء الشعب مع الولايات المتحدة أمر لاغبار عليه وإن لم يكن الأفضل. في 8/3/2007 م نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أن الرئيس الأمريكي جورج بوش رد بشكل مختصر على رسالة مطولة بعث بها الرئيس عمر البشير حول الوضع في دارفور. وصف دبلوماسي (وقح) الرسالة بأنها كانت " أنيناً مكتوباً بعناية من الضغوط الأمريكية على السودان لتوسيع قوة الإتحاد الأفريقي القليلة العدد ضمن قوة أكبر تتضمن قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة". وذكرت الصحيفة أن مستشاري البيت الأبيض أشاروا على الرئيس –حينها- جورج بوش في البداية بتجاهل الرد على الرسالة لكنهم إتفقوا أخيراً على القيام بالرد بسبب أن الرسالة كانت الثانية حيث أفادت الصحيفة أن بوش تلقى رسالة مماثلة عام 2006 م و لم يرد عليها. كان من الممكن أن يتم الإلتفاف حول الرسالة وتأييدها بشكل شعبي واسع في السودان إذا اختارت جهات الإختصاص نشرها على الرأي العام بحكم أن تلك الرسالة مرسلة إنابة عن الشعب لكن الأجهزة المغرمة بالسرية إختارت حجبها دون وجه حق. كان من الممكن أن تحصل الرسالة على تأييد مشابه للتأييد الذي حازت عليه رسالة محمود أحمدي نجاد المفتوحة في نوفمبر 2006 م للشعب الأمريكي و التي أحدثت إستقطاباً حاداً وحظيت بتغطية واسعة في الإعلام الأمريكي وكسب الرئيس الإيراني زخم الزعيم الذي يعمل تحت الضوء لتحقيق مصالح شعبه. ليس هناك أفضل من التعاطي العلني في القضايا التي تمس البلاد ولعل تجربة المصارحة التي إتبعتها الحكومة في المراحل الأخيرة من قضية المحكمة الجنائية الدولية أتت ثماراً دانية جعلت الرئيس البشير يحصل على مساندة غير مسبوقة بما في ذلك تأييد الخصوم التقليديين وهو ما كان يستشعره حين عبر عن ذلك بوضوح في حواره المنشور مع صحيفة الشرق الأوسط (29/1/2009 م). |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إحتيال السفارة السودانية بأمريكا إعلامياً / دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي .. (Re: مجاهد عبدالله)
|
Quote: لا يتمتع السودان و لم يتمتع في الواقع عبر تأريخه بعلاقات صداقة مع القوى الكبرى. فالسودان ليس صديق الولايات المتحدة مثلما هو ليس صديق بريطانيا وفرنسا وروسيا. السودان لا يتمتع بصداقة المانيا أو الهند أو البرازيل أو اليابان أو حتى الصين التي لا يمكنها التفكير في التضحية بمصالحها مع دول أخرى مقابل علاقاتها بالسودان خصوصاً مع تراجع أسعار النفط وإهتزاز موقف السودان في ظل إزدياد وتيرة الحديث عن الإنتخابات والإستفتاء على تقرير المصير في الجنوب الأمر الذي قد يطرح السودان كبلدين منتجين للنفط بدلاً عن واحد خلال أقل من عامين أي مع بداية التعافي المتوقع من الأزمة المالية العالمية. في الحقيقة يصعب العثور على دولة صديقة للسودان بالمعنى الذي يشتمل على علاقات سياسية ودبلوماسية وتجارية وثقافية إلخ. على كل فإن الصداقة بين الدول ممكنة من حيث التنظير والممارسة في العلاقات الدولية. بالنسبة للسودان فإن القطر الأكثر شسوعاً في أفريقيا لديه مقومات علاقات وثيقة وصداقة مع كثير من دول العالم خصوصاً في إطار ما يعرف بالقوى الدبلوماسية المتوسطة إضافة إلى الدول الصغرى. ليس في هذا أي بدعة وحجم المشاكل التي يعاني منها السودان حالياً في الساحة الدولية أقل بكثير من تلك التي كانت تواجهها ليبيا ( التي يمكن تصنيفها كقوة متوسطة هي نفسها) في الساحة الدولية. كانت لليبيا مشكلات عالقة ودماء مع الولايات المتحدة وبريطانيا و ألمانيا وفرنسا وغيرها لكن الجماهيرية حلت مشاكلها على دفعات عبر صداقتها مع قوى دبلوماسية متوسطة هي السعودية وجنوب أفريقيا والإمارات وقطر ومن خلال مؤسسة القذافي الخيرية التي يرأسها نجل الزعيم الليبي الدكتور سيف الإسلام. في التجربة الليبية مثل يمكن القياس عليه ففيما كانت الجماهيرية تواصل مساعيها للعودة إلى المسرح الدولي من خلال العمل على حل قضاياها العالقة مع القوى الكبرى فإنها بذلت جهداً كبيراً للتواصل مع القوى المتوسطة والصغرى وشهدت مطارات طرابلس وسرت وبنغازي تدافعاً غير مسبوق بالطائرات الأفريقية في تحدٍ جماعي تجاوز الرمزية في كثير من الأحيان نحو الفعل إزاء الحصار الذي كان مفروضاً على الجماهيرية. في أقاصي الدنيا حصلت تيمور الشرقية التي تعتبر نصف جزيرة ، يسكنها ما يزيد قليلاً عن المليون فقير من ذوي المشارب والسحن والتوجهات المختلفة، على إستقلالها من أكبر دولة إسلامية في العالم وهي إندونيسيا (حوالي 237 مليون نسمة) بسبب الدعم الذي تلقته قواها السياسية من قوى دبلوماسية متوسطة مثل البرتغال وأستراليا في وقت كانت إندونيسيا فيه على وئام كامل مع الولايات المتحدة. السودان ليس في حاجة تيمور الشرقية أيضاً بل لديه مزايا(سياسية) يمكن أن تجعل منه بلداً جاذباً لصداقة القوى الدبلوماسية المتوسطة التي ينبغي إدراك وجودها وتقصيه عوضاً عن التعاطي المستحيل مع القوى الكبرى ولعل تجربة حصول السودان على رئاسة مجموعة دول ال(77) والصين هذا العام قد تصلح للتدليل على فلاح هذه التوجه. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إحتيال السفارة السودانية بأمريكا إعلامياً / دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي .. (Re: مجاهد عبدالله)
|
دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي (2-2)
Quote: أشرنا فيما مضى إلى أن السودان لا يتمتع بصداقة دول العالم الكبرى بما فيها الصين ولا بصداقة الدول الكبرى الناهضة مثل الهند و البرازيل وغيرهما رغم الدعاية الإعلامية الكثيفة حول العلاقات السودانية الصينية وقد ساءني أن أستمع إلى أحد أساتذة الجامعة الكبار في التلفزيون معلقاً على هذه العلاقات وهو يقدم معلومات أبسط ما يقال عنها أنها لا تقول حقيقة ولا تقدم معرفة ولا تخدم غرضاً.قال المذيع: د. فلان أرجو أن تضعنا في تاريخية هذه العلاقات! (كان هذا السؤال الأول مما يشي بأنه قد أعده إعداداً جيداً في ذهنه واستعاده). لم يكن المسئول بأفضل من السائل حين قال إن السودان هو ثاني دولة من أفريقيا و(الشرق الأوسط) تقيم علاقات مع الصين الشيوعية وإن الشعب الصيني والعالم كله يتذكر موقف السودان مع الصين الذي أتاح للدولة الشيوعية التمكن من الحصول على عضوية الأمم المتحدة وحق الفيتو. ما يدفع الدكتور للحديث على هذا النحو هو ربما ثقته في أن لا أحد يستمع إليه (يشاهده) وبالتالي فإنه يحق له قول ما يشاء أو إعتقاده بأن ستديو التلفزيون هذا ينطوي على خلاصة العالم وأن ليس ثمة ما هو خارجه. حديث الدكتور هذا لا يحتاج إلى تعليق وهو أشبه بنكتة كان يتداولها الناس عن الشيخ حسن الترابي حين قال لحظة زهو لصحفي من الولايات المتحدة "99% من الشعب الأمريكي يعتقدون أنني..." فرد عليه الصحفي" حسناً يا دكتور 99% من الشعب الأمريكي لا يعرفون ما هو السودان". قد يتشعب الحديث هنا عن التغطية التلفزيونية المكثفة للعلاقات السودانية الصينية بمناسبة مرور 50 عاماً على نشوء التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. لقد توفر التلفزيون القومي بالساعات الطوال لدراسة و تحليل تلك العلاقات وتكبد الضيوف مشقة الحضور للحديث عن الأمر و إن لم أر الكثير من الإجتهاد في الطرح وهذا أمر معتاد في ضيوف البرامج الحوارية السودانيين إذ يأتون دون إستذكار ويقولون أي كلام ثم يعودون إلى بيوتهم. غلب على تلك التغطية منهج بدوي يعتمد على تطويق عنق الصين بالجمائل. يتحدث التلفزيون لأيام بمودة عن الصين ويفترض أن يقابل السودان بكرم مماثل في الصين الشعبية حتى وإن لم يفرغ التلفزيون الصيني المهيب مذيعاً واحداً للحديث عن السودان. في السلوك البدوي والعلاقات القبلية (القبائلية) يتم الإعتماد بشكل كامل على أسلوب رد الجميل بمعنى أن يزور زعيم القبيلة الفلاني ديار القبيلة العلانية فيستقبل بالذبائح والدفوف ليأتي العام المقبل فيرد تلك الذبائح والإستقبالات الحاشدة لمضيفه السابق. هذا المنهج (منهج قدِّم السبت تجد الأحد) لا يعمل في العلاقات الدولية للأسف. لن تبني الصين قراراتها في التعامل مع السودان إكراماً لبرامج تلفزيونية بعضها شديد التواضع حتى ولو أفردت الحكومة قناة خاصة للصين. العلاقات السودانية الصينية علاقات تجارية فقط ولا يتجاوز الوداد فيها ما ينشأ ما بين المشتري والبائع (بتعبير سيمون كيلر الذي سنأتي على ذكره لاحقاً). في العالم أمثلة أضخم من هذا، فالمكسيك تتبادل ما يزيد عن ال85% من تجارتها الخارجية مع الولايات المتحدة التي يعيش فيها 20 مليون مواطن من أصول مكسيكية نصفهم من أبناء الجيل الأول. هناك عائلة من كل خمسة عائلات مكسيكية يعيش أحد أفرادها في الولايات المتحدة ومع ذلك فالبلدين ليسا صديقان كما إنهما ليسا حليفان سياسيان أو إستراتيجيان بل بين الجارين اللدودين ما صنع الحداد من خلافات تبدأ من قضايا الهجرة و لا تنتهي بالتعاون العدلي والقضائي. ما تزال النخبة السياسية المكسيكية تتحدث عن علاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية على أنها صاحبة الأولوية القصوى. لا يمكن بناء العلاقات الخارجية على معلومات غير صحيحة أو مضللة و لايمكن للسودان أن يقدم أوراق إعتماده صديقاً للعالم وهو يحمل فكرة خاطئة عن نفسه ناهيك عن العالم الذي ينوي صداقته. المطلوب هو بناء أو ترميم العلاقات الخارجية على أسس واقعية. الصين دولة عظمى مثلها مثل الولايات المتحدة والعظماء لا يصادقون الصغار.هل يمكن أن يصادق السودان أو يقيم تحالفاً إستراتيجياً مثلاً مع جزر القمر أو بورتوريكو أو جامايكا؟ لا أعتقد ، ليست هناك حاجة لكل هذا وإن كان ثمة مصلحة فلتقتصر العلاقة عليها. الدول العظمى سريعة الغضب ونافذة الصبر ومجبولة على الخيانة لذا لا يمكن الإعتماد على صداقتها أو التحالف معها. في قمة سنوات ما سمي ب(الحرب على الإرهاب) إبان إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش كان بيرفيز مشرف هو الحليف الأكبر لواشنطن. كان يتلقى الدعم العسكري والسياسي الهائل وكان رجال واشنطن من عسكريين ومدنيين وصحفيين وكتاب وعملاء مخابرات وجواسيس ومرتزقة ومغامرين يسدون الطرقات المزدحمة أمام مداخل الفنادق الكبرى في مدن باكستان. بالمقابل كان رجال مشرف يجولون في واشنطن مثلما كانوا يجولون في إسلام أباد ويحاولون التحدث بإنجليزية أهل تكساس حتى أن رئيس حكومة متأنق إسمه شوكت عزيز، سولت له نفسه الأمارة بالسوء إغواء وزيرة خارجية الأمبراطورية الصديقة فلم يجد منها سوى نظرة إزدراء(السياسة الكويتية 30/5/2007 م). كل هذه الحميمية لم تغفر للدولة النووية، فحين إختلف أحد رجال مخابراتها الكبار مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي ريتشارد أرميتاج رد عليه الأخيربأن " عليه الإستعداد للقصف والإستعداد للعودة إلى العصر الحجري" (حوار بيرفيز مشرف مع شبكة سي بي إس الأمريكية 24/9/2006 م). ما أغنى النووي عن باكستان شيئاً وها هي تُهدَد بأن تعود للعصر الحجري بواسطة مساعد وزير فقط. حين سقط حكم الرئيس مشرف تخلت عنه واشنطن بسهولة لتدخل أصبعها في حلق خلفه آصف على زرداري. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إحتيال السفارة السودانية بأمريكا إعلامياً / دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي .. (Re: مجاهد عبدالله)
|
Quote: اليوم فقط تناقلت وكالات الأنباء خبر البرود الذي يسري في أوصال العلاقات الأمريكية- الأفغانية، إذ ورد أن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما لم يتحدث منذ إنتخابه إلى نظيره الأفغاني حميد كرزاى مما يعزز التكهنات بتحول في موقف واشنطن إزاء حليفها الذي وضعته على سدة الرئاسة فيما هو مقبل على إستحقاق إنتخابي في أغسطس من هذا العام.سجل كرزاى إسمه في السجل الخالد للعملاء الأمريكيين لكنه الآن يقعد معزولاً ، ما أغنى عنه هو أيضاً ماله، هلك عنه سلطانه. في ورقة بعنوان" الصداقة بين الدول: الإلتزامات والحريات" قدمها أمام الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية في واشنطن (1/9/2005 م)يجادل البروفيسور بيتر ديجيسير أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا بأن الصداقة ممكنة بين الدول مثلما هي ممكنة بين البشر مشيراً إلى أن الدول يمكن أن تقيم بإيجابية بعض المزايا في دول أخرى ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نشوء علاقة صداقة بينها تماماً مثل الأفراد. و يقول ديجيسير أن الدول من خلال مثل هذه الصداقات يمكن أن تلعب دور الفاعل الأخلاقي هي نفسها وبمعزل عن أعضائها (سكانها) أو صناع القرار فيها كاشفاً عن أن بعض الدول ربما وجدت نفسها أقرب إلى البعض الآخر من الدول بسبب التأريخ أو الثقافة أو الهوية .أجمل ديجيسير رأيه بأنه في حالة إرتباط دولتين بصداقة فإن كلا من الدولتين تتوقع من الأخرى عدة أشياء منها : التشاور ، التواصل الصريح، المساعدة العسكرية والمالية، المعاملة بالمثل موضحاً أن هذه التوقعات تصير ملزمة لكلا الطرفين. بالنظر لنموذج الصداقة السودانية-الصينية (المزعومة) لا يمكن توقع المساعدة الصينية العسكرية أو المالية من بكين في حالة الحاجة وهو ما يسقط أحد أركان الصداقة التي أشار إليها ديجيسير والحقيقة أنه لا يتوقع من الدولة الشيوعية الكبرى أن تساند السودان حتى بحق الفيتو الذي حصلت بمساعدة الخرطوم عام 1959م كما زعم الدكتور المشار إليه آنفاً، لكن هذا لا يعني أن العلاقات مع الصين وصلت إلى مداها بل على العكس يمكن تطويرها. لا تتخلى الصين عن أصدقائها الفقراء في أفريقيا أو المحيط الهادي لأسباب مرتبطة إضافة إلى مصالحها الإقتصادية بحضورها الدولي وصراعها لإستعادة تايوان التي تتبع ما يسمى ب(دبلوماسية دفتر الشيكات) في الدول التي لا يوجد فيها حضور صيني.إذن العلاقات مع الصين لا بأس بها ويمكن تطويرها إلى مدى معقول، وقد شهدنا أنها تطورت من علاقة بين شركاء تجاريين إلى درجة أعلى قليلاً بعد تعيين بكين مبعوثاً خاصاً إلى دارفور لأسباب لا علاقة بها بإهتمام الصين بالصراع وإنما بسبب الضغط الذي عانت منه من الغرب خصوصاً إبان تنظيم الأولمبياد. في ورقة طريفة وعميقة بعنوان (ضد الصداقة بين الدول) يرفض البروفيسور سيمون كيلر أستاذ الفلسفة بجامعة ملبورن الأسترالية فكرة ديجيسير تماماً ويقول أن الصداقة بين الدول غير ممكنة وإن علاقة الشركاء التجاريين فيما بينهم لا تعدو على كونها أشبه بالعلاقة التي تنمو بين الزبون وتاجر القطاعي وأشار إلى أنه يمكن لدولتين شريكتين تجاريتين أن تكونا عدوتان سياسياً. لقد خطرت على الفور ببالي طبيعة العلاقة بين فنزويلا والولايات المتحدة أو بين مصر وإسرائيل. يستعيض كيلر عن مفهوم الصداقة بمفهوم التحالف الإستراتيجي الذي يوضح أنه علاقة طويلة المدى بطبيعتها وأنها تشتمل على تشكيل تحالف إقتصادي ودبلوماسي وأن ترتبط بمشروعات بنية أساسية مشتركة أو مشروعات تعاون بطرق أخرى و الأهم من ذلك هو ما يسميه "إستعداد الحليف لإتخاذ خطوات لا تتوافق مع مصالحه المباشرة.فقد يصوت بلد ضد مصالحه المباشرة في محفل دولي مثلاً من أجل مساندة حليف وإبقاء التحالف الإستراتيجي طويل المدى حياً". عموماً فإن السودان بحاجة ملحة إلى مثل هذا النوع من العلاقات سواء سميناها صداقة أو تحالف إستراتيجي ولعل تورط الحكومة في منابر متعددة للتفاوض مع قوى سياسية أو عسكرية مختلفة والوصول معها لإتفاقات متناقضة في بعض الأحيان يعكس طبيعة العجز في علاقات الدولة الخارجية أكثر مما يعبر عن الحاجة الحقيقية لمثل تلك الإتفاقيات. فبغض النظر عن إتفاقية نيفاشا والتي كانت ضرورة وطنية لاخلاف عليها فإن إتفاقية أسمرا مثلاً مع جبهة الشرق كانت في غالبها محاولة لترضية وكسب ود إرتريا بطريقة ملتوية ولو كانت العلاقات جيدة مع الجارة الشرقية لإنتفت الحاجة تماماً إلى تلك الإتفاقية. مثل هذا الزعم يمكن أن يصح على إتفاقية القاهرة مع التجمع الوطني والتي أرادت بها الحكومة كسب ثقل الدولة المصرية في قضايا أخرى بتقديم القاهرة بمظهر المساهم في تحقيق السلام في السودان وهو ما كانت الحكومة المصرية فعلاً بحاجة إليه في الداخل لمواجهة تراجع دورها في الصراع العربي الإسرائيلي وهذا أمر يمكن بسهولة الخلوص إليه من خلال عملية فحص عابر لتغطية أجهزة الإعلام المصرية الرسمية لمراسم توقيع تلك الإتفاقية التي يعرف السودانيون جميعاً أنه تم التوقيع عليها قبل التوصل إليها. هكذا يمكن النظر إلى إتفاقية أبوجا مع مناوي وإتفاقية الدوحة القادمة مع خليل إبراهيم وغيرها مما يصح فيه القول بأنه لو كانت للحكومة علاقات خارجية جيدة لكفتها شرور تلك الإتفاقيات وما أفرزته من كلفة مالية وترهل وظيفي وتنصيب لمن هم غير مناسبين في مواقع كثيرة وإبعاد ذوي القدرة لصالح حملة السلاح مما ينخصم بالضرورة من التنمية ويضع البلد كلها في خانة الإنتظار ريثما تتغير الأمور. ما هو المخرج إذن؟ أشرنا في الجزء الأول من المقال إلى أن ضرورة التواصل مع القوى الدبلوماسية المتوسطة بالدرجة الأولى وتطوير العلاقات معها بحيث تستوجب تلك العلاقات من تلك الدول وفي إطار المصلحة المشتركة والمعاملة بالمثل أن تساهم في حماية أمن ومصالح السودان وإستخدام نفوذها لدرء خطر القوى الكبرى عن البلاد. (يمكن أن تقرأ هذه الفقرة مع إعلان الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا رفض تأجيل إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير- 13/2/2009 م). ليس هناك تعريف محدد للدول التي يمكن تصنيفها بقوى متوسطة –وفقاً لموقع ويكيبيديا على شبكة الإنترنت- لكن التعبير ينطبق على الدول التي تمارس تأثيراً كبيراً أو معتدلاً وتحظى بتقدير دولي بالرغم من أنه لايمكن تصنيفها كقوى عظمى. ويضيف الموقع أن القوى المتوسطة هي "الدول التي تضع ثراءها النسبي ومهاراتها الإدارية وهيبتها الدولية في خدمة الحفاظ على النظام والسلام في العالم. تساعد هذه القوى المتوسطة في الحفاظ على النظام العالمي عبر بناء التحالفات والعمل ضمن الوساطات". هناك دول جارة مؤهلة لتكون حليفة إستراتيجية وصديقة للسودان رغم بعض المصاعب هنا وهناك. فمصر وليبيا والسعودية تمتلك كل منها عناصر كبيرة ومصالح طويلة الأمد لتحافظ على علاقات صداقة مستمرة مع السودان. لعل مصر هي الأولى بالصداقة لكن عوائق تطوير العلاقات مع الجارة الشمالية تبقى فيها وليس في السودان فبالرغم من آلاف السنوات من الجوار والحروبات والزيجات المشتركة و التبادل التجاري والنيل فإن أمر السودان ما يزال ملفاً مخابراتياً مرتهناً لذلك الجهاز في أرض الكنانة. كل مظاهر التحسن في العلاقات السودانية المصرية من ناحية القاهرة تصاغ في قلم المخابرات العامة. وزارة الخارجية أو غيرها من المؤسسات لا تملك أدنى صلاحية لإتخاذ القرار في هذا الملف ولعلنا نشهد تصريحات المسئولين المصريين من خارج هذه الدائرة عن السودان ( يمكن العودة لأرشيف تصريحات رئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور ومفيد شهاب وزير شئون مجلسي الشعب والشورى وغيرهما). حديث غالبية المسئولين لا يتجاوز التعبير عن مودتهم وهي صادقة في أغلب الأحيان للشعب السوداني ولكنهم يعرفون موطن الخلل. ما زاد سوءاً في الفترة الأخيرة هو حالة الركود التي تمر بها أجهزة الدولة المصرية وصعوبة الحصول على إستجابة سريعة وقرار بشأن قضايا العلاقات مع السودان في ظل المركزية الشديدة والآلية البطيئة لإتخاذ القرار وهذا البطء هو ما انعكس سلباً على دور مصر كقوة دبلوماسية متوسطة وأسهم في صعود قوى أخرى لملء الفراغ الناتج عن غياب القاهرة. لا محالة أن مصر مقبلة على تغيير سياسي في مدى غير بعيد وقد ينجح التغيير المقبل في نقل طبيعة النظرة المصرية لمصالحها في السودان من التركيز على الماء والثروات والرجال التي طبعت هذا الملف منذ عهد محمد علي إلى نظرة أشمل تستوعب الإقتصاد و الثقافة والرياضة والمشروعات الإستراتيجية والتحالف السياسي والدبلوماسي. في تقديري أن السودان يبذل الكثير في سبيل تلك العلاقات بوجود ثلاث سفارات سودانية في القاهرة (إذا أضفنا مكتبي الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني) وبالجهود الضخمة في التبادل الثقافي والتلفزيوني والجانب الرياضي وقد شهدنا كيف إحتفى السودان (الرسمي) بإنتصارات مصر الكروية قبل وقت غير بعيد دون أن ينتج عن تلك البادرة أي تطوير للعلاقات ولو في جانبها هذا فقط. بالإضافة للدول التي أشرنا إليها هناك الأردن وقطر اللتان ترتبطان بعلاقات وثيقة مع الغرب ويمكن تطوير العلاقات معهما في الجانب الإقتصادي مثلاً مقابل الكسب السياسي فالأردن بحاجة لا مناص منها للتعاون الإقتصادي لتفادي المصاعب الإقتصادية المزمنة فيه أما قطر التي تتطلع للعب دور سياسي كبير فيمكنها الإستفادة أيضاً من الطاقات الإستثمارية الكبيرة في السودان. قد يعتقد البعض أن قطر غير مؤهلة بحجمها الصغير وعدد سكانها القليل للعب دور على المسرح الدولي لكن الحقيقة أن قطر تلعب بالفعل دوراً دولياً مؤثراً سواء من خلال تعاونها العسكري الوثيق مع الولايات المتحدة أو بثروتها المالية أو من خلال أمبراطورية الجزيرة الإعلامية ذات التأثير الكبير إضافة إلى بروزها كلاعب أساسي ومهم في القضايا العربية سواء من خلال إرتباطها بالقضية الفلسطينية أو علاقاتها العلنية مع إسرائيل أو وساطاتها في القضايا السودانية. هناك الكثير من القوى الأوروبية والآسيوية والأفريقية المؤهلة لصداقة السودان ولا أعتقد أن هناك حاجة لذكر أمثلة لكن ينبغي التركيز أيضاًعلى الدول التي لديها صراعات دولية مزمنة فهي أكثر إستعداداً لقبول التطوير في علاقاتها السياسية حتى وإن لم يرتبط ذلك التطوير بمكاسب إقتصادية أو أخرى عاجلة مثل الجزائر وباكستان وسوريا وغيرها. المهم في الأمر أن تكون هناك فلسفة تنظر لإستخدام العلاقات الخارجية لصالح الدفاع الوطني والأمن القومي. |
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=163308
| |
|
|
|
|
|
|
|