|
رسالة إلى ابني العزيز..!!
|
رسالة إلى ابني العزيز..!! الخميس, 14 يونيو 2012 09:33 أعمدة الكتاب - تراسيم - عبد الباقى الظافر صباح الأحد الماضي كنت اتحسس «سياط» الشرطة التي أدمت ظهري.. فاجأني ابني الصغير ذو الست سنوات بسؤال غاية الإحراج.. نزار كان يريد أن يعرف من فعل هذا.. المشكلة أن أمنية ابني أن يصبح شرطياً في المستقبل.. حاولت أن أهرب من السؤال المحرج.. ازداد ابني إلحاحاً.. أخيراً سترت جرحي ولذتُ بالصمت.. هنالك بعض الأسئلة لا تحتمل الإجابات الصحيحة. كان من المفترض أن نحتفي أمس بعيد الميلاد السادس لابني نزار.. مناسبة درجنا أن تجمع شمل الأسرة في كل صيف.. نختار كل سنة حديقة عامة.. ندعو الصغار والكبار.. في مثل هذا اليوم ألغي كل ارتباطاتي واتفرغ لهذه المناسبة.. أحياناً استشعر أننا نحقق بعض رغباتنا الضائعة عبر حياة أطفالنا.. لم يحدث في طفولتنا أن أطفأنا شمعة ميلاد..لم أمض إلى روضة الحنان.. كان نصيبنا قبل المدرسة أن جلسنا في خلوة الشيخ فكي أحمد نحمل لوحاً ونحفظ بعضاً من آي الذكر. كل مافعلت مساء أمس أن مسحت على رأس ابني ثم أهديته ابتسامة.. قلت للصغير لن نحتفل اليوم بعيد ميلادك.. ربما الميزانية لا تسمح وربما المزاج لم يكن يحتمل البهجة في هذا الصيف. تذكرت قبل ست سنوات ومدينة فلادلفيا الأمريكية تمطر رزازاً.. أمك يانزار تحتويها غرفة نظيفة ويلتف حولها عشرة من الأطباء ومساعديهم.. في هذا البلد القانون لا يفرق بين المواطن والمهاجر.. ربما كنت محظوظاً وأنت تجد هذه الرعاية قبل أن تخرج إلى الدنيا صارخاً. أرجوك سامحني لأنني حرمتك من فرحة إطفاء الشموع.. بلدنا يا ابني أصبح مشروخاً.. الساسة قسموه على اثنين.. أصبح بعض من بني السودان أجانب يُطلب منهم إشهار الإقامة في الخرطوم ودفع الجزية في جوبا.. أليس هذا سبباً كافياً للحزن يا ولدي. في هذا الصباح ارتفعت تعريفة المواصلات بنسبة الثلث.. ربما غداً أو بعد غد يرتفع سعر الوقود.. هنالك أخبار سيئة يا ولدي.. مرتب والدك انخفض سراً بنحو الثلث في أحسن التقديرات.. لم يخبرنا صاحب العمل بذلك القرار.. ولكن طارق صاحب البقالة كان يطلب المزيد على ذات الاحتياجات الشهرية.. الاقتصاديون أسموه التضخم.. لن استطيع أن أشرح لك ذلك.. دعني أوجز المعنى وأقول الحالة صعبة. عندما تستيقظ من النوم في هذا الصباح يا ولدي لن تجدني بجانبك.. عليّ أن أذهب مبكراً إلى المحكمة.. أحدهم رفع دعوى إشانة سمعة.. ليس هذا وحده.. وكيل وزارة سابق مضى إلى القضاء يطلب من أبيك تعويضاً قدره مليارا جنيه.. لا تقلق ليت الجميع يحتكمون للقانون.. إن كانت هذه البلاد تحترم القانون لأحدثت استقالة مدعي جرائم دارفور هزة داوية.. ترك مولانا أحمد عبدالمطلب مظروفاً يحمل تنحيه من المهمة التاريخية بطرف سكرتيرة وزير العدل ومضى إلى أهله.. لا شيء يثير العجب في هذا الوطن العجيب. رغم كل هذه التبريرات إلا أنني أخشى يا نزار أن تسألني «يا بابا ح احتفل بعيد ميلادي متين؟» أعذرني يا بني لأنني لا أملك إجابة وأخشى أن أقول حتى ينصلح الحال. *نقلاً عن آخر لحظة.
|
|
|
|
|
|