دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
85 سنة على ميلاد عبدالخالق محجوب بقلم الدكتورعبدالله علىابراهيم(منقول
|
صادف يوم امس الاول ، الذكرى 85 لميلاد حبيبنا الأستاذ عبد الخالق محجوب، في (22-9-1927) ولد بأم درمان الأستاذ عبد الخالق لوالده محجوب الموظف بمصلحة البريد والبرق ووالدته أم النصر، واسماه والده، الهلالابي وصديق عرفات محمد عبد الله الخالص حسن الإطلاع على الشأن السياسي، بعبد الخالق تيمناً بعبد الخالق ثروت السياسي المصري المعروف، وقد روجت من قبل أن اسمه مستفاد من عبدالخالق حسن، مامور مركز أم درمان المصري، الذي شيعه الناس في 19-6-1924 بالمقابر بمظاهرة عكست حب مصر: «يسقط الإنجليز، عاش سعد»، وكان ذلك من بشائر ثورة 1924 ، وصحح الخطأ خاصة أهله.
وقد رأيت كواحد من محبي الرجل التنويه بمناسبة ميلاده الخامس والثمانين عرفاناً بخدمته الغراء لقضية التغيير الاجتماعي ولملكاته التي طبعها بها: حذاقة الفؤاد والشغف بالمعرفة وفيض البذل والعفة عند المغنم كما قال في أول رسالة ممهورة باسمه عن الشيوعيين السودانيين بعد ثورة أكتوبر 1964،
وأنشر في هذه المناسبة جزءاً من مذكرات رفيقته وزوجته نعمات مالك التي عهدت لي تسجيلها عنها وكتابتها، وأجنج فيه نحو السرد الذي يمزج الوقائع بشيء من الخيال بما يقرب العمل من الرواية، فإليها،
وضعت نعمات طفلها الأول في 1969، وكان أول ما فعله عبد الخالق بعد تلقيه النبأ أن امتطى سيارته نحو ود نوباوي وتوقف عند باب الأستاذ يوسف زمراوي، وكان زمراوي قد درسه بالكتاب أو الوسطى وظلا على صلة بما في ذلك إهداء الأستاذ عصاته لنعمات بدري، زوجة عبد الخالق، وهي ما تزال تحتفظ بها، طرق عبد الخالق الباب مستعيدا لقاءه لأستاذه منذ شهور يوم سأله إن لم يكونوا قد اصبحوا ثلاثة، فقال له عبد الخالق:
-في الطريق، قربنا يا شيخ يوسف، فانشرحت أسارير يوسف وقال: -ما شاء الله، عمرك ولدة نجاح، أها الأوصيك سمح، - سمح، قم للمعلم. - أول ما تلد المرة وتجيب ولد تصلني هنا بسرعة، يا ولدي المتلك ما زول ساهل وما بيسمي من جم، تجيني عشان اختار ليك اسم على الخيرة. - أبرك وأكرم يا شيخ يوسف، (هاذراً) ولو جات بت أقع وين؟ - إنت سيد العارفين يا عبد الخالق، بتعرف تقع وين، ما بتعدم، النسوان عصيتن علينا انته دا ساو رويسك دا، سميها فلنتينا ولا سولارا ولا سوزان ما لي دخل، أما الولد اسمو علي. -وسمايتو ياشيخنا؟ - سمايتن دايرها من عجوز غابرين يا عبد الخالق، صاحبك المحامي ابو سلمون ما بقصر، وضحكا. وها ولدت نعمات، وجاء الولد، وكان العهد مسؤولا، ونظر عبد الخالق من أول الشارع ورأى جهاز فراش بكاء أمام دار أستاذه فدخل ورفع بالفاتحة وتجاذب طرف الحديث مع أستاذه ومع من اجتمعوا حوله، وانصرف بغير أن يعرض مسألته على أستاذه، فالبكاء كان طرياً فأجلها لليوم الثاني، ولما أطلع استاذه بخبر ميلاد طفله الأول هنأه وأفاض، وشكر له بره له وتذكره وصيته: -ما شاء الله ما شاء الله، أها أقول لك على أبوك ما تسميه. - (ضاحكاً) يا شيخنا إنت عندك راي في أبوي واللا شنو؟ -(ضاحكاً ومنسحباً): يا ولدي الله يرحمو ويغفر ليه، زولن جابو كلسن زيك بتعاب؟ لكن اختك فاطمة سمت على ابوك رحمة الله عليه، إنت زول ما ساهل وربنا جعل تسمية ولادك ذاته سياسية، -حتى في دي، ما في «استرح» طابور طوالي، - حفرك وغرق لك (ضحكا)، أها أنا سميتو عمر تأسياً بالفاروق. تزاحمت صور وذكريات برأس عبد الخالق وهو يسمع اسم ابنه الأول من استاذه، لقد أكبر بر الرجل به، لم يفت على عبد الخالق أن أستاذه سمع من الناس عن دينه ما لم يرضه، يكفي هتاف خصومه كلما سنحت سانحة «عبد الخالق عدو الخالق»، وسلقوه بألسنة حداد بعد ثورة اكتوبر 1964 وحلوا حزبه بذريعة الإلحاد، بدا أن أستاذه إنتهز سانحة ميلاد ابنه الأول لكي يتضامن معه وليقل له إنني أعلم سريرتك ونقاءها فلا تحزن ولا تهن والفاروق، رمز العدل الإسلامي في الحاكم، معك، وطاف بذهن عبد الخالق طائف من ذكرى صديقه المرحوم عمر احمد إبراهيم، فقد ربطته به زمالة غراء منذ عهد الطلب للعلم وللثورة بمصر الأربعينيات، وانشرحت نفسه لبركة اللحظة، هذا استاذه يبره باسم أغر فأرضى أستاذه وطابق اسم صديقه الذي ربما كان سمى ابنه عليه على كل حال، كانت دسامة الصدفة فوق طاقة عبد الخالق وربما اخذته عنه طويلاً،وربما استشعر الأستاذ أنه ربما تطفل على عبد الخالق في شأن ربما أدخره لمشروع خاص، فقال: -عمر اشتراكي رضي الله عنه وارضاه يا عبد الخالق، (ضاحكا) وممكن تقول اشتراكية عمر برضو، وأفاق عبد الخالق من عذوبة اللحظة وخصوبها، وسرعان ما انزعج لما بدا له من أن زمراوي كمن تحرج وانسحب، فقال: - يكفي إنك قت سميهو كده، أبرك وأكرم، وطالع الوجه القديم العزيز، لم يتلق عنه درساً منذ عقود، ولكنه متى حاضره أسدل إليه نعماً وذوقاً وتاريخاً ورمزاً. وعاد أدراجه، وفتح مصحفه وكتب على صفحة الغلاف: «ولد عمر بتاريخ كذا في شهر كذا في عام كذا»، ومر بأصبعه على رف الكتب عن الفاروق التي جمهعا بحرص طويل قديم، أما نعمات فتذكرته يوماً ناداها وقد استرجعا فيه عنت نميري وبدايات استبداده وأودعها كتاباً عن سيرة الفاروق، فقرأت قوله «إن أشقى الناس من شقي الناس به». وخليفة فاطمي: المعز صحا عبد الخالق كعادته باكراً، ولما شعرت نعمات به أغمضت عينيها وتناومت، فقد ظلت صاحية منذ وقت طويل تتنازعها أفكار حول الميلاد الوشيك لجناها، كانت قد أضحت على الطلق منذ أيام، واثقلت البطن عليها وانتابتها الأوجاع تنوشها من كل جانب تشتد ثم تضمحل، أسعدها أن عبد الخالق، الذي أطلق سراحه منذ وقت قليل من التحفظ بمزرعة آل عثمان صالح بالباقير، قد رتب كل شيء مع الرفاق الأطباء لاستقبالها في أي وقت من اوقات الليل والنهار، ولكن أكثر ما أسعدها أنه كاد لا يخرج من البيت ليعنى بها متى اشتد عليها الطلق، ولكن ما أترعها سعادة حقاً طقساً صباحياً انتظم فيه منذ أيام، وهو الطقس الذي أغمضت عينيها مصطنعة النوم لتراه يستغرق فيه، كان متى ما صحا مرر يده على جبين ابنه عمر وتأمله ملياً، ثم نظر بشئ من التركيز على بطنها الحامل، ثم نهض إلى الحمام لتسمعه يطلق زفراته الصباحية الطويلة التي اشتهر بها كأنه يفرغ نفسه من رواسب طاقة استهلكته في يوم أمس ليجدد صدره ليوم ثقيل آخر من التبعات.
ربما كان طقسه الصباحي هو احتفال عبد الخالق منفرداً بتورطه في البيولجي من نفاس وحيض ونطفة وعلقة وميلاد، ربما لم يصدق هو نفسه أنه قد سلك نهج البيولجي في حين كان يعد نفسه لنهج البطولة النقيض لها، وهو النهج الذي أنتج الرجال والنساء المنقطعين للقضية لا يشغلهم جنى او تنى (ثناء) عنها، وقد جسد هذه البطولة في معنى التفرغ للقضية قساوسة الكاثوليك أفضل تمثيل حين حرموا الزواج على أنفسهم او حين قصروا الزواج على زوج واحد وزوجة واحدة طول العمر، وانتهى الدرس يا غبي، ظل عبد الخالق يغالب صدام البيولجي والبطولة ويواثق بينهما ما استطاع، من ذلك معاناته بين النهجين يوم وفاة الرئيس جمال في 1970 ، كان استعد للسفر للعزاء كزعيم للحزب الشيوعي وكصديق قديم للرجل إلتقى به آخر مرة خلال إقامته الجبرية في القاهرة في مارس 1970 ، واسعد عبد الخالق قول ناصر له :» يا عمي أنا ما ليش دخل بمجيئك للقاهرة، والله يا عبد الخالق ما عرفت إلا بعد حضورك، بتحصل حاجات يا عبد الخالق، والشفيع يكون قال لك، بتحصل حاجات في رئيس جمهورية مصر نفسه ممنوع يعرفها، ولو قلت إن إقامتك هنا نفي أنا لن اسمح لمصر تكون منفى للثوريين، ترجع بقى، إنت حبيبنا يا راجل وتنور مصر دائماً، إنت عارف واللا لا؟» لما أعد عبد الخالق نفسه للسفر قالت له نعمات:
-عمر متحسس شوية، أنا حاخده لدكتور خالد حسن التوم بعدين. وكان عمر يرقد على حجرها لا يكاد يستقر على جنب من فرط الحمى واتصل بكاؤه، واضطرب عبد الخالق فالبطولة في القاهرة والبيولجي هنا في عقر داره، تحرك نحو نعمات وانحنى على عمر وتحسس نار الحمى على جبينه، لم ينبس ببنت شفة لنعمات، ونادى الرفيق أبوزيد محمد صالح الذي جاء يوصله للمطار: - يا ابو زيد واضح إنى ما حأقدر اسافر الليلة، عمر محموم شوية، غير الحجوزات كله لباكر، إن شاء الله يخير لبكرة. ابتسمت دواخل نعمات، فالرجل البطل يعرف متى يخلع ذلك الدور للبطولة في إقليم البيولجي، وسمعته يقول وهي منصرفة بعمر لتعده ليذهب به والده للطبيب: - ما دا الكان مانعنا العرس، بدينا، وابتسمت نعمات، يا آباء العالم اتحدوا، فرغ عبد الخالق من الحمام وعاد إلى غرفة النوم، وقال لها ككل صباح منذ أيام وهو ينظر إلى بطنها المنتفخ: -حمد الكيك كيف. والإشارة هنا إلى مسرحية في الخمسينيات كان بطلها يفاخر بنفسه ويتنبر قائلاً: أنا حمد أنا الكيك (وهو الجمل المانع)، - والله متخلف جد، -الله لا يأيدك، (ضاحكاً) يعني عشان عاوز ولد تاني، -ماركسية قشرة. -لا، دي أعدوا لهم ما استطعتم، كلّمتك قت ليك سكتي دي خطرة، مارقين للربا والتلاف في ماركسيتك السميتيها قشرة دي، عاوز ولاد سبعة يثأروا لي، بعد السبعة جيبي هِلنا بتاعتك دي، الله لا يأيدك، وضحكا، كانت نعمات تتمنى أن يأتي المولود القادم بنتاً، لم يحملها على ذلك أنها رغبت في التعادل في جناها، بل لأنها حلمت منذ كان عمرها نحو عشر سنوات أن ترزق بنتاً وتسميها هيلنا، انطوت على هذا الشوق الغرير، لم تأت ببنت في زواجها الأول القصير، وجاء عمر الذكر في زواجها الثاني القصير أيضاً، وها دقت ساعة تلك الأحلام الباكرة بخصيصتها الفريدة وهي ان تلازم الواحد منا وتبقى تقتص منا لأنها تراهن على شيء في سعة المستقبل،
ترجع خاطرة هلنا الملحاحة إلى أيامها في المدرسة الإرسالية الأولية بمدينة مدني،كان والدها يعمل بمصلحة الري بمدني، فأدخلوها مدرسة الحضري، ثم نقلوها إلى المدرسة الإرسالية، وليس واضحاً لماذا، ربما أراد أهلها أن تتقن لغة أجنبية، وارتاحت نعمات لمدرسة الإرسالية، كانت أجمل موقعاً في قلب المدينة بينما مدرسة الحضري غائرة بين أحياء شعبية، ولم يكن جدها العميد بابكر بدري سعيداً بقرار الأسرة الصغيرة، فمن رأيه أن ليس من السداد دفع النشء إلى مدارس التبشير، وزارهم مرة في واحدة من حملاته لجمع تبرعات المال للأحفاد، وقال لوالد نعمات ذلك بوضوح وبغير تنكيد وله أن يختار، ولم يدم مقامهم في مدني على كل حال، فقد اختلف والد نعمات والمدير الإنجليزي فاستقال وانتقل إلى كوستي في شركة مع آخرين أسسوا بها مشروع أمهاني لزراعة القطن على النيل الأبيض، ومضت نعمات لأم درمان مع أمها للدراسة بوسطى الأحفاد في سنتها الأولى، كانت هلنا مدرسة بالإرسالية، كانت قبطية لكن لونها في سمرة الهنود ولمعته، ولا يختلف إثنان في هنديتها، كانت هادئة وجميلة، كان حضورها مريحاً، أشبعت في نعمات حاسة السمع والنظر وكانت تريد لحصتها أن تطول وتعرض وأن تستمر إلى قيام الساعة، للطفولة عكرها أيضاً، ومدرسة بإشراق هلنا حالة صفو تمسح عن الطفل ما علق بنفسه من ريبة في أمن الدنيا، كانت من نوع المدرسين الذين عليهم وضاءة يشغف بها القلب الصبي فيتمنى لو أنها أمه أو خالته أو عمته أو اخته أو بنت عمه أو بنت خالة أو جارته أو أي شىء يجعلها قريبة منه هو دون أربعين طفلة أخرى.
سألت نعمات جماعة الأقباط عن سر الاسم وأصله، ولم تقع على ما يشفي، قبل عشرين عاماً قرأت نعياً لإمرأة اسمها هيلانا، فسألت زملاء أقباط بغير أن تفصح عن مكنونها عن مغزى الاسم فقالوا هلنا هي أم الإمبراطور قسطنطين وكانت إمرأة مجربة حازمة، ورتبت نعمات لتسأل القمص فيلوثاوس، كانت تريد أن تعرف عن أصل هذا الاسم الذي تعلقت به، كان مقتل عبد الخالق وعزيمتها أن لا تقترن برجل بعده هو بمثابة فراق مؤلم لحلم وديع شيق من الطفولة، وكان عليها أن تنتظر أن يرث هذا الحلم عنها عمر ومعز، وهذا تسويف لا قبل للأحلام به، وانطوت على الحلم ولم تصرح به لهما وإن قالت لهما لو لم يرزق أحدكما بنتاً إلا بعد موتي فافتحوا وصية سأتركها لكما قبل أن يرسى الواحد منكم على اسم لها، وكانت قد كتبت لهما: سمها هلنا، ولكن برد الله حر نعمات، وبحياتها جاء عمر ببنت وسماها هلنا بعد تزكية امه للاسم. كانت منى كنتباي، بنت خالتها التي تفضل نعمات أن تصفها بالصديقة لا غير، تزورها للتهيئة بالمولود الجديد، قالت منى لنعمات: -أها بقيتو على اسم واللا لسه؟ -والله لسه، بنفكر، - يعني ما في مدرس لعبد الخالق واللا رفيق من زمن أنستم بربكم حجز التسمية، وجلجلت نعمات بضحكتها العريضة وتذكرت نعمات تسمية ابنها الأول عمر وكيف طلب معلم لعبد الخالق أن يشار في تسميته، وقالت بانجليزية تنثرها في حديثها نثراً : - لا دا فيرست كم فيرست سيرفد (الجا أول يسمي)، - طيب ما اسمي ليك أنا، معز يا بت، رأيك شنو؟ حلاتو معز كدي في الخشم، - والله زي السبقتيني ليهو كده يا منى، عاجبني شديد، حاقص لي قبل الولادة، عمر ومعز، وانفجرت منى ضاحكة: - ثلاثة حروف والرابع بره،الفتيل، ما بشيل كتير، وأسعفت المهنة نعمات فقالت تواطيء ضحكتها ضحكة منى:
- تلاته حبات عند اللزوم، وتردد صدى ضحكهما في أرجاء المنزل، ودخل عليهما وهما في فورة الضحك عبد الخالق وقال معابثاً: - يا بنات بدري شقيتن الحلة شق، فواصلن الضحك، فقال: - طيب شاى للضيوف، مصطفى خوجلي وأبوزيد وخالد ومحمد السيد جو يباركو، وخطا نحو الديوان قليلاً ليعود قائلاً: - فد مرة كدي نأخد رأيهم في الإسم، فسارعت منى تقول لنعمات: - والله يانعمات الشيوعيين ديل إلا يسموا ليك لينين يمحنوك محنة، وتبسم عبد الخالق وواصلت نعمات الضحك قائلة: - لينين الهين دا، أنا خائفة من ناس شمهروش وخرتشوف، واستغرق الثلاثة في ضحكة شقت عنان البيت، ولما استغفر عبد الخالق قال: - عداء للسوفيات في عقر بيت سكرتير الحزب الشيوعي يا بنات بدري، ولما هم بالخروج قالت له نعمات: - اسم الولد خلوه محضر سابق، نحن سميناهو معز، اشربوا شايكم واطلبو الله، وصمت عبد الخالق هنيهة ثم قال: - المعز، أخيب خليفة وأبطل خليفة
في لمحة عاد عبد الخالق بذاكرته إلى أيام له بالقاهرة وهو يقطع الباحة بين البيت والديوان، كان شارع المعز لدين الله الفاطمي، الذي يمتد من شارع الأزهر حتى باب الفتوح بالجمالية، أكثر ما يأمن إليه في لقاءاته الحزبية مع الرفاق، وكانت تلك اللقاءات تكتسب خطرها من جمهرة غمار الناس التي تدور حولهم بلا انقطاع في تلك الأحياء الشعبية، كانت بحضور الشعب وتحت نظره ، وتوقيعه، ولا يعرف لماذا ذكر الخليفة المعز بضراوة، ربما أحس بأن نعمات قد أخذت حقاً لولي الأمر تآمرت في نزعه مع صديقتها، ولكنه يذكر حيث قرأ عن الخليفة المعز لم يرتح للطريقة التي عامل بها قائده الفذ جوهر الصقلي، فقد فتح له مصر بيسر وأمنها وكسب افئدة الناس التي كانت تعاني مر المجاعة فرفعها عنهم باللين والشفقة، وميز خليفته المعز بأن بنى له قصراً يسر الناظرين وانتظره لثلاثة أعوام بعد الفتح ليأتي من المغرب بقضه وقضيضه ليسكنه في 972، ، وما بلغ المعز مصر حتى خلع جوهر عن دواوين مصر فاختفى عن الأنظار، ولكنه اضطر إليه حين اشتد خطر القرامطة في 974 فأعاده وجيّشه للشام فهزمهم ثم نحاه ثانية، ومشى ابن المعز الخليفة العزيز بالله على درب أبيه، فلما اشتد عليه وطء القرامطة أرسل لجوهر فنهض جوهر بالمهمة على وجهها، ونحّا العزيز جوهر الذي لزم بيته وتوفى مغموراً في 922 وهو الذي حكم مصر لأربع سنوات منذ فتحها على يديها حتى مجيء المعز اعتبرها المؤرخون من أبدع سنوات الحكم الفاطمي بأسره،
وصل عبد الخالق الديوان وقال لشلة الأصدقاء: - سمنو معز، بنات بدري اتفزعن علي وسمنو معز؟ الله لا أيدن وضحكوا جميعاً، وزاد: - قالن لي لو خلينا ليكم تسمو بتسموا لينين، وتصاعدت الضحكات وجلجلت، وقال محمد السيد: - والله مش إنتو، بتسموه، لينين دا عندكم ما الولدو وعليهو بسموا، ود السكرتير يطلع حفار، وكان عبد الخالق ويمسح عيونه من فرط الضحك.
الصحافة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: 85 سنة على ميلاد عبدالخالق محجوب بقلم الدكتورعبدالله علىابراهيم(من (Re: هاشم محمد الحسن عبدالله)
|
السيدة الفضلى نعمات مالك ارملة الشهيد عبدالخالق محجوب ادرى الناس به ن وكثيرا مما تذكره فيه مصداقية كبيرة ، أذكر كما حكى لى احد المسئولين فى القيادة المركزية للحزب الشيوعى أنه كان هناك أنتقاد ذاتى للاستاذ/ عبدالخالق عند زواجه اذا كانت هناك مظاهر برجوازية لاتتمشى مع الفكر الماركسى التى تدعم البسطاء والكادحين ، والواقع هناك وقائع كثيرة كنت أود طرحها لتسليط الضوء على حياة الشهيد والتى كان جلها لقضايا الشعب السودان ولم يترك شيئا لنفسه أو ذريته، لكن يظهر ان الارشفة لن تساعدنى ، لنا عودة بأذن الله فى بوستات أخرى فى الربع القادم ، مودتى .
| |
|
|
|
|
|
|
|