اراء وكتابات مهمة عن القضية السودانية ...مقالات مختارة ..ادخل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 08:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-12-2012, 05:42 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اراء وكتابات مهمة عن القضية السودانية ...مقالات مختارة ..ادخل

    هنا تجدعزيزى القارىء بعض من المقالات المهمة التى تتناول الشان السودانى والقضية السودانية الوطنية من كتاب كبار اخترت من بينهم من عرف بالوطنية والراى السديد الذى يخدم قضية الوطن ..

    المقال الاول للصحفى الكبير الاستاذ صديق محيسى الذى يعمل الان بدولة قطر وهو من الصحفيين المهمومين بقضية وطننا وما يعانيه الان تحت حكم الاخوان المسلمين الذى فشل فى الحفاظ على وحدة الوطن ودمر اقتصاده الوطنى واساء لسمعة شعبه خارجيا وداخليا وقدم اسوا تجربة فى مجال الحكم
    اترككم مع المقال..الجزء الاول .. ومن ثم نتواصل


    الإنقاذ تقترب من الحافة: قراءة في سفر الفقر والثورة ..

    بقلم: صديق محيسى
    الأربعاء, 11 تموز/يوليو 2012 11:49
    Share


    1-3
    بعد ثلاثة وعشرين عاما من الفشل السياسي والأيديولوجي وصل نظام الإنقاذ محطته قبل الاخيرة ,وبدا واضحا من المشهد الحالي ان مقدمات رياح التغيير بدأت تهب علي أنحاء السودان. مؤكدة ان الإنقاذ ليست استثناء من ثورات ما يطلق عليه الربيع العربي, وعلي خلاف اربع ثورات عربية تشابهت ظروف إندلاعها, فان السودان تحت سلطة الإنقاذ يتفرد بمميزات غريبة من أهمها إشعاله حروب بمحض ارادته مع دولة جنوب السودان الوليدة ودارفور وجنوبها , و النيل الأزرق , وجنوبها مختتما هذا الفيض الناري بأحدث حروبه المالية ,وهي الحرب الإقتصادية التي شنها اخير ضد كل الشعب السوداني.


    بعد ما يقارب من ربع القرن تحطمت سفينة (الإنقاذ ) وتمزقت اشرعتها وها هي تجنح الي ساحل رماله متحركة.
    طوال سنوات تسلطها مرت الانقاذ بثلاثة مراحل مرحلة (المشروع الرسالي الذي غلفته بديمقراطية التوالي صناعة عرابها الذي تحول الي ألد أعدائها) ومرحلة , (سقوط هذا المشروع بمقاومة محلية وضغوط غربية, ثم مرحلة التحول الي الدولة الأمنية الكاملة الذي كاد الأمن فيها ان يكون هو الدولة اذا لم يكن بالفعل قد صارهو الدولة .
    مثلها مثل الانظمة الإستبدادية التي سقطت تحت حوافر الثورات كانت (الإنقاذ ) تري انه قد ال اليها حكم السودان الي الأبد بعد ان سيطرت علي عصب الدولة إثر إتفاقي السلام في نيفاشا عام 2005 والقاهرة في العام نفسه ,ووصولا الي الإنتخابات المزورة التي ظنت إن فوزها الأحادي فيها يسقط عنها جناية الإنقلاب العسكري علي الديمقراطية ويكسبها الشرعية تحت حماية أمريكية, وهذا ما يتحجج ويتبجح به قادتها كلما زاد عليهم الهجوم ,ورفع عنهم غطاء الفساد, وقد إرتفعت هذه النبرة الان كثيرا تبريرا لاستمرارهم في الحكم وزريعة لقمع مخاليفهم الراي .



    يتفق الكثير من المراقبين ان الإ نقاذ دخلت باختيارها في المأزق الذي صنعته بيدها , فعلا وة علي الصرف البذخي علي الأمن والجيش والمليشيات العامة والخاصة ,والباب العالي قصر الرئاسة , وجيش المستشارين ,وزراء الدولة ووزراء الترضيات , فأنها فتحت أبواب السودان للمؤتمرات الأ قليمية من كل نوع وجنس ,فصار لنا مربد سوداني توزع فيه الجوائز علي الشعراء والكتاب الاسلامويين غير المعروفين إحياء لسوق عكاظ , وتيمنا بالباباطين والجنادرية, فالدولة النفطية الجديدة كاد ان يلبس قادتها العقالات من فرط التخمة المالية ,وحاكوا في ذلك أمراء الخليج عندما يرسلون اولادهم للدراسة في أفخم الجامعات ,ويجلبون لحريمهم المجوهرات والأزياء من بيوت عالمية مشهورة ,بل وصل السفه الاسلاموي ببعضهم حدا ان صاروا يطلبون (ارساليات ) خاصة ب dhl من كريستيان ديور , وهارودز ,وغيرها من بيوت الموضة الأروستقراطية وصار لهذه المهام سماسرة ذوي لحي مدببة علي وجوههم قرر من كثرة السجود للمال في أيديهم خفة كخفة كوبرا في لدغ من يقترب منها, وفى البناء تطاولوا فيه فصارت لهم حديقتان حديقة للشاي , واخري مثمرة للفواكه,ولأول مرة يشهر الفساد كثقافة اسلاموية تحت الشمس في إقامة ايا صوفيا سوداني (للعارف بالله الشيخ ) احمد البشير !!, وبالقرب منه حي باذخ بأكمله له شناشيل ملونة ومشربيات مرزكشة اطلق عليه السودانيون (حوش بانقا لإشقاء واقارب الرئيس . ومن كثرة الترف صار للوزراء ترزيون خاصون في الصين وتايلاند يفصلون لهم البدل ,والسفاري , مهمة يباشرها سفيرهما هناك ترسل لهما المقاسات ويتوليان متابعة الإنجاز.


    ليس من المستغرب ,أو المدهش ان تصل الإنقاذ الي هذه الخاتمة , وليس من المستغرب ايضا ان تلجأ الي القوة للمحافظة علي مصالح لصوصها وسلطتها المتآكلة , فبعد ان عدمت الوسيلة في معالجة الإنهيار الأقتصادي المدوي ودخول الشعب مرحلة المسغبة , وكذا في اقناع الناس بأن ماحدث هو إبتلاء وقدر من الله كما يقول خطباؤها في صلوات الجمع , فأن لا سبيل امامها سوي استخدام العنف ضد المتظاهرين ,فقدر الله الذي اصاب الشعب بهذا النصب والإملاق لم يجعل علماء السلطان يشيرون الي القدر نفسه الذي أصاب بالثراء الفاحش الطغمة الفاسدة والتي علي رأسها رئيس النظام الغارق واسرته حتي اذانهم في المال الحرام.


    شاهد قادة الانقاذ وفي مقدمتهم رئيسهم ثلاثة أنظمة شمولية مشابهه تساقطت أمام أعينهم تحت حناجر ملايين الثوار , شاهدوا صديقهم وولي نعمتهم القذافي الذي تأسوا به عندما كونوا لجانا شعبية كلجانه ,شاهدوه ملطخا بدمائه يطلب من قاتليه الرحمة التي سقطت من قاموسه لأربعين عاما قضاها في حكم ليبيا , شاهد اسلامويو الإنقاذ زين العابدين بن علي وهو يعلن توبته في الزمن الضائع , وشاهدوه يهرب في طائرته الخاصة مهرولا في غير وجهة , فترفض امريكا وفرنسا أستقبال عميلهما الأول في المغرب العربي, فيلجأ الي السعودية مذموما مدحورا, وشاهدوا ذلك النقابي التونسي الذي اتخذته قناة الجزيرة (بورومو ) لها وهو يصيح فجرا (بن علي هرب بن علي هرب أصداء صوته تقشعر لها الآبدان الوطنية شاهدوا مبارك الذي حاولوا قتله ففشلوا تستجوبه المحكمة وهو محمول علي سرير عيناه تحملقان غير مصدق مايجري حلم هو ام حقيقة شاهدوا علي عبد الله صالح ذلك الجاويش الجاهل ينجو من محاولة اغتياله داخل مسجد قصره , ولكن الثوار يجهزون عليه سياسيا , شاهدوا كل هذه الحقائق تجري امام اعينهم ولكنهم يكابرون ويرددون كلاما غريبا بأن الشعب السوداني ثار ثورتان من قبل ,والثالثة كانت (ثورتهم !) ولا يفهم قاريء تصريحاتهم ما يعنونه من ثورتى اكتوبر, وأبريل هل ذلك ذم لهما أم اشادة,؟ انها اللوثة السياسية تصيب الذين لايحسنون قراءة التاريخ واخذ العبر منه.
    لقد احرق بشار الأسد المزارع والغابات وقتل النساء والأطفال ,ودمر المدن السورية مدينة مدينة يحاكي نيرون ولم ينجح حتي الان في كسر ارادة الشعب , استخدم الأسد العلويين لقتل السنة ساعيا الي تحويل المعركة الي معركة طائفية ولكن وعي الشعب السوري كان اكبر منه فخاب مسعاه وهاهم قادة جيشه وجنوده الشرفاء يتخلون عنه ويلتحقون بالجيش الحر بينما جيشه يتآكل مثل لوح ثلج تظهر عليه الثقوب


    سيسير البشير علي الدرب درب اليأس نفسه , فالأسد حليفة السابق الذي تخلي عنه ,اوقف الة قتله ,او تركها تعمل ,فأن محكمة الجنايات الدولية في انتظاره , والبشير كذلك لا يملك دفاعا عن نفسه إلا ان يقتل,ويقتل ويقتل, أو يسلمه الثوار الي مصيره المحتوم يتبعه وزير دفاعه الي عدالة الدنيا قبل الاخره,


    من مقدمات ما شهدناه في التظاهرات يلحظ المراقب استخدام العنف الأسلاموي المفرط الذي مارسه الرباطة ,والشرطة هو مرحلة اولي وحسب التجربة الإيرانية من خبراء امنيون في طهران استعين بهم, فأن مواجهة المظاهرات ستتدرج صعودا ,ثم هبوطا , ثم صعودا حسب حركة الشارع , وفي فقه العنف الايراني الذي زود به خبراء ايرانيون جهاز محمد عطا هو ان تبدأ المواجهة بجرعات من القنابل شديدة التأثير علي الجهاز العصبي ,وعصي كهربائية تشل الانسان ,ورصاص مطاطي يؤدي الي "الشلل في حالات الإصابة في أماكن حساسة، كما يؤدي لتشوهات في الجسم وعدم توازن أثناء الحركة وصعوبة في المشي نفسها الأسلحة التي استخدمها الايات ضد جماهير موسوي وخاتمي فى شوارع طهران بعد ان احتجت علي إنتخابات 2009 المزورة , اذن النظام سيتدرج في مواجهة التظاهرات, تبدأ بضرب وإعتقال الرؤوس الشبابية المنظمة للعمل الجماهيري وهذه المهمة الان يقوم بها عناصر من الشرطة والرباطة من أجل إجهاض الحراك في مهده ,أما المرحلة الثانية وحين تزداد كثافة الجماهير في الشوارع في الخرطوم تحديدا فهنا تتدخل طلائع قوات الامن التابعة لعطا بعرباتها المدرعة واسلحتها الآيرانية والصينية للتعامل مع الواقع المتغير, فإذا استطاعت اطفاء مركز الحريق , فأنك تمنع ألسنته من الامتداد الي الاطراف التي هي مدن السودان الأخري .


    وسط هذا الحراك يطرح الكثيرون سؤالا هاما عن دور الجيش إذا تصاعد الموقف وامعن النظام في زيادة جرعات العنف ,هل سينحاز الي جانب الشعب كما حدث تقليديا في انتفاضتين سابقتين ضد عبود والنميرى؟ يجيب خبير عسكري سوداني في الخليج بأن ذلك لن يتكرر وفق تلك الالية لأن الإنقاذ انتبهت الي هذه القضية منذ استيلائها علي السلطة فشرعت في تحويل الجيش الي تنظيم عسكرى عقائدي مسقطة عنه الصفة القومية التي كا يتمتع بها ,وكذا أغلقت أبواب الكلية الحربية أمام أي شاب لا ينتمي إلي الحركة الإسلاموية , فكان إن إستطاع فرع إعداد القادة العسكريين داخل الحركة أن يحصر القبول في الكلية العسكرية فقط علي عناصر حزبية منتقاة بعناية جري تربيتها من مراحل الثانوية العامة حتي الجامعات والمعاهد العليا لسياج الجيش العقائدي الجديد من الأخطار, وتلك تجارب استمدتها الإنقاذ من نظامي البعث في العراق علي عهد صدام حسين ومن سوريا في عهد بشار الأسد الايل للسقوط انظر الزي المدرسي العسكري لطلاب الثانويات لذي اوكل لسمسار اسلاموي معروف خياطته في سوريا, ولم ينس إستراتيجيو الإنقاذ ان يطًعَموا كل ذلك بالتجربة الايرانية الي أنشأت الحرس الثوري كذراع حزبية مقابل الجيش ويصنعوا قوات الدفاع الشعبي والدبابين
    يتبع
    sedig meheasi [s.meheasi
                  

07-12-2012, 05:54 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات مهمة عن القضية السودانية ...مقالات مختارة ..ادخل (Re: الكيك)

    الاستاذ الكاتب .. تاج السر عثمان عرف بنشاطه الواسع بالتعريف بما يجرى داخل السودان من خلال ما ينشره كل يوم من معلومات ضمن مقالاته المقروءة بالصحف والانترنت وهو صاحب رؤية وطنية مثابرة ومتابع ذكى للاحداث ..
    اخترت لكم هذا المقال الذى كتبه للقارىء العربى الذى يهتم بما يجرى بداخل وطننا
    اقرا المقال


    الثورة السودانية واستعادة وجه السودان المشرق ..

    بقلم: تاج السر عثمان
    الأربعاء, 11 تموز/يوليو 2012 06:46


    S alsir osman [[email protected]]


    * تدخل الثورة السودانية اسبوعها الثالث علي التوالي، وتستمر وتتزايد مظاهرات طلاب جامعة الخرطوم، وفي العاصمة والأقاليم، ومظاهرات السودانيين في الخارج. ويكثف أمن النظام و"الرباطة" قمع المظاهرات والاعتصامات السلمية بالغاز المسيل للدموع والهراوات، والرصاص المطاطي والحي، وبالاعتقالات والتعذيب والمحاكمات بالجلد والغرامة والسجن، لا لسبب الا أن المعتقلين مارسوا حقهم الدستوري بالخروج في مظاهرات سلمية!!!. وفي جمعة " شذاذ الآفاق " حاصرت قوات الأمن مسجدي السيد عبد الرحمن بودنوباوي والسيد علي بالخرطوم بحري، وقصفت المواطنين قبل خروجهم بالغاز المسيل للدموع للمواطنين داخل المسجدين، مما يذكر بحادثة الطاغية الحجاج بن يوسف الذي حاصر المعارضين لحكمه في الكعبة وقصفها بالمنجنيق!!!. كما يواصل "الرباطة" ضرب الطلاب والمتظاهرين ب "السواطير" و"المدي" و"السيخ"..الخ، مما تسببوا في الأذي الجسيم للمواطنين.وتم ضرب طاقم قناة العربية وتهشيم سيارته، وتعرض مراسل قناة الجزيرة للضرب!!. اضافة للاعداد الكبيرة من المعتقلين وتعرضهم للتعذيب، ومنع الصحفيين من تغطية الأحداث.


    * وحدثت نقلة نوعية في المقاومة بدخول المحامين في المعركة من خلال وقفاتهم الاحتجاجية ضد انتهاكات حقوق الانسان، واستنكار الاطباء لمنع علاج المتظاهرين في المستشفيات الحكومية، وتقديم المعونات الطبية للمصابين من المتظاهرين، اضافة الي اعلانهم لنقابة الاطباء من خلال جمعيتهم العمومية نهار الاثنين 9/7 ومطالبتهم برفع ميزانية الصحة وتوفير مجانية العلاج للكادحين، اضافة لاضراب العاملين في مصنع اسمنت عطبرة من أجل تحسين اوضاعهم المعيشية. ونظمت شبكة الصحفيين وقفة احتجاجية أمام مباني مفوضية حقوق الانسان بالعمارات في الخرطوم، ورفعت مذكرة تحتج فيها علي الرقابة الأمنية علي الصحف واعتقال الصحفيين.


    وتم التوقيع علي وثيقة " برنامج البديل الديمقراطي" من قبل الأحزاب المنضوية تحت لواء قوي الاجماع الوطني والاعلان عنها في ندوة حاشدة بدار حزب بتاريخ الأربعاء 4/7، وقد أعطي التوقيع علي الوثيقة دفعة قوية للحركة السياسية والجماهيرية المناهضة لنظام الانقاذ من خلال الوضوح حول البديل وأداة اسقاط النظام والتي تتمثل في: النضال الجماهيري من خلال المظاهرات والاعتصامات والاضراب السياسي والعصيان المدني. وبعد اسقاط النظام يتم الاتفاق علي اعلان دستوري وفترة انتقالية يتم فيها استعادة الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية والغاء القوانين المقيدة للحريات، ووقف الحرب وتحسين الأوضاع المعيشية، وعقد المؤتمر الدستوري الذي يحدد كيف يحكم السودان ، والمؤتمر الاقتصادي الذي يسهم في اصلاح الخراب الذي لحق بالبلاد، والحل الشامل والعادل لقضايا دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وابيي ، وحل القضايا العالقة مع دولة الجنوب في اطار علاقة حسن الجوار ، وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية. و جاء في ختام الوثيقة انها مفتوحة لتوقيع القوي الأخري والاسهام وابداء الرأي.


    * ومن الجانب الآخر" ما أشبه الليلة بالبارحة !!" حيث يواصل قادة المؤتمر الوطني سياسة دفن الرؤوس في الرمال، كما حدث في أيام الطغاة الأخيرة للنميري ومبارك والقذافي مثل: تصريح ربيع عبد العاطي لقناة العربية بتاريخ 1/7 " لااحتجاجات .. ولامظاهرات" ، ونفي " وجود معتقلين سياسيين" !!!، وحقا لقد وصفه بعض الكتاب ب " صحاف السودان". وحديث نافع علي نافع أن الاحتجاجات " مؤامرة صهيونية"، وأن الصراع هو بين " قوي الشريعة.. وقوي العلمانية"، في محاولة بائسة لاستغلال المشاعر الدينية والتي لم تعد تنطلي علي الشعب السوداني بعد تجربة 23 عاما من القمع والنهب والفساد وتمزيق وحدة البلاد باسم الدين. وحديث البشير في ود الفادني: أنه" سوف يطبق الدستور الاسلامي .. وأن المتظاهرين شماسة"، مثله في ذلك مثل النميري بعد أن حاصرته الحركة الجماهيرية والنقابية في ايامه الأخيرة، حاول أن يستغل الدين ووضع قوانين سبتمبر 1983م بهدف وقف مد الحركة الجماهيرية، ولكن ذلك لم يوقف الوصول الي أجله المحتوم بقيام انتفاضة مارس- ابريل 1985م والتي اطاحت به.


    ومن المحاولات البائسة ايضا لاستغلال الدين اللائحة التي اصدرتها الحكومة لائمة الجوامع والتي توجه فيها بتهدئة الشارع والدعوة للتواكل والاستسلام والصبر والانكسار باعتبار أن الغلاء هو قضاء وقدر، اي الدعوة للانكسار والاستسلام للموت جوعا..، وقد رفض بعض رجال الدين تلك اللائحة ودعوا للخروج للشارع والمشاركة في المظاهرات ضد الجوع باعتبار أن ذلك يقره الشرع. كما بدأ التصدع في جدار مشاركة الاتحادي ( الأصل) مع النظام باستقالة د. منصور العجب من الحكومة والحزب.
    وحاولت الحكومة ذر الرماد في العيون بادعاء تخفيض المناصب الحكومة ، وجاء تكوين الحكومة الأخير ليعيد نفس الوجوه القديمة مع اعفاء عدد قليل. وجاءت الميزانية المعدلة لتزيد الفقراء فقرا والأغنياء غني، وتم زيادة ميزانية الأمن والدفاع والقطاع السيادي وتقليص ميزانيني التعليم والصحة والمزيد من القاء الأزمة علي حساب الفقراء والكادحين. ولم يبق غير تشديد النضال الجماهيري لاسقاط النظام باعتبار أن ذلك يفتح الطريق لتحسين الاوضاع المعيشية.


    * وفي الخارج تستمر حملات التضامن مع شعب السودان وادانة القمع الوحشي وحملات الاعتقالات وتعذيب المعتقلين مثل تضامن حركة 6 ابريل المصرية مع الثورة السودانية وتضامن الحزب الشيوعي المصري مع شعب السودان وادانة الخارجية الأمريكية للمرة الثانية للقمع في السودان، واستنكار منظمات حقوق الانسان في العالم انتهاكات حقوق الانسان في السودان والقمع الوحشي للمظاهرات السلمية، وتضامن القنوات الفضائية والصحافة الاجنبية مع السودان، اضافة لمواصلة مظاهرات السودانيين في الخارج علي سبيل المثال لاالحصر: في لندن ونيويوك ولاهاي وفرنسا ومصر..الخ، والتي طالبت باسقاط النظام، ونددت بالقمع الوحشي للمتظاهرين في الداخل وطالبت باطلاق سراح المعتقلين ووقف التعذيب الوحشي للمعتقلين.



    لقد استعادت الثورة السودانية وجه السودانيين المشرق بعد أن شوهه نظام الانقاذ الارهابي الفاشل في الخارج جراء الجرائم التي ارتكبها من انتهاكات لحقوق الانسان وتشريد الالاف من أعمالهم والتعذيب الوحشي للمعتقلين السياسيين وتمزيق وحدة البلاد وشطرها الي جزئين وصّدر الارهاب الي الخارج. استعادت الثورة السودانية وجه شعب السودان المحب للديمقراطية والحرية والسلام، والذي فجر ثورة الاستقلال عام 1956م، وثورتي اكتوبر 1964م وابريل 1985م. ولاشك أن حصيلة التراكم النضالي الحالي سوف يفضي الي اسقاط النظام واستعادة الديمقراطية، واعادة بناء ما خربه نظام الانقاذ، ويعود السودان ليحتل مكانه المحترم بين الدول، والذي تقوم علاقاته علي حسن الجوار، ومع دول العالم علي اساس احترام السيادة الوطنية والمنفعة المتبادلة.Joomla Templates and Joomla Extensions by ZooTemplate.Com
                  

07-12-2012, 07:53 AM

العوض المسلمي
<aالعوض المسلمي
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 14076

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اراء وكتابات (Re: الكيك)

    سلام الكيك
    وشكرا للمجهود ومتابعين
                  

07-12-2012, 08:38 AM

أسامه الكرور
<aأسامه الكرور
تاريخ التسجيل: 10-31-2008
مجموع المشاركات: 1525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: العوض المسلمي)

    خطايا قاتلة في مسيرة الحركة الإسلامية ..

    بقلم: أ.د.الطيب زين العابدين

    أولى هذه الخطايا النظرة المبالغ فيها لدور السلطة في إحداث التغيير الإسلامي المنشود، ومن ثم أهمية العمل السياسي على غيره. لقد عرف عن حركة الاخوان المسلمون في مصر، التي انبثقت منها الحركة الإسلامية السودانية، نظرتها الشاملة للإسلام كدعوة وتربية وعبادة
    وثقافة وجهاد ونظام حكم. ونسبة لسيطرة الحكومات العسكرية في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات على عدد من الدول العربية وما ترتب على ذلك من كبت للحريات العامة واضطهاد القوى السياسية وعلى رأسها الحركات الإسلامية، وتبني مبادئ القومية العربية والعلمانية والاشتراكية،فأحدث ذلك ردة فعل لدى الكثيرين من أبناء الحركات الإسلامية في العالم العربي أن السلطة السياسية القابضة هي أداة التغيير الأساسية في المجتمع للأصلح أو الأفسد. ولعل كتابات الشهيد سيد قطب والأستاذ أبو الأعلى المودودي كانت تسير في ذلك الاتجاه ولكن المودودي رفض طريق العنف والانقلابات العسكرية، وأذكر أني سألته في لندن في مطلع السبعينيات: هل سبب رفضه للانقلاب العسكري مبدأ ديني أم حكمة سياسية؟ فأجابني باختصار أنها حكمة سياسية. وكانت الحركة الإسلامية السودانية منذ نشأتها في المدارس الثانوية وجامعة الخرطوم سياسية التوجه بامتياز، فقد قامت للتعارك مع الحركة الشيوعية التي بدأت تتمدد في مؤسسات التعليم. وبعد ثورة أكتوبر 64 انفتحت شهوة الحركة الإسلامية للعمل السياسي المباشر في الساحة الحزبية الذي تدرجت فيه عبر «جبهة الميثاق الإسلامي» ثم «الجبهة الإسلامية القومية». وبدأ العمل السياسي القح يطغى على كل أنشطة الحركة الأخرى مما دفع ببعض القيادات، من أمثال محمد صالح عمر وجعفر شيخ إدريس وصادق عبد الله عبد الماجد ، الاحتجاج على هذا النهج الذي يتزعمه الترابي وذلك في مناقشة ساخنة داخل مجلس الشورى في منتصف عام 1968 بنادي أمدرمان الثقافي والذي أدى فيما بعد إلى انشقاق الحركة عقب مؤتمر فبراير 69. واعترف بأني كنت في الصف الذي انتصر للترابي في تلك المواجهة الفكرية. وبالطبع كان نتيجة ذلك أن صرفت معظم موارد الحركة البشرية والمادية على العمل السياسي على حساب الأنشطة الدعوية والفكرية والتربوية والاجتماعية. وظهر أثر تلك النظرة المختلة في حل الحركة الإسلامية بعد شهور من نجاح الإنقلاب العسكري لأن الهدف المرجو قد تحقق، وفي واقعة المفاصلة بين المنشية والقصر إذ كان الصراع أساساً على السلطة والنفوذ، وقال به أعضاء لجنة المعالجة الشاملة في صراحة ان استلام السلطة هو أكبر إنجازات الحركة الإسلامية فلا ينبغي التخلي عنها لأي سبب ولو على حساب إبعاد شيخهم الترابي من معادلة الحكم القائمة. وتطور الأمر مؤخراً لإبعاد الحركة نفسها عن أي دور لها في المجتمع أو الدولة لأنها غير مؤتمنة على حسن السلوك، وبمناسبة الململة الحالية التي ظهرت في القواعد ارتفع صوت بعض السياسيين المحترفين «الذين ظلوا يتكسبون من العمل السياسي سنوات طويلة» ينادون علانية بدمج الحركة الإسلامية «المؤودة» في المؤتمر الوطني، وأن يكون رئيس المؤتمر الوطني هو شيخ الحركة الجديد «وكأن رئاسة الدولة والحزب لا تكفيه!»، مما يعني حقيقة التخلي تماماً عن كل الأنشطة الإسلامية الأخرى التي كانت تقوم بها الحركة غير العمل السياسي!
    الخطيئة الثانية هي اللجوء للإنقلاب العسكري وسيلة لاستلام السلطة بالقوة رغم الكسب السياسي المقدر الذي لقيته الحركة في الديمقراطية الثانية «65-69» والثالثة «85-89». وقد كان للحكم العسكري الطويل في عهد الرئيس نميري وما نال الحركة فيه من ملاحقة وسجن وتشريد أثره في زعزعة قناعة قيادة الحركة الإسلامية بالطريق الديمقراطي التي كانت تنادي به فبدأت عملاً منظماً مطرداً في أوساط العسكريين. ولم يكن العمل في الجيش أمراً خاصاً بالحركة الإسلامية فقد انغمست فيه معظم القوى السياسية خاصة الأحزاب الأيدولوجية. والمشكلة في استلام السلطة عن طريق الانقلاب هو الطعن في صدقية الحركة بالنظام الديمقراطي الذي ظلت تنادي به وتعمل من خلاله، وصعوبة التخلي عن القيادة العسكرية التي ستتولى رئاسة الدولة ولم يكن لها سابق دور في بناء الحركة المدنية السياسية، وأكثر من ذلك كله أن النظام العسكري بحكم طبيعته الإنقلابية مستعد لأن يرتكب أية فعلة لتأمين نفسه في السلطة ولو خرج في ذلك من كل تعاليم الدين وقيمه الأخلاقية. وليس هناك هزيمة أخلاقية ومعنوية لنظام يدعي تطبيق الإسلام أكثر من تخليه عن التعاليم والقيم التي نادى بها مبرراً لوجوده وتسلمه السلطة. وقد تفوقت الإنقاذ على كل الحكومات الوطنية السابقة في الخروج على قيم الدين الكبرى من عدل ومساواة وحرية وصدق وأمانة وشورى ومحاسبة. وتغلبت الروح العسكرية للنظام في معالجة القضايا السياسية الشائكة، فاختار النظام المواجهة العسكرية والحلول الأمنية وسيلة لقمع حركات التمرد في الجنوب وفي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان، وعندما لم تنجح المواجهة العسكرية بقوات النظام الذاتية جلب المرتزقة من الداخل والخارج لتعينه في صد المتمردين.
    الخطيئة الثالثة هي حل الحركة الإسلامية بعد شهور من نجاح الإنقلاب العسكري. وبما أن الانقلاب بادر بحل البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والاتحادات المهنية وصادر الصحف السياسية وحظر كل أنواع التعبير والتنظيم الحر، فقد كانت الحركة الإسلامية هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تناصح الدولة وتحاسبها وتوجهها ولكن قيادة الدولة المعلنة والمستترة ما كانت تريد من يناصحها أو يحاسبها ولو من داخل تنظيمها. وقد رضيت الحركة بهذا الوضع المهين لأن معظم قياداتها انخرطت في وظائف الدولة الجاذبة وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من النظام ولكن بصفاتهم الفردية وليس التنظيمية مما سهّل التخلص منهم أو اسكاتهم في أي وقت تختاره القيادة المتنفذة. ومقابل المال والسلطة والجاه قبلت معظم قيادات الحركة الإسلامية أن تصمت عن المناصحة وقول الحق في وجه الظلم والاستبداد والفساد والكذب والمحسوبية وخيانة الأمانة ، بل أوغل عدد كبير منهم في الوحل الذي سقطت فيه الحكومة. وما عاد معيار الفلاح في أوساط سدنة النظام أخلاقياً كما ينبغي أن يكون، بل أصبح هو جمع المال والصعود في المناصب وتكوين الشركات والتطاول في البنيان وتعدد الزوجات واقتناء العربات الفارهة وقضاء الإجازات خارج البلاد!
    الخطيئة الرابعة هي سياسة التطهير والتمكين التي اتبعها النظام منذ استيلائه على السلطة بمنهجية مخططة حتى يسيطر على كل مفاصل الدولة النظامية والمدنية والاقتصادية. وكانت النتيجة أن أبعد أهل الخبرة والكفاءة من قيادة الدولة ليتسلمها أهل الثقة والولاء الذين لا حظ لهم من خبرة أو كفاءة أو تأهيل. ومن الطبيعي أن يتدهور أداء الخدمة المدنية والنظامية والمؤسسات والمشروعات الاقتصادية لأن المعيار السياسي،وأحياناً القبلية أو الشللية،أصبح هو الحاكم لتعيين المسئولين في تلك القطاعات، وتبع ذلك التستر على فشلهم وفسادهم. قال لي أحد المقربين من مواقع القرار إن أكبر مشكلة يعانون منها هي حل مشكلة الأشخاص الذين أبعدوا من مناصبهم الدستورية لسبب أو آخر، فهؤلاء لا يكفون عن ملاحقة المسئولين صباح مساء في المكاتب والبيوت حتى يجدوا لهم وظيفة أخرى لا تقل عن وظيفتهم الأولى! لقد تراجعت مشاكل أهل السودان الكبرى لتحل محلها المشاكل الشخصية لمحسوبي النظام، وربما يفسر هذا كيف أن الحكومة «الرشيقة» الموعودة أصبحت أكثر الحكومات تضخماً في تاريخ السودان فقد قاربت التسعين دستورياً، وبقاء «البدريين» من سدنة النظام لأكثر من عقدين دون إحلال أو تبديل
    الخطيئة الخامسة هي طموح النظام الزائد في أن يلعب دوراً عربياً وإفريقياً في دول الجوار وما بعدها يفوق قدرات السودان وإمكاناته ، خاصة بعد أن نجحت الثورة الاثيوبية والارترية بقدر متواضع من الأسلحة السودانية. وقد ظن قادة النظام بغرور لا حد له أنهم يستطيعون مواجهة الدول الكبرى ونفوذها في المحيط العربي والإفريقي ، ومن هنا جاء شعار «أمريكا دنا عذابها»، والوقوف مع صدام ضد العالم العربي المستنصر بأمريكا وأوربا ، وتكوين «المؤتمر العربي والإسلامي » الذي جمع المعارضة السياسية والمسلحة ضد الأنظمة العربية ، واحتضان قيادة تنظيم القاعدة وجماعات العنف المصرية ، ومحاولة تغيير بعض الأنظمة العربية خاصة في مصر وليبيا. وعندما بان للنظام سوء تقديره وعجزه بل وإمكانية سقوطه إن هو سار في هذا الطريق ، انقلب إلى متعاون مخلص مع الأنظمة العربية والغربية يستجدي تطبيع العلاقات معها ويسلمها العناصر المطلوبة لديه ويمدها بكافة المعلومات الاستخبارية المتاحة له مشاركة منه في الحرب على الإرهاب. وأصبح يستقبل في عاصمة بلاده ممثلي الدول الغربية الكبرى الذين يرفضون مقابلة رئيس البلاد لأنه مطلوب للعدالة الدولية! وجر ذلك الطموح الأخرق على السودان عقوبات دبلوماسية واقتصادية وسياسية ما زال يعاني منها حتى اليوم.
    الخطيئة السادسة هي اختلال الأولويات في تطبيق تعاليم الإسلام. لقد تجرأ النظام على التضحية بقيم الإسلام الكبرى في إقامة العدل وبسط الشورى والحرية والمساواة بين الناس، وفي محاربة الفقر والفساد، وضرب المثل الأعلى في الأمانة والصدق والعفة والزهد. واختار بدلاً عنها أن يعنى بمظاهر الإسلام وشكلياته وفروعه ليخدع بها العوام من الناس؛ فأصبحت تربية اللحية وحجاب المرأة، والصدع بالشعارات الدينية الجوفاء وإقامة المهرجانات والاحتفالات، واحتضان المداحين والمنشدين ، والتقرب من شيوخ الطرق الصوفية والجماعات السلفية في نفس الوقت، وطلب المعونة من «الفقرا» الذين يجلبون من داخل السودان وخارجه لحل معضلات السياسة والاقتصاد!
    فلا عجب إن أدت هذه الخطايا القاتلة وغيرها إلى نموذج الحكم البائس الذي نشهده وتتبرأ منه كل الحركات الإسلامية في المنطقة خاصة تلك التي وصلت إلى الحكم عن طريق التفويض الانتخابي الحر. ولكن المثل السوداني الشهير ينطبق على أهل الحكم : الجمل ما بيشوف عوجة رقبتو!
    -------------------------------------------------------------------------------------------------------
                  

07-13-2012, 11:43 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: أسامه الكرور)

    العوض المسلمى
    اسامة الكرور
    اشكركما على المساهمة

    هنا تجد مقالا مهما ايضا


    انها النهاية ...يا البشير






    07-13-2012 09:09 AM
    خليل علي حيدر


    أدخل الرئيس الانقلابي للسودان عمر البشير «تكتيكا» جديدا في السياسة العربية و«مخاطر الربيع العربي»، وهو «التهديد» بتطبيق الإسلام بحذافيره!

    فصرح قبل انفصال الجنوب بأنه لن يراعي اية اختلافات دينية وعرقية بعد تطبيق الشريعة الاسلامية، ثم عاد وصرح قبل ايام معلنا «ان دستور السودان الجديد سيكون اسلاميا بنسبة %100، ليكون مثالا للدول المجاورة التي شهدت بعضها فوز احزاب دينية بالسلطة بعد انتفاضات شعبية».

    واردف الرئيس المطلوب للعدالة الدولية، في كلمة له مخاطبا غير المسلمين انه «لا شيء» سيحفظ لم حقوقهم سوى الشريعة الاسلامية، لأنها عادلة». (القبس، 12/7/9).

    بالطبع، لا يشير الى بقائه في السلطة دون شرعية. منذ عام 1989!

    كانت السودان على امتداد عقود طويلة «الارض الموعودة» للثورة الزراعية المقبلة والاكتفاء الذاتي في مجال تغذية السودان والعالم العربي. واذا بها اليوم، بعد ربع قرن تقريبا من حكم «العميد آنذاك، عمر حسن البشير، من اتعس الانظمة في افريقيا والعالم.
    وهذا هو حكم المؤسسات الدولية.. لوضع السودان اليوم!

    اذ يضع تقرير حديث اصدره مركز «صندوق السلام» الولايات المتحدة، عن «دول العالم الفاشلة» السودان في المركز الثالث، أي واحدة من بين افشل ثلاث دول في العالم، بعد الصومال وجمهورية الكونغو، زائير سابقا. والمفارقة ان دولة «جنوب السودان» في هذه القائمة، افضل من السودان.. الأم! (الشرق الأوسط، 12/6/22).

    ويقول تقرير في نفس الصحيفة، 12/5/25، ان انقلاب البشير يوم 30 يونيو نم عام 1989 لم يكن عسكريا تماما، بل شارك فيه عدد كبير من المدنيين من اعضاء «الجبهة القومية الاسلامية» مع عسكريين ينتمون الى السلاح الطبي، وبعضهم حتى من سلاح الموسيقى،، وهو في هذه لا يشبه الانقلابات العسكرية، التي ادمنها ضباط الجيش السوداني».
    ويضيف «طلحة جبريل» في التقرير نفسه: لعل من المفارقات ان الرئيس البشير قال في بيانه الاول في 30 يونيو ان «العبث السياسي افشل الحرية والديموقراطية واضاع الوحدة الوطنية بإثارته النعرات العنصرية والقبلية في حمل ابناء الوطن الواحد السلاح ضد اخوانهم في دارفور وجنوب كردفان علاوة على ما يجري في الجنوب».

    غير ان نظام البشير دخل في سلسلة حروب داخلية دمرت البلاد، وشردت العباد، ثم توج حكمه بأن صار الرئيس نفسه مطلوبا للعدالة الدولية بتهم الابادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية.

    من «تراث» هذا النظام الانقلابي، الذي يهدد بـ«تطبيق دستور اسلامي مائة في المائة»، بالطبع دون ان يسمح بأي انتخابات حرة تقرر مصيره أو تعطي الشعب السوداني المعذب فرصة الخلاص منه ومن زمرته، من تراث هذا النظام، استخدام الكلمات الجارحة والشتائم ضد شعبه وشعب جنوب السودان، حيث وصف الحركة الشعبية لتحرير السودان بـ«الحشرة»، مهددا في شهر ابريل الماضي «اما ان ننتهي في جوبا واما ينتهون في الخرطوم، وحدود السودان لا تسعنا نحن الاثنين». (القبس 12/4/20).
    نظام البشير الديكتاتوري، كبقية الاستبدادات العربية، تشرد السودانيين في الآفاق وعبر القارات والبحار.. بما في ذلك اسرائيل! الحكومة الاسرائيلية اتخذت اجراءات سياسية لطرد الافارقة، لكنها اصطدمت بعقبات قانونية ودولية كثيرة. السودانيون والافارقة تعرضوا لاعتداءات جسدية حتى في القرى العربية في اسرائيل، بالعصي والحجارة، بحجة انهم ينافسونهم في العمل ويسلبون منهم مصادر رزقهم. وقد تدخلت الشرطة الاسرائيلية ورحلت هؤلاء اللاجئين الى بلدات يهودية في المنطقة. تبين فيما بعد ان اقصى عدد من الافارقة يمكن لاسرائيل ترحيله هو خمسة آلاف شخص من مجموع 65 ألف أفريقي نصفهم من ارتيريا، وربعهم من السودان، ويعيش معظمهم في تل ابيب! وتبين ان اـ5000 هؤلاء المرجح أو الممكن ابعادهم، من سكان دولة جنوب السودان ودول افريقية اخرى التي «لا يوجد فيها توتر عسكري خطير». لكن اسرائيل لا تستطيع طرد سكان السودان الشمالي ولا ارتيريا، الذين يشكلون ما نسبته %80 من اللاجئين الافارقة في اسرائيل. (الشرق الاوسط 2012/6/18).

    هدأت اوضاع التحرك الشعبي ضد البشير بعض الشيء، ولكن النظام يواصل تقدمه.. في ميادين الفشل!
    الشخصية القيادية في حزب الامة، د.مريم الصادق المهدي، صرحت بأن قادة الاحزاب السودانية قد وقعوا على وثيقة البديل الديموقراطي، واضافت «بالنسبة لنا فإن هذا النظام اصبح غير صالح لحكم البلاد، وانه خطر عليها، وسنعمل على تغييره بشتى السبل». والسؤال الذي يتبادر الى الذهن حول دستور البشير الذي يريد تطبيقه بعد ربع قرن من التسلط على السودان: «ما نسبة الاسلام».. في نظامه الحالي؟


    صحيفة الآن

    (عدل بواسطة الكيك on 07-19-2012, 04:54 AM)

                  

07-15-2012, 04:50 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    في الصميم

    الحرية‮.. ‬لشيماء‮!‬

    14/07/2012 08:10:52 م

    [email protected] - بقلم : جلال عارف


    جلال عارف

    نحن أحرص الناس علي العلاقات المصرية ـ السودانية،‮ ‬ولكن هذا لا يعني مطلقا السكوت علي جريمة اختطاف الابنة والزميلة الصحفية شيماء عادل وهي تؤدي واجبها الصحفي في الخرطوم،‮ ‬واعتقالها،‮ ‬ومنع الاتصال بها علي مدي اسبوعين حتي الآن‮!‬
    لا أظن أن شيماء كانت تحمل سلاحا،‮ ‬ولا أنها كانت تستعد لتفجير مؤسسات،‮ ‬أو قتل أحد‮.. ‬ربما كانت تحمل كاميرا للتصوير،‮ ‬ولابد أنها كانت تمتلك قلما تحاول به أن تنقل صورة للأحداث إلي الصحيفة التي تعمل بها‮.‬


    ليس ذنب شيماء أن البعض يخاف من كشف الحقيقة،‮ ‬وأن البعض يتصور أن إغلاق الأبواب والنوافذ سوف يمنع رياح الحرية من أن تصل إلي كل مكان،‮ ‬وسوف يرغم الناس علي وأد أحلامهم وقتل أشواقهم للعدل والحرية‮.‬
    يخطئ الإخوة المسئولون في الخرطوم إذا تصوروا أن مشكلتهم مع شيماء عادل،‮ ‬أو مع كل صحفيي العالم،‮ ‬هم يعرفون جيدا أن المشكلة في الداخل وأن الحلول في أيديهم وفي أيدي القوي السياسية الأخري،‮ ‬وأن القرار في النهاية للشعوب،‮ ‬وليس لمسئول يخاف من نشر الحقيقة،‮ ‬أو يتصور أن الحبس أساس الملك‮!‬
    ولسنا هنا في وارد الحديث عن تدخل لا نقبله في الشئون الداخلية للسودان،‮ ‬ولكننا في صدد واقعة محددة هي اختطاف صحفية مصرية وإيداعها السجن،‮ ‬وعدم السماح لسفارتها بالاتصال بها أو توكيل محام يعرف ما هو الاتهام الموجه لها‮.‬
    هذا كله كلام خارج النص،‮ ‬وخارج القانون،‮ ‬وخارج علاقات الأشقاء التي تسود بيننا في كل الظروف‮.‬
    لو ادرك الذين وضعوا شيماء رهن الحبس كما أساءوا لأنفسهم وللحكم في السودان الشقيق‮.. ‬لما فعلوا ما فعلوه‮. ‬ولو أدرك هؤلاء ان كل دقيقة تمر علي شيماء في سجونهم هي شهادة جديدة علي ضعفهم‮.. ‬فالأقوياء لا يخافون من كشف الحقائق،‮ ‬ولا يلجأون لحبس الصحفيين والصحفيات‮!‬
    الحرية لشيماء عادل‮.. ‬والعار للذين مازالوا يتصورون أنهم قادرون علي مصادرة الحقيقة وحصار الحرية،‮ ‬وللذين يتهاونون في مواجهة هذه الجريمة أو يطالبون بالتعامل معها باعتبارها مجرد حادث مؤسف‮! ‬العار لهم‮.. ‬والحرية لشيماء‮.‬

    الاخبار

    -------------------


    دليل نجاح الثورة … سفر عدد من أسر أركان النظام للخارج
    July 14, 2012


    سيف الدولة حمدنالله


    كلما خرجت كلمة إهانة أو إستخفاف من مسئول بحكومة الإنقاذ في حق الشعب، ينزل معها (كيروسين) يزيد من لهيب الثورة، فالثورة التي تنطلق الآن تأخذ وقودها من أفواه أركان الحكم لا أركان المعارضة، ولا بد أن يكون الدستوري “أبوفصدة” يلعن اليوم الذي قال فيه بحديث “اللحس” الذي إستلهم منه شبابنا وقفة الجمعة الكبرى التي حرٌكت الشارع، ومع ذلك لم يفطن بلهاء الحكم لهذه الحقيقة، فواصلوا في شتيمة الشعب والإستهزاء به، فما قدمه حديث الخبير الإعلامي ربيع عبدالعاطي في لقاء تلفزيون الجزيرة من نموزج لعورات الإنقاذ وكذبها وتدليسها لم تكن أقطاب المعارضة قادرة على بيانه بمثل تلك الكفاءة، والواقع أن الإنقاذ لو كانت تعلم بالخدمة التي سيقدمها عبدالعاطي في لهيب الشارع بذلك اللقاء، لقاموا بمنعه هو من السفر للدوحة لا كمال عمر، فالشعب لا يزال يضع كمال عمر وحزبه “المؤتمر الشعبي” في مكانة واحدة رغم جهده في دعم المعارضة.


    ويخطئ من يعتقد بأن الإهانات التي تبلغ شعبنا وتقلل من مقداره هي مجرد ذلة لسان وسوء أدب وعجز في التعبير من المسئولين، ، فقد بات أركان النظام يتصرفون في الوطن تصرف المالك في ملكه، فأهل الإنقاذ لا يقيمون وزناً للشعب من الأساس، ولهم ألف حق في ذلك، فقد قسٌموا الوطن ولم يتحرك الشعب، وهدموا المشاريع الزراعية وأغلقوا المصانع ولم ننطق بكلمة، نهبوا ثروات البلاد وتقاسموها وأرسلوها للخارج ونحن نتفرج، فإعتقدوا أن ضمير الشعب قد مات، ولكن فات عليهم أن الشعب قد يغفر لهم كل ذلك، ولكنه لا يقبل أن تهان كرامته بالشتائم والإهانات، فالعيش بلا خبز أفضل ألف مرة من الحياة بلا كرامة، وهي مهانة طالتنا من كل أركان النظام، بل ومن المنتسبين اليه من غير الحكوميين، بدءاً من الرئيس ونائبه الحاج آدم حتى بلغت مرحلة الصحفي محمد محمد خير.


    إن الثورة التي إشتعلت سوف لن تنطفئ، ولا بد لها أن تنتصر في النهاية، وبقدر التضحيات التي يقدمها الشعب سوف يكون الثمن الذي يدفعه الذين يواجهون شعبنا بمثل هذا العنف البدني واللفظي، وتاريخ الثورات التي حدثت من حولنا يحكي عن ما يسمى ب “قصاص الشارع”، ولحسن الحظ، أو ربما سوئه، أن الشعب السوداني لم يمارس هذا الضرب من العدالة في ثوراته السابقة، وربما الذي أسهم في منع ذلك أن الحكومات العسكرية التي ثار عليها الشعب (عبود والنميري) لم تشهد مثل هذه “التوليفة” من الفساد والغباء والعنف، فغاية ما فعله الرئيس عبود (فور) إندلاع الثورة أن أعلن التنازل عن الحكم وحقن الدماء، وفي حكومة مايو حاول الحزب الحاكم (الإتحاد الإشتراكي) أن يثبت بالبيان والعمل أن الشعب يقف وراء الحكومة، فدعى لما أسماه بمسيرة (الردع) لصاحبها (الدكتور أبو ساق)، وقد كان فشل المسيرة – في تقديري – من الأسباب الرئيسية التي دفعت بقيادة الجيش لإعلان سقوط النظام.


    سوف يدفع أركان النظام ثمن الصلف والعنف والإستهزاء الذي يقابلون به هذه الثورة، وكان عليهم أن يأخذوا العبرة بما حدث في البلدان التي شهدت ثورات مماثلة، فما دفع بثوار ليبيا لإستخدام “العود” ضمن الأدوات العسكرية على جسد القذافي، هو صلفه وطول لسانه عليهم بأكثر مما فعلته بهم القنابل التي كانت تنزل على رؤوس أطفالهم وأمهاتهم، وحينما قبض الثوارعلى نجل القذافي “سيف الإسلام”، لم يفعلوا به شيئ سوى بتر الأصابع التي كان يرفعها في وجوههم، ويجب على الإنقاذ أن تعلم بأنها تجبر شعبنا على أفعال مماثلة لا نرضى بها حتى في حقهم، وهي تسير نحو هذا الطريق دون أن تدرك النهاية التي تنتظرها.

    لقد بلغت الثورة مرحلة الإشتعال الذاتي، وهي لم تعد تحتاج لمن يزيد لهيبها، فشكر الله سعي من طفح وقودها من أفواههم، فالثورة تمضي في إتساع كل يوم، وسوف لن تتوقف حتى يتحقق لها النصر، وفي مثل هذا الوقت يجب أن ينتبه الشعب للأخبار التي تواترت بإرسال أركان النظام لزوجاتهم وأبنائهم خارج البلاد، وهي أخبار مؤكدة بلغتنا من مصادر عليمة من داخل النظام ونحن نثق في صدقها، وفي مثل هذا السلوك ما يبشر بنجاح الثورة وإقتراب النصر، فالفئران حينما تقفز من السفينة تقيم الدليل على إقتراب غرقها، وينبغي أن يقوم الثوار في الوقت المناسب بما يلزم لمنع هروب أركان النظام أنفسهم للخارج، تماماً مثلما قام وطنيون بمطار القاهرة بالتنسيق مع الثوار بمنع هروب عدد من المسئولين المصريين وعوائلهم، فما حدث بشعبنا بيد الإنقاذ لن يشفي غليله سقوط سلطة الإنقاذ دون القصاص من الرؤوس التي تسببت في إذلالنا وضياع الوطن.
    سيف الدولة حمدناالله

    ------------------

    الاتجاه المعاكس… للوعي
    July 14, 2012

    حيدر ابراهيم على

    [email protected]

    حين صكّ العرب عبارة :”ثالثة الاثافي” لم يكن حينها(فيصل القاسمي)قد ظهر للحياة، وإلا لزاد عدد الاثافي.ولم يحدث أن مكثت اكثر من ثلاث دقائق-بالصدفة دائما-لمشاهدة برنامجه(الاتجاه المعاكس)الا هذا الاسبوع لاهمية موضوع السودان.وتساءلت بعدها:لماذا دأبنا علي تسمية فقدان فلسطين النكبة،ولم نترك التسمية لوصف ما يفعله (القاسمي) مساء كل ثلاثاء في اسرنا.فهو يفسد علينا في 45 دقيقة،ما نبذله في سنوات لتعليم ابنائنا لابجديات أدب الحوار واحترام الرأي الآخر كأسس الديمقراطية وحقوق الانسان في التعبير.ولو كنت في بلد أو مجتمع آخر متحضر لقاضيت(القاسمي) لإفساده الاجيال وتعليمها الأدب السئ والأخلاق الهابطة.ولكم تصور عدد الاطفال والصبية والشبان الذين يشاهدون البرنامج ويقلدون ضيوف البرنامج في نقاشهم،حتي ولو مزاحا.ولكن في اوطاننا يجد مثل هذا الرجل فرصة واسعة لبث سوء الأدب من خلال فضائية يقال أن وراءها تيار فكري معين يفترض فيه أن يشجع الفضيلة ويربي النشء علي مكارم الأخلاق.حقيقة،سيجد الآباء صعوبة في اقناع بناتهم واولادهم أن ماشاهدوه في البرنامج هو سلوك غريزي لا صلة له بالعقل والفكر والبشر الطبيعيين.ومن سافر منهم الي شرقي آسيا قد يكون قد رأي مثله في صراع الديكة!

    فلنترك التخريب التربوي والأخلاقي جانبا،ونطرح سؤالا مباشرا عن المهنية والحرفية؛وهو:ما هي الرسالة الإعلامية التي يريد هذا البرنامج توصيلها للمتلقين؟وماهي المعلومات الجديدة التي يخرج بها المشاهد بعد نهاية الحلقة أي الإضافة المعرفية المزادة؟ وماذا الذي يتعلمه المشاهد في تطوير وترقية قدراته علي الحوار وإدارة الحوار؟فقد كان السؤال المطروح أو المفترض هو:هل الاحتجاجات الشعبية هي نذر ثورة شعبية سودانية أم لا؟ولم تتم الاجابة علي السؤال،وذلك ببساطة لأن(القاسمي)لا يبحث عن اجابات موضوعية ولا يريد تزويد المشاهد بمعلومات جديدة صحيحة.فهو يهدف الي الإثارة الرخيصة،ويمارس نوعا من (الإستربتيز)الإعلامي مثل الذي تفعله الراقصات في الكابريهات أو النوادي الليلية.فهي ترمي بملابسها قطعة وراء حتي تبلغ قمة الإثارة،وهذا ما يفعله(القاسمي)تماما مع اختلاف رموز الإثارة.فهو يرمي بسؤال استفزازي ،وما أن يحتد الضيفان حتي يرمي بسؤال أكثر استفزازا.وتنتهي الحلقة ولا نري سوي عورة مقدم البرنامج والتي تتمثل في المساعدة بنشاط في تزييف الوعي.فهو يتسلي ويهزل بمعاناة شعب الشعب السوداني العظيم في المعتقلات وتحت التعذيب.نحن لا نتوقع التضامن والدعم للديمقراطية في السودان من امثال(فيصل القاسمي).ولكن فليقل خيرا أو يصمت.ويصر علي تمرير ان النظام السوداني ديمقراطي ولطيف بشعبه لانه لن يصفي(عمر القراي)فور وصوله مطار الخرطوم ،مثلما يفعل النظام السوري! فالقمع ايها العبقري ليس شكلا واحدا،فالأمنوقراطية السودانية ناعمة وخبيثة ولكنها اشد تدميرا.

    استضاف(القاسمي) محاورين أو موقفين متواجهين،اتي الأول(د.عمر القراي) مسنودا بالحقائق والأرقام والتوثيق الرصين لممارسات النظام المخزية.وكان يظن أنها فرصة لتنوير المشاهدين العرب بحقيقة الأوضاع في السودان.والآخر(ربيع عبدالعاطي)-لم اتعمد حرمانه اللقب ولكن لست مستيقنا من مصدره،خاصة بعد صارت هذه الدرجات وكأنها من ديوان الزكاة وليس من جامعات محترمة.وقد جاء مدججا بالاكاذيب والمغالطات،وعنجهية إسلاموية يجيد عدم احترام المخالفين في الرأي.وبدأ الحديث ولكن(القاسمي)لم يسمح للقراي باكمال أي حقيقة حتي النهاية،ليس بسبب ضيق الوقت.ولكنه يتعمد أن تكون الحقائق ناقصة أو مبتورة وبالتالي يسهل تشويهها.وهذه احدي آليات تزييف الوعي والتي تدرس في بعض المؤسسات الإعلامية.وفي نفس الوقت يسمح لربيع بالمقاطعة والزعيق والخروج عن الموضوع،دون أن يوقفه.فليس من المعقول ان يتحدث (القراي)عن وقائع الفساد،ويكون(ربيع)

    يصرخ مرددا أن محاوره جمهوري من اتباع الاستاذ محمود محمد طه.فهل الجمهوريون ممنوعون من كشف الفساد بسبب انتمائهم الفكري؟ما المنطق في اطلاق هذه العبارة والتي يظنها تهمة خطيرة.فهو كان يريد حرف الحوار الي موقف الجمهوريين من العبادات ذات الحركات مثلا.وفي النهاية لم يتمكن(القراي)من اكمال مرافعته الجيدة ضد النظام لأن هذا الهدف ليس من مقاصد(القاسمي) الذي يريد التوابل لصراع الديكة والاستربتيز الاعلامي.

    اعتقد أن من أهم نتائج هذا اللقاء كشف شخصيات وخطاب اعلاميّ النظام السوداني.ويعتبر(ربيع عبدالعاطي)عينة جيدة وممثلة لهذه الظاهرة العجائبية.ونبشر السودانيين بأن الله قد اراحهم من شخص(ربيع)فهذه آخر مرة يظهر فيها كشاهد زور للنظام.ويمثل(ربيع) ظاهرة انثروبولجية-اعلامية بامتياز،وجدت تاريخيا في بلاط السلاطين كانت في الماضي تمدح السلطان لأنه الدولة أو النظام.والآن،المطلوب تمجيد النظام وتجميل عيوبه وفي هذا مدح الحاكم أو السلطان الجديد.لأن الحديث عن انجازات وهمية وكأنها حقائق

    تضفي علي الحاكم شرعية الإنجاز حتي لو افتقد الشرعيات الاخري:الدستورية أو الشعبية.ولكن لان هذه المهمة تتطلب قدرا من الكذب الصريح والتلفيق،فقد القدرة علي قول الحقيقة حين يعرف نفسها!فهو يقدم نفسه بصفات والقاب لا يوجد أي سند قانوني أو سياسي يعطيه الحق في استخدامها.

    فهو مستشار وزارة الإعلام أو وزير الإعلام،وفي الحالتين لم يصدر أي قرار رسمي بتعيينه في هذا المنصب.فقد تغير عدد من وزراء الإعلام ولكن المستشار ثابت ويزيد.ولأن الكذب الكثير ينشط الخيال والاوهام المبدعة،فقد اخترع(ربيع)وظيفة جديدة واضافها لاسمه:الخبير الوطني.وهنا نطالب وزارة الخدمة بالتوصيف الوظيفي لهذه المهنة.ببساطة،لم تكلفه أي جهة بالقيام بما يقوم به منذ فترة.ولكن كيف يحدث هذا؟

    يمثل(ربيع عبدالعاطي) نموذجا حديثا لما يسمي في التراث الشعبي السوداني ب:”القومابي”.ويعرّف(عون الشريف)القومابي أو القومابية،بقوله:

    “الرجل أو المرأة يكون خبيرا بأمور النساء خاصة بمعرفة من تجيد الرقص منهن في حفلات الأعراس والأفراح”.(ص642،الطبعة الأولي1972).ولكن التعريف غير كامل،كيف يوظف هذا القومابي خبرته بأمور النساء المجيدات للرقص؟فهو يتسم بقدر كبير من التطفل والجرأة بل والبرود،إذ قد يتعرض للإحراج ولكن لا يهتم وإلا فقد أهم خصاله.عندما تبدأ الحفلة غالبا ما ترفض البنات المبادرة بالرقيص تدللا أو عدم رغبة حقيقة،وهنا يتقدم(القومابي)الي بعض البنات ويحلف علي الواحدة:والله تقومي ترقصي!علي اليمين!واحيانا علي الطلاق.وتحت هذا الالحاح والضغط الخارجي،تقوم البنت وترقص.ويكرر (القومابي)المهمة ويقوّم-ومن هنا جاءت التسمية-أي بنت يريدها أن ترقص،حتي يختم الحفل بنجاح.وفي كثير من الاحيان يكون القومابي ليست لديه أي صلة باصحاب العرس أو الحفلة.ومن ناحية أخري،قد لا يكون يعرف أي بنت من اللواتي اجبرهن أو دعاهن للرقيص.لو تأملت قليلا-أيها القارئ الكريم-دور الخبير الاجنبي أو المستشار الإعلامي،لوجدته يعيد دور القومابي عام2012 حرفيا.

    ظل(ربيع)يقوم بمهمة القومابي للنظام وهو راض عنه،ويطا من كل القنوات بلا انقطاع،حتي صرت اخشي إن فتحت ماسورة المياه أن تتدفق تصريحاته مهاجمة.ولكن هذه المرة زاد عيار المبالغة قليلا فجلب علي نفسه-

    والحمد لله وبشماتة كاملة-الطامة بسبب ارقامه الفلكية وادائه الردئ في الحوار. وقد جاء في صحيفة(الخليج)و( حريات)مايلي:-”في تطور لافت، قال المتحدث الرسمي باسم حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم بدر الدين أحمد إن حزبه لم يفوض مستشار وزير الاعلام ربيع عبد العاطي للظهور في برنامج (الاتجاه المعاكس) الذي بثته قناة الجزيرة الثلاثاء، وشدد على أن آراءه لا تعبر عن المؤتمر الوطني . وقال بدر الدين في تصريحات صحفية، إن الحزب حذر ربيع من الذهاب إلى الدوحة والتحدث باسمه، مشيراً إلى أن الحزب طلب من القنوات الفضائية الاتصال بأمانة الاعلام والتنسيق معها لترشح من تراه مناسبا للحديث في المواضيع محل النقاش . “(13/7/2012).

    وبالعودة الي حلقة(القاسمي)نجد أنه يتبني بعض التدليس الذي يبثه القومابي(ربيع) وغير من الطبّالين والصحفيين السحالي عن ديمقراطية النظام.

    وبالأمس شاهدت حوارا في قناة(فرانس24)تميز بالادب رغم أنه نفس الموضوع الخلافي،كرر فيه ممثل النظام في لندن محمد عكاشة،ذات الترهات في الاجابة عن امكانية قيام ربيع عربي في السودان.ويردد هؤلاء الموظفين مثل الببغاء :أن سبب الانتفاضة غير موجودة في السودان للأسباب التالية:

    1:النظام ديمقراطي منتخب والحريات متوفرة،والحكومة تعددية تضم16حزبا.

    2:البلدان التي قامت بها الانتفاضات ذات نظم موالية لامريكا بينما النظام في السودان من دول الممانعة المعادية للإمبريالية والصهيونية.

    3: البديل في الربيع العربي كان إسلاميا ولأن النظام في السودان إسلامي فلا يوجد مبرر للربيع في السودان.

    4: الفساد امر عادي موجود في أرقي دول العالم.

    كان يمكن للقراي أن يفند هذه الاكاذيب بطريقة موضوعية ومنهجية.ولكن(القاسمي)غير مشغول بالحقيقة بل يبحث عن الإثارة وأن يقدم نسخا من الثقافة الهابطة امتدادا لشعبولا وسعد الصغير.وأعجب لقناة الجزيرة التي تقدم برنامج(الشريعة والحياة)داعية لمكارم الاخلاق،ثم تتبعه باستريبتيز(الإتجاه المعاكس).



    -----------------------

    «الشطر الشمالي» السوداني: نحو «صيف ساخن» وتغيير
    July 14, 2012
    محمد المكي أحمد …..
    الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢
    …………يبدو أن الصيف السوداني الساخن مناخياً، سيكون أكثر سخونة سياسياً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة قبل» اعتدال» المناخ، والأدلة في شأن تفاقم الأزمات واستفحالها أكثر من أن تحصى. لكن هناك ثلاثة مسارات أو محركات للأحداث في السودان ( الشمال) أو « الشطر الشمالي» بعد انفصال «الشطر الجنوبي» ستحدد درجات السخونة، وفي صدارتها أن المواطن المغلوب على أمره يواجه هذه الأيام ضائقة كبرى في معيشته وقوت يومه من أبرز مظاهرها ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وبينها السكر واللحوم في بلد يصدر الثروة الحيوانية ويزخر بموارد عدة لكنها مهدرة بسبب سوء السياسات وتفشي الفساد المالي والاداري.

    ووسط مضاعفات غلاء حاد أحكم الخناق على حياة الناس، تثار في السودان حالياً أسئلة وتوقعات عن مسارات الأحداث المتوقعة اذا تم رفع الدعم عن « المحروقات» بحسب ما تردده ابواق حكومية تواصل مسلسل الهروب من مواجهة الأزمات ومعالجة أسبابها، وهي تحاول تبرير تردي الأوضاع الاقتصادية والحياتية بشكل عام بالكلام عن قضايا هامشية مكررة لا تحمل جديداً ولا تعكس جدية في معالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة .

    تلك الأوضاع البائسة والمدمرة للسودان فرضت آثارها منذ الانقلاب العسكري الذي سمي بـ «ثورة الانقاذ الوطني» برئاسة عمر البشير وأطاح حكومة ديموقراطية منتخبة. والمسألة المثيرة للدهشة هنا وتوضح نوع المأزق أن قيادات وأعضاء « الجبهة القومية الاسلامية» التي نفذت الانقلاب العسكري كانت تشارك آنذاك في برلمان منتخب، وتتمتع بحق المشاركة السياسية، خلافاً لما كان يواجه «الاسلاميين « من بطش في دول عربية عدة إن لم يكن كلها.

    وها هي الأسطوانة القديمة تتحدث مجدداً عن « المؤامرات الخارجية» ضد حكومة « الانقاذ … حكومة العزة «، ولا تمل حناجر قوية ومزعجة أخرى من تكرار الهتافات الجوفاء والاستخفاف بعقول الناس عندما تُرجع سبب أزمات السودان الاقتصادية الى فقدان أكثر من 75 في المئة من دخل البترول بعد انفصال الجنوب، وتتناسى مسؤولياتها في قضية الانفصال، وكيف أدير البلد على مدى ثلاث وعشرين سنة ( حكم الرئيس عمر البشير)، وكيف أدت سياسات خاطئة ومدمرة الى انفصال الجنوب، وتدمير حياة السودانيين في كل مناحي الحياة.

    المشهد الثاني الذي يعكس أبعاد الوضع المأزوم حالياً بين شطري السودان يكمن في عدم قدرة الطرفين على البت في القضايا الخلافية قبل الاعلان عن انفصال الجنوب ، وبينها ترسيم الحدود، لكن اللافت هنا يكمن في سرعة « خضوع» الطرفين الشمالي والجنوبي للارادة الاقليمية الدولية ومشاركتهما في الزمان والمكان المحددين دولياً في مفاوضات أديس ابابا قبل أيام عقب حرب منطقة هجليج النفطية.

    والمستغرب في هذا السياق أنه في ظل رفض دولي لاحتلال حكومة جنوب السودان «هجليج» أطاحت حكومة البشير مواقف اقليمية ودولية داعمة لمواقفها، فلسان الرئيس أطاح بمواقف متعاطفة ومتفهمة لعدالة موقف حكومته في هجليج عندما نعت الحركة الشعبية لتحرير السودان بأنها « الحشرة الشعبية»، وفهم كثيرون ذلك بوضوح بأنه شتيمة وتحقير للجنوبيين عموماً، بخاصة أن البشير تحدث عن أهمية دور « العصا» في التعامل مع الجنوبيين.

    في غمرة هذه التفاعلات اشتدت، وتشتد حاليا، حرب شمالية – شمالية في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، وشكل ذلك ملامح المشهد الثالث الذي يعكس خطورة الأزمات في شمال السودان، ولوحظ أن حكومة الخرطوم ركزت فقط على الكلام عن دعم حكومة الجنوب لـ» المتمردين» في المناطق الشمالية الثلاث، وتعمدت عدم الاشارة او الاعتراف بمعارك تشنها قوات «الجبهة الثورية السودانية» التي تضم الحركة الشعبية لتحرير السودان ( قطاع الشمال) وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ابراهيم ، وجناحي حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي كبير مساعدي الرئيس البشير سابقاً وعبدالواحد نور.

    واقع الحال أكد أن هناك حروباً يشنها شماليون ضد حكومة الخرطوم قبل اندلاع الخلاف على هجليج والأزمة الحالية مع الجنوب، وهذا يعني أن محاولة تحميل جنوب السودان مسؤولية تلك الحروب هو ضحك على الذات قبل أن يكون محاولة لخداع الآخرين.

    استمرار أساليب المراوغة لانكار حقائق الواقع التي تتعلق بالمشاهد (الثلاثة ) التي تكشف جانباً من مشاهد الأزمات في شمال السودان يؤكد أن الصيف السوداني سيكون ساخناً وحاسماً، ولن يفيد الحكومة شيئاً أن تطرح حلولاً هامشية للأزمة الاقتصادية مثل السعي لرفع الدعم عن المحروقات أو محاولة خفض عدد الوزراء أو خفض عدد سياراتهم لمنح سيارة واحدة للوزير او خفض مرتباتهم وامتيازاتهم أو التخلي عن الحج «المجاني « لمن يسمّون بالدستوريين (مسؤولون كبار ووزراء وغيرهم) ويفوق عددهم الـ 800 شخص.

    لا فائدة من الهجوم الكلامي على حكومة الجنوب من دون تحليل وتشخيص أسباب الفشل في الحفاظ على وحدة السودان، وبينها اتفاقية نيفاشا 2005 الثنائية بين حزبي «المؤتمر الوطني « الحاكم في الشمال و» الحركة الشعبية لتحرير السودان» ( الحاكمة في الجنوب) ، اضافة الى سوء ادارة حكّام الشمال الفترة الانتقالية قبل الاستفتاء على حق المصير، ما ساهم في دفع الجنوبيين الى خيار الانفصال.

    الأسلوب نفسه تستخدمه حكومة الخرطوم مع الحرب الداخلية في دا رفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، فهي ما زالت تتجنب معالجة جذور المشاكل، وهذا يعني أن المعالجة الشاملة لن تحدث الا من خلال التوصل الى قناعة بأن النظام الشمولي الديكتاتوري سجل ارقاماً قياسية في سجلات الفشل في كل الميادين، وأنه آن الأوان للانتقال الى نظام ديموقراطي تعددي يحترم التنوع وحقوق المواطنة، ويفتح دروب العلاج لأزمات لا حصر لها.

    المؤشرات تؤكد أن الصيف السوداني سيكون ساخناً، وسيرسيم ذلك مشاهد الأحداث والمستقبل في السودان بشطريه، وبخاصة الشمالي. وهناك خياران أمام النظام في الخرطوم، اما أن يتجاوب بسرعة مع دعوة وطنية تهدف الى الانتقال الى نظام تحول ديموقراطي سلمي، أو أن يواصل الجلوس على رصيف الأحداث بانتظار رياح تغيير عاتية لا أحد يعرف من أين تهب، هل من الداخل، أم من بوابة الضغوط الدولية عبر مجلس الأمن، أم من الاثنين معا.

    رياح التغيير آتية حتماً اليوم أو غداً، وفي تاريخ السودان الحديث ثورتان شعبيتان أطاحتا نظامين ديكتاتوريين في تشرين الاول (اكتوبر) 1964 ونيسان (ابريل) 1985، ولم يكن العرب، أهل ثورات « الربيع « الملهمة والظافرة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية، يعرفون سابقة أطاحت، شعبياً، ديكتاتورية عبر تظاهرات سلمية.

    * صحافي سوداني من أسرة « الحياة».


    -------------------

    معجزات الزنداني وإفلاس الجن السودا



    07-14-2012 07:05 AM
    د. عبد السلام نورالدينِ

    1- جسر الطغيان بين اليمن والسودان

    اي الشعبين –اليمني والسوداني أدنى حظا في التنمية البشرية وأقل جرعات في سعرات الغذاء الحرارية وأكثر بؤسا وتعاسة في حياته اليومية التي لعب الطغاة المحليون الذين اكتسبوا صيتا عالميا "بفضل" ما الحقوه من بغي وعدوان على شعوبهم - الدور والقدح المعلى في أفلاسهما ماليا وفي تخريبهما أدرايا وفي افقارهما روحيا وفي أفسادهما أخلاقيا؟ وقد أستعانوا في كل ذلك بمحترفي الدين السلفي والاصولى والسياسي ليوقعوا على مسامع شعوبهم التي تعيش تحت خط الفقر ترانيم المأثورات المقدسة والروايات التي تلقن وتستعاد (وعمرها أربعه عشر قرن من الزمان ) عن بغلة العراق وعن الخليفة عمر بن الخطاب الذي عدل فنام تحت الشجرة في رابعة النهار وعن الخليفة عمربن عبدالعزيز الذي حكم سنتين وقد بحث ابانهما عن مسكين أو فقير في كل زوايا امبراطوريته الواسعة لينفق عليه من واردات بيت المال فلم يوفق .

    أيهما أكثر نبوغا في أكل أموال الشعبين بالباطل طغاة السودان الذين أضفوا على نهب الثروات مسوحا دينيا :التمكين- أم رؤوس التهريب وغسل الاموال والاستبداد في اليمن الذين يفعلون ما تشتهي رغائبهم المتوحشة وعلى حلفائهم من الذين برعوا في تسييس الدين وتديين السياسة من أمثال الشيخ عبدالمجيد الزنداني طلاء تلك الشهوات والنزوات الرعناء بآيات من القرآن الكريم وأحاديث من السنة المؤكدة ؟.

    أي رجالات الدين في القطرين أكثر انتظاما وأصرارا على حث خطوات شعوب البلدين ودفعهم صوب عجاج الطريق الهابط وصدهم بأصرار عن المجرى الصاعد. ؟

    لماذا ظل الدين ورجاله الذين وصفهم مدثر البوشي في النصف الاول من القرن العشرين" ألا يا هند قولي أو جيزي رجال الشرع أصبحوا كالمعيز" ومؤسساته في اليمن والسودان يسرعون الخطى ولا يتأخرون في تقديم خدماتهم بالمواصفات المطلوبة وطبقا لمقتضى الحال لكل من يضع يدية تمويها أوغصبا أو كليهما معا على خزائن الثروة ومفاصل السلطة؟ .

    قد تضئ لنا أجابات تلك الاسئلة بعض طبائع الاستبداد السياسي في اليمن والسودان حيث عثر المستبدون والمتربصون لسرقة مفاتيح الثروة والسلطة في التراث الديني والناطقين باسمه على جبل من ذهب لو كان من الكحل لافنته مراويدهم .واذا كانت بعض مأثورات المسلمين تجعلهم يرددون بقبول وأذعان "من خدعنا بالله انخدعناله" فقد رفع الجالسون على مقاعد قيادة عربة الثروة والسلطة في السوان واليمن الخدعة بالدين الى مقام العبادة التي تقربهم من تألية مصالحهم زلفي وجعلوا لتلك المهمة المقدسة حراسا وأمناء وخبراء ومستشارين معتمدين لهم مخصصات دستورية تعينهم على أداء تلك المهنة التي لا تختلف في شئ عن المساعاة في أقدم مهنة في التاريخ.

    2- "لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم"

    لماذا خلق اللة سبحانه وتعالى "عوج بن عنق" الذي يقول عنه كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور أنه من طيال بني البشر قامة وأقامة وقت أن كان هذا الوجود طفلا. اذا أنحنى عوج بن عنق جاس باصابع يديه اليمنى واليسرى في اعماق الانهار و ثبج البحار لتأت له بنوادر الاسماك والحيتان وأطيبها مذاقا ثم يقف مستقيما ليشويها في قرن الشمس قبل أن يتجه بها صوب فكيه بعرض جبل الداير بشرق كردفان ونقيل يسلح جنوب صنعاء؟.ما ذنب تلك الاسماك والحيتان البريئة التي لا حول لها ولا قوة التي وقعت دون ذنب جنته ضحية للعواصف الهوجاء التي تجوب تجاويف مصارين عوج بن عنق.

    من أين أتى هذا الذي عاش أكثر من الف عام لا هم له سوى مطاردة سمك البلطى في أنهارة والتمساح العشاري في بحاره. ولماذا خلق اللة الذباب الذي ينقل الامراض لبني الانسان ؟ وذلك "القيم" والهاموش الذي يفزع أبقار "العجايرة "والفلايتة" "والدريهمات" "والعنينات""والحوازمة" "وسليم" فتمتطى صهوات أظلافها هروبا الى حيث القيزان في مرتفعات "كاجا كتول" و"ام بادر" و"أم بل" واذا لم تفعل ماتت وأنتفخت بطونها وأنفجرت ونشرت وباء وبيلا في كل الارجاء فتضرب المجاعة البقارة فيتشردون ويهيمون في الارض كالهوام .

    ولماذا يصيب الكساح بعض الاطفال بعد خروجهم مباشرة من بطون أمهاتهم؟

    ولماذا يرفع الضب"خصيم الرب" رأسه على ذلك النحو المزعج؟ فيصاب من يتابع رحلته المشئؤومة في جدران الطين وعلى حيشان القصب بالأكتئاب والغثيان.



    ولماذا خلق اللة سبحانه وتعالى عبدالمجيد الزنداني

    يبدو أن مثل تلك الاسئلة تقع في دائرة محظور الاية " الكريمة لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" أذن من الافضل أن يعتصم المرء دائما بأن للة في خلقه شئؤون ومن تلك الشئؤون التي لا تفض مغاليقها أن خلق عوج بن عنق والذباب والهاموش والضب برأسه المثير للتقزز وخلق أيضا عبدالمجيد الزنداني الذي يسبب لليمنيين والمسلمين الكثير من بالغ الحرج حينما يعلن للعالم بانه أكتشف علاجا ناجعا من الاعشاب لمرض فقدان المناعة "الايدز" حتى اذا صار قبلة توجة وسائط الاعلام وضحايا ذلك المرض اللئيم وعشاق المعرفة وقبل ذلك طلاب الطب وعلمائه وأكاديمياته أجاب ببرود تام أنه لن يفضي باسرار علمه الا لخاصته لانه أن باح بها سرق الغرب كشفه العظيم.

    3- العشب اليماني في أعجاز الزنداني

    ثم يطل مرة أخرى عبدالمجيد الزنداني المثير للجدل من القنوات الفضائية معلنا كشفا بدرجة معجزة ينقل ليس فقط اليمنيين والمسلمين في مشارق الكرة الارضية ومغاربها من أدقاع الفقر الى رحاب الوفرة فحسب ولكن سيودع كل العالم الى غير رجعة طاعون المجاعات وما يترتب على الحرمان من آفات أجتماعية واخلاقية والاهم في ذلك الكشف أن قد أستقاه عبد المجيد الزنداني كما قد أذاع من نصوص القران الكريم .لم يسأل الشيخ عبدالمجيد الزانداني نفسه التي منحها وأسبغ عليها كنى والقابا واجازات ضنت عليه بها المعاهد العلمية والجامعات المعترف بها يمنيا وأقليميا ودوليا - منها العالم العلامة والحبر الفهامة رغم فشله الذريع أن يجتاز أختبارات وفحوص كلية الصيدلة بجامعة الازهر فأضطرت الى أقصاء أسمه من سجلاتها لم يسأل نفسه كيف فات كشفه الذي يقطع دابر الفقر وقد

    أستخرجه من نصوص القران على الصحابي الجليل الخليفة عمر بن الخطاب الذي كان سيتجنب به عام الرمادة الذي فتك وأودى بالمسلمين على أيام خلافته في فجر الاسلام.

    ألجدير بالاشارة أن قد بذل العالم منذ فجر التاريخ جهودا جبارة للقضاء على الفقر وتداعياته ومع ذلك ما زال أكثر من 70 % من سكان الكرة الارضية في مطالع الالفية الثالثة يرزحون تحت خط الفقر الذي يرتفع في اليمن والسودان والصومال وبنغلادش الى أكثر من 90%

    وأيا كان اللأمر هل يمكن الحديث عن القضاء على الفقر دون الوقوف بجدية وعمق ومعرفة وعلم وتجربة محلية واقليمية وعالمية على كل المحاولات البشرية عبر التاريخ في تنمية العمران البشري لأرساء قواعد الاستقرار والسلام والأستثمار المتواصل والامن الغذائي مع التصدي الجازم للحروب والاستغلال والتوزيع الجائر للثروات والظلم الاجتماعي كمداخل للخروج من دائرة الفقر ؟ يبدو أن المفكرين من كل المشارب والالوان والاديان والثقافات والفلسفات قد شغلوا عبر العصور باستغراق في بحث وصياغة المفردات والمقولات والمذاهب التي تضئ عقولهم وعيونهم لمعرفة المصادر البيئية والانتاجية والاقتصادية والاجتماعية التي ينفذ منها الفقر لذلك سبروا بكثير من الصبر والتفصيل قضايامحورية ( البيئة والعمل والملكية ووسائل وادوات ووسائل الانتاج الثروة والعرض والطلب وفائض القيمة والاستغلال والاحتكار والسوق والعدالة في توزيع الانتاج –التبعية والاستقلال-الملكية الخاصة –الملكية العامة والمختلطة والتعاونية وتعدد الانماط الانتاجية الخ ). فكتب أبو يعقوب يوسف كتاب الخراج عام 180 هجرية وكتب عبيد اللة بن سلام كتاب الاموال وكتب عبدالرحمن بن خلدون الحضرمي مقدمته في فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع السياسي وكتب آدم اسمث ثروة الامم وكتب كارل ماركس رأس المال وكتب فلادمير اليتش لينين الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية وكتب فرانسيس فوكاياما نهاية التاريخ وما زالت المذاهب تترى لمنازلة الفقر الذي يحاصر أكثر من اربعة بلايين نسمة على الكوكب الارضي . من ذا الذي يجرؤ على استهجان كل ذلك التراث غير صاحب المعجزات حبر العلاج بالرقي والاعشاب عبدالمجيد الزنداني الذي لا تأخذة لومة لائم في أستبعاد العلوم الطبيعية والاقتصاد والاجتماع والبيئة والتكنولوجيا والسياسة من مناهجه وآلياته في مناهضة الفقر ثم يبتسم لاشعة عدسات الفضائيات لينطق بثلاث كلمات :هنالك مفاجأة كبرى ثم يصمت ليترك لخيالات المشاهدين حرية التحليق في فضاءات التخمين بعيدا عن التجربة البشرية والتكنولوجيا وعلومها والثورات الاجتماعية كآليات للقضاء على الفقر أو على اقل تقدير للحد منه.

    ماذا يتبقى بحق للتخمين أن يجوس فيه سوي أن العالم العلامة والحبر الفهامة عبدالمجيد الزنداني يستعين بالقوى الخارقة للطبيعة " الجن " الذي بات وأمسى وأضحى طوع بنانه وعلى أهبة الاستعداد لنقل كل البشرية من ظلمات المجاعات الى فراديس الكفاية والوفرة وتلك هي المفاجاءة المعجزة التي يتربص الزنداني بخصومه وشامتيه ومعجبيه ومشاهديه لتفجيرها في الوقت المناسب الذي سيختاره بنفسه ليسعدهم أوليشقيهم طبقا لمواقفهم منه وموقفه منهم.

    أذا تأتي لعبدالمجيد الزنداني تعبئة الجن زرافات ووحدانا , ذكورا واناثا وخنثى مشكل لتوفير الماء الصالح للشرب والكهرباء والخبز اللازم ولحم الطلي البلدي والمشافي ومصروفات المدارس والقات لليمنيين فقط دع عنه كل العالم فكفى به داءا وأداءا ودواءا ومعجزة ومع ذلك فلا ينبغي للشيخ عبد المجيد الزنداني الذي بخس التجربة الانسانية جهدها ووسائلها المادية في القضاء على الفقر أن يغفل أن حقوق الاستعانة بالجن وتسخيره لنقل التكنولوجيا الغربية أو اصطناع تكنولوجيا بديلة لخدمة ا لاسلاميين السلفيين والاصوليين في خيارهم الحضاري محفوظة لاشقائه واخوانه في اللة من السودانيين الذين كان لهم قصب السبق في هذا المضمار أذ قدموا الابحاث في مؤتمر الاستراتيجة القومية الشاملة الذي عقد بالخرطوم بتاريخ 22 ديسمبر 1991 الذي ناقش بشجاعة ووضوح الاستعانة بالجن بحضور الرئيس عمر أحمد البشير وتحت سمع وبصر ورعاية مرشد الدولة انئذ الدكتور حسن الترابي.

    هل سيطر حقا علماء الحركة الاسلامية في السودان على الجن وكل القوى الخارقة للطبيعة وتأتى لهم تسخيرها وتفعيلها لخدمة الاسلام في السودان أم أن الذي قد حدث كان على نقيض ذلك؟ هل تيسر للجن السوداني نقل التكنولوجيا الغربية الى السودان أم أن ذلك الجن قد ابتدع تكنولوجيا بديلة تتسق مع خيارات السودان الحضاري التي ظلت قيد التطبيق لثلاث وعشرين عاما وقد خبرها المواطنون ظاهرا وباطنا. ما هي النتائج العملية على الاقتصاد السوداني التي ترتبت على الاستعانة بخوارق الجن.

    سنحاول تلمس ذلك في الحلقة الثانية.

    براقش نت
                  

07-19-2012, 04:45 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)



    التاريخ لا يرحم يسجل المواقف النبيلة مثلما يسجل الاخرى المخزية ولكن هناك من النابهين من امثال الكاتبة الرائعة الاخت رشا عوض الممنوعة من الكتابة الان بداخل السودان يستطيع ان يسجل للتاريخ السودانى نوعا معينا من كتابات الخزى والعار فى تاريخه المجيد وهو يقاوم اعتى انواع الدكتاتوريات العسكرية الاخوانية التى اعتقلت السودان تحت عباءتها وافرزت نوعا من الكتاب عبرت الاخت رشا عنهم فى هذا المقال
    اقرا اروع ما كتب هذا الاسبوع


    دراما القاسم أم دراما ضياء الدين بلال؟! ..

    بقلم: رشا عوض
    الأربعاء, 18 تموز/يوليو 2012 18:28

    لو كتب أحدهم مثلا (هذا القاتل ارتكب أخطاء في تنفيذه للقتل، كان عليه ان يصوب طعنته الى القلب مباشرة كي لا يرهق نفسه بتسديد مزيد من الطعنات ويعرض نفسه لملاواة الضحية فيصاب ببعض الخدوش! أو هذا السارق ارتكب خطأ كبيرا حيث دخل من الباب الأمامي بدلا من الباب الخلفي فتم القبض عليه بسهولة!! وهذا الكذاب لو أضاف إلى كذبته كذا وحذف منها كذا لنجح في خداع الناس واستغفالهم!) هذا يستشف منه انعدام الموقف الأخلاقي من الجريمة بل والتطبيع معها واعتبار مرتكبيها أشخاصا عاديين يتم إسداء النصح لهم للقيام بواجباتهم الإجرامية على النحو الأمثل!!

    كتب الأستاذ ضياء الدين بلال معلقا على حلقة الثلاثاء قبل الماضي من برنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة التي استضافت كلا من الدكتور عمر القراي والسيد ربيع عبد العاطي في مناظرة حول المظاهرات في السودان تحت عنوان (ربيع والقراي في دراما القاسم) ما يلي:
    (ربيع عبد العاطي وفقاً لمعرفته ومعلوماته وطبيعة شخصيته قدم أقصى ما يمكن أن يقدمه، لكنه ارتكب أخطاء أضعفت من حجته حيث مضى في اتجاه التهوين المخل والنفي المطلق، وفتح ثغرة واسعة للسخرية والاستهزاء، حينما أورد معلومة خاطئة تماماً مفادها أن مستوى دخل الفرد في السودان يبلغ 1800 دولار!!
    القراي رغم هدوئه لكنه مضى في اتجاه التهويل واستخدم لغة جارحة في الإساءة للخصوم، واستعان بأرقام لم يذكر مصادرها، وارتبك في تحديد وصف دقيق لما يحدث في السودان، هل هو ثورة أم تململ وخطأه الأكبر كان انحيازه الواضح لدولة الجنوب وتبرئتها من كل ذنب!)

    خطأ ربيع عبد العاطي في الأساس يا ضياء الدين هو انحيازه لنظام دكتاتوري فاسد ولغ في الدم الحرام والمال الحرام بصورة غير مسبوقة في تاريخ البلاد الحديث،وأذاق الشعب السوداني الحروب والتقسيم والتفتيت والمسغبة والاعتقالات والاغتيالات والتعذيب والتشريد، نظام دمر القطاعات المنتجة في الاقتصاد لكي تزدهر القطاعات الطفيلية، نظام دمر- على سبيل المثال لا الحصر - مشروعا عملاقا كمشروع الجزيرة وشلعه لدرجة اقتلاع قضبان سكته الحديدية وبيعها (خردة)! وتحويله الى أطلال باهتة!! ومارس تخريبا ممنهجا لكل مرافق البلاد بصورة جعلتنا نفكر جديا في أن هذا النظام الذي يرفع عقيرته يوميا شاكيا من المؤامرات الصهيونية هو ذاته مؤامرة صهيونية محكمة ومتقنة أعدها صهاينة عتاة يؤمنون بأن إكسير الحياة لصهيونيتهم يكمن في تخريب هذه البقعة المنكوبة من الأرض وتجريفها من كل شيء حتى تصبح (قاعا صفصفا) سواء من الناحية المادية أو المعنوية!!


    إن أي تقييم لأقوال وأفعال ربيع عبد العاطي يجب ان يكون مقرونا بتقييم السياق الكلي الذي صدرت عنه هذه الأقوال والأفعال، أي سياق (الدفاع عن نظام دكتاتوري فاسد ومنحط بكل المعايير السياسية والاقتصادية والأخلاقية)، تغييب هذا (السياق الكلي) مع سبق الإصرار والترصد هو تضليل وتدليس مغرض لا نجد له سوى تفسير واحد: خدمة أجندة النظام بطريقة مخاتلة!


    ولا أدري ما هو التهويل الذي مضى في اتجاهه د. القراي؟ وإذا كانت معلومات القراي عن القتل في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وعن نهب المال العام وعن الفساد وعن الضائقة المعيشية مبالغ فيها هل يستطيع الأستاذ ضياء الدين ان يمدنا بالمعلومات الدقيقة عن كل ذلك؟ ثم ان الرجل ترك الأرقام (التهويلية مجهولة المصدر) وطرح على ربيع عبد العاطي أرقاما مصدرها عمر البشير نفسه! الذي قال ان عدد القتلى في دارفور عشرة آلاف فقط!!

    وعجز ربيع كما كان سيعجز أي واحد من جهابذة الإنقاذ عن ذكر مثال واحد لمحاكمة تمت للقتلة في دارفور! وليت القراي سأله عن سبب الاستقالات المتلاحقة لكل مدع عام يتم تعيينه للتحقيق في جرائم دارفور! ولا جدال حول ان السبب الرئيسي هو استحالة إنفاذ العدالة في هذه البلاد المنكوبة حتى بالمعايير المحلية جدا ناهيك عن المعايير الدولية ، فكل مدع عام يجد نفسه مكبلا بحصانات تشله تماما عن مجرد الشروع في أية تحقيقات جادة!وبالمناسبة عدد القتلى في مجزرة صبرا وشاتيلا في أكثر الإحصائيات(تهويلا) ثلاثة آلاف!! ولا يخجل هذا النظام من تسيير المسيرات المناصرة للشعب الفلسطيني ويلعن إسرائيل التي ما قتلت من الشعب الفلسطيني عشر من قتلهم هو من الشعب السوداني ويتناسى النظام ان إسرائيل نفسها أصبحت ملجأ لآلاف أو(منعا للتهويل) قل مئات من شبابنا!! أما اذا كان التهويل في وصف المظاهرات بأنها ثورة سوف تسقط هذا النظام الساقط أصلا ففي هذه أيضا نعود إلى قضية ربط الأمور بسياقها الموضوعي الكلي، فقبل الحديث عن حجم المظاهرات وتأثيرها وما إذا كانت ستسقط النظام الآن أو بعد حين، يجب تحديد موقف من مشروعية التظاهر وتحديد موقف من قمع المتظاهرين وضربهم وتعذيبهم بوحشية واعتقالهم وقبل هذا وذاك تسجيل موقف محترم من الرقابة الأمنية على الصحف التي تفرض الرواية الرسمية لهذه الأحداث وتحجب ما عداها،


    وما دام الأستاذ ضياء الدين في كل قضية يعتلي منصة الدفاع عن المهنية الصحفية، لماذا لم نسمع له صوتا في الدفاع عن الشرف المهني عندما يتلقى رؤساء التحرير –وهو واحد منهم - عبر الهاتف الأوامر والتعليمات حول ما ينشر في صحفهم، وعندما يتحول رئيس التحرير الى مجرد سكرتير مطيع للرقيب الأمني؟ ولماذا لم يرفع الأستاذ ضياء الدين عصا التأديب المهني على التلفزيون القومي كما رفعها على الأستاذ خالد عويس، حينما أذاع ذلك التلفزيون خبرا مضحكا في جمعة (لحس الكوع) خلاصته ان الخرطوم عاشت يوما هادئا وبعض المواطنين استمتعوا بالتنزه على شارع النيل واشتروا اللحم والخضار من السوق! ولم يذكر ذلك التلفزيون (المختل والمحتل حزبيا) حرفا واحدا عن المظاهرات التي ملأت شاشات الفضائيات؟! بالله عليكم هل هذا خبر بأي معيار مهني؟


    ان آفة نظام البشير انه انحدر الى درك وضع المدافعين عنه في مأزق حرج، حيث لا يستطيعون الدفاع عنه إلا باستخدام توليفة من (الأكروبات التحايلية الالتفافية) المرهقة جدا! وحتى هذه الأكروبات لا تجرؤ على محاولة إثبات ان النظام نزيه وعادل وراشد بل تستهلك نفسها في قسمة السوء بالتساوي بين النظام ومعارضيه، وبين الجلاد والضحية، أو تجتهد في انتزاع القضايا من السياق الكلي ومحاولة إلهاء الناس بتفاصيل وجزئيات مبتورة لصرف أنظارهم عن أس البلاء أي(النظام الدكتاتوري الفاسد )!


    عطفا على ما سبق، إذا كان الأستاذ ضياء يرى في حديث القراي عن البشير واخوته وثرواتهم تجريحا للخصوم فما هو رأيه في تجريح البشير للشعب السوداني بأكمله ووصف طلائعه الثائرة بشذاذ الآفاق ووصفه للجنوبيين بالحشرات وإساءته العنصرية لهم عندما قال (نأدبهم بالعصا) وبعد كل ذلك ذهب إلى أديس أبابا للتفاوض معهم مدفوعا ب(عصا) مجلس الأمن؟ وما رأيه في حديث (الشواء والصيف)؟!، هذا طبعا مع الفارق الشاسع بين حالة البشير الذي يتحكم في مصير الوطن وبموجب ذلك من اوجب واجباته ان يقبل بوضعية الجلوس على الكرسي الساخن طيلة سنوات حكمه وان يزن كلامه بميزان الذهب مهما كانت الظروف وهو يتحدث عن شعب بأكمله او عن قطاعات واسعة منه، وحالة د. القراي وهو مواطن سوداني من حقه بمعايير حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الراشد و حتى بمعايير الإسلام المفترى عليه ان يفند أقوال وأفعال من يحكمه بأقصى درجات الوضوح،

    ويسأل عن مصادر ثروته هو وعائلته ويسمي تصرفاته بمسمياتها دون اعتبار لمشاعره الشخصية التي لا مكان لها من الإعراب في مناقشة المصلحة العامة والقضية العامة لملايين البشرفي هذه البلاد المنكوبة بحكمه الظالم والفاسد، من حق القراي ان يفعل ذلك حتى لو كان البشير رئيسا منتخبا انتخابات(بت ناس) وليس دكتاتورا اتى للسلطة بانقلاب ودشن عهده بالكذبة التي ذكرها القراي- لا فض فوه- (كذبة اذهب الى القصر رئيسا وسأذهب الى السجن حبيسا وهذا انقلاب القوات المسلحة ولا علاقة له بالجبهة الإسلامية) وبعد ذلك انقلب على شيخه وغدر به وأرسله الى السجن حبيسا (جد جد هذه المرة)!! و حدث في عهده ما حدث من سفك دماء وتقسيم وطن إلى وطنين متعاديين ونهب أموال وثراء حراااااااااااااااام تتبرج أماراته في سفور مخجل وفاضح وجارح لمشاعر الجوعى والمعدمين الذين لا يأبه لمشاعرهم أحد!


    وأخيرا وليس آخرا تبا لأقلام القصر (بفتح القاف وتسكين الصاد) التي تتأذى من تجريح الطاغية بالكلمات ولا تتأذى من صرخات شباب في عمر الزهور تنهال السياط والهراوات على أجسادهم، والبذاءات على آذانهم لكسر إرادتهم وتشويه نفوسهم حتى يتوبوا عن معاقرة الكرامة والحرية!

                  

07-19-2012, 04:52 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الزميل الاستاذ عمر الدقير المناضل المعروف والذى دائما ما يلهب الجماهير بخطبه و بحماسته مفصلا وقائع الاحداث ومنتقدا مباشرة لكل سياسات اهل الانقاذ فى ادارة الدولة اتجه اخيرا للتعبير عن ارائه بالكتابة من خلال الصحافة الداخلية والانترنت وهو هنا فى هذا المقال يعالج قضية الفشل الاقتصادى التى يريد اهل الانقاذ معالجتها كاحد الابتلاءات وانها قدر من اقدار الله التى يجب علينا التسليم بها وكان لا دور لهم فى هذا الفشل الانسانى الذى لا دخل للغيبيات به .
    اترككم مع المقال


    التفسير القدَري للفشل ..

    بقلم: عمر الدقير
    الأربعاء, 18 تموز/يوليو 2012 11:55
    S

    الدرس الواضح الذي يمكن استخلاصه من تجارب الشعب السوداني السابقة وتجارب شعوب الربيع العربي الحالية أن حراكاً جماهيرياً احتجاجياً مطلبياً سلمياً لا تُجدي معه أساليب العنف والقمع التي تعتمدها أنظمة الحكم المستبد عبر "البلطجية" و"الشبيحة" و"الرباطة" وأشباههم والتي تتطور، مع تصاعد الحراك الجماهيري، من الضرب بالهراوات والصعق بالعصي الكهربائية واستخدام الغاز المسيل للدموع إلى الرصاص المطاطي، وصولاً إلى إطلاق الرصاص الحي الذي يسفك الدماء ويزهق الأرواح. كما لا تُجدي محاولات تخوين الحراك الجماهيري ووصف المشاركين فيه بالمأجورين والمضللين والمهلوسين وشذاذ الآفاق الذين يخدمون أجندات خارجية.

    لم يكن متوقعاً من نظام الإنقاذ أن يواجه الحراك الجماهيري الذي بدأ ينفجر في وجهه، منذ منتصف الشهر الماضي، بغير أساليب الردع الأمنية القمعية المألوفة .. ولكن، لمَّا كان ثابتاً من التجارب السابقة أن هذه الأساليب عاجزة عن كسر إرادة الجماهير أو منع تصاعد وتيرة حراكها الغاضب ولا تحمي النظام المستبد من السقوط، يحاول نظام الإنقاذ أن يصدَّ هذا الحراك ويحمي سلطته بروادع دينية وزواجر غيبية حين يُفسِّر نتائج فشله في إدارة العملية الاقتصادية بأنها نوازل وابتلاءات قضت بها الأقدار ويجب على الناس أن يقبلوا بها ويصبروا عليها "حتى لا يدخل عليهم بابٌ من الشرك"، وحين يختزل الحراك الجماهيري في محض شذاذ آفاق و"محرَّشين" يستهدفون توجهه الاسلامي وحكمه الرشيد المؤسس على الشريعة الاسلامية كما يدَّعي. غير أن هذا التفسير وهذا الاختزال لا يزيدان النظام في محنته ومتاهته ومأزقه إلّا ضغثاً على إبالة، فإذا كان الفشل في إدارة العملية الاقتصادية ابتلاء قضت به المقادير فذلك أوجب للسعي والاجتهاد في دفعه بالتخلص من مسببيه وعزلهم من دست الحكم وإدارة الدولة، وما حراك الانسان وسعيه في حياته إلّا فرار من قدر الله إلى قدر الله كما عبّر عن ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أمَّا التوجه الاسلامي المزعوم الذي خبره السودانيون طوال سنوات حكم الإنقاذ فهو أكبر مُحفِّزٍ للانتفاض والثورة، لأنه توجه يعادي ناموس الحياة ويشاقق الوجدان السليم ويخلو من المضامين الانسانية السامية مثل حقوق الإنسان وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية ونزاهة الحكم وسلمية تداوله وامكانية مساءلة ومحاسبة القائمين به، ويجافي المقاصد النبيلة التي من أجلها اشتُرِعت الحكومات مثل الحفاظ علي الحياة وحماية الناس من كل ما يهدد بإزهاق أرواحهم من حروب وأمراض وكوارث، والحفاظ علي العقل بمحاربة الجهل والأمية والخرافة، والحفاظ على الأرض والعرض، والحفاظ على الثروات العامة وتنميتها وعدالة توزيعها وحمايتها من الفساد والنهب والمحسوبية وسوء الإدارة وتسخيرها لتوفير حاجات الناس الأساسية وكبح جماح وحوش الغلاء والبطالة والفقر وضنك العيش والبؤس العام.

    يصعب على الضمير الحي أن يتسامح مع ممارسات الطغيان ويستحيل على المنطق السليم أن يبررها، ولذلك ما من نظامٍ طغياني استبدَّ بشعبٍ من الشعوب إلا وحاول الاستناد إلى بُعدٍ غيبي يتخذ منه غطاءً زائفاً لسلطته ويدافع به عن ممارساته غير السَّوية ويستدعيه احتياطياً استراتيجياً كاذباً من أجل المصادرة على أي ردود فعل انسانية ضده، كما كانت تفعل الكنيسة في القرون الوسطى حين ارتكبت أسوأ الفظاعات وأعطت لنفسها سلطاناً يعلو على الإرادة العامة بزعم أنها ظل الله في الأرض وأنها تمتلك مفاتيح أبواب العالم الآخر. لكنَّ الشعوب قلّما تعبأ بهذه الأكاذيب والأوهام، إذ سرعان ما تتبدد سحب الزَّيف وتسطع شمس الحقيقة التي تحرق نظام الطغيان وتُحيل جثته رماداً تذروه الرياح إلى مزبلة التاريخ.


                  

07-19-2012, 05:13 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الثورة السودانية تدخل شهرها الثاني ..

    بقلم: تاج السر عثمان
    الأربعاء, 18 تموز/يوليو 2012 07:40


    * تواصل الثورة السودانية انطلاقها، وتدخل شهرها الثاني بعنفوان من أجل اسقاط النظام الذي قامت اعمدته علي الفساد والقهر ونهب ممتلكات الشعب السوداني والتفريط في السيادة الوطنية وتمزيق وحدة البلاد. وهنا لابد من الاشادة بطلاب جامعة الخرطوم الذين اشعلوا شرارة الانتفاضة، ومن الشرارة يندلع اللهيب، والاشادة بالحركة الطلابية السودانية التي لعبت دورا بارزا في الحركة الوطنية منذ الاستعمار وضد الأنظمة الديكتاتورية ( انقلاب 17 نوفمبر 1958م، وانقلاب 25/ مايو/ 1969م، وانقلاب يونيو 1989م)، وكان لها دور واضح في معركة استقلال السودان 1956م، وفي تفجير ثورة اكتوبر 1964م، وفي انتفاضة مارس- ابريل 1985م، وفي مقاومة انقلاب يونيو 1989م، وقدمت التضحيات الجسام ( الفصل والتشريد والاعتقالات، والتعذيب والشهداء..الخ)، وواصلت نضالها ضد هذا النظام، حتي جاءت انتفاضة مساء السبت: 16/ يونيو/ 2012م كحلقة مهمة في سلسلة هذا النضال والتي اشعلتها طالبات جامعة الخرطوم من الداخليات، بعد اعلان الزيادات في اسعار المحروقات والسكر..الخ، واستمرت مظاهرات طلاب جامعة الخرطوم والتي انضم اليها طلاب الجامعة الأهلية ومعهد المصارف وجامعة السودان، وجامعات الأقاليم، وامتدت المظاهرات لتشمل أحياء العاصمة القومية، والأقاليم، والمدن في خارج السودان.


    * استمرت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية والحملة من أجل اطلاق سراح المعتقلين واعتصام الاسر أمام جهاز الأمن من اجل معرفة مكان المعتقلين ووقف التعذيب، رغم القمع المفرط من قوات الأمن والتي استخدمت الغاز المسيل للدموع ، الرصاص المطاطي والحي ، والاعتقالات والمحاكمات الفورية بالجلد والسجن والغرامة، والتعذيب الوحشي للمعتقلين السياسيين. واستخدام المليشيات المسلحة للمؤتمر الوطني لضرب التمظاهرين ب " السواطير" و"المدي" ، و " السيخ" و " المسدسات"..الخ، وضرب المصلين في المساجد وانتهاك حرمة البيوت بمهاجمة دار الحاج نقد الله المريض وضربه بوابل من القنابل المسيلة للدموع مما اثر علي الاطفال والشيوخ والمرضي، وغير ذلك من القمع الوحشي المفرط والانتهاكات الفظة لحقوق الانسان السوداني لا لشئ الا لأنه مارس حقه الدستوري بالاشتراك في المظاهرات السلمية. وانتهكت السلطة الحق الدستوري للأحزاب بمهاجمة دورها مثل: الهجوم علي دار حق ، والحزب الوطني الاتحادي، وحصار دار الشعبي، ومنع حزب الأمة من اقامة الندوات في دوره والذي رفضه حزب الأمة.

    وتمت مصادرة الصحف مثل " الميدان" و " التيار"...الخ، واعتقال الصحفيين، وحجب المواقع الالكترونية عن السودان مثل: سودانيز اون لاينز"، " الراكوبة"، " حريات"،..الخ. واعتقال وضرب مراسلي القنوات الفضائية ومصادرة ادوات عملهم ومنعهم من تغطية الأحداث.

    وامتدت المعركة لتشمل المهنيين والعاملين مثل: الوقفات الاحتجاجية للمحامين والتي تم تتويجها بمذكرة التحالف الديمقراطي للمحامين والتي تم رفعها لرئاسة الجمهورية بتاريخ 16/ 7/ 2012م، والتي استنكرت فيها انتهاكات حقوق الانسان في السودان. كما لعب الاطباء دورهم البطولي والانساني في معالجة المصابين من المتظاهرين وتوجوا نشاطهم باعلان نقابة الاطباء السودانيين، ورفعت شبكة الصحفيين مذكرة في وقفة احتجاجية لمفوضية حقوق الانسان بالخرطوم ، اشارت فيها الي انتهاكات حرية التعبير والعمل الصحفي. ونفذ عمال مصنع الاسمنت بعطبرة اضرابا عن العمل بسبب سوء الاوضاع المعيشية، واعتصم عمال ورشة الحفريات بمدني احتجاجا علي عدم صرف اجورهم ومستحقاتهم وتم قمعهم وبيع الورشة في اطار خصخصة مشروع الجزيرة، واصل مزارعو منطقة القرير اعتصامهم من أجل حقوقهم في الأراضي في مشروع القرير الزراعي، وكلما تزايد اشتراك قوي المهنيين والموظفين والعاملين والمزارعين ودخولهم بقوة في المعركة من أجل تحسين اوضاعهم المعيشية والمهنية ، كلما ادي ذلك الي الاقتراب من ساعة اعلان الاضراب السياسي والعصيان المدني الذي يشكل عاملا حاسما في اسقاط النظام، كما اكدت تجارب ثورة اكتوبر 1964، وانتفاضة مارس- ابريل 1985م.

    * لقد توفرت الآن كل مقومات نجاح الثورة واصبحت عناصر الأزمة الثورية تنضج في نيران المعارك المستمرة والتي تتلخص في: عجز النظام أن يحكم، واصبحت الحياة لاتطاق جراء الارتفاع المستمر في الاسعار ومواصلة انخفاض قيمة الجنية السوداني، وتصميم الحركة الجماهيرية علي مواصلة المعركة حتي النصر في مظاهرات الجامعات والاحياء والوقفات الاحتجاجية ومظاهرات الاربع جمعات مثل جمعة: "الكتاحة "، و"لحس الكوع "، و "شذاذ الآفاق"، و "الكنداكة "، اضافة للاستعداد لقيام الجمعة الخامسة من أجل دارفور " جمعة دارفور بلدنا"، ومواصلة المظاهرات في امسيات شهر رمضان حتي اسقاط النظام. يساعد علي ذلك الوضوح حول البديل بعد اعلان "برنامج البديل الديمقراطي" والذي حدد خارطة الطريق لاسقاط النظام عن طريق المظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني والاضراب السياسي، واستعادة الديمقراطية وتحسين الاوضاع المعيشية ووقف الحرب والحل الشامل والعادل لقضايا دارفور وجنوبي النيل الأزرق وكردفان وابيي والشرق. وضرورة استيعاب وتضمين مقترحات ومطالب كل القوي والحركات خارج تحالف قوي الاجماع الوطني، في الوثيقة، حتي يتم بناء اوسع جبهة من أجل اسقاط النظام وضمان انتصار واستمرار الثورة بعد اسقاط النظام، وعدم تكرار تجربتي ثورة اكتوبر 1964م وابريل 1985م، وحراسة الجماهير لثورتها بتواجدها المستمر في الشارع واليقظة الدائمة ضد محاولات اجهاضها والعودة الي الوراء.


    * ومن الجانب الآخر تزداد أزمة النظام تفاقما بعد أن اهتزت الأرض تحت اقدامه، وظن أنه خالد رغم مافعلة من تشريد وتعذيب واعتقال للالاف من المعارضين السياسيين وتدميره للخدمة المدنية ونظام التعليم، ومؤسسات السكة الحديد والنقل الأخري والمشاريع الزراعية والمؤسسات الصناعية، وتمزيق الوطن بفصل الجنوب وتركيز السلطة والثروة في ايد قلة من الطفيليين الاسلامويين. ونشهد الآن افلاس النظام ولجؤ قادته الي الدعوات الزائفة الي الحوار، واستغلال الدين الذي ماعاد ينطلي علي احد بعد تجربة 23 عاما من الفساد والاستبداد والقهر ونهب ثروات البلاد باسم الدين، فشعب السودان اصبح لايلتفت الي دعوات االاستسلام لقهر النظام باسم الدين مثل: "تطبيق الشريعة" ، و"الارزاق بيد الله"، و"الاستسلام للقضاء والقدر وعدم الخروج للشارع"، " والمعركة هي بين قوي الشريعه وقوي العلمانية" ...الخ. وهي دعوات لم تنقذ الديكتاتور نميري في ايامه الأخيرة عندما اعلن تطبيق الشريعة في محاولة لوقف مد الثورة ضده والتي اطاحت به في انتفاضة مارس- ابريل 1985م.


    * ويتصاعد الاستنكار الواسع للقمع خارج السودان والتضامن مع الثورة السودانية من منظمات حقوق الانسان والاحزاب الشيوعية والتقدمية والديمقراطية والقنوات الفضائية، والمواقع الالكترونية والصحافة الاجنبية ، والأمم المتحدة والخارجية الامريكية والبريطانية والاتحاد الاوربي، ومظاهرات السودانيين في مدن وعواصم العالم ودعمها للثورة في الداخل من أجل اطلاق سراح المعتقلين ووقف التعذيب ووقف القمع الوحشي للمظاهرات السلمية.
    ولاشك أن مواصلة هذا التراكم النضالي والعمل الدؤوب والمثابر والمنظم سوف يؤدي في النهاية الي اسقاط النظام واستعادة الحرية وتحسين الأحوال المعيشية والسلام، والحل الشامل والعادل لقضايا البلاد.


                  

07-19-2012, 05:28 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    عثمان ميرغنى (الصحفى ) مدير تحرير صحيفة الشرق الاوسط بلندن له مقالات وطنية معروفة يكتبها فى هذه الصحيفة الواسعة الانتشار وبمهنية عالية يعلق على الاحداث ..
    هنا يعلق على قول قاله البشير يتحدى به المعارضين بان صيف الخرطوم سوف يشويهم شى
    اقرا راى عثمان وكيف بلغته العالية استطاع ان يجيب على البشير ..





    من سيكتوي بصيف التحدي في السودان؟
    عثمان ميرغني

    الاربعـاء 28 شعبـان 1433 هـ 18 يوليو 2012 العدد 12286
    جريدة الشرق الاوسط


    عندما يهاجم رئيس شعبه أو حتى قسما منه، ويتحداه أن يتجرأ بالخروج ضده، فهذا دليل على أنه يواجه أزمة، وأن هناك مشكلة في الشرعية بحيث أن الحاكم لا يشعر بأنه في حاجة إلى تأييد الشعب لأنه يحكم بالقوة والقهر، وهذه بالطبع من علامات حكم الاستبداد والوقوع في فخ غرور القوة الذي يؤدي في النهاية إلى مواجهة غضبة الشعوب وإن طال الزمن. فالأنظمة التي تحترم شعوبها تعرف أن شرعيتها تستمد من هذا الاحترام، وتنبع من التأييد الشعبي لبقائها في الحكم، فإذا فقد هذا التأييد تخرج الحكومة من باب الانتخابات إذا توفرت أسس العملية الديمقراطية، أو بالثورات والانفلاتات إذا غابت سبل التعبير السلمي الديمقراطي.

    المشكلة أن الكثير من الحكام لا يتعلمون خصوصا في أنظمة الاستبداد، لذلك سمعنا العقيد الراحل معمر القذافي يشتم شعبه ويصف المنتفضين ضد نظامه بالجرذان والكلاب الضالة والمحششين، وسمعنا الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يقول للمحتجين المطالبين برحيل نظامه «من أنتم.. لن أرحل، ارحلوا أنتم»، وكذلك سمعنا الرئيس السوري بشار الأسد يصف المحتجين بأنهم مرتزقة ومتآمرون، ويقول، على ذمة إدوارد جيرجيان السفير الأميركي الأسبق في دمشق، إن السوريين غير ناضجين وبالتالي ليسوا مستعدين للإصلاحات التي كان وعد بها منذ توليه الحكم خلفا لوالده ولم ينفذ منها شيئا يذكر حتى اندلعت الثورة ضد نظامه.

    الرئيس السوداني عمر البشير يسير على المنوال ذاته حيث وصف المشاركين في المظاهرات التي انطلقت ضد نظامه وسياساته خصوصا بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية التي نجمت عن انفصال الجنوب واتساع دائرة الحروب في الشمال، بشذاذ الآفاق وبالشماشة أو المتشردين. ثم سمعناه في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي يقول «لدينا صيف مولع نار ولهبه سيشوي الأعداء»، وذلك ردا على من يرددون أن السودان يشهد بدايات ثورة على غرار ثورات الربيع العربي. فمن هم هؤلاء الأعداء الذين يتوعدهم البشير؟ هل هم أبناء الشعب الذي زعم البشير ذات مرة أنه جاء لخدمته وليس لحكمه، أم أنه يتحدث عن متظاهرين جاءوا من بلد أو كوكب آخر ليحتجوا على سياسات الحكومة التي قادت البلاد إلى أزمتها الحالية، وأنتجت وضعا اقتصاديا خانقا يدفع الناس ثمنه معاناة تتزايد يوما بعد يوم؟

    تصريحات الرئيس السوداني وعدد من كبار مساعديه ومسؤولي حزبه الذين تباروا في الهجوم على المحتجين ووصفهم بمختلف النعوت، تعكس عمق أزمة النظام الذي تأكل بعد ثلاثة وعشرين عاما في السلطة، وطفت إلى السطح علامات ترهله من الفساد الذي استشرى في مفاصله، إلى مذكرات الاحتجاج الداخلية التي تعكس تذمرا داخل جسمه الحزبي والحركي من الحالة التي وصلت إليها الأوضاع، ومن انحراف النظام عن مساره وعن الشعارات التي رفعها منذ الانقلاب العسكري الذي خططته ونفذته الجبهة القومية الإسلامية وأطاحت به النظام الديمقراطي المنتخب لتفرض نظاما قهريا استبداديا. فالنظام يواجه اليوم أزمة لا ينكرها عاقل، وهي أزمة صنعت داخليا وبأيدي قياداته، مهما حاول البعض تصويرها على أنها مؤامرة خارجية وزعم أن المشاركين فيها محرضون و«شذاذ آفاق». لقد واجه النظام في محطات عديدة من حكمه حركات احتجاجية أو محاولات للإطاحة به، لكن الأزمة الراهنة ربما تعد الأخطر لأنها تأتي في ظل أزمة اقتصادية تسير نحو الأسوأ، وفي الوقت الذي يرى السودانيون الثورات العربية تطيح أربعة رؤساء وتوشك أن تطيح بالخامس مما يعيد إلى ذاكرتهم تاريخ ثورتين شعبيتين في تاريخهم الأولى عام 1964 والثانية عام 1985.

    المفارقة أن البشير كان قد تحدى أكثر من مرة بأن من يريد إسقاط الحكومة عليه أن يجرب إسقاطها في الشارع إن كان يقدر على ذلك، واعتبر الخروج على نظامه أمرا مستحيلا عندما قال في خطاب ألقاه في أواخر عام 2010 إن من يريد إسقاط الحكومة «يجرب يلحس كوعه»، لذلك رد عليه المشاركون في الاحتجاجات الأخيرة بأن أطلقوا على أحد أيام احتجاجاتهم «جمعة لحس الكوع»، وعلى يوم آخر اسم «جمعة شذاذ الآفاق» مستعيرين جملة أخرى من خطاباته الحافلة بلغة التحدي والاستخفاف. وعلى الرغم من إجراءات القمع التي واجهت بها الحكومة المظاهرات، فإنها لم تتوقف ودخلت الآن شهرها الثاني، مما يثبت أن هذه الأزمة مختلفة وربما تشكل أخطر التحديات للنظام، إن لم تطح به، والمؤشرات على ذلك كثيرة.

    فالحكومة بعدما أنكرت منذ عام أنها ستواجه أي صعوبات بعد انفصال الجنوب وفقدان أكثر من خمسة وسبعين في المائة من عائدات النفط، عادت اليوم لتلقي المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية على الانفصال ولتعترف على لسان البشير بأن الدواء سيكون مرا. والأرقام الحكومية تؤكد أن العجز في الميزانية يعادل مليارين وأربعمائة مليون دولار، وأن الفجوة مرشحة للاتساع رغم إجراءات التقشف التي فرضت أخيرا وشملت رفع الدعم عن الوقود، وزيادة الضرائب على عدد من المنتجات والسلع الاستهلاكية مما أدى إلى زيادة الأسعار ورفع نسبة التضخم إلى 37 في المائة مرشحة للزيادة أيضا. فالحكومة ليس لديها موارد تعوض بها مداخيل النفط الذي فقدته مع انفصال الجنوب، كما أن سياساتها زادت الأزمة سوءا، إذ إن أجواء التوتر والتصعيد دفعت الجنوب لوقف صادراته النفطية مما جعل الشمال يخسر حتى العائدات التي كان يمكن أن يحصل عليها جراء عبور صادرات النفط الجنوبي في أنابيب الشمال. زد على ذلك أن الشمال يواجه اليوم تبعات ثلاث حروب ممتدة من دارفور وجنوب كردفان إلى النيل الأزرق، وليس في الأفق ما يدل على انفراج، بل إن الأوضاع مرشحة أيضا لمزيد من التدهور في هذه الجبهات أيضا، مع كل ما يعنيه ذلك بالنسبة لحكومة تذهب نسبة ثمانين في المائة من ميزانيتها إلى المخصصات الأمنية والعسكرية.

    البشير محق بلا شك في قوله إن صيف السودان حار و«مولع نار»، ولكن السؤال هو من سيكتوي به، أو من ستشويه ناره؟
                  

07-19-2012, 10:50 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    وهذا مقال قديم كتبه زميلنا فيصل محمد صالح منذ عام تقريبا ردا على تصريح لحسين خوجلى الصحفى الاخوانجى عندما قال ان الاسلاميين الذين يعرفهم لم يحكموا بعد...!! فرد عليه الاخ فيصل بهذا المقال الرصين اقرا


    تاني يا حسين..؟ا
    فيصل محمد صالح

    زميلنا الأستاذ حسين خوجلي رئيس تحرير "ألوان" نعى في مقال طويل الحركة الإسلامية وتجربتها في السودان، وهو بالتأكيد ليس أول من يفعل ذلك، ولا أظنه سيكون الأخير. وبعد أن استمطر الحسين قدرا غير يسير من الدموع، ختم بكائيته الطويلة بالقول " إن الإسلاميين الذين أعرفهم وعاصرتهم وعملت معهم لم يحكموا السودان بعد!"، تاني يا حسين؟

    يريد الحسين أن يأتي بإسلاميين آخرين، يعرفهم هو، ليحكموننا ... تاني، وكأن قدرنا أن نصير حقل تجارب لمغامرات الإسلاميين وتجاربهم، وكأن لنا وطن آخر بديل نمنحه لهم ليتعلموا في القيادة والريادة.

    لقد حكمنا الإسلاميون يا حسين، وهم نفس الإسلاميين الذين تعرفهم وانتميت لهم، ودافعت عنهم وتغنيت بمآثرهم واحدا واحدا. تقاسمونا ذات ليلة ليلاء، فذهب بعضهم رئيسا وبقي الآخر حبيسا، حكمونا أكثر من عشرين عاما، خنقوا أنفاسنا ومنعونا حتى من الكلام، ثم شرقوا وغربوا، وتمايلوا يمنة ويسرة، واختلفوا واختنقوا، وأثرى بعضهم واغتنى، وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع، واستطالوا في البنيان، فماذا يريدون أكثر من ذلك؟

    لقد حكمونا يا حسين، وتصرفوا في هذه البلاد وكأنها بعض أملاكهم التي ورثوها من جهة أجدادهم، باعوا ما باعوا وخصخصوا ما خصخصوا، ووهبوا ما وهبوا، وكأن الشعب بعض سباياهم، فماذا تريدهم أن يفعلوا بنا أكثر من ذلك.
    لقد تمزق وطننا على أيديهم، ذهب الجنوب بنتيجة تصويت 99% ، وهو شئ لم يكن يتخيله أعتى الانفصاليين، ودارفور ما تزال معلقة على أيدي نعرف بعضها ولا نعرف البعض الآخر، وجنوب كردفان تشتعل، وقد تعقبها النيل الازرق، وذاك القائد " الشريف " ينعق بصيحات الحرب التي ما خاضها يوما ولن يخوضها في المستقبل، فماذا تبقى لإسلاميين آخرين ليفعلوه.

    لقد جربناهم كلهم يا صديقي، ولم يعد من بقية لم تجرب، انفردت الجبهة القديمة وحدها، ثم تحالفت مع الأخوان وانصار السنة، ثم ركب المعدية من جاء من السلفيين وتوابع القاعدة، واستتبعهم شيوخ الطرق وزعمائها.

    لقد ظننت يا حسين، ولازال ظني فيك حسن، أنه وبعد التجربة التي اختلفت أنت نفسك معها، ستعرف أن المهم ليس الشعار الذي يرفعه الناس، ولا الزي الذي يلبسونه ويلتحفونه، ولا طول اللحى والشوارب، بل المهم ما يفعلونه بالسلطة والقوة التي امتحنهم بها الخالق.

    ظننت يا حسين أنك، ومثل باقي الشعب، لن تخدعك من جديد الشعارات ولا الدموع التي تسيل والأصوات التي تتحشرج بادعاء التقوى ومخافة الله، وإنما ستنظر لقيم ومبادئ العدالة والمساواة والنزاهة وعفة اليد والإحسان واحترام كرامة البشر، والتي هي جوهر كل دين ورأس كل ممارسة سياسية راشدة. أما سمعت يا حسين بأن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة؟

    لا تظنن يا حسين أن أحدا يستطيع ان يقنع الشعب السوداني من جديد بشعاراته وادعاءاته، هذا الشعب لن يهمه بعد الآن دين من يحكم أو مذهبه، ولا طول لحيته ولا جلبابه.، ولا تاريخه "البدري" من عدمه.

    يهم هذا الشعب أن يعرف ماذا يفعل من يحكمه بأموال البلاد ومقدراتها، هل ظهرت في لقمة العيش وخدمات الصحة والتعليم، أم في كروش البعض وقصورهم الفخيمة وقصور أقاربهم.
    يهم هذا الشعب أن يعرف ماذا يفعل الحاكم بقوة البلاد العسكرية والأمنية والشرطية، أيدافع بها عن أمن البلاد وسلامتها وأمن المواطنين، أم يبطر بها في الأرض ويسلطها على خلق الله الآمنين؟
    حنانيك يا حسين خوجلي بهذا الشعب، تمنى له ما ينفعه ويرفعه، ولا تدعو له بأصدقائك الذين تعرفهم ونعرفهم.


    فيصل محمد صالح
                  

07-19-2012, 05:36 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    لم تفشل الانقاذ فى الحكم فقط وفى الحفاظ على وحدة الوطن فحسب بل شمل هذا الفشل حتى كيفية الحفاظ على اسرارها واقوالها وافعالها ..
    لو تذكرون الادعاء بان جمال الوالى هو مالك قناة الشروق ليجدوا لهم مكان ما فى المنطقة الحرة فى دبى لانهم يعلمون استحالة ذلك لمثل نظام الانقاذ فكان التخفى تحت اسم رجل اعمال حر هو من يملك قناة الشروق ..
    الان حصحص الحق ولم يستطيعوا الحفاظ على الكذبة لاخرها ..
    اقرا هذا المقال القوى واللماح للاستذ تاج السر حسين




    ملفات مغلقه: من يمتلك قناة الشروق وكم تبلغ خسارتها؟
    07-19-2012 03:10 PM

    ملفات مغلقه: من يمتلك قناة الشروق وكم تبلغ خسارتها؟


    تاج السر حسين
    [email protected]

    فى السودان لا توجد أسرار والأشاعه اذ لم تكن صحيحه بنسبة مائه بالمائه، فانها لا تخلو على الأقل من نسبة صحه تتجاوز الخمسين بالمائه.
    وحق الحصول على المعلومات للأعلاميين والصحفيين المستقلين الشرفاء الأحرار، اصبح حقا أصيلا تكفله العديد من دساتير الدول المحترمه لا الفاشله، حتى تحافظ تلك الدول على مالها العام فى شفافية ووضوح وتمنع الفساد، فالمال السائب كما يقول المثل يعلم السرقه.

    الشاهد فى الأمر أن غالبية السودانيين - وانا منهم - كانوا يظنون أن السيد/ جمال الوالى، كادر المؤتمر الوطنى المعروف ومحتكر التجاره (العميقه) و(السمينه) فى السودان، والذى تفتح له البنوك ولمن يزكيهم خزائنها – وطنى واسلامى وليبرالى - والذى يعمل عنده الدبلوماسيين السودانيين فى الخارج مندوبى مبيعات وتسويق، هو مالك قناة (الشروق) التى تبث برامجها من امارة دبى، أو يمتلك جزءا كبير من اسهمها ولذلك فهو رئيس مجلس ادارتها، مثلما هو رئيس مجلس ادارة صحيفة (السودانى).


    ومن المعلوم أن القناة توظف العديد من الأجانب بمرتبات ومخصصات باهظه، فى وقت يمتلأ فيه السودان بالكوادر والكفاءات والخبرات الأعلاميه وخريجى كليات الأعلام، وفى يوم من الأيام كان مدراء الأعلام فى حوالى 7 امارات بتروليه عربيه سودانيين، ياتى فى مقدمتهم أديبنا الكبيرالراحل الطيب صالح وعلى شمو وآخرين.
    وطالما جمال الوالى هو مالك تلك القناة كما كنا نظن، فمن حقه أن يعين اؤلئك الأجانب بمرتبات باهظه وأن يكمل الباقى من (الكيزان) ومنتسبى المؤتمر الوطنى، على الرغم من (الشريعه) التى يتشدقون بها تحجرعلى (المخرف) والمجنون و(السفيه) وتحجز امواله اذا شعرت بأنه (يبعزقها) بصوره تضره شخصيا وتضر المجتمع.
    وكما أضاع (جمال الوالى) الكثير من الأموال على لاعبى كره كبار سن وعجائز مثل المصرى (عصام الحضرى) الذى أنفق فيه مبلغ اجمالى تجاوز ال 2 مليون دولار، ومن قبله اضاع 5 ملايين دولار فى لاعب نيجيرى فاشل اسمه وارغو، وهدايا وسيارات للمنتخب المصرى بدون مناسبه، فكذلك من حقه فى بلد هو الفاشل الثالث عالميا ويأتى فى مقدمه الدول التى يتفشى فيها الفساد، أن يضيع تلك الأموال فى قناة اعلاميه لا تختلف كثيرا عن قنوات ممثاله لها االسودانيه الحكوميه والنيل الأزرق وأم درمان، فهى فى نهاية المطاف مجرد (بوق) للنظام، حتى لو حاولت بعضها ان تقدم مادة تظهرها بالحياد والأستقلاليه.


    فأم درمان على سبيل المثال التى من المفترض أن تكون اكثر تلك القنوات استقلاليه، فى كل يوم (فالقانا) بكادر المؤتمر الوطنى والملحق الأعلامى السابق (عبد الملك النعيم) والصحفى المايوى صديق أحمد البلال (صلاح عمر الشيخ) والكوز (مكى المغربى)، ونصف (الكوز) ضياء الدين بلال (محللين) للحرام الذى يرتكبه المؤتمر الوطنى.
    وعلى كل فذلك كله يمكن ان يبلعه الشعب السودانى الجائع المريض الفقير فى بلد غنى (منهوب)، لكن ما هو مثير للدهشه، أن تلك القناة (الشروق) تردد أخيرا حتى فى داخل اروقتها بأنها سوف تتجه للداخل لأول مرة منذ تأسيسها، تمشيا مع محاولات التقشف التى طرحها النظام، بعد خراب مالطه، وهذا يشير على انها قناة حكوميه أو شبه حكوميه يصرف عليها النظام أو يساهم فى الصرف عليها بجزء مقدر.
    فاذا كان الأمر كذلك، فمن يتحمل خسارتها التى سمعنا من مصدر موثوق وقريب جدا من (جمال الوالى) بأنها تتجاوز ال 250 الف دولار شهريا؟

    واذا كانت الحكومه السودانيه تساهم فيها على ذلك النحو يعنى من مال الشعب السودانى ومن دافع الضرائب، فلماذا لا يكشف على الملأ حجم ميزانيتها ومنصرفاتها وخسائرها ولماذا لا يعين فيها سوى (الكيزان) وحدهم وابناء ازلام النظام وأبناء الأرزقيه فى احزاب (الشقق المفروشه)، كمذيعين ومراسلين فى محتلف دول العالم؟
    بالطبع هناك استثناءات قليله، لكنهم لا يخرجون عن فئة المنافقين والمطبلاتيه والأرزقيه فى كافة المجالات سياسيه ورياضيه ودينيه وأجتماعيه .. والشروق مرت من هنا .. هذا البرنامج الذى يسئ للشعب السودانى، بطرحه لأسئله ساذجه وبما يقدمه من هدايا جهاز تلفاز أو عصارة فواكه، يتخلل تقديمها الصفقه والزغاريد وأحيانا (الله أكبر) على طريقة الكيزان.
    • صوره لمنظمة الشفافيه الدوليه.
                  

07-20-2012, 12:51 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    أبعد من مجرد "ربيع عربي" ...

    بقلم: خالد التيجاني النور
    الخميس, 19 تموز/يوليو 2012 10:05

    [email protected]

    سارع الجميع, حكومة ومعارضة وإعلاماً, للوقوع في فخ التبسيط المخل في لجة البحث عن توصيف يناسب تمنيات كل طرف لحال الاحتجاجات التي يشهدها السودان وتوقعاته لمآلاتها, بين المبالغة في الحط من شأنها كما هو حال الخطاب الحكومي, واستعجال بعض الأوساط المعارضة إظهار الاستعداد لحصد ثمارها بحسبانها المسمار الأخير في نعش النظام, ومسارعة البعض لا سيما في الوسائط الإعلامية المختلفة إلى استدعاء مسار ثورات الربيع العربي، ومحاولة إسقاط الحالة السودانية الاحتجاجية الوليدة على الحالة الثورية العربية.

    ومهما يكن أمر الذين سهروا جراء هذه الاحتجاجات واختصموا في شأن وصفها وتسمياتها ومآلاتها جدالاً على مرجعية ثورات "الربيع العربي" أو نفي ذلك, فإن المشترك بين هذه الأطراف هو أن الجميع انصرف إلى الانشغال بظاهر هذا الحراك على حساب مضامينه الحقيقية. إ ن آوان التغيير قد أزف, وسيرة الاجتماع البشري وعظاته تؤكد أنه ما أن تبدأ عجلة التغيير في الدوران فلا شئ يوقفها, فالثورات ظاهرة اجتماعية وسنة كونية، وحق مطلوب مركوز في النفس البشرية المجبولة على الحرية, وهي لا تحدث صدفة, لا تصنعها المعارضة من عدم ولا تمنع حدوثها السلطات مهما عظم جبروتها. وما أن يحدث اختلال كبير في توازن أي مجتمع حتى تبدأ فيه حركة التغيير التي لا يمكن تفاديها من أجل استعادة توازنه.



    والشعب السوداني وحده من بين شعوب المنطقة من لا يحتاج لأن يتعلم من غيره متى ينتفض أو كيف ينجز ثورة, بل يؤهله لأن يكون رائداً الرصيد التاريخي الثوري للسودانيين الذين استبقوا عصر الربيع العربي بنصف قرن في ثورة أكتوبر المجيدة التي أعادوا تجديدها بانتفاضة أبريل قبل ربع قرن, وهو ما يشير إلى فاعلية الإرادة الشعبية وقدرتها على إحداث التغيير, وتراكم خبرة العمل الثوري وديناميته, ومع ذلك لا يمكن إنكار أن الاحتجاجات السودانية استلهمت هذه المرة روح ثورات الربيع العربي التي شكلت عاملاً مشجعاً للعناصر الشبابية السودانية على وجه الخصوص بفضل ثورة التواصل المعلوماتي والإعلامي.
    ومن المؤكد أن ثورات الشباب العربي ألهمت نظرائهم في السودان, وهو تأثير لم يسلم منه حتى شباب حزب المؤتمر الوطني الحاكم, ومن باب التذكير لقادة الحكم الذين ينكرون على الشباب المنتفض اليوم حراكهم, أن ننعش ذاكرتهم بمحاولة الحراك الداعية للتغيير التي قادها شباب المؤتمر الوطني من داخل أروقة حزبهم في بواكير العام الماضي في خضم الزخم العاتي لانتصار الثورات الشبابية في تونس ومصر وعنفوانها في اليمن وانطلاقتها في ليبيا وسوريا, وكان من الطبيعي أن يبادر "شباب الإسلاميين" إلى التململ وهم يرون حركتهم القابضة على السلطة في السودان في الجانب الخاسر من حركة التاريخ, في وقت يعلو فيه نجم شقيقاتها في المنطقة.



    صحيح أن ذلك الحراك الشبابي داخل الحزب الحاكم لم يُكتب له الوصول إلى مبتغاه، حيث سرعان ما استسلموا لسطوة الطبقة الحاكمة الرافضة لإحداث أي إصلاح, ولكنه مع ذلك لم يكن حراكاً بلا مردود, فقد كان من قوة تأثيره حينها أن الرئيس البشير تعهد أمامهم في حوارات ساخنة أجراها معهم مباشرة بتبني أجندة للإصلاح وفق التزامات محددة من بينها عدم ترشحه لدورة رئاسية جديدة, ومحاربة الفساد المستشري, وإحلال عناصر شبابية في هرم السلطة، مطلقاً وعوداً بعدم التجديد لمن تعدى الستين من العمر أو بقي في السلطة أكثر من عشرة أعوام, وذهب إلى حد تبنيه ترشيح عنصر شاب لم يسمه لخلافته في مفاجأة بدت من العيار الثقيل حينها لتخطيها ما كان مفهوماً من أن مسألة خلافته محسومة. بالطبع أثبتت التطورات اللاحقة أن كل تلك الوعود بقيت حبراً على ورق، ولم ينفذ منها شئ على الإطلاق, ولهذا السبب تحديداً أعني مقاومة الطبقة الحاكمة لأية عملية إصلاحية مهما كانت محدودة الأهداف ومتواضعة المردود وغير مستعدة للاستماع حتى لمطالب الشباب الملتزمين بخط الحزب على الرغم من الإقرار بوجاهة دعواهم للإصلاح مما كشفت عنه استجابة الرئيس البشير حينها لحراكهم, هو الذي جعل أزمة الحكم الراهنة تصل إلى مرحلة اللاعودة.
    وعلة المؤتمر الوطني المزمنة التي ستقضي عليه لا محالة هي عجزه عن الخروج من هذه الحالة المرضية من الافتقار لأدنى حد من الإرادة لإجراء أي قدر من الإصلاح مهما صغر, أو التحلي بشئ من الجرأة للتجديد في شرايينه. لقد بدا متقناً للعبة واحدة لإطالة عمره في السلطة هي عقد صفقات مع من يرى فيهم مهدداً لاستمرار قبضته, ولكنه ظل غير مستعد علي أية حال للمضي ولو خطوة واحدة جدية في طريق الإصلاح, ولذلك تكلست قدراته السياسية، وشاخت عقليته وتيبست مفاصله، وتجمد عند مرحلة "طفولته السلطوية" ولا يزال يمارس الحكم بالنهج والاسلوب ذاته، ومطاردة طوارئ الاحداث ومحاولة الهروب إلى الأمام من ازمة إلى أزمة، وهو أمر يفترض أنه مقبول في أول سني العهد بالسلطة ريثما يتعلم الحكام فن إدارة الحكم, ولكن أن يظل هذا هو الحال بعد ربع قرن يفترض أنها فترة كافية لإنتاج رجال دولة أكفاء يتقنون اصول لعبة السلطة ويدركون كيف يحلون الأزمات، لا ان ينتجوها, فهذا ما لا يجد له المرء تفسيراً.

    اللهم إلا إصرار "تضامن الطبقة الحاكمة" على البقاء معاً أو الذهاب معاً, الذين يعز عليهم الإيمان بالتبادل السلمي للقيادة حتى داخل حزبهم، ويقاومون أية محاولة للتجديد فيها حتى ولو أدى ذلك إلى ذهاب ريح سلطة الحزب, فكيف ينتظرون من الناس أن يصدقوا أنهم مؤمنون حقاً بالتبادل السلمي لسلطة الحكم وهم ينكرونها على رفاق دربهم؟! لقد راجت لحين مقولة "ثوابت الإنقاذ" التي لا حياد عنها وكان الظن أنها مبادئ وأفكار وبرامج للحكم, ثم تبين أن التفسير الوحيد المنطقي لتلك الثوابت هو محافظة نخبة الطبقة الحاكمة على بقائها في السلطة، جامعة مراكز القوة كلها تحت جناحها فهم الأشخاص أنفسهم الذين يتولون قيادة "الحاءات الثلاث" الحكم, والحزب, والحركة، ويبدو أن "حواء الإسلاميين" قد عقمت من بعدهم!!.


    ومن عجب أن الحزب الحاكم لا يبدو مستعداً للإقدام على أي قدر من الإصلاحات الجدية فحسب, بل يمارس نوعاً غير مسبوق من التنكر ليس لمطالب غيره، بل حتى للتعهدات التي يقطعها على نفسه أمام الملأ, وهي حالة لا يمكن تبريرها اللهم إلا إذا بلغ به فقدان الحس السياسي, والافتقار إلى إرادة الإصلاح, العجز عن الفعل بسبب توازن صراع مراكز القوى داخله حداً يجعله يفضل الجمود المفضي إلى الفناء بطبعه, بدلاً من الحراك نحو التغيير طلباً للنجاة.
    وليس سراً أن الحزب الحاكم بدا متوجساً لأول مرة ومتطيراً من عواقب إجراءاته القاسية, ولذلك تلكأ في تمريرها حتى قضى على المقاومة الداخلية لها في أروقة الحزب وأجهزته, وعمد إلى تسويقها للرأي العام بحسبانها جزءًا من عملية إصلاح وتغيير شاملة، موحياً بأن النخبة الحاكمة ستدفع قسطاً من ثمن الإصلاحات الموعودة. ثم ما لبث أن غشيته حالة طمأنينة مشوبة بالحذر وقد أحس أن درجة مخاطر رد الفعل الأولى للاحتجاجات جاءت أقل من توقعاته إلى درجة جعلت قادة الحكم يتراجعون سريعاً عن الإلتزام بتعهداتهم العلنية بين يدي إعلان تلك الإجراءات، بعزمهم على إجراء تقليص شامل في هياكل الحكم المترهلة بحسبانها شرطاً مكملاً لعملية "الإصلاح" المفترضة التي وقع عبؤها بالكامل على كاهل المواطنين. والملاحظ أن تلك الإجراءات عندما تعلقت التزاماتها بالمواطنين سارعت السلطات إلى تطبيقها فوراً بحجج واهية دون انتظار إقرارها من البرلمان المهيض الجناح, الذي لم ير الجهاز التنفيذي داعياً حتى شكلياً لاحترام دوره,


    ولكن ما أن جاء الدورعلى الطبقة الحاكمة لدفع ثمن سهمها في تلك الإصلاحات "المفترضة" حتى تلكأت أسابيع على الرغم من الوعد بأن تقليص الجهاز التنفيذي في المركز والولايات بنسبة تقارب النصف سيتم في غضون أيام قلائل, وذهب البرلمان الذي كان ينتظر وعد التقليص "الدرامي" في عطلة مجيدة لا يبالي بمصير البلاد الذي قيل انها ستكون على شفا الانهيار ما لم يقم المواطنون الخاوية جيوبهم بملء خزينة الحكومة المفلسة. وتم استيلاد الجهاز التنفيذي بكل هياكله المترهلة في المركز والولايات في خطوة أصبحت مثار تندر المجالس, بعد أن استقر في روع النخبة الحاكمة أن هوجة التغيير الكاسحة التي كانوا يتوجسون منها مرت بسلام, فلماذا يفتحون على أنفسهم صندوق باندورا بالإقدام على تغيير قواعد اللعبة في ظل تنافس محموم بين مراكز القوة في السلطة التي لا يبدو أن أي طرف منها مستعد لدفع استحقاقات الإصلاح. ولا عزاء للذين أحسنوا الظن وكانوا يمنون أنفسهم بأن يقدم الحكم على درجة من الإصلاح تكفل الاستقرار وتكفيهم مؤونة البحث عن بديل في مستقبل مجهول في أجواء تغيير يتأكد كل يوم أنه محتوم لا يمكن تفاديه, لان نواميس الطبيعة لا تعرف الجمود ولا الفراغ.


    ومن عجب أن تُري الطبقة الحاكمة شعبها هذا القدر من العجز عن الوفاء بتعهداتها على نفسها، ثم تنتظر منه أن يظل ساكناً صامتاً مسبحاً بحمد سلطتها التي لم تحقق له شيئاً, بل باتت تفرض عليه دفع ثمن أخطائها الباهظة وفشلها في إدارة مسؤوليات الحكم. وما هو أكثر غرابة ما يسوقه قادة الحكم من تبريرات في التقليل من شأن الشباب المنتفض حتى ليكاد المرء يستغرب من مدى التحول عن الرؤية السوية الذي تحدثه لوثة السلطة المطلقة في النفس البشرية, وحالة الانعزال الشعوري والحسي الذي يتلبس الطبقة الحاكمة, وكان من المكن إيجاد عذر لذلك لولا أن عدداً كبيراً من "الإسلاميين الحاكمين" اليوم ما كانوا ليبلغوا هذا المقام من حظ الدنيا لولا أنهم وقفوا ذات يوم في مقام هؤلاء الشباب الثائرين في مواجهة السلطة المتجبرة. أليس عجيباً لمن كان ثائراً ذات يوم ينشد الحرية والكرامة والتغيير أن يضع نفسه مختاراً في مقام من كان يقاومه ويثور ضده, وينكر على هذا الجيل أن ينهض ثائراً من أجل غد أفضل لوطنه؟. ألهذه الدرجة تعمي السلطة الأبصار عن الإدراك السوي إلى "إنكار ضوء الشمس من رمد" بمظنة وهم الخلود في السلطة, ما كانوا يحتاجون ليتعلموا من غيرهم بل كان يكفيهم أن ينظروا في سيرة ماضٍ كانوا جزءًا منه, ما الذي يجعل ثورتهم يومها حلالاً, وثورة شباب اليوم حراماً؟!!


    ولا تحسب قيمة الحراك الاجتماعي بالكم والأعداد, وإنما بتوفر مقومات وإرادة التغيير، وهو شأن الطليعة قليلة العدد في كل مجتمع فهي التي تقود عملية التغيير, ومن عجب أن يستهجن قادة الحكم مقللين من شأن أعداد المتظاهرين ناسين أن "الحركة الإسلامية" التي يحكمون باسمها اليوم لم تكن إلا نفرا قليلا, وما كان سيكون لها شأن لولا أن تلك "الشرذمة القليلة" أسهمت في ثورة أكتوبر, قبل أن تتنكر لرصيدها الثوري وانحيازها لقيم الحرية والعدل حتى كادت تضبط متلبسة بالتحالف مع نظام عسكري لولا أن أدركتها العناية الآلهية قبل أسابيع قليلة من انتفاضة أبريل, وها هي "الحركة الإسلامية السودانية" تجد نفسها اليوم مرة أخرى في الجانب الخاطئ من التاريخ, يصعد نجم رصيفاتها في المنطقة على أجنحة ديمقراطيات الربيع العربي, في حين تكابد هي هنا لتنجو من مصيرعتاة الديكتاتوريات العربية التي قررت عن طواعية أن تكون في صفها.


    ومشكلة الحكم الرئيسية ليست المظاهرات الاحتجاجية فحسب, بل عدم قدرته على الخروج من حالة الانسداد والاحتقان والتدهور الاقتصادي الخطيرة الناتجة عن سوء الأداء السياسي وتواضع كفاءة قدرات الحكم في القيام بمسؤولية إدارة الدولة, وهو ما قاد إلى الوضع المأزقي الحالي. والحزب الحاكم ليس في أحسن أحواله, فقد شهد العام الأخير خسارته رهانات مفصلية في قضية الوحدة والسلام أدت إلى تآكل مشروعيته السياسية, وتراجع قدراته على إدارة دولاب الدولة, وليست الأزمة الاقتصادية الخانقة سوى دليل على مدى العجز عن التحسب لمآلات تقسيم البلاد, والفشل في توقع تبعاتها وتداعياتها. والواضح من سياق تعاطي الحكم خلال الفترة الماضية من عمر الاحتجاجات أنها تسير على النهج ذاته الذي اتخذته الأنظمة المتساقطة القائمة على الإنكار والتبرير، بدلاً من مواجهة الأسئلة الملحة, ودفع استحقاقات التغيير.
    والإنكار على المحتجين حقهم في التعبير ومطالبتهم بالتغيير السلمي, والتضييق عليهم وقمعهم بدعوى منع التخريب أمر يجانبه الصواب, اللهم إلا إذا أرادت السلطة منهم أن يتحولوا إلى الاحتجاج العنيف والمسلح حتى تستمع إليهم وتفاوضهم.

    فقد عهد الناس من الحكم القائم أنه لا يستمع لناصح أمين ولا لطالب إصلاح أو تغيير بطريق سلمي, وتراه في الوقت نفسه يضرب أكباد الإبل ويجوب العواصم ويصبر صبراً جميلاً ليفاوض المتمردين الذين يحملون السلاح ضده وينازعونه سلطته عنوة, ويشهد على ذلك العدد الهائل من مفاوضات السلام والاتفاقيات التي لا حصر لها التي توقعها السلطة مع من يحملون السلاح, والتي تؤهلها لتتبوأ مكانة متقدمة في موسوعة جينيز للأرقام القياسية, وتفتح لهم أبواب القصر شركاء في السلطة والاستوزار معززين مكرمين, أما الويل والثبور فلشباب الجامعات الذين لا يملكون إلا عقولهم المستنيرة, وإرادتهم الحرة, فلماذا تصادر آمالهم في التغيير أليسوا هم من تنتظرهم الامة ليحملوها إلى المستقبل؟ أم تريد السلطات أن تفرض عليهم حمل السلاح حتى يصبحوا مؤهلين للتفاوض معهم وتلبية مطالبهم.


    أما أن السودان في حاجة ماسة غير مسبوقة للتغيير, حتى ولو لم يكن هناك محتجون فهذا ما لا ينتطح فيه عنزان. وأما أن البلاد في حاجة لاستحقاقات أجندة للتغيير هي أكبر من مجرد تغيير نظام حكم بآخر, فهذا مما لا بد منه, ما يحتاجه السودان أكثر من مجرد "ربيع عربي", وأبعد بكثير من مجرد إسقاط نظام هو آخر تمثلات النظام السياسي السوداني القديم بكل إسقاطات فشله في صناعة الدولة الوطنية على تعاقب حقبه الحاكمة والذي انتهت مشروعيته الفعلية بتقسيم البلاد وانتشار التمرد المسلح فيما بقي منها.
    ما يحتاجه السودان اليوم تغييرا حقيقيا لا ينفع معه الترقيع، يقود إلى تعاقد الجماعة الوطنية على تواثق جديد كلياً لبناء أمة متماسكة, وإعادة تأسيس الدولة, وهيكلة السلطة على قواعد منظومة حكم راشد فعلي. و"الإسلاميون" اليوم بمختلف مللهم ونحلهم أمام تحدٍ مصيري بين خيارين لا ثالث لهما إما أن يكونوا جزءًا أصيلاً من عملية التغيير المحتوم, أو أن يكون فيها ذهاب ريحهم.


    عن صحيفة (إيلاف) السودانية
    الأربعاء 18 يوليو 2
                  

07-20-2012, 06:33 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    وعلى نفسها جنت حكومة الإنقاذ
    07-20-2012 06:28 PM


    وعلى نفسها جنت حكومة الإنقاذ

    منى بكري أبوعاقلة
    [email protected]

    لا أعتقد أن بلادنا واجهت، من قبل، مثلما ما واجهته في عهد حكومة الإنقاذ من فشل وفساد وسوء إدارة وسياسات خاطئة منذ استقلالها في عام 1956م ومروراً بكل الحكومات المتعاقبة، ويمكنني أن أقول وبكل فخر فقد نالت حكومة الانقاذ وبجدارة شرف أفشل حكومة مرت على تاريخ السودان الحديث والقديم. أثبتت حكومة الإنقاذ فشلها في إدارة الدولة بعد أن تراكم العجز والإخفاق ل 23 عاماُ تفتقت فيها عبقرية الإنقاذ في الإتيان بكل جديد وحديث من ألوان الفشل لم نعهدها من قبل. وللأسف أنها جاءت بشعارات اسلامية ولكنها أفرغتها من كل معانيها، ونجحت بامتياز في تقسيم البلاد وتفتيتها وجرها إلى درك المعارك والحروب التي لا تنتهي، فما خمدت حرب الجنوب حتى اندلعت حرب دارفور ثّم النيل الازرق وكردفان ولا ندري أين ستندلع من بعد، وأصبحت البلاد ترزح وتنوء بالاحتلال الاجنبي في الفشقة وحلايب هذا غير سياسات ما يعرف بالبيع لملايين الافدنة للسعوديين وللكوريين وللقطريين وللمصريين، ناهيك عن الضربات الجوية المتكررة التي نتلقاها من إسرائيل بالصواريخ والطائرات في وضح النهار ولا نعرف أين ذهبت ميزانية الامن والدفاع التي تتجاوز 87% خصماً على ميزانية الصحة والتعليم والعمل. ويبدو أن البلاد أصبحت مرتعاً خصباً للنهب والطمع وذلك بفضل سياسات الإنقاذ الخرقاء.


    وأسوأ ما حدث خلال ال23 عاماً، هو أن حكومة الإنقاذ لم تلق بالاً للمواطن السوداني والتي أدعت أنها جاءت لإنقاذه، ولم تحاول حتى أن تسلك السبل الممكنة لتخفف من معاناته التي سببتها سياساتها الرعناء الخاطئة، ولم تفلح سوى في جلب المزيد من البدع والمحن والمصائب والكوارث التي تثقل على كاهل المواطن السوداني وتزيد من آلمه ومعاناته. وبدلاً عن ذلك، اتبعت الإنقاذ سياسة تشريد وتجويع وقتل وإبادة وسجن واعتقال واختفاء قسري وتعذيب وكل ما جادت به قريحتها، مسخرة في ذلك كل طاقاتها وقوانينها ورجالاتها لتتفنن في خلق المعاناة وجعل المواطن المغلوب يتحمل وحده مصائب الظلم والتهميش والإقصاء العرقي ويتعهد بدفع ضريبة الفساد ويساهم في حل مشاكل الإنقاذ الاقتصادية والمالية والسياسية.
    وفي ظل هذه الأوضاع الضاغطة تثبت حكومة الإنقاذ يوماً تلو يوم، أنها عاجزة وفاشلة ويائسة وقد عصفت الإنقاذ نفسها بنفسها وأنذرت بزوال حكمها في أي لحظة، ولم تحاول التصرف بذكاء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وهي في الرمق الأخير، حيث كان بإمكانها مواجهة اختلالات زيادة الأسعار على الأقل، ومحاسبة المتلاعبين بقوت الشعب، هذا إن لم تكن هي نفسها قد ساهمت في ذلك نتيجة زيف غرورها وصلفها، وحيث تفاقمت الأوضاع وازدادت مأسأة المواطنين، عندها لم يجدوا بداً من الخروج إلى الشارع أفراداً وجماعات من كل ولايات السودان حيث توحدت إرادتهم وكلمتهم وكسروا حاجز الخوف، "طلعنا الشارع وما في رجوع..لا للفقر ولا للجوع"، انقضى شهراً من عمر الثورة، أثبت خلاله الشباب الثوار تفوقهم واستزافهم لقوة وطاقة الأجهزة الأمنية، وأعلنوا ألن توقفهم الاعتقالات أو التعذيب أو القتل وسيستمرون حتى يحققوا أهدافهم التي خرجوا لها.
    وفي الأخر أؤكد أنه هذه هي بداية النهاية لحكومة الإنقاذ، إن لم تكن هذه النهاية التي أخطتها لنفسها، وذلك لأنها لم تتعلم كيف تتعظ وتستفيد من كثرة الأخطاء والمصائب التي افتعلتها على مدى السنوات الطوال، بل ما زالت تتمادى في غيها وضلالها، وذلك بفضل ضيق الأفق والغباء السياسي الذي جعل قادتها يعتقدون أنهم وحدهم المؤهلون للقيادة وأن رحم الأمة السودانية أصابه العقم من أن ينجب غيرهم. ولكن رحم الأمة السودانية لم ولن يصيبه العقم فمن أنجب أفذاذاً ينضحون بالوطنية والشفافية، يحترمون أبناء جلدتهم، تولوا أرفع المناصب ومنهم من توفى في بيت إيجار، فقيراً، لم يدخر فلساً لأولاده، ولم تكن لهم قصوراً وشركات وبلايين الدولارات خارج البلاد، مثل هذا الرحم لا يعرف العقم. هنيئاً للثوار بما أحرزوه من تقدم وثبات، إلى الأمام وثورة حتى النصر
                  

07-20-2012, 11:29 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الصحافة السودانية تعيش حالة حصار! ..

    بقلم: محجوب محمد صالح

    رغم أن ثورة المعلوماتية والتقنيات الجديدة قد تجاوزت حدود الزمان والمكان وأحالت العالم إلى قرية واحدة –حقيقة لا مجازاً– ورغم أن العولمة قد سادت العالم سياسياً واقتصادياً مما أدى إلى تآكل سيادة الدولة القُطْرية فصدرت قوانين تطبق عالمياً على كل الدول وأُنشئت محاكم دولية امتد اختصاصها إلى داخل الدولة القُطْرية –رغم ذلك كله فإن بعض الدول تعيش حبيسة الماضي أسيرة لممارسات عفا عليها الدهر وانتهى عمرها الافتراضي– فما معنى أن تفرض دولة ما رقابة على صحافتها الداخلية في وقت هي تعلم تمام العلم أن الأثير باتا مفتوحاً أمام الجميع وأنه يخاطب الناس داخل البيوت مخترقاً الحدود بلا استئذان، ناقلاً الحدث بصورته لحظة وقوعه متابعاً له بالشرح والتحليل ومعقباً عليه بما يشاء – ولا تستطيع أي دولة أن تغلق تماماً مسالك هذا الوافد الجديد.


    فرض الرقابة على الصحافة الورقية في بلد ما تحت هذه الظروف عبث لا طائل وراءه وجهد ضائع ونتائجه السالبة أكثر من أن تحصى وليس له من نتيجة واحدة إيجابية وضرره يعود على المجتمع وعلى الدولة وعلى الصحافة دون أن ينجح في تحقيق (التعتيم) الذي تهدف إليه السلطات الحاكمة.


    الصحافة التي تُمارس ضدها هذه الإجراءات تضار من هذه السياسات بالطبع لأنها تفقد ثقة القارئ فالأحداث تقع والناس يسمعون بها والقنوات الفضائية تنقلها لحظة بلحظة ومواقع التواصل الاجتماعي تتابعها وتلاحقها والهواتف النقالة تبعث برسائلها بل وصحافة العالم الخارجي تنشرها تفصيلاً – ثم يتلفت القارئ صباحاً فيجد صحيفته المحلية خالية من تلك الأحداث لأن مقص الرقيب جال في صفحاتها وصادر كل سطر يشير للحدث وكأنما الذين يرسمون هذه السياسات القاصرة يعتقدون أن الحدث إذا اختفى في صفحات الصحف المحلية فقد اختفى من الوجود – القارئ يفقد ثقته في صحيفته ومصداقيتها لأنها لم تعد مصدر النبأ بالنسبة إليه وليس مكان التعليق الحر الذي يتجاوب مع واقعه وتتحول الصحافة إلى مجرد وريقات تحمل كلاماً فارغاً.

    الصحافة السودانية ذات التاريخ الطويل تعاني الآن من هذا الواقع المرير فما عادت تعبر عن واقع الحياة في السودان وأزمتها اليوم أزمة مركبة ذات أبعاد سياسية واقتصادية وهي تعيش حالة حصار يتهدد مستقبلها بصورة غير مسبوقة.

    وهي لا تعاني من الرقابة القبلية فحسب بل إن الحصار يطال كل مراحل صدورها فالكتاب والصحافيون يمنعون من الكتابة والنُسخ المطبوعة تصادر من المطابع والصحف تُمنع من الصدور بقرار إداري ولم يحدث في تاريخها الحديث الحافل بالمضايقات من السلطات أن تعرضت لكل هذه العقوبات في وقت واحد – والمنع من الكتابة يصادر حقاً أساسيا للمواطن بل هو واقع ينتهك حق الصحافي في ممارسة مهنته، ومصادرة الصحف بعد طباعتها هي عقوبة القصد وراءها إلحاق خسائر مالية بمهنه تعاني أساساً من موقف اقتصادي سيئ وإغلاق الصحيفة بقرار إداري بعيداً عن مبدأ الاحتكام القضاء هو حكم بالإعدام على الصحيفة.

    والآن ورغم كل هذه الأزمات ذات الطابع السياسي باتت الصحافة السودانية مواجهة بأزمة أشد خطورة هي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تهدد المؤسسات الصحافية السودانية بالانهيار وقد ظهرت مؤشرات هذا الانهيار جلية عندما اضطرت بعض الصحف للتوقف عن الصدور بل وتصفية أعمالها بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها وهي جزء من الأزمة الشاملة التي يعيش فيها السودان منذ فقدت عائدات نفط الجنوب الذي انفصل عنه، وقد انخفضت قيمة الجنيه السوداني إلى نصف ما كانت عليه ونتيجة لذلك تضاعفت تكلفة إنتاج الصحيفة وما عاد عائد بيعها يساوي إلا جزءاً يسيراً من تلك التكلفة وعائد الإعلان متواضع ومرشح لمزيد من الانخفاض بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد وتوزيع الإعلان أصلاً لا يتم على قاعدة من الإنصاف والقارئ المحاصر اقتصادياً بالغلاء المتزايد لا يحتمل زيادة سعر الصحيفة، والنتيجة الحتمية لهذا الحصار السياسي والاقتصادي أن توقفت صحف عن الصدور وشرعت في تصفية أعمالها وهناك صحف أخرى مهددة بنفس المصير ولجأت صحف أخرى (لتخفيض العمالة) ضغطاً للإنفاق مما أدى إلى تشريد العشرات من الصحافيين،


    والعاملون منهم ما باتوا يضمنون الحصول على رواتبهم، ونحن عندما نتحدث عن الصحافة السودانية إنما نتحدث عن مؤسسة تجاوز عمرها القرن من الزمان لعبت دوراً رائداً في التوعية والتنوير وفي بناء الحركة الوطنية وتحقيق الاستقلال وفي الدفاع عن الحقوق والدعوة للحوار الوطني وللاستنارة وللعدالة والتنمية ولكنها تجد نفسها الآن تواجه حصاراً يهدد حياتها فهل نسمح لهذه التداعيات أن تقود لانهيارها تماماً؟ هذا سؤال يشغل بال الكثيرين وليس في الأفق بوادر إجابة شافية له.
                  

07-22-2012, 06:33 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    حصل فى يوم ما كذبت عليكم

    الرئيس وقرينه "تجتوج"


    07-22-2012 12:53 AM
    سيف الدولة حمدنا الله


    لا يتوقف الشبه بين الرئيس البشير ومقدم البرامج الهزلي "تجتوج" على الهيئة والمنظر وحدهما، إذ يمضي ذلك الى إسلوب كل منهما في مخاطبة الجمهور، حتى يستعصي على المرء أن يُدرك من منهما يقلد الآخر، فكلاهما يُلقي بالأسئلة على الجمهور بالكيفية التي تُوحي بالإجابة عليها، فالممثل "تجتوج" يطرح أسئلة تقريرية في البرامج التي يقدمها للأطفال لم تتطور منذ ظهوره بتلفزيون عجمان قبل عقد ونصف وحتى اليوم، فهو يصرخ في الأطفال : " جاهزيين يا حلوين؟؟"، ثم يردف سؤاله بآخر من جنسه دون أن يأبه بالإجابة أو ينتظر صدورها من الأطفال: "مستعديين يا شاطرين؟؟" ويجيبه الأطفال في حماس و بصوت واحد: "نععععم"، ثم يختم سيل أسئلته بلزمتة التي تقول :"أيوووة".

    للرئيس طريقة في إشراك جماهير حزبه في خطبه الجماهيرية بطرح أسئلة عليهم لا تختلف في شيئ عن طريقة "تجتوج"، وقد لاحظت تنامي هذا الإسلوب عند الرئيس في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة، إذ بدأت هذه المتلازمة عنده بإلقائه لأسئلة ذات طبيعة "بدهية" وفي غاية السهولة على جماهير حزبه، كأن يقول " الرزق عند منو يا جماعة ؟" فيجيبه الجمهور: "من الله"، أو يقول: " نحن بنخاف من زول غير الخالقنا؟؟" فتأتيه الإجابة : "أبدااااً" فيبتسم الرئيس لفطنة شعبه وذكائه ثم يمضي في حديثه قبل أن يتبادر إلى ذهته سؤال آخر فيلقيه عليهم.

    هذه المقارنة الهزلية لا بد أن تجول بخاطر المرء كلما شاهد أحد بطليها (تجتوج أو البشير)، ولكنني – شخصياً - أمسكت عن الحديث عنها لكي لا يقال بأننا نهزأ من خلق الله بلا سبب، بيد أن الذي دفعني للتعرض لها هذه المرة هو ظهور "تجتوج" على إحدى القنوات السودانية مع تباشير شهر رمضان بالتزامن مع إنتشار شريط فيديو بمواقع الإنترنت يحتوي على لقاء جماهيري للرئيس يقوم فيه بتوجيه سؤال للشعب لا بد من التوقف عنده بقوة لبيان مدى الغفلة وعالم "زين" الذي يعيش فيه الرئيس، يقول السؤال :"هل حصل يا جماعة أنا يوم كذبت عليكم؟؟".

    الواقع أنه من العبث أن نُهدر وقتاً في التدليل على بيان كذب الرئيس لا من حيث النوع ولا المقدار، فقد أصبح كذبه معلوماً لدى الناس بالضرورة، فقد بدأ مشواره الرئاسي بكذبة معلومة لدى الكافة، وهو يزداد شراهة في الكذب يوماً بعد يوم، بيد أن الذي يستحق الإهتمام بالبحث هو (الجرأة) التي يستطيع بها الرئيس أن (يبلع) بها كلامة بالسهولة التي يبلع بها (ريقه)، ولعل الحظ قد لازم الرئيس في كل المرات التي كذب فيها على شعبه، إما بحدوث مستجدات في الظروف التي صدر فيها القول أو القسم الكاذب تسهٌل له فرصة الحنث به، أو مجرد نسيان الناس بتقادم الزمن عليه (أقسم الرئيس بأنه سيترك الحكم ويتحول لمقاتل في حال دخول جندي أجنبي واحد تابع للأمم المتحدة في دارفور، وقال أن باطن الأرض خير من ظاهرها).

    قد يكون كل ما ذكرنا قد صار في ذمة التاريخ الذي ضاع وسط أكوام الفشل التي غطت عليه، بيد أن الذي فتح هذا الباب من جديد هذه المرة هو القسم الذي أطلقه الرئيس قبل أسابيع قليلة ولا يزال صداه يتردد في الآذان، ففي الخطاب الذي ألقاه الرئيس بمناسبة (معركة) هجليج، قال الرئيس بالحرف : "نحن بنقول للحشرة الشعبية إنه بترولكم ما حا يمر بأراضينا حتى لو قسمتوه معانا النص بالنص"، ثم مضى يقول وسط صيحات النشوة والفرح لمناصريه : "نحن تاني ما حا نقعد معاهم في طاولة مفاوضات وأنا من هنا بوجه وفدنا بالعودة فوراً وإيقاف كل المفاوضات مع الحشرة الشعبية، ويا نحن ياهم، يا هم دخلوا الخرطوم يا نحن دخلنا جوبا".

    هذه المرة لم يمض الوقت الكافي بين حديث الرئيس وضبط كذبه، وحنثه بقسمه وكلمته، فقبل أن يجف حلقه من الشتائم للحركة الشعبية (ردت عليها مجندة من الحركة الشعبية بأسوأ منها)، عاد وفد الإنقاذ لمائدة المفاوضات، هكذا، من نفسه لنفسه، ثم ذهب البشير بنفسه لزيارة سيلفاكير في مقر إقامته بالعاصمة أديس أبابا، ولم يجد الرئيس حرجاً في أن يُظهر ذلك المقدار من البشاشة واللهفة التي كشف عنها من يقال له رمز عزة السودان وهو يصافح الرئيس "سيلفاكير" بكلتا يديه لا بيد واحدة.

    ليست المشكلة في كذب الرئيس، فذلك لم يعد خبر، المشكلة في الذين يهللون ويكبرون حين يسمعون الكذبة، ثم يزيدون في التهليل والتكبير حين يقول بما يكشف حقيقتها، وفي إحدى المواقع الإلكترونية كتب واحد من مناصري حزب البشير يقول: "البشير يوافق على عودة ضخ البترول... يالله يا ناس المعارضة موتوا بغيظكم"، ولا يعرف ذي الغفلة هذا أن الذي مات هو الوطن لا المعارضة وحدها.

    سيف الدولة حمدناالله
                  

07-22-2012, 06:59 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    جهاد الجُهلاء.. والصفقات الأمنية القذرة.. متى يدرك هؤلاء قيمة العدل..؟

    جهاد الجُهلاء.. والصفقات الأمنية القذرة.. متى يدرك هؤلاء قيمة العدل..؟





    07-22-2012 12:41 AM
    خالد أبو أحمد

    قبل أيام مضت بينما كنت أتصفح أحد المواقع السودانية إذ لفت نظري خبر بعنوان " مقاتلو (الحركة الإسلامية) - السائحون- يجتمعون للتعبير عن أشواقهم وحنينهم للأحراش ومعالم مشروع الحركة الحضاري"..

    وقفت كثيراً في هذا الخبر باندهاش شديد متأملاً في كل كلمة فيه.. مثل المرء الذي لا يصدق نفسه وهو في المكان المعين ويستبصر مكامن تواجده إن كان في حلم أو في يقظة..تقريباًُ هذا هو الشعور الذي انتابني خلال قراءتي لهذا الخبر المعني باجتماع كبير وقد حدث بالفعل بين من سموا أنفسهم (مقاتلون) يتبعون لجهة اسمها (الحركة الاسلامية) والتي كنت أحسبها قد ماتت وشعبت موتاً واو انتحت جانباً من الأحداث حياءً من الشعب السوداني الذي قتلت منه ما قتلت وأحرقت منه ما أحرق من بيوت وقرى، ونكلت منه ما نكلت من اعترض منهم على ما قامت به وقد لبست ثوباً اسمته (الانقاذ الوطني).

    هؤلاء المقاتلون سامحهم الله كأني بهم وأصحاب الكهف الذين عاشوا أكثر من ثلاثمائة سنة ويزيدون لا يدرون ما يحدث خارج كهفهم، هؤلاء المقاتلون هداهم الله وأصبغ عليهم نعمة البصر والبصيرة لازالت لديهم الرغبة في الاجتماع على الشعب السوداني، ليقرروا في مصيرنا من جديد وإن بعضهم قد أعلن صراحةً كفره بالسياسة لكنه يعمل من أجل الحركة الاسلامية..!!.
    ..نعم زدت معرفةً والحمدلله بأن السودان فيه كهوف ضخمة وبداخلها بشر يُسمُون أنفسهم أبناء الحركة (الاسلامية) ويتحدثون عن مشروعها الحضاري، والأشواق والحنين للأحراش..!!.

    لا أدري إن كانوا يتحدثون عن الأحراش التي عشت فيها بنفسي أم يتحدثون عن أحراش أخرى لا أعرفها ولا أعرف الذين كانوا فيها، لكن على العموم إن كانوا يتحدثون عن الأحراش التي أعرفها فهذه حدثت فيها تجاوزات لا تشبه بمن يتسمى بالإسلام ويلبس رداءه من شاكلة اجبار الأطفال على المشاركة في حرب ضروس وأعمارهم ما بين (8 -14) أطفال في عمر الزهور لم نعرف الواحد منهم إن كان ذكراً أو أنثى..!، الأحراش التي أعرفها جيداً وشاهدت أفلامها (الخام ) كانت جنودها يقتلون الأسرى صغار السن، ويحرقون البيوت على من فيها مع صيحات التهليل والتكبير.

    هذا فضلاً عن الكثير من التجاوزات التي ستخرج للناس مستقبلاً بالأدلة التي تكشف عن ما يجري في دهاليز دولة الأنبياء الكذبة هؤلاء الذين يريدون أضاعوا البلاد ونشروا فيها الفساد.

    جهاد الجهلاء

    بعد 23 عاماً يخرج علينا أهل الكهف ويتنادون ليعبروا عن أشواقهم وحنينهم للأحراش ومناقشة معالم مشروعهم الحضاري، أكثر من عشرون عاماً وآلة النظام العسكرية تدك القُرى والبيوت بأحداث الأسلحة وتقتل من تقتل.. ولا يرون أن حركتهم الاسلامية هذه قد ارتكبت جرماً في حق أهل السودان الأطايب الشرفاء الذين اشتهروا دون شعوب الأرض بالسماحة والتدين والاخلاق والأمانة، ولم تُساء سمعتهم إلا عندما جاء هؤلاء في ليلة ظلماء استغلوا فيهم حبهم للدين وارتباطهم به.

    أن التعبير عن الأشواق للحرب والأحراش ولحظات القتال والتعبير عنها في اجتماع أو في متن خبر صحفي يحمل التهديد المبطن تؤكد جهل القوم بشرعية الجهاد ومفهوم القتال في الشريعة الاسلامية، وبهذا الفهم المغلوط للدين ولشريعته السمحاء تم قتل 300ألف مواطن سوداني في دارفور كلهم يشهدون بالشهادتين والكثير منهم يحفظ الكثير من القرآن الكريم، وليس بينهم يهودي ولا صليبي واحد، قتلوا لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة التي شرعتها الكتب السماوية و القوانين التي تنظيم حياة البشر، جلدوا البنات على مرمى من الطرقات العامة ..جلد بلا رحمة ظهر فيه الحقد الدفين، أكثر من 40 ألف إمراة تم جلدهن في عام واحد، هؤلاء الذين يريدون توحيد الحركة (الاسلامية) اغتصبوا الرجال والنساء في المعتقلات، لم يتورعوا أبداً في تصفية من يخالفهم الرأي، وبكل أشكال التصفية الجسدية والمعنوية.

    بالعنجهية والتّكبُر والعنصرية والجهل والعاطفة السلبية قتل النظام الكثير من السودانيين حتى الساحات التعليمية والجامعية والدينية لم تسلم من بطشهم، إذن أن مقاتلوا الكذبة الاسلاموية يعيشون في الواق الواق..!!.
    هؤلاء لا يقرؤن القرآن الكريم.. وإذا قروء لا يعقلون..لأنهم يٌكررون ذات المصير لأقوام قد سبقوهم من قبل.
    (..وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير)..

    لعل هؤلاء الحركيين (الاسلاميين) وهُم يتحدثون عن توحيد الحركة (الاسلامية) يرون أن الدماء الطاهرة التي أريقت في الجنوب وفي دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وفي أمري وكجبار ما هي إلا ماء زلال، وأن حكومة المشروع الحضاري قد كرمت هؤلاء الملايين الذيت قتلتهم بأن أراحتهم وقد استبدلت لهم الحياة الدنيا بنعيم الجنة والفردوس وإن كان ذلك حقيقةً لأنهم ماتوا شهداء من أجل الأرض والعرف والشرف.

    لكن ما بال هؤلاء المقاتلون يرون أن لهم حركة اسلامية ومشروع حضاري ينتظره أهل السودان..وما بالهم يعدوننا بالجنة والفدروس المقيم..يا بشرانا ويا نعيمنا ويا مستقبلنا المشرق..!!.
    يعني أن ملايين أخرى في الطريق من الشعب السوداني الفضل ستموت واقفة..
    وأن نساء كُثر سودانييات سيُغتصبن.
    ,ان قرى وبيوتاً كثيرة ستحرق، وأن بيوت الأشباح التي اعترف بها الرئيس وصلاح قوش ستبنى على طراز جديد يواكب عصر التقنية والمعلومات..!!.

    جهاز الأمن (الاسلامي) والصفقات القذرة..!!.

    أمس كتبت الطالبة والناشطة شموس الأمين على الفيس بوك بعد خروجها من المعتقل مباشره التي أعتقلت فى وقفة أسر المعتقلين امام جهاز الامن الأسبوع الماضي قالت للذين وقفوا معها لأطلاق سراحها من خلال الفيس بوك "والآن بعد التحايا والامتنان لكم/ن..اقول..تم اطلاق سراحي بعد صفقة قذرة مع عائلتي، تم اجبارهم علي توقيع تعهد لاطلاق سراحي مقابل سكوتي التام أو تشويه سمعتي عبر صور وفيديوهات مركبة إن واصلت نشاطي فيسبوكياً أو كنت حضوراً في أي تجمعات مستقبلية..غير القذارة التي يمارسونها معنا داخل المعتقلات يخضعوننا لضغوط اسرية هائلة,,هؤلاء حثالة البشر وازف اوانهم، وأنا ها هنا في الفيسبوك أو في أي تجمع وسأخرج وسأكتب وجميعنا في هذا الوطن لن نصمت علي انحطاطكم وارهابكم,,لانجونا ان نجوتم".

    وهذا الأسلوب ليس غريباً عليهم البتة وقد مُورس معي شخصياً بواسطة ضابط الأمن الالكتروني المدعو علاء الدين يوسف علي من مجموعة النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه الذين يقودوهم صلاح قوش رئيس المخابرات السابق عندما فضحت فسادهم وممارساتهم اللا إنسانية هددوني هاتفياً وبريدياً وكانوا يكيلوا ليّ السباب بأقبح الألفاظ، وعندما فشلوا في ايقافي عن الكتابة وتعريتهم دبلجوا ليّ شريطاً صوتياً فيه مقطع من صوتي والباقي تقليد وفبركة ونشروا الشريط الصوتي في اليوتيوب وتم تعميمه على الكثير من المواقع الالكترونية لقتلي معنوياً لكن انا لهم هذا..

    لم يُمارس هذا الاسلوب مع شخصي فحسب، بل مع العديد من الناشطين ضدهم، وقبل أيام هددوا سودانية أكاديمية تحمل الدكتوراة إحدى كنداكات السودان تنافح عن قضايا الشعب السوداني من خلال عضويتها في موقع سودانيزأونلاين، وقبلها دبلجوا اتصال هاتفي مع الزميل الصحفي الطاهر ابوحريرة من صحفية السوداني وقاموا بتقليد صوت نائب رئيس الجمهورية د. الحاج آدم يوسف، كما ديلجوا أشرطة صوتية كثيرة منها لقيادي بحزب الامة، ولقيادي آخر بحركة العدل والمساواة بعد سقوط منطقة هجليج زعموا فيه أن حركة العدل والمساواة هي التي دخلت هجليج، ويستمر جهاز الامن السوداني في محاولاته اليائسة لاسكات الشرفاء ولحجب الحقيقة عن الناس لكن السماء أقرب إليهم..

    وتتجدد الأسئلة المُلحة..!

    برغم أنني أكتب كثيراً عن مفارقات القوم وقد تعايشت مع أخبار فسادهم وإفسادهم وقد عشت من قبل لكنني برغم ذلك أتساءل في نفسي بإلحاح شديد أن الذين يريدون التعبير عن أشواقهم وحنينهم للأحراش ومعالم مشروعهم (الحضاري) الذي شبع موتاً بل رمياً في مزبلة التاريخ...أليس بينهم رجل رشيد..؟؟؟!!.
    وعلى شاكلة سؤال الفقيد الطيب صالح التاريخي من أين أتى هؤلاء..؟!!.
    هل هولاء يُصّلون كمال نُصلي ويصوُمون كما نصوم..ويعبدون الله كما نعبد..؟؟!!.
    هل مقاتلوا الكشرة الكشرية هذه.. يعيشون في الألفية الثالثة..أم في القرون الوسطى..؟!.
    هل هؤلاء يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق مثلنا..؟!.
    ويشاهدون القنوات الفضائية ويدخلون الفيس بوك ويستخدمون البريد الالكتروني..؟؟!!.
    ويتلقون المعلومات الانسانية كما نتلقانا ونحزن ونتأسف ونتحسر على قتلى العراق وفلسطين وسوريا..؟.!.

    نعم أخبار السودان ممنوعة من البث التلفزيوني والصحف والاذاعات المحلية.. لكن ألا يسمعون من أبناء جبال النوبة والنيل الأزرق المتواجدين في الخرطوم عن موت أهلهم هناك بطائرات الحكومة، كما عرفنا نحن من أبناء الجبال الموجودين في البحرين عن قتل أهاليهم وحرق قراهم، وقد سافر البعض منهم للأطئمنان عليهم من فرط الجريمة التي اُرتكبت..!.

    قيمة العدل..قيمة ربانية

    أجتمعوا في قاعة كبيرة وجميلة ومكيفة وسط أجواء الأناشيد (الجهادية) ومشاهد عُرضت على شاشة كبيرة مجهزة لهذا الغرض مقاطع من حلقات سابقة لبرنامج (في ساحات الفداء) هلل القوم وكبروا وهتفوا وتذكروا زملائهم الذين غادروا محطة الحياة الدنيا في تلك الأحراش، وهم في قاعتهم تلك..المكيفة والجميلة تذكروا الحور العين فاشتاقوا للجنة.. لكنهم للأسف كانوا يحلمُون، يشتاقُون للجنة وينسون ويتجاهلون أن العدل قيمة ربانية وأن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن السكوت على جبروت الظالم وقتله للأبرياء وحرق قراهم في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وغيرها مُحرم في الكتاب بصريح العبارة.

    كيف يدخل هؤلاء الجنة وبني جلدهم قد تعرضوا لأبشع أنواع القتل والتنكيل...؟.
    كيف يدخل هؤلاء الجنة وقياداتهم قد أمرت باغتصاب الحرائر في المعتقلات بل اغتصاب الرجال أيضاً..؟.
    كيف يدخل هؤلاء الجنة وينالون الحُور العين وقد صمتوا ولا زالوا يصمتون على أبشع المجازر التي حدثت في الألفية الثالثة..
    كيف يدخل هؤلاء الجنة وينعمُون بنعيمها، والمعتقلات العامة والسرية تكتظ بنساء السودان الشريفات العفيفات فضلاً عن الآلاف من المعتقلين من أبناء السودان الأشاوس الذين رفضوا الخنوع والاذلال الذي يمارسه المؤتمر (الوطني)..

    بينما أبناء وبنات السودان على نطاق الكرة الأرضية مشغولون بالثورة وأخبار المعتقلين والمعتقلات نجد صفحات مؤيدي النظام وأبناء الحركة (الاسلامية) على صفحات الفيس بوك بلا طعم ولا لون ولا رائحة وآخر نرجسية وشوفونية والتعليقات المصطنعة والتغني بالشهداء والتباري في الكذب والمشاعر المتوهمة لأنهم يعيشون في أبراج عاجية منعزلين عن المجتمع السوداني الكبير.

    حتى إذا حاكمناهم بما يدعون من اسلام فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول "من لم يهتم بأمرالمسلمين ليس منهم"..!!..
    إما نحن مسلمون وهم في الصف الآخر.

    أو العكس، لكن في كلا الحالات أن قيمة العدل قيمة ربانية وان العدل من أقوى وأكبر أركان الاسلام، فلا يعقل ألبتة تحكيم الاسلام بدون عدل، لأن الاسلام نفسه هو العدل، والعدل كذلك هو الإسلام فإن الرباط الوثيق بين القيمتين قوي لا يمكن الفكاك منه..لكن هؤلاء المجارمة لا يريدون أن يحكموا بالعدل بل عملوا على ترسيخ نقيضه تماماً ثم يتحدثون عن الاسلام وعن الشريعة..!!.

    ومن المفارقات العجيبة أن هؤلاء الظلمة العتاة يصفون كل ما يجري من ثورة في البلاد على أنه عمل الشيوعيين والعلمانيين ويركز اعلامهم المهوس على ذلك بينما يضعون آياديهم مع الشيوعيين في الصين ويأخذون منهم القروض الربوية لتنفيذ مشروعات تنموية وقد ثبت لديهم وقد اعترفوا بأن الأموال ضاعت في البذخ السياسي ولم تدخل في مشروعات حقيقية تقيل عثرة السودانيين من الجوعوالمسغبة، فالسؤال البديهي لماذا تتعاون دولة المؤتمر (الوطني) مع الشيوعيين الصينين 20 عاماً بينماً تحارب الشيوعيين السودانيين في الداخل..!!.

    ان الله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون..
    21 يوليو 2012م
    [email protected]
                  

07-23-2012, 06:41 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    على من تطبق الشريعه وتقام الحدود اذا أدين سلفى بجريمة الفعل
    07-22-2012 01:02 PM

    على من تطبق الشريعه وتقام الحدود اذا أدين سلفى بجريمة الفعل

    تاج السر حسين
    [email protected]

    مصر نموذج جيد لتيارات (الأسلام السياسى) على كافة اشكالها المعتدله والمتطرفه.
    فهى احدى الدول التى نبت فيها هذا الفكر الذى أساء للأسلام وشوهه وأرهب المفكرين وأغتال بعضهم وضلل كثير من الشباب وغرر بهم وتسبب فى ارتكاب الجرائم بشعه.
    وقد يقول قائل أن شخصا واحدا، ارتكب خطأ لا يمكن أن تحاسب عليه الجماعه، بكاملها.
    وهذا مجرد (تهريج) وتهرب من مواجهة الحقيقه، فالمحاسبه تكون فى الأصل للفكر وللنهج لا للفرد، ، فهذا (السلفى) الملتحى والنائب البرلمانى فى مجلس الشعب المصرى لم ينتخب لشخصه وانما وفق البرنامج الأسلامى الذى طرحه ووفق الفكر الذى بشر به ناخبيه، ووفق التزامه بالعمل على تطبيق (شريعة) الله فى الأرض، كما يدعون.
    وبناء على ذلك فهو انتخب لأنه سوف يطبق الشريعه ويقيم الحدود على السارق فتقطع يده وربما أقيم عليه حد الحرابه فيقطع من خلاف ويصلب، وهو سوف يطبق الشريعه ويقيم الحدود على الزانى فيجلد أو يرجم اذا كان محصنا،، فكيف يكون الحال اذا لم يقبض علي ذلك النائب متلبسا بجريمة الفعل الفاضح ؟ ان يكون مرتكب جريمة الزنا هو من يعاقب الذين يفعلون مثل فعله؟ وما هو انكأ من ذلك اته كذب وأنكر الجريمه، بدلا من أن يعتذر ويتوب توبة نصوحه وهو يعلم أن الحديث يقول قد يسرق المؤمن وقد يزنى لكنه لا يكذب.
    وحتى لا يظن البعض ان هذا التصرف حدث من فرد واحد ينتمى لتيار (الأسلام السياسى)، فهناك كثر غيره من هنا وهناك فى السودان ومصر يرتكبون نفس الفعل الذى ارتكبه النائب السلفى المصرى، ومنهم من يستره الناس وهم لا ينتمون لفكره، ومنهم من لم يكشف سره ويداوم على ممارسة ذلك الفعل مع الحرص والتكتم الشديد.
    فاذا كان الأمر كذلك، لماذا لا يتواضع اتباع هذا الفكر ويعتبروا انفسهم بشرا مثل باقى الناس، وأن يتركوا الشعوب تحكم انفسها بالديمقراطيه والدوله المدنيه التى اساسها المواطنه والتى تساوى بين الناس جميعا على اختلاف دياناتهم.، ثم يسعوا لأصلاح انفسهم مع ربهم بتحرى الصدق فى العبادات والمعاملات.
    كيف يسمح رفاق هذا السلفى الذى أدين بالفعل الفاضح وحكم عليه بسنه ونصف سجنا، لأنفسهم بالدعوه لتشريع قانون يجلد الزانى مثله بينما جكم على رفيقهم بالسجن؟
    كيف يعتبرون انفسهم خلفاء الله فى الأرض وهل هم أكثر تدينا وصلة بربهم من ليبرالى مسلم لا يرتكب الفاحشه ولا يشرب الخمر، ولا يعفى لحيته، لكنه يقيم صلواته كأى انسان عادى ويصوم دون تنطع أو مظهريه دون تنطع أو مظهريه، وفى ذات الوقت يرى أن الديمقراطيه والدوله المدنيه التى تحترم القانون وتساوى بين الناس على اختلاف دياناتهم ، هى الحل؟
    ايهما اقرب للتقوى ذلك السلفى الزانى الكاذب، الذى يدعو لتطبيق الشريعه ويمكن أن يقتل بسببها انسانا يختلف معه فى الرأى، أم ليبرالى يعرف ربه ويؤدى واجابته الدينيه قدر استطاعته، لكنه لا يكذب ولا يزنى ولا يرشى ولا يحتكر تجارة؟
    آخر كلام:-
    • نحن لا ندعو لفوضى أو عدم انضباط فى الشارع العام أو للترويج للموبقات وما يخدش حياء الآخرين، لكن كل ذلك يمكن ان يتم (بقانون) لا (بشريعه) غير صالحه لكل زمان ومكان، ثبت ذلك من تصرفات قبيحة (لسلفيين) هم أكثر تشددا من (اخوانهم) المسلمين.
    • والقانون الذى يصدر للكل لا يقلل من مواطنة مواطن ولا يشعره بأنه لا يتساوى مع الآخرين فى دوله واحده، أو أنه مواطن من الدرجه الثانيه.
    • واذا كان الأنسان متدينا لا (منطعا) فالقانون الذى يحقق غرض الدين فهو دين وان لم ينص على ذلك.
    • متى تتحرر شعوبنا من هذا (الأستعمار) الداخلى الذى يلتحف ثوب الدين.

                  

07-24-2012, 06:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    رسالة مفتوحة الى الرئيس البشير ..

    بقلم: د. أمانى الطويل
    الإثنين, 23 تموز/يوليو 2012 09:11


    1-2
    سيدى الرئيس تراودنى منذ شهور فكرة كتابة هذا الخطاب المفتوح لك بعد أن أستحكمت أزمات السودان السياسية والإقتصادية وبدا أنه يعود الى مربع الحرب الأهلية من جديد رغم خسارة جزء عزيز من التراب الوطنى . ترددت ولم أفعل,وحينما أعلنت بنفسك قبل شهور أنه لاترشيح جديد لك فى سدة الرئاسة السودانية وأنك ستخلى موقعك فى غضون عام قلت لنفسى حسنا فعل الرئيس فقد أدرك طائعا مختارا أن طول فترة الحكم,هى سبب كاف لإنهاءه حتى ولم تكن مجللة بالفشل كالحالة فى السودان قلت لنفسى أن رسائل ثورات الربيع العربى لابد وأن تكون وصلت للرئيس , وهى الثورات التى قالت للعديد من الرؤوساء "كفاية وقرفنا ".
    وفرت مبادرتك على شخصى الحرج الإنسانى أن أخاطب رئيسا عربيا وأدعوه إلى الترجل عن سدة حكم بلاده وأنا لست من ضمن مواطنى هذا البلد وإن كانت تربطنى به كما كل المصريين أواصر الدم والتاريخ,وأيضا سنوات من العمل وشهادات علمية عن أحوال السودان وتطوره التاريخى والسياسى .
    يبدو سيدى أن العام الذى وعدت قبل شهور أن يكون عامك الأأخير فى الحكم,لم يتحمله الشعب السودانى كما قدرت أنا فى جلسة مطولة جمعتنى بواحد من مستشاريك الأفاضل ,كنا نتشاور فيها عن أحوال الثورات العربية وفرصها,وعن السودان,إختلف معى الرجل وقال إن السودان مشكلته محلولة لإنك راحل فى غضون شهور,وأن التحدى فى السودان هو إقتصادى بالأساس وهو فى طريقه للحل,ومن ثم لافرصة لربيع سودانى , ولكن صدق حدسى وتقديرى فتبلورت حركات إحتجاحية من الشباب أشعل شرارتها حرائر السودان من الطالبات من أحفاد عزة ومهيرة,رفة فراشة كما تقول نظريات العلوم السياسية الحديثة هى ما أسقطت نقطة الماء من كوب الإحتقان الشعبى وبدأ ربيع السودان الذى لم تكن أبدا الإنقاذ هى ربيعه , كما يحاول أركان نظامك أن يروجوا. فالربيع لايجىء سيدى بالإنقلابات العسكرية ولا من على أفواه المدافع, ولكن ما يصنع الربيع فقط هوالثورات السلمية أى حناجر الناس بصدروهم العارية وأياديهم الفارغة .
    أسبابى سيدى الرئيس فى دعوتك الى إنهاء حكمك سلميا متعددة منها أن الأحتجاجات القائمة فى السودان ضد نظامك لن تنتهى رغم حملة الإعتقالات الواسعة التى تجرى ضد النشطاء السياسيين,والحلول الأمنية والقمعية التى تلجأ إليها الأجهزةالتابعة للنظام,من تعطيل للصحف ومنع كتابة الصحفين والأكاديميين بل وأيضا منع بعض الإسلاميين المحسوبيين تاريخيا على نظامك من التعبير عن الرأى.أقول رغم كل هذه الأجراءات القمعية فإن هناك مايسمى فى النظريات السياسية والعسكرية حدود إستخدام القوة بمعنى أنك قد تملك السلاح لكن ربما لاتستطيع إستخدامه مع الجموع كما أن تكلفته السياسية باهظة وتؤدى أيضا الى إسقاط النظام
    ومن أسباب دعوتى لإنهاء حكمك وفق معادلة الخروج الآمن التى توفرت للرئيس اليمنى على عبدلله صالح مع بعض التعديلات أن شرفك العسكرى وتاريخك السياسيى سوف يلطخ بالتأكيد فى حالة الإستمرار فى العناد ضد شعبك فإن السيناريوهات المتوقعة لإستمرار نظامك هو تحول الإحتجاجات السلمية الى بحور من دماء,فقد ساهمت سياستكم بشكل مباشر فى أن يتحلل السودان الى مكونات ماقبل الدولة,وسوف تتحرك المكونات القبلية والجهوية مسلحة ضد نظامك,مابقى من السودان هو مهدد بشكل مباشر بالشرذمة والصوملة وستدخل التاريخ سيدى من بوابة تفتيت الوطن بالكامل بعد أن كنت ونظامك مسئوليين جزئيا عن تقسيمه بين شمال وجنوب.ستتحمل سيدى الرئيس أمام الله وحدك وزر إراقة دماء شعبك والمسؤلية الأخلاقية والسياسية الكاملة عن إنهيار الأوضاع السودانية الى هذا الحد .
    إن إتفاق فصائل المعارضة الشمالية فيما سمى البديل الديمقراطى والإعلان الدستورى سيدى خلع عن نظامك ميزة تمثيله لسودان الوسط أى السودانيين من الأصول العربية ,وهو مايعول عليه نظامك إستغلالا لمخاوف هؤلاء من سيطرة الهامش على المركز لكن زخم ثورة الشباب سيدى وجماهير الأحزاب الطائفية سوف يكون كفيلا أن يعطى قبلة الحياة لفصائل المعارضة وهى تتحرك ربما نحو مجلس وطنى مثيل للمجالس السورية والليبية. أعرف سيادة الرئيس إنك تراهن على خلافات هؤلاء فى إطالة عمر نظامك , لكن ثمن ذلك هو الوطن وسيرتك فى التاريخ ,فلا تكن مثل سياد برى الذى سلم الصومال للفوضى . (يتبع)


    رسالة مفتوحة الى الرئيس عمر البشير2-2

    الرئيس عمر البشير تحدثت فى مقالى السابق عن حالة السودان ومطالبتى لك أن تنقذ الوطن بالتنحى عن الحكم وأزيد فى أسباب طلب ذلك أنك لن تجد دعما إقليميا من الأحزاب الإسلامية التى وصلت للحكم فى مصر وليبيا رغم أنك ساعدت ومولت بعضهم وأعترفت بذلك علنا ,فلا أحد يريد أن يربط نظامه الجديد بنظام قديم شاخ وفشل فى الحفاظ على تراب بلاده الوطنى , وأفقر وأهان شعبه الى حد المذلة فى وقت كانت أهم شعارات ثورات الربيع العربى هى الكرامة الإنسانية , صدقنى سيدى لن يتحمل إخوان مصر أو ليبيا أو حتى سوريا أو الأردن وزرك حتى ولو كنت قد دعمتهم من قبل ماديا أو معنويا أو لوجستيا كما سبق وأن أعلنت عن أياديك البيضاء لإسقاط نظام ليبيا, لن يستطيع هؤلاء سيدى على الأقل فى حالة مصر أن يواجهوا جماهيرهم التى وضعتهم فى سدة الحكم بإنتخابات نزيهة وشفافة فى مساندة نظام جاء بإنقلاب عسكرى,ومارس قمعا وإستبدادا وأنتهك حقوق الإنسان وأعتمد فقط على الحسم العسكرى لحل الخلافات السياسية مع معارضيه وراوغ فى عقد إتفاق وطنى فعلى وواقعى يقدم فيه للآخرين تنازلات حقيقية ,ربما تكون رسالة الرئيس محمد مرسى قد وصلتك بأنه لن يساند فى قمع ثورة شعبية لإن هذا النوع من الثورات حمله من السجن الى القصر ,أظن الرسالة واضحة وضوح الشمس.
    لن يساندك أحد سيدى وقد مارست سلوكا عنصريا مقيتيا ضد الآخر المختلف معك دينيا وعرقيا وثقافيا ووصفت هذا الآخر بالحشرة بل وتهكمت على خلقة الله فى بشره حينما خاطبت مالك عقاروالى النيل الأزرق الى الحد أن يقف ضدك علنا وزير خارجيتك على كرتى فى البرلمان فى سلوك غير مطروق ولا مسبوق فى الأعراف السياسية .
    لن يصدق أحد سيدى أنك ونظامك تدافع عن الشريعة الإسلامية ضد معارضي تطبيقها فى السودان فبأسم هذه الشريعة عاث رموز نظامك فسادا فى الأرض فأكلوا المال الحرام ,وتعدى السواد الأعظم من السودانيين مرحلة الفقر الى الجوع الواقعى,ويرى هؤلاء يوميا سدنة نظامك ورموز حزبك وبل وعائلتك يرفلون فى نعم ورغد فى العيش لا من رزق حلال ولامن كد وعرق ولكن فقط لكونهم من القلة المحظوظة التى أرتبطت بالنظام وفتح لها مجالات اليزنس على أسس من فساد لا من نزاهة وشفافية فتم طرد رجال أعمال من السوق لأنهم لم ينضوا تحت مظلة تنظيمات الإسلام السياسى فى السودان .
    حالة الفساد فى السودان ليست من عندياتى ولكنها شهادة إٍسلاميين أصدروا الكتب ودبجوا المقالات, هل قرأت مقالات التيجانى عبد القادر التى شرحت بالتفصيل كيف طرد رجال الأعمال الإسلاميين غيرهم من السوق السودانى,كيف أشتروا مؤسسات الدولة بالبخس فأفقروا الناس ولكنهم أثروا أخوة الرئيس,أسألك سيدى لماذا منعت د. الطيب زين العابدين من الكتابة وسجنت د.زين العابدين عثمان مؤخرا حينما كتبا عن هذا الفساد .
    بإسم الشريعة الإسلامية التى قلتم أنكم جئتم لتطبقوها تدخلتم فى حياة الناس اليومية وكونتم شرطة أمن المجتمع فحددتم للناس أوقات إقامة أعراس أبنائهم,وطاردتم الشباب فى الأماكن العامة,ولاحقتم الفتيات بالشوارع كما أقمتم حد الجلد على الجوعى والمساكين وحجبتموه عن الأقوياء المحظوظين.بل وتورطتم فى محاولة جلد صحفية لأنها لبست البنطلون وأخيراقتلت قوات أمن المجتمع عوضية الأم التى حاولت الدفاع عن أبنها ضدهم فقتلت بدم بارد لتكون عوضية كما خالد سعيد أيقونة الثورة السودانية,
    سيدى الرئيس عمر البشير إن ترجلك عن الحكم بإتفاق سياسيى وتكوين حكومة إنتقالية من شأنه أن يجنبك سيف المحكمة الجنائية الدولية,ويحفظ لشباب حزبك فرصهم فى الأمن الشخصى وهم الذين تذمروا ضدك فى مذكرة مشهودة,سوف تحفظ دماء مئات الألاف من السودانيين ومن بينهم رموز نظامك الذين سوف يلاحقوا ربما,فقط لإنك وحزبك تريدون الأستمرار فى الحكم,إن المخططات الخارجية ضد السودان سوف يتم تنفيذها بنجاح مع كل دقيقة جديدة تصر فيها على الإستمرار فى الحكم ,سيقسم المزيد التراب الوطنى للسودان ,لإن الطغاة هم من يفتحون أبواب الوطن للغزاة .إرحل سيدى وجنب السودان وأهله وشعبه هذا المصير. كن شجاعا فى الإعتراف بالفشل والترجل عن الحكم كى تصون شرفك العسكرى الذى ترى أن عناد مبارك قد أهال عليه التراب.


    -------------------

    جريمة شيماء وسلمى ..

    بقلم: أسماء الحسينى
    الأحد, 22 تموز/يوليو 2012 21:25
    Share

    [email protected]


    "آه لو كانت أمريكانية كانوا أدوها براءة فورية "و"م التحرير ألف تحية للثورة السودانية "و" حبس الصحفى عار وخيانة" ...كانت هذه بعض شعارات رددها عشرات الصحفيين والنشطاء الذين ظلوا ينظمون الوقفات والمسيرات فى شوارع القاهرة من أجل الإفراج عن شيماء عادل الصحفية المصرية التى اعتقلها جهاز المخابرات السودانى قرابة الأسبوعين فى سابقة خطيرة،دون السماح للسفير المصرى فى الخرطوم بمقابلتها أولمحام بحضورالتحقيقات معها،ولم يتم معرفة أى معلومات عنها إلا فى اليوم ال11 عندما اتصلت بوالدتها لإثنائها عن الإضراب المفتوح عن الطعام الذى دخلته وخمسة من زملاء شيماء لحين الإفراج عنها،إضافة إلى الإعتصام أمام السفارة السودانية بالقاهرة.وقد سبق ذلك بأيام إعتقال صحفية مصرية أخرى فى الخرطوم هى سلمى الوردانى التى تم إطلاق سراحها بعد ساعات ،ليتم ترحيلها من السودان بعد بضعة أيام .


    وواضح أن سبب إعتقال الصحفيتين هو ليس فقط تغطيتهما للإحتجاجات المتواصلة بالسودان منذ شهرإحتجاجا على الغلاء وسياسات نظام الرئيس عمر البشير،فقد كان أيضا رسالة ترهيب وتخويف لكل الإعلاميين فى مصر وخارجها ليكفواعن تناول القمع الوحشى الذى تقابل به إنتفاضة الشعب السودانى ،وحتى يقطعوا أرجلهم عن الذهاب إلى السودان ،ومثل ذلك إهانة للشعب المصرى كله ،وكأن النظام الحالى فى الخرطوم يريد أن يضع أسسا جديدة للعلاقة مع مصر مابعد الثورة ،وهو الذى حاول الضغط مؤخرا فى ملف المعارضين السودانيين بمصر.


    وقد تضاربت أقوال الخرطوم بشأن سبب إعتقال شيماء ،مابين إتهامها بالتحريض ، أوبالعمل مع منظمة أجنبية ،أو بالدخول بطريقة غيرشرعية ،وهذه التهم بعضها مضحك ،وكلها غير مبررة أو مقبولة ،فشيماء الصحفية الشابة ذات ال24 ربيعا لسوء حظ من اعتقلوها فوق مستوى كل الشبهات ،وهى صحفية كفؤة مشهود لها بالجدارة المهنية والأخلاقية .وقد أدى إعتقالها إلى عكس ما أرادوا ،فقد خلق موجة غضب واسعة فى الشارع المصرى وتعاطفا واسعا مع الشعب السودانى ،وسلط مزيدا من الأضواء الكاشفة على الثورة السودانية،ولن يثنى ذلك بأى حال من الأحوال الإعلام المصرى عن متابعة الأوضاع فى السودان
                  

07-24-2012, 10:37 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    تدليس (العلماء) .. وخيبة (الإمام) !! بقلم د. عمر القراي


    ( لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون؟!)
    صدق الله العظيم

    في هذا الجو، الملتهب بالثورة، على نظام الإنقاذ المتهالك، والشباب والشابات الذين يصرون على التظاهر، مطالبين بالحرية، والعيش الكريم، يضربون كل يوم بالهراوات، وبالرصاص المطاطي والغاز المسموم، ويجرجرون للمعتقلات، حيث يواجهون شتى صنوف التعذيب، والمناضلات العفيفات، يواجهن التحرش الجنسي، والتهديد بالاغتصاب من رجال الأمن في كل لحظة، لا نسمع صوتاً واحداً من (العلماء)، أو الأئمة والوعاظ، يدين جرائم الحكومة، التي تدمر الوطن، وتفتك بابنائه، وبناته، وتدعي أنها تطبق الدين !! لم يعترض أي واحد من (العلماء)، على مقتل آلاف المواطنين في دارفور، وجبال النوبة، والنيل الأزرق .. لم يعترضوا على قتل الاطفال، وحرق القرى، واغتصاب النساء !! لم يعترضوا على بيع مشروع الجزيرة، وتشريد أهله، وتشريد مواطني الاقليم الشمالي، بسبب السدود، وقطع ارزاق آلاف المواطنين، باحالتهم للصالح العام !! لم يعترضوا على الغلاء الفاحش، المستعر، الذي حول المواطنين الى جوعى، ومرضى، وعاجزين عن دفع مصاريف تعليم ابنائهم !! لم يعترضوا على زيادة الكهرباء، في الاسبوع الاول من شهر رمضان المبارك، ثلاثة أضعاف، واجبار الملايين للعيش في ظلام دامس، وحر قاتل !! ولم نسمع فتوى من أحد (العلماء)، تدين البذخ، والترف، والفساد، الذي ترفل فيه الطغمة الحاكمة، والأهل والمحاسيب، الذين يدعون انهم يطبقون الإسلام !!


    ولو ان (العلماء) مع ذلك، أكتفوا بكتمان الحق، واستمروا على صمتهم المخزي، لكان خيراً لنا ولهم.. ولكنهم خرجوا علينا، بفتوى بائسة، تبيح للحكومة، ان تقترض بالربا، ثم تتظاهر بالورع، فتضع للحكومة شروطاً تبرر بها فعلتها !!
    جاء عن ذلك ( وافق مجلس الوزراء السوداني على التعامل بالقروض الربوية في تمويل المهمات الدفاعية ومشروعات البنى التحتية والخدمات الاساسية. واجاز المجلس بكامل عضويته توصية مجمع الفقه الإسلامي والمجلس الوطني وهيئة علماء السودان التي جوزت للحكومة الاقتراض بالفائدة " الربا" وبرر رئيس مجمع الفقه الإسلامي عصام أحمد البشير اباحة سياسة الاقتراض الخارجي بالفائدة لعدم كفاية موارد الدولة المالية واحتياجاتها للتمويل الخارجي واشترط ان تكون القروض وفقاً لضوابط صارمة ابرزها :


    1-استيفاء الدولة لكافة الوسائل في الحصول على مصادر تمويلية مقبولة شرعاً من داخل وخارج السودان.
    2-ان تقدر الضرورة بقدرها زماناً ومكاناً وكماً وكيفاً دون تعد أو زيادة في كل حالة على حدة.
    3-ان تنحصر مشروعات القروض في المهمات الدفاعية ومشروعات البنى التحتية والخدمات الأساسية.
    4- ان يترتب على عدم التمويل الحاق اضرار حقيقية وليس متوهمة بالدولة أو الشعب.
    5- الا يترتب على القروض ضرر مساو للضرر الاصلي و اكبر منه)( الفاتح جبرا-حريات 23/7/2012).
    ولو أن العلماء إجتهدوا ليوضحوا ان الاقتراض بالفائدة، لا يتطابق مع الربا الذي شدد الاسلام النكير عليه، لنظر الناس في اجتهادهم، قبلوه أو رفضوه .. ولكنهم لم يتطرقوا لذلك، بل افترضوا ان الاقتراض بالفائدة هو عين الربا، ولكنهم اجازوه بحجة الضرورة .. والضرورة التي تجيز أكل الحرام ، في الإسلام، ليست مجرد الضرر، وإنما هي ضرورة الحياة أو الموت .. فإذا جاع الإنسان، ولم يجد إلا الميتة، أو لحم الخنزير، فلا يجوز ان يأكل منها لمجرد الالم، أو الضرر الذي يسببه الجوع الشديد، وإنما تحل له لو أشرف على الهلاك، وعلم يقيناً، أنه لو لم يأكل منها في الحال لمات. وليس من الضرورة، خروج النظام من أزمة اقتصادية، تسبب هو فيها بسياساته الخرقاء، ليستمر في الحكم على حساب مصلحة شعبه.
    و(العلماء) يعلمون ان اصحاب المناصب في هذا النظام، قد اثروا على حساب الشعب، الذي نهبوا ثروته، وهربوها، واشتروا بها العمارات في ماليزيا، وفي الخليج، فلماذا لا يطالبونهم أن يعيدوا تلك الثروات الى خزينة الدولة أولاً، لنرى إذا كانت ستحل الأزمة، وتدفع عن الشعب الضائقة أم لا ؟!


    وما مدى معرفة (علماء) السودان، بالمهمات الدفاعية، والبنى التحتية حتى يفتوا فيها ؟! وما معنى قولهم (ان تنحصر مشروعات القروض في المهمات الدفاعية) ؟! فإذا أخذت الحكومة قرضاً ربوياً، واشترت به سلاح لتدفع به هجوم حكومة الجنوب عن هجليج، ولم تستعمله لأن حكومة الجنوب إنسحبت، فهل يضمن هؤلاء (العلماء)، ان الحكومة لن تستعمل هذا السلاح للهجوم على الحركة الشعبية في جبال النوبة، لأنها اشترته بقرض ربوي ؟! ولماذا لا ينصح (العلماء) الحكومة بدلاً من ان تشتري السلاح لتقتل شعبها، أن توقف الحرب، وتحققه السلام، فتحفظ الأرواح ولا تحتاج الى القروض الربوية ؟!
    إقرأ قول (العلماء) ( الا يترتب على القروض ضرر مساو للضرر الأصلي أو أكبر منه) فبعد ان قرروا ان القروض ربوبة، ظنوا أنها مع ذلك، يمكن ان تكون اقل ضرراً، من الاضرار التي ستلحق بالاقتصاد، في حالة عدم الحصول عليها !! وهكذا يساوي هؤلاء (العلماء) بين الآذان بحرب من الله ورسوله، وبين الضرر الاقتصادي، فهل هؤلاء (علماء) ؟! أي خيانة لله ورسوله وللوطن وأي نفاق وتدليس يمارسه هؤلاء (العلماء) بزعمهم ؟!


    أما السيد الصادق المهدي، رئيس حزب الامة وإمام الأنصار، فقد جاء عنه ( وكشف الإمام عن لقاء عقد أخيراً ضم وفداً من الأمة ووفداً من حزب المؤتمر الوطني بقيادة الدكتور نافع علي نافع نافياً ان يكون الإجتماع قد خرج بقبول واضح من الحزب الحاكم ) (الصحافة 23/7/2012م). متى يرتفع السيد الصادق المهدي، الى مستوى شباب حزب الامة، الذين يتظاهرون، ويضربون، ويعتقلون مع غيرهم من الشباب، بينما يجلس هو في القصر يتفاوض مع نافع ؟! متى يرتفع عن انانيته، وطمعه في السلطة، الذي ألجأه للجلوس مع هؤلاء القتلة، على حساب دينه، ووطنه، وجموع الانصار، واعضاء حزب الأمة، الذين يعانون مع الشعب، ويلات هذا النظام الجائر ؟! أما كان أجدر ب (الإمام)، أن يطالب حكومة الإنقاذ بالتنحي عن السلطة، لأنها قتلت الآلاف من المواطنين في اصقاع البلاد، وتعتقل الآن الآلاف في الخرطوم والمدن الأخرى، تعذبهم في بيوت الأشباح، وقد مزقت الوطن، وجارت على نسائه ورجاله، بدلاً من يجلس إليها ذليلاً، يتسقط رضا جلاديها، طمعاً في سلطانهم الزائل ؟! يا لها من خيبة !!
    د. عمر القراي
                  

07-24-2012, 05:14 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    هذا المقال قديم للاخوانجى عبد الرحيم عمر محى الدين نشرته فى فتنة السلطة عام 2007 يعترض فيه على فقه الضرورة ومعلقا على ذلك بانه تكتيك للمراوغة للاستمرار فى الحكم
    اقرا المقال



    المؤتمر الوطنى من فقه الضرورة الى فقه الضرر
    عبد الرحيم عمر محى الدين

    ذات يوم من أيام عام 1995م كنا جلوساً بأمانة المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم حيث كان يجمع الدكتور الجميعابي بين الأمانة العامة للمؤتمر الوطني والأمانة العامة للحركة الإسلامية بولاية الخرطوم, كنتُ يومها أتولي متطوعاً أمانة القطاع الثقافي بالمؤتمر الوطني والقطاع الاجتماعي بالمكتب التنفيذي للحركة الإسلامية بالخرطوم.. في مكتب الأمين العام جلسنا, ثلة من قيادات الحركة الإسلامية, الجميعابي , عبيد الأمين الفكي , محمد البشير عبد الهادي , محمد عبد الرحمن بابكر, المهندس عثمان يوسف, المهندس المعتز بالله الخليفة, عبد الرحمن الجاك وآخرين إن لم تخني الذاكرة... انضم إلينا من الأمانة الاتحادية الأخ عادل عوض..


    قلتُ لهم في تلك الجلسة : ( أنني أشعر أن المؤتمر الوطني أراد الاحتفاظ بنا في مواقع لا تقدم ولا تؤخر أي أنه أراد استفراغ جهدنا بمواقع أقرب للملهاة!).. فرد الأخ عادل عوض بالقول: أنهم في المؤتمر الوطني قد استوعبوا أكثر من 50% من قطاعات الشعب السوداني داخل أجهزة الحزب والدولة المختلفة حيث صار المواطن إما عضواً في اللجنة الشعبية أو أمانة المؤتمر الوطني أو لجان الزكاة أو جمعيات القرآن الكريم أو اتحادات الطلاب أو قطاعات المرأة أو بسط الأمن الشامل أو مجالس المحلية أو مؤتمر المحافظة ثم مؤتمر الولاية...إلخ وبذلك يكون معظم أفراد الشعب مربوطين بصورة أو أخرى بأجهزة المؤتمر الوطني وحكومته وآلياتها!. مثل هذا التفكير عادة ما يصلح في بداية الثورات الأيديولوجية التي ترفع شعارات تطهرية تدعو عبرها للإصلاح ومحاربة الفساد والسعي لاستيعاب طاقات الشباب وتوجيهها للإنتاج وإحداث التنمية الحقة..


    فالإنقاذ قد جاءت بشعارات قوية وكان خطاب الرئيس عند الانقلاب قوياً ذكر فيه أنه قد جاء لإنقاذ السودان الذي وصفه بأنه (جنازة بحر)..وكانت الثورة في أيامها الأولي مفخرة وقدوة شدت لها كل دول العالم وهم يرون البشير يحمل الطورية ويتقدم مواطنيه في حفر ترعتي ( كنانة والرهد) ثم يتبعه الولاة والوزراء وكل منهم يريد أن يتقدم خطوة أبعد في التجرد ونكران الذات. كان العمل في صفوف الإنقاذ يومها طوعياً غابت عنه المغانم والأطماع والأهواء. ولكن دارت الأيام دورتها وتعدت الإنقاذ مرحلة التأمين وانتقلت إلي مرحلة التمكين حيث أصاب الناس شيء من الدعة والخلود للراحة والسعي نحو ملذات الدنيا وجمع رياشها ...


    أصاب هذا الداء القيادات فتنافست القواعد( وما أنا إلا من غزية) ( وإذا كان رب البيت علي الدفوف ضارباً فشيمة أهل البيت كلّهم الرقص)..تحولت نظرية إلهاء الشعب وشغل كل فرد بلجنة من اللجان لم يعد هذا العمل طوعياً وإنما بالمقابل! فالثورة بعد أن كانت تبحث عن التأمين والتمكين فقد أصبحت الآن تبحث عن الإستمرارية والديمومة مما جعل الفاتورة عالية جداً.. في سبيل البحث عن الخلود والاستمرارية يغيب الرشد السياسي وتغيب النظرة الفاحصة الإستراتيجية ويصبح التكتيك والمراوغة هي الأصل.. ولأن التكتيك الذي لا ينبني علي إستراتيجية واضحة يتغير ويتبدل وينتقل من النقيض إلي النقيض..


    فالقيادة يهمها أن تحفظ ولاء الغالبية العظمي من الجماهير لها, أما كيف يتم ذلك؟ فهذا لا يهم!..أبناء الحركة الإسلامية أصبحوا ينافسون قياداتهم في التسفار وجمع الأموال وتعدد الوظائف والمهام والتكليفات واللجان.. أضرب لذلك أمثلة كثيرة.. ماذا يعني أن يكون الشخص أميناً لوزارة أو موظفاً في الدرجة الأولي في الدولة بكامل مخصصاته من سيارة ومرتب مريح وخلافه ثم يصبح أميناً أو مديراً لهيئة أو منظمة من شاكلة المنظمات الاستثنائية التي تحدث عنها الدكتور غازي صلاح الدين في مقالاته بـ ( الصحافة) تحت عنوان: (صورة لمستقبل السياسة السودانية), حيث يقول عنها:

    ( لقد أثبتت التجربة أن الكيانات التي تنشأ بصلاحيات استثنائية ولا تنضبط بضوابط الرقابة المعلنة سرعان ما تتحول إلي محور تنظيمي منافس. ولأنه تكوين يقوم بمهمة استثنائية ويملك صلاحيات استثنائية ويتمتع بوضع استثنائي خارج دوائر الرقابة فإنه سرعان ما ينمو ويتضخم ويحتل مساحات متوسعة على حساب الأجهزة التنظيمية المشروعة. وتظل تلتف فروعه وأغصانه حتى تحبس ماء الحياة حتى عن الذين يمدونه بها. وفي تلك اللحظة ينتقل ولاؤه إلي آخرين يمدونه بموارد الحياة).. ربما تكون موارد الحياة التي يتحدث عنها غازي هي تلك الامتيازات ذات الوضع الاستثنائي الذي يقع خارج دائرة الرقابة(!!)..

    لماذا ينال هذا الموظف الكبير الذي يتمدد في إدارة هذه الأجسام والمؤسسات الاستثنائية التي لا ندري من أين يأتي تمويلها ؟(!!).. لماذا يتقاضى الفرد في هذه المؤسسات راتباً شهرياً يعادل راتب ثلاثة بروفيسيرات في أعرق جامعاتنا في الوقت الذي لا يحمل فيه هذا الفرد غير شهادة الليسانس؟ لماذا المكاتب التي تضارع الصوالين الكبيرة علاوة علي تجهيزها بكل المعينات من المأكولات والمشروبات بأنواعها..هل هذه المرتبات تأتي من المالية؟! وما هو وجه الشرع في استحلالها إن كانت تأتي من المالية؟!.. قـُدر لي أن أزور أحد مديري هذه الهيئات الخاصة فخلتُ نفسي داخل فندق خمسة نجوم ..


    إذن لماذا نطالب الجماهير بالتقشف وربط الأحزمة علي البطون... هذا قد انعكس على المستوى السياسي.. حيث أصبح لكل معتمدية مجلس تشريعي يتقاضى رئيسه حوالي الثلاثة مليون جنيه شهرياً بينما يتقاضى الأعضاء مرتبات شهرية .. وليت هذه المبالغ تأتي من وزارة المالية لكان ذلك أهون ولما أحوجنا للحديث عنه ولكنها تأتي من الجبايات والضرائب التي تجاوزت اللحم وكسرت العظم.. وهذا ما جعل دكتور فيصل حسن إبراهيم والي شمال كردفان يقول في حوار (آخر لحظة) معه الخميس 12/12/2006 : ( في بعض المحليات الفصل الأول يمثِّل 77% من إيرادات المحلية والفصل الثاني حوافز ومكافآت وبذلك تذهب كل أموال الشعب للموظفين...


    إذا كان المواطن يدفع الضرائب والزكاة ويدفع على الرخص والجبايات وكل هذه الأموال تذهب مرتبات للموظفين! كيف يمكن تنمية الريف؟)( لا يمكن أن أشتري سيارة للمعتمد بمبلغ 200 مليون جنيه في محلية بدون موارد) انتهى! ولكن أخي فيصل تتوسع الآن ولاية النيل الأبيض رغم فقرها وتنشئ المزيد من المحليات لأن المؤتمر الوطني أصبح لا يفرق بين فقه الضرورة وفقه الضرر ولا يدرك القاعدة الفقهية ( لا ضرر ولا ضرار).
                  

07-26-2012, 07:17 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    والربا

    الافيون والربا


    «حيدر ابراهيم علي»




    07-25-2012 09:07 PM
    حيدر ابراهيم علي


    اخشي ما اخشاه علي امتي من عالم يضلها بعلمه""
    حديث شريف

    يتداول الكثيرون،بالذات في نقد الشيوعية،مقولة تنسب لماركس، وهي الدين أفيون الشعوب.وبغض النظر عن صحة نسبة المقولة،فقد اكتسبت انتشارا، وتداولا ،وتأويلات عديدة.وللمفارقة العجيبة،أن يقوم نظام إسلامي-حسب تصنيفه الذاتي-يتبني مشروعا حضاريا إسلاميا للعالم وليس فقط استغلاله كوسيلة للتضليل والهيمنة.وفي نفس الوقت،يمكن أن يكون فيتامينا للشعوب حين تبعث في الدين قيم الحرية والعدالة الإجتماعية والعقلانية.ففي خلال فترة الرسالة النبوية والحكم الراشد، كان الإسلام فيتامين العرب النائمين،الخامدين،التائهين،وجعل منهم خير أمة اخرجت للناس.ولكن ما أن تحولت الخلافة الي ملك عضوض حتي بدأ الطغاة في توظيف الدين لتخويف وتضليل واستغلال شعوبهم المسلمة بوسائل متنوعة كان الفقهاء ورجال الدين هم رأس الرمح في هذه الحرب العقلية والروحية.

    التخويف بالشريعة

    اكتشفت العسكريتاريا السودانية الي جانب الدبابة والكلاشنكوف شيئا يسمي الشريعة الإسلامية! فقد فرض المشير جعفر النميري الذي احتفل بعيد ميلاد (لينين) المئوي في ابريل1970،قوانين الشريعة في سبتمبر1985.وكان يهدف من قوانين سبتمبر الإسلامية سحب البساط من تحت أقدام الإخوان المسلمين والأحزاب الطائفية،ثم دغدغة عواطف العامة الدينية. وكان(النميري) يفخر بأنه قطع من الأيدي في شهور مالم تفعله (السعودية)في سنين!وعرفت بشريعة"نط الحيطة" حسب قول المشير في حق الشرطة في ملاحقة الناس الآمنين في قلب منازلهم.

    أما الجنرال –الإمام الحالي:عمر البشير،فقد جاء نظامه أصلا لفرض الشريعة التي تقاعست الأحزاب في تطبيقها.والآن تجئ الشريعة من فوهة البندقية وليس من صندوق الاقتراع:إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرأن.وشهدنا خلال عقدين أو يزيد،تلاعبا واستغلالا فريدا لشعار تطبيق الشريعة.فقد اختزل شرع الله في عدد امتار فساتين البنات،وفي فض السهرات والحفلات،ومطاردة ستات الشاي.ولم نسمع قط عن إقامة الحد علي مسؤول حوّل أموال إجلاس التلاميذ لإكمال الدور الثالث من منزله الخاص.وصار الفساد أليفا وعاديا في عهد الشريعة لدرجة أن بعض أولياء تجرأوا "وأكلوا مال النبي"حرفيا أعني اختلاسات وزارة الاوقاف والحج.وصارت الشريعة سلاحا لتخويف الناس وتضليلهم،وليسست وسيلة للمجتمع الفاضل ولإتمام مكارم الأخلاق.

    من أسوأ اشكال التخدير والتضليل،هو التلويح بالدستور في حالة الأزمات.وهذا ما يحدث هذه الأيام،ما إن تنامي السخط الشعبي وخرجت طلائع الشباب الي الشارع؛حتي نفض المشائخ قفاطينهم وتداعوا لاجتماعات أهم ما فيها تناول الطيبات والمظاريف المنتفخة.وكان لتجويد التخدير،يخرجون لنا ببيانات عن ضرورة التطبيق الفوري للشريعة خاصة وان الجنوب الذي كان يمثل العقبة الكؤود،قد ذهب.ويتكرر هذا التلويح مع كل أزمة والوعد بأن التطلبق الشامل والصحيح.واتذكر لازمة كان يكررها الممثل المصري الكبير(يوسف وهبى)يقول فيها:شرف البنت زي عود الكبريت يولع مرة واحدةّ! وقد مخطئا حين ظننت أن تطبيق الشريعة مثل عود الكبريت يولع مرة واحدة.

    يعوّل الإسلامويون علي ذاكرة الشعب أو قياداته ونخبه ،الضعيفة.
    فالنسيان في السياسة السودانية والواقع – آفة،كما سماها الأخ عجوبة.وإن كان عدم الصدق ونقض العهود من خلائق الإسلامويين الثابتة.ففي وقت مبكر،في احتفال عيد الاستقلال1991،خاطب (البشير)الجماهير ووعدها قائلا:-"الايام القادمة ستشهد برامج التطبيق الكامل للشريعة(....)الثورة عقدت العزم علي ألا ولاء إلا لله ورسوله.وتطبيق الشريعة ال‘سلامية سيكون عادلا وميسرا غير منفّر يظهر سماحة الإسلام ويكون قدوة لمن أراد السير في الطريق القويم".وأكد أن استقلال السودان اكتمل بإعلان تحكيم الشريعة الإسلامية مبينا أن السودان لن يسأل أو يعتمد أو يلجأ او يخضع لغير الله.وكان يتصور أن مشروعه عالمي ولكل المسلمين،فقد دعا جميع الشرفاء في العالم الإسلامي لوحدة شاملة تجمع صفوف الأمة وتزيل الحدود الوهمية التي رسمها الاستعمار مبينا أن التوأمة بين دارفور وبلدية الخليج بليبيا،محت الحدود. وقد رأي الجميع ثمار الوحدة الإسلامية التي ابتدرها(البشير)في دارفور الآن.(صحيفة السودان الحديث 5/1/1991).

    وبعد 13 عاما من هذا الخطاب،اعترف الرئيس عمر البشير أمام مؤتمر الشريعة والاجتهاد(19/4/2004)بأن تطبيق الشريعة الإسلامية رافقه بعض الاخطاء،ولكنه اعتبر أن ذلك لا يعني فشلها.وأن الشريعة خيار لابديل منه وان حكومته تسعي لمعالجة الاخطاء التي صاحبت تطبيقها.ورأي أن مسيرة تطبيق الشريعة افضت الي مائدة المحادثات مع الحركة الشعبية لانهاء أكبر حرب في افريقيا!(الصحف20/4/2004)وقد أدت مسيرة الشريعة الواقع الحادث في الجنوب.فقد وصل الإسلامويون السودانيون الي معادلة: الشريعة أو الوحدة.فضحوا بالجنوب ولم نر تطبيقا للشريعة.إنه حشف وسوء كيل،وخسر السودانيون دينهم ودنياهم.ويعود الضجيج مع تصاعد المقاومة للنظام الي الدعوة للدستور الإسلامي،دون أن يوضح لنا ما هو الدستور الذي كانوا يحكمون به؟ ويفلسف النائب الاول لرئيس الجمهورية،على عثمان محمد طه، الوضع في خطاب أمام المجمع الفقهي .إذ يقول :-"أن الدولة تجاوزت مرحلة الدستور الاسلامي الي مرحلة التطبيق ، مؤكداً انه لا خلاف حول مرجعية الاسلام واحكامه." ويشير الي ان الحكومة ستنزل على الفتاوى والاحكام التي يصدرها مجمع الفقه الاسلامي في المسائل القطعية وستتدارس معه في المسائل التي فيها خيارات ومتسع.(18/7/2012).

    نحو كنيسة فقهية؟

    احتاجت عملية تحويل الدين الي أفيون في الماضي الي كنيسة رجعية وقفت ضد العقل والعلم،كما يخبرنا تاريخ العصور الوسطي أو المظلمة.
    ويجادل من يرفضون وجود دولة دينية في الإسلام بعدم وجود كنيسة .وهذا تسطيح للفكرة،لكن المقصود بالكنيسة ليس وجود مؤسسة لها وجود مادي مثل(الفاتيكان) لتؤدي وظائف.ولكن في أي دين المقصود هو وجود جهة ذات سلطة روحية باعتبارها مرجعية جماعية لديها الرأي الفصل في القضايا والامور الدينية.ويسمي لدي بعض المهتمين بدراسة الإسلام مأسسة الفقه.والنماذج عديدة في العالم الإسلامي والتي أخذت اشكالا مثل مجالس أو هيئات العلماء،أو دور الفتوى.وهذه المؤسسسات لم تعرف في فجر الإسلام فقد كان الناس قريبي عهد بالوحي والنبي؛والأهم من ذلك أن المستجدات الدنيوية لم تكن كثيرة ولم يكن الناس في حاجة للفتوى والرأي الفقهي.ومع تعقد الواقع،ولكن الأهم من ذلك بسبب حاجة الحكام المستبدين لفقهاء يبررون أفعالهم ويعطون لحكمهم طابعا مقدسا يحد من المعارضة ويقهرها.ومن هنا كانت بداية ظاهرة هذا النوع من الفقهاء.
    يكتب(أحمد إبراهيم الطاهر)قبل أن يصبح رئيسا للمحلس الوطني،وأن تستعين حكومته بأمثال عصام أحمد البشير ومحمد عثمان محمد صالح،مايلي:-"وآثر أهل الدين والورع والعلم الإبتعاد عن السلاطين ضنا بدينهم عن ملامسة دنيا الحكام،وكثر استشهادهم بالآيات والأحاديث التي ترهب عن ملازمة السلاطين وموافقتهم علي هواهم والابتعاد عن أبوابهم".
    ويضيف الي ذلك،أن السلاطين في عهد الدولة الأموية والعباسية حين احتاجوا الي الفقهاء ورجال الدين لم يجدوا إلا القليل:" فلجأوا الي محاولات الإكراه والتعذيب لأهل الورع لإجبارهم علي تولي القضاء والحسبة وصار الخلفاء يستعينون بمن يجدون من الأئمة أو من طالبي السلطان.وقد كان للإمام المهدي رأي قاطع في هؤلاء،وهو الذي صك مصطلح:علماء السوء،في وصفهم.وأورد(الشوش) هذه العبارة منسوبة للمهدي:" اربعة لا يرضون بامرنا العالم والظالم والترك وتربيتهم واهل الشأن واهل البرهان"(الشوش: الشعر الحديث،1971، ص30)


    كانت تجربة الثورة المهدية ماثلة دائما أمام الإدارة البريطانية وهي تخطط لحكم السودان.كيف تتعامل مع الدين ورجال الدين دون أن تستفز المشاعر وفي نفس الوقت لا يوظف الدين مرة أخري ضد المستعمر؟فقد وجد البريطانيون الفرصة مناسبة للتجريب،ويقول أول تقرير للحاكم العام(كتشنر) في عام1899:-" إن ما قام به الدراويش من استئصال كلي لنظام الحكم القديم
    قد هيأ الفرصة لبدء إدارة جديدة أكثر انسجاما مع حاجات السودان." وقد أذاع كتشنر منشورا-شبيه بقول نابليون في مصر-أنه اتي ليخفف أوجاع المسلمين وليشيد دولة إسلامية تقوم علي العدل والحق ولكي يشيد الجوامع ويساعد علي نشر الاعتقاد الصحيح(جعفر بخيت1972:32).
    وفي عام 1901 كوّن الحاكم العام ونجت لجنة العلماء برئاسة الشيخ محمد البدوي.وكان هدف اللجنة دعم الإسلام السني في مواجهة الطرق الصوفية من خلال تدريس"العلم الشريف في جامع أم درمان"وأن تقوم بدور الاستشارة للحاكم العام والحكومة البريطانية في الشؤون الدينية.وفي عام1902 صدرت لائحة المحاكم الشرعية التي دمجت هذه الفئة في سلك الخدمة المدنية وجعلت من العلماء موظفي حكومة،وأصبح تعيين ائمة المساجد من مهام الحكومة.وأظهر العلماء ولاءا محيرا،وأعيد نشر هذه الرسالة الهامة،فإن الذكري تنفع الجميع:

    " صاحب السعادة مدير المخابرات
    المحترم,

    رأينا في العدد من جريدة الاهرام الصادرة في28سبتمبر1921تحت عنوان حياة مصر السودان وحياة السودان مصر بامضاء السيد محمد خير سوداني وطني برفاعة"فان هذا الشخص لم يكن له وجود برفاعة كلية،وهو اسم شخص مكذوب،وجميع ما ذكر في المقالة فهو محض كذب،لم يصدر من سوداني وطني،فان جميع الامة السودانية قد ارتبطت بالحكومة الحاضرة(الانجليزية)الرشيدة ارتباطا حقيقيا بالقلب والقالب،بصداقة واخلاص،ونقدرها قدرها بحيث لا نبغي بها بدلا،لما هو شاهد بعين اليقين،من جلب المنافع ودفع المضار،وتعمير البلاد،وتامين الطرق وعمارة المساجد،وبث العلوم الدينية،ونشر المعارف بترتيب العلاماء ومساعدتهم بالمرتبات التي اراحتهم،وتشييد الجوامع والمدارس في عموم البلاد حتي أن ابناء الوطن صاروا في تقدم باهر،ونجاح ظاهر،مع اعطاء الحرية التامة لرجال المحاكم الشرعية في المحاكم والاحكام بالشرع المحمدي.وبالجملة فانها حكومة رشيدة ساهرة بالسعي في كل ما يفيد الوطن وابناءه.فبلسان العموم نقدم الشكر الجزيل لحكومتنا،ونكذب هذه المقالة بجميع اجزائها تكذيبا تاما وفي الختام نرفع لسعادتكم لائق التحية والاحترام.
    الطيب هاشم مفتي السودان
    اسماعيل الازهري مفتش المحاكم
    ابوالقاسم احمد هاشم شيخ علماء السودان"

    في النية توثيق علاقة رجال الدين بالسلطة،لو طال العمر قليلا. ولكن
    في هذا الحيز المحدود والمقام،يقتضي الأمر القفز الي الحاضر القريب , فقد تشكلت أخطر لبنة في صرح الكنيسة الفقهية،وتصاعد دورها مع استيلاء الاسلامويين علي السلطة.وكانت البداية تشكيل هيئة علماء السودان في أواخر يونيو1985 من العلماء الذين كانوا داخل السودان،منهم:أحمد علي الإمام،وأحمد علي عبدالله،وأحمد عبدالسلام.وكانت الهدف المعلن الدفاع عن قوانين سبتمبر 1983 والتي كانت تتعرض لكثير من النقد بعد الانتفاضة.

    اكتسبت هيئة علماء السودان موقعا سياسيا مؤثرا في بنية النظام السياسي للإنقاذ.ولكنها اسقطت عن نفسها الاحترام والتبجيل والتقديس الذي يمكن أن يقترن بمؤسسة تحمل مثل هذا الإسم الموحي بدلالات دينية محترمة. ولكن الهيئة اكتفت بدور مكمل لاتحاد عمال السودان وغيره من تنظيمات السلطة الكارتونية،وتتنافس في عمليات الحشد والتعبئة،ومواكب التأييد والمساندة. وتتميز الهيئة عن بقية التنظيمات بدور في التضليل المقدس الذي يقوم بوظيفة التخدير والأفينة من خلال استخدام التوابل الدينية.فهي ترصع البيانات السياسية بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتراث السلف؛بقصد التلاعب بالعواطف الدينية والإثارة وتعطيل العقل.وتقوم هيئة علماء السودان- بوعي أو لا وعي-بغرس ورعاية ثقافة التعصب والعنصرية والكراهية من خلال أدبياتها الداعية للجهاد ودحر العدو، والقضاء علي مؤامرات الصليبين والصهاينة التي ينفذها الطابور الخامس المحلي.وهذه هي اللغة المكونة لإيديولوجية الإنفصاليين والعنصريين ممثلين في منبر السلام العادل والانتباهة.ولا أدري هل الهيئة مدركة تماما لهذا الدور وتقوم به عن قصد أم أن تلك العناصر تستفيد من مبرراتها الدينية في تحصين مواقفهم الفاشية؟

    تقوم هيئة علماء السودان بأخطر عملية تدليس وتزوير ديني في تاريخ الإسلام.فهي تقوم بمنح صفة "عالم" دون الخصوع لمعايير من هو العالم أو الفقيه؟وهي تخلط -عمدا- بين الناشط سياسيا قي المؤتمر الوطني أو حتي المتعاطف،وبين العالم الديني.وأظن- وليس كل الظن إثم- أن المعيار هو تأييد النظام الإسلامي الحالي،فكل من لايعارض السلطة القائمة هو بالضرورة عالم.وفي دعوة من الهيئة لإجتماع مجلس العلماء،نقرأ أسماء لأشخاص يجبرك العقل علي التساؤل عن كيف ومتي حصلوا علي هذه الصفة؟وماهي الجهة السادنة التي تملك حق إدخال الناس في زمرة العلماء؟تضم القائمة اشخاصا عرفوا بنشاطهم السياسي العظيم أو بإجادتهم لتخصصاتهم الإكاديمية؛ ولكن هذا لا يعطي جهة الحق في حشرهم ضمن علماء السودان بالمعني الذي تقصده الهيئة ونفهمه من الدعوة.وقد نجد لها العذر لو قصدت العلم مطلقا من فيزياء وطب وفلك واجتماع ولغة.وفي هذه الدعوة للعلماء،نجد علي سبيل المثال فقط فالقائمة تضم107 شخصا،وسيجد القارئ-بالتأكيد- أسماء اخري كثيرة لمثل هذه الشخصيات التي اقحمت لحاجة في نفس يعقوب أو نفس السلطة.وقد اخترت من قائمة علماء السودان المدعوين ما يلي:فتحي خليل،كمال محمد عبيد،جعفر ميرغني،يوسف الخليفة أبوبكر،خديجة كرار،زكريا بشير إمام،علي عبدالله يعقوب،عمر حاج الزاكي،حديد السراج،حسن علي الساعوري،حيدر التوم خليفة،مالك علي دنقلا وغيرهم(الصحافة1/2/2012).أما المؤتمر العام والذي يتكون من467شخصا،فإن قائمة الشخصيات ستصيب القارئ بنوبة من الضحك الهستيري حين يري من رفعوا لمرتبة من يحمي ويسهر علي ديننا.ولكن لحسن الحظ سيجد إجابة علي سؤال شكيب ارسلان قي عنوان كتابه:لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم.(كمثال لقائمة عشوائيا ،أرجع لصحيفة السوداني،ص8،بتاريخ14 مارس2007).

    تتم عملية الأفننة أو تخدير الشعب بالاستغلال السئ للدين من خلال مؤستسين:هيئة علماء السودان ومجمع الفقه الإسلامي؛ولاهما من مستحدثات السلط الاستبدادية وليس أصلا في الإسلام.فالهيئة-كما أسلفت- تمثل الدين الجماهيري الذي يعتمد علي الشعارات االدينية التي تحرك الجماهير بلا تساؤل.أما المجمع فهو معمل للتفكير أو ذو مهمة أكثر تعقيدا ومنهجية تتمثل في استنباط الأحكام الشرعية ثم تجييرها لصالح تبرير وتقعيد القرارات والسلوك السياسي في إطار فقهي أو ديني مسنود أصوليا.ويبرز دور المجمع الفقهي في زمن الأزمة،وهذا ما يفسر الصوت العالي للمجمع هذه الأيام والأضواء التي تسلط علي فتاوي عصام أحمد البشير.وقد عبر علي عثمان صراحة عن الدور المرتقب للمجمع،وقد جاء في الأخبار عن مخاطبته الدورة الرابعة للمجمع:-

    " أكد الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الاول لرئيس الجمهورية اهتمام الدولة الكامل بمجمع الفقه الإسلامي وحرصها علي ان يمضي في دوره في استخلاص الأحكام الشرعية دون محاباة".وأضاف:" .
    بان السودان امام تحدي حضاري واسع وممتد فلا بد من تحرير الناس من عبادة الأهواء والعودة الي جادة الإيمان". واكد ان الدولة سوف تدعم مجمع وترعاه وتقدم له أدوات تعينه علي البحث العلمي ودعا ان يكون المجمع قريباً من خطط الدولة ومحاور الخطة ألخمسيه المقبلة مبيناً ان الدولة ستكون معيناً له في إصدار الفتاوى".
    ومن جانبه اكد الدكتور عصام احمد البشير رئيس مجمع الفقه الإسلامي ان هذه الدورة تمثل ثمار جهد تراكمي وقال ان الارتباط بالأصل لا يقطعها عن العصر وان المجمع يقدم خيارات فقهيه متعددة لأهل الحكم. مشيراً الي دور وسائط الإعلام المختلفة في نشر فتاوي المجمع ودعا رئاسة الجمهورية الي تلبية احتياجات المجمع والذي يحتاج الي بناء مؤسسي مالي فاعل يسير به مناشطه وبرامجه".(الصحافة 18/7/2012)

    كانت نتائج هذا الزواج الكاثوليكي سريعة.فقد كان النظام وسط أزمته الاقتصادية الخانقة يبحث عن مخرج ديني يحلل له قبول قروض ربوية وقد تكون أحيانا من نصاري.ورغم أن هذه قمة الكفر:"أن يحلل حراما "فقد فعلها أهل المجمع.ونقرأ في الإخبار:" اعتمد مجلس الوزراء فى جلسته أمس برئاسة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير فتوى وتوصيات ندوة تمويل مشروعات الدولة بالقروض قدمها محافظ بنك السودان الدكتور محمد خير الزبير بمشاركة رئيس مجمع الفقه الإسلامي د. عصام أحمد البشير."وصرح الأخير عقب اجتماع المجلس إن الندوة شارك فيها علماء من داخل السودان وخارجه واستعرضوا من خلالها 19 بحثا حوت فقه الشرائع وفقه الوقائع مبينا أن الفتوى أكدت أن الاقتراض بالربا من الكبائر والموبقات غير أن الدولة إذا وقعت في ضرورة أو حاجة عامة فإنه يجوز لها الاقتراض بالفائدة شريطة استنفاد كل الوسائل في الحصول على مصادر تمويل مقبولة شرعا مشيرا إلى أن الضرورة تقدر بقدرها زمانا ومكانا دون تعد أو زيادة وألا يترتب على القرض ضرر مساو للضرر الأصلي أو أكبر منه، وقد أجاز المجلس مقترحات الندوة بتكوين آلية لدراسة اتفاقيات القروض كل على حدة والتوجيه بشأنها لمجلس الوزراء.(الصحف 20/7/2012)
    أبي الشيخ الكاروري إلا أن ينصر أخاه( عصام)ظالما أو مظلوما.فجاءت الأنباء بهذا الخبر:-"... وحول الإتهامات الموجهة للحكومة بالتعامل بالربا أوضح الشيخ الكاروري أن الإنقاذ نجحت في الأسلمة الداخلية ولكنها لم تنجح في الأسلمة الخارجية والمتمثلة في إقناع الجهات الممولة الخارجية بالصيغ الأسلامية وبأنها عادلة كنظام المرابحة والسلم والاستصناع وغيرها من الصيغ الإسلامية، وكذلك رؤى منح الحكومة فرصة للإقتراض بنظام الربا باعتبارها مضطرة وفقاً لفقه الضرورة كواحدة من المعالجات الاقتصادية".(22/7/2012)

    ووسط أجواء الأفننة التي تتصدي لتزييف الوعي تحسبا للإنتفاضة، لحق عبدالرحمن الخضر ،والي الخرطوم،بركب التدين المضلل.
    ففي تجمع توزيع كرتونة الصائم،القي عبد الرحمن الخضر، والي الخرطوم،امانة توزيعها بعدالة علي عاتق معتمدي المحليات ومعاونيهم.وزاد"لن نسألهم عنها في مجلس وزراء ولا مجلس تشريعي سنسألهم عنها حين نكون بين يدي الله".(السوداني18/7/2012)ولماذا هذه الازدواجية وصداع انتخابات واختيار وتشكيل المجالس ، ظالما لدي السيد الوالي هذه الآلية الفعّالة في محاسبة المسؤولين؟إنه مجرد إمعان في التضليل والتزييف.


    فيما يشبه الخاتمة

    يطول الحديث عن مآسي وكوارث السودان،ويملأ تلال الصحائف.والعجيب أننا كل يوم نبتلي بنوع جديد من المحن(كما يقول الأخ شوقي بدري)وكأنه لم تهلكنا مصائب الحكام الفاسدين،والمرتشين،بضمائرهم الخربة،ليتكأكأ علينا الأنبياء الكذبة والمضللين الذين خاف علينا نبينا الكريم منهم.ونحن أمام اقتسام للعمل المؤدي في النهاية الي التمكين وتجديد الاستبداد. ولا يختلف دور هيئة العلماء عن الأمنوقراطية،فالعلماء عليهم مهمة اعتقال وتعذيب الروح والعقل من خلال التجهيل ،ورجال الأمن يعذبون الجسد ويحطون نوعية الحياة.وجريمة المضللين أعظم،لأنهم يستخدمون النصوص المقدسة وليس العصى والكرابيج والكهرباء.فالإنحراف الأكبر هو أنهم يجعلون من القرآن والحديث مصدرا لتبرير الأحكام ومن المفروض أن تكون مصدرا لاستنباط الأحكام.
    تتكرر الاحاديث التي تحذر من أمثال علمائنا الذين يصلون الشعب المسكين بفتاوى التمكين والاستبداد.روي عن النبي(ص):"اخشي ما اخشاه علي أمتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن".(عن اسامة بن زيد).وفي حديث آخر عن عمر:_"أخوف ما أخاف علي أمتي الائمة المضلين".وفي تفسيره:-"... الأئمة المضلين المائلين عن الحق،المميلين عنه،(...)ائمة العلم والسلطان،فالسلطان إذا ضل عن العدل،وباين الحق تبعه كافة العوام خوفا من سلطانه،وطمعا في جاهه؛والإمام في العلم قد يقع في شبهة ويعتريه زله فيضل بهوى أو بدعة فيتبعه عوام المسلمين تقليدا،ويتسامح بمتابعة هوى أو يتهافت علي حطام الدنيا من أموال السلطان أو يغترُ به العوام".وفي روايات أخري،قال عمر:" عهد إلينا رسول الله(ص) أن أخوف ما اخشي عليكم منافق عليم اللسان".رواية اخري:" أخوف ما اخاف علي هذه الأمة المنافق العليم".قالوا:" كيف يكون منافقا عليما؟" قال:" عالم اللسان جاهل القلب والعقل".أو:"..كل منافق عليم اللسان أي عالم للعلم منطلق اللسان به،لكنه جاهل القلب،فاسد العقيدة، يغر الناس بشقشقة لسانه،فيقع بسبب اتباعه خلق كثير في الزلل".وفي هذا يقول حديث عن (أبوهريرة) :- "لا تقوم الساعة حتي يخرج ثلاثون كذّابا دجالا،كلهم يكذب علي الله ورسوله".وعن(أبي ذر) :- "غير الدّجال،أخوف علي أمتي من الدّجال،الأئمة المضلون".
    يقوم هؤلاء الأئمة بتدريب الحكام علي ازدواجية السلوك،بأن يساكن الفساد والتقوى معا في داخله. قيل عن(هارون الرشيد) : " إذا جاء وقت الموعظة بكي،وإذا جاء وقت السياسة طغي".ويقول عنه (أبو الفرج الاصفهاني) صاحب(الأغاني) :- "كان الرشيد من أغزر الناس دموعا في وقت الموعظة واشدّهم عسفا في وقت الغضب والغلظة".وكتب(أحمد أمين) في ضحى الإسلام:-" كان يصلي في اليوم مائة ركعة ويسفك الدم لشئ لا يستحق سفك الدم".والأحطر من كل هذا،أن نجد من يحلل الكذب لو كان للصالح.ويبد أن هذه الرخصة التي اكتشفها حكامنا فأكثروا منها فجعلوها قاعدة تعامل. وطبقا لرواية مسلم –في الصحيح-أجيز الكذب في ثلاث حالات: الحرب والإصلاح بين الناس وكذب الرجل علي زوجته.
    يقوم امثال هؤلاء العلماء الدجالين بمهام أبعد من تبرير الاستبداد والظلم.فهم ييسرون الدين بين العوام لدرجة نصرة الثقافات السابقة للإسلام علي الدين الصحيح. إذ تعرف مناطق في غرب السودان ما يسمي (فكي أم بتاري) أو ما يشبه الفقيه المزوّر. فهو يفتي بأن المريسة حلال والويسكي والعرقي حرام. والسبب في الحكم "الشرعي" لأنه شخصيا يشرب المريسة بالاضافة لانتشارها كضرورة للعيش، كذلك وجوده في قرية كلها تصنع المريسة التي تقدم في الافراح والمآتم, ويصعب عليه معارضة عرف أقوي من النصوص.
    اخيرا،العلم الديني يتطلب الورع أي خشية من وجود حرام أو شبهة.
    ويحتاج الورع للضمير اليقظ والزهد والاستغناء عن الدنيا والسلاطين. واعجبتني قصة في طبقات ود ضيف الله :- "يروي أن الشيخ عبدالرحمن بن جابر منع تلاميذه من الوضؤ في جداول سواقي الشايقية لأنهم يغتصبون الابقار(التي تدير السواقي)من الدناقلة من غير بيع وشراء. لذلك فان السواقي تلك تمنع عنهم الفيض والمدد." .

    ****

    هل يقرأ عصام البشير وعبدالجليل الكاروري مثل هذه العبر؟ أقول قولي
    هذا واستغفر الله لي ولكم ،وأن ترحموا هذا الشعب يرحمكم الله.

                  

07-26-2012, 05:27 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الصادق الرزيقى يبشر بفناء حكومة الانقاذ ..


    الصادق الرزيقى رئيس تحرير صحيفة الانتباهة وهو من الاخوان المسلمين وخريج مدرسة الوان والراية الصحفية ومدافع بالحق والباطل عن نظام الانقاذ الحالى والذى تطرف واصبح من دعاة الانفصال والمروجين له يبدو انه اكتشف فجاة حقائق كانت غائبة عنه رغم ان الحقيقة غير ذلك
    هذا المقال بالاسفل يؤكد لنا ان كل تلك الحقائق لم تكن خافية عليه ولكن لماذا الان لان السبب واضح هو رضوخ الحكومة وموافقتها على الجلوس مع قطاع الشمال من الحركة الشعبية ..وهو ما اضاع له وللطيب مصطفى وصحيفتهم الانتباهة كل الجهد.. والشتائم والسخائم التى اقاموها طوال السنوات الماضية وكانا يعتقدان بانهما انتصرا فى معركتهما ولكن تاتى رياح المؤتمر الوطنى الضعيف بما لا يشتهى ارباب انفصال السودان ..

    اقرا المقال المتحسر


    على حافة الفناء!!
    الصادق الرزيقى

    نشر بتاريخ الخميس, 26 تموز/يوليو 2012 13:00


    تسابق الحكومة زمنها في مسألة المفاوضات مع دولة جنوب السودان، وهي تعلم أن كل رهاناتها على رضاء الغرب عنها خاسرة، ورغم تذرعها بما لا يفيد في هذه القضية، ففي الوقت الذي تبدو فيه حكومة جوبا هادئة ليس لديها ما تخسره ولا ما تواجهه من مخاطر بوقوف أطراف كبرى في ما يسمى المجتمع الدولي معها، تبدو الخرطوم مرتبكة في نهاية المهلة المحددة في الثاني من أغسطس المقبل وكأنها نهاية الدنيا وستقوم بها القيامة.


    لكن الحقيقة هي أن المهلة التي حددها مجلس الأمن الدولي في قراره رقم «2046»، لن يحدث فيها شيء ولا يوجد بعدها ما يخيف إلى درجة أن تقوم الحكومة ببلع قسمها المغلظ بعدم التفاوض مع قطاع الشمال في الحركة الشعبية، وهو تنظيم عميل لدولة الجنوب ووكيل لقوى خارجية لا تريد إلا خراب السودان وضعفه وهوانه.

    والغريب أن الحكومة تؤكد دون أن تدري كل ما تقوله عنها وسائل الإعلام الغربية وما يفهمه عنها المسؤولون الغربيون، وذكر لي دبلوماسي سوداني أن جينداي فرايزر مسؤولة الشؤون الإفريقية السابقة في الخارجية الأمريكية، قابلت وزير الخارجية السوداني في عهدها في مبنى الخارجية الأمريكية قبيل موعد محدد له مع كوندليزا رايس، فقالت متهكمة «نحن نفهمكم، فأنتم ترضخون للضغوط.. ولا نأبه لما تقولونه وترفضونه.. ففي النهاية تقبلون»!!


    وتجيد الحكومة هنا في الخرطوم أشياء كثيرة، لكنها تجيد أخيراً النكوص والتراجع عن مواقفها، وتبرع قيادات كثيرة في المؤتمر الوطني في تبرير الخطوات التراجعية، دون حياء ولا خجل ولا ذاكرة.
    وكذلك تجيد الحكومة لعبة الانصياع والإذعان للمجتمع الدولي أكثر من إجادتها الثبات على مواقفها المبدئية المعلنة، والتمسك بما تقرره ويعبر عن كبرياء شعبها وكرامته!!


    ويا لهول ما تود الحكومة فعله بعد أن بدأت تتحدث علانيةً بعض رموز حزبها، ويجتمع أعضاء وفدها مع قطاع الشمال للحركة الشعبية للتوصل معه لاتفاق شبيه باتفاق أديس أبابا السابق، بل أسوأ منه، وهي غير مبالية بصورتها ولا انعكاسات هذه الخطوة على الداخل السوداني ولا احترام شعبها لها.


    هذه الخطوة اذا تمت تعني فناء هذه الحكومة لا أكثر ولا أقل، فمجرد رضوخها لمشيئة الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة التي كانت وراء قرار مجلس الأمن الدولي الذي صاغته سوزان رايس، وفشلت الدبلوماسية الرسمية في إجهاضه أو كسب حليف دولي قوي ضده وإفراغه من محتواه، مجرد قبول الحكومة للتفاوض مع قطاع الشمال وانهيار تحصيناتها السياسية، فإنها ستجد نفسها بلا نصير من شعبها ولا مؤيد، فما الذي يمكن أن يرتجيه أحد من حكومة لا تستطيع ضبط الأداء الحكومي ولا كبح جماح الأسواق ولا إبطال مفعول مراكز القوى التي تعبث بالسلطة والقانون وتهين المواطن والبرلمان، ثم تأتي لتوافق على إدخال الأفاعي السامة إلى تحت ثيابه، وتستصغر شأن وطن حتى يصبح ضئيلاً مثل أقزام النِمال!!


    من المؤسف حقاً أن نكون قد تقهقرنا لهذه الدرجة المخزية، فكل المشهد العام لا يسر ولا يطمئن، وقد غاب أي رأي رشيد، وليس لدى الحكومة إلا خوفها وارتعادها من الثاني من أغسطس، وقد صور لها المفاوضون باسمها وهم تحت نيران الضغوط الخارجية أن السبيل الوحيد الذي يمكن به تجنب أية عقوبات دولية جديدة، هو قبول تجرع كأس السم الزعاف!!


    وما دري هؤلاء أن لعبة السياسة في العالم هي التلويح بالعقوبات والتهديد بفرضها والتخويف بعصاها، فإذا خاف المرتعب المرتجف وملأ قلبه الوجل جعلوه يتنازل أكثر وأضعفوه إلى درجة الانسحاق، وهذا بالضبط ما يجري خاصة إذا قرأنا بيان مجلس وزراء خارجية الاتحاد الإفريقي الأخير، وقارناه بالعبث واللؤم الذي يمارسه وفد حكومة الجنوب وعملية الابتزاز الرخيص التي تمارس.. الله وحده هو الذي يحفظ هذه البلاد وليس الحكومة
                  

07-28-2012, 04:13 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    المُعَارَضَةُ السُّودانيَّةُ: سَوَالِبُ الإِعْلانِ الدُّسْتُوريِّ الغَائِب!
    July 27, 2012
    بقلم/ كمال الجزولي …..
    مساء الأربعاء 4/7/2012، التقى قادة القوى السِّياسية السُّودانية المعارضة تحت لواء “الإجماع الوطني”، ومهروا بتوقيعهم “الجزء الأول” من وثيقة “البديل الدِّيموقراطي”، وهو “البرنامج” المتَّفق على تنفيذه خلال فترة انتقاليَّة يُفترض أن تعقب إسقاط النظام الحالي، مرجئين “الجزء الثاني”، وهو “الإعلان الدُّستوري” الذي كان يفترض التواثق على حاكميَّته خلال تلك الفترة، لولا اختلافهم حوله جزئياً. أبرز نقاط ذلك الاختلاف طول الفترة نفسها، أثلاث سنوات تكون، حسب الأغلبية، أم سنتين وفق حزب الأمَّة؟ و”نظام الحكم”، أبرلماني بمجلس سيادة، حسب الأغلبيَّة، أم رئاسي برؤية حزب الأمَّة؟ و”مستويات الحكم”، أأربعة “اتحادي + إقليمي + ولائي + محلي”، كرأي حزب الأمَّة، أم ثلاثة، باستبعاد “الولائي”، كرأي الأغلبيَّة؟ والدُّستور، هل يجاز بـ “استفتاء شعبي”، حسب الأغلبيَّة، أم بـ “هيئة تشريعيَّة”، وفق حزب الأمَّة؟ ثم هنالك إصرار الأخير على تضمين الإعلان ما أسماه “التَّعبير عن التطلعات الإسلاميَّة”، هذه العبارة المفتوحة على أكثر التَّفسيرات غموضاً وترهُّلاً!
    (1)
    وحزب الأمَّة، من قبل ومن بعد، هو واسطة عقد المعارضة، وأقوى بواشقها الذي لا تفتر الحكومة من طراده، مستهدفة تجييره في خانتها، بزعيمه الفقيه المفكر المتميز، سواء اتفقت أم اختلفت معه، وبقواعده من المجاهدين الأشاوس، رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً، ولا يقول بغير ذلك سوى مكابر؛ ومن هذه الزَّاوية وجب الاهتمام بمواقفه، هو بالذات، على مختلف الأصعدة.
    ضمن هذا الإدراك، وفي إطار اختلافاته مع حلفائه، قد لا تبدو عصيَّة على الفهم، بل وربَّما غير مستغربة البتَّة، رغبته الصَّميمة في “تقصير” فترات الانتقال، الأمر الذي لطالما أسَّس، في المستوى التاريخي، لموقفه في هذا الشَّأن على خلفيَّة ما ظلَّ يهجس لديه، دائماً، من جهة تصوُّره لنوايا اليسار والقوى الحديثة حيال أيِّ “تطويل” لهذه الفترات! واستطراداً، سيشكِّل ذلك، أيضاً، مع الفارق، موقف حزب الميرغني، في ما لو قدر له أن يلتحق بكيان “الإجماع الوطني”، فلقد سبق أن تطابق مع حزب الأمَّة، مرَّتين، في هذا النظر، الأولى عقب ثورة أكتوبر 1964م، والثانية عقب انتفاضة أبريل 1985م.
    (2)
    لكن الأمر المستوجب، فعلاً، لبيان شافٍ من حزب الأمَّة، هو نكوصه عن مواقفه المعلنة من الدِّيموقراطيَّة البرلمانيَّة والاستنارة الإسلاميَّة. هذا النكوص، وإن لم يتسبَّب وحده في تغييب “الإعلان الدُّستوري”، إلا أنه أسهم فيه بقدح معلى.
    ففي خواتيم ستينات القرن المنصرم أيَّد حزب الأمَّة مشروع الجُّمهوريَّة الرِّئاسيَّة نظاماً للحكم، غير أنه ما لبث أن تخلى عنه من خلال تبنيه، عمليَّاً، للنظام البرلماني القائم على التَّعدُّديَّة، واللامركزيَّة، والحرِّيَّات العامَّة، والحقوق الأساسيَّة، باعتباره النظام الأكثر ملائمة لظروف بلادنا، وتنوُّع شعوبنا. لذا يحيِّر، الآن، انقلابه للمطالبة، حدِّ إثارة الشقاق، باعتماد النظام الرِّئاسي الذي أثبتت تجربته في بلادنا اقترانه الكاثوليكي بالشُّموليَّة والاستبداد!
    محيِّر، أيضاً، التناقض بين جهاد الحزب، نظريَّاً، في الدَّعوة إلى “توسيع” مواعين الممارسة الدِّيموقراطيَّة، وانتهاء تلك المناداة، عمليَّاً، إلى رفض هذا “الوسع”، بلا حيثيَّات واضحة، حين يُطرح كاقتراح لاستفتاء الشَّعب، مباشرة، على الدُّستور!
    مع ذلك يلزم التنويه بسداد رأي الحزب حول هيكلة الحكم بأربعة “مستويات”: “إتحادي + إقليمي + ولائي + محلي”، مقابل خطل أعمِّ اتجاهات الرَّأي وسط أغلب حلفائه، باستبعاد المستوى “الولائي”، والاقتصار على الثلاثة الأخريات. سند هذا الرَّأي لدى أهله، خصوصاً د. الترابي، هو الخبرة العالميَّة التي لا تعرف مستويات أربعة، وإنما ثلاثة، وفي ذلك نهل غير متبصِّر من تلك الخبرة، فضلاً عن التغليب الخاطئ لـ “العالمي العام” على “السُّوداني الخاص”! فالمستويات الأربعة معاً تمثل، في الخبرة السُّودانيَّة، ضرورة لا غنى عنها للإرادة الشَّعبيَّة في حيِّزها الهويوي الجُّغرافي، بما يستلزم ترك الخيار متاحاً أمام هذه الإرادة، كي تعبِّر، بشكل ديموقراطي حر، عمَّا إن كانت تريد امتلاك كينونة “ولائيَّة” خاصة بها، أم تكتفي بالكينونة “الإقليميَّة”.
    (3)
    لكن كله كوم، وإصرار حزب الأمَّة على التَّعبير المبهم عن “التَّطلعات الإسلاميَّة” كوم آخر، لانطوائه على مفارقة بيِّنة لخط الحزب الفقهوفكري الذي لطالما أفصح عنه من خلال تواتر إعلانه التَّمسَّك بـ “مقرَّرات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيريَّة، 23 يونيو 1995م”. فرغم مفارقة هذا الحزب، باكراً، لـ “التجمُّع الوطني الدِّيموقراطي” الذي عقد ذلك “المؤتمر”، وأصدر تلك “المقرَّرات”، ومن أهمها “حظر استغلال الدِّين في السِّياسة”، إلا أنه اقترح على الحكومة، جهراً، مع ذلك، أيام كان الكلام يدور عن “الحلِّ السِّياسي الشَّامل”، أن توقع على تلك “المقرَّرات”، وذلك، كما قال، “اختصاراً للوقت .. بحيث .. ينغلق باب المماحكة والجَّدل العقيم” (الصَّحافي الدَّولي، 10/9/2001م).
    أما من الناحية الأدائيَّة العمليَّة فلا يستطيع حتَّى النظر العابر إغفال تطابق “نهج المصلحة” في ما ظل يصدر عن حزب الأمَّة من نظر فقهي، وبين ما كان “التجمُّع” قد استبطن في “مقرَّرات أسمرا”، حيث خلص كلاهما، بذهن مفتوح، إلى طرح متقارب الاستنارة. ففي ورقة العمل، مثلاً، التي أجازها المكتب القيادي لحزب الأمَّة بتاريخ 9/7/2001م، حاملة موقفه التفاوضي باتجاه المؤتمر التَّحضيري الذي كان مزمعاً عقده لتداول “الحلِّ السِّياسي الشَّامل”، طالب الحكومة بإجلاء مسألة “الدِّين والدَّولة”، بما “يؤكِّد أن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات .. (وأنه) لا يحقُّ لأيَّة مجموعة .. أن تنال امتيازات بسبب انتمائها الدِّيني، (وأن) الأحزاب .. تقوم على أساس مفتوح لكل المواطنين .. ولا تفرِّق بين الناس على أساس ديني”.
    لكن، حتف أنف ذلك البيان الناصع، ها هو إصرار حزب الأمَّة على التمسُّك بضرورة ما يسميه “التَّعبير عن الطموحات الإسلاميَّة” يجعل “المجموعة المسلمة” تنال، “بسبب انتمائها الدِّيني”، امتيازاً في النَّصِّ الدُّستوري يمتنع على بقية المجموعات!
    (4)
    فضلاً عن ذلك كانت جملة من تعبيرات “التجمُّع” التَّواثقيَّة قد مهَّدت المقدِّمات الضَّروريَّة لـ “مقرَّرات أسمرا”. من تلك التَّعبيرات، مثلاً، برغم الثِّقل المسلم في صياغتها، والمشاركة النَّشطة والفاعلة لحزب الأمَّة فيها، النصُّ، ضمن المادة/10 من “مشروع الدُّستور الانتقالي” الذي أجازته هيئة قيادة “التجمُّع” في دورة اجتماعها الثانية بلندن (26 يناير ـ 3 فبراير 1992م)، على واجب الدَّولة في معاملة معتنقي الأديان السَّماويَّة وأصحاب كريم المعتقدات الأرواحيَّة “دون تمييز بينهم في ما يخصُّ حقوقهم وحرِّيَّاتهم المكفولة في هذا الدُّستور كمواطنين، ولا يحقُّ فرض أي قيود على المواطنين أو على مجموعات منهم على أساس العقيدة أو الدِّين”؛ إضافة إلى النصِّ، بأسلوبيَّة لغويَّة تذكِّر بـ “الصَّحيفة/دستور المدينة”، على أن “يهتدي المسلمون بالإسلام ويسعون للتَّعبير عنه، (و) يهتدي المسيحيون بالمسيحيَّة ويسعون للتَّعبير عنها، (و) يُحظر الاستخدام المسئ للأديان وكريم المعتقدات .. بقصد الاستغلال السِّياسي”. وكم هو شاسع الفرق بين كفالة هذا الحقِّ المتساوي للأديان كافَّة، وبين مطالبة حزب الأمَّة، الآن، بتخصيص امتياز دستوري للجَّماعة المسلمة وحدها!
    ومن تلك التعبيرات/المقدِّمات، أيضاً، النصُّ، ضمن “إعلان نيروبي، 17 أبريل 1993م”، حول “الدِّين والسِّياسة”، وانعكاسه، بعد عامين، في “مقرَّرات أسمرا”، على “اعتبار مواثيق حقوق الإنسان الدَّوليَّة جزءاً من القوانين السُّودانيَّة، وبطلان ما يخالفها، وكفالة القانون للمساواة بين المواطنين على أساس حقِّ المواطنة، واحترام معتقداتهم، وعدم التمييز بينهم بسبب الدِّين أو العرق أو الجِّنس، وبطلان ما يخالف ذلك، وعدم جواز تأسيس أي حزب سياسي على أساس ديني، ووجوب اعتراف الدَّولة واحترامها لتعدُّد الأديان وكريم المعتقدات، وتحقيقها للتعايش والتفاعل والمساواة والتسامح (بينها) .. وسماحها بحريَّة الدَّعوة السِّلمية للأديان، ومنعها الإكراه أو التحريض على إثارة المعتقدات والكراهيَّة العنصريَّة، والتزام “التجمُّع” بصيانة كرامة المرأة، والاعتراف لها بالحقوق والواجبات المضمَّنة في المواثيق والعهود الدَّوليَّة بما لا يتعارض مع الأديان، وتأسيس البرامج الإعلاميَّة والتعليميَّة والثقافيَّة القوميَّة على الالتزام بمواثيق وعهود حقوق الإنسان الإقليميَّة والدوليَّة”؛ وقد انعكس أكثر ذلك، بعد اثنتي عشر سنة، في الدُّستور الانتقالي لسنة 2005م.
    إذن، وبصرف النظر عن الخلاف حول الصِّيغة التي وردت بها حقوق المرأة في “ميثاق أسمرا”، فإن ذلك “الميثاق” الذي مهَّدت له تلك المقدِّمات الضَّروريَّة، والذي ما يزال حزب الأمَّة يعلن عن تمسُّكه به، لم يترك قضيَّة “الدِّين والسِّياسة” مبهمة، أو نهباً للتَّوتُّر الشِّعاري الغامض، أو عرضة للتفسيرات والتأويلات الجُّزافيَّة، بل حسم الجَّدل حولها، ليس فقط بموافقة حزب الأمَّة، وإنما بمشاركته النشطة والفاعلة، كما سلفت الإشارة، على عكس التيار السُّلطوي الذي تمثله، في راهننا المأزوم، النخبة الإسلامويَّة الحاكمة، والذي انغلق في إسار التَّوتُّر الشِّعاري لمطلب “وصل الدِّين بالدَّولة”، جاعلاً منه ترياقاً مضادَّاً لـ “حقوق الإنسان” التي تَسِمُ روح العصر بأسره. ومع ذلك، فهو، للمفارقة، أكثر إفصاحاً من شعار “التَّعبير عن الطموحات الإسلاميَّة” المبهم الغامض الذي يتشدَّد حزب الأمَّة، الآن، في التَّمسُّك به!
    ويلزم، هنا أيضاً، للدِّقة والموضوعيَّة، التنويه بسداد مقترح د. الترابي الداعي للنأي بـ “الوثيقة” عن التعبيرات الأيديولوجيَّة، لطابعها الانتقالي، من جهة، ولكون المطلوب، من جهة أخرى، هو تحشيد أوسع نطاق من القوى والاتِّجاهات والمدارس الفكريَّة والسِّياسيَّة حولها.
    (5)
    ثمَّة جانب آخر من سلبيَّات “الوثيقة” تقع مسئوليته على أطرافها أجمعهم، ويتلخَّص في أنه، وبالافتراض الموضوعي لوجوب تحمُّل المعارضة عـبء النهوض، أيضاً، بإطفاء حرائق الوطن، فإن من أوجب واجبات قوى “الإجماع” عدم ترك فصائل الهامش المسلحة تتدجَّج وحدها، من صقع إلى صقع، بعُدَّتها وعتادها، وبغبينتها التاريخيَّة التي ما تنفكُّ تزداد تراكماً، يوماً عن يوم، وبذل المزيد من الجَّهد لاجتذابها إلى ساحة الفعل السِّياسي، بأدواته المتمثلة في الحوار، والتفاوض، والتظاهر، والاعتصام، وتقديم المذكِّرات، وشتَّى أشكال الاحتجاج الجَّماهيري السِّلمي. لكنَّ وثيقة “البديل” تلك لا تندُّ عنها، للأسف، سواء في جزئها الموقَّع “البرنامج”، أو مشروع جزئها الغائب “الإعلان الدُّستوري”، ولو محض نأمة باهتة، دع أن تفصح، بجهر مرغوب فيه، عن النيَّة في التصدِّي لذلك الواجب!
    هذا التقصير يقع، للمفارقة، في ذات اللحظة التاريخيَّة التي تصدر فيها، من الجانب المقابل، شتَّى البيانات التي تعبِّر عن استعداد فصائل الهامش تلك للفعل السِّياسي السِّلمي. من ذلك، مثلاً، مبادرة “حركة العدل والمساواة” الدَّاعية إلى إيجاد صيغة “للعمل المشترك بين القوى الوطنيَّة السِّياسيَّة والثوريَّة والمهنيَّة وتنظيمات المجتمع المدني والمرأة والشَّباب”، وكذلك ملاحظاتها حول وقوع تراجع في وثيقة “الإجماع” الأخيرة التي قصرت مكوِّنات حكومة الفترة الانتقاليَّة على مفردات “الإجماع” وحدها، مقارنة بصيغتها الأولى التي شملت فصائل الهامش المسلحة والأقاليم ضمن تلك المكوِّنات، وإلى ذلك الدعوة التي أطلقتها “الجَّبهة الثوريَّة” إلى ضرورة “التَّوافق” بين مكوِّنات “المعارضة المدنيَّة” من ناحية، و”الحاملة للسِّلاح” من ناحية أخرى؛ فضلاً عن النقد الذي وجَّهته الحركة الشَّعبيَّة/شمال لما اعتبرته تجاهلاً من وثيقة “الإجماع” لقوى الهامش الثوريَّة، تكراراً، على حدِّ تعبيرها، لنفس مناهج التفكير التي ظلت تضع مصير الوطن في يد قلة، وتعزل الآخرين، فلا تفعل أكثر من إعادة إنتاج أزمات الماضي، أوان الاستقلال وأكتوبر وأبريل!
    (6)
    النقد والنقد الذَّاتي، البعيدان عن المرارات، مطلوبان، لا ريب، في إطار أي عمل عام. سوى أنه، مع تراكم الإحباطات الناجمة عن الإخفاق هنا أو هناك، وتصاعد نبرة “المرارات” و”المرارات المضادَّة” في العلاقة بين “القوى السِّياسيَّة” و”القوى الثَّوريَّة”، فإنها، أجمعها، سوف تلفى أنفسها في حالة تقاطع، ليس مع النظام وحده، بل مع بعضها البعض، ربَّما بدرجة أعنف، وإحنة أشد .. ولات ساعة مندم!
    لذا فرُبَّ ضارة نافعة، وإرجاء إصدار “الإعلان الدُّستوري” قد يتيح فرصة مطلوبة لتلافى أوجه القُّصور التي لحقت بـ “الوثيقة”، وحرفت التوجهات الأساسيَّة صوبها. والواجب الأساسي المطروح، الآن، على كلِّ القوى، مدنيَّة وحربيَّة، وبوجه خاص قوى “الإجماع”، هو أن تتضافر جهودها لتحقيق أكبر قدر من الاتِّساق مع منطق التاريخ الذي لا يحابي، ومع إرادة الشَّعب الذي ينظر ويحكم، بما فيه جماهير هذه القوى نفسها .. اللهمَّ فاشهد

    (عدل بواسطة الكيك on 07-29-2012, 06:33 AM)

                  

07-28-2012, 04:30 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    هل حقاً إنطفأت الثورة !!! ..
    بقلم: سيف الدولة حمدناالله
    السبت, 28 تموز/يوليو 2012 21:21

    ليس هناك شعب شجاع وآخر ########، فثورات الربيع العربي قد أثبت أن شجاعة الشعوب هي (حالة) وليست (صفة)، فقد ظل الشعب السوداني يعتقد – بحق - بأنه (أضكر) الشعوب العربية، وأن الرجل السوداني - في باب الشجاعة ورفض الظلم - يساوي عشرة أمثاله من الشعوب الأخرى، وساعد في ترسيخ هذه العقيدة بسالته في الحروب التي خاضها في تاريخه الحديث (الثورة المهدية)، وكذلك نجاحه في إشعال ثورتين شعبيتين في مدى عقدين (أكتوبر 1964 وأبريل 1985).


    فالشعب السوري – مثلاً – لم يفتح فمه بكلمة طوال تاريخه، رغم كل الظلم الذي تجرعه بأيدي الطغاة الذين حكموه، وكان ذات الشعب السوري الذي نراه اليوم يهتف قبل بضعة سنوات (الله والأسد وبس) في الوقت الذي كان الأسد (الأب) يقوم فيه بخسف قرى كاملة بأهلها من على سطح الأرض بالسلاح الكيماوي ، وها هو اليوم يدخل الشهر الثامن عشر من تاريخ ملحمته الباسلة التي يطالب فيها بالحرية لا بقطعة الخبز ، ورغم أرتال الشهداء والدمار والتشريد الذي أصابه من وراء الثورة، لم يتسرب اليأس الى قلب الشعب حول مقدرته على إزالة النظام، وعلى الرغم من أن أدوات تفريق المظاهرات التي يستخدمها النظام في سوريا تشمل الدبابات والمدفعية الثقيلة والأسلحة الرشاشة، الاٌ أن الثورة تمضي كل يوم في إتساع وتقترب من تحقيق النصر.


    في حضرة هذه البطولات التي قدمتها الشعوب من حولنا، يكون من المهين في حق شعبنا أن يقال أنه إنصرف عن ثورته بسبب حرارة الطقس، أو سخونة "البنبان" على العيون، أو بسبب دخول شهر رمضان، فهذه الأسباب مجتمعة لا تصلح لتعطيل مباراة كرة قدم لا تعطيل ثورة شعبية، ويجب على شعبنا أن يلتفت عن الأصوات التي تعمل على كسر إرادته وإخراس صوته، فلا بد من الصبر والمواصلة في مجابهة النظام حتى تأتي اللحظة الفاصلة - وهي قريبة - التي تبلغ معها الثورة المرحلة التي تُصبح فيها المدرعة الحربية بين يدي الثوار في مقام سيارة "التيكو"، وتضحي فيها طلقات الرصاص مثل لسعات البعوض.


    الواقع أن الثورة لم تنطفئ، بل لن تنطفئ، ولن تتراجع، ومع كل شمس تشرق يزيد النظام في الأسباب التي تجعل من إستمرارها لا توقفها أمراً لازماً، ولكن لا بد لنا من الوقوف على الأخطاء التي أفضت للقول بتراجع الثورة، وأول هذه الأخطاء حصر التظاهرات على يوم الجمعة من كل إسبوع، فقد أتاح ذلك للنظام فرصة كافية لحصر أسماء القيادات والناشطين ومن ثم الترتيب لحملة إعتقالهم من منازلهم (تم إعتقال أكثر من 2000 ناشط سياسي)، ، وقد ترتب على ذلك تغييب دور القيادة في تنظيم الصفوف، فضلاً عن أنه من شأن التظاهرات الإسبوعية كانت تتيح لقوات النظام الفرصة الكافية لإلتقاط أنفاسها وتمكينها من وضع الخطط الأمنية اللازمة لمحاصرة التظاهرات أينما خرجت.

    لقد جاء الوقت الذي يجب أن تتحرك فيه قوات الجبهة الثورية (كاودا)، لتقوم بحماية الثورة في الخرطوم والمدن الكبرى، فالواضح أن النظام قد إختار الحل العسكري في إخماد الإنتفاضة الشعبية، ويشهد على ذلك عدد الجنود المدججين بالسلاح في كل شارع أو زقاق تقوم به مظاهرة صغيرة، وقد إعترف الرئيس البشير بلسانه بوجود مليشيات من المجاهدين هدد بدفعها للميدان، ومثل هذه الخيارات العسكرية لا يمكن أن تُجابه بفروع الأشجار والحجارة التي تتوفر في أيدي الشعب.


    لقد أحسنت الأحزاب السياسية صنعاً بعجزها وتخاذلها عن دعم الإنتفاضة الشعبية، حتى لا يكون لها دين في رقبة الشباب الذين يدفعون ثمن التحرر من هذا النظام بأرواحهم ودمائهم، فالإنقاذ لم تظلم هذا الشعب وحدها، فقد شاركها في الظلم كل من وقف الى جانبها ومنحها الشرعية بإسم الشعب، وقد حان الوقت ليتولى أمر هذا الشعب الجيل الذي خرج (وحده) لمجابهة النظام بمثل هذه البسالة التي رأيناها في الأيام الماضية، فالجيل الجديد هو الذي يستطيع أن يأخذ بيد هذا الوطن ويعبر به الى بر الأمان.


    حتماً لن تنطفئ الثورة، وسوف تمضي حتى تحقق غاياتها بالنصر الكبير، لتقتص لنا من دولة الظلم والفساد ، وغداً سوف تدق ساعة النصر، وحينها سوف يدرك كل الذين باعوا أنفسهم للنظام ومدوا أيديهم اليه، فداحة المصيبة ومقدار الخيانة التي إرتكبوها في حق الشعب بإسم (الوطنية)، فالتحية لأبطالنا من أمثال الدكتورة "سارة حسبو" و الطالبة حليمة حسين (طالبة بالصف الأول بكلية الزراعة شمبات إقتلع طلق ناري عينها اليمنى من محجرها أثناء ه########ا بسقوط النظام) ورفاقهم من الطلبة والخريجين وشباب الوطن الذين يقدمون أرواحهم ببسالة فداء لوطن يتابع شعبه (المسحوق) أخبار الثورة من القنوات الفضائية، والنصر لثورة الشعب.

    (عدل بواسطة الكيك on 07-29-2012, 06:29 AM)

                  

07-28-2012, 04:38 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    (عدل بواسطة الكيك on 07-28-2012, 04:47 PM)

                  

07-28-2012, 04:38 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)


    سد الألفية الأثيوبي: حميد نقبله أم خبيث نرفضه؟ ..

    بقلم: الإمام الصادق المهدي
    السبت, 28 تموز/يوليو 2012 09:44
    S بسم الله الرحمن الرحيم

    25 يوليو 2012م


    1. حوض النيل مرتبط عضوياً بالشرق الأوسط وهما يمثلان رقعة استراتيجية مهمة جداً في العالم. عندما اتجه الرئيس المصري جمال عبد الناصر لبناء السد العالي بتمويل سوفيتي اثناء الحرب الباردة، قدم الأمريكان في ستينات القرن الماضي مشروعات لأثيوبيا في أعالي النيل لبناء عدد من السدود في تحد لاتفاقيات سابقة أهمها:
    1902م اتفاقية بين بريطانيا ممثلة لمصر والسودان وأثيوبيا تعهدت بموجبها بعدم القيام بأعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أوالسوباط تؤثر على انسياب المياه شمالاً إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية الممثلة لمصر والسودان يومئذٍ.
    1906م أبرمت بريطانيا ممثلة لمصر والسودان مع مستعمرة الكنغو اتفاقية ألزمت الأخيرة بعدم إقامة منشآت على نهري السمليكي وتانجو تقلل من المياه التي تصب في بحيرة ألبرت بدون موافقة حكومة السودان.
    1929م أبرمت بريطانيا نيابة عن مستعمراتها: السودان، وكينيا، ويوغندا، وتنزانيا مع مصر اتفاقية نصت على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل، وعدم القيام بأعمال بخصوص الري أو التوليد الكهربائي على الفروع المغذية للنيل ما يؤثر سلبا على انسياب المياه شمالاً: سواء بتقليل الانسياب أو تعديل منسوب المياه أو طريقة وصولها إلا بالاتفاق مع مصر. وتقرر أن يكون لمصر حق مراقبة مجرى النيل من منابعه حتى مصبه.
    1959م أبرمت اتفاقية بين مصر والسودان لاقتسام مياه النيل ومقدارها قياساً في أسوان 84 مليار متر مكعب قسمت بعد 10 مليارات تبخر كالآتي: 55.5 مليار م³ لمصر و18.5 م³ للسودان.
    كان موقف دول المنابع من هذه الاتفاقيات: أن الاتفاقيات القديمة موروثة من عهد الاستعمار وهم كدول جديدة ذات سيادة غير ملتزمين بها في تناقض مع مبدأ توارث الاتفاقيات الدولي. أما اتفاقية 1959م فهي ثنائية لم يشركوا فيها وهي غير ملزمة لهم.
    2. لم تهتم دول المنابع كثيراً بمياه النيل للري لأنها في مناطق منابع النيل تحظى بأمطار غزيرة تكفي للري الزراعي. ولكن زيادة السكان فيها والاهتمام بالتنمية وتطور التكنولوجيا جعلها تهتم بالانتاج الكهروبائي للتنمية فيها وللتصدير.
    وبالنسبة لأثيوبيا بعد تحقيق درجة من الاستقرار فيها لا سيما منذ بداية القرن الواحد وعشرين ركزت على بناء السدود في بعض المناطق مثل وادي نهر الحواش للزراعة ولكن في المناطق الغربية من البلاد وهي جبلية كان بناء السدود للانتاج الكهروبائي. أهم هذه السدود سد النهضة أو الألفية الذي أعلنت أثيوبيا العزم على تنفذه في أبريل 2011م.
    التقديرات المتاحة حالياً أن هذا السد سوف يكون ارتفاعه 240متراً، ويكّون بحيرة سعتها 151 كليومترا مربعا، ويحجز مياه مقدارها 63 مليار متر مكعب، وسوف يولد طاقة كهروبائية مقدارها 5250 ميقاواط وهي ثلاثة أضعاف ما يولد السد العالي من الكهرباء. ويكلف السد مبلغ 4.5 مليار دولار.
    هنالك معارضة داخلية من بعض سكان منطقة السد لأنه سوف يغطي مساحة من أرضهم ويجبر على ترحيلهم.
    وهنالك معارضة مصرية وسودانية بأن قرار إقامة هذا السد كان مفاجئاً لهما ولم يشتركا فيه ما أدى لاتهامات بأن في الأمر مؤامرة ضد البلدين.
    لا شك أن القرار أثيوبي انفرادي. ونحن في مصر والسودان يهمنا كثيراً التعاون مع دولة الهضبة الأثيوبية لكيلا تقيم مشاريع تضر بانسياب المياه شمالاً. وكذلك مع دول الهضبة الاستوائية لنفس الهدف، وكذلك للتعاون في زيادة دفق مياه النيل الأبيض بحوالي 20 مليار متر مكعب بيانها:
    9 من قناة جونقلي الأولى والثانية.
    7 من قناة بحر الغزال
    4 من السوباط ومشار
    20 الجملة
    ولكن تصرفاتنا في مصر والسودان كان لها دور مهم في صناعة الفوضى في حوض النيل. الفوضى التي من شأنها ترك الأمر سداح مداح للتصرفات الانفرادية:
    ‌أ. ظللنا نتمسك بحجة المعاهدات القديمة التي تجاوزها الموقف السياسي والاقتصادي والديمغرافي في دول المنابع، وحتى محاولة الأمم المتحدة إصدار اتفاقية دولية ملزمة لأحواض الأنهار المتعدية للحدود في عام 1997م لم تحسم الأمر لأن الاتفاقية نفسها حمالة أوجه ولأن أهم دول حوض النيل تحفظت عليها.
    ‌ب. صنعنا استقطابا في حوض النيل لأننا أبرمنا اتفاقية ثنائية في عام 1959م ورفضنا مشاركة دول المنابع متصرفين كأن النيل ملكية ثنائية خالصة لنا.
    ‌ج. صحيح أننا تجاوبنا مع مبادرة حوض النيل الدولية منذ 1999م، وأهم أهداف هذه المبادرة إبرام اتفاقية شاملة لحوض النيل ومع النجاح في الاتفاق على بنود الاتفاقية الجديدة تركز الاختلاف حول:
    - تعديل الوضع القانوني القديم بما لا يؤثر بصورة جسيمة على الاستخدامات الحالية كما ترى دول المنابع، أم رفض أي تعديل كما ترى مصر والسودان؟
    - أن يكون التصويت في المفوضية بالأغلبية أم بالاجماع؟
    - مدى الالتزام بالاخطار المسبق في حالة الاقدام على أية مشروعات؟
    نتيجة لهذا الاختلاف وقعت على الاتفاقية الجديدة ست دول يتوقع أن ترتفع إلى سبع بانضمام دولة جنوب السودان. بينما أعلنا في مصر والسودان مقاطعتنا لهذه الاتفاقية ووقفنا بعيدين عن المفوضية الناتجة عنها.
    إدارة ملف مبادرة حوض النيل من ناحية مصر (النظام القديم) والسودان كانت معيبة للغاية.
    الرجل المؤهل حقيقة لإدارة هذه الأزمة من الناحية المصرية هو د. محمود أبو زيد فهو رئيس سابق لمجلس المياه العالمي وهو القائد الطبيعي لفريق وزارة الري وعنده خبرة فنية وعلمية ودبلوماسية ممتازة. ولكن لأسباب غير موضوعية قرر رئيس الوزراء المصري آنذاك إعفاءه من الوزارة بصورة مهينة واستبداله بمهندس مؤهل أكاديمياً فحسب، فتولى الملف مندفعاً بمواقف نظرية فساهم في تكوين استقطاب حاد في حوض النيل حول الموقف من الاتفاقية الجديدة.
    أما موقف السودان فيما يتعلق بملف الري هذا فقد كان كثير العيوب:
    • إهمال ملف المياه في محادثات السلام فجاء بروتوكول قسمة الثروة خالياً تماماً منه مع أن الخبراء – مثلا- يوهانس أجاوين مدير منظمة العدل الأفريقية قال: موضوع استخدام مياه النيل من الأرجح أن يسبب الاحتكاك بين الشمال والجنوب مباشرة بعد إبرام اتفاقية السلام. لا توجد حجة مقنعة لاهمال المياه في بروتوكول الثروة. ورد في بروتوكول تقاسم السلطة على أن تكون الحكومة السودانية هي المسؤولة من هذا الملف بإشارة من حكومة الجنوب لكسب دول المنابع والمصب لصالحها. أي أن الجنوب غير مسئول عن موقف حكومة السودان من الاتفاقيات السابقة.
    • عدم الحرص على استخدام حصة السودان في مياه النيل لذلك كنا في العهد الديمقراطي معطين تعلية خزان الرصيرص أولوية، ثم خزان سيتيت، ثم خزان مروي وشرعنا فعلا في تعلية الرصيرص. ولكن النظام الذي أطاح بالديمقراطية قلب الأولويات مع أن تعلية الرصيرص يكلف ثلث مروي ويزيد من كفاءة مروي وينتج ثلث الطاقة الكهرومائية مع الفوائد الزراعية الكبيرة. لا توجد حجة مقنعة لقلب الأولويات!
    • وبعد توقيع الدول الخمس على الاتفاقية الجديدة في مايو 2010م في عنتبي ثم لحقت بهم بوروندي في فبراير 2011م تذبذب موقف السودان بصورة مخجلة.
    طلبت مصر والسودان الدعوة لاجتماع وزراء ري دول الحوض في أكتوبر 2011م ثم طلبا تأجيله، وطلبا تأجيلاً ثانياً واستجيب لهما ليعقد الاجتماع في يناير 2012م ومع ذلك تغيبت الدولتان.
    • واتسمت تصرفات الوفد السوداني بالذبذبة: خرج من اجتماع في مايو 2009م احتجاجاً على مناقشة مشروع الاتفاقية، وأعلن السودان أنه انسحب من مبادرة حوض النيل، ثم غير موقفه وأعلن أنه جمد عضويته ولم ينسحب، ثم غير موقفه مرة ثالثة بأنه جمد موقفه من مشاريع المبادرة لا من المبادرة ذاتها!
    طبعا هذا الإهمال لقضية حيوية مثل مياه النيل والتقلب جعله ممكنا أن القيادة السياسية غير ملمة بالقضية والنظام الاوتقراطي لا مجال فيه للمساءلة.
    إذن حكومتا مصر (العهد القديم) والسودان ساهمتا في صناعة الفوضى في حوض النيل.
    3. دول المنابع لا تقدر بالدرجة الكافية أهمية النيل الخاصة لمصر أولا ثم للسودان:
    تعتمد مصر بصورة لا تقارن على مياه النيل لأنه موردها المائي الأوحد (95%) ومن يستعرض جغرافية مصر يرى أن الحياة فيها تقوم حول النيل. فصار النيل لمصر هو الحياة وهو أيقونة الوجود على نحو ما قال أحمد شوقي:
    أَلَم نَكُ مِن قَبلِ المَسيحِ اِبنِ مَريَمٍ وَموسى وَطَهَ نَعبُدُ النيلَ جارِيا
    فَهَلّا تَساقَينا عَلى حُبِّهِ الهَوى وهَلّا فَدَيناهُ ضِفافاً وَوادِيــــــا
    نحن في السودان أقل اعتماداً على مياه النيل ولكننا نعتمد على مياهه للزراعة المروية والتوليد الكهربائي.
    لكي يحل التعاون محل الصدام ينبغي أن تدرك دول المنابع ما للنيل من أهمية حياتية خاصة في مصر ثم السودان، ولكن التعاون تفاعل، علينا نحن أيضا أن ندرك أن عوامل كثيرة استجدت في دول حوض النيل الأخرى: كثافة سكانية، ضرورة تنموية، مجاعات متكررة، خيارات جديدة أتاحها التطور التكنولوجي خاصة في مجال الانتاج الكهرومائي ما أعطى الانتفاع بمياه النيل لديهم أهمية مستجدة. وعلينا أن ندرك شعورهم بأننا في أسفل الوادي نتعامل معهم باستعلاء وحرص على مصالحنا دون مراعاة لمصالحهم. وعندما يتحدثون عنها يكيل لهم كثيرون منا الاتهامات بالعمالة لجهات أجنبية.
    4. لدى مقابلتي لرئيس وزراء أثيوبيا في عام 1997م قال لي: نحن حريصون جداً على الاتفاق معكم ومع مصر حول مياه النيل، ولكن مصر والسودان يتصرفان معنا بموجب اتفاقيات قديمة كأن النيل لا يهمنا وهذا الآن تغير كثيراً فنحن أكثر سكاناً، والإنتاج الكهرومائي بالنسبة لنا أكثر أهمية للتنمية فإن استمر هذا الحال الذي يفرض علينا قراراً ثنائياً ويئسنا من التجاوب سوف نتصرف بما يحقق مصلحة شعبنا. وبعد أسبوع من هذا اللقاء التقيت الرئيس المصري السابق في القاهرة وتطرق الحديث لمياه النيل فقال: النيل هو حياة مصر ومن يمد يده عليه سوف نقطعها.
    المبدأ الأول الذي يجب أن نقره هو العمل على منع أية تصرفات انفرادية في حوض النيل.
    والمبدأ الثاني الذي ينبغي أن نقره هو استبعاد العنف في حسم قضايا النيل على أساس أن التعاون هو الركيزة الوحيدة التي تقوم عليها استخدامات مياه الأحواض المشتركة.
    والمبدأ الثالث هو العمل على إبرام الاتفاقية الجديدة لحوض النيل ما يعني الانضمام لاتفاقية مبادرة حوض النيل فغيابنا من منبر يعني غياب مصالحنا والسماح للآخرين باتخاذ قرارات في غيبتنا فيبقى أمامنا خيار التقاضي الدولي أمام محكمة العدل الدولية، ولا تستطيع تناول الأمر إلا إذا احتكم لها الطرفان المختلفان، أو مجلس الأمن الدولي ولا يرجى أن يلزم دول المنابع بالاتفاقيات القديمة أو الاتفاقية الثنائية التي لم يكونوا طرفاً فيها. ينبغي أن ننضم للاتفاقية الجديدة ودول المنابع أبدت استعدادها للالتزام بعدم المساس بصورة مؤثرة سلبا على الحقوق المكتسبة. مع العلم أننا حتى في اتفاقنا الثنائي (اتفاقية 1959م) وضعنا بنداً لحصة محتملة للدول الأخرى في استخدامات مياه النيل.
    إن ايجاد أساس قانوني جديد لحوض النيل هو الموضوع الأهم الذي يجب أن نركز عليه.
    غياب الاتفاق الجديد لا يعني استمرار الوضع القانوني القديم الموروث كما يتوهم بعض الناس، ولكنه يعني إطلاق عنان الفوضى في الحوض.
    الفوضى في حوض النيل هي عدونا الأكبر لأنها تفتح المجال للتصرفات الفردية وللاستقطاب الحاد.
    5. رغم الفوضى الحالية ورغم أن أثيوبيا أقدمت على مشروع سد الألفية فإنها ما زالت تتحدث بلغة التفاهم مع مصر والسودان في تصريحات على لسان وزير خارجية أثيوبيا ورئيس الوزراء الأثيوبي الذي أعلن استعداد بلاده لمناقشة ومراجعة الآثار السلبية التي قد يسببها سد الالفية لمصر والسودان.
    نعم سوف يؤثر قيام سد الألفية في أثيوبيا على انسياب المياه شمالاً بما يحدث من بخر من بحيرة، الخزان وما يؤثر على أوقات انسياب المياه.
    نعم سوف يقلل الخزان من حجم بحيرة السد العالي.
    نعم سوف يحجز السد كمية من الطمي الذي يخصب أراضينا، وربما يقلل السد حجم الطاقة الكهرومائية المنتجة في السد العالي.
    نحن محتاجون لدراسة فنية شاملة للآثار السالبة التي يحدثها قيام سد الألفية في المجالات المذكورة وفي البيئة الطبيعية. هذا موضوع لا يعامل بالعفوية والارتجال وهو موضوع قومي ينبغي أن يشترك في أمره كل المجتمع بخبرائه ومهندسيه فاحتكار القرار فيه للحكومة خطأ جسيم.
    هنالك إيجابيات يرجى أيضا أن تدرس بدقة أهمها:
    • الطمي الذي سوف يحجزه السد يقلل من ترسبه في خزانات السودان والسد العالي ما يزيد من كفاءتها ويزيد من إمكاناتها في توليد الطاقة بسبب قلة الإطماء وبالتالي زيادة الطاقة التخزينية.
    • بالنسبة لنا في السودان يمكن أن يحقق ما حققه السد العالي لمصر وهو تنظيم انسياب مياه النيل الأزرق لمنع هجمتها القصيرة العمر وضبط فيضانها وتنظيم توافرها على طول السنة. مما يقلل من مخاطر الفيضانات ومشاكل الهدّام السنوية.
    • الوادي الذي يقع فيه السد عميق والمنطقة التي تخزن فيها مياهه طقسها أكثر اعتدالاً منه في السودان وفي مصر ما يجعل التخزين المائي فيها أفضل من حيث قلة البخر.
    • مهما شيد السودان من خزانات فإنه محتاج لمزيد من الطاقة وكذلك مصر، السد سيوفر طاقة للتصدير لدول الجوار بما فيها مصر بتكلفة- تصل لثلث إنتاجنا لها- هذا طبعا بافتراض ربط الشبكة الكهربائية بين بلداننا.
    إن لدول حوض النيل مصالح في مياه هذا النهر العظيم، يجب أن نعترف أن السيادة على النهر مشتركة فمصر صاحبة المصلحة الأكبر في مياه النيل لأسباب تاريخية وطبيعية، والسودان صاحب مصلحة كبيرة باعتبار ما لديه من أراضٍ صالحة للزراعة المروية، وأثيوبيا المنتجة الأكبر للمياه والكهرباء فالمطلوب نظرة تكاملية لمصحلة الأمن الغذائي والطاقي للدول المذكورة. ولا بد أن تدخل دول الهضبة الاستوائية في معادلة التكامل هذه. وهذا كله ممكن إذا تأكد للجميع وجود معادلات كسبية في حوض النيل تتحول لصفرية إذا غابت الحكمة والقيادة الرشيدة. هذا هو جوهر كتابي الصادر عام 2000م في القاهرة: مياه النيل الوعد والوعيد.
    أما فيما يتعلق بسد الألفية فينبغي أن نسعى للمشاركة في كل أوضاعه بما في ذلك الدراسات الفنية لضمان كفاءتها والحيلولة دون أية سلبيات، وحبذا لو أن أثيوبيا أشركتنا في المشروع بما يحقق المصالح المشتركة خاصة وهناك لجنة فنية مشتركة حاليا فيها ممثلون لكل من أثيوبيا والسودان ومصر إضافة لأربعة خبراء دوليين لبحث المسائل الفنية، يمكن أن تقترح آلية مشتركة لإدارة السد. ولكن حتى إذا لم يتوافر هذا فنحن تهمنا ضبط مواعيد انسياب المياه شمالاً ومعرفة الزمن المطلوب لملء بحيرة السد وغيرها من العوامل الإدارية. وفي مجال المزارعة ومع قرب بحيرة السد من الأراضي السودانية يمكن شق قناة من بحيرة السد لري أراضٍ في السودان.
    6. المطلوب بالحاح الآن هو:
    ‌أ. إبرام اتفاقية حوض النيل الجديدة بمشاركة كافة الدول المتشاطئة على الحوض وهو ما تحققه الاتفاقية الإطارية إذا انضمننا إليها وركزنا داخلها على تحديد انصبة كافة الأطراف وكيفية تجنب الإضرار بالحقوق المكتسبة والاهتمام بالاتفاقيات والاستثمارات المطلوبة لزيادة انسياب مياه النيل.
    ‌ب. إيجاد صيغة تعاون مؤسسي في مشروع الألفية لزيادة الايجابيات واحتواء السلبيات.
    7. قيام سد الألفية سوف يزيد من الحساسيات الأمنية في حوض النيل وهنالك عوامل اقتصادية مشتركة، وعوامل ثقافية مشتركة، وهي عوامل تشير إلى ضرورة حد أدنى من اتفاقية أمنية إستراتيجية بين دول حوض النيل وربما أمكن تطويرها في اتجاه تكاملي أكبر. ولكن حالة التعامل الغافل القديم ما عادت ممكنة، بل إن استمرارها خطر على الأمن القومي مثلما هو خطر على التنمية وعلى الأمن الغذائي

    (عدل بواسطة الكيك on 07-28-2012, 04:48 PM)
    (عدل بواسطة الكيك on 07-29-2012, 06:25 AM)

                  

07-28-2012, 04:38 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    المواجهة…!!
    July 27, 2012

    الشفيع خضر سعيد

    ***النظام إستنفد من الوقت ما يجعل الجسم يطرده، مثل شوكة أدمته وتعفنت داخله. لكنا، لن نأبق من سلطان الشعب، وسنكرر إننا لن نيأس من لحظة وصول ردة الفعل الجمعي، وهي اللحظة التي تتوج الفعل السياسي الثوري وتعلن ميلاد إنتفاضة التغيير

    ثم ماذا بعد أن تواصل الحكومة إنكار وتكذيب الأخبار المتواترة عن الإحتجاجات الشبابية، وتنفي توجيهها لأجهزتها الأمنية بمواصلة حملات الإعتقال التي داهمت بها البيوت وتعدت فيها على قلوب الأمهات والأطفال، مشهرة سلاح الحكم بكل جبروته، بطريقة لو سئل السائل عن دواعيها لما إستطاع إلى ذلك سبيلا! ثم ماذا بعد أن سيطرت القلة ردحا من الزمان، ومؤخرا بدأت هذه السيطرة في التخلخل، هل يواصل الجميع التفرج على خشبة الحياة وهي تتهاوى في كل السودان؟.

    كل الشواهد تقول أن المواجهة المفضية للتغير آتية لا ريب فيها. لكن، نظام الإنقاذ يعمل بكل طاقته وإمكانياته من أجل تأجيل هذه المواجهة، متفننا في إستخدام مجموعة من الآليات، مثل: التكذيب وطمس الحقائق، القمع وتكبيل الرأي الآخر، التفاوض المفتوح الشهية ما دام سيفضي للمزيد من الفترات الانتقالية يظل النظام، خلالها وبعدها، هو المسيطر….الخ. فإذا أخذنا الآلية الأولى، وهي آلية التكذيب، سنجد أن النظام يتحدث عن مخربين، دون أن يذكر أي معلومة حول التخريب نفسه، وينفي وجود معتقلين سياسيين، ويهاجم تقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية التي تتحدث عن الانتهاكات في السودان، مقسما بأغلظ الإيمان أنه يسير وفق هدى حقوق الإنسان في الإسلام!! وآلية التكذيب تتبعها، بالضرورة، مغالطة تصلح لفبركة الأحداث المعروفة للجميع (أجندة خفية (……)، ومخطط مشبوه) لرفض الزيادات والتقشف “الشعبي”، لأن أي فرد من أفراد النظام لو تخلى عن (حر ماله وممتلكاته وإستحقاقاته) تصديا للأزمة، كنا سنفكر في عسى ولعل! والحكومة تمتهن حرفة التكذيب والإنكار معتمدة على سيطرتها على الإعلام، وعلى الآلية الأخرى التي تعمل في ذات الوقت وفي ذات الاتجاه، وهي آلية القمع وتكبيل الرأي الآخر، بدءا من الرقابة القبلية على الصحف مرورا بالاعتقال والعنف المفرط تجاه المظاهرات السلمية، وإنتهاءا بوضع كل ذلك في خانة التفلت وتخريب ممتلكات المواطنين والممتلكات العامة!! والآليتان تعملان في تناغم تام مع الآلية الثالثة، عبر حراك يتم في الخارج من أجل جني فوائد المصالحة مع دولة الجنوب، بترولا ورضا المجتمع الدولي، ومن أجل البحث عن شراكة جديدة مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، بهدف أن تلوح هذه الشراكة لعيون الشعب بأمل زائف في التغيير. وبالتالي، تكسب الإنقاذ مزيدا من الوقت لحلحلة أزمة الحكم وتأجيل المواجهة مع الشعب. وهكذا، تسعى الحكومة لإخراج كل ما في جرابها حتى تحافظ على كنكشتها على كراسي السلطة.

    أما الحراك الجماهيري، وهو الطرف الثاني في معادلة المواجهة، فيقع تحت رحمة آلية القمع وتجاهل الإعلام الرسمي والمغالطات التي ينشرها النظام ليقول إن الوضع هادئ. لكن، هذا الطرف ليس مجرد متلقي، أو سلعة تتنافس الحكومة والمعارضة لشرائها كما يحاول النظام تصوير ذلك. بل هو مشارك أصيل في هذه اللعبة، ولحظة أن يقرر تغيير المشهد سيفعلها وسيكون أعظم مخرج، مثله مثل بقية الشعوب الأخرى. ما يبدو عصيا على التفسير، حول لماذا لا يتحرك الشعب السوداني لينهي هذا العبث بمستبقل الأجيال، ولماذا لا يتحرك الشعب والنظام وطأ على كل ما هو سوداني وإنساني، ونهب كل شيئ، وأفقر وعذب وشتت ؟:…سيقول كثيرون إنه حتى إذا كان رد الفعل الجمعي لا يتخلقن بسهولة، فالنظام إستنفد من الوقت ما يجعل الجسم يطرده، مثل شوكة أدمته وتعفنت داخله. لكنا، لن نأبق من سلطان الشعب، وسنكرر إننا لن نيأس من لحظة وصول ردة الفعل الجمعي، وهي اللحظة التي تتوج الفعل السياسي الثوري وتعلن ميلاد إنتفاضة التغيير. فإذا كنا قد غنينا للمطر ونحن صغارا، ودقينا على الصفيح حتى تعدل الشمس عن كسوفها، فلن نعجز عن فتح كل المنافذ، حتى يسود الوعي، مستخدمين المعلومة المنطقية والتفاسير المنطقية ورفع درجة الحساسية تجاه أقوال الآخرين، وتجاه المسائل المتعلقة بالحرية والكرامة، وإثارة الأسئلة حول كيف يعامل المعتقلون السياسيون، وكيف يحاكمون، ومن الذي يحاكمهم، ولماذا يمنع عن أهلهم معرفة أماكن إعتقالهم. وكذلك إثارة الأسئلة حول إستمرار الحرب الأهلية في البلاد ولماذا في كل مرة تجهض إمكانيات إطفاء نيرانها، وحول إدارة الإقتصاد في البلاد، وحول الفساد، وحول تفاصيل التفاوض مع دولة الجنوب، وحول مصب أي عائدات للبترول سيتم الإتفاق حولها. وأيضا الأسئلة حول إرهاصات التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، وهل ستقود هذه المفاوضات إلى حلول جذرية أم حلول قشرية تهيئ المكان لإنفجار قادم؟ وقبل كل ذلك، السؤال الرئيسي حول لماذا تعود رؤساء هذا الزمن على مقارعة شعوبهم ويرفضون التنحي الآمن؟

    يحكى أن في نيكاراجوا، ذلك البلد الصغير في أمريكا الوسطى، كانت البلاد ترزح تحت نير حكم شمولي مطلق على رأسه ديكتاتور دموي يدعى إنستازيو سوموزوا. ظل سوموزا يذيق شعبه الويل والأمرين، وكانت الجماهير المسحوقة تسعى لإختراق جدار الشمولية عبر عدة محاولات، في حركة صعود وهبوط، حتى تمكنت من تنظيم تحالف جبهوي واسع بإسم جبهة ثوار الساندينستا. خاضت جبهة الساندنيستا نضالا طويلا، سياسيا وعسكريا، حتى تمكنت من دحر الديكتاتورية ودخول عاصمة البلاد، ماناجوا في 19 يوليو 1979. وخرجت ملايين الشعب النيكاراجوي معبرة عن فرحتها بإنتصار الثورة. لكن بعد أقل من عامين من إنتصار الثورة، إندلعت حرب أهلية في البلاد عندما شنت مجموعات الكونترا، أي تحالف فلول النظام القديم والمجموعات المتضررة من سياسات نظام الساندنيستا، مدعومة بقوة من الولايات المتحدة الأمركية التي قالت آنذاك أنها لن تسمح بقيام كوبا جديدة في المنطقة، شنت حربا ضروس ضد نظام الساندنستا الجديد، ولم تتوقف الحرب إلا بعد مفاوضات مضنية كللت بإتفاق وقع بين الأطراف المتحاربة في أواخر الثمانينات. وبموجب ذلك الإتفاق، أجريت إنتخابات حرة حقيقية في فبراير 1990، وخسرتها جبهة الساندنستا التي كانت في الحكم! لم يرفض الساندنستا نتيجة الانتخابات، ولم يقولوا نحن الذين دحرنا الديكتاتورية وقدنا ثورة الشعب حتى الانتصار وبذلك نحن الأحق بالحكم، ولم يعودوا إلى حرب العصابات، بل إستمروا في المعارضة ومراجعة نهجهم عندما كانوا في الحكم، وظلوا ينظمون الجماهير الشعبية، ويخوضون الانتخابات التالية، ويخسرون!! إلى أن جاء العام 2006 حيث إنتخبهم الشعب وتبوأ قائد الجبهة، دانيال أورتيقا، منصب رئيس الجمهورية.

    (عدل بواسطة الكيك on 07-29-2012, 06:37 AM)

                  

07-29-2012, 06:40 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    مصير المفاوضات بين السودان وجنوب السودان
    July 27, 2012
    محجوب محمد صالح


    دخلت المفاوضات بين حكومة السودان وحكومة جنوب السودان مرحلة حرجة مع اقتراب الثاني من أغسطس وهو الموعد الذي حدده مجلس الأمن في قراره رقم 2046 الصادر في الثاني من شهر مايو الماضي كموعد لانتهاء هذه المفاوضات باتفاق يحقق السلام بينهما بمعالجة كافة القضايا الخلافية العالقة منذ انفصال جنوب السودان قبل أكثر من عام، والقرار الذي أصدره مجلس الأمن ليس قراراً عادياً بل هو قرار صادر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يلزم الدول الأعضاء بالتنفيذ الفوري ويمنح مجلس الأمن الحق في توقيع عقوبات على الطرف أو الأطراف التي تتسبب في فشل المفاوضات وهذه هي المرة الأولى منذ بدء هذا النزاع التي يضع فيها الاتحاد الإفريقي خريطة طريق للمفاوضات يتبناها مجلس الأمن ويأمر بإجراء المفاوضات حولها بمثل هذه الشروط ولذلك أصبحت المفاوضات ذات طبيعة إقليمية وعالمية ملزمة وقد صدر قرار المجلس بإجماع الأعضاء بما فيهم الصين وروسيا من الدول دائمة العضوية.

    في البداية قرر مجلس الأمن أن النزاع بين الدولتين يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين وبالتالي أصبح من حق المجلس أن يقرر بشأنه وفق البند السابع الذي يمنحه حق العقوبات على الطرف أو الأطراف التي تتسبب في عرقلة التفاوض والعقوبات المحتملة حسب نص الميثاق تندرج في مادتين – المادة (41) والمادة (42) من الميثاق الأولى تفرض عقوبات تتمثل في المقاطعة الاقتصادية والحصار وقطع العلاقات الدبلوماسية والمادة الثانية تصل بالعقوبات إلى مرحلة التدخل العسكري وقد استبعد مجلس الأمن في قراره خيار التدخل العسكري ونص تحديداً على احتمال فرض عقوبات تحت المادة (41) التي تقرأ كما يلي:

    (لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته وله أن يطلب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير التي يجوز أن يكون من بينها وقف الاتصالات الاقتصادية والمواصلات الحديدية (السكة حديد) والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كاملاً وقطع العلاقات الدبلوماسية).

    والمجلس حريص على أن يثبت جديته في نهاية الموعد المحدد ولكننا لا نتوقع أن يعتبر ذلك الموعد نهائياً أو يرفض تمديد المدى الزمني لفترة جديدة غير أن المجلس يحتاج إلى مبررات لمثل هذا التمديد والمبرر الوحيد هو أن يحدث تقدم في المفاوضات يقنع أعضاء المجلس بأن هناك جدية في التفاوض تبرر مد الفترة التفاوضية وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن إذ ما زالت المفاوضات تراوح مكانها.

    لقد زادت الضغوط مؤخراً على الطرفين لكي يبذلا المزيد من الجهد لإحداث تقدم حقيقي خلال الأيام القليلة المتبقية وقد نبه لذلك الاجتماع الأخير لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الذي انعقد في بروكسل يوم الأحد الماضي عند بحثه لأزمة السودان، فذكر الطرفين بأن فشلهما في تنفيذ خريطة الطريق التي وضعها الاتحاد الإفريقي واعتمدها مجلس الأمن في قراره 2046 من شأنه أن يعرضهما للعقوبات تحت المادة (41) وحثهما على الوصول إلى قرارات حاسمة خلال الأيام القليلة القادمة (خمسة أيام من الآن) والارتفاع إلى مستوى المسؤولية التي يتطلبها الموقف.

    لكن رغم ذلك فإن الطريق لا يبدو معبداً للوصول لأي اتفاق شامل وموجة التفاؤل التي أعقبت اجتماع القمة الثنائي بين رئيس الدولتين لم تعمر أكثر من أربعة أيام حتى انفجر الصراع بسبب عمليات عسكرية يرى الجنوب أن الشمال نفذها داخل أراضيه بينما يدعي الشمال أن المنطقة أرض سودانية تعرضت لهجوم من متمردي دارفور من داخل أراضي الجنوب وتحقق لجنة الوساطة الإفريقية الآن في هذه الشكاوي المتبادلة التي أدت بالجنوب لتعليق المفاوضات المباشرة مؤقتاً.
    وقد سعت حكومة جنوب السودان لتسجيل نصر دبلوماسي عندما طرحت مشروع اتفاق شامل في اللحظات الأخيرة لكن ليس أمامه فرصة للنجاح لأن الخرطوم تعتبره مجرد تكرار لمقترحات جنوبية رفضتها من قبل وتفضل الاستمرار في التفاوض حسب الأجندة الموضوعة.

    المفاوضات التي تدور الآن ليست مفاوضات طوعية كما كانت في السابق إنما هي مفاوضات تتم التزاماً بقرار صادر من مجلس الأمن تحت الفصل السابع وعلى ضوء خريطة طريق أجمع عليها الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن فهي مدعومة إقليمياً ودولياً ولها مدى زمني محدد لابد من الالتزام به حتى لو حدث تمديد لذلك المدى الزمني وهي أيضاً مصحوبة بعقوبات يهدد مجلس الأمن بتطبيقها ولذلك هي تختلف في طبيعتها عن كل المفاوضات السابقة ولا نستبعد أن يسعى الطرفان لإحداث اختراق محدود خلال الأيام القليلة القادمة قد يتلخص في الاتفاق على الخريطة التوفيقية للمناطق الحدودية حتى يمكن تحديد أبعاد المنطقة منزوعة السلاح وقد يحدث اتفاق حول الإغاثة الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية قطاع الشمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وقد تجد الوساطة في ذلك التقدم ما يدفعها لأن تطلب من مجلس الأمن تمديد فترة التفاوض ولكن ذلك كله لن يحل المشكلة في غياب الإرادة السياسية وفي غياب الاستراتيجية الشاملة وفي أجواء عدم الثقة المتبادلة والظروف الاقتصادية الضاغطة في الدولتين التي لعب الصراع فيها دوراً كبيراً والتي يدفع ثمنها الشعب من قوت يومه وقد بات صبره على احتمال هذه الأوضاع المأزومة ينفُذ والمأساة الحقيقية هي أن القابضين على زمام الأمور لا يبدو أنهم يدركون مخاطر هذا الوضع المتردي.
    العرب
                  

07-29-2012, 04:58 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    ائمة المساجد : الة النظام الدعائية لاشعال حرب عنصرية طاحنة
    07-29-2012 06:27 PM

    ائمة المساجد : الة النظام الدعائية لاشعال حرب عنصرية طاحنة

    عثمان نواي
    [email protected]


    كتبت الانتباهة فى عددها يوم 28 يولويو الجارى , خبرا رئيسيا اشارت الى انه يوضح موقف عدد كبير من ائمة مساجد الخرطوم والولايات من مفاوضات الحكومة مع الحركة الشعبية قطاع الشمال فى اديس ابابا , الصحيفة التابعة لخال البشير الطيب مصطفى صاحب الاراء المتطرفة العنصرية والعداء ,ليس فقط لدولة جنوب السودان و الحركة الشعبية الحاكمة فى الجنوب , بل لما يعتبره , " مشروعا شيطانيا " الا وهو مشروع السودان الجديد الذى تتبناه الحركة الشعبية فى الشمال , واوردت الانتباهة ان ائمة المساجد وعلى راسهم يوسف عبد الحى , استنكروا موافقة الحكومة للعودة للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال , ودعا كمال رزق خطيب المسجد الكبير بالخرطوم " اصحاب العصبات الحمراء " فى اشارة الى " الدبابين " الى تحسس اسلحتهم " إستعداداً لجهاد الحركة الشعبية التي تريد هدم البلاد وتسليمها لأمريكا " , اواردت الانتباهة مواصلة انه " وقال كمال رزق في خطبة الجمعة أمس إن على وفد الحكومة المشارك في المفاوضات أن يعتذر للشعب السوداني قاطبة لأنه أذاقه الهوان والذل. مضيفا أنه لاتفاوض ولاتنازل مع مايسمى بقطاع الشمال والحركة الشعبية لأنهم مصاصو دماء وقتلة وخونة علاوة على أنهم عملاء لأمريكا" , امريكا التى اضاف امام مسجد الخرطوم لن تتركنا حتى " نتبع ملتها " وتقتلع " الاسلام من جذوره . وواصل داعيا وزير الدفاع لاى ترك طاولة المفاوضات فورا والتحرك للجاهد وتحرير كاودا .

    ان الخطب والاشارات التى بثها ائمة المساجد كما نقلت الانتباهة , انما يمثل حالة الرعب السياسى والدينى والاجتماعى , التى يشهدها والرعب مكمنه ليس فى خوف من الحركة لذاتها , بل لما تمثله من افكار ومجموعات بشرية ذات خلفية اثنية وعرقية مختلفة وثقافة وقيم مختلفة عن تلك الحاكمة للمركز واهله منذ عقود , وما تمثله تلك المجموعات , لما يتوهمه المركز المتطرف من التجانس الاثنى والدينى الذى لايريدون له ان يتم " تحطيمه " او تلويثه على الاقل بالافكار والمشاريع " الشيطانية , التى تنهى وهم التجانس وحلم " دولة الشريعة والمشروع الحضارى " التى يتبناها المتطرفون , والحكومة التى تدعمهم من خلفهم ومن بين ايديهم , حيث يعبرون صوتها الحقيقى الذى لاتستطيع لاسباب سياسية وديبلوماسية استخدامه علانية فى اوقات كثيرة , ولذلك تفخخ الساحة وتتيح المساحات الاعلامية وغيرها لامثال هؤلاء الائمة والمتطرفين ليلعبوا دور المنتقد الناصح للنظام واحيانا المنافس او المهدد , فى سبيل اظهار شكل من الفصل بينها وبينهم , فى حين استخدامها لهم كالتها الدعائية النازية المتوسعة , لتوصيل رسائل عنصرية وتحريضية لعامة الشعب , فى محاولة لصنع التفاف شعبى حول النظام عبر , تصويره كالبطل المدافع عن النقاء العرقى ولالانتماء الدينى للاسلام والثقافى للعروبة , وانه الضامن لبقاء السيطرة للمركز العروبى الاسلامى على السودان والحامى لهذا المركز فى وجه الغزو " الاجنبى " من دولة الجنوب " المنفذة لخطط امريكا " والاثنين دولة الجنوب ومن خلفها امريكا يستخدمون ال" الحركة الشعبية قطاع الشمال , والحركات المسلحة الاخرى , لتنفيذ هذا المخطط " لتدمير السودان " .

    قالت صحيفة الصحافة فى عدد 28 يوليو الجارى ان مخططا لاغتيال البشير تم التخطيط له من قبل دول اجنبية وبمساعدة من الجبهة الثورية واضافت الصحيفة قائله ان المصدر : " واعتبر أن اغتيال الرئيس البشير يهدف في المقام الأول الى اغتيال المشروع الاسلامي والعروبي في السودان، وانهاء التوجه الاسلامي في البلاد واحداث خلخلة في بنية الدولة السودانية لاحداث فراغ دستوري لتعقبه فوضى " . اذن سيناريو نظام الانقاذ هو نحن او لطوفان , بالنسبة للسودان ككل , وبالاخص للجزء من الشعب السودانى الذى يحسب نفسه مستعربا واسلاميا , وهذا السيناريو لمحاولة اغتيال المشروع الاسلامى العروبى فى شخص البشير الحامى والراعى لهذا المشروع , انما هو مزيد من عملية التعبئة والدعاية التى تستهدف جلب الدعم فى ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة فى الخرطوم , اضافة الوضع العسكرى الذى لايسير على الاطلاق فى صالح حكومة البشير التى لم تتمكن تحقيق تقدم يذكر ,

    خاصة فى جبهة جبال النوبة , ومع زيادة التحركات العسكرية فى مناطق واسعة من دارفور فى الشهور الاخير وتقدم نوعى ايضا شهدته العمليات هناك باسقاطات عسكرية حسب تقرير الامم المتحدة لمجلس الامن الاسبوع الماضى المحذر من تدهور الامن فى المنطقة , وبالتالى فان ازمة عسكرية اقتصادية خانقة تضاف اليها ازمة سياسية مركبة , فعلى المستوى الداخلى الاحتجاجات المتفرقة لاكثر من شهر على مستوى البلاد عى الغلاء والمطالبة باسقاط النظام شكلت اهتزازا فى ثقة النظام فى قدرته على السيطرة على الجماهير فى المركز , عبر الدعاية الاعلامية المكثفة والمسكنات الاقتصادية , اضافة الى الضغوط الدولية المستحكمة واولها قرار مجلس الامن 2046 والمهلة التى ستنتهى فى الثانى من اغسطس , والتى قد تؤدى الى فرض مزيد من العقوبات التى لايستطيع النظام تحملها . وبالتالى فان اللجوء الى سيناريوهات الاغتيال لها ربما عند البعض تفسيرات متنوعة تصل حد ان احتمال ممكن حتى من داخل النظام وخاصة الحركة الاسلامية التى اصبح البشير المطلوب دوليا يشكل لها خطرا مستفحلا وعائقا لتمكينها من الاستمرار فى حكم البلاد ربما يجب التخلص منه , ورغم اتفاقنا جزئيا مع بعض هذه السيناريوهات , الا ان الالة الدعائية للنظام ايضا لديها اعتقاد بوجود تعاطف حقيقى مع البشير من قبل الشعب فى المركز وبالتالى وجوده فى خطر ربما يخلق ما تريده الحكومة من تعاطف ربما يمدد عمرها قليلا .

    ان حالة الاستقطاب العرقى, الدينى والثقافى التى تمارسه الحكومة الان, مستخدمة التها الاعلامية والدعائية , تقوم بلعبة خطيرة للغاية , فى اطار نقل الصراع فى السودان , من الصراع السياسى الاقتصادى , الى صراع عرقى دينى بحت , ورغم ان الطرف الاخر من المعادلة اى الحركة الشعبية والجبهة الثورية بمكوناتها المختلفة , لا تتبنى الخطاب العنصرى , وتدعو الى تغيير جذرى وشامل " لكل" السودان , حيث المواطنة هى اساس الحقوق والواجبات , الا ان ما يقوم به النظام من دفع فى اتجاه الشحن العنصرى , وتصويره نفسه وقيادته المتمثلة فى البشير كدرع واقى , يحمى السودان " العروبى الاسلاموى العنصرى المركزى " من اى تغيير محتمل عبر القوى التى تسعى لهذا التغيير , فان النظام بهذه الطريقة يقود الصراع ليتحول الى صراع بقاء , اما نحن او انتم , او ربما نحن او الطوفان لان النظام لا يعترف بوجود الاخر , كما انه يتوهم ايضا مناصرة مطلقة من السودانيين فى المركز , وهو الان تثبت الاحتجاجات الاخيرة عكسه , رغم ضيق نطاقها , كما ان الصمت المخزى للاحزاب القوى السياسية فى المركز والمثقفين ومنظمات المجتمع المدنى , على هذه الحملات التى هى سوف تؤدى التى تدمير السودان يعد من الصميم المؤدى الى التهلكة , والذى ربما لن تكون عاقبته فقط انقسامات اخرى جديدة للسودان , فما يجر النظام السودان اليه من مواجهة مبنية على الدين والعرق , قد تكون بداية لحروب اهلية طاحنة ربما لا تتوقف حتى لو انفصل السودان مرات اخرى عديدة , وهذا الخطر الداهم الذى صمتت عنه النخب فى المركز فى الماضى الان الذى اوصل البلاد الى ماهى عليه ,لن يكون اهم اوصاف السودان , بانه دولة الصراعات والحروب والدولة التى فيها اكبر عدد من النازحين , والتى نصدر اكبر اعداد من اللاجئين , والدولة الاولى التى يدان رئيسها بجرائم ضد الانسانية وهو فى الحكم , والدولة التى ارتكبت فيها اكثر من ابادة جماعية فى اقل من 20 عام , والدولة التى تقتل شعبها وتجوعه بدم بارد , وان كانت الانقاذ والبشير هى الايدى المنفذة والمخططة , فان الصامتين عليهم هم الشياطين الخرس . ولن تتوقف الالة الدعائية للنظام عن بث سمومها حتى تجد من يقف لها بالمرصاد بقوة اعلامية ودعائية مضادة وفعالة وبعمل سياسى ومدنى فعال يتحكم ان لم ينهى اثار البربوجاندا الفتاكة عبر ائمة المساجد ومنبر السلام العادل وغيرهم التى يمكن ان تؤدى الى تدمير حقيقى للبلاد .
    http://osmannawaypost.net/[/B]
                  

07-30-2012, 07:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    السودان : ضاعت الديمقراطية والفشقة وحلايب والجنوب والحبل ما زال على القارب
    July 29, 2012

    د. على حمد ابراهيم

    اللهم لا شماتة. فهذا هو الشهر الحق يقترب من دولتى السودان الفاشلتين بالتمام والكمال . ونعنى تحديدا شهر اغسطس الذى ستواجه فيه الدولتان الفاشلتان حتى النخاع ، ستواجهان قرارات دولية ، ربما تكون مملاة قسرا وغير متفاوض عليها بين البلدين تحت طائلة البند السابع ، احد اشرس بنود الامم المتحدة ، ومجلس امنها الدولى فى حالة فشلهما فى انهاء القضايا العالة من مخلفات اتفاقية السلام المكذوب .


    مجلس الأمن سوف يصر على وقف الحروب العبيطة المندلعة فى جنوب النيل الازرق وجنوب كردفان . وتلك التى تكون على وشك الاندلاع بين السودان وجنوب السودان ، التى تزهق الارواح فى البلدين . وتدمر مقدراتهما الضئيلة والشحيحة والعدمية بالاساس . و لا يبدو فى الافق حتى الآن ما يشير الى احتمال ان تتمكن الدولتان من المخارجة من تحميرة مجلس الامن . فالدولتان تدوران مكانك سر وتفشلان فى احداث اى اختراق ايجابى يفتح كوة من الأمل لشعوبهما المتعطشة للتعايش السلمى وفقا لاتفاق الحريات الاربعة الذى تم التوصل اليه فى اديس ابابا العاصمة الاثيوبية فى 28 يونيو من عام 2011 بين السيدين نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية والسيد ياسر عرمان الامين العام للحركة الشعبية قطاع الشعب والذى داس عليه الرئيس البشير بحذائه الغليظ فى خطبة جهنمية فى المجمع الدينى المسمى على والده فى مدينة كافورى القديمة التى سميت حوش بانقا الجديدة ( حتة واحدة ! ) .

    ما تقدم يمثل حالة تستدر العطف عند اصدقاء الانقاذ وحلفائها وهم شرزمة قليلون. وتستدرج الشماتة والغبطة عند خصوم الانقاذ وهم بعدد الرمل والحصى .



    *كان السودان قبل وصول الانقاذ فى ذلك الصبح المشئوم ، صبح الجمعة بالتحديد ، كان يعج بمجتمع مدنى حيوى، قوامه احزاب تاريخية ذات مراس ، و نظام نقابى فاعل وحافظ لحقوق الطبقات العاملة ، وكتل ثقافية ومهنية متعددة حرست حق المجتمع العام والخاص ، ونشاط اقتصادى متنوع وجاذب وقادر على التنافس خارجيا وداخليا . و يحفظ لاحزاب السودان التاريخية التى مزقها البشير اربا اربا انها الاحزاب التى حررت البلاد من حكم المستعمر الدخيل . واسست الدولة السودانية الحديثة . وبدأت دولة الرفاه الاجتماعى فى السودان وحافظت عليها رغم الامكانات غير المواتية . وللذكرى والتذكير نقول انه فى اليوم الذى اذاع فيه العميد البشير بيانه الانقلابى الاول كانت الحكومة الديمقراطية المنتخبة تقدم لمواطنها العلاج المجانى والتعليم المجانى وتدعم من جيبها كل السلع الضرورية مثل السكر والكهرباء والوقود رغم انها لم تكن تملك بترولا و لا ذهبا. من الطرافة ان نظام البشير ظل يردد ان المواطن كان يقف فى الصفوف فى للحصول على هذه السلع بالبطاقة ! وما هو الخطل فى هذا . ففى كل العالم تحمى السلع المدعومة بنظام دقيق للتوزيع حتى لا تدخل السوق السوداء او تذهب لغير مستحقيها.



    لقد اوهن نظام العميد البشير الجبهة الداخلية السودانية ومزقها شذر مذر عملا بالمبدأ الانجليزى القديم فرق تسد . و مزق احزابها القوية . واستعمل امكانيات الدولة الرسمية ومقدراتها كسلاح تدمير شامل ضد القوى الحزبية التى وقفت بمنأى عن نظامه . ولم يقدر ان اضعاف قوة الجبهة الداخلية هو اضعاف لقوة البلد المادية والمعنوية بما يفتح شهية الذين يتربصون بها الدوائر . فالمجتمع الممزق لا يهابه احد . ولا يحترمه احد . ولا يابه به احد . حتى الكيانات التاريخية القوية لم تسلم من حقد نظام البشير او من استهدافه - مثل كيان الانصار . لقد كان كيان الانصار فى الماضى السحيق وفى الماضى القريب صمام امان السودان . و تاريخه هو كتاب مفتوح . تتضرع وثائق التاريخ و كتب التاريخ غير المنحول فى تاريخ كيان الانصار الماجد . لقد حرروا بسيوفهم السودان من احتلال دولة الخديوى المتحالفة مع دولة بريطانيا . وحزوا رأس غردون فى قصره . وقبل ابادوا جيوش هكس وابو السعود وقادوا سلاطين من رقبته ليصبح مؤذنا فى مسجد المهدى الامام . امجاد يحترمها الذى يعرف قيمتها و يتحسر على الماضى الذى حققها . هذا المقال القصير يتحسر على عدم مقدرة احفاد اؤلئك الابطال الاماجد على اعادة ذلك المجد الآفل . هل أفل المنهج التصادمى الدفاعى الذى قامت عليه ادبيات الحركة المهدوية التى ولدت فى فترة زمنية استعمارية كان عنوانها العريض “ التسابق نحو افريقيا “. ووجدت نفسها بصورة تلقائية فى حالة دفاع عن النفس . هل افل ذلك المنهج تماما . ام تشحذ الحركة المهدوية سلاحها من جديد ، و تنثر كنانتها . و تختار لنفسها الوقت الذى لا تطيش فيه سهامها



    وانبثق عن الحركة الانصارية بعد رحيل الاستعمار حزب الأمة ، الذى تولى الامام عبد الرحمن المهدى زعامته الروحية منذ اربعينات القرن الماضى . وطور الامام عبد الرحمن كيان الانصار فى نسخته الثانية وجعل من طائفة الانصار الطائفة الدينية الاكبر فى السودان . والاقوى تاثيرا فى تاريخه الحديث ، باعتبارها الطائفة التى حررت البلد من الاستعمار الاجنبى واقامت اول دولة مستقلة فى السودان ومددت حدود السودان جنوبا وشرقا وغربا . لقد نجحت الثورة المهدية فى ايصال رسالتها ودعوتها الى كل الاصقاع السودانية المترامية الاطراف رغم بدائية وسائل الاتصال . كان نجاحا كبيرا فى ان تصل نداءات قائد الثورة المهدية الشاب محمد احمد المهدى ومنشوراته التحريضية ضد المستعمر المحتل بما يعد ثورة فى عالم الاتصالات بمقاييس ذلك الزمن المتقدم . واكثر من ذلك النجاح كان نجاح قائد الثورة فى تشكيل قيادة عسكرية شابة وموهوبة اذهلت عالم ذلك الزمن بانتصاراتها العسكرية المدوية ضد قادة عسكريين كانوا ملء سمع ونظر ذلك الزمان مثل غردون باشا وامين باشا وهكس باشا وهو بعد شاب فى مقتبل العمر ولم تكن له خبرات عسكرية من اى نوع . لقد تمثلت قوة القيادة العسكرية المهدوية فى انها انبثقت من وسط الجحافل الشعبية الثائرة على المظالم التركية . وابتدرت لنفسها فنونا عسكرية فى القتال وادارة الحروب الخاطفة تغلبت فيها الامكانات الاصغر على القوة الاكبر . وهم ، بعد ، كانوا قادة وجندا محليين لم يتلقوا دروسا فى فنون الحروب العسكرية لا فى الداخل ولا فى الخارج . ورغم ذلك تركت معاركهم وانتصاراتهم الخاطفة زخما تاريخيا هائلا فى ذلك الزمن المتقدم .


    و صارت منهجا يدرس فى كبرى الكليات العسكرية فى القرن التاسع عشر. حتى ان المراسل الحربى ، سير ونستون شيرشل ، وقف طويلا مندهشا ومبهورا بشجاعة وتكتيكات اولئك القادة الحربيين فى كتابه ( حرب النهر ). وقد ذهب فى تاريخ ذلك الزمن ان القائد المهدوى عثمان كان هو مخطط الهجوم الذى مربع الخيالة البريطانيين وكبدهم خسائر كبيرة فى الارواح بتقدير منفرد من عنده ، بعد ان تمرد على تعليمات قائده الميدانى الامير يعقوب ورفض خطته القاضية بالهجوم بعد صلاة الفجر تنفيذا لتعليمات الخليفة عبد الله بصفته رئيس الدولة والقائد الاعلى لجيوش المهدية . قرر الامير المهدوى عثمان دقنة ان يلحق اى قدر من الاذى بطريقته الخاصة بالقوات الغازية ثم ينسحب سريعا بجنوده حفاظا على ارواحهم بعد ان تاكد من بؤس خطة الهجوم النهارى . و الهزيمة الحتمية التى كان يمكن تفاديها لو احسنت القيادة اختيار الوقت الصحيح للهجوم . لقد وضع القادة المهدويون فى ذلك الوقت االمتقدم ، وضعوا بصماتهم الخاصة على صفحات التاريخ الحربى فى ذلك الجزء من العالم وهم الذين لم يتلقوا تدريبا او تسليحا او عونا من الخارج . لقد حققوا كل تلك الانجازات العسكرية الهائلة بامكاناتهم المحلية الصرفة . لقد الحق القادة المهدويون هزائم وخسائر ماحقة بالمحتل الاجنبى فى سلسلة من المعارك السريعة التى كبدت الجيوش الغازية آلاف القتلى مكدسين فى صحارى كردفان والنيل الابيض لا يعرف المقتول من قتله. لقد قتلهم محاربون اشاوس الوطن عندهم مقدم على الروح .


    هل هو الذى ارسله من وراء البحار ليلقى حتفه على ايدى مقاتلين اشاوس الوطن عندهم مقدم على الروح . هذه مقدمة لازمة لهذا المقال القصير الذى يتعرض لمشكلات القيادة فى كيان الانصار السياسى وهو حزب الأمة القومى ، وكيانهم الروحى ، وهو طائفة الانصار . لقد حقق كيان الانصار ، بشقيه الروحى والسياسى تلك الانتصارات التى كانت بحجم المعجزات العسكرية لانه كان كيانا متحدا ومتجانسا قيادة وقاعدة الى وقت قريب : تحديدا حتى الوقت الذى تسلم فيه السيد الصادق المهدى وهو شاب فى الثلاثينات من عمره القيادة السياسية بافتراض ان عمه المرحوم الامام الهادى المهدى سيتولى القيادة الروحية بصورة مباشرة . و تشرف على اداء الكيان السياسى بصورة تشاورية . بذلك التجانس كان كيان الانصار الروحى والسياسى جهازا قويا ومترابطا ويصعب اختراقه . ثم اصبح اليوم عاجزا حتى عن لملمة اطرافه المتصدعة و المتشاكسة . يقول خصوم السيد الصادق المهدى ومنتقدوه المحايدون انه كان السبب المباشر فى ما اصاب كيان الانصار من وهن عضال تسرب خارج جسم كيان الانصار الروحى والسياسى الى جسم الحركة السياسية السودانية كلها بانتقال عدوى الصراع المحموم فيها من اجل السيطرة على مواقع القيادة والنفوذ.


    ويقول الناقدون للسيد الصادق انه اسرع الخطى لاستلام القيادة السياسية من عمه الامام الهادى وقد كانت القيادتان الروحية والسياسية حتى ذلك الوقت تعملان فى تناغم وتجانس بلا املاءات او صراعات فى علاقة يسودها الاحترام المتبادل . وقد شكل خروج السيد الصادق على عمه الامام الهادى بذلك الشكل الجرئ ، شكل صدمة لجماهير الانصار واعتبرته الاغلبية منهم تحديا لكل تقاليد وسلوكيات الانصار التى تقدس الموروث الايجابى الدينى منه والسياسى ولا تخرج عليه بمثل ما فعل السيد الصادق . ويقول المنتقدون ايضا ان السيد الصادق فى تسرعه لنزع القيادة من عمه الامام الهادى لم تستثن سهامه الطائشة احدا . فقد اصابت السيد المحجوب القيادى الرمز وجرحته ولم تترك فى جسمه موضعا لجرح يضاف او ايلام . فقد وصل الامر بالسيد الصادق – يقولون – درجة التآمر مع السيد الازهرى ضد السيد المحجوب فعاد السيد المحجوب الكرة اليه وتآمر هو الاخر ضده ولسان حاله يقول دقة بدقة والبادئ اظلم . بالطبع للسيد الصادق روايته الخاصة للاحداث التى عصفت بوحدة كيان الانصار فى ذلك الوقت و ظلت آثارها ونتائجها باقية حتى اليوم نراها فى تبعثر كيان الانصار وفى السهولة التى يتبضع فيه نظام الرئيس البشير واللعب عليه باتفاقات وحوارات الهدف منها ليس هو الاتفاق والوصول الى حلول لمشاكل البلد بقدر ما جرحرة السيد الصادق بعيدا عن حلفائه فى المعارضة .


    تلك قصص وحكايات طويلة ومعقدة ستظل يقتاتها المحللون والمتابعون زمنا طويلا ولن تجدى تفسيراتهم فى تغيير مسار كرة السودان المتدحرجة نحو الهاوية اذا لم ترحم الاقدار هذا الشعب الذى صبر على الاذى طويلا وما زال . يجب ان لا يظن احد ان التبعثر الذى اصاب الحركة المهدوية الحديثة والحركة الاتحادية بكيد نظام البشير وقف عند هذين الكيانين . فقد انقلب السحر على الساحر واخذ الغدر بتلابيب صاحبه فقتله . فالانشقاق الذى اصاب الحركة الاسلامية كان الاقوى والعنف والاكثر فجورا فى الخصوم . فقد زج البشير باشقائه الاسلاميين السابقين فى السجون . وقتل بعضهم . وقتل الاسلاميون بعضهم بعضا احترابا على المواقع و الصدارة .


    وتلك درجة لم يصلها المختلفون فى الكيانات الانصارية والاتحادية . ونقول اجمالا ان مخطط الشيخ الترابى الجنونى ضد الفعاليات السياسية التى كانت سائدة قبل انقلابه المشئوم والقاضى بتفتيت وشرزمة هذه الفعليات واضعافها واذابتها فى نهاية الامر كانت نتائجه البارزة اليوم هى ان الشيخ الترابى يعيش مطاردا وملاحقا من تلاميذ الامس . والسودان يعيش ملاحقا من قبل معظم القوى الدولية ومن قبل محكمة الجنايات الدولية . ولا احد فيه يشعر بالامان . بعد ربع قرن من مؤامرة الشيخ الترابى والبشير على الديمقراطية وذهاب الشيخ الترابى الى (كوبر) سجينا صوريا . وذهاب البشير الى القصر رئيسا صوريا هاهو الشيخ الترابى يعاود الذهاب من حين الى آخر الذهاب الى السجن سجينا حقيقيا . وهاهو البشير يعيش سجينا فى قصره لا يخرج منه الى العالم الخارجى الا بحذر شديد . انه الغدر الفتاك . يأخذ بتلابيب صاحبه فيقتله . اللهم لا شماتة .

    أخ . . . يابلد المرهقين الحزانى !
                  

08-01-2012, 09:36 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    لا بديل غير مواصلة المقاومة حتى إسقاط النظام .. بقلم: تاج السر عثمان
    الثلاثاء, 31 تموز/يوليو 2012 19:47
    Share

    تستمر أزمة النظام في التفاقم جراء الهلع والقمع الوحشي للمظاهرات السلمية التي سوف يتواصل مدها مع عمق أزمة النظام، والارتفاع الجنوني في أسعار السلع والخدمات والتدهور المستمر لقيمة الجنيه السوداني، والفساد مثل: طرح ذرة فاسد في أسواق محاصيل مدينة القضارف، وتحت تأثير الضغط يتراجع عن زيادة أسعار الكهرباء اعتبارا من أول اغسطس، ورغم الانحناء أمام العاصفة، ولكن سياسة النظام القائمة علي التحرير وسحب الدعم عن التعليم والصحة والخدمات والخصخصة والتي بدأت منذ بداية الانقلاب في يونيو 1989م، لن تتغير والتي تحمل الجماهير الكادحة اعباء الأزمة، وازدياد الفقراء فقرا والاغنياء غني، وبالتالي لابديل للجماهير غير مواصلة الاضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والخروج للشارع ضد الغلاء والارتفاع الجنوني في الاسعار حتي اسقاط النظام.

    وتزداد أزمة الحريات تفاقما جراء وجود اعداد كبيرة من المعتقلين لاتعرف بعض اسرهم مكان اعتقالهم، اضافة للتعذيب والظروف القاسية التي يعيشون فيها جراء الاعتقال التحفظي وبدون توجيه تهمة محددة، بحيث يصبح المطلوب قيام أوسع حملة جماهيرية في الداخل والخارج من اجل اطلاق سراح المعتقلين فورا. اضافة لمصادرة حرية الصحافة والتعبير والمظاهرات السلمية التي يكفلها الدستور، والفصل التعسفي من العمل مثل فصل 16 من العاملين والفنيين والمهندسين من مصنع أسمنت عطبره نتيجة الاضراب الأخير.
    وتتزايد الضغوط الدولية علي النظام بسبب اقتراب نهاية الفترة الزمنية التي حددها مجلس الأمن حسب القرار 2046 ، ومن المفترض أن تتم جلسة لمجلس الأمن يوم الخميس 2/8 لتقييم الموقف ، واتخاذ العقوبات تحت الفصل السابع المادة(41) ". ورغم انسحاب قوات الطرفين من ابيي وتخفيف التوتر علي الحدود واقتراب فترة مهلة مجلس الأمن، الا أن المفاوضات بين دولتي السودان والحركة الشعبية – قطاع الشمال لم تسفر عن أي اختراق. واوضاع النازحين في النيل الأزرق والذين يقدر عددهم ب ( 360) ألف مزرية ، ونظام الانقاذ يصر علي استعمال سلاح التجويع الجماعي ، والحرمان من الأدوية والامصال. ولابديل غير وقف تدهور الاوضاع الانسانية والوصول لحل سلمي شامل لمناطق جنوبي النيل الأزرق وكردفان وابيي ودارفور ، ومع دولة جنوب السودان بالاتفاق حول القضايا العالقة( ترسيم الحدود، البترول ، الحريات الأربع).
    ونلاحظ تحت تأثير الضغط تراجع نظام الانقاذ عن رفضه للتفاوض مع الحركة الشعبية- قطاع الشمال واعلان الحسم العسكري، وتنفيذ قرار مجلس الأمن للتفاوض معها.

    وايجابي ما طرحته الحركة الشعبية - قطاع الشمال حول المفاوضات مع النظام والتي تقتصر علي الوضع الانساني في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتأكيد علي ضرورة الحل الشامل والعادل لكل قضايا السودان وليس من أغراض المفاوضات الوصول لاتفاق ثنائي مع النظام في الخرطوم. ومن المهم الوصول لحل شامل يشترك فيه كل مكونات المجتمع السوداني من قوي سياسية ومنظمات المجتمع. وكان من الأسباب الرئيسية لفشل اتفاقية نيفاشا هو الثنائية واستبعاد القوي السياسية الأخري، وكانت النتيجة شراكة متشاكسة ادت الي انفصال الجنوب، واعادة انتاج الحرب من جديد. وبالتالي، فان شعبنا لايرغب في تكرار تلك التجربة الفاشلة ، ويطمح في حل شامل وسلام دائم يقوم علي الديمقراطية والتعددية والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
    الهدف الامريكي هو خلق تعايش سلمي بين الدولتين يضمن استقرار مصالحها في المنطقة، وتوقيع اتفاق فوري بين دولتي السودان حول البترول لانقاذ حكومة الجنوب من الانهيار الاقتصادي والتخلص من نفقات الاغاثة، وكذلك انقاذ حكومة الشمال من أزمتها وفك حصار الاحتجاجات الجماهيرية عنها ، واحداث تغييرات شكلية في النظام، حتي لاتحدث ثورة شعبية تؤدي الي تغيير النظام من جذوره ويأتي نظام ديمقراطي يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة.

    لقد حركت الاحتجاجات الجماهيرية في الايام الماضية ساكن الحياة السياسية، وكشفت ضعف النظام الذي ليس لديه اي حلول سياسية واقتصادية للازمة، غيراستخدامه للعنف المفرط ضد الاحتجاجات السلمية، وممارسة التعذيب الوحشي للمعتقلين السياسيين، واستخدام المليشيات المسلحة للمؤتمر الوطني " الرباطة"، واستغلال الدين لتهدئة التحركات الجماهيرية. كما اكدت التجربة أن النظام قفل كل الطرق للوصول لحل للأزمة ونقض كل العهود والمواثيق، التي جاءت نتيجة لمفاوضات سابقة، بحيث يكون من العبث الحديث عن حوار معه. وعليه يصبح لابديل غير اسقاط النظام. صحيح أنه توفرت كل الظروف الموضوعية لاسقاط النظام، بحيث اصبحت الحياة لاتطاق تحت ظل وجود النظام وعجزه عن أن يحكم ويوفر ضروريات الحياة للمواطنين، وانهارت كل المشاريع الزراعية والصناعية وتوقفت عجلة التنمية، ونخر الفساد في أعمدة النظام، وتم تركيز الثروة في ايدي فئة رأسمالية طفيلية اسلاموية قليلة اثرت علي حساب الدولة وممتلكات القطاع العام التي تم بيعها لمحاسيبها باثمان بخسة. كما تفاقمت التناقضات وصراع المصالح داخل الفئة الحاكمة، وفشلت مشاركة الحزب الاتحادي (الأصل) في جلب الاستقرار للنظام والتي هي لصالح الفئات الرأسمالية داخل الاتحادي الاصل. ومثل هذه المشاركة كما اكدت تجربة الديكتاتور نميري بعد المصالحة الوطنية عام 1977م والتي دخل فيها حزب الأمة، والاتحادي (جناح الميرغني)، والأخوان المسلمين ( جناح الترابي)، ولكن تلك المشاركة لم تنقذ نظام النميري ، بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية والحرب في الجنوب وتواصلت اضرابات العاملين والموظفين والفنيين والمهنيين وانتفاضات المدن والطلاب حتي بعد استغلال الدين وفرض قوانين سبتمبر 1983م، وكانت الاطاحة بالنظام في انتفاضة مارس- ابريل 1985.


    أزمة النظام اصبحت عميقة وعملية اسقاطه لاتتم من جولة واحدة أو جولتين ، ولكن من خلال سلسلة طويلة من المعارك والاحتجاجات والتحركات الجماهيرية وتقوية العامل الذاتي والتنظيم والاعداد الجيد للمعارك الجماهيرية. وجاءت التحركات الأخيرة في يونيو 2012م كحلقة مهمة في سلسلة المعارك التي خاضتها قوي المعارضة ضد النظام منذ بداية انقلاب يونيو 1989م، التي بدأت باضراب الاطباء ومقاومة الطلاب واضرابات عمال السكة الحديد وبقية العاملين والمهنيين والموظفين، ومقاومة تحالف قوي المعارضة( التجمع الوطني، تحالف قوي الاجماع)، ومقاومة الشباب والنساء والمزارعين ومتضرري السدود، والمقاومة المسلحة في دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق

    .
    ولاشك أن مجمل التراكم النضالي سوف يفضي في النهاية الي اسقاط النظام، وهذا يتطلب العمل الدؤوب والمثابرة علي المقاومة واستمرارها والتي تتعرض للمد والجزر والصعود والهبوط شأن كل الثورات التي حدثت في العالم، ولكننا لانعرف اليأس والقنوط من الانتصار في النهاية.


                  

08-03-2012, 05:33 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)



    دارفور ليس الجرح الوحيد
    محجوب محمد صالح


    محجوب محمد صالح

    ما من منطقة في السودان اكتسبت شهرة إقليمية وعالمية مثل دارفور خلال العقد الماضي؛ وذلك بسبب الحرب الأهلية التي تدور رحاها هناك وبسبب الاهتمام الذي أولاه الإعلام العالمي لها حتى بات يتحدث عنها أُناس في شتى أنحاء العالم وهم يجهلون حتى موقعها في الخريطة.

    ورغم هذا الاهتمام العالمي فإن أزمة دارفور ما زالت تراوح مكانها وتستعصي على الحل الذي يتقبله كل أطراف الصراع وما زالت القضية تتجول بين العواصم الدولية والإقليمية بحثاً عن حل شامل ما زال بعيد المنال، ورغم أن حدة القتال الضاري قد هدأت كثيراً فإن الانفلات الأمني والصراعات الدامية المنقطعة ما زالت حدثاً يومياً، وبين حين وآخر تعود أخبار دارفور لتحتل الصدارة في أجهزة العالم كما حدث الأسبوع الماضي.

    الأسبوع الماضي شهد حدثين ارتبطا بهذه االقضية بصورة أو بأخرى: الحدث الأول هو القرار الصادر من مجلس الأمن بتمديد فترة بقاء قوات حفظ الأمن الإقليمية الدولية في الإقليم باعتبار أنها عملية مشتركة بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والتي تعرف اختصاراً باسم (اليونميد) لمدة عام آخر مع تخفيض عدد القوات العاملة في إطار هذه القوة من حوالي عشرين ألف عنصر إلى سبعة عشر ألفاً.

    يبدو أن الثنائية باتت قدراً يلازم السودان فحينما كان مستعمرة رفرف في سمائه علمان لدولتين مستعمرتين: العلم المصري والعلم البريطاني، والآن تحفظ السلام فيه قوة ثنائية إفريقية أممية، لكنها قوة لا يحس أحد بوجودها ولم تستطع أن تحفظ أمناً ولا أن تحقق استقراراً بل وفشلت في أن تحمي أفرادها الذين تعرضوا للقتل والاختطاف، والأموال التي صرفت عليها كان من الممكن أن تحل أزمة دارفور لو صرفت في تنمية المنطقة. وبالأمس مددوا لها عاماً آخر واعتمدوا لها مليارات الدولارات لتصرف على (نشاطها) غير الملحوظ في دارفور!

    أما الحدث الثاني الذي يعكس حالة الاحتقان في هذا الإقليم فهو مقتل ثمانية أشخاص وإصابة أكثر من عشرين خلال مظاهرات احتجاجية وقعت في مدينة نيالا يوم الثلاثاء الماضي قادها طلاب يحتجون على غلاء الأسعار، وقد شهدت العاصمة ومدن أخرى احتجاجات مماثلة لكن لم يسقط فيها قتلى، وانفردت دارفور بهذا الحدث لأنها تعيش في حالة احتقان عالية وثقافة عنف تواترت.
    قضية دارفور تعتبر مؤشراً مهماً لحالة الاحتقان التي تعيشها أنحاء عديدة من السودان مع تنامي الإحساس لدى مجموعات عديدة من أهل السودان بأنهم يفتقدون العدل والإنصاف في دولتهم، وأنهم لا يتمتعون بكامل حقوق المواطنة في التنمية والخدمات ولا يشاركون في صنع القرار وأنهم تحولوا من مواطنين إلى رعايا، ولم يعد هذا الإحساس (بالتهميش) جهوياً فالمرء قد يحس به وهو يعيش في العاصمة لأنه يجد نفسه يعيش على هامش الحياة في المدينة؛ ولذلك فإن دارفور ليست جرح السودان النازف الوحيد فقد تكاثرت جراحنا النازفة.

    نموذج دارفور جاء تكراراً لنموذج الجنوب، وأصبح في نفس الوقت نموذجاً احتذته مناطق أخرى تنحصر الآن في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وقد تنفجر في وجهنا في مناطق أخرى ونحن نواجه الضغوط الاقتصادية الحالية، وهذا وحده سبب كافٍ لأن نواصل البحث عن مشروع وطني جديد لو أردنا لهذا الوطن أن يتجاوز أخطاء الماضي ويحافظ على وحدته ويحقق أمنه واستقراره.

    إن هذه الأحداث المتلاحقة وهذا الاحتقان في علاقة الشمال بالجنوب وهذه الأزمة الاقتصادية الحادة كلها أعراض لمرض واحد وهو أن المشروع القائم فشل في أن يحقق للسودان وحدته وتقدمه ونهضته، وأنه قد فقد كل مبررات بقائه، وقد آن أوان التغيير الذي يواكب هذه المتغيرات ويؤسس لدولة جديدة على أسس جديدة ومفاهيم جديدة تستلهم الموروث السوداني لتخاطب التحديات الجديدة وتنشئ أجهزة حكم راشد للناس وبالناس عبر نظام حكم ديمقراطي بمشاركة جماعية ومؤسسات متعددة قائمة على العدالة والإنصاف والحرية والمشاركة الفاعلة في صناعة القرار وسيادة حكم القانون والتبادل السلمي للسلطة. وهذه المرتكزات لا ينبغي أن تطرح كشعارات ولكن ينبغي أن تتحول إلى خطة عمل لتأسيس الدولة على قواعد جديدة.

    إننا الآن نعيش في حالة من انعدام الرؤية الشاملة وننظر إلى القضايا نظرة التجزئة فنتعامل مع دارفور كأنها أزمة منفصلة تماماً عن أزمة النيل الأزرق أو أزمة جبال النوبة أو مظاهرات نيالا أو الحركات الاحتجاجية في الخرطوم والمدن الأخرى رغم أن هذه الأحداث جميعاً ليست سوى أعراض متعددة لمرض واحد، ولا يمكن معالجة أي منها بمعزل عن الأخرى، ولا بد من أن يأتي العلاج شاملاً والتغيير كاملاً يطال كل هذه القضايا ويرسم السياسات المستقبلية مستفيداً من دروس الماضي الذي حفل بالإخفاقات.

    تجزئة القضايا والنظر إلى كل قضية بمعزل عن باقي القضايا يمثل خللاً خطيراً في نظرتنا لمسلسل الأزمات الذي ظللنا نعيش في كنفه خلال المرحلة الأخيرة، والخروج من هذا المستنقع يبدأ بإدراكنا أن هذه الأزمات متداخلة ومترابطة وأنها جميعاً أعراض مختلفة لداء واحد، ومن ثم يجب أن نتحرك على طريق الحل الشامل والتغيير الأشمل والبحث عن المشروع الوطني الجديد إذا ما أردنا أن نحافظ على هذا الوطن موحداً ومتطوراً أو نامياً. لقد أصبح الخيار أمامنا واضحاً: هذا.. أو الطوفان!

    محجوب محمد صالح
    [email protected]

    العرب
                  

08-04-2012, 05:06 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    لخص الاستاذ محجوب محمد صالح الوقت الحالى الذى يمر به السودان قائلا

    إننا الآن نعيش في حالة من انعدام الرؤية الشاملة وننظر إلى القضايا نظرة التجزئة فنتعامل مع دارفور كأنها أزمة منفصلة تماماً عن أزمة النيل الأزرق أو أزمة جبال النوبة أو مظاهرات نيالا أو الحركات الاحتجاجية في الخرطوم والمدن الأخرى رغم أن هذه الأحداث جميعاً ليست سوى أعراض متعددة لمرض واحد، ولا يمكن معالجة أي منها بمعزل عن الأخرى، ولا بد من أن يأتي العلاج شاملاً والتغيير كاملاً يطال كل هذه القضايا ويرسم السياسات المستقبلية مستفيداً من دروس الماضي الذي حفل بالإخفاقات.
                  

08-04-2012, 08:58 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)


    ماذا يتبقي من الإسلاميين؟ ..


    بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
    السبت, 04 آب/أغسطس 2012 09:15
    Share

    حيدر ابراهيم علي*

    يتعامل الكثيرون مع ظاهرة الانتشار الإسلامي التي تعيشها المجتمعات العربية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي،وكأنها تطورات فوق تاريخية أو خارج قوانين التاريخ متجاوزة لأي سياق زمني يحدد احداثياتها.ويبدو أن حديث الإسلاميين المتكرر عن الثوابت أو عن دينية الظاهرة المتجاوزة للبشري الفاني؛ يغري بعدم اخضاع الفعل الإسلامي وتجلياته في حركات وتيارات لقوانين واكراهات التاريخ.لذلك، من الضروري أن يخضع هذا الانتشار الإسلامي الي قوانين الظواهر التاريخية والإجتماعية.ويقتضي هذا النظر التاريخي –الاجتماعي ،من البداية ألا أقول الصعود الإسلامي بل الانتشار،لأن الظاهرة في حقيقتها امتداد أفقي وليس رأسيا أي يتخلل الي عمق الواقع والحياة.وهناك ملاحظة تبرر لي هذا التمييز،وهي كيف يمكن فهم هذه العودة الهائلة الي الدين وفي نفس الوقت تشكو هذه المجتمعات "المتدينة" من زيادة التحرش الجنسي والرشوة والفساد والغش والكذب؟ الصعود مفهوم ايجابي يوحي بالنهوض والتغيير،وهذا ما لم نلحظه في العقول أو الأفعال.لذلك،يطرح هذا المقال سؤالين،الأول:ماذا تبقي من "ثوابت" الإسلاميين بعد إندراجهم السريع والكثيف الحالي في الحياة السياسية والعامة؟السؤال الثاني: ما هي"الخصوصية" التي تميز الإسلاميين وما هي اختلافاتهم الحقيقية عن بقية القوى السياسية؟


    أعطي الربيع العربي بانتفاضاته الشعبية الكثيرين بعض الحق والحجج في تثمين دور الإسلاميين راهنا ومستقبلا.ورأي العديد من الباحثين والمراقبين أننا أمام ثورات أو تحولات دينية ،أو حركات سياسية يقودها المتدينون من الإسلاميين.وهذا تحليل غير دقيق،لأننا ،في الحقيقة، امام حركات جماهيرية عالمثالثية تقاوم عولمة كاسحة ورأسمالية مستوحشة ،مستنجدة بشعارات دينية، لأنها أكثر قدرة علي اثارة مشاعر الشعب وأسرع في التعبئة والتجييش.وهذا نفس ما حدث في امريكا اللاتينية والاختلاف فقط في الشعارات التي كانت اشتراكية هناك.فقد كانت انتفاضات الربيع العربي في المبتدأ والأصل اندفاعة شبابية عفوية للشارع،ولم تبادر بها الأحزاب التقليدية الإسلامية أو المدنية بل لحقت بالإنتفاضة في اوقات متفاوتة. ولذلك،خلت الفترة الاولي من أي هتافات أو شعارات.وكان هتاف الإنطلاقة الذي ردده الجميع وخاصة الإسلاميين،علمانيا خالصا،وهو من الشعر الإنساني وليس آية قرانية ولا حديث شريف ولا قول ديني مأثور.كان بيت الشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي:إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر! ولم يسائل الإسلاميون أنفسهم :هل يمكن أن يستجيب القدر(الله) لإرادة الشعب؟ كان الإندفاع الثوري أقوي من المماحكات التي اعتاد عليها الإسلامويون في أوقات الراحة والدعة.


    يمكن للمرء أن يجازف بالقول أن الحركات الإسلامية خضعت في سيرورة الربيع العربي لعملية عولمة جارفة وعلمنة ساحقة يدركها العقل بسهولة.فقد اعتبر البعض أن الربيع العربي من أول إفرازات ثورة المعلومات في العالم العربي.وارتكز مثل هذا التحليل علي استخدام الوسائل والادوات التي انتجتها العولمة. ولكن التأثير سار أبعد من العلاقة الأداتية ليلامس الفكر نفسه ولحدما الرؤية للعالم. فالعولمة كثقافة وفلسفة اخترقت أسوار الإسلاميين التي لم تعد خصينة بسبب قوة رياح التغيير والتحديث الآتية من الخارج ،والتي لم تفلح في صدها صيحات التحذير من المؤامرة والاستهداف ولا حتي اللجؤ للتطرف والعنف والتعصب.


    يتجلي تأثير العولمة علي الإسلاميين في أمر هام مفعم بالرمزية والخصوصية والأصالة،وهو الأسم أو التسمية.فقد تنازلت كل الحركات والاحزاب عن الأسماء التي كانت تؤكد علي إسلاميتها،علما بأن الإسلاميين هم من أكثر الناس تمسكا بالرمز والايحاءات والدلالات.فحركة"الإخوان المسلمون"التي حملت هذا الإسم منذ عام1928 وتفخر به.وكانت المخاطبة بأخ مسلم للعضو توحي بالحميمية والمناصرة والمودة. وللمفارقة،حين كسب الإخوان الشرعية والعلنية،تخلوا عن الإسم-الرمز ورضوا بإسم:"الحرية والعدالة"بدون أي نسب للإسلام مباشر، إلا حين يضاف اكليشية: الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.وكون شباب الإخوان المنشقون حزب(التيار المصري).ولحقت حتي أكثر الجماعات تطرفا وتأكيدا لدينيتها،وبعضها شارك في اغتيال الرئيس السادات؛ بالإخوان بحثا عن(نيولوك)للمرحلة الجديدة.فقد اصبحت(الجماعة الإسلامية) حزب البناء والتنمية،وتحول (الجهاد الإسلامي)حزب السلامة والتنمية؛واحتكر السلفيون اسماء (النور) ثم (الأصالة). ولم تقتصر الموضة علي مصر،إذ نجد حزب العدالة والتنمية في المغرب،وفي ليبيا ايضا،وقبل ذلك تركيا.وابقي الإسلاميون في تونس علي إسم (حزب النهضة) والذي كان في الماضي الإتجاه الإسلامي. وتوارت الاسماء النضالية مثل: الجهاد الإسلامي،الحركية الإسلامية،حزب الإسلامية.وحلت مفردات علمانية أو تنموية وضعية خالية من النفس الديني،مثل:الحرية،التنمية،العدالة،المساواة،البناء...الخ.ومن الخطأ اعتبار تغيير الإسم مسألة شكلانية لا تمس جوهر ومضمون الأمر،بل العكس تماما،هي تعبير صريح عن مواقف ورؤى جديدة.


    يطرح سؤال هام،بعد غياب التسمية الطوعية أي تلك التي تطلقها جماعة علي نفسها،ما الذي يجعل من هذا الحزب إسلاميا ويجحب الصفة عن تنظيم آخر؟ببساطة،هو تبنيه ما يسمي"الثوابت" الإسلامية وهي التي تشكل مرجغية إسلامية ذات خصوصية أو ذاتية قد تسمي"الهوية الإسلامية" والتي غايتها انجاز حضاري إسلامي بديل لكل المشروعات الحضارية التي ثبت فشلها وعجزها عن حل القضايا الإنسانية- حسب رأي الإسلاميين.ومن أهم غايات هذا المشروع العودة الي مجد الإسلام أو إعادة مجد الإسلام-لا يوجد فرق.ومن أهم وسائل تحقيق مجتمع المدينة – كما تقول أدبيات كثير من الإسلاميين- هو تطبيق شرع الله أو الشريعة الإسلامية،في الدولة والمجتمع.ومن الآليات العملية انتهاج الشورى و/أو الديمقراطية(قد تكون الشوراقراطية)، بالإضافة لتحقيق العدالة الإجتماعية(بديل الاشتراكية).وظلت هذه مكونات الخطاب الإسلامي والذي تميز بالشعاراتية خلال العقود الفائتة،خشية الالتزام بمواقف قد تتعارض مع اصوليته وثوابته.ولكن الربيع العربي ترك الإسلاميين مكشوفين أمام العولمة علي مستوي الفكر والممارسة.فقد كان العمل السري والملاحقة يضفيان علي الإسلاميين قدرا من البطولة والنضالية المثيرة للتعاطف والإعجاب والغموض المحبب. ولكن العمل العلني وتكوين الأحزاب فرض عليهم شروط الواقع وجعل اخطاءهم وسلبياتهم تحت الشمس.وصاروا اناسا عاديين يمشون في الاسواق ويتحدثون في الندوات ويكتبون في الصحف.وفي هذا اختبار لقبولهم للنقد،ولتسامحهم وتواضعهم وقبولهم للآخر.وفي مصر،خسر الإخوان من العلنية وفقدوا بعضا من شعبيتهم رغم فوزهم في انتخابات الرئاسة لأنها شهدت مساندة قوى عديدة جمعها العداء (لشفيق).وصار الإسلاميون عرضة لحملات النقد والمهاترة التي طالت جميع كوادر وعضوية الإسلاميين.



    أجري عدد من الكيانات الإسلامية،خاصة الأكثر تشددا،ما اطلق عليه: المراجعات،واعتبرها البعض نوعا من التراجع. وقدمت نقدا ذاتيا تنازلت فيه عن استخدام القوة(الجهاد)لتأسيس المجتمع المسلم علي ركام المجتمع الجاهلي.وهذا يعني سقوط الفكرة الأساس في أيديولوجية الإسلاميين الجهاديين.فقد انحسرت موجة التكفير المعمم،ومعها مبدأ تقسيم المسلمين إلي فسطاطين: إسلام وجاهلية. وكان لهذه المراجعات أثرها القوي علي مجمل الحركات الإسلامية والتي لم تعد تخضم لمزايدات إسلاميين مثلها.ولم تصدر الحركات الإسلامية إعلانا يشرح المراجعات،ولكن لسان حال برامجها الانتخابية وخطابها السياسي؛ أظهرا مراجعة وتراجعا واضحين في قضايا كانت تعد من الثوابت.فقد كان من أهم ما يميز أو يفاصل بين الإسلاميين،وبين غيرهم من الحركات والتيارات(ليبراليون،ديمقراطيون،واشتراكيون،وعلمانيون)، هو الدعوة لدولة إسلامية والتي يصر خصومهم علي تسميتها الدولة الدينية أو الثيوقراطية. اما القضية الثانية فهي الموقف الحدي من الغرب حضاريا ويتبع ذلك معاداة الاستعمار والصهيونية.وهذا ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية،هي الشيطان الأكبر.ولذلك يرددون في أناشيدهم:أمريكا قد دنا عذابها.هذه مواقف ظلت-نسبيا- من الثوابت حتي هبت عواصف الربيع العربي.


    كان من الصعب علي الإسلاميين تغيير أو إصلاح مواقفهم السياسية والفكرية، دون تقديم السند الديني والفقهي لتأييد أو تبرير الموقف الجديد.وهذا ما جرهم الي البراقماتية(العملي – النفعي) والانتقائية والتوفيقية(أو التلفيقية) في التفكير.وهذا ما يسمونه التأصيل أي البحث عن شبيه أو مثيل لكل موقف جديد أو ظاهرة مستحدثة في التاريخ الإسلامي مدعومة بقرائن دينية وفقهية.وهرع الإسلاميون حين فاجأتهم ضرورات العولمة للاستنجاد بوسائل ليست أصولية تماما في الفقه مثل: القياس، الاستصحاب،الاستحسان،المصالح المرسلة. وقنن (الشيخ حسن الترابي) للبراقماتية الإسلامية بما أسماه:فقه الضرورة.وهذا فقه يجعل كل شئ مباحا وممكنا من خلال قاعدة:الضرورات تبيح المحظورات.ومن الواضح أن كثيرا من آثار وتداعيات العولمة


    هي من الضرورات،وبالتالي لها رخصة الإباحة التي تقيها من التحريم.وفي مواجهة العولمة سلميا أو التكيّف معها؛وجد منظرو الحركات الإسلامية في موافقات الشاطبي منقذا وليس في "معالم في الطريق"لقطب.ورفع منهج القياس،كثيرا من الحرج عن الإسلاميين في عملية تجديد وتغيير المواقف.فالقياس يعني:"الحاق واقعة لا نص علي حكمها بواقعة ورد نص بحكمها،وذلك لتساوي الواقعتين في علة هذا الحكم".واكتسب الإسلاميون مرونة في التعامل مع ضرورات التاريخ والواقع أو ضغوط الزمان والمكان.وهذه محاولة لحل معضلة الإسلاميين المتمثلة في:"أن يكونوا(أي باصولهم ومرجعياتهم القديمة)وفي نفس الوقت يكونون جزءا من هذا العصر".ولكن عليهم دفع ثمن هذه المغامرة الفكرية خصما من "ثوابتهم" ،وخصوصيتهم التي ميزتهم عن الآخرين.


    من أهم نتائج ضغوط العولمة وجهود تكيف الإسلاميين،هذه الإنقسامات والتشرذم الذي نجده بين الحركات الإسلامية.ويتساءل المرء ما هو مبرر وجود كل هذه الحركات والاحزاب الإسلامية إذا كانت كلها ترفع شعار تطبيق شرع الله؟وهل الشريعة بهذا التعدد بحيث تحتاج لكل هذا العدد من الكيانات السياسية؟وهذا يعني –ببساطة- أنهم يفتقدون المرجعية الدينية الجامعة،وما نشهده صراعا سياسيا بشريا،واحيانا في أدني درجات الصراع.وبسبب غياب المرجعية الجامعة وتزايد ضغوط الواقع،تحول الإسلاميون الي تكتيكيين بامتياز بلا استراتيجية طويلة المدي .وذلك، لتجنب المحاسبة،


    وتظهر التكتيكية جيدا في مواقفهم من الديمقراطية.وصارت،باستمرار،أمام مواقف رمادية يفضلها الإسلاميون هروبا من اتخاذ المواقف القاطعة:أبيض أو أسود.وهذا ما عبر عنه أحد الباحثين في تحليل مواقف حركة (حماس) بقوله: "اتضحت في هذه المرحلة الصعوبة الكبيرة في التوفيق بين الثنائيات التي انبثق منها برنامج حركة حماس كثنائيات:البناء والتحرر،الحكم والمقاومة،السلطة والمعارضة،الوطني والإسلامي".(ورقة باسم الزبيدي في ندوة لمبادرة الإصلاح العربي).


    قفز سؤال: ماذا يتبقي من الإسلاميين؟بقوة الي ذهني،أثناء زيارة هيلري كلينتون،وزيرة الخارجية الأمريكية،للقاهرة؛وما ظهر من تقارب وتوادد مدهشين بين كلينتون والرئيس الإخواني.كان الإتفاق كاملا وبلا تحفظات لدرجة اعطت خصومهم الجرأة للتحدث عن حلف أخواني-أمريكي.وهذه الهرولة-ولا اريد استعمال لغتهم: الانبطاح،في زصف غلاقات الرؤوساء المخلوعين- بدأت بزيارات (الغنوشي) ووفد كبير للإخوان المصريين،لواشنطون قبل الانتخابات.وهنا تظهر البراقماتية السياسية علي حساب المبدئية أو الثوابت.وهنا يتم استدعاء فقه الضرورات تبيح المحظورات تحت شعار مريح يردده الإسلاميون،هو:طمأنة الغرب!وتدخل من هذا الباب كل التنازلات والمصالحة.والنتيجة في النهاية،هي انتصار العولمة والهيمنة علي حساب المقاومة والممانعه وحرب الشيطان الأكبر وأمريكا التي قد دنا عذابها!
    وأخيرا،حين يصل الإسلاميون الي هذا المدى في العلاقة مع أمريكا والغرب؛وحين يقبلون بالدولة المدنية حتي ولو كانت ذات مرجعية إسلامية (لأن هذا من فصيلة الغول والعنقاء)؛ وحين يرضون بتعيين نائب رئيس قبطي؛وحين يقبلون بالقروض الربوية من البنوك العالمية؛يحق لنا التساؤل ماذا يتبقي من الإسلاميين؟ وما الذي يميزهم عن الآخرين ليحتكروا التحدث باسم الإسلام؟


    *
    مدير مركز الدراسات السودانية-الخرطوم.
    [email protected]

    مايسمي بالطمأنة هو مدخل براقماتي مريح للتنازلات والانبطاح المبرر.
    الانتقال من الجماعة المحظورة الي الحزب العلني الي الحزب الحاكم اليست هذه مراحل تقتضي كل منها خطابا مختلفة واساليب عمل جديدة؟ لا تاريخية ولا واقعية الإسلاميين تظهر في عدم علي فهم ظروف كل مرحلة وملابساتها

    Hayder Ibrahim [[email protected]]Joomla Templates and Joomla Extensions by ZooTemplate.Com . *
    Arabic Iphone & Andriod Apps Developed by; Hasim Internet
    .
                  

08-06-2012, 08:55 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    عفواً سيدي الرئيس.. انها بداية النهاية (1 – 2) .


    . بقلم: البروفسور محمد بابكر ابراهيم
    الأحد, 05 آب/أغسطس 2012 23:32
    Share


    البروفسور محمد بابكر ابراهيماستاذ بجامعة مدينة نيويورك..Mohamed Babiker Ibrahim [[email protected]]

    سيدي الرئيس.. بعيداً عن الفعل ورد الفعل.. دعنا نتحدث بموضوعية دون تجني أو تجريح.. لأن عدم الموضوعية لا يخدم غرضاً.. ولا يساعد في الخروج من الأزمة الراهنة.. التي استفحلت ووصلت طريق اللاعودة… فأما الاستماع لصوت العقل، والخروج من هذه الأزمة بسلام.. أو الاصرار على التعنت الذي دأبت حكومتكم عليه في كل ملمة من الملمات.. وعالجت ما مضى من أخطاء بأخطاء أفدح… بدءاً بمشكلة الجنوب، مروراً بدارفور والنيل الأزرق، وصولاً الى جنوب كردفان… حتى استنزفت موارد البلد الاقتصادية والبشرية.. مما أدى الى هذه الأزمة التي أوصلت البلاد قريبا من مرحلة الانهيار الاقتصادي والسياسي.

    سيدي الرئيس
    فحوى الانهيار السياسي والاقتصادي قد تمثل في مثلين سودانيين.. أولهما: فاقد الشيء لا يعطيه.. وثانيهما: لا يستقيم الظل والعود أعوج؟؟ وهما يدلان دلالة واضحة على خطل وضعف البنية الخلقية والعضوية.. للبرامج السياسية والاقتصادية التي تبنتها الانقاذ. مما أدى الى الأزمة السياسية الحالية والانهيار الاقتصادي.. ولقد وصلا حداً لا تنفع معه المعالجات الموضعية.. أو السياسات قصيرة الأمد.. وسوف يزداد الخرق اتساعاً وتمدداً مثل كرة الثلج التي تزداد كبراً بمرور الأيام حتى ينهار الوضع الاقتصادي والسياسي بالكامل لوحده دون الحاجة الى تحرك جماهيري.. أو وقفات احتجاجية..و أراه لعمري قريبا جدا في الأفق المسدود.



    سيدي الرئيس
    فاقد الشيء لا يعطيه… يخص هذا المثل التركيبة الأساسية للكيان السياسي للانقاذ وما صحب ذلك من نتائج كارثية هددت بفناء الوطن.. وتمزق أطرافه.. وانتقاص حريته.. وتمثل ذلك في عدة عوامل من الفشل.. حتى أصبح الوطن.. لا
    حول له ولا قوة..

    ١ ـ الفشل الأول
    استأثرت الانقاذ وحدها بالحكم.. وأقصت الآخرين أو أشركتهم اشراكاً ديكورياً.. وأصبح المؤتمر الوطني هو المهيمن على الساحة السياسية و بدلا من أن يخدم الحزب الحكومة ويساعد في الرقابة على الجهاز التنفيذي وكذلك المساعدة في تنفيذ مشاريع الحكومة. أصبحت الحكومة وبكل قواها في خدمة المؤتمر الوطني.. وأدى ذلك الى خطل كبير في البرامج والسياسات التي انتهجتها الحكومة.. فالانقاذ عندما استولت على الحكم.. كانت كياناً واحداً.. وهو الجبهة القومية الاسلامية و هي كيان سياسي لها أهدافها وبرامجها المحددة.. ولكنها انقسمت الى قسمين كبيرين.. أحدهما في السلطة "المؤتمر الوطني" والآخر خارجها "المؤتمر الشعبي"..وأصبح المؤتمر الوطني فريسة للانقسامات الداخلية.. وأصبح جزرا معزولة (وكيمان – (راجع حديث دكتور أمين حسن عمر في صحيفة الرائد بتاريخ ٣٠/٦/٢٠١٢- أضعفت كثيراً من دوره في الرقابة والترشيد.. وأخطر من ذلك ضعفه في اتخاذ القرار.. للحد الذي أصبحت كثير من قرارات الرئيس التي التزم بتنفيذها أمام الجماهير.. حبر على ورق.
    وانعكس ذلك جلياً في التخبط الذي شاب العملية الادارية في البلاد، إضافة الى ما خلفه تمدد الظل الإداري من تضارب في الاختصاصات والمسؤوليات بين المركز والولايات والمحليات مما أضعف العملية الادارية بكاملها وأقعد الجهاز التنفيذي عن القيام بواجباته.. وما حدث في ولايتي جنوب دارفور والقضارف خير شاهد على ذلك والأمثلة كثيرة.




    ٢ ـ الفشل الثاني
    عندما جاءت الانقاذ كان من ضمن أهدافها وحدة البلد وسلامة أراضيه.. والشاهد انها فشلت فشلاً ذريعاً في هذا المسعى.. فقد ساهمت وبطريقة ممنهجة في انفصال الجنوب، وهو ما يعادل ثلث البلد اضافة الى التخلي وبسهولة عن مثلث حلايب… و الحبل على الجرار، فلم يحافظ الانقاذيون على وحدة البلد وسلامة أراضيه… بل أججت الانقاذ النعرات القبلية.. والجهوية وذلك بتفضيل أحدى القبائل على الأخرى.. أو أفراداً على آخرين في حكم الولايات الأمر الذي أدى الى شرخ عميق في النسيج الاجتماعي.. مع أن تناغم النسيج الاجتماعي هو من أرفع القيم التي سادت المجتمع السوداني… وللأسف.. فان هذا الخطل في السياسة الانقاذية قد دفع ببعض المجموعات لحمل السلاح للمطالبة بحقها وحق مواطنيها. فأصبحت مناطق عدة من الوطن وخاصة أطرافه مناطق احتقان تفتقد للسلم والتنمية والطمأنينة.

    سيدي الرئيس.. أرجو أن يتسع صدرك لي

    ٣ ـ الفشل الثالث
    عندما اغتصبت الانقاذ الحكم كان السودان بلداً يتمتع بكامل السيادة الوطنية.. وكان هذا نتاج كفاح ونضال مرير قام به أجدادنا.و من بعدهم آباؤنا. بذلوا فيه الغالي والنفيس.. ولا يحق لنا أن نفرط في هذه الأمانة.. ولكنكم سيدي الرئيس فرطتم أنتم في ذلك.. وأصبح السودان الآن دولة تحت الوصاية… أي ناقصة السيادة الوطنية.. حيث يوجد في أراضيه الآن ٢٦ ألف جندي لا يأتمرون بأمركم.. يا سيادة الرئيس.. بل بأمر الأمم المتحدة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    سيدي الرئيس
    ٤ ـ الفشل الرابع.. هو فشل أخلاقي
    عندما اغتصبت الانقاذ الحكم كان من ضمن أهدافها هو ترسيخ مبدأ طهارة الحكم ونقائه.. فاذا به ينقلب هذا الهدف الى الضد.. بدلاً من ارساء القيم الفاضلة.. والمحافظة على القيم الجميلة التي عرف بها الشعب السوداني.. والعمل على خدمة الوطن والمواطنين بتجرد ونكران ذات.. أصبحت مهمة أهل الحكم "التكويش" ونهب المال العام.. والاستيلاء على ممتلكات الناس بطرق إنسان رخيصة ودنيئة.. حتى صار فساد الانقاذ هو الأكبر في تاريخ السودان وأصبح السودان من الأقطار الأعلى فساداً في الدول النامية. إذا لم تخافوا الله في الشعب السوداني.. اتقوا الله في أولادكم وأهلكم.. فقد أكّلتموهم السحت.. وأهدي لكم حديث الرسول (ص) في هذا الشأن.

    صبراً سيدي الرئيس
    ٥ ـ الفشل الخامس
    ادعت الانقاذ عند مجيئها.. انها أتت لتنمية الوطن والعناية بمواطنيه.. فالذي حدث هو العكس.. لقد ازدادت حدة الفقر حتى أصبح ٩٠٪ من السودانيين تحت خط الفقر… وذلك واضح من حديث الدكتورة سعاد الفاتح في المجلس الوطني.. وفي دراسة رسمية بواسطة احدى المصالح الحكومية في عام ٢٠٠٩ ذكرت فيها بأن نسبة الفقر بين سكان السودان تتراوح ما بين ٥٥٪ إلى ٩٥٪ وإذا أخذنا المتوسط يكون ٧٥٪ أي ثلاثة أرباع الشعب السوداني تحت خط الفقر، والآن وحسب ما ورد من بعض المصادر ان نسبة الفقر الآن 46 % أي ما يقارب النصف هم تحت خط الفقر فاذا افترضنا بأن هذا الرقم صحيحاً.. فان الانهيار الاقتصادي الراهن وغلاء الأسعار الطاحن الذي وصل الي 30% و مرشح للزيادة وبالتالي سوف تصل نسبة الفقر الي 90%.




    عفواً سيدي الرئيس.. انها بداية النهاية (2 – 2)

    البروفسور محمد بابكر ابراهيم
    استاذ بجامعة مدينة نيويورك..
    نواصل مابدأناه في الحلقة الأولي سيدي الرئيس

    كل هذه المشاكل أصبحت تنخر في جسم الانقاذ.. وأدت الى فشل منهجي وعضوي في سياسات الانقاذ.. حتى وصلت البلاد الى هذه الحالة من الانهيار السياسي والاقتصادي والأخلاقي.. والجزء الأكبر من هذا الانهيار هو فشل سياسي في إدارة البلاد والحفاظ على وحدتها وسلامة أراضها وانعكس ذلك سلباً على الاقتصاد والتنمية مما أفقر البلاد والعباد.

    سيدي الرئيس.. ان حزني على وطني شديد
    دعنا نتناول ثانية الأثافي.. وهو الانهيار الاقتصادي.. ونبدأ بالمثل القائل كيف يستقيم الظل والعود أعوج.. ودعني أقول في ايجاز بسيط غير مخل بالمعنى لقد تبنت الانقاذ منذ عام ١٩٩٢ سياسة المحافظين الجدد كمنهج للنمو الاقتصادي والذي ينبني على سياسات السوق الحر والخصخصة وعدم دعم الانتاج.. وكما هو معلوم فان هذه السياسة الاقتصادية مرتبطة بالعولمة وتتطلب تغييراً جذرياً في البنية الاقتصادية.. التي لا تهتم كثيراً بالتطور الزراعي وانما جل اهتمامها ينصب في المجال الصناعي الذي تديره الشركات العملاقة.. وعليه فان صغار المنتجين ليس لديهم موقع في هذه المنظومة التي احتكرت التجارة العالمية..

    ان بلداً كالسودان يعمل ٨٠٪ من سكانه في الزراعة وأغلبهم من صغار المزارعين.. ما كان يجب أن يقع في هذا الخطأ.. بل كان عليه قراءة واقعه.. ووضع الخطط الاقتصادية التي تتكيف مع هذا الواقع.. مثلما فعلت حكومات ماليزيا واندونيسيا والصين.. عندما بدأت الثورة الخضراء وذلك بدعم صغار المزارعين وحمايتهم من الاحتكار وتغول السوق.. ونجحت تلك الدول في تطوير ونمو اقتصادياتها.. التي أصبح يشار اليها بالبنان. فانها لم تنقاد بطريقة عمياء لهذه السياسة التي فرضها البنك الدولي… وبعد ثلاثة عقود من الزمان وبعد أن ساءت أحوال الدول النامية نسبة لتبنيها هذه السياسة الاقتصادية الفاشلة.. والتي أفضت ايضاً الي الكارثة الاقتصادية عام ٢٠٠٨ التي طالت حتى الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة. شعر البنك الدولي والمانحين بعقدة الذنب.. نسبة لعدم دعم صغار المزارعين وازدياد نسبة الفقر بينهم.. وتدهور الأحوال المعيشية في الريف… وبدأ التفكير جدياً في دعم البلاد النامية وخاصة مشاريع التنمية الريفية.. التي تبنى أساساً على الانتاج الزراعي والحيواني.

    وعند تبنيها لهذه السياسة الاقتصادية الخرقاء.. رفعت الانقاذ يدها عن دعم ٨٠٪ من سكان البلد.. وكانت النتيجة ان هجر المزارعون الزراعة… وزج ببعضهم في السجون.. وهاجر البعض الآخر للمدن.. وعلى ضوء التدني المريع للانتاج الزراعي.. ولسد العجز في محصولات كالقمح أصبحت الحكومة تستورد ما قيمته ٢ بليون دولار (مجرد سؤال.. أين ذهب شعاركم نأكل مما نزرع وما عايزين دقيق فينا قمحنا كثير بكفينا؟؟).. لو نحت الانقاذ هذا المنحى لكان لها شأن آخر.. والمحزن أيضاً ان الحكومة استوردت في ٦ شهور زيت طعام بما قيمته ٢٥٠ مليون دولار، والسودان يزرع السمسم والفول والقطن وعباد الشمس…!
    وعندما استشعرت الحكومة ذلك الخطر وحاولت انقاذ ما يمكن انقاذه عن طريق برنامج النفرة الزراعية ولاحقاً النهضة الزراعية وخطط التنمية الهلامية.. مثل الخطة الربع قرنية.. فشلت جميعها لأنها بنيت على:
    Top – down approach (طريق الأعلى نحو الأسفل الاقتصادي) وليس العكس.. وبالتالي ان ما بني على خطأ لا ينبت بالضرورة صوابا.
    لكي ينمو الاقتصاد لا بد أن يكون الدخل أكثر من المنصرف.. وبعد ذهاب جل دخل البترول يبقى الاعتماد على الانتاج الزراعي والذي لاتزيد نسبة دعمه بأكثر من اثنين في المائة من الميزانية.. الآن تحت أحسن الفروض سوف يغطي البترول، الذهب والانتاج الزراعي نصف المنصرفات.. - راجع حديث د. الكندي في صحيفة السوداني1/6/2012- فمن أين سنأتي بالنصف الآخر لسد هذا الانهيار المريع.. واذا افترضنا ان الحكومة تبنت المسار الصحيح في تطوير وتنمية الانتاج الزراعي.. فهذا يحتاج لسنوات عدة لأن الحكومة دمرت البنى التحتية الزراعية واعادتها الى حالتها الأولى يحتاج لسنوات.. من ناحية أخرى المخرج السريع من هذه الورطة هو الاستدانة من مؤسسات التمويل العالمية… والمعروف ان الحكومة لم تترك لها صليحاً حتى تستدين منه، حتى الخمسة مليار دولار التي وعد البنك الدولي بارسالها للسودان بعد انفصال الجنوب.. وغالباً ما يماطل البنك الدولي في دفعها كاملة. كما ماطل المانحون عند تنفيذ اتفاقية نيفاشا.. ولم يدفعوا الا القليل جداً.

    عفواً سيدي الرئيس.. الكلام دخل الحوش
    كل هذه الحقائق.. رأيناها بعين الطائر من بعيد.. وخلاصة الأمر أنتم والبلد في ورطة والخروج منها يحتاج الى معالجة جذرية في النهج السياسي والاقتصادي والإداري.. ولا تنفع معه المعالجات والمسكنات قصيرة الأمد.. فأنتم سيدي الرئيس ونحن ذاهبون.. ولكن يجب أن يبقى السودان… وكما قال رسولنا (ص) الدين النصيحة… فان الخروج من هذا المأزق يعتمد على مشاركة فئات الشعب الأخرى التي أقصيت علي مدي23 سنة في اتخاذ القرار.. لأن الوطن يهمنا جميعاً. , أؤكد لك سيدي الرئيس أن هذا الشعب سيقف معك و مع الحق عندما يسترد حقه الضائع المسلوب في حكم نفسه،مثلما وقف معك في الجنائية و هجليج، ومثلما وقف مع الراحل نميري في مال الكرامة و أيلول الأسود و سيضمن لك التقاعد المريح المحمي حتى لا يصبح السودان رهينة لهواجس فرد أو جماعة ، او رهينة لتصفية حسابات أو ثأرات شخصية. فالتضحية ببعض العدالة في سبيل كل الاستقرار و كل الانعتاق في قوانين السياسة واردة، و لنا في تجربة جنوب أفريقيا خير مثال .
    فلك أن تدعو الى مؤتمر قومي لكل السودان.. تمثل فيه كل قطاعات الشعب من أحزاب، قبائل، طرق صوفية، نقابات مهنية، امرأة وشباب ونكون بذلك وضعنا أولى لبنات الوحدة الوطنية الحقيقية.. وأنا واثق سوف يخرج هذا المؤتمر بقرارات تكون مرضية للجميع، إن وجدت منكم الإرادة و الصدق لتنفيد بنودها.
    وسوف تتمخض عنه حكومة وحدة وطنية بمعنى الكلمة.. وليست امتداداً للمؤتمر الوطني.. على أن تعمل على إجراء انتخابات حرة نزيهة في أقرب وقت.. وإلا سوف يحدث الانهيار وتعقبه الفوضى التي لا مناص منها… وسوف تكون أنت شخصياً مسئولا أمام الله ثم امام التاريخ..
    الا هل بلغت.. اللهم فاشهد
                  

08-08-2012, 06:21 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    التجربة السودانية في استغلال الدين في السياسية .. بقلم: تاج السر عثمان
    الثلاثاء, 07 آب/أغسطس 2012 09:04
    Share

    راكمت الحركة السياسية والفكرية السودانية تجارب كبيرة في الصراع ضد استغلال الدين في السياسة لم تجد حظها في التلخيص المكثف والمركز في التقرير السياسي المجاز من المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني، رغم أن التقرير السياسي أشار الي عموميات صحيحة مثل (أن الاحتماء بالدين كان مجرد غطاء ايديولوجي للطريق الرأسمالي الشائه الذي اتبعته تلك القوى)، وأن القوى اليمينية ضاقت بالحقوق الديمقراطية للجماهير وسعت لمصادرتها باسم الاسلام، وأن الدولة الدينية تصادر الحقوق والحريات الديمقراطية وتؤدي الي التكفير والصراعات الدموية، وأن (الطريق الرأسمالي لايفرق في ضحاياه بين مسلم وغير مسلم، فالمحصلة النهائية لحصيلة مجتمع الرأسمالية الطفيلية منذ 30/يونيو/1989 لم تميز بين السودانيين علي أساس ديني، وانما علي أساس اجتماعي وسياسي، واكثر من 90% من السودانيين ، جلهم الآن تحت خط الفقر).
    ولكن كما جاء في تقرير المؤتمر الرابع للحزب 1967(الماركسية وقضايا الثورة السودانية)،

    أنه ماعاد يفيد الاكتفاء بالعموميات وحدها، بل (اصبح لزاما علي حزبنا أن ينمى خطه الدعائي حول الدين الاسلامي وعلاقته بحركة التقدم الاجتماعي. لقد جرت محاولات متقطعة من قبل اعضاء حزبنا في هذا المضمار وتنقصها التوفر علي الدراسة العميقة والالمام بعلم الفلسفة من جوانبه المختلفة ولاتشكل خطا دعائيا ثابتا لحزبنا)(ص، 169، طبعة دار عزة، 2008م)، وكان الهدف الاساسي من ذلك هو (جعل الدين الاسلامي عاملا يخدم المصالح الأساسية لجماهير الشعب ، لااداة في يد المستغلين والقوى الرجعية التي لاترتبط بثرى هذا الوطن في مصالحها وتطلعاتها)(ص، 169).


    كان من المفترض أن ينطلق التقرير السياسي من هذه النقطة ويتابع في ايجاز وتركيز اين وصلت الحركة السياسية والفكرية في صراعها ضد استغلال الدين في السياسة؟.وما هي اهم معالم الصراع في هذا الجانب في الفترة(1967- 2009)؟.
    ومعلوم أنه كان من اهم معالم بداية هذه الفترة ضيق القوى اليمينية بالحقوق والحريات الديمقراطية والتي رفعت شعار الدستور الاسلامي والجمهورية الرئاسية، وكان الهدف الاساسي ليس تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الامن من الجوع والخوف، كما أشار عبد الخالق محجوب في سلسلة مقالات كتبها في صحيفة اخبار الاسبوع في العام 1968 حول الدستور الاسلامي، ولكن كان الهدف مصادرة الحقوق والحريات الأساسية باسم الاسلام، ومصادرة حرية الفكر والضمير والمعتقد، ومصادرة نشاط الحزب الشيوعي السوداني القانوني وفرض طريق التنمية الرأسمالي و نظام شمولي ديكتاتوري يحكم بالقهر وباسم الاسلام. كما وقف الحزب الشيوعي السوداني وكل القوى الديمقراطية والمستنيرة ضد محكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968م، بعد أن ضاقت القوي السلفية الظلامية بافكاره التي كانت تدعو الي العدالة الاجتماعية وتجديد التشريع الاسلامي بما يناسب العصر، واستخلاص المساواة بين المرأة والرجل والعدالة الاجتماعية والديمقراطية من اصول الاسلام.


    أى كانت هناك محاولات من قبل الاحزاب التقليدية(أمة، أخوان مسلمين، اتحادي)لاقامة دولة دينية تحكم بالشريعة الاسلامية ولتكريس طريق التطور الرأسمالي ومصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية باسم الاسلام، مما زاد من حدة الصراع والانقسام في المجتمع وتعميق حرب الجنوب، وكان من نتائج ذلك انقلاب 25/مايو/1969.
    وجاء نظام النميري الذي استمر مدنيا(شموليا) حتى سبتمبر 1983، عندما اعلن النميري قوانين سبتمبر لتقوم علي أساسها دولة دينية تستمد شرعيتها من قدسية السماء وبيعة الامام.
    وجاءت مقترحات بتعديل الدستور في 10/6/1984 بعد تطبيق قوانين 1983 التي تنص علي الآتي:
    • دورة الرئاسة تبدأ من تاريخ البيعة ولاتكون محددة بمدة زمنية(مدى الحياة).
    • لاتجوز مساءلة أو محاكمة رئيس الجمهورية.
    • رئيس الجمهورية مع الهيئة القضائية مسئول أمام الله.
    أى تعديلات تعطى سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية. وجاءت قوانين سبتمبر بعد أن ضاق نظام النميري ذرعا بنمو الحركة الجماهيرية والنقابية المطالبة بتحسين الاوضاع المعيشية وضد غلاء الاسعار والغاء القوانين المقيدة للحريات، وكانت هناك اضرابات المعلمين والفنيين والاطباء والقضاء وانتفاضات الطلاب.


    وكانت تلك الفترة حالكة السواد في تاريخ البلاد تضاعف فيها القهر والفساد والجوع والامراض وغلاء الاسعار ، وضرب البلاد الجفاف والتصحر، وبلغت ديون السودان الخارجية 9 مليار دولار، وفاق عدد الايادي المقطوعة في نصف عام عدد الايدي المقطوعة في كل عهد الملك عبد العزيز آل سعود في ربع قرن!!. وتم اعدام الاستاذ محمود محمد طه بعد نفض الغبار عن احكام محكمة الردة 1968 ، وكان الاستاذ محمود محمد طه قد عارض قوانين سبتمبر ووصفها بأنها اذلت الشعب السوداني، وانفجرت حرب الجنوب بشكل اعنف من الماضي ، وكانت انتفاضة مارس – ابريل 1985 التي اطاحت بنظام نميري.
    وبعد انتفاضة مارس – ابريل 1985 استمر الصراع:هل تبقي الدولة مدنية ديمقراطية أم دولة دينية؟ ودافعت قوى الانتفاضة عن مدنية وعقلانية الحياة السياسية والدولة ضد اتجاه الجبهة القومية الاسلامية لفرض قانون الترابي الذي يفضي للدولة الدينية، وتمت هزيمة مشروع قانون الترابي.


    وبعد أن ضاقت الجبهة الاسلامية بالديمقراطية والحقوق والحريات الاساسية، نفذت انقلاب 30/يونيو/1989 الذي الغي الدولة المدنية والمجتمع المدني والغي الحقوق والحريات الاساسية، واقام دولة دينية كانت وبالا ودمارا علي البلاد ، وازدادات وتوسعت حرب الجنوب التي اتخذت طابعا دينيا ، وبلغت خسائرها 2 مليون نسمة، وشردت 4 ملايين الي خارج وداخل السودان، وتعمقت الفوارق الطبقية واصبحت الثروة مركزة في يد 5% من السكان و95% من السكان يعيشون تحت خط الفقر ، ورغم استخراج وانتاج وتصدير البترول الا أن عائده لم يدعم الانتاج الزراعي والحيواني والصناعي والتعليم والصحة والخدمات، وتوقفت عجلة الانتاج والتنمية وانهارت المشاريع الصناعية والزراعية وانتشر الفساد بشكل لامثيل له في السابق، وتعمقت التبعية للعالم الرأسمالي حيث بلغت ديون السودان الخارجية 28 مليار دولار، وتم تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي(الخصخصة، سحب الدعم عن السلع الاساسية، رفع الدولة يدها عن خدمات التعليم والصحة، بل ما تم كان اسوأ مما يحدث في العالم الرأسمالي نفسه). ونتيجة للضغوط الداخلية والخارجية تم توقيع اتفاقية نيفاشا والتي لم يتم تنفيذ استحقاقتها وكانت النتيجة انفصال الجنوب العدائي واعادة انتاج الحرب من جديد.
    ولابديل لدولة المواطنة – الدولة المدنية الديمقراطية- التي تحقق المساواة بين الناس بغض النظر عن اديانهم أواعراقهم. كما توصلت الحركة السياسية السودانية في ميثاق اسمرا 1995م، الي صيغة فصل الدين عن السياسة بعد التجربة المريرة لاستغلال الدين في السياسة.

    نمت حركة الاسلام السياسي في السودان تحت شعارات العداء للشيوعية والحداثة (الديمقراطية، مساواة المراة بالرجل، دولة المواطنة وحرية الضمير والمعتقد)، واستفادت منها امريكا والغرب الرأسمالي في محاربة الشيوعية، كما دعمت امريكا مثلما دعمت حركة الاسلام السياسي في السودان المجاهدين في افغانستان حتى تم سقوط التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، وبعد احداث 11/سبتمبر/2001 وجهت امريكا حربها ضد هذه الحركات باعتبارها مصدر الارهاب. وتستفيد امريكا من اخطاء حركات الاسلام السياسي في الحكم(كما في السودان وافغانستان وايران)، من اجل التدخل في شئون هذه البلدان واخضاعها لارادتها ومن اجل مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية واحتلال منابع النفط في بحر قزوين والعراق اضافة للاستعداد لضرب ايران.

    وعندما تتجاوز هذه الحركات الخطوط الحمراء كما في حالة حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين يتم ضربها بالطائرات والدبابات الاسرائيلية وبمباركة امريكا، كما تتعاون حركة الأخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس مع امريكا لاجهاض مكتسبات الثورتين المصرية والتونسية. هذا فضلا عن أن حركات الاسلام السياسي لم تهتم بالمحتوى الاجتماعي للدين الذي يتمثل في تحرير الانسان من الجوع والخوف والفقر والامية ولم تهتم بتحقيق التنمية التي توفر احتياجات الناس الأساسية، كما فعلت حركات لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية، بل وقفت ضد اجتهادات الاستاذ محمود محمد طه الذي اهتم بتطوير التشريع الاسلامي بما يناسب العصر ودعا الاستاذ محمود الي مساواة المرأة بالرجل والديمقراطية والاشتراكية باعتبار ذلك من اصول الدين، ولكن هذه الحركات ناصبت الاستاذ محمود محمد طه العداء واكدت ممارساتها النظرية والعملية انها تستغل الاسلام لخدمة التنمية الرأسمالية، وتختزل الاسلام في العقوبات والحدود، وترفع شعارات العداء للغرب الرأسمالي وتنفذ مشيئته بالضغط كما حدث بتوقيع اتفاقية نيفاشا والقبول بقوات الهجين في دارفور، اضافة لتنفيذ سياساته الاقتصادية والاجتماعية.


    كما اكدت تجارب ايران وافغانستان والسودان ..الخ، أن هذه الحركات لم تحل المسألة الاجتماعية لمصلحة الفقراء والمستضعفين في الارض ، بل خلقت طبقات وفئات رأسمالية طغت في البلاد واكثرت فيها الفساد، ومزقت وحدة البلاد كما حدث في انفصال جنوب السودان، وتلك من اهم دروس تجارب حركات الاسلام السياسي في السودان والعالم الاسلامي.
    واخيرا، يبقي واجب الدراسة العميقة المستندة الي تلك التجارب حول ضرورة أن يكون الدين الاسلامي كما نشأ عاملا لخدمة التقدم الاجتماعي والاستنارة ويقف الي جانب المستضعفين في الارض ، ويخدم الاستنارة والديمقراطية والعقلانية واحترام حقوق الانسان ، لا أن يكون اداة في يد القوى الظلامية والتي تستغله لخدمة مصالح طبقية ودنيوية زائلة، مما يهدد بمصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية وتكريس التفاوت الصارخ في الثروة واشاعة التعصب والاستعلاء الديني والعرقي، مما يهدد بتمزيق وحدة البلاد.



    --------------------

    اتحاد المحامين وبلطجية المؤتمر الوطني !!


    بارود صندل المحامى


    ظلت المحاماة عبر التاريخ هي أحدى قلاع الحرية وأنها لهي مهنة الحرية والكرامة والكفاح في مختلف مناحي الحياة وأن المحاماة هي أبدا حصن الحريات وكما قال المحامي الفرنسي جاك أزروني (إنما أحب المحاماة لأنها حصن الحريات ومادمنا نلبس لها الثوب الأسود لكي نحمي بها حريات المواطنين وشرفهم وأمنهم من الاضطهاد والظلم ) فقد رأينا نلسون مانديلا المحامي الأفريقي مناضلا في سبيل حقوق الإنسان وحربا لا تبقي ولا تذر ضد العنصرية فقد ترافع لمدة جاوزت أربع ساعات أمام المحكمة العليا في جنوب أفريقيا ترافع ضد الطغيان …ترافع وهو مؤمن بمرافعته فاعتقل ثمانية وعشرين عاماً فصمد ولم يتنازل عن أقواله ومرافعته رغم المحاولات لذلك ، وهذه هي المحاماة التي أحببناها ولكن يريدنا البعض أن ينحصر

    عمل المحاماة في المحاكم والنيابات ولا يتعداها …. وهذا البعض هو الذي وضع ميثاق أخلاقيات المهنة وهذا الميثاق يتجاوز العمل الروتيني للمحامي لصالح موكله فالمواد (78) وما بعدها توجب علي المحاميين العمل علي توطيد سيادة حكم القانون علي الجميع سلطة ومواطنين وعلي المحامين واجب الدفاع عن مباديْ سيادة حكم القانون ،و يقع علي عاتق المحامين أعطاء مبادئ سيادة حكم القانون فاعليتها الموضوعية بتمكين المواطنين من المثول أمام القضاء العادي بالإجراءات العادية ، وان جوهر كرامة الإنسان مستمد من الاحترام التام للحريات العامة والحقوق الأساسية ويدعوا الميثاق المحامين الي العمل علي إلغاء جميع التشريعات المقيدة للحريات العامة ويوجب الميثاق علي المحاميين بذل الاهتمام والاعتبار اللازمين لقضايا الرأي والضمير دعما للمسار الديمقراطي هذه هي النصوص الواردة في ميثاق أخلاقات مهنة المحاماة ولكن أتحادنا الكسيح والذي يقوده النقيب عبد الرحمن إبراهيم خليفة ضرب بكل هذه المبادئ عرض الحائط بحرمانه المحامين من ممارسة نشاطهم في دارهم المسمي بدار المحامين السودانيين من كان يصدق ان اتحاد المحامين بلغ به الانحطاط هذه الدرجة وهو الذي عبر تاريخه الطويل لم يتخلي تخلي عن دورها في الاهتمام بقضايا الجماهير فقد كان الاتحاد هو السباق في التصدي لكل قضايا الجماهير

    من تضييق علي الحريات وغياب لسيادة حكم القانون بل مناهضة التسلط والقهر من السلطة التنفيذية ، حتى اتي زمان فقد الأتحاد بريقه وسطوته بل اصبح نسيا منسيا لا يأبه به احد ولايعلمه احد وانسحب في فقدان المحامى لأحترامه وكرامته حتى فى الدوائر القانونية فعدد من القضاة لا يحترمون المحاميين وكذلك وكلاء النيابات والشرطة وهلموا جرا … حتى بطاقة المحاماة لا تقبل لا فى البنوك ولا فى الدخول للاماكن العامة !! ورغما عن ذلك ظل نفر من المحاميين يناضلون ويكافحون من اجل الحفاظ على المهنة يتحملون فى سبيل ذلك الاعتقال الجائر وحتى الضرب !! فأتحادنا الذى مات وشبع موتا لم يكتف بأماتته للمهنة , مهنة الجبابرة بل ادخلها فى حظيرة الحكومة البائسة بل تعدى كل ذلك بجرأة يحسد عليها الى منع المحاميين من استغلال دارهم ومطرحهم فى مناقشة قضاياهم وقضايا الجمهور.

    فبالامس القريب تداعى عدد من المحاميين لاقامة افطار جماعى فى دارهم كما درجوا على ذلك لسنيين عددا وحين توافدنا على الدار اقبل الاتحاد على سدنا فأغلقت الابواب واستنفرت الشرطة ومنع المحاميين من دخول دارهم حتى تكرم احد ضباط الشرطة بالسماح لنا بالدخول ويصيبك الدهشة بل الدوار حين تعلم ان عددا من اعضاء اللجنة المركزية للاتحاد كانوا حضوريا ومتصديين لعدم دخول المحاميين لدارهم محذريين الشرطة من السماح للمحاميين من دخول دارهم ’ والادهى والامر وغير المسبوق ان يتعرض المحامون للضرب المبرح فى دارهم وبتعليمات مباشرة من النقييب واعضاء اللجنة المركزية لاتحاد المحاميين فقد هجم بلاطجة المؤتمر الوطنى واظنهم محاميين … لا حول ولا قوة الا بالله , أنقضوا على المحاميين والمحاميات العزل بالضرب بهراوات فى منظر قبيح المظهر والمخبر وقد اصابتنى الصدمة حين تحدثت مع المدعو محمد التوم وهو عضو بالاتحاد عن ما يجرى امام عينيه فكان رده أنه تلقى تعليمات بفض هذا التجمع بالقوة فاسقط فى يدى بل امر هذا المأمور احد البلاطجة بضربي فتلقيت ضربات موجعة علي ظهري وذراعي فحمدت الله ان كشف لى الغطاء تماما عن هذه الفئة التى ضلت الطريق وتنكبت الحق فتحولت الى اداة بطش فى يد سلطان جائر..


    فبعد هذا التصرف ايقنت اننى على الحق حين فاصلت هذة المجموعة التى تدعى زورا وبهتانا انتسابها الى الحركة الاسلامية فهذة الفئة قد انسلخت من مبادئها وقيمها وأنسلت منها انسلال الشعرة من العجين بل أقبلت علي أهدار قيم وسلوك المجتمع السودانى المتسامح والمجامل , فكيف بربك يجرؤ محامى محترم بضرب زميله بالصورة التى شاهدتها فى دار المحاميين , مهما بلغ حد الخلاف والخصام ايعقل ان ينحدر المحامى الى هذا الدرك السحيق من الانحطاط , والحجة البائسة التى يتشدق بها النقيب الجاهل الذى لا يعرف ادبيات المهنة ولا احوالها ولا اخلاقياتها فهو جديد على المهنة لا يحمل من حقيقتها الا الاسم الذى لا يغني من الحق شيئا يقول هذا النقيب انه لا يسمح بالعمل السياسى بالدار !! اليس من السياسة الاهتمام والاعتبار اللازمين لقضايا الرأى والضمير دعما للمسار الديمقراطى , اليس من السياسة المطالبة بالغاء التشريعات المقيدة للحريات العامة , اليس من السياسة احترام الحريات العامة والحقوق الاساسية وكل هذه الواجبات والمسئوليات التى تقع على عاتق المحاميين موجودة ومسطورة فى ميثاق اخلاقيات المهنة … لعل الرجل لم يقرأ سطرا واحدا من هذا الميثاق ام أنه ران على قلبه غشاوة .. ماذا يفعل المحامون بدارهم فهى غير مسموح لهم مناقشة الاعتقالات السياسية المخالفه للدستور والقانون وما يتبع تلك الاعتقالات من انتهاكات لحقوق الانسان ضربا وتعذيبا بدنيا ومعنويا , ماذا يفعلون اذا كانوا غير قادرين من مناقشة غياب الحريات العامة وانتقاصها من قبل الحكومة , مصادرة الصحف والتضييق عليها مراقبة قبلية وبعدية, ماذا يفعلون بهذه المبانى الفارهة اذا كانوا لا يستطيعون من دخولهاومناقشة العنف غير المبرر من الشرطة فى تعاملها مع المظاهرات السلمية .



    كنا نتمنى من النقيب العبقرى وحيد زمانه وفريد عصره ان يبين لنا بجلاء ما هى الممارسة السياسية الممنوعة فى الدار وما الفرق بين السياسة والقانون وماذا نفعل بألميثاق الذى يحث المحامى الاهتمام بالقضايا العامة والحريات وسيادة حكم القانون والتحول الديمقراطى …… الامر كله بؤس فى بؤس , اصبح الاتحاد كيانا تابعا للمؤتمر الوطنى لا يملك من أمره شئ والمؤتمر الوطني ما ان يدخل مؤسسة والا افسدها وهذا بعض من حال البلاد تحت قيادة المؤتمر فهل يتفرج السادة المحامون وعرش المحاماة يتهد على رؤوسهم سنرى ماذا نفعل .
    بارود صندل رجب
    المحامى
                  

08-09-2012, 08:42 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    حول العنصرية ويصراحة
    August 8, 2012
    اسامة على عبد الحليم …

    ..
    العنصرية هي داء العصر, اكاد اجزم انه ما من مجتمع الاوبه هذا الداء, مشكلة العنصرية انها شيء مؤلم للغاية لأنها تغير من فهمنا لأنفسنا كبشر, ذلك الشعور بأنك اقل منزلة من البعض لأسباب فى غاية السخف, لونك , او ربما دينك, رأيك او توجهاتك , او مايتوقعه الناس منك
    العنصرية متوفرة حتى فى كثير ممن يعلنون التزامهم بمبادئ الديمقراطية والمساواة بين البشر وان كان هذا بشكل خفي فأن تطالب بحقوق معينة لذوى البشره السوداء او لفئة اجتماعية ما او تحمل توجهات جندرية محددة هو فى الواقع شكل من اشكال العنصرية يقع فيه الديمقراطيين من حيث لا يعلمون
    وضحايا العنصرية ايضا حين يعبرون عن رفضهم لها يفرزون كثير من التعبيرات العنصرية وهم يطالبون تحت وطأة الالم المقدر بحقوق او بمطالب تخصهم دون الآخرين وكأن وقوع هذا الظلم عليهم يجعلهم مميزين عن غيرهم ! وهذا يعبر عن ازمة عميقة فى فهم الذات والآخر, لأن العالم حقيقة لاعلاقة له وليس مسوؤلا عن مآسيك الشخصية وبالتالي فمن غير العادل ابدا ان تلوم غير العنصري على افعال العنصري

    ان جوهر العنصرية يتمثل عادة فى الممارسات التي يتم من خلالها معاملة شخص او مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف ويتم تبرير هذا التمييز باللجوء الي التعميمات المبنية على صور نمطية ,أوباللجوء إلى تلفيقات علمية, مثل الحديث الغامض عن صفات اجتماعية او ثقافية موروثة وعامة ,هو مسالة يمكن ان نلوم عليها الفئة التي قامت بهذا, اما ان نلوم مجموعة اثنية كاملة فهذا سيرمي بنا فى ذات الفخ

    العنصرية فى السودان كانت ومازالت موجودة, وللإنقاذ فضل كبير فى كونها ازاحت الغطاء عن مشكلة كانت مؤجلة فقط منذ ألاستقلال صحيح ان مسالة الرق التى سادت حتى الستينات من القرن الماضي اسهمت فى زيادة حدة الاستقطاب الذى نشأ عن خيارات الانقاذ فى التوجه الاسلاموعروبي, وفى عدم استيعاب ان هناك تعددية كبيرة فى هذا المجتمع , ليست تعددية دينية فقط وإنما اثنية كذلك تعبر عن نفسها بمئات القبائل واللغات واللهجات والمعتقدات, ولكن هذا شيء متوقع فى ظل نظام شمولي يعجز بنيويا عن استيعاب مثل هذه الافكار , لاسباب كثيرة اهمها ان هذا النوع من المعرفة يحتاج الي فكر لايمكن ان يتوفر لمجموعة غير ديمقراطية
    فى الوقت الذى كان العالم كله يدين مجازر دارفور, ويخرج الناس بالآلاف من اجل الذين قتلوا وتشردوا فى انحاء الدنيا, لم يكن الديمقراطيين فى السودان راضين عن انفسهم لكونهم غير قادرين على الخروج لأسباب معلومة , وبالتالي فأن تجاهل هذه الحقيقة من قبل اهل الوجعة ليس له مبرر, ليعودوا اليوم لوضع الجميع فى سلة واحدة بحيث يصبح القاتل والجلاد والضحية كلهم متواطئون وعنصريون!
    ان مجرد البحث فى أن الانقاذ تقتل متظاهرى شباب نيالا و تكتفي مع متظاهرى شباب الخرطوم بالسجن والتعذيب والجلد فقط هو تعبير عن توجه غير مفيد لقضية الثورة اذا كان الغرض هو التوصل الى نتيجة كانت جاهزة سلفا للاجابة عن مقدمة انطلقت خاطئة لتقرر ان الدم ليس واحدا, ومن ثم فان بعض الضحايا يمكن وضعهم فى خانة الجلاد لكونهم لم يقتلوا مثلنا !

    لكن الدم يبقى واحدا, والهم واحد والقتل واحد والكل ضحايا الانقاذ لاتفرق بين احد منهم, ولا يملك احد ان يدرك منطلقات الشمولية فى توجهاتها , ففقر الفكر يجعل الشمولية تتعامل مع الامور برزق اليوم باليوم

    اقدر شحصيا ان الميثاق العالمي لحقو ق الانسان الذي اعتبره اكثر ما انتجته البشرية من فكر نضوجا ورقيا قد قرر الاطار العملي والقانوني لهذه القضية حين يقول فى المادة الثانية إنه
    (لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا ألإعلان دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود)

    وعليه فان امام هذا النص القانوني العظيم لايبقى امام اى جهة ان تلوم الاخرين او تطالب لنفسها بحقوق تمييزا لنفسها على اى من الاسس التى ينفيها الميثاق فالمطالبة بحقوق للمرأة او لذوى البشره السوداء او لمجموعة ثقافية او اجتماعية اوجنسية او دينية ايا كانت ستأتى بالضرورة مخالفة لهذا الميثاق الذى يحتاج لكثير من الدراسة والفهم حتى ترتقي مفاهيمنا الديمقراطية

    ان الامم المتقدمة جعلت القانون دائما هو المرجعية فى مسألة ألعنصرية ادراكا منها لكون العنصرية مسالة فى غاية الحساسية , اضافة الى ان هناك رصيدا نضاليا كبيرا ضد هذه القضية سجلته الحركة الديمقراطية فى الغرب خصوصا , وهذه القوانين ماكان لها ان تنتج اثرا لولا ان المصلحين وقادة حركات الوعي والحريات المدنية قد قدموا جهدا فى هذا الشأن وهو مانتوقعه من هئولا ان وجدوا الآن فى مجتمعاتنا, ولكن السؤال ايضا يبقى معلقا , وهو هل من شأن القانون ان ينهي العنصرية؟

    بالطبع لا! لأنها مرض مستعص لايمكن التخلص منه إلا لفئة قليلة من ذوى النفوس الكبيره , هل انتهت العنصرية فى الغرب رغم توافر القوانين وجهود المصلحين؟ كثير منا لعنت امه بلا ذنب هناك الا ان لعن الام يتسق عندهم مع كونك زنجيا !هل انتهت فى مجتمعات متدينة مثل المجتمعات الخليجية مثلا ؟

    ان تعبيرات مثل (الخال) و(العبد) و(الكسول) لازالت تطارد المغترب السوداني والافريقي فى هذه المجتمعات حتي الآن! وفى مصر التي تعتبر اكثر انفتاحا من غيرها فى العرب يمكنك ان تسمع احاديث عن (الزناجوة )و(الناس السود الذين يشبهون العفاريت) من بني جلدتك , وان كنت سوادنيا فاتح اللون قليلا, ستلمس العنصرية ايضا فيما يتوقعونه منك باعتبارك رجلا اسودا , فلا شك انك خفيف الظل وبالتالي يجب ان تضحكهم قليلا كأنك مهرج , وكثير من السودانيين يعتقدون ان هذا شيء عادى , والحقيقة ان هذا ينطوى على كثير من العنصرية سيما حين يرتبط الضحك بطريقة غامضة مع لون اسنانك البيضاء جدا فى وجه عامر بالسواد, رغم ان لونك فاتح!

    ومع ذلك تبقي دولة القانون هي الحل , الدولة المدنية الديمقراطية التي تستوعب الجميع ولاتفرق بين مواطنيها بسبب العرق او اللون او الرأي ايا كانت طبيعته ,دولة المساواة فى الفرص واحترام الكفاءة , دولة القانون , حين يتحقق هذا الهدف لن يمانع احد لورغبت اى مجموعة فى الانفراد بنفسها وتقرير مصيرها عبر الانفصال او التوحد على اسس من ديمقراطية , او هذا ما اظنه

    اسامة على عبد الحليم
                  

08-09-2012, 10:53 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    هذا المقال لن يقرأه عشره مصريين!!
    08-09-2012 09:32 AM


    هذا المقال لن يقرأه عشره مصريين!!

    تاج السر حسين
    [email protected]


    العزاء الحار لأخواننا فى مصر على الشهداء الذين فقدوا ارواحهم ضحية للأرهاب و(التطرف الدينى).
    مدخل ثان:
    وعليهم أن يعلموا بأن السودان فقد على يد نظام (البشير) المتطرف الذى يدعى الأعتدال وتحكيم (الشريعة) الأسلاميه، حوالى 2 مليون و 500 الف انسان مثل شهدائهم، فى جنوب السودان مسلمين وغير مسلمين فى حربه الدينيه الجهاديه التى أدت فى نهاية المطاف لأنفصال الجنوب، وربما تؤدى بمصر الى مثل ذلك الحال والى تدخل دولى لحماية الأقليات المضطهده بطلب منها أو بغير طلب.
    مدخل ثالث:
    لا أتوقع أن يتوقف عند هذا المقال أو أن يمر عليه عرضا أكثر من 10 مثقفين مصريين، رغم انى أقوم بتوزيع مقالاتى فى الشأن المصرى على مواقع مصريه أشارك فيها، بعضها فيه أكثر من مليون عضو، لا لأن كاتبه انسان سودانى بسيط ومتواضع وغير معروفة لديهم، ولكن لأن من عيوب اخواننا فى مصر انهم يقتصرون المعرفه والحكمه عليهم وحدهم، ولو كان كاتب هذا المقال الأديب السودانى العالمى (الطيب صالح) لما اهتم بمقاله 100 مصرى، لذلك أطلب منهم عليهم أن (يفوقوا) وأن يعلموا بأن العالم قد تغير وأن الدول التى تسيطر على الكون اليوم، علميا وتكنولوجيا وأقتصاديا، لم تبن اهرامات ولم تكن لها حضاره تذكر قبل 200 سنه، وأن الأتكاء على التاريخ القديم وحده لن يمنح دولة وضعا مميزا فى العصر الحديث.
    ومن ثم أقول مخاطبا النخب والمثقفين المصريين الذين يضيعون زمنهم فى العديد من القنوات الفضائيه فى احاديث معاده ومكرره دون التعرض للمسائل التى تحتاج الى وضوح وشفافية.


    فالمثقف المصرى بصوره عامه ينأى بنفسه من الخوض فى الحديث عن الأمور الدينيه كما ذكرنا فى أكثر من سانحه وبذلك تركوا الساحه الدينيه المصريه، تهيمن عليها تيارات الأسلام السياسى، مع انهم بشر عاديين (اطباء ومهندسين ومحامين وقانونيين) الخ، وهى أخطر من اى تيار اسلامى آخر فى المنطقه كلها وهم مع التيار السلفى السعودي أكبر مفرخ للأرهاب، مع ان النظام فى الدولتين ومع التغيير الذى حدث فى مصر يدعي كلا منهما بأنهما يحارب التطرف والأرهاب!
    فكيف يحارب (التطرف) والفكر الذى يفرخ له – مهما نفى ذلك – قد وصل الى داخل القصر الجمهورى المصرى؟
    وكيف يحارب التطرف ويجتثه من يؤمن (بشريعة) القرن السابع كأفضل وسيلة للحكم فى العصر الحديث، لأنها كما يدعون (شرع الله) ، ومن يمارس الحكم مباشرة (بشر) يخطئون ويصيبون ويصدقون ويكذبون ويحبون ويكرهون.

    ولقد كتبنا فى أكثر من مرة عن عدم صلاحية (الشريعه) لهذا العصر حتى مل البعض كتابتنا رغم التاييد الذى وجدناه دون اتفاق من احد أكبر اساطين تيار الأسلام السياسى فى المنطقه وهو الشيخ راشد الغنوشى الذى قالها صريحة (الشريعه لا تصلح لكل زمان ومكان)، وقبل أن يكفرنا (الظلاميون) عليهم أن يكفروا رفيقهم الشيخ/ راشد الغنوشى، لا داعى أن أدلهم على (اردوغان) رئيس تركيا الذى قال فى قلب القاهره، أنه مسلم فى دوله علمانيه!

    وما أريد أن اوضحه فى هذا المقال أن سبب انتقادنا للشريعه بصوره مستمره هو شعورنا بأن الأرهاب والتطرف الذى يحدث فى العالم ويتسبب فى ازهاق ملايين الأرواح وبالصوره التى حدثت فى سيناء وقتل فيها 16 ضابطا وجندىا مصريا خلال تناولهم افطارهم الرمضانى، وعمر البشير (خليفة) الله فى أرض السودان كذلك قتل 28فى بداية حكمه ضابطا سودانيا خلال شهر رمضان دون محكمه عادله وخلال تحقيق لم يتجاوز الثلاث ساعات.
    والفرق الوحيد بين المجموعة التى اغتالت العسكريين المصريين وبين عمر البشير أن الأخير (حاكم) تعترف به بعض الدول للأسف من بينها (عربيه)، واؤلئك يعتبرون متطرفين وأرهابيين وخارجين على القانون .
    ولو استبدلت المواقع لقام كل منهم بعمل الآخر، ففى النهايه يجمعهم الفكر ويلتقون فى الوسائل والغايات.
    فهؤلاء الأرهابيين (الأسلاميين) وعمرالبشير والرائد الفلسطينى فى الجيش الأمريكى الذى قتل رفاقه وزملاءه غدرا، لا يختلفون فى (المنهج) بل يتفقون تماما ويعتبرون ما قاموا به جهادا ودينا تطالبهم به (الشريعه) ويؤجرون عليه ، لأنهم تخلصوا من اعداء الله وسوف يدخلون الجنه بناء على ما قاموا به من فعل مع الصديقين والشهداء.


    وعلى النخب والمثقفين فى (مصر) خاصة أن ينتبهوا وأن يواجهوا (طبقة) الفقهاء والعلماء ومن يرتدون (الجلباب) المميز مواجهة فكريه جاده دون (مجامله)، ففى الأسلام لا توجد (مهنه) أسمها (رجل) دين له زى مميز، وعليهم أن يضطروهم للأعتراف الصريح دون تمويه بأن (الشريعه) الأسلاميه التى كانت مؤديه لدورها على أكمل وجه فى القرن السابع، لم تعد صالحه كدستور ونظام حكم للدول الحديثه فى هذا العصر وفيها يكمن اس البلاء، لأنها تبرر ذلك القتل وتجعله مشروعا وجهادا، ولذلك يتبرأ (العلماء) والفقهاء عن القتل والأرهاب، لكنهم لا يعترفون بأن (الشريعه) تتفق مع افعال القتله وتحرضهم على القتال، ويلجأون لآيات قرآنيه تدعو (للأسماح) فى حقيقة الأمر نسخت وأبطل مفعولها وأصبحت لا تصلح الا للتعبد ولأداء الصلاة مثل الايه: (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين).
    وعن تعريض (العلماء) على القتال قال قبل عدة ايام الدكتور (عصام البشير) الذى كان يشغل منصب وزير الشوؤن الدينيه والأوقاف السودانيه، والذى يعتبره البعض معتدلا ومن دعاة الوسطيه "بأن الليبراليين والعلمانيين يريدون جهادا بدون قتال"؟
    ومع الدكتور (عصام البشير) الف حق فى ذلك، فأهم آية تدعو المسلمين لتطبيق (الشريعه الأسلاميه) ومقاتلة الكافرين تقول: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ).


    وقد يقول قائل أن هذه الآيه تعنى (الكفار) وحدهم أى غير المسلمين، وهذا صحيح وأقتناعا بما جاء فى تلك الآيه قام الرائد الفلسطينى الأصل فى الجيش الأمريكى بقتل رفاقه وزملائه بدم بارد، بدون سبب، كلما فى الأمر أن (الشريعه) الأسلاميه تطالبه بذلك، وعلى ذات الآيه أعتمد بن لادن والظواهرى وتنظيم القاعده كله فى حربهم على الأمريكان ومن قبلهم الروس، ومقاتلتهم لكآفة الأنظمه بهدف تغييرها وتأسيس دولة (الخلافه) دون النظر الى مصلحة وطنيه أو أمن قومى واذا استهدفوا امريكيا أو أوربيا غير مسلم لا يهمهم اذا كان بجانبه (مسلم) بسيط يربى أطفالا أو يعول اسرة كسائق العربه السودانى الذى كان يعمل فى السفاره الأمريكيه فى الخرطوم وقتل الى جانب (الدبلوماسى) الأمريكى فى السودان، ومن بين القتله ابن (ابوزيد محمد حمزه) زعيم أنصار السنه (الوهابيه) فى السودان، وما هو محير ومثير للدهشه أن القتله جميعهم هربوا – أو تم تهريبهم – من السجن وعددهم اربعه ولم يقبض الا على واحد منهم وهو ابن (ابوزيد محمد حمزه) والأكثر غرابه من ذلك، انه حوكم بسنتين سجن فقط!

    الشاهد فى الأمر أن القتال فى (الشريعه) لا يقتصر على غير المسلمين وحدهم وهنالك ادله أخرى من (القرآن) مؤيدة (للشريعه) تقر قتال المسلمين، ومنهم الحاكم الذى لا يحكم (بشرع) الله، حسب فهم (الجماعه) للآيه التى تقول "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون". أى أن الحاكم فى العصر الحديث الذى يحكم بلده على نحو ديمقراطى ودستورى ويقف على مسافة واحده من الأديان مهما كان عادلا، فهو (كافر) يجوز قتله، لأنه لا يحكم (بشرع) الله!
    ومن تجوز مقاتلتهم فى (الشريعه) كذلك، الذين يوالون غير المسلمين ويمتد الأمر ليصل الجنود الذين يعملون فى نظام لا يقيم شرع الله، يجوز قتلهم دون رحمه والتضحيه بهم لكى تسرق مركبه عسكريه تستخدم لقتل (اليهود) كما فعل قتلة الجنود المصريين، دون أن يحققوا هدفهم فى اطلاق طلقة واحده تجاه جندى أسرائيلى.

    والآيه التى تدل على ذلك بحسب فهمهم هى التى تقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، وأهم جزء فيها هذا الجانب (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، فبهذا النص أجاز (القتله) لأنفسهم قتل اؤلئك (الجنود) لأنهم أعتبروهم ضمن الذين يوالون (الكفره)، لأن (الأخوان المسلمين) وعدوهم قبل الوصول للحكم بعدم التعامل مع اسرائيل وبالغاء اتفاقية (كامب ديفيد) التى قتل الرئيس السادات بسببها.
    وما هو معلوم كذلك، بأن تيارات الأسلام السياسى، فى مصر وقفت كلها من أقصى اليمين لأقصى اليسار، خلف الأخوان المسلمين بقوه بأعتبارهم ألأكثر تنظيما وخبرة بالسياسة وصوتوا الى جانبهم فى الأستفتاء على الأعلان الدستورى الأول وأفتوا بأن من يصوت (بنعم) فهو مع الأسلام ومن يصوت (بلا) فهو مع الكفره والملحدين والليبراليين والديمقراطيين، بل أن بعضهم خرج فى الفضائيات وصرح بأن (الديمقراطيه) كفر وأن (الشريعه) لا تعترف بالديمقراطيه، وهم على الحق ، فالأسلام يعترف بالديمقراطيه، لكن (الشريعه) لا تعرف غير (الشورى) وهى امر آخر خير الديمقراطيه بل تختلف عنها تماما.


    وماهو جدير بالذكر وقبل الثوره المصريه بعام كامل تمت دعوتى للحديث عن (الشأن السودانى) فى مقر (الجمعية المصريه لحقوق الأنسان) التى يرأسها الدكتور (نجيب جبرائيل)، فأقترحت عليهم ان يكون الحديث عن (تيار الأسلام السياسى) باعتباره مارس الحكم فى السودان، ومافعله فيه، فشرحت لهم ما حدث فى السودان منذ 30/ يونيو/ 1989 وكيف تسبب هذا التيار بقيادة (عمر البشير) فى فصل الجنوب بتبنيه لمشروع الدوله الدينيه الجهاديه وكيف تسبب فى تفشى الفساد المالى والأخلاقى، وكيف تسببوا فى اعلاء سقف العنصريه والقبليه والجهوية فى السودان وكيف زوروا الأنتخابات وزيفوا ارادة المواطن السودانى وحذرت الحضورمن خطر تيار (الأسلام السياسى) على مصر فهم أصحاب الرياده فى ظهور هذا الفكر الأقصائى (الديكتاتورى)، الذى يجيد غرس بذور القتال والكراهية ولا يعرف كيف يصنع السلام، وقلت لهم حينما حاولوا أغتيال (مبارك) فى أديس ابابا بدعم من نظام الأنقاذ فى السودان كان هدفهم حكم مصر والهيمنه عليها، لكن كالعاده لم يهتم المصريون بتلك النصائح لأنها لم تأت من (مثقف) أو مفكر مصرى مشهور!!


    الشاهد فى الأمر أن كافة حركات تيار الأسلام السياسى متطرفه أو معتدله يؤمنون تماما بالمرجعيه التى تعطى الفرد والجماعات منهم الحق فى أن تغتال (غدرا) وغيلة المسلمين وغير المسلمين ولديهم السند من القرآن والشريعه، لذلك استغرب وأندهش حينما اسمع (مثقفا) مصرىا يمر بسرعه ويقبل بأن تكون الماده الثانيه فى الدستور المصرى هى الشريعه الأسلاميه أو احكامها أو مبادؤها، وهذا تقنين للدوله الدينيه بوعى أو لا وعى.
    وأى دستور يشير الى (الدين) ولا ينص صراحة على مدنية الدولة وديمقراطيتها وأن المواطنه هى الأساس وأن الدوله تقف على مسافه واحده من كافة الأديان وترفض اقحامها فى السياسه بأى شكل من الأشكال سوف يؤدى فى النهاية الى أن تصبح الدوله (دينيه) وشموليه وديكتاتوريه شاء من شاء وابى من ابى، ومن يقاوم تلك الدوله ويقف ضدها يصبح فاسدا يحارب الله ورسوله ويستحق القتل، والدستور العادل و(المنصف) هو الدستور الأنسانى الذى يوفر حقوق متساويه لكافة المواطنين مسلمين وغير مسلمين، بل لمن لا دين لهم، لا أقول حتى (للشواذ) والمثليين، كما تنص بعض الدساتير الغربيه، وهؤلاء (الشواذ) لدينا منهم الكثيرين فى انظمتنا العربيه لكنهم لا يكشفون عن انفسهم كما يفعل الغربيون الذين يتحلون بالصدق والأمانه رغم انهم غير مسلمين.
    عموما بدون تكاتف النخب والمثقفين فى المنطقه (الأفريقيه والعربيه) وفى مقدمتهم الليبراليون والديمقراطيون ومواجهة هذا التيار المتنامى الذى يدغدغ مشاعر الشعوب ويخدعهم (بظاهر) الدين لا جوهره ويستغل أميتهم وأحتياجاتهم اليوميه، بتوضيح حقيقى (للشريعه) وما تدعو له، وهل تصلح لهذا العصر، وأن من يتبنى تلك (الشريعه) لا سبيل له غير أن ينتهج العنف كوسيلة للوصول للسلطه، وسوف لن تسلم هذه المنطقه وسوف تعود الى عصور أسوأ من العصور الوسطى، طالما تركت الساحه خالية لتيار الأسلام السياسى يفرض فكره وأجندته.


    فالدين الأسلامى فيه حريه (مطلقه) وبلا حدود تصل درجة الا يعاقب أو يمس من (يكفر) ، تقول الآيه (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ، وآية أخرى : (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وآية أخرى تقول (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) .. لكن (الشريعه) لا تسمح بما تقدم لأنها نزلت على قوم فى زمن معين وفى بيئة وثقافه معينه وكانت (القوه) الجسمانية والعضليه هى التى تحقق (السيادة) والزعامه، وكان القتال هو الذى يحسم الخلافات (من غلب سلب) ولذلك يستغرب بعض المفكرين المسيحيين – ومن حقهم أن يستغربوا - من تزويج الفتيات فى ذلك المجتمع فى اعمار صغيره 8 أو 9 سنوات ويعتبرونه عملا غير اخلاقيا أو انسانيا بمعايير اليوم، وهم ينسون بأن تلك الفتاة كانت (توأد) حيه ولا يسمح لها بالحياة خشية العار ومن أن تغير قبيله على قبيلتهم فتأخذ نساءهم ويصبحن (جوارى)، اليس تطورا كبيرا أن يحافظ على حياة تلك الفتاة رغم انها تزوج لرجل كبير أو شاب مفتول وهى فى سن الطفوله؟
    فى الحقيقه ليست المشكله فى تصرف مثل ذلك فى ذلك الزمان، وانما المشكله تكمن فى فهم متخلف ومتحجر يسكن عقول البعض ويريدون أن يعيدوا ذلك الزمان وأن يطبقوا تلك الأحكام التى كانت سائده ومنها تزويج الفتيات القاصرات فى هذا الوقت الذى اصبحت فيه القوه (للقانون) الذى يساوى بين الناس جميعا دون تفرقة بسبب النوع، وكأنهم يأسون من رحمة الله ومشككين فى قدرته على الهام خلقه (تشريعات) وحلولا تناسب زمانهم وعصرهم ومجتمعاتهم ، مع انهم يرون عمليا أن كثيرا من النساء يعلمن قاضيات فهل يعقل أن تبقى شهادتهن على النصف من الرجل وهى التى تحاكمه بل تدرسه فى كلية القانون وتمنحه اجازه يمارس من خلالها مهنة المحاماة وغيرها من المهن العدليه؟


    المساله تحتاج الى شجاعه والى تحمل المسوؤليه، والى جرأة فكريه وفى القرآن ما يحل الأزمه بين المسلمين والمسيحيين فى (مصر) على نحو خاص، وينزع الكراهية والعداوة عن الصدور بصوره (علمية) ولا يبقى خلاف الا فى بعض الجوانب (العقائديه)، لكن ذلك الحل لا يوجد فى (الشريعه) وأنما فى آية رائعه نزلت قبلها تقول (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ).
    بدون شك ا(أحسن) ما انزل الينا من ربنا ، المحبة والسلام والأخاء والمساواة والعدل، الذى نجده فى آية نزلت قبل فرض (الشريعه) تقول (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) .. لا الآيه التى تتماشى مع (الشريعه) والتى تقول (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)، فهذه لآية (حسنه)لأنها كانت ملبية لحاجة الناس فى ذلك الزمان، لكن الايه التى قبلها (أحسن) وتلبى حاجة اهل هذا الزمان.
    وعلى النخب والمثقفين المصريين (خاصة) مسوؤليه ضخمه لأنهم الأعلى صوتا والأكثر جرأة فى الحديث عن كآفة المسائل ما عدا (الدينيه) ولأن بلدهم لا زال الأكثر تأثيرا فى المنطقة ولأنهم يمتكلون وسائل اعلام مستقله عديده ومتنوعه، قبل أن يهيمن عليها (مال) الأسلام السياسى، ويجب الا يضللوا أو يخدعوا، فقتل (الجنود) المصريين فى سيناء له مبررات ومرجعية فقهيه تدعمه وتراه سليما، وقتل الشاب فى السويس الذى كان واقفا مع خطيبته له مرجعية فقهيه تبرره، تتمثل فى مفهوم (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر)، والنهى عن المنكر من ضمن وسائله (الشرعية) التدحل (باليد) وبالعنف الذى قد يؤدى للقتل دون انتظار لحاكم أو شرطى يقوم بذلك الدور كما يحاول أن يدعى بعض المنتمين لتلك التيارات، بأن (النهى عن المنكر) عن طريق اليد من حق (السلطه) وحدها.


    ومن يؤمن بخلاف ذلك فعليه ان يقولها واضحه بأن (شريعة) القرن السابع لا تصلح، ومن حق كل انسان فى هذا الزمان أن يعيش حر ا وأن يفعل ما يشاء واذا تجاوز الحدود فمن يسائله ويعاقبه (القانون) وحده.
    وبدون استشعار الخطر والتخلى عن (المسكنات) والمجاملات، والتصدى الوقتى لتصرفات تيارات (الأسلام السياسى)، وبدون والوقوف فى وجهها وقفة رجل واحد ضد اى شكل من اشكال الدوله الدينيه، والأصرار على دولة (الأنسان) والدساتير التى تصاغ بوعى كبير وتنص على الدوله المدنيه الديمقراطيه الحديثه التى تؤسس على مبادئ المواطنه المتساويه، فلن تسلم الأرض ولن تشهد سلاما واستقرارا ولن يتوقف سفك الدماء.
    والمرجعية الدينيه يجب ان يتحلى بها (الشخص) فى نفسه لا الدوله، التى لن تحاسب يوم القيامه فتدخل الجنه أو تدخل النار.
    ومن حق الشخص أن يصلى وأن يصوم وأن يزكى وأن يحج وأن يمارس كآفة العبادات، لكن ليس من حقه فرض الدوله الدينيه على الآخرين بناء على افكاره والتغيرات التى تحدث فى حياته.
    وما هو معلوم من خلال العديد من الدراسات على قلتها أن التوجه العنيف لفرض الدوله الدينيه، الذى تتبناه تيارات الأسلام السياسى، دائما ما يتزعمه افراد وجماعات تعانى من جروحات ذاتيه وعقد نفسيه وربما تفكك أسرى، تجعلهم يسعون لتغطية تلك العقد والرواسب بالتنطع والمظهر الدينى وبالميل للعنف بالأخرين وأن تصبح رغباتهم هى (القانون) الذى يحكم المجتمع بفهم قاصر يقول بأنهم مأمورين بتطبيق (شرع الله)، والله يقول فى محكم تنزيله (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) .. ويقول فى آية أخرى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).


    آخر كلام:
    • هل كان العالم المصرى (زويل) سوف يصل لتلك المكانه العلمية المرموقه ويحصل على جائزة نوبل ويظهر عليه ذلك الأدب الجم والتواضع الجدير بالتقدير لو تخرج من الأزهر، الذى يعتبره كثير من المصريين جنة للأعتدال والوسطيه؟
    • أن أكبر مشكله فى المنطقه التى نعيش فيها هى المدارس والمعاهد الدينيه (المتخصصه) التى تدرس ما كان سائدا من فقه قديم، والذى يحرض على العنف والتطرف وتفرخ للأرهاب، لأنها تزرع فى عقول النشء بقصد أو بغير قصد كراهية معتنقى الأديان الأخرى، وتغذى عقولهم بفهم خاطئ يقول أن معتنقى تلك الديانات مواطنين من الدرجة الثانيه.
    • ومن الخير للأنسانية جمعاء اغلاق تلك المدارس والمعاهد الدينيه المتخصصه (فورا) وتغيير المناهج التعليميه، لتدرس المواد التى تتحدث عن قيم الأنسانيه والمحبه والتسامح، وأن تتوافق الدول على تعليم مدنى فيه حصص عن أساسيات الأديان السماويه على اختلافها وما يتيح للطالب معرفة اداء شعائره التعبديه، ومن ثم يطور معرفته الدينيه بكسبه واطلاعه الخاص، وبعد أن يتقدم قليلا فى عمره، حتى لا يقاد ويضلل بفهم خاطئ لا يكتشف خطأه الا بعد خراب مالطا، كما حدث من الذين راجعوا انفسهم بعد قتل الرئيس المصرى (انور السادات)، وندموا على ما فعلوه

    .
    • وعلى النخب والمثقفين المصريين أن يعترفوا بقصورهم وعدم مواجهتهم الجاده والمسوؤله للتطرف الدينى المستند على منهجية (فقهية)، وعليهم أن يعترفوا بوجود مشكله طائفيه فى مصر لا يمكن معالجتها (بنفيها) وبأن التفرقة بين المسلمين والمسيحيين موجوده فى مجتمعهم، خاصة بعد أن شهدت مصر بعد حرب اكتوبر هجرة العديد من المصريين للسعوديه والعوده بالثقافة الوهابيه، التى اختلطت بفكر الأخوان المسلمين ، والأول يتبنى (العنف) لأحداث التغيير والثانى لا يرفض ذلك العنف وأنما يضيف اليه (الميكافيليه) أى الغايه تبرر الوسيله، وللخروج من هذا المأزق لا بد أن ينسى المثقفون المصريين الأتكاء على تاريخ (الفراعنه) وانجازاتهم وأن ينفتحوا على العالم وأن يلتمسوا الحكمه من كآفة الثقافات وأن يستفيدوا من تجارب الآخرين وأن يؤسسوا منابر حره، تناقش كل الأمور دون خوف أو مجامله، مستفيدين مما يتوفر لهم من قدرات وامكانات اعلاميه وقنوات فضائيه
                  

08-10-2012, 11:53 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    [
    تفاهم النفط في ذمة "الصقور" ..

    بقلم: خالد التيجاني النور

    الجمعة, 10 آب/أغسطس 2012 20:22




    [email protected]


    نموذج مثالي لسوء إدارة الصراع وأهم من ذلك دليل آخر على غياب الرؤية الإستراتيجية للعلاقة بين شطري السودان الكبير، وانعدام الإرادة السياسية عند الحزبين الحاكمين في الخرطوم وجوبا لرعاية المصالح الحيوية المشتركة للشعبين، جرى تقديم فصل منه على لسان صقور في الطرفين بعد ساعات فقط وقبل ان تبرد حرارة الكلمات التي أعلن بها التوصّل إلى تفاهم أديس أبابا بشأن صفقة النفط بين البلدين.
    يُشكّل التفاهم على صفقة النفط اختراقاً مهمّاً للغاية في جدار المفاوضات المصمت، بما من شأنه أن يسهم في كسر حالة الجمود التي رانت على محاولات تسوية إرث تركة السودان المقسم المستمرة بعد أكثر من عام من انفصال الجنوب في مفاوضات ظلت تدور في حلقة مفرغة ما تكاد تصل إلى نتيجة حتى يعيدها حدث طارئ يتعمّده الفرقاء المتشاكسون في كلا المعسكرين إلى نقطة الصفر وهكذا دواليك.



    أهمية "صفقة النفط"، وهذا بالطبع يعتمد على تنفيذها في نهاية الأمر على أرض الواقع بلا عراقيل أو التفاف وهو استدراك مهم على خلفية كثرة العهود المنقوضة والاتفاقيات المنقلب عليها مما بات معلومًا في سيرة العلاقة بين الطرفين، تنبع من أنها وضعت العربة أمام الحصان بمعنى أنها أعادت ترتيب الأولويات على اعتبارات مصالح حقيقية وفق تسلسل منطقي من المفترض أن يقود الأمور إلى الأمام. وليس سراً أن الصراع على النفط الذي ظلّ يشكل العمود الفقري لاقتصاد السودان الكبير، أدّى إلى تركيع حكومتي السودان الكبير اقتصاديًّا في غضون أشهر قليل حتى بلغا حافة الإفلاس، ودفع المواطنون ثمنًا باهظًا للسيناريو الانتحاري الذي أُدير به ملف أزمة النفط.


    لم تحمل "صفقة النفط" شيئًا جديدًا مفاجئًا، ربّما باستثناء توقيت إعلان التفاهم بشأنها الذي تمّ في الساعات الأخيرة لانقضاء أجل المهلة الأممية، فما تمّ التوصل إليه من مساومات لتمرير الصفقة بتنازلات متبادلة لم تكن بعيدة من العروض الواقعية التي كانت مطروحة أصلاً على طاولة التفاوض منذ بدء بحث المسألة العام الماضي. ولذلك لم يجد الوسيط الإفريقي ثابو إمبيكي صعوبة في التوفيق بينهما وإبرام التفاهم حين لم يكن من ذلك بد مع توفر عامل عنصر الوقت الحاسم، وعوامل الضغط الذاتية والخارجية الآخرى الواقعة على الطرفين.


    وبعيدًا عن العروض البهلوانية التي حاول كل طرف استخدامها بعد الإعلان عن التفاهم حول الصفقة بالتلاعب بالأرقام في محاولة لكسب الرأي العام الذي يليه لصالحه وتصوير جانبه بانه المنتصر في معركة التفاوض حول النفط بإظهار أرقام في التسوية أو إخفاء آخرى أو تجييرها بطريقة معينة بحيث يبدو أنه تمسّك بمواقفه المعلنة وأنه أجبر الطرف الآخر على التنازل، فإن الحسابات الموضوعية تُشير إلى أن الصيغة النهائية للتفاهم حول الصفقة والذي لا يزال ينتظر التوقيع عليه من الطرفين ليغدو اتفاقًا موثّقًا قابلاً للتنفيذ، اتسمت بقدر كبير من المعقولية في مساومة فاز فيها الكل، لا غالب فيها ولا مغلوب. إذ أن فجوة الموقف الحقيقي للطرفين لم تكن شاسعة.


    لم تكن أزمة القضايا العالقة متعلقة بملف النفط في حدّ ذاته، أو كانت هناك استحالة للتوصّل لمساومة بشأنه، ولكن بحكم قوّة وزن ورقة النفط فقد استخدمها كل طرف كرتًا للضغط في المفاوضات للحصول على مكاسب في القضايا الخلافية الأخرى، لا سيما أبيي، الحدود والملفات الأمنية.
    لكن ورقة "النفط" على قوّة وزنها فقد كان لمدى استخدامها حدودًا بفعل عوامل متعدّدة داخلية وخارجية، ومثلما حاول كل طرف استخدامها ككرت ضغط ضد الطرف الآخر إلا أنها في الوقت نفسه مثلت عامل ضغط ذاتي عليهما معًا ولذلك أمكن التوصّل إلى التفاهم حول الصفقة الحالية التي قد لا تصمد بفعل تفاعلات الصراع الداخلي في معسكري الحزبين الحاكمين في جوبا والخرطوم.


    فالعوامل الداخلية التي حدّت من فاعلية "ورقة النفط" تعود بالأساس للتبعات الاقتصادية الكارثية على الطرفين جرّاء الاستخدام المتهوّر لها، وبدا كل طرف كمن يُحاول إطلاق النار على قدمه وهو يظن أنه يُؤذي الطرف الآخر، فالنفط أثبت أنه ولسنوات قادمة سيظل شريان الوحيد الذي يحمل بلسم الحياة للنظامين الحاكمين، والاستمرار في التلاعب المتسم برعونة بهذه الورقة في غياب بدائل حقيقية سريعة لتعويض مداخيله الحيوية لن يلبث أن تُؤدّي تداعياته إلى خنق النظامين والإطاحة بهما.


    ولذلك فالتوصّل إلى تفاهم حول هذا الملف لم يكن محل خيار أمام الطرفين، فالخرطوم تئن أمام أزمة اقتصادية طاحنة أودت بكل مكاسب النظام وجعلت مسألة استمراريته في السلطة على المحك ما لم تحصل على قبلة حياة من نفط الجنوب. وأمّا جوبا المتفاجئة من قلة التعاطف الغربي معها لا سيما التقريع الأمريكي لإقدامها على إغلاق الإنتاج النفطي وهو شريان حياتها شبه الوحيد ثم البحث عن تعويض له من مساعدات ضن بها حلفاؤها جعلها تحت ضغوط أمريكية عنيفة أرغمتها على التراجع عن موقفها بالاستمرار في وقف ضخ النفط، فضلاً عن حاجتها العاجلة لتدارك الانهيار الوشيك لاقتصادها الذي حذر منه صندوق النقد الدولي.

    وثمّة عامل خارجي مهم يغفل عادة في موضوع النفط أنه ليس ورقة "سودانية" خالصة، فالشركاء الآسيويون في الكونسورتيوم الصيني الهندي الماليزي طرف أساس في اللعبة وأصحاب "وجعة" أصيلون في صناعة النفط السودانية، فهم من طورها واستثمر فيها مليارات الدولارات، كما أن الصين أكبر هؤلاء الشركاء، والمستفيد الأكبر من استمرار تدفق النفط منها حيث تستورد غالبيته بما يُوفّر لها نحو سبعة بالمائة من استهلاكها اليوم، ظلت هي المتضرّر الأكبر من توقف إنتاج النفط. وهي وإن تدثرت بالصمت غالباً أو مارست دبلوماسية ناعمة لحث الطرفين على التفاهم، إلا أنها خرجت عن طورها ذات مرّة حين انتقد السفير الصيني بالخرطوم في نوفمبر الماضي الحكومة السودانية علانية في سابقة حين كشفت عن نيتها وقف ضخ النفط ما اضطرّها للتراجع عن ذلك في أقل من أربعة وعشرين ساعة.


    ويبدو أن بكين لم تغفر للخرطوم تجرؤها على استخدام كرت النفط التي تعلم حجم مصالحها فيه في إطار صراعها مع جوبا، ولذلك تخلت عن حيادها الإيجابي في مجلس الأمن الدولي الذي ظلت تُمارسه لصالح الخرطوم عن طريق امتناعها عن التصويت في القرارات الدولية التي تمس الحكومة السودانية حتى بعد أن تتدخل لتخفيفها، فقد تخلت بكين عن تلك السياسة حين صوّتت لأوّل مرّة لصالح القرار 2046 على الرغم من رفض الخرطوم العارم له قبل أن تجد نفسها لاحقاً مضطرة للخضوع له، وصوتت بكين كذلك الاسبوع الماضي أيضًا لصالح القرار 2063 الذي وسّع تفويض بعثة يوناميد في دارفور لتساعد بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان فيما يختصّ بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية القبض على المتمرد اليوغندي جوزيف كوني قائد جيش المقاومة الرباني وعدد من رفاقه وهو قرار كانت الخرطوم اعلنت أيضًا رفضها حين طرح لأوّل مرّة قب بضعة أشهر. وهو قرار خطير لا تخفى دلالته وعواقبه المستقبلية على بلد قيادته خاضعة لقرارات توقيف دولية مماثلة.


    أما العامل الأمريكي في معادلة صفقة النفط السودانية فتقوم على حسابات معقدة ومتداخلة, فاستراتيجية أوباما تجاه السودان المعلنة في اكتوبر 2010 تقوم على فرضية أساسية هي ضمان حصول جنوب السودان على استقلاله, وفي الوقت نفسه ضمان قيام دولتين قابلتين للحياة سياسياً واقتصادياً بما لا يزعزع استقرار هذه المنطقة من العالم التي تحتفظ فيها الولايات المتحدة بمصالح حيوية تتجاوز حدود السودان الكبير, وقد شكل قرار جوبا وقف تدفق النفط ضربة قوية لحسابات استراتيجية أوباما ولذلك عارضت إدارته القرار بشدة خشية أن تؤدي عواقبه الوخيمة إلى انفراط عقد الاستقرار ببروز دولتين فاشلتين في المنطقة التي لا تنقصها القلاقل, ولذلك مارست ضغوطاً جدية على حكومة الجنوب, بما في ذلك رفضها القاطع تقديم أية مساعدات تعويضية لها عن النفط المتوقف, لتحملها على العودة عن قرارها, ولملمة أطراف الأزمة بما لا يؤدي إلى إفشال استراتيجية أوباما خاصة في عام انتخابي لا يحتمل أية مغامرات غير محسوبة تفتح عليه أبواب جماعات الضغط الجهنمية قد تهدد فرص إعادة انتخابه.


    والمعطى الثاني في حسابات واشنطن يمليه موقف ظل يكرر التأكيد عليه المبعوث الرئاسي الامريكي للسودان السفير برينستون لايمان أن سياسة بلاده لا تريد إسقاط النظام في الخرطوم, ولكنها تعمل من أجل تغيير مدروس ومحسوب تتحكم في مخرجاته عبر "إصلاحه" وفق صفقة جديدة تعيد تركيبه بمشاركة أوسع من جماعات المعارضة السياسية والعسكرية, وعبر معالجة صراع المراكز والأطراف وفق صيغة تتضمن توازن مصالح الاطراف الفاعلة في المعادلة السودانية.


    ومثلما عارضت واشنطن العمل المسلح الذي تبنته الجبهة الثورية لإسقاط النظام بالقوة, فقد عارضت كذلك توجه جوبا لإسقاط حكم المؤتمر الوطني عبر خنقه اقتصادياً, ولذلك تمسكت بأهمية استعادة اسئتناف إنتاج النفط لإيقاف عملية الأنهيار المتسارع للاقتصاد السوداني خشية أن تؤدي تبعات ذلك إلى سقوط النظام. وعلى الرغم مما يبدو من عداء بين الخرطوم وواشنطن, إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تبقى حريصة على بقاء نظام الإنقاذ الذي وجدت فيه "حليفاً" من نوع خاص, فقد ظل يخدم أجندتها في السودان وفي المنطقة من دون أن يكلفها شيئاً, من انخراطه حتى النخاع وبلا سقف في حرب واشنطن ضد "الإرهاب" بلا مقابل وحتى توفيره مظلة شرعية لتقسيم البلاد وتمرير الانفصال بلا عراقيل وأيضاً مجاناً بدون مقابل, وكذلك إخضاع البلاد لشبه حالة وصاية دولية, وهي تنازلات لم يجرؤ أي نظام حكم السودان من قبل على تقديمها, ولذلك فقد كان من المنطقي لواشنطن ان تحافظ على هذا التحالف "الأرخص كلفة" ما دام محققاً لمصالحها, وقد تمرست واشنطن في لعبة الإغواء السياسي مع الخرطوم بترك الحزب الحاكم معلقاً بين الرجاء واليأس في شأن علاقتها معه, بين الحرص الدفين على استمراره وبين التهديد الأجوف بإسقاطه, تلوح بأمال التطبيع تارة, ثم لا تلبث تمارس ضغوطاً محسوبة يساعدها في ذلك رعونة الفعل السياسي للحكم الذي لم ينجح حتى بعد أكثر من عقدين في السلطة من التعلم من أخطائه والتمرس في فن الحكم بلا خسائر أتت على رصيده الأخلاقي ومشروعيته السياسية.


    والمعطى الثالث في ضغوط واشنطن لإبرام صفقة عاجلة حول النفط يتعلق بحسابات استراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط, وإدارة ملف علاقاتها المتوترة مع الصين على أكثر من صعيد لا سيما مسألة العقوبات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة على النفط الإيراني على خلفية أزمة الملف النووي, وعلى الرغم من استثناء الصين ودول الآخرى من التقيد بهذه العقوبات النفطية إلا أنها تعرقل بالفعل سهولة حصول الصين على النفط الذي تستورده من إيران, فأذا أضفنا لذلك الضرر الصيني البالغ جراء وقف إنتاج النفط السوداني الذي يمثل أيضاً حصة مهمة لوارداتها النفطية فإنه من الصعب تصور تحمل بكين لحرمانها من موردين نفطيين مهمين, وهو ما يؤدي بالطبع إلى رفع درجة التوتر في العلاقة بين البلدين, ولذلك رغبة من واشنطن في إعادة قدر من التوازن لعلاقاتها مع الصين وتخفيف التصعيد الذي تشهده هذه الأيام فقد حرصت على إعادة الحياة لأنابيب النفط السوداني المتوقف المستفيدة منه بكين بالأساس من أجل بث بعض الدفء في العلاقات بين البلدين, وربما للتخفيف من مواقف الصين المتشددة حيال السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مما هو حادث في المسألتين الإيرانية والسورية.


    لقد جاء الإعلان عن التفاهم حول صفقة النفط في الساعة الأخيرة, والاتفاق حول عملية الإغاثة الإنسانية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بمثابة طوق نجاة للجميع, ومخرجاً من حرج انتهاء المهلة الدولية بدون إحراز تقدم حقيقي في المفاوضات, فالوسيط إمبيكي لم يكمن يريد أن يرى جهوده تنتهي بالفشل مما يلقي بظلال سالبة على سمعته ودوره ولذلك قاتل من أجل التوصل إلى أي قدر من التفاهم حول أي من القضايا المطروحة حتى يستطيع تسويقه لمجلس السلم الإفريقي, ومن ثم مجلس الأمن الدولي عن وجود بصيص أمل للتفاوض يبرر تمديد المهلة, وفي الواقع فإن المجتمع الدولي نفسه كان يبحث عن مخرج من مأزق المهلة التي حددها القرار 2046, فالأزمة السودانية أكثر تعقيداً مما يمكن أن تحل بحزمة عقوبات هناك أو هناك, فالبلدان بائسان إلى درجة تجعل أية عقوبات ذات أثر معنوي أكثر منها مؤثراً فعلياً في تغيير موازين القوى الراهنة, خاصة وأن واشنطن ليست متحمسة للمضي قدماً في تغيير جذري للمعادلة السياسية الراهنة في الخرطوم وجوبا, وتفضل تغييراً محدوداً ومحسوباً يؤمن لها التحكم في مساراته.


    ويراهن المجتمع الدولي والوسطاء والعقلاء في الحزبين الحاكمين في الخرطوم وجوبا على أن تساعد انفراجة التفاهم حول صفقة النفط على توفير زخم يدفع بإتجاه تسوية شاملة لكل الملفات العالقة في ما تبقى من مفاوضات, وهو احتمال ممكن ووارد إذا سادت روح تحقيق المصالح المشتركة وأهمية ضمان استدامة السلام لمواطني السودان الكبير, ولكن من قال إن العقلاء دائماً يكسبون أو أنهم يملكون كل أوراق اللعبة؟.


    الملاحظة الجلية أنه ما أن بدأت تباشير الخروج من دائرة التفاوض المفرغة بتفاهم النفط حتى علت أصوات الجماعات المتشددة في الطرفين, وللمفارقة بعضهم من مفاوضي الجانبين, في استعادة الأجواء الصراعية وطرح مواقف وشروط تفاوضية تعجيزية والتسابق في الإدلاء بالتصريحات العدائية الخارجة من سياق أجواء تصالحية يفترض أن التفاهمات الأخيرة أنتجتها, وما ذلك إلا دليل على أن غياب الرؤية الاستراتيجية والإرادة السياسية لا يزال سائداً عند أطراف فاعلة على الجانبين وهو من شأنه تسميم الأجواء والحد من فرص التوصل إلى تسوية نهائية شاملة في الجولة المقبل, وأن التقدم المحرز الآن على ضبابيته ومحدوديته لا يلبث ان يعيد إنتاج ما هو معروف من سلسلة العهود المنقوضة من الطرفين, وهكذا فليس من المستبعد من عودة الأمور إلى نقطة الصفر مع كل الآمال المعقودة الآن.


    إذن ما الحل والمخرج؟. من الصعب رؤية تحول جذري في العقلية الاستئصالية التي تتحكم في صنع القرار عند الطرفين, وهي الذهنية نفسها التي بددت الفرص التي أتاحتها المساومة التاريخية في صفقة السلام الشامل وقادت في نهاية الأمر إلى تحقق السيناريو الاسوأ تقسيم البلاد, وخسارة وحدتها, وفقدان السلام وعودة الحرب.
    والحال هذه ربما لن يرى السودان الكبير سبيلاً لحل جذري لأزمته سوى حدوث السيناريو الذي أعلنه الرئيس البشير ذات يوم في خضم معركة هجليج الأخيرة أن لا حل إلا بذهاب أحد النظامين في الخرطوم أو جوبا, أو بالطبع ذهابهما معاً. صحيح أن البشير أعلن ذلك في فورة خطب حماسية, لكن واقع الحال وتجريب المجرب يشير إلى أنه يكمن في تلك الوصفة فعلاً العلاج الناجع للخروج من مأزق الأزمة السودانية المتطاولة التي حار فيها الخلق.

    عن صحيفة "إيلاف" السودانية
    الأربعاء 8 أغسطس 2012





















































    .









    Online Media Powered by PERFOMICA; The Global Arabic SEO & Online Marketing Training Co. *



    Arabic Iphone & Andriod Apps Developed by; Hasim Internet



















    .



















    Skip to content
    Skip to main navigation
    Skip to 1st column
    Skip to 2nd column






    أتصل بنا
    الأرشيف
    خدمات عامة
    عن سودانايل
    الصفحة الرئيسية









    . .





    .










    الصفحة الرئيسية منبر الرأي خالد التيجاني النور تفاهم النفط في ذمة "الصقور" .. بقلم: خالد التيجاني النور



    تفاهم النفط في ذمة "الصقور" .. بقلم: خالد التيجاني النور








    الجمعة, 10 آب/أغسطس 2012 20:22








    Share


    [email protected]


    نموذج مثالي لسوء إدارة الصراع وأهم من ذلك دليل آخر على غياب الرؤية الإستراتيجية للعلاقة بين شطري السودان الكبير، وانعدام الإرادة السياسية عند الحزبين الحاكمين في الخرطوم وجوبا لرعاية المصالح الحيوية المشتركة للشعبين، جرى تقديم فصل منه على لسان صقور في الطرفين بعد ساعات فقط وقبل ان تبرد حرارة الكلمات التي أعلن بها التوصّل إلى تفاهم أديس أبابا بشأن صفقة النفط بين البلدين.
    يُشكّل التفاهم على صفقة النفط اختراقاً مهمّاً للغاية في جدار المفاوضات المصمت، بما من شأنه أن يسهم في كسر حالة الجمود التي رانت على محاولات تسوية إرث تركة السودان المقسم المستمرة بعد أكثر من عام من انفصال الجنوب في مفاوضات ظلت تدور في حلقة مفرغة ما تكاد تصل إلى نتيجة حتى يعيدها حدث طارئ يتعمّده الفرقاء المتشاكسون في كلا المعسكرين إلى نقطة الصفر وهكذا دواليك.
    أهمية "صفقة النفط"، وهذا بالطبع يعتمد على تنفيذها في نهاية الأمر على أرض الواقع بلا عراقيل أو التفاف وهو استدراك مهم على خلفية كثرة العهود المنقوضة والاتفاقيات المنقلب عليها مما بات معلومًا في سيرة العلاقة بين الطرفين، تنبع من أنها وضعت العربة أمام الحصان بمعنى أنها أعادت ترتيب الأولويات على اعتبارات مصالح حقيقية وفق تسلسل منطقي من المفترض أن يقود الأمور إلى الأمام. وليس سراً أن الصراع على النفط الذي ظلّ يشكل العمود الفقري لاقتصاد السودان الكبير، أدّى إلى تركيع حكومتي السودان الكبير اقتصاديًّا في غضون أشهر قليل حتى بلغا حافة الإفلاس، ودفع المواطنون ثمنًا باهظًا للسيناريو الانتحاري الذي أُدير به ملف أزمة النفط.
    لم تحمل "صفقة النفط" شيئًا جديدًا مفاجئًا، ربّما باستثناء توقيت إعلان التفاهم بشأنها الذي تمّ في الساعات الأخيرة لانقضاء أجل المهلة الأممية، فما تمّ التوصل إليه من مساومات لتمرير الصفقة بتنازلات متبادلة لم تكن بعيدة من العروض الواقعية التي كانت مطروحة أصلاً على طاولة التفاوض منذ بدء بحث المسألة العام الماضي. ولذلك لم يجد الوسيط الإفريقي ثابو إمبيكي صعوبة في التوفيق بينهما وإبرام التفاهم حين لم يكن من ذلك بد مع توفر عامل عنصر الوقت الحاسم، وعوامل الضغط الذاتية والخارجية الآخرى الواقعة على الطرفين.
    وبعيدًا عن العروض البهلوانية التي حاول كل طرف استخدامها بعد الإعلان عن التفاهم حول الصفقة بالتلاعب بالأرقام في محاولة لكسب الرأي العام الذي يليه لصالحه وتصوير جانبه بانه المنتصر في معركة التفاوض حول النفط بإظهار أرقام في التسوية أو إخفاء آخرى أو تجييرها بطريقة معينة بحيث يبدو أنه تمسّك بمواقفه المعلنة وأنه أجبر الطرف الآخر على التنازل، فإن الحسابات الموضوعية تُشير إلى أن الصيغة النهائية للتفاهم حول الصفقة والذي لا يزال ينتظر التوقيع عليه من الطرفين ليغدو اتفاقًا موثّقًا قابلاً للتنفيذ، اتسمت بقدر كبير من المعقولية في مساومة فاز فيها الكل، لا غالب فيها ولا مغلوب. إذ أن فجوة الموقف الحقيقي للطرفين لم تكن شاسعة.
    لم تكن أزمة القضايا العالقة متعلقة بملف النفط في حدّ ذاته، أو كانت هناك استحالة للتوصّل لمساومة بشأنه، ولكن بحكم قوّة وزن ورقة النفط فقد استخدمها كل طرف كرتًا للضغط في المفاوضات للحصول على مكاسب في القضايا الخلافية الأخرى، لا سيما أبيي، الحدود والملفات الأمنية.
    لكن ورقة "النفط" على قوّة وزنها فقد كان لمدى استخدامها حدودًا بفعل عوامل متعدّدة داخلية وخارجية، ومثلما حاول كل طرف استخدامها ككرت ضغط ضد الطرف الآخر إلا أنها في الوقت نفسه مثلت عامل ضغط ذاتي عليهما معًا ولذلك أمكن التوصّل إلى التفاهم حول الصفقة الحالية التي قد لا تصمد بفعل تفاعلات الصراع الداخلي في معسكري الحزبين الحاكمين في جوبا والخرطوم.
    فالعوامل الداخلية التي حدّت من فاعلية "ورقة النفط" تعود بالأساس للتبعات الاقتصادية الكارثية على الطرفين جرّاء الاستخدام المتهوّر لها، وبدا كل طرف كمن يُحاول إطلاق النار على قدمه وهو يظن أنه يُؤذي الطرف الآخر، فالنفط أثبت أنه ولسنوات قادمة سيظل شريان الوحيد الذي يحمل بلسم الحياة للنظامين الحاكمين، والاستمرار في التلاعب المتسم برعونة بهذه الورقة في غياب بدائل حقيقية سريعة لتعويض مداخيله الحيوية لن يلبث أن تُؤدّي تداعياته إلى خنق النظامين والإطاحة بهما.
    ولذلك فالتوصّل إلى تفاهم حول هذا الملف لم يكن محل خيار أمام الطرفين، فالخرطوم تئن أمام أزمة اقتصادية طاحنة أودت بكل مكاسب النظام وجعلت مسألة استمراريته في السلطة على المحك ما لم تحصل على قبلة حياة من نفط الجنوب. وأمّا جوبا المتفاجئة من قلة التعاطف الغربي معها لا سيما التقريع الأمريكي لإقدامها على إغلاق الإنتاج النفطي وهو شريان حياتها شبه الوحيد ثم البحث عن تعويض له من مساعدات ضن بها حلفاؤها جعلها تحت ضغوط أمريكية عنيفة أرغمتها على التراجع عن موقفها بالاستمرار في وقف ضخ النفط، فضلاً عن حاجتها العاجلة لتدارك الانهيار الوشيك لاقتصادها الذي حذر منه صندوق النقد الدولي.

    وثمّة عامل خارجي مهم يغفل عادة في موضوع النفط أنه ليس ورقة "سودانية" خالصة، فالشركاء الآسيويون في الكونسورتيوم الصيني الهندي الماليزي طرف أساس في اللعبة وأصحاب "وجعة" أصيلون في صناعة النفط السودانية، فهم من طورها واستثمر فيها مليارات الدولارات، كما أن الصين أكبر هؤلاء الشركاء، والمستفيد الأكبر من استمرار تدفق النفط منها حيث تستورد غالبيته بما يُوفّر لها نحو سبعة بالمائة من استهلاكها اليوم، ظلت هي المتضرّر الأكبر من توقف إنتاج النفط. وهي وإن تدثرت بالصمت غالباً أو مارست دبلوماسية ناعمة لحث الطرفين على التفاهم، إلا أنها خرجت عن طورها ذات مرّة حين انتقد السفير الصيني بالخرطوم في نوفمبر الماضي الحكومة السودانية علانية في سابقة حين كشفت عن نيتها وقف ضخ النفط ما اضطرّها للتراجع عن ذلك في أقل من أربعة وعشرين ساعة.
    ويبدو أن بكين لم تغفر للخرطوم تجرؤها على استخدام كرت النفط التي تعلم حجم مصالحها فيه في إطار صراعها مع جوبا، ولذلك تخلت عن حيادها الإيجابي في مجلس الأمن الدولي الذي ظلت تُمارسه لصالح الخرطوم عن طريق امتناعها عن التصويت في القرارات الدولية التي تمس الحكومة السودانية حتى بعد أن تتدخل لتخفيفها، فقد تخلت بكين عن تلك السياسة حين صوّتت لأوّل مرّة لصالح القرار 2046 على الرغم من رفض الخرطوم العارم له قبل أن تجد نفسها لاحقاً مضطرة للخضوع له، وصوتت بكين كذلك الاسبوع الماضي أيضًا لصالح القرار 2063 الذي وسّع تفويض بعثة يوناميد في دارفور لتساعد بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان فيما يختصّ بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية القبض على المتمرد اليوغندي جوزيف كوني قائد جيش المقاومة الرباني وعدد من رفاقه وهو قرار كانت الخرطوم اعلنت أيضًا رفضها حين طرح لأوّل مرّة قب بضعة أشهر. وهو قرار خطير لا تخفى دلالته وعواقبه المستقبلية على بلد قيادته خاضعة لقرارات توقيف دولية مماثلة.
    أما العامل الأمريكي في معادلة صفقة النفط السودانية فتقوم على حسابات معقدة ومتداخلة, فاستراتيجية أوباما تجاه السودان المعلنة في اكتوبر 2010 تقوم على فرضية أساسية هي ضمان حصول جنوب السودان على استقلاله, وفي الوقت نفسه ضمان قيام دولتين قابلتين للحياة سياسياً واقتصادياً بما لا يزعزع استقرار هذه المنطقة من العالم التي تحتفظ فيها الولايات المتحدة بمصالح حيوية تتجاوز حدود السودان الكبير, وقد شكل قرار جوبا وقف تدفق النفط ضربة قوية لحسابات استراتيجية أوباما ولذلك عارضت إدارته القرار بشدة خشية أن تؤدي عواقبه الوخيمة إلى انفراط عقد الاستقرار ببروز دولتين فاشلتين في المنطقة التي لا تنقصها القلاقل, ولذلك مارست ضغوطاً جدية على حكومة الجنوب, بما في ذلك رفضها القاطع تقديم أية مساعدات تعويضية لها عن النفط المتوقف, لتحملها على العودة عن قرارها, ولملمة أطراف الأزمة بما لا يؤدي إلى إفشال استراتيجية أوباما خاصة في عام انتخابي لا يحتمل أية مغامرات غير محسوبة تفتح عليه أبواب جماعات الضغط الجهنمية قد تهدد فرص إعادة انتخابه.
    والمعطى الثاني في حسابات واشنطن يمليه موقف ظل يكرر التأكيد عليه المبعوث الرئاسي الامريكي للسودان السفير برينستون لايمان أن سياسة بلاده لا تريد إسقاط النظام في الخرطوم, ولكنها تعمل من أجل تغيير مدروس ومحسوب تتحكم في مخرجاته عبر "إصلاحه" وفق صفقة جديدة تعيد تركيبه بمشاركة أوسع من جماعات المعارضة السياسية والعسكرية, وعبر معالجة صراع المراكز والأطراف وفق صيغة تتضمن توازن مصالح الاطراف الفاعلة في المعادلة السودانية.
    ومثلما عارضت واشنطن العمل المسلح الذي تبنته الجبهة الثورية لإسقاط النظام بالقوة, فقد عارضت كذلك توجه جوبا لإسقاط حكم المؤتمر الوطني عبر خنقه اقتصادياً, ولذلك تمسكت بأهمية استعادة اسئتناف إنتاج النفط لإيقاف عملية الأنهيار المتسارع للاقتصاد السوداني خشية أن تؤدي تبعات ذلك إلى سقوط النظام. وعلى الرغم مما يبدو من عداء بين الخرطوم وواشنطن, إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تبقى حريصة على بقاء نظام الإنقاذ الذي وجدت فيه "حليفاً" من نوع خاص, فقد ظل يخدم أجندتها في السودان وفي المنطقة من دون أن يكلفها شيئاً, من انخراطه حتى النخاع وبلا سقف في حرب واشنطن ضد "الإرهاب" بلا مقابل وحتى توفيره مظلة شرعية لتقسيم البلاد وتمرير الانفصال بلا عراقيل وأيضاً مجاناً بدون مقابل, وكذلك إخضاع البلاد لشبه حالة وصاية دولية, وهي تنازلات لم يجرؤ أي نظام حكم السودان من قبل على تقديمها, ولذلك فقد كان من المنطقي لواشنطن ان تحافظ على هذا التحالف "الأرخص كلفة" ما دام محققاً لمصالحها, وقد تمرست واشنطن في لعبة الإغواء السياسي مع الخرطوم بترك الحزب الحاكم معلقاً بين الرجاء واليأس في شأن علاقتها معه, بين الحرص الدفين على استمراره وبين التهديد الأجوف بإسقاطه, تلوح بأمال التطبيع تارة, ثم لا تلبث تمارس ضغوطاً محسوبة يساعدها في ذلك رعونة الفعل السياسي للحكم الذي لم ينجح حتى بعد أكثر من عقدين في السلطة من التعلم من أخطائه والتمرس في فن الحكم بلا خسائر أتت على رصيده الأخلاقي ومشروعيته السياسية.
    والمعطى الثالث في ضغوط واشنطن لإبرام صفقة عاجلة حول النفط يتعلق بحسابات استراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط, وإدارة ملف علاقاتها المتوترة مع الصين على أكثر من صعيد لا سيما مسألة العقوبات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة على النفط الإيراني على خلفية أزمة الملف النووي, وعلى الرغم من استثناء الصين ودول الآخرى من التقيد بهذه العقوبات النفطية إلا أنها تعرقل بالفعل سهولة حصول الصين على النفط الذي تستورده من إيران, فأذا أضفنا لذلك الضرر الصيني البالغ جراء وقف إنتاج النفط السوداني الذي يمثل أيضاً حصة مهمة لوارداتها النفطية فإنه من الصعب تصور تحمل بكين لحرمانها من موردين نفطيين مهمين, وهو ما يؤدي بالطبع إلى رفع درجة التوتر في العلاقة بين البلدين, ولذلك رغبة من واشنطن في إعادة قدر من التوازن لعلاقاتها مع الصين وتخفيف التصعيد الذي تشهده هذه الأيام فقد حرصت على إعادة الحياة لأنابيب النفط السوداني المتوقف المستفيدة منه بكين بالأساس من أجل بث بعض الدفء في العلاقات بين البلدين, وربما للتخفيف من مواقف الصين المتشددة حيال السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مما هو حادث في المسألتين الإيرانية والسورية.
    لقد جاء الإعلان عن التفاهم حول صفقة النفط في الساعة الأخيرة, والاتفاق حول عملية الإغاثة الإنسانية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بمثابة طوق نجاة للجميع, ومخرجاً من حرج انتهاء المهلة الدولية بدون إحراز تقدم حقيقي في المفاوضات, فالوسيط إمبيكي لم يكمن يريد أن يرى جهوده تنتهي بالفشل مما يلقي بظلال سالبة على سمعته ودوره ولذلك قاتل من أجل التوصل إلى أي قدر من التفاهم حول أي من القضايا المطروحة حتى يستطيع تسويقه لمجلس السلم الإفريقي, ومن ثم مجلس الأمن الدولي عن وجود بصيص أمل للتفاوض يبرر تمديد المهلة, وفي الواقع فإن المجتمع الدولي نفسه كان يبحث عن مخرج من مأزق المهلة التي حددها القرار 2046, فالأزمة السودانية أكثر تعقيداً مما يمكن أن تحل بحزمة عقوبات هناك أو هناك, فالبلدان بائسان إلى درجة تجعل أية عقوبات ذات أثر معنوي أكثر منها مؤثراً فعلياً في تغيير موازين القوى الراهنة, خاصة وأن واشنطن ليست متحمسة للمضي قدماً في تغيير جذري للمعادلة السياسية الراهنة في الخرطوم وجوبا, وتفضل تغييراً محدوداً ومحسوباً يؤمن لها التحكم في مساراته.
    ويراهن المجتمع الدولي والوسطاء والعقلاء في الحزبين الحاكمين في الخرطوم وجوبا على أن تساعد انفراجة التفاهم حول صفقة النفط على توفير زخم يدفع بإتجاه تسوية شاملة لكل الملفات العالقة في ما تبقى من مفاوضات, وهو احتمال ممكن ووارد إذا سادت روح تحقيق المصالح المشتركة وأهمية ضمان استدامة السلام لمواطني السودان الكبير, ولكن من قال إن العقلاء دائماً يكسبون أو أنهم يملكون كل أوراق اللعبة؟.
    الملاحظة الجلية أنه ما أن بدأت تباشير الخروج من دائرة التفاوض المفرغة بتفاهم النفط حتى علت أصوات الجماعات المتشددة في الطرفين, وللمفارقة بعضهم من مفاوضي الجانبين, في استعادة الأجواء الصراعية وطرح مواقف وشروط تفاوضية تعجيزية والتسابق في الإدلاء بالتصريحات العدائية الخارجة من سياق أجواء تصالحية يفترض أن التفاهمات الأخيرة أنتجتها, وما ذلك إلا دليل على أن غياب الرؤية الاستراتيجية والإرادة السياسية لا يزال سائداً عند أطراف فاعلة على الجانبين وهو من شأنه تسميم الأجواء والحد من فرص التوصل إلى تسوية نهائية شاملة في الجولة المقبل, وأن التقدم المحرز الآن على ضبابيته ومحدوديته لا يلبث ان يعيد إنتاج ما هو معروف من سلسلة العهود المنقوضة من الطرفين, وهكذا فليس من المستبعد من عودة الأمور إلى نقطة الصفر مع كل الآمال المعقودة الآن.
    إذن ما الحل والمخرج؟. من الصعب رؤية تحول جذري في العقلية الاستئصالية التي تتحكم في صنع القرار عند الطرفين, وهي الذهنية نفسها التي بددت الفرص التي أتاحتها المساومة التاريخية في صفقة السلام الشامل وقادت في نهاية الأمر إلى تحقق السيناريو الاسوأ تقسيم البلاد, وخسارة وحدتها, وفقدان السلام وعودة الحرب.
    والحال هذه ربما لن يرى السودان الكبير سبيلاً لحل جذري لأزمته سوى حدوث السيناريو الذي أعلنه الرئيس البشير ذات يوم في خضم معركة هجليج الأخيرة أن لا حل إلا بذهاب أحد النظامين في الخرطوم أو جوبا, أو بالطبع ذهابهما معاً. صحيح أن البشير أعلن ذلك في فورة خطب حماسية, لكن واقع الحال وتجريب المجرب يشير إلى أنه يكمن في تلك الوصفة فعلاً العلاج الناجع للخروج من مأزق الأزمة السودانية المتطاولة التي حار فيها الخلق.
    عن صحيفة "إيلاف" السودانية
    الأربعاء 8 أغسطس 2012





















































    .









    Online Media Powered by PERFOMICA; The Global Arabic SEO & Online Marketing Training Co. *



    Arabic Iphone & Andriod Apps Developed by; Hasim Internet














    تفاهم النفط في ذمة "الصقور" ..

    بقلم: خالد التيجاني النور






    الجمعة, 10 آب/أغسطس 2012 20:22








    Share


    [email protected]


    نموذج مثالي لسوء إدارة الصراع وأهم من ذلك دليل آخر على غياب الرؤية الإستراتيجية للعلاقة بين شطري السودان الكبير، وانعدام الإرادة السياسية عند الحزبين الحاكمين في الخرطوم وجوبا لرعاية المصالح الحيوية المشتركة للشعبين، جرى تقديم فصل منه على لسان صقور في الطرفين بعد ساعات فقط وقبل ان تبرد حرارة الكلمات التي أعلن بها التوصّل إلى تفاهم أديس أبابا بشأن صفقة النفط بين البلدين.
    يُشكّل التفاهم على صفقة النفط اختراقاً مهمّاً للغاية في جدار المفاوضات المصمت، بما من شأنه أن يسهم في كسر حالة الجمود التي رانت على محاولات تسوية إرث تركة السودان المقسم المستمرة بعد أكثر من عام من انفصال الجنوب في مفاوضات ظلت تدور في حلقة مفرغة ما تكاد تصل إلى نتيجة حتى يعيدها حدث طارئ يتعمّده الفرقاء المتشاكسون في كلا المعسكرين إلى نقطة الصفر وهكذا دواليك.
    أهمية "صفقة النفط"، وهذا بالطبع يعتمد على تنفيذها في نهاية الأمر على أرض الواقع بلا عراقيل أو التفاف وهو استدراك مهم على خلفية كثرة العهود المنقوضة والاتفاقيات المنقلب عليها مما بات معلومًا في سيرة العلاقة بين الطرفين، تنبع من أنها وضعت العربة أمام الحصان بمعنى أنها أعادت ترتيب الأولويات على اعتبارات مصالح حقيقية وفق تسلسل منطقي من المفترض أن يقود الأمور إلى الأمام. وليس سراً أن الصراع على النفط الذي ظلّ يشكل العمود الفقري لاقتصاد السودان الكبير، أدّى إلى تركيع حكومتي السودان الكبير اقتصاديًّا في غضون أشهر قليل حتى بلغا حافة الإفلاس، ودفع المواطنون ثمنًا باهظًا للسيناريو الانتحاري الذي أُدير به ملف أزمة النفط.
    لم تحمل "صفقة النفط" شيئًا جديدًا مفاجئًا، ربّما باستثناء توقيت إعلان التفاهم بشأنها الذي تمّ في الساعات الأخيرة لانقضاء أجل المهلة الأممية، فما تمّ التوصل إليه من مساومات لتمرير الصفقة بتنازلات متبادلة لم تكن بعيدة من العروض الواقعية التي كانت مطروحة أصلاً على طاولة التفاوض منذ بدء بحث المسألة العام الماضي. ولذلك لم يجد الوسيط الإفريقي ثابو إمبيكي صعوبة في التوفيق بينهما وإبرام التفاهم حين لم يكن من ذلك بد مع توفر عامل عنصر الوقت الحاسم، وعوامل الضغط الذاتية والخارجية الآخرى الواقعة على الطرفين.
    وبعيدًا عن العروض البهلوانية التي حاول كل طرف استخدامها بعد الإعلان عن التفاهم حول الصفقة بالتلاعب بالأرقام في محاولة لكسب الرأي العام الذي يليه لصالحه وتصوير جانبه بانه المنتصر في معركة التفاوض حول النفط بإظهار أرقام في التسوية أو إخفاء آخرى أو تجييرها بطريقة معينة بحيث يبدو أنه تمسّك بمواقفه المعلنة وأنه أجبر الطرف الآخر على التنازل، فإن الحسابات الموضوعية تُشير إلى أن الصيغة النهائية للتفاهم حول الصفقة والذي لا يزال ينتظر التوقيع عليه من الطرفين ليغدو اتفاقًا موثّقًا قابلاً للتنفيذ، اتسمت بقدر كبير من المعقولية في مساومة فاز فيها الكل، لا غالب فيها ولا مغلوب. إذ أن فجوة الموقف الحقيقي للطرفين لم تكن شاسعة.
    لم تكن أزمة القضايا العالقة متعلقة بملف النفط في حدّ ذاته، أو كانت هناك استحالة للتوصّل لمساومة بشأنه، ولكن بحكم قوّة وزن ورقة النفط فقد استخدمها كل طرف كرتًا للضغط في المفاوضات للحصول على مكاسب في القضايا الخلافية الأخرى، لا سيما أبيي، الحدود والملفات الأمنية.
    لكن ورقة "النفط" على قوّة وزنها فقد كان لمدى استخدامها حدودًا بفعل عوامل متعدّدة داخلية وخارجية، ومثلما حاول كل طرف استخدامها ككرت ضغط ضد الطرف الآخر إلا أنها في الوقت نفسه مثلت عامل ضغط ذاتي عليهما معًا ولذلك أمكن التوصّل إلى التفاهم حول الصفقة الحالية التي قد لا تصمد بفعل تفاعلات الصراع الداخلي في معسكري الحزبين الحاكمين في جوبا والخرطوم.
    فالعوامل الداخلية التي حدّت من فاعلية "ورقة النفط" تعود بالأساس للتبعات الاقتصادية الكارثية على الطرفين جرّاء الاستخدام المتهوّر لها، وبدا كل طرف كمن يُحاول إطلاق النار على قدمه وهو يظن أنه يُؤذي الطرف الآخر، فالنفط أثبت أنه ولسنوات قادمة سيظل شريان الوحيد الذي يحمل بلسم الحياة للنظامين الحاكمين، والاستمرار في التلاعب المتسم برعونة بهذه الورقة في غياب بدائل حقيقية سريعة لتعويض مداخيله الحيوية لن يلبث أن تُؤدّي تداعياته إلى خنق النظامين والإطاحة بهما.
    ولذلك فالتوصّل إلى تفاهم حول هذا الملف لم يكن محل خيار أمام الطرفين، فالخرطوم تئن أمام أزمة اقتصادية طاحنة أودت بكل مكاسب النظام وجعلت مسألة استمراريته في السلطة على المحك ما لم تحصل على قبلة حياة من نفط الجنوب. وأمّا جوبا المتفاجئة من قلة التعاطف الغربي معها لا سيما التقريع الأمريكي لإقدامها على إغلاق الإنتاج النفطي وهو شريان حياتها شبه الوحيد ثم البحث عن تعويض له من مساعدات ضن بها حلفاؤها جعلها تحت ضغوط أمريكية عنيفة أرغمتها على التراجع عن موقفها بالاستمرار في وقف ضخ النفط، فضلاً عن حاجتها العاجلة لتدارك الانهيار الوشيك لاقتصادها الذي حذر منه صندوق النقد الدولي.

    وثمّة عامل خارجي مهم يغفل عادة في موضوع النفط أنه ليس ورقة "سودانية" خالصة، فالشركاء الآسيويون في الكونسورتيوم الصيني الهندي الماليزي طرف أساس في اللعبة وأصحاب "وجعة" أصيلون في صناعة النفط السودانية، فهم من طورها واستثمر فيها مليارات الدولارات، كما أن الصين أكبر هؤلاء الشركاء، والمستفيد الأكبر من استمرار تدفق النفط منها حيث تستورد غالبيته بما يُوفّر لها نحو سبعة بالمائة من استهلاكها اليوم، ظلت هي المتضرّر الأكبر من توقف إنتاج النفط. وهي وإن تدثرت بالصمت غالباً أو مارست دبلوماسية ناعمة لحث الطرفين على التفاهم، إلا أنها خرجت عن طورها ذات مرّة حين انتقد السفير الصيني بالخرطوم في نوفمبر الماضي الحكومة السودانية علانية في سابقة حين كشفت عن نيتها وقف ضخ النفط ما اضطرّها للتراجع عن ذلك في أقل من أربعة وعشرين ساعة.
    ويبدو أن بكين لم تغفر للخرطوم تجرؤها على استخدام كرت النفط التي تعلم حجم مصالحها فيه في إطار صراعها مع جوبا، ولذلك تخلت عن حيادها الإيجابي في مجلس الأمن الدولي الذي ظلت تُمارسه لصالح الخرطوم عن طريق امتناعها عن التصويت في القرارات الدولية التي تمس الحكومة السودانية حتى بعد أن تتدخل لتخفيفها، فقد تخلت بكين عن تلك السياسة حين صوّتت لأوّل مرّة لصالح القرار 2046 على الرغم من رفض الخرطوم العارم له قبل أن تجد نفسها لاحقاً مضطرة للخضوع له، وصوتت بكين كذلك الاسبوع الماضي أيضًا لصالح القرار 2063 الذي وسّع تفويض بعثة يوناميد في دارفور لتساعد بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان فيما يختصّ بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية القبض على المتمرد اليوغندي جوزيف كوني قائد جيش المقاومة الرباني وعدد من رفاقه وهو قرار كانت الخرطوم اعلنت أيضًا رفضها حين طرح لأوّل مرّة قب بضعة أشهر. وهو قرار خطير لا تخفى دلالته وعواقبه المستقبلية على بلد قيادته خاضعة لقرارات توقيف دولية مماثلة.
    أما العامل الأمريكي في معادلة صفقة النفط السودانية فتقوم على حسابات معقدة ومتداخلة, فاستراتيجية أوباما تجاه السودان المعلنة في اكتوبر 2010 تقوم على فرضية أساسية هي ضمان حصول جنوب السودان على استقلاله, وفي الوقت نفسه ضمان قيام دولتين قابلتين للحياة سياسياً واقتصادياً بما لا يزعزع استقرار هذه المنطقة من العالم التي تحتفظ فيها الولايات المتحدة بمصالح حيوية تتجاوز حدود السودان الكبير, وقد شكل قرار جوبا وقف تدفق النفط ضربة قوية لحسابات استراتيجية أوباما ولذلك عارضت إدارته القرار بشدة خشية أن تؤدي عواقبه الوخيمة إلى انفراط عقد الاستقرار ببروز دولتين فاشلتين في المنطقة التي لا تنقصها القلاقل, ولذلك مارست ضغوطاً جدية على حكومة الجنوب, بما في ذلك رفضها القاطع تقديم أية مساعدات تعويضية لها عن النفط المتوقف, لتحملها على العودة عن قرارها, ولملمة أطراف الأزمة بما لا يؤدي إلى إفشال استراتيجية أوباما خاصة في عام انتخابي لا يحتمل أية مغامرات غير محسوبة تفتح عليه أبواب جماعات الضغط الجهنمية قد تهدد فرص إعادة انتخابه.
    والمعطى الثاني في حسابات واشنطن يمليه موقف ظل يكرر التأكيد عليه المبعوث الرئاسي الامريكي للسودان السفير برينستون لايمان أن سياسة بلاده لا تريد إسقاط النظام في الخرطوم, ولكنها تعمل من أجل تغيير مدروس ومحسوب تتحكم في مخرجاته عبر "إصلاحه" وفق صفقة جديدة تعيد تركيبه بمشاركة أوسع من جماعات المعارضة السياسية والعسكرية, وعبر معالجة صراع المراكز والأطراف وفق صيغة تتضمن توازن مصالح الاطراف الفاعلة في المعادلة السودانية.
    ومثلما عارضت واشنطن العمل المسلح الذي تبنته الجبهة الثورية لإسقاط النظام بالقوة, فقد عارضت كذلك توجه جوبا لإسقاط حكم المؤتمر الوطني عبر خنقه اقتصادياً, ولذلك تمسكت بأهمية استعادة اسئتناف إنتاج النفط لإيقاف عملية الأنهيار المتسارع للاقتصاد السوداني خشية أن تؤدي تبعات ذلك إلى سقوط النظام. وعلى الرغم مما يبدو من عداء بين الخرطوم وواشنطن, إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تبقى حريصة على بقاء نظام الإنقاذ الذي وجدت فيه "حليفاً" من نوع خاص, فقد ظل يخدم أجندتها في السودان وفي المنطقة من دون أن يكلفها شيئاً, من انخراطه حتى النخاع وبلا سقف في حرب واشنطن ضد "الإرهاب" بلا مقابل وحتى توفيره مظلة شرعية لتقسيم البلاد وتمرير الانفصال بلا عراقيل وأيضاً مجاناً بدون مقابل, وكذلك إخضاع البلاد لشبه حالة وصاية دولية, وهي تنازلات لم يجرؤ أي نظام حكم السودان من قبل على تقديمها, ولذلك فقد كان من المنطقي لواشنطن ان تحافظ على هذا التحالف "الأرخص كلفة" ما دام محققاً لمصالحها, وقد تمرست واشنطن في لعبة الإغواء السياسي مع الخرطوم بترك الحزب الحاكم معلقاً بين الرجاء واليأس في شأن علاقتها معه, بين الحرص الدفين على استمراره وبين التهديد الأجوف بإسقاطه, تلوح بأمال التطبيع تارة, ثم لا تلبث تمارس ضغوطاً محسوبة يساعدها في ذلك رعونة الفعل السياسي للحكم الذي لم ينجح حتى بعد أكثر من عقدين في السلطة من التعلم من أخطائه والتمرس في فن الحكم بلا خسائر أتت على رصيده الأخلاقي ومشروعيته السياسية.
    والمعطى الثالث في ضغوط واشنطن لإبرام صفقة عاجلة حول النفط يتعلق بحسابات استراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط, وإدارة ملف علاقاتها المتوترة مع الصين على أكثر من صعيد لا سيما مسألة العقوبات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة على النفط الإيراني على خلفية أزمة الملف النووي, وعلى الرغم من استثناء الصين ودول الآخرى من التقيد بهذه العقوبات النفطية إلا أنها تعرقل بالفعل سهولة حصول الصين على النفط الذي تستورده من إيران, فأذا أضفنا لذلك الضرر الصيني البالغ جراء وقف إنتاج النفط السوداني الذي يمثل أيضاً حصة مهمة لوارداتها النفطية فإنه من الصعب تصور تحمل بكين لحرمانها من موردين نفطيين مهمين, وهو ما يؤدي بالطبع إلى رفع درجة التوتر في العلاقة بين البلدين, ولذلك رغبة من واشنطن في إعادة قدر من التوازن لعلاقاتها مع الصين وتخفيف التصعيد الذي تشهده هذه الأيام فقد حرصت على إعادة الحياة لأنابيب النفط السوداني المتوقف المستفيدة منه بكين بالأساس من أجل بث بعض الدفء في العلاقات بين البلدين, وربما للتخفيف من مواقف الصين المتشددة حيال السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مما هو حادث في المسألتين الإيرانية والسورية.
    لقد جاء الإعلان عن التفاهم حول صفقة النفط في الساعة الأخيرة, والاتفاق حول عملية الإغاثة الإنسانية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بمثابة طوق نجاة للجميع, ومخرجاً من حرج انتهاء المهلة الدولية بدون إحراز تقدم حقيقي في المفاوضات, فالوسيط إمبيكي لم يكمن يريد أن يرى جهوده تنتهي بالفشل مما يلقي بظلال سالبة على سمعته ودوره ولذلك قاتل من أجل التوصل إلى أي قدر من التفاهم حول أي من القضايا المطروحة حتى يستطيع تسويقه لمجلس السلم الإفريقي, ومن ثم مجلس الأمن الدولي عن وجود بصيص أمل للتفاوض يبرر تمديد المهلة, وفي الواقع فإن المجتمع الدولي نفسه كان يبحث عن مخرج من مأزق المهلة التي حددها القرار 2046, فالأزمة السودانية أكثر تعقيداً مما يمكن أن تحل بحزمة عقوبات هناك أو هناك, فالبلدان بائسان إلى درجة تجعل أية عقوبات ذات أثر معنوي أكثر منها مؤثراً فعلياً في تغيير موازين القوى الراهنة, خاصة وأن واشنطن ليست متحمسة للمضي قدماً في تغيير جذري للمعادلة السياسية الراهنة في الخرطوم وجوبا, وتفضل تغييراً محدوداً ومحسوباً يؤمن لها التحكم في مساراته.
    ويراهن المجتمع الدولي والوسطاء والعقلاء في الحزبين الحاكمين في الخرطوم وجوبا على أن تساعد انفراجة التفاهم حول صفقة النفط على توفير زخم يدفع بإتجاه تسوية شاملة لكل الملفات العالقة في ما تبقى من مفاوضات, وهو احتمال ممكن ووارد إذا سادت روح تحقيق المصالح المشتركة وأهمية ضمان استدامة السلام لمواطني السودان الكبير, ولكن من قال إن العقلاء دائماً يكسبون أو أنهم يملكون كل أوراق اللعبة؟.
    الملاحظة الجلية أنه ما أن بدأت تباشير الخروج من دائرة التفاوض المفرغة بتفاهم النفط حتى علت أصوات الجماعات المتشددة في الطرفين, وللمفارقة بعضهم من مفاوضي الجانبين, في استعادة الأجواء الصراعية وطرح مواقف وشروط تفاوضية تعجيزية والتسابق في الإدلاء بالتصريحات العدائية الخارجة من سياق أجواء تصالحية يفترض أن التفاهمات الأخيرة أنتجتها, وما ذلك إلا دليل على أن غياب الرؤية الاستراتيجية والإرادة السياسية لا يزال سائداً عند أطراف فاعلة على الجانبين وهو من شأنه تسميم الأجواء والحد من فرص التوصل إلى تسوية نهائية شاملة في الجولة المقبل, وأن التقدم المحرز الآن على ضبابيته ومحدوديته لا يلبث ان يعيد إنتاج ما هو معروف من سلسلة العهود المنقوضة من الطرفين, وهكذا فليس من المستبعد من عودة الأمور إلى نقطة الصفر مع كل الآمال المعقودة الآن.
    إذن ما الحل والمخرج؟. من الصعب رؤية تحول جذري في العقلية الاستئصالية التي تتحكم في صنع القرار عند الطرفين, وهي الذهنية نفسها التي بددت الفرص التي أتاحتها المساومة التاريخية في صفقة السلام الشامل وقادت في نهاية الأمر إلى تحقق السيناريو الاسوأ تقسيم البلاد, وخسارة وحدتها, وفقدان السلام وعودة الحرب.
    والحال هذه ربما لن يرى السودان الكبير سبيلاً لحل جذري لأزمته سوى حدوث السيناريو الذي أعلنه الرئيس البشير ذات يوم في خضم معركة هجليج الأخيرة أن لا حل إلا بذهاب أحد النظامين في الخرطوم أو جوبا, أو بالطبع ذهابهما معاً. صحيح أن البشير أعلن ذلك في فورة خطب حماسية, لكن واقع الحال وتجريب المجرب يشير إلى أنه يكمن في تلك الوصفة فعلاً العلاج الناجع للخروج من مأزق الأزمة السودانية المتطاولة التي حار فيها الخلق.
    عن صحيفة "إيلاف" السودانية
    الأربعاء 8 أغسطس 2012















    .











                  

08-12-2012, 06:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    27035_1418732506575_1180514939_1245723_511469_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com






    إنهم لا يكذبون.. لكنهم يتجملون ..

    بقلم : محجوب محمد صالح
    السبت, 11 آب/أغسطس 2012 11:08
    Share




    حدث ما توقعناه في مقال سابق من أن قرار مجلس الأمن الصادر تحت الفصل السابع من الميثاق والذي يهدد بفرض عقوبات على الطرفين تحت المادة (41) سيحتم عليهما –السودان وجنوب السودان– أن يسعيا إلى إحداث اختراق ولو في ملف واحد من الملفات العالقة حتى يتيح لمجلس الأمن أن يجد المبرر لتمديد فترة التفاوض، فقد حدث الاختراق مع نهاية الفترة التي حددها المجلس وهي اليوم الثاني من هذا الشهر، ولكن الاختراق لم يحدث في الملف الأمني الذي يمثل الأولوية لحكومة السودان بل حدث في ملف النفط الذي يمثل مطلبا أساسيا ليس للجنوب فحسب بل للولايات المتحدة أيضا لأنها تدرك أن نفط الجنوب هو شريان الحياة للدولة الوليدة التي ليس لها مصدر دخل سواه.


    كلا الطرفين أبدى مرونة وقدم تنازلات تحت الضغط الدولي والإقليمي من مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي وأيضا بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في كلا البلدين– وهي تنازلات كان يمكن أن يتوصل لها الطرفان قبل عام لو توافرت لهما الإرادة السياسية وليس فيها جديد، فقد كان المطلوب فقط انتهاج مسلك واقعي في تحديد رسوم معالجات ونقل البترول عبر الأراضي السودانية لمنافذ التصدير في البحر الأحمر استنادا لممارسات عديدة في دول أخرى بعيدا عن مبالغة الشمال التي حدد رسماً غير مسبوق واستهانة الجنوب التي جعلته يقدم عرضا لا يليق حتى بجدية التعامل التجاري.
    مهما يكن من أمر فإن الضغوط الاقتصادية التي يعانيها الطرفان والضغوط السياسية التي مارسها الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن قد أحدثت هذا الاختراق الذي وجد ترحيبا عالميا وإقليميا وأعطى الفرصة لمجلس الأمن كي يمنح الطرفين مهلة زمنية إضافية– حتى العشرين من الشهر المقبل.


    ولعل الكثيرين ما زالوا يعانون الدهشة لأن الأرقام المسربة عن رسوم عبور النفط في جوبا والخرطوم تختلف كثيرا عن بعضها البعض، فبينما تتحدث جوبا عن رسوم عبور في حدود التسعة إلى أحد عشر دولارا للبرميل الواحد تحدثت الصحف في الخرطوم عن خمسة وعشرين دولارا للبرميل– كلا الرقمين صحيح حسب قراءة المرء للاتفاق وكلاهما لا يكذب ولكنه يتجمل، فالاتفاق المالي يتكون من جزأين: جزء يحدد رسوم معالجة ونقل النفط والجزء الثاني يتحدث عن منحة مالية يقدمها الجنوب للشمال تعويضا عن فقدانه لعائدات النفط وهي تبلغ ثلاثة مليار ومائتين وخمسة وأربعين مليونا تسمى (ترتيبات مالية انتقالية) يتم سدادها على مدى ثلاث سنوات ونصف (العمر الافتراضي لهذه الاتفاقية)– الذي يجمع المنحة إلى الرسوم يتحدث عن خمسة وعشرين دولارا للبرميل والذي يستبعد المنحة عن حسابه يتحدث عن أحد عشر دولارا- كلاهما لا يكذب ولكنه يتجمل فالجنوب يريد أن يقول لمواطنيه إنه لم يقدم تنازلات تقترب من حد الستة وثلاثين دولارا التي كان الشمال قد حددها، والشمال يريد أن يرسل إشارة بأن الخمسة وعشرين دولارا التي تم الاتفاق عليها لا تبعد كثيرا عن الستة وثلاثين دولارا التي كان يطالب بها.

    نتوقع أن يأتي الاتفاق في صورته الأخيرة شاملا وموسعا بحيث يتجاوز كل مشاكل الماضي ويتحسب لأي خلافات قد تنشأ في المستقبل ولكننا نرى أن العقبة التي تواجهه هي ما أعلنه السودان من أن هذا الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد أن يحسم الملف الأمني، بينما تستعجل جوبا إعادة الضخ وتريد استئنافه في الشهر المقبل (سبتمبر) خاصة وهي تعلم أن الآبار لن تعمل بكل قدرتها فور استئناف الضخ، ويرى الخبراء أن الجنوب قد يحتاج إلى عام كامل ليصل إنتاجه إلى المستوى الذي كان عليه في يناير الماضي حينما صدر قرار إيقاف الضخ بل المتوقع أن يبدأ الإنتاج بأقل من نصف الإنتاج السابق ثم يواصل الزيادة تدريجيا حتى يصل المرحلة السابقة خلال عام.
    لكن إذا أصر السودان على موقفه بعدم تنفيذ الاتفاق النفطي إلا بعد حسم الملف الأمني التي تعطيه الخرطوم الأسبقية المطلقة فإن استئناف الضخ يصبح مرهونا بقضايا أمنية بالغة التعقيد تشمل فيما تشمل الاتفاق على خريطة توفيقية ترسم على أساسها حدود المنطقة العازلة منزوعة السلاح حتى يتسنى الاتفاق على وقف العدائيات مع تشكيل لجان المراقبة المشتركة إضافة إلى حسم قضية المناطق الحدودية المتنازع عليها وستكون قضية ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق حاضرة في المفاوضات بطريق غير مباشر كما تدخل في الملف الأمني قضية أبيي بالغة التعقيد.


    المفاوضات التي ستبدأ بنهاية هذا الشهر وحددت لها الوساطة قيدا زمنيا حتى العشرين من سبتمبر ستجد كل هذه الملفات على رأس أجندتها فهل يستطيع الطرفان أن يعالجا كافة هذه القضايا خلال شهر سبتمبر حتى يستأنف ضخ النفط في الموعد الذي أعلنه كبير مفاوضي الجنوب باقان أموم؟


    يبدو أنه ضرب من المبالغة في التفاؤل أن يراهن طرف على ضخ النفط الشهر المقبل ما لم يتنازل السودان عن موقفه الحالي الذي يرفض بدء تنفيذ ضخ النفط إلى أن يحسم الملف الأمني– وربما تسعى الوساطة إلى تجزئة الملف الأمني بحيث يتركز فقط على قضية الخريطة التوفيقية وتحديد المنطقة العازلة وتوقيع اتفاق وقف العدائيات بكافة آلياته الرقابية –ويعتبر ذلك معالجة مهمة وإن كانت جزئية– للملف الأمني بحيث يجد الطرفان المبرر لاستئناف ضخ النفط


    ------------------

    الاتفاق ايجابي اذا نُفِّذ
    Updated On Aug 6th, 2012
    سليمان حامد


    اتفاق حكومي جنوب وشمال السودان تم نتيجة لضغط عالي المستوى وفي الزمن الضائع بعد انتهاء المهلة المحددة له في 2 اغسطس 2012م. يؤكد ذلك أن الحكومتين كانتا غير متوافقتين على أي قضية من القضايا المعلقة حتى اللحظة الأخيرة. وهذا يعني أنه ليس اتفاقاً أصيلاً ناتجاً عن قناعة ذاتية من الحكومتين. ولهذا فهو اتفاق هش قد ينكسر أو يتم الارتداد عليه بأي ذريعة يمكن إفتعالها. وبهذا ينفتح الباب أمام صراعات جديدة، وقد تؤدي إلى تدخل مباشر من القوى الاجنبية.
    هذا هو ما يرمي إليه – كما تدل كل المؤشرات من المعارضين للحل السلمي ولأي اتفاق يعيد العلاقات الحسنة بين الدولتين. منذ إعلان الاتفاق بدأت هذه القوى الشريرة من أثرياء الحرب يعارضون ماتم من اتفاق. ويؤكدون أن ماتم الاتفاق عليه من قضايا لن ينفذ مالم يناقش الملف الأمني. وهو تصريح يستبطن الأجندة الخفية لهذه الفئة التي بدأت تثير الشكوك حول إلغاء عمر البشير وسيلفاكير وتطعن في جدواه، بل نصل إلى حد أنه مؤامرة ضد البشير، كما ذكرت من قبل تهدد حياته.

    وهى ذات الجماعة التي نقضت غزل كل الاتفاقات التي تمت في أديس أبابا. وهى التي لعبت دوراً اجرامياً في العودة بالعلاقات بين البلدين إلى الخصومة والعداوات وتصعيدها إلى ما يقترب من اشعال الحرب بين البلدين. وهي التي افشلت لأكثر من مرة الإجتماع الذي كان مفترضا عقده بين رئيس البلدين.

    ورغم إن اتفاق البترول لن يحل أزمة الاقتصاد السوداني، لأنه لا يوفر سوى 3.2 مليار دولار سنويا، بينما العجز الحالي للموازنة يصل إلى ما يقارب 9 مليار دولار. وليس هنالك افق لحل الأزمة الاقتصادية مع انعدام التنمية الزراعية والصناعية في البلاد، ولهذا يصبح حل الأزمة رهينا بالإنتاج والتنمية الزراعية والصناعية، وليس على دخل محدود لبترول عابر لشمال السودان واضعين في الاعتبار أن حكومة الجنوب تسعى لخلق معابر أخرى – طال الزمن أم قصر- لتصدير بترولها مع استمرار انعدام الثقة بين حكومتي البلدين.

    ما نأمل تنفيذه هو حل القضايا الأخرى المعلقة في الموعد المضروب لها في 22 سبتمبر 2012م. وهو أمر يلقي بظلال من الشك عبر عنها وسيط الاتحاد الافريقي تابومبيكي بقوله إنه يعبر عن قلقه اذا لم يتمكن الطرفان من هذا التمديد لتنفيذ كل ماجاء في قرار مجلس السلم والأمن الافريقي وقرار مجلس الأمن رقم 2046.

    القضايا المتبقية لازالت تشكل خطراً على الاتفاق بأكمله. فهناك قضية ترسيم الحدود وحل مشكلة ابيي والأمن بين البلدين والتجارة والمواطنة. وحتى تنفيذ اتفاق البترول نفسه – كما يقول دعاة الحرب- خاضع للاتفاق على القضية الأمنية.

    ولهذا، ورغم الاتفاق المبدئي بين الوفدين وترحيب الحكومتين على حسم هذه القضايا في الموعد الجديد، إلا أن ذلك يحتاج إلى جهد كبير من كافة القوى الحادبة على مصلحة البلدين والشعبين.

    وهذا مايقودنا إلى تكرار أهمية اشراك كافة القوى السياسية المعارضة التي تمثل الاغلبية الساحقة من شعب السودان. فالتمديد الذي حدث يستوجب على الطرفين الشريكين في الحوار، أن يفكرا بجدية في أنهما لن يستطيعا تنفيذ ماتم الانفاق عليه. لأنه تم عبر الضغط العالمي. ثم إنهما جربا ولأكثر من عامين الفشل الذي واجهه النقاش والحوار الثنائي بينهما. وهذا درس يجب أن يستوعبه الوسطاء الدوليون أنفسهم ومن يقف ورائهم سواء كانوا في مجلس السلم والأمن الافريقي أوغيره، بأن القرار 2046 من الممكن أن لا ينفذ رغم الضغط الذي يمارسونه. وهم يعون تماما إن كافة القضايا المعلقة ـ بما فيها البترول ـ من صميم قضايا شعب السودان مجمله، ولن يكتب لها النجاح اذا تم مناقشتها من وراء ظهره وبدون مشاركته.

    إننا نكتب هذا الكلام ليس تبرئة للذمة أو التسجيل موقف للتاريخ، وإنما نستند إلى استقراء دقيق للواقع والتجار التي مرت بها البلاد في ظل الاتفاقات. ولهذا نقول إن الاتفاقات الثنائية هى التي أدت إلى كارثة انفصال الجنوب والاصرار على الثنائية هو الذي سيفتح الباب واسعاً لتدخل الأطراف الداعية للحرب من كلا الطرفين، وربما يطيح بكل ما اتفق علي بحثه من القضايا العالقة، ويقود إلى حرب شاملة في البلاد.

    إن عدم اشراك كافة قوى المعارضة، تقع مسؤولية ما ينتج عنه من موارس إلى الأطراف الثلاثة في الحكومتين الجنوبية والشمالية والوساطة الاجنبية.

    نقول ذلك، وقد أصبح الموقف دقيقا وحرجاً بعد التمديد الذي تم للاتفاق المزمع تنفيذه في 2 اغسطس 2012م

    (عدل بواسطة الكيك on 09-23-2012, 04:58 AM)

                  

08-14-2012, 04:46 AM

عبدالكريم عبدالله
<aعبدالكريم عبدالله
تاريخ التسجيل: 06-20-2011
مجموع المشاركات: 480

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الكيك
    تشكرات علي الإجتهاد
    و معك نتابع ،،،



    Up
                  

08-14-2012, 06:21 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: عبدالكريم عبدالله)

    شكرا لك
    عبد الكريم عبد الله

    نتواصل




    الازمة السودانية: بين إنهاء حرب الجنوب وإعادة إنتاج أزمة دارفور
    د. عبدالوهاب الأفندي
    2012-08-13


    في الأسبوعين الماضيين، تراوحت الإشارات المرسلة حول الأزمة السودانية بين إيجابية مبشرة بقرب إنهاء الخلاف بين دولتي السودان وجنوب السودان، وأخرى مقلقة جداً تؤكد تدهور الأوضاع في دارفور على أكثر من صعيد، إضافة إلى استمرار التدهور الاقتصادي الذي تتأثر به كل جوانب الحياة في البلاد. وفي هذا المجال، تنشط مبادرات، أبرزها مبادرة حزب الأمة القومي، لمحاولة استباق مخاوف الانهيار بمقترحات قد تحسن فرص الخروج من الأزمة.


    وعلى الرغم من الغموض الذي يلف الاتفاق الذي توصلت إليه دولتا السودان وجنوب السودان في الرابع من الشهر الجاري حول تقاسم عائدات نفط الجنوب، وما تعرض له الاتفاق من انتقادات، إلا أن الاتفاق يبقى اختراقاً كبيراً باتجاه حسم الخلافات. ذلك أن النفط ظل نقطة الخلاف المحورية التي فجرت وغذت بقية الخلافات بين الطرفين، بداية من الخلاف حول عائدات النفط عقب انفصال الجنوب في التاسع من يوليو العام الماضي. عندها أصبحت كل عائدات النفط تدفع مباشرة لدولة الجنوب بدون التوصل إلى اتفاق حول نصيب السودان منها، بعد أن كانت العائدات تدفع للسودان، وكان نصيب الجنوب منها 50% بمقتضى اتفاقيات نيفاشا. ومع اقتراب نهاية عام 2011، وبداية تأثر الاقتصاد السوداني بانقطاع عائدت النفط، هددت الحكومة السودانية باقتطاع ما تراه نصيبها من العائدات عيناً من نفط الجنوب وبيعه لحسابها. وقد ردت حكومة جنوب السودان بإيقاف ضخ النفط تماماً في يناير 2012.
    تصاعدت الأزمة عقب ذلك، وكان من عواقبها وقف تصدير المشتقات البترولية للجنوب، والمضي قدماً في قرار إبعاد الجنوبيين من الشمال. ردت حكومة الجنوب بتصعيد الدعم للحركات المتمردة في الشمال، ثم بالهجوم المباشر على بعض الحقول النفطية في الشمال. أعقب ذلك تصعيد متبادل، تمثل في قيام الشمال بإيقاف كل التجارة مع الجنوب، مما سبب أزمة كبرى في مناطق عدة في الجنوب بسبب الاعتماد على الواردات الغذائية من الشمال.


    من هنا يمكن أن يقال أن خلاف النفط هو أس كل الخلافات، مما يعني أن تجاوزه قد يفتح الباب لمعالجة البقية. ولكن ما يعقد الأمور هو أن التوترات الأخيرة قد خلقت دايناميات خاصة بها، وعمقت الشروخ بين البلدين، كما أنها ورطت كل طرف أكثر في دعم العناصر المسلحة المعادية للطرف الآخر. وعليه فإن جهود التهدئة ونزع الفتائل والألغام أصبحت اليوم أصعب مما كانت عليه في السابق. من جهة أخرى فإن إيجاد الحلول المرضية لبعض القضايا العالقة، خاصة قضية أبيي، لا تلوح في الأفق حالياً. وهذا ينسحب على مشاكل الحدود عموماً، وهي مشاكل وقضايا تحتاج لعقود لحسمها.
    وعليه قد يكون من الحكمة تجزئة الخلافات، رغم محاذير هذا الأسلوب كما طبق في نيفاشا، وهي محاذير أشرنا إليها سابقاً. فما لا يدرك كله لا يترك جله، ومن غير العدل ترك مصير شعوب بكاملها رهينة لمسائل خلافية ذات طابع جزئي، مثل الحدود. وعليه قد يكون من المفيد للجميع إمضاء اتفاق النفط كما هو، مع عقد اتفاقيات مرحلية حول الحدود وأبيي، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مناطق النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق. ومن المأمول أن تؤدي الانفراجات إلى تحسن مطرد في علاقات البلدين تتجه معه الأوضاع إلى مزيد من الاستقرار والتعاون.


    ولا بد أن يشمل الحل النهائي ترتيب الأوضاع الداخلية للبلدين، لأن جزءاً كبيراً من الصراع له جذور في التصدعات الداخلية. فمن الصعب مثلاً فصل العوامل الداخلية من الخارجية في صراعات النيل الأزرق وجنوب كردفان. أما صراعات دارفور، فإن العامل الداخلي يظل هو الأهم. ومن هذا المنطلق، فإن التطورات الأخيرة التي شهدتها مناطق عدة في دارفور خلال الأسابيع الماضية تنذر بتدهور خطير للأوضاع هناك. فقد تعلمنا من التجربة أن حوادث محدودة قد تتحول، بسبب سوء المعالجة إلى كوارث يتسع فيها الخرق على الراقع.
    وقد بدأت تلك الأحداث من مظاهرة انطلقت في مدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، في الحادي والثلاثين من يوليو الماضي، تصدت قوات حفظ الأمن لفضها بعنف زائد على ما يبدو، حيث نتج عن ذلك مقتل 12 شخصاً وإصابة المئات. ولم تمض أيام حتى تفجرت مظاهرات أخرى في مدينة رهيد البردي في نفس الولاية، حيث قام المتظاهرون بإحراق مخازن حبوب ومكاتب حكومية في احتجاج على ما يبدو على ارتفاع الأسعار وأحداث نيالا.
    وخلال نفس الفترة، وتحديداً في الأول من أغسطس، تعرض معتمد محلية كتم في ولاية شمال دارفور إلى الاغتيال وسرقة سيارته، ووجدت السيارة لاحقاً خارج معسكر كساب للنازحين بالقرب من مدينة كتم. وقد قامت ميليشيات من القبائل العربية التي ينتمي إليها المعتمد القتيل باجتياح المعسكر الذي يسكنه نازحون من قبائل غير عربية، مما أدى إلى مقتل العشرات وتشريد كل النازحين تقريباً. ولم تكتف الميليشيات بذلك، بل قامت باجتياح ونهب مدينة كتم، والتعرض لقوات الأمن التي اضطرت للانسحاب. وقد تدخل الجيش لاحقاً في محاولة لحفظ الأمن، بينما لم تتحرك قوات اليوناميد المناط بها حماية المدنيين في دارفور لحماية المعسكر، وإنما اكتفت بإجلاء الموظفين الدوليين من المنطقة.


    الجانب الخطير في هذه التطورات هو أنها تذكر بصورة مخيفة بالتطورات التي أدت إلى تفجر أزمة دارفور في المقام الأول.
    ففي عام 2002-2003، تفجرت الأزمة في شمال دارفور عبر احتجاجات واشتباكات محدودة، وقد تحرك الوالي (الفريق ابراهيم سليمان، وهو وزير دفاع سابق ورئيس سابق لأركان القوات المسلحة) بسرعة لمحاورة كل الأطراف، والتشاور مع كل مكونات الرأي في دارفور، وتوصل إلى اتفاقات كانت ستحسم المشكلة في مهدها. ولكن بعض قيادات الأجهزة الأمنية تدخلت فاتهمت الفريق سليمان بالانحياز للمتمردين، ووعدت الرئيس بأنها ستحسم التمرد خلال أسبوع. وقد تم على هذا الأساس إقالة سليمان، وتصعيد النزاع عسكرياً، فكان ما كان.
    وهذا يذكر بحال ولاية جنوب دارفور التي كان في قيادتها حتى وقت قريب والٍ أحسن إدارتها، مهما كانت التحفظات عليه، ورضي عنه غالبية أهلها. ولكن تمت أزاحته بصورة مفاجئة في وقت سابق هذا العام، رغم أنه كان الوالي 'المنتخب'، وشنت ضده حملة إعلامية-سياسية وجهت له فيها تهم كثيرة. ثم توالت المصائب كما رأينا.


    أما قضية كتم، فهي أسوأ بكثير، لأنها تذكرنا بالورطة الكبرى التي أدخلت فيها الحكومة نفسها عبر الاستعانة بميليشيات قبلية لها ثأرات مع قبائل أخرى. وهكذا قلبت مفهوم دور الدولة من كونها الحكم الذي تلجأ إليه كل الأطراف المتنازعة، إلى أحد أطراف النزاع، أو على الأقل الانحياز لطرف دون آخر. وما يلاحظ هو أن الأطراف المعنية لم تنتظر أن تقوم الدولة بالتحقيق في مقتل المعتمد وملاحقة الجناة، بل قامت بأخذ القانون بيدها، وأخذ البريء بالمذنب، ثم التهجم على الدولة نفسها. وبسبب الوضع الذي وضعت فيه الدولة نفسها، فإنها تقف اليوم عاجزة عن أداء دورها في حماية الأبرياء والمظلومين، والتصدي لمن يرتكب الظلم.
    كل هذا يؤكد ضرورة إعادة نظر جذرية في المنهج الذي اتبع حتى الآن، حتى لا تقع الدولة كلها في قبضة الميليشيات غير المنضبطة، ويضيع معنى حكم القانون كلياً. ومن الأفضل للحكومة أن تدخل في حوار جدي مع كل القوى السياسية بهدف إخراج السلاح من السياسة وإعادة إعلاء شأن السلوك الحضاري الذي عرف به السودان وتميز به. وفي هذا المقام، فإن مبادرة حزب الأمة للحوار الوطني تصلح أساساً يمكن البناء عليه، وإن كانت المبادرة تحتاج إلى تطوير وتحسين لآلياتها. فلا يستقيم مثلاً أن يدعو الحزب كل الأطراف إلى حوار حول كل القضايا، ثم يستبق الحوار باتفاقيات ثنائية مع بعض الأطراف تحسم القضايا الخلافية بصورة ثنائية. بنفس القدر، ليس من المفيد الخوض كذلك في أمور هي قيد التفاوض بين الدولة وجهات أجنبية، لأن هذا يقوض موقف الدولة التفاوضي دون أن يؤدي إلى تقدم. ولكن من الضروري استمرار التحرك حتى يحقق مداه، ولكن مع معالجة العيوب التي يعاني منها.


    كان من المفترض أن تكون الحكومة هي التي تتصدى لطرح المبادرات، ولكن يبدو أن موقفها من الساحة السياسية، يشبه موقفها من الناحية العدلية والعسكرية. فكما تركت الساحة للميليشيات تفرض حكمها بيدها والدولة غائبة، كذلك أصبحت ساحة المبادرات مجال فراغ تضطر منظمات المجتمع المدني، وحتى الجهات الأجنبية، للتحرك لملئها.

    ' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن


    -------------------

    رحيل مبدعينا الليبراليين ونهاية حقبة؟ ..

    بقلم: صلاح شعيب


    الإثنين, 13 آب/أغسطس 2012 23:16
    S
    أسفر العقد الأخير عن رحيل مضطرد لنجوم مبدعة نقلت ساحتنا الثقافية من طور التقليد إلى الحداثة. وفي السنتين الأخيرتين، خصوصا، فقدنا رموزا مؤثرة كثيرة في كل المجالات. النجوم التي كانت تشع في سماء الإبداع السوداني ساهمت في البناء فوق ركائز لثقافة قومية، والتي هدفت إلى صوغ المعاني الحرة، وقرض النشيد الحلم، وترطيب التساكن الإجتماعي.
    إن هذه الارواح الشفافة، بتشبيه آخر، إذ هي ترحل عنا أسيانة إلى برازخها، عايشت في أواخر أعمارها التراجع الكبير للثقافة السودانية القومية التي إنبنت على تسامح الطرح، وقومية ألوانه، وحلمه النبيل. مثلما عايشت للأسف كيف أن كل هذا الغرس الذي صقلته تجارب الماضي حصدت ثمراته جماعات هوس مهجسة. إن هي إنكبت بعد تسلطها تغرس زرعها فإن هذه الجماعة ما هدفت إلا الإستئساد بمزيد من موارد البلاد.


    وهكذا تحطمت آمال المثقفين الليبراليين الذين نشدوا منذ حين يطول وطنا متآلفا بقسمات شعوبه الوضاءة، وتعدده الثقافي الحاشد بالجمال. وهكذا لم يلهم الله فرقاء الآيدلوجية القدرة على بناء نظام حكومي متين يدير الصراع السياسي وفق حسابات ديموقراطية ملهمة. وأخيرا تخثرت أعمال البلدة، وتضاءلت مساحتها. فالوطن الذي كانت إثنياته ترتجي الإسهام برصيدها الثقافي في اللوحة الوطنية التي تعكس بهاء التعدد اللساني، ونقاء السريرة الإنسانية للجهات الجغرافية، صار تحت رحمة حكمة غائبة.
    وفي ظل عدم وجود هذه الحكمة التي تتيح للمواطنين الإسهام في سقاية ورعاية شجرة التوادد القومي ذهب كل غرس ورصيد الليبراليين المثقفين، الأحياء والراحلين، في الفشل السلطوي، والتناحر الجهوي، والكسب الشخصي.


    وإذا لم يتحول ذلك التخثر إلى التبعثر، فإن هناك مساحة لعودة الروح. ولعلها تجد يوما في فكر جمال محمد أحمد، أحمد الطيب زين العابدين، مجالا لسلك الطريق القويمة. وفي أدب الطيب صالح، والنور عثمان ابكر، ومصطفى سند، ومحيي الدين فارس، وخليل عبدالله الحاج، واحات تستظل بها القلوب الصدئة التي حادت عن قيم ومواريث البلاد. وإن أمعن القلب الصدئ في الصور الدرامية لأمين محمد أحمد، والريح عبد القادر، لوجد سوحا للتعلم، وترقيق الحس، وشحذ الذهن. ولوجدت هذه القلوب أيضا في شعر سيد أحمد الحردلو، والدوش، ومحمد الحسن سالم حميد، موطئا للسودانوية التي ميزت نبل مفرداتهم، وبساطتها، وعمقها، وجزالتها. ولوجدت في موسيقى وردي، والامين عبد الغفار، وزيدان، ومحمد كرم الله، بعض الكوبليهات، واللزمات، والإيقاعات التي أنجبتها بيئة التعدد الذي يحرض على الإنفتاح لا الإنغلاق الذي ينجب التطرف.


    -2-
    وبغير أن الموت الذي يتخير الجياد صار عاملا قاصما لظهر رموزها، فإن حركة المبدعين الليبراليين التي ظلت حفية بسن ملامح القومية، والإنسانية، وتوظيف المعطيات الحضارية الإقليمية من حولنا ظلت تتعرض للتعطيل وسط منظوماتنا السياسية التقليدية.
    والواقع هكذا فإن نجا المثقفون السودانيون الليبراليون من تآمر السلط المجتمعية الذي يتقصد كبت صوتها، وإخفاء الحقائق التي تنور بها المواطن المغلوب على أمره فإن عوامل المرض الجسدي والنفسي، وغربة الروح الإبداعية عن زمان ومكان الوطن، تطبق وتنكد على حياة هذا النوع من المثقفين. وآنئذ لا يبقى أمام المثقفين الليبراليين إلا التنازل عن مواقفهم، واللوذ إلى الصمت، وترك البيات الشتوي يمرح في المخيلة الإبداعية. فكم من مثقف مبدع أثقل كاهله إرهاب وتخويف هذه السلط التي لم تطور الرؤية إزاء كل مواريث الإسلام. وكم من فنان باهر هزمه تآمر حراس القديم. وكم من الكتاب الموهوبين الذين أرهقهم ثقل صراعه مع محاولات النفي، وقتل الشخصية، فعجز عن الصدع بالحقيقة ومات دون أن يجهر بها.
    ولعل الملاحظ أن غياب هؤلاء المبدعين الكبار في كل مجالات الثقافة يأتي في ظل غياب التثاقف الذي أدى إلى بوار الإنتاج الإبداعي في مجالات عديدة. فالذين غادرونا كانت لهم مشاريعهم الإبداعية التي إتضحت بعض ملامحها برغم صعوبة الظروف التي قاسوا فيها الأمرين.


    أما الجيل الذي أتى بعد جيل الراحلين الآن فما يزال يتنكب الخطي في السير في ذات الدرب الذي ساروا فيه، وليس هناك إلا قلة قليلة تناضل لإثبات وجودها. فمن جهة عجز الكثير من المبدعين الجدد في تنمية الموروث الذي تركه هؤلاء المبدعون. ومن الجهة الثانية وصل الكثير من المنتجين الثقافيين إلى سن الأربعين دون أن يخلقوا التميز الإبداعي إللهم إلا الصيت الذي ما عاد يرتبط بقوة الإبداع. فالانترنت والفضائيات صارت مجالا لبعض المبدعين لتقديم أنفسهم أكثر من إبداعهم. ولما أصبحت منابر التواصل الإجتماعي تعلي من سقف الذين يستطيعون من خلال العلاقات العامة الظهور الدائم فضل الكثير من المبدعين العيش على الإطراء. وبالتالي ظنوا أنهم قد وصلوا إلى الشهرة ما دام أنهم يجدون فرصا لنشر صورهم ومدحا متملقا لا يحسنه النقاد التقليديون.
    الحقيقة إننا إذا أخذنا أي نموذج إبداعي لرأينا أن رواد الجيل الراحل كانوا قد شكلوا بصماتهم القوية ولما هم قد تجاوزوا الثلاثين من أعمارهم. لقد أسس الصلحي، وشبرين، وعثمان وقيع الله، في عشرينات عمرهم مدرسة الخرطوم التشكيلية التي أرست أساسا متينا لفن التشكيل السوداني مع زملائهم الآخرين. وعندما كانوا في سن العشرينات طرح النور عثمان أبكر، ومحمد المكي إبراهيم، ومحمد عبد الحي، مدرسة الغابة والصحراء وحينما وصلوا سن الاربعين توطدت أركانهم في ساحة الثقافة. بينما كان قبلهم شعراء أمثال تاج السر الحسن، والفيتوري، ومحيي الدين فارس، وجيلي عبد الرحمن، يلفتون إنتباه الساحة الثقافية المصرية بأشعارهم الموحية وهم يجدون في طلب العلم في الجامعة.


    ومن قبلهم كان معاوية محمد نور الذي توفى قبل أن يبلغ الخامسة والعشرين قد هز عرش هذه الساحة المصرية نفسها وهناك التيجاني يوسف بشير الذي مات قبل أن يصل إلى نهاية العشرينات. ثم ماذا عن إدريس جماع؟
    أما في مجال الغناء فزيدان لم يكد يبلغ سن الخامسة والعشرين وقد لحن أعمالا ما تزال قادرة على لفت إنتباه الأجيال بعد أربعة عقود من الإستماع إليها. أما وردي والكابلي ومحمد الأمين فقد كانوا حين أكملوا سن الثلاثين يملكون أجمل الأغنيات وثبتوا وجودهم وسط دهاقنة الفن آنذاك أمثال حسن عطية، وعثمان حسين، وعبد الحميد يوسف، وأبو داؤود، وأحمد المصطفى، والكاشف، وغيرهم.
    ونذكر أننا حين شاهدنا السر قدور وهو يقدم المغنيين عاصم البنا، وعصام محمد نور، والراحل نادر خضر، فقد بدا أن هؤلاء المغنيين قد دخلوا الأربعين وما يزالوا يقلدون الجيل الذي سبقهم. وذلك ما يعني أنه ليس لديهم ما يقدمونه للمستمعين. أما في مجالنا الصحفي فحدث ولا حرج فقد أسس أحمد يوسف هاشم، وإسماعيل العتباني، ومحمد الحسن أحمد، وعبد الرحمن مختار، صحفا وكانوا في العشرين من أعمارهم وحين أكملوا الأربعين من أعمارهم صاروا نجوما ساطعة في مجال الصحافة والمقال.
    وفي مجال المسرح والدرما فقد صنع المبدعون الفاضل سعيد وهاشم صديق ومكي سنادة والريح عبد القادر والخاتم عبدالله وحمدنا عبد القادر نجوميتهم الساطعة قبل أن يكملوا سن الثلاثين. أما جيلي من المسرحيين فما عاد يهتم بإمكانية خلق حركة مسرحية تبني في إرث إسماعيل خورشيد، وأحمد عاطف، ويس عبد القادر، وحسن عبد المجيد .


    لقد إنتهى الدراميون والمسرحيون إلى وراثة ساحة خالية من الاهتمام من الاجهزة الرسمية والإعلامية هذا في وقت خرج المعهد العالي للموسيقى والمسرح عشرات الدفعات. بل إن الدراما التلفزيونية التي وفرت لها الفضائيات الجديدة وقتا في البث لا تعرض علينا إلا السخر من قبائل السودان. وبنوع من الحبكة المسيخة والضعيفة تحاول تنميط أبناء المناطق في السذاجة في وقت يفرق السياسي بين مجتمعنا بمنهجية شيطانية.
    وهكذا وهكذا ستجد أن الإبداع غائب تماما في كل الساحات وأن المبدعين صاروا بلا هوية في مشاريعهم الثقافية والفنية ليس بسبب عجز في المخيلة فقط وإنما بسبب الحال المجتمعي الذي تتأثر مركباته بعضها البعض سلبا وإيجابا. فالمبدع لا يعيش في جزيرة معزولة وإنما يتاثر بما حوله من خراب وطني أو إنحطاط شكلته عوامل تاريخية ودفعت به إلى الهاوية الجماعة التي ورثت شؤون الحكم في البلاد.
    -3-
    إن المبدعين الحقيقيين الذين يمتلكون الموهبة ما يزالون هناك في كل الساحات سوى أنهم صاروا أقلية ولا يصلون إلى الجمهور كله. فجديتهم في البناء فوق مواريث إبداعية للراحلين واجهت تلك الظروف التي أحبطت صناع الحرف والنغم واللوحة وغيرهم. فالهجرة الداخلية والخارجية ضربت حركة الإبداع الليبرالي وبسبب توطن البيئة الثقافية على ضعف قيمة الأعمال الفنية لم يجد الجادون من المبدعين سانحة حرة للإبداع.


    فضلا عن كل هذه العوامل فقد تبين أن أشباه المبدعين إستغلوا الوضع وصاروا يربطون الفن بالسوق. فالغناء الجيد غير مطلوب في برنامج السر قدور ولا في تلفزيون الدولة التي هدمت بنيان اوركسترا الإذاعة ولم تبن مسرحا. وهي ذا الدولة التي ركزت على أن التنمية لا تأتي عبر المواعين الثقافية وإنما عبر بعض المشاريع التي توظف لكسب الصوت الإنتخابي المزور.
    وفي وقت نصرف فيه الملايين من الدولارات لعرض الأعمال المصرية، والأردنية، والتركية، وغيرها، فلا بد أن يكون هناك ضمور في خيالات الكاتب، والسيناريست، والمخرج. وهذا الحال قد دعى الأستاذ مكي سنادة أن يقرر الإعتزال وقاد أيضا إلى أحباط مروع لفرقة واعدة مثل (الأصدقاء) التي كانت تقدم أعمالا جيدة عبر محطة التلفزيون الأهلية في النصف الأول من الثمانينات. وكيف يمكن إيجاد إهتمام بالفلم السوداني بينما كبار مخرجينا قد هاجروا إلى الخارج منذ ثلاثة عقود. أما الذين فضلوا البقاء فلا أحد يتذكرهم أو يرى ضرورة لدعمهم ليضيفوا لأعمال سينمائية سودانية أحرزت بعض الجوائز العالمية في السبعينات والثمانينات. وأين موقع الرائدين السينمائيين جاد الله جبارة والرشيد مهدي في ذاكرة الأجيال الجديدة؟
    إن وزارة الثقافة والإعلام التي يضطلع بمسؤوليتها الأستاذ السمؤال خلف الله لم تسطع حتى الآن الإهتمام بإصدار مجلة ثقافية وإن كانت سنوية. ولعله ليس من أولياته أيضا إعادة إصدار مجلة الصبيان التي تعرف أطفالنا بوطنهم المتعدد القسمات. فالوزراة مهمومة بإقامة الحفلات والمهرجانات الغنائية التي تخدم السلطة ولا تفكر في الإستفادة حتى من تجربة مايو والتي بجانب مهرجاناتها الموظفة أولت بعض الإهتمام بالنشر الثقافي، والترجمة، وحملات التنقيب لحفظ التراث في مختلف بيئات السودان.


    وإذا سألت عن دور الجامعات التي تعتبر موائل للثقافة والبحث فإنها لا تهتم بوضع ميزانيات للإهتمام بالعمل الثقافي كما هو شأن الجامعات من حولنا. بل إن هذه الجامعات لا تقدم مؤتمرات وندوات تعين الجهاز الحكومي حول القضايا الجوهرية التي تمسك برقاب المجتمع. ولقد وجدنا أن دور الجامعات والمراكز البحثية في كل البلدان هو مساعدة صناع القرار عبر الورش الفكرية التي يتعهدها أكاديميون يوجهون الدعوات لباحثين مرموقين لتناول المواضيع الإستراتيجية التي تفيد وزارات الإقتصاد، والدفاع، والداخلية، والخارجية. وللأسف أن جامعة رائدة مثل جامعة الخرطوم تهدمت بناياتها الفكرية والثقافية ولقد تم إستهداف دار نشرها منذ الوهلة الأولى للإنقلاب. وكانت جامعة الخرطوم تشجع الروائيين، والباحثين، والنقاد، وبقية المبدعين بنشر إنتاجهم المحكم. فضلا عن ذلك كان يقيم دار النشر التابع للجامعة (معرض المليون كتاب) الذي تصاحبه فاعليات ثقافية يدعى لها أمثال أدونيس، ومحمود درويش، وسعاد الصباح، وكبار المبدعين من العالم العربي.


    لقد حطم النظام مواعين الفكر والثقافة الليبرالية وإستعاض بمؤسسات تابعة له بيد أن كلها قد فشلت ذريعا في خلق حركة ثقافية بديلة لحركة المثقفين الليبراليين. وبالتالي صار حال الثقافة الرسمية في السودان معبرا عن حالة الضياع العام. أما القطاع الثقافي الخاص فقد هاجرت سدنته إلى الخارج يحيطهم الأحباط، والسأم، واليأس، والضجر النفسي من كل حدب وصوب. أما البقية الباقية في الداخل فقد تخطف الموت جيادها.
    salah shuaib [[email protected]
                  

08-15-2012, 06:41 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الاستثمار في الدمار والفوضى .. بقلم:

    د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
    الثلاثاء, 14 آب/أغسطس 2012 19:38

    ما ان هطلت الأمطار في خريف حقيقي حتى حل الدمار بالبلاد وتساقطت منازل وضاعت ممتلكات ، والأسوأ أن أروحا عزيزة لا تقدر بثمن ولا تعوض قد أزهقت.تحولت الخرطوم الي مجموعة من البرك والمستنقعات الراكدة تحركها المطرة التالية بينما تعوم فيها أكوام الأوساخ والنفايات وأصبحت بذلك مزارع خصبة لتوالد الناموس والذباب والحشرات مصحوبة بجوقة من الضفادع الصادحة المنتشية. ما يسمي مجازا بالشوارع تحول الي جداول تجري فيها المياه عند هطول الإمطار وتتكوم في منتصفها وأطرافها بعدما تتوقف. كان مصير الشوارع التهتك والذوبان في أنحاء كثيرة كأكوام من الزبالة الهشة.حتي اكبر الشوارع مثل المطار، أفريقيا، الستين ، عبيد حتم وشارع النيل لم تشكل استثناء، أما الشوارع الصغيرة فقد ضاعت معالمها في المياه وأصبح الخوض فيها مغامرة تغني هواة المغامرات من البحث عن أدغال لممارسة هواياتهم.


    لا علم لي بعاصمة تغوص في الأوحال والنتانة من أول مطرة تصب عليها وتبقي كذلك الي ان تخلصها الشمس بقدرة إلهية من عذابها، إذا وجدت مثل هذه العواصم فهي تعد علي أصابع اليد الواحدة وتلتحق بمدن الملح والمستنقعات في قصص ماركيز. لكن ما كان لتلك المدن ليل يغني عليه كما كانت الخرطوم قبل عقود من الزمان.
    في زمان (الطفرة البترولية) – وطفرة هذه شائعة الاستخدام في الخطاب الإعلامي السوداني الرسمي حتى لتعتقد ان السودان هو جمهورية الطفرات- كانت 3 مليارات من الدولارات تكفي لإقامة شبكة متكاملة من الصرف الصحي ومجاري المياه تكفي لإلحاقها بركب المدن المتحضرة ولاستيعاب مثل مياه هذه الأمطار عشرات المرات، إضافة لشبكة حديثة من الطرق والجسور والممرات لتؤسس لبنية تحتية لمدينة متعددة الملايين وتجوب طرقاتها ملايين السيارات يوميا، إلا ان شيء يقترب من ذلك لم يحدث، كما لا أفق لحدوثه في الأمد المنظور، وهنا تبدو مشكلة حقيقية لن تجدي معها عربات النفايات وبضعة طلمبات للشفط وعدد من آليات الردم.بذلك تبقي الخرطوم كائن متضخم بدون مقومات للتمدن او التحضر. لكن لماذا لم يحدث ذلك؟


    للإجابة علي السؤال أعلاه يجب البحث عن جدوى الدمار والفوضى التي تحدث جراء الأمطار. سيحتاج الأمر لكميات من مواد البناء وتشغيل شركات التشييد والترميم. من الذي سيقوم بالتنفيذ؟ ومن إي موارد سيتم الشراء؟ومن الذي سيدفع الثمن؟ ما هي تكلفة صيانة المركبات العامة والخاصة ؟ كم من قطع الغيار يلزم شراؤها؟ وما هي تكاليف الصيانة؟ من الذي يكسب ومن هو الخاسر؟هذا الاحتمال ليس غريبا او جديدا علي السودان فهناك الكثير من أبناء الأرياف علي قناعة بان التقاعس عن إرساء بنيات تحتية ناتج عن الطمع في مكاسب الاحتكار والتخزين لموسم الخريف عندما تتقطع الطرق وترتفع الأسعار إضعافا لتحقيق إرباح تفوق بكثير ما كان يمكن جنيه في الظروف الطبيعية، هذه ليست أسطورة عند أهلنا في مختلف أقاليم السودان وإنما حقيقة راسخة، لكن الجديد في الموضوع أنها أصبحت ظاهرة شاملة تجمع الريف والحضر.



    الجانب الثاني في جدوى هذا الاستثمار هو التكاليف غير المباشرة وأولها تكلفة المرض. ستنتشر إمراض التلوث والملاريا وسيتجه من تبقي لديهم شيء من دخولهم الي العيادات والمشافي الخاصة ، لان العامة لا تلبي الطلب.سيدفعون تكاليف المقابلات والفحوص الطبية وسيجاهدون للحصول علي الدواء وشراء ما استطاعوا إليه سبيلا. كم هي تكلفة العلاج وما هي تكاليف الغياب عن العمل؟ ما هي تكلفة تغيب التلاميذ عن المدارس؟ما هي تكلفة تأثر المدارس وعدم تمكن المعلمين عن الحضور؟ كم تبلغ تكلفة الفاقد في التعليم؟كم تبلغ تكاليف الأعمال الخاصة الصغيرة المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن تضرر المنتجات خاصة الزراعية وعن تعطل وسائل النقل وانعدام التخزين المناسب؟. كم تبلغ تكلفة المنازل المنهارة والمتصدعة؟ الكثير من المنازل البسيطة تتم إعادة بنائها او صيانتها بالمجهود الذاتي وبمواد أولية لكنها تكلف أصحابها الكثير من الجهد وفقدان أيام من العمل الموجه لأكل العيش، وهذه تكاليف إضافية.
    ان الإنسان في السودان ليظل يحلم طيلة عمره بحياة طبيعية بسيطة ينعم فيها بالأمان ولقمة العيش الكريم ويمارس فيها إعماله بساعات عمل معلومة وساعة عودة الي البيت بمواصلات منسابة ليتناول وجبة عادية مع أسرته.يحلم بان يجد الماء والكهرباء وان يسير في الشوارع لزيارة الأهل والأصدقاء ، حياة عادية جدا بسيطة جدا بشكل طبيعي دون خوف أو غم. أما ان يحلم مثلا بالتمتع بعطلة ما وصحبة أسرته إلي مكان للاستجمام حتي ولو كان في قرية سودانية نائية هادئة تتوفر فيها الخضرة والهواء النقي ، فهذا يبدو من المستحيلات. لن نخوض في العطلات التي ستدخلنا فيما يسمي بالفقر السياحي الذي سيكون نسبته قريبة جدا من 100% اما بسبب فقر حقيقي كما هو حال الغالبية المطلقة او بسبب الفقر الثقافي لمن تتوفر لديهم الموارد وهؤلاء تحوم نسبتهم حول ال 1% من سكان السودان. إذن دعونا في تكاليف المعيشة التي ستضاف إليها تكلفة المبيدات الحشرية وتلوث الهواء. هناك بالتأكيد من يربح من الفوضى والدمار ، لكن من الذي يدفع الثمن؟
    hassan bashier [[email protected]]


    ------------------

    المجاعة قادمة لاريب في ذلك
    Updated On Aug 13th, 2012

    سليمان حامد

    قالت منظمة الفاو في يناير 2012م إن استهلاك السودان من الغذاء في العام يقارب الستة مليون طن. بينما لن يتجاوز إنتاج الزراعة في هذا العام 2.5 مليون طن.

    وهذا استنتاج طبيعي لما تعانيه الزراعة بوجه خاص من جراء سياسات الدولة الاقتصادية التي اهتمت طوال السنوات الماضية بمنتجات التصدير مثل البترول وعباد الشمس والسكر وأهملت أهمالاً تاماً إنتاج الغذاء لشعب السودان والأرقام الدامغة من وثائق الدولة نفسها تؤكد ذلك.
    فإنتاج الذرة في عامي2009-2010 هبط من 4.1 مليون طن متري إلى 2.6 مليون فقط. وتدنى إنتاج الدخن من 630 ألف طن إلى 471 ألف طن وتراجع إنتاج القمح من 641 ألف طن إلى 403 ألف طن ونزل إنتاج الفول السوداني من 318 ألف طن إلى 248 ألف طن بينما هبط إنتاج السمسم من 318 ألف طن. وتواصل هبوط إنتاج هذه السلع الضرورية في حياة المواطن في عام 2011م.

    وتشير التقارير الواردة من كافة المناطق الزراعية ومن بينها القطاع التقليدي الذي كان يفوق إنتاجه 75% من هذه المحاصيل إلى ما يقرب من اللا شيء. فعلى سبيل المثال أوردت صحف هذا الأسبوع الوضع المأساوي الذي تعيشه معظم المشاريع المروية ومناطق الزراعة التقليدية وما تواجه من دمار شامل. فرئيس اتحاد مزارعي الفاو أحمد العربي يؤكد أن 7 الآف فداناً مزروعة ذرة قد دمرت دمارا تاماً في مشروع الرهد، وإن 2 ألف فدان زرعت فول سوداني جرفتها مياه الأمطار والسيول، وإن كل المزارع البستانية التي تنتج كافة أنواع الخضروات قد أتت عليها الفيضانات ولم يتبق منها شيء.

    كذلك أوردت الصحف إن مشروع حلفا الجديدة قد قضت السيول على معظم أراضيها وإنه مهدد بالغرق التام، نتيجة لكسر مياه السيول والأمطار للترعة الرئيسية(الميجر). ونتج عن ذلك اجتياح المياه لمئات المنازل ودمارها دماراً تاماً. وقد أكد احتمال غرق المشروع عاملان. الأول إن الوالي لم يستطع تفقد المشروع إلا بواسطة طائرة مروحية، لأنه لا سبيل لسير العربات أو التركترات أو الشاحنات. والثاني: إن المواطنين يتفقدون بعضهم في القرى المدمرة أو لقضاء حوائجهم بواسطة عشرة مراكب أرسلت لهم من الخرطوم.

    و الوضع أبشع من ذلك في مناطق القدمبلية والشوك ومعظم مدن وقرى ولاية القضارف التي تعتبر أكبر منتج للذرة والسمم والدخن والفول السوداني. وجميعها طردتها أو جرفتها مياه السيول والفيضانات.

    وتعيش معظم المشاريع الزراعية في ولاية الخرطوم ذات المأساة بما في ذلك المزارع والمشاريع التي تقع على ضفاف النيل، وهي التي تُمِدُ معظم سكان العاصمة بالخضروات اليومية. ولهذا نجد إن أسعار جميع الخضروات قد ارتفعت بصورة خرافية. فكيلو الطاطم وصل سعره 22 جنيهاً وتضاعفت بنسبة أكثر من 100% معظم أسعار الخضروات الأخرى.

    أما في منطق الغرب وعلى سبيل المثال ولاية جنوب دارفور فقد ارتفع سعر جوال الدخن إلى 750 جنيها بدلاً من 450 جنيها وجوال الدقيق 350 جنيها بدلا من 150 جنيها وكيلو الأرز من عشرة لأكثر من عشرين جنيهاً.

    ماذا تتوقع حكومة المؤتمر الوطني القابضة على السلطة طوال ما يقرب من ربع قرن من الزمان أن تكون حال الزراعة في البلاد، وهي لم تضع في موازنة 2012م جنيهاً واحداً للزراعة.

    لقد كانت البلاد في عهد الانقاذ تسير مثل الأمطار في طريق منحدر نحو المجاعة، بسبب انعدام أي خطة للزراعة. وكل ما قيل عن النفرة الزراعية التي تحولت بين عشية وضحاها إلى نهضة زراعية وضعت لها مئات الملايين لم تذهب للزراعة ولا لصيانة الترع الجانبية والرئيسية ولا تمتين الجسور لوقاية المشاريع. بل دخلت في حسابات حفنة من الرأسماليين الطفيليين في البنوك المحلية والعالمية.

    ولم تضع الحكومة أي تحوطات لما سيحدث في الخريف ـ وهو معلوم الموعد ـ كل المناطق التي غمرتها السيول تتكرر في معظمها هذه المأساة سنويا ولا تحرك الحكومة ساكناً لدرئها عدا محاولات بائسة لتبرئة الذمة برهنت إنها لا تقوى ولا تصمد أمام أي زيادة في معدلات الأمطار. ومع ذلك لا يتم تعويض الأهالي التي تسببت الحكومة في جلب هذه الكوارث لهم. فعلى سبيل المثال لم يعوض سكان الجيلي منذ عام 1990 كذلك ضحايا نهر القاش في كسلا في الأعوام الأخيرة ولم تسهم الحكومة في رفع الضرر عنهم ولو بجنيه واحد.

    الآن مئات الآلاف في العراء وسط المياه الراكدة الآسنة ومعظمهم مزارعون فقدوا محاصيلهم ومنازلهم وكل مقتنياتهم على بساطتها وشحها، فكيف تتوقع السلطة من هؤلاء أن يعيدوا دورة الإنتاج لما اندثر من حبوب وسماد وغيرها وهم لا يملكون شروى نقير.

    وحتى لو جفت الأرض، وهذا احتمال غير وارد الآن ولا بعد شهرين لأن كل أجهزة الارصاد ومحطاته والأقمار الصناعية، تؤكد استمرار المزيد من الأمطار وارتفاع نسبة الفيضان في جميع المحابس وتمطر السحب المشبّعة في الهضبة الاثيوبية.

    كل ذلك يؤكد الفشل التام للموسم الزراعي في أهم مناطق الإنتاج. لهذا فإن المجاعة ستداهم معظم مناطق السودان. لأن السلطة لا تستطع شراء السلع الضرورية لأهل السودان بوضعها الاقتصادي المنهار، والذي نتج عن الخصخصة ونهب أموال الدولة وتهريب معظمها إلى الخارج والإصرار على اتباع سياسات تحرير الاقتصاد ومواصلة الخصخصة واستشراء الفساد.

    وهى في نفس الوقت ترفض كل الحلول التي قدمتها قوى المعارضة، والتي كانت من الممكن أن تخرج البلاد من أزمتها الشاملة.

    هذا النظام لن يحل المشاكل والكوارث وما استفحل منها بسبب الفضيانات والسيول التي أهمل معالجتها. ولهذا فهو يزيد ويفاقم من معاناة الشعب السوداني، ويعيد إنتاج الأزمة بأقبح مما كانت عليه.

    ولهذا، لا خلاص للبلاد من محنتها وكوارثها، إلا بذهاب هذا النظام الذي أذلَّ شعب السودان واهلكه جوعا وغرقا في السيول، وقضى على كل ما ادخرته كل أسرة في نضالها من أجل الحياة والبقاء آمنة مستقرة الحال
                  

08-15-2012, 05:06 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الشعب يريد أن يعلم من يحكمه اليوم؟
    سعاد ابراهيم عيسى

    المعروف والمألوف أن أية حكومة، منتخبة كانت أو غير ذلك، تظل هي المسؤولة عن إدارة شؤون الحكم ببلادها. وهى التي ستتحمل نتائج حكمها قدحاً أو مدحاً. ولا يعنى ذلك أن تصم الحكومة أذنيها وتغمض عينيها عن سماع ورؤية ما يرى الآخرون، بل لا بد من اعتبار كل ذلك ولكن بمقداره وفى وقته وبقانون. فالدول المتقدمة عادةً ما تلجأ إلى استخدام قياس رأى الجمهور بالنسبة للقضايا التي تهمه، لمعرفة اتجاهاته التي بموجبها يتم التصرف. وبما أننا لا نعطى مثل هذه الطرق العلمية كبير اعتبار، فقد أصبح تحديد اتجاه الرأى لدينا، كثيرا ما يحدده الصوت الأعلى الذى يجد طريقه سالكاً لطرق آذان المسؤولين، وان كان للأقلية القليلة من المواطنين.


    أعتقد أنه من بين المشكلات التي تواجه نظام الحكم بالسودان حالياً، والتي قام بخلقها بمحض إرادته، هو فتحه الباب على مصراعيه لكل من يريد أن يبدي الرأي حول أية خطوة تخطوها في أي أمر وفى أي اتجاه، أن يفعل، ليس ذلك فحسب بل وسمح لتلك الآراء، خاصة المعارضة منها، أن تجد حظها في التأثير على رأي السلطة وتطويعه للاتساق مع ما ترى. حتى أصبح المواطن صاحب الحق الأول في إبداء الرأى حول كل القضايا التي تهمه وتتصل بحياته، باعتباره المستفيد الأول من حسم أمرها والمتضرر الأكبر من تعثرها، أصبح متفرجاً على ما تعج به الساحة من آراء معارضة وأخرى معارضة لها، ودون ان تلتفت أي من الفرق المتعاركة إلى رأيه ورؤيته حول ما يعتركون حوله.


    فقد بدأت مشكلة التدخل المباشر في شؤون الحكم من خارج إطار سلطاته، بعد توقيع اتفاقية سلام نيفاشا. فقد اتضح حينها، أن هنالك من يعارضون ذلك الاتفاق، من بين صفوف الأحزاب المعارضة بسبب عدم إشراكها في المفاوضات التي قادت إليه، لكن المدهش المجموعات الأخرى والمعارضة للاتفاق ولكنها من بين صفوف ذات الحزب الذى توصل إليه، وفى ظاهرة هي الأولى من نوعها أن تتم معارضة النظام من بين كوادره وعلناً وعلى رؤوس الأشهاد. فجماعات الرفض الحكومية هذه وبعد أن شعرت بأن السلطة ولسبب نجهله، لا تقف في وجه معارضتها لها، ولا تعمل على كبح جماحها عندما يتعدى تأثير معارضتها حدود السلطة ليصيب الوطن والمواطن، فقد شجعها كل ذلك على توسيع دائرة معارضتها، بإغرائها آخرين لاعتناق مذهبها.
    وقد أخذت أعداد هذه المجموعات المعارضة في التزايد، وأساليبها في التنوع، ومن بعد خطورتها في التنامي، بعد أن انضمت إليها مجموعات دينية عملت على إلباس معارضتها ثوب الدين الذى يصعب الاعتراض عليه. ومن ثم أدخلت السلطة التي مكنت لها في حرج، بين أن تمضى في تنفيذ خططها وفق ما رأت ولخدمة أهداف حكمها، أو أن تستجيب للرأي المعارض بعد أن تدثر برداء الدين حتى إن تسبب في إفشال خططها وتحطيم أهدافها؟ ومازال الشعب السوداني يجهل السبب الذى جعل الحكومة تسمح لهذه المجموعات المعارضة كي تنمو وتترعرع تحت سمعها وبصرها، حتى خرجت عن طوعها وبلغت مراحل فرض رأيها عليها. ولم يضعف موقف هذه الحكومة أمام هذه المجموعات المعارضة، أكثر من الأصوات أو الآراء المؤيدة لتلك المجموعات والتي تصدر من بين كوادر الحكومة ومن داخل محيط حزبها. وفى هذا اكبر دليل على أن المؤتمر الوطني، إما انه لا يلزم الأقلية من كوادره باحترام رأى الأغلبية والامتثال له، أو انه لا يعنى بأمر الشورى، شعارهم المحبب، مما يجعل لمن لم يستشر حق الاعتراض على الامر الذى لم يستشر فيه.


    فما أن بدأت خطوات تطبيق اتفاقية السلام، حتى بدأت الأقلام والأصوات الرافضة لها من بين كوادر المؤتمر الوطني بالذات، في الكشف عن نفسها بل والإعلان عن عزمها الوقوف في وجهها بل وشن الحرب ضدها، ودون أن نسمع بأن هنالك أي اعتراض من جانب السلطة على مثل تلك الممارسات حتى ظن البعض أن تلك المعارضة تتم بمباركة من جانب ذات السلطة. حتى أدى التغاضي عن خطط وبرامج وممارسات المعارضين، إلى تناميها وتطورها حتى حققت أول نجاحاتها بأن جعلت الوحدة بين شمال وجنوب البلاد طاردة، ومن بعد كللت ذلك النجاح بنجاحها الأعظم عندما قادت معارضتها إلى انفصال الجنوب، بكل تبعاته المأساوية التي يكابدها الشمال، الذى بجانب خسارته لثلث مساحته بسكانها، فقد خسر عائدات النفط التي اعتمد عليها كثيراً عندما كانت ميسرة له، في ظل السودان الواحد المتحد.


    والحكومة وهى تحاول أن تخرج المواطن من المآزق التي أدخلته فيها، وعلى رأسها الحروب التي اشتعلت نيرانها بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إضافة إلى الضائقة الاقتصادية التي تزداد ضيقاً كلما اتسعت دائرة تلك الحرب، كنا نعتقد أنها ستجعل من الوصول إلى ذلك الهدف غايتها، التي لن تسمح بأن تقف في طريق تحقيقها أية عثرة. وكم استبشر المواطنون خيراً عندما سلكت الحكومة طريق التفاوض في تحقيق ذلك الهدف، فأرسلت وفدها برئاسة د. نافع للتفاوض مع عقار بأديس أبابا، وكم تفاءل المواطنون عندما توصل المتفاوضون إلى اتفاق لو تم قبوله حينها، قطعاً لكفى المؤمنين شر القتال الذى مازال دائراً حتى اليوم. غير أن ذلك الاتفاق قد تم وأده في مهده، عندما رفضته قيادة الحزب ولحقت بها جماهيره، إضافة إلى جماعات الرفض الأخرى التي لا ترى في أي اتفاق مع الحركة الشعبية الأصل كانت أو الفرع، اى خير يرجى للوطن أو المواطن، ومن ثم ازدادت نار الحرب اشتعالاً، حتى أوشكت أن تقضى على أخضر ويابس تلك المناطق، ومن بعد على أمن وسلامة مواطنيها،


    وقد تلاحظ أنه ما أن بدأت المفاوضات بين وفدى حكومتي الشمال والجنوب بأديس أبابا حول مختلف القضايا العالقة بينهما، حتى تأهبت جماعات الرفض بشقيها من داخل وخارج الحكومة، ونشطت لرفض ما يصلون إليه من اتفاق قبل معرفة خيره أو شره. فهؤلاء يرون أن مجرد فكرة التفاوض مع قيادات الحركة الشعبية، تعتبر مرفوضة في حد ذاتها، والغريب أن الرافضين لأي طريق تسلكه الحكومة لأجل الوصول إلى معالجة أي من القضايا العالقة بينها وحكومة الجنوب، وهى المعالجات التي تنتظرها جماهير الشعب السوداني على أحر من الجمر، فإنهم اى الرافضين، لا يشيرون إلى أي طرق بديلة للمعالجة وكأنما الرفض غاية في حد ذاته.

    وعندما لاحت بوادر انفراجة عبر تلك المفاوضات وبعد شد وجذب وجهد ومجاهدة، فأعلن المفاوضون توصلهم لاتفاق اطارى حول الحريات الأربع، التي متى تم اعتمادها والعمل على تطبيقها ستخدم مواطني الشمال والجنوب على حد سواء، لكن وقبل أن يجف المداد الذى اختط به ذلك الاتفاق، هبت أعاصير الرفض عليه من كل جانب. إذ لم ير المعارضون في ذلك الاتفاق إلا الجانب الذى سيخدم مواطني الجنوب، ومن ثم فليذهب بما به من فوائد لمواطني الشمال إلى الجحيم لا يهم، كما وانفتحت أبواب جهنم من النقد على المفاوضين من وفد حكومة الشمال، حتى تعدى ذلك النقد حدود اللياقة والكياسة في وصفه للمفاوضين، وفى الوقت الذى كان يفترض تقديم آيات الشكر لهم.


    ثم برزت مشكلة النفط وتصديره عبر الميناء بالشمال، حيث اختلف القوم حول السعر الذى يرضى الجانبين، ومن بعد تمترس كل جانب عند السعر الذى قرره، والنفط كما يعلم الجميع هو أم المشكلات التي يعايشها الجانبان، إذ بسببه دخلت الحكومتان بالشمال والجنوب في المأزق الاقتصادي الذى يواجهانه اليوم. وكالعادة عندما قررت حكومة الشمال ان ترسل بوفدها للتفاوض حول ملف النفط وغيره من الملفات الأخرى، لم يترك للمفاوضين فرصة الوصول إلى غاياتهم من التفاوض، بل تفسح المجال لغيرهم كي يدلوا بدلوهم في مسيرته، خاصة أولئك الرافضين لفكرته من أساسها، وبالطبع فإن للحركة الشعبية جماعات رفضها هي الأخرى، التي تلعب دورها الموازى لجماعات الشمال، مما يزيد الموقف تأزماً، وما أن هددت حكومة الشمال بإغلاق الأنبوب الذى سيعبر به نفط الجنوب إلى الميناء للتصدير، حتى سارعت حكومة الجنوب برد التحية بأحسن منها، فأعلنت عن إغلاق آبار النفط ذاتها، وبموجب هذه المبارزة بين الحكومتين وصقورهم، تم إغلاق شرايين اقتصاد الدولتين حتى أوشك ان يقضى عليهما معا.


    وعندما أفلح الجانبان في التوصل إلى اتفاق حول هذا الملف الشائك، ملف النفط، ولا يهم ان تم التوصل إلى ذلك بإرادة وفدى الدولتين أم بدفع من غيرهم، كل الذى يهم الشعب السوداني هو أن النفط سيعود إلى مجاريه السابقة، وبموجب عودته للجريان سيبدأ الاقتصاد السوداني في استرداد بعض من عافيته، التي لابد أن تسمح باسترداد بعض من عافية اقتصاد المواطن أيضا، أو هكذا يجب أن يكون. هذا الاتفاق رغم انه مازال حبراً على ورق، فإنه لم يمنع جماعات الرفض من أن تشرع في رفضه والبحث عن كل ما يعيبه لتبرير ذلك. ولو سئل هؤلاء الرافضون عن وسيلة أخرى تمكن المواطنين من عبور النفق الاقتصادي الذى حشروا فيه، والذي يزداد ضيقاً يوماً بعد يوم. فلا أظنهم يملكون لغير هذا الاتفاق بديلاً. أما بعض قيادات المؤتمر الوطني التي ظلت تردد وتكرر بأن هذا الاتفاق لن يجد طريقه للتنفيذ ما لم يتم حسم الملفات العالقة الأخرى، فكأنما هي تريد أن تعلن أن قيادات وفدها التي فاوضت وتوصلت لتلك النتيجة، إما أنها غير مفوضة بصورة كاملة لتصل إلى ما تراه صواباً، أو أنها غير مدركة لكيفية ترتيب أولوياتها فيما يجب الاتفاق عليه.. فكل الذى يتمناه المواطن الآن هو ان يصمد هذا الاتفاق حتى يتنزل واقعاً على الأرض، وألا يلحق باتفاقيات سبقته، قتلتها كثرة الآراء والأفكار التي أخذت تصطرع حولها حتى قضت عليها.


    ثم أطلت علينا الدعوة للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، وبصرف النظر عن إطار التفاوض وغاياته.
    أما أمر أن تصبح الحركة الشعبية قطاع الشمال حزباً سياسياً قائماً بذاته ومتحرراً من الحركة الشعبية لتحرير السودان، فلا أرى اى سبب يمنع ذلك متى استجاب قطاع الشمال لكل مطلوبات الأحزاب السياسية بالشمال. أما جماعات الرفض التي ترى غير ذلك وتمنع قطاع الشمال من حقه السياسي بحجة أنه سيخرج من رحم الحركة الشعبية لتحرير السودان، وسيحمل أفكارها وايديولوجياتها لتطبيقها في الشمال، هو اعتراض لا نجد ما يبرره، والسودان يعج بالأحزاب الخارجة من رحم أحزاب أخرى خارجه، وحاملة لايديولوجياتها. فدونكم الحزب الشيوعي شيخ الايديولوجيات الوافدة، ومن بعده أحزاب البعث كانت عراقية أو سورية، ثم الحزب الناصري وجذوره بمصر، بجانب حركة اللجان الثورية القادمة من ليبيا. ففي وجود كل هؤلاء ما الذى يمنع قيام حزب باسم الحركة الشعبية قطاع الشمال وأصله بالجنوب؟
                  

08-15-2012, 05:48 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)


    السُّودَانَان: مَرْحَبَاً بِاتِّفَاقِ النَّفْطِ .. وَلَكِنْ!

    .. بقلم: كمال الجزولي


    الثلاثاء, 14 آب/أغسطس 2012 19:43

    لم تكْفِ "السُّودانَين" الأشهر الثلاثة التي أمهلهما لها مجلس الأمن، ما بين الثاني من مايو والثاني من أغسطس 2012م، كي يسوِّيا نزاعاتهما كافة، فإذا بمفاوضاتهما في العاصمة الإثيوبيَّة لا تبلغ، حتى بعد تجاوزهما القيد الزمني، وممارسة الضغط الدَّولي عليهما في اللحظات الأخيرة (السُّوداني؛ 1 أغسطس 2012م)، أبعد من محض اتفاق مبدئي ملتبس، بالأحرف الأولى، حول تصدير نفط الجَّنوب عبر أنابيب الشَّمال وموانئه، بينما أرجئ التَّوقيع النِّهائي عليه لحين استئناف المفاوضات في السَّادس والعشرين من أغسطس الجَّاري. مع ذلك انتعشت الآمال في اتِّفاقات أكثر سلاسة حول الملفَّات العالقة الأخرى (قناة الجَّزيرة؛ 9 أغسطس 2012م)، بينما تزحزح الجِّنيه نحو وضعيَّة أفضل في سوق الخرطوم الموازي (السُّوداني؛ 7 أغسطس 2012م). غير أن السَّذاجة وحدها هي التي يمكن أن تجعلنا نشتري فكرة أنَّ هذا الانتعاش في الآمال وفي وضعيَّة العملة الوطنيَّة هو شئ أكثر من محض الاستبشار بنبأ سعيد! أما صدقيَّة النبأ نفسه، في معنى أن هذا الاتِّفاق سيصمد في وجه الرِّيح، أو أن "السُّودانَين"، بموجبه، قد فرغا، حقاً وفعلاً، من وضع أقدامهما على الطريق الصَّحيح لتسوية نزاعاتهما، فتلك مسألة مشكوك فيها!

    (1)
    وكان مجلس الأمن الدَّولي قد أصدر، بالإجماع، القـرار رقم/ 2046، متبنِّياً، بشأن هذه النِّزاعات، خارطة طريق كان أحالها إليه مجلس السِّلم والأمن الأفريقي، بقراره الصَّادر في الرَّابع والعشرين من أبريل 2012م. ورغم تشابُه القرارين فإن القرار الدَّولي تميَّز بصرامة قيوده الزَّمنيَّة المضروبة لوقف العدائيَّات، وتفعيل آليَّات أمن الحدود، والدُّخول، بلا قيد أو شرط، في مفاوضات على كلِّ المحاور، شاملة النَّفط، وترسيم الحدود، والوضع النِّهائي لمنطقة "أبيي"، وحقوق رعايا كلِّ دولة لدى الأخرى، بالإضافة لوجوب تعاون حكومة السُّودان وقطاع الشَّمال مع الإيقاد حول التَّرتيبات الأمنيَّة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحول تيسير وصول العون الإنساني لهما. فإنْ لم تبلغ هذه المفاوضات اتفاقيَّات نهائيَّة حول كلِّ هذه القضايا خلال المهلة المحدَّدة، فإنَّ المجلس سيطلب من الأمين العام تقريراً حول الوضع؛ وليأذن، حينها، الطرف الذي يعيق هذه الخارطة بعقوبات تحت المادة/41، ضمن الفصل السَّابع من ميثاق الأمم المتَّحدة!
    لقد خسر السودان، ضمن الكثير الذي خسر بانفصال جنوبه، 75% من الثَّروة النَّفطيَّة التي كان يملكها موحَّداً، وهي النسبة الموجودة، أصلاً، ضمن حدود الجَّنوب الإداريَّة سابقاً، والدَّوليَّة حاليَّاً، بحيث لم يعُد استحقاق السُّودان فيها يتجاوز، بعد الانفصال، ما يقابل كلفة عبورها في أنابيبه، وتصديرها من موانئه. لكن تقدير هذه الكلفة ما لبث أن فجَّر، فور الانفصال، خلافاً بين الدَّولتين، حدَّ عودة شبح الحرب بإغلاق جوبا آبارها في يناير الماضي!
    في نفس السياق، للمفارقة، ومع أن هذا الاتفاق غير المكتمل قد اعتبر، على علاته، خطوة باتِّجاه التَّهدئة، إلا أنه وُلد مزنَّراً، للأسف، بأكثر من حزام ناسف يكفي لتفجيره، وبالتَّبعيَّة تفجير الأمل بالتوقيع، رسميَّاً، أواخر أغسطس، بهدف استئناف الإنتاج في سبتمبر، حسب تفاؤل المصادر!

    (2)
    نماذج هذه الأحزمة النَّاسفة كثيرة في الاتِّفاق، وأولها عدم نشره، لعدم اكتمال صياغته القانونيَّة النِّهائيَّة، الأمر الكفيل، وحده، بأنْ يفتح، في وجهه، أبواب الجحيم على مصاريعها!
    خذ عندك، مثلاً، عدم وضوح الأرقام فيه على نحو قطعي، حتى الآن، اللهم إلا أن تسدد دولة جنوب السُّودان لدولة السُّودان مبلغ 3,2 مليار دولار، خلال ثلاث سنوات ونصف هي عمر الاتفاق، وذلك كتعويض له عن جزء من خسارته بخروج الَّنفط من موازنته العامَّة، فضلاً عن مبلغ مماثل كمنحة له يتعهَّد بها المجتمع الدَّولي. لكن، حتى مع هذا الوضوح، هل ثمَّة ما يضمن، في شأن الالتزام بسداد هذه المنحة، حظاً أوفر من حظوظ التَّعهُّدات الماليَّة لنفس هذا المجتمـع الدَّولي، طـوال الفترة الانتقاليَّة بموجـب اتفاقـيَّة السَّـلام الشَّـامل (2005 ـ 2011م)؟! ربَّما يكفي، في معرض الإجابة على هذا السُّؤال، ما أوردت بعض الصُّحف، مؤخَّراً، نقلاً عن دوائر دبلوماسيَّة، من أن الولايات المتَّحدة ستعمل على حثِّ مانحين سواها، كالصِّين وبعض الدُّول العربيَّة، لتحمُّل هذه المنحة، أمَّا هي فلن تساهم معهم، لكونها ملتزمة بالعقوبات ضدَّ السُّودان (فاينانشيال تايمز؛ 9 أغسطس 2012م) .. فتأمل!
    وخذ عندك، من جهة أخرى، غياب الفهم المشترك بين الطرفين بشأن استحقاق الخرطوم في الصَّادر من نفط الجَّنوب حسب هذا الاتَّفاق، بدليل أنه، وعلى حين قال العبيد احمد مروح، الناطق باسم الخارجيَّة السُّودانيَّة، إن هذا الاستحقاق هو 10,2 دولاراً للبرميل (الصَّحافة، 7 أغسطس 2012م)، أفاد باقان اموم، كبير مفاوضي دولة الجنوب، من جانبه، بأنَّ الاستحقاق هو 9,10 دولاراً للبرميل المنتج من حقول "أعالي النِّيل"، و11 دولاراً للمنتج من حقول "الوحدة"، شاملاً رسوم العبور والمعالجة والنَّقل، بحيث يكون للعبور دولار، ولتكلفة النَّقل دولار، أما المعالجة فتضاف رسومها إلى سعر البرميل (قناة الجَّزيرة؛ 9 أغسطس 2012م).
    وخذ عندك، مع ذلك، إعلان دولة الجَّنوب مواصلتها بناء خطوط بديلة للنَّفط عبر دول أخرى مجاورة "تجنُّباً للاعتماد على منفذ واحد للتَّصدير!" (المصدر نفسه).
    وخذ عندك، أيضاً، نبرة الغبن التي ساق بها اموم اتهامه للمجتمع الدَّولي، خصوصاً الولايات المتَّحدة وبريطانيا، "بالانحياز للسُّودان، والسُّكوت على استيلائه على بترول الجَّنوب"، لأنهم إنما كانوا يسعون، على حدِّ تعبيره، إلى "نتائج سريعة" في ملف النَّفط "لتأثيره على السُّوق العالميَّة"، دون اعتبار للملفَّات الخلافيَّة الأخرى، كترسيم الحدود ومستقبل "أبيي" وغيرها (الصَّحافة؛ 7 أغسطس 2012م).

    وخذ عندك، كذلك، تصريح العبيد مروح بأن الاتفاق "لم يوقَّع لأنه جاء بعد انتهاء المهلة"، لافتاً إلى أن وفد السُّودان غادر أديس "دون معرفة موقف الجَّنوب النِّهائي"، وأن ذلك هو ما منع الوفد من الإدلاء بأيِّ تصريحات (المصدر نفسه).
    وخذ عندك، إلى ذلك، تأكيد مروح، مهما يكن من أمر، بأن الاتِّفاق "لن ينفَّذ إلا بعد إحراز تقدُّم في الملفَّات الأمنيَّة!" (المصدر نفسه)؛ وكذلك موقف الكتلة البرلمانيَّة للحزب الحاكم التي رفضت الاتَّفاق، واصفة إياه بـ "الطعنة في الظهر"، مشترطة، أيضاً، لقبوله، "حسم الملفِّ الأمني أولاً!"، مثلما رفضت، أصلاً، مبدأ التفاوض مع قطاع الشَّمال، بناءً، حسب زعمها، على قرار برلماني سابق (المجهر؛ 6 أغسطس 2012م).


    وخذ عندك، بعد كل ذلك، ما لم يعد خافياً من جهة سلوك أهل المؤتمر الوطني الحاكم الذين يبدو أن تجربة "نيفاشا"، ثم "الانفصال"، قد حَفرت في نفوسهم حنقاً عظيماً، لا على الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان الأم، فحسب، بل، وربَّما أكثر من ذلك بما لا يقاس، على قطاع الشَّمال الذي لن ينسوا له أنه تجرَّأ عليهم، يوم قدَّم ياسر عرمان، في انتخابات الرِّئاسة لسنة 2010م، كمرشَّح لم تغب حظوظه الوفيرة، وقتها، عن فطنة الصَّحافة والمراقبين، في الدَّاخل والخارج، مما أورثهم، في ما يبدو، نوعاً من الاستنكافيَّة السِّياسيَّة إزاء القطاع، وإزاء عرمان نفسه، حتى أضحوا، جرَّاء شدَّة نقمتهم عليه، أسرى أريتيكيريا سايكولوجيَّة مِن مجرَّد التَّفكير في احتمال أن يلزمهم قرار دولي أو إقليمي بالتَّفاوض معه! وأضحى اسمه، إضافة إلى إسمي عقَّار والحلو، رمزاً للغلوِّ في العداوة لدى الحزب الحاكم الذي قد يتسامح مع الشَّيطان نفسه ولا يتسامح معهم! وما من دليل، هنا، أوضح من أن المؤتمر الوطني الذي اشترط الاتِّفاق، أوَّلاً، على التَّرتيبات الأمنيَّة قبل الموافقة على اتِّفاق النَّفط، سعى، بالمطلق، على صعيد التَّفاوض مع قطاع الشَّمال، للالتفاف على قرار مجلس الأمن الدَّولي، دون أن يترك باباً خلفيَّاً موارباً للتَّراجع، لدرجة أنه انطلق، من فوره، "يخترع" بديلاً عن قطاع الشَّمال يفاوضه في جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث وصف كمال عبيد، رئيس الوفد الحكومي للتفاوض في هذا الملف، قطاع الشَّمال بأنه "فاقد للشَّرعيَّة!" (الرائد؛ 8 أغسطس 2012م)،

    كما قال عن عرمان شخصيَّاً إن "السُّودانِيين لا يرحِّبون به!" (الرأي العام؛ 11 أغسطس 2012م).
    ولا نخالنا نحتاج إلى "فانوس ديوجينس" لإضاءة القدر من البغضاء السِّياسيَّة، والشَّحناء الحربيَّة التي تحتشد بها مثل هذه اللغة، فضلاً عن التَّناقض البيِّن في الموقف، والمصادمة الواضحة لمنطوق قرار مجلس الأمن، دَعْ المصادرة على المطلوب، وإغلاق كل منافذ التَّعافي المراد بلوغه بالتَّفاوض السِّلمي، تحت إشراف أممي وأفريقي مشترك، في أديس أبابا أو في غيرها.
    لا بُدَّ للحزب الحاكم، إن أراد خيراً من الدُّخول في مفاوضات جادَّة، أن يدع هذه اللغة، فإنها .. منتنة!

    (4)
    لكن، مع كلِّ ما تقدَّم، ليس ثمَّة وطني مخلص لا يشرح صدراً، ولو مبدئيَّاً، بهذا الاتِّفاق المبدئي؛ فلأزمة النَّفط مكانة مفتاحيَّة وسط أزمات "السُّودانَين"، ومن هذه الزَّاوية فإنَّ كلَّ مقاربة علاجيَّة لها خير من عدمها. بيد أن ثمَّة ثلاث ملاحظات مهمَّة في هذا الشَّأن: أولاها أنَّ أيَّة مقاربة علاجيَّة حقيقيَّة ينبغي أن تنبع من إرادة سياسيَّة صميمة لدى جميع الأطراف، وعلى رأسهم السُّلطة في الخرطوم. وثانيتها أن مثل هذه المقاربة العلاجيَّة الحقيقية ينبغي أن تتمَّ بأيدٍ وطنيَّة، فحتَّى إن ورد فيها عنصر دولي أو إقليمي، فينبغي أن يرد على سبيل دعم الجَّهد الوطني، لا إملاء الضغوط الأجنبيَّة. أما ثالثتها فهي أن أزمة النَّفط ليست الوحيدة التي يمكن أن نركن لاعتقاد تبسيطي بأن من شأن أي اتِّفاق جزئي حولها، حتَّى لو اتَّسم بالقوَّة والتَّماسك، أن يعالج كلَّ الأزمات الأخرى بضربة واحدة، دَعْ أن يكون اتَّفاقاً بمثل هذه الهشاشة! صحيح أنَّ من شأنه أنْ ينعش الأمل شيئاً، وأنْ يحسِّن، كما قد رأينا، من وضعَّية العملة الوطنيَّة؛ ولكن .. هيهات! إن أيَّاً من الألغام التي استعرضنا بعضها بعاليه لكفيلة بتدمير هذه الصُّورة الزَّاهية، في أيَّة لحظة، وإعادة الحال إلى ما كان عليه .. الجِّنيه إلى ضعفه، والأمل إلى إحباطه!


    لقد رأينا، دائماً، أن مشاكل السُّودان الموحَّد، مهما تنوَّعت وتعدَّدت، فإن حلها بأيدي أبنائه، مهما تنوَّعوا وتعدَّدوا، أيسر وأفضل بما لا يُقاس من حلها وهي مقسَّمة على أكثر من سودان، أو على وسطاء دوليين أو إقليميين لا يملك أحد أن يلومهم إن خدموا أجندات بلدانهم على حساب أجنداتنا الوطنيَّة؛ بل ورأينا، دائماً، أنَّ التَّقسيم، في حدِّ ذاته، إضافة كيفيَّة إلى أزمة "السُّودانَين"، لا إلى حلها. وقد شكَّلت تلك الرؤية أحد ِّ دوافعنا، قبل الانفصال، للمنافحة عن الوحدة، وحضِّ الوحدويين، الوطنيين الدِّيموقراطيين تحديداً، على تكوين جبهة واحدة صلبة لمنازلة الانفصاليين، في الجَّنوب كما في الشَّمال، مثلما شكَّلت أحد أهمِّ دوافعنا، بعد الانفصال، لدعوة الوحدويين، الشَّماليين والجَّنوبيين، على حدٍّ سواء، للنِّضال الذي لا يفتر في سبيل استعادة هذه الوحدة الضَّائعة. ومن نافلة القول أنَّ منهج هذا النِّضال هو منهج جذري لا يصلح فيه تبعيض القضايا لترميمها بالمفرق!


    والآن، ودون أن تكـون لدينا أدنى رغــبة في أن ننعب على خراب عشِّ الوطن، ومع تسليمنا التام بسلامة وموضوعيَّة نهج التَّعاضد في العلاقات الدَّوليَّة المعاصرة، فإننا، من ناحية، نشدِّد على خطل انفراد السُّلطة، في الخرطوم خصوصاً، بترتيب قضايا ما بعد الانفصال، وإقصاء أيَّة قوَّة وطنيَّة أخرى، سياسيَّة أو مدنيَّة أو حتى مسلحة، عن هذه الملفَّات الشَّائكة، بينما هي لا تملك سوى تسليم ذقوننا، المرَّة تلو المرَّة، للوسطاء الأغيار كي يعالجوا لنا أزمات الوطن! كما ونعلي، من ناحية أخرى، وللمرِّة الألف، من شأن المطلب الوطني الدِّيموقراطي القديم، المتجدِّد، المتمثِّل في عقد "مؤتمر قومي دستوري"، أو "مؤتمر للسَّلام"، أو "ملتقى للتَّحوُّل الدِّيموقراطي"، سمِّه ما شئت، يشارك، من خلاله، الجَّميع، بلا استثناء، في تفعيل عصف ذهني سياسي وفكري وطني يرتِّب لحلول تكون محلَّ اتَّفاق وتراضٍ بالحدِّ الأقصى؛ وتشمل أجندته إشكاليَّة العلاقات الشَّماليَّة الجَّنوبيَّة هذه، إلى جانب القضايا الأخرى الملحَّة، كالاقتصاد، والدستور، ودارفور، والشرق، وحلايب، والفشقة، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وسدود الشَّمال، وما إلى ذلك من قضايا تؤخذ كحزمة واحدة.


    وحبذا لو تمكن الوطنيُّون الدِّيموقراطيُّون، الوحدويُّون بالضَّرورة، من الدفع باتِّجاه إشراك ممثلين سياسيين ومدنيين "جنوبيين" في هذه الفعاليَّة الماجدة، ولو على سبيل المراقبة، ولو لمجرَّد الإيعاز برفض الاستسلام لذهنيَّة الانفصال حتى وهي أمر واقع يجوس، كما الحنش الفاتك، عبر مسالك حياتنا اليوميَّة، الاقتصاديَّة السِّياسيَّة، والاجتماعيَّة الثقاقيَّة.

    (5)
    هكذا، عندما تصرِّح سوزان رايس، المندوبة الأمريكيَّة لدى الأمم المتَّحدة، وهي تتحدَّث عن استئناف المفاوضات في خواتيم أغسطس الجَّاري، قائلة: "يتعيَّن على الطرفين العمل سريعاً .. لن نترك لهما متنفَّساً!" (الصَّحافة؛ 11 أغسطس 2012م)، فهي إنما تفضح بعض وجوه عجزنا المخزي، حتى الآن، عن الإمساك بزمام المبادرة في شأن قضايانا الوطنيَّة، وتركها، بالكليَّة، للوسيط الأجنبي؛ فمن باب السَّذاجة، إذن، أن نتوهَّم في مثل هذا القول حرصاً على "أجنداتنا الوطنيَّة"، لا "أجندات الأغيار" التي تخدمها رايس دون أن يستطيع أحد أن يقول لها كم ثلث الثلاثة!
    أما عندما يجأر ممثلو أيٍّ من الحزبين الحاكمين في "السُّودانَين" بالشَّكوى من ملاحظتهم، أحياناً، عدم حياد أمريكا أو بريطانيا، أو انحيازهما لطرف دون اﻵخر، فإنهم لا يكشفون، في هذه الحالة، عن جديد، بقدر ما يُعرُّون العاري، ويُضيئون المُضاء، ويُعيدون اختراع العجلة!
    ***
    Kamal Elgizouli [[email protected]]
                  

08-15-2012, 10:16 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)


    الفشل المحور استراتيجياً...!!


    الثلاثاء, 14 أغسطس 2012 13:45 اعمدة الكتاب -
    إليكم - الطاهر ساتي



    ** وسائل تعبير الناس عن غضبهم من قرارات مؤسسات الحكومة، تختلف عن وسائل تعبير البدريين عن غضبهم من سياسات مؤسسات حكومتهم.. فالناس، فيهم من يتظاهر في الشارع، فيعتقلوه أو (يملوه بمبان ورصاص).. وفيهم من يتقدم باستقالته، فيقبلوها قبل أن يجف مدادها.. وفيهم من يتظلم بعرضحال، فينقلوه إلى قرية ليس فيها غير النجم والمساء والبعوض.. وفيهم من يكتب في الصحف، فيلحق (أمات المكاشفي).. وفيهم من يكتب شكوى عن ظلم مديره ويرفعها لجهة عليا، فيقيلوه بتهمة (فيهو ريحة شيوعي، ونحن من زمان كنا شاكين فيهو).. وهكذا فعل الغاضب من عامة الناس، وهكذا دائماً رد فعل المغضوب منها (الجهة الحكومية).. ولكن، بسم الله ماشاء الله، غضب البدريين، وكذلك رد فعل حكومتهم تجاه غضبهم، (مختلف شوية)..!!


    ** على سبيل المثال، فيهم من كان معتمداً وغضب من واليه وسافر إلى ماليزيا، فأعادوه بكلام الخير والإيمان - يعني بالتحانيس - إلى البلاد مستشاراً لوالٍ آخر.. وفيهم من كان مديراً للتلفاز وغضب من وزيره وغادر إلى كركوج - مسقط الرأس - فأعادوه بكلام الخير والإيمان - يعني بالطبطبة - مديراً لـ (هيئة التلفاز والإذاعة).. وفيهم من كان مديراً وتقدم باستقالة غاضبة، فنقلوه إلى إدارة أخرى (ألذّ وأطعم)،.. وفيهم من يصارع وزير الدولة - بتاع الاتحادي أو حزب زيو - ويستقيل، فينقلوه إلى عاصمة عربية سفيراً لبلد (بي حالو).. هكذا غضب أهل بدر، وهكذا دائماً تتلقاهم حكومتهم بالحوافز والمشهيات، ولذلك لسان حالهم لبعضهم: إذا أردت منصباً رفيعاً، فأغضب وغادر إلى مسقط رأسك أو (سافر ماليزيا).. (الخير في ما يختاره الله، وعملنا ده عبادة وفيهو ابتلاءات، والشيطان دخل بيناتكم، ودحين يا أخوي نحن رقيناك وحولناك من مدير لي وزير، وده أمر دين والمفروض ماترفض.. يلا الفاتحة)، أو هكذا البمبان والرصاص والإقالة والنقل والفصل التعسفي الذي تقابل به الحكومة أبناءها البدريين حين يغضبون..!!


    ** ولذلك، أي لأنه من البدريين وليس من المغضوب عليهم (بالفطرة)، ليس هناك من داع للقلق على غضب الدكتور عبدالحليم المتعافي، وزير الزراعة.. فالخبر المؤكد: اعتكف الوزير بمنزله بالخرطوم، اعتكافاً غاضباً، منذ أسبوع ولحين إشعار آخر.. لماذا؟.. بالتأكيد ليس لفشل الموسم الزراعي بالقضارف والشمالية، وليس لتقوقع مشروع الجزيرة في محطة (القانون الجديد كويس، القانون الجديد كعب)، وليس لخروج مساحات بجنوب كردفان والنيل الأزرق عن دائرة الإنتاج، وليس لارتفاع تكاليف الإنتاج بكل مناطق البلاد إثر تعويم الجنيه وترفيع الدولار ورفع الدعم عن المحروقات.. بالتأكيد، غضب الوزير ليس لتلك الأسباب الواهية وغير الموضوعية، إذ تلك أسباب تشغل فقط خاطر عامة الناس (البيملوها بمبان ورصاص)، ولا تحرك مشاعر أهل بدر بحيث (يحردوا ويعتكفوا)..!!


    ** ولذلك، قطع شك، غضب الوزير مرده (شوية اختلافات) حول قسمة السلطة مع بعض إخوانه في مؤسسات الدولة التي من شاكلة (أمانة النهضة الزراعية)، (لجنة الزراعة بالبرلمان)، (وزارة المالية)، و..و.. بمعنى (شوية خلافات أسرية مؤقتة)، وليس في خلافاتهم مايستدعي قلق الناس والصحف على حال الزراعة.. وبالمناسبة، قالوا للقرد: (ربنا ح يسخطك)، قاليهم: (يعني ح يقلبني غزالة مثلاً؟)، وهكذا لسان حال الزراعة التي هم في تقاسم سلطاتها يختلفون و(يحردون ويعتكفون).. ومن طرائف الحدث ما كتبته الأهرام، بحيث قالت بأن سبب غضب الوزير واعتكافه هو (القطن المحور وراثياً ما نبت).. هكذا السبب، وكأن القمح - الما محور وراثياً - نبت بحيث تكتفي منه البلاد، أو كأن مشروع الجزيرة - الما مكسر وراثياً - نبت بحيث غطى عجز البترول، أو كأن فتريتة القضارف - الما محورة إكلينيكاً - نبتت بحيث تجاوزت إنتاج المواسم الفائتة.. أو كأن.. كأن... أو كأن... أي كأن القطن المحور وراثياً - فقط لا غيره - هو (اللي فشل)..!!


    -------------------



    لماذا يطالبون بتطبيق الشريعه ويستحيون من احكامها؟

    تاج السر حسين
    [email protected]

    مدخل لابد منه:
    المقال السابق لم يكن دراسه علميه أو بحثا أكاديميا حتى أذكر مراجعه، وأنما هو رأى ووجهة نظر تقبل الصحة والخطأ ومن كتب عن حادثة الأفك، فهو نفسه وبدون شك أخذ معلوماته من جهة أخرى، لأنه لم يكن من أهل ذلك الزمان والمهم فى الأمر أن تلك الحادثه، التى ذكرت لكى تبين أن ذلك المجتمع الذى فرضت عليه شريعة القرن السابع من بين صفوة صحابته من خاضوا فى عرض (الرسول) واذوه فى أحب الناس اليه (زوجه)، بل من بينهم (شاعر) الرسول، والمهم فى الأمر انها حادثه (صحيحه) وعوقب من أفتروها بالجلد ، ورغم ذلك كله حينما تحدثت عن (على بن ابى طاب) وتكفيره وقتله ومعركته مع (معاويه) التى أستغل فيها (القرآن) استغلالا بشعا كما تفعل تيارات (الأسلام السياسى) الآن، ذكرت فى البدايه (وقال قائل)، ومن العجيب أن أحدهم أنتقدنى فى عدم ذكرى (لعبد الله بن أبى سلول)، كأحد أكبر المروجين لتلك (الحادثه) مع تعمدى لذلك وبوعى كامل، لأنه (منافق) كما قيل عنه، والأعتماد عليه فى أى حديث يعنى اعتماد على شخص غير سوى وصف بأنه منافق، وأكتفيت بما نقل عن صحابه لهم قيمنهم منهم الصحابى المتهم بالحداثه (صفوان بن المعطل) الذى وصفه الرسول (ص) بأنه من (اصحابه) بين (الصحابه) وتحدث عنه بكل خير ومنهم (حسان بن ثابت) شاعره ومنهم الصحابى (مسطح) وهو قريب للسيدة عائشه وكان ابوها (ابوبكر) ينفق عليه، ومنهم (الصحابيه) حمنة بنت جحش أخت زوج (الرسول) زينب بنت جحش وأن أول من كلم (عائشه) عن الحادثه التى تحدث بها الناس كانت (أم مسطح)، يعنى قريبة ابو بكر الصديق.
    والروايه التى ذكرت عن (فحولة) صفوان بن المعطل، لم يكن غرضا (خبيثا) كما ذكر احدهم، وأنما قصد منها أن الذين تحدثوا (بالأفك) أختاروا شخصية يمكن أن تثير الريبه والشك وتجعلهم حديثهم صحيحا، لأن زوجته جاءت واشتكت فى مجلس الرسول (ص) بأنه لا يصبر عليها حتى تقرأ سورا طوال فى الصلاة.


    والمهم فى ذلك الأمر كله (تكفير) على بن أبى طالب، بواسطة (صحابه) بكلما ذكر عنه من قيم أخلاقيه وشجاعه وصدق وكرم وعلم وفهم، فهل اؤلئك (الصحابه) الذين قتلوه وكفروه، أفضل من الذين وصفهم الرسول بأنهم (أكثر قربا من الأنبياء والشهداء لله) ويغبطونهم الأنبياء والشهداء من ذلك القرب، اضافة الى ذلك الا يعلم اؤلئك (الصحابه) بالحديث الذى يقول : ( أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما)، يعنى اذا قلت لشخص ما، أنت كافر، كان احدهم كافرا، فلماذا نريد لهذا الدين أن يكون (دينا) يمنع الناس من التفكير ومن استخدام عقولهم، وأن ندافع عن (صحابه) كفروا رجلا فى حجم (على بن ابى طالب) قال (الرسول) بأنه من العشره المبشرين بدخول الجنه، ولماذا لا نحسم (الأمور) الواضحه خوفا وخشية من شئ لا نعلمه مع أن الحديث أو القول لمنقول عن بعض العلماء يقول (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنه)، والأنسان الحر كما قال (الشهيد/ محمود محمد طه)، هو "الذى يفكر كما يريد ويقول بما يفكر ويعمل بما يقول".


    وفيماذا نتفكر هل فى (ارضاع الكبير) كما شغل أنفسهم علماء الأزهر، أو فى (مشروعية مضاجعة الزوجة المتوفاة خلال ست ساعات من موتها)، كما اراد أحد نواب البرلمان المصرى (ألأسلامويين) أن يضع هذا البند فى أجندة احدى الجلسات بعد الثوره، لكن من يطالبون بتطبيق (الشريعه) ومنهم رئيس البرلمان، (أستحوا) من طرح هذا الموضوع الموجود فى (الشريعه)!
    أما قصة المرأة الجميله التى كانت تصلى خلف الرسول، فيتبأطأ بعض الصحابه لكى يصلوا من خلفها ويتمتعوا بجمالها وهى تؤدى الصلاة، اليس لائقا فى حقهم فرض (الحجاب) فى ذلك الزمان، اذا كانوا يتعمدون التمتع بجمال امرأة (صحابيه) وهى بين يدى ربها تؤدى (الصلاة) ونحن فى كثير من مدن السودان وكمثال مدينة (أم درمان) كنا حتى وقت قريب ولسنا (صحابه) لا نكاد نميز وجوه النساء المجاورات لنا فى الحى، وهن عابرات حياء وأحتراما واحساسا بأنهن فى مقام الأمهات والأخوات.


    وهل من كفروا (على) ومن خاضوا فى عرض الرسول ، ومن كانوا يتعمدون النظر لجمال (صحابيه) اثناء اداء الصلاه، أفضل من الذين ذكرهم الرسول (ص) فى الحديث ((وآ شوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم أصحابي .. ثم واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي .. ثم قال، للثالثة، واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا: من إخوانك، يا رسول الله؟؟ قال: قوم يجيئون في آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعين منكم!! قالوا: منّا، أم منهم؟ قال: بل منكم!! قالوا: لماذا؟ قال: لأنكم تجدون على الخير أعوانًا، ولا يجدون على الخير أعوانً)).


    ومن هو الأكثر قربا للأنسان، اخاه أم صاحبه؟
    ومن ثم اعود لموضوع اليوم، وهو (لماذا يطالبون بتطبيق الشريعه ويستحون من احكامها).
    وسوف اكتفى ببعض الجوانب للحديث عن هذا الموضوع، مثل (الديمقراطيه) والفرق بينها وبين (الشورى)، المنهاج السياسى الشريعى، ووضع (المسيحيين) وأصحاب الديانات الأخرى و(النساء) فى دولة (الشريعه)، وهل يتناسب ذلك مع هذا العصر، ومع منظومة الحكم فى الدوله الحديثه؟
    ولنبدأ (بالديمقراطيه) .. فغالبية من يطالبون بتطبيق (الشريعه) كوسيلة للحكم الراشد اليوم – ما عدا قلة من الجهاديين (الصادقين) المخلصين لشريعتهم رغم جهلهم – وبعد أن رضخ (السلفيون) و(الأخوان المسلمون) للأمر الواقع وأقتنعوا (بالأنتخابات)، ونجدهم يتحدثون عن ضرورة ممارسة (الديمقراطيه) بعد أن تأكدوا من فشل تغيير الأنظمه عن طريق (القوه) والجهاد والقتال، مع أنهم كانوا يقولون عن (الديمقراطيه) بأنها رجس من عمل (الشيطان) وأن (الشورى) أفضل منها وهى الأمر (الربانى) للمارسه السياسيه.
    ولكى نبين الفرق نقول بأن (الديمقراطيه) وبأختصار شديد تعنى (حكم الشعب بواسطة الشعب) من خلال مؤسسات معلومه (سياديه وتنفيذيه) وتعنى رئاسة الجمهوريه ومجلس الوزراء وما تتبع له من ادارات، و(تشريعيه) وتعنى مجلس النواب، و(قضائيه) وتعنى مجلس القضاء وما تحته من مجالس، وفى مقدمتها (المحكمه الدستوريه العليا) التى من حقها الغاء قرارات يصدرها (رئيس الجمهوريه)، وفى الدوله الديمقراطيه لا أحد فوق القانون مهما كانت مكانته فى الدوله.


    اما (الشورى) التى يتشدق بها بعض (الأسلاميون) عن جهل، وهم لا يفهمونها، فهى تعنى (حكم) الولى الراشد على قومه وشعبه (التبع) القصر، لذلك نجد فى أدبيات (التيارات الأسلاميه) بأن اؤلئك التبع على عاتقهم (بيعة) يقدمونها (للمرشد) لأطاعته فى المنشط والمكره ، وفى ذات الوقت يتحدثون عن حكم (ديمقراطى) والديمقراطيه لا توجد فيها (بيعة) لأحد من الناس، لكنهم كما ذكرنا (يستحيون) من الدعوة لحكم الناس (بالشورى)، ويكتفون بتردديها بأعتبارها (مشاورة) الناس بحسب الفهم العام للكلمه، لا كمنظومة حكم لها وسائلها وقوانينها وتشريعتها وفقهها.
    والشورى فى (الشريعه) خلاف ما يظنون، حيث يقوم الحاكم بتعيين مجلس لا انتخاب يسمى (اهل الحل والعقد)، فى الغالب - وفى زماننا هذا - لا يأتون من بين الحكماء وخيار الناس والتقاة والعلماء والزهاد والعباد، وأنما من (الوجهاء) و(الأعيان) وكبار التجار حتى لو جمعوا مالهم من (الحرام) ومن الربا.


    وكما ذكرنا فى أكثر من مرة أن الآيه التى تؤيد حكم (الشورى) هى التى تقول ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)).
    يعنى على الحاكم فى (الشريعة) أن يشاور أعضاء ذلك (المجلس) لكنه غير (ملزم) بتنفيذ ما يرونه اذا كانت رؤيته تختلف معهم، وعليه اذا (عزم) على أمر أن يتوكل على الله وأن يمضى فى تنفيذ امره.
    فاذا اذا جاز ذلك الأمر لرسول (معصوم) يأتيه الوحى ويصححه اذا اخطأ، فهل يجوز لحاكم (بشر) يخطئ ويصيب ويحب ويكره؟
    يعنى هل من حق (الحاكم) فى العصر الحديث بذلك الفهم، أن يعلن (الحرب) على دوله، اذا رفض (مجلسه العسكرى) المتخصص والمؤهل والمحترف ، ذلك الطلب ورأى بأن الوقت غير مناسب لخوض تلك الحرب؟
    أما عن وضع أهل الكتاب وأصحاب الديانات الأخرى فى الدوله التى يراد لها أن تحكم (بالشريعه) ووضع (المرأة) ، فهما من أكثر الجوانب التى (يستحى) الأسلاميون من الخوض فيها و(يتهربون) ويراوغون ويكتفون بترديد كلام عام مبهم لا يعبر عن حقيقة وضع أهل الكتاب والمرأة فى الشريعه وما يؤمنون به فى دواخلهم ويستدلون بآيات لا علاقه لها (بالشريعه) مثل الآيه التى تتحدث عن حق اقتناع الأديان لغير المسلمين : (فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) أو آية أخرى : (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
    تلك الآيات لا علاقة لها (بالشريعة) وكانت سائده قبل نزولها حينما كانت الدعوه (بالاسماح)، لا بالسيف ولذلك كان المجتمع خاليا من المنافقين.
    أما الآيه التى تحدد وضع (غير المسلمين) فى دولة (الشريعة) الكبرى، أى فى الدوله (الوطنيه) أو(العالميه)، فهى التى تقول:


    " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم".
    يعنى من لم تقتلوه من (اصحاب الديانات الأخرى) وأبقيتوا على حياته لسبب من الأسباب، فيجب أن تضيقوا عليه الخناق وأن تتحرشوا به، وأن تجعلوه يمشى من اضيق مكان فى الطريق، يعنى أن يمشى (جنب الحيط)، فهل يعقل أن يكون هذا (دين) نلتزمه، لولا اننا نفهمه على نحو مختلف، وأنه يضع حلولا لأهل كل زمان ومكان بحسب ظروفهم وبئياتهم وثقافاتهم؟
    وآية أخرى من آيات (الشريعة) تقول :
    "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون".
    وأصحاب الديانات الأخرى لا يسمون فى دوله الشريعة (مواطنين) لأنهم لا يستحقون ذلك، وأنما (اهل ذمه)، ليس من حقهم أن يعملوا فى الجيش الأسلامى، بل تؤخذ منهم (جزية) غصبا عنهم ورغما عن انوفهم، ويدفعونها وهم صاغرون اذلاء ، حقراء!!
    لذلك يستحى بعض (السلفيين) والمتشددين فى المناداة بتطبيق الشريعه فى هذا الجانب كما نصت عليه ويحاولون ايجاد تفسيرات و(تخريجات) لا علاقة لها (بالشريعة) لكى يبدو سداد تلك (الجزيه) مقبوله، بل يذهبون لأبعد من ذلك لخداع واستغفال (المسيحيين) واصحاب الديانات الأخرى كما ذكر الشيخح السلفى المصرى (حازم ابو اسماعيل) بأن المرأة غير المسلمه لا تدفع (الجزيه)، ويظن بهذا انه قد حقق لها منفعة، ويجعلها ترضى (بالشريعه) وهى تريد أن تكون مع المسلمين وغير (المسلمين)، رجالا ونساء متساوية فى الحقوق والواجبات.


    فبحق الله هل هناك فرق بين اؤلئك (الجهاديين) الذين تشن عليهم الدوله المصريه الآن الحرب فى (سيناء) وتقتلهم بالعشرات وبين هؤلاء الذين طفحوا على السطح من (الأسلاميين) على مختلف الجبهات، طالما كانوا يتبنون هذا النهج وهذه (الشريعه) التى تميز بين مواطن وأخيه بسبب الدين بل تحرض على قتله أو أخذ الجزيه منه عن يد وهو صاغر، وهل تناسوا بأنهم كانوا ينسقون مع اؤلئك (الجهاديين) وكانوا راضين عن تصرفاتهم وافعالهم ضد النظام السابق وغيره من انظمه وهم الذين اخرجوهم من السجون قبل ايام قلائل؟
    واذا كان هؤلاء (الأسلاميون) ينفذون امر الله ويطبقون شرعه، لماذا يشعرون (بالحرج) والآيه تقول لهم بكل وضوح :" فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".


    هم يشعرون (بالحرج) لأنهم لا يفهمون تلك الآيه بصوره جيده مثلما لا يفهمون (القرآن) كله، ولأنهم يطالبون بتطبيق (تشريع) كان صالحا لزمان سابق لا يصلح لهذا الزمان، ويوجد فى الدين لا (الشريعه) ما يصلح لهذا الزمان ... وهو (الحكم الديمقراطى)، ورب العزة يقول فى قرأنه ((قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا)).
    من البديهى أن الأنسان الذكى يدرك بأن (كلمات) الله فى القرأن محصية ومعدوده لكن (المعانى) و(التأولات) هى التى لا تحصى ولا تعد.
    أما عن (المرأة) وهى تعتبر مواطن فى (الدرجة الثانيه) فى دولة ( الشريعه)، اذا كانت مسلمه، لا مكرمه ومعززه كما تقول بعض (الظلاميات) فى تيارات (الأسلام السياسى)، وتسبق المواطن (المسيحى) ومن لا يدين بالأسلام، فهو فى (الدرجة الثالثه) فى سلم المواطنه.
    فى الغالب يأتيك البعض بمواقف تبين أن المرأة كان لها وضعا مميزا فى (الأسلام) وهذه حقيقة، لكن ذلك كان قبل أن تفرض (الشريعه)، ففى (الشريعه) المرأة لها ثلاث (خرجات) من بطن امها لبيت ابيها ومن بيت ابيها لبيت زوجها ومن بيت زوجها (للقبر) حيث لا أعتراف بحقوق أو تعليم أو عمل.
    وأبلغ ما يدل على أن (الشريعة) فرضت على أهل ذلك الزمان وكانت مناسبة لهم، ولقد ذكرنا كيف أن بعض (الصحابه) كانوا يتأخرون فى الذهاب لأداء الصلاة حتى تسبقهم تلك المرأة الجميله، بل أن أحد الصحابه وهو (الفضل بن عباس) وكان رديفا للرسول (ص) فى ناقته ،فوقف (الرسول) وتحدث لأمرأة فجعل (الفضل) ينظر الي المرأة وتنظر له فجعل النبي يصرف وجه الفضل الي الشق الآخر)، ذلك الصحابى ينظر الي أمراة بتمعن ودون (حياء)، وهو جالس خلف (الرسول)!!


    فاؤلئك قوم لظروف مجتمعهم وبيئتهم وخروجهم لتوهم من (جاهليه) وعندهم المرأة ليست أكثر من(متاع) لا يهمهم اذا كانوا لوحدهم أو كانوا مع (الرسول) الذى يتأدب أهل هذا الزمان فى الحديث عنه وهو غير موجود بجسده بينهم.
    وهذا الحديث (الصحيح) والواضح جدا والذى يؤكد أن (الشريعه) التى تضع المرأة فى منزلة (دنيا) هى شريعة صالحه لزمان غير هذا الزمان، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه: قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه" .
    فهذا الحديث واضح انه مبنى على فهم وتصرفات (قوم) مثل (الفضل) الذى كان راكبا خلف (الرسول) فى ناقته، لكنه صار (يبحلق) ويمعن النظر فى وجه امراة تحدث لها الرسول، غير عابء لمكانة من يجلس خلفه.
    والله انى لاشك أن يقبل (صبى) مسلم متربى تربية حسنه من اهل هذا الزمان، أن يركب خلف (الرسول) دعك من أن يمعن النظر فى وجه امرأة يتحدث اليها ذلك الرسول كما فعل ذلك (الصحابى) الجليل.
    ومعلوم أن المرأة فى (الشريعة) لا يجوز لها أن تسافر لوحدها دون محرم، حتى لو كانت عجوز لا يرغب فيها الرجال وحتى لو كانت ذاهبة لأداء فريضة الحج!
    وهذا هو الدليل الذى نجده فى عدد من الأحاديث والذى يستحى منه كآفة (الأسلامويون) ويسعون لوضع مبررات وتخريجات، غير منطقيه:
    في حديث ابن عباس من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه أحمد والبخاري ومسلم .. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو يخطب: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال: إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. فقال: انطلق فحج مع امرأتك ) رواه أحمدوالبخاري ومسلم.


    فالمرأة ومما تقدم ممنوعة فى (الشريعة) من السفر إلا إذا كان معها محرم يصونها ويحفظها ويقوم بمصالحها، والمحرم هو: زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، لقرابة أو رضاع أو مصاهرة: كأبيها وابنها وأخيها وابن أخيها وعمها وخالها وأبي زوجها وابن زوجها وابنها من الرضاع أو أخيها من الرضاع ونحوهم، وسواء كانت المرأة شابة أو عجوزا، وسواء كانت وحدها أو مع نساء.
    ولذلك وبما انها لا تعمل ولا تفيد المجتمع الا فى مجال (الأنجاب) الذى يساويها فيه الرجل، ودائما محل رقابه وحفظ وصون كما تقول (الشريعه)، لذلك يجب أن تكون منقوصة الحق فى الميراث وأن تحصل على نصف ما يحصل عليه شقيقها، وهى منقوصة الحق فى الشهاده وغير مسموح لها (بولاية) الرجال، حيث خاب قوم ولوا امرهم امرأة.
    فاذا كان هذا جائزا فى ذلك (الزمان) الذكورى الذى كانت القوه فيه عضلية وجسمانيه، فهل يجوز هذا الأمر فى زمن الأمم المتحده ومجلس الأمن وقوة القانون وأحترام حقوق الأنسان؟ وفى زمن تولت فيه العديد من النساء قيادة دول (عظمى) ولم يخيبوا بل حققوا كثير من النجاحات التى فشل في تحقيقها حكام ذكور (مسلمون) فى دول بتروليه غنيه، وهل يجوز أن تكون شهادة عميدة كلية القانون على النصف من شهادة (المراسله) الأمى الذى ينظف مكتبها؟
    نعم هذا يجوز اذا اتبعنا نظام (طالبان) وجعلنا (الشريعه) بدون لف أو دوران وبدون (تخريجات) دستورا للحكم.
    آخر كلام:-
    • الديمقراطيه هى الحل .. والدوله المدنيه التى اساسها المواطنه المتساويه دون تمييز بسبب الدين أو النوع والتى يسود فيها حكم القانون وتحترم حقوق الأنسان هى الحل.
    • ومن أهم ادبيات (الديمقراطيه) فى العصر الحديث الا يبقى (الحاكم) مهما أنجز لأكثر من دورتين فى الحكم، لأن السلطه المطلقه، مفسده مطلقه.
    • لماذا يرفض (الأسلاميون) ديمقراطية الغرب، وحينما يضيق عليهم فى بلدانهم (الأسلاميه)، يلجأون لذلك الغرب فيجدون الأمن والأمان والمأوى وقليل من الدعم المادى، وأحيانا كثير؟
                  

08-17-2012, 03:30 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    السودان على أعتاب التغيير المنشود


    محجوب محمد صالح




    08-17-2012 10:15 AM
    محجوب محمد صالح

    السودان مقبل على تغيير – هذا هو ما يؤكده كل من يتابعون الشأن السوداني، ولكن الذي لا يتفقون حوله هو كيف سيتم ذلك التغيير وما أبعاده – التكهن بحدوث التغيير سببه أن الأزمات التي يعيشها السودان وصلت ذروتها وما لم يحدث تغيير فإن انفجاراً غير محسوب النتائج قد يحدث لأن الاحتقان الحالي بات فوق طاقة وقدرة جهاز المناعة في الجسد السوداني. وقد زاد الموقف التهاباً بسبب الأزمة الاقتصادية المحتدمة.

    المفكر الإسلامي د.حسن مكي يعتقد أن التغيير سيأتي من داخل الحزب الحاكم والحركة الإسلامية، فهو يقول في لقاء مع صحيفة الرأي العام السودانية (أنا أعتقد أن السودان كله مقبل على تغيير وإعادة تشكيل، وهو الآن في مرحلة الحمل ومن غير المعروف إذا كان المولود سيكون ذكراً أو أنثى)، لكنه يتوقع أن يتأتي هذا التغيير عبر العناصر التي تدرك عمق الأزمة داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية إذ يقول (لا أعتقد أن الأمور داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ساكنة فهي متجددة، وأنا أتوقع حراكاً من داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وهذا الحراك سيؤدي إلى تغيير في التوجه والاتجاهات.. إن هناك تغييراً حقيقياً قادماً وليس تغييراً شكلياً)، وهو لا يتفق في الرأي مع قادة المؤتمر الوطني الذين يرددون أن السودان يعيش (ربيعه العربي) منذ استيلائهم على السلطة بحركة انقلابية عام 1989؛ لأنه يعتقد أن (المقياس للربيع العربي هو الحريات – الحريات في الصحافة والنقد والتظاهر؛ لأن الحريات تجعل الناس أنداداً.. وأنا أرى أن علاقة الندية غير موجودة الآن).

    هذا هو منهج التغيير، كما يراه مفكر إسلامي، وإن كان بعيداً الآن عن المشاركة الفاعلة في نشاط الحزب الحاكم على أن سيناريوهات (التغيير) المتنافسة في الساحة كثيرة ومتعددة بتعدد الجهات التي تطرحها، وفي النهاية كلها تتفق على أنه لا مندوحة من التغيير والوضع الحالي المأزوم لا يمكن أن يستمر وكل فريق ينظر إلى التغيير من منظوره.

    صحيح هناك حراك في صفوف الحركة الإسلامية التي بات كثير من منسوبيها يحس بالتهميش وعدم المشاركة بأي صورة في صناعة القرار وأن الأمر كله انحصر في مجموعة صغيرة تدير الدولة باسمهم، ولا تشركهم في صناعة القرار، وذلك واقع لم يحدث فجأة، بل ظل قائماً منذ فجر الإنقاذ لكن الرفض له وصل ذروته الآن.

    غير أن دعوة (التغيير) أوسع مدى وتطال أطراف المعارضة بمختلف أطيافها، فالتجمع الذي يضم أحزاب المعارضة الرئيسية أطلق وثيقة البديل الديمقراطي، وهو يرى المدخل له إسقاط النظام، وإعادة تشكيل الدولة السودانية وفق منظور طرحه في تلك الوثيقة، لكن مثل هذا البرنامج يحتاج إلى عمل تنظيمي ونشاط جماهيري مخطط له لا نرى حتى الآن بوادره على الأرض من جانب هذه الأحزاب، وحزب الأمة يتبنى طريقاً ثالثاً يحاول أن يصل إلى منطقة التغيير عبر وفاق وطني جامع يحمل الحكومة والمعارضة بكل أطيافها إلى مائدة الحوار في مؤتمر دستوري جامع رغم أن كل محاولات هذا الحزب لإدارة حوار ذي جدوى مع الحزب الحاكم انتهت إلى اتفاقات لا تساوي قيمتها العملية الحبر الذي كتبت به، ولكن الحزب الحاكم لم ييأس لأن زعيمه على قناعة أن التغيير إن لم يأت عبر الحوار سيكون دموياً وكارثياً، فهو طرح لا تتفق معه فيه القوى المعارضة الأخرى.

    وهناك سيناريو ثالث تطرحه حركات تحمل السلاح ترى أن إسقاط النظام سيتم عبر البندقية رغم تجربة جنوب السودان الذي حارب نصف قرن دون أن يحقق مطالبه إلا بالعودة إلى مائدة الحوار.

    وسيناريو آخر تطرحه المجموعات الشبابية التي تحس بعمق الأزمة وبانسداد الأفق أمامها، وهي أثبتت استعدادها للتضحية لتنشيط المعارضة المدنية الاحتجاجية وفق نموذج أفرزه الربيع العربي في بلاد أخرى، واحتاج إلى زمن في تلك البلاد لكي ينضج وحتى عند انفجار الغضب افتقدت تلك الحركات الاحتجاجية التنظيم والهياكل التي تجعلها فاعلة عند فرض أجندة التغيير.
    نحن إذن –في مواجهة موقف بأن التغيير فيه لازم لكن أدواته ما زالت ضعيفة، وميزان القوى ما زال مختلاً، وأجندة التغيير ما زالت مرتبكة مما يخلق واقعاً شديد التعقيد مع تصاعد الأزمات الذي قد تؤدي إلى انفجار عشوائي غير محسوب النتائج أو إلى مزيد من التشطي والانفلات مما يفرض على القوى الحية في المجتمع أن تبذل جهداً لتشكيل قاعدة عريضة متجاوزة بعض تناقضاتها الصغيرة، حتى تصل إلى رؤية واضحة حول متطلبات التغيير التي تخرج الوطن من هذا المستنقع الذي استقر فيه ليؤسس دولته من جديد على أسس راسخة من العدالة والحرية والديمقراطية حفاظاً على آمن الوطن ووحدته وتقدمه، لكن هذا الحوار الجامع الجاد لم يبدأ بعد وإن كانت المحاولات لم تتوقف.

    إننا نعيش مرحلة فاصلة تحتاج إلى مبادرات ذكية وعمل دؤوب ورؤى توحيدية وبرنامج إنقاذ وطني تلتقي عنده كل الفصائل الحريصة على هذا الوطن واستقراره وسلامة وتقدمه حتى لا تداهمنا الأحداث دون سابق إعداد واستعداد.

    [email protected]
    العرب

    ----------------------

    رسالة الى أسر وأبناء شهداء 28 رمضان الأبرار
    08-16-2012 09:53 AM


    رسالة الى أسر وأبناء شهداء 28 رمضان الأبرار

    تاج السر حسين
    [email protected]

    فى مثل هذا اليوم من عام 1990 شهد السودان مذبحة هزت الضمير الأنسانى فى كآفة انحاء المعموره، لا يمكن أن يرتكبها انسان سوى عاقل لا يعانى من عقد نفسيه أو شعور بالنقص وينتمى الى أى دين أو فكر، لم تعهد مثلها من قبل ثقافة الشعب السوداني الطيب الكريم المتسامح، منذ أن عرف السودانيون الحياة فى مجتمعات اتفقوا أو اختلفوا قبل أكثر من 7000 سنه.
    حيث قام النظام الفاشل الفاسد المجرم القاتل بقيادة الضابط المتمرد (عمر البشير)، الذى انقلب على الشرعيه والديمقراطية ليلة 30/6/ 1989، باعدام 28 ضابطا من انبل واشرف وأكفأ ضباط القوات المسلحه السودانيه والى جانبهم عدد من ضباط الصف، بعد قيامهم بثوره (مضاده) لم تكتمل ولم يكتب لها النجاح ولم ترق فيها نقطة دم واحده، لأنهم كانوا (اولاد بلد) اصلاء، وكانت قراءتهم للمستقبل سليمه ومتقدمه وناضجه وكانت أهدافهم نبيله ووطنيه، بأن يخلصوا الوطن سريعا من قبضة مجموعه ديكتاتوريه فاسده، سوف تؤدى به الى الفشل والى الأنفصال والتشتت والتمزق، وأن يعود النظام (الديمقراطي) الذى مهما شابته سلبيات، لكنه يبقى أفضل من نظام (عسكرى) شمولى مختلط بمشروع دوله دينيه وجهاديه (ظلامى)، يقوده اغبياء فاشلين فى العسكريه وفى السياسه، لذلك تسسبوا فى ضياع وطن شعبه وسطى معتدل، يتمتع بمكارم الأخلاق ولا يحتاج لمن يكلمه عن دينه.
    وفعلا صدق توقع اؤلئك الشهداء الأبرار، حيث قامت (الفئة) المارقه والعصابه المتمرده باستقلال الدين من أجل الدنيا فشوهته واساءت اليه وكرهت فيه البسطاء.
    وكل سودانى تعاون أو طبع أو توافق مع هذا النظام المجرم أو عمل ضمن اجهزته أو حزبه، أو ظن امكانية (اصلاحه) من الداخل، منذ أن ارتكب جريمة أغتيال الشهداء الثلاثة (مجدى وجرجس وانجلو) بسبب عمله ورقيه ثم واصل جرائمه باعدام اؤلئك الضباط الشرفاء خلال ساعات معدوده وفى نهار 28 رمضأن، بدون شك يعانى نفسيا من ذلك التعاون والتوافق ويلوم نفسه على ظنه الحسن فى مجموعه مجرمه تفوق سوء الظن العريض، أدخلت الحزن فى قلوب جميع السودانيين قبيل العيد بيومين، وهم يدعون أنتماء للأسلام وجاءوا من أجل نصرته.
    نعم اهل الشهداء وأخوانهم وذويهم ، الشعب كله، اذا كان الشعب له ضمير، لأنهم ضحوا بارواحهم فداء للوطن كله، لكن من الناحية (القانونيه) فلابد أن يتخذ الأجراءات وأن يرفع الدعاوى الأهل والأقرباء.
    ونحن نعلم أن (اسر) شهداء رمضان الأبرار قد أسسوا تجمعا يضمهم جميعا، وظلوا يحيون ذكرى اؤلئك الشهداء وينظمون المسيرات فى كل عام، وكانوا يقمعون ويعتقلون، وفى ذات الوقت نعلم بأن عدد قليل من اهلهم وذويهم باعوا قضيتهم وهادنوا النظام ، سامحهم الله.
    لكنى استغرب بعدما تغيرت الظروف واصبح العالم مثل القريه الصغيره، لماذا لا يطالب اهل اؤلئك الشهداء مطالبة جاده وقوية وأن يستعينوا بالخبراء فى الداخل والخارج من اجل ارغام النظام على الكشف عن مقابر اؤلئك الشهداء، وتسليمهم لأهلهم وذويهم، والعالم كله تابع وشاهد كيف أن (اسرائيل) قد قبلت باطلاق سراح على الاف الأسرى الفلسطينيين وغير الفلسطينين من أجل أن تستعيد الجندى (جلعاط شاليط) بل انها افرجت قبل ذلك عن عدد ضخم من الأسرى العرب مقابل أن تستعيد (رفات) جنود قتلوا فى مواجهات مع حزب الله اللبنانى.
    لقد ظللت على الدوام أكتب عن مذبحة هؤلاء الأبطال الشرفاء ولن اتوقف أو أمل الكتابه، ليس لأن لى من بينهم صديق أو زميل دراسه، فكلهم أخوانى واصدقائى ورفاقى، لأنهم ضحوا من اجلنا جميعا، ولم يفكروا فى انفسهم وفى أسرهم وامهاتهم وابنائهم أو من اجل تحقيق مصلحه شخصيه، كان بامكانهم تحقيقها لو رضخوا للنظام الشمولى الفاسد كما فعل بعض من رفاقهم الذين تخلوا عن وطنهم وباعوه بثمن بخس من أجل حياة هنيئة ومتع زائله.
    فأصبح هؤلاء الأحياء امواتا، وأؤلئك الشهداء احياء يكاد ينطبق عليهم بيت الشعر الذى يقول (لله ميت بالمدينة قبره حى، والأحياء اموات).
    أتمنى أن تتحرك مجموعه من اسر اؤلئك الشهداء وأن تتقدم بطلبات لكآفة المنظمات الأقليميه والدوليه ذات الصله للضغط على النظام المجرم للكشف عن مقابر اؤلئك الشهداء ، لأنها سوف تكشف الكثير، وأن يعاد دفنهم بالطريقة التى تليق بهم وبما قدموه لوطنهم، شاء النظام أم ابى
                  

08-18-2012, 12:52 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)



    رسالة إلى مولانا
    08-16-2012 09:59 AM

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    الموضوع : " إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره المتدينون , بغّضوا الله إلى خلقه , بسوء طبعهم و سوء كلامهم "

    (من أقوال الإمام المرحوم الشيخ محمد الغزالى المصرى)

    عوض سيداحمد عوض
    [email protected]

    تعليق :
    حباك الله يا مولانا وجعل الجنة مثواك , نعم هذه حقيقة , ويا ليتهم وقفوا عند هذا الحد , ولكنهم يا مولانا ذهبوا لأبعد , وأخطر من ذلك كثيرا , حدث هذا عندنا هنا فى بلدنا الحبيب السودان , سطوا ليلا على سلطة شرعية , اكتسبت شرعيتها عن طريق آلية التفويض الجماهيرى , وحولوها الى : " الشمولية البغيضة " ....... ( قمة فى استبدادها , قمة فى سطوتها , قمة فى جبروتها )..... وهذا ليس بغريب, بل الغريب ألا يحدث , لماذا ؟؟؟ ... لأنهم ساروا على نهج , وطريق الشموليات البغيضة السابقة لها ,والتى اعتمدت فى مسيرتها , على مبادىء مستمدة من تعاليم , وموجهات التلمود اليهودى هما مبدأئى : " التمكين / الارهاب "..... تم انزالهما على الأرض , وكانا بحق , هما الموجهان , والمسيران , لهذا العنف المشين , والاستبداد المذل , كى يؤتيا أكلهما !!!!!!!....... مورس كل ذلك علينا – ( وللأسف الشديد ) - , باعتبارهما من : " تعاليم , وموجهات الاسلام "... وكانت النتيجة , الحتمية اننا نعيش الآن فى ظل المآلات المرسومة , والمرتجاة , من عملية تطبيقهما , وانزالهما على الأرض , ونحن الآن , نقتطف , وفى كل أوجه حياتنا , من ثمارهما المر , والممعن فى سوءه , وقبحه , وشروره , والذى ترزح تحت وطئته , وتكتوى تحت نيرانه : "

    البلاد والعباد " كماهو معلوم , ومشاهد للناس كل الناس , يقابل ذلك النقلة الكبيرة , والهائلة , لصفوت القوم : " مبعوثى العناية الالهية " .... " الرعاة " ... رعاة , الأمة , الذين حسب المفهوم الحقيقى لتعاليم ديننا الحنيف , أن يكونوا : " خداما للرعية " لا " بغاة عليهم " هذا هو الاسلام الحقيقى , ماذا عنهم الآن , وكيف حالهم ؟؟؟
    انهم يعيشون اليوم بموجب المبدأ الأول , فى شكل أباطرة القرن (21) يملكون : ( الفلل الفخمة , والبنايات العالية , والاقطاعيات الفسيحة , والشركات الضخمة متعددة الأغراض , والأموال التى لا حصر لها داخليا وخارجيا ) كل ذلك باسم التمكين الذى أعطاه الأب الروحى لهم : " الصبغة الاسلامية " ... ومن هنا جاءت : " البلية , وكانت الطامة الكبرى , والمصيبة العظمى , والفتنة العارمة , أصابت الأمة فى صميمها )


    ومع ذلك كله , فانهم , وحتى هذه اللحظة لايرون , أى ذنب , أو جرم , أو فساد فى الأرض , قد أرتكب , بل العكس تماما : هم , لا يزال فى حالهم الأول , عندما تربوا , ونشأؤوا عليها , وأشربت بها عقولهم , وهم شباب غر – ( من الأب الروحى لهم ) - ,لم يعيدوا النظر فيها بالجدية , والتوجه السليم , والنية الخالصة لله سبحانه وتعالى نحو الرجوع : " للحق " ولا شىء غير الحق , بل لا يزال هم سائرون , فى غيهم , واعتقادهم , أن ذلك كله , يعد بالنسبة لهم , عبادة يتقربون بها الى الله , وأن هذا : " التمكين " القائم على النهب , والغلو , والفساد فى الأرض , لا يزال يعد عندهم , حق شرعى مكفول لهم , ... لماذا ؟؟؟..... لأنهم هم : " حملة رسالة " و " ومبعوثى العناية الالهية " لانقاذ رعيتهم !!!!!!!!!


    أما المبدا الثانى كانت نتيجة تطبيقه , وانزاله على الأرض , أن كفل لهم , وحولهم الى هذه الحالة الماثلة أمامنا من : القبضة الحديدية الطاغية شديدة الوطئة , والتكبر , والتعالى , وحالة الأستبداد فى الأرض , مع القهر , والجور , المنقطع النظير , يقابله من جانب الآخر , حال الرعية , ما وقع عليها وأصابها فى الصميم من : المذله, والمهانة , وتعدى على كرامة الانسان , الذى كرمه الله تعالى , بصورة ,أشد , وأقبخ ايلاما ,..... أنزلوا كل ذلك عليها, وبصورة لم تر مثلها فى تـاريخها الطويل , فحولتها : حولت هذا الشعب العريق , صاحب العزة والكرامة , والأخلاق الفاضلة , والقيم النبيلة المعروفه , والمعلومة عنه , داخليا وخارجيا ,...... حولته الى شعب آخر , والى حالة نقيضة , حولته الى شعب : " ذليل , مقهور , مهان فى عزته , وكرامته , فكانت النتيجة , ما نراه ونشاهده , من حالة : هذا الضعف , وهذه الاستكانة , وهذا العجز المهين , وهذا بعينه هو المطلوب , والمرتجى من تطبيقه .
    يقودنا هذا الى حقيقة ساطعة , وهى أن هذين المبدأيين قد تكاملا فى تحقيق هدفيهما النهائى فينا , وأعطيا أكلهما بالكامل : ( رعاة يملكون كل شىء : السلطة القاهرة , والمال الوفير , من جانب , والاسكانة الكاملة والخضوع من الرعية من جانب آخر )


    من المعلوم أن هذه القفزة السريعة ذات الدرجة العالية , ترفع الانسان الى : " مقام كبير " يعد أكبر وأعلى مقام من مقامات الدنيا الحقيرة , يفعل فعله فى انزال غشاوة على القلب , تحد من مفعول حاستى : " البصر والبصيرة " وتعميهما ,عن , الرؤيا السليمة , حيث تتبلد مداركه, بصورة لا يرى فيها , الاّ نفسه , وأنّّه فوق الجميع , ومن ثم ينسد أمامه طريق الرشد , كما رأيناه , وشاهدناه كمثال حى فى : " فرعون " ... وأمثاله من الجبابرة , الغابرين منهم , ومن لا يزال على قيد الحياة , ونراهم , الآن أمامنا , مغيبون أيضا عن أخذ " العبر" والنظر فى طلب النجاة , والفوز , ليس فى آخراهم , فحسب , بل فى دنياهم هذه , وهم يرون , بام أعينهم , أمثالهم , يتساقطون الواحد , تلو الآخر , ولا يتعظون , بل يتمادون فيما هم فيه , من نظرة دونية , قمة فى استهتارها , بالرعية !!!!!!!!!!!
    هذا هو الذى حدث يا مولانا , فهل هناك , هدية , تقدم : " لأعداء الحق والدين " الى : " الأمة القضبية " .... أعظم , وأجل , من هذه , ان , أقل مايقال عنها , يا مولانا , انها تعطيهم المبرر الكافى , والمثال الحى , فى خدمة أهدافهم , ومراميهم البعيدة ’ فى عملية تشويه صورة الاسلام الحقيقى , والرسالة الخاتمة , والتى هم أول من يعلم حقيقتها , ويعلمون أنها , خاتمة الرسالات , والمصححة , والمكملة , لها , وأنها جاءت لاسعاد البشرية جمعاء , يعلمون ذلك كله , ولكنهم يرفضونه , جحودا , وصلفا , واستكبارا من عند أنفسهم , كما أخبرنا بذلك فى ثنايا كتابنا المنزل , وسنة نبينا وحبيبنا المكمل الأكمل , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم , وأقرب مثال لنا سورة الفاتحة التى يتلوها المسلم (17) مرة فى اليوم خلال أداء , صلواته الفرضية , نقف خاشعين أمام ربّ العزة , نسأله : (( اهدنا الصراط المستقيم . )) ماذا قال عنه , وعن مناهضيه علماؤنا الأجلاء ؟؟؟


    (1) (( صراط الذين أنعمت عليهم . )) ... هم الذين عرفوا " الحق " واتبعوه , هم المؤمنون حقا , وصدقا .
    (2) (( غير المقضوب عليهم . ))..... هم الذين عرفوا " الحق " و " رفضوه " رفضهم للحق جاء بعد علمهم به , وتثبتهم منه , ولكن رفضوه جحودا واستكبارا من عند أنفسهم , فهولاء هم اليهود : الأمة القضبية .
    (3) (( ولا الضالين . )) ... هم الذين جهلوا الحق , وأنكروه , فانكارهم للحق , جاء نتيجة جهلهم له , وهنا ياتى الأختلاف الشاشع , والبين , بين الفئتين , من أهل الكتاب , لذا ثبت أن الأخيرين ظلوا , ولا يزال , أقرب للحق , وأكثرهم رجوعا له , من ألأولين .
    ومن هنا نستطيع أن ندرك حقيقة العدو الأول لنا , بل , للبشرية جمعاء .
    ( اقرأ ان شئت رسالتى تحت عنوان : " أعرف عدوك " )
    وقبل أن نختم هذه الرسالة , هناك تساؤل يرد على أذهان كثير من الرعية يتحتم علينا رفعه للراعى الأول بصفة خاصة , وما يليه من باقى الرعاة , بصفة عامة , نوجزه فى الأتى :
    (1) ربما من الثابت , والمؤكد , أنهم لم يكونو مدركين لحقيقة هذه التعاليم والموجهات التى أعطت لهذين المبدأيين المدمرين الصبغة الاسلامية , نظرا لأن الأب الروحى لهم , نهج , نهج , سابقيه فى التركيز فى عملية بث ما يريد بثه , وذرعه , فى عقول الناس , على جيل الشباب من الجنسين , لثبوت وتأكد قابلية هذا التوجه للنجاح , اعتمادا على تجارب سابقة , ممتدة , لقرون طويلة طاعنة فى القدم , ولكن السؤال الذى يفرض نفسه , بعدما ظهرت النتيجة , ورأى الناس , ان الذى أنزل على الأرض ’ هو نسخة طبق الأصل , لما وصل الى علمهم , أو رأوه , رأى العين , مطبقا فى كل الشموليات البغيضة السابقة , أو القائمة بين ظهرانينا حاليا , والتى كانت , ولاتزال هى السبب الأساسى , والرئيسى لقيام , وهبة , ثورة الربيع العربى , التى نعائشها الآن , وثبت أنها , كلها لا تعدوا كونها ردة , رجعت باليشرية , الى الحالة التى ارتدت اليها سابقا , وجاءت الرسالة الخاتمة وأنقذتها منها , أى حالة :
    ( الجاهلية الجهلاء )


    ألم يكن هذا كافيا للرجوع للنفس , والتوجة بصدق واخلاص , وعزيمة صادقة , ونية خالصة لله وحده , نحو أعادة النظر فى هذه التعاليم , والموجهات ؟؟؟؟ وخاصة أن هناك أحداث كثيرة , كان الأمل معقودا عليها فى الدفع للسير نحو هذا , التوجه , نأتى على ذكر , بعضا منها :
    (2) اتهامكم مؤخرا , للأب الروحى لكم بأنه : " ماسونى " ومن البديهى والمعلوم بالضرورة ,أنكم تدركون خطورة هذا الأتهام , وتدركون أن هذه الصفة لا تنطبق الاّ على شخص تجرد تماما , وبطوع ارادته , من دينه , وعقيدته , وأصبح لا يومن ببعث , ولا عذاب قبر , وغير معنى بكل الغيبيات , هذه كما تعلمون , تمثل بحق , أهم الصفات , والمؤهلات , المطلوبة , والجديرة بتأهيل صاحبها للقبول , والرضاء الكامل , من الآباء الكبار مسئولى هذه المنظمة , ومن ثم الولوج الى داخل : " كنيس ابليس " لتأهيله , وأعداده ليكون , جديرا بالقيام لما أوكل اليه من مهام , هذا أمر, مفهوم , ومعلوم للجميع .
    (3) يقودنا ذلك الى سؤال هام , ومصيرى , وهو : هل هذه الصفة التى ألبستها له , يا سيادة الراعى الأول , كانت مصاحبة له عند رجوعه من السربون , واستيلائه على زمام أمر الجماعة , وانشاء مدرسته الجديدة التى أعدكم فيها لادارة دولته المنشودة , أم جاءت بعد المفاصلة التى جرت بعد مضى حوالى عقد من الزمان من قيام دولته هذه ؟؟؟؟؟؟؟
    (4) عملية تراجعة واعترافه الصريح بأن حرب الجنوب ,التى كان هو السبب الأساسى والرئيسى فى تحويلها من قضية داخلية , قائمة على مطالب مشروعة ’ وتم الأعتراف بها من الجميع , وكانت على بعد خطواط من حلها , حلا , جزريا , دون تدخل أجنبى , اتفاقية : ( الميرغنى / قرنج ) وبعيدا عن كافة التداعيات , والمصائب , والمهالك , التى أوقعنا فيها بعد تحويلها الى : " حرب جهادية " ودفعكم دفعا اليها فى هذا الاتجاه الذى رسمه لكم , وكانت نتيجة ذلك هو ما نعائشه اليوم , ونقتطف من ثماره ,المر , المميت , تم جاء بعد المفاصلة , وبعد أن اتت العملية : " أكلها " بالتمام والكمال , يعلن للعالم كله, اعترافه – ( وهو صادق فيه غير كاذب ) - قال : " انها غير جهادية " ومع اعتقاد كثير من الناس , أن اعترافة هذا , لم يكن بدافع التوبة , والرجوع للحق , بل يرون أنه مجرد عملية : " مكايدة سياسية " وكما هو معلوم أن هذا لا يطعن فى حقيقة صحة أعترافه , وفى انها غير اسلامية , فهذا الذى أعترف به هنا , وكل ما جاء لاحقا من العديد من التراجعات , والاعترافات , ثمثل وتنطق تماما عن : " الحق " الذى لا مراء فيه - ( وسبق أفتى فيه , واثبته كثير من العلماء ) - وهو يعلم ذلك, ويدركه تماما , وما يسعنا فى هذا المقام , الاّ أن نسأل الله لنا وله الهداية .
    (5) فى التصريح الشهير الذى خصه لقناة الجزيرة , والذى وصفكم فيه قائلا : " كسبوا الدنيا ونسوا الآخرة "... لا شك أنه يعلم أن عملية انزال هذين المبدأيين على الأرض , تكتنفه مخاطر كبيره تحتاج الى جهد خارق فى (عملية الاقناع ) وبالأخص هنا فى السودان , لماذا ؟؟؟ ..... لأن عملية انفاذهما تتطلب : " وأد " كامل لكل ما بشرت به الرسالة الخاتمة , من خير كثير , وعظيم , يعم البشرية جمعاء , بشكل لم تعهده فى تأريخها المظلم الطويل :
    ( العدالة هى أساس الحكم فى الاسلام , لا بد من بسطها فى جو من الحرية والمساواة التامة بين أفراد الأمة .... الخ المبشرات)
    ومن هذا يتضح أن تعاليم الاسلام تسير فى خط, موازى تماما لخط هذين المبدأيين , فلا يلتقيان أبدا , فهذه هى العقبة الكأداء , فما الحل, وكيف ازالتها ؟؟؟؟؟ :
    " فقه الضرورة " أى تحويرا لمبدأ مكافيلى : " الغاية تبرر الوسيلة " .... وتم الانجاذ وكان كما هو معلوم ومشاهد : قمة فى بشاعته , وقمة فى جاهليته , فكانت مسيرة كالحة , مظلمة , كل انجازها تبلور فى عمليات : ( التشريد – بيوت الاشباح –الحروب التدميرية .... الخ ما هو معلوم ومشاهد للناس ) ............ ثم جاءت المكافئة الكبيرة , والهائلة , على هذا الانجاز المدهش , فى شكل هذا الذى عبر عنه الأب الروحى لهم ,تعبيرا صادقا واصفا أياهم :
    " كسبو الدنيا , ونسسو الآخرة "

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا ويهديهم , ويوفقهم , ويعجل لهم السير بخطا سريعة , ونية خالصة لله , فى اتجاه طريق التوبة النصوحة , وييسر لهم عملية آداءها كاملة غير منقوصة , يتم بموجبها , اعطاء كل ذى حق حقه , وجبر كامل , وتام , لكل الأضرار , مع رجاء حسن العاقبة .
    وفى وقفة أخيرة أقول : اننى اذ أخاطبكم يا اخوانى , ويا أهلى , ويا بنى وطنى , ويا ولاة أمرى , أوكد لكم , وأشهد الله على ذلك ,... أننى لم أقدم على هذا , الاّ , بداع , الاصلاح , وقول الحق , ولا شىء غير الحق , وأرجوكم , أن تعتبروا ,دائما بقوله تعالى : (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا . )) كما أرجوكم أن تجعلوا لكلمة : " الحق " سبيلا الى سمعكم , وبصركم وبصيرتكم , مقتدين بالتوجيه الشهير الموجه لكلينا , راع , ورعية , من سيدنا وحبيبنا , أمير المؤمنين عمر بن الخطان حين قال :
    " لا خير فيكم اذ لم تقولوها , ولا خير فينا اذ لم نسمعها . "

    والى هنا نختم بالدعاء المأثور:

    ( اللهم أرنا الحق حقا , وأرزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلا , وأرزقنا اجتنابه . )



    -------------------

    منبر الخال ثقافة التنوير وثقافة الإظلام؟

    August 17, 2012

    معتصم حمودة
    بعد انفصال الجنوب عن الشمال تميزت هذه المرحلة بازدياد دور الخال الطيب في الحياة السياسية بالرغم انه لا يحمل أي رؤية ، وكل ما ينادي به كان الانفصال ، وسوي ذلك يعتبر أفكار غامضة ضبابية تفتقد أي إطار عملي أو أي أهداف محددة بوضوح ،ماعدا نزعات عنصرية اغلبها موجه مشحون بعداء للجنوبيين، وهو عداء عنصري صاغه تحت ستار مخادع من ادعاء حماية دين الله من الجنوبيين، حتي لو دخلوا في دين الله أفواجا، وهي نوع من العنصرية المبطنة التي لا تختلف عن عنصرية باقان التي امتدت وانتشرت لدي بعض إخوتنا الجنوبيين في نوع من المواجهة التي تستبدل الإقصاء بمثله وإلغاء الآخر بما يشابهه كرد فعل لعنصرية مهيمنة بعقدة التفوق علي الآخر، لا تخلو من نزعة تحقير للثقافات المغايرة لثقافة المركز الذي انطلقت منه. واستئصال أي تيارات ثقافية مغايرة ، مع اعتبار الجنوب والشمال ثنائية ضدية لطرفين متناقضين، وجود احدهما يعني نفي للآخر وقضاء عليه ،وذلك في سياق حتمية الصراع التي تنتهي بانتصار مشروع السودان الجديد في حالة ظل السودان موحدا كما يتوهم الخال الطيب ، حيث لا إمكانية للتنوع البشري الخلاق أو التسامح الذي يعني قبول الآخر واحترام الاختلاف الذي دعت إليه الأديان بسبب غياب الأحزاب السياسية التي نشأت ولديها برامج وأهداف معينة ، مثل مبداء مقاومة الانجليز والعمل علي تحقيق الوحدة الوطنية واستقلال السودان آنذاك ، ولاحقا لم يكن لديها أي دور مؤثر في رسم سياسة مجتمعها العامة خلال حكم سنوات الإنقاذ ، ولم تشكل أي قيدا علي النظام كمعارضة، أو تشارك في صنع القرار في نيفاشا أو ابوجا اوغيرها، لذا ترك غيابها ، فراغا سياسيا ساعد علي زيادة قوى الانفصاليين والعنصريين، مثل منبر الخال الذي لا يحمل أي رؤية فكرية أو برامج وطنية وكل ما ينادي به كان انفصال الجنوب عن الشمال وما عدا ذلك تعتبر أفكار غامضة ضبابية وتفتقد أي إطار عملي أو أي أهداف محددة بوضوح،



    وتصور فكرة الوطن لدي الخال لا تزال يكتنفها الغموض حتى بعد استقلال الجنوب عن الشمال ،لذا تنقصه الفعالية إلا في مجالات محدودة نسبيا مثل مشاركته في انتخابات بعض الجامعات وفشله فيها، ولم يستطع المنبر المنافسة في انتخابات اللجان التنفيذية العمالية والمهنية في المؤسسات، وهي المجالات التي عادة ما يسيطر عليها المؤتمر الوطني.

    في المقابل كان أهم ما تركته عنصرية منبر السلام من اثر في الوعي السوداني العام في سودان ما بعد الانفصال أنها نبهت هذا الوعي إلي تخلف الوضع الذي تعيش فيه وضرورة تغييره ،وادي ذلك لظهور حركات شبابية مناهضة للنظام القائم ترفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام ،بعد أزمة الثقة بين المواطن الجائع وبعض النخبة المنتفعة، القابضة علي قنوات الخطاب العام لأكثر من عقدين من الزمان ،رغم أن بعض قيادات الأحزاب الطموحة تنظر لتلك الحركات الشبابية كأداة يمكن أن تقود المجتمع إلي ثورة شعبية ومن ثم سرقة الثورة كما حدث في ابريل ولكن هيهات لهم .


    فقد كان من وراء ظهور هذه الحركات نمو وعي سياسي والهام التجربة التونسية لدول شمال إفريقيا المجاورة للسودان أو ما تعرف بدول الربيع العربي، وتعدد القنوات الفضائية له دلالته التي تكشف عن تفكك مركزية البناء الثقافي لتلفزيون السودان، وتحلل سلطة النزعة الابوية التي كانت سائدة خلال فترة الطيب مصطفي ومن كان بعده، وظهور قنوات للتفاعل والحوار، وساعدت علي تغلغل فكرة تطبيق التجربة التونسية في أوساط المثقفين وطلاب الجامعات وحتى الأوساط العادية، بحسبان ليس من الممكن أن تكون كل جماهير شعب السودان من الصابرين المحتسبين الذين يمكن أن يتحملوا تبعات سياسة التقشف وغلاء المعيشة التي طالتهم ، فالأكثرية من هذا الشعب عائلات لديها أبناء في مراحل دراسية مختلفة يريدون أن يأكلوا ويشربوا ويتعالجوا، فكيف لهم تحمل هذا وقد صبروا ثلاثة وعشرون عاما، وأي قيمة لسلطة لا تستطيع القيام بواجباتها لمواطنيها، لان المواطنين لا يأكلون وعود بمحاربة الفساد والمحسوبية وإنما يأملوا في توفير الاحتياجات الأساسية المأكل والمشرب، فإذا لم تتوفر هذه الأشياء، فان أي شعارات لن تجدي نفعا ،وهذا مادي لزوال الاتحاد السوفيتي الذي قدم الوعود بالإصلاح علي الجانب الاقتصادي.

                  

08-19-2012, 12:47 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    التغيير القادم بقوة يستهدف الرئيس و مساعده؟..

    جهاز الأمن الحالي واجهة لجهاز أمن خفي.


    08-19-2012 02:27 AM
    حسن وراق


     ربع قرن يقترب من حكم الإنقاذ والنظام الحاكم طوال هذه الفترة الطويلة لم ينجح سوي في إدمان الفشل الذريع الذي انتهي بتقسيم البلاد وانتشار الحروب في كل الأقاليم وطغيان الفساد الذي أدي إلي الانهيار الاقتصادي وحالة الغلاء المتصاعد الذي جعل العيش شظفا ضيقا لا يمكن تحمله والنظام الحاكم لا يملك مخرج من هذه الأزمة إلا بمزيد من الأزمات .

     يعتبر عرابو النظام أن بالقبضة الأمنية وحدها يمكنهم أن يحكموا مدي الحياة و فات عليهم أن أكثر الأنظمة استقرارا اقتصاديا ورفاهية لم تصمد برغم قوتها الأمنية الهائلة المتغلغلة والمتحكمة و انهيار منظومات أمنية تاريخية مثل السافاك الإيراني والسيكورتاتا الروماني والكي جي بي السوفيتي وانتهاء بأجهزة امن الربيع العربي دليل علي أن ليس بالقبضة الأمنية تحكم الشعوب.

     جهاز أمن واستخبارات نظام الإنقاذ مرّ بمراحل لم ترسخ في ذهن المواطن السوداني إلا و أنه أكثر الأنظمة شراسة وقمعا وإرهابا ادخل العديد من الأساليب المرفوضة و الغريبة علي المجتمع السوداني وأخلاقياته في سبيل تمكين الحكم ورغم سماحة الشعب السوداني إلا أن ما تعرض له الكثيرون في أقبية الأمن وبيوت الأشباح ملأ النفوس بالحقد والرغبة الأكيدة في الانتقام وهذا أخطر ما يهدد النسيج الاجتماعي للأمة السودانية .

     التغيير سنة الحياة شاء النظام أو لم يشأ . كل الأنظمة التي حكمت بجبروت وطغيان أين هي الآن ؟؟ الربيع العربي الذي أخاف العروش الخربة ما هو إلا احد نماذج التغيير الكثيرة وعندما ( يتبجح ) صقور الإنقاذ بان السودان ليس به ربيع أو أن الربيع كان في الثلاثين من يونيو فأنهم يمترون ويجحدون وينكرون حتمية التغيير القادم خوفا علي مصيرهم البائس لما اغترفوه من فظائع لن تغفر وظلت تمثل هاجسا مزعجا وفي الذهن ما حدث لسفاح ليبيا العقيد القذافي .

     القوي السياسية رغم ضعفها و حركتها المقيدة ووسائل اتصالها الجماهيري المصادرة إلا أن إنكار تأثيرها يعد نوع من المزايدة والهروب إلي الإمام . القوي السياسية المعارضة لا أحد ينكر دورها للخروج من أزمة الحكم ظلت تطالب بتطبيق تجربة المغرب وجنوب أفريقيا في العدالة الانتقالية عبر ما يعرف بالإنصاف والمصالحة و المطالبة بعقد مؤتمر المصالحة والمؤتمر الدستوري الجامع إلا أن كل هذه المقترحات قوبلت بالسخرية والرفض بكل عنجهية.

     انتفاضة المدن والأحياء السكنية الأخيرة عقب رفع الدعم عن المحروقات واستنكارا لحالة الغلاء بعثت برسالة قوية للنظام الحاكم الذي بدأ يحس بالرعب من (تبعات ) التغيير وحتميته . نبض الشارع أصبح مسموعا عبر اختيار مسمي جمعات التظاهر ( لحس الكوع وشذاذ الآفاق ) والشعارات الصارخة التي كانت تستهدف رئيس الجمهورية ومساعده الدكتور نافع واللذان يشكلا محور الصراع الداخلي للحركة الإسلامية والحزب الحاكم .

     حالة الململة والأحاديث ( الصريحة) عن احتدام الصراع وراء الصوالين والغرف المغلقة انتقل بشكل علني علي صفحات الجرائد والمواقع الإخبارية وبدأ النقد يوجه صراحة لرئيس الجمهورية الذي يتحدث بخطاب منفر وكذلك مساعده (المتغطرس ) . العديد من قيادات الحركة الإسلامية والحزب لا يريدون أن يدفنوا تاريخهم السياسي وتضحياتهم في ركام أخطاء الرئيس ومساعده ولهذا بدأ الصوت يعلو مطالبا بالتغيير الذي لن يكون جادا وفعالا إذا لم يبدأ بالرئيس ومساعده .

     كل الدلائل تشير إلي أن النظام بكلياته يبحث عن مخرج لأزماته بعد أن سقطت عنه آخر ورقة توت لم تعد تستر عورته . نشطت في الآونة الأخيرة زيارات الوفود الأمريكية للخرطوم وجوبا وتردد رئيس الجمهورية المستمر علي دولتي قطر والسعودية يؤكد ،أن التغيير القادم يتم برعاية خارجية وانبطاح بدون شروط سوي (المخارجة الآمنة ) . موافقة الوفد المفاوض مع حكومة الجنوب بشأن رسوم النقل وقبولهم بمبلغ 9 دولار مقابل 36 دولار ظلوا يتمسكون بها بكل عنجهية كشفت أن النظام (كيسو فاضي ) ويبحث عن أي مخرج.

     الإدارة الأمريكية علي الرغم من أزمة الحكم إلا أنها تنظر لنظام الخرطوم بانه الاقوي مقارنة بالقوي المعارضة الداخلية الضعيفة التي ستخلق فوضي وخلل أمني في المنطقة Vacuum في حالة سقوط نظام الإنقاذ الذي ما زال دوره محفوظ في تفكيك شبكة الإرهاب للإسلاميين وتعاون رئيس الجهاز السابق المنقطع النظير مع المخابرات الأمريكية في هذا الشأن ولهذا تري الإدارة الأمريكية ضرورة إحداث تغيير داخل نظام الإنقاذ حتى يتم التعاون معه بشكل أفضل ( سياسة العصا والجزرة ) سيما وان الإدارة الأمريكية نجحت في نزع أسنان النظام و(كسر عينو) وايقنت أن مشكلة النظام في السودان محورها الرئيس و مساعده وهكذا تأكد من قراءة الاحداث الاخيرة في الشارع السوداني . .

     أزمة الحكم استفحلت لدرجة أن أصبحت تهدد بقاء الدولة السودانية وحالة الغلاء الراهنة لا يمكن تحملها وكل يوم تشهد تصاعد حتى أصبح تفكير المواطن البسيط هو أن الموت بالرصاص ارحم من الموت جوعا وحرمانا والحكومة لا تملك ما تنقذ به الموقف بعد أن أصبح فساد الحكم يلتهم كل موارد الدولة الداخلية والخارجية الي درجة أن دوائر التمويل الخارجية بما فيها الصناديق العربية أحجمت عن تقديم الدعم حتى بالفوائد العالية لأنها أصبحت لا تثق في النظام بحالته الراهنة مما يجعل التغيير ضرورة تمليها مطلوبات خارجية .

     النظام الحالي لا يحتمل أي ( ترقيع ) ليصبح مقبولا من المنظومة العالمية التي لا تقبل التعامل مع نظام رئيسه تطارده العدالة الدولية ومن هنا تعنبر الدوائر الخارجية والمجتمع الدولي بأن علي النظام تغيير رئيسه قبل كل شيء وهي تدرك أن تغيير الرئيس في نظام شمولي قمعي سيحدث ارتجاج وهزة عنيفة لها آثار لا يمكن إغفالها ولهذا بدأت قيادات الصفوف الخلفية في الحركة الإسلامية والحزب تتأهب للتغيير القادم .

     التغيير القادم بدأ التحضير له أمنيا في نظام يعتمد علي القبضة الأمنية المطبقة التي أحكمت السيطرة المطلقة علي اقتصاد البلاد وموارده وتتقاطع فيه عدة أشكال أمنية في دوائر متداخلة لها بعد جهوي وقبلي تدين بالولاء المطلق لبعض رموز النظام . التغيير الأمني بدأ بالتركيز علي أمن الدولة بدلا من أمن النظام الذي وجب تغييره . الأجهزة الأمنية حاولت استغلال الأحداث الأخيرة لتوصيل رسالة إلي جموع المعتقلين بالسياسة الأمنية الجديدة لا ستيعاب التغيير القادم ومحو الصورة السالبة لتجاوزات الأمن في السابق.

     الجميع يدرك بأن جهاز الأمن والاستخبارات الحالي ما هو إلا واجهة لجهاز أمن خفي وهذه الحالة خلقت نوع من الارتباك وعدم الرضي تؤكد ان الإستراتيجية (العليا) تري أن أمن النظام يتقدم علي أمن الدولة وهذا يتضح جليا من اللجان الأمنية في المحليات والولايات أصبحت تحمي في رموز النظام و منسوبيه وهي تملك كم هائل من المعلومات في مواجهتهم وهذه حالة من التناغض أضعفت هيبة الأمن في نظر المواطن البسيط الذي يدرك أن الفساد أصبح ( سباق حر) وقفا علي أركان النظام ومؤيديه وأن الأجهزة الأمنية تقوم بتوصل المعلومة دون أن تري اثر فعال من الجهاز التنفيذي أو العدلي .

     الأجهزة الأمنية لا تنفصل عن بقية مؤسسات الحكم التي تأثرت بالأزمة العامة علي الرغم من الميزانية المرصودة للأمن والدفاع تصل إلي 70 % من ميزانية الدولة والغلاء الطاحن لا يستثني أحد بمن فيهم أفراد الأجهزة الأمنية الذين اقتنعوا أن هذا النظام استنفذ كل فرص البقاء وحان أوان التغيير . توقع التغيير وسط الأجهزة الأمنية بدأ ظاهر للعيان من خلال الأحداث الأخيرة و التصريحات والاعترافات وحالة الإحباط واليأس وهم يتصدون لأبنائهم وإخوانهم وفي ذات الوقت يشهدون بأعينهم أن الفساد أصبح مؤسسة قابضة بتلابيب النظام ورموزه وان الدولة السودانية أصبحت في محك رئيسي تبقي أو لا تبق ولعل هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة لان التغيير أصبح حتمي ولا بد منه لان النظام وصل الميس و(مكنتو صلبت) والتغيير ضرورة لا تقبل التأجيل أو التأخير لان الحالة بصراحة واقفة وليس بالقبضة الأمنية تحكم الشعوب
                  

08-23-2012, 07:06 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الجذور التاريخية لبذور العلمانية في السودان
    Thursday, August 23rd, 2012
    بقلم : تاج السر عثمان

    أولا: العلمانية: المفهوم والمصطلح:

    عند الحديث عن العلمانية يقفز إلى الذهن ذلك التعبير عن الوضع الحضاري الذي ظهر في اوربا منذ عصر النهضة، ومازال هو الذي يميز موقف الغرب من شؤون الدين والدنيا حتى يومنا هذا. وكما هو معلوم العلمانية هي اجتهاد في ميدان التنظيم السياسي للمجتمع والابقاء على هذا الميدان بشريا تتصارع فيه برامج البشر ومصالحهم الاجتماعية والاقتصادية، وهذا الاجتهاد ضروري ومطلوب في الفكر الديني والإنساني لمواجهة المعضلات والمشاكل الجديدة التي تطرحها الحياة المتغيرة والمتبدلة دوما.

    من هذه الزاوية، العلمانية مكسب حققته البشرية في صراعها الطويل من أجل حرية البحث والإبداع، واستخلاص التشريع من المصادر الدينية والعرفية والفكر الإنساني، دون الانطلاق من حالة ذهنية تتسم بالجمود والتحجر، بدلا عن الواقع المتجدد والمتغير. من هذه الزاوية لاترتبط العلمانية بالغرب، بل أصبحت ملكا للبشرية مثل المنجزات الأخرى في ميادين العلوم والاكتشافات التقنية الأخرى.

    ومعلوم أن أصل لفظ العلمانية في اللغة الانجليزية(Secular)، مشتق من كلمة لاتينية تعني القرن(Saeculum)، بمعني الزمانية. العلمانية، إذن ترتبط في اللغات الاجنبية بالأمور الزمنية، أي بما يحدث في هذا العالم، وعلى هذه الأرض(د. فؤاد زكريا: العلمانية ضرورة حضارية، قضايا فكرية العدد 8 ).

    كما أن العلمانية لا تعني استبعاد الدين عن ميدان قيم الناس الروحية والاخلاقية، ولكنها تعني التمييز بين الدين والممارسات السياسية المتقلبة، باعتبار أن الممارسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية اجتهادات وممارسات بشر قابلة للتعديل والتطور.

    ثانيا: ماذا عن التطور التاريخي للسودان؟

    عندما قامت السلطنة الزرقاء أو دولة الفونج في سودان وادي النيل في الفترة(1504 – 1821م)، كانت اوربا قد قطعت شوطا منذ بداية عصر النهضة، واستطاعت أن تنفتح على حضارات العالم وبعثت مكتسبات الحضارة اليونانية والرومانية وتمثل منجزات الحضارات الإسلامية والآسيوية، واستطاعت أن تكتشف وتطور وسائل تقنية جديدة مثل صناعة الطباعة(جوتنبرج)، وصناعة الورق، واكتشاف السلاح الناري، اختراع البوصلة، هذا إضافة لاتجاهها للخارج لنهب شعوب المستعمرات في الأراضي الجديدة والقديمة. هكذا بدأت الثورة التجارية والتراكم البدائي لرأس المال، الذي أدى إلى تحسين الزراعة وتحقيق فائض من الإنتاج الزراعي في انجلترا وفرنسا، مهد للثورة الصناعية وانتصار نمط الإنتاج الرأسمالي، وقامت الثورة الفرنسية التي دكت حصون الاقطاع والجمود، وحل النظام العلماني محل الدولة الدينية والحكم بالحق الآلهي، وتم إعلان ميثاق حقوق الإنسان.

    عندما تم ذلك، كان التطور التاريخي فيما يختص بعلاقة الدين بالدولة يشق طريقه في سودان وادي النيل على النحو التالي:

    1-عرفت مملكة نبتة ومروي حكم الملوك الآلهة أو حكم الكهنة الذين ثار عليهم في مروي الملك اركماني عندما طالبه الكهنة بالقتل الطقسي حسب مشيئة الرب، ورفض ذلك وقتل الكهنة جميعهم في الهيكل المقدس، وغير في قوانين مملكة مروي. كان الكهنة يعينون ويعزلون الملوك ، أي أن الحكم كان دينيا مطلقا.

    2-في ممالك النوبة المسيحية(550 – 1500م): نوباتيا، المقرة، علوة، حدث تطور في علاقة الدين بالدولة، حيث جمع ملوك النوبة بين وظيفة رجال الدين والسلطة الزمنية، فقد كان ملوك النوبة قساوسة وحكام في الوقت نفسه، أي جمعوا بين السلطة الدينية والزمنية.

    3-في دولة الفونج أو السلطنة الزرقاء، حدث تطور جديد في علاقة الدين بالدولة بحكم طبيعة دولة الفونج، فلم يكن الملوك في سنار أو ماينوب عنهم في قري والحلفايا، رجال دين أو شيوخ. فقد كان الشيوخ مستقلين عن الملوك، أي حدث فصل بين السلطة الدينية والزمنية، فوظيفة التأثير الديني أصبح يمارسها الشيوخ، وتحررت الجماهير من عبادة الملوك الآلهة، بل كان لها الحق في عزلهم والانتفاضات والثورات ضدهم في بعض الأحيان، إضافة إلى أن سلاطين الفونج ابتدعوا نظاما تشريعيا اعتمد علي الشريعة الإسلامية والاعراف المحلية. ولم تتبلور طبقة من رجال الدين مرتبطة نهائيا بجهاز الدولة، وتمارس تأثيرها الروحي الذي يخدم مصالح الحكام والدولة، هذا الدور كان يمارسه الحكام بشكل محدود عبر الفقهاء والاولياء، وكسب ودهم عن طريق اقطاع الاراضي لهم وغير ذلك، وعن طريقهم يمارسون تأثيرهم على الجماهير ، ومن الجانب الآخر كانت الجماهير تؤثر على السلاطين والملوك بواسطة العلماء والمتصوفة، باشكال مختلفة ومتفاوتة لدرء أو رفع الظلم عنها(الشفاعة) ، وكان هذا منطلقا من أن السلاطين كانوا يعتقدون في الاولياء، كما يعتقد الناس العاديون. على أن الامور لم تسر في خط مستقيم في الفصل بين الدين والدولة في سلطنة الفونج ، فنجد بعض الحالات التي كان يجمع فيها شيوخ الطرق الدينية بين السلطتين الدينية والزمنية في مناطقهم في حالات ضعف قبضة السلطة المركزية مثل: حالة المجاذيب في الدامر، وحالة حسن ودحسونة، وهذه حالات خاصة من الحالة العامة التي كانت سائدة في السلطنة الزرقاء، وهي أن الدولة لم تكن دينية مطلقة يحكم فيها الملوك بالحق الآلهي.

    وهذا هو التطور التاريخي لعلاقة الدين بالدولة، كما حدث في سودان وادي النيل ، والذي يمثل البذور الجنينية للحكم للحكم العلماني أو المدني والتي تم غرسها في فترة الفونج.

    حدث هذا في اللحظة نفسها التي تحررت فيها أوربا من ظلام العصور الوسطى، ودخلت عصر النهضة والثورة الفرنسية والثورة الصناعية، التي أدت إلى قيام حكم علماني، تم فيه فصل الدين عن الدولة، ولكن في كل بلد اخذت العلمانية شكلها الخاص المستمد من تعاليم المسيحية والتقاليد الوطنية لكل بلد ، كما أن العلمانية في اوربا لم تكن تعني استبعاد الدين، بل كانت تعني أن كل شؤون الحكم بشرية يستنبطها الناس من واقعهم وظروفهم، ومن معتقداتهم الدينية والفكرية والاخلاقية، وهذا يتعارض مع الدولة الدينية (الثيوقراطية) التي تدعي أنها تحكم نيابة عن الله في الارض.

    واذا جاز استخدام المصطلح المعاصرالعلمانية بهذا المعني، يمكن القول: إن فترة الفونج شهدت غرس بذور العلمانية أو الحكم المدني ، أو شهدت المرحلة الانتقالية أو المخاض العسير إلى الحكم المدني المستند إلى اعراف ومعتقدات الناس.

    ثم اتسعت دائرة المدنية أو العلمانية بعد ذلك في فترة الحكم التركي وفترة الحكم الانجليزي، والفترات اللاحقة رغم الانتكاسات المؤقتة، كما حدث في دولة المهدية والتي كانت دولة دينية، وتجربة تطبيق قوانين سبتمبر 1983م، وتجربة انقلاب الجبهة الإسلامية بعد انقلاب يونيو 1989م، رغم تلك الانتكاسات المؤقته إلا أن تيار العلمانية أو الدولة المدنية الديمقراطية الكاسح سوف يشق طريقه، باعتبار هو الضمان لوحدة السودان من خلال تنوعه.
                  

08-23-2012, 08:54 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)







    سؤال اللحظة... بالمختصر المفيد
    ماذا تريد أميركا من السودان؟

    عبد الله عبيد حسن

    تاريخ النشر: الخميس 23 أغسطس 2012


    يبدو من كلام مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية والمبعوث الخاص للرئيس أوباما للسودان السفير برنسون ليمان وحديثه المهم حول السودان وتوقيته أن الإدارة الأميركية كانت تأمل وتحاول العمل السياسي لإنشاء "علاقة جديدة" مع نظام "الإنقاذ" الحاكم.

    هذا حسب بعض الرؤى المتداولة في أوساط السياسيين السودانيين والمراقبين الخارجيين الذين ساهموا ونجحوا في إقناع وفد الحكومة السودانية في المفاوضات، وكذلك الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل قرنق، فالرجل كان رئيساً للوفد الأميركي في مفاوضات نيفاشا ويقال إنه أنشأ علاقة حميمة مع بعض القياديين في الوفد الوطني.

    ففي ظاهر محاضرته في مركز مايكل أنصاري -الذي نحن بصدده الآن- وفي باطن الحديث أن الولايات المتحدة قد وعدت الحكومة والحركة الشعبية أنهما إن تجاوزتا مرارة الحرب بينهما وتوجهتا بجدية وصدق لتحقق السلام المستدام في السودان، فإن الإدارة الأميركية ستعمل على رفع اسم السودان من قائمة الدول المتهمة بدعم ومساندة ما تسميه بالإرهاب الإسلامي. وأن الرئيس سيستخدم نفوذه لإقناع الكونجرس الأميركي بإلغاء القوانين التي أقرها، والتي بموجبها عملت المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد) ومعهما بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة الأميركية، ما قلل من فرص السودان في الاستفادة الاقتصادية والمالية من تلك الجهات.

    وهنالك حسب نص المبعوث الرئاسي مشروع أميركي سخي وكثير المزايا والوعود لمساعدة سودان السلام، لإعادة تأهيل البلد الذي أنهكته الحرب الأهلية الطويلة المدى، اقتصادياً وإنسانياً.. وفي نص حديث السفير "ليمان"، فإن أوباما كان قد وضع خريطة طريق جديدة للتعامل والتعاون مع السودان، وتطبيع العلاقات معه، ولكن هنالك حدثين مهمين وقعا في السودان بعد اتفاق نيفاشا، أولهما، كما قال، انفجار الوضع في دارفور لأن أشكال القمع العسكرية وغيرها مما يضع السودان في صراع ليس مع الولايات المتحدة الأميركية، ولكن مع كثيرين في المجتمع الدولي.. فحماية حقوق الإنسان واحترام قواعد الحرب ووقف الممارسات غير الإنسانية أضحت مجالاً لاهتمام العالم كله في الوقت الراهن، وقد تم إدماجها في القرارات والقوانين التابعة للأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية الأخرى. وعندما تنتهك هذه القواعد فإن ذلك يشكل خطراً على السلام والأمن في المنطقة أو خارجها، وبالتأكيد يؤثر على العلاقات مع الآخرين، بحسب تعبير "ليمان".

    والحدث الثاني الذي تقاطع مع خريطة الطريق، وهو التطور الأهم، كان اندلاع القتال بين الحكومة والحركة الشعبية- قطاع الشمال، في يونيو عام 2011 في جنوب كردفان وبلوغه ولاية النيل الأزرق. وعادت الدائرة.. تحولت الحكومة -كما فعلت في دارفور- لاستخدام القصف الجوي الذي قيل إنه شمل قصف المدنيين والأسواق والمواقع غير العسكرية.

    وقدم المبعوث الرئاسي "ليمان" تفاصيل كثيرة عما يجري في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

    ويبقى السؤال الأهم... وهو: ماذا تريد الولايات المتحدة فعلاً؟

    فعلى رغم أن السفير "ليمان" قدم ما أسماه "اقتراحاً" منه، وأتبعه ما وصفه بـ"تخيل" لما يمكن أن يكون عليه السودان، فإن من يقرأ بتمعن واهتمام جيد سيدرك بعض حيثيات هذا "التخيل" المقترح، حيث يقول "ستكون في السودان حكومة على استعداد لمعالجة القضايا الأساسية التي سببت النزاع ونتجت عنها هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.

    هذه هي القضايا الأساسية التي ظلت قيد المناقشة في البلد... حكومة ستظهر نفسها بصورة الحكومة المسؤولة والملتزمة بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وستعمل على مأسسة هذه المبادئ من خلال عملية دستورية تستند على قاعدة واسعة.. عملية يتم فيها إشراك الناس من أنحاء البلاد.. إذا كانت نوايا الحكومة واضحة وذات مصداقية للشعب السوداني، فإنها ستكون ذات مصداقية للمجتمع الدولي. ستنهي الحكومة قصف المدنيين وتدعو إلى وقف الأعمال العدائية في المنطقتين وتشرع في محادثات مع خصومها هناك".

    ولكن ما هي هذه "الحكومة المتخيلة" في رأي السفير "ليمان"؟

    هو يقول بصراحة "لكن حجر العثرة في سبيل هذا التجديد يتمثل في النزاعات وتركة السياسات والممارسة الضارة السابقة.. لكن لا يمكن للسودان التعامل مع المشاكل المستمرة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق وأماكن أخرى من البلاد بنفس أسلوب الحكم الذي لا يلبي حاجة سياسية أكبر وفعالية أكبر بتقاسم الثروة والفرص وبالمزيد من الديمقراطية. إن محاولة قمع هذه المطالب عسكرياً أدت إلى استمرار الصراع. هذه الحلقة المفرغة التي تحرم السودان من الفجر الجديد".

    إن في ما يسميه البعض السياسة الأميركية الجديدة للسودان التي أعلنها مبعوث أوباما كثيراً من الإيجابية والتوافق مع مطالب الشعب السوداني التي عبر عنها تجمع المعارضة في بيانه السياسي الأخير (قبل محاضرة ليمان في واشنطن).

    وهو يعلم كما قال إن كثيراً من السودانيين قد يقولون إن هذه السياسة الجديدة من شأنها أن تضع السودان في اتجاه جديد هي أهداف أميركية.

    وفي الرد على مثل هذا القول قال ليمان "إن هذه الأفكار قد تمت الدعوة إليها من قبل السياسيين وأحزاب المعارضة والطلاب الذين سعوا بشجاعة ليكون لهم صوت مسموع في هذه القضايا".

    وأهم من ذلك وأخطر، وعلى مسؤوليات السفير ليمان "لقد جرى لها الترويج أيضاً من قبل البعض في الحكومة وفي الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية" وهو دون شك بحكم مهنته يعي ما يقول!

    عبدالله عبيد حسن

    كاتب سوداني مقيم في كندا


    جريدة الاتحاد
    الخميس 05 شوال 1433هـ - 23 أغسطس 2012م
    www.alittihad.ae



    جميع الحقوق محفوظة © 2010، شركة أبوظبي للإعلام.
                  

08-26-2012, 06:36 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)



    تتميز كتبات الاستاذ عادل ابراهيم حمد برؤية مختلفة دائما تلمس جوانب مهمة فى القضايا التى يعالجها بقلمه السيال وهنا يلمس رؤية مختلفة والاعلام الحكومى يهرج فى شان ضحايا طائرة تلودى وكيف يريد الاعلام المضلل لان يستغل الدين فى اخفاء اخطاء متراكمة لاهل الحكم

    اقرا مقال عادل


    الموت في السودان بين طيّارة وسيّارة
    August 25, 2012



    عادل ابراهيم حمد

    خيمت أجواء الحزن على العيد في السودان، حيث سقطت طائرة في تلودي بغرب السودان ومات في الحادث عدد كبير من المسؤولين كانوا في طريقهم للمدينة لمشاركة أهل المنطقة فرحة العيد. يزيد من الحزن أن هذه الحوادث تقابل برد فعل لا يوحى باستشعار حجم الكارثة ومدى الفجيعة. تتكرر الحوادث وتتزايد مما يؤكد عدم اتخاذ أي تدابير للحد من الظاهرة المقلقة. أو فشل المعالجات المتبعة. يكفي أن نشير إلى أن كارثة العيد هي الرابعة منذ فبراير القريب حين سقطت طائرة وزير الزراعة لتسقط بعدها طائرة عسكرية في بورتسودان ثم أخرى في الفاشر ويستشهد في الحوادث الثلاثة قيادات في وزارة الزراعة وكفاءات عسكرية. تتعدد المآسي ليطوي النسيان المأساة بعد أيام معدودات. ثم ينفتح الجرح الدامي على فجيعة جديدة. تجتر معها عبارات الأسف. ولا يسمع عن وقفة جادة يراجع فيها موضوع الطيران برمته من نوعية الطائرات وكفاءة الطيارين وتأهيل المطارات. وتكتفي الصحافة بإطلاق لقب (النعوش الطائرة) على الطائرات وكأن الأمر طرفة أو ضرب من الكوميديا السوداء.


    تلاحظ أيضاً أن التقصير يغطي بفهم ديني مغلوط وذلك بالإشارة إلى قدر الله والآجال التي لا تؤخر. وهي أقوال حق يراد بها التعمية بإيرادها في غير مقامها. إذ يعرف أن جريمة القتل لا تقع إلا بقدر. ومع ذلك لا يعفى القاتل من العقاب. ويروي التاريخ الإسلامي أن سارقاً قد جادل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بالقول: ألم أسرق بقدر؟ فأجاب الفاروق: نؤمن بالقدر ولا نحكم به. وتلاحظ أيضاً أن شبهات التقصير الفني والإداري تغطي بحديث كثيف عن الشهادة التي نالها الضحايا. فيسهب أهل الحكم في الحديث عن فضل الشهادة. وعما ناله هؤلاء الضحايا من خير. ويتمنى المتحدثون مصيراً مشابهاً حتى يكادوا يحولون التقصير وسوء الإدارة إلى محمدة.


    ومثلما أطلق على الطائرات لقب (النعوش الطائرة) أصبحت الشوارع تتنافس على لقب (شارع الموت) الذي تطلقه الصحافة تارة على شارع مدني وتارة على شارع شندي قبل أن يدخل طريق الشمال في دائرة التنافس. وتتعدد الحوادث المرورية حتى إن قارئ الصحف الذي يقرأ المانشيت (وفاة وجرح ثلاثين شخصاً في حادث بطريق التحدي) يحس بأن هذا الخبر قديم قرأه من قبل مئات المرات.


    وإذا كانت الحوادث التي راح ضحيتها الفنان نادر خضر والشاعر محمد الحسن حميد ما زالت ماثلة. فإن الذكرى الأليمة تفجع بأن مؤسسات كبيرة قد رزئت في أركانها بهذه الحوادث المأساوية. ونشير إلى أن برنامج «الصلات الطيبة» قد فقد مقدمه الأول محجوب عبدالحفيظ ومقدمه الثاني فيصل مكي ومخرجه أسامة الجوخ في ثلاثة حوادث منفصلة الأول والثاني مروريان والثالث جوي. وفقد حزب الأمة اثنين من أمنائه وثلاثة من قياداته في حوادث مرورية. أما الضحايا من عامة الناس فلا يعرف لهم أحد عدداً فقد ظل الموت يحصدهم سنين عددا. ومع ذلك تقابل الظاهرة المقلقة ببرود محيّر وسبات بليد وبطء مغيظ. وكأن أهل الشأن ينتظرون (التفوق) بالحصول على أعلى نسبة للحوادث في العالم.. وتجتر عبارات مثل (الشعب المعلم) وتلاك الأوهام ويستقبل الرؤساء والوزراء ووزراء الدولة والولاة والمعتمدين في دولة الحوادث هذه في مهرجانات لا تنقطع وكأنهم قد أتوا بما لم تستطعه الأوائل.. لقد فاض كيل المدح شعراً ونثراً ولا بد أن يدب الإحساس مع تكرار هذه الحوادث بالأخطار الداهمة. وإلا تكون الأمة بلا ذاكرة والدولة قد فقدت حاسة استشعار الخطر.. لقد آن الأوان لوقفة جادة تبدي فيها كل الجهات المعنية من الهمة وتتخذ فيها من التدابير ما يتجاوز به السودان هذه الغفلة المميتة.. ونسأل الله تعالى أن تكون أرواح الشهداء الطاهرة فداء لفكرة المسؤولية ولمبدأ المحاسبة ولأهمية المراجعة.. هذه الأركان الأساسية في الدولة التي دفنت تحت ركام القشور المتراكم.

    منقول من صحيفة العرب

    --------------------


    08-23-2012 01:52 PM

    تدعوة لتأسيس نقابات وأتحادات فى المنفى

    تاج السر حسين
    [email protected]

    مدخل لابد منه:
    منظمات المجتمع المدنى ، النقابات والأتحادات وتجمعات الطلاب والشباب التى أصبحت تعرف (بالقوة الناعمه) لها دور مهم فى احداث التغيير وفى اسقاط الأنظمه الديكتاتوريه الفاسدية، لكنها لا تستطيع أن تعمل لوحدها – ومكابر من يدعى ذلك - اذا كان النظام القائم الذى يراد اسقاطه وتغييره، غير ديمقراطى ويعتمد على القوة والعنف والسلاح والأجهزه الأمنيه القمعية لبقائه مهيمنا على السلطه، ولا بد للثوره فى هذه الحاله من قوة (خشنه) تحمى تلك الثوره السلمية وتحيد قوته العسكريه.
    وأمامنا شواهد عديده فى المنطقة فلولا أن الجيش المصرى كان وطنيا ومسوؤلا وأنحاز لشعبه ضد السلطه القائمه لم تحقق التغير فى مصر حتى اليوم ولكأن الوضع اسوأ مما فى سوريا الآن.


    ونفس الحال فى ليبيا لولا أن تدخلت قوات (الناتو) وأوقفت (الجيش الليبى) أو ما أصصطلح على تسميته كتائب القذافى، لما تحقق التغيير فى ليبيا كذلك حتى اليوم، و(اليمن) خرجت الثوره بنصف (مكسب) وبتغيير جزئى فى النظام، بسبب ضعف القوه العسكريه التى ساندت الثوره والتى كانت جزء من النتظام السابق.
    والثورات الوحيده التى نجحت دون اراقة دماء فى العصر الحديث هى ثورة أكتوبر 1964 وانتفاضة ابريل 1985 فى وطنا العزيز لأن الجيش كان وطنى غير مسيس ولا يقوده (جهلاء) يخدعهم تيار (الأسلام السياسى) بدعوات الجهاد الزائف والكاذب وكل من يقتل يظن نفسه من زمرة الشهداء.


    وما يحدث فى السودان ليس حربا (دينيه) بالعنى المعروف وكما يحدث فى بعض البلدان الطائفيه، رغم أن النظام تبنى (مشروع الدوله الدينيه الجهاديه) الذى ثبت فشله، وأنما هى حرب دارت بسبب تهميش جزء من المواطنين وبسبب سيطرة فئة قليلة على السلطه وهيمنتها على الثروه وبسبب فرض ثقافه احادية وممارسة نوع من الأستعلاء العرقى والقبلى.
    الشاعد فى الأمر أن (القوه الناعمه) ضرورية وهامه لأحداث التغيير المنشود وكثيرا ما تحظى بأستجابه وقبول لدى المجتمع الدولى وبفضل التعامل معها، هنالك وسائل بسيطة يمكن من خلالها محاصرة النظام وتفكيك مؤسساته (المزيفة) قليلا قليلا، وتأسيس مؤسسات بديله – حسب الظروف – فى الداخل أو الخارج، وعبرها يتم تأسيس مجلس سودانى (وطنى)، لا علاقة له بوطنية النظام (المزوره)، بعدما اصبحت هذه الكلمة ترمز (للمؤتمر اللا وطنى) أو لجهاز أمنه ومخابراته سئ السمعه، الذى حشر انفه فى جميع مجالات الحياة فى السودان، حتى الرياضيه والفنية، فنادى (الخرطوم 3) سابقا تم تغيير أسمه (للخرطوم الوطنى) بعد أن تكفل برعايته جهاز الأمن والمخابرات، وأول حفله شارك فيها الفنان (سيف الجامعه) الذى خرج من السودان معارضا، بعد عودته كانت داخل مبنى جهاز الأمن والمخابرات.
    على كل البعض معذور، لانه لا يستطيع أن يميز بين (الوطنية) والمصلحة الشخصيه، وبعض آخر اجبرته الظروف والضغوطات وصعوبة الحياة، للتخلى عن المبادئ والقيم، على الرغم من أن شرفاء كثر اسوأ منهم حالا لم يهنوا أو يرتهنوا ارادتهم وظلوا ممسكين بالجمر على اياديهم الطاهرة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، لهم جميعا التحية والتقدير والأحترام، وللراحلين الرحمه والمغفره.
    الشاهد فى الأمر أن (القوه الناعمه) أو ما يعرف بمنظمات المجتمع المدنى الداعية للحرية والديمقراطية والعداله والمساواة وأحترام حقوق الأنسان، اصبحت لها قوة ودور هام فى احداث التغيير كما أوضحنا اعلاه.
    ومعلوم لدينا أن نظام الأنقاذ (الفاسد) الجاثم على صدر الوطن، ما كان له أن يبقى طيلة هذه السنوات العجاف لولا انه أضعف الأحزاب السياسيه وغرس فى داخلها العملاء والمأجورين، ولولا هيمنته على القوة الناعمه (النقابات والأتحادات) التى عودت الشعب السودانى على الأنتفاض ضد الأنظمه الديكتاتوريه الفاسدة وكانت تقود المسيره، وتتقدم الصفوف حينما تشعر بأأن الوطن يتعرض أمنه القومى ووحدته واستقراره للخطر.
    وما كانت جريمة (انفصال) الجنوب سوف تمر مرور الكرام، دون انتفاضة شعبيه لولا تلك الظروف التى ذكرناها اعلاه ولولا تلك الهيمنة، مضاف اليها (تسيس) الجيش وتفريغه من قوميته، رغما عن ذلك لم يترك الجيش (المسيس) لوحده يعمل بل (ابتدع) النظام الى جانبه مليشيات وكتائب (الدفاع الشعبى) فى وقت يتحدث فيه عن (متمردين) حاملين للسلاح وعن مطالبته المستمره للمجتمع الدولى بتجريدهم من سلاحهم.
    لا أدرى كيف يطالب نظام، بتجريد ثوار من سلاحهم، وهو الذى تحدى مواطنيه فى أكثر من مناسبه، مذكرهم بأنه جاء بالقوه ومن يرد أسقاطه فعليه أن يستخدم نفس الأسلوب.
    على كل هذه دعوة من صادفة القلب لكل سودانى حر وشريف يعيش فى المنافى للأهتمام بالأمر والتفكير فى تأسيس قوه ناعمه يمكن أن يكن لها دور يتكامل مع (القوة الخشنه)، وأن يبادر الأطباء والمهندسين والقانونيين والصحفيين والأعلاميين والزراعيين وباقى المهنيين والعمال والموظفين، لتأسيس نقابات واتحادات (جاده) فى المنفى وأن تخطر بها المنظمات الدوليه لأعتمادها والتعامل معها بديلا عن نقابات وأتحادات (النظام)، مثل اتحاد الصحفيين.
    و من القطاعات الهامه جدا والتى يجب أن يكون لها دور قوى هم (العسكريين)، الضابط المعاشيين فى الجيش والشرطه، المتقاعدين و(المرفودين) والمحالين للصالح العام، الذين خرجوا من الوطن بسب صعوبة الحياة ومن أجل الا يبيعوا مواقفهم، عليهم كذلك تأسيس (اتحاد) يضمهم مع رفاقهم الشرفاء فى الداخل، فمن غير اللائق أو المنطقى أن يكون تجمع (الضباط) المتقاعدين أو المحالين للمعاش و(الصالح) العام، تابعين لنظام اساء اليهم كباقى قطاعات الشعب السودانى، واعتبرهم (فاسدين) وغير اكفاء، مع اننا نعلم بأن الأحالة (للصالح العام) سببها الاساسى، عدم توافق اؤلئك المواطنين مع فكر النظام القائم على مشروع الدوله الدينيه الجهاديه أو عدم ثقته فيهم، مهما اظهروا من فروض الطاعة والولاء


                  

08-27-2012, 05:33 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    السودان : دولتان فاشلتان وفوضى قادمة





    08-27-2012 04:00 AM
    حيدر ابراهيم علي

    تكاد خصائص ومؤشرات الدولة الفاشلة تكتمل في دولة السودان وجمهورية جنوب السودان. فقد اختارت الدولة ديكتاتورية الحزب الواحد رغم كل ادعاءات اشراك قوى أخرى. ويتم الإقصاء والتضييق على كل قوى المعارضة الحقيقية. ويشترك النظامان في التعويل الكامل على الأجهزة الأمنية. ومع غياب المساءلة والمحاسبة والشفافية، كان من الطبيعي أن يستشري الفساد بلا أي كوابح ومصدات. وإضافة للاستبداد والفساد، عجزت الدولتان عن السيطرة على كامل التراب الوطني، وتصاعدت النزاعات الاهلية والقبلية في البلدين مما أجبر البلدين على الوقوف في حالة استعداد عسكري وطوارئ بلا نهاية. وهذا يعني بالضرورة العجز عن تحقيق أي قدر من التنمية أو حتى النمو الإقتصادي، وهذا ما حدث بالفعل حيث يعيش الشعبان ظروفاً معيشية مزرية، وتقبع نسبة معتبرة من السكان تحت خط الفقر. لكن فشل الدولتين له جذور أبعد من الإخفاق الإداري وطريقة الحكم، بل يعود إلى الفشل في الرؤية أو صياغة مشروع حضاري أو نهضوي قادر على تحقيق طموحات الجماهير، يقوم على الديموقراطية والتنمية والوحدة الوطنية، أي الدولة المدنية الحديثة.

    طرح الإسلامويون السودانيون، ممثلين في الجبهة الإسلامية والإخوان المسلمين وأنصار السنة وبعض الطرق الصوفية (أمانة الذكر والذاكرين) ما درجت تسميته بـ «المشروع الحضاري الإسلامي». وما يجمع هذه القوى هو الدعوة لتطبيق شرع الله. ولكن المشروع سقط سقوطاً مروعاً، ولا يحتاج هذا الحكم لتفصيل الأدلة على الفشل. إذ يكفي الفساد المستشري، والفقر وتدني مستوى المعيشة، والانحلال الأخلاقي الظاهر في تزايد الأطفال غير الشرعيين، وتطور الجريمة – كماً ونوعاً، وتدهور التعليم، واخيراً توّج المشروع الحضاري إنجازاته بفصل الجنوب. وفي حقيقة الأمر، فرض في الشمال مشروع حضاري ديني لا يقوم به متدينون حضاريون (لا ينتسبون للحضارة الاسلامية في حالة صعودها تاريخياً). فقد قام بالمشروع متعبدون لا متدينون، أي أشخاص يقومون بأداء الشعائر الدينية بحماسة وانتظام، ولكنهم جاهلون وبعيدون من جوهر الصلاة التي تنهي عن الفحشاء والمنكر، وتدعو لمكارم الاخلاق، بقصد بناء المجتمع. وتكونت القوى الإجتماعية للمشروع الحضاري من إنتهازيين، ومشعوذين ودروايش، وعدد قليل من الصادقين والمخلصين الجادين. فكان من الحتم أن يفشل ويسقط «المشروع الحضاري» ليحكم «المؤتمر الوطني» بلا رؤية ولا استراتيجية، معتمداً على التجربة والخطأ، ممارساً سياسة الحكم بطريقة اليوم باليوم، بلا أفق أو مستقبل.

    أما في الجنوب فطرحت الحركة الشعبية، مشروع «السودان الجديد» والذي يبشر بسودان موحد اشتراكي وديموقراطي، بلا تمييز من أي نوع، وتقسم فيه السلطة والثروة بعدالة قائمة على حقوق المواطنة فقط. هذه هي أفكاره الاساسية وهي جيدة، ولكنها تفتقد القوى الاجتماعية الحديثة التي تضطلع بإنجاز المشروع: هل هي قبيلة الدينكا التي تمثل الغالبية في الحركة؟ وهل استطاعت الحركة الشعبية أن تتحول الى حركة أو جبهة قومية بعيداً من ديكورية تمثيل بعض العناصر الشمالية؟ وقد كان من الممكن للحركة أن تكون امتداداً لمشروع الثورة الوطنية الديموقراطية والذي كان أول من صاغه عبدالخالق محجوب في كتابه: «آفاق جديدة»، الصادر عام 1957 عقب الإستقلال. وكانت هذه أول مبادرة لسودان جديد تبناها اليساريون والتقدميون، وصعدت في ثورة 21 تشرين الأول (أكتوبر) 1964 بقيادة جبهة الهيئات. ولكن انقلاب 25 أيار1969 بقيادة جعفر نميري اختطف الفكرة، ثم أجهضها بالمصالحة الوطنية عام1977 ليقضي عليها نهائياً بقوانين أيلول (سبتمبر) 1983 الدينية. وكان مستقبل الحركة يكمن في إحياء مشروع الثورة الوطنية الديموقراطية، «السودان الجديد». ولكن يبدو أن مشروع «السودان الجديد» كان مرتبطاً بقائد الحركة، جون قرنق، وكان يغذيه من كاريزميته الشخصية أكثر مما من التنظير له وبثه بين الكوادر والقواعد. لذلك قبر المشروع مع غياب القائد.

    إضافة لما تقدم، يمكن أن نؤرخ لبدايات الدولتين الفاشلتين، بتوقيع اتفاقية نيفاشا عام 2005 والتي تسمى تجاوزاً «اتفاقية السلام الشامل». فهي لم تعرف الشمول، والدليل على ذلك هذه القضايا العالقة الآن والتي رحّلها الاتفاق الى بروتوكولات ملغمة. ولم تكن الإتفاقية شاملة لا في أطرافها ولا بنودها، فقد جاءت ثنائية لأنها اعتبرت المعارض الحقيقي من يحمل السلاح ويقاتل. ورغم هذا القصور، كان من أهم مقومات الاتفاق المبادئ الخاصة بإنفاذ التحول الديموقراطي. وهنا كان تواطؤ «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية» طوال الفترة الانتقالية (2005-2011). فقد عملا معاً من أجل الإنفصال لكي تستفرد الديكتاتورية الإسلاموية بالشمال، وديكتاتورية الحركة-الدينكا بالجنوب. وضاعت ست سنوات غالية من عمر الشعبين كانت تحاك فيها المؤامرة بهدؤ. وكان الغرب وبالذات أميركا، يبارك كل ذلك، حتى انه بارك انتخابات «المؤتمر الوطني» المزورة (مركز كارتر والإتحاد الاوروبي) بطريقة كوميدية. فقد أعلنا أنها مزوّرة ومن دون المعايير الدولية ولكنها تليق بالسودان والسودانيين.

    وأخيراً نجح المخطط تماماً وجاء استفتاء 2011 بدولتين فاشلتين هدفهما الوحيد هو الإفشال المتبادل. وكان نزاع النفط بين البلدين يمثل الدليل القاطع على السياسة الحمقاء: عليّ وعلى أعدائي! وحين أدركت الدولتان الفاشلتان حقيقة المأزق، هرعتا في هلع الى المجتمع الدولي أو الغربي (كالعادة) لكي يتوسط ويحل لهما مشكلات هي صناعة محلية وفعل ذاتي لم يتحملا تبعاته. وجلس تلميذا السياسة الغبيان في أديس أبابا أمام المجتمعين الإقليمي والدولي، لتلقي الأوامر وتنفيذها فقط. والغريب انه حتى نظام الخرطوم الذي يصيح: لن نركع لأحد غير الله!، كان يسارع في الركوع قبل الحركة الشعبية التي كان يدللها الغرب.

    من الواضح أن دولتيّ السودان وجنوب السودان، لا تملكان مصيرهما، وفي الوقت نفسه لا تقدمان لشعبي الجنوب والشمال أدنى متطلبات الديموقراطية والتنمية. ولا تظهر أيّ مؤشرات للشروع في بناء دولة حديثة مع نزيف الموارد المادية والبشرية بسبب غياب الديموقراطية، وتنامي الاستبداد الأمني مع فائض الاستبداد الجارف. وينعكس هذا الإنحطاط الشامل على مكونات الدولتين وهي ذات طبيعة تعددية الثقافات والإثتيات. وتشعر هذه الجماعات بالظلم والتهميش مما سيجبرها على التمرد وانتزاع حقوقها. وهذا يعني تفاقم الحروب الأهلية والقبلية، وقد بدأت بالفعل في الدولتين، وهذا مدخل الفوضى الحتمي طالما حكمت الغفلة الدولتين واستمر تجاهل الشعبين سائداً، وأصبح التشبث بالسلطة غاية في حد ذاته.

    * كاتب سوداني
    دار الحياة

    -----------------

    توريث الخال ودوام الحال من المحال في السودان ..!
    08-26-2012 07:26 PM

    توريث الخال ودوام الحال من المحال في السودان ..!

    معتصم حمودة
    [email protected]

    ورد في بعض المصادر العربية عن عادة سكان بلاد السودان الأصليين قديما في توريث ابن البنت وابن الأخت دون ولد الصلب ،لذلك استوطنت بعض القبائل العربية بلاد النوبة وتوغلوا جنوباً وتوسع نفوذهم السياسي إثر مصاهرتهم للسكان الوطنيين. واستفادوا من الأعراف السائدة آنذاك في بلاد النوبة في توريث ابن البنت للحكم ونجحوا في مصاهرة الأسر الحاكمة فانتقل الحكم لأبنائهم وأحفادهم فيما بعد، بالإضافة إلى اعتناق الدين الإسلامي من قبل بعض الأسر الحاكمة والكثير من عامة الناس آنذاك.


    ولكن يبدو عقب تلك القرون تسرب بعض المؤثرات المغايرة حيث يسعي الخال ليرث حكم ابن أخته وحزبه الحاكم كمان، وكأنه ميراث عائلي ، وتقديم حزبه كبديل يقوم علي أنقاض نظام الإنقاذ الذي بداء هدمه الآن ، وبات انهياره وشيكا، بعد أن فقدت الإنقاذ مصداقيتها داخليا وباتت مرتبطة بالتخلف الاقتصادي والسياسي، وبعد أن كانت تري نفسها أكثر تقدما من الأحزاب الاخري، وتزامن ذلك مع حملات إعلامية خبيثة حاول الخال عبر صحيفته من تصوير مفاوضين السلام في أديس أبابا بالانبطاحيين، وأولاد نيفاشا تارة أخري بدل دعوتهم لإبائهم كما أمر الإسلام بذلك، ووجدت تلك الأوصاف السوقية ،ضالتها في بعض الحاقدين والطامعين من أدعياء الدين جندهم لإسكات الأصوات المخالفة له في الرأي ، من خلال بعض المنابر بحجة أن الدين حكرا عليهم فقط ، بل هم الحماة الرسميون للدين وصدرت المقالات الطنانة في هذا الموضوع ، وبعد أن أصبحوا مجرد مطية لمنبر الخال يغدق عليهم كلمات المجاملة من خلال صحيفته، بعد أن افقدهم الوقار والاحترام الذي كان رداء العلماء، وأضاع عنهم الثقة التي عاشوا بها، وجماهير الشعب السوداني تعتز بالدين وقداسته ومثله، ولم تكن مصالحها يوما تصطدم بالدين بل انه كان مبشرا بخلاصها من الظلم السياسي والاجتماعي في الدنيا والنعيم في الآخرة.


    وبدا تتباعد مواقف الخال مع النظام بشكل واضح بعد أن تضخمت ثروته، وتمكنه من التعبئة والسيطرة علي الجماهير حينما يتطلب الأمر ذلك، كما فعل عندما استطاع إلغاء اتفاقية نافع ومالك عقار، وسعي في القيام بتحالفات وقتية للوصول لهدفه الحقيقي عندما صرح بأنهم سوف يرثون المؤتمر الوطني الحاكم بعد سحب بساط الشرعية من تحت أقدامه، مذكرا نجاح الإنقاذ فيما مضي لحد ما في الحكم باسم الدين كبديل فكري للأحزاب، كما فعلت القومية العربية كبديل غير شرعي للدين في العراق وسوريا، ولكن بعد عقود من التطبيق لم تجن القومية العربية شيئا، كذلك لم تستطيع الإنقاذ تطبيق ما وعدت به لذا هم من يمثلون الحركة الإسلامية الحقيقية.لم يكتفي الخال بذلك القدر بل واصفا كبار قيادات النظام بقبيلة النعام..


    ،ومقابل هذا التحدي الخطير الذي بات يمثله المنبر وجهت بعض القيادات من داخل المؤتمر الوطني انتقادات حادة لتلك المنظومة الانفصالية الاستبدادية، مذكرة بأن المنبر يغلب عليه الطابع الشخصي حيث قام علي شخصية الخال الطيب وسوف تزول بإذن الله بزواله. و الانشقاقات التي عصفت بمنبر الخال تمت نتيجة لخلافات شخصية بين الرئيس وبعض الأعضاء بسبب الممارسات غير الديمقراطية ومصادرة حرية الأعضاء، ووصل الأمر إلي التخلص والفصل من المنبر وإبطال عضوية آخرين ،لذا شخص فشل في قيادة حزب صغير له علاقة بفصل الجنوب وتردي الواقع السياسي والاجتماعي بالبلاد ليس كفء ليرث عمودية قرية نائية، فما بالك في وطن متنوع يحتاج لشخص يصحح من أخطاء الإنقاذ بازدرائها الأحزاب وتحجيمها مقابل إعطاء طموحات غير محدودة للقبيلة، في الوقت الذي كان من ضمن أسباب قيام الأحزاب هو تحطيم سطوة القبيلة في الريف لان نظام القبيلة يقوي ولو بقدر ضئيل سلطة الفرد أمام الدولة،لذلك كان يجب أن تكون الأحزاب بمثابة الأسرة الكبيرة عكس الانتماء للقبيلة الذي يقوم علي العلاقة البيولوجية مثل الخال وابن الاخت.
                  

08-29-2012, 05:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    السودان على طريق ليبيا وسوريا: الطغاة لا يتعلمون من التاريخ
    عبد الحميد صيام
    2012-08-28

    أثناء عودة وفد الأمم المتحدة من مدينة الحلة العراقية ظهيرة يوم تموزي حار في صائفة 2003 أصر الممثل الخاص للأمين العام المرحوم سيرجيو فييرا دي ميلو (قتل مع 21 برئيا في تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد بتاريخ 19/8/2003) أن نتوقف قليلا بين آثار بابل قبل التوجه إلى بغداد لشدة إعجابه بتاريخ العراق وحضارة وادي الرافدين. استقبلنا ضابط أمريكي من قوات الاحتلال ورافقنا إلى آثار بابل ومسرحها المشهور والأسد الرابض قريبا منذ آلاف السنين بالإضافة إلى صورتين عملاقتين لنبوخذنصر وصدام حسين. كان يتكلم ذاك الضابط ويشرح تفاصيل لا يعرفها إلا متخصص في علم الآثار والحضارات القديمة. ومن جملة ما قال: 'على هذا المسرح كتابات بابلية لو أحسن قراءتها صدام حسين لما كنا هنا الآن'. سأله سيرجيو وماذا تقول تلك الكتابة؟ قال: 'المكتوب هنا يمكن أن يترجم بما معناه: لو دام الحكم لغيرك لما وصل إليك'.


    كم صائبة تلك الحكمة البابلية والتي تؤكد أن الطغاة على مر العصور والأزمنة لا يتعلمون فيقعون في نفس الأخطاء ويرتكبون نفس الجرائم وينتهي بهم الحال إلى نفس المصير: المقصلة أو السحل أو الاغتيال. فلو تعلم طاغية من مصير طاغية قبله لحقنت أنهار من الدماء ونجت عشرات الألوف من الرقاب من القطع وأنقذت القرى والمدن وآلاف البيوت من الهدم ونعم ملايين الأطفال بطفولتهم من غير يتم ولتمتعت ملايين الأرامل بحياة عادية بين أحضان زوج وكمشة أطفال سعداء. لكن الطغاة لا يتعملون ولا يقرأون ولا يعترفون بأن العلاقة مع شعوبهم قائمة على الخوف أكثر من الاحترام وأن الابتسامة التي تبدو على الوجوه تخفي خلفها كراهية مكبوتة.


    حول كل طاغية بطانة فاسدة تزين له القبيح وتقبح له المزيون وتلوي أعناق الحقائق لإرضاء غروره وتغدق عليه صفات خارقة ولكثرة تكرارها يصاب الزعيم بوهم العظمة فيصدق أنه فعلا إنسان عبقري وفريد عصر زمانه ولديه مزايا ومواهب لا متناهية ومهارات إعجازية. يعتقد أنه جمع العلم من أطرافه دون حاجة إلى خبراء فهو يفهم في السياسة والعسكرية والقانون والاقتصاد وعلم الذرة وعلم الفلك والفقه والطب ثم لا يبلث أن يركب موجة الشعر والرواية والفلسفة.
    وعندما تدق ساعة الحقيقة يجد الطاغية نفسه وحيدا أو طريدا أو شريدا كأنه البعير الأجرب، يقف بدون أصدقاء ولا مريدين ولا بطانة في مواجهة شعب بأكمله. يسقط وحيدا دون أن يذرف أحد عليه دمعة أو يرثيه بقصيدة أو يتأسف على رحيله.

    السودان وثورات الربيع العربي
    تذكرت تلك الحادثة يوم 31 من تموز (يوليو) عندما انطلقت رصاصات قوات الأمن السوداني لتردي ثمانية قتلى (12 حسب مصادر 'حركة التغيير الآن' الشبابية) في مظاهرة سلمية انطلقت في مدينة نيالا بجنوب دارفور وقلت في النفس كم يتشابه الطغاة وكأنهم درسوا على شيخ واحد وتخرجوا من نفس المدرسة ودرسوا نفس الموضوع ومن غير المنطق إذن أن يتعلموا من أخطاء الآخرين. فحسني مبارك لم يتعلم من بن علي وشاويش اليمن لم يتعلم من الإثنين والقذافي المعتوه لم يتعلم من الثلاثة والأسد لم يتعلم من الأربعة ويبدو أن البشير لم ولن يتعلم من الخمسة وكلهم لم يسمعوا أو يقرأوا شيئا عن شاه إيران، وبنوشيه تشيلي، وماركوس الفلبيني وساموزا النيكاراغوي، وعيدي أمين اليوغندي وهونيكر الألماني وتشاوتشسكو الروماني. الأنظمة السلطانية النفطية هي التي تعلمت أكثر من ثورات الربيع العربي فعملت على تحصين نفسها من الثورات على مسارين: تقديم رزمة مساعدات سخية لشعوبها من جهة والقيام بمحاولات دؤوبة لتخريب الثورات العربية الأخرى من جهة أخرى وذلك عن طريق دعم العناصر الأكثر سلفية وتخلفا لوراثة الثورات المظفرة أومحاولة سحقها بالقوة (البحرين) أو حرفها عن مسارها (اليمن) أو إغراقها في بحر من الدم (سوريا). لكن مسيرة الإنسانية تؤكد للطغاة الصغار والكبار أن مصيرهم جميعا، إن عاجلا أو آجلا، سينتهي بهم إلى مزبلة التاريخ.


    نعم تأخر الربيع العربي كثيرا للوصول إلى السودان لأسباب منطقية... فالبلاد في حالة حرب في الداخل والخارج من جنوب السودان إلى دارفور ومن أبيي إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق. الأمن الوطني مهدد. الشعب يتابع ويتحسر ويتألم وهو يرى جزءا مهما من تراب بلاده المحشو بكنوز النفط ينسلخ عنها ومنابع النيل تصبح جميعها في أيادي معادية أو غير صديقة بفضل سياسة البشير الخرقاء. أما وقد تم الانفصال فالاهتمام الآن منصب على ما يجري في أبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان وغرب دارفور. بوادر انتفاضة شعبية عارمة بدأت تتجمع للانطلاق ضد حكم البشير الأرعن وخاصة إذا ما هدأت الأمور في دارفور. كان رد البشير على انفصال الجنوب وخسارة ثلاثة أرباع عائدات النفط تقديم رزمة قاسية من إجراءات التقشف في شهر حزيران (يونيو) الماضي لتضيف مزيدا من الفقر والمعاناة ولتكون هذه الإجراءات القشة التي ستقصم ظهر البعير وتطلق مخزونا من الغضب والقهر والإحباط ضد نظام سلطوي فاسد وقاهر وظالم ومتخلف.



    سياسة البشير وتفكيك الدولة السودانية خلال 23 عاما


    أحاول عبثا أن أجد سببا واحدا يقنعني أن الرئيس السوداني عمر حسن البشير يستحق أن يكون رئيسا للسودان لمدة 23 سنة ويعييني البحث. ولنبدأ منذ وصوله إلى السلطة- نظام البشير على عكس كافة الانقلابات، أطاح عام 1989 بحكومة منتخبة شرعيا بعد أن برّ الفريق سوار الذهب بوعده بأن يبقى في السلطة بعد طرد جعفر النميري عام 1985 ولغاية قيام حكومة منتخبة. انقلابات سوريا والعراق واليمن وموريتانيا وغيرها كانت تطيح بحكومة انقلاب سابق، أما الثنائي البشير وحسن الترابي فعكسا الآية وأطاحا بأول حكومة منتخبة ديمقراطية فاز فيها حزب الأمة ورئيسه الصادق المهدي عام 1986.


    ظن نظام البشير أنه يعيش في عالم خاص به فأعلن تطبيق الشريعة مستندا إلى علوم الترابي دون مراعاة لخصوصية السودان ذي المساحة شبه القارية والمتعدد الأعراق والأديان والثقافات والمنابع، مما دفع الجنوبيين، وهم ليسوا عربا ولا مسلمين، أن يستمروا في تمردهم لنيل حقوقهم في حكم ذاتي موسع بعيدا عن نظام قطع الأيدي وجلد لابسات البناطيل. لم يكن الانفصال واردا لدى جيش تحرير السودان في البداية وقد يكون الانفصاليون وراء مقتل جون قرنق في 30 تموز (يوليو) 2005، فقد كان معارضا لفكرة الانفصال التام. ومع تصعيد الحرب في الجنوب بدأ البشير يستبعد كل معارضيه ويتحول إلى طاغية ديماغوغي. كما بدأ يجمع حوله عناصر إسلامية متطرفة باعتباره قائد الإسلام والمسلمين. لكن تهمة مساندة الإرهاب من الولايات المتحدة كانت جاهزة عام 1993. حاول بعدها أن يبيض صفحته من هذه التهمة فقام أولا بطرد كارلوس (الثعلب) وتسليمه إلى فرنسا في 14 آب (أغسطس) 1994 لعل هذه الخطوة تشفع له لكنها لم تكن كافية. ثم قام بإبعاد أسامة بن لادن عام 1996 إلى أفغانستان. لكن هذا لم يمنع الولايات المتحدة من توجيه ضربة ضد مصنع الشفاء عام 1998 بتهمة باطلة تقوم على أساس دعم تنظيم القاعدة المسؤول عن تفجيري سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام.


    نقطة التحول في حكم البشير جاءت بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك عام بتاريخ 26 حزيران (يوينيو) 1995 وهو في طريقه من مطار أديس ابابا إلى مقر مؤتمر منظمة الوحدة الأفريقية. وقد اتهمت حكومة البشير بإيواء تنظيم الجماعة الإسلامية التي تبنت عملية الاغتيال. وأصدر مجلس الأمن العديد من القرارات ضد السودان وفرض سلة واسعة من العقوبات تحت الفصل السابع وأصبح البشير معزولا عربيا وإفريقيا وعالميا. فما كان منه إلا أن وسع جبهات النزاع في الجنوب ومع الجارة إرتريا وفي منطقة حلايب على الحدود المصرية السودانية وتشاد وإثيوبيا. ومن جهة أخرى بدأ يرسل الإشارة تلو الأخرى على استعداده للتعاون في مكافحة الإرهاب فيما إذا أعيد تأهيله مرة أخرى بما في ذلك إعلان القطيعة مع الترابي عام 1999 ووضعه في السجن عام 2004.


    من الصعب حصر إنجازات البشير في مقال قصير لكن يكفي أن نذكر أنه خسر الجنوب بثرواته النفطية بسبب اتفاقية السلام الشاملة التي وقعها عام 2003. في الماضي كان يحارب داخل السودان مع جزء يريد أن ينسلخ عن الوطن. أما بعد استقلال الجنوب بتاريخ 9 تموز (يوليو) 2011 فقد أصبح يجابه دولة معترفا بها ولها تحالفات متينة مع إسرائيل والولايات المتحدة ودول الجوار. وأشعلت سياساته حرب دارفور التي ذهب ضحيتها ما يزيد عن 300.000 قتيل وأكثر من مليوني مشرد عدا عن مئات ألوف اللاجئين في تشاد. كما انتقل الصراع إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق ومنطقة أبيي على الحدود مع جنوب السودان. والأدهى من ذلك أنه ملاحق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بعد صدور قرار إدانته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور عن طريق ميليشيات الجنجويد التي أعدها ودربها وأطلق يدها لتحرق وتقتل وتنهب وتغتصب. وقد أصدرت المحكمة بتاريخ 4 آذار (مارس) 2009 مذكرة اعتقال بحق البشير وهي أول مرة في التاريخ تدين هذه المحكمة رئيس دولة ما زال على رأس الحكم فيها.

    الطلبة يقودون الحراك السلمي
    بدأ الحراك السياسي حقيقة يوم 30 كانون الثاني (يناير) 2011 بعد سقوط مبارك بخمسة أيام بقيادة تجمعات شبابية وطلابية على رأسها ثلاثة: حركة شباب لأجل التغيير (شرارة) ولجان المقاومة والتغيير وحملة إسقاط المؤتمر الوطني 'قرفنا' (على وزن هرمنا التونسية).
    بعد إعتماد إجراءات التقشف في 16 حزيران (يوينو) الماضي اتسعت حركة الاحتجاج لتشمل أجزاء واسعة من السودان من الخرطوم إلى كسلا في الشرق ومن نيالا إلى العبيد.
    وقد قادت الطالبات والطلاب في جامعات الخرطوم وأم درمان حركة الاحتجاج والتي جمعت في إحدى المظاهرات نحو 20.000. تصدت قوات الأمن للمتظاهرين بالقوة المفرطة فسقط الشهداء واعتقل المئات وجرح العشرات.
    وفي تصريح للسيد المهدي لوكالة رويترز بعد توقيع عدد من الأحزاب في الخامس من شهر تموز (يوليو) وثيقة تدعو لحشد الجهود والانطلاق نحو حراك جماهيري واسع لإسقاط النظام، قال:
    'إننا ننتظر نوعا من السلام في غرب دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان لنبدأ تعبئة الجماهير لتوسيع حركة الاحتجاج'، وأضاف المهدي محذرا بأن 'رد الحكومة سيكون على الطريقة السورية والليبية فليس لدينا جيش وطني محايد ونظام قضاء مستقل، فكلا المؤسستين قد تم تسييسهما'، (رويترز 11 تموز/يوليو 2012).

    السودان أول من أسقط النظام بانتفاضات الجماهيرية
    للشعب السوداني خبرة عريقة في الانتفاضات الجماهيرية السابقة للربيع العربي بل وللانتفــــاضة الفلسطينية. فقد أسقط الشعب السوداني نظام إبراهيم عبـــود في انتفاضة تشرين الأول (أكتوبر) عام 1964 عن طريق الهــــبة الجماهـــــيرية العارمة غير المسبوقة، ثم عاد وأسقط نظام النميري عام 1985 بنفس الطريقة. فلا يظـــنن أحــد أن الشعب غير قادر على إسقاط النظام.
    إنها مسألة وقت فقط- إلا إذا، ونشك في ذلك، اتعظ البشير من العديد من الطغاة ومصائرهم وآثر أن يرحل بشيء من كرامة وقليل من العنف والدم وهو ما نتمناه لهذا الشعب العظيم الذي دفع ثمنا غاليا من دمه وقوته ووحدة أراضيه ومستقبل أجياله بسبب تراكم أخطاء الطغاة- لقد حان الوقت أن يسترد هذا الشعب الطيب شيئا من كرامته وحريته ومصادره من نظام الفساد الديماغوغي الذي أوصل السودان إلى المرتبة 177 من بين 182 دولة على سلم الفساد حسب مؤشرات منظمة الشفافية الدولية.

    ' أستاذ جامعي وكاتب عربي مقيم في نيويورك


    --------------------

    مليط غنوه العباسي والنكبة .....القصة الكاملة
    08-27-2012 12:01 PM

    بسم الله الرحمن الرحيم
    البرتى والزيادية ودق طبول الحرب
    مليط غنوه العباسي والنكبة .....القصة الكاملة


    بقلم : عبدالله أحمد يعقوب
    [email protected]

    الشيخ التقى الورع (الفكي ) على يحيى عمر الزاكى البرتاوى من سكان قرية (عدار) ناحية (أم عجاجه) التي تبعد بضعة كيلو مترات شمال غربي مدينة مليط بشمال دارفور ، مشهودٌ له بين الكافة بأنه من عباد الله المخلصين الذين يلجأ إليهم الناس في بعض الملمات والكرب ، فكان إلى جانب ذلك هو من الذين يمتهنون الزراعة والإحتطاب وغيرها من المهن الريفية البسيطة ليقتات منها هو وعياله ، وليتسنى له ولأمثاله الأكل من عمل أيديهم حتى لا يسالون الناس إلحافا ، ومضت حياة الشيخ الزاكى وادعةً آمنةً مخلفةً ستين عام من العطاء المتصل محفوفةً بكامل الرضاء بما قسمه له الواهب الرزاق ، والحال هكذا كان الشيخ الزاكى يمنى نفسه وأبناءه وعشيرته بعيدٍ سعيدٍ وبخيت ككل عام ، لان العشر الأواخر من رمضان قد مضت إلى نصفها الثاني ، حيث الوعد الحق من الله سبحانه وتعالى بالعتق من النار ، فبعد يومٍ حافلٍ بالعطاء والعمل الفلاحى في مزرعته الواقعة بالقرب من القرية والتي بشرته بإنتاج وفير هذا الموسم في ظل هذا الخريف الماطر ، في ذلك اليوم الغائم قام الشيخ الزاكى وأسرته بجمع كميات مقدرة من الحطب ليذهب بها غداً إلى مليط حيث سوق الاثنين ، بيعاً وشراءً ، لتعود قيمتها بما تشتهي الأنفس من هدايا العيد لابناءه وبناته العشر وزوجتيه وإكرام زواره من المعايدين ، فقد بات الفكي الزاكى ليلته تلك متلهفا لبزوغ شمس الغد ليُحقق حلمه الصغير من أجل إسعاد أسرته ، فبعد أداء شعائر تلك الليلة وبعد تفكير قليل في أمر سوق الاثنين غدا ، خلد إلى نوم عميق لم يصحوا منه إلا على صوت المؤذن ينادى لصلاة الفجر ، فاستيقظ وأيقظ أهله لتناول السحور ، ثم توجه إلى جامع القرية مؤديا صلاة الصبح في جماعة ، عاد بعدها إلى منزله مسرعا ليعد نفسه للذهاب إلى سوق الاثنين ، هو يفعل ذلك ولا يدرى أى مصيرٍ مرعب ينتظره وهو فى طريقه إلى مدينة مليط ..........


    حمل الشيخ رحله على عربته البلدية ( الكارو)ميمما شطر مليط وما إدراك ما مليط ؟؟! والشيخ الزاكى في مسيره إلى هناك لم يشغله شاغلٌ سوى تحريك حبات مسبحته فى أناةٍ وتروٍ لتدلى واحدة تلو الأخرى فى عقدها المنظوم ، استغفاراً وتسبيحاً وتحميداً لله رب العالمين ، وكان ذلك أُنسه حتى وصوله إلى الأطراف الغربية من مدينة مليط .. حيث حي (غرونا )الذي تسكنه قبيلة الزيادية الوافدة !! لقد خفق قلب الشيخ لحركة مريبة من عربة عسكرية كانت تسرع نحوه وعلى متنها عددٌ من المسلحين الذين هم يتبعون لقوة نظامية تتخذ من ذلك الحي قاعدة لها ، فقد كانت قسمات ونبرات اؤلئك المسلحين لاتنبئى بخير ... فقد أوقفوه بنبرة آمرة كلها غلظة وفظاظة ، وبادروه بالسباب والشتم باقزع العبارات دون مراعاة لأدنى قواعد الذوق و الأدب في التعامل مع أناس في مثل سنه ، ومضى الأمر إلى أكثر من ذلك ، إذ كالوا له من ألوان الاستفزاز ما لاتطيقه آية نفسٍ مهما كانت درجة حلمها ، بعد ذلك كله طالبوه بدفع ما أطلقوا عليه الـ(الدعم ) ......؟ ومنذ متى كانت القوات النظامية تجبى الأموال والدعومات بخاصة من الغلابة أمثال الشيخ الزاكى ....؟ .. لاندرى والله ، بل قالوا له انتم البرتي معشر الـعبيد........ انتم من تخدموننا لأننا أسيادكم....؟؟ عندها ثارت ثائرة الشيخ الزاكى وحاول الدفاع عن نفسه بعد أن رفض دفع ذلك الدعم المزعوم ....عندها لم يتوانى المسلحون من أن يمطروا جسده النحيل بوابلٍ من رصاص أسلحتهم المختلفة التي أتت بها الدولة لهذه القوة النظامية من اجل حماية هذا الشيخ وأمثاله ، لكن عناية الله ورعايته كانت اكبر ، لم تخترق رصاصة واحدة ذلك الجسد الطاهر ، فبهت المعتدون ....ولكن شيطانهم الانسى أوحى لهم أن تمادوا في غيكم ، فاجتمع بعضهم عند رأسه ضربا ، وآخرين عند رجليه ويديه شدا بالوثاق حتى تمكنوا منه تماماً ، والقوه أرضاً ، ولكن عزيزي القارئ أن كنت رحيماً رقيق القلب فلا تتابع المشهد الذي أتى به هؤلاء بعد ذلك ، سوف لن تطيقه نفسك المؤمنة ، لقد كان مشهدا مهولاً يشيب له الولدان ، لقد تفتقت عبقرية هؤلاء على تحدى الجسد الذي كان عصياً على الرصاص ، فقال قائلٌ منهم :ـ اهرسوه بعجلات عربتكم وانتصروا لبغيكم وغيكم حتى لاتقوم لمثل هؤلاء قائمة بعد اليوم .... والشيخ ينادى عليهم بأسمائهم ويحذرهم من عواقب فعلتهم ، ولكنهم دهسوا على ذلك الجسد بعجلة العربة جيئة وذهابا ثلاث مرات ..؟ ثم انصرفوا عنه بعد أن استيقنوا بان الجسد أصبح خاليا من الروح............يا للهول إنها مليشيا الزيادية ؟؟؟.


    لم تمض سويعاتٌ حتى عم خبر هذه الجريمة البشعة النكراء أسماع أهل مليط كبيرهم وصغيرهم فتقاطر الجموع نحو ذلك المشهد الفظيع مستنكرين تلك الوحشية التي لم تمارسها الفاشية في أعدائها ، حملوا الجثة إلى مثواها الأخير وسط سحابة كبيرة من الحزن والأسى ، ولكن اهل الدم من ذوى الشهيد وأصحاب القلوب المؤمنة قاموا بتتبع اثر العربة الملعونة التي حملت الجناة ... من أين جاءوا والى أين اتجهوا بصحبة رجال الشرطة الذين ذهبوا لرسم الحادث ،فسار بهم الأثر إلى أن بلغوا بها القاعدة العسكرية لتلك القوة النظامية (حامية الاحتياطي المركزي ) ولكن ذوى المرحوم لم يخرجوا عن صوابهم ولم يبادروا بالهجوم على احد ، بل بصبر المؤمنين وبعزم الرجال طالبوا تلك المجموعة بتسمية وإخراج الذين ارتكبوا الجريمة ، لتقديمهم للعدالة ؟ ، وعندما احس القائد بعظم الموقف أذعن للطلب بموقف تكتيكي وأرجا الأمر إلى الغد ، فعاد المكلومون من ذوى الشيخ الشهيد الزاكى وقلوبهم تتفطر من الحزن ولكنها ملئي باليقين من عدالة احكم الحاكمين ، وعادوا وهم يأملون في الوصول صباح غدا الثلاثاء إلى الجناة والاحتكام معهم إلى قضاء عادل ليتقص منهم ، إلا أن ليلة الثلاثاء تلك كانت ثقيلة على أرواحهم كما ثقلت على أجفانهم ، لأنها (اى ليلة الثلاثاء) حملت ما لم يكن في الحسبان وما لم يقل هولاً عن حادثة الشيخ الزاكى ، .... فمن ذات هذه المجموعة المسلحة التي قتلت وسحلت الشيخ الزاكى ، كان (الخاتم ) منهم من اسند إليه حراسة السوق الكبير بمليط ، فبدلا من أن تصحوا المدينة على خبر إلقاء القبض على القتلة أصبحت على وقع خبر جديد هو مقتل الشاب (تيراب عيسى عبد الرحمن )البالغ من العمر 27عاما وهو يعمل تاجرا بالسوق ويقيم بحي عمار جديد ، وقد أكدت كافة الأدلة التي تم تجمعيها بان طريقة مقتل هذا الشاب والعيار الناري الذي استخدم هو ذات العينة التى تم استخدامها في حوادث أخرى سيرد ذكرها .
    إن هذه الجريمة الجديدة قد أكدت أن هنالك مخططاً إجرامياص تم إعداده مبكراً من قبل بعض المتفلتين الزيادية ويجرى تنفيذه بدقة لجر المدينة إلى أتون حرب قبلية يتوارى معدوها خلف هؤلاء المسلحين ، ولكن أهل مليط من البرتي وغير البرتي وبرغم من أن الحادثتين جعلت مشاعرهم تغلي كالمرجل ، إلا أنهم مارسوا أسلوباً حضارياً وقانونيناً فى التعبير عن مشاعرهم تجاه حادثتي مقتل الشيخ الزاكى والشاب تيراب تحديداً ، فقد اعتصموا عن فتح محالهم التجارية بالسوق والأحياء في صبيحة الثلاثاء ونهارها ، توجهت لجان تمثل التجار وذوى القتلى نحو مباني رئاسة المحلية ، حيث الحكومة المحلية بقيادة المعتمد التي ينبغي لها أن تحول دون وقوع مثل هذه المصائب ، ليسمعوا صوتهم لحكومتها ولحكومة الولاية والمركز مطالبين بضرورة تحديد الجناة في حادثتي القتل وتقديمهم للعدالة ، وبل المطالبة بالتصدي لاى مواجهة قبيلة والتي بدت نذرها تلوح في الأفق ،


    وسنعود فيما بعد لنتيجة عمل تلك اللجان ، فقد نذر البعض من قبيلة الزيادية نفسهم للشر عبر أبنائهم الجنود النظاميين وغير النظاميين الذين ابتدروا ذلك المخطط فى 29/5/2012م بمقتل المواطن إبراهيم على محمدين بموقع عمله بتجمع آبار أم قندول حيث يمتلك القتيل محطة لبيع المياه، ثم أعقب ذلك قيام مسلحي الزيادية بقتل المواطن إسماعيل عبد الرحمن عمر من قرية كوسكرى التي تبعد مسافة 70كيلوا مترا إلى الشرق من مليط ، حيت قتل إسماعيل بواسطة مسلح غير مجند ولكنه يتبع لمعتمد الكومة (محمد سليمان رابح) الذي بعثه مع شخص اخرعلى متن عربة تتبع لمحلية الكومة ليقوما بالاعتداء على إسماعيل وشقيقه الذين كانا يراعيان ماشيتهم داخل حدود وحدة الصياح الإدارية التابعة لإدارة البرتي الأهلية وذلك بسبب رفضهما دفع ضريبة القطعان لمحلية الكومة التي لايتبعان لها ،أما في صبيحة الأربعاء السابع والعشرين من شهر رمضان الموافق للخامس عشر من أغسطس فقد قام مسلحو الزيادية بقتل شاب يبلغ من العمر عشرين عام يعمل مساعدا في عربة تجارية وذلك عندما حاول المسلحون سرقة العربة نفسها لاستخدامها فى الهجوم على السوق وتصدى لهم هذا الشاب الصغير فأمطروه نار واردوه قتيلا .


    وقد تزامن مع كل تلك الإحداث أن انفراط عقد الضبط والربط عند القوة النظامية(الاحتياطي المركزي ) التي يغلب على أفرادها قبيلة الزيادية ، حيث قامت تلك الأكثرية بطرد عدد 37من أفراد تلك القوة البالغة قوامها 420 فردا بحجة ان ذلك العدد الصغير لاينتمى عرقيا للعدد الأكبر من تلك القوة وبذات الأسلوب الاستفزازي ،مما اضطر هذه القوة الصغيرة الى أللالتحاق بالشرطة لاداء واجباتهم ومضت تلك القوة الكبيرة الى ماهو أكثر من ذلك بإعلانها على رؤوس الأشهاد بأنهم مقبلون على حرب قبلية .


    لقد جاء متزامنا مع كل هذه الأحداث حادثة أخرى صغيرة ومدبرة تدبيرا محكما من قبل الزيادية أضافت هي الأخرى مزيد من الاحتقان لأجواء الاستفزاز والشحن نحو الاحتراب ، فقد أقدم شاب الزيادية من منسوبي تلك القوة النظامية لشراء خاتم فضي من احد التجار من أبناء البرتي الذين يعملون بالسوق وتمت عملية الشراء بطريقة عادية من قبل البائع ولكنها بطريقة تآمرية من قبل المشتري ، وبعد مضى ثلاثة أيام من عملية الشراء تلك عاد المشترى بخاتم فضي آخر قديم طالبا من البائع إرجاعه وتسليمه القيمة بحجة أن الخاتم لايصلح معه ، ولكن البائع رفض ذلك بطبيعة الحال لان الخاتم ليس هو الخاتم ، لان الأمر قد مضى عليه من الوقت ما يجعله في حكم المنتهى عرفا وقانونا ، هنا بدأت بوادر المشكلة المفتعلة ، فاشتجر البائع والمشترى وتبادلا الضرب واللكم باستخدام العصى وتدخل من كل طرف أفرادا نصرة لأخيهم ، مما اضطر المعتدى عليهم من أللاحتماء بنقطة الشرطة القائمة على خيمة نصبت في وسط السوق ، قام ابن الزيادية النظامي بالاتصال هاتفيا من داخل خيمة الشرطة بإقرانه من المسلحين المتواجدين بالسوق فهب اؤلئك مسرعين إلى نقطة الشرطة على متن عربتين ، ومن سرعة استجابتهم بدا كأنهم كانوا في حالة انتظار لتلك المهاتفة ، ووصلوا إلى نقطة الشرطة وانبروا ضربا وشتما وتنكيلا بمن كان في الخيمة، بل قاموا بتمزيق الخيمة نفسها باستخدام السكاكين والسونكى ، وكانت تساندهم نسوة جئن على متن ذات العربتين بالزغاريد ، وبالعصي أحيانا أخرى ، مما اضطر أفراد الشرطة القلائل الذين كانو بالخيمة لأخلائها تفاديا لخسائر قد تلحق بأرواح وأجساد الجانبين ، فبدت قوة الزيادية مزهوة بانتصارها هذا بعد استصحبوا نصيرهم ذلك وسط زغاريد الفرح من بنات العم !!؟

    .
    إن تتابع وتسلسل أحداث القتل والاستفزاز الممنهج لأبناء البرتي من قبل القوة النظامية للزيادية بالتواريخ والشواهد المشار إليها ، بالإضافة إلى الخطوة التي أقدمت عليها تلك القوة النظامية الحكومية التي جندث نفسها لقبيلتها ، كانت كلها مقدمات لذلك المخطط الذي هدف إلى جر البرتي إلى مواجهة مسلحة تكون نتيجتها هزيمة البرتي في عقر دارهم باستخدام الآلة الحربية الحكومية التي بين أيديهم ، والمخطط يتضمن أن يترافق مع تلك المواجهة المسلحة نهب السوق وحرق المدينة بأكملها حتى يلحق البرتي من سكان مليط بمعسكرات النزوح ..وهو ما صرح بها كثر مسئول من ابناء الزيادية فى مجالسهم الخاصة .


    ومن هنا نعود للحديث لما بعد الاحتجاج لدى المحلية في الرابع عشر من أغسطس 2012م حيث المطالبة بتسليم قتلة الشيخ الزاكى والشاب تيراب ، فقد بدا مخططو هذه الفتنة فى تنفيذ الجزء الأخير من المخطط ب نهب جميع المتاجر بالسوق وحرقها ، فقد بدأت أعداد كبيرة من تلك القوة المسلحة فى الدخول الى السوق من الجانب الغربي على متن عربات خاصة و بزى مدني ويضعون على رؤوسهم الـ(كدمول) للتمويه ، فيما تم توزيع المتبقي من قوة الثلاثمائة ونيف مسلح الآخرين على نقاط ارتكاز أخرى تبدأ من ثلاثة محاور تبدأ من شمال وشمال غرب وغرب المدينة (حيث أحياء الزيادية ) وبدا تنفيذا الهجوم الكاسح مستخدمين فيه كافة أنواع الأسلحة الحكومية ، وقد اعتلى بعض القناصة مئذنة مسجد حي ( المرابيع) واعتلى آخرون برج اتصالات بحي غرونا .وانهمر الرصاص والقذائف على كل شبر من مليط .


    هنا انطلق المجاهدون من الدفاع الشعبي الذين كانو بداخل السوق لدعم قوة الشرطة والجيش الموجودة بالسوق انطلقوا للدفاع عن ألأنفس والأعراض والممتلكات باستخدام ما لديهم من أسلحة خفيفة جلبوها للدفاع عن أنفسهم في مثل هذا اليوم متوكلين على الله أن ينصرهم على هذا الظلم الكبير الذي وقع عليهم من أناس لم تكن لهم قبيلة البرتي إلا كل تقدير واحترام (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) ، لقد أثرت الزيادية إن تبادل ذلك الإحسان بالإساءة فكان جزاء الظالمين أن تم دحرهم من منطقة السوق أولا ، ثم من الإحياء المحيطة بالسوق من الناحية الشمالية والشمالية الغربية والغربية ، ثم بدا زحف الانتصار حتى إلى مشارف أحياء الزيادية ونمور الورق والفرسان المزعومين يفرون من أمام زحف المجاهدين نحوهم ،و برغم أن المرأة الزيادية كانت من خلف نمور الورق اؤلئك تشد من أزرهم تحفزنهم بكثير القول وبعض الأفعال ، فكانت المعركة الشرسة التي لم يكن لمليط الوادعة قبل بها، فقد استمرت من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء عاش خلالها السكان لحظات عصيبة لم يعيشوها حتى صبيحة اجتياح حركة التمرد للمدينة في العام 2003م .
    فعندما اندحرت القوة الباغية فى الساعة الخامسة مخلفة أعدادا من القتلى والجرحى يستحى قلم المقال هذا عن ذكر أعدادهم لأنهم مغرر بهم ، فقد ، واحتسب المجاهدون من أبناء شهيدا واحدا كما أصابت ثلاث رصاصات طائشة ثلاثة من المواطنين بينهم طفل في أحياء مختلفة كما تمكن احد القناصة من على مئذنة مسجد الزيادية من اصطياد الشاب إمام الدين محمد نور الدين من حي العباسي ، فذهبوا جميعا إلى ربهم شهداء ،


    ولما انجلت معركة الساعات التسع عن تلك الخسائر الفادحة لهذه الفئة الباغية ، فانجلت معها الصدمة الكبرى ، ومع ذلك قرروا تنفيذ مخطط حريق المدينة باستخدام قذائف الا ر بى جى المضادة للدروع لإحداث اكبر قدر من الخسائر في الاراوح والممتلكات والمباني بالأحياء ، فقد أطلقوا ما يزيد على الأربعين على مناطق متفرقة من الأحياء السكنية أحدثت خسائر بسبعة منازل ، ولكن لطف الله بعباده كان حاضرا حيث لم تنفجر من تلك القذائف إلا سبع ولم تحدث ما كانوا يرجون من خسائر مما زاد من خيبة أملهم وخسرانهم ، وليس أدل على لطف الله بالمعتدى عليهم من حالة الطفل ( ) الرضيع الملقاة على سرير بباحة منزل والديه يؤانس النسيم وحفيف الأشجار إلا أن أمه (النقو عبد الرحمن ) خافت عليه مما يجرى فالتقطته إلى حضنها ، وبعدها بثوان قليلة تسقط قذيفة الزيادية على ذات السرير لتحيله وكل ما حوله إلى رماد ..سبحان الله ثم سبحان الله ثم سبحان الله .


    إن واقعة يوم الأربعاء الخامس عشر من أغسطس الموافق للسابع والعشرين من شهر رمضان 1433هـ بمليط بتلك الوقائع والتي حاولنا جاهدين ان نلملم أطرافها في هذا المقال المقتضب ، ذلك ليكون القارئ في تمام الصورة وكمالها ، ولكن هذه الواقعة تؤكد بجلاء ان بعض أفراد قبيلة الزيادية يمثلون جزءً من منظومة ممتدة بدارفور تسعى لأحداث الفتن وزعزعة الاستقرار ونهب الممتلكات وحرق الزرع وتجفيف الضرع من خلال هذه الأفعال التي تتصادم مع الشرائع السماوية و القوانين الأرضية ، وهى تصرفات تثبت تورط الحكومة وتعريها أمام الراى العام المحلى والاقليمى والدولي باعتبار أن هذه الأفعال هي أفعال حكومية ممنهجة ، ولا حجة للحكومة في نفيها البتة لأنها ظلت تسلح المواطنيين وتستعديهم على بعضهم البعض ؟ وليس ببعيد عنا أحداث مدينة كتم وغوغائيتها وأحداث السلطة الإقليمية بالفاشر وأحداث تابت ، وقبلها أحداث تبرا التي تتزامن ذكراها الثالثة متطابقة من حيث التاريخ مع إحداث مليط (27رمضان ) ، وغير ذلك من الأحداث المؤسفة التى يسمونها ببساطة بـ(أكل السوق ) وتسميها الشريعة الإسلامية بـ(حرب على الله ورسوله وسعى في الأرض بالفساد و جزاء من يفعل ذلك ان تقطع أيديه وأرجله من خلاف أوان يصلب أو ينفى من الأرض ) .


    برغم كل ذلك فقد انبرت قبيلة الزيادية ومجلس شوراها بتحميل المسئولية للأستاذ عثمان محمد يوسف كبر والى الولاية عبر بيانهم المنشور ببعض المواقع الالكترونية ، وزادوا على ذلك بمظاهرة هزيلة صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك بقرية الكومة منددين بالوالي (مرددين ذات العبارات الاستفزازية العنصرية الممجوجة التي لا تدل إلا على ضيق الأفق وسذاجة الفكرة ) زاعمين ان الوالي قام بمد أهله البرتي بالأسلحة والذخائر في أحداث مليط( صحيح الاختشوا ماتوا) ( أليس هو ذات الوالي الذي هو ابن أختكم والذي صففتم له النمارق طوال السنوات التسع الماضية ) ؟؟ إن هذه المسارعة لاتخاذ المواقف والدفاع بالباطل عن أنفسكم والمسارعة فى تحميل الوالي المسئولية يؤكد أنكم قد خططتم مسبقاً لهذه الأحداث ، بل هي امتداد لمخططات سابقة استمرت منذ خمسينات القرن الماضي والتي باءت جميعها بالفشل والفشل الذريع ، كما ان هذه المسارعة تؤكد أيضا مدى الخيبة التي تعيشونها جراء خسارتكم لهذا المعركة ليس ميدانيا فقط ولكنها خسارة أخلاقية ومادية ومعنوية وتاريخية .


    نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن الوالي وان كنا نملك كل الحق في ذلك ، لكنه وحده يدرى كيف ومتى يدافع عن نفسه والا ما كان يجدر به ان يكون جالساً على هذا الكرسي لعقد من الزمان إلا قليلا ! ، ولكن نرد على هذا الزعم بسؤال ؟ ، من أين أتى الزيادية بكل ذلك السلاح وتلك العربات والذخائر التى تم استخدامها فى تلك المعركة ، ان اجبتم بأنها من حر أموالكم فتلك مصيبة واحدة ؟؟ أما أن قلتم انها حكومية فتلك مصائب لاتحصى ؟؟؟. ولنا عودة حول ذات الموضوع وتداعاياته الرسمية اللاحقة
                  

08-29-2012, 07:50 AM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    فوق
                  

08-31-2012, 11:39 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: عوض محمد احمد)



    الخفاض الفرعوني لعقل المثقف السوداني .. بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
    الثلاثاء, 19 حزيران/يونيو 2012


    توطئة:

    هذه الفكرة جاءت في مداخلتي في: "اللقاء التفاكري" بالدوحة 26-27 مايو2012، وأظن أنها كانت صادمة لذلك غمرت تحت تراب المجاملة أو الأدب السوداني الذي لا يسمي الاشياء باسمائها

    لم اشعر بقلة أدب، بل تأسيت بمظفّر النواب، حين قيل له: لماذا أنت بذئ هكذا في شعرك؟ فرد: أرني وضعا أكثر بذاءة مما نحن فيه؟ وقد دفعني مباشرة لتأكيد الخفاض الفرعوني لعقل المثقف السوداني، نائب برلماني يدعي: دفع الله حسب الرسول، يبث من داخل"البرلمان" ما يقدم نموذجا باهرا للعقل المختون. ولكن الاسباب كثيرة، إذ لا يوجد في هذا العصر نخبة فعلت بوطنها مثلما فعلت النخبة السودانية. ويكفيها "انجاز" تقسيم الوطن، وحروب أهلية علي خط طوله 2250 كيلو مترا، ولا تتوقف عن قصفهم جوا، وتجويعهم لا يطعمون وتمنع عنهم المساعدات الخارجية بدعوى السيادة الوطنية. والمدان ليس نظام الجبهة الحاكم فهو يقوم بالجرائم اليومية ولكن المعارضة التي سمحت له بالاستمرار حوالي23 عاما مدانة بالتقصير وترك الشعب تحت رحمة جلاديه واكتفت بالادانات والبيانات ، ولم تردع النظام بل جعلها في حالة دفاع عن النفس وكأنها المجرمة وليس هو السفاح والفساد والتردي في كل المناحي.

    اتوقع ان يتصدي بعض المتقعرين لهذا النقد الذاتي ويسمونه:"جلد الذات". فليكن، هل اوقفتم جلد الفتيات في محاكم النظام؟ هل استبدلتم علاج المساكين في قراكم حيث يستخدم السوط والجلد لاستخراج الشياطين بطب حديث؟ فلماذا تستنكرون جلد ذات النخبة المريضة؟


    مدخل خفاض العقل


    ظللت منذ مدة طويلة مهتما بكيفية اشتغال العقل السوداني علي القضايا التي تواجهه في الحياة؛ أي طريقة التفكير التي يتوصل بها إلي أجوبة علي الاسئلة والمشكلات المرتبطة بوجوده كفرد أو في جماعة، طوال تاريخه في هذه البقعة. ومن الواضح أن الإنسان السوداني لم يترك الكثير المكتوب، ولم يظهر ميلا للتفلسف والتنظير. وفي نفس الوقت لم يتدخل كثيرا في الطبيعة ولم يغيّر فيها كثيرا، وظل في أغلب الاحيان يتعايش مع شروطها دون أن يحاول التغلب عليها، وتوجيها بوسائله. وبقي الواقع السوداني راكدا ومقاوما للتغيير السريع والجذري. ورغم موقع السودان الاستراتيجي في القارة الافريقية وعلي شواطئ البحر الأحمر، إلا انه لم يتمتع بميزة الاحتكاك والإطلال علي حضارات أكثر تطورا، كان يمكن أن تساعده في التقدم والتغيير. بل كانت صلته بالحضارات العالمية تأتي بالوكالة وغير مباشرة ومن خلال دول مثل مصر؛ أو من خلال عابرين من السودان إلي داخل القارة الافريقية. وهكذا افتقد العقل السوداني فرصة التطور والنمو، واستكان لخمود ونوم طويلين. وهذا ما نسميه الاستراحة الاجبارية للعقل السودان.

    ونبدأ بالتساؤلات المتداولة بين الباحثين:ماهي الأفكار التي أنتجها العقل السوداني وكيف أنتجها؟ وهل الوعي منخرط في سياق فلسفي؟ وهل لديه القدرة علي النقد والنقد الذاتي، والحوار وقبول الآخر المختلف للمطارحة؟ وهل هو عقل موضوعي أو ارادوي رغائبي؟ فالمثقف – حسب موريس بار – هو ذلك الفرد الذي يقنع نفسه بأن المجتمع يجب أن يقوم وفقا لمنطقه وارادته هو، والذي يجهل أن المجتمع هو قائم فعلا وواقعا علي ضرورات داخلية قد تكون لا علاقة لها مطلقا بارادة العقل الفردي. فالمثقف بهذا المعني هو ضحية وهم منطقه –يوتوبيا/طوبائي. وهذا يعني وجوب تفسير الظاهرة الاجتماعية بظاهرة او ظواهر من المجتمع نفسه. التفكير الغيبي يبحث عن المسببات من خارج الواقع والمجتمع والحياة الانسانية.

    ويقود ما تقدم الي التساؤل المحوري، وهو: مدى انتشار وعمق العقلانية في الفكر السوداني. وتعريف العقلانية ببساطة في السياق الحالي هي عدم تناقض الغايات والوسائل. ولكن العقل المختون يفصل باستمرار بينهما، مما يعكس النقص القاتل في ذلك العقل أي نواقص التفكير والتحليل السليمين . وهذا ما يوقعه ايضا في ممارسات يصعب ادراكها منطقيا، في كل مجالات الحياة، وبالذات السياسة. ويرجع ذلك الي عدم طرح الاسئلة الصحيحة، وبالتالي الوصول الي نتائج مختلفة تماما من المقدمات. والنقص الثاني هو القدرة علي ترتيب الاولويات، وهذا أمر يحتاج مع العقلانية الي ملكة خاصة هي حسن تقدير الاشياء بلا مبالغة.

    يخلط عقل المثقف السوداني المختون بين الكلام والأفكار أو اللغة والفكر. فقد نسمع لحديث فصيح ومنمق وطويل ولكنه لا يقدم أي فكرة جديدة واحدة. وهذه مصدره غلبة العقلية التراثيةوالسلفية التي تعمل علي تأصيل القديم، وبالتالي تحصينه بكلام كثير دون أفكار جديدة تهز الثوابت والوثوقيات. وتحول الفكر السوداني أو الإسلامي عموما الي الشعائرية، والشعاراتية، واللفظيات. ولم استعجب حين قرأت لشخص يقدم "كمفكر إسلامي كبير" يقول عن موقفه من الفلسفة:-" دراسة الفلسفة لا تجلب فائدة ولا تصرف شرا، وأن قضاياها تعطل الفكر والنظر. وصدق الغزالي الكبير حينما وصفهم بأنهم: (طائفة من ذوي الآراء المنكوسة والافكار المعكوسة) . " (عن سيرة ذاتية لحسن مكي، ص22) . ومع استبعاد الفلسفة تفتقد عملية الفكر – حسب الفلاسفة- صفة مجموع العمليات الذهنية التي تمكّن الانسان من نمذجة العالم الذي يعيش فيه وبالتالي يمكنه من التعامل معه بفعالية لتحقيق اهدافه وخططه ورغباته. وبالتالي يكتسب العقل المختون أكبر نواقص الفكر وهي التجزئية علي حساب الشمول والنظرة الكاملة.


    العقل المختون والشخصية

    انطلقت منذ اربعينيات القرن الماضي حملات ضد ممارسة الخفاض الفرعوني علي الإناث. وللمفارقة، تزايد النشاط ضدها في السنوات الاخيرة، وصرفت علي الحملات الاموال الطائلة، وجعل منها المانحون الأجانب قضية استراتيجية في السودان. وبالتأكيد، سوف يحتار الكثيرون في أسباب استمرار الظاهرة رغم الجهود والاموال والوقت. ولكنهم نسوا أنه يستحيل علي عقل هو ذاته مختون، يمكن أن يقضي علي مثل هذه الظاهرة في مجتمعه. فالإنسان السوداني المسكين، الذي فقد بختان عقل مثقفه، لذتيّ الجنس والفكر، بات مكشوفا وتمكنت منه الأزمات حتي وصل الي حالته الراهنة. وقطعت أهم أجزاء وأعضاء واطراف العقل، لذلك فقد المثقف العقلانية، والمنطق، والقدرة علي التنبؤ واستشراف المستقبل.

    تضافرت وتآمرت جهود عدد من المؤسسات للقيام بعملية الخفاض أو الختان بطريقة بارعة بحيث يؤدي الخفاض وظيفته في الحرمان والكبت والتدجين. وهي تتمثل في خمسة فاعلين يتقسمون علي عدد من المؤسسات.

    أولا: المؤسسة الدينية المحافظة التي بدأت بهيئة علماء السودان التي رعاها الاستعمار البريطاني. ويظهر موقفهم في رد علي نقد وجه للإدارة البريطانية:-". . . فان جميع الامة السودانية قد ارتبطت بالحكومة الحاضرة (الانجليزية) الرشيدة ارتباطا حقيقيا بالقلب والقالب، بصداقة واخلاص، ونقدرها قدرها بحيث لا نبغي بها بدلا، لما هو شاهد بعين اليقين، من جلب المنافع ودفع المضار، وتعمير البلاد، وتامين الطرق وعمارة المساجد، وبث العلوم الدينية، ونشر المعارف بترتيب العلماء ومساعدتهم بالمرتبات التي اراحتهم، وتشييد الجوامع والمدارس في عموم البلاد حتي أن ابناء الوطن صاروا في تقدم باهر، ونجاح ظاهر، مع اعطاء الحرية التامة لرجال المحاكم الشرعية في المحاكم والاحكام بالشرع المحمدي. وبالجملة فانها حكومة رشيدة ساهرة بالسعي في كل ما يفيد الوطن وابناءه. فبلسان العموم نقدم الشكر الجزيل لحكومتنا، ونكذب هذه المقالة بجميع اجزائها تكذيبا تاما وفي الختام نرفع لسعادتكم لائق التحية والاحترام.
    الطيب هاشم - مفتي السودان
    اسماعيل الازهري - مفتش المحاكم
    ابوالقاسم احمد هاشم - شيخ علماء السودان
    (صحيفة حضارة السودان26/10/1921)

    أطلقت المؤسسة الدينية المحافظة حملتها ضد الفكر الحر والعقل مبكرا، واستلت سيف التكفير منذ عهد الشاعر العظيم التيجاني يوسف بشير :
    قالوا وأرجفت النفوس وأوجفت هلعا وهاج وماج قسور غابه
    كفر ابن يوسف من شقيّ واعتدي وبغي ولست بعابئ أو آبه
    قالوا احرقوه بل اصلبوا بل انسفوا للريح ناجس عطمه وإهابه
    ولو أن خوف الموت من متلمس للمرء مد اليّ من أسبابه

    ولاحقت المؤسسة الدينية –كدأبها في قنص المبدعين-شاعرا آخر هو محمد عبد الوهاب القاضي، والذي يقول عبدالله الشيخ البشير في مقدمة ديوانه:-"خرج من السودان علي أثر مشادة بينه وبين شيخ المعهد العلمي عام1935 لتصديه لقضايا المعهد فحرم من اعطائه الاولية التي كان يستحقها في امتحان الشهادة التي يستحقها في امتحان الأهلية بطريقة تكاد تشبه الطريقة التي أبعدت التيجاني عن المعهد مع اختلاف في التفاصيل". (ص3) وقال فيهم:

    لقيت من الدنيا ومن ظلم أهله نضيض الافاعي في سموم العقارب
    ********
    سأعمل حد السيف في أم ارؤس خرائب ياويح الرؤوس الخرائب
    لهم من يراعي كل سيف مجرب يريهم سريعا كيف فعل القواضب

    واستمر الارهاب الفكري السري للمؤسسة الدينية طوال الفترة الممتدة من الثلاثينيات حتى بعد الاستقلال حين ظهر الامين داؤود وحسين محمد زكي وكتائب القضاة الشرعيين وفقهاء الكلية الإسلامية الذين صاروا يحملون القاب علمية حديثة، ليرفدوا نخبة دينية لقحت في الانابيب. ودشنت المؤسسة الدينية أول فعل رسمي معلن لخفاض العقل السوداني، ويقول عنه الاستاذ محمود محمد طه بذكائه المعهود:-" يوم الاثنين27 شعبان عام1388، الموافق18نوفمبر1968 قد دخل التاريخ. . انه يؤرخ بداية تحول حاسم، وجذري، في مجري الفكر والسياسة والاجتماع – في مجري الدين- في هذه البلاد، ان شاء الله. . . في هذا اليوم انعقدت ما سميت بالمحكمة الشرعية العليا لتنظر في دعوى الردّة المرفوعة ضد محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري. . . "

    طلب المدعيان-قبل سنوات من حسبة نصر حامد ابوزيد-تطليق زوجته، ومصادرة كتبه، وحل حزبه، ولا يسمح له ولا لاتباعه التحدث باسم الدين أو تفسير آيات القرآن، ومؤاخذة من يعتنق مذهبه بعد هذا الاعلان، وفصله ان كان موظفا، ومحاربته ان كان غير موظف وتطليق زوجته المسلمة منه.

    شجع المؤسسة الدينية الذهاب في اتجاه الارهاب الفكري، وجود حكومة طائفية علي سدة الحكم. اذ قبل سنوات قليلة أعلن مصطفي حامد الامين خروجه من الاسلام واعتناقه البوذية. ولم يحاكمه ليس لغياب الحمية الدينية ولكن الاجواء كانت متسامحة.

    اما الفاعل الثاني في عملية الخفاض فهي الطائفية التي لم تقف عند تقطيع اهم ادوات العقل النشطة، بل قامت بتدجين النخبة المثقفة خلال فترة حاسمة في تكوين عقل كفء ومجدد. وهي فترة تكون ونشأة الحركة الوطنية من ثلاثينيات القرن الماضي أو عقب فشل حركة1924 وحتي اليوم. ويلاحظ تراجع دور المعهد العلمي والمؤسسة الدينية المحافظة، لأن الطائفية بدأت قادرة علي القيام بدور الخفاض والتدجين علي أكمل وجه. فقد برزت في طرف تاريخي هام، كما امتلكت وسائل فعّالة وجديدة نسبية مثل المال السياسي ، اضافة للوسائل التقليدية أي النفوذ الروحي. وكان من الطبيعي أن يكون توق النخبة الجديدة القضاء علي القديم بما فيه الطائفية، ولكن سدنة الخفاض كسبوا المعركة.

    افتتح احمد خير كتابه:"كفاح جيل" بعنوان:قيادتان وجيلان، بقوله:-"لقد ظل زمام المقاومة الشعبية، منذ قيام الحكم الثنائي في السودان الي ما قبل الحرب العالمية الأولي منحصرا في ايدي الزعامات الروحية وكان (الجهاد الديني) ضد الكفار لا ضد المحتل الاجنبي أو المستعمر هو الشعار الوحيد الذي تهتز له القلوب وتتحرك له المشاعر (. . . . ) وكان زعماء تلك الحركات يرتدون دائما مسوح الكهان والصالحين ويستندون في كسب الجماهير علي نزول الوحي، أو الهاتف السماوي يكلفهم بهداية العباد الي طريق الرشاد، وتجديد الدين ومحو الفساد وطرد أعداء الله المشركين من البلاد".

    خلال هذه الفترة تكونت وتكاثرت الفئة الحديثة من الجيل الذي نال قسطا من التعليم العصري، والتدريب والصقل في مكاتب الحكومة. وبدأ ينظر الي الحياة والمجتمع برؤية عصرية هي خليط من الثقافة الدينية السليمة، ومن الثقافة الاوربية الجارفة. وبدأوا، وهم إذذاك قلة محدودة، يحسون احساسا غريبا علي البيئة. ولكن توصلوا الي مؤسسة جامعة ، فكانت فكرة تأسيس نادي الخريجين في عام1918بام درمان. ومع هذا الشعور بالاستقلالية بدأت حربهم مع طائفية كاسحة، وأعلن شعارهم:-

    وما ضرت العلياء الا عمائم تساوم فينا وهي فينا سوائم وشعرت الطائفية بخطر داهم، فكان لابد أن تجهز أمواسها لخفاض ناجع يستأصل جذور الافكار من هذه العقول المتمردة. ورغم أنه وضع فيها الآمال العريضة في أن تكون طليعة تحقق النهضة والاصلاح الديني كما في اوربا. ولكن خابت تلك الآمال حين انسحب الكثيرون من المعركة". . . وتنكروا علي مبادئهم وزملائهم عندما مدت لهم الصوفية أيديها وارتبطت مصالح زعمائهم معها، شأنهم في ذلك شأن الانتهازيين في كل زمان ومكان. " (ص21) . وظهر تيار يدعو لتأسيس حركة تقوم علي التعاون بين شباب فتي فاهم ونفوذ ديني لا حدود له. ووقف الكثيرون ضد فكرة التعاون مع الزعماء الدينيين، لدرجة أن طالب فريق بعدم قبول الدار التي وهبها احد الزعماء لتكون مقرا للنادي، وكاد ان يفوز.

    كان البعض-ومنهم احمد خير- يعملون من اجل قطيعة تامة مع القيادات الدينية باعتبار ان البون شاسع بين عقليتها ونظرتها للحياة، وبين عقلية الجيل الجديد. لذلك، فان الالتجاء اليها" سلاح ذو حدين ووصولية لا تليق برجال المبادئ واصحاب الرسالات. " (كفاح جيل، ص106) . ولم يدم أمل أن يكون مؤتمر الخريجين هو أداة القطيعة، طويلا. إذ سرعان ما تهافت الخريجون-عدا قلة ضئيلة-واستسلموا لهزيمتهم امام الطائفية، والتي قامت بعملية الخفاض الاكبر والاخطر لانها تزامنت مع النضال الوطني والاستقلال. ولذلك، استطالت آثارها حتي اليوم. فقد رأي الخريجون استحالة تكوين احزابهم المستقلة بدون غطاء طائفي، فتراجعوا صاغرين عن مشروعهم المستنير المصادم للطائفية. واندرجوا في مشروع التواطؤ والتحالف مع الطائفية راضين بخفاض العقل.
    الفاعل الثالث هو النظام التعليمي بشقيه الديني والمدني:المعهد العلمي وكلية غردون. فقد ختن هذا النوع من التعليم العقيم مبكرا من خلال الحفظ، والتلقين، والطاعة. ويكفي قول (التيجاني يوسف بشير) في تعليم المعهد العلمي:
    ولقيت من عنت (الزيود) مشاكلا وبكيت من (عمرو) ومن اعرابه
    وصيحة الشاعر القلق (محمد محمد علي):هذا النحو لا حاجة لنا به (صوت السودان 15/8/1954) وهذه البلاغة لا حاجة لنا بها (22/8/1954) . وكان التعليم الديني قائم في التأديب والتهذيب علي "الفلقة" وعهد:ليك اللحم ولينا العضم!لذلك، برع في تخريج شخصيات خانعة وخاضعة ومستكينة وحاقدة بسبب الحرمان والخوف.

    أمّا التعليم المدني، فيلخص (المحجوب) التجربة في قوله:-" 48 لقد دخلنا طور التعليم الثاني وكانت البلاد في مرحلة انتقال، وكان ما جد فيها من احداث لا يبعث علي الاطمئنان الي مصيرها – الم يحرم علينا أن نقرأ الصحف والمجلات الادبية، وكم عنت لقينا وكم اصابنا من لغوب ونحن نحاول ان ندس السياسة الاسبوعية والبلاغ الاسبوعي والهلال ووبعض الكتب الادبية. لا لسبب غير أن كلمة سياسة كان معناها في ذلك العهد قراءة الكتب والصحف، لقد كنا نضحك في الم لان لرئيس الطلبة في الكلية مطلق التصرف وان مفتش الداخلية لا يستمع لشكاة احد ما دام قدمه الرئيس وكانت سنته الجلد اولا ثم النظر في القضية". (الحركة الفكرية. . . . . ، ص48) . ويضيف:-" لم يكن التعلم، علي حد تعبير المسئولين يومذاك، سوي اداة لاعداد المادة البشرية الكافية لتدير دولاب العمل في مصالح الحكومة، لقد اهتم بالكم ولم يدخل الكيف في حسابه ودائرة المحرمات اتسعت حتي شملت كل شئ، فقراءة الكتب لا ينظر اليها بالرضا، وقراءة الصحف محرمة ولا يكاد الطالب يطيل النظر اليها الا في غفلة من اعين الرقباء".

    رغم حملات الخفاض الفرعوني العقلي الشرسة، تظهر شخصيات مثل (عرفات محمد عبدالله) ومجلة (الفجر) ويرفع صوته عاليا ومع ذلك هزم في النهاية لأن المثقفين المختونين خذلوه ولم يقفوا الي جانبه. فتوقفت المجلة ومات هو كمدا، وقد كانت تلك فترة الموت المبكر للمبدعين المتمردين وهو معروفون باسمائهم وادوائهم. يعلن عرفات و"الفجر" بوضوح وحسم ان المعركة مع الرجعية والتخلف لا تعرف التوسط، لأن اصحاب المثل العليا لابد لهم من الكمال في سعيهم لغايتهم وحين يظهرون المهادنة والدفاع فهم يتنازلون. والمجتمع السوداني – حسب رؤية المجددين – ينقسم الى فئة تضم (الشيوخ والكهول وشباباً اليهم في الروح أقرب) وفئة أخرى فيها: (الشباب المتوثب، الظامئة روحه الى المخاطرة، المحل للعمل، والجانح الى الخلق والابتكار ويحدد مهمتها في (هدم ما أصبح لا يتناسب مع الزمن وماهو اكثر صلاحية للبقاء) . ومن الجانب الآخر تخندقت (الرجعية) داخل التقاليد والتاريخ والاخلاق لترد هجوم المجددين مبكراً، لكي تجبرهم على الدفاع وهذا اسلوب متبع حتى الآن، نجح في الحصول على تنازلات من المثقفين المجددين. ويكتب احدهم تحت توقيع رجعي: (كلمات محفوظات من بعض ملحدي الأمم الخارجة على الاديان المتمردة على الاخلاق. والا فأين هي الرجعية التي ضايقتكم الى هذا الحد وماهو الاصلاح الذي شرعتم فيه موقفنا حجرة عثرة في سبيله) ورغم ان ما تقدم كتب بداية الثلاثينيات الا انه من الممكن ان تجد نفس الفكر اليوم في صحيفة سودانية. ويجد عرفات التشجيع من مستنيرين آخرين، اذ يحيى الاستاذ احمد محمد صالح، المجلة، متسائلاً: أم تلك عصا من النور تضئ بها السبيل لقوم طال ليلهم وأحاط بهم الظلام من كل جانب فضلوا الطريق وسار الركب شوطاً بعيداً، وتخلفوا هم عن القافلة وتلفتوا الى الدليل فاعوزهم الدليل؟ ) ويستخدم عرفات في ذلك الوقت نفس المصطلح المعاصر: التنوير الذهني او الرياضة العقلية (عدد 24 أول اغسطس 1935) .

    يقول (ادوارد عطية) عن حق:" لقد كان السودانيون المتعلمون-بحسبانهم طبقة-غير سعيدين فقد ضلت عقولهم وافسدت ارواحهم". (عربي يحكي. . . . . ، ص276) ويلاحظ
    (عبدالله الطيب) ضمنيا هذا الخفاض بسبب الاغتراب عن هموم الوطن وقضاياه الحقيقية:"نسبة كبيرة من هذا المجلس يمثلون صنفا يقال له الخريجون وهم أقل أهل القطر انتاجا من حيث هم خريجون واضعفهم انتماء الي جذوره وعرفه، لانهم يمثلون نوعا من برجوازية والقطر اكثره قروى رعوى قبلي مسكين". (الايام13 مايو1989
    وهذا يذكرني ببيت (احمد شوقي) في قصيدة كتابي:
    وكم منجب في تلقي الدروس تلقي الحياة فلم ينجب
    أو بالحكمة الشعبية: القلم ما بزيل بلم.

    تخوف السودانيون من التعليم المدني الحديث بدوافع متعددة، من بينها خشية التنصير والدخول في حياة المدينة. ويكتب (محمد عمر بشير):-"وكانت المدنية ترتبط بأذهان سكان القرى بالفساد والعبث". (تطور التعليم في السودان، 1970:82) . ويذكر في نفس الموقع:-"وأطلق أهالي مقرات علي المدرسة الجديدة التي شيدت بالقرب منها في سنقراب:كنيسة سنقراب. " (ص83) . وكان للسودانيين المسلمين موقفا أخلاقيا من التغيير الاجتماعي الذي قد يحدثه التعليم الحديث. وقد عبروا عن هذا الموقف بلغتهم البسيطة، بقولهم:" التعليم بيبوظ الاولاد". وهذا تخوف لم يكن غير مبرر، لأن ظاهرة الشذوذ الجنسي لم تكن غائبة في المجتمع السوداني، طالما عزل المرأة ومنع الاختلاط بين الجنسين. ولكنه من الموضوعات المسكوت عنها. وترد اشارات عن انتشار الظاهرة، بل يروي البعض أن الانحلال الخلقي قبل المهدية بلغ درجة أن رجلا تزوج آخر في احدي المدن. ويحكي عن جمع الخليفة عبدالله اعدادا كبيرة من الشاذين، واودعهم السجن. وتروي الطرف قصة ذلك الشخص منهم الذي سأله الخليفة عن أسمه وكان مطابقا مع أسم الخليفة. فرد سريعا:الأسم سالم!وارتاح الخليفة للرد الذكي، فقال:كلامكم حلو وأفعالكم بطّالة! كما انتشرت الظاهرة بعد الغاء الرق في مطلع القرن الماضي.
    ساعد وجود هذه الظاهرة –ولو بصورة محدودة- في اوساط التعليم الحديث، في عملية الخفاض العقلي بطريقة غير مباشرة. لأن الممارس أو المتهم بهذه الممارسة، يحرم من القدرة والجرأة في ابداء الرأي أو النقد أو المواجهة والصدام. فهو يكون شخصية مترددة وخائفة وغير واثقة. فقد كان نظام الداخليات أقرب الي معسكرات الجيش البريطاني سيئة السمعة. وقد اشتهر الكثيرون من الاساتذة البريطانيين ولاحقا السودانيين المتورطين في علاقات شاذة. ويعرف جيلنا والجيل السابق له، شخصيات اسطورية مثل (مستر يودال) التي جابت شهرة افعاله الآفاق. ورغم هذه السمعة فقد لعب دورا أخر بين الخريجين. وىقول كشة وبخيت:-" تشير بعض الروايات الي ان مستر يودال دعا بعض كبار الخريجين من شباب تلك الفترة الي اجتماع في منزله في مطلع عام1921. وقد فوجئوا بيودال يتحدث لهم لاول مرة حديثا سافرا في السياسة وامام مجموعة كبيرة أي ليس فرديا. وكان الحديث حول مقال في جريدة (التايمز) عن السياسة الانجليزية في السودان وما يجب أن تتجه اليه؟ وكان يركز علي ان يكون السودان للسودانيين وأن السياسة الانجليزية في السودان يجب أن تهدف لاحداث هذا الغرض. "

    لم تتوقف الظاهرة بعد خروج الاستعمار، لأن النظام التعليمي لم يحدث فيه تغيير واستمر بنظمه وداخلياته مع انضمام مجموعات من اساتذة مغرمين بتدريس الأدب الخليع من غزليات ونواسيات. وكان هناك من يجهر باتجاهاته المنحرفة. نقرأ في قصيدة ل (ابراهيم محمد عبدالعاطي) ما يلي:
    فلست بتارك غزلي وغيي ولست بعاشق دار القيامة
    احب اليّ في الدنيا غلام رشيق في ملامحه وسامة

    لم تكن المناهج التعليمية قادرة علي تكوين عقول نقدية ومشاريع مثقفين وعبثت ايدي الاخوان المسلمين القادمين من مصر بمخطط السيطرة علي التعليم. فقد كنا ندرس-اجباريا-كتاب:"شبهات حول الإسلام"، لمحمد قطب وفي الأدب الإنجليزي :كتاب (Animal Farm(.
    احتج البعض علي هذا النوع من التعليم الذي لا ينتج غير عقل مختون. ولكن الاستعمار لم يكن يريد غير هذا العقل، لذلك تمسك بتسمية الافندية ولم يتسخدموا قط كلمة مثقفين. ويقول عنهم ( ترمنقهام):-" الافندية ليسوا طبقة بل اتجاه\ميول لانه ليس لهم موقع في المشروع الاجتماعي التقليدي (. . . . ) لم يمثل الافندي قطيعة وابتعادا من النظام القائم ولكن الميل أو الاتجاه الثقافي والاقتصادي للحياة قد يقود الي التغيير الاجتماعي. الافندية هم الذين حصلوا علي تعليم حديث وطريقة ملبس غربي وقطعوا مع الحياة الثقافية والاجتماعية. "ولكن يستدرك بأن القطيعة لا تذهب بعيدا لأسباب تتعلق بقدرات العقل. ويواصل:-" تعليمهم تناقضي وليس تكاملي، لقد عرض عقولهم لارتباك سريع الزوال ولكن ترك ارواحهم جوعي. لقد تعلموا كيف يؤدون عملا كتابيا ولكن لم يعلموا كيف يعيشون. " (ص258)
    ويقدم هذا التصنيف للافندية أو خريجو الكلية:
    1. الرافضون يتحولون الي مسلمين متعصبون.
    2. غير مؤمنين سرا متمسكين بالنظام الاجتماعي ولكن لا يلعب الدين دورا كبيرا في حياتهم
    3. الاغلبية هي التي تفصل\وتحتفظ بالاثنين. شخصية منفصمة.

    ويختتم:" لا تذهب علمانية المتعلم بعيدا عند الازمات يظهر تأثير الحوش وسنوات التكوين الاولي الملئية بالغيبيات. مثقف ######## ينقد الماضي في دائرته فقط. (ص259-260) كتاب:الاسلام في السودان- الطبعة الانجليزية.

    لم يحاول الافندية القيام بواجب المثقف والمفكر في مجتمع نام ، وذلك بسبب العقل المختون القاصر. ولكن وجد الافندية في الخمر"والقعدات"بسبب ضيق مجالات الترفيه والتجديد خاصة مع انعدام أو قلة المسارح والسينما والاوبرا وصالات العرض والمتاحف، وضآلة اشكال الفنون الابداعية. والاهم من ذلك المجتمع غير مختلط والمرأة توجد في الخيال والاوهام. سادت عزلة الصفوة الا مع تفسها وشللها المغلقة. تحولت اندية الخريجين لاندية الموظفين للعب الورق والتخطيط للقعدات لاحقا، خاصة في الاقاليم. يوم رتيب للعمل خال من الابتكار وملئ بالخبث والتآمر ثم امسيات وليالي اكثر ضجرا لايكسره فرح الانتصار في لعبة كونكان اربعة عشر مثلا. ولنقرأ معا وصف واحد منهم لليل في حياة المثقفين او الافندية، يقول (ابو القاسم عثمان):

    بعد عشرين تقضت هاهمو رفقة العمر يغذون المسير
    في دروب عبث الصمت به وطواها بالاسى ليل طويل
    وهمو في الليل وهم لا يفيق
    العظيم الشهم منهم والحقير والغني الجيب والشيخ الفقير
    فكرة تسمو بنا حتي نري صفحة البدر واشراق العبير
    ثم ننحط خوارا أو نهيق
    ايها السكران من خمر الهموم غننا بالليل فالليل نجوم
    غننا بالدن أو بنت الكروم قبل ان تزحف هاتيك الغيوم
    قبل ان تنبت ازهار الجفاف
    انما الخير حظوظ ونصيب وكذاك الشر فالامر عجيب
    هكذا نغرق في البحر الرهيب ثم نطفو مثلما يطفو المشيب
    نعشق الفجر كما نهوى المغيب
    قد شربناها كويسات زكت ورقت بالعقل شوطا وسمت
    ثم نحصد العمر ندى سائلا كالدمع من عين بكت
    وثوت خلف تخوم العالمين
    هكذا ايامنا تأكلنا هكذا ساعاتنا تشربنا
    ثم نشدو انما الدنيا انا بيد انا ما عرفنا مالنا
    لا وما زلنا كبارا عابثين

    واخيرا، لم ينقذ التعليم الحديث، بعواره، الافندية من حيرتهم وعبثهم، لتكتمل عملية الخفاض العقلي رغم هذا الكم من الشهادات والملايين التي صرفت عليهم. ولوصرفت علي التركتورات والحاصدات لحققت البلاد نهضة تنموية.
    اشتغلت هذه العوامل ضمن بيئة اجتماعية مواتية، تتمثل في مجتمع احتفظ بعلاقات البداوة ولم تستوعبه العلاقات الحضرية رغم الهجرة من الريف الي المدينة. وتميزت العملية الاجتماعية بترييف المدينة والحواضر. وانتشرت في العاصمة ظاهرة نادي ابناء الزومة أو ابناء سكوت المحس. ومن ناحية اخري، طوّر الافندية الاسرة الاستهلاكية بقطبيها: الحبوبة التي تفرض كل الطقوس والتقاليد البالية في التربية، مع زرجة "متعلمة" ولكنها استهلاكية-تفاخرية تشارك بفعالية في خفاض جديد يطال عقل الزوج الافندي.

    *****
    يبقي سؤال هذا المقال المحوري:
    كيف اوصلنا الخفاض الفرعوني لعقل الممثقف السوداني الي حكم الجبهة الاسلامية وقيام الدولة الدينية في القرن الحادي والعشرين؟ وهذا هم الحلقة القادمة.


    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/1...-19-07-02-58.html[/B]
                  

09-02-2012, 09:41 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: عبدالله الشقليني)

    شكرا لكما الزميلان
    عوض محمد احمد
    عبد الله الشقلينى
    على المساهمة القيمة

    نتواصل



    المجتمع المدني والتمويل الأجنبي ..


    بقلم: د. حيدر إبراهيم علي



    الخميس, 30 آب/أغسطس 2012 17:41


    [email protected]

    "لا يمكن للعقل أن يحكم الواقع، ما لم يصبح الواقع نفسه معقولا "
    هربرت ماركوزه

    يدور هذه الأيام نقاش (أو غبار إعلامي) يشوبه كثير من سوء النية والتدليس حول المجتمع المدني وعلاقته بالمانحين والمموليين الأجانب. إذ يعمد البعض الي رمي تهم العمالة بمجانية ولاأخلاقية تهدف الي التشويه واغتيال الشخصية أكثر من كشف حقيقة العلاقة. ولكن هناك من شارك في الحملة رغم أنه يعمل في منظمات إقليمية أو دولية، أو يعيش في الغرب، ويعلم جيدا حقيقة العلاقة. فقد دار لغط مغرض بعد نشر التقرير السنوي "للوقفية الوطنية للديمقراطية" أو (National Endowment for Democracy - NED)
    ورغم أن التقرير ينشر كل عام ولكن هذه المرة جاء بعد قصيرة من الإنتفاضة الشبابية والطلابية المجهضة. لذلك، فالتوقيت ليس صدفة، إذ يجيء مباشرة عقب هبة شعبية معارضة قوية حركت ركود الشارع، وابتدرتها منظمات المجتمع المدني وليس الأحزاب السياسية. وهذا ما أزعج النظام، والمتواطئين والأزلام، وبعضا من المغفلين النافعين. ويبدو أن النظام أعجب بخطة الرئيس الروسي (بوتين) الذي اشترط علي منظمات المجتمع المدني بأن تثبت صفة أنها عميلة لدولة أجنبية عند التسجيل. ومن الجدير بالذكر أن أمريكا في فترة المكارثية، اشترطت علي أعضاء الحزب الشيوعي الأمريكي أن يسجلوا أنفسهم كعملاء لدولة أجنبية حين يريدون الإنضمام للحزب.
    ويقع كثير من اللوم علي ناشطي منظمات المجتمع المدني بسبب تقاعسهم في توضيح حقيقة العلاقة وقبول الإدانة ضمنيا – بالسكوت والعجز عن الدفاع عن وضعيته مما يجعل التهم والشكوك تبدو وكأنها حقائق وواقع. ويعود ذلك إلي عدة أسباب منها، أن الكثيرين يجهلون فلسفة المجتمع المدني وأأكتفوا بالتقاط ثمارها وهؤلاء لا يتعبون أنفسهم في الفهم والتنظير للمجتمع المدني واكتفوا بعقد الورش، واكتفوا بدور السباكين. هناك مجموعة أخري جاءت للمجتمع المدني بقصد الارتزاق فعلا دون أن يكونوا عملاء لأحد لأنه لا توجد في المجتمع المدني عمالة، ولكن قد يوجد فساد كما الحال في أي تجمع بشري تدور فيه أموال.

    1. مجتمع مدني عالمي

    رغم أن ظاهرة المجتمع المدني قديمة في أوربا وارتبطت بصعود الطبقة البورجوازية التي قضت علي النظام الإقطاعي. فالظاهرة بالتالي وليدة ظهور الدولة الوطنية واقتصاد السوق، وكانت وظيفة المجتمع المدني التقليل من تسلط الدولة. واعتبر المجتمع المدني نسقا إجتماعيا يقع في الوسط بين الدولة والعائلة أي بين علاقة موضوعية ولا شخصية تماما ، وأخري شخصية وذاتية. وبتطور النقابات والاتحادات المهنية والمنظمات التطوعية، لم يعد الفرد/المواطن تحت رحمة الدولة. كما أنه مع فصل الدين عن الدولة، صارت الكنيسة تبحث عن دور غير سياسي مباشر؛ فاتجهت نحو التبشير والعمل الخيري. وفي علاقة جدلية أي تأثير وتأثر متبادلين مع الديموقراطية، تطور المجتمع المدني بسرعة واكتسب المكانة والدور الفاعلين في الحياة العامة الغربية. هذا تاريخ مختصر للغاية لخلفية المجتمع المدني الغربي تساعد في فهم نشأة المجتمع المدني العربي غير الطبيعية والذي تم استزراعه من الخارج مثل الدولة تماما.

    يفرض علينا مقام هذه الكتابة أن نتجه مباشرة الي مقال المجتمع المدني المعاصر. وبالتحديد الي معالجة نشأة المجتمع المدني العالمي أو الدولي. ويمكن القول أن البداية الحقيقية مع نهاية الحرب الباردة وبالتحديد مع سقوط حائط برلين أي بداية تسعينيات القرن الماضي. فقد تصاعدت موجات المطالبة بالديموقراطية وحقوق الإنسان بالإضافة لقضايا ذات آثار عالمية مثل البيئة، والهجرة، ، والمخدرات، والإيدز. فقد تنادت منظمات ذذات أهداف مشتركة للعمل تحت مظلات موحدة لتبادل الخبرات أو ما اصطلح عليه في المجتمع المدني بالتشبيك (Networking) أي ربط المنظمات في شبكات وتعتبر منظمة (CIVICUS) أهم وأكبر المنظمات التي تضم عددا كبيرا من منظمات العالم، وتعرّف نفسها:-"تحالف عالمي لمشاركة المواطنين، تحالف عالمي لأعضاء وشركاء يمثلون شبكة فعّالة للمنظمات علي مستويات محلية، واقليمية، ودولية، تمتد كطيف جامع للمجتمع المدني". وتعقد مؤتمرا دوريا شاملا لترسيخ قيم التعاون والمساندة والتضامن. سيكون المؤتمر القادم في الفترة 3-7 سبتمبر2012 في مونتريال (كندا) . ويمكن للجادين في معرفة حقيقة المجتمع المدني العالمي متابعة المداولات والنقاشات من خلال موقع (CIVICUS.org)
    وللوقفية الوطنية للديمقراطية - المتهمة بالتخابر كيانا عالميا يحضره الديموقراطيون من كل أنحاء العالم ومن كل الإتجاهات السياسية، هو:الحركة العالمية للديمقراطية (World Movement for Democracy) ومن كيانات المجتمع المدني العالمي (Civil Society International)
    و(Grassroots International)

    أما فيما يخص التمويل، فهو ليست عملية مخابراتية سرية بل أصبح علما يدرس في الجامعات وتعقد له كورسات ومؤتمرات وورش للتدريب مخصصة لموضوعات مثل:
    How to write a proposal? Applying for funding or a grant

    وبقصد تسهيل عملية الحصول علي المنح والتمويل، والتعريف بالمانحين؛ تصدر العديد من المنظمات دليلا إرشاديا يحدد المجالات المشتركة في الاهتمام بين المانحين والمتلقين، وكيفية التقديم، والمواعيد، والمبالغ المرصودة. وهي لا تقل في احجامها وعدد صفحاتها عن دليل الهواتف؛ ومنها علي سبيل المثال:
    - Directory of International Funding
    - International Donors Directory
    - International Organizations Funding Directory
    - Directory of Social Change
    - NGOs Fund Directory
    - The Funders online Directory
    - Global Development Donors
    - NGO Funding Agency
    - Seeking Funding
    - Directory of International Funding Agencies
    - Global Funding Agency Directory
    - Development Funding in Africa
    - Fundraising Directory for nonprofit Organizations, etc

    وتصدر بإنتظام كتب في نفس الموضوع من أهمها كتاب ضخم بلغ سعره $389 وهذه الطبعة 11 المعروضة الآن في الأسواق
    The International Foundation Directory: Cathy Hartley (ed.)

    ومن الجدير بالذكر أن أغلب هذه المؤسسات المانحة التي تبلغ عشرات الالآف هي لأسر وأفراد محسنين يوقفون أموالهم "صدقة جارية" للعمل الثقافي والفكري والخيري. وهذه بالمناسبة يفترض أن تكون من خصائل المسلمين فقد أوصي بها الدين، بينما فضل المسلمون كنز المال بكل الوسائل. ونروج في بلادنا-خجلا أو خبثا- أنها مؤسسات حكومية أو شبه حكومية، مثل مؤسسة فورد التربوية، ومؤسسة كارنيجي، وروكفلر، وايرهارد؛ وغيرها وغيرها.

    2. التمويل الأجنبي بين العمالة والعمل الإنساني

    لا استغرب كثيرا حين يطلق الكثيرون علي مثل هذه العلاقة الإنسانية في العمل الطوعي، ووسائل المساندة والتضامن؛ صفات العمالة والصلات المشبوهة. وذلك، لسبب بسيط وهو أن المجتمعات العربية-الإسلامية لم تعرف مثل هذا العمل الإنساني المؤسسي والممنهج، وحتي فكرة الأوقاف بين المسلمين أنفسهم ناهيك عن غير المسلمين، لم يتم تحديثها وتطويرها حتي كادت أن تنسي وتندثر. والآن نعقد المؤتمرات عن الأوقاف وننفق أموالا ووقتا وكلاما، بلا أي تطبيق أو ممارسة فعلية. أما في أوربا، فقد جاء العمل الإنساني كجزء من رؤية الأوربي للكون –طبيعة وبشرا. عاشت أوربا ثورات في كل المجالات:الإقتصادية، السياسية، العلمية، العقلية، الدينية، الفكرية، التقنية. . . الخ. ورغم اختلاف المسارات والمجالات، إلا ان الغاية واحدة: تحرير الإنسان، وإعلاء قيمته، وجعله مركز الكون بلا منازع. وهذا ماقصده الشاعر (الفيتوري) بقوله:
    "والأعلي من قدر الإنسان هو الإنسان."

    عملت كل ثورات أوربا علي تحرير الإنسان من كل أشكال الخوف ، والحاجة، والتعاسة. فقد حررت الثورة البورجوازية الإنسان من قيود القنانة، والسخرة، ومنع الحركة والاختيار التي فرضها النظام الإقطاعي. ومثّل شعار:دعه يعمل، دعه يمر؛ قمة الحرية في فترة صعود البورجوازية. وكان الإصلاح الديني الذي ابتدره (مارتن لوثر) هدما لسلطة الكنيسة الكاثوليكية في احتكار المعرفة الدينية. ثم أكملت اللغات القومية القضاء علي الإحتكار، إذ لم تعد اللغة اللاتينية وحدها هي مفتاح فهم الكتاب المقدس. وتم فصل الدين عن الدولة – لاحقا، بعد تقلص الحق الإلهي المقدس في السلطة، وحين لم يسمح نابليون للبابا بأن يتوجه بوضع تاج علي رأسه-كرمز لسلطة لم تعد موجودة. وأكملت الثورة الفرنسية عام1789 القضاء علي استعباد الإنسان برفع أنبل الشعارات: الحرية، الأخاء، والمساواة. وصار الجميع يتخاطبون بكلمة:المواطن، حتي لطبقة النبلاء المنقرضة. وكانت الثورة الصناعية، والكشوف الجغرافية، وثورة العلوم والاختراعات والتكنولوجيا. كل هذا سبب ونتيجة في نفس الوقت لما أسمته أوربا:الإنسانية أو الإنسانوية (Humanism)

    من هنا جاء الإهتمام بحقوق الإنسان، وحكم الشعب بالشعب ومن أجل الشعب (الديموقراطية)، والرفاهية ثم الاهتمام بالإنسان كإنسان حيثما كان. ولأن كل شيء يحمل نقيضه في داخله، فقد حملت طبقات في اوربا عار الاستعمار. ولكن قيم الإنسانوية كانت أقوي لدرجة خجل المستعمرين والذين اطلقوا علي مهمتهم المشينة:عبء الرجل الأبيض أو (White’s Man Burden).

    واخيرا، أجبرت حركات التحرر الوطني المستعمر علي تصفية وجوده وتفكيك نفسه. ولأن الغرب ليس واحدا، فقد كانت هناك الطبقات الرأسمالية والعنصرية مقابل الفئات الانسانوية والاشتراكية، والتحررية، والخضر (أصدقاء البيئة) ، والحركات النسوية، ومنظمة العفو الدولية، وأطباء بلا حدود، وصحافيون بلا حدود. . . وغيرهم كثيرون.

    كان نتاج الرؤية الإنسانوية للكون، أن أصبح الآخر مصدر اهتمام تمثل في الأممية، والعولمة (ناقصا الرأسمالية المستوحشة) ، الإغاثة، المساعدات ، التطوع، المنح، التمويل. . . الخ.
    ولذلك، تعتبر اوربا بنت عصر التنوير، والثورة الفرنسية، وروسو، وفولتير، وماركس، وفرويد؛ أكثر تحضرا وانسانية ورحمة منّا. والدليل علي ذلك، أن الزعيم الإسلامي راشد الغنوشي، وأبو قتاية لجأوا الي بريطانيا، وغيرهم المئات هناك وفي فرنسا، والمانيا، وهولندا، والدول الاسكندنافية. وحين تحدث الكوارث الطبيعية في بلادنا تكون الطائرات الاوربية المحملة بالغذاء والدواء، أول ما تصل الينا رغم بعد المسافة. وترك الملايين من المسلمين والعرب بلادهم واقاموا في الغرب. وقد صار بعض علماء الإجتماع يتحدثون عن "الإسلام الاوربي".

    لا أريد الاستشهاد بالقائل أنه وجد إسلام بغير مسلمين في أوربا حين رأي الأخلاق والقيم التي دعا إليها الإسلام، تمشي أمامه علي الأرض ، بينما هي غائبة في بلاد المسلمين. ولهذا، لا نصدق أن الغربي أو الاوربي يمكن أن يساعد الآخر بلا مقابل في الدنيا أو الآخرة. وهناك نماذج مدهشة للعمل الإنساني والخير قام بها اوربيون ليكفروا عن خطايا الحقبة الإستعمارية ثم صارت الظاهرة جزءا مؤسسيا أصيلا من الثقافة الاوربية والغربية. وفي بالي دائما شخصية مثل (ألبرت اشفايتزر) () (1875-1965) وهو ألماني ثم فرنسي (كان يقطن اقليم الالزاس-اللورين المتنازع عليه بين الدولتين) وهو شخص متعدد المواهب والقدرات:طبيب، موسيقي (عازف اورقن) ، عالم لاهوت، وفيلسوف. هاجر إلي قرية نائية في منطقة دولة القابون الحالية، حيث بني أول مستشفي من الزنك ، في العام (1913-1918) وفي سنة1926 أسس أخرى. واستقر هناك حتي عام1948 أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، مع بعض الإنقطعات. وقد ساعدته زوجته – المتخصص في التخدير-لفترات طويلة. وكان يقوم بهذا العمل اتساقا مع فلسفته التي أسماها: "تقديس أو توقير الحياة (Reverence for Life)

    وقد حصل بسببها علي جائزة نوبل في عام1952. ومن المعاصرين له البريطاني (البرت كوك) (1870-1951) وزوجته؛ فقد اهتما بالتوليد. وفي1914 و1918 افتتحا مركزين لتدريب المساعدين الطبين الأفارقة في يوغنده. واستمر التقليد الأنساني في شكل حديث وجماعي:منظمة أطباء بلا حدود. فهم يأتون من فرنسا وهولندة للعمل في دارفور، بينما قد نجد أطباء سودانيين يرفضون العمل في تلك المناطق ويسمونها:" مناطق الشدّة". وخصص (بيل جيتس) اربعة مليار دولار لمكافحة الملاريا والإيدز في إفريقيا.

    وتعترف الحكومة الاسلاموية أحيانا بالدور الغربي -وتحديدا الأمريكي- في تقديم العون. ففي لقاء مع مبعوث أمريكي، حيا مصطفي تيراب، وزير الدولة للثقافة، الشعب الأمريكي لتقديمه العون لكل شعوب العالم؛ مشيرا إلي سعي الوزارة لربط وتطوير العلاقات والتعاون بين الشعبين في مجال الثقافة. (الصحف 26/8/2012) .

    3. في تاريخ المال الأجنبي

    هذه الحيثيات تجعلني معجبا بالحضارة الغربية (ناقصا الرأسمالية المستوحشة) بلا حدود، ولكنني ليس منبهرا بها، لأنني قادر علي نقد السلبيات.

    فهي حضارة تؤكد أن الإنسان مركز الكون، وبالتالي ليس غريبا احترامها لحقوق الإنسان، والدفاع عن كرامته. ولذلك، لا أجد أي حرج أو حساسية في التعامل بندية مع الغرب:أفرادا أو مؤسسات، في القضايا المشتركة. وقد يكون يساري ألماني أو فرنسي، أو ديمقراطي أمريكي، أقرب إليّ من سلفي سوداني أو سعودي. ومن هنا يبقي الحديث عن العمالة مرسلا بطريقة غير أخلاقية يعوزها الورع وتأنيب الضمير. وفي البلدان الراقية والديموقراطية والتي تحترم الإنسان، يمكن أن تلجأ للقضاء. فالعمالة تهمة جنائية تعادل الخيانة العظمى، ولها مواد. ولكن في السودان، يمكن لصحفي يكتب وهويلعب اصابع قدمه ويلقي بمثل هذه التهم دون أن يتحري الصدق أو المهنية.

    العميل هو من يقوم سرا بتسليم معلومات عسكرية أو أمنية أو إقتصادية أو غيرها مما يضر بوضعية وطنه، لدولة أجنبية عدوة أوجارة أو صديقة، مقابل مبلغ من المال أو تسهيلات أو خدمات. هذا ما لم يقم به أي ناشط في منظمات المجتمع المدني. وفي نفس الوقت قام البعض بتسليم قوائم بأسماء الإسلامويين المتشددين والناشطين للمخابرات الأمريكية مباشرة، ولم يوصفوا بالعمالة. وهناك من قام بتسليم (كارلوس) لفرنسا ولم يعتبر عميلا. ولذلك، نعذر (الغنوشي) الذي استفاد من الجواز السوداني لثلاثة أشهر فقط (حسب قوله عندما عاتبته علي تعاونه مع النظام السوداني، خلال ندوة في الحمامات اكتوبر الماضي) وفضّل اللجؤ في بلاد النصاري.

    في سياق تحديد العمالة، هناك أشكال مبتكرة للتعامل مع جهات أجنبية أو غير سودانية، تستباح فيه مقدرات الشعب السوداني وثرواته –بدون الرجوع إليه طبعا. ولنقرأ معا هذه المقابلة مع محمد عثمان محمد صالح، رئيس هيئة علماء السودان، مع صحيفة (العرب) القطرية بتاريخ 30/12/2011

    محمد صبرة: سمعت عن تخصيص الحكومة السودانية لقطعة أرض لصالح اتحاد العلماء (العالمي) ما قصتها؟
    - قصة تخصيص الأرض بدأت بطلب من الشيخ يوسف القرضاوي للرئيس عمر البشير بتخصيص قطعة أرض لتكون وقفا يعود ريعه لمصلحة الاتحاد.
    وقد وافق الرئيس البشير على الطلب، تقديرا منه لكون الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من أهم المؤسسات الإسلامية التي يرجع إليها الناس، ويمثل مرجعية شرعية ضرورية. ووجه الرئيس البشير أمرا للجهات المختصة بتخصيص قطعة أرض مساحتها ألفا متر بالمنطقة المركزية في وسط الخرطوم قرب مقر بنك فيصل الإسلامي وتطل على شوارع رئيسية، وانتهت إجراءات التخصيص والحمد لله أصبح لدى الاتحاد شهادة ملك الأرض.
    - كم تبلغ قيمة الأرض التي تم تمليكها للاتحاد؟
    - سعر المتر في هذه المنطقة يبلغ ألف دولار وإجمالي سعر الأرض يصل إلى مليوني دولار.

    وهنا نستطيع أن نفهم مقولة:أن يعطي من لا يملك لمن لا يستحق. علما بأن الشيخ القرضاوي ومحمد سليم العوا، قد زارا إقليم دارفور المنكوب، ضمن وفد من الإتحاد ولم يتبرعا- لا هم ولا الإتحاد- بمليم واحد. (قارن بينهم وبين شفايتزر وقيتس وحتي اوبرا وينفري في جنوب إفريقيا) .
    يمتد تاريخ التمويل الأجنبي أو استلام أموال من غير السودانيين للقيام بنشاط داخلي، إلي أربعينيات القرن الماضي. وقد كان أول المبتدرين هم (جماعة أنصار السنة ) الذين تلقوا هبات وتبرعات منتظمة ومعروفة، من المملكة العربية السعودية. ولم تكن هذه الأموال تخضع لأي رقابة ولا اجراءات تقديم طلبات تحدد نوع المشروع والميزانية وفترة الإنجاز ثم المراجعة وتقديم تقرير نهائي. وهذا ما يحدث الآن في تعامل منظمات المجتمع المدني والمانحين. فهل كان (أنصار السنة) عملاء للسعودية؟ وذلك، بغض النظر عن "نبل" الأهداف، فالموضوع هو استلام سودانيين لأموال من غير سودانيين.
    لم يكن الحزب الشيوعي السوداني بعيدا عن التعامل مع جهات غير سودانية. ويبرر ذلك بطبيعة العلاقة الأممية التي تفرض التضامن والرفاقية. وقد كلفت تشيكوسلافيا-السابقة-كدولة وحزب-بالتعامل مع الشيوعيين السودانيين. ولأسباب بديهية، في ذلك الوقت، لم يكن من المعقول استلام الأموال مباشرة. وكان الدعم المالي يتم من خلال شركات تعمل في السودان مثل الكبريت أبو مفتاح وشركة للتركترات وأخري للرش في الجزيرة. ولكن الأهم من هذا كله كانت البعثات والمنح، ثم زيارات وعلاج الأعضاء والنقابيين وقادة الاتحادات، لدول المعسكر الاشتراكي. وقد تقلد الشيوعيون والديمقراطيون مناصب عليا في الاتحادات العالمية للشباب والطلاب والعمال. ولم تكن أحزاب عقائدية أخري مثل البعث الاشتراكي العربي-بجناحيه العراقي والسوري، الناصريين، القوميين، واللجان الثورية؛ بعيدة عن هذه العلاقة الداعمة ماديا ومعنويا بدعوى وحدة الأمة العربية. باختصار، كان السودان منطقة منخفضة ماديا بسبب الفقر، ولكن في نفس الوقت يعج بعناصر ذات قيمة فكرية وتنظيمية وحزبية، عالية.
    تكونت ثروات الرأسمالية الإسلاموية الطفيلية أساسا من علاقاتها الخارجية مع مؤسسات وأفراد في السعودية وقطر والكويت. وتوجد بدايات مبكرة مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في جنيف. فقد عمل (عثمان خالد مضوي) مع القيادي الإخواني المصري (سعيد رمضان) في مجلة (المسلمون) .
    وسرعان ما تحول القاضي المفصول مطلع الستينيات-هو وزميله (علي محمود حسنين) بسبب قضية أخلاقية صد مسؤولين؛ إلي رجل أعمال واسع الثراء. ونتيجة لفصل نظام (النميري) للعديد من الإخوان المسلمين ، وقد احتضنتهم "السعودية"وفتحت لهم العديد من الفرص. ومن أهم نتاجات المال النفطي (علي عبدالله يعقوب). وهو الذي أدخل (محمد الفيصل) ببنكه الإسلامي إلي السودان. ورغم أنه ليس باقتصادي أو مصرفي بل استاذ (عربي ودين) من القاهرة: دار العلوم أو الأزهر؛ فقد تحول بدوره الي ثري نفطي كبير. ومازلت أذكره في منتصف الستينات أيام (إتحاد الشباب الوطني) في شوارع وسط الخرطوم أو في معهد المعلمين العالي؛ شخصا بسيطا ورقيق الحال مثلنا. اتمني طالما أثير موضوع المال الأجنبي (غير السوداني) أن نتابع أصول الثراء الإسلاموي وشبكة علاقاتهم الخارجية.
    أخيرا، لم تبتدع منظمات المجتمع المدني علاقات التعاون مع الخارج ماليا. وهذا التمويل معلن وله إجراءات في التقديم، والمهم أنه غير مشروط. هذه شراكة يلتقي الطرفان في قضية وقد تختلف الغايات. علي سبيل المثال، قد يلتقي مركز الدراسات السودانية والوقفية الوطنية للديمقراطية في موضوع نشر الديموقراطية. وقد يكون هدف الأخيرة من الديموقرطية، دمج السودان في اقتصاد السوق. بينما يري (مركز الدراسات السودانية) في الديموقراطية وسيلة لتحقيق تنمية مستقلة ومنتجة وعادلة تفضي الي النهضة والوحدة الوطنية والسلام. ولأن العلاقة ندّية وقائمة علي الاحترام؛ فلا توجد شروط ولا حاجة للعمالة وبيع الضمير الوطني. ولكن السؤال المهم هو:توجد رأسمالية وطنية غير طفيلية، ومحسنون سودانيون، يوقفون الأموال لتمويل مجتمع مدني سوداني ويجنبونه الحاجة للتمويل الاجنبي؟

    *سأفرد المقال القادم لتاريخ وتجربة مركز الدراسات السودانية، خاصة وأنه سيكمل في اكتوبر عامه العشرين (1992-2012) .


    ------------------

    كنت رئيساً لمصر: مذكرات اللواء محمد نجيب ..

    بقلم: الفاضل عباس محمد علي
    الخميس, 30 آب/أغسطس 2012 18:02

    الفاضل عباس محمد علي
    أبوظبي 30 اغسطس 2012



    عدت من عطلتي بمصر متأبطاً هذا السفر، والتهمته للمرة الثانية، وعجبت كيف أنّا مررنا عليه مرور الكرام، رغم أنه بأرفف المكتبات منذ عام 1984. إن محمد نجيب كنز مصري وسوداني ضاع من بين يدي الشعبين، تماماً كما ضاع صالح فى ثمود، فكأن أبا الطيب يتحدث بلسانه عندما قال:
    أنا ترب الندي ورب القوافي وسمام العدا وغيظ الحسود
    أنا فى أمة تداركها الله غريب كصالح فى ثمود
    عموماً، كان من الضروري الوقوف عند كتابه أعلاه...وأخذه بالدراسة والتحليل والتعليق...وإعادة الترويج لما ورد فيه من معلومات دقيقة وخطيرة، حتى تعم الفائدة.. وحتى نعيد النظر فى الكثير من المسلمات التى كبلتنا وغبّشت رؤيتنا طوال الحقبة الناصرية وما تلاها – إلى يوم انتفاضة الشعب المصري فى العام المنصرم.... ولو استوعبنا ما سجله محمد نجيب من متاهات وتعرجات السياسة المصرية فى مطلع الخمسينات..لأدركنا كنه الجذور التى تشكلت منها التيارات التى تزحم الساحة اليوم....
    وبالتحديد، دعنا نتأمل ما قاله عن الإخوان المسلمين.
    عندما أصدرت حكومة ثورة 23 يوليو قرارها بإلغاء الأحزاب، استثنت (الإخوان المسلمين).. الذين كانوا حلفاءها فى بادئ الأمر، وعينت منهم وزيراً (أحمد حسن الباقوري)، وكان زعماؤها حسن الهضيبي وعبد القادر عودة مستشارين راتبين لمجلس الثورة، وبالتحديد لنائب رئيس الوزراء البكباشى جمال عبد الناصر. وكان التحريض الإخواني يركز علي حمل الضباط الأحرار نحو قلب ظهر المجن للديمقراطية الليبرالية التى كان محمد نجيب من دعاتها... وعلى إقامة "خلافة إسلامية" جديدة تجعل مصر فى موقع الريادة بالنسبة للأمة الإسلامية والعربية،... وكانت المخابرات المركزية الأمريكية تبارك ذلك آنئذ.. حيث أن الولايات المتحدة كانت لاهثة وراء سد الفراغ الذى بدأت بريطانيا فى تركه وراءها بالشرق الأوسط.
    ولكن، فى حقيقة الأمر، اتضح أن الحلف مع الإخوان كان حلفاً تكتيكياً مرحلياً، قصد به عبد الناصر تقوية جناحه فى مجلس الثورة حتى يتم التخلص من محمد نجيب، ومن ثم انقلب جمال على الإخوان، على إثر مسرحية محاولة إغتياله فى المنشية يوم 26 أكتوبر 1954 .... وصفاهم بطريقة هارون الرشيد مع البرامكة، إذ تم إعدام سبعة من قادة الإخوان، على رأسهم عبد القادر عودة، وأرسل 254 من كوادرهم للسجون.
    ويتحدث نجيب فى مواضع كثيرة من كتابه عن إنتهازية الإخوان المسلمين وعدم صدقيتهم وميكيافيللتهم وخيانتهم للعهود وتذبذبهم، وعن صلاتهم الدؤوبة والمستمرة بالاستخبارات البريطانية والأمريكية،.. إذ يقول فى صفحة 253 (طبعة المكتب المصرى الحديث 1984):
    (لقد اشتراهم عبد الناصر ليبيعني..ثم باعهم واشترى السلطة المطلقة..إن خطأ الإخوان فى هذا الموقف كان خطأ استراتيجياً..لأنهم تصوروا أن القضاء على الأحزاب كان لصالحهم، بحيث يصبحون الحزب الوحيد والقوة الوحيدة، ولم يدركوا حكاية العصا الوحيدة التى يمكن كسرها، والدليل على ذلك أنهم انتهوا إلى السجن والتعذيب والتشريد عندما وصل عبد الناصر للحكم، ولم يشفع لهم موقفهم ضد الأحزاب وضد تعدد الآراء...)
    عموماً، آلت السلطة كاملة لعبد الناصر بعد أن انقلب على محمد نجيب.. ومن بعده الإخوان المسلمين...، ودخلت مصر فى نفق حكم الفرد الذى لم تخرج منه إلا فى العام المنصرم بفضل الإنتفاضة الشعبية التى وضعت نهاية لحكم حسنى مبارك، ...بيد أن المفارقة الكبرى هي أن يأتي الإخوان المسلمون للسلطة بعد إنتخابات هذا العام... على الرغم من تاريخهم المعادى للديمقراطية وسعيهم المكشوف لإقامة إمارة إسلامية يستفردون فيها بالأمر ويفرضون وصايتهم، ليس علي الشعب المصري وحده، إنما علي كافة الشعوب الإسلامية والعربية، إن وجدوا لذلك سبيلاً،.... فدعوتهم عابرة للقارات بلا أدني شك، وهم أعداء "للشعوبية".... ودعاة "للأممية الإسلاموية الإخوانجية"، فما هم إلا جزء من "تنظيم الإخوان المسلمين العالمي".
    وظل محمد نجيب منطوياً علي جروحه لثلاثة عقود من حياته ببيت زينب الوكيل المهجور بضاحية المرج فى أطراف القاهرة، بينما تقاذفت النوى كل أعضاء مجلس الثورة،... ومن حِكَم رب العالمين أنه عاش أطول من أعدائه، إذ مات عبد الحكيم عامر مقتولاً أو منتحراً، الله أعلم، ومات عبد الناصر قبل محمد نجيب بخمس عسرة سنة، على الرغم من أنه أصدر أمراً بتصفية محمد نجيب عام 1956 أيام العدوان الثلاثي.. وبتذويب جسده فى حامض الكبريتيك.. ولكن لسبب ما لم يتم تنفيذ تلك التعليمات، أو لعله غيّر رأيه بعد أن انقلب العدوان إلى انتصار.. بفضل إنذار بولقانين وضغط آيزنهاور... وانسحاب القوات الإنجليزية والفرنسية والإسرائيلية بأمر من مجلس الأمن الدولي.
    وبينما ظل محمد نجيب يدفع ثمن دفاعه عن الديمقراطية ومطالبته بعودة الأحزاب (بعد تنظيفها من الفاسدين الذين أدانتهم المحاكم النزيهة)، ظل نظام عبد الناصر يتنكّب طريقه...من وحدة فاشلة مع سوريا لم تدم لأكثر من ثلاث سنوات، وأخرى أكثر فشلاً مع اليمن، وعلاقات غير سوية وكثيرة الأزمات مع الدول العربية القريبة والبعيدة، كالسودان والسعودية وتونس والعراق...إلي تقدم إقتصادي وتحول إجتماعي متعثر، لم يصل للمستويات الراقية التى بلغتها دول أخرى فى زمن قياسي، مثل النمور الآسيوية، كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا، أو التى لحقت بها فى الآونة الأخيرة كالهند والصين وتركيا والبرازيل، أيضاً فى زمن قياسي.
    وقال نجيب.. ص 368:
    (ذاق الذين ساندوا الدكتاتورية من نفس الشراب الذى ساقوه للآخرين..إنهم لم يسكتوا على الخطأ فقط..وإنما ساندوه أيضاً..ودافعوا عنه وبرروه..وأسهموا فيه..ومع ذلك عندما انتهى دورهم أطيح بهم..وأصبحوا مثلي..
    (ولو قرأوا قليلاً من التاريخ لعرفوا أن عبد الناصر نفّذ نصائح مكيافيللي فى "الأمير"..خاصة تلك التى تنصح الحاكم بالتخلص من كل الذين ساعدوه فى الوصول إلي الحكم واستبدالهم بآخرين يدينون له بالطاعة والولاء....
    (ولكن...دارت عليهم الدوائر..وخرجوا من النفوذ إلي النسيان..وانتهى بهم الأمر إما إلي الإستقالة أو الانتحار....اللهم لا شماتة).
    وقال نجيب... ص 376:
    (لقد عرفت كم كانت جريمة الثورة "يعني ثورة 23 يوليو" فى حق الإنسان المصري بشعة..وعرفت أي مستنقع ألقينا فيه الشعب المصري الذى فقد حريته وكرامته وأرضه وتضاعفت متاعبه.......المجاري طفحت ..المياه شحت..الأزمات اشتعلت..الأخلاق انعدمت.. والإنسان ضاع...لقد قمنا بثورة ..فإذا بهم يحولونها لعورة.)



    ولعل محمد نجيب فيما قال أعلاه يتحدث دون أن يدرى عن الإنسان السوداني كذلك ... فقد أطلت عليه "ثورة" مماثلة ...وهي الإنقلاب العسكري الذى قام به الإخوان المسلمون فى 30 يونيو 1989 وجاء بعمر البشير رئيساً وحاكماً فرداً منذئذ..فإذا هو ليل طويل أناخ على أهل السودان... وإذا بهم يهانون ويوضعون تحت بوتات جلاوزة الأمن .. وإذا بالوطن يقسّم إلي كانتونات...ذهب الجنوب منها بقضه وقضيضه ليصبح دولة مستقلة تجلس كالشوكة فى خاصرة النظام الذى ساعدها على الإنفصال..جزاء سنمار.. وستتبعه أخريات إذا تطورت الأمور بالطريقة التى تسير عليها الآن فى دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.

    وجاء فى الفقرة التى ختم بها نجيب كتابه – ص377 -:
    (لا أمل فى أن يتقدم الشعب سوي بالديمقراطية..فالحرية قبل الخبز..والديمقراطية قبل العدالة الإجتماعية...وقد دفعت أنا ثمن الديمقراطية ودفع الشعب ثمنها..ولكن الشعوب التى تعوض شيخوختها بشبابها..وماضيها بمستقبلها..تملك الفرصة الذهبية لتغيير واقعها السياسي والإقتصادي والإجتماعي..).


    وأسلم نجيب روحه الطاهرة لبارئها بعد نشر هذا السفر الثمين ببضع شهور..ويتعين علينا أن نتدبر ما فيه من عبر..لا أن نكرر أخطاءنا ونتمادى فى المكابرة لعشرات السنين...ثم نأتى لنجبّ كل ما سلف ونتحسر على الزمن الذى ضاع والحليب الذى سكب على الأرض...فلا شيء يعوّضنا عن الديمقراطية..وكما قال محمد أحمد المحجوب: "فإن علاج الديمقراطية هو مزيد من الديمقراطية"...ولو حكّمناها بيننا فإن ذلك يعني الحكم الرشيد والشفافية وحرية التعبير والصحافة غير المكبلة والمكممة الأفواه ..والقضاء العادل والنقابات والمؤسسات الجماهيرية التى تدافع عن كل الفئات والقطاعات والإثنيات بحرية وسلامة وصوت جهير وثقة فى النفس...ومع كل هذه المساحات المتاحة يتم علاج التظلمات والشكاوى فى جو صحي..ويضمن كل مواطن وكل إقليم حقه.......وما كان لمشكلة كجنوب السودان أن تصل إلى حد الإنفصال..وأن تقود لما بين الشمال والجنوب الآن من حساسيات وتعقيدات ومشاكل. والسلام
                  

09-05-2012, 09:50 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    حريات) تنشر المقال الذي (نزعه) الرقيب من مجلة (الدوحة) : (ماذا يحدث في السودان) لأميرة الطحاوي
    September 4, 2012
    (حريات)

    ماذا يحدث في السودان؟ ….

    أميرة الطحاوي ….

    هذه بضاعتنا ردّت إلينا: ….

    بعد الانتفاضة التي أسقطت نظام بن علي في تونس ثم مبارك في مصر تكرر التعليق إعلاميا بأنها المرة الأولى التي يخلع فيها شعب “عربي” حاكمه. بالنسبة للسودانيين كان هذا افتئات على حقهم التاريخي؛ ففي أقل من ربع قرن شهد هذا البلد العربي الأفريقي ثورة شعبية وانتفاضة سلمية أسقطا نظامين. لم يتوقف السودانيون كثيرا أمام هذا “الغبن”؛ فقد احتفوا صادقين بانتصارات شعوب المنطقة في نيل حريتها، فهم مثلهم تواقون لها، وكان غضبهم معلنا عندما وصل عمر البشير لمصر عقب تنحي مبارك زائرا ومهنئا “بالثورة”، ثم زيارة من عرفوا بأنهم من الثوار المصريين للخرطوم، وبدعوة من نظام البشير، النظام المتسلط الذي وصل لسدة الحكم بانقلاب عسكري مدعوم من الإخوان، منهياً ديمقراطيتهم الثانية (1985-1989) التي يعتز الشعب السوداني بها كثيرا.

    ظل كثير من المعارضة السودانية بالخارج يقدمون السيد المهدي بأنه رئيس الوزراء “المنتخب” كناية عن عدم اعترافهم بأي عملية سياسية تلت الانقلاب العسكري المدعوم من الإسلاميين في 1989، وظل اللقب مقبولا حتى عودته للسودان العام 2000.

    هل يقود الطلبة السودان نحو ثورة جديدة:

    الحركة الطلابية حاضرة للآن في هذا البلد، لكنها أقل قوة مما كانت عليه قبل عقدين من الزمان. ينسب لها المشاركة – مع الصحافيين والعمال- في ثورة أكتوبر 1964 وانتفاضة 1985 التي أسقطت حكم نميري العسكري. وفي الانتخابات البرلمانية بعد عام اختار الشعب حزبين تقليديين هما الأكبر بالبلاد، تلاهما الإخوان وهي تركيبة ثلاثية لم تساهم في الانتفاضة الشعبية بنفس النسب التي حصدتها برلمانيا، لكن هذا ما أراده الناخبون آنذاك.

    ومظاهرات يونيو ويوليو من هذا العام بالسودان هي إعادة الاعتبار لتقليد قديم دبت فيه الحياة في السنوات الماضية التي شهدت نزول واعتصام المتضررين من مشاريع تنفذها الحكومة في نفس منطقة الحدث. وقبل عام مثلا وبسبب إغلاق مدرسة، خرجت مظاهرات قادتها الأمهات. وفي حي آخر اعتصم سكانه في الشوارع بسبب انقطاع المياه.

    في الأسبوع الثاني من يوليو أصبحت الدعوة للمظاهرات تأخذ ترتيبا أكبر بالتوجه نحو مبان تمثل النظام وقمعه، مثلا وقفة أمام مقر جهاز الأمن بأم درمان بسبب الاعتقالات المتوالية والتي وصلت للألفين (بحسب المعارضة) وما نقل عن تعذيب المعتقلين.

    لماذا الآن؟

    لكن هل حركت حزمة القرارات التي رفعت الأسعار المظاهرات الأخيرة؟ كان التكافل الاجتماعي الكبير بين الأسر وتحويلات المغتربين عاملين مساعدين في تحمل الغلاء المتزايد عاما تلو الآخر في السودان، لكن الطبائع تغيرت كما واصلت الحكومة فرض باستمرار مزيدا من الرسوم على العاملين بالخارج.

    وليس مدهشا أن ينتفض الطلبة بعدة مدن بعد رفع الأسعار، فهم يتأثرون بالغلاء كغيرهم، فرسوم الدراسة مرتفعة، والدعم المقدم من الدولة للخدمات الطلابية محدود، بما في ذلك السكن الجامعي. تركيبة الطلبة الجامعيين بالسودان ثرية ومتنوعة، كل قدم من بيت به جيل أكبر كان به شخص أو أكثر مولع بالسياسية أو الثقافة، ويمكن أن تجد أسرة واحدة -خاصة في المدن الكبرى- وقد توزع أبناؤها على أحزاب مختلفة تمام الاختلاف، وفي العاصمة الخرطوم هناك نسبة ليست بالقليلة من الطلبة قدموا من الولايات الأخرى، وبعضهم من الأطراف المهمش تنموياً. هؤلاء يحملون قضايا أعمق خاصة بهم، كما يعتبرون النظام طرفا في معاناتهم وذويهم حيث تركوهم للدراسة.

    وتشهد الولايات احتجاجات لكن أقل مما كان ينتظر رغم أن المعاناة أعمق وأقدم حتى مع الغلاء، هؤلاء لن يهرولوا للمشاركة لمجرد أن هناك أمل بإسقاط النظام، ودون ضمانات واضحة بحل لمشاكلهم المتراكمة. إن رفع الأسعار كان فقط اليد التي حركت الغطاء عن أناء يغلي بالفعل بالعاصمة والمدن، وتوسع الاحتجاجات أفقيا واستمرارها سيحدد أي وصف أدق لما يحدث بالسودان.

    والحال هكذا لم يكن غريبا أن تبدأ مظاهرات يونيو الماضي من السكن الجامعي للطالبات أو من داخل حرم جامعة الخرطوم الشهيرة. كانت الحركة الطلابية بالسودان مستقلة بمعنى تعبيرها عن مجموع أراء الطلاب أنفسهم في تنظيم أمورهم داخل الجامعات وما يجد في الشأن العام، مع وجود حركات طلابية بمثابة امتداد (أو تنتسب) لأحزاب وحركات سياسية بالخارج، وهو أمر لا يجد كثيرون غضاضة فيه فالوعي والانتماء السياسي يبدأ مبكرا هنا.

    لقد حاول حزب المؤتمر الوطني الحاكم مرارا استخدام ورقة الطلاب، وفي فترة تحالف البشير- الترابي (1989-2000) كان يحاول تلجيم حركة الطلبة أو وزرع عناصره بينها دون نجاح كبير. ووجد المؤتمر الحاكم وأوجد له مكانا لا مكانة بين الطلبة، بالأخص في السنوات الأخيرة، و قد وصل الاستقطاب في بعض الفترات لحد مخيف، فمثلا شهدت جامعة دنقلا (شمالاً) اشتباكات بين طلبة موالين ومعارضين للنظام، انتهت باعتداءات مؤسفة استخدم في أحدها العنف الذي يرقى التعذيب من طلاب ضد زملاء لهم.

    وفي 2010 كان لقتل طالب لآخر مادة دسمة بالصحف إذ ينتمي الأول لحزب الأمة والآخر لحزب المؤتمر الحاكم.

    وفي نفس الشهر قتل طالب ينتمي لحزب المؤتمر نفسه، وتقول التقارير أن زملاء إسلاميين اعتدوا عليه لخلاف تنظيمي. وهذا العام قال ناشطون أن طالبا معارضا قتل غدرا بسيارة، وقيدت وفاته أنها ناجمة عن “حادث سير”.

    قبيل احتجاجات يونيو الأخيرة والممتدة للآن، كان يحدث أن يتظاهر الطلبة بموازاة آخرين خارج الحرم لأجل قضايا اقتصادية واجتماعية، مثلما حدث في جامعة الخرطوم في ديسمبر 2011 من فعاليات لدعم اعتصام “المناصير- المتضررين من إنشاء سد مروى شمالا ” وانتهى الأمر باشتباكات وإحالة 78 طالبا للتحقيق الجنائي. وبالمقابل فقد أعلن معتصمو المناصير دعمهم ومشاركتهم في المظاهرات الأخيرة ضد البشير. اذن الطلبة والشباب ليسوا وحدهم في الشوارع، وإن كان لهم مشاركة واضحة في الاحتجاجات الأخيرة.

    ويبدي أصحاب القضايا المتعلقة بالأراضي صلابة في نضالهم ضد تغول النظام على حقوقهم الطبيعية، وينظمون مظاهرات واعتصامات كثيرة للرافضين نزوع ملكيتهم أو عمل مشاريع تضر بهم، انتهت بعض هذه “المقاومة” بإصابات وقتلى في صفوف المتظاهرين على يد قوات الأمن. لعل أحداث سد كجبار الأشهر في هذا الصدد. هؤلاء أيضا ستحسم مشاركتهم مآل ما يحدث بالسودان، إما مواصلة “الانتفاضة” أو مظاهرات تتآكل مع الوقت.

    عن شرطة كان لها تاريخ

    وفي بداية مظاهرات السودانيين في يونيو الماضي، كان يحدث أن يطلب رجال الشرطة إفساح مجال للمرور (في الخرطوم بحري) أو يتفاوضون على نطاق التظاهرات بألا تخرج عن الحي، وفي الكلاكلة (أطراف العاصمة) استعان النظام بشرطة الاحتياطي المركزي، لم تكن المواجهات في مجمل الأيام الأولى عنيفة، كان هذا مؤشرا طيبا باستحضار موقف الشرطة السودانية من انتفاضة العام 1985 الذي لم يكن سيئا للغاية. لاحقا استخدم الأمن الغاز بضراوة ضد المتظاهرين وجرت اعتقالات وتعرض المعتقلون للضرب بل وحوكم بعضهم بالجلد. ومن اللافت تلك البيانات التي صدرت في الأيام الأولى للتظاهرات منتصف يونيو ونسبت لحركات من داخل جهاز الشرطة أو المتقاعدين منها، يذكّرون زملاءهم بعدم التعرض للمتظاهرين ويدعونهم لاستلهام مواقف سابقة تعاطى فيها رجال الأمن مع الغاضبين بضبط للنفس، لا يمكن التيقن من أثر هذا الآن. اذا كان هناك استجابة فسيخدم هذا توسع المظاهرات. مع الأخذ في الاعتبار أن البشير تعلم الدرس، فقد أدخل التعذيب كآلية عمل بالأخص في السنوات الأولى لحكمه، ووسع من حجم وسلطات جهازه القمعي، واختار عناصره على أسس تضمن ولاءها لما يعطى لها من أوامر أيا كانت شدتها.

    لهجة التحدي التي صبغت تصريحات البشير ومساعديه ضد المتظاهرين كانت عاملا في خروج المزيد منها، وأيضا تسمية الجمع. جمعة لحس الكوع كانت ردا على تحدي المعارضين “أن يلحسوا كوعهم”. لا يحب السودانيون من يعاندهم أو يحقر منهم (ومنه وصفهم بشذاذ الأفاق). ومن اللافت زيادة نبرة تبرم النظام من هذه المظاهرات بعدما كان ينفيها أو يقلل من حجمها وتأثيرها، استمع للتعبير “المجازي” الذي استخدمه البشير قبل أيام لنفي صفة الربيع العربي عن مظاهرات بلاده، قائلا: ليس ربيعا بل صيف سيحرق ويشوي جلودهم.انه يعطي رسالة لمنسوبي الأمن عن كيفية مواجهة الاحتجاجات.

    ليس بالفيس بوك تنتصر الثورات

    حوش بكري، أو “سودانيز اونلاين” المنتدى الاليكتروني السوداني الأكبر الذي يملكه أحد سودانيي المهجر “بكري” ويضم الآلاف من الأعضاء والمرتادين مع نسبة مقدرة ممن هم بالخارج لأسباب سياسية أو معيشية، على مدار أكثر من 10 سنوات لم يشغل السودانيون أنفسهم كثيرا بالجديد في وسائط الانترنت، مروا سريعا على البالتوك، أضافوا لمنتديات النقاش الأخرى، استخدموا المجموعات البريدية ولم يزالوا، استحسنوا الفيس بوك ..عندما ظهر، وتواجد قليل جدا منهم على تويتر مع زيادة العدد مؤخرا منذ اندلاع المظاهرات الأخيرة في يونيو الماضي. يختلف الأمر بين سودانيي الداخل والخارج، بسبب توافر الكهرباء والكلفة والأمان الرقمي.عندما يأتي الأمر للسياسية فإن السودانيين شعب يحسن الجدال والحوار، من الطبيعي أن يختار الوسيط الأقرب و”الأنفع” لهم. حاول بعض الشباب توفير خريطة تفاعلية للأحداث يتم تغذيتها بنشر أخبار المظاهرات والانتهاكات في مارس 2011 لكن الأمر لم يستمر لأنه ببساطة لم تستمر تلك المظاهرات “المحدودة”.

    ليس من صالح السودانيين أن يصدقوا المبالغات حول دور الفيس بوك وتويتر في بدء واستمرار الانتفاضات الشعبية الأخيرة بمنطقتنا، ولعلي لا أمل الإشارة لما ورد في تقرير العفو الدولية عن العشوائيات في مصر الذي أشار لأن 80% من شهداء ثورة مصر من الفقراء والمهمشين. هؤلاء لم يكن جل وقتهم أمام الانترنت بالطبع.وكانوا في الصفوف الأولى فعلا بدليل أنهم قتلوا.

    ولعل العالم كله يعرف أن الانترنت نفسه انقطع عن مصر لخمسة أيام من الموجة الأولى لثورتها وأن دور الفيس بوك محدود في ثورة تونس.

    سيتعين على السودانيين إذا أرادوا ألا يقلدوا أو يصدقوا الأوهام عن الثورات عبر الانترنت، أن ينظروا لتاريخهم القريب، ولطبيعة علاقاتهم المجتمعية المباشرة، لنضال مدن كعطبرة، ونقابات مهنية، لتجارب الإضراب العام والعصيان المدني، ويستنتجون الوسيلة الأوفر حظا في النجاح، أو بالأحرى يصطفون ما يوافقهم، وينجح مع النظام لديهم. لقد قام الأطباء والمحامون هناك بمساهمة فاعلة على طريقتهم في الاحتجاجات، باعلان نقابة مستقلة للأطباء ومسيرة للمحامين سلمت وثيقة مطالب.

    بدايات لم تكتمل

    في مارس من العام الماضي كانت دعوة ثورة أيضا ولكن الأخبار المنشورة عن المظاهرات كانت ضئيلة ونادرا ما كانت مصحوبة بصور أو مقاطع فيديو. ولم تستمر إلا لأيام معدودة. استخدمت صور قديمة للتدليل على مظاهرات حصلت لكن لم يتم توثيقها أو لمظاهرات لم تحصل إلا في ذهن ناقل الصور المزيفة، للأسف تكرر هذا في مظاهرات يونيو 2012 . كما ورد بالخطأ أكثر من خبر عن سقوط شهيد في المظاهرات التي قابلتها الشرطة بالبمبان (قنابل الغاز المسيل للدموع).أخطاء قاتلة ليس جميعها منزها عن الهوى.

    الذين سلكوا كل الدروب

    قد يكون من السهل القول أن تغيير النظام عبر التظاهر في الشارع سهل لمن جربه مرتين، لكن النظام الحالي في السودان ترك بصمته على الكثير حتى وعي وقيم مواطني البلد، ومكن لنفسه لحد أن البعض فقد الأمل في تغييره سلما أو حربا. كما لم تترك المعارضة طريقا إلا وسلكته لإسقاط هذا النظام، والتظاهر في الطرق ليس إلا أقلها كلفة. عقب انقلاب البشير حاول الأطباء والنقابات التململ، كان جثمان علي فضل الطبيب النقابي وقد كسته علامات التعذيب هو رد النظام الوليد. وأعدم مجدي ومحجوب بتهم مهلهلة، بعد سنوات وعندما انتقلت المعركة ضد البشير إلى الساحة الدولية ووصلت لحد إصدار أمر بتوقيفه، أدار الرجل معاركه بمكر، فلم يسلم للاهاي ولم يسقط…ربما علينا ألا نفرط في التفاؤل بأن هذا النظام، الذي اكتسب تحصينا من كثر ما جوبه، سيسقط ببساطة عبر مظاهرات حتى لو كانت يومية.

    لقد جربت المعارضة في التسعينات العمل العسكري الذي لم يعد حكرا على الجنوبيين، مثالا قوات التحالف تم التراضي على أنها أحد آليات المعارضة الشمالية، نموذج للتغيير عبر السلاح. مسار لم يتكرر حينها في المنطقة العربية باستثناءات محدودة منها العراق، استخدم التحالف (ساف) وسائل مختلفة: عمليات عسكرية مباشرة، تفجير خط أنابيب، تثوير الأسرى، تقديم نموذج للمواطنين ورعايتهم في المناطق “المحررة” لكنها تجربة لم تدم لأسباب تطول. وجربت المعارضة التفاوض، النزول في الانتخابات حتى ضد البشير نفسه) وقد ترشح ضده نميري نفسه في الانتخابات الرئاسية العام 2000). ومن يدري فقد تتحول الاحتجاجات الأخيرة لتجربة أحد هذه المسارات مرة أخرى.

    خصوصية سودانية:

    لا تتوقع أن تشهد مظاهرات مماثلة لما حدث في دول أخرى حتى تحكم على أن هناك انتفاضة حقيقية في هذا البلد من عدمه، الحقيقة أن مدينة مثلثة كالخرطوم، بحري، أم درمان (العاصمة الوطنية كما يحلو للبعض تسميتها) قد تحكم شكلا مغايرا للتظاهر بفعاليته المختلفة. الطقس، التوسع الأفقي للمدن، تعليق الدراسة أو منع دخول الطلاب للجامعات. ردة فعل النظام. توافر الإعلام لتغطية الفعاليات بنفسه، أو استقبال الموثق منها. عوامل عدة تقرر ما سيحدث. ومن هنا يبدو غريبا حماس البعض لاستلهام نموذج اعتصام الميادين بمصر واليمن باحثين عن مكان مشابه لديهم، وإعلان آخرين عن “سيطرة المتظاهرين على أحياء بعينها داخل أم درمان” وهو أمر لا يستمر للصباح لأسباب عدة، فما يحدث ليس تحرير مدن وحرب شوارع مهما بلغ اغراء المصطلحات.

    وجاء تسمية الجمع أيضاً بمفردات محلية (ومنها جمعة الكتاحة وتعني العاصفة الرملية أو الترابية، وجمعة الكنداكة وتعني المرأة القوية في اللغة النوبية) وهو ما يجعلك تسأل: هل هي رغبة في “السودنة” أو المفارقة مع الجمع العربية التي اتخذ بعضها أسماء فصحى أو تراثية؟ أم هو وسيلة لتقريب الفكرة للمواطن المحلي؟

    يصحح المتظاهرون أخطاءهم وإن كان بوتيرة بطيئة؛ فاختيار أن تكون التظاهرات الكبرى أسبوعية فقط، قد يسحب السودانيين لمسار الانتفاضة السورية في الشهور الأولى، وما رافقها من مهازل وصلت حد الشجار حول اختيار أسماء الجمع دون اهتمام بفعاليتها أو محاولة تجنب الخسائر البشرية المتزايدة عندما فتحت قوات الأمن النيران ضد المظاهرات والجنازات في مرات عديدة، كذا إهمالهم لوسائل أكثر حفظا للأرواح مثل الإضراب العام.

    وحتى يبلور المحتجون مطالب وشكل التغيير الذي يريدون، ليس لدينا إلا مساندة شعب صديق يتلمس طريقه للحرية من جديد


    --------------------

    الجدية مطلوبة من رئيس الجمهورية شخصياً
    September 5, 2012
    سليمان حامد الحاج

    صرح السيد رئيس الجمهورية عقب عودته بعد المشاركة في تشييع جثمان رئيس الوزراء الأثيوبي ملس زيناوي، أن المهم هو الجدية وحرص جنوب السودان على طي ملفات التفاوض والوصول به الى بر الأمان، مؤكداً حرص السودان على إكمال كل الملفات والوصول بها الى اتفاق.

    الواقع يقول ان السيد رئيس الجمهورية، ونتيجة للضغوط التي مارسها دعاة الحل بالحرب وليس سلمياً، هو الذي نقض اتفاق نافع على نافع وعقار. وللمرة الثانية رضخ لذات الضغوط لتؤجل مفاوضات أديس أبابا ثلاث مرات. ذات المجموعة الرافضة للحل السلمي وعلاقات حسن جوار بين البلدين هي التي أوقفت من قبل عقد الاجتماع المشترك بين البشير وسلفاكير في جوبا ووصفته بأنه يمثل خطورة ومؤامرة على حياة الرئيس البشير. ولهذا فشل اجتماع جوبا بين الرئيسين بالرغم من النوايا الحسنة التي أبداها سلفاكير وحكومة الجنوب.

    الآن نأمل أن يكون تأكيده على حرص السودان على إكمال كل الملفات والوصول فيها الى اتفاق صادراً عن جدية بعيدة عن ضغوط أثرياء الحرب. الذين يمثلون عقبة حقيقة أمام حل القضايا العالقة،استناداً الى مصالحهم الشخصية وليس مصلحة الوطن. فشعبا البلدين يريدان السلام والاستقرار ورفع المعاناة المطلقة التي يعيشونها. وهذا لن يحدث إلا عبر الحل السلمي للقضايا العالقة وعلى رأسها قضية البترول والحريات الأربع وترسيم الحدود وفتح طرق التبادل التجاري وتصدير السلع الى الجنوب واستتباب الأمن بين البلدين بسحب قوات كل منهما الى الحدود التي يتفق عليها والاعتراف الضمني بنتائج المشورة الشعبية كأساس لحسم الصراع القائم بين الدولة والحركة الشعبية في جنوب كردفان/ جبال النوبة والنيل الأزرق والتفاوض الندي معهما.

    هذا هو الضمان الوحيد للسلام والأمن والاستقرار المستدام في البلدين تحسين العلاقة بين الشعبين تمهيداً لتطوير العلاقة التي تؤدي في نهاية المطاف الى استعادة وحدة السودان أرضاً وشعباً.

    الجدية من الرئيس البشير مطلوبة بإلحاح في هذا الظرف العصيب . قد تبقي من المهلة الثانية التي منحها مجلس الأمن للطرفين لا تتجاوز الثلاثة أسابيع، وهذا يعني أن القضايا العالقة لا بد لها أن تصل الى طريق واضح الحل أو عدمه. فحديث مجلس الأمن كان واضحاً وجلياً في هذا الأمر. فقد قرر إرجاء جلسته الخاصة حول مفاوضات أديس أبابا بين حكومتي شمال وجنوب السودان الى ما بعد الثاني والعشرين من الشهر الجاري.

    صحيح هناك حرص من وزارة الخارجية على الانتهاء من حسم القضايا العالقة في الوقت الذي حدده مجلس الأمن ولهذا أعلنت ان المفاوضات بين السودان وجنوب السودان ستتم في أديس خلال ثلاثة أو أربعة أيام . ولكن وزارة الخارجية السودانية نفسها – رغم إصرارها- إلا أنه لا حيلة لها ولا مقدرة لديها مع ضواري أثرياء الحرب الذين يمررون ما يريدون ضد تحسين العلاقات مع دولة الجنوب ويفرضون قراراتهم على رئاسة الجمهورية نفسها.

    ما يستوجب الجدية والحسم أيضاً هو التصريح الخطير الذي أدلى به الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية العبيد مروح والذي جاء فيه أن ثابو امبيكي سيرفع تقرير الوساطة الأفريقية النهائي لمجلس الأمن الدولي بشأن المفاوضات في الثاني والعشرين من سبتمبر 2012. وأنه في حال وصول طرفي التفاوض الى حلول نهائية حول كافة القضايا ستوقع البلدان على اتفاق نهائي. أما في حال فشلهما في تسوية بعض النقاط فسيكونان ملزمين بما يفرضه مجلس الأمن الدولي بناءاً على المقترحات التي سيرسلها امبيكي لمجلس الأمن الدولي في تقريره النهائي.

    وكلنا يعلم ما تستهدفه قرارات مجلس الأمن الواردة في القرار 2046 وما سيتبعها من إفرازات سالبة للغاية على الوضع في البلدين حتى لو اقتصرت العقوبات على الجانب الاقتصادي، ناهيك عن الاحتمال الوارد حول التدخل المباشر وفقاً للفصل السابع.

    ولهذا فالجدية مطلوبة من الحكومتين ومن رئيس البلدين للتوصل الى اتفاق عادل يحول دون التدخل الأجنبي في شؤون الشعبين. وكلنا يعلم أن ما سيوقع من عقوبات مهما كان حجمها وضعفها، فهي ستكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

    فابسط ما يمكن استنتاجه،أنها ستفاقم من الأزمة العامة الشاملة للبلدين وستفتح من جديد الباب لإعادة إنتاج الأزمة التي يمكن ان تصل الى مربع الحرب.

    وهذا هو المخطط التي يعمل به أعداء السودان بما فيهم دعاة الحرب وأثرياءها في البلدين.

    إننا نؤكد هنا ان الفترة المتبقية لا تقبل المماطلة الو التسويف في وضع الحلول بل الشروع الفوري في التنفيذ.

    كذلك نؤكد، للمرة الألف أن الحلول الثنائية كان مصيرها الفشل، وسيلازمها الفشل طالما ظلت مجالاً للمساومة والمزايدة بين الطرفين .

    ولن يكون الوسيط الدولي أو مجلس الأمن الدولي نفسه هو الوصي على شعبي البلدين أو الحادب على مصالحهم أكثر من أهل السودان أنفسهم.

    ولهذا سنظل نكرر ان إشراك القوى السياسية المعارضة وتنظيمات المجتمع المدني الأخرى التي أسسها شعب السوداني هي التي من الممكن ان تقدم البديل والحلول الناجعة للأزمة الشاملة. ويدفعها في ذلك التجربة الواسعة للاتفاقات الثنائية وما آلت إليه من فشل ذريع.

    إن أي حديث حول ضيق الوقت لإشراكها أو الكيفية التي سيتم بها ذلك مع التعقيدات التي ستنشب عن التمثيل أو غيرها من الأسباب، هي حجج واهية يمكن التغلب عليها. فكل الأحزاب السياسية المعارضة قد حسمت هذا الأمر منذ عدة سنوات ولديها الاستعداد السياسي والفكري الذي سيسهم ليس في حل مشكلة التمثيل وحسب، بل ما يجب طرحه في هذه المفاوضات.

    ومقدماً بل مسبقاً- نؤكد أن لا حل جذري مستدام سينجح من وراء ظهر الشعب وفي غيابه أو تهميش قواه الفاعلة
                  

09-09-2012, 05:14 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)


    شهادة الرئيس .. وشهادة المتملقين !!
    September 7, 2012
    ( ستكتب شهادتهم ويسألون) صدق الله العظيم

    عمر القراى

    لو ان الرئيس عمر البشير، قد حصل على درجة الماجستير، في أي علم من العلوم، لما اقمنا وزناً لهذا الخبر، ولما علقنا عليه .. ففي عهد الانقاذ، ومع استشراء الفساد العام، وتدهور التعليم، اخذت شهادات الدكتوراة، توزع بلا حساب على عناصر المؤتمر الوطني، ممن هم دون الرئيس ببعيد .. فكل من اصبح، لولائه الحزبي، مسؤولاً كبيراً، وهو عاطل من أي كفاءة، وجاهل بكل شئ، وخال من جميع المناقب، منح الدرجة العلمية، بواسطة زملائه الذين عينوا سياسياً في قمة الجامعات، ليقوموا بهذا الغرض، من ضمن اغراض اخرى، في طليعتها منع الطلاب من الثوة على النظام، ولو عن طريق تجهيلهم، وابعادهم، والتحيز لطلاب المؤتمر الوطني ضدهم، والاستعانة بالأمن للاعتداء عليهم، داخل الحرم الجامعي، وحرمانهم من ممارسة نشاطهم المعارض للسلطة. واعضاء المؤتمر الوطني، حين يمنحون بعضهم الشهادات العلمية، ويوثقونها في مكاتب الدولة، يعتبرون ذلك من ضمن التمكين، الذي طردوا به آلاف الموظفين، واحتلوا اماكنهم، دون كفاءة، واعتبروا قطع ارزاقهم، من الصالح العام.


    على أن الخبر استحق الوقوف عنده، لأن الماجستير الذي ناله السيد الرئيس، كان عن اطروحة بعنوان (تحديات تطبيق الشريعة في المجتمعات الاسلامية )!! ولأن الجامعة التي منحته تلك الدرجة العلمية، ليست الجامعة الإسلامية، أو جامعة القرآن الكريم، أو كلية الاتصال بقرية فداسي بالجزيرة، والتي سجل لها الطلاب على انها كلية اتصالات حديثة، فوجدوا انها معهد ديني، وان الاسم يعني الاتصال بالله، عن طريق دراسة الفقه !! وإنما منحته الدرجة العلمية، جامعة الجزيرة العريقة، التي كان على قيادتها، اساتذة أكفاءء، ومواطنون شرفاء، مثل بروفسير عبد الرحمن العبيد، وبروفسير عصام عبد الرحمن البوشي، فإذا انحدرت مؤسسة عريقة بهذا المستوى، الى هذا القاع، فكم من التردي حاق بهذا الوطن السليب ؟! ولما كان الموضوع سياسياً بالأساس، فقد أعلن الخبر السيد مدير جامعة الجزيرة، واشادة بالرسالة، رغم ان هذا ليس مجال تخصصه !!


    ولما كان في ذهنه تساؤلات الناس، واستنكارهم، فقد سارع بالتأكيد على ان الرئيس قد استوفى المستلزمات الاكاديمية المطلوبة !! وهذا يعني فيما يعني، حضور المحاضرات، لو كانت الدرجة قد منحت عن طريق الكورسات.. أوالتفرغ للبحث، لو كانت عن طريق البحث، وكل هذا لا يمكن تصديقه، لأن مهام الرئيس، وواجباته، لا تسمح بالفراغ، الذي يمكنه من الدراسة والبحث، وهذا هو السبب، في ان الناس لا يحصلون على الدرجات العلمية، بعد ان يصبحوا رؤساء دول !! ولو صدقنا كلام مدير الجامعة، لكان فيه إساءة بالغة للرئيس .. لأنه ترك مشاكل الوطن المشتعل بالحروب، والملئ بالقوات الاجنبية، وترك هموم الشعب الثائر، الذي ملأ الشوارع بالمظاهرات، والتردي الاقتصادي المريع، والارتفاع الجنوني في الاسعار، واستشراء الفساد، الذي اصبح يتحدث عنه حتى اعضاء المؤتمر الوطني، الدبابين، أمثال اسحق فضل الله، ترك كل ذلك ليتفرغ للكتابة عن تطبيق الشريعة، الذي عجز عنه عملياً، وأدت محاولاته الفاشلة، الى تقسيم الوطن، واشعال اطرافه بالحروب، وتفاغم كل هذه المشاكل، التي عجزت الدولة، وهو على قمتها، من حلها..


    ومن عجب ان مدير الجامعة اضاف بان الرسالة متميزة، لأنها جاءت من واقع تجربة عملية !! ( راجع الراكوبة -1/9/2012).
    لو ان مواطناً، سودانياً، واحداً، لا يحق له ان يمنح درجة علمية، بخصوص تطبيق الشريعة الإسلامية، لكان ذلك المواطن، هو السيد عمر حسن البشير !! وذلك لأنه المواطن الوحيد، الذي حكم لأكثر من عشرين عاماً، ثم لم يستطع تطبيق الشريعة !! ولو كان يفهم الشريعة ومقاصدها، ويفهم اشكالات تطبيقها في المجتمع المسلم المعاصر، لتجاوز تلك الاشكالات، واستطاع ان يطبقها.. أو لعلم من معرفته النظرية، التي منح بسببها الدرجة العلمية، وتجربته العملية المكللة بالفشل، ان الشريعة لا يمكن تطبيقها اليوم، ولذكر ذلك في الواقع، وخلص اليه في بحثه !! ولكن الرئيس البشير جاء بانقلاب عسكري، ولم يبين لنا حكم الانقلاب في الشريعة، أهو موافق لها أم مخالف لمبدأ الشورى؟! ثم صعّد الحرب في الجنوب، وادعى انها جهاد، لأن حكومته تطبق الشريعة، التي يكون الجهاد ضد الكفار من تبعاتها، وبعد ان قتل آلاف الشباب المضلل باسم الشريعة، في احراش الجنوب، قام البشير بمصالحة الحركة الشعبية، وعيّن زعيمها المسيحي المرحوم الدكتور جون قرنق النائب الأول لدولة الشريعة، ورفعه فوق نائبة الاسلامي العريق، السيد علي عثمان محمد طه !! ولم يخبرنا البشير عن حكم الشريعة في ذلك، خاصة وان تجربة تطبيق الشريعة، معلومة، وموثقة، فقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في المدينة، فهل كان من الممكن، ان يعين حيي بن احطب اليهودي نائباً له، فوق ابوبكر الصديق رضي الله عنه؟!


    لو لم تكن مهزلة منح الرئيس الماجستير، مسرحية سيئة الاخراج، لسأله احد الممتحنين : لقد ذكرت بعد تجربة عشرين سنة من الحكم، وبعد انفصال الجنوب، انك سوف تطبق الشريعة الآن، وإنما كان مطبقاً من قبل، شريعة ( مدغمسة).. فمن الذي (دغمس) شريعة الله ؟ وهل كان وجود الجنوبيين مبرراً شرعياً يجوز تلك (الدغمسة) ؟! وإذا كنت بحسب اعترافك لم تطبق إلا الشريعة (المدغمسة)، فهذا هو مجال خبرتك، فكيف تحضر الآن، رسالة ماجستير من واقع التجربة، عن الشريعة الصحيحة ؟! لو كان في الممتحنين، عالم حقيقي، يشرف لقبه، لسأل الرئيس : ما هي النتائج العملية الماثلة لتطبيق المشروع الحضاري، الذي قام على الشريعة الإسلامية ؟! هل تحسنت أخلاق الناس؟! هل عم الخير والرخاء ؟! هل زادت الدولة قوة، ومنعة، وانتصرت على اعدائها واسترجعت حلايب والفشقة ؟! أم ان اجزاء من دولة الشريعة، تقع الآن، رغماً عنه، تحت سيطرة القوات الدولية ؟! ثم ألم يحلف الرئيس بالطلاق، انه لن تدخل قوات دولية السودان، وإنها لو دخلت للبس الزي العسكري، وحاربها بنفسه ؟! هل كان كل هذا الكذب من ضمن تطبيق الشريعة ؟!


    وفي حادث جلد فتاة الفيديو الشهير، تحدث السيد الرئيس في أحد لقاءاته، معلقاً على تصريح مدير الشرطة، بأنه سيتم تحقيق فيما حدث، فقال (تحقيق في شنو ؟ دا تطبيق حد من حدود الله)، وكرر هذا الكلام، في لقاء تلفزيوني مع احد الفضائيات !! ولقد جلدت فتاة الفيديو خمسين سوطاً، ومعلوم بانه ليس هناك حد يتم فيه الجلد خمسين جلدة، فلا يمكن ان يكون جلدها قد تم حداً !! فإذا كان السيد الرئيس لا يعرف هذه الابجديات، فهل يمكن ان يكون قد عرف اشكالات تطبيق الشريعة ؟! ثم هل كانت الشريعة قائمة حين جلدت فتاة الفيديو ؟! هل كان السارق يقطع، والزاني المحصن يرجم ؟! أم كان نائب رئيس الجمهورية القائد سلفا كير ميارديت المسيحي ؟! وإذا عجز الحاكم عن تطبيق جميع الأحكام، على جميع المواطنين، فهل يصح ان يطبق بعضها، ويترك بعضها، فيؤمن ببعض الكتاب، ويكفر ببعض ؟! ثم يكافأ على كل هذه التحريف والتشويه للشريعة، بأن يمنح درجة الماجستير في تطبيقها ؟!


    وكأن تملق اساتذة جامعة الجزيرة، وتدليسهم، لا يكفي، فكتب د. حسن التجاني احمد (اشهد اني كنت أحد الذين تشرفوا بحضور مناقشة رسالة الماجستير التي قدمها الباحث السوداني عمر حسن احمد البشير … هذه رسالة قوية محكمة تم اعدادها بصورة متأنية دلالة على إلمام الباحث بمشكلة بحثه الحقيقية وهذا مربط الفرس. الباحث هو رئيس الجمهورية السوداني الذي شقت سمعته الطيبة كل ارجاء المعمورة لم يشعر احد في لجنة المناقشة بهذه الصفة وقد ظهر في هذه اللجنة بصفة الطالب فقط يتلقى التوجيهات العلمية …)(الأهرام اليوم 28/8/2012م). ولأن الله اراد فضح هذا المتملق، فقد قال( من طرائف المناقشة كان الباحث قد اسهب في شرح فكرة بحثه واخذ زمناً مقدراً هذا لا نمنحه نحن الباحثين عند المناقشة فهمس لي احد الحضور في اذني : الراجل من اللجنة يوقف الرئيس حسب ضوابط اللجنة فقلت ضاحكاً لا يستطيع أحد فقط لان إلمام الباحث بفكرته مقنع لأن نسمع وتسمع اللجنة دون مقاطعة ) !! (المصدر السابق). ولو كان هذا الدكتور نفسه مؤهلاً بالقدر الكافي، ولو كان على علم بأسس مناقشة الاطروحات العلمية، لعرف ان إلمام الباحث بموضوعه، وتعبيرة الجيد عنه، ليس سبباً، يمنع اللجنة من ايقافه إذا اسهب .. بل ان من يملك موضوعه حقاً، لا يحتاج الى الإسهاب، لأنه يستطيع ان يعبر عن فكرته بقوة، في الوقت المحدد الذي نصت عليه اللوائح. ولكن السبب الحقيقي، في ان اللجنة لم توقف الرئيس، هو ما عبر عنه الشخص الآخر، وهو خوف اللجنة من الرئيس، والطمع في رضاه .. وهو ما من اجله أعطته الدرجة التي لا يستحقها، على حساب الحق، والأمانة العلمية، ومكانة الجامعة العريقة.
    ولم يكتف هذا الدكتور العجيب، بما كشف لنا من تلك المهزلة، بل أظهر المزيد حين قال (حين انتهى السيد الباحث من طرح فكرته اشار الاعلامي البروفسير عوض ابراهيم عوض شكراً للباحث المتميز عمر حسن فابتسم الرئيس ابتسامة عريضة واشار للحضور باصبعه على البروف في كناية منه مازحاً بصورة ضحك لها الحضور جميعاً ” خلاص بدينا كسيير تلج” )(المصدر السابق). فالرئيس وان بدا مازحاً، إلا انه اعتبر ثناء د. عوض ابراهيم عوض عليه، نوع من التملق، وسماه ” تكسيير تلج” وهو فعلاً كذلك، والتملق، والإنتهازية ليست جديدة على عوض ابراهيم عوض، منذ ان كان مذيع نميري، الذي يعلن باسمه تقتيل، وتكفير معارضيه !! فهاهو قد أصبح في ركاب الانقاذ، بروفسيراً واساتذته لم يحصلوا على هذه الدرجة .. ماذا قال د. عوض ابراهيم عوض، بعد ان وصفه الرئيس بالتملق؟! يواصل الدكتور حسن فيقول (البروف عوض طالب اللجنة ان يضيف السيد الباحث فصلاً آخر للبحث وان تمنحه اللجنة درجة الدكتواره الا ان اللجنة رأت ذلك غير ممكن)!! وعوض حين اقترحه، يعلم انه غير ممكن، ولكن ذلك لا يهمه، المهم هو رضا الرئيس عنه، وهو يفكر في منصب اعلى مما هو فيه الآن !!
    اللهم ان هؤلاء رجال لا يرعون لله عهداً ولا ذمة، ولايشرفون الشعب السوداني، بل لا يشرفون أهلهم وذويهم، الذين يقتلون الآن في دارفور، وكردفان، والنيل الأزرق، ويتضورون جوعاً في الخرطوم، ويشردون من قراهم في الشمالية، وتباع مشاريعهم في الجزيرة، وتفتك بهم الفيضانات والامراض في الشرق، ثم تأتي الجامعة، التي أنشأها هذا الشعب المنكوب، فتتغاضى عما جرى له، وتشيد بجلاديه، وتمنحهم الدرجات العلمية، جزاء على الموبقات التي ارتكبوها. وتغطى هذه المهزلة، بشهادة دكاترة متملقون، لا هم لهم غير إرضاء الحاكم، وتجنب غضبه، والطمع فيما يعطي من حطام الدنيا، ولو تم ذلك بشهادة زور، سيسئلون عنها، في يوم تجف من هول سؤاله اسلات الألسن.
    د. عمر القراي


    --------------


    هل مرسى مؤهل لنصح بشار، ولماذا لم ينصح أخاه البشير؟
    09-07-2012 01:02 PM

    هل مرسى مؤهل لنصح بشار، ولماذا لم ينصح أخاه البشير؟

    تاج السر حسين
    [email protected]

    الرئيس الأخوانى (محمد مرسى) سوف يذهب بمصر الى ذات الطريق الذى ذهب اليه السودان على يد (عمر البشير)، مهما حاول ان يتجمل ويتلطف ويبدو مدنيا مع الفارق بأعتبار مصر دوله مركزيه ومحورية فى الصراعات الثقافيه والحضاريه التى تدور فى المنطقه أو كما يتعامل معها العالم على هذا الأساس.

    فالمدرسه واحده والمنهج واحد والتنظيم العالمى الذى تقوده مصر واحد وهى مهد الفكره التى أبتدعها حسن البنا وواصل فيها (سيد قطب) ولخصها فى كتابه (معالم على الطريق) الذى يعتبر دستور للخوان المسلمين ومن أهم فصوله، فصل يتحدث عن (الحاكمية لله) بينما الذين يحكمون فى الحقيقة بشر، يأكلون ويشربون ويتناسلون ويتغوطون ويكذبون ويقبض عليهم فى (المزارع) يستمتعون وهم لملابس الشيوخ يرتدون .. وفصل آخر يتحدث عن وضع أصحاب الديانات الأخرى فى الدوله المسلمه، باعتبارهم (أهل ذمه) أو (اهل كتاب) لا كمواطنين متساوين مع اخوانهم المسلمين فى كآفة الحقوق والواجبات ولذلك تشهد مصر الآن هجرة متناميه للأقباط لا يلحظها البعض، وفى كل يوم تفتح أحدى السفارات الأوربيه فرص الهجره لأؤلئك الأقباط، مما يعنى أن مصر سوف تشهد (مشروع) دوله ثانيه على الأقل مثلما حدث فى السودان بسبب هيمنة (تيار الأسلام) السياسى واستحواذه على كآفة مفاصل الدوله وفرضه مشروع الدوله الدينيه الجهاديه وحينما يسمعون نقدا مثل ذلك يقولون ان الأسلام لا يعرف الدوله (الدينيه).


    وقد بدأ (الأخوان المسلمين) مشروعهم السياسى فى مصر بعد الثوره، باعلان – توافقى- معتدل يقول بأنهم سوف يسعون للحصول على 30% (فقط) من مقاعد البرلمان وأنتهوا الى 46% وأكثر من 70% بعد اضافة حزب النور السلفى وحزب الوسط الذى هو (اخوانى) الهوى، وكلما فى الأمر أنه كان يخشى الأعلان عن نفسه كفصيل من فصائل (الأخوان مسلمين) على ايام أمن الدوله فى عهد مبارك، فكشروا الآن عن انيابهم واصبحوا ملكيين أكثر من الملك يدافعون عن (اخوانهم) ويساندونهم على الحق والباطل وليس بعيدا عن ذلك (التحالف) الأخوانى عند (الضرورة) الذى يقوده القيادى السابق فى التنظيم الدكتور (ابو الفتوح) الذى اعلن عن انه شئ مخالف للأخوان ولذلك حصل على تأييد العديد من (الليبراليين) فى انتخابات الرئاسة لكنه عاد وتحالف مع (اخوانه) مثل الكثيرين فى مصر الذين برروا موقفهم الداعم لمرشح الأخوان (مرسى) من زاوية رفضهم لوصول مرشح الفلول الفريق (شفيق) للحكم، وتلك كانت خدعة كبرى مرت على (دهاقنة) الثقافه والسياسة فى مصر، فلولا وصول (شفيق) كمنافس فى مرحلة الأعاده لما فاز (مرسى) مرشح الأخوان فى انتخابات سوف تكون الأولى والأخيره التى تتمتع بالنزاهة لأنهم لم يشرفوا عليها.


    ومن يدخل فيها المرة القادمه منافسا (لمرسى) أو لأى مرشح أخوانى فسوف يكون محاربا لله ورسوله كما حدث فى الأستفتاء على الأعلان الدستورى الأول، الذى ضغط الأخوان على خروجه بسرعة ودافعوا عنه وقالوا نعم، قبل أن يتوافق المصريون على دستور لا يهيمن عليه (الأسلاميون)، يحدد مهام الرئيس وباقى مؤسسات الدولة.
    فهم من خلال (خدعة) كبرى تقول انهم اصحاب الأغلبيه فى وقت حل فيه (البرلمان) لعدم شرعيته، لم يكتفوا بذلك بل استحوذوا على (الجمعية التأسيسيه) الأولى التى شكلت من نواب البرلمان ومجلس الشورى، وحينما حلت بقرار صدر من (المحكمه الدستوريه) التفوا على القرار مرة أخرى وشكلوه كذلك من غالبية منتمية تيار (الأسلام السياسى) ومن عدد من اعضاء مجلس الشعب السابق ومجلس الشورى.
    ثم نافسوا على الرئاسة وفازوا بها بعد أن اعلنوا بأنهم لن يقدموا مرشحا منهم، ولن يدعموا من ينتمى للتيار (الأسلامى)، ثم اتجهوا بعد ذلك للهيمنه على الصحف القوميه وعلى الأعلام وعلى المجلس الأعلى للصحافه وعلى مجلس حقوق الأنسان، وهكذا فعل (البشير) بالضبط الذى يختلف عنهم بأنه جاء بانقلاب عسكرى، بينما هيمن الأخوان فى مصر بدعم من (المجلس العسكرى) الذى عاداه الليبراليون بدلا من التحالف معه (مؤقتا) لمواجهة (الأسلاميين) الأكثر خطرا وديكتاتورية من العسكر

    .
    وكما ذبح (البشير) أفضل ضباط الجيش السودانى ذبحا حقيقيا بالرصاص، قام (الأخوان) فى مصر بذبح العسكر باحالتهم للتقاعد، وكما قام النظام الأسلامى فى السودان بارهاب الفنانين فى السودان بعمليات قتل حقيقى كان احد ضحاياها فنان أسمه (خوجلى عثمان) الذى قتل داخل دار الفنانين، كذلك ذبح الفنانون فى مصر بالتشهير والتعريض بهم، وفتح القنوات التى تهاجمهم على نحو مقزز.
    هذا هو الحال فى مصر وللأسف كثير من القوى المدنية والليبرااليه تخرج فى الأعلام وتدافع عنهم وعن حقهم فى الحصول على فرصه فى الحكم لأنهم أصحاب الأغلبيه.
    وتلك القوى المدنيه والليبراليه كلما يهمهم من السودان أراضيه الشاسعه الصالحه للزراعه، لكن لا يهمهم أن يتعرفوا على التجربه (الأسلاميه) المريرة فى السودان، التى بدأ فيها (البشير) نفس بداية (مرسى)، هيمنه واستحواذ وخداع وتحالفات وائتلافات وشراء مواقف الأرزقيه والمأجورين، وأنتهى الأمر باستبداد وديكتاتوريه وفساد (مطلق) ، بل ما هو أسوا من ذلك كله، التسبب فى أنفصال الجنوب وتزوير للأنتخابات وكل فعل قبيح.
    فاذذا كان الأمر كذلك، فهل (مرسى) مؤهل لنصيحة بشار الأسد بالتخلى عن السلطه، وهو يمارس نفس ديكتاتوريته ، ذلك من خلال حزب عقائدى هو البحث وهذا من خلال حزب عقائدى هو الأخوان المسلمين، المغطى (بسلوفان) الحرية والعداله.
    واذا كان (مرسى) مؤهلا ويخاف الله، فلماذا لم ينصح اخاه البشير الذى دمر السودان بالتنحى بدلا من تكراره تجربته الأسوا من تجربة سوريا وليبيا، من جديد.


    واذا قتل فى سوريا 20 الف فقد قتل فى جنوب السودان 2 مليون وقتل فى دارفور أكثر من 300 الف وشرد أكثر من 6 مليون سودانى بين لاجئ ومهاجر واصبح السودان البلد الزراعى متسولا.
    وعلى المصريين أن يعترفوا بأنهم قد فقدوا (الزعامه) وهذا الدور الجديد الذى نراه الآن يشبه مشهد فى مسرحية عادل امام (شاهد ما شافش حاجه) التى أرتدى فيها أحد الممثلين جلد (اسد) وهو ليس باسد، وكلما فى الأمر أن امريكا تريد أن تدخل (مصر) فى الدور وتجعل الأخوان المسلمين يظنون بأنهم قد استعادوا تلك المكانه، فنجدها تشيد بخطاب مرسى فى مكان وتنتقده فى مكان آخر، كما يصحح الأستاذ كراسة تلميذ فى مادة الأنشاء.


    واذا وجدنا العذر للسودان بسبب تفشى الأميه بنسبة عاليه، فأن مصر لا تختلف عن السودان كثيرا، بعد أن فقدت العديد من مثقفيها وسياسيها (الحاذقين)، أو هم شاخوا وكانوا يجيدون التحليل والتشخيص وليس من السهل أن يخدعهم أحد، والأخوان المسلمون يخدعونهم الآن فى كل يوم وفى كل قرار يصدرونه، وكلما هيمنوا على مؤسسه خرج من يدافع عن تصرفهم وعن حقهم فى ذلك طالما كانت لديهم أغلبيه!
    والقضيه ليست أجتماع مع الفنانين والمبدعين وتبادل كلمات المجامله والطبطه، المشكله فى (المنهج) وفى الأتجاه المحدد مسبفا لمصر تذهب اليه اذا كان الآن، أو بعد سنه أو يعد 13 سنه، وعليهم أن يعلموا بأن (البشير) وبعد 23 سنه من جلد نساء السودان (بالكرباج) ومن الأباده الجماعيه ومن التدخل فى خصوصيات السودانيين، اذا به يعلن قبل فتره بانه يريد تطبيق (الشريعه) الأسلاميه بدون (دغمسه)، يعنى مثلما تطبقها جماعة (طالبان) فالشريعه السابقه عند (البشير) لم تكن كافية بالنسبة له لأنها لم تقتل أكثر من 2 مليون فى الجنوب و300 الف فى دارفور ولم تجلد أكثر من 45 الف امراة فى عام واحد فى الخرطوم بسبب الزى وخلافه من الأمور الشخصيه ولم تشرد أكثر من 6 مليون سودانى.
    وأخيرا .. نحن مع الثوره ومع تغيير كآفة الأنظمه الفاسده فى المنطقة .. ونعم بشار الأسد ديكتاتور ويجب أن يرحل ، لكن النظام الذى يجب أن ياتى بديلا عنه، لابد أن يكون ديمقراطى وليبرالى وأن تعمل الدول العظمى على ذلك، بعد أن ظهر من شكل الثوار وتصرفاتهم بأنهم يضمون عدد كبير من الأرهابيين والمتطرفين ومن بينهم من ينتمون للقاعده، وهؤلاء سوف يمزقون (سوريا) ويذهبون بها الى حرب طائفيه وسوف يشردون المسيحيين السوريين.
    بشار الأسد يجب أن يرحل ويسلم السلطه الى نظام مدنى معتدل ، ومن ينصحه بذلك ليس (محمد مرسى) فهو لا يفضله بشئ، وليس مؤهلا لذلك ، وحتى اذا كان مؤهلا، فلماذا لم ينصح أخاه (البشير) بالتنحى قبل أن ينصح (بشار)؟


    آخر كلام:-
    امريكا (حمرت) عيناها لطابورها الخامس فى السودان، أقزام (المؤتمر الوطنى) الذين كانوا يعملون (مخبرين) لها فى المنطقه يمدونها بالمعلومات عن التيارات الأسلاميه، قاعده وسلفيين وأخوان مسلمين ، فأتهمتهم بأنهم أخيرا غير جادين فى التوصل لأتفاق مع (الجنوب).
    فاكرين (خدعة) أهل المصلحه يمكن أن تمر وتنقذهم من الجلوس (صاغرين) مع الحركه الشعبيه قطاع الشمال.
    احد اقزام النظام فى السودان صرح بعد أن تلكأت مصر فى اطلاق سراح بعض المعتقلين السودانيين وبعد وافقت على ذلك، بأن بقايا نظام (مبارك) هم الذين تسببوا فى تأخير اطلاق سراحهم، هروبا من توجيه الأتهام لمرسى وادارته.
    ومبارك كان صديقهم وحليفهم، وما كانوا يعترضون عليه فى شئ، ولو حدث ذلك التلكوء فى عهده، لأتهموا المتلكئين بأنهم من بقايا نظام السادات


    -----

    مرسى العياط هل مؤهل لنصح بشار، ولماذا لم ينصح أخاه البشير (2)
    09-08-2012 10:24 PM

    مرسى العياط هل مؤهل لنصح بشار، ولماذا لم ينصح أخاه البشير (2)

    تاج السر حسين
    [email protected]

    مدخل اول لابد منه:
    الكاتب اذا كان يحترم عقل قرائه لابد أن يترك لهم مساحه للتفكير والأستباط دون الشرح لكلما يكتبه من اراء وأفكار ودون الغوص فى أدق التفاصيل، لذلك كنت اتصور أن مقالى السابق عن الرئيس (محمد مرسى) الذى لا يتحدث عن شخصه بصورة أساسيه وأنما عن فكر (الأخوان المسلمين) و تيارات الأسلام السياسى التى لا تختلف عنهم، بصوره شامله وعن منهجهم غير الملائم للعصر الحديث الا أن ينافقوا ويكذبوا ويلتفوا، وقد اختبرناهم فى السودان وعرف العالم كله قبلنا ماذا فعلوا به.


    مدخل ثان:
    وما كنت اتوقع من قارئ محترم أن يلح فى مطالبه كاتب ملتزم بأن يؤكد له ويورد له المصدر الذى أخذ منه تصريحا لشخصية اسلاميه عامه مثل (راشد الغنوشى) فى زمن اصبح فيه من السهل جدا، أن تجد تلك المعلومه.
    وأعنى بالتحديد الواقعه التى صرح فيها الشيخ (راشد الغنوشى) على أحدى القنوات المصريه التى لا أتذكر أسمها، لأنى اتابع فى اليوم أكثر من 50 قناة ما بين عربيه وأنجليزيه، وقال فيها الغنوشى ما ذكرته فى أكثر من مرة بأن (الشريعة غير صالحه لكل زمان ومكان) ولا أدرى اذا وجد القارئ المحترم ذلك التصريح، هل سوف يقتنع بعدم صلاحية (الشريعه) لكل زمان ومكان، أم سوف يتجه للتبرير وأن الغنوشى ليس حجة على الشريعه مع انه نائب رئيس هئية علماء الأسلام؟


    وعلى كل فأنا لم افعل أكثر من أتجهت لأحد محركات البحث فى الشبكه الألكتورنيه علنى أجد اتصريح كماسمعته مباشرة على الهواء على لسان الشيخ (راشد الغنوشى) وكان عائدا الى بلاده من زياره لمصر، واذكر وقتها اثيرت ضجه بسبب الوداع المزعوم الذى قام به أبن الرئيس المصرى ، للشيخ (الغنوشى) فى المطار، وبأى صفة فعل ذلك، وخلال ذلك البرنامج أدلى (الغنوشى) بحديث عن (الشريعه) وعدم صلاحيتها لكل زمان ومكان كما نقلت ، ووجدت تصريحا مقارب ومشابه لما صرح به لتلك القناة المصريه، ولو فعل القارئ المحترم ما فعلت لخرج بذات النتيجه، بدلا من طرح سؤال (باطنه) التشكيك!
    كلام الغنوشى عن الشريعه وصلاحيتها أو عدم صلاحيتها لكل زمان ومكان:
    http://www.ahram.org.eg/Investigations/News/158619.aspx
    الأهرام: ماهو مفهومك للشريعة التي يريد الإسلاميون تطبيقها في دولنا ؟
    اجابة (الغنوشى):
    ((ليس في الإسلام كنيسة تملي, ولما طرح مفهوم تطبيق الشريعة في مجتمعاتنا, قلت أنه ليس هناك نموذج كامل ينتظر التطبيق, فهي ليست مجرد عقوبات مستمدة من الفقه الإسلامي, وهي أيضا لم تغادر مجتمعاتنا, كما أنها تتنزل حسب الزمان والمكان, فليس لها صورة واحدة صالحة لكل زمان ومكان, وقد غير الإمام الشافعي فقهه حينما انتقل من العراق إلي مصر)).
    مرة أخرى هذا تصريح مشابه لما قاله على تلك القناه لكنه لا يطابقه تماما، فهناك قالها بوضوح (الأسلام) شامل ، لكن (الشريعه) محدوده ولا تصلح لكل زمان ومكان.
    مدخل ثالث:
    الأخوان المسلمون يجيزون لأنفسهم التمويل من الخارج وهذا ما اعترف به عضو الجماعه ومتحدثها الرسمى (السابق) فى أوربا الدكتور/ كمال هلباوى، على أحدى القنوات المصريه وأظنها CBC لذلك يرفضون تقنين (الحركه) وخضوعها للرقابه الحسابيه، ولا أدرى كيف فاتت هذه المعلومه على المثقفين المصريين.
    .....................................................................................................
    ومن ثم أعود لمقال اليوم الذى أواصل فيه التوضيح والأجابه على سؤال رايت ضرورة المواصلة فيه وهو:(هل مرسى العياط مؤهل لنصح بشار الأسد بالرحيل ، واذا كان مؤهلا فلماذا لا ينصح اخاه البشير)؟
    وهل فاقد الشئ يمكن أن يعطيه؟
    بالطبع لا أعنى الدكتور (مرسى) – رئيس مصر - كشخص وأنما كزعيم جاء للسلطه من خلال تنظيم (الأخوان المسلمين) غير الشرعى، والذى يرفض تقنين وضعه لأسباب ذكرت جزءا منها اعلاه، وهو تنظيم وحزب مسنود بتيارات (الأسلام السياسى) الأخرى، التى تدعى ايمانها (بالديمقراطيه) وهى تستفيد منها اذا كانت فى صالحها، لكنها تلجأ للعنف والأرهاب واراقة الدماء، اذا لم تحقق لها ما تريده منها وتصبج رجس من عمل الشيطان، كما سنرى لاحقا فى عدة مواقف.
    ومن لا يعلم فأن بريطانيا (أم الديمقراطيه) والتى يلجأ لها (الأسلاميون) لتحميهم من بطش انظمتهم، كان دستورها ولا زال على ما اظن، يمنع الحزب الشيوعى من ممارسة العمل السياسى كباقى الأحزاب فى بريطانيا لأن دستوره ينص على (التغيير عن طريق العنف والقوه)، ولذات السبب منع حزب (هتلر) النازى من العمل فى العديد أو فى غالبية الدول الأوربيه.


    ذكرت فى المقال السابق انا مع الثوره ومع التغيير ومع التخلص من كآفة الأنظمه الديكتاتوريه وأعمل لتحقيق ذلك فى وطنى السودان بكلما امتلك من امكانات – لكنى مع التغيير الى الأفضل لا الى الأسوا – ومع التخلص من كافة اشكال الحكم الشمولى والأنظمه والقاده المستبدين ومنهم بشار الأسد، لا أن ياـى نظام أكثر منه سوءا واستبدادا تحت اى مصوغ، واذا أجرينا مقارنة أمينه وواعية، بين الأسد وبين (الأخوان) وحلفائهم المتطرفين وتنظيم القاعده، فأن استبداد هؤلاء اسوأ وفسادهم أكبر، لأنهم يتخذون من (الدين) غطاء لذلك الأستبداد ومن يختلف معهم فهو يحارب الله ورسوله، وفسادهم كذلك يبررونه دينيا، فحينما أستولى الأخوان المسلمين على السلطه فى السودان (حللوا) التمكين بكل الوسائل ، رشاوى واتاوات وأحتكار .. ثم ذهبوا الى ابعد من ذلك حيث وافق برلمانهم أخيرا علي قرض ربوى، وبدأ اخوان مصر، بما انتهى اليه اخوان السودان حيث حللوا كذلك قرضا ربوى من البنك الدولى ، يساندهم علماء وفقهاء من الأزهروهو (ربا) واضح وضوح الشمس ، لكنهم لجاءوا الى (فقه) الضروره الذى يبيح لهم قتل المسلمين وغير المسلمين، وقلنا فى (الشريعه) التى يسعون لفرضها فى العصر الحديث وهم لا يفهمونها فان (الضرورة) التى تبيح المحظورات هى أن يصل الأنسان الى مرحله الموت والهلاك، وهذا القرض الذى سوف يحصل عليه (الأخوان) من البنك الدولى فى مصر، بعد أن رفضوه قبل تولى السلطه بعدة شهور، لن يصل الى الجائع الذى كاد أن يموت وأنما يذهب لخزينة الدوله، أو لمعالجة بعض القضايا الأقتصاديه أو لسداد دين أو لتمويل واردات بتروليه التى لن تحل مشكلة انسان جائع لا يعمل، مرمى فى احد نجوع مصر أو أحد احيائه الفقيره يكاد أن يموت من شدة الجوع، وعلى كل فتقدير (الضرورة) التى تبيح (المحظور) أمر شخصى لا (جمعى)، فهناك من يستطيع الصيام والصبر على الجوع ايام وليال، وعندنا مثال فى المتصوف السودانى الشيخ (صائم ديمه) وعندنا فى السنة النبويه (صيام المواصله) الذى كان يلتزمه الرسول (ص)، لكن هناك من لا يتحمل الجوع ليوم واحد.


    وفى ظل الأنظمه الفاسده والديكتاتوريه مثل نظامى الأسد ومبارك لا يجابه المواطنين اصحاب الديانات الأخرى فى الدولة مسيحيين وغيرهم خطرا، من الدوله وأنما من (الجماعات) الأسلاميه الأرهابيه المدعومه من الأخوان المسلمين والذين تحرضهم شريعتهم – جميعا - على ذلك وتعتبر قتل الكفار (جهادا)، وفى ظل الأنظمه (الديكتاتوريه) المدنيه والعسكريه، يتساوى فى القمع والظلم كافة (المواطنين)، وكما يقول المثل حتى اذا لم يكن صحيحا (المساواة فى الظلم عدل) ، لكن ذلك الظلم لا يحدث بسبب دينهم وعقيدتهم وأناما بسبب مواقفهم السياسيه أو محاربتهم للفساد والطغيان.


    وما كنت اتوقع أن يعرفه كآفة القراء المحترمين ولا أحتاج الى توضيحه، أن (مرسى) نفسه لم يكن (الأخوان) مقتنعين به، ولذلك قدموا المهندس (خيرت الشاطر) قبله لمنصب الرئيس، وقدموا (مرسى) كبديل واحتياطى قبل أن يخرج من الملعب اللاعب الأساسى، شراهة ورغبة فى (السلطه) بعد أن قالوا انهم لن يرشحوا لمنصب الرئاسه واحدا منهم ولن يدعموا مرشحا ينتمى للتيار الأسلامى، وهم يعلموا أن (ابو الفتوح) و(العوا) قد تقدما لمنصب الرئاسه، فرشحوا اثنين بدلا من واحد، ومهما كانت المبررات، فهذا نفاق وكذب وخداع واضح لا يحتاج الى دليل ، قد يجوز فى (السياسه) لكنه لا يجوز لم يستخدم الدين فى (السياسه) ويعتبره مرجعية له، والحديث يقول بكل وضوح ، آية المنافق (اذا حدث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر)، والمبرر الذى ساقوه بأنهم احسوا بنية المجلس العسكرى لوصول احد (الفلول) لمنصب الرئاسه امعان آخر فى الكذب والخداع، فالمجلس العسكرى لو كان راغبا فى السلطه لأستلمها منذ أن اعلن انحيازه للشعب وأنه لن يستخدم القوه ضده، ووقتها كانت الملايين سوف تخرجتهتف له ولقادته ، ولماذا وبعد حصول (الأخوان) على الأغلبية فى الأنتخابات البرلمانيه لم يتضامنوا مع القوى الليبراليه والوسطيه المعتدله لدعم مرشح (ليبرالى) مثل حمدين صباحى أو حتى (مسلم) عادى يخشى ربه نظيف اليد ، لا ينتمى للاخوان؟


    ومن يقول بأنهم قد حصلوا على الأغلبيه فى انتخابات الرئاسه لا يعرف ما دار فى الأنتخابات المصريه وكواليسها.
    فالأخوان ما كان مرشحهم سوف يفوز لولا عدة عوامل، منها انهم حينما شعروا بالخطر اجتمعوا بكافة القوى المدنيه والليبراليه، كعادتهم لأستخدامها – كمغفل نافع - وجسر يعبرون به المنعطف الخطير وتعهدوا بالأستجابه لكافة طلباتهم وبمشاركه حقيقيه لكآفة القوى المدنيه والليراليه فى السلطه ولأول مره لا يرمونهم بالكفر وبمعادة الأسلام أو (الأسلامفوبيا) ووعدوهم بعدم الهيمنه أو الأستحواذ ، لذلك دعمتهم مجموعه مؤثرة من تلك القوى لديها سند جماهيرى كبير ، ماكانت يمكن ان تدعمهم مثل الدكتور (أحمد عيد) الناشط فى حقوق الأنسان ومثل الأعلامى (حمدى قنديل)، وهم وغيرهم شربوا (مقلب) الأخوان المسلمين، ولو أطلعوا على التجربه السودانيه لما انخدعوا حتى لو ساندوا (شفيق) المنتمى للفلول ولنظام مبارك والذى يمكن التخلص منه خلال اربع سنوات لكن الأخوان لا يمكن التخلص منهم بعد 100 سنه والا بعد اراقة دماء اشد من التى سالت فى سوريا وليبيا وتونس ، لأنهم يحكمون بأسم (الله) وموكلين منه ومن يعارضهم فهو يعارض الله.



    وكان جزاء تلك القوى، هيمنة (الأخوان) على المجالس المتخصصه ومن بينها مجلس حقوق الأنسان ومجلس الصحافه وأختيار روؤساء الصحف القوميه الهامه مثل صحيفة (الأهرام) مستفدين من قانون معيب صادر خلال فترة الرئيس السادات واستمر العمل به واستخدامه استخداما سيئا خلال فترة مبارك، وكانهم تخلصوا من (مبارك) ووضعوه فى السجن وتركوا قوانينه المعيبه لتعمل خارج السجن وتبسط سيطرتهم على مقاليد الدوله المصريه، وتستبدل الحزب الوطنى بحزب الأخوان المسلمين.
    وعلى كل سوء تجربة (الأخوان) فى الحكم ماثله أمام المثقفين المصريين فى السودان ومن قبل ما كانوا يتحدثون علنا عن أن (البشير) قتل 2 مليون و500 الف فى الجنوب وتسبب فى فصله وقتل أكثر من 300 الف فى دارفور ولا زال يصر على البقاء فى السلطه وكل من (هلك) من ازلام نظامه يقولون عنه شهيدا، حتى لو لقى مصرعه فى حادثة سياره.
    وبالأمس القربيب قال رئيس جهاز امن (البشير) السابق ومن أكثرهم تطرفا ودفاعا عن النظام المدعو (قطبى المهدى) "أن النظام فاشل واذا رحل البشير فليرحل معه كآفة نوابه ومساعديه ومستشاريه، على عثمان" وغيره من ارزقيه ومنتفعين.
    للأسف البعض يتحدث عن (الأسلاموفوبيا) وهو لا يشغل مخه ولا يهمه مدعى الأسلام والمتاجرين به الذين يسئيون اليه أكثر من خصومه، ولا يهمه طالما رفعوا شعار (الشريعه) حتى لو طغوا واستبدوا نهبوا وفسدوا ماليا وأخلاقيا.


    واذا قال البعض بدون وعى أن (البشير) جاء على ظهر دبابه، وأخوان مصر جاءوا عن طريق الأنتخابات، لذلك يختلفون عنه فعليه أن يعلم بأن (البشير) يرى نفسه قد قام بثورة سبقت ثورات الربيع العربى فى المنطقه ، وأنه اكتسب شرعية عن طريق صندوق الأنتخابات حتى لو كانت (مخجوجه ومزوره) - والتزوير وتزييف ارادة الجماهير خشم بيوت – وعليه أن يعلم بأن اخوان مصر وكافة تيارات الألسلام السياسى، حاولت الوصول للسطه من قبل بكافة طرق القتل والأرهاب لعدد من السنوات وفى أكثر من محاوله، ولتحقيق هدفهم فى الأستيلاء على السلطه لم يكتفوا بالروؤساء ووزراء الداخليه والشيوخ وعلماء الأزهر وحدهم بل امتد عنفهم للكتاب والأدباء والمثقفين فقتل فرج فوده وأغتالوا شخصية (نصر حامد ابو زيد) وفرقوا بينه وبين زوجته قبل أن يموت حقيقة ونجا الأديب (نجيب محفوظ) من قبله فى حادثة طعن غادرة بالسكين لكنه لم ينج من الأغتيال بعد موته حيث قاموا بتسفيه أدبه وتكفيره بعد الثوره مباشرة كما فعل (اخوان) السودان مع (الطيب صالح)، وأخيرا قذف احدهم الفنانه (الهام شاهين) على الهواء مباشرة وأتهما بلزنا دون أن يأتى باربعة شهود عدول، فهذا هذه (شريعة) التى يدعون لها ان كانت صالحه وتصلح لزماننا هذ، فى زمن ال DNA الذى لبطل الحاجه الى اربعة شهود عدول يرون الفعل (كالمكحل فى المرواد)؟


    بل ما هو انكأ من ذلك كله، أنهم سمحوا لقتلة الرئيس السادات بتأسيس احزاب وبالظهور على شاشات التلفاز الرسمى والشعبى، واذا كان السادات قد اخطأ فى اتفاقية (كامب ديفيد) كما يدعون، وكان ذلك سببا فى اهدار دمه، وقتله على المنصة ، فلماذا لم يلغوها الآن ويتحولوا الى مجاهدين وطالبى شهاده لا طلاب سلطه ودنيا؟
    وفى هذا الجانب فأن كل من يقول بأن سوريا تحت حكم (الأسد) لم تطلق طلقة واحده تجاه اسرائيل، وهذا صحيح، لكنه غير أمين وغير صادق مع نفسه، فهل كانت مصر تستطيع أن تطلق طلقه واحده تجاه اسرائيل لولا مشاركة سوريا والتنسيق معها فى نلك الحرب، ولولا الدعم والمساندة التى وجدتها مصر من كآفة الدول العربيه، بترول ومال وطائرات وجنود؟
    لماذا تجعل الخصومه الفاجرهالبعض يغطى عيونه من الحقيقه، ومن يظن أن (الأخوان) سوف يحاربون اسرائيل مرة أخرى فعليه أن ينسى، فألأخوان افضل من يحاربون شعوبهم ويضطهدونها ويدمرون بلدانهم لكنهم أجبن من يحارب عدو أجنبى!
    ولنا فى نظام (البشير) اسوة حسنه ولا داعى للشرح والتفصيل، فالعدو والأرض المغتصبه كانت فى (هجليج) وحدها ولم تكن هناك ارض مغتصبه غيرها!!


    وبالعوده للأنتخابات التى يدعى البعض ان الأخوان حصلوا فيها على الأغلبيه، نبدأ بالنسبة للأنتخابات البرلمانيه، وكما ذكرنا من قبل انهم خدعوا الشعب بأنهم (بتوع ربنا) وارهبوا القوى المدنيه برفضهم الشروع فى تاسيس كلية للدستور ودعموا الأعلان الدستورى الذى أعده 6 مستشارين على راسهم المستسار (طارق الشرى) وهو لا ينتمى للأخوان المسلمين لكنه من (الداعمين) لأسلمة الدوله، والى جانبه المحامى (صبحى صالح) وهو العضو الوحيد فى تلك اللجنه الذى ذكر بأنه ينتمى لحزب أو حركه وهو انتماءه (للأخوان المسلمين)، لأنهم يريدون أن تؤسس الجميعه التى تصيغ الدستور بعد أالأنتخابات لأنهم مستعدين ومنظمين وجاهزين ويعرفون كيف يحصلون على الأغلبيه فيها، لكى يفرضوا (الدستور) الأسلامى الذى يريدونه من خلال حصولهم على الأغلبيه باستخدام الشعارات الدينيه(الأسلام هو الحل) وفتاوى تقول ان من يصوت لليبراليين والديمقراطيين فهو كافر وعدو الله، ذلك كله يغطى بكيلو لحم وكيلو سكر وقليل من الزيت والأرز!
    اما تنظيمهم القوى وجاهزيتهم ، التى اصبحت تردد بواسطة القوى (الليبراليه) وتعكس انهزامهم، فهذا ليس لأنهم اذكى من باقى القوى السياسيه، وأنما لأنهم يملكون المال الذى يرفضون الأفصاح عن مصادره، وقد اعترف الدكتور (هلباوى) كما ذكرت اعلاه وهو عضو قديم فى الجماعه وناطقها الرسمى (سابقا) فى أوربا والذى عاش فى لندن لمدة 20 سنه، واستقال بسبب (نقض) الأخوان عهدهم للشعب بعدم ترشيح واحد منهم، قال (الهلباوى): "أن جماعة الأخوان المسلمين فى مصر، يمكن أن تحصل على دعم مالى من تنظيم الأخوان العالمى أو من أن أى أخ مقتدر فى أى مكان"!!


    مع أن التمويل من الخارج ممنوع ومجرم فى القانون المصرى، لكن (الأخ) المسلم فى عقيدتهم لا يعتبر اجنبيا بل أهم وأقرب من الأخ الشقيق، ومن قبل قال (المرشد العام) السابق (مهدى عاكف) .. ظز فى مصر، ودعا لتأسيس دولة الخلافه وعاصمتها (القدس)!!
    معلوم عند الأخوان أن الدوله الاسلاميه عندهم تعلو على الدوله (الوطنيه)، رغم ذلك يكذبون ويدعون بأن الاسلام لا يعرف الدوله الدينيه.
    الشاهد فى الأمر لم يرد علي حديث المرشد السابق احد من (اخوانه) لكنه هاجموا (الليبرالى) حافظ القرآن الدكتور محمد ابو حامد، حينما قال أن (الأهرامات عنده أهم من القدس).
    مرة أخرىالقدره (التنظيميه) يوصف به الأخوان ويخرج الكثير من الليبرالين والعلمانيين يعترفون ،بذلك دون توضح للسبب ومن اين أتى؟
    وذكرنا بشهادة شاهد من اهلهم أن الأموال تدفق عليهم من بعض دول الخليج، ومن مشاركاتهم المستمرة فى الأنتخابات خلال فترة مبارك، وهو ونظامه وجهاز امنه كانوا يعلمون ذلك ويعلمون أنهم يدخلون (كمستقلين) ويسمحون لهم للفوز ببعض المقاعد، حتى يمنحوا انتخاباتهم التى يكتسحها (الحزب الوطنى) شرعية ، وهذا ما ظللنا نرفضه وننتقد فيه الأحزاب التقليديه عندنا (أمة) و(اتحادى)، فاذا كنت غير قادر على اسقاط نظام وتغييره، على الأقل اغلاا تشارك فيه ومعه وأن تمنحه (شرعية)، وهذا فهم دينى يعلمه (الأخوان) قبل غيرهم بأن اذا لم تستطع تغيير (الفساد) فعلى اقل تقدير ان ترفضه بفبلك ولا تشارك فيه وهذا اضعف الأئمان.
    كان اخوان مصر يشاركون فى انتخابات مبارك ويتكالبون على الفوز ويحصلون على مرتباتهم من (النظام) وهم يعلمون بأنه يزور الأنتخابات ويجود عليهم منها (بالفتات) وهو يعلم انهم لن (يهشوا أو ينشوا) ومن حقهم أن يتسلوا بما يفولونه من كلام وخطب رنانه، وأدعاء بطولات زائفه، ولو بقى على ذلك الحال لمائة عام ولولا دماء الشهداء الأبرار الذى افنى حياتهم فى ميدان التحرير وغيره من ميادين لما وصلوا لللسطه ولما حكموا مصر.


    انه الكذب والخداع والتبرير غير المقنع الا للبلهاء لكل خطئيه عرف بها اتباع التيارات الأسلاميه، وهاهو النائب البرلمانى الذى اجرى عملية تجميل فى أنفه يخرج ويكذب ويدعى أن مجموعه أعتدت عليه وضربته ونهبت ماله، لكى لا يعرف اخوانه انه ارتكب الحرام، و آخر يقبض متلبسا فى فعل فاضح مع فتاة فى مكان ناء، فيدعى انها قريبته .. فلماذا لا يبررون تعاملهم مع نظام مبارك ومن خلاله يكتسبون جاهزية و(تنظيم) يمكنهم من الأستحواذ على الأنتخابات ومؤسسات الدوله خلال فترة الديمقراطيه.
    رغم كل ذلك يتهمك احدهم- بدون وعى- أو دليل (بالأسلام فوبيا)، وهاهى بريطانيا اكبر داعم لثوار سوريا بعد فرنسا وأمريكا، تمنع عدد من (المتطرفين) الأسلاميين كما وصفتهم من الذهاب لسوريا والمشاركه الى جانب باقى الثوار لأسقاط (بشار الأسد).
    والأخوان المسلمون فى مصر يعترفون بأنهم لم يشاركوا فى الثوره المصريه ولم ينلوا للميادين ولم تظهر (دقون) الا بعد ثلاثة ايام وبعد تأكدهم من أن النظام شاقط وبعد أن صرح المجلس العسكر، بأن الجيش لن يدخل فى مواجهة مع شعبه بل سوف يحميه، بل أوحى بأنه منحاز للشعب ولم يتبق له غير أن يعلن بأنه قد استولى على السلطه.


    بعد ذلك نزل شباب الأخوان الميدان وابلوا بلاء حسنا لأنهم على خلاف رفاقهم لديهم فتاوى تقول ان من قتل منهم فهو (شهيد) دين لا شهيد (دنيا) ووطن وظهر (السلفيون) فى الصوره الذين كانوا فى السابق على ايام (مبارك) وأمن الدوله يحملون (امواس) يحلقوا يها ذقونهم بسرعه اذا واجهوا (كمينا) أو نقطة تفتيش فى منطقة من المناطق ، وتخلوا عن فتاويهم التى تكفر الخروج على الحاكم المسلم مهما كانت الأسباب، وظلوا متمسكين يها يردونه فى القنوات الفضائيه والشهداء يسقطون بالعشرات والمئات فى كل يوم، والآن ملأت اللحى، التلفزيونات المصريه بل تجرأ ضباط من الشرطه لأعفاء لحهم وكأن الدين (لحية) طويله لا معامله كما قال الحديث، وهذه سانحه اطرح فيها سؤالا، لماذا لم يوجد بين الشهداء قيادى واحد كبير أو (متوسط) من الأخوان المسلمين، اذا كان النظام فعلا قد قام وحده بقتل المتظاهرين .. وهل يعرف المدافعين عن قوى الظلام (الأسلاموى) معنى الفوضى الخلاقه؟


    من ضمن ادبيات (الفوضى الخلاقه) أن تقتل دون تمييز وتثير الفوضى والذعر وتبث الأشاعات، لكى تصل فى النهاية لتحقيق هدفك وانهبار النظام، لذلك خرج معظم الضباط الذين اتهموا بقتل الثوار ابرياء، لأن النظام قتل البعض وهذه حقيقة، لكن هناك جهات أخرى لم يكشف عنها بعد، شاركت فى قتل الثوار وشاركت فى اقتحام اقسام الشرطه وقتل الضباط والجنود وهربت المسجونين خلال ساعات الى غزه والسودان!
    وهذه سانحه اقول فيها لأخ ظل يقول لى انت فى مصر ولا زلت فى مصر، أنا شاهد على الثوره المصريه،لكنى لم انزل ميدان التحرير الذى كان قريبا منى، فهذا ليس دورى الذى اعرفه – بوعى- تام لا كمت يتفاخر بعض الشباب السودانيين الذين بنزولهم لميدان التحرير، فى وقت تحتاج فليه الميادين السودانيه لأؤلئك الشباب من اجل أحداث التغيير فى وطنهم، وتركت مصر منذ أن تأكد استيلاء تيارات (الظلام) والتخلف فيها على السلطه، ومن ترك وطنه بسبب هيمنة تيارات الظلام (السياسى) الملتحفه رداء الدين، فما هو السبب الذى يجعله يبقى مع من هم أشد ظلاما من اؤلئك بل هم الأساتذه والمعلمين الكبار.


    وأخيرا .. فعلى من لا يعرفون الواقع السياسى المصرى وتحملهم العاطفه، أن يعلموا بأن مجموع أصوات القوى غير (الأسلامويه) فى انتخابات الرئاسه كانت أكثر من اصوات الأسلاميين، ولقد تفلجأ (مرسى) الذى قال بأن (شفيق) ليس لديه أكثر من 500 صوت ورفض أن يجيب على أحد المذيعين ، ماذا يفعل لو فاز المرشح المنافس ، وكما واضح كان يضمر العنف والقتل واسالة الدماء .. ولولا دعم القوى الليبراليه والمدنيه والوسطيه (المخدوعه) لما فاز (مرسى) على شفيق مرشح (الفلول) دعك من مرشح آخر يمكن ان تقف معه كل القوى المصريه كلها، ورغما عن ذلك وعن فوز (مرسى) بفارق 2% الا أن الكثيرون يشككون فى فوزه وهل كان بضغط من قوى خارجيه وأمريكا بالتحديد، التى تريد تدمير مصر من خلال (الأخوان)، أو كان لابد من اعلان فوز مرشحهم خوفا من جريان الدم فى مصر بعد أن هددت التيارات الأسلاميه مجتمعه بذلك وأعلنت النتجيه قبل أن تعلنها الجهات الرسميه، بل خرجت جماهيرهم لميدان التحرير تهدد وتتوعد اذا لم يعلن فوز (مرسى)، وهذا كله سوف يذكره التاريخ، فى زمن اصبحت فيه الحقائق لا يمكن طمسها وتزويرها.


    هذه حقيقة الأخوان المسلمين فى مصر وما خفى أعظم، فهل من حقهم أن ينصحوا (بشار) بالرحيل، وهم اذا ارادوا خيرا لدينهم وبلدهم وللعالم كله ومن أجل استقراره ولكى يعم السلام فيه قبل نزول (المسيح)، أن ينسحبوا من الحياة السياسيه وأن يكتفوا صادقين بالدعوه والنصح والأرشاد وعمل الخير والتزام الدين الحقيقى لا (السياسى) و(الميكافيلى) وقد نصحهم بذلك احد كبار قادتهم السابقين، بعدما ارتفعت حدة الأستقطاب الدينى وفتحت السفارات الأوربيه ابواب الهجرة لأقباط مصر وهم اهلها الأصليون وسميت مصر على اسمهم، وسوف يندم الأخوان المسلمون قبل غيرهم بوم لا ينفع الندم حينما يرون (مصر) التى يسخرون من الآخرين مثلنا الذين انفصلت دولتهم الى جزئين ، ويعتزون بأن دولتهم سوف تبقى دائما موحده، اذا طرح فى الغد القريب داخل مجلس الأمن مشروع تأسيس دوله ثانيه تحمى دم الأقباط وتمنحهم حقوقهم، هذه اذا لم يظهر مشروع دوله ثالثه فى سيناء أو رابعه فى منطقة النوبه.
    وعليهم ان يعلموا بأن عناصر التماسك فى السودان اقوى مما عليه ظاهريا فى مصر، فبرغم هيمنة نظام (أسلاموى) فى السودان، لكن الأستقطاب الدينى بين المواطنين وكراهيتهم لبعضهم البعض اقل خطرا فى السودان مما هو الحال فى مصر، حيث لم نسمع بأن سودانى طرد من قريته بسبب دينه أو ان معركة قامت بين مسلمين ومسيحيين بسبب علاقه بين فتى وفتاة من دينين محتلفين.
    ومصر يقتل فيها 74 شابا بصوره بشعه فى مباراة لكرة القدم، فكيف يكون الحال اذا نشبت جرب طائفيه أو دينيه.
    فالوحدة الوطنيه واستقرار اى بلد فى العالم وتماسكه لا يمكن أن تتحقق الا بنظام مدنى ديمقراطى تعددى اساسه المواطنه وسيادة القانون وأحترام حقوق الأنسان ودون تمييز بسبب الدين أو الثقافه أو العرق.


    واذا كنا نرى فى ديينا الكمال ونسفه اديان الآخرين، فهم كذلك يرون فى دينهم الكمال ويسفهون ديننا ويأتون بادله من كتبنا التى يريد البعض أن يعيد عجلة التاريخ وأن نعمل بها وهى كانت تحل مشاكل مجتمع معين فى زمان معين، ما كان يرى مشكلة فى تزويج بنت 9 سنوات، لأنه وجدها تقتل حية وتسبى، لكن الأخوان المسلمين ومن معهم من تيارات الاسلام السياسى قد وجدوا امرأة معززه مكرمه تفوق الرجل ذكاء ووتتبوأ مناصب مرموقه افضل من التى يتبوأها كثير من الرجال، وتحاضر فى القانون والكيمياء والفيزياء وعلوم الذره وتطير للفضاء كرائده لا متفرجه أو جالسه على الظل تفتى وتكفر هذا وتحل دم ذاك.


    آخر كلام:-
    • دعك من نصح (مرسى) لأخيه (البشير) للتخلى عن السلطه فى السودان وهو أسوا من (بشار) الذى لم يفصل بلده بعد.
    • لماذا لم يفتح (مرسى) نحقيقا فى قضية شهداء ميدان مصطفى محمود من ابناء دارفور وغيرهم من سودانيين؟
    • وهذا دور يجب أن يقوم به الشباب السودانى أهم من تأسيس (تنسيقية) ثورة سودانيه فى مصر، بدلا من داخل السودان؟
    • ومن يضحى ويقود المسيره فى الداخل اذا كان (الشباب) يقود الثوره من مصر لا من داخل السودان؟
    • نحن مع الثوره ومع التغيير ومع اسقاط الأنظمه الديكتاتوريه المستبده، اذا كان ذلك فى سوريا أو السودلن، لكن البديل يجب أن يكون ديمقراطى ليبرالى، لا ظلامى وديكتاتورى يستغل الدين ويعود بالناس الى القرون الوسطى.
                  

09-09-2012, 05:38 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    نظرية الصندوق حول التعافي الاقتصادي
    September 8, 2012
    د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم

    أولا كون أن الحديث يجري حول تعافي اقتصادي ما فهذا يعني ان الاقتصاد المعني يعاني من أزمة، لكنه قد استطاع الوصول الي مرحلة الخروج منها بشكل منظم وبقوة دفع تمكنه من الوصول الي مرحلة الانطلاق والانتعاش فالنمو المستمر.لكي يحصل ذلك في بلد مثل السودان كان لعقد من الزمان تقريبا معتمدا علي الموارد البترولية، لابد من إعادة هيكلة الاقتصاد بشكل تام يستوعب أثار الصدمة التي سببها انفصال الجنوب ومن ثم فقدان عائدات البترول. بعد ذلك يتم البحث عن روافع لنمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة موجبة تستمر في الارتفاع إلي أن يتم الوصول الي المستوي المستهدف لنمو مستدام. إذا تم تحقيق شرط النمو الموجب فهذا يعني تحقيق عناصر الاستقرار الاقتصادي الاخري مثل استقرار مستويات الأسعار عند حد مناسب يوقف التدهور المستمر في القوة الشرائية وانهيار سعر الصرف للجنيه السوداني، كما يعني ذلك توليد فرص جديدة من العمالة.


    ترتبط تلك العوامل أيضا ببناء احتياطي من النقد الأجنبي وتوفير مصادر لتمويل القطاعات الاقتصادية الرئيسية التي تشكل دعامات النمو الرئيسية مثل القطاع الزراعي، الصناعة، الخدمات ، البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية. لابد ان يترافق كل ذلك مع إصلاح الأجور، نظام الأسعار وتوفير الحزم الرئيسية لمناخ مواتي للاستثمار. في حالة توفر هذه العناصر حتى في حدها الادني يمكن ان تكون هناك مؤشرات دالة علي التعافي الاقتصادي. ليس المقصود في هذه المرحلة تحقيق معدلات عالية من النمو او تراجع معدلات التضخم بنسب كبيرة او ارتفاع سعر الصرف للجنيه بمعدلات كبيرة او توفير فرص كثيرة للعمالة اعتمادا علي قيم مضافة مقدرة في الاقتصاد، لكن المطلوب هو بداية تحقيق تلك المؤشرات آو ما يشار إليه أحيانا (ببراعم الربيع).



    هل حدث شيء من تلك المؤشرات يمكن ان يدل علي تعافي الاقتصاد السوداني وسيره في اتجاه النمو المستمر؟ بالاعتماد علي تقديرات صندوق النقد الدولي نفسه فان الاقتصاد السوداني خلال هذا العام علي الأقل يسجل نسبة نمو سالبة قدرت في أحسن الأحول ب(- 4%)، معدلات التضخم في تصاعد مستمر وصلت الي نسب تتراوح بين 40% الي 60% حسب سلة السلع والخدمات الخاضعة للقياس. في نفس الوقت سجل سعر صرف الجنيه السوداني تراجعا مستمرا، فقد تراجع من حوالي 2 جنيه سوداني مقابل الدولار الأمريكي قبل الانفصال مباشرة الي حوالي 5.5 جنيه للدولار في الوقت الراهن، هذا يعني ان سعر الجنيه مقابل الدولار قد تراجع بأكثر من 100%. يعني ذلك ان القوة الشرائية للدخل النقدي قد تراجعت بنفس النسبة او تزيد مع تراجع مكاسب عناصر الإنتاج فساد تضخم ركودي شل حركة الأسواق وارتفعت تكاليف الإنتاج مقلصة حصيلة الصادرات، كما شحت مصادر التمويل للاستثمار والاستيراد فسادت حالة من الذعر الاقتصادي ضاربة مناخ الاستثمار في مقتل فهربت الاستثمارات الوطنية والأجنبية وأصبحت تبحث عن ملاذ أخر من إثيوبيا وحتى الأرجنتين. حتى أن الحكومة نفسها قد وضعت برنامجا اسعافيا مدته ثلاث سنوات ولم تقل انه برنامج لعام واحد أو اقل.


    أدي هذا الوضع الي تدفق السودانيين إلي الخارج ممثلين بأساتذة الجامعات والأطباء والشباب العاطل عن العمل يبحثون عن حياة كريمة حقيقية او متوهمة في مكان ما من ارتريا مرورا بالسعودية فليبيا وصولا إلي الموت علي الحدود والأسلاك الشائكة والألغام في الطريق إلي إسرائيل. بالنسبة للعاملين فان المرتبات والأجور ومكاسب العمل الاخري إما ثابتة او متراجعة بالرغم من ارتفاع معدلات التضخم وتدهور القوة الشرائية للجنيه السوداني مما سبب تردي مريع في الحياة وصولا إلي درجة من الإفقار المزري.
    إذن هذه هي بعض المؤشرات التي دفعت بممثل لصندوق النقد الدولي للحديث عن تعافي الاقتصاد السوداني في نظرية اقتصادية جديدة عن التعافي والنمو. هذه النظرية تعني ان النمو السالب في الناتج المحلي الإجمالي والتراجع المستمر في الدخول (اسميا وحقيقيا)، التضخم والركود المتزامنين، هروب الاستثمارات الي الخارج، تأكل الاحتياطات، التراجع الصريح في ميزان المدفوعات وتراجع سعر الصرف للعملة الوطنية بأكثر من 100% وارتفاع تكاليف الإنتاج إلي مستويات جعلت أسعار اللحوم الخضروات تقترب من أسعار المعادن النفيسة، كل تلك المؤشرات مجتمعة تعطي تعافي اقتصادي. انه فتح اقتصادي مبين.


    ما هو التغير الذي حدث في الموازنة العمة من جهتي الإيرادات والنفقات العامة حتى يمكن الحديث عن التعافي؟ هل هناك فعلا قيما مضافة في الاقتصاد السوداني يتم الاعتماد عليها في تعبئة الموارد الكافية لتمويل الإنفاق الحكومي؟ كيف يمكن ان يحدث ذلك في اقتصاد يسجل نسب نمو سالبة حسب الصندوق نفسه؟ علي إي شيء يمكن الاعتماد لزيادة الجبايات الضريبية؟ الا يتم الاعتماد في هذه المهمة علي الطاقة الضريبية؟ هل هناك سبب واحد يمكن ان يكون قد تسبب في ارتفاع الطاقة الضريبية المعتمدة علي ارتفاع معدلات النمو والمقاسة بمستوي دخل الفرد؟ من أين يمكن زيادة الاستقطاع الضريبي سواء كان من المصادر المعتمدة علي عوامل الإنتاج (عبر الضرائب المباشرة)، أو من الاستعمالات الخاصة بالقطاع العائلي (الاستهلاك العائلي عبر الضرائب غير المباشرة بما فيها الضريبة علي القيمة المضافة)؟ هل الدخول ومكاسب العمل والاستثمار في ارتفاع؟ آم أن هناك زيادة في الطلب الكلي الفعال؟ كيف يمكن لمزيد من الجبايات الضريبية ان تؤثر بشكل ايجابي علي عوامل الاستقرار الاقتصادي (النمو، مستويات الأسعار، العمالة والتوازن الخارجي)، حتى يصبح من الممكن القول بان زيادة الجبايات يمكن ان تؤدي الي التعافي الاقتصادي؟


    هل تتجه قنوات الإنفاق العام نحو التنمية وتعزيز البنيات التحتية وتقديم الخدمات الاجتماعية وتطوير تنافسية القطاع الخاص؟هل يتجه الإنفاق العام نحو تعزيز قدرات وطاقة القطاع الزراعي والصناعة ويحفز الاستثمار ويرفع الدخول الحقيقية بشكل يزيد من الميل الحدي للادخار لإحداث تراكم رأسمالي يضمن توفير أرصدة تمويلية كافية تشكل ضمانة لنمو مستدام؟ هل يعزز الإنفاق العام من مناخ الاستثمار ومن حزم التنافسية؟


    علي ممثلي الصندوق ان يشرحوا لنا نظرياتهم حول التعافي والنمو ا وان يكفوا عن العبث بعقول السودانيين. إذا أراد الصندوق التغزل في الإجراءات الحكومية فمن الأفضل أن يبعث لها بقصصات سرية في الحب وان يكف عن التلاعب بمشاعر ناس يعانون من بؤس مطلق حتى وصلت أغلبيتهم إلي حالة من اليأس التام من أي أمل في إصلاح يخرجهم من محنتهم. هي حالة من اليأس التي قد تؤدي الي دمار تام، ويبدو ان هذه هي النتيجة التي يسعي الصندوق إلي الوصول إليها في السودان بوصفاته القاتلة
                  

09-12-2012, 10:34 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    تناقضات الحركة الإسلامية
    September 12, 2012
    ياسين حسن بشير

    …………………..

    تابعت خلال الفترة الماضية بعض ما صدر من بعض قادة الحركة الإسلامية السودانية وألخص ما أود التعليق عليه في النقاط التالية:-

    أولاً: صرح السيد/ إبراهيم أحمد عمر بصفته رئيس مجلس شورى الحركة الإسلامية السودانية بأن حزب المؤتمر الشعبي لا يمثل الحركة الإسلامية… ورد عليه أحد قادة حزب المؤتمر الشعبي وقال بأن السيد/ إبراهيم قد أطلق تلك التصريحات ليوجه رسالةً للإدارة الأمريكية ودول الاستكبار بأن حزب المؤتمر الوطني قد تخلى عن الإسلام سياسياً على غرار تخليه عنه اقتصادياً بإقرار الربا تحت لافتة فقه الضرورة… ووصف الحركة الإسلامية بأنها علمانية.

    بداية أود أن أسأل السيد/ إبراهيم أحمد عمر مع احترامي له: أين هي الحركة الإسلامية السودانية وما هي ملامحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ وأرجو أن لا يقول لي بأن الحركة الإسلامية دستورها “القرآن والسنة” فهذه مقولة عامة ومستهلكة سياسياً ولا فائدة من ترديدها… أما بالنسبة للأخوة قادة حزب المؤتمر الشعبي فسؤالي لهم: هل التخلي عن الإسلام السياسي أمر سلبي أم إيجابي… وفيم تعارضون إذا كنتم تعتقدون في الدولة الدينية ببعدها السياسي والاقتصادي… ولماذا تجلسون مع قوى الإجماع الوطني المعارضة وتتحدثون عن الدولة المدنية وحقوق المواطنة؟ فهل تعتقدون أنه يمكن الجمع بين الدولة الدينية والدولة المدنية وحقوق المواطنة في وعاء واحد أم أن الحكاية في النهاية تكتيكات سياسية سطحية مؤقتة؟

    ثانياً: قال السيد/ إبراهيم أحمد عمر في صالون مفاكرات إن القبلية والجهوية قد عادت بقوة دون أن يوضح لنا… لماذا عادت بقوة؟ ومَنْ المسؤول عن إعادتها بقوة؟ بالطبع يتجاهل السيد/ إبراهيم مثل تلك التساؤلات… لأن الحقيقة مرة… فنظام حكم الحركة الإسلامية منذ أن جاء في 30 يونيو 1989م عمل على إحياء القبلية والجهوية بهدف البحث عن الدعم الجماهيري وضرب الوجود الجماهيري للأحزاب السياسية السودانية… ففي داخل ديوان الحكم الاتحادي في بدايات الإنقاذ بقيادة د. علي الحاج كانت تهندس عملية إحياء القبلية والجهوية فتحولت كل “حلة” إلى ولاية ليس لضرورات تنموية وإنما لإرضاء مجموعات قبلية وجهوية… ودعمت ثورة التعليم العالي بقيادة السيد/ إبراهيم أحمد عمر هذا التوجه فانتشرت الجامعات في كل ركن وتحولت المدارس والخلاوي إلى جامعات وأصبح أهل كل قبيلة أو جهة يتفاخرون بأن لهم ولاية وجامعة بفضل ثورة الإنقاذ… أضف إلى ذلك تلك المعالجات السياسية الخاطئة التي حدثت في بداية ظهور مشكلة دارفور في عام 2003م والتي اعتمدت على إشعال روح القبلية والجهوية… أقول للسيد/ إبراهيم أحمد عمر… الحركة الإسلامية هي المسؤول الرئيسي عن عودة القبلية والجهوية بقوة التي حاربها حتى المستعمر البريطاني.

    ثالثاً: قال السيد/ حسن مكي أيضاً في صالون مفاكرات إن مصير العالم خلال المرحلة المقبلة ستتحكم فيه ثلاث قوى هي (اليهودية والمسيحية والإسلام)… بعد انهيار الشيوعية… وأقول للسيد/ حسن مكي إن الصراع في العالم لم ولن يكون دينياً… والشيوعية التي انهارت لم تكن ديناً وإنما منهجاً فلسفياً واقتصادياً وسياسياً والصراع بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي لم يكن دينياً وإنما كان سياسياً وفكرياً.

    خلاصة القول هي أن هذه المقولات التي قدمت بعض نماذجها فيما سبق تعكس قدراً هائلاً من التناقضات والمعالجات الساذجة التي تعكس حالة الإفلاس السياسي والفكري التي تعيشها الحركة الإسلامية ليس في السودان فقط وإنما في العالم أجمع… وهذا – حسب تقديري الشخصي- ناتج عن المغالطة التاريخية التي تعيشها جماعات الإسلام السياسي في جميع الدول العربية والإسلامية التي تحاول تشويه واقع الشعوب بادعاءات النظام السياسي والاقتصادي الإسلامي… والواقع المعاش يثبت يومياً عبر التجربة أنه لا يوجد نظام سياسي واقتصادي إسلامي وأنه لا بديل للدولة المدنية مهما تصاعدت درجة الهياج الديني ووصلت حد الإرهاب الفكري للقوى المستنيرة في العالم.

    الصحافة
                  

09-13-2012, 05:09 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    المستقبل..من الدولة الفاشلة إلي الدولة المنهارة(3)
    September 13, 2012
    من أين يبدأ المستقبل؟

    لا يوجد في الأفق البعيد شيء معلق نسعي للوصول إليه،يسمي المستقبل.ولم تعد نظرية الخط الصاعد للتاريخ والتطور سارية ومتماسكة.كما يخبرنا الزمن عن السقوط والإنهيار المدوي لإمبراطوريات ودول في قوة :الرومانية،الفارسية،اليونانية، ولا ننسي الأندلس ،وحتي الاتحاد السوفيتي العظيم!كلها لم تنجيها عظمتها من السقوط.لذلك،نتساءل:هل أعددنا كسودانيين-عموما-للمستقبل عدته؟وهل شرعنا في وضع الأسس التي سوف نشيد عليها المستقبل؟وهذه الأسس هي:العلم،التكنولوجيا،الاقتصاد والإنتاج،العقلانية،والحرية.يبدأ المستقبل:هنا والآن،فالواقع-الحاضر هي الذي يشكل المستقبل.لذلك،لابد لنا من التخلي عن التفاؤل الساذج،رغم تدهور الواقع المستمر،والذي نقفز عليه خشية أن نصاب بالإحباط.وهنا يحضرني توصيف دقيق،فالمثقف – حسب موريس بار – هو ذلك الفرد الذي يقنع نفسه بأن المجتمع يجب أن يقوم وفقا لمنطقه وارادته هو،والذي يجهل أن المجتمع هو قائم فعلا وواقعا علي ضرورات داخلية قد تكون لا علاقة لها مطلقا بارادة العقل الفردي.وهذا ما يسمي الإرادوية،فالمثقف بهذا المعني هو ضحية وهم منطقه الذي يطل مجرد يوتوبيا/طوبائي.ذلك،يبقي أسير الشعاراتية الخالية من تعقيدات التفكير والتأمل.

    دولة بلا مستقبل؟

    يقوم شرط بناء المستقبل علي وجود قوى سياسية وأجتماعية فعّالة قادرة علي القيام بعملية البناء المستقبل.ولكن السودان عاني من استنزاف الرأسمال البشري خلال السنوات ال23 الماضية.وكان الفقد عظيما:من أخذهم الموت الحق أو الموت الخفي.فقد كانت الهجرة ثم الإنسحاب الي غيبوبة عقلية أو تجنب العمل بسبب عواقبه الوخيمة.وقد غادرت دنيانا شخصيات كثيرة.ولأننا نفتقد الاحصائيات الدقيقة،تسقط أعداد كبيرة من الذاكرة والحساب.ولا اظن أن من يموتون في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ،يوميا أقل من قتلي حلب والبوكمال.ولكنها حروب منسية وضحاياها هامشيون.وللموت في السودان جنود من فشل كلوي وملاريا،وتايفوئيد، وسرطانات مجهولة،ووفيات أطفال وامهات في الوضوع.ومن ناحية أخرى،تعطيل لملايين الشباب ليس فقط بين الخريجين بل عدم الاستقرار والحرب،وتوقف المشروعات الزراعية والإنتاحية عموما.

    يبدأ أي مستقبل من وجود نظام سياسي يقيم دولة ديمقراطية حديثة ومنتجة.لذلك،لابد من التغيير السياسي بالتحول من دولة الحزب الواحد إلي النظام التعددي.وهنا المعضلة :كيف يمكن إسقاط القائم بأقل خسائر بشرية وفي أسرع وقت ممكن.لأن أي تأجيل في رحيل النظام يعني اكثر من الكارثة لأن النظام –باعتراف قياداته- استنفذ صلاحية بقائه.فالنظام انتقل من مرحلة الدولة الفاشلة بعد أن فرّط في وحدة ترابه الوطني،إلي مرحلة الدولة المنهارة.ومن أهم ملامح الإنهيار،ما يلي:-

    1:- التفكك السياسي إذ لم تعد هناك جهة مركزية لاتخاذ القرار السياسي كما هو الحال في أي دولة طبيعية.فقد أصبح النظام الواحد يتحدث بألسنة متعددة في القضية الواحدة.وهذا ينفي،والآخر يؤكد،والثالث يقول بأن الاثنين غير مفوضين بالحديث.وقد يفصل الوزير شخصا ثم يعيده الرئيس بعد ساعات.ويقرر وزير التجارة فتح باب استيراد السيارات المستعملة،ليقوم الرئيس بالعائه خلال6ساعات.الآن هناك عدد من الحكومات تحت سقف واحد.والمسألة وجود حمائم وصقور-كما هو الحال في كل العالم- ولكن كلها ضباع ضاع منها الطريق.وهذا نظام غريب،يضع استراتيجية ربع قرنية ويلغي قرارته في ربع يوم فقط-6ساعات.أما حكومات الأقاليم فليست لها علاقة بالمركز.ويحق للوالي ان يقول:ذاهب للسودان عندما ينوي زيارة الخرطوم.

    2:- الانهيار الاقتصادي وهذا أمر لم يعد يحتمل المغالطات والاكاذيب التي تعود عليها النظام.فهو لن يستطع اختراع أرقام واحصائيات إسلامية يوظفها سياسيا.عندما بداية الأزمة الإقتصادية العالمية إدعي النظام أنه لم يتأثر بها بسبب استقلالية إقتصاده غير المرتبط بالسوق العالمي والمعونات.ثم عند إنفصال الجنوب،أكد النظام أن هذه الخطوة لن تؤثر عليه.وفي الحالتين لايجد النظام ما يعلق عليه فشله غير هذين العاملين.وكان النظام يظن أن عودة ضخ النفط ستحسن الوضع ولذلك هرول للوصول لاتفاق –طالما رفضه-مع الحركة الشعبية،وقبل حتي بالحريات الأربع رغم ابتزاز الإنفصاليين الشماليين.ولن يتدفق النفط قبل عام،ولكنه لن يحل الأزمة المستعصية.ويري الإقتصاديون أساس الأزمة في البطالة،والدين الداخلي والخارجي ثم زاد التأزم تآكل الرصيد من العملات الأجنبية،وظل التضحم فوق ال40%،ومشكلات القطاع الزراعي مما يضعف التصدير كمصدر للعملات الاجنبية.ويعيش الناس حياة معيشية أقرب للمجاعة.والدعم المتوقع من قطر سوف تجذبه مصر مرسي والأخوان الحقيقيين.

    3:- الإنحلال الخلقي والإنحطاط القيمي: حين قال علي بن أبي طالب:”لو كان الفقر رجلا لقتلته” كان يعرف نتائجه.وبالفعل كما يقول مظفر:لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر فالجوع ابو الكفار.ويستحيل أن تفقر الدولة مواطنيها،ثم تقول:تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.وللقارئ أن يتابع زيادة الاطفال غير الشرعيين وجرائم الشرف،وقضايا الدعارة ،أما الاحتيال والغش والتزوير فحدث ولا حرج.ثم الجريمة المنظمة،والقتل،والاذى الجسيم.

    4:- بوادر الإنقسامات والفوضى التنظيمية:يشهد حزب المؤتمر الوطني حراكا في اتجاه التمرد والإنقسام تؤكده مذكرات ناقدة،وتصريحات خارجة عن الخط الحزبي،وكتب مراجعات وكشف أخطأ.ونتوقع انشقاق الكثيرين،ليس لخلافات مبدئية ولكن بسبب التقشف الذي سيطال امتيازات الكثيرين الذي جاءوا للمؤتمر لأسباب مالية ومصلحية صرفة.ولن يخجلوا من المغادرة مع توقف الامتيازات.

    نحن أمام نظام لا يمتلك أي مقومات للاستمرار،فمن أين أتت مقومات بقائه في السلطة حتي اليوم؟لا يكمن السبب في قواه الذاتية،ولكن في ضعفنا نحن المعارضون له.مع غياب الرؤية،والتشرذم،وعدم الجدية والصدق،والعجز عن التضحية والتفاني في العمل الجماعي؛سيبقي هذا النظام معتمدا علي القمع.ومع غياب التأييد الشعبي،يزداد اعتماده علي الأمنوقراطية فقط.

    البديل التائه

    رأيت في الاحتجاجات الشعبية التي انتظمت ارجاء البلاد في يونيو الماضي،تجسيدا واقعيا لما يسمي السودان الجديد،أو القوى الحديثة،أو لبنة في بناء مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية.وكان يمكن أن نري بوضوح غروب شمس القوي التقليدية والذي تسببت فيه –أي الغروب – بنفسها فقد تهيأت لها كل ظروف إسقاط نظام بهذا القدر من الفساد ،والانحلال الاخلاقي والسياسي،والوهن الروحي.ولكنها عجزت عن مقاومته وهزيمته،فاستمر 23 عاما.فقد ساهمت القوى التقليدية في انجاح عملية التسريح السياسي التي اختطها النظام وقصد بها ابعاد الجماهير في الداخل عن النشاط السياسي.فقد توقفت هذه القوى عن تحريك الجماهير والعمل وسطها.ولم تقف عند هذا الفشل،بل كانت تُمني الشعب بوصول جيوشها من الخارج لتخليصهم من الطاغوت.وبعد الاغاني الوطنية:سلم مفاتيح البلد!جاءوا الي السودان في صفقة تعيسة ودخل12 من التجمع الوطني(عدا حزب الامة)البرلمان واعتبرهم النظام شركاء في تمرير قوانين سيئة الذكر ومن بينها،قانون الانتخابات.وعجزت القوى السياسية التقليدية عن تحريك مظاهرة واحدة من ميدان(ابي جنزير)طوال هذه السنين.

    لذلك،رأيت في ذلك الحراك تدشينا لقيادة القوى الحديثة لمرحلة الإنتفاضة الشعبية الراهنة.فقد جاءت المبادرة لهذه الانتفاضة من قبل ائتلافات الشباب المستقلين وشباب الاحزاب المختلفة دون الرجوع للقيادات.ووقع العبء الأكبر علي الطلاب الذين نزلوا مبكرا للشارع،واصروا علي عدم التوقف مهما كانت الاعداد .واستفاد الشباب- مثل غيرهم- من تطور وسائل التواصل والاتصال.واخيرا،خذلت القوى التقليدية الثورة ولم تعطها زخما.وقد استنجدت إحدي المتظاهرات:وا أحزاباه! بل نادت فيهم قيم:يا مقنع الكاشفات!ولكن القيادات التي ندخرها لمثل هذا اليوم سكتت تماما.وتذكرت – بمرارة-قول الهمباتي وأظنه الضرير،يلوم تخاذل رفاقه :

    واحدين في الفريق مكبرين عمامن
    قطعوا الحركة والزول اب عوارض لامُن

    لا يوجد من يقول بأن منظمات المجتمع المدني،أو هذه القوى العفوية من النساء والشباب والطلاب،عي البديل.ورغم تواضع العددية،إلا أن كيفية العمل والدينامية،أعلت من قيمة تلك الإنتفاضة القصيرة العمر.وهذه التجربة تفرض علينا مسؤوليات عظيمة في تجديد أساليب العمل:-

    أولا: التحول من معارضة النظام لمقاومة النظام،وهذا يعني استعمال كل الوسائل السلمية-المدنية أو العنيفة لإنتزاع الحقوق الأولية في المشاركة وتقرير مصير الوطن،وألا ينفرد النظام بذلك،ويكفي اتفاقية السلام2005. ويجب ألا تضيع التضحيات سدى،ومثال ذلك تضحيات ابطال ثورة1924،تضحية عبدالخالق محجوب ورفاقه،وتضحية محمود محمد طه والإخوان الجمهوريين،و ضباط ابريل1990،ومواكب الشهداء الافراد.فقد افتقدت الانتفاضات السودانية،خاصية التواتر والاستمرار،ولا يكفي الاحتفال
    بالذكري.فقد قدم الشباب في يونيو الماضي،تضحيات عظيمة ولكن سرعان ما لفها النسيان.ضرورة البناء عليها واستمرار تراكم التجارب الثورية بلا انقطاع.

    ثانيا:- التغيير الجذري في أساليب العمل الجماهيري: ثقافة وقيما وعلاقات.نحن لا تنقصنا البرامج الجيدة والتحليلات الدقيقة،ولكن نفتقد أخلاق وقيم المقاومين والمناضلين الحقيقيين. فالقوى الحديثة تسلك طرقا تقليدية ممعنة في الرجعية حين تننقل من الكلام إلي الممارسة.ويتحول أهل الحداثة والتقدم إلي ممثلين بأداء سيء ومتهافت بسبب إنعدام الصدق فنحن لا نعبرعن مشاعرنا الحقيقة تجاه بعضنا وفي نفس الوقت لا نملك شجاعة الصراحة والمواجهة في علاقاتنا،وتحل محلها القطيعة والنميمة “وأكل لحم أخيك حيا”.نحن لا نحب ولا نحترم بعضنا.واعتبرنا النفاق(نسميه الأدب والمجاملة) من مظاهر الحداثة،ويسنده التآمر والسرية ثم الاستلطاف والشللية.ولذلك فشلت كل التجارب السابقة،وسوف تفشل القادمة لو سلكنا نفس الدرب.وهذا يعني أن أي عمل مستقبلي لابد أن يبدأ من النقد والنقد الذاتي – الدواء المر لدي النخب.

    ثالثا: نحتاج الي لغة جديدة وبالتأكيد خلفها أفكار جديدة.لابد من التخلص من اللغة الخشبية،ومفردات مثل: جبهة،تحالف،تجمع، ائتلاف،القوى…،ندين،نشجب،ميثاق،أجندة وطنية،مؤتمر شامل…الخ.هذه المفاهيم صارت خاوية بلا مضامين لأنها لم تُحول الي واقع.وفي احيان كثيرة نتمسك بلغة وأساليب عمل مرحلة معينة رغم ان التاريخ تجاوزها.فقد كانت صالحة حتي عام 2000ولكن منذ ذلك الحين كان علينا ابتكار لغة ثم وسائل جديدة،ولكننا نجتر القديم.وعلي التنظيمات الجديدة عدم القفز علي اسباب الفشل السابقة.

    رابعا: لابد من تجديد وإصلاح بل بعث الأحزاب الحالية؛وهذا لا يعني رفض قيام أحزاب جديدة.ولكن الحياة السياسية – قديمها وحديثها- قامت وتقوم علي أسس خاطئة بسبب الجفوة بين الفكر والتنظير من ناحية والسياسية والحزبية من ناحية أخري.لابد من فكرنة السياسية،وهذا هدف تواجهه عقبة كؤود،هي الارتهان للطائفية.

    خامسا:- المجتمع المدني والذي كان يفترض أن يكون دافع للتحديث والتعبئة والحراك الجماهيري،نقل امراض الحزبية التقليدية.ومن أبرزها ظاهرة الانشقاق والتشرذم، وخلف كل ذلك عوامل ذاتية وشخصية وليست خلافات موضوعية.كما أنه بسبب سودانيته يرفض ايضا النقد والنقد الذاتي.لذلك،سكت عن السلبيات مما جعل البعض يتجرأ ويعمم،متهما كل المجتمع المدني بالعمالة والناشطون صامتون.صحيح قد لا ينفذ البعض المشروعات والمقترحات الممولة.وفي هذا تقصير وفساد ولكن ليس عمالة؛لأن العمالة هي الإضرار بالمصالح الوطنية مثل الدعوة لتقسيمه مثلما يفعل الطيب مصطفي وعصبته.
    سادسا:ضرورة المقاومة الدؤوبة والمثابرة التي لا تسمح للنظام بالراحة وان يكون دائما في حالة دفاع عن النفس.وفي بالي موضوع الفساد،وتحدثت كثيرا مع المحامين الديمقراطيين حول تبني رفع قضايا تستند فقط علي تقارير المراجع العام. كذلك،الوقفات الاحتجاجية بسبب القضايا الفئوية وهي كثيرة ومتجددة.

    ********

    ليست من مقاصد هذا المقال تقديم توصيات أو نصائح،ولكنه يهدف الي تحريك الساكن والتفكير في اتجاه آخر.فالنظام آيل للسقوط سريعا وفي هذه الحالة سوف يسقط علي رؤوسهم ورؤوسنا معا.سيكون الإنهيار ذاتيا إن لم تبادر المقاومة في تسريع سقوطه،وأن يكون البديل جاهزا،شرط ألا يكون بدلا عن العمل اليومي مع الحماهير.فالفصائل التي تعارض في الداخل مشغولة بالبيانات والمواثيق والاجندة الوطنية والدستور علي حساب تعبئة الجماهير.وحتي الليالي السياسية والتجمعات لشرح هذا الكلام الكثير الكبير ليس من بين غايات عملها السياسي،فهي غائبة في نشاطهم.

    هذه دعوة للتحول من المعارضة للمقاومة والشروع في بناء حركة اجتماعية شاملة لا تقوم علي تحالفات وائتلافات حزبية وتنظيمية وهمية،وأقرب الي تحالفات “حكومة البرنامج الوطني”التي يقودها المؤتمر الوطني.فهناك أحزاب هي مجرد لافتات وزعماء ولا تبلغ عضويتها المائتين في اقصي تقدير.لذلك،الأكرم لهم ان يأتوا للحركة الإجتماعية فرادي.وهذا الأمر ينطبق علي مجموعات الشجب والادانة المتناسلة،فهي تكرر حديثا سمعه النظام منذ عام1990 وتعبت منظمات الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان من الاحتجاج والإدانة وإرسال الممراقبين.والنظام لا يعير كل ذلك اهتماما لأن فكره وبرنامجه يقومان علي انتهاكات حقوق الإنسان لأنها- في نظره- الوسائل الناجعة للقمع والتخويف – أداة تمكين لن يتركها بسبب الإدانات التي ما قتلت ذبابة.
    لابد من وسائل جديدة وعلاقات جديدة بيننا نحن – أولا- كمعارضين أو مقاومين محتملين:قبول بعضنا وألا نبخس الناس اشياءها ،خاصة إذ كنا معا في نفس الخندق.



    ------------------



    فائز الشيخ السليك


    الطريق إلى التغيير ( 3) ..

    انكسار الرافعة وتزيف الطبقة الوسطى وهجرة العقول


    September 13, 2012


    [email protected]
    كنت أُلاحظ قبل انتفاضة 16 يونيو 2011 في معظم حواراتي المباشرة، والشخصية مع عدد من الشباب الحالمين بالتغيير؛ من الذين يتواصلون معي عبر مواقع التواصل الإجتماعي ” الفيس بوك” سيادة روح الإحباط وسط هؤلاء الشباب، وأحُّس بأنّ بعضهم مصاب بالعجز التام، واليأس، والشلل ، وهو أمرٌ يعكس ما وصلنا إليه من حالة من الاستسلام والامبالاة بسبب القهر والتسلط الأسلاموي لقرابة ربع قرن من الزمان، ولعجز المعارضة المنظمة في اشعال شعلة ضوء، ولو في آخر النفق، ولكن حالما تنقشع ظلمة ” الإحباط” مع اندلاع مظاهرة صغيرة، أو حتى معزولة، فحين تندلع “مظاهرات” في الخرطوم مثلاً، يتمنى كثيرون منا سقوط الحكومة في هبة واحدة، فيسارع الكثيرون، لكن نفس هؤلاء قد لا يشاركون هم بأنفسهم في “مثل هذا النشاط”، فهم يريدون من آخرين صنع انجاز اسقاط النظام نيابةً عنهم، في وقت لا يتوانون فيه عن تحذير أقاربهم من المشاركة في مثل هذه الأعمال، ويشددون عليهم بضرورة “المشي جنب الحيط”،فقد لازمت الشعوب السودانية؛ لا سيما في المركز حالةً صعبةً من الاستسلام، بسبب غياب ثقافة التضحية، وايثار الغير، على الذات، والخاص على العام، والجهة على الوطن، والقبيلة على الشعب، وهي مرحلة يمكننا وصفها من غير ما تردد بانها مرحلة ” الانحطاط العام”


    وليس غريباً؛ فالسودان في ظل حكم الإنقاذ، وزواج الإسلامويين مع العسكرتاريا بلغ أعلى مراحل انحطاطه،” وخلال هذه المرحلة التي تمتد فترات طويلة نسبياً ، يشعر الفرد بصعوبة التغيير، وعدم جدوى ضياع الوقت في مقاومة السلطة الباطشة، و يرى الدكتور مصطفى حجازي في كتابه ” سيكلوجية الإنسان المقهور أن زمن الرضوخ والاستكانة “يشكل الفترة المظلمة من تاريخ المجتمع، عصر الإنحطاط، وتكون قوى التسلط الداخلي والخارجي في أوج سطوتها، وحالة الرضوخ في أشد درجاتها .. عملية انهيار قيمة الانسان المقهور وطغيان أنوية المتسلط تأخذ أبرز أشكالها وضوحاً وصراحةً، وتكون الجماهير في حالة قصور واضح في درجة التعبئة التي تؤهلها للرد والمقاومة ، فيبدو وكأن الاستكانة والمهانة هي الطبيعة الأزلية لهذه الجماهير، وهذا ما تحاول قوى التسلط على كال حال غرسه في نفسيتها، في حملة تيئسية منظمة تقطع السبل أمام أي انتفاضة أو أمل في انتفاضة ، سكون الموت المخيم لا يقطعه سوى فقاعات تمرد فردي، لا تلبث أن تغيب، مخلفة وراءها مزيداً من القناعة في استحالة الخلاص من خلال المجابهة، نظراً لما تقبل به من ردود فعل عنيفة ، تأخذ شكل البطش الذي تمارسه الفئة المتسلطة “.



    إلا ان مرحلة الرضوخ لا محالة سوف تنتهي، وستعقبها مرحلة التململ، ومن ثم التمرد، وقد مثلت ” هبة يونيو / يوليو هذه المرحلة، بعد أن انكسر حاجز الخوف، وبات في الأفق بصيص أمل في التحرك، واتضح لنا أن ” النظام لا يعدو ان يكون سوى نمر من ورق”، وهنا يأتي دور ” المثقفين العضويين”، والقوى المنظمة، والطاقات الشبابية، وهي التي تستمر في المقاومة، وتعمل على تنظيم الجماهير، وحشدها وتعبئتها، دونما كلل أو ملل، وكنت قد طرحت في الحلقة الثانية من حلقات مقال ” الطريق إلى التغيير” بعض التساؤلات حول انعدام ” رافعة التغيير” في السودان، أي الطبقة الوسطى، والتي شهدت أبشع المجازر خلال سنوات الأنقاذ، والتي جاءت في سياق سياسة كاملة يمكن أن نسميها بسياسات فصل الذاكرة، هي تفريغها من تاريخها، وإرثها الحضاري، عبر استهداف التاريخ ورموزه، والاعتداء المنظم والممنهج على المتاحف والتماثيل، واللغات ، والأسماء، والأحداث، وسياسات الإبادة الجماعية، والترحيل القسري، والاحلال والأبدال بهدف تغيير ” ديموغرافيا” المنطقة المعنية.


    أما سياسات كسر رافعة التغيير، فهي مرتبطة بذاكرة الحاضر والمستقبل، وهي عملية تجريف متعمد للبلاد، وافراغها من عناصر الطبقة الوسطى، والمتعلمين ، والمثقفين، والعاملين في أجهزة الخدمة المدنية والعسكرية، بغرض افراغ البلاد من كفاءاتها العلمية والوطنية، والغاء دور الطبقة الوسطى ، وما تحمله من جذور وطنية، وجذوة تتقد من حينٍ إلى آخر، تهفو للحرية والديمقراطية، فاستخدم البدويون الجدد معاول الهدم، عبر سياسة “الفصل للصالح العام”، و” التمكين” فقامت بعمليات إبدال وإحلال أفقدت البلاد ما تبقى فيها من عقلٍ يفكر، أو على أقل تقدير ، يستطيع إدارة المؤسسات البروقراطية، بكفاءة أفضل من كفاءة القادمين الجدد من أهل الولاء، لا أهل الكفاءة، وبشهادات ” الجهاد” لا شهادات علمية، كل في مجاله، وقد شهدت بداية التسعينات مهزلة إدارية لم يشهد لها السودان مثيلاً، خلال معايانات التقديم للوظائف الحكومية، وشروط التوظيف، وطريقة معاينات الاختيار للوظائف في المؤسسات الحكومية.



    وهي سياسة جاءت متناسقة مع رغبة الإسلامويين في اختطاف الدولة كلها، والسيطرة على مقاليد السلطة، وتم ذلك عبر عملية “إحلال وأبدال”، بفصل العناصر غير الأسلامية، وحل محلها بكودار موالية للنظام، وهو بذلك يحقق غرضين؛ إرضاء الكوادر ، وضمان استمرار الولاء، من جهة، والتحسب لأي محاولات عصيان مدني أو اضراب سياسي في المستقبل تقوم به هذه الشرائح، وفي الذهن تجربتي أبريل 1985، وأكتوبر 1964.


    وهنا يشير الأستاذ المحبوب عبد السلام في سفره ” الحركة الإسلامية.. دائرة الضوء.. خيوط الظلام” قائلاً ” لأول عهد الثورة، ومع تصاعد شهية المعارضة التي استفاقت تماماً على طبيعة التغيير لإسقاط النظام، نشطت حملة لتصفية الخدمة المدنية من العناصر المناوئة ، وافت رغبة حقيقية من المنظرين لدولة الإنقاذ الوليدة في تحجيم جهاز الدولة الذي بدى مترهلاً يستهلك أضعاف مما ينتج، لكن مهما تكن الجدوى الاقتصادية بتخفيض العمالة يومئذٍ فإن فصل الآلاف كان يحتاج في اقراره وإنفاذه إلى درس معمق لتأمين خطوات الإنتقال التي تبدو ضرورة في بعض الحالات ، إلا أن اشتباك الرغبتين، أدى إلى ما يشبه ” المجزرة العشوائية” في الخدمة المدنية، فكثير من الأسماء أودعت القوائم بدوافع لا علاقة لها بالعمل ، أو بتأمين الثورة، لكن بغضب بعض عناصر الحركة الإسلامية في الخدمة المدنية، أو خوفهم من بعض العاملين، أو لهم عليهم تحفظ حزبي، أو موجدة شخصية ، فجاءت القوائم مفتوحةً بلا تمحيص، وتسلقت جماعة الوصوليين يستغلون سذاجة الثورة بحسهم النفعي، وسلوكهم الانتهازي، يصفون حساباتهم، بالتأثير على عناصر الحركة، وأجهزة المعلومات إنما تستقي معلوماتها من عناصرها في التنظيم، وهكذا انتظمت الحملة في كل أجهزة الدولة تحت اسم الصالح العام ” ، وتُقدر الأرقام عدد المفصولين مع بداية الهجمة الهمجية على الخدمة العامة بحوالي 200″ ألف من العاملين بالدولة لوظائفهم تحت مسمى ” الصالح العام؛ وهو يتوزع ما بين “انهاء الخدمة، وانتهاء مهام الوظيفة في سياق إعادة هيكلة المؤسسات، وبيعها للمقربين من الإسلامويين في الداخل، أومن المهاجرين إلى ” الدولة الإسلامية من عناصر الحركات الإسلامية، بما في ذلك جماعات القاعدة، فكان ذلك يمثل أكبر مجزرة في تاريخ السودان، فذهب مئات الآلاف ؛هكذا إلى بيوتهم لأن الدولة استغنت عنهم ، وقد كان ثمن هذه المجزرة التاريخية، هو النزيف المتواصل لهجرة الكفاءات، واختصار التوظيف في وظائف الشعب بشهادة الولاء، وليس غريباً أن يكون شرط من يتقدم لوظيفة ” مهندس” مثلاً؛ هي حفظه لآيات من القرآن الكريم، لا درجاته العلمية، أو خبراته هي المؤهل، أو أن يكون شرط الطبيب للعمل في مستشفى هو معرفته بفقه الحيض والنفاس، لا معرفته بعلوم التوليد ، أو الجراحة، أو الطفولة، وأن يعرف الصحافي المتقدم للعمل في التلفزيون فرائض الوضوء، دون أن يعرف فن كتابة الخبر، أو مدارس الأخراج التلفزيوني.



    إن حملة تصفية الخدمة المدنية، وتجريف الطبقة الوسطى منها، لم تنته مع انتهاء الأيام الأولى بغرض التأمين، لكنها استمرت، فشملت موظفين كبار في الخارجية، وأساتذة مرموقين بالجامعات، والمدارس، و كفاءات في المصانع، والشركات الحكومية، والمصارف والبنوك، واتسعت الدائرة ، وشملت القوات النظامية، في سياق أسلمة الدولة، وأجهزتها،، وفكرة التمكين، فكرةٌ شمولية، واقصائية، تكشف طبيعة العقل الذي أنتج هذه الفكرة، وهو ما تجلى لاحقاً، في الأزمات المتلاحقة، والكوارث المتتالية التي عصفت بكيان الدولة السودانية ، الهش أصلاً, وليس هناك من شيئ ، أسوأ من انتشار الكذب بدلاً عن الشفافية، وانتصار الخرافة على العلم، وسطوة العاطفة على العقل، وتمثَّل ذلك في انتشار ظاهرة اطلاق اللَّحي بين ضباط الجيش والشرطة، بهدف تملُّق الحُكام، وإظهار الولاء لهم ، والتقرب منهم، وبدا الأمر لبعضهم أهم من الاهتمام بفنون القتال، أو حماية الوطن، وهي ظاهرة عمت كل القطاعات، وشملت كل أنحاء الحياة في النصف الأول من تسعينبات القرن العشرين، فكان الاهتمام ببناء المساجد وأوقات الصلوات أهم بكثير من الاهتمام بتقديم الخدمات للمواطنين، فصار من العسير أن تُقضى حاجةٌ لمواطن مهما كانت خطورة الأمر، إذا ما جاء المواطن المغلوب على أمره في وقت كان فيه الموظف غارقاً في حصة تلاوة، أو خرج من عمله كي يشارك في مظاهرة هتافية، تهتف “أمريكا روسيا دنا عذابها، علي إن لاقيتها ضرابها”. فترك الموظفون مهامهم التي جاءوا من أجلها للخدمة، وتحولوا إلى تروس في آلة الدولة الإنقاذية، فمات الخيال، وقلّ الإبداع، فنقص الإنتاج، وأنهارت كل أجهزة الدولة المدنية، والعسكرية، بعد أن أضيف إلى الولاء الحزبي الولاء القبلي، فصارت كل وزارة ضيعة لقبيلة الوزير، أو المسؤول المتنفذ، وهو ما أحيا مرض القبلية العضال، وهو أحد أمراض العصر في السودان، وأحد أعراض التخلف الكبير، والجهل الذي نعيشه.
    هذا هو توصيف الأزمة الحالية فيما يتعلق بانكسار ” رافعة التغيير” ،


    ويبقى أن نطرح سؤالنا المركزي هنا، وهو ما العمل؟. كيف نوظف تلك الطاقات المنتشرة في مناكب الأرض طوعاً وقسراً، وهم ملايين؟ ومع أهمية مشاركة القراء في الأجابة على هذا السؤال، فمن وجهة نظري فإن هذه الجموع يمكن أن تلعب دوراً محورياً في التغيير، فهي تمتلك الإمكانات المادية واللوجستية أكثر من أولئك المغلوب على أمرهم الموجودين في الداخل، وبالتالي يمكن أن تنشط القوى السياسية، والحركات الشبابية بين السودانيين في المنافي، وبينهم مئات الآلاف من الداعمين لاسقاط النظام، ومن ثم التغيير، وعلي القوى الحية أن تسعى إلى تلاقي هؤلاء من أجل التباحث والتفاكر حول دورهم، كل في دولته، أو مدينته، وبناء تحالفات اجتماعية وسياسية لدعم “ثوار الداخل، ودعم ثوار الانتفاضة الشعبية ، فهناك من هو بلا عمل، وهناك من لا يستطيع العلاج لو تعرض لأي حادث، وستكون الطامة أكبر لأسرته حال فقده، فكيف يمكننا دعم هؤلاء؟، وكذلك كيف يكون التضامن مع المتضررين من الحروب في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، كما أن هناك أدوار دبلوماسية في الضغط على الدول المتواطئة مع نظام الإبادة في الخرطوم، وكسب الرأي العام الدولي، ودعمه، وايجاد فرص للتدريب للحركات الشبابية، وفوق كل ذلك هناك الدور الأعلامي بالاتفاق حول تأسيس قناة فضائيةـ ومحطات إذاعية للتغير، بدلاً عن أن تكون الدعوة ” شخصية، أو معزولة” تتوقف على مبادرات فردية، وكلنا يعلم أهمية الإعلام في التغيير.


    إن ” الحركات الشبابية ” وشباب الأحزاب يمكن أن يقوموا بدور ” الطبقة الوسطى” ، مع صعوبة المهمة، وبالتالي البحث عن صيغ لللمقاومة ، فمثلاً فإن الطبقى الوسطى بالتحالف مع العمال هي التي كانت تقوم بعملية ” الإضراب السياسي” والعصيان المدني عن طريق النقابات والاتحادات المهنية، وهي اليوم تكاد تكون معدومة، فهل يمكننا تنظيم عملية عصيان شعبي كبير؟. وفي حال فشل ذلك ، فما هو المطلوب؟. وما هي بدائل المقاومة؟. وكيف يمكن أن تتلاحم مع الجماهير؟ ، وهل من إمكانية للتنسيق بين العمل السياسي والمدني والعمل المسلح المنطلق حالياً في مناطق الهامش؟، وهل يمكن تبني مشروع وطني للتغيير ، وهل في الإمكان عقد مؤتمر لقوى التغيير ؟. ومن ثم الخروج بتوصيات وبرامج، وخطط ، ووثاق وإعلان دستوري للمرحلة الإنتقالية؟، وما هو الخطاب المطلوب في المرحلة الحالية والمقبلة، واضعين في الإعتبار أن أجهزة النظام كلها تعمل على تثبيط الهمم، واحباط الناس، من خلال عمل منظم يقوم على عدم جدوى المقاومة، أو سؤال ” البديل ” مع أهميته، وهو سؤالنا القادم، لأن اسقاط النظام لا يعني انتهاء الأزمات بقدرما يعني تعبيد الطريق نحو مرحلة قادمة ومهمة، ومفصلية


    ------------------

    صعود الإسلامويين ودلالة التجربة السودانية
    September 12, 2012
    ناصف بشير الأمين
    ……………

    للكاتب اطروحة ظل يحاجج بها ,في السنوات الأخيرة من عمر النظام الحاكم في السودان, بين المحيطين به وكذا ضمن دوائر محدودة, مفاداها انه لولا هامشية موقع السودان في الذهنية العربية, فان الفشل الكارثي لتجربة حكم الإسلامويين في السودان وما ترتب عليهامن تقسيم للبلاد وحروب وكوارث,كان سيشكل بداية لإنحسار تيار الإسلام السياسي إقليميا سواء في وعي النخب او الجماهير الشعبية, مثلما شكلت هزيمة 1967 نهاية المشروع القومي التقليدي.والحال كذلك, فإنه يرجح عدم الإعتداد بهكذا تجربة ما لم يصل الإسلامويون الى السلطة في أحدي البلدان العربية المركزية (كمصر), وان يوصلوها الى ما اوصلوا اليه السودان او الى درك أشبه. من ثم يمكن أن تستقر في الوعي الجمعي حقيقة أن الإسلام السياسي هو المشكلة وليس (الحل) كما يزعم مروجوه. وإن الإسلامويين (وهذا هوالأهم) لايمتلكون في الواقع أي برنامح للحكم الرشيد غير أجندة وراثة الدولة الوطنية وتحويلها الي ملكية خاصة بالجماعة ومؤيديها بموجبفقه (التمكين) ومن ثم العمل على البقاء في السلطة بأي ثمن. مؤدي ذلك (على ضوء نتائج الإنتخابات الأخيرة في مصر وتونس) إن العرب في طريقهم لتجريب المجرب وتكرار الكارثة السودانية. وهدر المزيد من الكلف من عمر الشعوب وثرواتها – لايعرف مدي باهظيتها- في بلاد لا يستخلص العقل فيها عبر التاريخ الا من خلال رماد الهزائم والنكباتوالكوارث غير الطبيعية.

    السودان جنة الإسلامويين الموءودة

    لا يوجد ما يبرر إنقلاب الإسلامويين على حكومةمنتخبة كانوا شريكا أساسيا فيها. في الوقت الذي واجهت فيه التنظيمات الأصولية الإسلامية الحظر والمطاردة الأمنية في العديد من الدول العربية (مصر \ الجزائر \ سوريا \تونس الخ) شكل السودان ملاذا آمنا وجنة للإسلامويين في المنطقة. بالمقارنة مع القوى السياسية السودانية الأخرى, خاصة قوى اليسار, قضت هذه القوى معظم سنوات عمرها تحت الأرض كنتاج للقمع الممنهح الذي مارسته ضدها كل الأنظمة الدكتاتورية (سيطرت الأنظمة الدكتاتورية على أكثر من ثلاثة أرباع فترة ما بعد الإستقلال – حكم الفريق عبود 1958- 1964 حكم دكتاتورية نميري 1969- 1985 ودكتاتورية الإسلامويين 1989- ). بالمقابل تمتع الإسلامويون بالحرية الكاملة ولم يتعرضوا, منذ نشأتهم كتنظيم طلابي في الخمسينات وحتى تاريخ إغتصابهم للسلطة في 1989, لأي مضايقة أمنية بإستثناء مدة قصيرة جدا من عمر نظام نميري (1969 – 1977), وتلك كانت الفترة الوحيدة في تاريخهم التي وجدوا فيها انفسهم في جانب المعارضة.


    وجد الإسلامويون في بلاد السودان الحرية الكاملة لممارسة ليس فقط العمل السياسي والتنظيمي وإنما ايضا النشاط الإقتصادي المنفلت من أي قيود, وايضا تحت غطاء ذات الشعارات الإسلامية. أنشأ الإسلامويون – وبتمويل خليجي سخي – البنوك والشركات (الإسلامية) وكذلك المنظمات المتحجبة تحت ستار الدعوة الإسلامية والعمل الإغاثي الإسلامي, والتي كانت تتاجر وتسمسر في كل شيء, والتي تحولت الى قوة إقتصادية ضاربة في عقد الثمانينات. تم ذلك في إطار لعبة المحاور الإقليمية في حينها (محور الرياض – عمان) الذي انخرط فيه الإسلامويون تحت ذات الشعارات الإسلامية. والذي كان يتموضع ضمن الإطار الدولي الأكبر للمعسكر الأمريكي – الأطلسي في مواجهة المعسكر الشرقي – أثناء الحرب الباردة. ظل الإسلامويون كذلك طوال عمر تجربيتهم الإبن المدلل للقوى التقليدية والحليف الدائم لكافة الأنظمة الدكتاتورية العسكرية التي حكمت السودان. هذه التحالفات شكلت حماية ورعاية فريدة للإسلامويين. القوى السياسية التقليدية خصوصا حزب الأمة ونظام جعفر نميري اختارت التحالف مع الإسلامويين وتبني مواقفهم. شمل ذلك كمثال:طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان ديسمبر 1965\ طرح الدستور الإسلامي 1968\ إصدار قوانين سبتمبر 1983 المسماة أسلامية\ إعدام محمود محمد طه ..الخ, وبالمقابل معاداة القوى اليسارية والعلمانية والتضيق عليها. وقد امتدت الرعاية الى حدود تنفيذ رغباتهم الدموية في تصفية والتخلص من خصومهم الآيديولوجيين ليخلو لهم الجو (إعدام محمود محمد طه).



    هذه الحماية والرعاية الكريمة من قبل الحاضنة الداخلية والدعم المالي والسياسي السخي من قبل المظلة الإقليمية والدولية هي التي ادت الى تحول الإسلاموين, خلال فترة قياسية لا تتجاوز العقدين من الزمن, من مجرد تنظيم طلابي محدود الى قوى سياسية رئيسية بالبلاد, ومهدت بالتالي الطريق لإنقلابهم على النظام الديمقراطي. بالنظر لحرية الحركة والتسهيلات وتلك الوضعية المتميزة التي تمتع بها إسلامويو السودان, وبالنظر للدمار الحالي الذي احدثته سنوات حكمهم الدكتاتوري في كيان البلاد ووحدة ترابها ونسيجها الوطني والإجتماعي وإقتصادها ومؤسساتها وسمعتها الدولية التي تمرغت بالوحل, والعقاب الجماعي الذي انزلوه بالسودانين قتلا وتجويعا وتشريدا وإذلالا دونما ذنب جنوه سوى مطالبتهم بالحرية, فإن أسلامويي السودان ينطبق عليهم مثل ذلك الذي وجد دجاجة تبيض ذهبا ولكن ,وبسبب من طمعه الأعمى, قرر ان يشق بطنها ليحصل على كل الذهب دفعة واحدة, غير عابيء بالنتائج المترتبة على فعلته. على ضوء هذه الحقائق فإنه لا يوجد ما يبرر إنقلاب الإسلاموين على حكومة ديمقراطية منتخبة كانوا شركاء فيها (كانت الجبهة الإسلامية شريكا في حكومة الوفاق الوطني التي انقلبت عليها والتي شكلها رئيس الوزراء الصادق المهدي (1988) , وادخل فيها الجبهة الإسلامية بالرغم من معارضة شركاءه من الحزب الإتحادي الديمقرطي).


    كذلك فان السياق السوداني يختلف كلية عن تجارب التنظيمات الإسلامية الأخرى – الجزائرية \ المصرية \ التونسية \ السورية الخ (الصراع بين الإسلامويين والأجهزة الأمنية). الحقيقة التي لا مهرب منها هي ان الدافع للإنقلاب على الديمقراطية هو كفر الإسلامويين بالديمقراطية والتعددية وعقيدتهم الشمولية التي تؤمن بفرض رؤيتها على المجتمع بالقوة المسلحة. الشمولية هي المكون الأساس لأيديولوجيا الإسلام السياسي بحكم أدعاءها المصدر الإلهي ومن ثم إمتلاك الحقيقة المطلقة المكتفية بذاتها والعابرة لجميع الأزمنة والأمكنة. وبالتالي تعرف معارضتها ليس كإختلاف سياسي وانما ككفر \ مروق \ عمالة ..الى آخر القاموس الإسلاموي. والحقيقة التاريحية التي لا مهرب ايضا منها هي ان الدولة الدينية دولة شمولية بالضرورة, حيث لم يعرف التاريخ الإنساني منذ حكم الملوك الآلهة في مصر القديمة وحتى تطبيقات الدولة الدينية الحديثة (طالبان \ السودان \ إيران \الصومال) حالة واحدة لدولة دينية ديمقراطية. ركيزة الديمقراطية هي كفالة الحقوق والحريات العامة. والأخيرة تقتضي الإيمان بإنسانية الفرد بصفته صاحب عقل قادر على التميز بين الخيارات المتعددة وعلى إتخاذ قراراته دون وصاية من سلطة عليا. إيديولوجيا الإسلام السياسي تقوم بالمقابل على فكرة الولاية العامة (ثنائية الوالي \ الراعي- الرعية). مفهوم الولاية يعني ضمنا ان المولى عليه هو إنسان قاصر وبالتالي فإن ولي الأمر هو من سيتولى إتخاذ القرارات نيابة عنه.


    مفهوم الرعية (كمعادل لمفهوم المواطنين في الدولة المدنية) يعني, أبعد من ذلك, الجمع من النعاج والخراف والتي يتولي (الراعي) تسير كافة شئونها. وفي التجربة السودانية أنشأ الإسلامويون أكثر الإنظمة دكتاتورية ودموية في تاريخ السودان والمنطقة. عدد القتلى وغيرهم من ضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال القتل والتعذيب وإنتهاكات حقوق الإنسان من المدنين, الذي يقدر بمئات الآلاف, يفوق ضحايا جميع الإنظمة العربية مجتمعة بما فيها النظام السوري (بلغ عدد ضحايا حرب النظام في دارفور وحدها أكثر من 300,000 قتيل) .وفي إعمال أحكامهم السلطانية تحت شعارات تطبيق الشريعة, لم يكتف (أمير المؤمنين) بإحتكار سلطة إتخاذ القرارات السياسية نيابة عن الرعية وانما شملت رعايته الكريمة إصدار القوانين التي تحدد لرعايا الدولة السنية مالا يجوز قراءته من مطبوعات او اكله و شربه من طعام او لبسه من ثياب وحتى نوع الغناء والرقص الشرعي الى آخر أخص خصوصيات الفرد, فلم يبق للرعية غير حرية التبول.

    برنامج الإسلامويين وسياساتهم

    اثبتت تجربة ال23 عاما التي انفرد فيها الإسلامويون بحكم البلاد, وبما لا يدع مجالا للشك, أنهم لايملكون اي برنامج محدد لحكم البلاد اوتنميتها, سوى برنامج وراثة الدولة الوطنية وتحويل مؤسساتها السياسية والإدارية ,القضائية, العسكرية والإقتصادية من مؤسسات عامة ومهنية الى أفرع حزبية مسيسة وملحقة بالتنظيمالإخواني,بموجب فقه (التمكين). ففي بلد غني بالموارد كالسودان, لم تطرح او تطبق خلال هذه المدة التي قاربت ربع القرن اي برامج للنهضة الزراعية \ التصنيع \ التنمية البشرية. على العكس يشهد الواقع الآن تراجع الإنتاج في القطاعات الإقتصادية المختلفة وإنهيار البنيات الأساسية في الزراعة والصناعة.. الخ بدرجة الإنهيار الإقتصادي التام. مفهوم (التمكين) عند الإسلامويين لايعني فقط إحتكار السلطة السياسية والعسكرية والأمنية وإنما ايضا يعني لديهم رخصة إلهية مخصوصة بالجماعة الإسلاموية للإستيلاء على الثروة القومية وقبضها بقوة السلاح غنيمة للحزب ومنسوبيه. يضاف لذلك الإستيلاء على الخدمة العامة وحتى تنظيمات المجتمع المدني. شمل ذلك في تجربة الإسلامويين في السودان تحويل الجيش السوداني من جيش وطني \مهني- محترف الى مليشيا حزبية عقائدية شبيهة بمليشيا حزب الله في لبنان.


    تم ذلك ببساطة شديدة من خلال طرد الآلاف من الضباط الوطنين من الخدمة. شمل الطرد ليس فقط الذين ابدوا معارضتهم للإنقلاب العسكري الذي نفذه الإسلامويون ضد الحكومة المنتخبة (30 يونيو 1989) وإنما معظم الضباط الذين لاينتمون لحزب الإسلامويين (الجبهة الإسلامية القومية). بعد تصفية الجيش من كافة الضباط المحترفين اعتمدت إستراتيجية (التمكين) والتي ترجمت في هذا الخصوص بجعل الإنتساب للجيش مقصورا فقط على منتسبي التنظيم الإسلاموي ومؤيديهم. تم كذلك إلغاء العقيدة العسكرية للجيش السوداني وحلت محلها العقيدة الإيديولوجية للإسلاموين, وشمل ذلك تغيير شعارات الجيش ورموزه. يضاف الى ذلك المليشيات العسكرية التي انشاءها النظام خارج إطار الجيش النظامي كالدفاع الشعبي. وكان طبيعيا أن يعمل جيش بهذا التكوين (طوال سنوات النظام) على شن سلسلة حروب أهلية شاملة ومتواصلة ضد مواطنيه تحت راية (الجهاد في سبيل الله), وأن يتجاهل كلية مهمته الرئيسية وهي الدفاع عن حدود البلاد ضد أي عدوان خارجي. شمل ذلك الحروب الجهادية في الجنوب ودارفور وشرق السودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق, والتي سقط فيها مئات الآلاف من القتلى والضحايا من المدنين العزل وارتكبت فيها العديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية, واصبح رئيس النظام وعدد من المسؤولين مطلوبين بسببها لدي المحكمة الجنائية الدولية.


    واستمر هذا الجيش متفرغا لحروبه الأهلية الجهادية ضد مواطنيه في الوقت الذي احتلت فيه أراضي السودان من قبل دولالجوار بجهات الأرض الأربعة, حيث تم الإستيلاءعلى أراضي تفوق مساحتها مساحة فلسطين تحت بصر وسمع الإسلامويين.كذلك اصبح إنتهاك المجال الجوي للسودان والعمليات المتكررة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في عمق الإراضي السودانية اشبه ما تكون بنزهة جوية بالنسبة للطيارين الإسرائليين. ذات التحولات اعملت بالتزامن داخل قوات الشرطة السودانية. اما جهاز الأمن والمخابرات فقد تأسس منذ البداية علي أسس عقائدية وحزبية خالصة, وكانت نواته الأولى هى الجهاز الخاص لحزب الجبهة الإسلامية. اخضعت الخدمة المدنية لذات التحولات حيث تم فصل الآلاف من الخدمة لأسباب سياسية. وبدل أن تلتزم الدولة السنية بواجبها بتوفير فرص العمل لمواطنيها, قامت بفرض العطالة والفاقة عليهم بقوة السلاح, غير عابئة بمصير أسرهم. كذلكلم يراع الإسلامويون او يشغلوا انفسهم بالتفكير في الآثار الإقتصادية المترتبة على قرارات طرد عشرات الآلاف من الكوادر التي انفقت الملايين من أجل تأهياها وتدريبها, والتي تشكل رأسمالا بشريا لايقدر بثمن, على إقتصاد كالإقتصاد السوداني. وبعد إكتمال مجزرة الخدمة المدنية تم قصر الوظائف العامة – خاصة الوظائف القيادية وتلك التي في المؤسسات الحيوية – على منسوبي الحزب الحاكم وأقرباءهم ايضا عملا بفقه (التمكين) الإسلاموي. القضاء السوداني – بسمعته وتاريخه الناصع إستقلالا ومهنية- لم ينج ايضا من سياسة التمكين حيث تم طرد القضاة المهنين من الخدمة وحل محلهم أعضاء الحزب الحاكم.


    وبطبيعة الحال لم يعد القضاء سلطة مستقلة ضمن عملية الرقابة المتبادلة والتوازن الدستوري مع السلطتين التنفيذية والتشريعية وإنما اصبح جزاء ملحقا بالسلطة التنفيذية وحزبها الحاكم.بضياع إستقلال القضاء ضاعت سيادة حكم القانون. ادى ذلك الى تكريس حالة الإفلات من العقاب وثقافة الحصانات التي تمترست خلفها الطبقة الحاكمة. النتيجة ان الطبقة الحاكمة اصبحت فوق القانون وترفض الخضوع لأي نوع او درجة من المسآءلة القضائية مثلما هي ايضا غير خاضعة لأي نوع من المسآءلة السياسية. نوع ودرجة هذا التسيس والإستتباع الحزبي لمؤسسات الدولة وأجهزتها في السودان يمثل تجربة فريدة وغير مسبوقة قياسا بتجارب الحزب الواحد الشمولية التي عرفها العالماو الإقليم, بالقدر الذي يجعل مهمة إعادة هذه المؤسسات لطبيعتها المهنية المحايدة كمؤسسات عامة لايمكن تصوره– في رأي الكاتب- إلا من خلالعملية إعادة تأسيس وبناء شاملة لهذه المؤسسات من جديد, على أسس مهنية ووطنية. سياسة التمكين, التي تتجلى فيها فرادة تجربة الإسلامويين و إستراتيجتهم الهادفة لإبتلاع الدولة الوطنية, لم تقتصر فقط على (التمكين) السياسي والأمني والإداري,من خلال خصخصة وإحتكار السلطة السياسية والعسكرية والأمنية وجهاز الخدمة المدنية, وانما شملت ايضا –وهوالأهم- التمكين الإقتصادي للجماعة ومنسوبيها كأفراد. في نسختها الإقتصادية, هدفت إستراتيجية التمكين الى قبض الثروة القومية وإحتكارها وقفا على الإسلامويين ومؤيديهم الذين شكلوا مع مرور الوقت طبقة رأسمالية طفيلية ضيقة شكلت بدورها القاعدة الإجتماعية للنظام. تكشف الأرقام الرسمية عن انه, وطوال سنوات عمر النظام, كانت تخصص أكثر من 70% من مجمل موازنة الدولة للأجهزة الأمنية. بالمقارنة فإن أقل من 5% من هذا البند كان يخصص للتعليم والصحة مجتمعين. كذلك ولأن الطبقة الحاكمة تقبع فوق القانون ولا تخضع لرقابة قضائية او سياسية, تحول الفساد والنهب المباشر للمال العام من جريمة جنائية الى سياسة رسمية ايضا تحت لافتة (التمكين).ونتيجة لسيرة الفساد العظيم اصبح السودانتحت حكم من سماهم فهمي هويدي (مجلس الصحابة) يتصدر لسنوات قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم, حسب التقرير السنوي لمنظمة الشفافية العالمية. ونشير في ذلك الي مثال واحد فقط وهو ملف البترول و صافي عائداته (التي بلغت حوالي 70 مليار دولار) ولا أحد يعرف اين ذهبت.هذه المليارات كان من الممكن ان تحدث تحولا في بنية الإقتصاد السوداني اذا وجهت للإستثمار في الزراعة ومشاريع البنية التحتية.


    في هذا الخصوص يرى الكاتب انه وبالنظر لموارد السودان – خاصة الزراعية – المعطلة (خاصة بعد تدفق تلك العائدات النفطية المليارية حتى تاريخ فصل الجنوب), والتي تكفي لأستيعاب عشرة أضعاف عدد سكانه الحالي, فإن ظواهر كالفقر المدقع والعطالة والمجاعة وإعتماد نسبة كبيرة من السكان بشكل كامل على الإغاثة الأجنبية, هي ظواهر مصنوعة صناعة كجزء من إستراتيجية أمن النظام. تلك الإستراتيجية القائمة على التمكين الإقتصادي للإسلامويين والتي تعني الإحتكار شبه الكامل للثروة القومية لطبقة الإسلامويين والفئات الإجتماعية المحدودة المرتبطة بهم. والتعامل مع سواد المواطنين من غير الإسلامويين (كأغيار) لاترى فيهم سوى مهددا أمنيا لبقاء النطام. وأنه طبقا لذلك يجب أن يبقوا فقراء ومستضعفين يمكن السيطرة عليهم وبرمجتهم بحيث لايشكلون اي تهديد جدي لأمن النظام. لذا لايريد الإسلامويون وفقا لنهج (التمكين) بناء إقتصاد تنفتح فيه آفاق الإنتاج والتنمية بما يوفر فرص العمل لجيوش العاطلين (من الأغيار) من حملة الشهادات الجامعية ويعيد الحياة للطبقة الوسطى. ذلل لأن هولاء الأغيار (وهم غالب أهل السودان من غير الإسلامويين) قد قرر الإسلامويون ان تضرب عليهم الفقر والفاقة والمسكنة. لأنه ولأسباب تتعلق بإستراتيجة أمن النظام فإن خروج نسبة مقدرة من هولاء (الأغيار) من دائرة الفقر يعنى- حسب العقيدة الأمنية للأسلامويين- جريان الدماء في عروقهم ونهوضهم لإسقاط النظام كما حدث لدكتاتوريتي الفريق عبود والمشير نميري.النتيجة, ووفقا لإحصاءات النظام الرسمية, اصبح حوالي 96% من السكان تحت خط الفقر.

    كنتاج مباشر لسياسة التمكين التي احتكرت بموجبها طبقة الإسلامويين القابعة في المركز والفئات الرأسمالية الطفيلية المرتبطة بها الثروة القومية وهمشت بالمقابل كافة الفئات الإجتماعية الأخرى, خاصة في أطراف البلاد, وكنتاج كذلك لمحاولة الإسلامويون فرض رؤيتهم الأحادية في الدولة وعلاقاتها بالمجتمع, في بلد متعدد ثقافيا ودينيا وإثنيا كالسودان, على الجميع بقوة السلاح, ادخلت البلاد في سلسة من الحروب الأهلية لانهاية لها. تحت شعارات الجهاد, الذي اعلنته الدولة السنية ضد مواطنيها, تمت عسكرة الحياة العامة وإعتماد الحلول الأمنية ومنطق القوة المسلحة للتعامل مع جميع المشكلات غض النظر عن طبيعتها. وجد الإسلامويون – الذين تم تصديرهم من الجارة مصر – أنفسهم في بلد يتميز على سائر بلدان المنطقة بالخصوصية العالية لتنوعه العرقي والديني والثقافي. وبدل ان يدفع ذلك الإسلامويين لتغيير آيديولوجيتهم الدينية الأحادية لتتواءم مع واقع البلاد, قرروا فعل العكس: وهو ان يعملوا على قسر المجتمع المتنوع والمتعدد على ان يتواءم مع ايديولوجيتهم الإسلاموية. فكانوا كمن يقطع قدما ليدخلها في حذاء صغير, بدل ان يفعل الشيء الطبيعي والعقلاني: وهو ان يستبدل الحذاء بالمقاس المناسب.هكذا يتم تقطيع أوصال بلد يزيد عمره عن 7000 سنة ليتلائم مع ايديولوجيا الإسلام السياسي.



    واذا كان الإسلامويون قد استخدموا ورقة الدين, التي لايملكون غيرها, في حربهم (المقدسة) ضد جنوب البلاد والتي ادت الى فصله, وحولوا بموجبها تلك الحرب الأهلية من خلاف سياسي بين قوى وطنية كان يدور حول عدالة توزيع السلطة والثروة والحقوق الثقافية وإنهاء واقع التهميش الى جهاد مقدس ضد الكفار, فأن حروب الإسلامويين الجديدة في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق قد جاءت لتعلن الإفلاس التام (لدكان) الإسلام السياسي. ذلك ولأن إقليم دارفور يسكنه مسلمون 100%, ولأن الغالبية العظمى كذلك من سكان منطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق مسلمون, اسقطت ورقة الدين من ايدي الأسلامويين. لكن الكارثة التي حدثت هي لجوء الإسلامويين الى ما هو أسوأ من تسيس الدين وهو العنصرية التي نهت عنها جميع الأديان. فطفقوا يستنفرون لحرب العرب ضد (الزرقة). الأمر الذي وضع بشكل جدي وخطير ماتبقى من البلاد أمام إحتمالات التفتيت التام على أسس عرقية ودينية, تماما كحال يوغسلافيا السابقة.

    الحصاد المر لمشروع التمكين: نتائج تجربة الدولة “الإسلامية” في السودان

    - فصل حوالي ثلث مساحة البلاد وثلث عدد سكانها, فقط لأنهم لا يتوافقون مع آيديوجيا الإسلام السياسي ويشكلون عقبة –من منظور تلك الآيديولوجيا – أمام قيام الدولة الإسلامية الصافية. بتعبير ادق كان الجنوب يشكل خطرا يهدد إستمرار بقاء الإسلامويين في السلطة. ببساطة شديدة فضل الإسلامويون ذهاب ثلث الوطن بدل ذهاب سلطتهم. وعلى ضوء حروب النظام الأهلية التي لم تتوقف في الجنوب والغرب والشرق , فإن ذات مصير الجنوب ينتظر أقاليم دارفور\ النيل الأزرق جنوب كردفان \ شرق السودان, بما يعني التفتيت التام لما تبقى من السودان على يد الإسلامويين على أسس دينية وعرقية تماما كحال يوغسلافيا السابقة.

    - الدولة الفاشلة: الخراب المؤسساتي والفساد الإداري (تعيين أهل الولاء وإبعاد أهل الكفاءة) مترافقا مع مسلسل الحروب الأهلية وما ترتب عليها من دمار ونزوح وفقدان السلطة المركزية القدرة على السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد, كذلك فشلها في تقديم ابسط الأساسيات الحياتية لمواطنيها, أوصل ذلك السودان الى درجة الدولة الفاشلة, حسب تصنيفات المؤسسات الدولية المعنية.

    -الدولة الأكثر فسادا:نتيجة لإستشراء الفساد المالي والإداري (سياسة التمكين) تصدر السودان لسنوات القائمة بين الدول الثلاث الأكثر فسادا في العالم, حسب مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية العالمية.

    - الإنهيار الإقتصادي التام: خاصة بعد ان فقدت البلاد 75% من موارها النفطية نتيجة لفصل جنوب السودان. وتدهور قيمة العملة الوطنية من 12جنيه مقابل الدولار عندما نفذ الإسلامويون إنقلابهم عام 1989 الى اكثر 7000جنيه مقابل الدولار بسعر اليوم. كذلك بلغت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر اكثر من 95% من سكان البلاد وفقا لإحصاءات النظام الرسمية.

    - فصل الدين عن الأخلاق:لأن “الناس على دين ملوكهم.” ولأن “ملوك” السودان الإسلامويون, الذين امتهنوا الفساد وإنتهاك كافة الحرمات, قد قاموا عمليا بفصل الدين عن الأخلاق بدل فصله عن السياسة, ادى ذلك ,متضافرا مع عوامل أخرى كالفقر المدقع, الى إنهيار قيمي وأخلاقي واسع. تمثل ظواهر مثل إرتفاع معدلات الجرائم وعدد أطفال الشوارع الذين يطلق عليهم إسم “الشماسة” فقط قمة جبل الجليد لأزمة الأخلاق الطاحنة في دولة “الصحابة”, التي وبأسم الأخلاق قضت على الأخلاق. كذلك نتيجة لحروب النظام الأهلية التي تشن على الهوية والدين والعرق تهتك النسيج الإجتماعي وتراجع الشعور بالوطنية وتصاعدت بالمقابل النعرات العنصرية والجهوية والعشائرية المتخلفة.

    - حوالي ثلث السكان صاروا لاجئين او في معسكرات النزوح: كنتاج لحروب النظام وسياسة التهميش والقمع الممنهج هرب حوالي ثلث السكان من مواطنهم صاروا اما لاجئين خارج البلاد او نازحين في معسكرات نزوح داخلية او على الحدود, يعتمدون في قوت يومهم على الإغاثة الأجنبية التي تقدمها لهم دول (الإستكبار) حسب خطاب الإسلامويين, في الوقت الذي يتنافس فيه الإسلامويون في التطاول في البنيان وموديلات العربات الفارهة في الداخل والإستثمارات وملايين العملات الصعبة المهربة في حسابات الخارج.

    - الرئيس مطلوبا أمام محكمة الجنايات الدولية: كنتاج لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال القتل والإنتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي ارتكبها النظام في مناطق النزاعات, خاصة في دارفور, ولأن القضاء السوداني (للأسباب التي اشرنا اليها) اصبح غير قادر او غير راغب في محاكمة المتورطين, صار رئيس النظام, مع عدد من المسؤولين, مطلوبا لدى المحكمة الجناءية الدولية. شكل أمر القبض الصادر ضد الرئيس السوداني (وهو مايزال في قمة السلطة) أول سابقة في القانون الدولي.

    -تدهورت مكانة السودان الدولية وتلطخت سمعته بالوحل: اصبح إسم السودان في المحافل الدولية مرتبطا بأنباء الحروب والمجاعة والتشرد والتطرف الديني. واصبح المواطن السوداني تطاردة تهمة الإرهاب والأصولية اينما حل. وصار الوضع في السودان بندا ثابتا في أجندة مجلس الأمن الدولي, بما يتضمنه ذلك من تدويل وضياع للسيادة والإرادة الوطنيتين.


    تبنى إسلامويو المنطقة الذين حملتهم الثورات الشعبية الى سدة الحكم في مصر وتونس وغيرها إستراتيجية (إنكار وجود)او التعامي عما يحدث في السودان. ويتعاملون, وفقا لذلك, وكأن التجربة الدكتاتورية “لإخوانهم” السودانين غير موجودة. وذلك تهربا من مواجهة مسؤلية تجربة كانوا لوقت قريب يستميتون في الدفاع عنها والترويج لها بإعتبارها التجربة الإولى للإسلام السياسي السني في المنطقة. على سبيل المثال بلغ الحماس والعصبية الإخوانية بالكاتب الإسلاموي المصري فهمي هويدي, وهو يكتب منافحا عن الإنقلاب في شهوره الأولى, حد وصف المجلس العسكري للإنقلاب بمجلس (الصحابة) الحاكم في السودان. كذلك شارك الكثيرون من إسلامويي مصر والمنطقة (اخوانهم) السودانين في الإستمتاعبغنائم وإمتيازات السلطة التي إغتصبها الأخيرون بقوة السلاح. فزعيم أخوان تونس راشد الغنوشي, على سبيل المثال لا الحصر, كان يتنقل لسنوات بجواز سفر سوداني الى أن طاب له المقام بمدينة أكسفورد البريطانية. لكن كما يقول المثل السوداني البليغ “الشينة منكورة.” في الوقت الذي يتعامى فيه الإسلامويون عن التجربة السودانية وكوارثها يكثر الحديث عن النموذج التركي كمثال يحتذى. فيما يخص دلالة التجربة التركية بالنسبة لموضوع المقال, فإنه لامجال يتسع لقياس التجارب العربية عليها. فالمسحة اللبرالية التي تميز تجربة الإسلامويين الاتراك ليس مصدرها – في تقدير الكاتب – محددات الاسلام السياسي ومنطلقاته كايدويولوجيا ثيوقراطية وانما طبيعة وخصوصية التكوين التاريخي والثقافي للمجتمع التركي, كمجتمع شبه (أوروبي\ صناعي). وطبيعة الإسلام التركي ذاته كإسلام تحقق فيه, بالنتيجة, قدر من الإصلاح الديني, خلافا للإسلام الأصولي العربي.



    ومن ثم فإن مغزى تلك التجربة هو ان درجة الدمقرطة و الإنفتاح الموجودة فيها هي نتيجة وليس سببا لإنفتاح المجتمع. ولذات السبب تأتي التوقعات التي ترشح النموذج التونسي لأن يكون الأقرب للنموذج التركي منه للسوداني. نتيجة لأن المجتمع التونسي,نسبيا,هوالأكثر حداثة وليبرالية مقارنة ببقية الشعوب العربية. وذلك كنتيجة مباشرة لإصلاحات أبورقيبة والتحديث الذي ابتدره في المجتمع,خاصة في مجالي نظام التعليم ومناهجه وتطوير أوضاع وحقوق المرأة التونسية. وليس نتيجة لعملية تحول ديمقراطي حدثت داخل عقل إسلامويي تونس. بالمقابل فإن أخوان مصر هم الأكثر شبها (بإخوانهم) السودانين من حيث إنغلاقهم وتطرفهم ومن ثم يرجح ان يكونون الإقرب لنموذجهم. وحدها طريقة وصولهم للسلطة وبالتالي أمد مكوثهم بها (قياسا بإخوانهم السودانين) هما العاملان اللذان قد يزيدا من حظوظ المصرين في توقع مخرجات مختلفة لنفس المدخلات وبالتالي تجنبهم المصير السوداني المظلم.
                  

09-13-2012, 11:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    نص الورقة التي قدمها الأستاذ الحاج وراق في ندوة
    (الإسلاميون والثورات العربية) بالدوحة

    كما اوردها الزميل معاوية الزبير

    "موقف حول الحقوق السياسية فى سياق صعود الإسلاميين"
    الحاج وراق

    أولا - مقدمة :
    هذه ورقة تُعرف فى مصطلح الأكاديميين بورقة موقف، وبهذه الصفة لا تتأسس على الإحالات والهوامش، وإنما على تقديري الشخصي لدلالات الأفكار ومترتباتها المنطقية.
    ولأغراض الورقة فإن المقصود بالحقوق السياسية تلك الحقوق التى حددها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
    والمقصود بالإسلاميين المسلمين الذين ينخرطون فى إطار حركات سياسية تهدف للوصول إلى السلطة وإنشاء نظام (إسلامي) ودولة (إسلامية).
    ثانيا -الحقوق السياسية :
    اعتمدت الأمم المتحدة العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فى 12 ديسمبر 1966، وبدأ نفاذه فى 23 مارس 1976 وفقا لأحكام المادة 49،
    ووقعت عليه 167 دولة، وصادقت عليه 74 دولة، وامتنعت عن التوقيع عليه ثلاث دول فقط (تايوان والفاتيكان وكوسوفو).
    ويمكن القول إن العهد الدولي يعبر عن أكثر التعريفات اتفاقا عليها للحقوق المدنية والسياسية،
    بحسب ما ترى غالبية الإنسانية المعاصرة، أو بمعنى آخر يعبر عن (الحكمة) التى توصلت إليها التجربة الإنسانية.
    ويتكون العهد الدولي من 53 مادة تتضمن طائفة واسعة من الحقوق السياسية والمدنية، ويمكن تلخيص أهم الحقوق فى الآتى :
    - الحق فى الحياة : حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا(المادة 6).
    - لكل فرد الحق فى الحرية وفى الأمان على شخصه، و لايجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا، ولا يجوز حرمان أحد من حريته (المادة 9) .
    - حرية الاعتقاد : لكل إنسان حق فى حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك حريته فى أن يدين بدين ما،
    وحريته فى اعتناق أى دين أو معتقد يختاره (المادة 18).
    - حرية التعبير : لكل إنسان حق فى حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها (المادة 19).
    - حرية تكوين الجمعيات، بما فى ذلك حق إنشاء النقابات (المادة 22).
    - حرية التجمع السلمى (المادة 21).
    - الحق فى الانتخاب (المادة 25).
    - لا يجوز فى الدول التى توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية أن يحرم الأشخاص المنتسبين إلى الأقليات المذكورة
    من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائرهم أو استخدام لغتهم (المادة 27).
    - تتعهد الدول الأطراف فى هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء فى حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية
    المنصوص عليها فى هذا العهد (المادة 3).
    - المساواة أمام القانون : الناس جميعا سواء أمام القانون، ويتمتعون دون أى تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته،
    وفى هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز، وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأى سبب،
    كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب
    أو غير ذلك من الأسباب (المادة 26).
    - لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة (المادة 7) .
    - لا يجوز استرقاق أحد ويحظر الرق والاتجار بالرقيق (المادة 8).
    - الحق فى المحاكمة العادلة والمساواة أمام القضاء (المادة 14).
    - الحق فى الخصوصية : لا يجوز تعريض أى شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، أو التدخل فى خصوصياته أو شؤون أسرته أو دينه أو مراسلاته،
    ومن حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل (المادة 17).
    - تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف
    (المادة 20).


    ثالثا – المنطلقات الرئيسية للإسلاميين وأثرها على الحقوق السياسية والمدنية :

    (1) الإسلامي شمولي :
    ينطلق الإسلاميون من مقولة مركزية بأن (الإسلام دين ودولة) و(مصحف وسيف)، وتشمل (الأحكام الإسلامية) كل مجالات الحياة القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية ...إلخ.
    ويترتب على هذه المقولة عدة نتائج أهمها :
    -أن النظام (الإسلامى) الذى يسعى إليه الإسلاميون لا يكتفى بمجرد السيطرة على السلطة السياسية، وإنما يستخدم هذه السلطة لإعادة صياغة كل مجالات الحياة الإنسانية،
    وبهذا فإن النظام (الإسلامى) يسعى إلى السيطرة حتى على (خويصة النفس)، أي على الضمير الشخصى! كما قال أحد أهم مفكري الإسلاميين،
    مما يعنى أن النظام الإسلامي نظام شمولي يحدد لمواطنيه، ليس فقط حكامهم، وإنما أفضلياتهم الأخلاقية والثقافية والفنية،
    وبذلك فإنه يرد البشر إلى ما يشبه العجماوات!، فيخالف جوهر الطبيعة الإنسانية وينتهك حرية الاختيار المبدئية، والحق فى الخصوصية.
    ويتناقض مبدأ شمولية الإسلام مع العقل والمنطق ونصوص الإسلام نفسها :
    - يتناقض مع العقل والمنطق لأن (الإسلام) إذا فهم منه نصوص القرآن والسنة، فإن النصوص متناهية،
    بينما وقائع الحياة غير متناهية، ولذا فلا يمكن أن تشمل النصوص كل مجالات الحياة.
    - هناك نصوص دينية عديدة تتحدث عن (أنتم أعلم بشئون دنياكم)، وعن (الاجتهاد) فيما ليس فيه نص، وعن منطقة (العفو) فى التشريع،
    أى المجالات التى تركت خلوا من التشريع رحمة بالعباد، فضلا عن أن تلاميذ المدارس يعرفون الشائع من السيرة النبوية عن موقعة بدر،
    مما يفهم منه بأن هناك مجالات تركت (للرأي) وليس الوحي.
    - ولا يمكن المحاججة لأجل شمولية الإسلام بزعم أن (الاجتهاد) بناء على المبادىء الكلية يمد التشريعات لتشمل كل شىء،
    ذلك لأن إضافة البشري (الاجتهاد) إلى المقدس (النصوص) لا ينتج إسلاما مقدسا، وإنما رأي بشري لا يصح ترسيمه بوصفه (الإسلام) بألف ولام التعريف !
    - ويؤدي القول بشمولية الإسلام إلى انكفاء حضاري يغلق عالم المسلمين على خصوصية مدعاة، تنأى عن أخذ الحكمة من أي المصادر جاءت،
    ومع التقدم النسبى لغير المسلمين فى العالم المعاصر، فإن مثل هذا الانكفاء يعنى الإزورار عن أهم المنجزات الإنسانية،
    بما فيها الحقوق المدنية والسياسية، وقاعدتها الرئيسية الديمقراطية،
    بما يعنى أن يقوم النظام السياسى على (بيعة) غير محددة الإجراءات وغير محددة الفترة الزمنية،
    وأن يقوم النظام الاجتماعى على التمييز ضد النساء وضد معتنقي وأصحاب الأديان الأخرى،
    وتقوم العلاقات الدولية على مفاهيم الولاء والبراء ودار السلم ودار الحرب، وغيرها من المفاهيم التى لم تعد تلائم حقائق الحياة المعاصرة.
    - ويترتب على القول بشمولية الإسلام أن تتم (أسلمة) كل مجالات الحياة، وعلى ما فى ذلك من انتهاك للحريات والخصوصيات
    فالأخطر أنه يؤدي إلى تقديس الاختيارات البشرية، فيتم تقديس المشاريع السياسية بما يجعلها غير قابلة للفحص والنقد والمساءلة،
    فيكون الحاكم ظل الله فى الأرض، وتتحول معارضته إلى معصية لله وخروج على مافى الدين بالضرورة !
    وتؤدى (أسلمة) العلوم إلى تقديس مستوى معين من المعارف، باعتبارها معرفة مطلقة ونهائية، مما يغلق عمليا إمكانية التقدم العلمي اللاحق.
    كما تؤدي (أسلمة) الفنون إلى فرض مقاييس شكلانية وبرانية على الفنون تقمع حرية الإبداع.
    وكذلك تؤدي (أسلمة) الحياة الاجتماعية إلى فرض أفضليات جهة ما باعتبارها مقاييس إلهية ونهائية،
    وهذا خلاف تناقضه مع المشيئة الإلهية، التى أرادت للبشر حرية الاختيار،
    فإنه كذلك يلوث المجتمعات بالمنافقة والكذب، ويفقر الحياة الإنسانية، ويضرب على المجتمعات نقابا بغيضا من الكآبة.
    ويمكن تعريف الإسلامي بأنه: مسلم وزيادة، بمعنى أنه يتأول الإسلام تأويلا مسرفا متزيدا،
    تأويلا يجعل الإسلام شموليا منغلقا وانكفائيا، وبذلك ينطبق على الإسلامي القانون العام بأن (الشىء إذا زاد عن حده انقلب ضده)،
    وينقلب التأويل الإسلامي للإسلام إلى إسلام ضد الإسلام!، لأن الإسلام دين الرحمة ترك مجالا للعقل وللحكمة الإنسانية البشرية،
    بينما الإسلامي يريد إسلاما (شاملا) يقمع الحريات ويلجم تطور الفكر والعلوم والفنون وينتهك الخصوصية !
    والمسلم حتى حين يتعبد يتوجه إلى الله تعالى خائفا وراجيا القبول، بينما الحزب (الإسلامي) إذ يطرح أراءه الظنية يخوض بها مجالات بطبيعتها ظنية،
    يلقيها وهو على يقين وثوقي بأنه حامل (الإسلام) بالألف واللام، فكأنه لا يرجو حسابا وقد حل محل الديان!
    وقال ديستوفسكى "إذا كان الله غير موجود فكل شىء مباح"، قاصدا بذلك أن الملحد المتسق مع مبدئه يبيح لنفسه كل شىء، بما فى ذلك القتل!
    والحزب (الإسلامي) الذى يرى فى نفسه مرجعا للخير وللصواب ويتصرف وكأنه حل محل الله تعالى، فإنه يتصرف عمليا وكأن الله غير موجود!
    فيجيز فى النهاية كل الوسائل لتحقيق غاياته السامية المقدسة، فيجوّز ما لا يجوز، ويمعن فى استرخاص الحقوق والحرمات

    2) الإسلامي "نصوصي" و"حركي" :
    يدعي الإسلامي أنه يريد تطبيق (الإسلام)، أى تطبيق النصوص،
    ولكن النصوص حمالة أوجه، واختلف المسلمون سابقا وحاليا فى تأويلها باختلاف معارفهم ومصالحهم وأمزجتهم،
    ولكن الإسلامي يرى فى تأويله التأويل الوحيد الصحيح، وفى حال تسلمه السلطة الكاملة فإنه يشيع فى المجتمع مناخا عاما من الإرهاب الفكري،
    مناخا يقمع التساؤل والنقد والمساءلة، وبذلك يهدد الصحة العقلية للمجتمع، ويقمع منافسة المشاريع والاختيارات،
    ويكبح تطور الفكر والعلوم، فضلا عن أنه يجعل معارضته معارضة لله تعالى !
    ولكن الإسلامي ليس "نصوصيا" وحسب، وإنما كذلك (حركي) يستهدف الوصول إلى السلطة،
    وكثيرا ما يتناقض تأويله لنصوصه مع مقتضيات حركيته، ولكنه فى الغالب الأعم لا يستند إلى ذلك لتطوير منهج متسق ونظامي لمعالجة النصوص،
    فيكتفي بانتهازية سياسية، تتغافل عن النصوص غير المرغوب بها فى الفترة المحددة، واستخدام ذات النصوص فى فترات أخرى بحسب المصلحة السياسية،
    وهذا ما يجعل استنارة أى إسلامي استنارة غير مأمونة وقابلة دوما للارتداد.

    وفى ذلك يمكن إيراد أمثلة كحرية الاعتقاد، وحقوق النساء، وحقوق غير المسلمين، والموقف من العنف،
    فإذا كان الإسلامي أمينا لتأويله السلفى القاضى بالالتزام بالنصوص، بغض النظر عن مقاصدها وسياقها،
    فليس له سوى (الردة) لحرية الاعتقاد، و(الجزية) أو السيف لغير المسلمين، والتمييز ضد النساء،
    ولكن إعلان مثل هذه المواقف مكلف سياسيا، ولذلك إما يتم التحايل بإعلان خلاف ما يبطن، أو التغاضي عن النصوص غير المرغوبة فيها سياسيا وكأنها غير موجودة،
    بلا مناقشة معلنة وبلا منهج محدد، مما يجعل مثل هذا التغاضي غير مبذول لقواعد الإسلامييين أنفسهم، وقابل للتراجع فى أي لحظة !

    (3) الإسلامي مفارق للأزمنة المعاصرة :
    النظام الإسلامي بحسب تصور الإسلاميين نظام قائم على (تقوى) الأفراد، على ..
    صديقية أبو بكر، وعدل عمر بن الخطاب، وحلم عثمان بن عفان، وعلم على بن أبى طالب، رضوان الله عليهم أجمعين،
    وعلى هذا الأساس فإن مخطط الإسلاميين يرتكز على تربية أشخاص أتقياء يصونون حقوق الخلق بمراعاتهم حقوق الخالق عليهم.
    ولكن (تقوى) الأفراد غير كافية لتأسيس نظام سياسي ملائم وحامل للقيم الإسلامية الأساسية، بدليل التاريخ الإسلامي نفسه،
    حيث اقتتل الصحابة رضوان الله عليهم حول الإمامة، رغم تقواهم الشخصية التي لا يتطرق إليها الشك،
    مما يؤكد الحاجة إلى المؤسسات الكفيلة بفض الخلافات على أساس سلمي، خصوصا فى العالم المعاصر القائم على المؤسسات بأكثر مما يقوم على الأفراد.

    وفى مثل هذا العالم فإن استلهام عدل عمر رضوان الله عليه، مثلا، يعنى البحث عن نظام عادل فى المقام الأول،
    ومؤسسات تؤدى فى دينامياتها وتوازنها وتضابطها إلى تطوير قيمة العدالة، وذلك الكفيل بضمان عدل الأفراد،
    فإذا لم يكونوا عادلين يتناقضون مع النظام والمؤسسات العادلة، مما يؤدى عاجلا أو آجلا لإزاحتهم لعدم المطابقة.
    وهكذا فإن بحثا جديا عن نظام ملائم فى الأزمنة المعاصرة لا بد أن يتجاوز الحديث التبسيطى والاختزالى عن شروط (إمامة) الأشخاص،
    ليبحث فى خصائص النظم السياسية والمؤسسات، وفى ذلك لا يسعف أى كتاب أحكام سلطانية سابق.

    (4) الإسلامي عقابي وليس حقوقيا :
    أهم مايميز النظام (الإسلامي) لدى الإسلاميين
    (الشريعة الإسلامية)، وهى مفهومة لدى أوسع قطاعاتهم باعتبارها العقوبات الحدية !
    والعقوبات فى حد ذاتها لا تميز إيجابا أى نظام، وإلى ذلك أشار الحديث النبوى:
    «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه...، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد".
    وتطبق حاليا عديد من الأنظمة المسماة إسلامية العقوبات الحدية، ولكن ذلك لم يجعلها نظما تضمن كرامة الإنسان وحريته وسعادته وتقدمه،
    وفى المقابل فإن نظما ديمقراطية علمانية لا تطبق العقوبات الحدية أكثر احتراما للإنسان وأكثر جاذبية للمسلمين أنفسهم،
    وعلى ذلك يصوت المسلمون بأرجلهم، فيلجأون من الاضطهاد تحت أنظمة بلدانهم الإسلامية إلى بلدان الغرب ذات الأنظمة الديمقراطية العلمانية،
    وما من عاقل الآن يمكن أن يختار السودان أو إيران أو السعودية بديلا عن سويسرا !

    وإذا كان النظام السياسى نظاما تعاقديا، فإن اختزال واجب الحكام فى تطبيق (العقوبات) قسمة ضيزى
    تعفي الحكام من مسئولياتهم الأكثر أهمية (سد الجوعة وتوفير الحرفة)،
    وتشكل العقوبات المعزولة عن إطارها الاقتصادي الاجتماعي الصيغة الأكثر ملاءمة للطغيان وغمط الحقوق،
    هذا بينما يجعل النظام المرتكز على الحقوق العقوبات استثنائية وعارضة،
    وفى حال تطبيقها تطبق على أساس المساواة والعدالة والرحمة،
    وليس مصادفة أن كثيرا من المترفين الآن يرون فى النظام المرتكز على العقوبات والمسمى إسلاميا
    الصيغة الأكثر نجاعة لحراسة مصالحهم بأغطية المقدس،
    وعلى كل فإن نظاما يستمد مشروعيته من العقوبات لا يمكن أن يكون جاذبا أو ملهما فى عصر حقوق الإنسان !

    رابعا : الإسلاميون والحقوق – الممارسة كمعيار :
    يمكن اعتبار الحركة الإسلامية السودانية الحركة الأكثر تميزا فى العالم الإسلامي.
    تطورت فى بيئة متسامحة فلم تتعرض للملاحقة والاضطهاد كمثيلاتها. وكانت قيادتها الأكثر انفتاحا قياسا بالإسلاميين الآخرين،
    جمعوا بين الثقافة الإسلامية وبين التخرج فى أفضل الجامعات الغربية. وشاركت الحركة الإسلامية السودانية فى الحكم على فترات،
    ثم استولت على السلطة بصورة كاملة فى 30 يونيو 1989 لفترة امتدت لأكثر من عشرين عاما، وكانت تجربتها الأسوأ فى تاريخ السودان الحديث.
    انتهت تجربة الإسلاميين السودانيين إلى الفشل، وانتهى نظامها السياسى باعتقال مؤسسها ومفكرها الأساسي الدكتور حسن الترابى !
    وفشلت فى الميدان الذى اختارته (ميدان الأخلاق)، حولت السودان إلي واحدة من أكثر 5 دول فسادا فى العالم، بحسب تقرير منظمة الشفافية العالمية،
    والأكثر فسادا فى تاريخ السودان الحديث، كما يشهد كثير من قادة الإسلاميين فى شهادات موثقة.

    ولأن الفساد تحول إلى ظاهرة شاملة، وإلى نظام مؤسسي، فإنه يؤكد بأن الخطأ ليس فى انحراف أشخاص أو فتنة أفراد،
    وإنما فى الأفكار الفاسدة التي أسست نظاما فاسدا، إزور عن الحكمة الإنسانية، وما طورته من أفكار ومؤسسات ونظم كفيلة بمكافحة الفساد،
    مثل مراقبة الحكام عبر برلمان منتخب انتخابا حرا ونزيها، واستقلال القضاء، وحرية الإعلام، والنظم الإدارية والمحاسبية الحديثة ... إلخ.
    والأخطر أن النظام انتهى إلى الإبادة الجماعية، إلى إنكار حق الحياة لمجموعات سكانية سودانية،
    إلى القتل بالهوية، وحرق القرى، وإلقاء الأطفال فى النيران المشتعلة، واغتصاب النساء، وغيرها من الانتهاكات الواسعة والجسيمة لحقوق الإنسان،
    والتي وثقتها تقارير ذات مصداقية، ويوثقها (المعرض الإنساني) المأساوي فى معسكرات النزوح واللجوء التي دفع إليها أكثر من مليوني سوداني،
    فما الذى دفع كل هؤلاء إلى مغادرة مناطق سكناهم وجذورهم الاجتماعية؟! تزعم دعاية الإنكار أنهم ذهبوا بلا سبب وكأنهم مجانين !
    ولكن حين يصاب ملايين الناس بمثل هكذا جنون مدعى، ألا يستدعي مساءلة كامل الثقافة السياسية والمؤسسات والممارسات التى دفعت إليه ؟!
    إنكار متهافت، والحقيقة أنهم ليسوا مجانين، وإنما واجهوا عنفا مجنونا منفلتا من أى عقال إنساني أو أخلاقي أو ديني.

    وقد قادت إلى الإبادة عدة أسباب، منها الأيدولوجية التى تنكر الحقوق، بما فى ذلك حق الحياة، على معارضي الدولة (الإسلامية)،
    والأيدولوجية التى تقدس العنف، وترى فيه أداة كونية شاملة لممارسة السياسة، والتى تجوز الوسائل كل الوسائل، فى سبيل الغاية المقدسة السامية،
    وكذلك التى تشرعن سلطتها على أساس السماء، وليس على مطلوبات الأرض وإنسانها من حقوق وحريات وعدالة وتنمية وخدمات.
    وإذا كانت السلطة الكاملة للإسلاميين الأكثر انفتاحا (التي تحققت فى السودان) قد أدت إلى الإبادة الجماعية،
    فإن أي سلطة كاملة لأي إسلاميين آخرين ستؤدي فى الحد الأدنى إلى إنكار جسيم وفادح للحقوق السياسية والمدنية.

    وإذا أراد الإسلاميون نتيجة مغايرة عن النتيجة المترتبة منطقيا عن طرائق تفكيرهم ومنطلقاتهم الرئيسية،
    فالحل أن يتواضعوا كمسلمين ديمقراطيين، يستلهمون القيم الدينية، والاستلهام يختلف عن ادعاء امتلاك حقيقة الإسلام بصورة كاملة ونهائية-،
    وأن يأسسوا استلهامهم على قاعدتي (لا إكراه فى الدين) و(أنتم أعلم بشئون دنياكم)،
    وعلى الحكمة الإنسانية التى تشكل الديمقراطية تتويجها، كأفضل النظم السياسية للإنسانية المعاصرة
    انتهى
                  

09-16-2012, 04:49 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)


    وهل يحتاج الصادق المهدي إلى تذكير؟!
    September 15, 2012

    كمال الجزولى


    ما كاد نصر الدين المهدي -نائب رئيس حزب الأمة- يعلن، أواسط مارس/آذار الماضي، عن اتفاق حزبه مع الجبهة الثورية السودانية (راديو دبنقا، 17 مارس/آذار 2012)، حتى سارع الصادق المهدي، زعيم الحزب، للتبرُّؤ، في اليوم التالي مباشرة، من تصرف نائبه، والإعلان عن الاتجاه لمحاسبته (سودان تريبيون، 18 مارس/آذار 2012).

    هكذا لن يكون الحق بعيداً تماماً عمن يرجح هذه البراءة، اعتباراً لتواصل الترويج، طوال السنوات الماضية، لنهج “الجهاد المدني” في خطاب السيد الصادق وحزبه.

    على أن الحق سيكون، أيضاً، بل في الغالب، مع مَن يستبعد قيام نصر الدين بقفزة خطرة كهذه في الظلام من وراء ظهر الحزب وزعيمه! هذا الاستبعاد ترجحه ملاحظتان: أولاهما عدم رشح شيء عن “محاسبة نصر الدين رغم تصرُّم كل تلك الأشهر! وثانيتهما أن نصر الدين نفسه لم يعلق، طوال تلك المدة، على تصريحات زعيمه ضد تصرفه.

    وعموماً لا يتبقى، لدى أية محاولة لحل هذه الكلمات المتقاطعة، سوى أمر واحد ﻻفت، بوجه خاص، وهو أن مأخذ الصادق الوحيد على تصرف نصر الدين، بعد كل ما قيل، هو، فقط، كونه “خالف التفويض الممنوح له من الحزب لإدارة حوار مع حكومة جنوب السودان وحاملي السلاح بالجبهة الثورية” (المصدر نفسه).

    (1)

    وإذن، فربما يكون نصر الدين تجاوز، فعلاً، المهمة التي أوكلت إليه، لكنه، على أية حال، لم “يخترع” مسألة تواصل حزب الأمة مع قوى الهامش المسلحة، أو حكومة دولة الجنوب.

    بل لقد كشف الصادق نفسه، لدى مخاطبته المؤتمر الأول لطلاب حزب الأمة، بالجمعة 16 مارس/آذار 2012، وقبل يوم واحد فقط من إعلان نصر الدين توقيعه مانفستو الجبهة الثورية، عن أنهم كلفوه بـ”الاتصال بحكومة دولة جنوب السودان، لخلق علاقة خاصة معها سعياً لوقف الحرب، وكذلك بإدارة حوار مع قادة الجبهة الثورية، باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد لحل القضايا القومية” (المصدر نفسه).

    إلى ذلك، وفي ذات اتجاه التأكيد على استبعاد تهمة التصرف الفردي المعزول عن نصر الدين، جاءت، مؤخراً، زيارة مريم الصادق، على رأس وفد من حزب الأمة، إلى كمبالا، وتوقيعها، في الخامس من أغسطس/آب 2012، مذكرة تفاهم مع حركة/ جيش تحرير السودان (مني أركو).

    ولعل ذلك هو ما حدا ببعض الصحفيين لاتهام حزب الأمة بأنه “يتكتك” بوضع بيضة واحدة في كل سلة، ليكسب في كل الأحوال مع النظام عبر عبد الرحمن الصادق الذي تم تعيينه، منذ حين، مساعداً لرئيس الجمهورية، ومع حركة مني أركو عبر مريم الصادق، ومع الجبهة الثورية عبر نصر الدين المهدي (الشرق الأوسط؛ 26 أغسطس/آب 2012م).

    مهما يكن من أمر فقد شملت مذكرة التفاهم “الأهداف والمبادئ العامة التي يُسترشد بها في بناء المشروع الوطني، والتنمية والإعمار وتوفير سُبُل العيش الكريم، واتباع سياسات اقتصادية منحازة للشرائح الضعيفة اقتصادياً واجتماعياً ونوعياً، وقضايا ومهام الفترة الانتقالية، وخصوصيات الأقاليم المتأثرة بالحروب والنزاعات خلال العقود الماضية، ورسم خارطة طريق لإعادة بناء دولة متماسكة تقوم على مبادئ التوازن، والعدالة، والمشاركة في الحكم، والاقتسام العادل للثروة، والمحافظة على أمن وسلامة وكرامة جميع شعوب الأقاليم السودانية، وإصلاح الخدمة المدنية، وإيلاء الاعتبار الكافي لخصوصية العلاقة مع دولة جنوب السودان”.

    وتلك، أجمعها، بطبيعة الحال، أهداف ووسائل لا يستطيع كائن من كان أن يُماري في أنها معتمدة في النشاط السياسي السلمي، ليس لحزب الأمة، فحسب، بل لكل قوى المعارضة السياسية.

    ولئن كانت الجبهة الثورية، كما سنرى لاحقاً، قد نفت، مجتمعة وفرادى، ما عدا حركة مني أركو، عقدها أي اجتماع رسمي، أو إجراءها أية مباحثات، مع مريم، خلال زيارتها لكمبالا (سودانايل؛ 12 أغسطس/آب 201)، فإن تصريحات الأخيرة المخالفة لما تم نفيه إنما تؤكد أنها، على الأقل، قد سعت إلى ذلك.

    (2)

    لم يسبق، في أيٍّ من المناسبات التي طرق فيها حزب الأمة على هذا الموضوع أن ثارت ثائرة المؤتمر الوطني الحاكم بمثل تلك “الحدة المرتبكة” التي ثارت بها إزاء مذكرة التفاهم تلك.

    ولعل مما زاد طين هذه الثائرة بلة أن من تولى كبرها هو، بالذات، ودون غيره، الحاج آدم يوسف، نائب رئيس الجمهورية ورئيس القطاع السياسي للحزب الحاكم، الذي برر غضبته المضرية على مريم، في مؤتمره الصحفى بتاريخ 15 أغسطس/آب 2012، بكونها “اجتمعت بـ متمردين.

    و(اتفقت!) معهم على إسقاط النظام بأسلوب الحركات المسلحة”، مع أنه سبق أن وُضع، هو نفسه، في مثل هذا الموقف، يوم كان معارضاً، قبل بضع سنوات، واعتبرته نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة “متمرداً مسلحاً!” هارباً، وأصدرت بحقه نشرة تدعو الجمهور للمساعدة في القبض عليه، كمطلوب تحت طائلة تسع تهم كفيلة بلف حبل المشنقة حول عنقه.

    لم تكف آدم، في ذلك المؤتمر الصحفي، “إدانة المذكرة.. ورفض ما جاء فيها شكلاً ومضموناً”، إنما فاته، في سورة غضبه، أنه، لئن كان “مستبعداً”، عقلاً، توقيع السيد نصر الدين على مانفستو الجبهة الثورية وراء ظهر الحزب وزعيمه، فإن هذا “الاستبعاد” أولى في حالة مريم.

    لذا لم يكن من المعقول منطقياً، ولا المهضوم سياسياً، أن يدعو آدم حزب الأمة “لاتخاذ موقف” منها، ومطالبته، في تهديد واضح، “إما بتبني المذكرة أو بالتبرُّؤ منها”، دَعْ أن “يرهن” مستقبل علاقة المؤتمر الوطني معه بهذا التحديد (سودانايل؛ 16 أغسطس/آب 2012).

    لكن تصريحات آدم لم تقتصر على ذلك فحسب، وإنما تعدته إلى نماذج عجيبة من التناقض والارتباك، حيث انقلب، بعد كل ذلك، على عقبيه ثلاث مرات على الأقل. أشاد، في المرة الأولى، بحزب الأمة.

    وانطلق يبرئ ساحته، بحماس، من أية تبعة للمذكرة، عازياً ذلك “لما لهذا الحزب من تاريخ ومواقف وطنية مشرفة”، ومصنفاً التوقيع باسمه كمحض ضرب من “التآمر والتخابر مع (متمردين) على الدولة”، وكنوع من “عدم التقدير لقواعد حزب الأمة وشعب دارفور”، في وقت يكن له فيه المؤتمر الوطني “كل تقدير.. ويتطلع لإقامة شراكة معه” (المصدر نفسه).

    لكنه عاد وانقلب، مرة أخرى، على عقبيه مشدداً على أن “محتويات المذكرة من دستور، ومواطنة، وتعددية، وحريات، وخلافها نقلتها مريم الصادق وجيش تحرير السودان من أدبيات المؤتمر الوطني”، الأمر الذي يوحي، منطقياً، للوهلة الأولى، بأنها محتويات طيبة.

    غير أنه ما لبث أن عاد وانقلب، مرة ثالثة، ليعلن، فوراً، وفي مغالطة عجيبة للنفس، عن أن المؤتمر الوطني “سيتصدى” بقوة سياسية لنفس هذه “المحتويات” المنقولة عنه “إنْ لم يتبرأ حزب الأمة منها، وينسبها إلى مريم الصادق، ويحاسبها عليها” متوعداً بأن المؤتمر الوطني “سيحرك قواعده وأهل دارفور ضدها” (المصدر نفسه).

    واضح مما تقدم أن الحزب الحاكم قطع شوطاً بعيداً في التعويل على “إقامة شراكة مع حزب الأمة”، لا لسواد عينيه بالطبع، وإنما لإفساد أمر المعارضة كلها؛ ولذا فقد جنَّ جنونه عندما أحس بأن حلمه يتسرب من بين أصابعه.

    أما القول بأن مريم “اتفقت” مع “المتمردين” على “إسقاط النظام بالسلاح” فينطوي على قدر كبير من المغالطة، حيث أن المذكرة نفسها أفصحت عن غرضها بأنه “بناء مشروع وطني لإحداث التغيير الشامل المنشود”، عبر آلية “الحوار والتواصل مع التنظيمات السياسية الوطنية، وقوى المجتمع المدني والأهلي، والقطاعات والفئات المختلفة”.

    وليس خافياً ما في ذلك من اتساق مع تصريحات نصر الدين، لدى اتفاقه مع الجبهة الثورية، بأنه عرض عليها مشروع حزبه الذي أطلق عليه “المخرج الوطني من أجل تغيير دولة الحزب بدولة الوطن”، عبر “ملتقى جامع لكل القوى السياسية والمشتركة في النزاع المسلح” (راديو دبنقا؛ 17 مارس/آذار 2012).

    وإذاً، فليس الهدف فرض نهج محدد للمعارضة على قوى الهامش، وإنما، ببساطة، اجتذاب هذه القوى إلى ساحة النشاط السياسي السلمي. وهو هدف نبيل، ومطلوب بإلحاح، من الأحزاب والقوى السياسية كافة. وقد أكد الصادق، عن حزبه، على هذا الهدف، بقوله “نتحدث مع الجبهة الثورية.. ونعترف بقضاياهم ومطالبهم، وندعوهم لتبني الحل السلمي” (الشرق الأوسط؛ 26 أغسطس/آب 2012).

    كما سبق أن استفاض مبارك الفاضل في التعبير عن ذات هذه الرؤية، من موقع حزب الأمة الذي كان قد عاد إلى صفوفه بعد قطيعة سنوات، قائلاً، في مقالة له بجريدة (الصحافة) خلال يناير/كانون الثاني الماضي “نعتمد النضال السياسي السلمي.. لكننا لا نستطيع أن ننكر على الآخرين من قوى الهامش حقهم في النضال المسلح.. نحن نسعى ونلتقي ونتحاور علناً مع كل أبناء الهامش في الحركات المسلحة، وفي المعسكرات، وفي المهجر، والمدن، والفرقان لنتعرف على آرائهم ومطالبهم والحوار معهم حول الشأن الوطني ومستقبل الوطن”.

    والحق أن مسعى أي من أطراف المعارضة لفرض رؤية فكرية أو تنظيمية محددة على بقية الأطراف لمما يشوِّه الصراع السياسي، ويحرفه عن مساره، ويورث علاقاته الإحن والمرارات؛ وعلى أية حال فإن مذكرة التفاهم موضوع اتفاق مريم وحركة مني أركو منشورة، وليست سراً.

    (3)

    ما حدث بعد ذلك هو العجب العجاب نفسه! فبدلاً من التركيز على مجابهة اتهامات نائب الرئيس بهذا المنطق البسيط والميسور، في وقت يُعتبر آخر ما يحتاجه فيه حزب الأمة هو المخاشنة الجانبية مع أي من أطراف المعارضة، اتجه السيد الصادق ليشن هجوماً كاسحاً شمل القوى الثورية، متهماً إياها، بأنها تنطلق، برعاية دولة الجنوب، لتغيير النظام بالقوة، مما يؤدي إلى “تمزيق الوطن” و”تدويل قضيته”؛ ومردفاً أن “من ينكر هذه الرعاية كأنه يريد استغفالنا” (الشرق الأوسط؛ 26 أغسطس/آب 2012).

    كما شمل الهجوم نصر الدين، معيداً اتهامه بأن اتفاقه مع الجبهة الثورية “فردي، وليس بقرار من الحزب” (المصدر نفسه).

    اتسم رد الجبهة الثورية، آحاداً وجماعة، على الصادق، بالعنف، كما كان متوقعاً، حيث اتهمته، وفق ناطقها الرسمي، بأنه يحاول أن يتدخل في خيارها، ويفرض عليها وصاية ترفضها، وأنه بسبيله للاندماج مع النظام عبر حديثه المتكرر عن إمكانية تطبيق النموذج اليمني في السودان.

    كما وأنه أصبح، حسب ناطق العدل والمساواة، الأحرص على بقاء النظام، و”نستغرب ممن أخذت منه السلطة بالقوة أن يندمج مع من أخذها منه بدلاً من إسقاطه” (موقع جيم على الشبكة، 13 أغسطس/آب 2012). ولم تكتف الجبهة بذلك الهجوم، بل ذهبت إلى نفي اجتماعها، مطلقاً، كجبهة، مع مريم بكمبالا (المصدر نفسه).

    أما نصر الدين فقد عاد، هذه المرة، لا ليؤكد مجدداً، عبر بيان خاص أصدره مكتبه بلندن، على التزام حزبه باتفاقه مع الجبهة الثورية، فحسب، بل ليبشر بقرب انطلاق “آلية الحزب الخاصة” بالعمل المشترك معها (!) وليصف ما ورد على لسان السيد الصادق في حواره مع “الشرق الأوسط” بأن “ظروفاً محيطة أملته عليه”.

    (4)

    خسارة كبيرة يتكبدها حزب الأمة، ما في ذلك شك، وكنا خلصنا، في مقالة سابقة، إلى أن من أوجب واجبات قوى “الإجماع الوطني” بذل المزيد من الجَّهد لاجتذاب قوى الهامش المسلحة إلى ساحة الفعل السِّياسي السلمي أيضاً، انطلاقاً من وجوب تحمُّل المعارضة، ضمن الكثير الذي عليها تحمُّله، عـبء النهوض بإطفاء حرائق الوطن، فهل ثمة حاجة بحزب الأمة إلى تذكيره، للمرة الألف، بأنه أكبر وأول المعنيين بهذا الواجب؟


    ----------------



    حجم القضية في عدم جلد "الفحل" الدستوري !! ..

    بقلم: سيف الدولة حمدناالله
    السبت, 15 أيلول/سبتمبر 2012 19:59
    saifuldawlah Abdelgadir [[email protected]]



    ما كنا نرغب في الكتابة عن قضية الإغواء (الجماعي) لأربعة فتيات الذي قام به مسئول دستوري والتي شغلت الراي العام خلال الأيام الماضية، ولا زلنا عند موقفنا من عدم جواز الخوض في قضايا شخصية حتى لو كان بطلها واحداً من خصومنا الذين جعلوا حياتنا تمضي بالمقلوب، فالخطيئة من لوازم الصفات والطبيعة (البشرية) وليس لها مذهب سياسي، ومن غير اللائق إستثمار فضيحة شخصية كسلاح في منازلة سياسية مهما بلغت درجة الدستورية عند الشخص المخطئ (لا شيئ يفجعني بقدر لفظ "دستوري" التي يطلقها النظام على كبار المسئولين، وكأن بقية الوظائف العامة "غير دستورية")، ، فالإنقاذ توفر لنا مليون سبب للطعن في عدم صلاحيتها للحكم، فمن المهين أن نجعل من أعمال (الفحولة) غير المشروعة لأحد رجالها ضمن تلك الأسباب.



    بيد أن هناك جانب آخر - عام - في القضية ليس هناك ما يمنع من التعرض له، أوحت به إلينا رسالة نشرت بصحيفة الإنتباهة (6 سبتمبر 2012) ، طلب فيها صاحبها (وقيع الله عبدالله شطة) من علي عثمان طه بصفته قانوني ضليع (بحسب تعبير كاتب الرسالة) التدخل لمعالجة الخلل الذي أصاب دولاب العدالة من وراء القضية، وتلخيص الرسالة يقول بأن القاضي/ إبراهيم محمد خالد حكم على الدستوري والفتيات بالجلد "80" جلدة لكل منهم، فقام القاضي بتنفيذ الجلد على الفتيات عقب الجلسة، فيما ترك المسؤول الحكومي يمضي في حال سبيله دون تنفيذ الجلد عليه.


    في تقديري، أن الذي ينبغي البحث فيه حقاً، هو الظروف التي جعلت مثل هذا التصرف الضال ممكناً في الأساس من محكمة قانون، والبحث في الأسباب التي جعلت القضاء يمارس مثل هذا التمييز ال###### في تطبيق العدالة بمثل هذه البجاحة، وأن نتتبع الحلقات التي أفضت بالقضاء ليبلغ هذه الدرجة من المهانة والخسران، فما حدث في هذه القضية ليس له قيمة في مقابل ما كشف عنه القضاء من عجز قعود عن حماية حقوق وحريات الناس في وجه السلطة، وعجزه عن رد المظالم لضحايا النظام، وفشله في حماية المال العام ومحاسبة المفسدين الذين يهنأون اليوم باموالنا التي نهبوها وهم يمدون إلينا ألسنتهم، فتلك هي القضايا الرئيسية التي ينبغي الحسرة عليها، بقدر حسرتنا على حال إخواننا في البلاد العربية والأفريقية الذين يقول صاحب الألوان (حسين خوجلي) من خلال مقطع إعلان يومي يذاع بقناة النيل الأزرق: "لا يوجد قضاء في كل الدول العربية والأفريقية في (نزاهة) و(عدالة) قضاء السودان".


    من حق المرء أن يتساءل، من أين جاء قضاة هذا العهد بكل هذا الميل والجنوح لتطبيق عقوبة الجلد في جميع (الجرائم التعذيرية) !! ومن قال لهم بملاءمة عقوبة الجلد على النساء والفتيات، بل حتى على الرجال في غير جرائم الحدود!! ولماذا ينفرد قضاتنا دون سائر قضاة العالم بالجلد المهين للرجال والنساء !! لماذا يُقحم القضاة عقوبة الجلد حتى في قضايا القتل !! (حكم القاضي/ محمد سرالختم "محكمة جنايات الخرطوم شمال" على متهم ب "الجلد" مع "الإعدام شنقاً حتى الموت" ثم ألغت المحكمة العليا عقوبة الجلد وتم تنفيذ الإعدام).


    المعروف أن الجلد لا يكون "ملزماً" للمحكمة الاٌ في بعض جرائم الحدود، ومن بينها "الزنا"، وقد عرٌف القانون (المادة 145) جريمة الزنا تعريفاً تنقصه الكياسة، ولكنه برغم ذلك كاف لتمييز الزنا من الجرائم المرتبطة به مثل "هتك العرض" و "الأفعال الفاضحة"، ويقع الزنا – بحسب تعريف المادة المذكورة: (بإدخال "الحشفة" أو ما يعادلها إذا كانت مقطوعة في قُبُل أو دُبر) ولغير العارفين، يمكن فهم معنى "الحشفة" بما يوحي به لفظها أو حتى من سياق النص، والحال كذلك، فليس هناك مبرر لتوقيع عقوبة "الجلد" خاصة في الجرائم الجنسية التي لا تبلغ "الزنا"، سواء بعدم إكتمال دخول "الحشفة" أو لنقص في الأدلة الشرعية، لأن توقيع عقوبة الجلد في مثل هذه الجرائم يوحي بإرتكاب "المجلود" لجريمة "الزنا" الكامل، وفي ذلك ظلم للبشر ولمقاصد الشريعة على السواء، ومثل هذا "الإيحاء المضلل" وقع فيه حتى رئيس الجمهورية نفسه الذي إعتقد أن "فتاة الفيديو" قد جلدت لإرتكابها جريمة الزنا، ولم يشفع لها أن يُصحح الرئيس فهمه أنها جُلدت "50" جلدة " وليس (100) جلدة بحسب الشريعة والقانون.


    الواقع أن قانون العقوبات السوداني عرف عقوبة "الجلد" منذ نشأته بواسطة الإستعمار، ولكنها كنت توقع (فقط) كعقوبة تأديبية في حق الصبيان الجانحين من الذكور، ويلجأ إليه القاضي كعقوبة (بديلة) للعقوبة الأصلية المنصوص عليها في كل مادة لتفادي إرسال "الصبي" الذي يتورط في جريمة للسجن، مما يتسبب في تدمير مستقبله الدراسي وتعليمه، وقد وضعت الأجيال المتعاقبة من القضاة الأفذاذ، سلسلة من السوابق القضائية التي كانت تتضمن شروح وتوضيحات الفلسفة العقابية لكل نوع من الجرائم، بما يضمن إتساق العقوبة التي تصدرها أي محكمة مع ما تصدره إخواتها بالسودان في جرائم مشابهة في النوع والظروف، بما يضمن تناغم "السياسة العقابية"، وحتى لا يتوقف مصير المتهم على مقدار ما يحمله قلب القاضي من قسوة أو ما يملؤه من عطف وحنان.


    لقد أدى قضاتنا العظماء مثل أبورنات وصالح عتيق وهنري رياض سكلا وحكيم الطيب ودفع الله الرضي وغيرهم من العلماء دورهم وتركوا للوطن ثروة لا تقدر بثمن من الحصيلة العلمية في القانون، حتى بلغت صناعة العدالة مرحلة معالجة التفاصيل الصغيرة (Fine cutting)، ثم ... جاء قضاء الإنقاذ فعبث بكل هذا الإرث القانوني ورمي به في البحر، ونشأ في مكانه إرث من نوع جديد، بدأ بتشكيل ملامحه – والحديث عن فلسفة العقوبة – منذ بداية الإنقاذ – ولعله لا يزال - ما يقال له القاضي (الموبايل)، وهو قاض يتمدد إختصاصه في نظر القضايا إلى المدى الذي يمكن أن تصل إليه سيارته، فينظر القضايا بالقسم الشرقي الخرطوم ثم ينتقل بعد الفراغ منها لمحاكمة قضايا أمبدة بأمدرمان ثم يسرع منها إلى محكمة الحلفايا ... وهكذا.


    وفي هذا العهد أنشأ القضاء محاكم لتحصيل ديون الشركات التجارية والجبايات الحكومية (محكمة سوداتل ومحكمة النفايات ... الخ)، وتتولى تلك الجهات الصرف على المحاكم وما يحقق رفاهية قضاتها، ثم دخل القضاء – مثل كثير من الجهات الحكومية - مجال الإستثمار التجاري وأنشأ هيئة للإستثمار القضائي برئاسة قاضي محكمة عليا (القاضي الزبير خليل)، تقوم بتأجير الفنادق (فندق موني بدار القضاة) وبيع اللبن ومشتقاته من منتجات (أبقار القضاة)، ثم أصبح القضاة يتقاسمون ريع الغرامات التي تفرضها المحاكم في قضايا مخالفات الأوامر المحلية، وإنصرف إهتمام إدارة القضاء نحو تشييد المباني وشراء السيارات والأثاثات المكتبية وتوفير المصايف والسكن (تركيا ومصر) لتمضية الإجازات السنوية بالخارج، وإرسال القضاة لحضور المؤتمرات والندوات بالخارج، وأصبح من العادي أن تقوم الوفود القضائية بزيارة الدولة الأجنبية (للوقوف) على تجاربها القضائية و(تبادل) الخبرات.


    في مثل هذه الظروف، كان من الطبيعي أن ينهار مستوى العمل القضائي، حتى إنعدم من يهدي الأجيال الجديدة المعرفة ويعينهم فهم (الحكمة) التي تقف وراء كل حكم يرد في نصوص القانون، ولم تجد إدارة القضاء ما تستر به خيبتها التي تحملها مجلدات نشرات الأحكام القضائية الهزيلة سوى (تطعيم) الجسم القضائي عن طريق التعاقد مع بعض أرباب المعاشات من القانونيين لكتابة الأحكام القضائية بالمحكمة العليا بنظام القطعة من منازلهم مقابل مبلغ مقطوع (5 مليون جنيه شهرياً).


    لقد أسرفنا في تكرار مثل هذا الحديث، كما أنه لن يبلغنا الملل من تكرار القول بأن كل ما لحق بالوطن من دمار يمكن معالجته بعد زوال هذا النظام، غير أن الأمر يختلف بشأن القضاء، فهي مهنة تقوم على توارث الخبرات والتقاليد والأعراف - التي لا تتوفر في الكتب - جيلاً بعد جيل، فقد توارثت أجيال ما قبل الإنقاذ العقيدة بأهمية ومعنى وماهية إستقلال القضاء، وكانت لديهم المقدرة والإستعداد للدفاع عن ذلك الإستقلال، ومن صلب آخر تلك الأجيال خرج مثل القاضي/ عبدالقادر محمد أحمد الذي مهر إستقالتة من عمله القضائي بماء الذهب (سبتمبر 1989) ودفع بها إلى (مجلس قيادة "ثورة" الإنقاذ) إحتجاجاً على تغول الإنقاذ على الدستور وسيادة وإستقلال القضاء عند قيامه بفصل أول قائمة من القضاة، وقد دفع عبدالقادر ثمن ذلك شهوراً طويلة أمضاها ضيفاً على سجن كوبر.


    هكذا كان القضاء، ثم يأتي من يتساءل عن سبب تغاضي قاض في هذا العهد عن تنفيذ الجلد على مسئول سياسي !!
    لا يمكن أن ينتهي هذا المقال دون الإشارة الى فاكهة الرسالة التي دفع بها صاحبها للنائب الأول والتي أشرنا لها في المقدمة، والتي ختمها بقوله: " ما طلبناه منك يعتبر أول تحد لرئيس الجمهورية بعد نيله لرسالة الماجستير في العلوم الشرعية عن أطروحتة التي قدمها بعنوان "تحديات تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان".




    ------------------

    الأزمة المنسية في دارفور
    September 15, 2012
    خالد التيجاني النور


    آخر ما يمكن أن يوصف به الوضع في دارفور بأنه أصبح “أزمة منسية” لكثافة ما أحيط به من اهتمام غير مسبوق ظل مستمراً على مدى عشر سنوات, وجراء تسليط أضواء إعلامية مركزة عليه على نحو غير مألوف لم تحظ به قضية جنوب السودان التي دامت نصف قرن, وحراك وتدخلات دولية محمومة, وعشرات القرارات الأممية, ونشر أكبر قوة حفظ سلام عرفتها الأمم المتحدة, وسنوات من مارثوانات التفاوض أثمرت اتفاقية أبوجا, ثم وثيقة الدوحة للسلام.

    على الرغم من ذلك كله دخلت أزمة دارفور غياهب النسيان, وأصبحت “أزمة منسية” بامتياز على الأقل في الوعي العام والضمير الوطني السوداني, ولا أدل على ذلك من أن الأوضاع الآخذة في التدهور أمنياً وسياساً في الإقليم على مدار الأشهر الماضية, على خطورتها لم تعد تثير اهتمام أحد في الجماعة الوطنية السودانية لا شعبياً ولا رسمياً ولا سياسياً, وبات التفاعل مع هذه التطورات الخطيرة من كل أطراف الساحة السودانية باهتاً وكأنها تحدث في بلد بعيد مما يتسمع الناس أخبار مآسيه خطفاً في وسائل الإعلام.
    ما الذي يجري في دارفور حتى يقتضي التنبيه من مغبة الانصراف عنه بمشاغل أقل شأناً, أو الغفلة عنه بداعي أن الأمر لم يعد يعني أحداً, أو على أقل تقدير تطبيع التعامل مع تطورات الأزمة المتسارعة وكأنها أمر عادي متوقع على أي حال في ظل غياب أفق حقيقي لتسوية فعلية تقود إلى حل سلمي نهائي. وهو نهج لا يضع اعتباراً جدياً للمدى الذي يمكن أن تنزلق إليه الأمور, ودون تحسب بعيد النظر لتبعات وتداعيات خروج الأوضاع من السيطرة تماماً.

    شهد الإقليم في خلال الأشهر القليلة الماضية تحولات عميقة سياسياً وأمنياً في بنية أزمة دارفور بمعطياتها المعلومة, وهي للمفارقة تحولات تسير عكس الإتجاه الذي كان مأمولاً بأن تعبد وثيقة الدوحة, وإن جاءت منقوصة من حيث غياب فصائل مسلحة مؤثرة عن الانخراط فيها, طريق التسوية الشاملة عبر سلسلة المعالجات التي تضمنتها, ولكن بعد مرور أكثر من عام من التوقيع عليها يبدو السلام بعيد المنال ليس بسبب الفصائل الرافضة لتلك التسوية بل بسبب بروز عناصر جديدة في معادلات الأزمة زادتها تعقيداً, بل هي للغرابة من داخل الفئات المؤيدة للوثيقة بسبب اشتداد أوار الصراع على السلطة والنفوذ ومحاولة حجز مكان ودور في معادلات السلطة المستقبلية, وهو صراع لم ينحصر في الجوانب السياسية ولكن انزلق للتعبير عن هذه التطلعات السياسية باستخدام القوة والعنف.

    وكانت النتيجة أن شهدت دارفور حالة انفلات أمني متصاعد يكاد يخرج الإقليم عن سيطرة الدولة الفعلية, وما ذلك إلا أن جانباً من هذا العنف يغذيه مشاركة أطراف حكومية نظامية ضد بعضها البعض بسبب حرصها على الانتصار لتحيزاتها القبلية على حساب دورها الحاكم بين الأطراف باعتبارها ممثلة السلطة المسؤولة عن فرض النظام, وهو أمر لم يعد سراً أو محل تخمين بعد أن اضطر حاكم شمال دارفور للاعتراف بذلك علانية تحت وطأة تزايد وتيرة العنف التي دارت عجلتها لا لتطحن غمار الناس فحسب بل باتت تلاحق كبار المسؤولين الحكوميين في بعض المناطق, وما جرته من حملات ردود فعل انتقامية زادت الأمور ضغثاً على إبالة.

    وهذا الانفلات الأمني الذي تتواتر أخباره وتتسع دائرته مما باتت تحمله الأنباء بصورة شبه يومية ليس سوى تعبير إلى درجة كبيرة عن حالة الاحتقان السياسي الذي يعيشه الإقليم, لا سيما في أوساط نخبة حزب المؤتمر الوطني الحاكم في دارفور الذين يتحملون بفعل صراعاتهم المستعرة مسؤولية موجة تدهور الأوضاع الحالية في الإقليم, وما يثير الاستغراب أن إقدام الحكومة الاتحادية على توليد المزيد من الولايات في الإقليم, في خطوة مغايرة للمطالب المتزايدة بتقليص الهياكل الإدارية للدولة, والتي جرى تأسيسها على اعتبارات قبلية في مفارقة تامة لمنطق الرشد السياسي فقط بغرض توفير المزيد من الوظائف الدستورية لاستيعاب التطلعات والطموحات السياسية للقيادات المحلية أدت إلى عكس المرجو منها تماماً فقد خلقت المزيد من الصراعات والتنافس المحموم بدلاً من أن تسهم في تخفيف تلك النزعات المدمرة للنسيج الوطني.

    وخطورة موجة العنف الحالية في دارفور أنها تجاوزت ثنائية الصراع بين الحكومة المركزية والجماعات المسلحة المتمردة, التي لا تخلو إلى حد ما من وجاهة في مبرراتها السياسية, إلى حالة انفلات أمني وعنف عبثي يفتقر إلى أي مضمون سياسي مما يجعل التعامل معه في حكم المستحيل لغياب مطالب موضوعية يمكن التحاور بشأنها, مما يجعلها جبهة استنزاف مفتوحة على حدود مكانية وزمانية غير معلومة النهايات. ولعل أخطر في ما موجة العنف الجنونية هذه أنها باتت تضرب هيبة الدولة, أو ما تبقى منها في دارفور, في الصميم فالقتل بعد أن كان محتكراً لغمار الناس من المستضعفين بات يطارد مسؤولين حكوميين دستوريين, وبدأت في الانتشار ظاهرة أخذ القانون باليد انتقاماً بأيدي قوة نظامية دورها فرض القانون لا القفز عليه, ووصل الاستهزاء بهيبة الحكم مبلغها في حادثة الاعتداء على مقر السلطة الانتقالية وبعض مسؤوليها, وحوادث العنف والقتل في الآونة الأخيرة باتت أكثر من أن تحصى, من مقتلة الطلاب المحتجين في نيالا, إلى الهجمات الانتقامية على المعسكرات.

    تحدث كل هذه السلسلة المتواترة من أعمال العنف وتبعاتها الخطيرة ثم تفاجأ بأن لا صدى لها على الإطلاق مما تستحقه من اهتمام ومساع لازمة لاحتوائها ومنع تطورها إلى ما هو أسوأ عاقبة, فالحكومة الاتحادية تبدو كمن زهد في الأمر بعد طول رهق في مجاهل الأزمة الدارفورية وتداعياتها التي قادت إلى عواقب وخيمة شكلت عناصر ضاغطة لا فكاك منها للحكم الإنقاذي, ومن الواضح أن الخرطوم المرهقة قررت ترك التعاطي مع هذه التطورات, مع خطورتها البالغة, لحكام الإقليم في السلطة الانتقالية والولاة لإطفاء نيرانها, ولم تعد تتدخل إلا لماماً, وعلى مستوى أدنى بكثير مما هو منتظر لتدارك هذا الوضع المنذر. ربما ليس زهداً ولكن لأنه ليس بيدها الكثير مما يمكن أن تقدمه, أو لفقدانها التأثير على مجريات الأحداث بعد تورط بعض قادة الحزب الحاكم في الإقليم في أتون الصراعات المسببة لهذا الانفلات.

    وما يثير الاستغراب أنه حتى التصريحات الصحافية الرسمية والحزبية التي عادة ما تطلق بغير حساب وتفتي في كل موضوع لا تكاد تجد لها حساً عن ما يدور في دارفور, وكأنها تشير إلى أنها باتت خارج دائرة اهتمام النخبة الحاكمة, وخارج الحسابات أيضاً ما دامت غير مؤثرة على معادلاتها في الوقت الراهن.

    يشكل الوضع الراهن في دارفور أكبر تحد في قياس مدى نجاعة وثيقة الدوحة في تحريك قطار التسوية في إتجاه محطة السلام, ولكن بعد مرور أكثر من عام من توقيعها, لا يبدو أن الأطراف الملتزمة بها قطعت شوطاً في هذا الإتجاه, فما أنجز حتى الآن لا يتجاوز التأسيس الشكلي لمؤسسات السلطة الانتقالية والتسكين الوظيفي لنخبة الفصائل الموقعة المتصارعة على السلطة, والملاحظ أن الاهتمام الغالب على الأطراف هو إنفاق الوقت في بحث أمور إدارية ومالية في ما ظلت القضايا الجوهرية التي تضمنتها بنود الوثيقة باقية على حالها لم يتم إحراز تقدم فيها ذي بال نحو ما رصده آخر تقييم ورد في التقرير الدوري قدمه الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن في يوليو الماضي بشأن دارفور.

    ومن عجائب أزمة دارفور التي لا تنقضي, والتي تكاد تجعل الجد في طلب السلام نسياً منسياً, أن آفة “تطبيع الأزمة” والتعامل مع مآسيها الإنسانية بدم بارد غشيت المجتمع الدولي الذي ملأ العالم ضجيجاً بلا طحين في شأنها, فلقد تحول الاهتمام بها إلى “مسألة بيروقراطية” مجرد تقارير روتينية دورية ربع سنوية يصدرها الأمين العام يكرر فيها في كل مرة الحكي عن عجز أكبر بعثة حفظ سلام في تاريخ المنظمة عن حماية نفسها دعك من أن تفرض سلاماً لا وجود له, ثم يسرد حوادث الاختطاف والقتل التي يتعرض لها جنودها, في مشهد عبثي لا تجد فيه أية حكمة من أية نوع عن المغزى من هذا الوجود الكثيف للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (يوناميد), فلا هي بعد سنوات من وجودها أنهت العنف, أو على الأقل حدت منه, ولا هي حققت أمناً. ومن طرائف تقارير البعثة أن بان كي مون طلب في أحد توصيات تقريره الأخير لمجلس الأمن “الحكومة السودانية بأن تعمل على المسارعة إلى ضبط المسؤولين عن ترويع منسوبي يوناميد وتقديمهم إلى العدالة”, وطالما أن السيد مون يقر بأن الحكومة السودانية تمتلك كل هذه القدرات الاستثنائية في ضبط المتفلتين وإقامة العدل والقيام على أتم وجه بمهمة “حفظ سلام قوات حفظ السلام الدولية” إذن فما هي مهمة بعثته ذات العدد والعتاد, التي تبلغ ميزانيتها السنوية المعتمدة ملياراً ونصف المليار دولار, وفي غضون السنوات القليلة الماضية صُرفت, حسب خبراء مختصين, أكثر من عشرة مليارات دولار باسم تحقيق وحفظ السلام في دارفور, أنفقت كلها على البعثة, ولو أن معشار هذا المبلغ استثمر في مساهمة دولية حقيقية في تنمية الإقليم لقضي على جذور الصراع فيها التي اندلعت, ضمن أسباب آخرى, بسبب التنافس على الموارد الطبيعية المحدودة بسبب غوائل العوامل البيئية.

    والغريب أن المنظمة الدولية تتنصل عن أية مسؤولية لها في عملية إعادة إعمار دارفور, وتعتبرها مسؤولية تقع على عاتق الحكومة السودانية وحدها, إذ يذهب كي مون إلى الإقرار بأن” من المشكوك فيه, في الوقت الراهن, أن توجه حكومة السودان , بسبب أزمتها الاقتصادية والمالية, الاهتمام والدعم اللازمين نحو عملية الإنعاش وإعادة التأهيل والتنمية التي تشتد إليها الحاجة في دارفور, أي أن آمال السكان في دارفور في تحقيق سلام دائم ستظل مجرد تطلعات” قد يصلح أن يصدر هذا الحديث من محلل سياسي, ولكن كيف يصح صدوره من الأمين العام للأمم المتحدة أن يكتفي بان يتحول إلى مجرد معلق على الأحداث, في وقت ينفق المجتمع الدولي مليارات الدولارات على عملية فاشلة بامتياز لم يُعرف لها غرض واحد نجحت في تحقيقه, ثم يضن بأي إسهام على عملية إعادة الإعمار موكل أمرها لحكومة تعايش ضائقة اقتصادية طاحنة يعرف سلفاً أن لا طاقة لها بذلك, ثم إن المستفيدين الحقيقيين من أية عملية إعمار هم المواطنون العاديون المطحنون في دارفور, فلماذا تريد المنظمة الدولية أن يظلوا في بؤسهم فقط لاستخدامهم كرت ضغط ضد الخرطوم دون أي اعتبار لأدميتهم؟.

    في الواقع إن مواطن دارفور البسيط هو من يدفع في نهاية الأمر ثمن استخدامه من قبل جميع أطراف الصراع المحلية والدولية, كبشاً للفداء لأجندة ومصالح هذه الأطراف المختلفة. ويساعد على هذا الاستغلال البشع لإنسان دارفور أن نخبة أبناء الإقليم من قادة الجماعات المسلحة أو السياسيين هم من يتحملون المسؤولية الأكبر في إطالة أمد النزاع واستمرار معاناة مواطنيهم بسبب الانقسامات الأميبية الحادة التي شهدتها هذه الحركات بلا مبررات موضوعية إلا التنافس على الزعامة والسعي للحصول على وظائف حكومية على أجساد مواطنيهم مما أضعف حجة المطالب المشروعة الساعية للتغيير, واضاع فرص التسوية العادلة التي ذبحت على أعتاب المطامع الشخصية على حساب المصلحة العامة لأهل دارفور, واتهام الحكم في الخرطوم بأنه انتهج سياسة فرق تسد في أوساط المناضلين يسئ إلى النخبة الدارفورية التي ترضي أن تكون سلعة تباع وتشترى في سوق السياسة؟, ألم يكن حرياً بالنخبة الدارفورية أن تتعلم من الثوار الجنوبيين أنهم لم يسمحوا للانقسامات بينهم أن تصل إلى حد أن تكون سبباً في ضياع أصل قضيتهم.

    ومن المهم للجماعة الوطنية السودانية عامة أن تدرك أن الانصراف عن أزمة دارفور أو تجاهلها والتعامل معها وكأنه شأن لا يخصها يدخل في باب الغفلة التي لا يجب أن تتكرر والبلاد لا تزال تدفع ثمن الغفلة الكبرى عن قضية الجنوب حتى استهانوا باحتمال انفصاله الذي ذهب البعض إلى اعتباره حلاً, وما استفاق السودانيون على هولها حتى عندما حدث تقسيم البلاد, ولم ينتبهوا إلى شأنها إلا عندما مست تبعات التقسيم الاقتصادية, بذهاب ريع النفط, جيب كل مواطن فطفق الجميع يتابعون بدقة كما لم يفعلوا من قبل أمر مفاوضات أديس أبابا عسى أن تعيد الحياة إلى أنابيب النفط, وتعيد بعض القيمة إلى المال في جيوبهم المكدودة, فلماذا ينتظر السودانيون كل مرة وقوع الكارثة على رؤوسهم حتى يستفيقوا, ودارفور سائرة على طريق أخطر مما انتهت إليه قضية الجنوب ما لم يتم تداركها, ووعي الضمير الوطني بأمر ما يجري في دارفور وتحريك الرأي العام في إتجاه الضغط من أجل وقف دخولها في “نفق النسيان” سيسهم بلا شك في إبقاء آمال وجهود البحث عن حل وطني شامل حية وممكنة.
    عن صحيفة إيلاف
    12 سبتمبر 2012
                  

09-16-2012, 07:50 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    مصادر ثراء الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية(1/2)
    Updated On Sep 12th, 2012

    بقلم : تاج السر عثمان

    قال المسيح عليه السلام يوما لانصاره :

    (( احذروا الأنبياء الكذبة !! )) قالوا : (( كيف نعرفهم ؟؟ )) قال : (( بثمارهم تعرفونهم )) . بعد 23 عاما عرف الشعب السوداني ثمار سياسات الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي جردته من مكتسباته التاريخية في مجانية التعليم والخدمات الصحية وافقرته حتى اصبح حوالي 94 % من سكان السودان فقراء ( التقرير الإستراتيجي 1997 م )) .

    نتابع في هذا الدراسة مصادر ثراء الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي مكن لها انقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو 1989 م في الأرض ،وخصائصها ، وكيف استغلت الشعارات الإسلامية كغطاء أيديولوجي وجواز مرور للدخول في نادى الرأسمالية السودانية .

    من أين أتى هؤلاء ؟

    تساءل المرحوم الروائي السوداني الطيب صالح بعد الحصاد المر لسياسات نظام الانقاذ: من أين أتي هؤلاء ؟ ونحاول الإجابة على هذا السؤال في البحث عن البنية الاقتصادية _ الاجتماعية التي أفرزت هذا التنظيم.

    معروف انه عندما استقل السودان في أول يناير 1956 م ورث بنية اقتصادية _ اجتماعية كانت تحمل كل مؤشرات التخلف مثل : اقتصاد متوجه خارجيا ، بمعنى أنه كان يلبى حاجات بريطانيا من سلعة القطن الذي كان يشكل 60 % من عائد الصادر ، وسيطرة بريطانيا على التجارة الخارجية للسودان ، هذا إضافة لتصدير الفائض الاقتصادي اللازم لتنمية البلاد للخارج ، وكانت الصناعة تشكل 9 % من إجمالي الناتج القومي ، كما أجهض المستعمر أي محاولة من جانب الرأسمالية السودانية الناشئة لاقامة صناعة وطنية وذلك لان المستعمر كان يريد السودان سوقا لتصريف منتجاته الصناعية ، وكانت الصناعة تستوعب 3 % من القوى العاملة في البلاد .

    كان القطاع التقليدي يساهم ب56.4 % من إجمالي الناتج القومي ، كما كان حوالي 90 % من سكان السودان مرتبطين بالقطاع التقليدي ( رعاة ، مزارعين ، .. )

    وكانت نسبة الأمية 86.5 % ، كما كان هدف التعليم هو تلبية احتياجات المستعمر لتحريك دولاب الدولة من موظفين وفنيين وعمال .

    هذا إضافة لنمط التنمية الاستعماري غير المتوازن بين أقاليم السودان المختلفة .

    هذا إضافة إلى أن ظروف القمع التي كانت تعيشها الحركة الوطنية لم تساعد في بناء حياة حزبية ديمقراطية معافاة ، وحركة ثقافية تفجر مكنون الموروث المحلى وتتفاعل أخذا وعطاءا مع الثقافة العالمية .

    وعندما نشأ تنظيم الأخوان المسلمين في السودان كان متأثرا بهذا الواقع والذي كانت الحركة الوطنية بتياراتها المختلفة تقاومه .

    يقول د . الترابي عن عهد التكوين ( 1949 _ 1955 م ) : ( وفى ثنايا هذه الظروف وفى وسط الطلاب نشأت الحركة من عناصر تائبة إلى الدين من بعد ما غشت بعضهم غاشية الشيوعية ، واستفزت بعضهم أطروحتها السافرة في تحدى الدين عقيدة وخلقا ، واثارت آخرين غلبة التصورات والأنماط الحياتية التي فرضها التعليم النظامي الذي كان يسوسه الإنجليز ، فنبتت النواة الأولى في صميم البنية الطلابية بجامعة الخرطوم وفروعها في المدارس الثانوية ، ولم تتخرج تلك الثلة المسلمة من الطلاب إلا نحو 1955 م )

    ( د . حسن الترابي : الحركة الإسلامية في السودان ، ص 26 )

    واضح من أعلاه طفيلية النشأة، ورد الفعل على الشيوعية ، هذا فضلا عن انه عندما نشأ ت (الحركة السودانية للتحرر الوطني) في أغسطس 1946 م ( الحزب الشيوعي فيما بعد ) لم تكن تحديا للدين عقيدة وخلقا ، ولكنها طرحت شعارات الجلاء وحق تقرير المصير للشعب السوداني ، واسهمت في إدخال الوعي ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، في بناء الحركة النقابية واتحادات الشباب والنساء وحركة المزارعين واتحادات الطلاب ، كما طرحت ضرورة تجديد البلاد بإنجاز النهضة الوطنية الديمقراطية بإنجاز الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي .

    على أن البنية الاقتصادية _ الاجتماعية التي كان القطاع التقليدي يساهم فيها بنسبة 56.4 % ، وحوالي 90 % من سكان البلاد مرتبطين بالقطاع التقليدي ، وكل ما يعنى ذلك من تفاوت في التطور الاقتصادي والاجتماعي والنفسي بين أقاليم السودان المختلفة ، هي التي شكلت التربة الخصبة ولازالت لتوالد وتكاثر تنظيمات التطرف الديني .

    العوامل المساعدة في التوالد والنمو :

    كانت ديكتاتورية الفريق عبود ( 1958 _ 1964 م ) من العوامل المساعدة في نمو وانتشار حركة الأخوان المسلمين ، وقد استفادت الحركة إلى أقصى حد من القمع الذي وجهته الديكتاتورية للقوى الشيوعية والديمقراطية والمستنيرة ، وظلت حركة الأخوان المسلمين تعمل تحت اسم الواجهات الدينية ، إضافة للواجهات الثقافية في الأندية ، هذا إضافة لظروف الديكتاتورية وما يصاحبها من جدب في الفكر والثقافة من جراء مصادرة حق التعبير والنشر . وقد وصف د . الترابي هذه الفترة بأنها ( مرحلة بركة ونمو للحركة الطلابية حتى أصبحت من كبريات الاتجاهات الطلابية ) ( د . الترابي: المرجع السابق ص 30 )

    فالأخوان كما أشار د. الترابي كانوا في حالة كمون في فترة ديكتاتورية عبود ، بل انهم أيدوا انقلاب 17 نوفمبر 1958 م ووصفوه بثورة الجيش كما جاء في كلمة صحيفة ( الأخوان المسلمين ) الصادرة بتاريخ أول ديسمبر 1958 م .

    وبعد ثورة اكتو بر 1964 م تحالف الأخوان المسلمون مع حزبي الأمة والوطني الاتحادي ونفذوا مؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ، وبذلك تم تقويض الدستور والنظام الديمقراطي واستقلال القضاء ، كما كانوا وراء محكمة الردة للأستاذ محمود محمد طه ، ووراء الدستور الإسلامي الرئاسي الذي كان الهدف من ورائه إقامة ديكتاتورية مدنية باسم الإسلام مما يؤدى إلى تقويض الديمقراطية وينسف وحدة البلاد .

    وكان ذلك هو المناخ الذي كان سائدا والذي أدى لانقلاب 25 مايو 1969 م .

    وبعد انقلاب 25 مايو، استفاد الأخوان المسلمون من تلك الفترة ولاسيما بعد ضرب وقمع الشيوعيين في يوليو 1971 م، حيث سيطروا على اتحاد طلاب جامعة الخرطوم بعد إلغاء دستور التمثيل النسبي وإدخال دستور الحر المباشر.

    كما استفاد الأخوان المسلمون من المصالحة الوطنية مع نظام نميرى في عام 1977 م وقامت منظمات مثل : منظمة الدعوة الإسلامية ، الوكالة الإسلامية للإغاثة ، جمعية رائدات النهضة ، جمعية شباب البناء ، جمعية الإصلاح والمواساة ، مؤسسة دان فوديو الخيرية … الخ . كما أقاموا مؤسسات تعليمية مثل : إنشاء المركز الإسلامي الأفريقي ، وكلية القران الكريم ، وعدد من المدارس الابتدائية ورياض الأطفال التابعة لمنظمة الدعوة الإسلامية ( لمواجهة التعليم الكنسي والتجاري ) .

    ثم بعد ذلك اقتحموا السوق والتجارة ، وهاجر بعضهم لبلاد الخليج بعد انقلاب مايو 1969 م حتى توسعوا في العمل التجاري ، كما انشأوا المصارف الإسلامية ( بنك فيصل الإسلامي ، التضامن الإسلامي ) ، كما انشأوا عددا من شركات التأمين والمؤسسات التجارية والعقارية مما خلق بديلا للمصارف الربوية حسب ما كانوا يزعمون . ( انظر : الأمين محمد احمد : الحركة الإسلامية في السودان : السلبيات والإيجابيات ) .

    ومعلوم أن النشاط الطفيلي اصبح هو الغالب في فترة مايو وتراجعت الرأسمالية الوطنية التي كانت تعمل في ميداني الإنتاج الصناعي والزراعي نتيجة لارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج ، وأزمة الوقود والطاقة وانخفاض قيمة الجنية السوداني …. الخ. ، وبالتالي سيطر النشاط الطفيلي على مختلف اوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية وظهرت فئات السماسرة التي تعيش على العمولات ، ووكلاء البنوك الأجنبية والشركات الأجنبية وروؤس الأموال البترولية وشركات النهب والفساد مثل شركة تراياد التي تحالفت مع مجموعة القصر ( نميرى ، بهاء الدين …. الخ )

    وفى هذه البحيرة الراكدة ، وفى أحضان الرأسمالية الطفيلية المايوية، نمت وتطورت الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية ، وكان التقدير أن للإخوان المسلمين حوالي 500 شركة من كبيرة وصغيرة في عام 1980 م ، وتصل حجم روؤس أموالهم لاكثر من 500 مليون دولار متداولة من بين هذه الشركات في الداخل . ( عصام الدين ميرغني : الجيش السوداني والسياسة ، القاهرة 2002 م ، ص 225 )
                  

09-18-2012, 05:18 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    برافو أيمن نور .. والأخوان هم الأخوان!ا
    09-17-2012 02:27 b
    برافو أيمن نور .. والأخوان هم الأخوان!

    تاج السر حسين
    [email protected]

    رفض الدكتور (أيمن نور) تلبية الدعوة التى وجهت له مع باثى قيادات الأحزاب المصريه للقاء (بعمر البشير) خلال زيارته الأخيره لمصر، والدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد القديم أو الثوره الحالى، انسان مصرى ابن بلد، أصيل يستحق كل تقدير وأحترام، وصحيح بدأت تظهر علامات القيامه واضحه فكما جاء فى الحديث (اذا ضيعت الأمانه فأنتظروا الساعه، قالوا : وكيف نعرف ضياعها ، قال : اذا اسندت الأمور الى غير اهلها)، فمن هو مثل أيمن نور يستبعد من انتخابات الرئاسه بحكم سياسى صدر فى حقه خلال عهد (مبارك) الذى اطاحت به الثوره .. وأيمن نور وهو أحد مفجرى الثوره المصريه (الحقيقيين) مع رفاقه جورج اسحق ود. قنديل لا الأنتهازيين أو المتسلقين، فعندما واجه (أيمن نور) نظام مبارك فى شجاعة وثبات وخاض ضده أنتخابات الرئاسة ودخل السجن ثمنا، لذلك كان (الأخوان) ينسقون مع النظام ويحصلون على (كوتة) من مقاعد البرلمان، تسكتهم وتكشف تحركاتهم، وتجعل أمريكا والغرب يشعرون بأنهم البديل المحتمل وكل كلام عن معتقلات وسجون دخلوها، كان السبب فيها العنف والأرهاب الذى مارسوه عتلى المجتمع المصرى ولم يسلم منه مسلم أو مسيحى.
    والدليل على أن (النظام) كان ينسق معهم، وما كان يظن بأن الثوار سوف يطيحون به ، أنهم خرجوا بعد سقوط النظام اقوى من أى حزب آخر، وكان النظام يقول عنهم فى أجهزة الأعلام جماعه (محظوره) بينما كانت اجهزة امنهم تعلم بانهم يجتمعون ويحتفلون هنا وهناك، لذلك يرفضون الآن تقنين وضع الجماعه وأن يكتفوا بحزبهم السياسى، والسبب فى رفضهم هو أنهم يحصلون على دعم واموال ضخمه من الخارج كما اعترف بعظمة لسانه القيادى السابق فى التنظيم الدكتور/ كمال هلباوى، حينما كشف فى لقاء تلفزيونى بأن الأخوان المسلمين فى مصر يمكن ان يحصلوا على دعم من أى أخ مسلم خارج مصر ميسور الحال، وهذا يعنى من الأخوان فى الدول العربيه والأسلاميه وحتى الأوربيه، لأنه تنظيم (عالمى) والدكتور (هلباوى) كان الناطق الرسمى باسم (الأخوان) فى اوربا ومقيما فى لندن لمدة 20 سنه ، وتقدر له استقالته من تنظيم الأخوان حينما نكثوا عهدهم وتراجعوا عن وعدهم بعدم ترشيح أى عضو منهم لمنصب الرئاسة بل قالوا أنهم لن يدعموا أى مرشح (أسلامى)، فاذا بهم يرشحوا رئيس الحزب الدكتور/ محمد مرسى، الذى اصبح رئيسا للجمهوريه ومن قبله رشحوا نائب (المرشد) المهندس خيرت الشاطر.

    لذلك ما كان مستغربا من الدكتور/ ايمن نور موقفه المبدئى، برفضه حضور اللقاء الذى دعى له عدد من قادة الأحزاب السياسيه المصريه، مع (عمر البشير)، وقال كلاما، محترما ((بان مصر يجب أن تقوى علاقتها مع الشعب السودانى لا مع الأنظمه الديكتاتوريه المستبده)).
    بينما برر الأخوانى (محمد مرسى) الموافقة على زيارة البشير وعدم اعتقاله بأنه "التزام بقرار الأتحاد الأفريقى"، ومعلوم للسودانيين كيف صدر ذلك القرار الذى كان وراءه المرحوم/ معمر القذافى، المعروفه شكل علاقته بالدول الأفريقيه التى نصب ملكا لملوكها.
    وكما ينتقى (الأخوان) فى مصر بعض قوانين مبارك التى تخدم مصالحهم، مثل تبعية الصحف لمجلس الشورى الذى يسيطرون عليه، كذلك أعترفوا بقرار أفريقى يسمح لهم باستقبال (البشير) وعدم رفض زيارته أو القيام باعتقاله أمتثالا وتنفيذا لقرارات الشرعية الدوليه، التى تعلو على القرارات الأقليميه، أو على الأقل قصاصا لملايين الشهداء السودانيين الذين سفك دمهم (البشير) فى الجنوب وفى دارفور.
    وهل فعلا توثقت علاقة (مصر) بأفريقيا لهذه الدرجه وحينما ينتصر فريق مصرى فى البطولات الأفريقيه، الرياضيه يقال هذا انتصار للعرب، أو يتمنى الأعلاميون المصريون الأنتصار لفريق تونسى أو سودانى، لأنهم عرب، مع اننا وهم افارقه ونوجد فى القاره الأفريقيه.
    .
    .
    لم يكن مستغربا من (الأخوان المسلمين) فى مصر ذلك، فما يحكمهم هو التفكير (البرجماتى) الميكيافيلى كما أشرنا، والذى يقدم المصالح على المبادئ، مع انهم ينسبون مرجعيتهم للأسلام، والأسلام برئ من موالاة القتله والمجرمين.
    الشاهد فى الأمر انهم عند أحرار السودان، القابضين على الجمر لا يختلفون عن نظام مبارك فى شئ، بل يتوقعون منهم ما هو اسوأ من ذلك .. ورؤيتهم للسودان لن تختلف عن رؤية عدد كبير من السياسيين المصريين، اراض شاسعه قابله للزراعه أهلها كسالى وثروه حيوانيه ضخمه لا يعلمون أن المواطن السودانى البسيط محروم منها منذ أن وصل أخوانهم للسلطه، لأن ثمن كيلو اللحم فى الخرطوم أغلى من القاهره التى كان يصدر اليها بسعر زهيد من أجل الحصول على دعم نظام مبارك، وهم مستعدون لنفس الفعل مع نظام الأخوان فى مصر.
    .

    وللأسف فأن صناع (الفرعون) فى السودان لا يختلفون كثيرا عن رفاقهم فى الجاره مصر، سواء أن كانوا سياسيين ومعارضين واعلاميين ونخب ومثقفين، الذين جعلوا من الرئيس المصرى السابق (مبارك) الها يعبد، وما كانوا يبدأون أحاديثهم الناقده لكل شئ فى مصر، قبل أن يستثنوا (الرئيس) قدس سره وبعد مقدمه طويلة ينزهونه فيها من الخطأ ويجنبونه النقد ويشيدون به وبحكمته، فى نفاق (مقيت)، وحينما سقط الرجل ودخل السجن وتأكدوا من دخوله، نسوا كل حسناته وحتى دوره المعروف فى حرب أكتوبر وبدأوا يتحدثون عن اخطائه بكل (شجاعه) وكأنه لم يفعل خيرا قط .. وهكذا يفعل كثير من اقرانهم فى السودان، وسوف يخرجون فى الغد حينما يسقط فرعون السودان، ويذهب الى مزبلة التاريخ مطأطئ الروؤس يبررون مواقفهم المخزيه.


    واذا كان (مرسى) ورفاقه لا يعلمون فأن (البشير) الذى زار مصر فى حياء وخجل واضح والذى قوبل بذلة واهانه – يستحقها - حيث قام باستقباله فى المطار رئيس الوزراء، لا رئيس الدوله كما يقضى البرتكول، فماذا ياترى يكتب الصحفى (عادل الباز) هذه المرة بعد أن كنب فى المرة السابقة أن قصر القبه فتح لأول مرة (للبشير) بعد الثوره المصريه، بعد أن ظل مغلقا فى وجهه خلال فترة مبارك، لكن ما لم يقله (عادل الباز) وقتها وهو معذور، اذا كان الأمر على ذلك الحال فماهو سبب تهافت نظام البشير على مبارك ومحاولة استرضائه بكآفة السبل؟
    و(البشير) اصبح فى وقت من الأوقات (يشير - مبارك) وتابعا له، منذ أن شارك النظام فى محاوله اغتياله فى اثيوبيا عام 1995، واصبح كذلك تابعا للرئيس الأثيوبى ملس زيناوى الذى غيبه الموت أخيرا مثلما غيبت الثوره حسنى مبارك.
    ولأن السياسه لا تعترف الا بالمصالح، فكان من مصلحة النظامين المصرى والأثيوبى فى بقاء (البشير) فى السلطه يستنفذونه ويبتزونه ويلوحون فى وجهه بملف تلك القضيه، فى كل وقت يحتاجون فيه لذلك.


    ومن يغالط فيما نقوله عن أنه كان (بشير – مبارك) وحتى قبل تخليه عن السلطه بايام قلائل، فعليه أن يتذكر موقف (النظام) خلال ايام الثوره المصريه قبل التأكد من نجاحها، وهل أدلى مسوؤل سودانى واحد صغير أو كبير، بتأييد للثوره، ولو عن بعبارات دبلوماسيه معتاده فى مثل هذه الظروف تقبل كل احتمال، نجحت الثوره أم فشلت؟
    ومن يغالط فعليه أن يراجع مكتبة مركز الأهرام للدراسات السياسيه والأستراتيجيه (الصوتيه) قبل أن تدمر ويقضى عليها مثل الأشرطه التى قضى عليها فى مكاتب جهاز الأمن المصرى.
    فسوف يكتشف بأن أى مسوؤل فى نظام الأنقاذ شارك فى ورشه أو ندوه مفتوحه أو مغلقه فى ذلك المركز، قد مدح مبارك واشاد بسياسته الحكيمه ودعمه (للسودان) وهو يقصد دعمه للنظام، ومبارك هو أول من اعترف بانقلاب (البشير) على الشرعيه واقنع الدول العربيه للأعتراف به، لا يستثنى من اؤلئك المادحين (لمبارك) ونظامه أزلام المؤتمر الوطنى أو أقزام أحزاب الموالاة والنفاق الذين يطلق عليهم احزاب (الفكه)، الضار منهم والنافع وغير غير النافع.
    وللاسف لا زالت (مصر) الرسميه، هى ذاتها مصر (الخديويه) لا تعرف حتى الآن كيف تتعامل مع شعب السودان، وفى كل يوم يزيد الغبن وبزيد الشعور بالظلم، ويشارك فى ذلك الظلم العديد من النخب والمثقفين والأعلاميين المصريين – بوعى أو بدون وعى - ففى الوقت الذى استطاعت فيه (مصر) التخلص من طاغيه ونظام فاسد، وكنا نظن بأننا سوف نسبقهم على ذلك ، فؤجئ السودانيون بأن النظام المصرى الجديد بعد الثوره والى جانبه النخب والمثقفين يتعاملون مع نظام (البشير) بكل اعتياديه وكأنه لم يبيد 2 مليون نفس فى الجنوب و300 الف فى دارفور وهجر ضعفهم مرتين وتسبب فى انفصال الجنوب بخوضه حرب جهاديه غير مبرره، وبدفعه معارضين كثر لحمل السلاح ومواجهة النظام بتحديه للشعب وعدم جلوسه الا مع من يحمل السلاح ثم قام بأسوا من ذلك كله، حيث اسس كتائب ومليشيات موازيه للجيش، دورها الأساسى دعم النظام والدفاع عنه ظالما أو مظلوما.


    وفى الغالب كانت وجهة نظر السياسى والمثقف المصرى، اذا تحدث فى الندوات أو الفضائيات عن تقاعس مصر على ايام مبارك وتقصيرها فى بذل أى جهد يمنع انفصال الجنوب، تجدهم على الفور تبنوا نظرية المؤامرة ووجهة نظر (عر بيه / اسلاميه) لا تعترف بخصوصية السودان وتعدده الدينى وتنوعه الثقافى وتشعر بأن المتحدث لا يحيط باساس المشكله السودانيه على نحو عميق ولا يريد أن يعرفها من خلال مثقفين سودانيين غير منتمين للنظام .. وتشعر بأنهم يرون منع ذلك الأنفصال، كان ممكنا أذا تدخلت مصر عسكريا، مساندة للنظام ضد من يسمونهم انفصاليين .. يلمح بذلك الرأى الساذج جدا البعض ويصرح به علنا بعض آخر وهم لا يعلمون الى اين كان سوف يؤدى مثل ذلك التدخل وحجم الأستقطاب الدولى الذى سوف يجره للمنطقه.
    بينما كانت رؤية شرفاء السودان تقول بأن انقاذ السودان كله ممكن وايقاف الأنفصال ليس مستحيلا، لكن ذلك لا يتحقق الا عبر طريقين لا ثالث لهما، يمكن أن تلعب مصر فيه دورا هاما.


    الأول قد يبدو صعبا وعلى عكس ما يتمنى السفير المصرى السابق المدهش، (عبد الله الأشعل)، الذى كان يدافع عن (البشير) ونظامه باستماته، وهو أن يقوم مبارك بتسليم البشير للمحكمه الجنائيه استجابة لقرارات الشرعية الدوليه ومن أجل انقاذ السودان، طالما ارتكب جرائم حرب واباده وجرائم ضد الأنسانيه، وطالما لا تتوفر محاكم عادله وقضاء مستقل فى السودان فى ظل نظام (شمولى)، يقضى بعزله من السلطه ومحاكمته داخليا، بعد 23 سنه من البقاء فى السلطه ومن الفساد والأستبداد وهذا امر نستبعده ولا نلوم عليه (مبارك) أو أى حاكم مصرى، لأن أرث مصر ومنذ زمن بعيد يرفض تسليم المعارضين السياسين وكل من دخل اراضيها رغم أن الأنظمه الحاكمه فى (مصر) قد تكون أحيانا عنيفه وباطشه وغير رحيمه بشعبها.
    أما الطريق الثانى فقد كان سهلا وميسورا وناجعا ولايعدو أكثر من (تهديد) بقيام مصر بتسلميه للمحكمه الجنائيه اذا وصل اراضيها، وأن تنصحه بالجلوس الى شعبه وحل كآفة المشاكل حتى لو وصل الأمر أن يتخلى عن السلطه كما فعلت السعوديه مع على عبد الله صالح، وكما طلب مرسى مؤخرا من بشار الأسد، الذى لم يصل سوءه درجة سوء البشير.


    وقتها كان (البشير) سوف يشعر بأنه (محاصر) حيث لا يوجد مكان آخر يمكن ان يتجه اليه غير مصر ولن يستمر ليوم واحد بدون دعمها الأقليمى والدولى.
    ومن المؤكد بأنه كان سوف يضطر لتغيير سياساته ويتخلى عن عنجهيته وتبعا لذلك يتغير سلوك (اتباعه) الصغار وصناع (الفرعون)، وكان من الممكن ايقاف انفصال الجنوب بأى ثمن ، خاصة اذا تحرر الأعلام وملك المواطنين الحقائق وشرح لهم الصعوبات الأقتصاديه التى سوف يدخل فيها الشمال عند انفصال الجنوب، وتوقف ايرادات البترول ولذلك على الشمال أن يقدم اى تنازل يمنع ذلك الأنفصال وأن يعبر عن النوايا الحسنه بدعم وصول سودانى جنوبى لمنصب الرئاسة بتوافق من كآفة أهل السودان ليس بالضرورة أن يكون من بين رموز (الحركه الشعبيه) اذا كان الأمر يثير بعض الحساسيات، لأنها استطاعت ان تهزم المشروع الحضارى (المتخلف) الذى ولد فاشلا.
    ويكتمل جمال المشهد بتقلد منصب ال

    نائب الأول للرئيس من ابناء دارفور المشهود لهم بالوطنيه والكفاءة والثبات على المبادئ لا مثل الحاج آدم وغيره من الذين يتاجرون بقضية دارفور وقضية السودان كله.
    وان تجرى اصلاحات حقيقيه سياسيه وأجتماعيه لا شكليه وديكوريه .. يومها كنا سوف نشهد سودانا مثل جنوب افريقيا (مانديلا)، تصالح وتسامح ينعم به الجميع ولا يستثنى سوى القتله والفاسدين اى كان موقعهم.
    لكن (مبارك) من خلال رؤيه سياسيه (برغماتيه) كان مرتاحا لضعف نظام السودان وتهافته عليه وهو يعلم انه لا يستطيع الفكاك عن مصر وكان داعما للقرار المصرى فى كل محفل حتى لو كان ضد مصلحة السودان مثل الأتفاقية التى وقعتها كآفة دول حوض النيل والتى تحقق للسودان مصالح ضخمه كما شهد عدد كبير من الخبراء المنتمين للنظام ، دون أن يخسر السودان مليما واحده، ولا مصلحة للسودان سياسيه أو (مائيه) للوقوف مع مصر، فى حقيقة الأمر الصحيح هو أن يلعب السودان دور كبير فى اقناع مصر للأنضمام لتلك الأتفاقيه، حتى لا تزيد عزلتها عن (افريقيا) ويمكن أن تعالج قضية توزيع المياه بالصوره التى تحقق مصلحة الجميع، لآ أن تظهر مصر مستعليه على تلك الدول وتجر من ورائها السودان.


    ونحن لا نرفض دعم الشعب المصرى ومساعدته فى اى جانب، لكن الا يكون ذلك من خلال سلوك أنتهازى أو من منطلق (شراء) مواقف ، استغلالا لنظام ضعيف وكما يفعل البشير مع المعارضين ضعفاء النفوس فى السودان الذين يستغل ظروفهم الماليه، بسياسه أنتهجها النظام تقوم على محاربة كل سودانى فى زرقه يعارضه أو يقف ضده.
    هذا كله يجب أن يعرفه نظام (الأخوان) فى مصر اذا لم يكونوا يعرفونه من قبل، اضافة الى مواقف تخصهم مع أخوهم (البشير) الذى باعهم ذات يوم بثمن بخس وهم يعلمون ذلك أكثر من غيرهم ومعلوم لديهم الدور (الاستخباراتى) الذى قام به (البشير) ونظامه لصالح أمريكا وعدد الأسلأميين الذين سلمهم، وقد اعترف رجل نظام (مبارك) الأول فى السودان مصطفى عثمان اسماعيل بأن المعلومات التى وفرها نظام االسودان لأمريكا عن الأسلاميين بمختلف توجهاتهم ، لم تتمكن من جمعها المخابرات الأمريكيه بكل ما لديها من امكانات.


    والسبب بسيط ولا يعبر عن شدة ذكاء وأنما لأن كآفة الحركات الأسلاميه كان تثق فى نظام السودان الذى يرفع شعار الأسلام ويعلن معاداة امريكا فى اناشيد الجهاديين وخطابات المسوؤلين، فى الوقت كانوا يعملون فيه (طابور خامس) لأمريكا من أجل البقاء على كرسى السلطه.
    بعد كل هذا يتهافت (البشير) وازلامه على النظام الأسلامى الجديد فى مصر، ويحرجونه بزياراتهم، والنظام المصرى ينظر اليه المجتمع الدولى فى هذا الوقت باعتباره قد وصل للسلطه عن طريق الديمقراطيه ويجب أن يتعاون مع ذلك المجتع ويستجيب لقراراته الشرعية .. وفى ذات الوقت يريد منهم نظام (البشير) أن يلعبوا نفس الدور الذى كان يلعبه مبارك.


    فهل ينقذه اخوان مصر، من الغرق والسقوط ويقفون الى جانبه، كما فعل مبارك والشعب السودانى (الحر) لا يريد أى دعم أو مساعده للنظام من مصر أو علاقات تتعدى الحد الأدنى المسموح به بين الدول، فى الوقت الحاضر وحتى يتمكن احرار السودان من اسقاطه والتخلص منه بكل الوسائل المتاحه ورميه فى مزبلة التاريخ وبعدها يمكن أن تنشأ علاقات بين دولتين ونظامين ديمقرطيين، مؤسسه على النديه والأحترام المتبادل والمصالح المشتركه؟

    (عدل بواسطة الكيك on 09-18-2012, 05:35 AM)

                  

09-20-2012, 05:01 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    الورقة التي قدمها البروفسير الطيب زين العابدين بعنوان

    (الديمقراطية التوافقية طريقنا للاستقرار السياسي)
    الأربعاء, 19 أيلول/سبتمبر 2012 19:33


    نقلا عن (حريات)

    قدم البروفسير الطيب زين العابدين ورقة بعنوان (الديمقراطية التوافقية طريقنا للاستقرار السياسي) مساء الاثنين 17 سبتمبر بمركز مامون بحيري .

    وننشر نص الورقة أدناه :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الديمقراطية التوافقية طريقنا للاستقرار السياسي

    أ.د. الطيب زين العابدين

    مقدمة

    ظل السودان منذ الاستقلال يبحث لنحو ستين عاما عن نظام سياسي مستقر دون جدوى. فقد تعاقبت على حكمه ثلاثة أنظمة ديمقراطية لمدة أحد عشر عاماً فقط وثلاثة أنظمة عسكرية دام حكمها زهاء الأربعين عاماً، وما زالت البلاد تبحث عن دستور دائم ترضى عنه القوى السياسية في المركز والأقاليم ويضع البلاد على طريق الاستقرار والتنمية. كانت الأنظمة الديمقراطية التي اتسم حكمها بالقصر في فتراتها الثلاث (1954-58؛ 1965-69؛ 1986-89) هشة التكوين وضعيفة الأداء، فهي لم تفلح في إرساء قواعد متينة لحكم البلاد تستجيب لتطلعات أهل الجنوب في الحكم اللامركزي، ولم تبذل جهداً واضحاً في تنمية المناطق المتخلفة مما أدى إلى حرب أهلية طويلة مع الجنوب وإلى نزاعات إقليمية وتمرد مسلح ضد المركز، ولم تتمكن تلك الحكومات من وضع أسس اقتصادية سليمة توائم بين التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية حتى تسير البلاد في طريق النهضة والرفاهية؛ بل إنها لم تستطع في فتراتها الثلاث أن تضع دستوراً دائماً للبلاد بسبب الخلاف بين القوى السياسية على نظام الحكم ومرجعياته الفكرية والآيدولوجية، وأدى الصراع على السلطة إلى أزمات متلاحقة.وبسبب ضعف الحكومات الديمقراطية وزوال هيبتها لم تنجح حتى في حماية نفسها من مغامرات العسكريين الطامحين في السلطة، ولم يهب الشعب الذي انتخبها للدفاع عنها ضد الانقلابات العسكرية التي أطاحت بها لأن أداءها لم يكن مقنعا لعامة الناس. وبالطبع هناك أسباب حقيقية تفسر ضعف أداء الحكومات الديمقراطية، منها قصر المدة التي حظيت بها في السلطة وحداثة تجربة الحكم الوطني الذي جاء بعد ستين عاماً من الاستعمار البريطاني الذي عزل الشمال تماماً عن الجنوب وشكّل إدارات أهلية في الأقاليم على أسس قبلية، ولعدم توفر الأغلبية النيابية لحزب واحد في النظام البرلماني جاءت تكوينات كل تلك الحكومات إئتلافية من عدة أحزاب متنافرة تاريخياً وذات توجهات وطموحات متباينة من خلال ديمقراطية تنافسية، الأصل فيها غلبة حزب واحد على بقية الأحزاب. وعلى حداثتها نشأت الأحزاب السودانية على أسس طائفية أو إقليمية أو قبلية أو عقائدية تفتقد جميعاً النهج الديمقراطي والثقافة الديقراطية ومؤسسية الأجهزة الحزبية، فلم يكن سلوكها أو أداؤها مما يرسخ للنظام الديمقراطي أو يجعله جاذباً للشباب والطبقة الوسطى.ولكن يحمد للحكومات الديمقراطية أن الانتخابات الخمس التي أجرتها في عهدها كانت نزيهة وعادلة ومقبولة إلى حدٍ كبير لكافة القوى السياسية؛ وأن سجلها لم يشوه بانتهاكات واضحة لحقوق الإنسان، ولم تسع لتسييس القوات النظامية أو الخدمة المدنية أو الجهاز العدلي أو تستغل موارد الدولة لمصالح حزبية، وإن حاولت الأحزاب العقائدية تشكيل خلايا لها داخل الجيش لتستعين بها في الاستيلاء على السلطة، وهو نهج للحكم كان سائداً في كثير من الدول العربية والإفريقية والآسيوية.

    وتعاقبت على حكم البلاد ثلاثة أنظمة عسكرية دام حكمها لنحو أربعين عاماً (1958-64؛ 1969-85؛ 1989-2012)، جاء الحكم العسكري الأول نتيجة لتسليم السلطة لقيادة الجيش في نوفمبر 1958م من رئيس الوزراء المدني (عبد الله خليل) الذي أوشك أن يفقد منصبه بسبب تشكيل تحالف جديد داخل البرلمان كان سيطيح به، وكان الثاني انقلاباً عسكرياً من القيادات الوسطى في الجيش المتأثرة بالتجربة الناصرية ودعوتها للاشتراكية والقومية العربية، وجاء الانقلاب الثالث نتيجة تدبير وتنظيم من الحركة الإسلامية السودانية (الجبهة الإسلامية القومية) المتأثرة بفكر الأخوان المسلمون في مصر. وشاركت الأحزاب السياسية بدرجات متفاوتة ولمدد قصيرة في تأييد ودعم الحكومات العسكرية، ولكن القرار السياسي بقي بيد الإنقلابيين العسكريين باستثناء فترة الإنقاذ الأولى إذ سيطرت القيادة المدنية للجبهة الإسلامية على مقاليد السلطة؛ وفي كل الحالات انقلبت العصبة العسكرية على الأحزاب والقيادات التي جاءت بها للحكم أو دعمتها لتمسك بالسلطة كاملة وتضعها في يد قائد فرد أبعد عن السلطة حتى من شاركوه من الضباط في صنع الإنقلاب. وقد كان المناخ السياسي في عمومه بالدول العربية والإفريقية مواتياً للحكومات العسكرية والأنظمة الشمولية نسبة لهشاشة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني،ولضعف أداء الحكومات الديمقراطية التي جاءت عقب الاستقلال، والتي واجهت مشكلات اقتصادية وسياسية ونزاعات إثنية لم تستطع معالجتها بالقدر الكافي.

    وقد كان من سمات الأنظمة العسكرية التي حكمت السودان لأربعة عقود، أنها تبدأ عهدها بتعطيل الدستور وحكم القانون وتحجر على الحريات العامة وتحظر نشاط الأحزاب السياسية والاتحادات المهنية والنقابات العمالية المنتخبة وتقيد حرية الصحافة، وتقمع المعارضين المدنيين عبر القوة المفرطة بواسطة أجهزة الأمن والشرطة والمحاكم الاستثنائية وتدابير الطوارئ والأحكام العرفية والفصل من الخدمة العامة، مما أدى إلى إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتعطل بذلك التطور الديمقراطي في البلاد الذي بدأ واعداً عند مطلع الاستقلال. وعرف الحكم العسكري بتجييره للقوات النظامية والأجهزة العدلية والخدمة المدنية لمصلحة السلطة العسكرية القائمة بدلاً من مصلحة البلاد القومية، وبإحالته للصالح العام كل من يشتبه فيه من ضباط القوات النظامية أوقيادات الخدمة المدنية أو السلك القضائي بأنه معارض للنظام. وبلغت تلك الإجراءات التأمينية ذروتها في عهد سلطة الإنقاذ التي توفرت لها كوادر مؤهلة في شتى قطاعات الدولة حتى تماهت الحدود بين أجهزة الدولة والحزب الحاكم، وأصبحت سياسة “التمكين” لعناصر الحزب في أجهزة الدولة منهجاً رسمياً معلناً على رؤوس الأشهاد.وأدت تلك السياسات الإقصائية إلى ضعف المؤسسية وتدني الأداء في أجهزة الدولة بدرجة كبيرة بسبب تقديم الولاء للنظام على الكفاءة، وإلى انتشار الفساد في الخدمة المدنية لأن أهل الولاء الذين تسنموا القيادة كانوا فوق المحاسبة.

    وانتهجت جميع الحكومات الإنقلابية العمل العسكري حلاً لمشكلة الجنوب، على الأقل لفترة من الزمن حتى استيأست منه حاولت اللجؤ إلى معالجة سياسية بنصف قناعة،مما وسع الشقة بين أهل الشمال والجنوب وقاد لخسائر هائلة في الأرواح والممتلكات،وأدى في النهاية إلى انفصال جنوب السودان في يوليو 2011 في عهد الحكم العسكري الأخير؛ وفقد السودان بذلك ثلث مساحته وربع سكانه وثروات معدنية وزراعية ومائية هائلة. وكانت الفترات العسكرية مرتعاً خصباً للفساد والرشوة واهدار المال العام والمحسوبية واستغلال النفوذ، والتفاوت المريع بين الصرف على الأجهزة الأمنية التي يستند عليها النظام والصرف على التنمية والخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن. وضاق الشعب ذرعاً بالحكم العسكري فهب ضده بقواه المدنية والسياسية واستطاع الإطاحة به مرتين، الأولى في ثورة أكتوبر المجيدة ( 1964) ضد حكم الرئيس ابراهيم عبود، والثانية في انتفاضة جماهيرية مشهودة في (أبريل 1985) ضد حكم الرئيس جعفر نميري. ولا زال الحكم العسكري الحالي رغم طول بقائه في السلطة يعاني من النزاعات العسكرية الجهوية والاحتجاجات الجماهيرية ومن عدم الاستقرار السياسي والاداري، ومن العزلة الإقليمية والمحاصرة الدولية والأزمات الاقتصادية. وليس مستبعداً أن ينتفض الشعب السوداني ضد الحكم القائم مرة ثالثة كما فعل بسابقيه خاصة وأن الربيع العربي ضرب مثلاً في نجاح الثورات الجماهيرية على الحكومات الاستبدادية. وخلاصة تجربة السودان خلال العقود الستة منذ الاستقلال أنه لا يمكن أن يحكم بمركزية قابضة ولا بحكم استبدادي شمولي، عسكرياً كان أم مدنياً، وكلاهما من سمات الأنظمة العسكرية بحكم هيكلتها التراتيبية وتدريبها الصارم على طاعة الأوامر العليا دون نقاش أو مراجعة. وخيار السودان الذي لا بد منه هو النظام الديمقراطي اللامركزي الذي يتبنى تحقيق العدالة الاجتماعية على مستوى الأفراد والأقاليم والمجموعات العرقية مهما كانت مشكلات التطبيق التي تعترضه. ولكن كيف للسودان أن يؤسس ديمقراطية فيدرالية مستدامة؟ هذا ما تحاول الورقة الإجابة عليه.

    مشكلات النظام الديمقراطي في السودان

    إذا كان النظام الديمقراطي التعددي هو الأفضل لأهل السودان، وأن الحكم العسكري أو الشمولي غير مقبول لديهم بدليل ثورتهم الشعبية عليه مرتين في 1964 وفي 1985 فلماذا إذن لم تدم الديمقراطية أكثر من إحدى عشر سنة في حين تطاول الحكم العسكري لأربعين عاماً؟ لا بد أن هناك أسباباً موضوعية، سياسية واجتماعية، أدت لضعف النظام الديمقراطي مما أغرى المغامرين العسكريين بالإنقلاب عليه دون أن تهب الجماهير للدفاع عنه. يعزى نجاح الإنقلاب العسكري في الإستيلاء على السلطة، رغم بعض المحاولات الفاشلة، على حفظ سريته ودقة الإعداد لهو تجنيد قوة مؤيدة له في أسلحة الجيش المختلفة، بالإضافة إلى توفر الظرف السياسي المواتي المتمثل في تدني شعبية الحكومة الديمقراطية وغفلتها عن حماية نفسها. أما طول بقاء الحكومات العسكرية فلا يعتمد على رضا الجماهير عنها بقدر ما يعتمد على مدى طاعة القوات النظامية في الأمن والشرطة والجيش لها، واستعدادها لإحباط أية محاولة عسكرية أو مدنية ضدها، وكسب قدر من التأييد السياسي في أوساط بعض القطاعات الشعبية مثل رجال الإدارة الأهلية ورجال الأعمال وشيوخ الطرق الصوفية مما يضفي عليها قدراً من المسحة الجماهيرية التي تدعيها، وتحسين علاقاتها مع بعض القوى الإقليمية والدولية لتكسب تأييدها، وتستعين بها في معالجة مشاكلها الاقتصادية والأمنية وتدفع عنها ما تتعرض له من هجوم من الدول الغربية والمنظمات الحقوقية.

    ما هي المشكلات الموضوعية التي تسببت في ضعف النظام الديمقراطي وسقوطه مرة بعد أخرى؟

    طبيعة تكوين السودان باتساعه الجغرافي (مليون ميل مربع قبل انفصال الجنوب) مع ضعف وسائل الاتصال والمواصلات ووعورة الطرق بين أقاليمه المترامية، وحدوده المصطنعة المتداخلة سكانياً مع الجيران، وحداثة جمع كيانه الوطني في بلد واحد على يد الاستعمار التركي(1821م) أولاً ثم البريطاني (1898م) ثانياً بعد أن كان ممالك متفرقة لقرون عديدة، وتنوعه العرقي والديني والثقافي في أقاليم متباعدة ذات مستويات اجتماعية وثقافية متباينة. أدى كل ذلك لصعوبة حكمه مركزياًمن عاصمة البلاد أو أن ينفرد بحكمه حزب واحد أو اثنان ولو نالا أغلبية برلمانية كبيرة. وأدى التنوع العرقي والثقافي إلى تمرد وصراعات ونزاعات مسلحة في جنوب السودان (1955) وجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وشرق السودان، وهي كلها مناطق متخلفة لم تجد حظاً مناسباً في اقتسام الثروة والسلطة. وكانت مشكلة الجنوب هي أكبر مهدد للديمقراطية والاستقرار السياسي في البلاد مما شجع العسكر لاستلام السلطة بدعوى دحر التمرد وإنقاذ البلاد.
    عدم توفر الشروط والظروف الاجتماعية والثقافية التي يتطلبها نجاح النظام الديمقراطي في السودان بالدرجة الكافية: الوضع الاقتصادي المناسب الذي يمكن الدولة من الوفاء بالتزامتها المالية الأساسية تجاه نفقات وتكلفة أجهزة الدولة المختلفة،وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين (الصحة والتعليم والماء والغذاء)، وتحقيق قدر معقول من المشروعات التنموية والاستثمارية الذي يؤدي إلى نمو اقتصادي بدرجة مرضية؛ وحجم مقدر للطبقة الوسطى من مهنيين ومنتجين ومثقفين وعمالة ماهرة لها مصلحة وارتباط باستمرار النظام الديمقراطي؛ وانسجام عام في التكوين الاجتماعي للأمة يجعل أهدافها القومية متقاربة؛ أحزاب سياسية ناضجة ترتبط وتمثل قطاعات وفئات اجتماعية بعينها؛ وانتشار وقبول في أوساط المجتمع للسلوك الديمقراطي ولاحترام السلطة والالتزام بحكم القانون؛وتوفر قدر من الوعي السياسي يمكن الناخب من تحديد خياره الانتخابي على أساس برنامج للحزب قابل للتنفيذ لا على أساس العرق أو الطائفة أو العلاقات الاجتماعية أو المنفعة الذاتية. ومعظم هذه الشروط غير متوفرة في المجتمع السوداني.
    طبيعة تكوين الأحزاب السودانية وثقافتها السياسية جعلتها ضعيفة الالتزام بالنهج الديمقراطي داخل أجهزتها الحزبية، وفي قناعتها بحرية النشاط السياسي للأحزاب المنافسة لها، وبقبولها التداول السلمي للسلطة حسب الفترات الانتخابية التي يحددها الدستور، وبشكها وعدم ثقتها في التزام القوى الأخرى بأسس وقواعد النظام الديمقراطي. فالأحزاب التقليدية الكبيرة (الأمة والاتحادي الديمقراطي) التي حكمت البلاد طيلة الفترات الديمقراطية الثلاث تنحصر بصورة غالبة في شمال السودان المسلم وهي ذات قواعد طائفية دينية تتبع توجيهات مرشدها الديني دون أن تطالبه بحقوق ديمقراطية؛ وأحزاب جنوب السودان ذات طبيعة قبلية تحالفية تخضع لرغبات السلاطين والزعماء القبليين وطموحات قياداتها المتعلمة من أبناء القبيلة وهي تحالفات قصيرة العمر في معظم الأحوال؛ والأحزاب المنافسة للأحزاب التقليدية في الشمال وتحوز على تأييد النخب المتعلمة هي أحزاب عقائدية في المقام الأول (إسلامية أو يسارية) تؤمن بأيدلوجيتها الفكرية وتتعصب لها أكثر مما تؤمن بالنظام الديمقراطي وتلتزم به، وقد كانت تقف من وراء دعم الانقلاب العسكري الثاني والثالث. فأنّى لأحزاب بهذه الطبيعة والتكوين أن تكون سنداً لاستقرار النظام الديمقراطي وديمومته في بلد متخلف من بلدان العالم الثالث.

    ومن نماذج الممارسات غير الديمقراطية في سلوك الأحزاب السودانية منذ الاستقلال: اتفاق زعيمي الختمية والأنصار في عام 1956 على إسقاط حكومة الأزهري بعد شهور من إعلان استقلال البلاد، وقد كان حزب الأزهري (الوطني الاتحادي) هو الوحيد الذي فاز بأغلبية برلمانية في أول انتخابات في البلاد ولم يتكرر ذلك في كل الانتخابات الديمقراطية التالية؛ تسليم رئيس وزراء حزب الأمة السلطة لقيادة الجيش في نوفمبر 1958 تفاديا لسحب الثقة منه في تحالف برلماني جديد؛ تحالف أحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي وجبهة الميثاق على تعديل الدستور وإسقاط عضوية نواب الحزب الشيوعي من البرلمان في عام 1965؛ رفض الحكومة تنفيذ حكم المحكمة العليا التي قضت ببطلان إسقاط عضوية الشيوعيين؛ تغيير الحزب الاتحادي لتحالفه مع حزب الأمة في 1967 للجناح المنشق من ذلك الحزب ثم العودة مرة أخرى للجناح الآخر وحل البرلمان بصورة غير دستورية لإجراء انتخابات جديدة تقوي موقف الحزب الاتحادي وتضعف موقف حزب الأمة المنشق؛ بروز ظاهرة انشقاقات الأحزاب وشراء النواب لتأييد هذه الحكومة أو تلك؛ دعم الأحزاب اليسارية (الناصري والبعثي والشيوعي) لإنقلاب نميري في 1969؛ الإنقلاب العسكري للحزب الشيوعي على نظام نميري في يوليو 1971؛ تأييد الأحزاب الجنوبية لنظام نميري بعد اتفاقية أديس أببا في 1972 والتي منحتهم حكماً ذاتياً في الجنوب وقدراً من حرية العمل السياسي والانتخابي؛ محاولات الجبهة الوطنية (أحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي وجبهة الميثاق) الإنقلاب المسلح على نميري في 1975 وفي 1976؛ مصالحة حزبي الأمة وجبهة الميثاق لنظام نميري في 1977 دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير في شمولية النظام العسكري؛ تكتل الأحزاب في انتخابات 1986 ضد مرشح الجبهة الإسلامية القومية (د. حسن الترابي) في دائرة الصحافة مما أدى إلى سقوطه؛إنقلاب الجبهة الإسلامية القومية على الديمقراطية الثالثة في يونيو 1989؛ محاولة حزب البعث العربي الإنقلاب على نظام الإنقاذ في 1991؛ تعاطي الأحزاب السياسية مع نظام الانقاذ بدرجات متفاوتة خاصة بعد اتفاقية السلام الشامل في 2005 والتي سمحت بقدر لا بأس به من التعددية الحزبية والحرية السياسية رغم بقاء السيطرة التامة للحزب الحاكم في شمال البلاد.

    ولعب العامل الخارجي الإقليمي والدولي دوره في تشجيع ودعم الإنقلابات العسكرية والنزاعات المسلحة، كان على رأس تلك الدول مصر في عهد عبد الناصر وليبيا في عهد القذافي والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، كل منها دعم الحكم العسكري المتعاطف معه كما دعم المعارضة العسكرية ضد النظام الذي لا يواليه.

    تدل كل هذه الممارسات الحزبية القصيرة النظر على ضعف التزام الأحزاب السياسية بالنهج الديمقراطي السليم، وبقلة صبرها على مفارقة كراسي الحكم ولو أدى ذلك لذهاب النظام الديمقراطي نفسه، واستعدادها للتعاطي مع الأنظمة العسكرية لو منحتها قدراً من المشاركة في الحكم. كثير من هذه المشكلات والسلوكيات لن تزول من المجتمع السوداني في المدى القريب أو المتوسط، ولذا لا ينبغي انتظار زوال هذه المشكلات بصورة تامة حتى يمارس السودان نظاماً ديمقراطياً تعددياً يقوم على التفويض الانتخابي الحر ويراعي كل حقوق الإنسان والمرأة والأقليات. فالبديل للديمقراطية هو الحكم العسكري أو الشمولي الذي يزيد من تلك المشكلات بدلاً من حلها أو تخفيفها. ما هي إذن الوسيلة الناجعة لممارسة الديمقراطية التعددية الانتخابية التي يمكن أن تتعايش وتتعاطى مع مشكلات المجتمع السوداني المذكورة آنفا،ً دون أن يقود ذلك إلى صراع أو استقطاب سياسي حاد لا تحتمله الأجهزة الدستورية والقانونية الهشة فيودي ذلك بالنظام الديمقراطي كلية كما حدث في فترات الديمقراطية الثلاث.

    تدعو هذه الورقة إلى تبني نظام الديمقراطية التوافقية على المدى المتوسط في السودان (ما بين عشرين إلى ثلاثين سنة) حتى نضمن استمرار الديمقراطية واستقرارها لمدة مناسبة يعتاد فيها الناس على قبول التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة، وعلى المنافسة السياسية المقننة دون تطرف، وعلى ترسيخ السلوك الديمقراطي ونشر الثقافة الديمقراطية بين قطاعات المجتمع المختلفة خاصة الطبقة الوسطى تتمسك بالديمقراطية أكثر من غيرها. ونحسب أن مثل هذه التجربة إذا تم الأخذ بها في جدية وصدق تعمل تدريجياً على حلحلة المشكلات التي ساهمت في ضياع النظام الديمقراطي لسنوات طويلة منذ الاستقلال، وتمهد الطريق لتأسيس ديمقراطية ناضجة في المستقبل.

    ما هي الديمقراطية التوافقية؟

    ظهر مفهوم الديمقراطية التوافقية Consociational Democracy) ) في عقد الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي عقب الحرب العالمية الثانية لتجيب على سؤال محوري: كيف نجعل النظام السياسي ديمقراطياً ومستقراً خاصة في المجتمعات التي تحفل بالصراعات على أسس عرقية وثقافية ودينية؟ وهي مفهوم جديد يطرح بديلاً للديمقراطية التقليدية التنافسية التي راجت في الدول الغربية حيث المجتمعات متجانسة سكانياً ومتطورة اقتصادياً. بل هناك شكوى حتى في الدول الغربية من احتكار السلطة بين الأحزاب الكبيرة (محافظين وعمال في بريطانيا، جمهوريين وديمقراطيين في أمريكا، اشتراكيين ومحافظين في ألمانيا وفرنسا وايطاليا) وهي أحزاب تمتلك المال الوفير الذي يمكنها من تمويل الحملة الانتخابية المكلفة، والتنظيم القوي المنتشر في أنحاء البلاد، والآليات الانتخابية المحترفة. وكان أكثر من كتب وروّج لهذا المفهوم هو بروفيسر آرند لايبهارت ( Arend Lijphart) أستاذ العلوم السياسية الممتاز ( Professor Emeritus) بجامعة كلفورنيا، ورئيس الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية (1995-96) والذي استقى أفكاره الأولى عن الموضوع من أطروحته عن النظام السياسي في هولندا التي تطبق قدراً من الديمقراطية التوافقية. وكان من أوائل كتبه في هذا المجال: سياسة الاحتواء 1968؛ الديمقراطية التوافقية 1969؛ الديمقراطية في المجتمعات المتنوعة 1977.

    (The Politics of Accommodation; Consociational Democracy; Democracy in Plural Societies)

    وقد نال لايبهارت جائزة جوهان اسكايت (Johan Skytte) المتميزة في العلوم السياسية عام 1997م، وبجانب مصطلح التوافقية (consociational) استعمل لايبهارت مصطلح “الديمقراطية الإجماعية” (Consensus Democracy) بصورة مرادفة للتوافقية، ويبدو لي أنه أخذ كلمة “الإجماع” من المبدأ المشهور في الفقه الإسلامي فالكلمة الانجليزية المرادفة لا تستعمل في مجال السياسة التي تقوم على الصراع والتنافس في العرف الغربي أكثر منها على الاتفاق والإجماع. وقد نظّمت الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية بالتعاون مع معهد الدراسات الإنمائية بجامعة نيروبي في يوليو 2011م مؤتمرا كبيراً عن: الديمقراطية التوافقية في إفريقيا، دام لمدة أسبوعين وحضره أكثر من مائة أستاذ وخبير في العلوم السياسية من شتى أنحاء العالم، وقدمت فيه عشرون ورقة بحثية استفاد كاتب هذه الورقة من بعضها. وكان القصد من ذلك المؤتمر الكبير هو الترويج للديمقراطية التوافقية على أساس أنها الأنسب للدول الإفريقية المنقسمة عرقيا وثقافيا ودينيا؛ وكان السودان أحد الأمثلة التي دار نقاش حول تجربتها المرة،وقد شارك الدكتور عبده مختار من جامعة أمدرمان الإسلامية في ذلك المؤتمر وكتب عنه ورقة هي إحدى مصادر هذا المقال. تهدف الديمقراطية التوافقية إلى احتواء النزاعات والاحتكاكات السياسية بين المجموعات المتعددة والمنقسمة في داخل الوطن الواحد،عن طريق آليات ومؤسسات تؤدي إلى المشاركة في السلطة بين النخب التي تمثل تلك المجموعات بقصد استدامة الديمقراطية في ذلك البلد. فالانقسامات السياسية الحادة تشكل أكبر عقبة لتحقيق الديمقراطية واستقرارها لأنه من الطبيعي أن تعمل الأقليات المحرومة على تخريب الديمقراطية التي لا تجد منها شيئاً؛ وبدون احتواء الأقليات واستيعابها لا أمل في نظام ديمقراطي مستقر في مجتمعات تعددية منقسمة فيما بينها.

    وتستند الديمقراطية التوافقية على أربع ركائز رئيسة هي: تحالف حكومي عريض تمثل فيه كل المجموعات السياسية ذات الوزن المقدر في البرلمان؛ تمثيل نسبي واسع يستوعب مختلف المجموعات السياسية والاجتماعية عند توزيع مقاعد البرلمان ومناصب الخدمة المدنية؛ الاستقلال المناطقي عبر نظام فيدرالي أونحوه؛ حق النقض للأقليات في القرارات الإدارية والسياسية الكبيرة التي تهمها. وهذا يعني أن الديمقراطية التنافسية التي تؤدي إلى أغلبية حزب واحد أو اثنين يتولى/ يتوليان السلطة لتنفيذ برنامجه/برنامجهما الانتخابي غير وارد في الديمقراطية التوافقية، لأن ذلكمما يكرس حكم الأغلبية وينفي وجود الأقليات الأخرى ولو كانت ذات حجم مقدر في الكثافة السكانية. ويزداد الخطر على النظام الديمقراطي في أعقاب النزاعات المسلحة الأهلية التي يتطلب تجاوزها بناء مؤسسات سياسية توافقية تحول دون العودة للحرب. ويقول لايبهارت إن النتيجة الأساسية التي خرج بها من تحليل المؤسسات السياسية في 118 بلداً بين عامي 1985 و 2002 أن نظام التمثيل النسبي والاستقلال المناطقي (اللامركزية) كان لهما الأثر الأكبر في استدامة السلام في أعقاب النزاعات المسلحة بتلك البلدان. والديمقراطية التوافقية معمول بها في عدد من البلاد بدرجات متفاوتة وأحيانا في بعض أجزاء البلاد مثل: كندا، هولاندا، سويسرا، السويد، لبنان، اسرائيل، النمسا، بلجيكا. وكما هو معلوم فإن لبنان هو أكثر البلاد العربية ديمقراطية رغم أن مؤسساته السياسية والإدارية والنظامية تقوم على محاصصة طائفية دينية لكنها مع ذلك استمرت منذ الاستقلال إلى اليوم لقبول المجتمع لتلك المعادلة السياسية. وقد نجح السودان في وقف الحرب الأهلية في الجنوب مرتين عن طريق اتفاقية أديس أببا في 1972م واتفاقية السلام الشامل في 2005م، ومنحت الاتفاقيتان الجنوب حكماً ذاتياً واسعاً (أقرب للاستقلال في الاتفاقية الثانية) ومشاركة مقدرة في السلطة المركزية. ولكن النظام العسكري ارتد عن اتفاقية أديس أببا مما أعاد الحرب الأهلية مرة ثانية، وارتدت حكومة الإنقاذ عن منهج الاحتواء السياسي الذي بدأته مع الحركة الشعبية لتحرير السودان مما أضرم الصراع المسلح مرة ثانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.

    وأحسب أن الديمقراطية التوافقية تنسجم مع تعاليم الإسلام الذي يجعل الإجماع المصدر الثالث للتشريع بعد القرآن الكريم والسنة المطهرة، ويدعو للشورى الملزمة في الشأن العام، ويؤسس شرعية الحكم على البيعة التعاقدية بين الحاكم والمحكومين، ويعرّض الحكام للمحاسبة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويساوي بين الناس أمام القاضي المستقل، ويأمر بإنصاف وإحسان معاملة المستضعفين من الناس مثل الرقيق والموالي والخدم والمرأة والأقليات الدينية (قصة الخليفة عمر بن الخطاب مع القبطي المصري الذي تظلم له من ولد عمرو بن العاص)، ويخصص الإسلام نصيباً من الزكاة لتوليف قلوب المستجدين في الإسلام ويجوزها بعض الفقهاء لغير المسلمين.ويعطي الفقهاء اعتباراً للرأي الغالب بين الناس فيقولون: هذا ما يراه جمهور الفقهاء، وهذا ما عليه سواد الناس، وهذا حديث متواتر، وهذا حديث متفق عليه مما يعني تغليب الاتفاق الواسع على رأي الفرد أو القلة من الناس. وتشهد “صحيفة المدينة” التي كتبها الرسول (ص) في أول سنة له في يثرببسعيه الجاد للتوفيق بين كل سكان المدينة من أنصار ومهاجرين ويهود ومشركين ومنافقين وذلك على أساس المساواة التامة بينهم في الحقوق والواجبات.وقد كان الهدف الرئيس من وراء تلك الاتفاقية هو استتباب السلام في المدينة حتى يتفرغ المسلمون للدعوة الدينية وللدفاع عن المدينة في مواجهة قريش التي تتربص بهم.

    لماذا الديمقراطية التوافقية في السودان

    نحسب أن الديمقراطية التوافقية بالمعنى المذكور سابقا تناسب المجتمع السودان بتعدديته العرقية والثقافية والدينية وتجربته الطويلة في النزاعات بين هذه المجموعات، كما أنه فشل في المحافظة على الديمقراطية التقليدية التنافسية لمعظم سنوات ما بعد الاستقلال. وفيما يلي نذكر الأسباب التي تدعونا للأخذ بالديمقراطية التوافقية وإلى أي حدٍ يمكن أن تستجيب لواقع المجتمع السوداني ومشكلاته التي أعاقت مسيرته في التطور الديمقراطي.

    أول هذه الأسباب هو ضعف الإلتزام بمطلوبات التداول السلمي للسلطة والخوف الشديد من إنفراد حزب بتلك السلطة وتجييرها لمصلحته أو محاولة المحافظة عليها بكل السبل المشروعة وغير المشروعة. يتضح ذلك في المحاصصة الحزبية الحادة حول توزيع المقاعد الوزارية بين أحزاب الائتلاف الحكومي التي تستمر لعدة أشهر قبل أن تفضي إلى تسوية ما قد لا تكون مرضية لكل الأطراف، في حين لا تهتم هذه الأحزاب بالاتفاق على برنامج محدد للحكم تقوم بتنفيذه في الفترة المتاحة لها. كما تبرز في التهجم والنقد الشرس من أحزاب المعارضة ضد الحكومة في كافة أعمالها المخطئة والمصيبة، وكأنها تعمل بالمثل السوداني الدارج (يا فيها يا أطفيها) ! فإذا كانت كل الأحزاب الفاعلة التي نالت قدراً من التمثيل النيابي مشاركة في الحكومة بنسبة تساوي حجمها فإن ذلك كفيل بتبديد مخاوفها من انفراد حزب بالسلطة وبتعاونها مع الحكومة لتحقيق البرنامج المتفق عليه.
    وبما أن الديمقراطية التوافقية المقترحة تحول دون سيطرة حزب على الحكومة وتسمح في ذات الوقت بالمشاركة فيها لكل الأحزاب الممثلة في البرلمان، فإن تغيير الحكومة بعد انتخابات جديدة لا يقلب معادلة السلطة رأساً على عقب بل يجعل تداولها أمراً روتينياً لا يحدث تغييراً كبيراً في تشكيلة الحكومة أوسياساتها؛ وعليه فلا ينبغي لحزب فاعل أن يخشى من التداول السلمي للسلطة لأنه لا يعني إبعاده كلياً من السلطة. ولن يصبح خوض الانتخابات الراتبة معركة حياة أو موت للأحزاب تستعمل فيها الأساليب الفاسدة وتصرف عليها الأموال الطائلة، وتجرّح فيها الزعامات السياسية المنافسة وتنتقد الحكومة السابقة بالحق والباطل، وتبذل فيها الوعود الخلب التي لا يسمح واقع البلاد الاقتصادي بتنفيذها. وسيكون لبرامج الأحزاب أثر أكثر على الناخبين لأنها مجتمعة ستشكل جزءاً من البرنامج التنفيذي المتفق عليه بين القوى المشاركة في الحكومة، وسيضعف ذلك تدريجياً النعرات الطائفية والعرقية والعوامل الشخصية في التصويت لهذا المرشح أو ذاك.
    وستسهم الديمقراطية التوافقية في بناء التيار الوسطي الغالب لأهل السودان عبر البرنامج المشترك للحكومة، وتقارب بين الاتجاهات السياسية والفكرية مما سيدعم الشعور بالهوية القومية والذي بدوره يعمل،مع مرور الزمن،على تأسيس قومية سودانية موحدة بين سكان الأقاليم من مختلف العرقيات والطوائف.
    وستتيح الديمقراطية التوافقية الفرصة لإضعاف الشعور بالتهميش في بعض المناطق الجغرافية أو بين بعض شرائح المجتمع أو فئاته المهنية لأنها ستكون جميعاً ممثلة في السلطة التشريعية وربما التنفيذية، ويصعب على الحكومة تجاوزها مهما قل وزنها العددي. وليس هناك من سبب يدعو أبناء بعض المناطق لحمل السلاح ضد الحكومة المركزية إذا ما تحققت لهم المشاركة في السلطة والثروة. ولن تكون الانقلابات العسكرية جاذبة لبعض القوى السياسية حتى تتآمر مع الإنقلابيين على حساب الحكومة المنتخبة؛ وبدون توفير دعم سياسي واضح من بعض القوى السياسية لا يجرؤ الإنقلابيون على محاولة الإطاحة بالسلطة القائمة خاصة في المناخ الدولي الجديد.
    وستؤدي كل تلك العوامل إلى خلق مناخ سياسي معتدل تشارك فيه كل القوى السياسية الفاعلة في بناء الدولة، مما يسهم في تحقيق الاستقرار السياسي الذي افتقده السودان طويلاً منذ الاستقلال. وهذا هو الشرط الأساس لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد.

    التدابير القانونية لتطبيق الديمقراطية التوافقية

    نعني بذلك التعديلات الدستورية والقانونية التي ينبغي أن يؤخذ بها حتى تضمن المشاركة المجتمعية الواسعة في شؤون الحكم والإدارة من خلال هيكل ومستويات الحكم، وتحديداً السلطة التشريعية،والتنفيذية،والقضائية، والخدمة العامة، والقوات النظامية.

    1. هيكل الحكم:اتفقت القوى السياسية في السودان على تبني النظام الفيدرالي بعد تجربة مشكلة الجنوب المريرة، وبما أن بعض مناطق السودان الشمالي المتخلفة قد حملت السلاح من أجل أخذ نصيبها المستحق في السلطة والثروة فإن استمرار النظام الفيدرالي يصبح أمراً ضرورياً لاستقرار الحكم. ولكن تقسيم البلاد إلى سبع عشرة ولاية أساساً للحكم الفيدرالي برهن على ضعف كبير لأن معظم تلك الولايات لا تملك موارد مالية كافية لتسيير أجهزة الحكم ولا كوادر بشرية متخصصة في المجالات الإدارية والمهنية، كما أنها فتحت المجال للتطلعات القبلية والعرقية كل منها يريد ولاية أو محلية خاصة بهمما يستنزف الموارد المالية المحدودة على مخصصات الدستوريين في البرلمان والحكومة. والأنسب لحال السودان أن يؤسس نظامه اللامركزي على الأقاليم القديمة (دارفور، كردفان، الاقليم الأوسط، الشمالية، الاقليم الشرقي، الخرطوم) التي أثبتت جدواها الإدارية والاقتصادية في الماضي،بل وتتسم بتقارب شخصيتها الثقافية والاجتماعية مما يؤهلها أساساً لوحدات فيدرالية فاعلة. وينبغي زيادة الصلاحيات الدستورية للإقليم أكثر مما هي عليه في دستور 2005م حتى تعنى حكومته بكافة شؤونه الإدارية والخدمية والتنموية. ولا معنى في ظل نظام فيدرالي حقيقي أن تقوم في المركز وزارات خدمية للصحة والتعليم والإعلام والثقافة والشؤون الاجتماعية وغيرها. كما لا بد من فيدرالية مالية واضحة المعالم تقتسم موارد البلاد على أسس عادلة ومعايير منضبطة تنحاز إيجابياً لمصلحة المناطق المتخلفة وتجاز بقانون من كلا المجلسين (النواب والأقاليم)، وتشرف على تنفيذ تلك المعايير مفوضية قومية يتوافق على تكوينها ولوائحها ممثلو الأقاليم في مجلس الأقاليم. ويلي المستوى الاتحادي والإقليمي الحكم المحلي الذي ينبغي أن يعطى اهتماما أكبر وبصلاحيات محددة وموارد مالية تأتيه بصورة ثابتة مقننة من المركز أو من حكومة الإقليم. إن إصلاح النظام الفيدرالي هو أساس الحكم الراشد الذي يعمل على تنمية المناطق المتخلفة ويقدم الخدمات الاجتماعية الضرورية حتى يحول دون الهجرة العشوائية للمدن وهجر الزراعة والرعي في المناطق الريفية.
    2. السلطة التشريعية:تقترح الورقة مجلسين تشريعيين في المركز، أحدهما مجلس للنواب ينتخب من كل البلاد ومجلس للأقاليم تختار عضويته بواسطة المجالس التشريعية في الأقاليم (يمكن أن يكون لكل اقليم خمسة ممثلين يراعى في اختيارهم مناطق الإقليم المختلفة والتعددية السياسية الموجودة داخل المجلس التشريعي). وأن يعطى مجلس الأقاليم صلاحيات حقيقية ورقابية في حماية حقوق الإقليم الدستورية والاقتصادية، وله أن يستجوب الوزراء المعنيين في المركز حول تلك الحقوق.

    وينبغي تعديل النظام الانتخابي لمجلس النواب حتى يعكس بصدق التعددية السياسية التي تذخر بها الأقاليم،ويعطى كل إقليم مقاعد حسب تعداده السكاني. وينبغي أن تجرى الانتخابات على أساس التمثيل النسبي الغالب حتى تتاح الفرصة لمعظم القوى السياسية والاجتماعية أن تجد تمثيلاً في البرلمان الاتحادي،وأن تخصص نسبة 80% من المقاعد على أساس التمثيل النسبي للأحزاب ولأية مجموعات تتفق على تقديم قائمة موحدة، وتترك ال 20% الباقية للمقاعد الجغرافية الفردية. ولا يحدد سقف لتأهيل القائمة بل يكون الفوز حسب قوة المقعد التي تحددها قسمة الناخبين على عدد المقاعد المخصصة للإقليم لأن الهدف هو تمثيل أكبر قدر من الكتل السياسية داخل الإقليم؛ وقد هزمت نسبة السقف التأهيلي في انتخابات 2010م مضمون فكرة التمثيل النسبي وحرمت كثيراً من القوائم الحزبية والنسوية أن تجد تمثيلاً في البرلمان. ولا بأس أن تحظى المرأة بنسبة 25% من مقاعد البرلمان، لكن من الأفضل أن يكون ذلك في قائمة واحدة مع الرجال ترتب بصورة تضمن النسبة المطلوبة للمرأة. وينبغي فتح المجال أيضاً لتمثيل القطاعات المنتجة الرئيسة في البلاد مثل الزراع والعمال والرعاة وأصحاب العمل بجانب الاتحادات المهنية الكبيرة المنتشرة في أنحاء القطر مثل المعلمين والمحامين والزراعيين والأطباء وأساتذة الجامعات والبياطرة وغيرهم، وأن تقوم لجانهم المركزية أو مجالسهم العمومية بانتخاب مندوبيها.

    وأن يراعى في اختيار أعضاء مفوضية الانتخابات القومية التمثيل الإقليمي بجانب الكفاءة والحيدة والنزاهة، على أن تعتمدها الهيئة التشريعية القومية (مجلس النواب ومجلس الأقاليم)بنسبة الثلثين.وينبغي تحديد نسبة عالية من التصويت تصل إلى أغلبية الثلثين لإجازة القوانين الهامة التي تتصل بحقوق الإنسان،وحقوق الأقاليم الاقتصادية والخدمية، والموازنة السنوية، والقوانين الجنائية ومثلها. ويكون من حق الإقليم الاعتراض على القوانين والسياسات التي يتضرر منها، وإذا أيد الاعتراض أغلبية نواب الإقليم في البرلمان الاتحادي والمجلس التشريعي فينبغي إعادة النظر في ذلك القانون أو السياسة المعنية حتى يعدل بصورة يرضى عنها الإقليم. وينبغي مراعاة التمثيل الإقليمي والسياسي في تقسيم المناصب القيادية في البرلمان والمجالس التشريعية.

    ويكون انتخاب السلطة التشريعية الإقليمية على غرار المركز، أي 80% للقوائم النسبية و 20% للدوائر الجغرافية الفردية والحفاظ على نسبة 25% للنساء، وليس من الضروري تمثيل القطاعات الإنتاجية أو الاتحادات المهنية في عضوية المجلس التشريعي الإقليمي. ومن المناسب أن تكون مقاعد المجلس التشريعي بين ال 40 إلى 60 مقعداً حسب مساحة الإقليم وتعداد سكانه، حتى لا تستهلك موارد الإقليم المالية على مخصصات عدد كبير من الدستوريين. وينبغي تحديد نسبة عالية في إجازة بعض القرارات الهامة التي تؤثر على حياة المواطنين في كل مناطق الإقليم؛ ويراعى أيضاً في تقسيم المناصب القيادية بالمجلس التشريعي التمثيل السياسي والمناطقي داخل الإقليم.

    3. السلطة التنفيذية: تكون القيادة التنفيذية العليا على أساس النظام المختلط بأن يكون هناك رئيس جمهورية يجئ بانتخابات على مستوى الجمهورية بنسبة تزيد على ال 50% من أصوات المقترعين كما ينبغي أن يحصل على أعلى الأصوات في ثلاثة أقاليم على الأقل، وأن يترشح معه في ذات التذكرة الانتخابية نائب للرئيس يكون من إقليم مختلف عن إقليم الرئيس. ويكون للرئيس 6 مساعدين يمثلون أقاليم السودانويقوم المجلس التشريعي لكل إقليم بترشيح ثلاثة أعضاء يختار الرئيس أحدهم ليعينه مساعداً له، ويشكل الرئيس ونائبه ومساعدوه مؤسسة الرئاسة التي ينبغي أن تناقش وتعتمد القرارات الهامة ومشروعات القوانين التي تؤثر على حياة المواطنين في كل البلاد، ولا بد من موافقة مساعد الرئيس للإقليم في المسائل التي تخص ذلك الإقليم. وينبغي أن تجيز مؤسسة الرئاسة ترشيحات عضوية اللجان والمفوضيات القومية مثل مفوضية الانتخابات، والأراضي، وحقوق الإنسان، واللجنة العليا للخدمة المدنية، والمحكمة الدستورية، ومجلس شؤون الأحزاب وغيرها قبل أن تقدم للبرلمان لإجازتها، وكذلك تكوين لجان التحقيق التي تنظر في المسائل القومية والجنائية الكبيرة والتعدي على حقوق الإنسان والأقاليم مثل قتل المتظاهرين وضحايا الصراع القبلي والفساد على مستوى الدستوريين والنزاع بين أجهزة الدولة.

    وأن يكون هناك رئيسًا للوزراء ينتخبه البرلمان بأغلبية الثلثين، ويفضل أن يكون من غير حزب الرئيس. وأن تمثل في مجلس الوزراء كل الكتل البرلمانية التي حصلت على خمسة مقاعد أو أكثر، ولا تحصل أكبر الكتل البرلمانية على أكثر من ثلث الحقائب الوزارية. وتقوم الكتلة البرلمانية بترشيح شخصين أو أكثر لكل حقيبة وزارية تستحقها ليختار رئيس الوزراء أحد المرشحين للوزارة المعنية. وينبغي للكتل أن تراعي تمثيل المرأة والأقاليم مع توفر الكفاءة في ترشيحاتها وعلى رئيس الوزراء أن يراعي ذلك أيضاً عند التعيين. ويضع البرلمان لائحة مفصلة لتوزيع الحقائب الوزارية على حسب عدد الكتل المؤهلة وتعداد نوابها ونوعية الوزارات التي تستحقها كل كتلة حسب قوة تمثيلها البرلماني، ولا بد من التوازن في توزيع حقائب الوزارات الهامة حتى لا تذهب لكتلة واحدة أو اثنين مع المرونة الكافية لتقديم صاحب الكفاءة على غيره في مجال معين. وفي النهاية لا بد للبرلمان أن يجيز تشكيل الوزارة بأغلبية الثلثين. ولمنع التصادم والاحتكاكات يجب أن ينصّ الدستور بصورة واضحة على اختصاصات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ويفضل أن يختص رئيس الجمهورية بشؤون الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية وحماية حقوق الأقاليم ويترك ما سوى ذلك لمجلس الوزراء.

    وبالنسبة للسلطة التنفيذية بالإقليم ينبغي التمسك بانتخاب الوالي/حاكم الإقليم من كل الناخبين المسجلين في الإقليم على أن يحصل على أكثر من 50% من أصوات المقترعين، وأن يشكل حكومته الصغيرة (5 إلى 8 وزراء) مثل ما يحدث في مجلس الوزراء الاتحادي وذلك بتمثيل الكتل السياسية والمناطقية الفائزة في المجلس التشريعي. يمارس الوالي صلاحياته التنفيذية وفقاً لما يليه في جداول الاختصاصات المنصوص عليها في الدستور؛ والتي ينبغي أن تزيد عمّا كانت عليه في دستور 2005م كما أشرنا سابقاً.

    4. السلطة القضائية: ينبغي الحرص التام على فصل السلطة القضائية من السلطة التنفيذية والتشريعية كما تعمل بذلك كل الأنظمة الديمقراطية، وهذا يعني الاستقلال المهني والإداري والمالي؛وأن لا تكون الأحكام القضائية خاضعة لأي تأثيرات خارجية؛ وأن تكون تعيينات وترقيات وتنقلات ومحاسبة القضاة شأناً داخلياً بحتاً تختص به السلطة القضائية. وأن تكون موازنة القضاء بعد إجازتها من الجهاز التشريعي كاملة تحت تصرف الجهاز القضائي ولا يعني ذلك استثناء حساباتها من المراجعة القانونية المعتادة. يتولى مجلس القضاء العالي الإشراف التام على الجهاز القضائي وكفاءة إدارته والقيام بمسئولياته على أحسن وجه، ويتكون المجلس من رئيس القضاء ونوابه والنائب العام وعدد من وكلاء الوزارات ذات الصلة (العدل والمالية والداخلية) وممثل للمحكمة الدستورية ورئيس مفوضية حقوق الإنسان وعدد من كبار قضاة المحكمة العليا.ويعين رئيس الجمهورية أعضاء مجلس القضاء العالي بعد التوافق عليهم في مؤسسة الرئاسة. يعين رئيس الجمهورية رئيس القضاء ونوابه ورؤساء الأجهزة القضائية بالأقاليم وقضاة المحكمة العليا بناء على توصية من مجلس القضاء العالي. ويعين رئيس القضاء، بناء على توصية من رئاسة الهيئة القضائية التي تشكل من رئيس القضاء ونوابه وكل رؤساء الأجهزة القضائية بالأقاليم، كل قضاة السودان؛ وتتولى رئاسة الهيئة القضائية الإشراف على ترقية القضاة للمحكمة العليا وتعيين رؤساء محاكم الاستئناف ومحاسبة أعضاء المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف حسب الإجراءات التي ينص عليها القانون. يكون رئيس القضاء رئيساً لمجلس القضاء العالي والمحكمة العليا ورئاسة الهيئة القضائية. يعين رئيس الجمهورية قضاة المحكمة الدستورية بناء على توصية من مجلس القضاء العالي (المفوضية القومية للخدمة القضائية) وبموافقة ثلثي جميع الممثلين في مجلس الأقاليم، وتختص المحكمة بتفسير الدستور وحمايته والفصل في المنازعات التي يحكمها الدستور ودساتير الأقاليم، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية كما تنص عليها وثيقة الحقوق في الدستور. وإبعاداً للتأثير السياسي يكون النائب العام مستقلاً عن وزارة العدل، وينتدب للمنصب أحد كبار قضاة المحكمة العليا بترشيح من رئاسة الهيئة القضائية كما كان يحدث سابقاً. ولا بد من مراعاة التمثيل الأقاليمي مع الكفاءة والخبرة في اختيار شاغلي المناصب القيادية في الجهاز القضائي. لقد توسعت الدولة كثيراً في منح الحصانات الإجرائية والموضوعية لكل الدستوريين ومنسوبي القوات النظامية وعدد كبير من الموظفين مما أخل بمبدأ المساواة أمام القانون وأدى إلى الإنفلات من العقاب حتى في جرائم القتل، وهذه سمة غير إسلامية وغير ديمقراطية. وعلى الدولة وهي حارسة القانون أن تصحح هذا الوضع الشاذ والظالم.
    5. الخدمة المدنية: ينبغي أن تكون الخدمة المدنية الاتحادية مؤسسة قومية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، مفتوحة للتنافس عند التعيين والترقي لكل أبناء الأقاليم وأن يتم الإعلان عن الوظائف والمؤهلات المطلوبة لها وسنوات الخبرة قبل مدة كافية في كل الأقاليم. وأن تكون لجنة الاختيار قومية التشكيل تتسم بالكفاءة والتأهيل والخبرة والمصداقية. وينبغي عند استيفاء المؤهلات الأكاديمية والمهنية المطلوبة لدى المتقدمين أن يراعى تمثيل الأقاليم المختلفة في مرافق وأجهزة الدولة. وأن تكون المناصب القيادية في كل مرفق أو وزارة مفتوحة للتنافس لكل المؤهلين في ذلك المرفق، ويكوّن الوزير أو المسئول المعني لجنة من أهل الخبرة والدراية من داخل وخارج المصلحة المعنية لفرز طلبات المتقدمين وتقديم توصية بالمرشح الفائز للوزير أو الشخص المسئول، ولا يجوز تجاوز الشخص المرشح إلا لأسباب قاهرة تعلن للأشخاص المتنافسين؛ ومن حق المتقدم الذي تم تجاوزه التقدم باستئناف للجهة المعنية. ينبغي أن تكون هناك لائحة مفصلة تحدد معايير الاختيار لقيادات الخدمة المدنية، ويعتبر النشاط السياسي المعلن نقطة سالبة في حق الشخص القيادي بالخدمة المدنية، ولا يجوز التمييز ضد أي مواطن مؤهل على أساس الدين أو العرق أو الاقليم أو النوع.استعادة دور الوكيل أو الأمين العام للوزارة بصفته المسؤول الإداري والمالي الأول ويقتصر دور الوزير على الاشراف والتخطيط ووضع السياسات العامة.

    هناك فوارق كبيرة في شروط الخدمة وفي المخصصات والترقيات ومكافآت المعاش بين قطاعات الخدمة (خاصة بين الخدمة المدنية والقوات النظامية) غير مبررة من حيث المؤهلات أو الخبرة أو طبيعة العمل مما خلق ضغائن واحتقانات في جسم الخدمة المدنية. لذا ينبغي وضع هياكل راتبية جديدة لكل قطاعات الخدمة المدنية تناسب الأوضاع المعيشية في البلاد وتساوي بين العاملين على أساس المؤهلات وسنوات الخدمة وطبيعة العمل وتميز الأداء، وأن يكون المجلس الأعلى للأجور هو الجهة المسئولة عن تقدير مخصصات كل العاملين في الدولة بما في ذلك القوات النظامية؛ولا ينبغي للوزير أن يعطي مخصصات لأحد خارج الهيكل الراتبي إلا بموافقة من مجلس الوزراء. إن هناك الكثير من الأمراض والمعوقات داخل أجهزة الخدمة المدنية أقعدتها عن أداء دورها بالكفاءة المطلوبة وعلى رأسها التدخل السياسي في التعيين والترقي مما يتطلب وضع المعالجات المناسبة لها.تنشأ مفوضية قومية للخدمة المدنية من أشخاص يتميزون بالكفاءة والخبرة والنزاهة، تتولى المفوضية إسداء النصح للحكومة الاتحادية حول وضع وتطبيق السياسات ذات الصلة بالتوظيف والتدريب في الخدمة العامة وبتعويضات العاملين، وبمراعاة العدالة في تمثيل الأقاليم المختلفة في أوساط قيادات الخدمة المدنية؛ ولا بأس من تحديد حصة معينة (كوتة) لبعض الأقاليم ذات التمثيل المتدني في قيادات الخدمة المدنية. يعين رئيس الجمهورية بعد التوافق عليها في مؤسسة الرئاسة المفوضية القومية للخدمة المدنية من شخصيات تميزت بالكفاءة والخبرة والنزاهة والتجرد على أن تعتمد بثلثي الأعضاء من داخل البرلمان. وتختص المفوضية بالنظر والفصل في تظلمات العاملين بالخدمة المدنية، وأن تنشئ لها فروع في أقاليم البلاد وذلك دون المساس بالحق في اللجوء إلى المحاكم.

    6. القوات النظامية: تتكون القوات النظامية من القوات المسلحة والشرطة (يعمل جهاز الأمن كأحد إدارات الشرطة) وقوات السجون وأي وحدات مسلحة تنشؤها الدولة بقانون يجيزه البرلمان، وهي قوات قومية احترافية وغير حزبية تعمل لحماية سيادة البلاد وتأمين سلامة أراضيها ومواطنيها، وحفظ النظام والقانون، والمشاركة في إعمارها، والمساعدة في درء الكوارث التي تلم بها، ويجوز للسلطة المدنية أن تستعين بها في مهام أخرى يبينها القانون. ويجب على القوات النظامية الدفاع عن النظام الدستوري واحترام سيادة حكم القانون، والامتثال لقرارات السلطة المدنية المنتخبة، والدفاع عن القيم والقواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية وإرادة الشعب المعبر عنها في انتخابات أو استفتاءات عامة.وينبغي المنع البات لتشكيل كيانات عسكرية دون قانون يجيزه البرلمان ودون أن تكون خاضعة تماماً للجيش أو الشرطة. ويحرم على عناصر القوات النظامية الإنتماء للأحزاب السياسية أو القيام بنشاط سياسي حزبي أو تشكيل خلايا داخل القوات النظامية ذات أغراض سياسية. ينبغي تدريب القوات النظامية على معرفة وتطبيق القوانين التي تتصل بتعاملها مع الجمهور حتى تكون نموذجاً لرعاية حقوق وكرامة المواطن، ولا ينبغي أن تسبغ حصانة من أي نوع لمن يعتدي على حقوق المواطن المعنوية أو الجسدية، وللمواطن المعتدى عليه الحق في اللجوء إلى المحاكم المدنية لأخذ حقوقه من أي فرد ينتمي للقوات النظامية. تقتصر خدمة جهاز الأمن الوطني على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة المناسبة حول حفظ الأمن للسلطات المعنية، وليس من حقها سلطة الاعتقال أو التحقيق أو الحجر على الحريات الأساسية أو التدخل في الشؤون السياسية أو الاقتصادية، فالتعامل مع الجمهور في كل ما يتصل بالمخالفات أو الجرائم من شأن الشرطة والنيابة العامة والمحاكم المدنية. لذا ينبغي أن يتبع جهاز الأمن لوزارة الداخلية كما كان سابقا قبل مجئ الأنظمة العسكرية الشمولية حتى يكون وزير الداخلية مسؤولاً عن أدائه وانضباطه أمام البرلمان.

    وأن تكون القوات النظامية مفتوحة لكل السودانيين بما يعكس تنوع وتعدد المجتمع، وينبغي على قيادات القوات النظامية السعي لتجنيد عناصرها على مستوى الجنود والضباط من كافة أقاليم السودان، وتراعي ذلك في اختيار قياداتها الوسيطة والعليا.

    خاتمة: إن مفهوم الديمقراطية التوافقية بهذا المعنى الذي شرحناه له عيوبه في قبض يد الحاكم وتقصير سلطاته مما يؤدي إلى تأخير القرارات حتى تتم إجازتها من المؤسسات المعنية أو التوافق عليها مع القوى السياسية الأخرى، ولكن تجارب السودان أثبتت أن مخاطر تركيز السلطات في يد واحدة واتخاذ القرارات دون تشاور أو مراجعة مؤسسية أو توافق سياسي أكبر بكثير من تأخير إصدار القرارات بسبب التشاور والتوافق حولها. وكان تركيز السلطات هو سمة الأنظمة العسكرية التي حكمت البلاد لأربعة عقود فما جنينا من تلك السلطات المطلقة سوى القهر والفساد وضعف الأدء الحكومي وتدهور الإنتاج والخدمات والنزاعات المسلحة وأخيرا تقسيم البلاد؛ وكانت الحصيلة أن السودان ما زال يقف في مؤخرة الأمم سياسياً واقتصادياً وعلمياً وعسكرياً. وحتى في التجارب الديمقراطية الليبرالية الناضجة التي تسمح للحزب الفائز في الانتخابات أن ينفرد بإدارة شؤون الحكم لفترة محددة ينفذ فيها البرنامج الانتخابي الذي وعد به الناخبين، نجد أن هناك ضوابط دستورية وقانونية وسياسية تقوم على فصل السلطات وتوازنها بين مؤسسات الحكم تفادياً للسلطة المطلقة التي في عرفهم تؤدي إلى مفسدة مطلقة. وأثبتت القوى السياسية السودانية أنها لا تصبر على انفراد جهة بالسلطة دون الآخرين ولو لسنوات قليلة حتى يتم التداول السلمي بعد كل انتخابات جديدة. ولذا فإن الديمقراطية التوافقية التي تنزع إلى المشاركة الجماعية في السلطة هي الطريق الوحيد للاستقرار السياسي القائم على التداول السلمي للسلطة ورعاية حقوق الإنسان وتوفير الحريات الأساسية في المرحلة المنظورة من تاريخ السودان. وينبغي الاستفادة من فرصة وضع دستور جديد للبلاد لتبني مفهوم الديمقراطية التوافقية، وأن تتسع المشاركة في صناعة الدستور لكل القوى السياسية والاجتماعية والحركات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة، وأن تكون صناعة الدستور الجديد آلية للمصالحة والتعافي وتحقيق السلام في أنحاء البلاد. وينبغي أن تسهم الديمقراطية التوافقية في تقريب الشقة بين الأغنياء والفقراء، وبين سكان المدن والريف، وبين درجة النمو في كل الأقاليم، وبين قطاعات الانتاج المختلفة (الزراعة والرعي والصناعة والتجارة والخدمات) حتى يجد الكل عائداً مجزياً عن عمله. وأن توفق بين تشجيع الاستثمار وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبين الحقوق والواجبات، وبين سلطة الحكومة الضابطة ودور المنظمات الطوعية في خدمة المجتمع. فالتوافق لا ينبغي أن يكون فقط في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والأجهزة الحكومية ولكن ينبغي أن يكون كذلك في السياسات والخطط والقرارات التي تؤثر على حياة الناس المعيشية والاجتماعية والثقافية.

    والله الموفق

    المراجع

    Helga Malmin: “Consociational Democracy and Postconflict Peace”, The 13th Annual National Political Science Conference, Norway, January 2005.
    Laurent de Briey: “Centripetalism in Consociational Democracy: the Multiple Proportional Vote”, a paper presented in Nairobi Conference on Consociational Democracy in Africa, July 2011.
    The Political Science Reviewer 1983: “The Views of Arend Lijphart and Collected Criticisms”, distributed in Nairobi Conference, July 2011.
    Wikipedia: the Free Encyclopedia.
    ابراهيم محمد حاج موسى: التجربة الديمقراطية وتطور نظم الحكم في السودان، دار الجيل، بيروت، 1970.
    بيتر ودوارد (ترجمة محمد علي جادين): السودان الدولة المضطربة 1898-1989، مركز محمد عمر بشير، الخرطوم، 2001.
    تيم نبلوك (ترجمة الفاتح التجاني ومحمد علي جادين): السلطة والثروة في السودان منذ الاستقلال وحتى الانتفاضة، مطبعة جامعة الخرطوم، 1990.
    عبده مختار: “تقرير عن مؤتمر الديمقراطية التوافقية في إفريقيا (نيروبي: 23 يوليو – 6 أغسطس 2011)، مجلة إفريقيا المستقبل، العدد الأول، السنة الأولى، يناير 2012، 246-251.
    عبد الوهاب الأفندي: الثورة والإصلاح السياسي في السودان، منتدى ابن رشد، لندن، 1995.
    عطا الحسن البطحاني: أزمة الحكم في السودان، مطبعة جامعة الخرطوم، 2011.
    محمد أحمد محجوب: الديمقراطية في الميزان، طبعة جديدة بمناسبة الخرطوم عاصمة الثقافة العربية، الخرطوم، 2004.
    محمد سليمان محمد: السودان: حرب الموارد والهوية، دار عزة، الخرطوم، 2006.
    وزارة العدل: دستور جمهورية السودان الإنتقالي لسنة 2005


    ------------------

    العلاقات الأمريكية العربية والإسلامية ..

    بقلم: الفاضل عباس محمد علي
    الأربعاء, 19 أيلول/سبتمبر 2012 19:51

    American Arab Relations

    خير من كتب وتحدث فى هذا الموضوع هو البروفيسور نعوم شومسكي Noam Chomski العلامة اليهودي الأمريكي المتعاطف مع القضية الفلسطينية...ذلك اللغوي العبقري الذى أصبح أستاذاً (بروفيسوراً) فى علم اللغويات بالإم آي تي بالولايات المتحدة منذ أكثر من نصف قرن، ولكنه أيضاً ظل حتى هذه اللحظة مدافعاً لا يشق له غبار عن القضية العربية وناقداً للسياسات الأمريكية والمخططات الصهيونية بالشرق الأوسط، خاصة على صفحات "اليسار الجديد" New Left ، باستدلالات حصيفة واقتباسات رصينة وأدلة وبراهين لا يأتيها الباطل...وسهل ممتنع آسرٍ للقلوب، ...ويمكنك بالطبع أن ترجع لكتابات هذا المثقف ذى الضمير الحي عبر القوقل.


    وكنت قد لخصت مقالاً للبروفيسور شومسكي نشرته صحيفة القارديان البريطانية فى يونيو 1982 على صفحات (الإتحادي الدولية) التى كانت تصدر من القاهرة فى التسعينات....وهو مقال ما زال بالغ الأهمية حيث أنه كشف منذ وقت مبكر أن الولايات المتحدة والصهيونية العالمية لهما خطط جاهزة لتفتيت العالم العربي، بدءاً بالعراق التى سيفلخونه إلي ثلاث دول – قطر للأكراد فى الشمال وآخر للسنة فى الوسط وثالث للشيعة فى الجنوب....مروراً بسوريا التى سيقتطعون منها شريحة تنضم للدولة الكردية بشمال العراق...ثم السودان الذى سينقسم إلى نصفين – شمال وجنوب – على الأقل. والهدف النهائي من وراء كل ذلك هو الإضعاف السرمدي للعالم العربي...وشغله بالفتن والإحن والخلافات...مع استمرار المصالح الأمريكية سالمة غير منقوصة: نفطاً يتدفق بلا انقطاع، وقناة السويس مفتوحة وآمنة وسالمة، والميزان التجاري أبداً لصالح الولايات المتحدة، والمنتجات الأمريكية رائجة فى الشرق الأوسط إلى يوم الدين، وثقافة اليانكيز تتسلل شيئاً فشيئاً إلى أوصال المجتمعات العربية وتستلب أجيال المستقبل...وهلم جرّاً. وفى نفس الوقت، يستمر الاستعمار الاستيطاني اليهودي لفلسطين بكل فظاظته وتعديه على حريات وأراضى ذلك الشعب العربي المستغيث.....مستخفاً بكل قرارات مجلس الأمن، بضمانات أمريكية ونصرة لإسرائيل ظالمة أو مظلومة فى وضح النهار....ضمانات لا يختلف حولها الجمهوريون والديمقراطيون ولا يجرؤ أي رئيس أمريكي على مسها أو الانتقاص منها.


    وبغض النظر عما يدور على السطح، فإن المخططات الأمريكية الصهيونية التى كشف النقاب عنها شومسكى تبدو كأنها قاب قوسين أو أدني من الاستكمال على أرض الواقع....فهاهو العراق تفاحة ناضجة دوخها الوجود العسكري الأجنبي منذ 2003 ...توشك أن تسقط كما شاء لها الأمريكان، وأن تتمزق إلى ثلاث كيانات للأكراد والشيعة والسنة.
    وهاهي سوريا تحترق، وتوشك أن تتبعثر أيدي سبأ، و لا يتم ذلك بالتدخل الأمريكي المباشر...إنما بعدم التدخل....فما كادت الإنتفاضة الشعبية الليبية تندلع فى أول عام 2011، حتى سارعت الحكومة الأمريكية بتحريك مجلس الأمن فى الإتجاه الذى يتماهى مع ما تريد، ثم استنصرت بحلف الناتو بقضه وقضيضه...فتم التدخل فى الساحة الليبية بدون أي خسائر فى الأرواح الأمريكية...كأنها حرب تدار بالرموت كنترول...حتى كُسرت شوكة الكتائب القذافية وتم النصر لتلك الإنتفاضة....ولكن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث فى سوريا....ولم يصدر عن الإدارة الأمريكية إلا مجرد أصوات خجولة أطلقتها هيلارى كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية بين الفينة والأخرى...بينما كادت المحرقة السورية أن تدخل عامها الثالث.
    أما بالنسبة للسودان، فإن الولايات المتحدة ما احتاجت لاستخدام القوة المباشرة لتقطيع أوصاله وزرع الفتن بين أقاليمه المختلفة...ولكنها استخدمت القوة الناعمة... وحفنة دولارات فى مظاريف يومية تسلم للمتفاوضين فى ماشاكوس ونيفاشا...والضغط والإبتزاز والتلويح بعصا المعارضة التى هي أيضاً مترعة بالهبات الدولارية...وفى نهاية الأمر جاءت الرياح بما تشتهى السفن الأمريكية والصهيونية...وتم فصل الجنوب وقيام دولة إفريقية مسيحية به، لها علاقة وثيقة بإسرائيل وبالغرب.
    وفى حقيقة الأمر، ظلت الولايات المتحدة تتمتع بوجود مقدر فى منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب الباردة، فكان لها حلفاء معروفون ضمهم الحلف المركزي...ثم حلف بغداد...وظلت علاقاتها الإقتصادية والسياسية متينة مع معظم دول المنطقة حتى اليوم....وكانت على الدوام تدعم إسرائيل عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ومعنوياً....ضد الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره..وضد كل الدول التى دخلت فى عراك مسلح مع إسرائيل...فباستثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 الذى رفضه الرئيس آيزنهاور، آزرت أمريكا حليفتها إسرائيل بالعتاد والطيارين وسفينة التجسس ليبرتى إبان حرب يونيو 1967، كما خفت لنصرتها أيام حرب أكتوبر 1973 حتى قيضت لها سلاماً دائماً مع مصر...وضمنت بذلك خروج الأخيرة من المعادلة العربية وتحقيق أول فصل فى هدم الصف العربي وإضعاف المعسكر المناوئ لإسرائيل.....ورغم ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تلجأ لاستخدام القوة العسكرية المباشرة فى الشرق الأوسط - إلا ثمة إنزال للمارينز فى لبنان عام 1958 بدون إطلاق نار – Operation Blue Bat وظلت تحتفظ بقواعدها فى كراتشى وأنقرة وبغداد وطرابلس بليبيا وأسمرا بإرتريا... دون حاجة لاستخدامها طوال سنوات الحرب الباردة.
    ولكن، بمجرد انهيار الإتحاد السوفيتي، بدأت أمريكا فى استخدام العنف المباشر لحسم معاركها السياسية بالشرق الأوسط والمنطقة الإسلامية، رغم عدم وجود الند المنافس الذى يمكن أن يحل مكان حلف وارسو......فدخل الجيش الأمريكي على رأس حلفائه التسعة عشر إلى الكويت عام 1990 وأخرج منها الجيش العراقي الغازي، واستعاد لذلك البلد حريته واستقلاله...مما ترك أثراً طيباً لدى الشعوب العربية، وبدت أمريكا وكأنها تنصر الحق من حيث هو، وليس فقط لأنه يرتبط بمصالحها الذاتية بشكل مباشر....وبدت كأنها حارس للشرعية الدولية فى وجه الطغاة والمعتدين أياً كانوا...ولفترة من الزمن تناسى العرب ما تفعله الولايات المتحدة من تعضيد لإسرائيل التى لم تغير سياساتها العدوانية ضد الفلسطينيين فى يوم من الأيام.
    وذهب بوش الأب محرر الكويت، وجاء إبنه جورج الذى أعلن الحرب على الإرهاب فى أعقاب تفجيرات 11/9/2001 بنيويورك وواشنطن، وفى بضع أسابيع اجتاح الجيش الأمريكي وحلفاؤه الغربيون أفغانستان، بحجة تخليصها من نظام طالبان الداعم للإرهاب وملاحقة تنظيم القاعدة بزعامة بن لادن...وفى عام 2003، وكأنما استطعمت الحكومة الأمريكية غزو الدول المستضعفة وآثرت أن تستزيد....دخل الجيش الأمريكي بغداد...وأقام بها حتى اليوم.


    وبالإضافة للوجود الأمريكي العسكري المباشر فى دولتين بالمنطقة – العراق وأفغانستان – ظلت الولايات المتحدة على صلة عضوية حميمة ببعض الأنظمة الدكتاتورية مثل نظام حسنى مبارك بمصر وبن علي بتونس والقذافي بليبيا....بيد أن كل ذلك لم يحقق الإستقرار الذى كانت الإدارة الأمريكية تتحدث عنه...ولم يأت بالديمقراطية التى بشر بها الأمريكان، كما لم يجلب أي شعبية للسياسات الأمريكية فى الشرق الأوسط، ولم يرسخ قيم الديمقراطية التى زعم الرئيس بوش الإبن أنه سيستقدمها للشرق الأوسط.....وأثبتت التجربة العراقية والأفغانية فشل التصور الأمريكي، إذ أن الجيش الأمريكي جاء للبلدين يحمل تحت إبطه قيادات منبتة الجذور...من اللاجئين السياسيين بالولايات المتحدة... وأنشأ بهم حكومات مؤقتة، ولكنها ظلت مؤقتة رغم مرور عقد كامل عليها، وليس هنالك أي ضوء فى نهاية النفق يشير لكيفية الخروج من هذه الدهاليز المظلمة التى أدخل الأمريكان أنفسهم فيها..وأدخلوا معهم شعب أفغانستان والعراق....وأصبح الجيش الأمريكي كالمنبت لا أرضاً قطع و لا ظهراً أبقي.
    أما بالنسبة للأنظمة الصديقة والمتعاونة فى مصر وتونس وليبيا، فما أن هبّت عليها رياح صرصر عاتية فى مطلع عام 2011، حتى تخلت عنها الحكومة الأمريكية، كما تخلت من قبل عن شاه إيران الذى لم تمنحه حق اللجوء السياسي وقلبت له ظهر المجن كأنه بعير أجرب.....ووقفت الإدارة الأمريكية فى صف الشعوب التى هبت للإطاحة بجلاديها...وهو موقف كان جديراً بأن يبيّض وجه أمريكا ويزين صورتها لدى الشعوب العربية المنتفضة...لو لا أنه إتسم بالمزايدة والتآمر والخطط الدفينة التى لا تصب فى مصلحة الجماهير الحقيقية..إنما فى صالح الإستراتيجيات والمصالح الأمريكية فقط........فقد كان معروفاً لدى القاصي والداني أن الثورات الثلاث فى تونس وليبيا ومصر تكاد تكون عفوية، بلا قيادة كارزمية تلتف حولها الجماهير...مثل فيديل كاسترو أو تيتو أو الإمام المهدي....وكانت هذه الشعوب تتوجس خيفة من قوى الإسلام السياسي المنظمة والمدعومة من تنظيم الإخوان المسلمين الدولي...وتخشى من تغولها وافتئاتها على هذه الإنتفاضات....فإذا بالإدارة الأمريكية تروّج فى تلك الأيام لمقولات دعائية ساذجة تزعم بأن الإخوان المسلمين جزء من قوى الثورة...وبأنهم أكثر اعتدالاً مما مضى...وبأنهم على كل حال أكثر عدداً وأفضل تنظيماً من غيرهم...فلا مشاحة من غض الطرف عن هناتهم...إذ أنهم فى النهاية لا يختلفون عن سائر الدكتاتوريين والجلادين الذين ظلت الولايات المتحدة تتعامل معهم فى كافة أرجاء المعمورة..على مر التاريخ الحديث.


    ولقد راجت إشاعة قوية أيام الإنتخابات المصرية قبل بضعة شهور...تقول بأن الحكومة الأمريكية توصلت مع المجلس العسكري المصري والإخوان المسلمين لإتفاق modus vivendi يستطيع بموجبه الإخوان أن يعتلوا مراقى السلطة...شريطة أن يلتزموا بإتفاقية كامب ديفيد وبمعاهدة السلام مع إسرائيل...التى تعنى فيما تعنى استمرار السلام والتبادل الدبلوماسي بين مصر وإسرائيل....وما أن تحقق ذلك للإخوان المصريين...أي تسنّم السلطة...حتى بدأوا فى إخراج ذيلهم والتخلص من قناعهم وتقمص دورهم الحقيقي...فبدأوا فى تحجيم الجيش بحل المجلس العسكري وإلغاء قراراته وإرسال معظم قادته للتقاعد...ثم أخذوا يناورون ويتآمرون فى سبيل تكوين لجنة الدستور بأغلبية إخوانية...وتكوين مجلس لإعادة تنظيم الإعلام والصحافة..أيضاً بأغلبية من عندهم...وهكذا......و فى هذه الأثناء، هبطت عليهم حادثة الفيلم الأمريكي المسئ للمقدسات الإسلامية من السماء...لا لكي يردوا حقاً مهدراً للمسلمين... ولكن ليضربوا عدة عصافير بحجر واحد:


    • فلقد سكتت الحكومة عن حلفائها من جماعات السلفيين الذين هاجموا السفارة الأمريكية، ووقفت الشرطة تتفرج على أولئك الذين إقتحموا مبني السفارة، بل كان هنالك ثمة تحريض غير مباشر فى شكل الإدانات النارية التى صدرت عن قادة الإخوان، وبعد ذلك جاءت التصريحات الإعتذارية...وكأن الإخوان يقولون لأصدقائهم الأمريكان: لا تعرقلوا مسيرتنا الإسلامية ونحن بصدد وضع دستور مؤسس على الشريعة، وإلا فإننا سنطلق الجن من القمقم كما فعلت إيران من قبل عندما سلطت عليكم الحرس الثوري...وهكذا فقد استغل الإخوان هذه الحادثة لإحراج إدارة أوباما وإخافتها.
    • إن شغل الجماهير بحادثة جانبية مثل فيلم ركيك صادر عن جهة غير معروفة فى عالم السينما الأمريكية العريق....هو إنصراف عن الجادة... والجادة هي : ما هو السبيل للخروج من الأزمة الإقتصادية الطاحنة الحالية؟ وكيف يتم إعداد الدستور بعيداً عن العلمانيين والعناصر الوطنية الأخرى؟ وهكذا!

    إن العلاقات الأمريكية العربية والإسلامية تمر هذه الأيام بإختبار دقيق، ولقد أثارت المنظمات الأصولية المتطرفة غباراً كثيفاً حول الفيلم المذكور مما يهدد وضع أوباما فى الإنتخابات الرئاسية الوشيكة (فى نوفمبر)، تماماً كما حدث للرئيس الديمقراطي الآخر جيمي كارتر فى انتخابات 1980 التى خسرها بسبب الإحراج الذى سببته له حادثة الرهائن الأمريكان فى سفارتهم بطهران. وإذا خسر أوباما هذه الجولة فإنها خسارة أيضاً بالنسبة للعلاقات العربية الأمريكية، إذ أن باراك حسين أوباما مد يداً أريحية للعرب والمسلمين فى خطابه بجامعة القاهرة فى أبريل 2009 وتعهد بما لم يفعله رئيس أمريكي قبله، وهو إيقاف بناء المستوطنات وإيجاد دولة فلسطينية مستقلة على الضفة الغربية وغزة. صحيح أنه لم يتبع قوله بالفعل، وصحيح أنه تراجع أمام اللوبي الصهيوني وأمام صلف نتنياهو، ولكن الرئيس الأمريكي عادة يستطيع أن يفعل فى الولاية الثانية ما لا يقدر على إنجازه فى الولاية الأولي، لأنه ما عاد يطمع فى صوت أحد...وعموماً، مهما كان، فإن أوباما أفضل بكثير بالنسبة للعرب من منافسه الجمهوري الذى أبدى مشاعره المنحازة لليهود بلا تحفظ، وتلفظ بالعديد من الإساءات العنصرية فى حق الشعب الفلسطيني.


    ولكن الإختبار الحقيقي لهذه العلاقات يكمن فى مجال القيم الإنسانية التى تجمع بين الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر، بما تجسده من التزام بالديمقراطية وصيانة لحقوق الإنسان، كما ورد فى دستورها،....وبين الشعوب العربية المتطلعة إلى غد تسود فيه هذه القيم وترفرف عليه بيارق الديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد واحترام حقوق المرأة والأقليات...وإذا ساومت الحكومة الأمريكية على هذه المبادئ بممالأة الأنظمة فقط لأن السلطة بيدها...بما فى ذلك أنظمة الإخوان المسلمين المعادين للديمقراطية...فإنها قد تكسب اليوم..ولكنها ستخسر الغد...إذ أن مثل هذه الأنظمة لن تدوم طويلاً...ولقد درجت شعوب المنطقة على صنع الإنتفاضات...وكل طاغية إلى زوال...فليت الأمريكان يشترون الغد المشرق السعيد..غد الحرية والديمقراطية...بالمصالح الآنية التى تغريهم بها أنظمة مبنية على الشعارات وعلى ثمة غوغاء يندلقون للشوارع بسبب وبلا سبب. والسلام.


    -----------------

    عجيب هذا الترابي ..


    بقلم د.الريح دفع الله عبد الرحيم
    الثلاثاء, 18 أيلول/سبتمبر 2012 09:55

    [email protected]
    استضاف برنامج في العمق الذي يقدمه المذيع اللامع على الظفيري على قناة الجزيرة مساء الأمس د.حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر وصاحب أشهر أكذوبة في التاريخ السياسي السوداني المعاصر- اذهب إلى القصر رئيسا وسأذهب إلى السجن حبيسا...
    استضيف الترابي على هامش مؤتمر (الاسلاميون والربيع العربي) الذي نظمه مركز الجزيرة للدراسات وقد أمه قادة الحركات الاسلامية في دول ما يسمى بالربيع العربي وقد ناقش المؤتمر العديد من الأوراق والقضايا التي تهم هذه الحركات والتنظيمات التى تحولت من خانة المعارضة السرية والجهرية إلى خانة الحكم الصراح.
    لن أخوض فيما قاله الترابي في الندوة لكن يهمني هنا أن أعلق على ما قاله في البرنامج خاصة وأن عنوان الحلقة كان (الإسلاميون والحكم) والترابي قد أمضى في الحكم عشرة كاملة وحكم حكما مطلقا لم ينبغي لأحد من قبله في السودان....حكم وافتتن به قومه فصاروا يقلدونه حتى في كلامه ومشيته وحركاته في ضحكاته وحتى استهتاره بالاخرين...عشر سنوات من الحكم لم تتوفر لكثير من الخلفاء ..لم تتوفر لعمر بن عبد العزيز الذي لم تتجاوز سني حكمه الاثنين وملأ الأرض عدلا وكفاية وخلد إلى الأبد..وهو بذلك حكم خمسة دورات رئاسية كفيلة بتحويل السودان إلى دولة ناجحة ذات قيمة كبيرة على المستويين المحلى والعالمي..لم يحدث من ذلك شئ بل خسف بنا الأرض وأرهقنا واذانا....
    في الحلقة كانت هنالك افادتان ,الأولى للأستاذ الحاج وراق والثانية للأستاذ فهمي هويدى وقال كل واحد منهما ما قال ...كانا موضوعيين جدا ونقلا حقائق معروفة عن تجربة الترابي والانقاذ في الحكم ..مقدم البرنامج أيضا أضاف التعسف الكبير الذي تلا الانقلاب من اعتقالات وسجون وتصفيات....لم يعتذر الرجل بل دافع عن ذلك وقال إن هذا هو حال الثورات ..هكذا كان الحال بعد الثورة الفرنسية والبلشفية ....تعجبت جدا !!! طرق ذهني خطاب القذافي الشهير من بيت العزيزية –زنقة زنقة- حينما استشهد على قسوته وسفكه للدماء بأن الروس فعلوا ذلك في حادث المدرسة الشهير...يستشهد على القتل بالقتل وعلى الظلم بالظلم ..فهو لايرى في ذلك حرج..كان يقول ذلك وهو يضحك ويتبسم كأن شيئا لم يكن...لما فتح الرسول الكريم مكة ودانت له قال للذين اذوه وطردوه اذهبوا فانتم الطلقاء ,,لم ينكل ,,لم يعذب ..أليس هذا هو النموذج الذي وعدنا به الترابي ؟؟؟!!!
    سأله المذيع عن الشريعة والحدود وعن إنفصال الجنوب وعن الفساد ولم يجب على شئ ...بل بدا غير اسف على شئ بل كاد يدافع عن الإنفصال لو لا ان استحى من المذيع ثم حاول الخروج من المأزق بالحديث عن كون الجنوب لم يكن من الدولة السودانية قبل مئتي عام وأن المواطنة عقد إجتماعي ونسي أنه من افسد هذا العقد الإجتماعي بتحويله للإشكال السياسي إلى إشكال ديني تعقد اكثر مما هو معقد لم يبق الوحدة ولم يذر السلام...وامتدت الافات إلى سائر الجسد المعافى فأنتنته ..ثم تحولن الى العنصرية والقبلية والجهوية.
    وحديثه عن الحرية والانتخابات والحملات الانتخابية في عهده حديث مضحك ...أحزاب التوالى السياسي والإجماع السكوتي والانتخابات التي لا ترقي حتى لأن تكون مزورة ...هذه هي تجربة الترابي في الحكم وهذا ما أفرزه حزبه من انشق منهم ومن بقي في السلطة ..يستويان عندي ..والاختلاف هو اختلاف مقدار وليس اختلاف كيف. هذه هي.نتيجة ما يقارب ربع قرن من الزمان من السلطة والحكم.
    والدعوة الاسلامية الى وفاته صلوات الله وسلامه عليه كانت ثلاثة وعشرين عاما تحولت فيها البشرية تحولا جذريا الى الأبد ....علما واخلاقا وسلوكا ونهضة ونحن بعد نفس عدد السنوات سرنا في الاتجاه المعاكس تماما....في كل شئ وللاسف الشديد باسم نفس الدين....
    كنت اتمنى في هذه الحلقة ان يقدم الترابي اعتذارا للشعب السوداني وان يكون صادقا وجادا بدلا عن الاستمرار في المكابرة ومحاولة تبرئة نفسه .... بقي على الجماعات الاسلامية التى جاء ليقدم شفاعته لها وشهادته للتاريخ ان تتوخى الحذر حتى لا يكون مصيرها مثل مصيرنا ..التفتت والتفرق والانقسام والانحدار...
    //////////////
                  

09-23-2012, 04:56 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    27035_1418732506575_1180514939_1245723_511469_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com








    من أجل الوطن: دعوة لتكوين حزب "الأحرار" !! .. بقلم: سيف الدولة حمدناالله
    السبت, 22 أيلول/سبتمبر 2012 17:53



    لا بد أن نتساءل، ما الذي يجعل شعبنا يتفرج على كل ما يجري بالوطن دون أن يتحرك!! ، رغم أنه شعب كله فرسان، فالرجل عندنا بعشرة أمثاله، ونساؤنا يأكلن النار!! فالنظام قد فعل كل ما في وسعه ليحمل الشعب للثورة عليه، وهو لا يحتاج لبيان، فقد أصبح الحديث عن ذلك يبعث على الضجر بأكثر مما يؤثر على العقول، فلماذا صمت الشعب على كل ذلك ولا يريد أن يتحرك؟؟
    الإجابة على هذا السؤال بسيطة، فمشكلتنا أننا شعب بلا تنظيم (حزب) ولا قيادة، فيخطئ من يعتقد بأن هناك ثورة يمكن أن تنجح دون جهة تقوم بتنظيم الصفوف ورسم الطريق، ولو أن شخصاً في تونس - كل يوم – قام بحرق نفسه مثل (البوعزيزي) لما نجح الشعب في إسقاط نظام زين العابدين لو لم يكن هناك (حزب) كان على قيادة الثورة حتى تحقق لها النصر، ففي وطننا تحترق في كل يوم بجبال النوبة أجساد النساء والأطفال بالمدفعية والطائرات، وفي وطننا أمهات بِعن أطفالهن لكي لا (ينفق) الصغار من الجوع، وفي بلادنا يصارع أطفالنا السرطان ببخور "القرض" ومسكنات "الأسبرين"، وتفاخذ حرائرنا الجامعيات (بلدوزر) بشري لقاء رغيف الخبز، ففي كل يوم عندنا يحترق ألف فؤاد بالقهر والظلم، ومع ذلك لم تنجح ثورتنا – بل لم تبدأ - مثلما حدث في تونس ومصر واليمن، لأنه – ببساطة - لا يوجد تنظيم (حزب) ليقوم بتنظيف صفوفنا وقيادة ترسم لنا الطريق.
    لا بد أن نعترف بأننا قد فشلنا لأكثر من نصف قرن في إنشاء الحزب الذي يعبر عن صوت الغالبية العظمى من أبناء وبنات الوطن الذين يُعرفون ب "الأغلبية الصامتة"، التي تحلم بالحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية وسيادة حكم القانون ويضمن لهم محاسبة المفسدين، حزب بلا زعامة أو رئاسة مدى الحياة، وقد ظل الشعب منذ الإستقلال - في غياب مثل هذا الحزب - (يحدف) بأصواته في كل مرة جاء فيها الحكم الديمقراطي لصالح الأحزاب الأخرى حتى لا يلقي بها (الأصوات) في مقلب القمامة.
    ولشعبنا العذر في أن يفكر ألف مرة قبل أن يدفع الثمن من دماء أبنائه وبناته لتغيير النظام، ثم يقوم نفس الذين خانوه ويتشاركون اليوم الحكم مع النظام بحكمه من جديد، فقد مضى الوقت الذي كان يمكن فيه الضحك على الشعب بعد أن إنكشف المستور، فحتى وقت قريب كان الشعب يصفق ويهتف (عاش أبوهاشم) حينما سمع الميرغني يقول للرئيس البشير: (سلٌم تسلم)، وإعتقد الشعب – بكل براءة – بأن مولانا كان يقصد تسليم السلطة !!.
    نعم لقد خان (معظم) رجال ورموز الأحزاب الشعب وهم الذين كان يعطيهم صوته ويأتمنهم على حكمه، فقاموا بوضع أيديهم فوق أيدي جلاديه، من الذي لم يكسر خاطر الشعب من رموز الأحزاب وقياداته ؟ الشريف الهندي؟ جلال الدقير؟ الصادق الهادي المهدي؟ عثمان عمر الشريف ؟ إدريس البنا ؟ عبدالرحمن الصادق المهدي ؟ مكي بلايل ؟ مبارك الفاضل؟ احمد بلال ؟ احمد سعد عمر؟ الأخوين تيسير وبدرالدين مدثر (البعث)؟ الهادي بشرى ؟ عبدالله مسار ؟ عبدالرحمن سعيد "التجمع"؟ ألا يخال المرء أن الذي لم يشارك في الخيانة هو من لم تعرض عليه وظيفة تليق بمقامه؟
    لقد جاء الوقت الذي ندرك فيه حتمية ميلاد حزب جديد، "حزب الأحرار" (احرار من ربقة الولاء الأعمى للقبلية والإثنية والجهوية او الإستكانة للظلم) وللقفز فوق كل هذه العقبات التي أقعدت بنا ومنعتنا من قيام الإنتفاضة ولنخطوا به نحو المستقبل لبناء دولة الديمقراطية، إن لم يكن لنا فلأجيالنا القادمة، فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن نغير به المسار لطريق الهاوية الذي يسير إليها الوطن.
    وإذا كان قد خاب أملنا في كل رجال الحكم والسياسة في الحقب الماضية، فلا ينبغي أن يدفعنا ذلك لليأس والإستسلام، والحري أن يدفعنا ذلك للبحث عن أوفياء ومخلصين ليعبروا بنا هذا النفق الطويل، ورحم الوطن أنجب الكثير من أبنائه الذين شهدنا لهم بالصمود في وجه الظلم والطغيان ولم ينكسر لهم عود، ولم يسعوا إلى سلطة أو منصب، ويحملون الوطن في حدقات عيونهم ولديهم الإستعداد للتضحية من أجله بلا مقابل، ومثل هؤلاء الرجال والنساء هم الذين نأمل ان يقفوا معنا لنجاح هذا المشروع مثل البروفسير عصام عبدالوهاب بوب والدكتور أحمد عباس (الجبهة السودانية للتغيير) والسيد/ محمد إبراهيم كبج والأستاذ/ علي محمود حسنين والدكتورة ميادة سوار الذهب والدكتور عمر القراي والدكتور إبراهيم الكرسني والأستاذ/ سيد عيسى والعميد عصام الدين ميرغني طه والأستاذ/ فتحي الضو السيد والدكتور يوسف أبوحريرة والدكتور أمين مكي مدني والأستاذة/ نجلاء سيدأحمد والأستاذ/ الحاج وراق والسفير أحمد يوسف التني والدكتور الواثق كمير والأستاذة هالة عبدالحليم والمهندس محمد علي عثمان (منبر السودان الوطني بكاليفورنيا) وغيرهم .
    لقد فعلها قبلنا أبناء مصر الذين قاموا قبل أيام بدمج جميع أحزابهم (25 حزب) في حزب جديد بإسم "المؤتمر المصري"، وقد جاء الوقت لنا لكي لا يطرح السؤال الغبي المتكرر (ما هو الحكم البديل؟)، وسوف ننجح بهذا الحزب في إحداث التغيير والنهوض بالوطن من عثرته التي يعاني منها كل العقود الماضية، وينبغي أن تكون الغلبة في هذا الحزب لأبناء هذا الجيل في تنظيمات "قرفنا" و "شرارة" و "شباب من أجل التغيير" وغيرها الذين تحملوا (وحدهم) منازلة النظام وتعرضوا للإعتقال والتنكيل وقدموا ملحمة سيسجلها لهم التاريخ.
    وإذا ما قدٌر لهذا الحزب أن يرى النور، فسوف يصبح من الممكن أن ينشأ عنه (مجلس إنتقالي مؤقت) ليقود التغيير ويتسلم الحكم عند بلوغنا النتيجة، وسوف يستطيع مبذ إنشائه أن ينسق العمل مع الحركات المسلحة التي تقاتل النظام (الجبهة الثورية والحركات المسلحة في دارفور) والتوافق معها على الأجندة الوطنية.




    نعم، سوف يكون قيام الحزب هو بداية الطريق لجعل حلمنا في إحداث التغيير حقيقة و نستطيع عبره تحقيق الأهداف التي لا خلاف حولها والتي قمنا بنقلها – بتصرف - من برنامج "الجبهة السودانية للتغيير" وهي:
    • إقامة دولة مدنيه ديمقراطية فدرالية تعترف بتنوع الأعراق والثقافات والديانات تكون المواطنة هي اساس اكتساب الحقوق وتحمل الواجبات.
    • إعادة بناء السلطة القضائية والنائب العام بما يحقق استقلالهما، بالإضافة الى الخدمة المدنية والقوات النظامية علي أساس المهنية والقومية والحياد والإستعانة في ذلك بمفصولي الصالح العام.
    • محاسبه كل الذين شاركوا في جرائم الفساد وإستعادة المال العام بالداخل والخارج، ومحاكمة الذين إرتكبوا جرائم الحرب وجرائم التعذيب والإعتقال الجائر.
    • العمل علي استعادة الأراضي السودانية المغتصبة في حلايب والفشقة بالوسائل السلمية والقانونية.
    • تطبيق قانون العزل السياسي في حق كل الذين شاركوا في إفساد الحياة السياسية.
    • إعادة الحياة للعمل النقابي الحر وتأسيس نقابات العمال والموظفين والنقابات المهنية في ضوء ذلك.
    • تنفيذ مستحقات إتفاقية نيفاشا بما يضمن حقوق ابناء جبال النوبة وجنوب النيل الازرق.
    • تحقيق الحل العادل لمشكلة دارفور.
    • فتح فرص العمل لتوظيف الشباب والإستفادة من طاقاتهم.
    • إعادة الراغبين والقادرين على العمل من المفصولين للصالح العام أو منحهم التعويض العادل.
    • تطوير التعليم الحكومي من حيث البنية والمناهج وضمان مجانيته لتحقيق عدالة الفرص بالتعليم العالي، وربط سياسة التعليم العالي بحاجة سوق العمل وإنشاء معاهد وسيطة لتخريج العمال المهرة والفنيين.
    • تحقيق مجانية العلاج والرعاية الصحية للمواطنين.
    • إنتهاج سياسة خارجية تقوم علي الإحترام المتبادل مع مراعاة المصالح المتبادلة مع الدول وإحترام وتنفيذ الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
    • التوافق على دستور دائم تشارك في صياغته كل القوى السياسية والفئوية والاقليمية ومنظمات المجتمع المدني وإجازته عبر إستفتاء عام.
    بقيت كلمة أخيرة، فهذه مجرد فكرة نرجو أن يسهم الجميع في تطويرها حتى ترى النور، وسوف نعمل ما في وسعنا لنجاحها، ولكننا نؤكد بأنه ليس لدينا في هذا المشروع ما يميزنا عن غيرنا من الأعضاء الذين يلتحقون به، فليس هناك ما نأخذه على من سبقونا بالدعوة لفكرة مماثلة في السابق أكثر مما جادوا به على أنفسهم من مناصب وألقاب.

    [email protected]







    . -----------------------.



    عزومة مراكبية ؟ ..

    بقلم: عبد اللطيف البوني
    السبت, 22 أيلول/سبتمبر 2012 19:57


    قالت الحكومة انها بصدد وضع دستور جديد يتماشى وما استجد على مساحة البلاد التي كانت مليون ميل مربع (ياربي اصبحت كم ؟) ومن حيث الشكل الكانت مخروطية واصبحت اقرب للمربع ضلعه الاسفل اقرب للرحط ومهما كان من امر الجنوب الذي غادرنا الي دولة قائمة بذاتها الا انه كان له شانا كبيرا في الدساتير السودانية ولو من حيث النصوص المجردة الحكومة دعت الاخرين للاشتراك معها في وضع الدستور الجديد ولكن ان كان هؤلاء الاخرين مقصودا بهم زعماء الاحزاب السياسية فقد قابلوا دعوة الحكومة بالرفض المطلق اي من (قولة تيت) وووصفوا دعوة الحكومة بانها عزومة مراكبية اي مجرد طق حنك وليس فيها ادنى شئ من الجدية وانهم قد تعودوا على (حنك) الحكومة هذا ولن يعبروا دعوتها ي اهتمام
    ان جينا للحق فهؤلاء الزعماء الرافضين لدعوة الحكومة معهم الف حق لان الحكومة ان كانت تريد شراكة فعلية كان عليها اثبات ذلك بخطوات كثيرة توضح انها قابلة للشراكة وانها على استعداد لانهاء الانفراد (الكنكشة) بالحكم في سياستها التطبقية فاذا كانت الحكومة تضيق بما يكتبه كاتب غير متحزب في عمود لاتتجاوز كلماته الاربعمائة كلمة في صحيفة توزع اقل من عشرة الف نسخة فهل سوف تسمح لحزب ما ان يعمل بحرية وسط مؤيديه ؟


    بالطبع ان الحكومة لن يكون لديها مانع ان تكون لجنة قومية للدستور تضم كافة اشكال وانواع الطيف السياسي والشخصيات المستقلة والاكاديمية ويمكن لهذة العناصر ان تضع دستورا (ماتخريش منه المية) كما فعلت لجنة مولانا خلف الرشيد في تسعينات القرن المنصرم ولكن ماذا حدث ؟ بعد رفعت اللجنة مسودتها وفي احتفال كبير وتفرقت ظهر للناس دستور الترابي الذي اصطلح عليه باسم دستور التوالي الذي لم يضرب بمسودة خلف الله لرشيد عرض الحائط بل مزقها في وجوه الذين وضعوها .ثم جاءت نيفاشا فخلقت وضعا دستوريا جيدا ولكن التنفيذ كان صفرا كبيرا فياجماعة الخير ليس هناك مشكلة في وضع نصوص الدستور لان الدستور مبادي عاملة وحمالة اوجه يمكن ان يتفق عليها الجميع ولكن العبرة دوما في القوانين المستمدة من ذلك الدستور والتطبيق . فالوضع السياسي القائم هو المتحكم وليست نصوص الدستور


    ومع كل الذي تقدم امام البلاد الان فرصة تقليدية اكرر تقليدية وليست ذهبية لكي تضع دستورا غير تقليدي دستورا يصنع واقعا جديدا كالذي فعله مهاتير في ماليزيا ولكن للاسف ان هذا لن يحدث في السودان لانه ليست هناك نية لتوسيع قاعدة المشاركة وليست هناك نية لتدوال السلطة لابل ليست هناك نية حتى لتناوب السلطة فيما اعضاء الحزب الحاكم ناهيك عن تناوبوها بين الاحزاب والذي افضى الي ذلك ليست نوايا الحاكمين وحدها بل ضعف الواقع الحزبي حاكما كان ام معارضا فالحزب الحاكم يعمل بالية الدولة وليس له وجود مستقل عنها اما احزاب المعارضة فحالها يغني عن سؤالها ومع ذلك يمكن ان نغض الطرف عن البعد السياسي في الدستور(شكل الحكم ودين الدولة ولغة الدولة وهوية الوطن والذي منه )و نركز على البعد الاداري وذلك باجراء جراحات عميقة للوضع الفدرالي الاسمي القائم الان في البلاد عسى ولعل ان يفضي ذلك الي شكل من اشكال التغيير فالنزاعات المسلحة وغير المسلحة التي تجتاح البلاد الان تحتاج لدستور عبقري يحولها الي تقاربات
    [[email protected]]



    حتى يتفادى اخوان مصر أخطاء أخوان السودان ! ..

    بقلم: د. على حمد إبراهيم
    السبت, 22 أيلول/سبتمبر 2012 10:34


    لأن اخوان مصر وصلوا الى الحكم عن طريق صندوق الاقتراع ، ولم يقفزوا على السلطة بدبابة فى جنح الليل ، مثلما فعل اخوانهم فى السودان ، فمن العدل ان نتمنى لهم ان لا يقعوا فى الاخطاء التى وقع فيها اخوانهم السودانيون حين سقوا شعبهم الطيب المسالم من طينة الخبال وساموه خسفا وقمعا وعنفا وادخلوه فى بيوت الاشباح . واورثوه تجربة بائسة وفطيرة حملت حتى عراب تلك التجربة ، الدكتور الترابى، على التبرؤ منها ومن اخطائها التى انتهت بالسودان الى التمزق والتفتت . اكبر محن تجربة الاخوان فى هى انهم حولوا الاسلام ، دين السماحة والبراءة من أى شائبة ، حولوه الى اداة للبطش والقمع والفتك عندما قرروا ادارة دولة التوجه الحضارى التى اعلنوا مولدها فى السودان فور نجاح انقلابهم الغادر على الديمقراطية ، ادارتها بالقبضة الامنية بدلا من الحوار بين شركاء الوطن الواحد . لقد غدروا بالنظام الديمقراطى رغم انهم كانوا مشاركين فى مؤسساته حكاما ومشرعين واحيانا معارضين من داخل قبة البرلمان. وباسم التوجه الحضارى الاسلامى ، قمعوا معارضيهم قمعا عنيفا ، و كمموا افواههم . وزجوا بهم فى ما عرف ببيوت الاشباح . وهى بيوت يعذب فيها المعتقلون نفسيا بتخويفهم باشكال شبحية مخيفة فى منتصف الليل بهدف انتزاع الاعترافات منهم تحت هجمة الخوف والفزع . ودمروا باسم دولة التوجه الحضارى الاسلامى النسيج ارث المجتمع السودانى ونسيجه الاجتماعى حين دمروا احزابه التاريخية التى حررت السودان من الاستعمار . ومعها دمروا مؤسسات المجتمع المدنى واحزابه ونقاباته عن طريق الحل والتعطيل والمصادرة وزج المعترضين من القيادات فى السجون . ودمروا الخدمة المدنية السودانية ذات الكفاءة زائعة السيط عن طريق الفصل الجزافى والاحلال تنفيذا لمخطط عراب الانقلاب الشيخ الترابى الذى بنى على افراغ جهاز الدولة من الذين لم يكونوا منتمين فى الاساس الى تنظيم الاخوان او ينحدرون من اسر اخوانية الهوى . وهو المخطط الذى عرف بالاقصاء والتمكين . لقد وجد عشرات الالوف من الموظفين الاكفاء انفسهم فى الشارع العريض و هم مطرودون من وظائفهم ليواجه اطفالهم محنة الجوع والمسغبة والعوز بلا سند و لا وجيع . ثم حملوا بنادقهم على كتوفهم وخرجوا فى حروبب جهادية ضد شعبهم فى الجنوب ، وشعبهم فى دارفور يغزونهم فى ديارهم وهم يتصايحون فى وجوههم بالنصر مرددين الاناشيد والتراتيل الاسلامية . لقد اعلنوها حروبا جهادية ، ضد الصليبيين الجدد فى الجنوب طالما انهم لا يدينون بدينهم ، يحاربونهم ، ويقتلونهم حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . اما حربهم الجهادية فى دارفور فقد جعلوا لها ميسما آخر . فهى حرب ضد العصاة المارقين الذين لا يريدون تمكينا لشرع الله . ثم التفتوا الى معارضيهم من الاحزاب الشمالية المارقين عن ملتهم الاخوانية . وكالوهم سبا وشتما واهانة واذلالا . فهم جميعا عملاء وخونة وسفلة من درجات الانحطاط السفلى . ثم هرعوا الى الاطراف ببنادقهم . يحرضون القبائل العربية ضد القبائل الافريقية تنفيذا لمبدأ فرق تسد القديم . وماهى الا فترة قصيرة حتى سمع العالم بفظائع الجنجويد . و بجرائم الابادة الجماعية وجرائم الحرب فى دارفور التى كل اهلها هم من حفظة القرآن الكريم . وتعجب الناس من دولة التوجه الحضارى التى تقتل حفظة القرآن فى دارفور . وكانت قمة الدهشة هى اعتراف رئيس النظام بعضمة لسانه أن عدد الذين قتلتهم قواته لا يزيد عن العشرة الف ! وليس ثلاثمائة كما تقول وثائق الامم المتحدة . رغم بيانات الامم المتحدة التى وثقت لقتل ثلاثمائة شخصا وحرق وتدمير اريعة الف قرية فى دارفور. ودمرت تجربة الاخوان فى السودان كل المشروعات التنموية التى كانت اساسا و ركائزا لاقتصاد السودان مثل مشروع الجزيرة العملاق ، وهو المشروع الزراعى الاكبر فى العالم والذى يعرض الأن للبيع او للتاجير ولا مشتر يتقدم و لا مستأجر. ومثل سكة حديد السودان التى شاخت عضلاتها الساحبة والناقلة بسبب عجز الدولة عن توفير قطع الغيار. ومثل الخطوط البحرية السودانية التى يعرض اسطولها البحرى للبيع ولا يعرف المصير الذى آل اليه لأن دولة التوجه الحضارى لا تملك الحقائق لمن يطلبها كما تفعل الدول الكافرة التى تموت و لا تكذب . مشروع الجزيرة الذى كان يسد حاجة السودان من النقد الاجنبى بما ينتج من الاقطان ذات الجودة العالمية التى تتلقفها مصانع النسيج العالمية فى بريطانيا والهند والباكساتان وغيرها . مشروع الجزيرة اسطورة الاستعمار التى تركها لنا صار اليوم اثرا بعد عين يتقاتل اهل المصلحة الحقيقية فيه حول ما تبقى من الميراث.
    وادخل الاخوان السودان فى عداوات لانهاية لها بما افتعلوا من حروب وهمية مع معظم دول العالم . ومارسوا عنتريات كاذبة مثل عنتريات المرحوم دون كيشوت الاسبانى الذى كان كان يصارع طواحين الهواء . وفتحوا قنوات اتصال مع الجماعات الارهابية فى اكثر من بلد . و شكلوا جسما تنفيذيا ينسق نشاط هذه الجماعات اسموه المؤتمر الشعبى العربى الاسلامى وانتخبوا الشيخ الترابى امينا عاما له . وتداعى لحضور حفل تدشينه كبار الارهابيين فى العالم العربى والاسلامى المطلوبين لحكوماتهم ولدول عالمية فى جرائم ارهاب كبيرة ، لعل اشهرهم كان عماد مغنية المطلوب امريكيا ودوليا . واستضاف الاخوان زعيم الارهابيين بن لادان ومعاونيه وفتحوا له مجالات الاستثمار المختلفة قبل ان تجبرهم الضغوط الدولية والاقليمية على طرده الى افغانستان . كما اتضح لا حقا انهم كانوا يستضيفون سرا الار هابى العالمى كارلوس . وزوجوه امرأة سودانية ، قبل ان يقلبوا له ظهر المجن ، و يسلمونه الى فرنسا . نتيجة لكل ذلك التخبط وجد سودان التوجه الحضارى نفسه محاصرا بعقوبات سياسية واقتصادية تحت بنود الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة لا قبل له بها . وتناثرت المحن الانقاذية وتكاثرت حتى اضطرت الاسرة الدولية للتدخل لملافاتها ودرء خطرها . وادخلت الاسرة الدولية اكثر من ثلاثين الف جندى دولى لكى يقوموا بمهام متعددة فى سودان التوجه الحضارى . منها مهام تدخل فى حماية السودانيين من بطش جيشهم القومى تارة . و تارة اخرى تدخل فى منع السودانيين من البطش ببعضهم البعض . ليصبح السودان حديقة على الشيوع الدولى مشرعة الابواب يدخلها كل من هبّ ودبّ بأمر الامم المتحدة قبل اهلها ام لم يقبلوا !
    حكومة الاخوان المسلمين الحالية فى مصر وصلت الى الحكم بشرعية الصندوق الانتخابى فى المبتدأ لا كما وصل اخوان السودان فى المبتدأ . ويعرف اخوان مصر انهم فى وضع غير مريح الآن . وقد يكون وضعهم اكثر تعقيدا فى المستقبل . فها هى القوى السياسية المصرية تتجمع وتتوحد لمنازلتهم فى الانتخابات القادمة قريبا كجسم واحد . هذا يعنى ان توتير علاقاتهم مع الولايات المتحدة سيفتح عليهم نافذة خطرة يتسرب منها الريح الاصفر. ففى الاكمة المحيطة تختبئ ذئاب كثيرة . اغتيال السفير الامريكى ومساعديه فى ليبيا كان عملا استفزازيا لا تصبر عليه الا الشعوب الكبيرة فى تقديراتها . التمادى فى ذلك الاستفزاز من نوع ما يقوم به خطباء المساجد من جهلاء الكيمان الاسلامية المتعددة قد يضطر الرئيس الامريكى ، وهو فى قلب معمعة انتخابية شديدة ، قد يضطره الى القيام بفعل قاس ضد مصر وضد كل من تسول له نفسه التمادى فى استفزاز الدولة القطب . الولايات المتحدة اعتبرت ردود فعل الشارع العربى ضد الفيلم المسئ للاسلام ظالمة و مبالغ فيها وغير منطقية. وقالت ، وهى صادقة فى هذا ، قالت انه لا حكومة الولايات المتحدة ولا اجهزتها الامنية او الاعلامية لها يد فى انتاج الفيلم أو بثه . الكل يدرك خطورة الامر اذا تقلصت او توقفت المساعدات الامريكية الى مصر فى هذا الظرف الاقتصادى الدقيق الذى تمر به مصر . الولايات المتحدة غمزت جنب النظام الذى اقامه الاخوان المسلمون برئاسة الرئيس محمد مرسى حين قال رئيسها ان مصر مصر الجديدة ليست حليفة للولايات المتحدة. وكات الرئيس اوباما وهو بروفسور فى القانون الدولى يعنى ما يقول . فالرئيس مرسى قام بزيارتيه الاولتين الى الصين وايران . و بين ايران وامريكا ما صنع الحداد . اما الصين ، فهى تنافس الولايات المتحدة اقتصاديا بصورة تجلب الضرر للاخيرة . وتعكننها فى سوريا بصورة استفزازية . وفى الجو الانتخابى الامريكى الراهن قد لا يصمد صبر الرئيس الامريكى على مزيد من التصرفات الاستفزازية من أى جهة جاءت. ما يحدث هذه الايام فى سيناء وفى شمال مالى وفى ليبيا وفى جنوب اليمن يثير حفيظة الرئيس بصفة خاصة اذ انه قد يشكل خطرا على فرص اعادة انتخابه . صحيح ان الذين يعرفون تفاصيل النظام الانتخابى الامريكى وديناميكيته ، يدركون انم الرئيس اوباما فى وضع انتخابى قوى للغاية ولا يخشى عليه انتخابيا . فهو محروس انتخابيا من اقليات كبرى يصعب التغلب عليها فى صناديق الاقتراع مثل الاقليات السوداء و اللاتينية والاسيوية والنساء والشباب والطلاب والمهاجرون من كل الجنسيات . ولكن ، ورغم موقفه الانتخابى القوى ، فان دول الربيع العربى التى يصعب عليها السيطرة على خطاب المجموعات الاسلامية المعادية لامريكا ستجد نفسها فى عداوة جديدة وكاملة الدسم مع الادارة الديمقراطية تحت امرة الرئيس اوباما. ومعروف ان جميع القيادات الاسلامية التى وصلت الى السلطة عبر الانتخابات التى اعقبت سقوط الدكتاتوريات الشائخة ، جاءت باغلبيات هزيلة نتجت عن قناعات الشعب فى كل بلد بأنهم يمثلون اخف الضررين . فصوتتت لهم الجماهير الخائفة من عودة الاشباح القديمة ولسان حالها يقول مكره اخاك لا بطلا . فاذا تهور اخوان مصر فى عداوة امريكا لأى سبب من الاسباب كما فعل رصفاؤهم فى السودان ذات يوم ، يوم كانوا يغنون ويرقصون طربا ويقولون "لامريكا تسلحنا " فانهم سوف يكتبون السطر الاول فى قصة نهايتم السريعة. فالقوى الليبرالية فى كل بلدان الربيع العربى التى قفز الاخوان الى الصدارة فيها تتربص بهم . وفى ظل المعطيات السياسية والاقتصادية التى تحاصرهم هذه الايام ، فسوف يسهل على خصومهم هزيمتهم وهزيمة مشروعهم السياسى .
    ونختم باعادة السؤال : هل يتفادى اخوان مصر اخطاء اخوان السودان . اهم اخطاء اخوان السودان الماثلة الآن اذا صرفنا النظر عن اخطاء الأمس القريب تتمثل فى التضييق على الحريات السياسية والصحفية وتكميم افواه الاعلاميين الذين يحملون افكارا لا تتطابق بالضرورة مع افكار النظام . اكثر من صحيفة اوقفت عن الصدور اما بأمر جهاز الأمن او بالتضييق المتعمد عليها . ولا يستطيع كائن من ان يخرج الى الشارع لكى يعبر عن رأيه كتابة او خطابة . لا تستطيع ذلك حتى الاحزاب الديكورية المشاركة فى الحكم من مقاعد المتفرجين الذين ينطبق عليهم وصف الزعيم عادل امام - احزاب لا تدش . الشرطة التى تعتبر شرطة قومية لا صلة لها بالقومية . فهى شرطة حزبية تتبع للحزب الحاكم . وتقمع المتظاهرين بقسوة لا مزيد عليها متى تلقت التعليمات بذلك . بل ان قادتها يتباهون بمهاترة المعارضين ويسبقون الحكونة بشتمهم وتحقيرهم ودمغهم بأوصاف العمالة والارتزاق والخيانة على نحو ما هو سائد فى شرقنا العربى . ونقول لاخوان مصر حذار ثم حذار الوقوع فى اخطاء (اخوانكم فى الله ) فى السودان . فميدان التحرير المصرى اصبح عصيا على الترويض . اما اذا قرر اخوان مصر الوقوف الى جانب مطالب الشعب السودانى الديمقراطية العادلة ونصحوا اخوانهم ( فى الله) فذلكم هو غاية المراد . فالدين النصيحة . وبخلاف ذلك نقول لا بأس ، فان الشعوب تمهل ولا تهمل . وكذلك المولى عزّ وجلّ
    Ali


    ---------------------
                  

09-24-2012, 11:13 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    مرسى والحضرى يؤزمان العلاقه بين شعب السودان ومصر!
    09-23-2012 12:10 PM

    مرسى والحضرى يؤزمان العلاقه بين شعب السودان ومصر!

    تاج السر حسين
    [email protected]

    مدخل لابد منه:-
    الأول سياسى يشغل الآن منصب رئيس أكبر دوله فى المنطقه هى (مصر)، ترشح ممثلا لجماعة الأخوان المسلمين، التى يشعر الشعب السودانى تجاهها بغبن شديد ولا حدود له ، فمن بين جماعتها فى السودان تمرد الضابط عمر (البشير) وغتصب السلطه بقوة السلاح ثم واصل البقاء فى السلطه عن طريق انتخابات الى 99% (الكرتونيه)، وحينما التزم فى اتفاقية نيفاشا بالتداول السلمى للسلطه زور الأنتخابات وزيف ارادة المواطن السودانى مما أدى الى اشتعال الحرب مرة أخرى فى منطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق اضافة الى منطقة دارفور المشتعله اصلا والتى تسبب في ازدياد نيرانها النظام، بعدم مواجهته لمطالب الشعب على نحو عادل، بل واصل سياسة فرق تسد وقرب اليه المنافقين والأرزقيه الذين تهمهم مصالحهم الشخصيه لا مصلحة الوطن.
    أما الثانى فهو نجم رياضى وحارس مرمى عرف بأثارة المشاكل والمتاعب أينما حل وكان يلعب لأفضل الأنديه المصريه والأفريقيه، فغدر بناديه وتنكر لفضله عليه ووقع دون ارادته لناد سويسرى، فرفض النادى الأهلى عودته لكشوفاته مرة أخرى حتى بعد أن بكى نادما ومتأسفا على أحدى الفضائيات المصرية ومباشرة على الهواء، التزاما من ادارة النادى الأهلى بقيمه ومبادئه التى لا يتنازل عنها من أجل تحقيق فوز أو بطوله، فأنتقل ذلك اللاعب لصفوف المريخ السودانى فى صفقة مريبة أختلطت فيها الرياضه بالسياسه وسوف نكشف عن ذلك بالتفصيل لاحقا فى هذا المقال والمعلوم أن نادى المريخ يديره أحد المقربين لنظام (البشير) ويعد (أحمد عز) السودان ومن أكبر رجال اعمال النظام.
    .............................................................................
    ومن ثم اقول لم نستغرب من دعم (مبارك) وماسندته القويه لنظام (البشير) وكان خطه الأحمر المعلن الذى نقل لكآفة قيادات المعارضه التى كان تعمل فى مصر، هو اسقاط نظام البشير، والسبب معلوم لا حبا فى (البشير) أو الشعب السودانى أو من أجل مصلحته، وأنما لأن النظام الذى كان يحكم السودان، نظاما ضعيفا وراجفا ومهترئا لا يعمل لمصلحة شعبه، بل يسعى دائما لتمزيقه وتفتيته ولديه العديد من المشاكل مع المجتمع الدولى والسياسه التى لا تعرف (يمه أرحمينى) ولا تعترف الا بالمصالح، ولذلك فهذا افضل نظام يقود دوله مجاوره ترتبط بجارتها بكثير من المصالح وفى مقدمتها مياه النيل اضافة ما للبلد الذى يحكمه نظام ضعيف من اراض شاسعه، يمكن الأستفاده منها شاء نظامها أم ابى، بالقوه أم بالتى هى أحس، وهذا امر لا يفمهمه نظام لا يعرف كيف يحافظ على أمنه القومى ومن اين يأتيه الخطر، وكلما يهم قادته أن يبوا جالسين على كراسى الحكم مخادعين شعبهم بأسم الدين.
    وكذلك لم نستغرب فى بداية ايام الثوره المصريه، هرولة عدد من الثوار والنخب ومن بينهم ليبراليين وديمقراطيين، نحو البشير ونظامه فى الخرطوم وكنت تشعر بأنهم مبسوطين لوجودهم مع (قاتل)، ونحن نعذرهم لأنهم لا زالوا وقتها جدد على الأضواء ونعلم أن الأشقاء فى مصر لم يألفوا لعدد من السنوات الجلوس مع روؤساء أو وزراء بكل سهوله ويسر على عكس شقيقهم السودانى، الذى عنده الكبير (الجمل)!
    وعذرناهم مرة ثانية لأن المصريين فى معظمهم لا يهمهم السودان كثيرا ولايعرفون ما يجرى فيه ولا يقرأون عنه الا اذا كانوا باحثين أو متخصصين فى شوؤنه، اضافة الى ذلك فالأعلام السودانى مقصر و(محتكر) للنظام، رسمى وخاص، وكل من استخرج رخصة لقناة فضائيه كانت له علاقه مع النظام وممول منه على عكس مصر الذى ساعد أعلامها (الخاص) المستقل فى نجاح ثورتها بكشفها للعديد من قضايا الفساد ولتناوله المتواصل لقضية (التوريث)، اضافة الى الكم الهائل من المصريين الذين يتعاملون مع شبكات التواصل الأجتماعى ويصل عدد المستخدمين للنت فى مصر أحيانا الى قرابة ال 20 مليون شخص فى يوم واحد على عكس السودان الذى لا يزيد عدد المتعاملين مع النت فى اليوم عن 10 الف شخص فى أفضل الأحوال.
    لكن ما هو محير أن (الأخوان المسلمين) فى مصر والذين يحكمونها اليوم، يعرفون ما يدور فى السودان جيدا، ولهم علاقات قديمه مع النظام الحاكم هناك وهم أنفسهم تأذوا منه رغم أن قوافل نقابة الأطباء المصريه وقادتها من الأخوان كانوا يذهبون من وقت للآخر للسودان ويقدمون خدمات طبيه فى دارفور وغيرها من مناطق، لذلك يعرفون ما يدور هناك من جرائم قتل وأبادة لا علاقه لها بنظرية (المؤامرة) واذا كان الرئيس (محمد مرسى) قد طلب تنحى (بشار الأسد) فى مؤتمر دول عدم الأنحياز الذى انعقد أخيرا فى طهران، لأنه قتل حتى الآن حوالى 30 الف سورى، من بينهم ثوار سوريين احرار ومن بينهم من ينتمون لتنظيم القاعده والتنظيمات الجهاديه المتشدده، مثل التى تقاتلها (مصر) فى صحراء سيناء، فأن البشير أباد فى جنوب السودان أكثر من 2 مليون مما أدى لأنفصاله فى النهايه واباد فى دارفور أكثر من 300 الف وعشرات الآلاف فى شرق السودان ووسطه وشماله، اضافة لتشريد الملايين وأغتصاب الاف النساء.
    ومارس نظام البشير فسادا ماليا ولا زال يمارس، يفوق ما حدث فى عصر (مبارك) بعشرات المرات ودمر الزراعه والثروه الحيوانيه ونهب اموال البترول، وجعل المؤسسات تابعه (لحزب) هو عصابه فى الحقيقع، لا للدوله السودانيه، واصبح (الفنان) لا يجد فرصه للغناء فى اجهزة الأعلام اذا لم يكن منتميا لحزب (البشير)، وما هو أنكأ من ذلك ويمثل جريمة خيانة عظمى، أنه أسس (مليشيات) عسكريه موازيه للجيش السودانى دورها الأساسى قمع الثوار وحماية النظام من السقوط مهما فعل بالسودان وشعبه، وشجع بذلك العديد من القوى المعارضه على حمل السلاح، لأنها دائما تواجه (مليشيات) لا الجيش السودانى.
    لذلك فالشعب السودانى غير راض عن مد الجسور بين أى نظام مصرى بعد الثوره مع نظام (البشير) خاصة فى هذا الوقت الذى تسعى فيه الجماهير السودانيه لأسقاطه وأرساله لمزبلة التاريخ مع باقى الأنظمه الفاسده، وقد أندلعت مظاهرات هادرة قبل فترة قليله قمعتها قوات الأمن بصورة عنيفه توأطات فيها اجهزة الأعلام العربيه فى معظمها مع النظام الذى زج بالآلاف من قالدة تلك المظاهرات رجالا ونساء فى السجون ومارست فيهم شتى أنواع التعذيب والأغتصاب والتحرش ومن بين النساء اللواتى اعتقلن الصحفيه المصريه (شيماء عادل).
    الشاهد فى الأمر الشعب السودانى كله يرفض أى علاقات اقتصاديه أو عسكريه تقوى نظام البشير وتساعده فى الأستمرار أكثر من الثلاثه وعشرين سنه التى امضاها فى الحكم، ويجب أن تبقى تلك العلاقات فى أدنى حد ضرورى بين دولتين متجاورتين نقدرها.
    ونظام (مرسى) الذى يتعامل معه المجتمع الدولى، بأعتباره نظام شرعى وديقراطى جاء عن طريق صناديق الأنتخابات لن يقبل تعامله مع رئيس مطلوب للعداله الدوليه، أجهض القضاء العادل فى وطنه ورفض ان يتعاون مع الشرعيه الدوليه فى تقديم نفسه للمحاكمه أو حتى أن يقدم أعوانه الذين ثبت تورطهم فى ابادة شعب دارفور، لأنه يعلم اذا قدم واحد منهم فسوف يجر البقية.
    .........................................
    أما بالنسبه (للحضرى) فهو رياضى وحارس مرمى يلعب ألان فى أحد الأندية الكبيره فى السودان وقد يرى البعض ليس مهم الحديث عنه فى مثل هذا المقال، لكن هناك اسباب عديده تجعل من الضرورى الحديث عنه بدء بطريقة انتقاله التى كانت (سرا) من ألأسرار لا يستطيع أن يبوح به أحد فى السودان أو فى مصر قبل الثوره.
    والسبب الثانى لأننا نخشى تكرار المأساة الأنسانيه التى حدث فى مصر وفى مدينة بورسعيد بالتحديد حيث قتل 74 شابا مصريا فى عمر الزهور بواسطة مشجعى ناد آخر والبدايه كانت استفزاز من الطرف الذى فقد اؤلئك القتلى، بعبارات كتبت على لافته و(شماريخ) ناريه أرسلت فى منطقة تواجدهم داخل الملعب ، والخطر دائما يأتى من مستصغر الشرر وعدم التعامل الجاد مع تلك الأزمه ومنذ بداياتها هو الذى أوصلها لتلك النهايه الكارثيه.
    وقصة انتقال (الحضرى) لنادى المريخ سببت (غبنا) وسط جماهير النادى المنافس (الهلال) ولمن لا يعلمون الحقيقة وبشهادة عدد من الصحفيين كانت بطلب أشبه (بالأمر) من ابن الرئيس المصرى السابق (علاء مبارك)، المهتم بكرة القدم، وجه لنادى (الزمالك) الذى كان يضم (الحضرى) ولرئيس نادى المريخ الذى له مصالح ضخمه فى مصر، لأنتقال ذلك اللاعب للمريخ بأى وسيلة من أجل أن يلعب للمنتخب المصرى، ولعل المتابعون يتذكرون وقتها أن نادى الزمالك كان مصر على مبلغ 2 مليون دولار لأنتقال ذلك اللاعب، فقبل فى النهايه ب 700 اللاف دولار، على قسطين!
    وهناك تفصل عديده لا تهم القارئ كثيرا، لكن ما هو معلوم بأن القوانين واللوائح المنظمه للعبة كرة القدم فى السودان لا تسمح بانتقال (حارس مرمى) أجنبى أو مجنسا، للعب فى السودان على خلاف باقى وظائف اللعب، ولا تفتح باب للتحائل على ذلك القرار، حمبة لهذا (المركز) ولهذا قال (الخبير) النزيه كمال شداد قبل أن يترك منصبه فى رئاسة اتحاد الكرة السودانى بأن (الحضرى) لن يلعب كحارس مرمى فى السودان، لأن أنتقاله ضد اللوائح ولأن عمره تجاوز الثلاثين وأقترب من الأربعين ومثل هذا القرار مطبق فى العديد من الدول ومنها السعوديه والأمارات ومصر نفسها.
    اضافة الى ذلك فقد عرف (الحضرى) بسوء الأخلاق وأختلق مشاكل مع كآفة الأنديه التى لعب لها (الأهلى)، الأسماعيلى، الزمالك ، وأخيرا نادى المريخ نفسه الذى أنقذه من اعتزال الكره، فكان الجزاء اساء ة للنادى ولجمهوره ولرئيسه وعلى الهواء وعبر الفضائيات المصريه، رغم أنه حصل على أكثر من 2 مليون دولار حتى الآن.
    وهذا كله لن يتسبب فى مشكله كما أوضحنا فى العنوان أعلاه.
    لكن الأزمه التى بدأت بضرب الحضرى بحجر على راسه فى مباراة سابقه، وهذا ما لم تتعوده جماهير الكرة السودانيه خاصة مع اللاعبين الأجانب وسوف تتزيد تلك الشرارة يوما بعد يوم، خاصة أن (الحضرى) بدأ يميل لأستفزاز جماهير نادى (الهلال) التى تعشق ناديها فى جنون وهى تمثل أكثر من 70% من المهتمين بكرة القدم فى السودان.
    والحضرى ربما لا يعلم بأن جماهير الهلال تحب ناديها بصورة أكثر مما تفعل جماهير النادى الأهلى فى مصر، والنادى الأهلى خط أحمر لا يستطيع أحد أن يتحدث عنه بسوء أو أن يستفز جماهيره خاصة اذا كان أجنبيا.
    ولقد شهدت بنفسى فى أحد شوارع القاهره مشاجره بين صحفى سودانى ومشجع (اهلاوى) مهووس، كادت أن تؤدى الى معركه بسبب انتقاد الصحفى السودانى اداء الأهلى فى أحدى المباريات.
    لذلك كله، اضافة للشعور بالغبن الذى تحسه جماهير الهلال ولا تتحدث به بسبب تجاوز القوانين واللوائح فى تسجيل الحضرى للمريخ، ولا زالت الأندية السودانيه تتقدم بالشكاوى كلما شارك فى مباراة وخرج المريخ فيها منتصرا، لأنها غير مقتنعه بصحة انتقاله .. ومن يقل حدث ذلك بموجب اتفاقية (الحريات الأربع)، فهو لا يفهم فى الأتفاقات التى تتم بين الدول فاتفاقية الحريات الأربع معمول بها من طرف واحد وهو الطرف السودانى، لكنها غير مجازه أو مصدق عليها من مجلس الشعب السودانى رغم انه كله جاء عن طريق التزوير ويضم فى غالبيته أزلام المؤتمر الوطنى، لكن لأن تلك الأتفاقية من طرف واحد مثل (الحب) ، لذلك لم تعرض على مجلس الشعب السودانى، ولم يصدق عليها.
    لأن المواطن السودانى لا يتمتع فى مصر بما يتمتع به المصرى فى السودان.
    و لايمكن اتفاقية وافق عليها (الرئيس) من خلال خطاب تعتبر ساريه المفعول وصالحه، والرئيس مثله مثل أى مواطن ليس من حقه اعتماد اتفاقية لم تعرض على مجلس الشعب ولا يتمتع بميزاتها المواطن السودانى اسوة بمواطن الدوله الأخرى التى لم يصدق نظامها على تلك الأتفاقية.
    والفلسطينى فى مصر له وضع مميز أكثر مما للسودانى.
    لهذا كله بدأت تظهر حوادث شغب من هنا وهناك لهذا السبب وغيره وسوف تفاقم و تؤدى فى يوم من ألأيام لكارثه لم تحدث من قبل فى السودان، خاصة اذا واصل (الحضرى) استفزازه لجماهير نادى الهلال على الطريقه التى بدرت منه فى آخر لقاء، واذا انتهت المباراة – لا سمح الله - بخسارة الهلال فى مثل تلك المباراة التى استفز فيها جماهير الهلال ولاعبيه واساء لأحدهم كما نقلت الأخبار.
    آخر كلام:-
    • على الرئيس (مرسى) أن يعمق علاقات مصر بشعب السودان لا بنظامه الأسوأ من نظام مبارك ومن نظام بشار الأسد.
    • وكما فعل الدكتور / أيمن نور، الذى انتصر للمبادئ لا المصالح.
    • وعلى الرئيس (مرسى)، أن يعتذر لشعب السودان على الجريمه التى وقعت فى ميدان مصطفى محمود عام 2005 وراح ضحيتها أكثر من 50 سودانى معظمهم من اللاجئين ابناء دارفور.
    • وأن يحاكم الذين تسببوا فيها وهم معروفين.
    • والدم السودانى ليس ارخص من الدم المصرى، ومن قتلوا فى ميدان مصطفى محمود ليس اقل من المصريين الذين قتلوا فى ميدان التحرير
                  

09-25-2012, 05:31 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اراء وكتابات (Re: الكيك)

    تقوم دولة قطر بدعوة مجموعة من المثقفين السودانيين للبحث عن مخرج لازمة السودان التى سبهها نظام الانقاذ والذى فشل فى الحكم وادى هذا الفشل الى انقسام الدولة وتعريض باقى الدولة للانهيار ولابد من مخرج لاول تجربة حكم اسلامية فى المنطقة لا يريدون لها ان تكون المثال للبقية التى بدات خطواتها فى مصر وتنونس ..خاصة وان دولة قطر كراعى لهذه الانظمة السياسية ..

    ووجهت الدعوة لهم وكان من ضمن المدعوين للمثقف السودانى والكاتب الكبير الدكتور حيدر ابراهيم وهو من المهمومين بالوطن ومستقبله ومتابع حريص على مسار السودان وكتب كثيرا منبها ومحذرا وناقدا للاحوال ومقدما الحلول الواجبة التى تساعدنا جميعا على تجاوز هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن ..
    حيدر هنا يعتذر عن المشاركة فى ندوة الدوحة وارسل هذه الرسالة التى تكشف عن سبب اعتذاره وهى رسالة قوية تغنى المشاركين عن الحديث وتنبههم الى اشارات مهمة تطرق لها المعتذر تغير من مسار مثل هذه الندوات وتتجه الى مسار مختلف وجدى لمناقشة قضية مثل هذه .لو تم قراءتها بتمعن ومسئؤولية ..وامانة علمية .

    اتركك مع الرسالة التاريخية




    د.حيدر ابراهيم يعتذر ويبعث بورقة لندوة الدوحة تفتح النار

    ..
    الاستهبال السياسي ومحاورة النظام




    «د.حيدر إبراهيم علي»




    09-25-2012 01:53 AM
    رسالة حوار -

    الزميلات والزملاء الكرام
    أطيب التحيات والمني

    أولا؛ إن استهل رسالتي بجزيل الشكر للإخوة المنظمين علي دعوتهم الكريمة.

    ثانيا؛ ترددت قليلا في كتابة هذه الرسالة خشية أن يطالها الإهمال والصمت الذي جعلنا دائما نبدأ من بداية البداية ولا نراكم خبراتنا وحواراتنا وكأننا علي عداء مع التاريخ والحكمة. فهذا اعتذار في مستوي المشاركة. باعتبار أنني قريب ومتحمس للحوار الجاد، والصادق، والمجدي. وهذه مقدمات ـو شروط لا أجدها في العناق العاطفي، الكذوب كبعض الشعر.

    ثالثا؛ مغرض وخبيث من يدعي وجود موقف ضد الحوار والوفاق الوطني الجاد بلا استهبال سياسي. فقد كنت أول من تبني مفهوم "المساومة التاريخية" داخل العمل المعارض. ويومها انتاشني رماة الحدق، لأن بعضهم كانوا يضللون الناس بشعارات وهتافات مثل: "سلّم تسلم"، أو "سلّم مفاتيح البلد". ولكن في الحقيقة كانت عيونهم علي مفاتيح وزارة التجارة والتي يجلسون الآن داخلها رغم شح الرخص. وتم وأد الفكرة رغم أن نظام الإنقاذ- كان آنذاك- في أسوأ حالاته - في عام1996، عقب محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك. وأخشي أننا بعد هذه السنوات، نطرح الحل الصحيح في الوقت الخطأ.

    رابعا؛ تجربة اللقاء الأول في مايو الماضي تجعلني متيقنا أن الانتلجنسيا السودانية مازالت تتجنب النقد والنقد الذاتي الصادق والجذري. تقول الورقة: "وعدت كل الأطراف بنقل هذا الخط الايجابي في التفكير لحل الأزمة الوطنية لدوائرها الحزبية ولقواعده من أجل خلق مناخ عام داعم لخط الحل السلمي الشامل. " ولكن
    المواقف المعلنة داخل اللقاء لم تسافر مع المشاركين إلي الخرطوم. لذلك، لم تنعكس في خطاب جديد للمعارضة، وبالتالي تغيير أسلوب العمل. أما بالنسبة للنظام، فقد جلس حول المائدة صحافي (فيصل محمد صالح) جاء من أسر الاستدعاءات الأمنية والتوقيف، وأمامه مسؤول كبير (مطرف صديق) الذي لم يبتعد عن الجو العام الداعي لحرية الصحافة والتعبير. وشهدت الفترة بين اللقاءين هجمة شرسة ضد الصحافة، ولم نسمع للمسؤول صوتا. قد يكون انشغل بالجنوب، ولكن أليست هذه أولوية حسب الكلام الذي شنّف به آذاننا في اللقاء السابق؟


    أخيرا، يجيء اعتذاري بسبب تشككي في دور المثقف أو الإنتلجسي السوداني، وقدرته علي القيام بدور تغييري في وطنه. يقال أن الفلاسفة انشغلوا بتفسير العالم والآن حان الوقت للعمل علي تغييره. حاولت هذه المجموعة في اللقاء الأول تفسير الواقع أو تشخيص الأمة – كما يحلو لهم القول. وبالتالي هي مطالبة في اللقاء الثاني بالبحث عن وسائل التغيير خاصة مع التدهور السياسي والاقتصادي والأمني الذي عاشته البلاد خلال الشهور الأربع الماضية، مما ينذر بقرب الكارثة .

    دور الإنتلجسيا السودانية


    عوّل اللقاء التفاكري الأول كثيرا علي دور المثقف السوداني. وتقول الورقة التي بين أيدينا: "اتفق المنتدون علي قيمة تفاكر المثقفين، كافة، كمثقفين، كتبعة ثقيلة. فقد أدي غياب هذا الحوار إلي تفريط كبير في تأسيس سلطة للمثقفين لم تقع لنا منذ تلاشي مؤتمر الخريجين في الأحزاب السياسية في1944. وهي سلطة قوامها منابر وأدوات وخلق مهنية (؟) ضيقت عليها النظم المستبدة حتي أزهدت أهلها فيها. وما تأخر المثقفون حتي تذايلت سلطتهم وضعفت بالنتيجة قدرتهم علي صناعة الرأي العام، غياب المثقف المعزز بأدواته واستقلاله حال بين السياسيين وخبراء فض النزاعات وبين الإحاطة بالنزاع السوداني من وجوهه جميعا كحالة ثقافية ناشبة من انساق تاريخية مشتركة ". ومن هنا يسعي اللقاء- حسب الورقة- إلي الحلول الجذرية، وإلي اختراق حالة عجز القادة والساسة الراهنة، والنفاذ الي التفاكر حول سيناريوهات المساومة التاريخية كفعل ايجابي.

    هذا حديث ملئ بالتفاؤل والطموح، ولكنه في نفس الوقت مثقل بالتعميمات التي درجنا علي قبولها وصارت ثقوبا تاريخية تتسرب منها الأخطاء وسوء التقدير. وهذه بعض الملاحظات والتحفظات:

    1. رغم أن مؤتمر الخريجين كان أول محاولة لتكوين جبهة موحدة للمتعلمين، إلا أنه كان معملا لتفريخ الأمراض السياسية المزمنة التي عاشت حتي اليوم لتصبح مكونا أصيلا من"عاداتنا وتقاليدنا"السياسية. وأعني بذلك القدرة العالية علي الاختلاف ثم الإنقسام والتشرذم. فقد كانت إنتخابات اللجنة الستينية كل عام مناسبة لمعارك مع طواحين الهواء لعدم وجود قضايا حقيقية وموضوعية. فالشوقيون والفيليون، فريقان بلا قضية، وخلافهم جاء إلينا لأقرب إلي الهزل: "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل"، ليرد عليه: "شوقي مهما ازداد برضه شايفو قليل". ثم كان الانقسام اللاحق بين الاستقلالين ودعاة الوحدة مع مصر بتياراتهم. ولكن الشاهد هو غياب الاتفاق علي مشروع سوداني قومي مجمع عليه. وحتي الأحزاب المسماة عقائدية كانت دعواتها عالمية (أو كوزموبوليتنية) وليست وطنية محلية: إقامة الدولة الإسلامية أو الإشتراكية أو أمة عربية واحدة.

    2. لم يكن المؤتمر مثل المؤتمر الهندي ساحة للتلاقح الفكري، فقد انحصر الاهتمام بالثقافة والفكر في جماعات القراءة وقد شارك بعض أعضائها في المؤتمر بصورة فردية. وهنا ينسحب وصف (أحمد خير) للأشقاء علي مجمل الخريجين-: " ...النزعة الديماجوجية وتتمثل في قدرتهم علي كسب قوة جماهيرية. والثانية نزعة دكتاتورية وتتمثل في انفراد القيادة برسم الخط السياسي وتنفيذه". (كفاح جيل، 1991: 141) . ومن هنا كانت البداية الخاطئة للحياة الحزبية السودانية والتي لم تفارقها أمراض النشأة والتكوين الأولي هذه حتي اليوم.

    3. كان للخريجين في البداية طموح بلا حدود، وأيمان بدور رسالي في تغيير وطنهم، وظنوا في أنفسهم قدرات السوبرمان في رفعة مجتمعاتهم الممعنة في التخلف والرجعية . ولكن الخواتيم في حيواتهم كانت أقرب إلي التراجيديات الكلاسيكية في شدة تناقصاتها ودراميتها. فقد تحدثوا جميعا- أحمد خير، وعرفات محمد عبدالله، ومعاوية نور، ومحمد احمد المحجوب وغيرهم، كثيرا عن المثل العليا. وكتب (المحجوب) في عام 1941 في مقدمة (الحركة الفكرية في السودان الي اين تتجه؟): " في كل الاماكن والعصور منذ بدء الخليقة الي يومنا هذا والي الابد، فكر وسيفكر الممتازون واصحاب الثقافة الحقة من ابناء البشر في ايجاد مثل اعلي تسخر في سبيل الوصول اليه جهود بني الانسان ويرفع في سبيل تحقيقه مستوى الحياة ويعظم في نظر الناس غرض الوجود. وفي كل فرع من فروع الحياة ولكل مذهب من المذاهب الثقافية انصاره المخلصون المتفانون الذين يبذلون ما في وسعهم للوصول الي نتائج تري الدهماء من اتباعهم تحقيقها غير ميسور ان لم يكن من المستحيلات". (ص1) وعليك أن تتصور أن صاحب هذا القول الرائع انتهي في عضوية جناح الإمام الهادي المهدي ضد تجديدات جناح الصادق المحدودة داخل حزب الأمة. أما أحمد خير فقد انتهي منظّرا لأول دكتاتورية عسكرية في تاريخ السودان.

    لا أريد الاستغراق في التاريخ ولكن اوحت الورقة بأنها تبحث في الماضي عن مرجعية ما، يمكن الاستناد عليها في تحقيق وحدة وطنية تساعد في الخروج من الأزمة الراهنة. وقد نصل من هنا إلي غاية الملتقي: بعث لمؤتمر خريجين في ظروف جديدة يحقق الاستقلال الثاني؟ تكتب الورقة : " أن تكون هذه المجموعة منبرا للمثقفين ليمثل مرجعية سياسية وفكرية ليقود مبادرة للتسوية الوطنية والحل الشامل عبر مساومة تاريخية ليس فيها رابح سوي الوطن وإنسانه". ولابد من التساؤل: هل تملك هذه المجموعة التي أنجبها اؤلئك الآباء القدرات والمقدرات التي تؤهلها لإنجاز هذا المصير؟


    عناق المحال

    قد يكون من أسباب حسمي أمر المشاركة في هذا الملتقي، تذكر
    ما كتبه (سارتر) إلي (البير كامو) : " إذا كنا أحسسنا بالتعب ياالبير، فلنذهب للاستراحة لأن لدينا إمكانيات ذلك، ولكن لا نحاول أن نخلق في العالم رعشة بإسقاطنا لعيائنا عليه". فنحن لم نستطع أن نملك التاريخ ونوجهه، فقد تركنا الوطن للصدفة والفوضى. ورغم أننا تحدثنا كثيرا عن دور المثقفين كضمير شقي لأمتهم، خاصة في مجتمع متخلف ومتعصب نسبيا. وكان من المتوقع أن يكونوا البوصلة والأفق. ولكنهم تخلوا عن الريادة، وسقط المثقفون السودانيون إما في طائفية الطائفية، أوطائفية الإيديولوجيا. وفي الحالتين وقعوا في فخ الإرادوية. وهي تعني، أن المثقف – حسب موريس بار – هو ذلك الفرد الذي يقنع نفسه بأن المجتمع يجب أن يقوم وفقا لمنطقه وارادته هو، والذي يجهل أن المجتمع هو قائم فعلا واقعا علي ضرورات داخلية قد تكون لا علاقة لها مطلقا بارادة العقل الفردي. فالمثقف بهذا المعني هو ضحية وهم منطقه (محمد الشيخ، المثقف والسلطة، ص20)

    تحتل الأفكار والكلمات والآراء في المجتمعات الديمقراطية والمتحضرة، قيمة عليا واحتراما يجعلها قادرة علي التأثير في الرأي العام، وفي اتخاذ القرار السياسي. فهل هذا هو الحال في سودان اليوم بحيث يستمع الحاكم الي صوت مثقفين وطنيين شرفاء يرون بعيون زرقاء اليمامة الاشجار التي تتحرك؟ أم يري النظام في حوارهم، داخل فندق رطب بالدوحة مجرد تسلية وعبث "مثقافتية"-حسب مصطلحهم السائد؟ هل يري النظام في هذه المجموعة بالفعل ضميرا شقيا يوخزه مستقبل وطنه أم مجرد زمرة صناعتها الكلام ومضغ الطعام؟ يدعي السودانيون – عموما-ضمن سلسلة تفاخرهم، أنهم متسامحون ومسالمون، وديمقراطيون ايضا وبالفطرة. وهم بذلك يتجاهلون عمدا، أنهم أصحاب فضل إعدام أول مواطن سوداني-الاستاذ محمود محمد طه-بسبب أفكاره، منذ الحلاج وغاليليو. للأفكار مصير مخيف في بلد مثل السودان. أمّا حين يتربع علي السلطة نظام شمولي مثل الذي يحكم الآن ، فعلي كل من يفكر أن يتحسس رأسه جيدا قبل أن يسمح للأفكار أن تخرج منه. فقد بدأ هذا الإنقلاب-كما هي العادة-بحل الاحزاب والنقابات وايقاف الصحف. وكان هذا النظام صاحب أطول فترة حظر تجول، وفترة طوارئ في كل تاريخ البلاد. وكان صاحب براءة اختراع بيوت الاشباح. نكون واهمين لو ظننا أن هذا النظام يسمع نداءات مثقفين سلاحهم الكلمة. هل نسينا أنه في ظل هذا النظام قام استاذ جامعي-وليس دركيا-بالاشراف علي تعذيب زميله الاستاذ الجامعي؟ هذا ليس نبشا لتاريخ قديم، فالقضية الآن في المحكمة ولكن القضاء "المستقل" يقوم بمهمة المماطلة والتحايل. من جهة اخري، قدم المثقفون مئات الاحتجاجات علي انتهاكات حقوق الإنسان ويتم إتهامهم بالعمالة والإضرار بمصلحة الوطن. ولكن، ما أن تأتي نفس الإتهامات من لجنة حقوق الإنسان بجنيف أو من منظمة العفو الدولية، حتي يهرول النظام مبررا ومعتذرا!

    يقود ما تقدم الي السؤال المركزي: هل هذه المجموعة مؤهلة لكي تمثل جماعة ضغط علي نظام هذه طبيعته وهذه نظرته للمثقفين غير الموالين؟ في البداية، ألاحظ أن هذه المجموعة - في مجملها- مكونة من هامشي السلطة والمعارضة، وغالبية المشاركين أقرب الي الخلعاء في تنظيماتهم. وقد يكون السبب في هذه الوضعية، إمساكهم بجمر الحقيقة أو تأكيدا للقول: لم يبق لي قول الحق صديقا. هم بهذا نبلاء وأنقياء ولكن غير مؤثرين في بلاد-كما اسلفت-في عداء قديم مع الفكر والعقل. سيظل الصوت العاقل، مثل صوتكم، غريبا في معركة الحق والقوة. ولا أدري لماذا تذكرت قول فتوات ام درمان في الاربعينيات اثناء اعتدائهم علي الحفلات: الافندية والنسوان يقعدوا بي جاي!في صراع العضلات، علي العقول أن تقعد في الجهة الاخري.

    من الخطأ الحديث عن هذه المجموعة باعتبارها متفقة علي الحد الأدني في الحلول، قد يتفقون حول الاحساس بالخطر أو عمق الأزمة. ولكن الخلاف كبير وعميق حول الأسباب والمخرج. إذ من الصعب الاتفاق حول سبب للأزمة يتمثل في عدم شرعية هذا النظام رغم كل الدساتير التي صاغها، والانتخابات التي اجراها. فقد كانت الدساتير المتعددة مجرد عملية"غسيل" لعدم شرعية الاستيلاء علي السلطة بالقوة والتآمر علي نظام منتخب. وبالمناسبة، هذه هي التهمة التي أعدم بسببها28 ضابطا في مارس1990. وهذه الدساتير غير شرعية لأنها اقصائية وغير ديمقراطية ابعدت أغلب السودانيين من المشاركة في وضعها ونقاشها والموافقة عليها. وهذه الأيام ، النقاش الدائر في مصر في تأسيسية الدستور يقول بأن يكون: دستور كل المصريين. ولم يكن أي دستور وضعته الانقاذ هو دستور كل السودانيين. لذلك، فهو باطل وما بني علي باطل (الانتخابات) فهو باطل. من ناحية اخري، يرفض النظام الدعوة لحكومة قومية إنتقالية بحجة أن الحكومة الحالية منتخبة ولابد أن تكمل دورتها. وبعيدا عن كون الانتخابات جاء بها دستور غير شرعي، فهي في حد ذاتها غير نزيهة ولا حرة. فقد كانت نية التزوير مبيتة بسبق الاصرار. إذ جرت العادة ان تشرف علي الانتخابات حكومة غير حزبية لتجنب وضع قانون منحاز، بالاضافة لضمان عدم استغلالها امكانيات الدولة والبعد عن الاساليب الفاسدة، وارهاب المواطنين بالسلطة.

    يحاجج النظام واعضاء البرلمان- ومنهم مشاركون في هذا اللقاء-بأن المراقبين الدوليين مثل مركز كارتر والاتحاد الاوربي؛ باركوا علي نتائج هذه الانتخابات. وهذا تدليس، فقد قال المراقبون أن هذه الانتخابات شابها تزوير كثير وتجاوزات كبيرة، كما أنها لم ترق الي مستوي المعايير الدولية المتعارف عليها. ولكنهم بعنصرية فجّة، قالوا أنها انتخابات قدر"تطورهم"وتشبههم، ولذا يجب عدم التدقيق والحكم عليها حسب الاعراف السائدة. والحقيقة لم يكن الغربيون مهمتمين بالتحول الديمقراطي في السودان، ولكنهم استعجلوا الانتخابات وعينهم علي سرعة اجراء الاستفتاء في الجنوب. وقد اعترف بعضهم بهذه الحقيقة (راجع كتاب John Young الاخير، ص134 ومابعدها). ولكنني في هذه الحالة لا ألوم النظام الذي مرر الانتخابات المزورة، فهذا صراع سياسي وليس حبا رومانسيا، بل أدين المعارضة الكسيحة والعاجزة عن إدارة الصراع. فقد أصدرت ما تسمي باللجنة العليا للانتخابات- حزب الأمة القومي، كتابا تحت عنوان (انتخابات السودان أبريل2010 في الميزان) في 1064 صفحة، نعم ألف وأربعة وستين صفحة، تحتوي علي تفاصيل التزوير أو ما سماها رئيس الحزب"الغشة الثالثة"رغم أن المؤمن فطن. وأصدر المرشح الرئاسي حاتم السر، كتابا تحت عنوان: ( رئيس مع إيقاف التنفيذ تجربتي مع انتخابات السودان) في 528 صفحة لكشف التزوير في انتخابات الرئاسة. والسؤال: ثم ماذا بعد الكشف؟ لقد برأ الحزبان ذمتهما دون السعي وراء محاسبة النظام علي ذلك والملاحقة القضائية: فابشر بطول سلامة يامربع! والآن يستند النظام جميعا-بما فيهم بعض الذين يشاركون في هذا الحوار –علي انتخابات يعلمون هم قبل معارضيهم حقيقة شرعيتها. وهذا واحد من اسباب اعتذاري عن المشاركة في هذا اللقاء: غياب الصدق والجدية عند كل أطراف النظام :حمائم وصقور وضباع.

    مما يجعل الحوار صعبا إجادة المغالطات (fallacies) خاصة بين منظّري النظام وإعلاميه أي صفوة ورأس النظام. لذلك، يكون الحوار مهزلة، لأن المحاورين يريدون من اللقاء حقائق وليس اوهام وتبريرات. وبالمناسبة، هناك فرق شاسع بين التسبيب (ذكر الاسباب التي أحدثت الأمر) وبين التبرير (ايجاد مبررات ومخارج وحيل لتفسير الأمر) . وما ذكرناه عن الانتخابات والشرعية والدستور، فيه بعض نماذج للتبرير والمغالطة. ولكن في هذا الحوار، لابد من التوقف عندما مغالطة الحريات كمبرر لرفض التحول الديمقراطي. إذ يكرر مبررو النظام القول بأن الحرية التي ثار من أجلها الجيران، قد كفلها الربيع السوداني منذ 30 يونيو 1989 أي مع الإنقلاب الحالي! فمن المغالطات الكبرى، الحديث عن الحرية مع وجود قوانين استثنائية لأنها تجب كل ما يكفله الدستور، خاصة مع وجود جهاز أمن مطلق السلطات. وهنا يظهر الخداع، حين يقول النظام أن الصحافة حرة وهناك أكثر من40 صحيفة، والحرية لا تقاس بالعدد بل بمساحة حرية التعبير. وفي السودان يملك جهاز الأمن الوطني حق إغلاق الصحف وممارسة الرقابة القبلية، ووجود مندوب للأمن في مكاتب الصحف، هذا غير وجود رجال أمن في ثياب صحفيين. ونجد صحيفة "التيار" منذ شهور لاسباب لا يعلمها حتي المجلس القومي للصحافة الذي يفترض أن يملك حق الايقاف. وظهرت بدخة المنع من الكتابة لصحفيين بعينهم وهذا ابتكار أمنوقراطي يحسد عليه السودانيون. ولا تصل إذاعة (لندن) للمستمعين الذين تعودوا عليها. وكم يعاني المراسلون وقد يتعرضون للاعتقال كما حدث قبل اسابيع. ومع ذلك، يزعق (ربيع عبدالعاطي) سابقا، في كل المحطات بأن الحرية الموجودة في السودان غير موجودة حتي في أوربا وأمريكا. ومؤشر حرية الصحافة يضع السودان في المرتبة ال170 من 179 في العالم، وكذلك تقييم المعهد الدولي للصحافة. الحرية حقوق وقوانين واضحة،وليست هبة أو مزاج سلطة.

    مغالطة الفساد وهو العلامة التجارية للنظام الحالي، وقد تم تطبيعه ولم يعد يمثل خرقا للقوانين ولا هو عيب ولا حرام (رزق ساقه الله لك!) . ويتحدي الرئيس الهمام: من لديه دليل فليتقدم به للمحكمة!كنت أظنه يقرأ كل عام تقرير المراجع العام. ومن الغريب ألا يستهل نظام يدعي الإسلام عهده بإقرارات وألا يطلب من الوزير أو المسؤول تقديم إقرار الذمة. ولا أدري قد يكون التجاهل بسبب عدم وجود واحد من الإثنين أو غياب الإثنين معا الإقرار/ والذمة. من العجيب، أن الدول في بلاد النصاري تصر علي الاقرار. ولابد أن أسأل لماذا لم يقم المنادون بالتغيير من عناصر النظام بمساندة هذه القضية الأخلاقية والسياسية الأساسية، فهم يسكتون عن فساد رفاقهم ،هل بقصد احتكار صفة النظافة وسط هذا المستنقع والماخور؟


    منطق وآليات التسوية الشاملة

    حين نقترب من الحديث عن التسوية الوطنية، أو المساومة التاريخية، أو الإجماع الوطني، أو الاجندة الوطنية، أو كوديسا؛ لابد أن يبرز سؤال: من الذي يحكم السودان؟ لكي نعرف مع من سيكون الحوار ومن الذي يتنازل أو يساوم، مع الخصم؟ حتي وقت قريب كنت أقول أن الحاكم هو جهاز الأمن أو ما أسميتها (الأمنوقراطية) وليس المؤتمر الوطني وحكومته. ولكن، الآن مع تبلور ملامح مرحلة الإنتقال من الدولة الفاشلة للدولة المنهارة؛ لم تعد هناك قوة مركزية مسيطرة مطلقا. فالنظام يحكم لأنه موجود علي قمة السلطة فقط وهذا وضع يد علي سلطة لا يوجد من ينافس عليها!علي قاعدة: يحكم لأنه يحكم. وهنا قد نطالب بقلب السؤال: من الذي يعارض؟ لابد من تأكيد أن أي معارضة تتعامل مع ردود الفعل فهي لا تعارض وتظل دون أن تدري كورس للنظام دون أن تشعر. وهنا معضلة الحوار ألا يعترف النظام بوجود معارضة،أو لا يحترمها. وبالأمس تسائل (نافع) بجلافته المعهودة: المعارضة وينا؟ وكأنه يقول: إني لأفتح عيني حين افتحها على كثير ولكن لا ارى احدا.
    هذه هي عقدة الحوار؛ النظام يعلن أنه لا يشعر بخطر محدد يجبره علي المساومة والتنازل. ولو كان شعوره هذا حقيقي، فعنده حق. لأن أي نظام يتراجع حين يكون مهددا بفقدان سلطته فقط. وتخطئ الورقة المقدمة لمبادرة هذا الحوار خطأ شنيعا حين تقول: " أن المعارضة المسلحة وغير المسلحة يجب أن تغير طريقة تفكيرها". (ص3) هذا النداء أو المطلب جدير بأن يوجه للسلطة وليس للمعارضة التي لا تملك شيئا. وعلي الملتقي أن ينصح المعارضة أن تعمل علي تغيير ميزان القوى لصالحها لكي يقتنع النظام بضرورة التنازل والمساومة والوصول لوفاق وطني لا يقصي الآخرين كما يصر النظام الآن.لابد من الدعوة لوحدة المعارضة: مدنية، وعسكرية،وشبابية،وأن تتحول الي مقاومة يومية تجبر النظام علي التواضع والعقلانية والبعد عن سوء التقدير.
    وكأن النظام لا يدري أن للموت جنودا من عسل السلطة نفسها. فهذا المسار الذي ينتهجه النظام الآن سيقود بالضرورة الي الإنهيار ذاتيا أو الإنتحار السياسي. وهذا نظام صاربلا سلطة أوهيبة أو نفوذ؛ وهذه هي الأدلة:
    1. المشير البشير،هو رئيس النظام الوحيد في العالم الذي لايستطيع إلقاء خطاب دولته في الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا حاكم ناقص الصلاحيات ولا يؤدي كل المهام التي أقسم -دستوريا – علي القيام بها. ويستطيع أحمدي نجاد أن يفعل ذلك رغم موقف أمريكا من إيران: "من يهن يسهل الهوان عليه".فقد هان سودان امريكا قد دنا عذابها.

    2. هذا نظام لايحل مشاكله بنفسه وتعود علي الوساطات وزيارات الحكماء، وصارت تناقش سياساته في الدوحة، وأديس أبابا ، وأبوجا أكثر من مناقشتها في الخرطوم. وهناك وزراء ومسؤولون يمضون وقتا أطول علي موائد المفاوضات الخارجية مما يقضونه في مكاتبهم.فهو لا يرغب في مشاركة مواطنيه،ويفضل الاجنبي علي مواطن معارض.

    3. لم تعد قرارات الرئيس بل عمل وزراء علي تنفيذ عكس ما يطلب الرئيس. وفي هذه الحالة لايغضب الرئيس فيقيل الوزير ولا يثور الوزير لكرامته فيستقيل بنفسه!
    مما يزهدني في أرض اندلس * ألقاب معتمد فيها ومعتضد
    ألقاب مملكة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخا صولة الاسد
    4. الأزمة الإقتصادية قاتلة ولن يجدي إعادة ضخ النفط ولا ذهب بني شنقول. هناك الدين الخارجي والداخلي، تدني الإنتاجية وضعف الصادر وبالتالي شح العملات الأجنبية، البطالة.

    5. الخلافات الداخلية والتململ والمذكرات، كما أن النظام سيفقد مع الأزمة الإقتصادية كثيرا من الإنتهازيين الذين سوف يغادرون سفيتة الإنقاذ الغارقة حين تتوقف الامتيازات وتخف الظروف.

    6. لم يكسب النظام حروبه الكثيرة ولم يتمكن الرئيس حتي اليوم من الصلاة في (كاودا) . وصارت اتفاقية الدوحة حول دارفور مهددة بالإنهيار ، فقد عجز النظام عن تدبير أبسط المطالب200 مليون دولار. كما انفلت الأمن بصورة لا تخفي في دارفور.

    7. يظن السودانيون أنهم مختلفون ومميزون عن الآخرين، وما يحدث للعالم ممكن ألا يحدث لديهم –فقط لأنهم سودانيون. فقد احتج البعض علي تصريحات الترابي والمهدي بأن السودان عرضة أو مرشح لمصير يوغسلافيا. ولم يقولوا لنا ما الذي يمنع حدوث ذلك؟ ذهب الجنوب وكنا نقول: يستحيل أن ينفصل الجنوب!هكذا مجانا دون ذكر أسباب. دارفور الآن – كما قال خالد التيجاني-صارت منسية والنسيان بشارة الفقدان. والشرق هل سوف يصمت أكثر من هذا بعد أن تواطأت بعض نخبته مع السلطة؟

    8. ضرورة البعد عن اوهام المؤامرة وأن السودان مستهدف.فهذا نظام يتآمر علي نفسه، كما يستهدف نفسه بسبب المكابرة والأصرار علي الخطأ بالتشبث في سلطة صارت أقرب لعظمة منخورة.كذلك عدم الخلط بلؤم بيّن بين معارضة النظام ومعارضة الوطن.فهذه محاولة بائسة لتماهي النظام مع الوطن.وينسي أنه هو صاحب فكرة الوطن-الحزب،حين فصل السودانيين من وظائفهم لأنهم غير موالين للإسلاميين.وهكذا نزع منهم حقهم في العمل كمواطنين مغلّبا الحزبية.لذلك،لا يحق للنظام الذي قسم الوطن إلي وطنين:وطن الإسلامويين بكل الحقوق والامتيازات حتي غير الشرعية،مقابل وطن لبقية الرعية:أبارتايد-الفصل الايديولوجي؛الحديث عن الوطنية.ثم أتم وطنيته بتقسيم الوطن الواحد الي دولتين:شمال وجنوب.وهنا المطالبة ليست باعادة المفصولين التي تجنبها النظام،ولكن بتفكيك دولة الحزب الواحد الذي يريد التحول الي"الوطن".هذا خطأ لابد من أن يكون بداية لأي إصلاح أو حل شامل.

    خاتمة مفتوحة

    لابد من تأسيس الحوار كعملية نقد ونقد ذاتي لكي نزيل من
    الطريق عقبات الحوار الجاد (وليس المستهبل) والموضوعي والصادق والوطني غير الحزبي. ولهذا المطلب شروط صعبة يتحملها اولو العزم فقط،وهي:-

    أولا: ضرورة الإعتراف بفشل تجربة الإسلامويين في حكم البلاد، وهم فشلوا لأنهم بشر وليسوا ظل الله علي الأرض – كما يتوهمون. وكما يرددون بأن تجارب الاشتراكيين والقوميين، والناصريين، والعلمانيين فشلت في العالم العربي؛عليهم وعلينا أن نضيف لذلك: . . وتجارب الإسلاميين/ويين أيضا فشلت، علي الأقل في السودان. وهذه هي المراجعة الصادقة وبداية إصلاح الخطأ. ولكن هذا لم يحدث، قبل ايام كان (الترابي) في قناة الجزيرة-برنامج: في العمق (17/9/2012) وقد استفزتني المكابرة، في قوله :التجربة لم تفشل ولكنها جاءت بعد14 قرنا غاب خلالها النموذج الإسلامي.

    ثانيا: من الصعب اعتبار هذا النظام شرعيا استنادا علي نتائج انتخابات2010، لذلك لابد من الإسراع في تشكيل حكومة قومية انتقالية-ولتكن من التكنوقراط الشباب من سن 45 عاما وما دون.

    ثالثا: المحاكمة علي جرائم الحرب أمام قضاء سوداني مستقل، لو تعذرت المحاكمة أمام المحكمة الدولية الجنائية. ولكن هذه جرائم ليس فيها عفو،ولا تسقط أبدا، حتي لو قبلنا بالنموذج الجنوب أفريقي.

    رابعا: استرداد المال العام المسروق من داخل وخارج البلاد.

    خامسا: تشكيل لجنة لوضع الدستور خلال عام، مع استمرار الحكومة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات.
    ثم اتوقف مرددا:- " إن أصغر علم متحقق لهو أكبر قيمة من أجمل فكرة لم تستطع تجاوز دائرة الإمكان فبقيت مجرد مشروع "- هيجل. أرجوكم المواصلة،رغم تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة.

    ******
    هذا ما كنت سأقوله في حالة حضوري،وهو يتوق لمحاورته ومناقشته ومناوشته. وللجميع الاحترام والتقدير المستحقين.


    حيدر إبراهيم علي
    [email protected]
    20/9/2012


    * الرسالة في الأصل أرسلت كإعتذار عن المشاركة في اللقاء التفاكري الثاني22-24 سبتمبر2012.



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de