|
أنها عنقاء..
|
عرفتها من خلال الطفلة ذات الملامح الجميلة كجمال وجهها .. كانت تلك الطفلة نتاج زيجة غير موفقة .... امراة عاشت وترعرعت فى مدينة عريقة .. بها كل معانى المدنية من رفاه ومجاراة الموضى والموسيقى والغناء والرقص .. كانت تحمل مواصفات جسد عربى لانثى عاشت فى زمان امرؤ القيس ... لها شعر غزير منساب انسياب مموج ملفت للانظار متدلياً من على كتفيها .. جيدها طويل مع ملاحة فى الوجه ... فرائحية فى الابتسامة ... تمتاز بخصرها الضيق الذى يعلوه ثدى مثل حق العاج ... وتدنوه مأكمة يضيق الباب عنها.
كنت ازور صديقى الذى يجاورها مسكناً.. كان صديقى هذا ذو خفة فى الظل متناهية لا تمل الجلوس معه .. كل كلمة تفوح منه مصحوبة ببداهة وتلقائية النكتة السودانية الشفيفة .. لفتت نظرى عندما كنت ازور هذا الصديق الصدوق ... لانها كانت دائمة التواجد فى منزله .. كان حظ صديقى هذا غريباً ومختلفا عن اقرانه ... فبرغم تميزه واهتمامه بالادب والشعر و الرسم والموسيقى الا ان دروب القدر قد ساقته الى الدخول فى حمى العسكرية الجافة ...التى اخذت مظاهرها تجوب كل بيت تلك الايام .. سافر الى الشق الثانى من الوطن حيث تدور دوائر الحروب ... لقد حزنت له حزناً عميقاً.. تعودت خطاى زيارة منزله بعد ذلك يوما بعد الاخر حتى اجتر ذكرياتى والايام الجميلة التى لا تنسى ... كنت اطيل الجلوس فى حجرته المرصعة بالصور والاشعار والزخارف التى يصنعها بيده .... ياله من فنان!!
فى ذات يوم .. اتت هذه العنقاء وفى غير ما سابق موعد وانا فى زيارتى المعتادة الى تلك الاطلال اتحسس اثار واثير روح الصديق الصدوق المرحة فى ذلك المكان .. وانا فى ذلك الحال حتى القت على التحية .. بقوامها الفارع وثناياها المفلجة .. جلسنا نتجاذب اطراف الحديث .. كان الحديث يعدد محاسن وايجابيات صاحب المكان الذى نحن فيه ... ومدى ما نحمله من اشواق ممتدة اليه .. كنت فى حالة استحضار دائم لوفائه وتقديسه لعلاقة الصداقة تلك .. وكانت هى الاخرى تفتقده كجار صاحب ظل خفيف نور البيوتات التى كانت حوله باريحيته وحبه للفرفشة.. كنت اعلم انها جميلة وذات سحر انثوى اخاذ .. لكن ذكريات صديقى اخذتنى بعيداً عن اثيرها وكينوتها وهى بالقرب منى .. سالتنى عن حياتى الخاصة.. تحدثت لها عنها بكل صراحة.. سالتنى من تحب ؟ قلت لها انت !! , صمتت.. تجمدت.. تسمرت .. عرفت ان مفاجأتى لها ومباغتتى هزت كيانها وهزمت كبريائها .. وحسمت الاستفهام.. قالت لى انه مر عليها زمان لم تتعاطى رومانسياً مع أحد .. بعد تلك التجربة غير الموفقة التى اثمرت عن تلك (الامورة) الحليوة.. قلت لها انى رجل مكشوف الدواخل وليست لدى اجندة خفية .. كل ما أعرفه عن نفسى هو اننى أؤمن بان المشاعر امانة اذا لم تودعها لدى من تحب او تكره فتلك خيانة لوجدانك وهو الجبن والعار بعينه.. وهذا ما دفعنى لان انطق بكلمة (أحبك) دون اكتراث .. قلتها لانها امانة احساس وشعور احسسته وودت ان اوصله اليكى من غير (رتوش) ..
قامت هذه العنقاء ووقفت قبالتى بقوامها الممشوق.. تناسب قوامها مع قامتى شئ لم أكن اتوقعه.. كان تناسباً طردياً..
و من غير اتكيت أو بروتوكول. قبّلتها !!! قالت :انت مثير! قلت : وأنت مُدمّرة! .. صمتت لدقائق وغاصت فى ذكريات بعيده .. دمعة غالبتها وابت الا ان تعلن عن نزولها على ذلك الخد الحزين فخرجت من الغرفة فى خطى متثاقلة ... وعدتنى باننا سوف نتقابل ثانية ... فى بحر اسبوع التقيتها فى واد ذى زرع اخضر وخضرة نضرة .. تحت ظلال احدى اشجار اللبخ.. ترتدى ثوباً ممزوجاً بالوان يغلب عليها اللون التركواز.. جسمها يشع لمعاناً ونعومةً وتكسراً.. رغم بساطة الزى الذى كانت ترتديه الا نها كانت فى ابهى صورة لها اناقة.. وجمالاً.. واقبالاً على الحياة.. كان المقصد زيارة صديقى ذو الوجه الطفولى .. وجدناه كعادته هاشاً باشاً مرحباً بنا .. كان محباً للطبيعة احاط بيته بشتى انواع الازهار والورود واشجار الموز التى اصطفت فى مصفوفات متراصة ومنسقة .. دلفنا الى بيته.. دردشنا و شربنا القهوة التى اكرمنا بها ذو الوجه الطفولى .. طلب منا ان نستسمحه فى الغياب عنا سويعات لشئ فى نفسه.. سمحنا له بذلك و نحن مهمومين بما سيعقب تلك الغيبة .. انها أنثى والأناث معادن.. كان لها سابق تواصل مع جنس الرجال .. لم تهتز ثقتها بنفسها .. داعبتها .. تجاوبت فى تلقائية منقطعة النظير .. احسست معها بالارتياح والانتشاء فى تعاطى مفردات الغرام .. كنت اجد نفسى فى الموضع الذى اريد دون ان اقوم انا بذلك .. تجردت من كل شئ فى تلك اللحظات.. وجدت نفسى متولياً لزمام المبادرة و القياده .. كان شبابى ثائراً ولياقتى معبرة عن فورتها فتحولت الاقمشة الى كومة من القمامة نتاج لعملية المد والجزر تلك ... حينها علمت هى ان الخبرة ليست الفيصل فى كل الاشياء .. رأيت فى وجهها الاندهاش نسبة لحرقى كل المراحل بسرعة مذهلة ... حاولت ان تزيح ثقل وزنى عنها حتى تجد لها سبيلاً لاستنشاق الهواء... واستعادة تماسكها لكن هيهات .. كنت مستمتعاً بتلك المعركة الخشنة قبل الولوج الى عالم النسيان .. اعتركنا حتى كادت أجسادنا ان تنصهر فى بعضها ... وعندما ازفت لحظة الدخول فى عالم الغياب تركت لفخذيها ان يشكلا زاوية حادة .. ملتقى ضلعيها هو مكمن الخطورة والضياع .. دخلنا فى عالم الغياب .. كانت تتاوه وتتنهد ..وتلعن اليوم الذى تمخضت فيه أمها ..ا احسست بطعم للنصر غريب .. لكأنى قمت بفتح القسطنطينية.. عيناها زائغتان وفمها ردد كثير من مفردات الاستغاثة..
بعد كل هذه التمرينات الرياضية أعتدل الطقس وهدأت الاجواء بعد تلك العاصفة والريح العاتية .. ضاع صوتها ... اصبحت ابذل جهداً سمعياً كبيراً حتى الملم اطراف الهمهمات التى تهمس بها .. وبعد جهد جهيد عرفت انها تنوى الرحيل .. لملمت اطرافها.. ذهبت معها خطوة بخطوة الى مشارف الحى الذى تقطن .. وهو ذات الحى للصديق المسافر الذى ترك خلفه حزنا مخيما زمانا .. بعدها ازدادت النفوس ألفةً .. تكررت التجربة مرات ومرات ..الى أن عصف بنا (تسونامى) الزمن وفرقت بنا الايام ..!!!!!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أنها عنقاء.. (Re: walid shingrai)
|
Quote: بديتو في بيت صحبك
وانتهيتو في حته لا يعلم بيها الا الله (وتقول كنت سريع)
مما دعاك تقدمها لمشارف حي بيت صحبك تاني
في غلط في السرد ولا انا الفهمت غلط ? |
شكراً على المرور السريع .....يا شنقراى. القصة حمالة لعدة اوجه ولك الاختيار من اى الزوايا تنظر وتفهم وتقيم , لنا حرية التعبير و لكم حرية النقد و التحليل والاستنتاج..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنها عنقاء.. (Re: ابوبكر قسومة)
|
Quote: أخونا اسماعيل اهنئك علي هذا السرد القصصي الرائع عبر زي ماك عاوز يا زول كتابتك آسرة... وتأخذ القارئ الي عوالم بعيدة. شكرا ليك كتيييير. |
حضور جميل اخونا ابوبكر قسومة ...لك التحيات و التشكرات ... نحن على الدرب ماضون ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنها عنقاء.. (Re: اسماعيل عبد الله محمد)
|
وبعد جهد جهيد عرفت انها تنوى الرحيل .. لملمت اطرافها.. ذهبت معها خطوة بخطوة الى مشارف الحى الذى تقطن .. وهو ذات الحى للصديق المسافر الذى ترك خلفه حزنا مخيما زمانا
ااي معاك لكن في تسلسل جغرافي ما ظابط بيدي احساس انه الراوي سرح ونسي قال شنو انا ما ناقد, الادب بيجوك ناسو
بعدين السرد جميل
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
|