دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
روح علي المك ترفرف بين كلمات منصور خالد:
|
بحثت عن مقال أتزين به في يوم إحتفالية البورد بهذا العملاق علي المك "عليه رحمة الله" وكتبت ومسحت فقد تقاصرت كل دواليب اللغة التي إختزنتها عن أن تجود بكلمات أتزين بها، رغم الإعلان المبكر لهذا اليوم، ولكننا كأمة قد أدمنا أن نفاجأ حتى بالعيد وشهر رمضان، فكيف لا نفاجأ، بهذه الإحتفالية، لتخليد راحلنا الجميل علي المك فعفوا إخوتي وعفوا أخواتي فقد أتيتكم أتزين بما إستعرته من د.منصور خالد، وأنا واثقة بأن في هذا الحوار الذي ترفرف بين حروفه روح الراحل علي المك، وإن أتى ذكره مرة، ولكني قد شعرت أن كل حرف فيه هو لعلي أو عن علي، وعفوا لكم إن لم تروا ما رأيت.
================================================================ الدكتور منصور خالد يفتح صندوق الذكريات الخاصة والعامة:الفن الغنائي لعب دوراً لم تلعبه السياسة في توحيد السودانيين
حوار: كمال حسن بخيت
وفي الحلقة السادسة والأخيرة في الحوار مع الدكتور منصور خالد.. نحاول ان نسبر اغواره الخاصة كيف يرى مسيرة حياته وما هي اهتماماته الخاصة.. نبهنا رثاؤه للفنان الراحل خوجلي عثمان إلى الجانب الآخر من الدكتور.. هل يستمع للغناء؟ هل احب؟.. من هم اصدقاؤه واحباؤه الذين يصطفيهم؟ وما موقعه من الذين يحرمون فن الغناء والرقص؟.. وكيف ينظر إلى المرأة.
وفي ثنايا ردوده يقول: لو كان لي ان اعاود حياتي لحرصت ان اكون اقل اهتماماً بالسياسة ويضيف «ما اكثر الكبار من ورثاء المرضى منْ مَنْ لم ينعم الله عليهم بالستر من بهدلة الكبر» ويتحدث عن الغناء الراحل خوجلي عثمان فيقول انه كان يضفي على حياتي نضارة يتباهج نوارها.
ويقول الدكتور خالد للذين يمنعون الغناء «احرقوا ديوان العرب» ويتساءل مستنكراً من أين اتى هؤلاء بتلك الطهرانية.. والسودان يمارس فيه الرقص المشترك؟! ـ من منظورك النقدي الراهن. كيف تنظر إلى مسيرة طبيعة حياتك؟ ـ احسبها طبيعية. فكل مرحلة لها ظروفها وبواعثها. ولربما لو كان لي ان اعاود حياتي من جديد لحرصت على ان اكون اقل اهتماماً بالسياسة. لا سيما السياسة التي خبرتها في السودان.
خاصة في الحاضر اكثر منه في الماضي. فأهل الماضي مع كل نقدي الاسترجاعي لممارساتهم كان يردعهم خلق قويم حتى رحلوا عن الدنيا خفافاً. كما كانوا يتناءون عن ما يعيب. عن اولئك عبر الشيخ الصادق محمد احمد المرضي عندما شهد بعض صحبه يتساقطون في عهد عبود فقال قولة شهيرة: «الله يسترنا من بهدلة الكبر». وما اكثر الكبار من ورثاء المرضى الذين لم ينعم الله عليهم بالستر من «البهدلة» ومن بلغ من الكبر عتيا.. وما اكثر غيرهم من بلاطجة السياسة في احزاب اخرى لا يحسن الواحد منهم الا الشر. مثله مثل عمرو بن العاص في قول عبدالله بن عباس: «له يدان يد لاتنبسط بخير ويد لا تكف عن شر». هذا دون ان تكون لذلك الشرير بلاغة عمرو او دهاؤه إلا ان حسبنا «التشاطر البدائي» دهاء سياساً. هذا البعض يصدق عليه كثيراً قول الرئيس ريغان «السياسة هي ثاني اقدم مهنة في التاريخ» ومن تجربتي الخاصة بين المهنة الاولى والمهنة الثانية وجه شبه كبير.
ـ كان أمراً ملفتاً عندما كتبت عن الفنان الراحل خوجلي عثمان.. ابان ان لك علاقة وثيقة بمحيط الفن والفنانين.. كيف تنظر الى موقع الفن ودوره في الحياة؟
ـ صحيح.. كتابتي عن خوجلي كانت تعبيراً عن الحزن على فقد صديق وديع بأسلوب جائر وهمجي، كما هو تعبير عن مرارة احسست بها من الانحدار الفكري الذي يقود له الهوس، خوجلي واحد من اهل كانوا ـ ومازال بعضهم ـ يضفون على حياتي نضارة يتباهج نوارها اما اكثرهم قرباً لي فكان ابو داوود ورفيقه برعي دفع الله وخله الوفي علي المك.. الفن الغنائي ـ كما قلت واقول ـ لعب دوراً في توحيد اهل السودان لم تلعبه السياسة، والفن وحد الوجدان، والسياسة ـ كما عرفناها ـ عملت على انشطاره. رويت من قبل قصة الحارس الذي يرافق قرنق، فتى من بور لا احسبه قد زار الخرطوم، كان يجلس في ركنه القصي يستمع لأغنية شدت انتباهي، فسألته من اي مكان الفنان؟
قال: حيدر بورتسودان، قلت لنفسي: فوق كل ذي علم عليم، فما عرفت قبلها ان بورتسودان قد انجبت لها حيدراً. فهذا الفتى نموذج لكثير غيره في الشرق والغرب والجنوب وحد الغناء وجدانهم.. الغناء السوداني، لا الغناء العربي أو الافريقي.
ـ ما هو رأيك في المواقف التي تعارض الفن، وتعمل على قمعه خاصة فني الغناء والرقص في السودان؟
ـ سؤالك هذا يعود بي إلى ما كتبت في رثاء خوجلي، بل رثاء الغناء السوداني كله بعد ما اصابه على يد مهووسين سعوا لتمزيق اوصاله باسم الفضيلة والطهرانية، لهؤلاء قلت احرقوا ديوان العرب كله بما فيه من خمريات، اذ لم يبلغ أي واحد من شعراء الغناء السوداني في تشبيهه وخمرياته ما بلغه امرؤ القيس وابو نواس وبشار، وحتى ما يسمونه الرقص المختلط لا يسميه هكذا إلا اصحاب العقول المخلاطة، اسمه الرقص المشترك، ففكرة الاختلاط تعكس النظرة الدونية للمرأة. عند هؤلاء، الرجل له المقام الأول حتى وان كان تيساً اقم «أي بدون قرون» والمرأة دونه حتى وان كانت في أدب مي زيادة وفدوى طوقان، تلك وايم الحق قسمة ضيزي.
أسأل من اين أتى هؤلاء بتلك الطهرانية؟.. أمِنْ السودان الذي يمارس فيه الرقص المشترك النوبيون والمسيرية والشايقية في الشمال كما الزاندي والدينكا والاشولي في الجنوب؟ أو أتوا به من المواريث العربية ـ الاسلامية القصية وهي التي عرفت القيان كما عرفت الحرائر اللائي امتهن بعضهن البروز للرجال لمطارحتهم في الشعر مثل سكينة بت الحسين بن علي، او الغناء مثل عبلة بنت الخليفة المهدي العباسي، «عباسيو» السودان يريدون ان يكونوا اكثر هاشمية من حفيدة علي، واكثر عباسية من حفيدة الحبر عبدالله بن عباس.
هذا طموح غريب وعملاق، وكلما امعنت النظر في مثل هذه الممارسات اقتنعت بأن اخوتنا هؤلاء لا يريدون للسودان بعد خمسة عشر قرناً من الهجرة إلا ان تحكمه قريش كما قلت، هذا طموح آخر لم يذهب إليه عجيب المانجلك أو عدلان الأحمر وكان السودان في عهدهما حديث عهد بالاسلام، من حقنا بالطبع ان نفاخر بالماضي التليد وان نستلهم منه العبر والدروس على ان نستذكر أيضاً ان ذلك الماضي كان مدركاً لواقعه ولهذا كان اكثر ثباتاً في اطاره التاريخي، وإذ نجيء اليوم لنمزق اوصال ذلك الماضي وننتقي منه ما نشاء لنفرضه على واقع غير واقعه ننتهي لا محالة إلى مسخ الماضي التليد إلى حاضر بليد.
ـ للمفكرين والساسة خاصة يدور الكثير من القيل والقال.. بعضهم يحيطها بسياج وبعضهم يكشفها، بل يكتبها وينشرها للناس.. حياتك الخاصة هل يمكن ان تكون موضوعاً في كتاب.. ثم لماذا يكون الحب والموسيقى والغناء ـ عادة ـ من اعمدة تلك الحياة.. ما موقع الحب في حياتك؟ هل احببت أو انجرحت؟ وهل ثمة فرق بين الحب في الخرطوم.. وفي بلاد بره؟
ـ بالطبع لكل منا حياته الخاصة التي لا يشاركه فيها إلا من يريد لهم أو لهن ان يشاركوه، وبالتالي لا يمكن ان تكون موضوعاً يجلى على عامة الناس. ولعل هذا ـ بجانب خشية الزهو ـ هو الذي يحملني على عدم الانصياع لمن يدعوني لتسجيل سيرة ذاتية.لو فعلت لقادتني الأمانة الفكرية لأن اقول ما لا اريد قوله لعامة الناس، أولاً لأنه لا يعنيهم، وثانياً لأنه يتناول اخرين ربما لا يريدون لشئونهم ان تكون مضغة في الافواه، قرأت الكثير من السير الذاتية وراعتني في بعضها صراحة كتابها، مثل الشيخ بابكر بدري الذي اورد ادق اسرار اسرته في مذكراته، وسعد زغلول الذي لم يستنكف الحديث عن ولعه بالمقامرة، وعن مجالس القمار التي كان يرتاد.
هذا كان من أمر الشأن الخاص، اما في العام فأنا متضامن مع نفسي، ولا ازدواج في شخصيتي، هناك درس تعلمته من الاستاذ محمود محمد طه، وكنت اسعى اليه دوماً للحوار معه حول بعض ارائه في القضايا العامة، سألته يوماً عن اسس اصطفائه للأخ الجمهوري قال: «ان يكون متمكناً من مهنته لأن الذي لا يفلح في مهنته لن يفلح في اقناع الآخرين بأي شيء آخر، وان يجيد التعبير عن نفسه ويملك القدرة على ضبط النفس وحسن الاستماع للآخر، لا يستفز ولا يُستفز، أهم من هذا أن لا يفعل في السر ما يستحي من فعله في العلانية، هذا ما أعنيه بالصدق مع النفس والطمأنينة الداخلية.
اقترب من سؤالك عن الحب بجانب الغناء والموسيقى، ثم سؤالك هل احببت؟ السؤال الأخير من نوع الاسئلة التي يوجهها الصحافيون لراغب علامة وديانا حداد فلتتجه به لهما أو لأضرابهما.. دعني اتناول الأمر تناولاً فلسفياً، القيم المطلقة عن الفلاسفة الاغريق.. ثلاث: الحق والخير والجمال، والجمال هو الصفة المائزة بين المخلوقات، يلحظها المرء فتبعث في نفسه الرضا والبهجة، ولعل هذا يكون اكثر ما يكون في الطبيعة والمرأة، ووحدهما اللتان يلجأ اليهما الانسان هروباً من تعب الحياة، انا اهوى الطبيعة بتنوعها البيولوجي الخلاق، واهوى النبات بصورة خاصة، ولهذا احيط به نفسي في الدار والمكتب، النبات هو المخلوق الوحيد غير الجاحد، يعطيك بقدر ما تعطيه بل اكثر مما تعطيه، ليس هذا هو حال الحيوان، فقد يعضك كلب، وليس هو حال الانسان ـ بل اكون اكثر صدقاً لو قلت الرجال بعض هؤلاء أفضل منهم بكثير الكلاب ـ وللامام الطبراني صاحب الكبير والاوسط في هذا المقال: «ان الناس مسخوا خنازير فمن وجد كلباً فليتمسك به».
اني أرى المرأة اكثر تعبيراً عن انسانية الانسان، لأن الانسان يخرج منها ولهذا فهي اكثر التصاقاً به، وتقديراً له وتعبيراً عنه. لن اتركك دون حديث عن الحب. الحب عندما ينبثق لا يخضع للتنظير رغم كل سياحتي الفكرية هذه عنه قالت عبلة بنت الخليفة المهدي، وهي التي خبرت الحب وتغنت به: ليس امر الهوى بخطب يسير لا ينبيك عنه مثل خبير انما الأمر في الهوى خطرات محدثات الأمور بعد الامور ثم نتساءل عن جراح القلب، وصورته في الأغنية السودانية وعن الحب «في بلاد بره» الحب لا وطن له، فالناس في هذا سواء، أما الجراح ـ كانت عند المحدثين مثل قولهم «تجربتي ليه وأنا كلي جراح»، أو من سبقهم مثل قول القائل «غوّر ياجرح» ـ فتلك صورة خاطئة ولعل لديوان العرب أثر فيها، فسهام الحب حميمة تخز ولا تؤذي، لأن الوخز طعن غير نافذ
|
|
|
|
|
|
|
|
ونرجو أقامة طيبة لكلارا بيننا (Re: أبنوسة)
|
عشت يا أبنوسة وليت أستاذي الدكتور منصور أتيحت له الفرصة ليكتب في هذا اليوم العزيز علينا فالدكتور منصور خالد مفردة من المفردات في زمن كثر فيه الغثاء رحم الله البروفيسور علي المك ونرجو أقامة طيبة لكلارا بيننا
| |
|
|
|
|
|
|
|