دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: هشام آدم)
|
العزيز هشام ادم ,
تحياتى و تقديرى لمجيئك و للمصافحة فلكنا فى الهوى خرطوم !
فرحت حقا لكلماتك الجميلة و عين الحقيقة انها و كلمات العزيز خالد زميلى صنوان فى تداعى الذاكرة و صدق الاحساس فتشابهت و تناصت لتاتينا بزمر من الجمال مرحى بك و به اينما كان !
Quote: سألتك بالذي يعلقك مراراً
فوق جدار ذاكرتي
هل تقطع ما وصلناه امتداداً بين قلبينا أم تمدد ما قطعناه احتراقاً
ثم أنتِ مثلما ألقاكِ في كل المواسم بين بردِ الصيف والصحو المفاجئ والشتاء |
هشام خالص امتنانى لاسهامك و اسعد بك دوما !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Nadia Elsir)
|
________________________
جامعة الخرطوم : 1994 - 1998
في اليوم الأول للتسجيل، كنتُ أقف في الصف مراقباً فتاة "حلبية" يبدو أنها ليست سودانية، كان منظرها غريباً وسط الجموع الغبشاء وكانت تقف هي الأخرى حائرة، لا تدري أين تذهب أو ماذا تعمل، وكانت تحتاج فعلاً إلى مساعدة. نظرت إليّ وكانت تعلم أنني أتابعها بنظراتي تقدمت نحوي وهي تحمل ملفاً به العديد من الأوراق:
- لو سمحت، شو أسوي هلا؟
أخذت الملف من يدها، وأنا أتفحصه جيداً وأسألها:
- دفعتِ رسوم التسجيل؟ - إيه لِيكو دفعتو - دفعتِ رسوم الجامعة؟ - إيه ليكو دفعتو - دفعتِ رسوم الجكسي؟ - شو؟ شو هاي الجكسي؟ - لا لا لازم تدفعي رسوم الجكسي ... - وأد إيش حقو؟ - 3000 جنيه .. ألحقي مكتب المسجّل قبل ما يقفل.
حملت الفتاة الملف واتجهت إلى مكتب مسجل كلية الآدب وكان وقتها الأستاذ : حسن جعفر وبالطبع فإن مكتب مسجل الكلية في مثل ذلك الوقت يكون مزدحماً، فبدأت تزاحم معهم ظنّاً منها بأنهم جميعاً يحاولون دفع رسوم الجكسي. فمدت إلى الأستاذ حسن جعفر ملفها مثل البقية ولكن الجديد بالنسبة للأستاذ حسن جعفر أن الملف كان يحتوي على نقود أيضاً .. لا أدري، ولكنني أخمّن أنه ظنّها رشوة!! فقال لها "ده شنو يا بتي؟" فصرحت وهي تجاوبه لأن المكتب كان مكتضاً بالناس "هاي حق رسوم الجكسي أستاذ" عندها توقف الضجيج، حتى لأننا بدأنا نسمع أصوات أنفاس الجماهير بكل وضوح، وبدأ الناس ينظرون إليها باستغراب ولسان حالهم يقول "دي شنو الحلبية الما عندها خِشا دي"!!!
عن نفسي فقد انسحبت وعدتُ إلى مكاني في الصف. وعندما خرجت، كانت تبحث عني لتسمعني كلمات هزّتني بقوة. وجعلتني أشعر بأنني لا أسوى شيئاً "هيك؟ هيك بتسووا مع ضيوفكو؟ شو قلة الحيا هي؟" بالتأكيد قدّمت لها اعتذاراتي البالغة، وحاولت أن أشرح لها موقفي ولكنها لم تكن لتستمع إليّ حينها، ولكن ومع مرور الوقت، استطعت أن أكسب ثقتها، وأصبحت من أعزّ زميلات الدراسة اللواتي عرفتهن. هي الآن سيدة متزوجة ولديها أطفال، ومديرة تحرير في مجلة محلية في سوريا الشقيقة، وما تزال المراسلات بيننا لم تنقطع.
ما زالت تذكرني في كل مرة برسوم الجكسي، وتعتبرها من أجمل الذكريات لها في جامعة الخرطوم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: هشام آدم)
|
هشام العزيز ,
Quote: هي الآن سيدة متزوجة ولديها أطفال، ومديرة تحرير في مجلة محلية في سوريا الشقيقة، وما تزال المراسلات بيننا لم تنقطع. ما زالت تذكرني في كل مرة برسوم الجكسي، وتعتبرها من أجمل الذكريات لها في جامعة الخرطوم. |
تحياتى للبرلومة السورية حينها و التجلة لها الان و قد نهلت من جامعة الخرطوم العريقة و تاهلت لتصبح رئيس تحرير فى بلادها !
شكرا هشام و شكلك كنت برلوم بسنونك !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Nadia Elsir)
|
المكان الجامعة الخرطوم حينها اشبه بمتحف طراز معمارى مميز ردهات واسعة اقواس مهيبة
الزمان حين الديمقراطية بدأت تشكونا لله و خلقه تكميم افواه اعتقالات واسعة فصل متعسف لم يرحم و لم يخطئ اسرة الا و طالها موت للاستشهاد بجلال
فكنا بين رحى الزمان والمكان نكابد و نحدق صوب الشمس !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Nadia Elsir)
|
_________________________
أذكر أن مدرّسة اللغة الإنجليزية السنة الأولى كانت "خواجية" تدعى "زوريخا" لا أعرف جنسيتها على وجه التحديد، ولكنها كانت أستاذة صارمة جداً وإليها أعزو رغبتي الجادة في تعلّم اللغة الإنجليزية التي لم تكن وقتها شيئاً يذكر. ذات يوم، وبينما كنت أنتظر موعد المحاضرة في قاعة 102 "عبد الله الطيب" مرّت عليّ إحدى الزميلات لتخبرني أن المجموعة تأخذ المحاضرة في مجمع الدراسات الإسلامية قرب جامع جامعة الخرطوم. وأنها قدمت من هنالك للتو.
هرعت إلى هناك، وكنت قد تأخرت ما يربو على الربع ساعة عن المحاضرة. وعندما دخلت القاعة، التفت إليّ وبدأت "ترطن" بالإنجليزية ولم أفهم من كلامها شيئاً. ولكنني خمّنت أنها تسألني عن سبب تأخيري، فأصبحت أردد "eating .. eating" عندها قالت لي جملة طويلة لم أفهم منها حرفاً واحداً ولكنني أيضاً خمّنت أنها تحذرني من التأخير مرّة أخرى، فاعتذرت وأنا أقول "sorry.. ok ok " وجلست في أقرب كرسي متاح. ولكنها ظلت ترمقني بنظرات ملتهبة. كنت أقول في سري "الخواجية دي مالها ماخدة الموضوع بجديّة كده؟" ولكنها وبعد وقتٍ قصير، أمسكت الطباشير وعادت إلى الشرح.
عندها .. التفت الزميلة التي جلست إلى جوارها وهي تقول في همس "على فكرة يا هشام الأستاذة دي طردتك" عندها انتفضت ووقفت لا شعورياً وأنا أشعر بخجلٍ شديد، وعرفت سبب نظراتها الغاضبة تلك .. وخرجت على الفور، وهي تنظر إليّ بنظرات استغراب شديدة. ومنذ ذلك الوقت، وضعت دراسة اللغة الإنجليزية في أولى اهتماماتي الأكاديمية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Nadia Elsir)
|
ندوية ..
نقوش على جدار الذاكرة ..
في صغرنا .. وكان بالجامعة كل من بنات خالتي و اولاد خالتي وولد خالي وبنت خالي .. وفي الادارة الخالة العزيزة سعاد حيمورة مسجل كلية الدراسات العليا وتدرجت الى ان وصلت نائب وكيل كلية الطب الان .. والاخت اخلاص حيمورة والاخت اقبال حيمورة في ادارة الجامعة ايضا..
لي مع جامعة الخرطوم صولات وجولات ..
فقد كنا نذهب اليها وحينها كنا في المتوسط .. متابعين لنشاطها الطلابي من اركان نقاش وحتى تلك الاحتفالات التي يشهدها كا من الميدان الشرقي والميدان الغربي ..
وحينما كنا نذهب لا نذهب فرادى كعادتنا اقل شي بنأجر لينا حافلة ونمشي بيها ..
واهمها ذلك اليوم الاغر بعد الانتفاضة والذي تغنى به وردي ..كنتي وين الوقت داك ..
ناهيك عن كل تخريج يكون لن به متخرج ..
ام ارتباطها الدراسي بالنسبة لي فلا يتعدى الكورسات الصيفية التي تقيمها الجامعة والتي دائما كانت تشملنا ..
فهي جامعة عملاقة بكل المعاني .. فهئنيا لك تخريجك منها ..
ننتظر نقوشك انتي
ودمتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Nadia Elsir)
|
Quote: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة |
و ما أروع نقشها و الحديث عن جامعة الخرطوم يحلو و يطول أمنياتي أن تعود لمكانتها السابقة فما تآزت منه كان أكبر شكرا نادية و انت تعودين بنا و تدعينا لبر الأم الرؤوم فزكراها عالقة في الوجدان و عندها بدأت المسيرة مودتي
1998-2003 هندسة مساحة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: عبده عبدا لحميد جاد الله)
|
العزيز عبده , سلامى و تحياتى
Quote: جامعة الخرطوم نقوش على جدار الذاكرة لايمكن ان يمحوها الزمن |
نعم هى نقوش عصية على النسيان لملامستها الوجدان بصدق و عمق قل ما تجده فى نظيراتها فالمكان يعبق بالتاريخ و احداثه العظام التى كان لها الدور الكبير فى احداث التغيير فى احوال البلد و اهله
Quote: لك التحية ،والتحية عبرك الى كل من زاملناهم والذين لم يبخلوا علينا بعلمهم وجميع الموظفين والعاملين الذين قدموا لنا الدعم اللامحدود،وتحياتي الخالصة الى العم جمال وعوض الرباطابي بسفرة المين.
|
اكرر معك التحايا و التقدير لكل من جمعته الاقدار فى دروبها الرحبة !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: غباشي)
|
العزيز *الباشمهندس غباشى ,
تحياتى لك و انت هنا لنتلمس معنا روعة نقوش الخرطوم الجامعة فى دواخلنا جميعا نعم هى ام رؤم و حبيبة غالية ضمتنا اروقتها حينا من الدهر و ان كانت بعضهااتشح بالقسوة و العنف الا انها قطعا اسهمت فشكلتنا و صاغتنا لمجابهة الحياة !
*هندسة و كافتيريا هندسة و السوق الشعبى امكنة حملتنا نحوها خطاوى مشينها فرسمنا بيها فى الذاكرة احلى النقوش !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Nadia Elsir)
|
Dear Nadia, Thanks for this post about University of Khartoum. Attached an article about U of K 40 years ago Regards
الذكريات ... وأنا محمد موسى جبارة [email protected] في يوم كهذا وشهرٍ كهذا قبل أربعين عاماً وقفنا ألفا وخمسين طالباً وطالبة في قاعة الامتحانات الكبرى بجامعة الخرطوم...
كان اليوم خميساً السابع والعشرين من يوليو من عام الهزيمة العربية التي تحايلنا عليها وأسميناها النكسة...
إلى الخرطوم جئنا من كافة أنحاء القطر، حملتنا إلى ذلك المبنى الإمبريالي الرابض على ضفاف النيل الأزرق، طائرات وبواخر نيلية وقطارات ولواري ومراكب شراعية ودواب...
خاطبنا العالم الجليل بروفسير النذير دفع الله مدير الجامعة وقت أن كانت مستحقةً لتلك التسمية قبل أن يهدم أركانها بعد أن صاروا حكاماً، بعض من الذين منحتهم العلم والمعرفة دون مقابل...
هنأنا المدير على دخولنا ذلك الصرح الشامخ مذكرا إيانا بأننا توجنا مراحل التعليم الأُخر بدخولنا الجامعة، وحذرنا في ذات الوقت بأن ذلك عالم جديد متكامل يختلف عن ما عهدنا من مراحل التعليم السابقة، منبهاً بأن دخول الجامعة لا يعني نهاية المطاف فلا بد من الكد والعمل ومتابعة الدرس والتحصيل والاعتماد على النفس حتى نتمكن من التخرج...فالتخرج من الجامعة أصعب من الدخول إليها كما ذكر...كنا مزهوين بنشوة الوصول إلى هناك فذكرنا ذلك العالم الكبير بأنه ما زال في الطريق خطوة...
وحيداً كنت من مدرستي غريباً كطير الرهو لا أعرف سوى الذين سبقوني للجامعة فظللت أتلمس خطواتي حتى عثرت على رفقة من أبناء كوستي الثانوية في داخلية الحقوق التي أُلحقنا بها زرافات ووحدانا في انتظار توزيعنا على الداخليات الأخرى...
حولنا غرفتنا الكبيرة إلى غرفة عمليات يلتقي فيها الطلبة "البرليم" وأصدرنا صحيفة حائطية أسبوعية أسميناها الشعلة ترأس تحريرها حسن عبد العزيز مشعال، وكان من بين محرريها د.عابدين محمد شريف والسفير عوض محمد حسن "سخانة" وكان خطاطها الدبلوماسي النابه والصديق الصدوق أحمد عمر احمد البشير.
فيما بعد سكنت بداخلية عطبرة "ب"، وفي مخزن بداخلية كسلا إلى الغرب من داخليتنا كان يسكن عبد الباسط سبدرات، وفي قبالته كان حاج نور وجعفر ميرغني في داخلية القرشي...ذات مساء كادا يزهقا روحه خنقاً بعمامة احديهما لولا تدخل بعض الطلاب حال عودتهم من السينما عند منتصف الليل، فقد كان عبد الباسط سليط اللسان، وكان وحاج نور على طرفي نقيض قبل أن تجمع بينهما سنوات الإنقاذ... ولله في خلقه شئون...
طلبة السنوات المتقدمة كانوا عادة يسكنون داخليات بحر الغزال وبحر العرب والرهد...حاج نور عشق البركس وعاش هناك طيلة سنوات دراسته الجامعية التي امتدت لأكثر من ثمان سنوات ...كان مظهره لا يتسق مع هندام طلاب الجامعة في ذلك الوقت...اشعث أغبر وينتعل الشيقيانه، تحسبه ابا ذر الغفاري من فرط مظهره المتقشف...قال جعفر نميري لفؤاد الأمين عندما وقف حاج نور أمامه لأداء القسم قاضياً للطوارئ: "الزول دا ما لقى يأكل لا بالحرام لا بالحلال"؟... رحم الله حاج نور، تلقي عليه بالتحية فيحضنك حتى تستغيث...لقد كنا وقتها على براءة من أمرنا رغم إنّا من عطبرة...
في ذلك العام هبطت أمطار كأنما انشقت عنها السماء وسبحت الخرطوم في بحر من مياه المطر قال العارفون إن الخرطوم لم تشهد مثله منذ فيضان 1946...أمبدة كانت قرية صغيرة يسكنها بعضٌ من عرب الجموعية، ذهبنا لإنقاذها من المطر ضمن جمعية تطوير الريف السوداني التي كان يرأسها صديقنا على محمود وسكرتيرها العام كان السفير حالياً أحمد مكي...تعثرت خطاي في بئر غمرتها مياه المطر وهبت لنجدتي صبية لم أكن لأنساها، لقد صارت الآن جدة...كم يقسو الزمان على بعض ممن خلق الله في أحسن تقويم...
في أغسطس من ذلك العام سمعنا لاءات الخرطوم الثلاث وركضنا خلف عربة عبد الناصر من المطار إلى القصر وهتفنا للوحدة العربية التي لن تكون....كان هناك الأزهري والمحجوب كما كان مولانا الختم والإمام الهادي وعبد الخالق والصادق وشيخ حسن...كانت الخرطوم قبلة ومنارة، نهارها مواكب وعصرها "ليق" و"سنتر ليق"، وليلها سمر وندوات وأشياء أخرى ليست للذكرى...فقد كان الزمان زين والشَعَر مغطي "الأضنين"...
وكانت الجامعة الملتقى والمنبع والمصب...طلبتها على ثقة من النفس تجعلهم يعتقدون أنهم يسودون العالم فكراً وعلماً وعملاً...وكانت تلك حقيقة...جامعة الخرطوم لم تُنشأ لتخريج سياسيين، كان الهدف منها تخريج علماء ومهنيين وتكنوقراط وقد نجحت في ذلك أيما نجاح وما زال مهنيوها الذين تخرجوا في زمانها الزين يشار إليهم بالبنان أينما حلوا...
قادتها الطلابيون في ذلك العام، كانوا خالد المبارك رئيس الإتحاد من الجبهة الديمقراطية والمرحوم آدم محمد آدم من المؤتمر الاشتراكي الديمقراطي في السكرتارية وكان رئيس المجلس الأربعيني شاعر الانتفاضة فضل الله محمد من الجبهة الاشتراكية...
على زعامة الاتجاه الإسلامي كان الطيب زين العابدين ومهدي إبراهيم وحسن محمد علي التوم وبشير حسن بشير في الصف الأول، وكان هناك قطبي المهدي واحمد إبراهيم الطاهر وحاج نور وجعفر ميرغني وتاج السر مصطفى وأميرة عبد المطلب وأميرة بشار...أما نائب الرئيس الحالي فقد كان في سنته الجامعية الثانية عند دخولنا الجامعة...
في قيادة الجبهة الديمقراطية كان هناك خالد المبارك وعثمان جعفر النصيري وعبد المنعم عطية والشاعر الرقيق على عبد القيوم وتوفيق السنوسي وعبد العظيم حسنين وكامل عبد الماجد ومحمد تاج السر وشامة تمساح وفاطمة بابكر وآسيا محمد الحسن، بينما كان يقود المؤتمر الاشتراكي الديمقراطي عمر المرضي ومكاوي عوض وأحمد يوسف التني والتجاني عثمان أبكر وعلي صديق "على كورة" ونايلة بابكر والأختان سارة وعزة أنيس، وأحمد عثمان سراج وعبد الرحمن إبراهيم محمد "صهيوني"...
انضممت إلى هذا التنظيم منذ اليوم الأول لدخولي الجامعة وأذكر جيداً ذلك الاجتماع في قاعة بابكر حسن عبد الحفيظ بكلية القانون والذي تقرر فيه توحيد تنظيمي المؤتمر والجبهة الاشتراكية في نفس ذلك العام ليصبح الإتحاد الاشتراكي الديمقراطي الذي صرت لاحقاً أحد رؤسائه...
ترأس ذلك الاجتماع عمر المرضي، ورفض الوحدة كل من علي صديق وعبد الرحمن إبراهيم وشخصية أخرى لعبت دوراً بارزاً في مسألة الفلاشا ألا وهو موسى إسماعيل...موسى كان لاعب باسكت ممتاز ورجل حيي...غير أن المرء لا يدري أحياناً أين تقوده خياراته في باكورة عمره المهني، فقد استهواه كغيره من خريجي تلك السنوات العمل الأمني وانتهى به المطاف مشرفاً على عملية موسى...
كان على رئاسة الجبهة الاشتراكية فضل الله محمد وسيد عيسى سيد والطيب حاج عطية وصلاح الزين الطيب...
ود الزعيم كان يرأس القوميين العرب وكان دلدوم الختيم نصيرأ للأزهري وعلى قيادة حزب الأمة كان الزهاوي إبراهيم مالك وعلى حمد ابراهيم والصادق بله...تنظيما الاتحاديين والأمة لم يكن لهما أتباع كُثر، فقد كان طلبة الجامعة وقتها يعتبرون الانتماء إليهما نوع من التخلف السياسي...
كان عبد الله الطيب عميد الآداب قبل أن يتم تشويشها وعمر محمد عثمان عميد الاقتصاد وبروفسير الكارب عميد البيطرة وزكي مصطفى عميد القانون وبروفسير الترابي عميد الهندسة وكان الطب عميدها بروفسير داؤد مصطفى وكان العلوم على رأسها مصطفى حسن إسحق وفي الزراعة كان سعد عبادي وكان أستاذ الجيل البروف محمد عمر بشير السكرتير الأكاديمي...هؤلاء الرجال كانوا دكاترة وبروفسيرات حقيقيين حصلوا على درجاتهم العلمية نتيجة جهد أكاديمي مميز وليس كالذين منحتهم الإنقاذ تلكم الألقاب لولائهم لها...بل أن بروفسير النذير كان من الذين يمتلكون براءات اختراع في علاج مرض أبو دميعات الذي يصيب البقر، رغم وصف "حمودة" له بأنه خالي ذهن.....
لقد كان نصف أساتذة الجامعة وقتها من غير السودانيين...
تعلمنا الأدب الإنجليزي على يدي مس كوك...امرأة كانت في خريف العمر، خطيبها مات في الحرب العالمية فنذرت نفسها للتدريس والعزوبية...
بصوتها الحنون الحزين كانت تلقي علينا رائعة كولريدج "الملاح القديم" وكنا نستمع منها لأشعار شكسبير وييتس وت.س. اليوت وجيمس جويس وغيرهم من شعراء الفرنجة...تلقينا قواعد اللغة الإنجليزية على يد ماكملان رئيس الشعبة، وعلم اللسانيات علمتنا إياه الجميلة مسز اسميث...لا أدرى ما الذي أتى بتلك الفرس الحسناء إلى ذلك البلد لتنشر فيه العلم والجمال معاً؟ الم اقل لكم إن الزمان كان زين...
درّسنا هيكوك التاريخ القديم...استشاط غضباً وضرب الطاولة حتى كاد يشقها عندما قال له أحد زملائنا بأن الحضارة السودانية ما هي إلا امتداد للحضارة المصرية أو appendix كما ذكر زميلنا...قال له هيكوك غاضباً "ماذا تركت إذاً للمصريين ليقولوه؟"
في الفلسفة كان كافنديش وشاهين ولم يكن كمال شداد قد عاد بعد من البعثة... ولمعلومية الأخ طلحة جبريل كانت توجد في جامعة الخرطوم شعبة عريقة للفلسفة درسنا فيها الماركسية والوجودية والشك الديكارتي وأفلاطون وسقراط ومن بين أساتذتها كان الدكتور جعفر شيخ إدريس وتخرج فيها كمال شداد وطه أمير والخاتم عدلان ولعل الزبير بشير طه كان أحد خريجيها...هذا فقط لذكر الذين كانت سيرتهم على أجهزة الإعلام...
"الأنصاري جانا وقال أنا عندي ليكو سؤال
ردت علـيه نــوال برّم شــنيباته"
الأنصاري كان أستاذا مصرياً درسنا على يديه ألفية ابن مالك كان رجل يحب الجمال ويستملح المنظر الحسن، وهذا المقطع جزء من قصيدة:
يا أخــوانا ما تفــوتوه يلا نمشي ون أو تو "102 "...
وهي قصيدة طويلة جادت بها قريحة طلبة تلك الدفعة أو التي تليها، غير أن نوال كانت زميلتنا...ومن بين الذين سقطوا ضحايا المجزرة الأكاديمية التي طالت الكثيرين من طلبة وطالبات تلك الدفعة خصوصاً طلبة الفلسفة الذين سقط تسعون في المائة منهم في ذلك العام...بعد ذلك بعامين فُصلت سيدة التي أبكى فصلها الجامعة وقال فيها الشاعر المطبوع:
مالو العميد
مالو البليد
لو شغّل مُخه العنيد
وخلا ست الناس تعيد...
قصيدة يا سيده لا سارت بها الركبان، متع الله صاحبتها بالعافية...
في شعبة اللغة العربية كان بروف عبد الله الطيب الذي درّسنا المفضليات وعون الشريف قاسم ومنه تعرفنا على فقه اللغة والحبر يوسف نور الدائم وعز الدين الأمين...
من بعد ذلك تعلمنا القانون على أيدي د. زكي مصطفي وكليتون الذي كان لاعب كرة مشهور في الفرق الإنجليزية، وهِل ومور وبارصاد وكريشنا فاسديف وناتالي ألواك ودكتور الضرير وأمين مكي مدني وعبد السميع عمر وسعيد محمد أحمد المهدي ومحمد إبراهيم الطاهر...
رصاص ديجانقو كان يلعلع في سموات الخرطوم وسرتانا كان لا يرحم في الوطنية بحري...كنا نتابع صوت الرصاص إلى الحلفاية بحري والوطنية غرب وكلوزيوم وقد تقودنا أقدامنا الشقية إلى النيلين أو الخرطوم جنوب فيحدث لنا ما يحدث...
ال BN كانت للصفوة، أفلامها منتقاة بعناية لا تعرض على شاشتها الأفلام العربية ولم تستطع "سبنا" بكل حسنها أن تطل من على شاشتها ولا شامي كابور الوسيم استطاع أن يقتحم عالمها...
سمير اسكندر كان يصدح بأغاني الجاز في الكازينو وجار النبي يصرح في آخر لحظة الحائطية: "البار لن يقوم"...
قام البار وأودع جار النبي بعد مايو، خلف الأسوار...
منذ أن دخلنا الجامعة وإلى حين تخرجنا منها مرت بنا أحداث كثيرة على النطاق العالمي والمحلي والجامعي بعضها جسام وأُخر تركت في نفوسنا ندوب لم يمحها الزمن...كان أولها وأكثرها ايلاماً لي، مقتل تشي جيفارا...
ذات يوم وقف عبد الهادي الصديق في منتصف الغرفة العامة "the common room " حيث كنا مجموعة من الطلبة نتجادل في كل شيء...اذكر ذلك اليوم جيداً لأنه كان العاشر من أكتوبر وكان عيد ميلادي...قال عبد الهادي إن جيفارا قُتل أول أمس"...
تألمت كثيراً للنبأ فقد كان جيفارا رمزاً نضالياً لبعض أبناء جيلنا المحبط بالهزيمة...قلت لعبد الهادي ألا ينقصنا سوى هذا الخبر؟...
بعد أن عرف أني من عطبرة، قال لهذا السبب أراك متأثراً لنبأ مقتل جيفارا...
عطبرة بالنسبة إليه كانت توأم بيت المال الذي جاء منه، كانت تعني له كما لبقية أهل السودان النضال والكفاح والثورة، وأهل عطبرة يتجشمون الصعاب ويركبون العجلات يجالدون الإستعمار قديمه وحديثة، يرفضون الفكر الظلامي ويؤمنون بتقدم وازدهار البشرية...عطبرة كانت أول مدينة سودانية تحتضن منتجات الثورة الصناعية، قطار البخار، وقدم أبناؤها أول شهداء تقدمهم مدينة بعد عبد القادر ود حبوبة، عبد الوهاب حسن مالك وقرشي الطيب وعبد العزيز إدريس شهداء النضال ضد الجمعية التشريعية في العام 1946 وشهدت أول بناء نقابي مؤسسي، هيئة شئون العمال...أبناء عطبرة يغشون الوغى ويعفّون عند المغنم لذا تراهم دائماً في قلب الأحداث دون أن يبحثوا عن الزعامة، وإلا كان عبد الرحمن إبراهيم حامد "أبو زرد" على رأس المجموعة الحاكمة في السودان... فقد كان أول طالب يدخل اللجنة التنفيذية من السنة الأولى مرشحاً من الاتجاه الإسلامي رغم وجود على عثمان طه في نفس دفعته.....
عاصرنا من ثمّ مقتل طالب الطب على يد زميله في السكن، وقد كان الحدث الأول من نوعه، هز كيان المجتمع العاصمي وكانت له تداعياته في إصلاح النظام الطبي في العاصمة باجمعها...السبب لم يكن سياسياً كما هو حال قتل الطلاب على زمن ألإنقاذ...فقد كان القاتل مصاب بالشيزوفرينيا وكانت تلك أول مرة نسمع فيها بذلك المرض...
ثم كانت أحداث 6 نوفمبر 1968 والاعتداء على حفل الفنون الشعبية الذي أقامته جمعيتا الثقافة الوطنية والفكر التقدمي التابعتان للجبهة الديمقراطية حيث راح ضحية ذلك طالب في سنته الأولى ولم يعرف من هو قاتله حتى يومنا هذا، رغم أن الجميع حاول أن يستثمر الحدث سياسياً...
في مايو من عام 1969 وقع ذلك الانقلاب المشئوم الذي كان له دور سلبي على مجمل الحياة السودانية... لقد كانت مايو بحق مفترق طرق لم يعد السودان بعده إلى جادة الصواب...كنا عائدين من معسكر لجمعية تطوير الريف في رفاعة نبنى طريق يربط رفاعة بمشرع البنطون عندما سمعنا بنبأ الانقلاب...الطلاب في ذلك الزمن كانت معسكراتهم للبناء وليس للحرب والتدريب العسكري ودورة عزة السودان كما يحدث الآن...
في نوفمبر من نفس العام اُنتخب على عثمان محمد طه رئيساً لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم بعد أن حصل الأتجاه الإسلامي وقتها على 19 مقعداً من مقاعد الإتحاد الأربعين فشكّل الأغلبية في اللجنة التنفيذية بالتحالف مع الوطني الاتحادي والأمة اللذين فازا بمقعدين لكلٍ منهما...
لم يُعمّر ذلك الإتحاد أكثر من خمسة أسابيع...فقد طرح توصية على الطلاب ينقض بها قرار اتحاد عبد العظيم حسنين المؤيد لمايو...اسقط الطلاب تلك التوصية وذهبوا يهتفون بذلك عند منتصف الليل إلى وزارة الداخلية التي كان عليها المرحوم فاروق حمد الله...سقوط التوصية عنى لنا، مستعينين بالطريق إلى البرلمان للزعيم الأزهري، سقوط اللجنة التنفيذية، وكذا كان الأمر بعد أن استقال سبعة عشر عضواً من المجلس الأربعيني...
في العام 1970 وبتوصية من الدكتور جعفر محمد على بخيت المشرف على شئون الطلبة كوّنا سكرتارية الجبهات التقدمية...دكتور جعفر استند في توصيته على أن الإتحاد وفق اللائحة 23 يعتبر جزء من أجهزة الجامعة له دوره في تسيير بعض شئون الطلاب خصوصاً الجمعيات الطلابية التي يشرف عليها الإتحاد، وفي حال غيابه يجب ايجاد بديل له...
في مارس من ذلك العام وقعت أحداث الجزيرة أبا وود نوباوي...وفي نوفمبر من نفس العام وقعت المفاصلة داخل مجلس ثورة مايو أُخرج على اثرها ثلاثة من اعضاء مجلس الثورة بحجة موالاتهم لعبد الخالق محجوب...أما مارس من العام الذي يليه، فقد شهد اصطفاف لواء مدرعات بشارع الجامعة ليبرهن على غباء وغطرسة القوة...ولتلك الأحداث قصة لا بد من ذكرها...
في الرابع من فبراير من عام1970 أصدر جعفر نميري قراراً يقضي بتبعية الجامعة لوزارة التعليم العالي...رفضت سكرتارية الجبهات التقدمية ذلك القرار وأبرقت جعفر نميري بذلك وطالبته بسحبه في 48 ساعة... بالطبع لم يعر الرئيس الأمر اهتماماً بينما تصاعدت وتيرة الحماس الطلابي إلى حدها الأقصى وطالب الطلاب السكرتارية بتنفيذ الإضراب والاعتصام...من وقتها وإلى يومنا هذا ما زلت على قناعة بأن من كبائر الأمور التي وقعت فيها القوى التقدمية بالجامعة، إثارة هذا الموضوع إبتداءاً في زمن كان فيه الطلاب يعانون من هستيريا الامتحانات...وقد كان رأيي أن ننتظر حتى نعود من العطلة...أما وقد اثير الموضوع بتلك الطريقة من التصعيد فإن عدم مواصلته ينطبق عليه المثل الجزائري: "سَلْ السيف عيب وإرجاعه عيبين"...ومن الغرائب أن إدارة الجامعة وهيئة التدريس لم يحركا ساكنا في مواجهة القرار كما فعل الطلاب...
السكرتارية المكونة من الجبهة الديمقراطية والإتحاد الاشتراكي الديمقراطي والبعث العربي والطلاب الجنوبيين لم تستطع الذهاب بالأمر إلى نهايته المنطقية لأسباب التحالفات الموجودة وقتها بين المكون الخارجي لتلك التنظيمات وسلطة مايو، فكان العمل الطلابي ضحية للنفوذ الخارجي الذي كان يقيس الأمور بمقياس آخر غير المقياس النقابي الطلابي...بل أن طلاب الجبهة الديمقراطية قد تلقوا توبيخاً قاسياً من قِبل الأساتذة الذين كانوا يمثلون رأي الحزب الشيوعي داخل الجامعة...
أذكر أنه عندما ساء الوضع قررنا في تنظيم الإتحاد الاشتراكي الديمقراطي أن نتصل بالرئيس جعفر نميري...كان وسيطنا في هذا الأمر الأخ هاشم التني الذي كان يتولى منصب مدير مكتب وزير الشباب...
هاشم جاء لهذا المنصب عندما كان د. منصور خالد وزيراً للشباب...بعد ترك منصور الوزارة وأصبح مندوبا للسودان بالأمم المتحدة شغل منصب وزير الشباب الرئيس نميري بنفسه لفترة قصيرة...نميري كان دائما يملأ الفراغ الوزاري ووصل به الأمر أن شغل في سبتمبر 1975 منصب النائب العام رغم أن من مقتضيات المنصب أن تكون لديك إجازة في القانون...
هاشم كان يسكن في ميز الخريجين في المبني الواقع حالياً داخل وزارة الخارجية، يشاطره السكن المرحوم اشول دينق، فقد كانا صديقين وزميلي دراسة بكلية القانون وكلاهما كان من نابغي الدبلوماسية السودانية...طرقنا باب هشام في العاشرة من مساء العاشر من مارس 1971...
هاشم كان من زعماء الاشتراكيين الديمقراطيين ومن القيادة التي كانت على رأس الاتحاد في ثورة أكتوبر لذا لم يستغرب لجوءنا إليه في هذا الأمر...الرجل حاول كل ما في وسعه لكي يتصل بجعفر نميري لكنه لم يوفق رغم أنه كان مدير مكتبه كوزيرٍ للشباب...وقتها لم يكن الموبايل قد عرف طريقه إلى الأيادي...من ثمّ حاول الاتصال بزملائه في وادي سيدنا من أعضاء مجلس الثورة مأمون وخالد إلى أن أسعفه التفكير بالاتصال بمنزل الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم الذي أصبح وزيراً للداخلية عقب إقصاء بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله من مجلس الثورة في نوفمبر 1970...ابو القاسم لم يكن موجوداً فترك هاشم رسالة لدى زوجته...عند منتصف الليل جاء أبو القاسم الذي كان يسكن بجوار متحف الأثنوغرافيا في الجهة المقابلة لسكن هاشم..كان وحده يقود سيارة فولكس واجن ودار بيننا ما دار من نقاش...كان يبدو من هيئته أنه كان في "قعدة"، فراح يصف نفسه بأنه ديمقراطي ثوري ولا يقل عنا ثورية، وقال إن جعفر نميري غاضب منا ولا يريد أن يلتقي بأيٍ من الطلاب وبخاصة اعضاء سكرتارية الجبهات التقدمية...واقترح أن يأتي هو إلى الجامعة ليخاطب الطلاب...أخبرناه بأننا لن نستطيع ضمان سلامته، وفي هذه الحالة سيسوء الأمر ويخرج عن نطاق المعقول...
وعدنا في نهاية اللقاء بأن يتصل بمدير الجامعة صباحاً لكي يصدر بياناً مشتركاً يوضح فيه أن الجامعة لن تكون جزءا من وزارة التعليم العالي...
الذين حضروا ذلك اللقاء كانوا احمد عثمان سراج وعبد القادر أحمد الشيخ وسيد جلال الدين السيد وكمال يعقوب الصايغ وكمال أحمد الزبير وكمال مصطفى شبر وشخصي وقد كنا جميعا اعضاءاً في المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي الديمقراطي...
سيد جلال الدين كان أول سكرتير لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم من طلبة البرليم...
في أثناء خروجنا علق الأخ هاشم على الطريقة التي تحدثنا بها مع أبو القاسم وهو القادر على اعتقالنا في تلك اللحظة...فقد كنا نخاطبه وكأنه طالب معنا..فيما بعد علمنا بأن هناك من كان يتربص بنا من رجال أمن الرجل إلا أنهم عدلوا عن رأيهم عندما شاهدونا نخرج من نفس المكان...
لم يفي ابو القاسم بما وعد وأنشغل باجتماع مجلس الوزراء في اليوم التالي ولم يصدر البيان إلا متأخراً ومن مدير الجامعة لوحده، فلم يكن ليقنع أحد بمن فيهم نحن الذين عملنا على إصداره...وقتها كانت مجموعة الطلاب العشرة التي قادت الأحداث قد تولت زمام الأمر من السكرتارية وسحبت البساط من تحت أقدامها...وبهذه المناسبة وحسماً للمزايدة التي حدثت بعد ذلك والإدعاء بقيادة ذلك الأمر، لم يكن بين تلك المجموعة من هو على علاقة بالإتجاه الإسلامي...كانوا شباباً شجعان وقد لبوا نداء الطلاب عندما تخلينا نحن عن مسئوليتنا، فلهم التجلة رغم مرور كل هذا الزمن...
حدث بعد ذلك ما سجله التاريخ، وأغلقت الجامعة أبوابها ولم تفتح إلا في شهر أكتوبر من نفس العام...في اثناء ذلك الإغلاق وقع انقلاب هاشم العطا ودخل ما يزيد على الثلاثمائة من طلاب اليسار السجون بينهم طلاب من المدارس الثانوي وكان ذلك أعلى رقم تشهده سجون السودان منذ تأسيس التعليم العالي بل ومنذ انشاء السجون في السودان، ولا أدري كيف لم يسعى البعض إلى تسجيل هذا الرقم في موسوعة جينيز!!
على سطوح شعبة الجغرافيا جلسنا نتسامر ذات مساء، عبد الصادق عوض وشارلس بوث ديو وشخصي...قلت لهم لن يكون مستقبلنا خيراً من حاضرنا، لا أدري كيف وصلت إلى ذلك الإستنتاج...خالفني الرأي عبد الصادق بينما أمّن على رأيي شارلس...والده كان وزيراً في الديمقراطية الأولى والثانية ويعيش في الخرطوم proper كما كان يحلو للسمحوني تسمية منطقة الخرطوم شرق التي استحالت في عهد الإنقاذ بيوتاً للأشباح واوكاراً للتعذيب...في منزلهم تعلمنا حفلات ال party والرقص على انغام موسيقى الجاز...
عندما أرى حالنا اليوم استذكر تلك الرؤية، فما زال أكثر من نصف تلك الدفعة يعيش في الشتات، وكلهم لا يدري كيف ومتى يعود...اسأل نفسي دائما وأنا ارى حال من اتخذتهم أهلا لي من السويسريين، لماذا لا نكون هانئين آمنين في سربنا، نضمن قوت يومنا في وطننا كما يفعلون هم حيث تتولاهم الدولة برعايتها من المهد إلى اللحد؟
لكني لا اتعب نفسي كثيراً في الإجابة على هذا السؤال "الهاملتي" أن نكون أو لا نكون...فلو كان لدينا سياسيون يعرفون ما معنى السياسة لكان حالنا غير هذا...إلا أن المؤسف إن الذين يمارسون السياسة في السودان أما جهلة بها أو مغامرون يلعبون النرد على قميص المسيح كما فعل بعض اليهود عندما شُبّه لهم...
زميلاتي وزملائي اللائي والذين كانوا معي في تلك الدفعة لكم التحية أنّى كنتم، ورحمة الله على الذين ارتحلوا منا إلى دار البقاء...عبد الهادي الصديق والخاتم عدلان وخالد عبد المجيد وعبد الماجد ابو سبيب ومحمد عبد الرسول كاكوم وبشير محمد أحمد "بشير الراجل" وقد سُمي كذلك لبسطة في جسمه...أما الذين رحلوا عنا ولم اسمع عنهم فعزائي في أن يقرأ أبناؤهم هذه الخاطرة ويعرفوا إنّا واباؤهم قد تشاركنا يوماً الحلوة والمُرة في البركس وبحر العرب والرهد والحقوق وتهراقا...تحاورنا وتشاجرنا واختلفنا وكان الود بيننا محفوظ...التقينا على طاولات الطعام وفي دار الإتحاد وقهوة النشاط وعند جبريل الغسال...جبريل كان من أهرامات الجامعة، علم على رأسه نار، قال عنه صديقنا غازي سليمان إن ثورة اكتوبر نجحت بسببه هو ود. سلفاب وجبريل الغسال...أما كيف كان ذلك؟ فلغازي سليمان أسلوبه المميز في سرد الأشياء...
ثالوث ذلك الوقت الذي كانت له الشهرة أكثر من بعض الأساتذة، كان يضمه مع حمودة العركي وعم السر كوكو متعهد قهوة النشاط...فقد كانوا يشكلون لنا عالماً مختلفا من المعرفة...
لا أدري لماذا يضرب السودانيون الفول؟ إلا إنّا أكلنا فول أبو العباس واحتسينا ماء الحياة بمسمياته المختلفة في رويال والمك نمر، وغشي البعض منا خلسة تلك البيوت الخلفية...وفي رجوعنا كان يتربص بساعات معاصمنا عباس رويال...
عباس كان من أبناء النوبة، وشاءت الصدف الغريبة أن لا أراه إلا ميتاً... فقد تحرش ببعض أبناء الهدندوة في الفسحة التي كانت تفصل معهد المعلمين عن القماير، فاردوه قتيلا بطعنة خنجر...كنت يومها في مشرحة مستشفى الخرطوم أتابع إجراءات تشريح جثمان عم عبد الرسول حارس بيت الشباب الذي كنت مسئولاً عنه في العام 1973...عم عبد الرسول مات في نومه بسكته قلبية، فأرادت السلطات أن تتأكد من طبيعية الوفاة...هناك رأيت امرأة تولول فعرفت أنها شقيقة عباس رويال، فتجرأت وفتحت غطاء وجه الرجل الذي كان يرهب الطلاب...رحم الله عباس رويال فقد سمع به الكثيرون من طلاب تلك المرحلة إلا أن قليل منهم شاهده، فقد كان يقطع الطريق في الشوارع المظلمة ليلاً بين رويال والجامعة...
تخرجنا واشتغلنا واغتربنا وعدنا بالغنيمة بالإياب...بعضنا أحيل للصالح العام وآخرون صاروا وزراء، حسن محمد إدريس في الديمقراطية الثالثة، وعوض الجاز أحد اركان الإنقاذ ويبقى ادوارد لينو وفتحي خليل قاب قوسين أو أدني من الاستوزار.
وبعضٌ آخر امتهن الصحافة فكان السر سيد أحمد وهشام محمد أحمد هشام وعلى عثمان المبارك...وكان هناك الأكاديميون موسى شلال وعبد الحميد بله النور ومحمد المهدي بشرى والهدع ود. سلمان الذي ترك الأكاديميا للبنك الدولي...واستثمر أنور وقيع الله والشيخ درويش في التعليم فأسهما في نشر المعرفة والوعي... وكان من بيننا السفراء والدبلوماسيون، عبد الهادي الصديق وعوض محمد حسن "سخانه" وبشرى الشيخ دفع الله وأحمد عمر أحمد البشير...أما القانونيون فكان من بينهم حمزة محمد نور وجعفر السنوسي وحسن ساتي السيد وعبد الرحمن سنادة وعبد الرحمن على صالح والسر سعد وجعفر صالح وصديق طلحة، على ذكر الذين عملوا في القضاء... والتحقنا بالنائب العام وقتها على قيلوب وعمر أمين التوم وصديق كدودة ومدني العرضي وتاج السر بخيت وحمد محمد اسماعيل...أما ذروة سنام تلك الدفعة فقد كان مولانا شيخ الجيلي عبد المحمود حفظه الله وابقاه...
لم آت على ذكر زميلاتي لا لأني لا أتذكرهن بل لأن أحداهن قالت لي وقد رأت الشيب يعلو هامتي والوجه يكسوه الزمان: "محمد أرجوك لا تقل إني زميلتك" وكانت جادة في تحذيرها...
يحمر الشفق عند المغيب وتسكن رويداً شقشقة العصافير العائدة إلى اوكانها في المساء... يهبط الظلام ويبدأ نقيق الضفادع في أداء كورالي مموسق يقوده مايسترو، يتخلله من وقت لآخر صوت التوم ابراهيم العاقب وهو يصدح بالندامة في داخلية الرهد...وفي بحر العرب، مصطفى رحلة يغني the lonely man in the coral sea ...نستعذب اللحن وننام ملء جفوننا كأننا نستمع إلى السيمفونية الخامسة لبتهوفن في جناح خاص بفندق جورج الخامس بباريس...
تلك أيام كانت لها سيقان جرت بنا سراعاً دون أن نلحظ ذلك ووقفت بنا على اعتاب الستين... خلّفت في أفواهنا طعماً لم ننعم بمذاقه منذ حينها...لقد منحتنا جامعة الخرطوم كل شيء، العلم والمعرفة والخِل الوفي فكانت هذه لمسة وفاء لها...ولو عاد الزمان على عقبيه لكان لنا معه شأن آخر...
محمد موسى جبارة
27/7/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Elmoiz Abunura)
|
Quote: تلك أيام كانت لها سيقان جرت بنا سراعاً دون أن نلحظ ذلك ووقفت بنا على اعتاب الستين... خلّفت في أفواهنا طعماً لم ننعم بمذاقه منذ حينها...لقد منحتنا جامعة الخرطوم كل شيء، العلم والمعرفة والخِل الوفي فكانت هذه لمسة وفاء لها...ولو عاد الزمان على عقبيه لكان لنا معه شأن آخر...
|
شكرا المعز ابونورة
شكرا محمد موسى
امتنان لجميع الحضور و لى عودة و سمحة المهلة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: Mohammed Ibrahim Othman)
|
الاخت نادية السر لك التحية ولكل من خرج من رحم تلك الام التى انجبت نساء ورجال صفوة هذا البلد كنا الدفعة الوراكم مباشرة جئنا الجامعة ووجدنا انقاض المقاطعة ومئات من المفصولين والربيتر اغلبهم كانوا برالمة الاعدادى رجعت الجامعة بعد سنوات من الغياب ووجدت حال الجامعة لا يسر عدو ناهيك من حبيب تحولت الجامعة الى اسواق وبوتيكات وغزاها طلاب لا يمكن ان يشبهوا هذه الجامعة العريقة وطبعا دا نتاج طبيعى لسياسة حكومتنا الراشدة التى حولتها الجامعة الى ريع قبول خاص دبلومات ناضجين محو امية انتساب الظاهر فى تدريب مهنى كمان وعينكم ما تشوف العجب الظلال والمناهل اصبحت زرايب يسكنها الطلاب من كل الجامعات تغيرت كافتريا اقتصاد واصبحت تشبه السوبر ماركت السوق شعبى هندسة تبدلت الملامح كا فتيرياقانون اختفت كل شى تبدل وللاسف للاسواءءءءءء ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: رهف)
|
الفاضلة نادية السر
فتحت جرحا ظللت انزف منه منذ زمن ,ان اري مآآل اليه حال جامعة الخرطوممن بعض طلبتها الذين صاروا حكاما الآن بعد أن منحتهم العلم والمعرفة دون مقابل كما قال زميلي وصديقي الأستاذ محمد موسي جبارة المنشور مقاله في هذا البوست الجميل .
أين قــهــوة الــنــشـــاط ؟؟ ذاك المقهي الجميل بكل معني الكلمة.
مع فائق الحترا والتقدير
حسن طه
Last Update قهوة النشاط وهوية جامعة الخرطوم إغلاق قهوة النشاط وأزمة الديمقراطية في السودان حسن طه محمد [email protected]
بداية لا اود الحديث عن جامعة الخرطوم العريقة التي كانت فخرا للسودان والسودانيين علي مر العقود ولا عن ما أصابها مؤخرا من تدهور علي كافة الاصعدة كغيرها من المؤسسات التعليمية الأخري ، كما هو معلوم للداني والقاصي ، ولذلك مقام آخر . أما مقالي هذا المتواضع ، وان كان به بعض الارتباط العضوي بجامعة الخرطوم ، الا أنه يأتي في سياق آخر ، وددت من خلاله محاولة العودة بعقارب الساعة قليلا الي الوراء ليتناول موضوعا أعتقد أنه من الأهمية بمكان لارتباطه بهوية جامعة الخرطوم التي بدأت بفعل فاعل في التآكل بفقدان بعض عناصرها وملامحها المهمة بصورة سريعة وممنهجة ومستمرة . من جانب آخر، فقد دفعتني رغبتي الذاتية الي الانضمام الي ممن يكونوا قد سبقوني في تناول موضوع هذا المقال وكذلك من باب الأمل في دفع الآخرين ممن هم أقدر مني للكتابة عنه . يدور هذا المقال حول معلم كان يعتبر من المعالم البارزة التي اشتهرت بها جامعة الخرطوم ورمزا من رموزها ومنبرا من منابرها المميزة التي استطاع من خلالها الكثيرون من أهل العلم و الفكر والسياسة من طرح رؤاهم علي طبق مذهب من الحب والانتماء للمكان والزمان. هذا المعلم والرمز والمنبر الذي نشير اليه هو : " قهوة النشاط " الشهيرة بجامعة الخرطوم التي تم الاعتداء عليها واغتيالها ، في رأي الكثيرين ، عن سابق قصد وتعمد وترصد واصرار بواسطة ممن يحاولون باستمرار محو التاريخ ، غير مستوعبين لحقائقه . قد يتساءل البعض وهو تساؤل مشروع: اوليس الوطن كله في طريقه للاغتيال ؟؟ أقول : هذا صحيح بالنظر لما آل اليه هذا الوطن العظيم وما تجري فيه من أحداث ولكن لا جدال في أن اغتيال الجزء مهما كان صغيرا يسهل من اغتيال الكل والحفاظ علي الجزء بالضرورة حفاظ علي الكل . قبل أيام قليلة اتصلت هاتفيا بابنتي الطالبة الحديثة بجامعة الخرطوم لأسألها بالتحديد عن " قهوة النشاط " محاولا بذلك استعادة بعض من الذكريات الجميلة مع هذا المقهي الجميل ومتمنيا أن يعيد التاريخ نفسه مع ابنتي الطالبة ولكن للأسف فجعت وتألمت وأصابني نوع من الاحباط عندما علمت منها عدم معرفتها حتي بمكان هذا المقهي داخل الجامعة وان كانت موجودة أم لا !!!!!! ثم اتصلت بي بعد ذلك لتخبرني بان قهوة النشاط تم اغلاقها منذ زمن بعيد و أصبح اثرا بعد عين ، فاحزنني ذلك كما أحزنني ما فعله الاغتراب بنا . أعود والعود أحمد كما جاء في الأثر ، في خضم الــســيــاســة التي اشغل السياسيون بها أنفسهم و الناس جميعا بالسودان ، تمر بعض الأحداث الهامة مرور الكرام دون أن يلتفت اليها أحد بما تستحقه بل وتستوجبه من اهتمام. ينطبق ذلك تماما علي قهوة النشاط التي طبقت شهرتها الآفاق بما لعبته من دور فاعل ومتميز كان له أثره في كثير من مجريات الأحداث الهامة علي مستوي الوطن وقضاياه . ليس من المغالاة في شئ القول بان قهوة النشاط بجامعة الخرطوم ، بما كان لها من مكانة بالغة التاثير في كافة مناحي الحراك العلمي والسياسي والاجتماعي والثقافي علي المجتمع السوداني بأكمله ، كانت تشكل عبر تاريخها الطويل ســيــرة عــطــرة تحكي ماضي وحاضر ومستقبل السودان . وليس من الغلو في شئ كذلك القول بأن هذا المقهي لم يكن فقط عشقا صوفيا لكل طلبة الجامعة بل كان جزءا من هوية جامعة الخرطوم . واستطرادا لبيان اهمية قهوة النشاط في سابق عهدها الذهبي ، يجدر بنا أن نشير ابتداءا الي أنها مع زميلاتها دار اتحاد الطلاب علي ضفاف النيل الأزرق وميدان كرة السلة بجانب داخلية القانون والميدانين الشرقي والغربي لكرة القدم علي جانبي المبني الرئيسي للجامعة والمكتبة الرائعة التي كانت علي عهدها الماضي ذاخرة بكل نفائس الكتب والمجلدات والنشرات وقاعة الامتحانات التي شهدت ما شهدت والمين رود باشجاره الباسقة الممتدة جذورها الي باطن التاريخ ونادي الأساتذة وقاعات المحاضرات والمعامل وغيرها من المعالم قد شكلت جميعها جزءا هاما وأساسيا من هوية جامعة الخرطوم العريقة . لم تكن " قــهــوة الــنشــاط " تتميز بتصميم معماري مميز او بابهة تلفت النظر بل مقهي عادي صغير من أربع جدران ذو مساحة ضيقة لا تتعدي 25 مترا مربعا ولكنها كانت تتميز بموقعها الفريد وسط مباني الجامعة بين أشجار كثيفة يعطي للمكان معني . كانت " قــهــوة الــنشــاط " مكانا جاذبا ساحرا ذو شعبية جارفة يمارس فيه الطلبة وأساتذتهم بعضا من مداولاتهم اليومية في العلم والسياسة والاجتماع والثقافة والرياضة والفن . كانت بيتا وموئلا لكل أطياف الشعب السوداني الكريم من ساسة وأدباء وفنانين ومركزا يقصده الجميع لما يحفل به من نشاط وحركة دائبة . وهي بذلك كانت جزءا من تواصل الجامعة بالمجتمع. كانت نموذجا للمنبر الحــر وعنوانا للممارسة اليمقراطية قي مناقشة كافة قضايا الأمـــة بكل العنفوان الذي شهدته زوايا المكان . كانت مكانا للحرية والحرية ركيزة أساسية للتقدم العلمي ، فرسالة الجامعة ليست بالطبع التعليم الأكاديمي فقط . باختصار كانت قــهــوة الــنشــاط من الثوابت التي أعطت تصورا كاملا للحركة الطلابية بجامعة الخرطوم و مكانا صنع فيه الطلبة مجدهم ، و بذلك كانت قد ولجت الي ديوان التاريخ من أوسع أبوابه . يري الكثيرون أن قــهــوة الــنشــاط بتاريخها الحافل لم تكن تقل مكانة عن مثيلاتها من المقاهي التاريخية الشهيرة في باريس مثل مقهي سان جرمان ومقهي مونتبارس أو مقاهي القاهرة مثل مقهي الفيشاوي ومقهي ريش أو مقاهي العراق مثل مقهي الرصافي والتي كان يؤمها الكثيرون من المشاهير من السياسين والأدباء والفنانين وغيرهم علي مر العصور . ثم يأتـي السؤال : من اغـتال قهوة النشاط ولماذا ؟؟ الاجابة بكل وضوح : من المؤكد أن اغتيال" قــهــوة الــنشــاط " قد جاء بقرار سياسي لا يري في الجامعات وغيرها من المؤسسات العلمية منارات تعمل علي تخريج أجيال مؤهلة بالعلم ، تكون قادرة علي بناء مستقبل للوطن يشارك فيه الجميع علي بساط من الوطنية والانتماء الحق،وبالنظرة الضيقة لمثل هذه الأنظمة المستبدة التي تري أن هذه المنابر ما هي الا أماكن لكشف وفضح المستور عنه يجب التخلص منها لأانها حتما تؤدي الي اسقاطها ومن ثم رميها في مذبلة التاريخ . آخر القول ان اغلاق " قــهــوة الــنشــاط " التي كانت تاريخيا مكانا مميزا لممارسة الديمقراطية في كافة مناحي المعرفة هو جزء من أزمة الممارسة الديمقراطية في السودان وهو جزء من مشكلة هذا الوطن المغلوب علي أمره تحت حكم الأنظمة المستبدة . حكمة التاريخ تدعو الجميع من طلبة وأساتذة وادارة جامعة الخرطوم و كل الحريصين علي حماية الحرية والديمقراطية داخل كافة المؤسسات التعليمية ، المؤمنين باستقلالية مجتمعاتها ، العمل بتصميم و كفاح مشترك علي اعادة فتح " قــهــوة الــنشــاط " في نفس مكانها من أجل ممارسة دورها الفاعل الذي كان، قنديلا من قناديل الجامعة المنيرة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: حسن طه محمد)
|
الأخت المحترمة نادية
تخرجت في جامعة الخرطوم دفعة 1985-1990 بمدرسة العلوم الرياضية و عملت بالجامعة في هيئة التدريس بعد ذلك من عام 1991 إلى عام 1995 ، لذلك فإن إرتباطي بالجامعة ظل متصلا لمده 10 سنوات و لي فيها كثير من الذكريات الجميلة المدهشة.
كنا اول دفعة تدخل الجامعة بعد إنتفاضة مارس- ابريل 1985 لذلك شهدنا قمة النشاط السياسي و الثقافي في الجامعة. كما إننا حضرنا عصر الاساتذة العمالقة في كل الكليات. أذكر انه في السنة الاولى عام 1985 كان هنالك حفل في المجمع الطبي يحيه الفنان وردي (فنان إنتفاضة ابريل) و كانت تنظمه كليه الطب على ما أذكر و تصادف انه كان هنالك حفل آخر في نفس اليوم يحيه الفنان الكبير محمد المين (فنان ثورة إكتوبر) تنظمه كلية الهندسة و العمارة. طبعا إحترنا كثيرا أين نذهب في هذا اليوم و من نفضل ( الواحد قرب يتقطع في هذا اليوم) و عني شخصيا فقد فضلت ان أحضر حقل محمد الامين و ذلك لان وردي كان قد زارنا قبل اشهر قلائل في مدينتي مدينة الدويم و أحي اول حفل له بعد الإنتفاضة و اطلق فيها أغنيته الشهيرة "بلا و إنجلى". كما إننا كنا آخر دفعة في عهد الديموقراطية و بداية هذا الإخطبوط الإنقاذي. إذ كنا في السنة الخامسة و الاخيرة في يونيو 1989 و حضرنا اول إنتفاضة للطلاب ضد عسكر الجبهة اللإسلامية في ديسمبر 1989 و التي راح ضحيتها ثلاثة من الطلاب وهم بشير و سليم و التاية. و قد حالفنا الحظ بتأخير العام الدراسي و الذي كان من المفترض ان ينتهي في سبتمبر 1990 أن حضرنا إنتخابات الإتحاد في يناير 1991 اثناء الإمتحانات و شاركنا في التصويت و هزيمة الكيزان و الإحتفال بإستعادة منبر الطلاب بعد خمس سنوات عجاف و تنصيب إتحاد الطلاب المحايدين وقد كانت فرحة كبيرة عمت كل الجامعة.
ختاما أهديك و ضيوفك الكرام هذه القصيدة الحلمنتيشية و التي تميز جامعة الخرطوم بريادتها في هذا المجال ايضا:
قرار العبوس الدنيا دار اللوم زايله و خربانه أم بناين كوم يبكنو البنات في جامعة الخرطوم ما حضر اللكاشر و ما شاف المدرج يوم ما بين النشاط و الجنكشن تلقهو يودع في بلوم و يرجع معها بلوم
و زايله و خربانه أم بناين كوم
في نص النشاط ياهو سيد القعده يحلل في المواقف يفكك أجعص عقده و إن شاف في النشاط واحده زي الورده تمسكو أم هلا هلا تجيه حمى و وِرده
و زايله و خربانه أم بناين كوم
غنو و شكرنو الليله يا حلوات أستاذ علم الخلط ما بيفتش الواسطات دفان الجنايز و مكفن الميتات الطب تبكي ليهو الفاتحه في شمبات
و زايله و خربانه أم بناين كوم
في الحفله قاعد حولو البلوم كيمان في الكوره عامل شكله في الميدان في السياسة إشتراكي بيأيد الأخوان و إن قلت القرايه دايما يقول زهجان
و زايله و خربانه أم بناين كوم
ما إتلفت وقف قال المراجع وين ما كاتب سطر ما حفظ حرفين في بصات الرحل أول الناطين و إن جات سيرة السكر تلقاه زي الطين
و زايله و خربانه أم بناين كوم
يا سيدنا العميد أديهو أخر chance ما زولا مفرفش بيحب الخلط و ال Dance بس ذنبو إيه أصلو البلوم عتراسو من تبع البلوم رافدنو مافي مناص
و زايله و خربانه أم بناين كوم
*** مع الإحتفاظ بالحقوق الادبية لصاحب هذه القصيدة
تحياتي لك و لضيوفك الكرام
عمار يس النور عاشق بخت الرضا عاشق أم النخيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جامعة الخرطوم ......... نقوش على جدار الذاكرة (Re: salma subhi)
|
سلمى ازيك و شكرا للجية تانى ,
Quote: عارفة ما كان في شي بيحيرني الا يجوك جماعة يتكلموا جنبك ويقولوا .....
نتقابل تحت الأندرلاب ...ولوترجمناها بي كلامهم...under the under lab.فهمتيني صاح ...
|
ذكرتينى بكلامك ده مرة قريبتنا عندها مكيف موية معذبها و الدنيا كانت صيف رهيب نادت ولد بتها العايش فى مصر و جاء السودان اجازة (يا فلان عليك الله امشى كب ليك موية فوق المكيف ) صاحبنا راح خاتى كرسى و طلع و يشيل و يكب فى الموية من فوق للمكيف !
عارفة يا سلمى نحن السودانيين نملك تعابير غريبة و لذيذة و مربكة للما بعرفها طبعا !
راس البيت خشم الباب ضهر الدولاب
و تحت الاندرلاب كمان !
| |
|
|
|
|
|
|
|