محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 10:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-30-2012, 11:06 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ...

    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan13.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    2-sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-30-2012, 11:09 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ... (Re: عماد الشبلي)

    ديوان "في مرايا الحقول" للشاعر السوداني محمد عثمان كجراي

    الجمال والحرية ..نداءات الخلود في سفر الابداع

    كتب-محمد الربيع
    دشنت وزارة الثقافة والفنون والتراث في مساء الاثنين الرابع من شهر مضان الكريم، الموافق للثالث والعشرين من شهر يوليو الحالي، اثني عشر ديوانا شعريا لادباء من مختلف أجيال الابداع الشعري السوداني ورموزه الكبار، هي دواوين: «من التراب «لمحيي الدين الصابر،» أم القرى «لعثمان محمد اونسة، «شيء من التقوى» للجيلي صلاح الدين، «على شاطي السراب» لابي القاسم عثمان، «في مرايا الحقول» لمحمد عثمان كجراي، «المغاني» لمصطفى طيب الاسماء، «شبابتي» لحسين حمدنا الله، «من وادي عبقر» لسعد الدين فوزي، «غارة وغروب» لمحمد المهدي المجذوب، «في ميزان قيم» الرجال لمحمد عثمان عبد الرحيم، «والوحي الثائر» لفضل الحاج علي، والمجموعة الشعرية الكاملة للشاعر محمد محمد علي. الى جانب الترجمة الانجليزية لرواية مهر الصياح للروائي السوداني المقيم في قطر أمير تاج السر.
    تقدم هذه الدواوين ملمحا مهما من ملامح التجربة الشعرية السودانية ممثلة في رموزها الكبار وفي مختلف فنون القول الشعري، وتكشف جانبا من انحيازاتهم الجمالية الى القصيدة التقليدية الموزونة والمقفاة أو قصيدة التفعيلة أو الشعر الحر.
    والميزة الاهم التي تطرحها بعض هذه الأشعار انها تضيء بدايات لرموز كبار اسهموا في صياغة المسار الابداعي للنص الشعري في السودان مثل محمد المهدي المجذوب ومحمد عثمان كجراي.
    استعرضنا في الايام الفائتة جانب من محتوى هذه الدواوين، ومنها ديوان «غارة وغروب»للشاعر الرائد محمد المهدي المجذوب ، ونستعرض اليوم ديوان الشاعر الراحل محمد عثمان كجراي "في مرايا الحقول".
    محمد عثمان محمد صالح كجراي من رواد تيار الشعر الحديث في السودان والوطن العربي. ولد في مدينة القضارف بشرق السودان سنة 1928م. بدأ حفظ القرآن الكريم وتجويده في خلوة والده الشيخ محمد صالح حسن قاضي المدينة، وتلقى تعليمه في المعهد العلمي بأمدرمان، وفي معهد إعداد المعلمين ببخت الرضا، وفي معهد التربية بشندي. عمل معلما وإداريا في وزارة التربية والتعليم، وقد جاب شتى أرجاء السودان، ثم شغل منصب مدير الإعلام التربوي بإقليم شرق السودان، وتقاعد عن الخدمة في عام 1989م. في عام 1990م هاجر إلى أسمرا في اريتريا، وعمل هناك في وظيفة تربوية مرموقة. توفي رحمه الله في مدينته كسلا التي أحب في الثامن من أغسطس عام 2003م، مخلفا وراءه العديد من آثاره الشعرية والنثرية، من أهمها: الصمت والرماد (1961م)، الليل عبر غابة النيون (1987م)، في مرايا الحقول (2011م)، وله عدة مخطوطات منها: أنفاس البنفسج (مجموعة شعرية)، إرم ذات العماد (كراسة شعرية)، خماسيات أبي الشول (في أدب الأطفال) ترجمة رباعيات الخيام إلى العربية. -نشر شعره في كبريات الصحف والمجلات والدوريات في العالم العربي، وتناول كتاباته بالدراسة والنقد كوكبة من النقاد، منهم صاحب «الشعر الحديث في السودان» الدكتور عبده بدوي، وأشار الى أنموذج شعرية كجراي الدكتور محمد مصطفى هدارة في «تيارات الشعر العربي المعاصر في السودان». صدر عنه في النقد الأدبي كتاب «كجراي عاشق الحرية والقول الفصيح .. دراسات في حياته» للناقد جابر حسين عبدالكريم، وعن تجربته الفنية كتب الشاعر النقاد الراحل صلاح إبراهيم: «من احتذى حذو كجراي جاء شعره مبرأ من كل عيوب وسقطات الشعر الحديث». الجمال والحرية تكاد تكون الكلمتان المفتاحيتان لتجربة الشاعر كجراي الذي يشير عنوان ديوانه الى المنحى الرومانسي في انحيازه الفني ،وحيث تحتفي النصوص بالذات وتعلى من قيمتها ،من خلال نداءات الحرية والكرامة ، وحيث الاحتفال بالطبيعة كمجلى من مجالي الجمال الاصيل ، وحاضنة للانسان ، ومآل لجسده الذي يكافح الحزن والظلم والغياب.
    ويعلي كجراي في نصوصه من قيمة الكفاح الانساني المشترك من اجل الحرية والكرامة لذلك تتردد في نصوصة اسماء واصداء شعراء ارتبطت اسماءهم بالنضال من اجل الحرية مثل ايميه سيزير وجيلي عبد الرحمن وفيدريكو غارثيا لوركا.
    وتمتاز تجربة محمد عثمان كجراي بانها تقف على ارضية صلبة من المعرفة والثقافة ، مما اعطى شعره عمقا وزاده غنا وثراء، فنصوص كجراي رغم بساطة لغتها وسلاسة مفرداتها الا انها تمتاز بعمق دلالي خاص وثراء دلالي نابع من معرفته العميقة وضلوعه في الفكر والادب والجمال.
    ولا يمكن تجاوز اسهام كجراي ضمن ابناء جيله من الرواد في تحديث النص الشعري في السودان من خلال اسلتهام التجارب الجديدة في قصيدة التفعيلة والشعر الحر، وتقديم نماذج رفيعة في هذا المضمار جعلت منه احد رموز المشهد الشعري السوداني الكبار .

    من قصائد ديوان "في مرايا الحقول"

    قصيدة"في مهرجان الكلام الفصيح"

    قالت الأرض في داخلي ينبت الورد
    يسكره الضوء
    تتفاعل كل ثمار الكروم
    يعتقها الزمن المتجدد، والكيمياء
    تبعثر أشجانها في الخوابي
    همس القلب يا لجمال الطبيعة
    حين تطل الزنابق
    في لحظات التفتح ترقص أغصانها
    في الحديقة
    حين أطلقت أجنحتي حملتني بعيدا
    أحلق فوق الأثير كسرب اليمام
    المسافة بيني وبين المها حين يشتعل الوجد
    آهلة بهديل الحمام
    يعشق القلب أغنية الياسمين
    إذا ما تواصل شجو الهديل
    جسد النرجس الخلوي تفاصيل أشواقه
    حين أشرع نافذة للعبير
    تنفس من خلفها الفل
    في خطوات الأصيل
    كانت الشمس مبهورة، تنثر الكحل
    في حدقات العيون
    والفراشات تعشق أزياءها
    حينما يتعرض للضوء خد أسيل
    ولهذا رأيت البنفسج يغسل أحزانه
    شهدت (أبا الطيب) المتدثر بالكبرياء
    يموسق في (شعب بوّان) أوزانه
    لم هذا الأصيل تبدّى كقلب جريح؟
    ولم الريح تنثر أشجانها، لا تنام
    ولا تستريح؟
    ولماذا تعيد الصحارى تفاصيل أحزانها
    حينما يطرق الرمل نافذة في جدار
    الزمان الفسيح؟
    يا رؤى الجدب لا وقت لي لاصطحاب النفاق
    ولا وقت لي لأبيع الكرامة
    أفتتح اليوم سوق المزاد
    بزيف الحروف، ورصف الحجارة
    في طرقات المديح
    ما توقفت يوما بباب السلاطين
    أعرف للأبجدية تاريخ رفعتها
    حين يزدهر الحرف إذ يتألق
    بوح العبارات في مهرجان الكلام الفصيح
    فاجأتني المها بعيون الجآذر
    يا فارس النهر هيئ لقلبي
    على حافة النهر هذا الضريح
    ***
    قصيدة "فيدريكو غارسيا لوركا"

    تمر فتنتفض الكائنات
    وتخفق بالوجد كل قلوب العذارى
    تحفّك كل العيون ببسمتها حين تلقاك داراً فدارا
    وحين تُغني بهم الملايين
    نستوعب الأغنيات انبهارا
    لأجلك يا سيدي يستدير القمر
    ويفتر ثغر البراعم
    يلمع عطر الندى في كؤوس الزهر
    وترقص كل السنابل مسحورة
    ويغني حفيف الشجر
    لأجلك يا سيدي
    كل قرطبة أدمنت في الليالي السهر
    فجيتارك هوى حين يخفق نبض الوتر
    وحين سقطت بأيدي الطغاة
    تغضّن وجه الحياة تكدر وجه القمر
    سمعنا الرياح تئن
    ويحزنها أن تزف إلى الكون
    في لحظات الصباح النبأ
    وكف النسيم عن البوح
    والبدر خلف الغمام اختبأ
    تدلى الغمام وأجهش بالدمع سيب المطر
    ولم يبقى قلب على طول مدريد إلا انفطر
    وكنت تقود الرياح
    وصوتك يا سيدي
    للزّبانية المرجفين عظيم الخطر
    العصافير ألجمها الذعر كفت عن الأغنيات
    والقياثر ما داعبتها الأنامل في هدأة الأمسيات
    والنواعير أطلقت الشجو
    هيّجها عاصف الذكريات
    قد اغتيل صوتُ العصافير
    كنت مُمثلها في ظلال الشجر
    نواحُ المزامير كان صدى لنواح عذارى المدينة
    يمر زمان ويأتي زمان
    ونركب في صهوات الرياح
    ونرتاد أودية في الجنون
    وأودية في صحارى الخدر
    ندافع عن موكب الشمس
    ننحاز بالكلمات الى الشرفاء
    إلى كل مضطهد في ربوع البشر.
    ***
    قصيدة "كهالة من نور"
    "بعد مضي عام على رحل الشاعر الصديق د. محمد عبدالحي"

    كان كما سبيكة الذهب
    وكان كطعم السكر المخبوء في كل عناقيد العنب
    يقوده التوق إلى براعم الورود في خمائل الأدب
    يحب كل الناس
    حين يرى توهج العيون مثل ألماس
    يشغله الجمال ينطوي على محرابه كأفضل الحراس
    يا لاهث الأنفاس
    حسبك هذا الجسد النحيل
    والتوقد المفرط حين ينبض الشعر على جزائر الأحلام
    يا طائري منذ ارتحلت مر عام
    ها أنت في توهج الغياب
    تضيء كالفسفور في بيادر الكلام
    على مرايا الصمت في الغابة والصحراء
    فقد كنت مشغوفا بكل فرح الطفولة
    يا نورس الشعر الذي
    آثر أن يرحل قبل محن الكهولة
    متشحاً بثوبه المنسوج من تألق البلور
    كهالة من نور
    كنت لا تمقت إلا موكب الطغيان يستفحل في شوارع البلد
    لم يراع حرمة الإنسان روحا وجسد
    لم يواسيك على الحزن الذي تحمله في موكب الدنيا أحد
    ولهذا يا صديقي
    قد تأهبت إلى رحلتك الكبرى على موج الأبد ..
                  

07-30-2012, 11:14 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ... (Re: عماد الشبلي)

    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan11.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    3-sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-30-2012, 11:17 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ... (Re: عماد الشبلي)

    أشعار الاديب الكبير محمد المهدي المجذوب
    اليومي والعاديّ يرقصان في دائرة السحر التحولات

    كتب-محمد الربيع

    دشنت وزارة الثقافة والفنون والتراث في مساء الاثنين الرابع من شهر مضان الكريم، الموافق للثالث والعشرين من شهر يوليو الحالي، اثني عشر ديوانا شعريا لادباء من مختلف أجيال الابداع الشعري السوداني ورموزه الكبار، هي دواوين: «من التراب «لمحيي الدين الصابر،» أم القرى «لعثمان محمد اونسة، «شيء من التقوى» للجيلي صلاح الدين، «على شاطي السراب» لابي القاسم عثمان، «في مرايا الحقول» لمحمد عثمان كجراي، «المغاني» لمصطفى طيب الاسماء، «شبابتي» لحسين حمدنا الله، «من وادي عبقر» لسعد الدين فوزي، «غارة وغروب» لمحمد المهدي المجذوب، «في ميزان قيم» الرجال لمحمد عثمان عبد الرحيم، «والوحي الثائر» لفضل الحاج علي، والمجموعة الشعرية الكاملة للشاعر محمد محمد علي. الى جانب الترجمة الانجليزية لرواية مهر الصياح للروائي السوداني المقيم في قطر أمير تاج السر.
    تقدم هذه الدواوين ملمحا مهما من ملامح التجربة الشعرية السودانية ممثلة في رموزها الكبار وفي مختلف فنون القول الشعري، وتكشف جانبا من انحيازاتهم الجمالية الى القصيدة التقليدية الموزونة والمقفاة أو قصيدة التفعيلة أو الشعر الحر.
    والميزة الاهم التي تطرحها بعض هذه الأشعار انها تضيء بدايات لرموز كبار اسهموا في صياغة المسار الابداعي للنص الشعري في السودان مثل محمد المهدي المجذوب ومحمد عثمان كجراي.
    بدأنا باستعراض جانب من محتوى هذه الدواوين، ونواصل اليوم مع الشاعر الرائد محمد المهدي المجذوب «1919-1982» في ديوانه «غارة وغروب».
    ولد محمد المهدي المجذوب عام 1919 م بمدينة الدامر شمال السودان، وتوفي عام 1982م. يعد من المجددين في الشعر العربي والسوداني، ومن جيل ما بعد رواد النهضة الشعرية السودانية والعربية مباشرة. التحق بكلية غردون التذكارية وتخرج في قسم المكتبة.حرر وكتب في عدة مجلات وصحف سودانية وعربية، وقدم لعدد من الكتب والدواوين، منها ديوان الشاعر محمد محمد علي وديوان الشاعر الناصر قريب الله وغيرهما. من دواوينه: نار المجاذيب (1969م). الشرافة والهجرة (1973م). منابر (1982م). تلك الأشياء (1982م). «شحاذ في الخرطوم» صدر بعد وفاته (1984م)، كما صدر له بعد وفاته ديوانان هما: القسوة في الحليب (2005م)، أصوات ودخان (2005م). لم يؤسس محمد المهدي المجذوب اختلافه في سياق الشعر السوداني بالطاقة الإبداعية الهائلة لشعره فقط، بل لكونه علامة فارقة في خطاب شعري يتفجر منقطعاً عن تقاليد الكتابة الشعرية السائدة ومنفلتا من أسر العادة والتقليد، التي جعلت من الشعر السوداني «المكتوب بالعربية» مجرّد وكيل محيطي لشعر المركز العربي، يعيد تسويق نفس المنتج، وفق شروط خطاب المركز وآلياته بل وازماته. وأولى علامات خطاب اختلاف المجذوب هي افراغ عمود الشعر العربي من محمولات المركز الدلالية وشحنه بجماليات المكان «طبوغرافيا وجودنا الحميم» بتعبير باشلاء، فشعر المجذوب في أهم ملامحه هو تجلي لمحمولات المكان الثقافية ولعلاماته وهي تخرج من سياقها في السوسيولوجي إلى سياقها الجمالي في النص الشعري، فمحتوى العلامة ومادتها الاساسية ذات علاقة عضوية بالمكان، والاصوات المتحدثة في النصوص ذات إنتماء عضوي وحميم إليه، ولها امتدادات حيوية داخل تربة وشروط الثقافة السودانية - نمط الحياة وتاريخ الشخصية واتجاهاتها المرتبطة بالمكون الساسي في الوعي واللاوعي-.
    هذا الخروج عمّا اسميته افراغ عمود الشعر العربي من محمولات المركز الدلالية وشحنه بجماليات المكان، تصاعد ليعقبه خروج آخر على مستوى العمود نسه والبنى الإيقاعية المرتبطة به، حيث قام المجذوب بتشظيه وحداته الايقاعية واعادة ترتيبها من جديد في نصه، وفق شروط تنسجم مع مشروعه الشعري الذي يسعى لتحقيق إنفلاته من رق عادات الكتابة السائدة على مستوى الفحوى والشكل. هذا الخروج بلغ ذروته في نصي «البشارة الخروج، القربان» و «شحاذ في الخرطوم»، جاءت هذه التحولات الحاسمة في ظل خطاب شعري استفاد من منجزات الثورة التي أحدثها الخيار الرورمانسي في الشعر خاصة فيما يتعلق بالاحتفال بالعادي واليومي، التي أصبح بعدها كل الكون موضوعا للشعر ومادة له في اول خروج مؤزر على معازل الشعر وتقاليده الموروثة، فكانت نصوص المجذوب مسرحا ابطاله القرى وبائعات الكسرة وماسحي الاحذية والدراويش والتفاصيل الصغيرة، والعلامات التي افلتها المجذوب من عقال المسكوت عنه ومعازل اللا مفكر فيه لتتسنم ذروة المشهد الجمالي في النص وتؤكد حضورها في مرموزيته عبر جماليات الاحالة وجماليات المكان.
    لم يكن المجذوب يصدر عن طاقة وقدرات مرتبطة بشروط آنية وعارضة، يستنفدها الزمن وقوته المدمرة فعلاماته ورموزه الشعرية تستمد قدرتها على الصمود من صدورها عن خطاب شعري، وليس من موقف اجتماعي آني وعابر، بل إن الموقف الاجتماعي هو أحد العلامات الدالة على رسوخ هذا الشعر في المشهد الإنساني في اعمق حلقاته أسى وفقرا وألم لذا فإن شعر المجذوب يستمد كونيته وإنسانيته الخلاقة من إنتمائه العميق لأحلام وأزمات وطموحات فئات واسعة، ظلت تصنع الحياة لفئات أخرى محدودة وتزوى في معازل النسيان. لقد أعاد المجذوب كنوز الشعر إلى الإنسان بعد ان ظلت لعود طويلة ملكا لشروط خارجه واعاد الاعتبار إلى أشياء كانت تحجل خارج دائرة الشعر.

    غارة وغروب

    اشتمل ديوان «غارة وغروب» الصادر عن وزارة الثقافة والفنون والتراث، على إحدى وخمسين قصيدة تتراوح تواريخ تأليفها بين مطلع الاربعينيات، والخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وتلتزم كل القصائد النموذج التقليدي الملتزم باوزان الخليل وبحوره، وتعبر عن مكنة ودربة عالية في توظيف جماليات القصيدة التقليدية لأداء رسائل ذات طبيعة وهموم معاصرة، وتلك من ميزات المجذوب الذي حذق الكتابة بالشكل التقليدي، وعبر من التقليد الى الحداثة والتمرد على الاشكال السائدة الموروثة بمعرفة وحذق ورؤية.
    كما تعكس النصوص الحس الفلسفي العميق في معالجته للأفكار والتفاصيل من مشارف التجربة، وهو ملمح لازمها حتى رحيله، وتشف النصوص عن انتماء المجذوب الذي لا يقبل المساومة للفقراء والمعدمين والمهمشين في المجتمع والاقتصاد والسياسة، فتجد في قصائدة انتصارا دائما لهؤلاء وانحيازا دائما اليهم.

    مختارات من ديوان «غارة وغروب»

    قصيدة «غروب»- بورتسودان 1 سبتمبر 1952م

    شباب وريق في ذبول مشيب

    وصبح أنيق في رماد غروب

    غدير يدور الليل من كل جانب

    عليه ولم تظفر يداه بكوب

    إلى الشمس فانظر تلقم الليل ثديها

    عقيم الهوى من حسرة ونضوب

    أأحبلها يأس قديم بضوئه

    فجاءت بصبح أنكرته غريب

    تبرأ منها الكون أما صريعة

    فما مسها ستر الدجى بمغيب

    تلوح لم تمسك بشيء صياحها

    شرار نجوم في دجون غيوب

    وتنفضها عن أسها كل قنة

    تهاوى دمع في الرحيل سكوب

    سكون الدجى يسجو ويصغي جموده

    إلى صرخة في صدره ودبيب

    نظرت إلى فجر على الباب واقف

    فأجفلت من ضوء عليّ رقيب

    وعدت إلى ظل على الرمل ضارب

    اسائله عن قسمتي ونصيبي

    وقلبي مشتاق على الخوف آمل

    يلج ذبيحاً في شباك وجيب

    أقلبه في الدمع تقليب ثاكل

    ربيبا مضى لم تتله بعقيب

    أفارق من عمري ثلاثين حجة

    ولما انج في هذا المدى بحبيب

    وما ذكرياتي كم توهمت ناشقا

    من الورق العافي سرار طيوب

    ليس بمجديني صباح عرفته

    يعود بأمس لا يعود غصوب

    وفي العيش حان خادع الشرب ضاحك

    ينيم جراحي أويبك شحوبي

    يزودني الآثام ليلا فأنثني

    إلى ندم برح الملام كثئيب

    أكل هوى خصم لدود وصاحب

    حبيبُ إذا فكرت غير حبيب

    وحيد ولي قلب مشوق وصبوة

    إلى نخلة خلف البحار عروب

    يسائلني الربان عنها فلم يجد

    من الوصف إلاعبرتي ونحيبي

    تشابهت الأشياء حولي بأوجه

    وبعد كأشباح السراب مُريب

    ولم يبق في نفسي سوى نفح برعم

    وفي لي لم يعرف خداع قلوب

    صبا لم يفارقني مع الأمس طيفه

    يهدهد صبري يائيسا وندوبي

    ولي وطن قاسمته العيش بائسا

    يُعاشرني في قلتي وخطوبي

    فإن عشت عشنا في اتحاد وإن أمت

    فما أنا في أرماسه بغريب يغيب

    زرقب من نفسي على الدرب ساعيا

    ويبدو من خلال دروب

    تسمعت خطوا في لم يدر غاية

    تعجبت من أقدامه ونكوبي

    زقاق وأقدام خفاف يبلها

    خلاعة إبريق هناك صبيب

    وفي جانب مني غدير وروضة

    وراء جبال همدٍ وسُهوبِ

    تراها ظنوني حين ضوئي منيتي

    ظلامي من خمر الضحى وغروبي

    ألاقي بباب الحان ليلا مشردا

    أساعفه من كرمتي بطبيب

    وهاترني حينا فوليت شاريا

    أجرد مقتولاً حسام شبيب

    يعيش قضائي غير عيشي مخيراً

    فمن لي بعيش من رؤاي خصيب

    وأبلست لا أسعي ومدت خواطي

    أيادي من ناءٍ دعا ومجيب

    قصيدة «قطار وجبل1945»

    يحلق الجبل المغروس مبتدرا

    إلى السماء تعالي في تعاليها

    أنسته زرقتها الوادي وما برحت

    صخوره العمي تحو في مراقيها

    أجفلت أنقذ روحي، قد تميل به

    ريح الدياجر قد هبت غواشيها

    يملأن كل حضيض يرتفعن به

    إلى الذرى فأعاليها

    النجم ريش دياجير يذبحها

    أدانيا برق يحطم أبعاد ويلغيها

    أبيتُ أسمع نفسي وهي نائية

    عني هنالك ممحوا أناديها

    يصور الماء بستانا بصفحته

    فكيف أمسك أشواقي وأبديها

    أيمسخ الليل هذا الكون ملمَسهُ

    وليس يطمس آلامي أقاسيها

    تنمو بنفسي أشباح منكرة

    مجاهل الدجن ذو الأصداء تحكيها

    أخشى السكون إذا أصغى لوحشته

    تسعى إليّ بحوت من دياجيها

    هذي الجبال أثافي تفرعها

    قدر السموات رغو النجم يوريها

    غد طبيبي ما جربت حكمته

    إلا ظنوني آمالا أمنيها

    غد تفرس في أمسي يعود به

    رمسا هو الرحم القصوي أوافيها

    دمي تلوَّن يمحوني تلونه

    أنا الغريق بأنفاسي أناديها

    ويك التفت حذرا يا قلب معتذرا

    إلى الغيوب علي جهل تجاريها

    أطرق فربت إطراق رأيت به

    عينيك عينيك لا ضوءا وتشبيها

    صبح تحجب في ظلماء خابية

    تقيد الشمس لم تبرح دواليها

    تعر في الخمر لم تكتم حقيقتها

    وأنت تطعمها وهما وتسقيها

    وما تجرد شيء عن طبيعته

    على المخافة بالكتمان يفشيها

    فأرقص وترجم وشق الثوب مفتضحا

    عجزا ونفسك أستار تعانيها

    البحر صارع في الآفاق عاصفة

    لم يسمع القاع في مثوه داميها

    ما دنت بالنور إلا أنني وهبت

    شكري يقدس نعماها ويبقيها

    تقارع لمس الأعماق فابتدرت

    منها عيون شربنا روح صافيها

    طيف تخلف من طيف تمازجه

    نفسي ونفسك قاصيها ودانيها

    أني ذكرتك بالسوكي إذ وقفت

    لنا القضارف تكسوها مراعيها

    حييت أزرقها الصوفي هجرته

    في نصرة الله بالتقوى يزكيها

    وشيخي العابد المكي آيته

    كرت على الترك رووا سيف تاليها

    يسري القطار بنا قيدا يسيل به

    تجيته الحلل القصوى فيلقيها

    زادي محياك والسفار قد همسوا

    أينا وقمت على روحي أواسيها

    أتذكرين لقاء صدفة ظفرت

    بطائرين أجابا صوت داعيها

    فولا تبيعين ما تدرين ما فعلت

    عيناك آخذ منك الفول تمويها

    ناولتنيه بكف رحت أمسكها

    لما ضحكت يمنيني تأنيها

    ولو بقيت لأحيتني سماحتها

    طفلا جديدا بلا نفس أداريها

    ضيعت روحي في الخرطوم غانية

    أبيت أحذر من أعناب ساقيها

    نفسي جمال غريب لا ينم

    حياء كاسي تخفي لون ما فيها

    به ما للسرائر أسواق فنعرضها

    حتى نصادف من بالحب يشريها.
                  

07-30-2012, 11:20 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ... (Re: عماد الشبلي)

    شكرا لوزارة الثقافة القطرية

    شكرا للزميل محمد الربيع

    ونواصل ....
                  

07-31-2012, 10:52 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ... (Re: عماد الشبلي)

    وتمتاز تجربة محمد عثمان كجراي بانها تقف على ارضية صلبة من المعرفة والثقافة ، مما اعطى شعره عمقا وزاده غنا وثراء، فنصوص كجراي رغم بساطة لغتها وسلاسة مفرداتها الا انها تمتاز بعمق دلالي خاص وثراء دلالي نابع من معرفته العميقة وضلوعه في الفكر والادب والجمال.
    ولا يمكن تجاوز اسهام كجراي ضمن ابناء جيله من الرواد في تحديث النص الشعري في السودان من خلال اسلتهام التجارب الجديدة في قصيدة التفعيلة والشعر الحر، وتقديم نماذج رفيعة في هذا المضمار جعلت منه احد رموز المشهد الشعري السوداني الكبار .


    فاصلة ....
                  

07-31-2012, 10:55 PM

عماد الشبلي
<aعماد الشبلي
تاريخ التسجيل: 06-08-2008
مجموع المشاركات: 8645

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد الربيع يوثق لدواوين الشعراء السودانيين المدشنة في الدوحة ... (Re: عماد الشبلي)

    ولد محمد المهدي المجذوب عام 1919 م بمدينة الدامر شمال السودان، وتوفي عام 1982م. يعد من المجددين في الشعر العربي والسوداني، ومن جيل ما بعد رواد النهضة الشعرية السودانية والعربية مباشرة. التحق بكلية غردون التذكارية وتخرج في قسم المكتبة.حرر وكتب في عدة مجلات وصحف سودانية وعربية، وقدم لعدد من الكتب والدواوين، منها ديوان الشاعر محمد محمد علي وديوان الشاعر الناصر قريب الله وغيرهما. من دواوينه: نار المجاذيب (1969م). الشرافة والهجرة (1973م). منابر (1982م). تلك الأشياء (1982م). «شحاذ في الخرطوم» صدر بعد وفاته (1984م)، كما صدر له بعد وفاته ديوانان هما: القسوة في الحليب (2005م)، أصوات ودخان (2005م). لم يؤسس محمد المهدي المجذوب اختلافه في سياق الشعر السوداني بالطاقة الإبداعية الهائلة لشعره فقط، بل لكونه علامة فارقة في خطاب شعري يتفجر منقطعاً عن تقاليد الكتابة الشعرية السائدة ومنفلتا من أسر العادة والتقليد، التي جعلت من الشعر السوداني «المكتوب بالعربية» مجرّد وكيل محيطي لشعر المركز العربي، يعيد تسويق نفس المنتج، وفق شروط خطاب المركز وآلياته بل وازماته.

    فاصلة ....
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de