خروج الناس من القبور وخروج الجراد من الجحور"( مقال جدير بالقراءة)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 07:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-30-2012, 11:37 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22499

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خروج الناس من القبور وخروج الجراد من الجحور"( مقال جدير بالقراءة)

    الشكر كل الشكر للدكتور الصادق عوض بشير الذي أتحفني من الدوحة ( قطر ) بهذا المقال المفيد.

    "خروج الناس من القبور ... وخروج الجراد من الجحور"
    د. الصادق عوض بشير


    مقدمة: هذه دراسة علمية بيئية مقارنة بين البشر والجراد من منظور قرآني وذات دلالات مصيرية شبّه فيها الله، سبحانه وتعالى في محكم تنزيله خروج الناس من قبورهم يوم القيامة بخروج الجراد من جحورهم في الأرض فقال: [فتولّ عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر، خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر، مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر] (القمر 6-8).

    باعتباري عالماً بيولوجياً ودرست علم الحشرات من ضمن علوم الأحياء في الجامعة فقد استوقفتني كثيرا هذه الآيات الثلاث من سورة القمر، وبدأت في تقصي الحقائق التي تقف وراء هذا الربط الإلهي المحكم بين خروج الناس من قبورهم يوم القيامة وخروج الجراد من جحورهم فوجدت فيه معجزة علمية ذات دلالات بالغة كما سيرد ذكرها لاحقاً في هذه الدراسة. فالكائنان يخرجان من باطن نفس الأرض رغم الاختلاف في التوقيت، وفي الهدف من خروج كل منهما، خطرت ببالي ثلاثة أسئلة تحتاج إلى إجابات تتشكل منها الحصيلة التي ننطلق منها لسبر غور هذه المعجزة القرآنية.

    السؤال الأول يقول: لماذا جاء التشبيه بين خروج الناس من قبورهم وبين الجراد تحديداً وليس أي حشرة أخرى؟ وقد شاهدت بنفسي عملية خروج هذا الجراد في صحراء شمال كردفان في سبعينيات القرن الماضي.

    السؤال الثاني يقول: ما هي أوجه الشبه بين هذين الخروجين من حيث المعطيات والظواهر البيولوجية والمورفولوجية والبيئية والسلوكية رغم أننا في معرض المقارنة بين البشر من جهة وبين الحشرات من جهة أخرى؟

    والسؤال الثالث يقول: ما هي الرسالة التي يريد الله سبحانه وتعالى إيصالها لنا عن هذا المشهد من خلال هذا الكتاب المعجز؟ الذي قال عنه سيدنا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه "إن هذا القرآن لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه".

    الجراد أنواع

    هنالك مئات الأنواع من الجراد في العالم منها المهاجر وغير المهاجر، ومنها التجمعي والانفرادي ومنها الخطير والأقل خطورة، ولكن أهمها على الإطلاق، وما نحن بصدده في هذه المقارنة هو الجراد الصحراوي، ولكننا نجملها كلها في ثمانية أنواع رئيسية هي:
    (1) الجراد الصحراوي الذي نجده في الشرقين الأدنى والأوسط وأجزاء من أفريقيا.
    (2) الجراد المراكشي الذي يظهر في أوروبا وشمال أفريقيا وبعض دول آسيا والشرق الأوسط.
    (3) الجراد الأفريقي الرحال والذي يعيش في بعض الدول الأفريقية والصين وآسيا.
    (4) الجراد الأحمر ويسكن في دول الجنوب الأفريقي والكونغو وتنزانيا.
    (5) الجراد البني ويتركز في دولة جنوب أفريقيا
    (6) الجراد الإيطالي ويتخذ من بعض دول جنوب أوروبا وغرب آسيا موطناً له.
    (7) جراد الشجر ويوجد في بعض مناطق أفريقيا وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية.
    (8) الجراد الأسترالي ويسكن في أجزاء كبيرة من قارة أستراليا وما جاورها من جذر.

    يتضح من هذا الانتشار الكوني الواسع وهذا التنوع البيئي الذي يشكل أولى دلالات المعجزة أنه لا يكاد يوجد شعب من شعوب العالم أجمع إلاّ وعرف أو شاهد أو سمع بالجراد، ومن هنا جاء التشبيه والذكر في القرآن الكريم لأن البشر الذي سيخرجون من قبورهم يوم القيامة هم بدورهم أيضاً يمثلون شعوب الأرض كلها منذ أن خلق الإنسان فكأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يقول لهؤلاء البشر أن خروجكم من قبوركم هو كخروج هذه الحشرة التي تعرفونها جيداً بصرف النظر عن القارة أو الوطن أو المكان الذي تسكنون فيه أو جئتم منه أنتم وآباؤكم الأولين.

    فالجراد عرف منذ آلاف السنين في الصين وشمال أفريقيا وقد اكتشفت رسوم للجراد منقوشة على جدران وآثار ومقابر قدماء سكان العراق والمكسيك وقدماء المصريين والفينيقيين الذين كانوا يعتقدون أن هجرة الجراد التي تحدث كثيراً من الأضرار هي غضب من الآلهة ولا يمكن التغلب عليها إلا بقوة الآلهة عن طريق تقديم القرابين لها. وسماه العرب (جراداً) لأنه يجرد الأرض من نباتها ويتركها جرداء لا زرع فيها. كذلك سماه قدماء المصريين (سنحم) لأنها باللغة الهيروغلافية القديمة يعني (الملتهم) لأنه معروف بالتهامه وقضائه على الأخضر واليابس. ونجد للجراد ذكراً في الإنجيل وفي كتب موسى عليه السلام كآفة نزلت بأرضهم ولم يبق شيئاً أخضراً ولا عشباً في كل الأراضي إلا ّ أكله، كما ورد عن سيدنا يحيى عليه السلام أنه كان يصوم أكثر الأيام ويقتات من الجراد والعسل البري. وحتى سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين تحدث عن الجراد وحلل أكله، وقد أثبتت الأبحاث العلمية فيما بعد قيمته الغذائية العالية لأنه يدخل في تكوينه المركبات الفسفورية ذات القيمة الحيوية العالية كما يحتوي على نسبة عالية من المواد البروتينية والدهنية والفيتامينات خاصة فيتامين (ب)، ويأكله اليوم الكثير من سكان غرب ووسط أفريقيا وشرقنا.

    وكتب عنه الكثير من العرب قديماً أشهرهم الأعشى الذي ذكر أنه في سنة 770هـ ظهر جراد عظيم بأرض الشام لم يسمع بمثله من قبل وامتد من مكة إلى دمشق فأكل الأشجار والأخشاب وأبواب الدور والأقمشة وامتلأت منه المدينة وغلقت الأسواق وسدت الطاقات والأبواب، وملأ على الناس المسجد في صلاة الجمعة حتى هجم على الخطيب في منبره وشغله عن الخطبة، ومن كثرة ما قتل منه أنتنت الأمكنة وصار الناس يشمون القطران للتخلص من رائحته الكريهة.

    اخترنا في هذه الدراسة الجراد الصحراوي باعتباره الأكثر انتشاراً والأكثر معرفة لمعظم الناس ولأنه – وهذا هو المهم – الأكثر والأقرب شبهاً في خروجه من الأرض من خروج الناس من قبورهم يوم القيامة، وأيضاً لأنه حالياً استناداً على إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة، يتواجد في أكثر من إحدى وستين دولة من دول العالم التي تغطي مساحة واسعة تقدر بحوالي 11 مليون ميل مربع (17.6 مليون كيلومتر مربع) يسكنها حوالي ثمن سكان العالم.

    كيفية خروج البشر من قبورهم

    علينا أن نقرأ الثلاثة آيات 6 و7 و8 من سورة القمر بتزامن مع الآية 57 من سورة الأعراف التي تقول [وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك يخرج الموتى]. ففي سورة القمر يخرج الموتى خشعاً أبصارهم (أي ذلت وخضعت) ومهطعين (أي مسرعين مع خوف) وفي سورة الأعراف يأتي ذكر السحاب الثقال الذي ينزل منه الماء الذي يؤدي إلى إخراج النباتات ثم اختتمت الآية بثلاثة كلمات بالغة الدلالة "كذلك نخرج الموتى" ومعنى ذلك أن خروج الموتى كالنبات يحتاج إلى سحاب ثقال وماء منهمر إلى الأرض. الكفار كما هو معروف أنكروا هذا الخروج وكانوا يقولون [أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنّا لمبعوثون. أو آباؤنا الأولون. قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم] (الواقعة 47-50).

    يقول الإمام ابن الجوزي، المتوفى في 597هـ،: كما أخرج النبات بالمطر كذلك يخرج الله الموتى بماء الحياة. وفي هذا السياق جاء في الحديث رقم (2955) الذي رواه مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "ينزل الله من السماء ماء فينبتون فيه (أي الموتى) كما ينبت البقل"، وقال: "ليس من الإنسان شيء إلاّ يبلى، إلاّ عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة" وفي رواية أخرى: "كل ابن آدم يأكله التراب إلاّ عجب الذنب منه خلق ومنه يركب"، وفي حديث لأبي سعيد عن الحاكم وأبي يعلى، قيل يا رسول الله، ما عجب الذنب؟ قال: مثل حبة الخردل، ثم يستطرد ابن الجوزي قائلاً: فتجتمع العظام والعروق واللحوم والأشعار (جمع شعر) فيرجع كل عضو إلى مكانه الذي كان فيه في دار الدنيا، فتلتئم الأجساد بقدرة الجبار جل جلاله، وتبقى بلا أرواح، ثم يبعث الجبار جل جلاله سيدنا إسرافيل ويقول له: التقم الصور وازجر عبادي بفصل القضاء.

    [ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون] (الزمر 68)، وأردفها قائلاً [ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون] (يس 51).

    والصور هو قرن من نور لا يعلم حجمه إلاّ خالقه تعالى فيه أثقاب عددها كعدد أرواح العباد (منذ أن خلقهم الله إلى يوم القيامة)، فتجتمع الأرواح كلها (نزولاً من البرزخ) لتدخل في ثقوب هذا الصور (كل روح في ثقبها)، ويقول إسرافيل في ندائه: أيتها العظام البالية واللحوم المتقطعة والأشعار المتبددة والعروق المتمزقة، لتقمن إلى العرض على الملك الديان ليجازيكن بأعمالكن. فإذا نادى إسرافيل في الصور خرجت الأرواح من ثقوب الصور فانتشرت بين السماء والأرض كأنها النحل، يخرج من كل ثقب روح ولا يخرج من ذلك الثقب غيره. فأرواح المؤمنين تخرج من أثقابها منيرة بنور إيمانها بالله وبنور أعمالها الصالحة، أما أرواح الكفار تخرج مظلمة بظلمات كفرها بالله وبظلمة أعمالها السيئة. ويستمر إسرافيل في نفخه للصور، وكلما نفخ خرجت الأرواح وانتشرت بين السماء والأرض ثم تدخل هذه الأرواح في الأرض لتلتحم وتدخل في أجسادها، فيدخل كل روح إلى جسده الذي فارقه في دار الدنيا، فتدب الأرواح في الأجساد. وعندما تكتمل هذه العملية، تنشق الأرض من جانب كل رأس من رؤوس الموتى فإذا هم قيام على أقدامهم (عراة وحفاة وغلف) ينظرون إلى أهوال يوم القيامة بذهول شديد وذلك يوم الفزع الأكبر الذي يجعل الولدان شيبا.

    يقول تعالى [يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون] (المعارج 43-44).

    وذكر أن العبد ذكراً أو أنثى إذا خرج من قبره وجد عمله على حافة ذلك القبر فإن كان عملاً صالحاً وجده في شكل نور يستره ويحجبه ويستر عورته من أعين الناس وإذا وجده عملاً سيئاً وجده مظلماً أسوداً. فإذا نظر إلى عمله السيئ قال له الملك الواقف عليه: يا عدو الله خذ عملك فاحمله معك على ظهرك فيجده أثقل من جبال الدنيا [وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون] (الأنعام 31).

    وفي هذا السياق تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً (يعني غير مختونين)، قلت: يا رسول الله، النساء والرجال جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: يا عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض." رواه مسلم برقم 2859، ثم استطرد ابن الجوزي قائلاً: وإسرافيل ينادي بهذا النداء لا يقطع الصوت ويمده مداً والخلائق يتبعون صوته والنيران تسوق الخلائق إلى أرض المحشر. يقول تعالى [ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد] (ق 20). فالكافر يسوقه الملك سوقاً حثيثاً بالعنف والانتهار وآخر يشهد عليه وهو يحمل أوزاره على ظهره متجهاً بها إلى أرض المحشر، يقول تعالى [إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان مالها، يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها، يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم] (الزلزلة)، ولا يقطع إسرافيل النداء حتى تخرج الأرض جميع ما فيها من الموتى ومما أودعه الله فيها من إنس وجن ووحوش وطير وأنعام وهوام وحتى الذباب.

    [وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون] (الأنعام 38).

    ثم يقطع إسرافيل النداء بأمر الله تعالى وذلك بعد تبديل الأرض غير الأرض والسماوات، وقيل إن تبديل الأرض يتم بهدم مبانيها ومعالمها كلها وغور مياهها أي دخولاً إلى باطنها، وانقطاع أشجارها وتسجير بحارها (أي إيقادها وجعلها ناراص)، وتسيير جبالها وتبديل سمائه وتكوير شمسها وقمرها وانكدار نجومها (أي تساقطها وزوالها) وتعطل أفلاكها حتى تظلم الأرض ظلاماً كاملاً دامساً، وهنا تكون الحركة سهلة وميسورة للغر المحجلين الذي قال الله عنهم [يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير] (التحريم 8)

    ثم تتوالى أحداث يوم القيامة المذهلة إلى نهايتها ويحسم أمر الناس إما إلى جنة خالدين فيها أو إلى نار خالدين فيها. ولكن ما يهمنا في هذه الدراسة كما ذكرنا سابقاً هو سرد أوجه الشبه بين خروج الناس من قبورهم، وخروج الجراد من جحورهم مصداقاً للمعجزة التي وردت في الآيات الكريمة الثلاث من سورة القمر.

    كيفية خروج الجراد من جحورهم

    قبل الحديث عن موضوع خروج الجراد من باطن الأرض ومقارنته بخروج البشر من قبورهم لابد أن نتوقف عند عملية تزاوج الجراد بين الذكر والأنثى لأهميتها كمقدمة لذلك الخروج. فبعد عملية التلقيح تبدأ الأنثى مباشرة في اختيار المكان المناسب لوضع البيض داخل الأرض في شكل كتل، وغالباً ما تكون التربة رملية ناعمة ومفككة بها نسبة معقولة من الرطوبة، وكثيراً ما تختار الأنثى المواقع الأدفأ والمحمية من الرياح، ثم تبدأ عملية حفر التربة لوضع هذه الكتل من البيض، وعملية الحفر هذه تتم بواسطة الزوجين الظاهرين من الصمامات القرنية القوية لآلة وضع البيض الموجودة في نهاية بطن الأنثى، فتدفع الأنثى آلة وضع البيض في التربة، وبحركات دفع قوية للأسفل، وبانفتاح وانغلاق هذه الصمامات يجري الحفر حتى يتم دخول كل بطن الأنثى (التي يتضاعف طولها ليصل إلى عشرة سنتيمترات) إلى الحفرة.

    وبين فترة وأخرى قد تلف الأنثى بطنها حتى تصبح الحفرة مستديرة ومتماسكة، ثم تبدأ عملية وضع البيض بأن تغرز الأنثى رغوة تأخذ تدريجياً شكل أنبوب صغير أشبه بأنبوبة الاختبار التي نشاهدها في مختبرات المستشفيات لتجميع عينات الدم والبول، ثم يبدأ خروج البيض مختلطاً بهذه الرغوة ويتوالى وضع البيض من الفتحة التناسلية مع سحب الأنثى لبطنها تدريجياً حتى تخرج آخر بيضة من بطنها، ثم تفرز بعد ذلك رغوة أكثر بحيث تتكون منها سدادة في أعلى الأنبوب.

    وبعد برهة وجيزة تبدأ الرغوة تجف وتجمد وتأخذ لوناً بنياً وتربط البيض بعضه ببعض في كتلة متماسكة حيث تكون جداراً حول مجموعة البيض (أشبه بالمقبرة التي تضم عدة موتى) ومن فوقه سدادة أسفنجية لحمايته ولتسهيل مهمة خروج الحوريات (صغار الجراد) من الأرض بعد فقسها. ثم تحرك الأنثى بطنها عقب عملية انتهاء وضع البيض لتغطي كتلة البيض (أو الأنبوب) المليء بالبيض ودفنها بالرمل تماماً كما يدفن البشر موتاهم ويغطون قبورهم بعد الدفن بالتراب.

    وكتلة البيض هذه أو ا لأنبوب تكون مستقيمة في شكلها، ويختلف طولها حسب كمية البيض التي بداخلها، ولكنها في المتوسط يبلغ طولها حوالي عشرة سنتيمترات وقطرها ثمانية مليمترات (السنتيمتر يساوي عشرة مليمترات) وطول السدادة حوالي أربعة سنتيمترات وقطرها حوالي 7 مليمترات، ويكون ترتيب البيض داخل الأنبوب متراصاً بحيث تكون قمة البيض متجهة نحو محور الأنبوب وكتلة البيض الطولية وذلك لتسهيل عملية خروج الجراد.

    عدد البيض في الكتلة أو الأنبوب الواحد يتفاوت بين 21 و 93 بيضة، ويتراوح مجموع البيض الذي تضعه الأنثى الواحدة خلال حياتها من خلال ثلاثة أجيال ما بين 72 إلى 281 بيضة. فإذا هبط سرب جراد عادي في منطقة للتوالد وكان عدد الإناث في ذلك السرب حوالي عشرة ملايين جرادة، فهذا السرب يمكن أن يؤدي لإنتاج من 720 مليون إلى مليار و810 ملايين بيضة، فما بالك إذا هبطت في نفس المنطقة أو مناطق صحراوية أخرى مئات الأسراب، وهذا شيء عادي يمكن أن يشاهد في بلاد كثيرة، كم من مئات المليارات من هذا الجراد الصحراوي قياساً على الإحصائية السابقة ستخرج من باطن الأرض متى ما اكتملت كل الشروط اللازمة والظروف البيولوجية والبيئية المناسبة من رطوبة وأمطار وحرارة، وكلها عوامل هامة جداً مرتبطة أشد الارتباط بعملية فقس البيض من باطن الأرض.

    فمثلاً في إحصائية للأمم المتحدة في موسم 1948/1949 تزايدت أعداد الحشرة في إحدى مناطق ساحل البحر الأحمر من 25 ألف جرادة إلى 250 مليون بعد فترة نزول أمطار استمرت لحوالي ستة أشهر فقط، علماً بأن الجراد الصحراوي عادة ما يضع في المتوسط من ثلاثة إلى خمسة كتل (أو أنابيب) من البيض من خلال تعاقب ثلاثة أجيال في الموسم، وكل كتلة تحتوي في المتوسط حوالي خمسين بيضة، ومعنى ذلك بالأرقام أن كل أنثى تنتج 150 إلى 250 جرادة في جيلها الأول، ومن 4 إلى 6 آلاف جرادة في جيلها الثاني ومن 100 إلى 150 ألف جرادة في جيلها الثالث، وتستغرق عملية حضانة البيض في المتوسط بين 20 إلى 30 يوماً، ولكن قرب عملية الفقس يكبر حجم البيضة وتنتفخ ويصبح غلافها أرق وأكثر شفافية حتى يمكن رؤية الجنين بالداخل.

    وبعد استكمال الأجنحة للتمدد تبدأ الحوريات في الخروج إلى سطح الأرض عن طريق شق غلاف البيضة من الجزء العلوي الأمامي، وبحركة راقصة تشق طريقها إلى سطح التربة من خلال سدادة الأنبوب.

    ويفقس البيض العلوي في الأنبوب أولاً، ثم يتلوه الذي أسفله وهكذا تدريجياً حتى يفقس كل البيض الموجود في الأنبوب، وعند خروج الحوريات إلى سطح الأرض تتجمع بسرعة في مجموعات كثيفة مبعثرة وتكون كل حورية مغلفة بغلاف أو جلد أبيض وأطرافها ممتدة إلى الخف ومستقيمة داخل الغلاف، غير أنها سرعان ما تشق الغلاف وتتخلص منه في ظرف ثوان معدودة لا تزيد عن دقيقة واحدة، قد تفقس كتل البيض كلها في وقت واحد ويحدث ذلك خلال بضع دقائق، ولكن كثيراً ما يحدث الفقس إلى حوريات على دفعات متتالية، وتكون الحوريات بمجرد خروجها من الأرض نشطة وسريعة الحركة وتتحرك في جماعات في مساحات محدودة ويبدو عليها الاضطراب والتخبط.

    وقد سبق لابن عباس، رضي الله عنه، أن وصف خروج الناس من قبورهم بغوغاء الجراد الذي يركب بعضه بعضاً (انظر تفسير القرطبي للقرآن الكريم).

    وفي تحرك حوريات الجراد في مساحات محدودة قد تصل ما تقطعه من مسافة حوالي الكيلومتر في اليوم، وفي مراحل لاحقة قد تزحف لمسافة خمسة كيلومترات يومياً.


    ما هي أوجه الشبه بين الخروجين؟

    خلاصة القول فيما يتعلق بخروج البشر من قبورهم أن الله سبحانه وتعالى ينزل يوم القيامة ماءً على الأجداث (القبور) وبقدرة العلي القدير يبدأ تركيب الأجساد من عجب الذنب ومنها تبدأ عملية إنبات البشر بتجميع العظام ليتشكل الهيكل العظمي للإنسان الذي سرعان ما تغطيه عروقه ولحمه وشعره فيرجع كل عضو وجهاز إلى مكانه الذي كان فيه عندما كان الجسم حياً يرزق في الدنيا فتلتئم جميعاً ولكن بلا روح حتى ينفخ إسرافيل في الصور الذي تنزل من ثقوبه أرواح البشر فتدخل كل روح في جسدها الذي فارقته بعد الموت، فتدب الحياة في الجسد ويصبح الإنسان مكوناً من روح وجسد، ثم تبدأ عملية الخروج الجماعي للبشر من القبور، فتنشق الارض من جانب رأس الميت في قبره، فيبدأ الخروج بأن يقوم الناس على أقدامهم ينظرون، وهي عملية أشبه بعملية إنبات النبات وعملية خروج الجراد من جحورهم، فيخرج الناس ذكوراً وإناثاً حفاة عراة وغير مختونين وكل شخص بنفس طوله وعرضه وشكله ولونه وملامحه وعمره الذي كان معه في الدنيا وعلى نفس الحالة التي مات عليها، يخرجون وهم في حالة ذهول ودهشة واضطراب وزحام وتخبط.

    أما خلاصة القول فيما يتعلق بخروج الجراد من جحورهم فإنه بعد أن تهطل بعض الأمطار وتصبح التربة الرملية رطبة تأتي إناث الجراد لوضع بيضها في شكل كتل سرعان ما تتحول بفعل الرغوة التي تخرج من بطنها إلى أنابيب مليئة بالبيض، وعندما تتوفر الشروط البيئية والمناخية من حرارة ورطوبة تنشق الأنبوبة كما ينشق القبر وتخرج الحوريات (صغار الجراد) من أنبوبها كما يخرج البشر واحداً بعد الآخر وبأعداد كثيفة وهم في حالة ذهول واضطراب وزحام وتخبط شديد وفي حالة تشتت ويغطي مساحات واسعة من الأرض تقدر أعدادها بالملايين في منطقة محدودة وتكثر أعدادها كلما كثرت مناطق التوالد وخروجها من باطن الأرض.

    وكما يخرج البشر جميعاً من قبورهم في وقت واحد كذلك يخرج الجراد في وقت واحد والكل سواء كانوا بشراً أم جراداً تجدهم في حيرة من أمرهم وفي تخبط ظاهر مسرعين وخائفين خشّعاً أبصارهم ولا وجهة محدودة لهم.

    وفي اعتقادي أن الحكمة من تشبيه خروج البشر من قبورهم يوم القيامة بخروج الجراد من جحورهم تبدأ أولاً باختيار الخالق سبحانه للجراد تحديداً لكون الجراد بحكم انتشاره الجغرافي الواسع الذي يكاد يغطي كل مناطق العالم وأصبح معروفاً للبشر منذ قديم الزمان.

    وثانياً تلفت هذه المعجزة التشبيهية نظرنا إلى الكثافة العددية الخاصة بخروج مليارات مليارات البشر منذ أن خلق الله البشر إلى يوم القيامة وتشبيههم بخروج مئات المليارات من الجراد من جحورهم دفعة واحدة وفي وقت واحد عندما يكتمل فقس البيض وتخرج هذه الأعداد الضخمة من أنابيبها من باطن الأرض والتي تشبه قبور البشر كما أوضحنا ذلك.

    وثالثاً يشترك الكائنان في الحالة البيولوجية والنفسية والسلوكية التي يخرجون فيها من باطن الأرض من حيث الذهول والتخبط والسرعة والخوف وعدم وضوح الرؤية والاتجاه كما أوضحنا آنفاً في كيفية خروج الناس من قبورهم والجراد من جحورهم.

    المصادر

    (1) القرآن الكريم
    (2) الأحاديث النبوية الصحيحة
    (3) موقع كنانة أونلاين
    (4) موقع موسوعة الويكيبيديا في شبكة الإنترنت
    (5) منتديات دوت كوم في شبكة الإنترنت
    (6) عبداللطيف عاشور، "حياتنا بعد الموت"، مكتبة القرآن، القاهرة 1988
    (7) ابن الجوزي، "بستان الواعظين ورياض السامعين"، المكتبة العصرية، بيروت 2003
    (8) الإمام علي ابن أبي طالب، "نهج البلاغة"، عباس الموسوي، دار الهادي، بيروت 2002
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de