|
|
 حيلة ، قضت على ظاهرة تبرج النساء ..!! مهداه الى إدارة النظام العام ..!
|
** تفشى التبرج في المدينة لحد التعري، ولم يعد هناك ما يستر عورات النساء غير غض البصر.. فأستاء الملك، وأصدر قراراً بمنع التبرج ومعاقبة المتبرجة بالجلد والسجن والغرامة..غضبت النساء، وأضربن عن إعداد الطعام ثم عن الزواج والإنجاب..فخاف الملك، إذ هو بحاجة الى فرسان يحمون المدينة، بيد أن الفرسان شغلهم إعداد الطعام، ثم هو بحاجة الى فرسان يحمون عرش نجله المرتقب، بيد أن النساء أضربن عن الإنجاب..قرار منع التبرج ملزم ويسري في المدينة، ولكن رد فعل النساء يهدد أمن المدينة وعرش الملك بالإنهيار..فماذا يفعل بحيث يسري قرار المنع ولاتغضب النساء ..؟؟
** جمع بطانته في قاعة الإستشارة وطرح المخاوف، ثم إنتظر الرأي..قال أحدهم : نجلد نصف النساء، لتخاف النصف الآخر، وتطبخ وتنجب..وقال الأخر : نسجن نصف النساء، لتخاف النصف الآخر وتطبخ وتنجب..وقال الثالث : نغرم ونسجن ونجلد كل إمرأة تضرب عن الإنجاب وإعداد الطعام..كاد الملك أن يكتفي بهذه الآراء المسماة - سياسياً - بالحاسمة، ثم الآخذ برأي المستشار الثالث، إذ أمر بقفل المحضر ورفع الإجتماع وصياغة قرار الغرام والسجن والجلد، بحيث يكون ( القرار الثاني).. ولكن، قبل أن يغادر القاعة، سمع همساً من المستشار الرابع، وهذا هو من لم يشر اليه الملك بالحديث في الإجتماع، إذ همس قائلا : (لي رأي آخر يامولاي)..!!
** فأذن له بالحديث، فقال : ( أرى بأن تصدر قراراً بإستثناء النساء غير الجميلات من تنفيذ قرار منع التبرج )..فتعجب الملك، وكذلك بطانة السوء، من هذا الرأي الغريب..وكادوا أن يفتكوا به بلسان حال قائل : أتريدنا بأن نرجع عن قرارنا، بحيث تصفنا الرعية بالضعف؟..فأجابهم بالنفي، ثم كرر بإصرار المتحدي : إصدر قرار الإستثناء يامولاي، ثم أسجني إذا تبرجت النساء أو أضربن عن الطبخ والإنجاب.. فأستجاب الملك، وأصدر مع أول المساء قراراً فحواه : ( نصدر القرار الآتي نصه..إستجابة لمناشدة النساء غير الجميلات، إستثنيناهن من قرار منع التبرج، فليتبرجن حتى يحظين بأزواجهن..على أن يكون قرار المنع ملزماً للنساء الجميلات.. صدر تحت توقيعي) ...!!
**أصبح الصبح، وكانت الشوارع خالية من التبرج..وإنتصفت الظهيرة، وكانت الشوارع تضج بالفرسان والمطابخ بالنساء ..وإنتصف الليل، وإمتلأت الفضاءات بهمسات العشق التي تسبق الإنجاب.. لقد نجح رأي المستشار الرابع بحيث قراراً إيجابياً في المدينة..لم تتبرج النساء، إذ كل إمرأة ترى في ذاتها كل جمال الكون..ولم تغضب النساء من قرار يستثني غير الجميلات بالتبرج، إذ كل إمرأة تظن بأن هذا القرار لايستهدفها.. وهكذا نفذت نساء المدينة (قرار منع التبرج)، طوعاً وإختياراً، بل بمنتهى المباهاة بجمالهن الذي لم يعد بحاجة الى ( التبرج) .. وهكذا دائماً سحر القيادة الملهمة في حياة الناس..!!
** لايطيع الناس القيادة ما لم تفكر بعقولهم..وما لم تستشعر بإهتماماتهم ورغباتهم وطموحاتهم في الحياة..وما لم تطل قراراتها من نوافذ مشاعرهم.. وما لم تحس بألامهم وآمالهم..نعم، من اليسر أن يصدر القائد قراراً، ولكن من العسر أن يجد إستشارة تتقن فن (صياغة النص)، بحيث لايكون نصاً مرعباً، بل يكون جاذباً..وكذلك من العسر أن يجد قراره الترحاب، حتى ولو كان إيجابياً، كما قرار هذا الملك..للقيادة الملهمة سحر في القول والفعل، ولايلقاها إلا ذات الحظ العظيم .. نعم، بالقدر المسمى - عرفياً - بالحظ قد تجد نفسك في صف القيادة، ولكن لن تمتلك سحر القيادة بحيث تكون قائدا مُلهما ما لم تنظف قلبك وعقلك من الجبروت..وكذلك لن تمتلك سحر القيادة ما لم تنظف قاعة الإستشارة من ذوي أراء لاتتقن غير تقديم مقترح السجن والجلد والغرامة على مقترح الإستماع للرأي الآخر و(جادلهم بالتي هي أحسن )..فالعظماء هم الذين يزينون دفتر التاريخ بتحرير عقول الناس من قيود الجهل والخوف ، بيد أن الدهماء هم الذين يلعنهم ذاك الدفتر حين يعتقلون عقول الناس في زنازين الجهل والخوف..!!
** فالقائد الملهم لايُرهب رعيته بالجلد والسجن والغرامة، بل يُرغّبها بأفكار تمشي على الأرض إنجازاً وإعجازاً..ويكون متزناً، وإن غضب لايُظهر غضبه للدنيا والعالمين، وإن كان في سوح الحرب..ويكون مثقفاً، ومشبعاً بطموح يتجاوز سقف المباني الى حيث ترسيخ معاني الوعي في الناس والحياة..ويكون عاشقاً للتحدي الذي يغير حياة الناس الى حيث الأفضل والأمثل..ولذلك يبقى في ذاكرة الحياة نبراساً يضئ مسارات الناس، وإن مات تراه حياً في طموح إبنك ونبوغ إبنتك ورغد مجتمعك وشموخ وطنك..وأعلم يا عزيزي بأن القيادة الملهمة ليست غايتها أن تحكم الناس حباً في حكم الناس..فالغاية العظمى للقائد المُلهم هي إستخراج أفضل ما في الناس، أفكاراً كانت أوبرامجاً، ثم إستغلالها وتسخيرها لخدمة المجتمع، بحيث ترث الأجيال الأفضل دوماً..وعليه، يا صديق : لاتسأل الله القيادة، ما لم تكن مُلهماً، أي مالكاً..( سحر القيادة )..!!
المفال ، للطاهر ساتي ..
|
|
 
|
|
|
|
محمد مختار جعفر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست