دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
خالد فتحي : محجوب شريف.. الشاي في حياته وترانيمه.
|
أعجبني هذا المقال للأستاذ (خالد فتحي) فرأيت أن آتي به إلي هنا ... علي أمل أن يُضيف إليه البعض.
---------------------------------------------------
"شاعر الشعب محجوب شريف"
08-12-2012
خالد فتحي
ذات مساء شفيف منذ خمسة أعوام أطلَّ شاعر الشعب محجوب شريف على حشد في مهرجان سياسي بدار زعيم حزب الأمة الامام الصادق المهدي بحي الملازمين العريق يتلو أشعاراً ولا أروع.
في تلك الأمسية افترع محجوب قراءة أشعاره التي هزَّت قلوب العاشقين، وعروش الطغاة في آن واحد بأبيات من قصيدته (أرضاً سلاح) التي يقول مطلعها: (أرضا سلاح/ لو نتحد ضد الجراح /نبني الديمقراطية صاح/ نبنيهو صاح.. وطن البراح/ وطنا مجير لا مستجير لا مستبد لا مستباح).. فيما بعد بسنوات سيتخيَّر (حميد)، (أرضاً سلاح) اسماً لمجموعته الشعرية الأخيرة، ومن مقاطعها (أرضا سلاح/ترحل هموم/ تنصان دموم/ والبال يرتاح).
وفي آخر مقابلاته مع فضائية (النيل الأزرق)، أشار (حميد) الى ذلك بأن محجوباً (صاحب الامتياز) في استجلاب (أرضاً سلاح) من ساحة الحرب لباحة الشعر!! وقد حملت مجموعة (حميد)، المار ذكرها، قصائد عديدة منها (مرق الحلم)، (سوقني معاك يا حمام)، (ملح المشاعر)، (بشارة)، (كسوة الكعبة).
وعوداً على بدء في تلك الأمسية طلب محجوب شريف (حاجتين)، وقال في أولاها : (أريد أن أشرب شاي في هذا المنزل)، وعلى وقع (طلبه) دوى التصفيق بين الجماهير المحتشدة في حديقة المنزل، لم يلبث التصفيق أن علا أكثر وأكثر عندما قال :(كمان داير بتي مي، لتهش معي على غنم الكلام) وبالفعل خرجت مي وسط حماس الحاضرين وعاونت أبيها الذي (توكأ) عليها (عشاءً) يتذكرما(فر) وأختبأ في (خبايا) الذاكرة (القصية) من أشعاره الندية.
لم يمضِ وقت طويل في تلك الليلة حتى انتهى محجوب من تلاوة أشعاره وما أن استوى على كرسيه حتى جاءت اليه (صينية) الشاي تجرجر أذيالها.. لا زلت أذكرها، (براد) زجاجي وحوله التفت فناجين بيضاء في مثل لونه، وصبَّ محجوب شريف (الاحمر) القاني و(شرب) وعلى محياه (تألقت) ابتسامة وفرحة.
في حياة وأشعار وأسمار شاعر الشعب محجوب شريف ثمة احتفاء خاص بـ(الشاي)، ملأت حياته (مشوار حياته اليوماتي)، ونضحت بها أشعاره.. في (السنبلاية) التي تحكي مقاطع من تجربته الذاتية مع (ام مريم ومي)، أميرة الجزولي، رفيقة (كده وتعبه وشقاه)، يقول (وبينى وبينك الضحكة.. ورحيق الشاي وطعم الخبز والسُتْره.. ومساء النور).
وروى لنا الشاعر التيجاني سعيد في مرة أن محجوبا رفض بشدة مناشدته بأن يطلق على مجموعة الشعرية اسم (جميلة ومستحيلة) باعتباره الأكثر شهرة بين أعماله الغنائية وأصرَّ على تسمية المجموعة (السنبلاية). ويفسر البعض أن (جميلة ومستحيلة) كانت تعبيرا عن تجربة (ولَّت وانتهت) في حين لا زالت (السنبلاية) حية ومتقدة في جوانحه.
وأغنية (السنبلاية) التي تغنى بها عبقري الموسيقى السودانية الراحل محمد وردي، سكب عليها موسيقى زفزافة، لكن يبدو أنها كانت عصية بعض الشئ على الاذن السودانية فلم تلاقي هوى في نفوس محبيه أو حظاً واسعاً من الافشاء اذ ما قورنت بـ(الأطايب) من أعمال وردي الفنية من كلمات محجوب شريف، كـ(جميلة ومستحيلة)، أو (أنا مجنونك)، أو سلسلة الاغنيات الوطنية كـ(يا شعبا لهبك ثوريتك)، و(يا شعبا تسامى)،(وطنا) وغيرهن..
ويبدو أن شاعر الشعب كان يترجى أن يأتي لحن (السنبلاية) خفيفاً، شعبي المزاج على غرار (القمر بوبا) على سبيل المثال الذي انتشر ، وترنم بها من ليس مغنياً، كما ذكر لنا بنفسه في مؤانسه ضمتنا والزميل محمد عبدالماجد في داره بالثورة الحارة (20) العام الماضي، ربما كان محجوب وهو الوثيق الصلة والعميق الرابطة بالكادحين يترجى أن تكون الأغنية أهزوجة على ألسنة (الغُبش) في الحل والترحال وفي ساعات الظهر والسحر، في لحظات اليأس وعند اقتراب الفرج أو لتصير كما قال ابوالطيب المتنبئ (فســار بـه مـن لا يسـير مشـمرا/ وغنــى بـه مـن لا يغنـي مغـرداً).
وفي مقاطع من أهزوجة ثوريَّة لمحجوب شريف ، لا ينسى (الشاي) مذكراً (السجان) أنهم يعشقونه (صباحاً) و(مغربية) كمان، لكن مع (الولاد)، و(الزوجة) و(الأم الحنون) : (أسمعنا يا ليل السجون/ نحنا بنحب شاي الصباح/ والمغربيَّة مع الولاد/ والزوجة والأم الحنون)..!
أما في (يابا مع السلامة) وهي مرثية صاغها لأجل القيادي الشيوعي الراحل عبدالكريم ميرغني يأتي بـ(الشاي)، لكن في (الترامس) هذه المرة ويسائلها أين هو الآن؟ (يا تلك الترامس وينو الصوتو هامس / كالمترار يساسق يمشي كما الحفيف / كم في الذهن عالق / ثرثرة المعالق / والشاي اللطيف/ تصطف الكبابي أجمل من صبايا /بينات الروابي والضل الوريف / أحمر زاهي باهي يلفت انتباهي / هل سكر زيادة أم سكر خفيف)..
وفي (ود باب السنط) التي كتبها، كما يؤكد الصحفي أمير أحمد في رثاء (عاشق ربوع أمدر)، البروفيسور الراحل (علي المك) والقصيدة تغنت بها فرقة عقد الجلاد ودوزنها وترا موسيقيا الفنان (حمزة سليمان) ردَّ الله غربته، وفي ثنايا القصيدة يخلط محجوب شريف الشاي مع القهوة إذ ينشد (والنار الدغش والريكة جمب الصاج/ والشاي باللبن برادو لابس تاج/ صينيتو الدهب ترقش كبابي زجاج/ والسكسك المنضوم حول الجبينة نجوم/ والفنجرية تقوم تقهوج الحجاج/ طق طرق يا (بن) القهوة كيف ومزاج/ خلي النعدل الراس ونحصل الترماج).
وفي رائعته (يا بت أحسن من غيرا) يمتدح محجوب (ست الشاي) و(الكفتيرة) وتوابعها قائلاً: (كفتيرا تفك الحيرة/ يا بت أحسن من غيرا/ البنبر جنب البنبر/ والمسك الفايح عنبر/ نعناعك طينو قريرا/ الشاى والبن قلاية /هبابة ترفرف طيرا/ نجوم الضحى جمراتك/ صحيها جميرا جميرا/ غزلانك دستة كبابي/ تتفنني في تِميرا/ فنجانك جنب فنجانك/شفع في زفة وسيرا).
موضوع الشاي وعدة الشاي وست الشاي عند محجوب شريف وفي السودان على وجه العموم أمر يطول عنه الحكي، فالشاي ارتباط، و(مذاق) خاص لدى معظم السودانيين، وليس أدلَّ من ذلك (كانون) ست الشاي الذي أضحى عنوانا لكثيرين إذ يقول لك :(خلاص نتلاقى جنب فلانة ست الشاي).
ومن أشهر مقاهي السودان التي (روتها الحقب)، (قهوة أم الحسن) التي كانت تقدم خدماتها طيلة النصف قرن الماضية للعابرين على طريق أمدرمان ـ دنقلا الصحراوي قبل أن تتمدد على الرمل شرايين الأسفلت، وفي أمدرمان جورج مشرقي، و(ود الاغا)، و(أحمد خير ) و(يوسف الفكي) و(شديد) و(حاج طه).
http://www.sudaneseonline.com/news-action-show-id-67861.htm
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: خالد فتحي : محجوب شريف.. الشاي في حياته وترانيمه. (Re: عاطف مكاوى)
|
Quote: برادو لابس تاج/ صينيتو الدهب ترقش كبابي زجاج/ والسكسك المنضوم حول الجبينة نجوم/ والفنجرية تقوم تقهوج الحجاج/ طق طرق يا (بن) القهوة كيف ومزاج/ خلي النعدل الراس ونحصل الترماج). |
كلام جميل يرجع بنا للزمن الاجمل التحية للشاعر محجوب شريف ومتعه الله بالصحة والعافية التحية لود حلتنا ابو مكاوي وكل سنة والجميع بخير وعافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خالد فتحي : محجوب شريف.. الشاي في حياته وترانيمه. (Re: عاطف مكاوى)
|
كتر خيرك يا عاطف على ايراد هذا المقال الجميل .. والتحية والإجلال والتقدير لذلك الشاعر الرسول ..
Quote: فالاحساس بالغربة ما زال طاغيا فى اوساط الشيوعيين، |
عند تناول المقولة أعلاه بمقاربات علم الاجتماع السياسي political sociology, وذلك مستوى مختلف من إلاسقاط الذى مارسه طلعت الطيب هنا, ستتوافر فرص كبيرة جدا للمدارسة والجدل اوساط الشيوعيين السودانيين. ومن المجدى حقا أن تدار بصورة مؤسساتية فى المستقبل القريب ..
الحديث عن الاحاسيس يا عزيزي طلعت يكون بأن يمشى المرء وبإنتباه فائق لمزالق اللغة.. ولقد جنحت مخطئا لتصوير الامر من منظور ((شخصوى)) لو جازت العبارة وأشير لل Subjectivism ولان الاحساس بالانتماء ليس مقابلا هنا للإحساس بالغربة كمثال .. تفقد العبارة معناها الحيوي والمعاش .. وبحيث تشير لاتجاهات عديدة ومتباينة وتدخل فى باب فوضى الكلام
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
|