|
كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 Re: ملخص ندوة الأستاذ عبدالله الفكى البشير . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
د. النور حمد :-
سعيد اننى اتحدث من هذا المنبر الذى اصبح منارة فكرية فى هذه المدنية الحزينة .
نحن قد كبرنا فى السن , وقد حضرت للخرطوم فى السبعينات طالب فى كلية الفنون , حضرت من الريف من منطقة (ود الترابى) , وعرفت الخرطوم فى مراحل وأوقات مختلفة , وما زال الامل موجود ان تكون هذه المدنية منارة للأدب والفكر والثقافة والديمقراطية .
سعيد بان اقوم بتقديم صديقى عبد الله الفكى البشير هذه الليلة , وعبد الله باحث جاد , والبحث عندنا اعتقد ضعيف ومتخلف , بحكم تخلف البيئة الفكرية نفسها , وهو امر غير مرتبط بالسودان وحده , بل هو مرتبط بالثقافة العربية الاسلامية , لأنها دخلت فى طور انحطاط استمر قرون طويلة ويمكن ان نرجعه لفترة قفل باب الاجتهاد .
البحث العلمى يعنى البحث عن الحقائق المجردة , بحيث لا تقوم بإدخال اهواءك وان تنظر للحقائق وتتحدث عن الحقائق .
ثقافتنا العربية الاسلامية هى بشكل عام لا تسمح , هى ثقافة ان تنصاع وان لا تشذ عن القطيع وان تمشى فى الدرب المطروق ولا تصادم ما هو جارى , وهذا ليس هو خط البحث , ولذلك فان الغربيين باحثين حيث ان مناخ البحث عندهم عقب تجربتهم الطويلة اصبح مناخ مفتوح .
مناهج البحث تقوم على التقليل من التحامل , والتحامل هو ان تأخذ الاشياء من اطارها وتقوم بتلوينها بالرؤية التى تنتمى اليها , البحث العلمى مجرد ما امكن التجريد , طبعاً من الصعب ان تتكلم عن تجرد مطلق لكن ان تتجرد من الهوى بقدر ما يمكنك من الانحراف عن الحياد الفكرى الموضوع الذى سوف يتحدث فيه عبدالله هو موضوع فى غاية الاهمية , وهو مرتبط بما قلته بان الثقافة العربية الاسلامية ثقافة خانقة , حيث ان اطار التفكير هو اطار دينى فقهى واعتقد ان المتصوفة قد خرجوا عن هذا الاطار كما اعتقد والى حد كبير , لكن ما ساد عندنا هو الثقافة الفقهية وهو الفقه المدرسى المستتبع للسلطة الزمنية . ونحن نعتقد الان اننا على ابواب نهضة , نهضة علمية ومعرفية وبحثية .
الاكاديمى عندنا تأثر بهذا المناخ , وكتابة التاريخ عندنا تأثرت بهذا المناخ ايضاً , وتشعر عندما تقرأ كتب التاريخ ان الذين قاموا بكتابتها يشعرون بالخوف فهناك اشياء لا يتحدثوا عنها وهناك اشياء يتم دفنها , وهذا فى كل التاريخ وغير خاص بنا وحدنا , لكن الاخرين استطاعوا معالجة هذا الامر وخلقوا اوضاع افضل منا .
الاستاذ محمود محمد طه شخصية مثيرة للجدل لأنه صادم للمألوف , والشاهد ان معاصرى الاستاذ قد قاموا بطمره , والذين كتبوا مذكراتهم تجنبوا ذكر الاستاذ محمود , ويتجنبوا ذكر الحزب الجمهورى وهو من اوائل الاحزاب السودانية فى اربعينات القرن الماضى , والكتابة الاكاديمية تقوموا بالكتابة على من قاموا بكتابة مذكراتهم , وتلاميذ الاستاذ كتبوا مذكراتهم وهى ليست كثيرة .
نحن اخذنا نموذج الاستاذ لأنه نموذج صارخ لكن يمكن ان يُزيف التاريخ بشكل لا يُصدق حيث يأتى طالب الثانوى الى الجامعة بدون معارف كثيرة والأساتذة فى الجامعة هم المدخل وهو مدخل قاصر حيث ان المعلومة محجوبة وغير متوفرة , ولهذا فان ما سيطرحه عبدالله هام من الناحية الفكرية والتاريخية والأكاديمية والعلمية .
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ملخص ندوة الأستاذ عبدالله الفكى البشير . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
الأستاذ عبدالله الفكى :-
شكراً لهذا المركز العظيم الذى يقدم خدمة تنويرية تمثل غذاء روحى وفكرى فى لحظات جوع شديد للفكر والروح والثقافة , والمركز بحق يقوم بعمل عظيم وتنويرى .
الاستاذ محمود محمد طه فى مذكرات رصفائه , ورصفائه اقصد بهم انداده الذين نالوا التعليم الحديث فى اوائل القرن العشرين بعد انشاء كلية غردون والمعهد العلمى وكلية الخرطوم الحربية , وتدفقت طلائع المتعلمين من هذه المؤسسات ومن الذين درسوا فى (لبنان) و (مصر) وحضروا للشارع السودانى وقادوا النضال ضد الاستعمار والعمل لخدمة شعوب (السودان) الى نال استقلاله .
واقصد بتلاميذ الأستاذ اولئك الشباب فى ذلك الوقت والذين ناصروا الاستاذ بعد عام 1951 , ومعروف ان الاستاذ محمود فى ذلك العام قد انتقل بعمله ونشاطه فى الحزب الجمهورى من مرحلة ملء فراغ الحماس ضد المستعمر الى المرحلة الجديدة القائمة على طرح المشروع التجديدى للإسلام فى 1951 .
وكان الاستاذ (سعيد شايب) اول من كتب فى الصحف السودانية يسأل عن الاستاذ ورد عليه الاستاذ حيث كان فى ذلك الوقت فى الخلوة فى (رفاعة) , وهذه الرسالة اخذتها كتدشين لمرحلة التتلمذ على الاستاذ محمود .
المرحلة السابقة لـ 1951 وهى مرحلة 1945 حتى 1951 الذين كانوا مع الاستاذ محمود فيها كانوا رفقاء وهم ايضاً كانوا من طلائع المتعلمين , والتلاميذ كانوا من 1951 .
كتابة مذكرات تلاميذ الاستاذ (محمود) جاءت متأخرة , والنماذج التى سوف اتناولها من تلاميذ الاستاذ خمسة نماذج .
الجزء الثانى من العنوان لهذه الأمسية هو فى نقد مصادر الدراسات السودانية , وفى واقع الامر فان تناول اى طرف من اطراف مشروع الاستاذ محمود او من تلاميذه هو نقد لمصادر الدراسات السودانية , واى نقد لهذه المصادر هو نقد للعقل الثقافى السائد .
المذكرات تمثل مصدر تاريخى مهم لما يُسمى التاريخ السياسى , بصورة عامة فان موضوع المذكرات قد تمت دراستها فى السودان , على سبيل المثال نجد ان (محمد سعيد القدال) قد كتب دراسة حول بعض كتب السيرة الذاتية فى السودان ومدى قيمتها كمصادر لكتابة التاريخ وقدم هذه الورقة العلمية فى 1988 فى معهد الدراسات الافريقية والأسيوية , وقام بدراسة 11 نموذج من المذكرات السودانية وكان منها كتاب (بابكر بدرى) (حياتى) وهو ثلاثة اجزاء , ومنها كتاب او مذكرات السيد (عبدالرحمن المهدى) (جهاد فى سبيل الاستقلال) , ومذكرات (احمد خير) المحامى (كفاح جيل) , ومذكرات (محمد احمد المحجوب) , و (خضر حمد) , (سليمان كشة) , و (امين التوم) , و (عبدالماجد ابو حسبو) , و (حسن نجيلة) , وخرج منها بنتائج .
وأيضاً هناك دراسة أخرى لـ (مصطفى الصاوى) صدرت فى مجلة (كرامة) العدد الاول 2007 وكانت بعنوان (بانوراما التراجم والمذكرات والسير , مقدمة تعريفية) , وقام فيها بدراسة مذكرات (يوسف ميخائيل) والتى صدرت فى الربع الاخير من القرن التاسع عشر , وكذلك مذكرات (بشير حمد) .
بروفيسور (احمد ابو شوك) كتب مقدمة ضافية فى تحقيقه لكتاب (يوسف ميخائيل) عن التركية والمهدية والحكم الثنائى , (ابو شوك) يعتقد ان هذه اول مذكرات كُتبت فى السودان .
كتبت فى صحيفة (الاحداث) سابقاً عن الاستاذ (محمود) فى مذكرات معاصريه , وقمت باستبدالها بمذكرات رصفائه , ولفت انتباهى الباحث (ياسر عبيدى) انه قبل مذكرات (يوسف ميخائيل) كانت هناك مذكرات (يوسف اغا) وكانت فى منتصف القرن التاسع عشر , وهو بصدد ترجمة هذه المذكرات .
عندما نزلت طلائع المتعلمين الى الشارع , استهل عمل كتابة المذكرات (احمد خير) المحامى فى 1947 , وانا مهتم باللذين نالوا التعليم فى فترة الحكم البريطانى حيث ان استاذ (محمود) كان ميلاده فى 1909 على وجه التقريب , والنماذج التى قمت بدراستها هى لأشخاص ولدوا فى نفس الفترة ونالوا تعليمهم فى نفس الوقت , وهم (احمد خير) المحامى و(محمد احمد المحجوب) و(خضر حمد) و (عبدالماجد ابو حسبو) و (الأمين التوم) و (يحيى محمد عبد القادر) .
وهناك نماذج لبعض المذكرات لم تكن نماذج لدراستى لكنها كانت مُساعدة مثل مذكرات (محمد خير بدوى) وهو ليس من رصفاء الاستاذ , حيث وجدت عندهم اشياء استطعت بها تفكيك رموز بعض الاشياء .
قام الاستاذ (محمود) 1945 بانشأ الحزب الجمهورى , وقاد نضال وتم سجنه 50 يوم , وقاد نضال وتم سجنه لمدة عامين , وقد وجدت فى الدوريات مثل (الرأى العام) وفى (السودان الجديد) ان الاشارة للاستاذ (محمود) ولنضاله ضد الاستعمار ر وكفاحه , ونداءات الجماهير من الابيض وكسلا وعطبرة وسنار برقيات وأسئلة عن الاستاذ بشكل مدهش , وعندما وقفت على مذكرات القادة وجدت انه ليس هناك ذكر للأستاذ (محمود) وهو امر ازعجنى للغاية و وبدأت فى ربطه بواقع السودان فهل الساسة فى السودان هم الذين يسيرون بالسودان كل يوم من سيء الى اسوء ام ان الامر اكبر من هذا ؟ , فى واقع الحال ان المسألة اكبر من هذا , الاستاذ (محمود) وبنضاله وقد كان فى عام 1946 عضو فى الجبهة الاستقلالية وهى جبهة كان فيها عدد من الاحزاب السودانية والمثقفين , والجبهة الاستقلالية الثانية كانت فى 1955 وكان الاستاذ ايضاً عضو فيها , وكان للجبهتين دور قوى للغاية فى الاستقلال , وكذلك كان الاستاذ عضواً فى لجنة الدستور القومية 1956 مع من القادة والساسة والذين قمت بدراسة سيرهم او مذكراتهم , وأيضا الاستاذ محمود فى 1965 – 1968 كان عضواً فعالاً فى المؤتمر الوطنى للدفاع عن الديمقراطية , وكان هذا المؤتمر ينادى بحق الحزب الشيوعى فى ممارسة حقه الديمقراطى بعد طرده من الجمعية التأسيسية والأستاذ كان فاعل جداً فى هذا العمل .
ومن المحطات المهمة , 1968 كانت هناك محكمة الردة للأستاذ , وهى محكمة جديرة بالذكر وان يتم الكتابة عنها , (حسن مكى) فى جرده لسيرة الحركة الاسلامية قال انه قد قام بدراسة المثقفين الاسلاميين او الكُتاب بصورة عامة , وتحدث عن (منصور خالد) و (عون الشريف) وبعض المثقفين الآخرين وقال انهم لم يكتبوا مثل ما كتب الاستاذ (محمود) , وقال ان (محمود محمد طه) هو القلم المتميز الوحيد .
غير كتابة الكتب , كتب الاستاذ (محمود) فى الصحف فى الاربعينات والخمسينات , وكاد ان يكون له مقال يومى , وبهذا المنطق فهو شخص لا يُنسى لرصفائه , (محمد احمد المحجوب) رئيس وزراء السودان ومن الداعين للديمقراطية وهو قانونى وقاضى وهو شاعر , عند كتابة مذكراته لم يقوم بالإشارة للأستاذ (محمود) ولا حتى فى محطة واحدة من المحطات التى ذكرتها , علماً بان (المحجوب) قد تحدث عن نشأة الاحزاب والحزب الجمهورى من الاحزاب الباكرة ومع ذلك لم يذكره , (المحجوب) رجل قانونى وقاضى وفى 1968 كان رئيساً للوزراء ويعرف ما معنى محكمة الردة ومع ذلك لم ترد اشارة لهذه المحكمة فى مذكراته , والأستاذ (محمود) كان عضواً معه فى اللجنة الاستقلالية الاولى وكانت برئاسة (المحجوب) واستقال وتولى من بعده الرئاسة (محمد يوسف هاشم) , واللجنة الاستقلالية الثانية نشأت فى دار الجبهة المعادية للاستعمار 1955 بعد خطبة عصماء من (المحجوب) واقترح فيها تكوين الجبهة الاستقلالية ومن الاعضاء كان الاستاذ , فى تلك المحطات كان (المحجوب) على اجتماع دائم مع الاستاذ ولم ترد اشارة لذلك فى مذكراته .
انا لا اطلب من هؤلاء ان يذكروا الاستاذ , لا , ليس بالضرورة , لكن عندما يتقاطعوا معه فى الاحداث ويذكروا التفاصيل ويذكروا الآخرين , فمن حقنا ان نجده موجود ويتم ذكر اسمه .
عندما تم سجن الاستاذ فى الاربعينات كان (المحجوب) قاضى وانتقل من القضاء للمحاماة 1947 , وقد اقترح على اعضاء الحزب الجمهورى بعض من حولهم ان ياتوا بمحامى وذهبوا للمحجوب , وكان المحجوب هو المحامى للأستاذ محمود , وهو امر تمت الاشارة له فى مذكرات الاخرين وقام بزيارته فى سجن كوبر , ولم ترد اشارة لهذه الواقعة عند المحجوب .
(امين التوم) كذلك تحدث عن نشأة الاحزاب وذكر كل الاحزاب التى نشأت فى 1945 وكان من بينها احزاب صغيرة جداً عاشت لفترات قصيرة للغاية ولم يتم ذكر الحزب الجمهورى , و (التوم) فى نهاية الكتاب يتحدث عن ثناء ووفاء وذكر كل من نضال من اجل من الاستقلال ولك يكن من بينهم الاستاذ (محمود) .
(خضر حمد) بنفس المستوى تحدث عن نشأة كل الاحزاب ولم يرد ذكر الحزب الجمهورى , وفى محكمة الردة (خضر حمد) كان عضو مجلس السيادة ومع ذلك لم يذكر هذه المحكمة .
هذه ثلاثة نماذج اغفلت ذكر الاستاذ فى محطات كان واجب فيها الذكر , وكان بالضرورة ان تتم فيها الاشارة للأستاذ , وان يتم ذكر كل الاحزاب ولا يتم ذكر الحزب الجمهورى فان هذا عمل خطير .
ونجد نفس الامر فى مذكرات (عبدالماجد ابو حسبو) حيث لا يذكر الحزب الجمهورى كذلك , بل ان (ابو حسبو) فى عهد مايو كان وزيراً للاعلام والشئون الاجتماعية والعدل , وعلى الرغم من انه كان وزيراً للعدل لم ترد اشارة لمحكمة الردة فى مذكراته رغم انها سابقة خطيرة .
ايضاً نجد شيخ (على عبدالرحمن الامين) فى مذكراته ذكر نشأة الاحزاب الا الحزب الجمهورى ولم ترد الاشارة لمحكمة الردة 1968 , علماً انه كان وزيراً للعدل لأول حكومة وطنية .
الغريب ان يجتمع كل هؤلاء على عدم ذكر الاستاذ , ان يتفقوا ويتحالفوا دون اتفاق مكتوب بينهم , هذا الامر يجعلنا نتوقف عند مصادر الدراسات السودانية , وان نتوقف عند مسار السودان , وفى التهميش والظلم .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ملخص ندوة الأستاذ عبدالله الفكى البشير . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
يواصل الاستاذ عبدالله الفكى :-
تغييب بالكامل للأستاذ وتجاهل لمواقفه البطولية , وهذا تسرب ليس فقط لطلاب الماجستير والدكتوراه , وإنما ايضاً للمؤرخين الكبار وكتاب التراجم والمعاجم والموسوعات الاعلام , وانطلى عليهم الامر فكتبوا ونسخوا وشوهوا , على سبيل المثال (عون الشريف قاسم) فى موسوعة الاعلام عندما تحدث عن الاستاذ قال انه تخرج من كلية (غردون) وكان يطارده البوليس عام 1946 حتى ادخله السجن , ويجب هنا ان لا نقول كان يطارده البوليس حتى لا يعتقد البعض ان المطاردة لأمر شخصى , بل ان نقول انه قائد وطنى مناضل وان نذكر انه نضال من اجل شعبه ومن اجل وطنه وهنا يدخل موضوع التماهى مع المستعمر , وهذا يقودنا الى تمكن المعرفة الاستعمارية فى عقول هؤلاء المثقفين .
لماذا غاب الاستاذ (محمود) فى مذكرات هؤلاء ؟ الاستاذ كان كأنما هو متصل بالمستقبل , وهؤلاء كانوا كأنما يتحدثون عن الماضى والراهن فى ذلك الوقت , عندما تحدث (خضر حمد) عن سفره وعمله فى جامعة الدول العربية حيث قام بزيارة (العراق) و (الكويت) و (سوريا) و (اليمن) وقال انه قام بهذه الجولات من اجل اقناع الدول العربية باننا عرب وينبغى ان يكون السودان فى اذهانهم هكذا , وكذلك نجد شيخ (على عبدالرحمن الامين) فى مقدمة مذكراته قال انا رجل عروبى اشتراكى , ومعروف نضاله من اجل الهوية العربية فى (السودان) .
هذه الجماعة كانت فى الوجهة العروبية للسودان والاتجاه فى هذا المسار , الاستاذ (محمود) فى عام 1958 وبعد مرور اكثر من سنة على انضمام السودان لجامعة الدول العربية يقوم بإصدار بيان عن دعائم الميثاق القومى , ويقول فيه يجب الانسحاب فوراً من جامعة الدول العربية السبب الاول اننا امة افريقية والثانى ان جامعة الدول العربية اصبحت تابعة لوزارة الخارجية المصرية ولم تعد تمثل دول مستقلة . هذا يعكس الاختلاف فى وجهات النظر والرؤية بالكامل , ورؤية الاستاذ اننا امة افريقية .
عندما رفعت المذكرة من مؤتمر الخريجين وانحرف المؤتمر نحو وجهة المفاوضات الفوقية مع دولتى الاستعمار , رفض الاستاذ هذا التوجه وقدم له نقد لاذع , وفى 1946 اصدر بيان فى نقد المثقفين ونقد الاحزاب السودانية وقال فيه انه لا يجوز لنا ان نسير فى وجهة المفاوضات مع المستعمر ويجب علينا ان نقود النضال ضد المستعمر وان نحرك الشعب وان نتولى نحن امر القيادة , وقاد الاستاذ النضال والمواجهة ودخل السجن , وفى الموقف من الطائفية رفض الاستاذ المساومة والتحالف معها وقام بمواجهتها وكان وحده فى الميدان .
الاستاذ (محمود) كان صاحب مبادرة خلاقة وضخمة , وكانوا هم ضد هذا العمل , ان يأتى شخص بمشروع شامل ويقوم بالتنظير حوله ويكتب كتب , وفى ذلك الوقت لم يكتب احد كتاب سوى (احمد خير) , ويتقدم كمفكر وهم كانوا شعراء يحتفوا بالشعر .
هذا الاستاذ استخدم ادوات المثقف الحداثوى بشكل غير مسبوق على الاطلاق , كمية المناشير والبيانات التى كتبها الاستاذ ربما لم تكتبها طلائع المتعلمين مجتمعين , والأستاذ قد بدأ الكتابة فى 1935 , ونقاط الاختلاف مع الاستاذ هى اختلاف رؤية , والاختلاف هو رفضه التحالف مع الطائفية , ساروا بالسودان نحو العروبة ورفض الاستاذ ذلك , كانوا لا يرغبون فى الدخول فى مواجهة مع الاستعمار (البريطانى) و(المصرى) وكان هو فى المواجهة .
اصدر الاستاذ اكثر من 120 بيان ومنشور فيما يتعلق بعلاقات السودان بمصر وخاطب رؤساء مصر بثلاث رسائل , وهذا عمل كبير وضخم تمت مواجهته بحسد بالإضافة للاختلاف فى الرؤية , (محمد عمر بشير) يسعفنا فى هذه النقطة فى كتابه (تاريخ الحركة الوطنية) عندما نظر فى منهج كلية (غردون) والجرعة التعليمية فيها , وقال ان هذه الجرعة كانت من اجل تخريج كتبة وفنيين وما كانت كافية لمقابلة الامكانيات العقلية لهؤلاء الطلاب , فتحولت الطاقة العقلية عندهم الى طاقة سلبية وهى الحسد , وقادهم للعداء مع المبادرات الخلاقة , ونموذج غير نموذج الاستاذ هو (بابكر بدرى) وهو مؤسس (الاحفاد) عندما اراد نقلها من (رفاعة) الى (ام درمان) لتوسيع المؤسسة وجعلها تقدم خدمة تنويرية على مستوى اوسع , المعارضة الاولى كانت من طلائع المتعلمين وكان القائد لهذا الاعتراض هو (خضر حمد) , ولكن الشيخ (بابكر) كان رجل قوى وصعب المراس وفعلاً استطاع النجاح رغم الحسد .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ملخص ندوة الأستاذ عبدالله الفكى البشير . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
ويختم الأستاذ عبدالله الفكى حديثه الفكرى الشيق :-
الاستاذ (محمود) كان مفكر منتج , كاتب بالقلم , كتب كتاب ومنشور وبيان وموجود فى مختلف الصحف , وقد وجدت الاستاذ يكتب فى مجلة كلية غردون , سودان ستار , الرأى العام , السودان الجديد , الشعب , الصراحة , التلغراف , الناس , النيل , الايام , الصحافة .. هذا عمل ضخم للغاية , فى حقبة الخمسينات يكاد ان يكون للأستاذ مقال يومى واى مقال للأستاذ اقل شيء صفحة كاملة من الصحيفة عادا عمود كتبه فى صحيفة انباء السودان وكان عمود ثابت ولم يستمر ومقالات فى قضايا كبرى , كلها تم اغفالها وتغييبها عن شعوب السودان وسعى الناس للتزوير وتغيير المعلومات .
مذكرات تلاميذ الاستاذ عددها خمس مذكرات , ثلاث منها تم نشره وواحدة منهم على وشك الطباعة والخامسة مخطوطة باليد .
الاولى للأستاذ (ابراهيم يوسف فضل الله) بعنوان (ذكريات جمهورى) فرغ من كتابتها فى 2008 ونشرها 2011 والكتاب يتكون من 213 صفحة من الحجم المتوسط , ما يُميز هذه المذكرات انه لم يتحدث عن نفسه عادا صفحة وربع عن نشأته واين كان الميلاد , كانت مذكرات مهمومة بالأستاذ وتحدث عن الحزب الجمهورى ونضال الحزب وما قاله لهم الاستاذ وتحدث عن محكمة الردة ومواقف الفقهاء ومواقف (مصر) .
المذكرات الثانية كانت للأستاذ (عوض لطفى) وهو قد نشر كتابه قبل (ابراهيم يوسف) , لكن (عوض لطفى) كتابه عبارة عن محاضرة قدمها فى الولايات المتحدة الامريكية وقال له الناس انها تصلح ان تكون كتاب وكان تحت عنوان (زمان الوصل , محطات وسندات) وصدر فى 132 صفحة وهو من مواليد 1920 وتكلم عن نشأته وحياته وتحدث عن امرين غير موجدين فى اى مصدر اخر وهما ثورة (رفاعة) لأنه كان شاهد ومُشارك , والأمر الثانى انه كان اول المرافقين للأستاذ بعد خروجه من خلوته 1951 .
المذكرات الثالثة هى مذكرات الدكتورة (بتول مختار محمد طه) وصدرت فى 436 صفحة فى 2012 تحت عنوان (محمود الانسان , قراءة الايام) , وتحدثت باستفاضة وبحديث يصعب ان نجده فى مكان اخر , ولأنها ابنة شقيق الاستاذ وفى نفس الوقت تلميذته وأكثر الناس التصاقاً به فان مذكراتها هى احاديث حدثها هو بها وكان يكلمها لساعات طويلة , وذكرت انها لا تعرف كل شيء عن الاستاذ ولكنها قالت ما تعرفه وما شاهدته .
المذكرات الرابعة هى لـ (مجذوب محمد مجذوب) بعنوان (السودان بلد وشعب وفكرة , بعض اوراق جمهورى) وشرفنى بكتابة تصدير لها بالاشتراك مع صديقى وآخى الدكتور النور حمد , وأول مرة يرى فيها الاستاذ كانت فى 1959 والتزم وأصبح جمهورى ببيان اعلنه فى 1964 , تحدث عن لقائه بالأستاذ وكيف اصبح جمهورياً وعن نضال الاستاذ ومواجهته للفقهاء ومحكمة الردة , وكان عم (مجذوب) عند لقائه الاول بالأستاذ من الاخوان المسلمين .
المذكرات الخامسة لأحد تلاميذ الاستاذ (حمد النيل العركي) وأصبح جمهورى فى 1973 , وانأ اطلقت عليها اسم مخطوطة لأنها ليست فى الواقع مذكرات حيث انه قام بتدوين ما سمعه من الاستاذ فى مجالسته الخاصة معه ومع الاخرين , دون ما سمعه ودقق فى هذا وكتب هذه الاحاديث , وكان قبل ان يخبر القارئ بما قاله الاستاذ يقوم بوصف المناخ العام على سبيل المثال داخل الغرفة .
مذكرات رصفاء الاستاذ والتى ذكرتها فى بداية حديثى علق عليها (محمد سعيد القدال) وقال انه قد درس هذه النماذج وانه قد خلص الى ان هذه المذكرات ضعيفة وبعضها لا قيمة له كمصدر تاريخى , وقدم توصية ان لا يتم الاعتماد عليها كمصدر وان اصحابها قد فخموا من ذواتهم ودورهم فى الاحداث وكانت تبريرية وسيطرة عليها السياسة والصراع السياسى , ولم يستثنى (القدال) الا ثلاث مذكرات , مذكرات (بابكر بدرى) ويعتبرها نموذج للسيرة الذتية , ومذكرات (حسن نجيلة) و (سليمان كشة) تأتى اهميتها فى انها قامت بتغطية فترة ليس لدينا لها مصادر اخرى .
الشاهد ان ما جاء به تلاميذ الاستاذ فى مذكراتهم قطعاً سوف يدخل الدوائر الاكاديمية وسوف يُستند عليه , وسيقود لمسار جديد فى الاكاديمية السودانية قائم على النقد ومقارنة القرائن .
| |
|
|
|
|
|
|
| |
مركز الخاتم عدلان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست