«مولانا» رواية إبراهيم عيسى... اللاهوت الشقي # نص جدير بالاهتمام!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 12:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-29-2012, 02:02 AM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
«مولانا» رواية إبراهيم عيسى... اللاهوت الشقي # نص جدير بالاهتمام!

    «مولانا» رواية إبراهيم عيسى... اللاهوت الشقي





    عباس بيضون




    قليلة هي الروايات التي تتخذ من رجل الدين بطلها الإشكالي، قرأنا من قبل «يوم الدين» لرشا الأمين والان «مولانا» لإبراهيم عيسى. رجل الدين إرث من الماضي، ويظل كذلك بالنسبة لروائي حديث يبحث عن نماذجه في ما ينشأ ويتكون في المجتمعات الكولونيالية: المثقفون المناضلون السياسيون، وهو الضباط، للطحين الاجتماعي... الخ. رجل الدين في هذه المجتمعات من الفولكلور الاجتماعي، كأنما لا يتأثر بالظرف الاقتصادي أو السياسي، ولا تعنيه في كثير أو قليل الأزمة المعيشية ولا الصراع على الدولة وفيها.
    ليس ذلك إلا لان الرواية فن حديث ويعيش عن موضوعاته فيما يعتبره مجتمعاً حديثاً، او يتولد في غضون الأزمات الراهنة، رجل الدين هو ابن عصره ولو بدا في أهاب تراثي، انه يتغيّر ولو ان هذا ضد إرادته ولو لم يعترف بذلك ولم يستسغه، انه يتغير مع مجتمعه ومع ظروفه وهو يحمل معه إلى هذا المجتمع وتلك الظروف مهنته العتيقة التي تتغير بدورها، بل إن رجل الدين ليس خلوا من تناقضات عصره فهذه تخترقه وتتقاطع فيه، ثم انه فرد وليس قطعة من تراث وماض، أي انه فرد له كيانه وله شخصيته. في كل ذلك يعيش رجل الدين، بما هو فرد وما هو إنسان وفي إطارهما، تناقضات زمنه فهو من هذه الناحية بطل إشكالي وهذا ما احتاج إلى وقت ليدركه الروائيون الذين لم يروه هكذا إلا بعد ان بات جلياً.
    رواية إبراهيم عيسى لا تتعامل مع الشيخ حاتم على انه فولكلور اجتماعي او على انه قطعة متروكة من ماض مهجور. انه في قلب زمنه وفي معتركه. انه رجل دين يعظ في التلفزيون وصيره ذلك نجماً تلفزيونياً، يعظ بملايين الجنيهات ولا يسؤه ان يتلقى الماكياج الذي يحضره للحلقة التلفزيونية.. في ذلك كله «مولانا» ليس في أطراف المجتمع ولا هوامشه. انه في واجهته تماما. ذلك الموقع لا يحيله هزأة ولا كاريكاتوراً إذ درج كتّاب على تصوير أمثاله بأنهم شرهون، باطونيون، كروشهم ضخمة وهم يدورون بها في الأمكنة، متفاصحون ثقلاء مغالون في لهجهم بالدين ولغطهم به «مولانا» حاتم ليس هكذا ولا هنا نمطه. ليس شرها ولا متحذلقا ولا مدعيا ولا متظاهراً بالتقوى، بل انه لا يفتأ يسخر من هذا النمط ويزري به. انه خفيف الروح مثقف ساخر كاره للحذلقة والإدعاء والتظاهر، ليس في «مولانا» الشيخ حاتم من طرطوف اثر ولو صغير. انه نجم تلفزيوني ونجوميته التلفزيونية المفرطة في الحداثة تطبعه بأكثر مما تطبعه تربيته الأزهرية، انه يبقى على السطوح، كما يعتقد، لأن الناس يريدونه هكذا ولأنه هكذا ينجح في مهنته فالناس ترهبهم الأعماق ولا يروق لهم الغوص والإيغال، يبقى على السطح لكنه يعرف اين القاع، بحدس به على الأقل، ثم ان هذا الوعي لتوزعه وتمزقه قائم باستمرار، ليس بالطبع وعي رجل دين فحسب فهو وعي مثقف لا يفتأ يرى انقسامه، ولا يفتأ يشكك في نفسه، ولا يفتأ يشقى بوعيه، انه الوعي الشقي ولو عبر الشيخ عن ذلك بالسخرية والهزء فهذه سخريته من نفسه ونقده لها. يعرف الشيخ حاتم انه لا يقول على الشاشة إلا ما ينتظره الناس منه وما يطلبونه. يعرف انه يمثل على التلفزيون ولا يبتكر شيئاً. انه وعيه الشقي وهو راض به لكن ثمة ما يصدمه فيه، ويبدأ ذلك بامرأة وبوادر حب. بشكوى من صديقه شيخ الطريقة بالوراثة من انه ملاحق، شكوى تنتهي باعتقاله واتهامه بالتشيع والعمالة لإيران، بأخ زوجة الرئيس الذي تنصر وفي هذا فضيحة للرئيس والعمدة على الشيخ برده إلى دينه.
    بعد أن كانت الرواية تدور في نطاق علم الكلام وبطلها الشيخ يدل بتبحره فيه وفي علوم الدين قاطبة، لدرجة قلنا معها ان الرواية ترمي، من طرف خفي، إلى تحبيذ الإصلاح الديني، بعد ذلك لم نعد في مجال النقاش اللاهوتي، لقد انتقلنا من مفاجأة إلى مفاجأة، انتقلنا إلى جو بوليسي، لن يحدث بعد الآن شيء إلا بتدبير الأيدي الخفية التي تعمل في الظلام، انه عالم خيوطه تحركها قوى غير منظورة، ويسوسه التآمر والتدبير والخداع والجريمة، عالم المخابرات المظلم المخيف. هكذا يسجن شيخ الطريقة ويقوّل تحت التعذيب اعترافات بالتشيع وبالعمالة لإيران. هكذا ينكشف ان «نشوى» السلفية التي تجادل في الدين ممثلة سابقة، ثم يظهر انها عميلة للمخابرات. تؤدي صداقته لشيخ الطريقة به إلى المعتقل وتدبر له تهمة في هذا السبيل لولا ان أخ زوجة الرئيس المتنصر بتدخل لإنقاذه. انها جملة مفاجآت تنتهي بالمفاجأة الكبرى، وهي ان الشاب المتنصِّر ينكشف عن إرهابي سلفي يفجر كنيسة، وبقدر ما يبدو إبراهيم عيسى متبحراً فعلاً في علم الكلام فإنه يبدو متمرساً، في الفن القصصي، انه يبرع في تصوير الجو المخابراتي، فهذا الجو الذي ينمو شيئاً فشيئاً لا يلبث ان يطبق ويسود ويهيمن بحيث ان أقل نأمة تغدو مكهربة قابضة، لنقل اننا امام فن قصصي قادر ومحكم فالرواية تستنفذ في قسمها الاول الجدل اللاهوتي الكلامي بينما هي في قسمها الثاني تملك ناصيه الرواية البوليسية ومفاجآتها تتلاحق واحدة بعد الاخرى ولكن بعد ان تسن وتشحذ وتستوفي شروطها. وإذا كان لنا ان نقارن «مولانا» برواية اخرى فإن اقرب ما يخطر لنا هو رواية «اسم الوردة» لامبرتواكو فمثل رواية اسم الوردة ترتكز رواية إبراهيم عيسى إلى أساس معرفي غني وإلى تقميش تراثي محكم، ومثل رواية «اسم الوردة» ننتقل من الجدل اللاهوتي إلى الجريمة والتحقيق البوليسي، ومثل اسم الوردة نجد سجالاً بين التعصب والعقلانية التي تتمثل في «مولانا» بالشيخ حاتم.
    «مولانا» بطل الرواية فهو نقيض السلفي، إذ لا يزال يعرض كل شيء على العقل وعلى العصر، ما صلح بالأمس قد لا يكون صالحاً اليوم وما تواطأ عليه الناس بل ما تواتر عندهم قد لا يكون البتة صحيحاً. إن تضلع الشيخ حاتم بالكلام وروحه النقدية وطبعه الساخر. هذه جميعها تجعله مثالاً لعقلانية محبطة، تداري إحباطها بالسخرية. فن إبراهيم عيسى القصصي يرتكز إلى تمرس واسع وبحث عميق وموهبة فعلية، إن قراءة «مولانا» لذلك متعة، متعة هي قراءة الحوار ومتعة هي متابعة مزاج الشيخ حاتم الخاص ######رياته ونكاته. كما انها متعة فعلاً القراءة الإشكالية لشخصيته. قد لا نجد في الرواية العربية المعاصرة روايات كثيرة مثل «مولانا»، بل قلما نجد هذا الإحكام مع طرافة أكيدة وتمرس بالسرد يمسك
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de