وفاة الحاج مدبولي صاحب اكبر دار نشر في المنطقة العربية

Quote: بدأ مدبولي حياته ببيع الصحف قبل أن يبيع الكتب على عربة متنقلة صغيرة ثم أصبح من أشهر الناشرين المصريين منذ افتتح (مكتبة مدبولي) التي أصبحت أشهر مكتبة بوسط العاصمة المصرية على مدى 50 عاما.

Quote: وظل كثير من الكتب التي يصدرها مدبولي موضع شك من طرف السلطات ومنها بعض مؤلفات نوال السعداوي واخرها كتاب (الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الديني) حيث قال مدبولي لرويترز انذاك ان شرطة المصنفات الفنية داهمت مكتبته وقبضت على أحد العاملين بها وتحفظت على 280 نسخة من الكتاب بتعليمات من مجمع البحوث الاسلامية بالقاهرة

(عدل بواسطة jini on 12-07-2008, 07:02 AM)

Quote: لإسلام اليوم/ وكالات شيع المثقفون المصريون اليوم السبت، الناشر المصري المعروف محمد مدبولي، الذي توفي الليلة الماضية عن 70 عامًا قضى جلها في بيع الكتب وطباعتها ونشرها. وقد اكتسب مدبولي شهرة كبيرة ليس بين أوساط المثقفين المصريين فقط، وإنما بين أوساط المثقفين العرب، وكانت مكتبته الشهيرة الكائنة في ميدان طلعت حرب تعد من معالم القاهرة ويحرص السائحون والعرب منهم خاصة على زيارتها للتزود بالجديد في عالم الكتاب وخاصة أن كثير من كتبه كانت تتحدى الرقابة وتخترق المحاذير السياسية والدينية والاجتماعية، الأمر الذي سبب انتقادات شديدة وجهت للناشر مدبولي . وساهمت عصامية مدبولي في ذيوع شهرته، حيث لم تسمح له الظروف باستكمال تعليمه وبدأ حياته ببيع الكتب على عربة صغيرة يتنقل بها بين الأحياء إلى أن أصبح أشهر ناشر ومالك أشهر دور النشر العربية. كان مدبولي يبدو كصعيدي بسيط بجلباب وسترة تقليديين ولكنه كان صديقًا للعديد من السياسيين العرب والمثقفين على حد سواء . ولد في فترة الاستعمار الإنجليزي لمصر، وكان والده متعهدًا بتوزيع للمجلات الأجنبية، وخاصة الإنجليزية، فورث الصغير مهنة الأب . وعبر كشكه الصغير بدأ الحاج مدبولي رحلته في هذا العالم، يبيع الصحف والمجلات باللغات الإنجليزية والفرنسية واليونانية. أخيرًا يشار إلى أن مؤسسة الإسلام اليوم قد أجرت حوارًا مطولاً مع مدبولي في شهر ذي الحجة 1427هــ الموافق يناير 2007م حكى فيه مدبولي قصة الدهاليز السرية في مكتبته وقصة دخوله السجن.

Quote: الموت يغيب الحاج مدبولي.. أشهر ناشر للكتب في مصر قدم للمكتبة العربية آلاف العناوين.. وخاض معارك ضد المتشددين الاحـد 09 ذو الحجـة 1429 هـ 7 ديسمبر 2008 العدد 10967 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: يوميات الشرق القاهرة: أحمد الجزار غيب الموت الحاج محمد مدبولي أحد أشهر الناشرين المصريين والعرب، إن لم يكن أهمهم، إذ قدم من خلال مكتبته الآلاف من العناوين المهمة في شتى صنوف المعرفة. وشُيع ظهر أمس (السبت) جثمان الحاج مدبولي الذي توفي مساء أول من أمس عن عمر ناهز 70 عاما بأحد مستشفيات القاهرة بعد صراع مع المرض استمر عدة أشهر. ورغم أن الحاج مدبولي لم يكمل تعليمه إلا أنه كانت لديه رؤية كبيرة في اختيار العناوين التي سيصدرها من مكتبته، وخاض مدبولي معاركه الخاصة ضد متشددين، إذ قدم من خلال مكتبته الكثير من الكتب المثيرة للجدل والتي أثارت انتقادات، حتى أن متشددين هددوه بالاعتداء عليه، إلا أن هذه التهديدات لم تخفه. وكان مدبولي من أكثر الناشرين تعرضا للملاحقة القضائية، ووصل عدد القضايا التي اتهم فيها إلى نحو 25 قضية نشر، وأدانه القضاء بعد توزيعه رواية «مسافة في عقل رجل» وحكم عليه بالسجن لمدة 8 سنوات هو وناشر الرواية ومؤلفها، إلا أن الرئيس المصري حسني مبارك تدخل وأصدر عفوا عنه بعد طلب من المثقفين المصريين. وإذا عرجت في وقت ما على مكتبة «مدبولي» التي تحتل موقعا مميزا في ميدان طلعت حرب التجاري الشهير بوسط القاهرة، كنت ستجده جالسا بداخلها بجلبابه الشهير، تستقبلك ابتسامته الواسعة، قبل أن يرشدك إلى الركن الذي ستجد فيه ضالتك من الكتب. ولفترة طويلة ظلت واجهة مكتبة مدبولي الزجاجية هي المنفذ الوحيد للكتب المحظورة في البلاد، فبينما كان يتم منع أي كتاب من الطبع أو التوزيع في مصر، كانت تلك الكتب موجودة على أرفف مكتبته تنتظر قراءها، فرواية «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ التي منع طبعها في مصر وكانت تطبع في لبنان، كانت متوافرة في مكتبته فضلا عن كتب محمد حسنين هيكل التي منعت لفترة من الوقت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وكتب الشاعر أحمد فؤاد نجم التي كانت ستصبح السبب في إزالة كشك مدبولي، الذي كان يقع قرب مقهى ريش، ملتقى المثقفين المصريين، بوسط القاهرة، الذي كان يعرض فيه كتبه قبل أن يفتتح مكتبته الشهيرة. ورغم أن الراحل كانت له علاقات واسعة مع المثقفين العرب والمسؤولين ورواد حركات التحرر الوطني إلا أن علاقته مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات لم تكن ودية، ففي سبعينات القرن الماضي أصدر السادات أوامر بإزالة كشك «مدبولي» لأنه يتيح الفرصة للكتّاب أن يعبروا عن رأيهم المعارض من خلال الكتب التي ينشرها لهم. ويمثل محمد مدبولي نموذجا للرجل العصامي إذ بدأ حياته من الصفر أو أقل قليلا، حيث كانت علاقته الأولى مع النشر والثقافة من خلال بيع الصحف مع والده وعمه، ولم يكن وقتها يبلغ من العمر سوى 5 سنوات. واهتم الراحل في السنوات الأخيرة من عمره بنشر موسوعات في الفلسفة والتصوف والتاريخ، وقام بحرق رواية «الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة» للكاتبة المثيرة للجدل نوال سعداوي. «كان ظاهرة لها العجب»، بهذه الكلمات وصف الكاتب الصحافي صلاح عيسى رئيس تحرير صحيفة «القاهرة» التي تصدر عن وزارة الثقافة المصرية الحاج مدبولي. وقال عيسى لـ«الشرق الأوسط»: كان شخصا عصاميا صعد من أسفل السلم إلى أعلاه وتحول من بائع صحف يطوف في الشوارع إلى أكبر ناشر وأكبر موزع في مصر، رغم انه «يكاد يكون أميا»، مضيفا: «كان حسن الفطرة وكان يتسم بروح إنسانية مع المثقفين فكثيرا ما كان يعطي كتبه لمن يحتاجها من المثقفين ولم ينتظر أن يدفعوا المقابل في وقتها». وأضاف عيسى الذي نشر نحو أربعة كتب عن طريق مكتبة مدبولي «كان شخصية نشطة وشجاعة ومتحمسة ومغامرة: فنشر لأحمد فؤاد نجم كتبه ودخل بسببها في مواجهات مع السلطات». وأشار إلى أن الحاج مدبولي تنبه لأهمية الوصول إلى عرب المهجر وانشـأ فرعا لمكتبة مدبولي في لندن، كما تنبه لأهمية إصدار الكتب النادرة التي اختفت طبعاتها من السوق، وسقطت حقوق ناشريها وقدمها للعالم العربي. من جانبه، أكد الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب المصريين أن الحركة الفكرية المصرية خسرت أحد داعميها، وقال «ستظل الحركة الفكرية مدينة له على مدى السنين بما قدمه من أعمال أثرت على الحياة الفكرية». وأضاف سلماوي «كان مدبولي ظاهرة فريدة في الحياة الثقافية وكان أكثر قدرة على اختيار الكتب التي يقدمها من المثقفين أنفسهم».

Quote: الحاج مدبولي.. رجل هز عرش الثقافة في مصر الحاج مدبولي .. بجلبابه الصعيدي هو ظاهرة ثقافية مصرية أصبحت عالمية!! , اختار مكتبته لأن تكون اللبنة التي يبنيها لمصر حينما سمع رئيس مصر السابق جمال عبد ا لناصر يدعو كل مواطن لأن يبني طوبة لمصر, كتب عنه نزار قباني جملة في قصيدة قال فيها " إحنا بنحب مدبولي عشان هو بيحب الكتاب, بيتعامل مع الكتاب كإنسان " . حوار: صفية حمدي و شيماء عيسى قيل عن مكتبته في لبنان والمغرب وغيرهما أنها بورصة الكتاب، وبوصلة القارئ أو الباحث , و قالت الدوائر الثقافية بالصحف العربية أن مدبولي وزير ثقافة العرب , وقال بعض الحكام وكبار المسئولين " تعلمنا في مكتبة مدبولي مثل ما تعلمنا في جامعة القاهرة ، وأحيانًا كنّا نستعير الكتاب أو الرواية بل ونقترض بعض المال من مدبولي حتى تصلنا التحويلات من أهلنا ". وكتبت عنه وعن مكتبته المخابرات المركزية الأمريكية ال(C.I.A) تقريرا وحول الكشك الصغير في بدايته قالت: " إن هذا الكشك أصبح ظاهرة ثقافية رائعة للمصريين والعرب على حد سواء وتم نشره في احدي الصحف الأميركية، وكما كانت الثورة خير على مصر، كانت فاتحة الرزق على مدبولي في بناء دار مدبولي للنشر، التي طرح من خلالها مختلف أنواع الكتب من أدب وفن وثقافة وعلوم وفنون وسياسة واقتصاد، لدرجة وصلت إلى تردد اسم مدبولي على لسان كل الناس أكثر من ذكر أسماء الزعماء " . محيط: في البداية حاج مدبولي كلمنا عن بداية رحلتك مع الكتاب ؟ بدأت شغل من قبل الثورة من وأنا عندي خمس سنوات, وكان الوالد متعهد بعض لشركات ببيع الجرائد, أحببت المهنة وأعجبت بها , وأنا لا كنت تعلمت ولا دخلت لا كتّاب ولا مدرسة ولذلك كان هدفي أعلم الناس وأعمل صرح, عبد الناصر علمنا إن كل واحد يبني طوبة للبلد وأنا وجدت الكتب "هي الطوبة بتعتي" , في فترة عبد الناصر كان هناك نهضة موجودة وكل ست ساعات تجد كتابا جديدا, لأن الناس كانت ترغب في بناء البلد. محيط: من كان يحضر لك الكتب في عهد عبد الناصر ؟ الهيئة العامة للكتاب الموجودة حاليا كان اسمها الهيئة القومية للتوزيع, وكان أكثر الذين يقدمون المادة من ترجمات ومؤلفات ثروت عكاشة وعبد القادر حاتم, وأنا كنت أجري كلما أسمع عن كتاب, كان عندهم واحد اسمه عبد الواحد الوكيل كان وطني وحكايته حكاية, أذهب له وأقول أريد كتابا بعينه فيقول لي اذهب لشارع منصور وخذ المفتاح وخذ ما ترغب فيه من الكتب. اليوم يحاربوننا ومتسلقين علينا من خارج القطر , نزعوا الوطنية من صدورنا , أي صرح أو بناء لمصرالنهاردة بيتهد . محيط : وفي عهد السادات؟ لحد السبعينات عشنا في النهضة دي وفي عهد السادات كان فيه شوية انفتاح لحد ما جت عملية كامب ديفيد أزّمتنا , وأنا قلتها للمستشار الإسرائيلي بتاعهم لما حالي هنا جايب معاه قاموسين عايزني أطبعهم وأنا قلت أقابله عادي زى أي حد إحنا بنتعامل عادي وحتى صاحب العمارة دي كان يهودي . قاللي عايزين المعجمين دول , قولتله هاجيبهم منين ؟ قاللي من إسرائيل . فرفضت وسألته عاملين فين تاني ؟ قاللي في أمريكا فوافقت على أن أأخذه من أمريكا , إحنا مش ضد العلم , لكن إسرائيل شئ تاني , وحاجة طبيعية فيه جوانا سم من ناحيتها وعشان كده لما جت كامب ديفيد أزّمتنا . الشعب ده شال الحمل والرسالة دي والمسئولية دي بس اللي جم بعد عبد الناصر ناس عايزة تعيش تعمل فلوس وتعيش علينا , لا وزير ولا سفير ولا زعيم ساعدنا , عملناها بمجهود فردي وتحملنا مشاكل وأمن دولة , العالم كله نظر للعمل ده وكنت أنا وشقيقي في ال 24 ساعة نشتغل ونتبدل مع بعض كل واحد أربع ساعات يشتغل ويبيع الجرائد . محيط : تعرضت للاتهام فيما يزيد عن عشرين قضية نشر ؟ أربعة وعشرين مرة كلها قضايا نشر وأنا بقدم كل حاجة لإني شايف فرشة الكتب دي زى المائدة لكل الناس لا حجر على عقل , حاجتين فقط لا يمكن التعرض لهما الدين والجنس الفاضح لأننا بنبني مش بنهد . محيط : ولكنت تبيع ؟ أبيع فقط ولكن لا أساعد على نشره, فأنا بحب عبد الناصر لكن مافيش مانع إني أعرض كتاب ضده . محيط : نرى بين كتبك المعروضة رواية عمارة يعقوبيان .. الرواية التي أثارت الجدل في الآونة الأخيرة لما قدمته من نماذج منحرفة وبالأخص فيما يتعلق بالشذوذ الجنسي .. لماذا قبلت نشرها ؟ العمل الأدبي أنا رأيته جميل ومكتوب بطريقة لا أتخيل أن يصل لها علاء الأسواني مرة ثانية ، وعلى الرغم من أنه لم يكن مشهورا إلا أنني أحتكم لجودة العمل . محيط: هل شاهدت الفيلم الذي عرض مؤخرا ويحمل نفس الاسم ؟ وما الاختلاف بينه وبين الرواية الأصلية ؟ بالطبع هناك اختلافا بين الفيلم والرواية، وأنا لم أشاهد الفيلم ولكن سمعت عنه وما دار فيه , ومتعة الرواية مختلفة عن مشاهدة الفيلم الذي تدخلت فيه العديد من العوامل الإخراجية جعلت البعض يستاء من المشاهد المخلة ، أما الرواية فيمكن كان بها بعض المشاهد الأدبية الخارجة ولكنها لم تكن كثيرة وغير مقصودة أو متعمدة , والعبارات ليست مبتذلة برأيي ، و من 40 سنة لم أقرأ رواية مثلها وإن لم تكن جيدة لما ترجمت لستة لغات حتى الآن. محيط: وماذا عن كتاب الشيوخ المودرن والضجة التي أثارها، وقد ذكرت أنك لا تنشر كتب مهاجمة للإسلام ؟ الحكومة صادرت هذا الكتاب ثم سمحوا به ثانية والدليل أنه يباع الآن من المكتبة ، لأنه لم يجدوا فيه شئ , هو بيتكلم عن المشايخ الذين يفتون في الفضائيات من غير علم والمؤلف قال لي نريد أن نصلح البلد ، ورغم أن مجمع البحوث الإسلامية قام بمصادرته فأنا لا أحتكم إلا للقرار الذي يقوله القاضي . محيط : وبالمناسبة .. هل توافق على رقابة الأزهر على المطبوعات بمصر؟ لا فالمحكمة هي الطريق الوحيد لمصادرة المطبوعات أو أمن الدولة ، لأننا هنا سنعقد الأمور كثيرا . محيط: هل تقرأ الكتاب قبل طبعه ؟ وهل لديك مسئول نشر ؟ إنها مسئولية وحاليا أنا لدي مسئول نشر موجود لكن قبل تعيينه كان اختياري أنا . محيط : كتب رفض مدبولي عرضها ؟ توجد كتب عديدة سياسية و تجارية وكتب في الدين واخرى , ولا داعي لذكر أسماء والتي قد تسبب مضايقات للبعض. محيط : وما حكاية كتاب "مسافة في عقل رجل"؟ هذا الكتاب ليس لي , المؤلف طبعه على نفقته وذهب به للأهرام وبيع منه سنتين , ثم حضر لي المؤلف يقول إن الأهرام لم تفيده في التوزيع فقبلت أن أعرض الكتاب على الفرشة , أنا لست جهة أمنية ولا رقابية , اعترضوا وقالوا إن الكتاب فيه ازدراء أديان وكلمتني المصنفات وتم التحفظ عليه . ذهبنا لوكيل النيابة كان "متزمّت" ورأى أنني المسئول رغم أن المؤلف قال إنه هو الناشر والطابع , أعطاني 4 أيام حبس قائلا أنني أعلم بمحتوى الكتاب. القاضي كان أصعب منه وأعطاني حكم بالسجن ثمن سنوات , ونصحني كثيرون بالسفر حينها ولكنني رفضت وتحولت القضية لقضية رأي عام وحضرت قنوات ال سي ان ان , والبي بي سي أولى وثانية , كانوا يريدون التخلص من هذا الصرح الذي ترونه . محيط : تريد أن تقول أنهم كانوا يقصدون مدبولي وليس الكتاب ؟ نعم وقالها واحد من الثلاثة وهمّ خارجين من الأتيليه , أشار عليَا وقال : "الراجل ده هو اللي حبسنا" وحينما دخلت للقاضي قلت له : " أنا ليس عندي طيارة تحضرلي كتب , ولا اعرف أقرا ولا أكتب وأعطاني براءة , كان قضاء حقيقي . الرئيس الفرنسي السابق ديجول من أجل استلام الحكم بعد الحرب العالمية الثانية والاطمئنان على المجتمع قال : ما أخبار القضاء ؟ سليما يبقى هو العدل . محيط : من كان يحقق معك في القضايا ؟ قابلني في القضايا مسئولين كبار منهم كان وزير الداخلية , وفيه قضايا قابلني فيها رئيس أمن دولة عليا حينما تكلمت عن كتاب " هوامش على دفتر النكسة " لنزار قباني , وبعض كان لجرائد أجنبية رغم إن مسئوليتها هي مسئولية الشركات , نحن في بعض الفترات نتمتع بالحرية ولكن الحكومة تعطيها لنا "بالقطارة" حتى يظهروا الديموقراطية الغير موجودة من الأساس. اليوم فلسطين تضرب والعراق تطفح نار ودماء الأبرياء ونحن المسلمون نرضى بكل هذا وأنا أرى أن الموت أفضل بكرامة . ذكرت في حوار لك أنه في أيام الثورة كان 90% من المصريين يبنون والآن 90% يهدون ما معنى هذا؟ نعم في أيام الثورة لم تكن لتجد لصا في الشوارع ، أما الآن فثقافة الخطف والسرقة والرشاوى وفساد المسئولين منتشرة للغاية ، على سبيل المثال الرجل المسئول عن كارثة القطار مؤخرا بمصر والتي راح ضحيتها العشرات ماذا فعلت الحكومة به ؟ وأين كانت أجهزة الأمن قبل أن يحدث هذا ، أشعر أنها تبحث فقط عن الذين يبدون أرائهم بصراحة في الأوضاع الفاسدة في البلد . محيط : ما رأيك .. هل الشعب المصري متخلف ثقافيا بالفعل ؟ لا بالعكس تماما الشعب المصري مثقف بفطرته ، تجد فلاحا وربما أميا ويسمع ما يجري في البلد من أوضاع سياسية وما تفعله الدول الكبرى وإذا ناقشه طالب جامعي فلن يغلبه ، وستجد لديه كم من المعلومات رهيب ، كما ان حركة التأليف تسير على ما يرام وعندنا مؤلفين كثيرين ، والشعب يقرأ . محيط : من أخر الحكام أو المسئولين الذين زاروك ؟ كثيرون هم من يزوروني في المكتبة ، وبعضهم كان يزورني منذ أن كان طالبا ، ومن الحكام الذين أتوا مؤخرا حاكم اليمن الجنوبي، وبن بيلا ، وحاكم العراق الجديد. محيط : ما سر نجاح معارضك بالسودان بصفة خاصة ؟ السودان عموما اهل حفاوة ولا أستطيع أن أصور لكم كيف يستقبلوني حينما أصل هناك بمكتبتي حتى أنني أبيع كل الكتب , فهم يحبون المعرفة للغاية ، حتى ان وزير الثقافة السوداني في الاحتفال بالخرطوم يقول أنه تعلم من مكتبتي . محيط : ما هي ذكرياتك مع هؤلاء ؟ أنيس منصور وقف معي كثيرا بقلمه الجريء حتى لا يزال كشكي بفعل المحافظ وأنا أحبه وأعتبره عراف مدبولي. أحمد فؤاد نجم رفعوا الكشك بسببه في مرة من المرات ، وقد طلبت منه أن يعطي لي كل كتبه غي السياسية لأنشرها له ، وهو يمتلك وطنية عالية . نزار قباني أكثر من صديق ، وقد قرأت مقالة في مكتبة ببيروت عام 1968 أبكاني كان ينشره بصحيفة الأسبوع العربي ، وهو مصري أكثر من المصريين رغم أنه هاجم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في أوقات إلا أنه عاد في نهاية عمره واعترف بأفضاله على المصريين ، وقد نشرت له 17 كتابا في مصر حتى يتم بيعها بسعر مناسب للقراء. نجيب محفوظ 30 سنة وأنا أقابله كان يجلس على المقهى المقابل لهذه الكشك وكان يحب عمله للغاية ، وعرضت عليه أن أنشر أعماله عندي ولكنه اعتذر بعقده مع السحار وأنا احترمت ذلك وبعت له أولاد حارتنا ، وكان دائما ما يجلس على قهوة الريش يشرب قهوته . محيط : مارأيك في جائزة نوبل ؟ الجائزة على مستوى عالي جدا ، وحينما تمنح لأحد الأدباء فإنه يكون محط أنظار العالم أجمع ، ولكن برأيي عن معايير اختيار فإن جنسية لجنة التحكيم كثيرا ما تتحكم فنجد إسرائيليين وأمريكيين ، وقد ذكرت مرارا أنني من أعداء السامية ، وقد زارني السفير الإسرائيلي وطلب مني مساعدته في نشر قاموس عبري عربي ، ورفضت وخرجت عن كشكي هذا وقلت له أترى هذه الشجرة قال نعم ؟ قلت أنتم أعداء لها لأنكم أعداء لكل شيء حي ، وهذا كان ضمن ردي على سؤاله لماذا تعادون السامية ، بل أنه أيضا كان يريد دخول المخزن الخاص بالكتب ذائع الصيت. محيط : معرض الكتاب .. ما هي انتقاداتك للمعارض السابقة ؟ وماذا تتوقع من معرض هذا العام ؟ يعيب المعرض أنهم يرصدوا لهم ميزانية كبيرة جدا على أساس أن شركات عالمية تساهم في التصميمات والسرايات مثل الهناجر ولكن الحقيقة أنها تنفذ بأيدي مصريين وعددهم قليل جدا ومعروفين . واجهتني مشكلة وهي أنني كنت حاجز سراية 150 متر وحدث أن وضعوني في 100 متر فقط وهي مساحة لا تكفي مطلقا لأن أعرض كتبي ، وكنت أول من اقترح العرض المكشوف في الأكشاك وأقمته بالفعل وشهد رواجا كبيرا ربما أكبر من السرايات ، الطريف أن دور النشر الأخرى بدأت تقلد نفس الفكرة وخرجت من كتبها للعرض المكشوف وثبت أنه أسلوب ناجح. يضحك الحاج مدبولي ويقول أنا أغنى رجل في العالم وأقوى رجل في العالم ، ليس بالمال ولكن بهذه الكتب التي ترونها مدون بها حقب كاملة من التاريخ العربي والمصري والعالمي ، أنا غني بالمثقفين الذين يؤازرونني دائما . " مكتبة الحاج مدبولي " سميت بهذا الاسم نسبة لصاحبها ومديرها محمد مدبولى محمد حسين وشهرته " الحاج مدبولى " وهى في موقعها الحالي منذ السبعينات وقبل ذلك كانت في 14 شارع طلعت حرب في مواجهة مقهى ريش ولكن الرحلة مع الكتاب والثقافة والمثقفين كانت قبل ذلك في الخمسينات... يعنى ستون عامًا في خدمة الثقافة والمثقفين , ستون عاما تجعلك لا تعتقد أن جعبة هذا الرجل التي يخفيها جلبابه لن تنتهي ومهما أجريت معه حوارات ومهما تحدث عن موقف بعينه في كل مرة يضيف لك جديد ويخرج مالم تسمعه من قبل ليس لشئ إلا لأنه مشوار حياة سار بمحاذاة الوطن .

Quote: حوار مع مدبولي أمام «عمارة يعقوبيان»! محمد صادق دياب الثلاثـاء 11 ذو الحجـة 1429 هـ 9 ديسمبر 2008 العدد 10969 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي كيف نجح الحاج مدبولي بائع الصحف الجوال، الذي بدأ بكشك صغير في ميدان طلعت حرب بالقاهرة في تأسيس أشهر دار نشر عربية؟! ولماذا غدت مكتبته في وسط البلد مزارا من مزارات القاهرة؟! وكيف تمكن هذا الرجل البسيط الذي لم يلتحق قط بأية مدرسة نظامية على الإطلاق أن يتعامل مع روائع الكتب في الفكر والفلسفة والسياسة والأدب وغيرها؟! أسئلة كثيرة تطرح اليوم في وداع مدبولي، وفي تقديري أن أهم عوامل نجاح الرجل أنه لم يحول دار النشر الخاصة به إلى ما يحبه مدبولي، فمائدة مدبولي الثقافية ظلت تتسع للجميع، فالرجل رغم ناصريته ـ كمثال ـ فتح رفوف مكتبته لمختلف الكتب التي لها رؤيتها المضادة لتجربة عبد الناصر، فلقد استطاع تحرير ذاته من قيود أحادية الرأي والفكر والتوجه، فانعكس ذلك على مشروعه الثقافي، وأحبه الناس، ووثق فيه المثقفون. يعلل نزار قباني حب الناس لمدبولي بقوله: «نحن نحب مدبولي لأنه تعامل مع الكتاب كإنسان»، وكان نزار دقيقا جدا في توصيف تلك العلاقة الحميمة بين مدبولي والكتاب، وما زلت أتذكر ذلك اليوم الذي جئت فيه لمكتبة مدبولي لأتزود منها ببعض الكتب الجديدة، وحينما هممت بالانصراف تناول الحاج مدبولي الطبعة الأولى التي صدرت لتوها من رواية لمؤلف لم أسمع به حتى تلك اللحظة، وهو يقول: ـ خذ رواية عمارة يعقوبيان ستعجبك كثيرا. ـ ولكنني لم أسمع بالروائي علاء الأسواني من قبل.. ـ خذها وستسمع باسم هذا الروائي بعد ذلك كثيرا! وفي غرفتي بالفندق رحت أقلب الرواية، ولم أستطع أن أغادرها إلا حينما انتهيت من صفحتها الأخيرة.. وفي اليوم التالي راح يقص علي مدبولي حكاية الروائي الطبيب علاء الأسواني «الذي جاء يطل فغلب الكل»، وقد تحققت فراسة مدبولي، إذ أثبتت الأيام أن رواية «عمارة يعقوبيان» للأسواني هي الرواية الأكثر مبيعا في تاريخ الرواية المصرية. لقد أقام هذا الرجل البسيط الذي تعلم في مدرسة الحياة علاقة عشق مع الكتاب، فهو لم يكن قط مجرد تاجر، بل كان صاحب رسالة تنويرية اضطلع بأعبائها حينما وهنت كواهل المثقفين عن تحقيقها.. رحم الله الحاج مدبولي. [email protected]

Quote: رحمه الله رحمه الله رحمه الله بقدر حروف كتب نشرها وبقدر انفاس من قرأها

Quote: مدبولي «وراق مصر» بدأ بائعا متجولا للصحف الأجنبية ثم تحول إلى صاحب الكشك الأشهر وعلامة أساسية للباحثين عن الكتب في القاهرة الجمعـة 14 ذو الحجـة 1429 هـ 12 ديسمبر 2008 العدد 10972 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: حصاد الأسبوع الرياض: مشاري الذايدي لا زلت أتذكر الحاج محمد مدبولي بوجهه المعروق، وملامحه المصرية، ملامح المعلمين، وأنا اجري معه حوارا كان من أمتع الحوارات التي أجريتها. كان ذلك في اكتوبر (تشرين الاول) 2003. ما زلت أتذكره وهو يشرب شايا ثقيلا من نوع الشاي الحبر الذي يفضله الكثير من المصريين، خصوصا ولاد البلد. جلسنا سويا ومعنا الزميل والصديق تركي الدخيل الذي أخذ كاميرته وبحسّ مصور محترف، التقط مجموعة من الصور، نشر بعضها مع الحوار. كل شيء في الحاج مدبولي كان لافتا للنظر. بداية من زيه وجلابيته وتحتها السديري، مرورا بكيفية التهامه للسجائر واحدة تلو الأخرى، وطريقة مراقبته للزبائن والصبيان الذين يحفون بزبائنه الذين يتكاثرون في المواسم السياحية، خصوصا من الخليج، ونهاية بحالة الفصال التي تتم أثناء نقد ثمن الكتب، وفي الغالب يخرج الحاج مدبولي منتصرا، مع ابتسامة ودودة للزبون وهو يهم بالخروج من مكتبته الشهيرة في ميدان طلعت حرب وسط القاهرة. الحاج مدبولي علامة من علامات القاهرة. لا تتم أي زيارة معتبرة لمصر دون المرور بمكتبته الشهيرة وتحميل بعض الكتب التي يحسن تسويقها وعرض العناوين الجريئة منها قبل غيرها. ويكفي للبرهنة على ذلك رواية عمارة يعقوبيان التي عرفت شهرتها الأولى انطلاقا من أرفف مكتبة مدبولي. قيل عن الرجل الكثير بعد وفاته، قبل بضعة أيام، مدحا وانتقادا. قال البعض إنه أمي ثقافيا، وإنه يبيع الكتب كما يبيع الفاكهاني بضاعته، أي انه لا يقرأ مضامين الكتب التي يبيعها. وقيل إنه كان يعتمد في تسويق كتبه على انعدام ثقافة الملكية الفكرية وحقوق الاحتكار، وانه لم يكن كثير الحساسية تجاه فكرة الملكية الفكرية. وقيل انه يبيع العناوين الفاقعة والمثيرة التي لا تحمل قيمة علمية أو رصانة بحثية معتبرة، كتب من نوعية أن صدام حسين لم يقتل حقيقة بل قتل شبيه له. أو كتب الإثارة السياسية للخليجيين، وهي كثيرة ومختلفة القيمة الفكرية. الحق أن مدبولي، الناشر الصعيدي الوحيد في مصر، كما قال هو نفسه بفخر في الحوار السابق، لم يدّع يوما الثقافة المميزة أو الإنتاج الفكري، أو أنه التهم الكتب التي كان ينشرها. إنه ببساطة بياع كتب وحسب. كان الرجل يمثل مهنة الوراق أفضل تمثيل. تلك المهنة التي عرفت مجدها في ذروة الانتاج ايام العباسيين وقامت سوق وصناعة كاملة للوراقين تحدث عنها الجاحظ وغيره. لم يكن مطلوبا من الوراق أن يكون منتج أفكار أو ناقدا، هو صاحب صنعة يعرف الكتاب الذي يروج ويحدث أثرا ويقبل عليه الزبائن، ويعرف الكتاب الذي سيعلوه الغبار ولن يقرأه إلا مؤلفه وربما بضعة اصدقاء للمؤلف، من باب المجاملة أحيانا. الوراق مدبولي، كان صديق المثقفين من كل الاتجاهات، لم يكن صاحب مشروع فكري أو سياسي أو اجتماعي. إنه الوراق القديم في صيغة جديدة. صفات الوراق الحديث في العالم العربي صفات واضحة لمن يدقق فيها. فهو متابع نشط لما يخرج من المطابع، وعارف حذق باهتمامات القراء المتحولة من حين لآخر. فإذا كانت الأزمة سياسية تتعلق بالعراق يقدم على الرف كتبا تتناول تاريخ العراق وصراعاته، حتى ولو كانت قديمة مثل كتب المفكر العراقي علي الوردي او هادي العلوي او حنا بطاطو. وإذا كان الحديث عاليا عن الإسلام السياسي والجماعات الإسلامية، رأيت كتب فرج فودة وسعيد العشماوي ورفعت السعيد واحمد البغدادي وغيرهم تتقدم الرفوف. وإذا كانت أزمة سياسية في الخليج بين السعودية وإيران او العراق، أيام صدام حسين، تجد الكتب التي تتناول تاريخ الخليج والسعودية والبعث والبترول أيضا تتقدم كثيرا. ويعتمد هذا الوراق الصعيدي على الكتب القديمة بعدما يعيد تلميعها وترويقها للزبائن، أو يعمد إلى التقاط كتب جديدة لمؤلفين جدد حول موضوع الساعة، وغالبها من الكتب ذات الصلاحية المؤقتة للقراءة، أي أنها تقرأ أثناء سخونة الحديث ثم تفقد قيمتها مع الوقت أو ربما بعد أول قراءة. الوراق في العالم العربي يتصف بحس الدعابة، وبمسحة شعبية واندماجية مع عالم المثقفين اليساريين، وبعلاقات حميمية مع بعض أولي الأمر ممن يملكون تسهيل تجارة الوراق أو تعطيلها. لذلك نجد الوراق يمسك بالعصا من منتصفها بين المثقفين المعارضين وبين أصحاب السلطة، لكنه يعطي أصحابه المثقفين جوهم من التأييد والانحياز، ويعطي المسؤولين جوهم من خلال تنمية حس التقدير الذاتي لثقافتهم وحرصهم على حرية النشر. وفي النهاية فهو يفعل ذلك من أجل ضمان المرور بين مقص المؤلف والرقيب حتى ينفذ من بين نصلي المقص إلى زبونه، هدفه النهائي. الأمر لم يقتصر على شطارة الوراق المصري المثالي، الحاج مدبولي. فالرجل له نظائر أخرى، وأشهرهم العم حسن ابو علي في الأردن الذي يتربع بكشكه الشهير في شارع السلط وسط عمان العاصمة، واضعا كرسيا دائما لضيوف كشكه. هؤلاء الزوار الذين يتنوعون من الشاعر العراقي الحداثي عبد الوهاب البياتي، إلى شاعر الجدارية محمود درويش، الى بعض كبار الوزراء ورؤساء الوزارة في الأردن، الى ثلة من متمردي و صعاليك الصحافة الأردنية، وصعاليك هنا تعني المعنى العربي القديم لها، أي الخارجين على سلطة العشيرة الثقافية والسياسية. وفي السعودية يعرف كثير من المثقفين في الرياض أشهر وراقيها، وهو الأستاذ ابو وائل اليحيى صاحب مكتبة التراثية التي أصبح اسمها الكتاب، يعرفونه ببساطته ولطفه وشطارته الشهيرة في الدلالة على العناوين المهمة للقارئ السعودي، للدرجة التي أصبح معها أبو وائل مغنيا للقارئ السعودي المثقف من سكان العاصمة عن البحث عن ضالته في مكتبات القاهرة وبيروت والبحرين. عميد هؤلاء الوراقين بلا ريب هو الحاج مدبولي، سنا وتجربة وانتشارا وشهرة. وبالنظر الى عدد قضاياه إشكالية التي دخل فيها مع سلطات الرقابة أو مع شرائح سياسية وقوى اجتماعية كانت تسخط عليه إما بسبب نشره لكتاب لا يروق لها. لم يكن غريبا أن تجد في ممرات مكتبة مدبولي الضيقة أنواعا مختلفة من الزبائن العرب والمصريين، من طلاب وطالبات الجامعة الذين يبحثون عن عنوان ما في دراستهم أو سياسي عربي شهير أو فنان أو إعلامي أو رجل أعمال حتى، مع أن الفئة الأخيرة لا تفضل قضاء وقتها كثيرا بين أرفف الكتب. هل يعتبر الحاج مدبولي نموذجا مثاليا لصناعة النشر في العالم العربي؟ كثيرون من المحترفين لا يردون بالإيجاب، ويرون في نموذج مدبولي نموذجا للشطارة والبراعة في التسويق، في ظل غياب قوانين ملكية فكرية صارمة، وفي ظل غياب ثقافة الكتاب والنشر. غير أن آخرين يرون مزية لمدبولي في هذه البراعة، فهو بالفعل نجح في تحويل الكتاب إلى خبز للناس كما نجح نزار قباني، أحد أصدقاء الحاج، في تحويل شعره إلى خبز للناس. حينما سألته عن الكتب التي يفضل قراءتها شخصيا، قال لي انه يميل إلى الكتب التي تتحدث عن علم الإدارة والمهارات الإدارية، وكذلك الكتب الدينية الكلاسيكية، فـ «الإنسان ليس له إلا ربه» كما قال لي بحس التدين المصري التلقائي. غير أن هذا الحس البسيط يخفي خلفه رجلا شاطرا في تدبير صنعته، ويعتمد كثيرا على حسه وإلهامه في نشر وطباعة وبيع العناوين التي يرى أنها مثيرة وجذابة. قال لي حين سألته عن معاييره في النشر، وهل يميل إلى طرح فكري ضد طرح فكري آخر، وهل ينعكس هذا الميل على اختياراته في الكتب التي يقرر طبعها ونشرها، أجابني بأن مبدأه في النشر هو «المائدة للجميع والعقل هو الذي يفرز». وقال: من هذا المنطلق طبعت كتبا لنصر حامد ابو زيد وكتبا لعبد الله القصيمي مع أنني رجل مؤمن أشد الإيمان. وأخبرني بأن لديه لجنة للنشر، تجتمع من شهر 4 إلى شهر 6 من كل سنة وتستعرض الكتب التي قدمت للمكتبة ثم ترفع توصياتها في تقرير. لكن الحاج مدبولي لا يقبل كل توصيات هذه اللجنة ويحصل أحيانا أن يخالف تقرير اللجنة ويقرر طباعة ونشر كتاب معين على خلاف توصياتها، كما حصل مع كتب نصر أبو زيد «نقد الخطاب الديني» و«الإمام الشافعي». هذا الوراق الصعيدي الذكي والودود لم يجعل دماثته تحول بينه وبين ارتياد الخط الأحمر للدرجة التي أدخلته في قضايا ومحاكم، وكان يتحدث بحبور و شيطنة جميلة عن أن عدد القضايا التي ُرفعت عليه في محاكم أمن الدولة 24 قضية. وحين سألته: وكيف تخلصت منها؟ أجاب بابتسامة من يتلذذ بمخادعة الرقيب، وبلهجة عامية: لا ما خلاص، صرنا حبايب وأهل. الغريب في أمر هذا الرجل البسيط المظهر، هو شبكة علاقته الواسعة منذ أن استقل بكشكه الشهير عن والده، متعهد بيع المجلات والصحف الأجنبية للجاليات المقيمة في مصر منذ الأربعينات. فمدبولي كان صبيا صغيرا مع أخيه يسرحون في بضاعة أبيهم من المجلات والمطبوعات بكثير من اللغات الأجنبية لبيعها على الأجانب. لكنه وبحس استشرافي مبكر، رأى أن يستقل سنة 1951 قبل ثورة الضباط الأحرار بسنة، بكشكه الخاص وقال انه فكر مع أخيه بأنه يجب أن نستقل وننشئ عملنا الخاص وكان عمري حينها 8 سنوات». غير أن هناك حدثا سياسيا كبيرا حرف اهتمامات مدبولي عن المجلات والصحف الى الكتب. ففي سنة 1956 حصلت الحرب الشهيرة من قبل فرنسا وبريطانيا وإسرائيل ضد مصر (العدوان الثلاثي)، مما تسبب في هجرة الكثير من الأجانب، الأمر الذي انعكس بالكساد على عمل مدبولي وشقيقه. لكن هذا التغير لم يحبط عزيمته فقرر تحويل الاهتمام إلى الكتب. يقول مدبولي: «لاحظت ان هناك اهتمامات شبابية بما يأتي من الغرب من موضات فكرية وثقافية، وكانت الموضة حينها للوجودية فكلفنا من يترجم أعمال سارتر وكامو ومسرح العبث واللامعقول، انسجاما مع متطلبات السوق القرائي وحققنا نجاحا جيدا في هذا المجال الجديد، لقد كانت فترة الخمسينات فترة فورة قرائية وشرائية للكتاب لدرجة أننا كنا نبيع 500 نسخة أحيانا من الكتاب الواحد». ورغم بساطة تعليم الحاج مدبولي إلا انه كان ناجحا في تسويق بضاعته الأجنبية، وقال حينما سألته مستغربا عن هذا:«اسمع، أنا لم أدخل المدارس النظامية نهائيا. ولكن علّمتُ نفسي بنفسي وقررت أنه يجب علي تعلم اللغات التي احتاجها في مجال عملي، وهذا ما حصل بالضبط وبدأت مسيرتي في تعلم اللغات الأجنبية التي احتاجها بعد ثورة يوليو بسنتين. وما زلت أتعلم» وفعلا ظل يتعلم إلى أن وافته المنية قبل أيام... كأي انسان متابع، للحاج مدبولي انطباعاته السياسية وخياراته المفضلة في السياسة. فهو يحب جمال عبد الناصر ويكره أنور السادات، بسبب السياسة أولا، ثم بسبب أن السادات هو من أغلق كشكه، رغم أنه كان يمر بكشكه بشكل شبه يومي. فيوم كان الرئيس السادات رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية، أغلق السادات كشك مدبولي بسبب بيعه لقصائد الشاعر الشعبي المشاغب احمد فؤاد نجم. قائمة أصدقاء الحاج مدبولي كثيرة، لكنه كان يتذكر دوما المفكر السعودي الراحل عبد الله القصيمي، ونشأت بينهم علاقة صداقة حقيقية كما قال، رغم أن الحاج مدبولي لا يحب كتب القصيمي ولا يرغب في أفكاره. فالحاج مدبولي في نهاية الأمر رجل مؤمن كما يصف نفسه، ولم يكن يجد تناقضا في تكوين صداقة مع مفكر مثل القصيمي، مع كراهيته لأفكاره، وفي نفس الوقت بيعه لكتب القصيمي، الرجل المتمرد. فمدبولي يعتقد أن بيع الكتب أكل عيش وتجارة، لا علاقة له بما في طياتها من أفكار، والزبون حر في اقتناء ما يشاء. ومع ذلك، فإن الحاج مدبولي ليس متسامحا تماما. فهو رفض نشر كتاب للمفكر المصري الليبرالي فؤاد زكريا لأنه أساء لجمال عبد الناصر كما قال الحاج. لكنه يؤكد انه ليس ضد الساداتيين على طول الخط، فهو، مثلا، ليست لديه مشكلة مع كتب مفكر ساداتي صريح مثل علي سالم، كما وصفه مدبولي. من أظرف الأشياء التي تذكرها الحاج مدبولي، هي ارتياد صدام حسين لكشكه حينما كان في القاهرة في فترة الهرب الى مصر (من 1959 بعد محاولة اغتيال فاشلة للرئيس العراقي عبد الكريم قاسم شارك صدام فيها لحساب حزب البعث، على إثرها هرب صدام إلى سورية فمصر وعاد إلى العراق سنة 1963). وقال عنه الحاج إنه كان يمر عليه ويسأله عن الكتب الجديدة، وكان يركز على الكتب السياسية، والحقيقة أنه لم يكن يلفت نظر الحاج مدبولي حينها، ولم يلاحظ عليه أي شيء مميز. فكان يتعامل معه مثل مئات الزبائن الآخرين. يمر بذاكرة مدبولي الكثير من الزبائن الأصدقاء، مثل الروائي الكبير نجيب محفوظ الذي كان يمر عليه في كشكه قبل أن يتحول إلى مكتبة في نفس المكان. يمر عليه كل صباح بعد أن يشرب قهوته في مقهى «ريش» الشهير في سليمان باشا. وكان نجيب محفوظ يسأله عن جديد الكتب، هذا قبل أن يتحول محل تجمع المثقفين إلى مقهى «اتيليه». هذا هو الحاج محمد مدبولي، وراق مصر، وناشرها الصعيدي الأشهر، الذي حول الكتاب إلى رغيف عيش للجميع، دون اخذ تذكرة مرور من وزارة الثقافة أو تجمعات وأحزاب المثقفين. لكنه كان من أكثر من خدمهم، ووضعهم قيد النقاش العام. كان حفيدا بارا للوراقين العرب الأوائل، ورجلا مناسبا للمرحلة العربية، في ساحته، ساحة صناعة الكتاب ونشره. فمهما قيل فيه مدحا أو قدحا، فإنما يقال للمرحلة الثقافية برمتها.