دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: بعد الغلاف . قراءة في عنوان الرواية . (Re: تراث)
|
ويجدر أن نلاحظ هنا إن المفردات التي تُكوّن عنوان " الخفاء ورائعة النهار " تم اجتزاؤها من متن الرواية ، وتحديداً من الفصل الثالث المعنون " حكيم ونورا " ، إذ وردت في الصفحة رقم ( 66 ) مفردتا " رائعة النهار " مقرونتان بنفـس الصـيغة ، ثـم وردت في الصفـحة رقـم (71) مفــردة " خفاء " . ونلاحظ هنا إن ورود المعطوف والمعطوف عليه في عنوان الرواية جاء مرتباً ترتيباً معكوساً في متنها ، الأمر الذي من شأنه خلق فجوة / مسافة توتر بين منطوقي العنوان والمتن ، وهي فجوة تزيد من شعرية وإبداعية النص وترشدنا إلى فهم وتلقي معطياته بأكثر من فهم ورؤية ، من خلال إعادة ترتيب العلاقات التي يحفزها في الذهن بأكثر من شكل ، ويمنحنا فرص أكبر لاستكشاف دلالات أخرى لما يقوله النص . كما نلاحظ هنا إن جميع مكونات العنوان ، التي وردت في متن الرواية ، متعلقة بـ ( نورا ) وهي إحدى شخصيات الرواية : إذ وردت مفردة : " خفاء " على لسانها في حوار مع حكيم شرحت فيه أنها استطاعت الخروج من المنزل " خفاء " أي خلسةً ، بسبب الحصار الشديد الذي يفرضه أبوها عليها ، فيما وردت " رائعة النهار " على لسان الراوي وهو يحكي عن محاولات ( نورا ) للخروج من سياج القمع الذي ظل يفرضه عليها أبوها : " أما نورا فظنت أن الحفر بالأظافر على الصخر قد يفضي بها إلى مخارج تطل من خلالها على رائعة النهار " . إن تقدم مفردتي " رائعة النهار " في متن الرواية على مفردة " خفاء " ، على العكس مما ورد في العنوان ، يمكن ان يدل على أن العنوان ، كعتبة للنص ، أراد أن يقول لنا إن محاولات نورا للخروج إلى " رائعة النهار " كان مصيرها في النهاية الفشل ، وان الخفاء ، في المحصلة كان هو محاولتها لمقاومة هذا الفشل ، ولكنه لم يكن سوى " طريق وعرة . مشت عليه حافية القدمين ، وهي تستند على جدار العتمة وجذعها يهتز في وهن " . حسبما تخبرنا أخر أسطر الرواية . وإذا كنا قد اعتبرنا إن احتلال ( روضة ) للغلاف الأخير من الرواية يرشحها لأن تكون الشخصية المركزية ، فان إتيان عنوان الرواية مجتزأ من فقرات ذات صلة مباشرة بـ ( نورا ) يرشح هذه الأخيرة لمركز لا يقل أهمية عن مركز روضه ، ويجعلها ، أيضاً ، رمزاً للقضايا المركزية التي تتناولها الرواية ، وفي مقدمتها قضية الحرية والاسـتقلال والفعالية . ومـع ذلك فان ورود العنوان عن ( نورا ) والغلاف الأخير عن ( روضه ) يمكن ان يجعل الشخصيتين وجهي نقيض ، في علاقتهما مع هذه القضايا ، وهذا يبدو واضحا في أحداث الرواية وبناء الشخصيتين ، فروضة لم تتعرض لمقدار القمع الأسري الذي تعرضت له نورا ، وهي بالتالي كانت أكثر اعتدالاً وتوازناً من الثانية ، وانتهى بها المطاف إلى ان تكون عضواً فاعلاً في مجتمعها بعد أن نجحت في " بعث الحياة في أوصال جزء عاطـل عـن الفعـل " وظلت تتقـدم مرفوعة الهامة ، وبصــرها يعانق قرص الشمس " . أما ( نورا ) التي لم يجدِ حفرها بالأظافر على صخور أبيها ، فإنها عوّضت عجزها بالخفاء والحيلة واستراق السوانح . وإذا لاحظنا هنا العبارة التي وردت في نهاية أسطر الرواية عن ( روضة ) وهي تصفها بأنها " تتقدم مرفوعة الهامة وبصرها يعانق قرص الشمس " ، والعبارة التي وردت في نفس الأسطر الأخيرة وهي تخبرنا ان ( نورا ) " اختارت طريقاً وعرة . مشت عليه حافية القدمين وهي تستند على جدار العتمة .. " فسنجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام متقابلي " قرص الشـمس " و " جدار العتمة " وهما يمثلان تقريبـا نفس المتقابلين في عنـوان الرواية . وعليه نسـتطيع القـول إن ( نورا ) ، أو بالأصح الظروف التي عاشتها والطريق الذي سارت فيها ، تمثل رمزاً لـ " الخفاء " ، فيما تمثل حالة روضة رمزاً لـ " رائعة النهار " ، دون أن يعني ذلك إن الدلالات التي يحيل إليها عنوان الرواية تقتصر على هذا التمثيل . نواصل .. ماباقي كثير .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بعد الغلاف . قراءة في عنوان الرواية . (Re: تراث)
|
ولابد أن نتوقف هنا أمام تعبير جاء على لسان ( حكيم ) يوحي بدلالة عنوان الرواية ، أو هو صياغة أخرى لذات العنوان تمثلت في مقولته " العتمة والإضاءة " التي جاءت في رسالة كتبها إلى ( عطا ) يحكي فيها عن ما فجره في نفسه الانتقال من بيئة ثقافية إلى أخرى ، من أفكار وأسئلة حول طبيعة الإنسان والعلاقات الإنسانية . يقول ( حكيم ) في رسالته : " ما أغرب الإنسان " ! " إنه كائن مبهم مستغلق عصي الاستكناه حتى على نفسه ( ... ) فالإنسان هنا مجرد رقم ! .. مجرد ترس في دولاب العمل ، هذا على الأقل الانطباع الأول الذي استوقفني وأنا أحاول التعرف على طبيعة العلاقات الإنسانية ومدى تأثيرها في تكويني النفسي ! فلم أعرف شيئاً متعارف عليه ، بل كل ما كان أمامي كرة مطاطية تتقاذف بين العتمة والإضاءة ". وإذا اعتبرنا هنا إن ثنائية " العتمة " و " الإضاءة " تعطي تقريباً نفس دلالة ثنائية " الخفاء " و " رائعة النهار " فإننا وبحكم السياق الدلالي الذي وردت فيه الثنائية الأولى ، نستطيع القول ان عنوان الرواية يتحدث عن صعوبة اكتشاف كنه الإنسان ، انه هنا يتحدث عن قضية فلسفية ووجودية عميقة ومعقده ، ويقول لنا إن هذه الصعوبة ليست مطلقة ، أو ليست مستمرة ، بل أنها تراوح بين العتمة والإضاءة ، بين الصعوبة والسهولة ، بين فقد القدرة ، لزمن يطول أو يقصر ، على معرفة الحقيقة ، ولزمن ترى فيه انك قد امتلكتها ورأيتها كما هي ، ثم تعود مرة أخري إلى حالة فقدان القدرة ، ومنها إلى الحالة الأخرى وهكذا دواليك ، ككرة مطاطية تتقاذف بين الحالتين . ورواية ( الخفاء ورائعة النهار ) إذ تخبرنا إن هذه المراوحة شعر بها ( حكيم ) في محاولاته لاكتشاف الفروق بين المجتمع السوداني الذي كان يعيش فيه ، والمجتمع الأوروبي الذي انتقل إليه ، وهي تركز الصراع المحوري فيها بين الوطني السوداني والمستعمر الأوروبي ، فهي بذلك تقول لنا أيضاً إن هذا الصراع ليس بالضرورة أن يكون صراع أضداد . وان النظر للأخر - سواء كان شخصاً ، أو مجموعة بشرية ، أو حدثاً ، أو رأياً .. الخ - باعتباره شر محض ، أو خير محض ، يخفي أجزاءً أخرى من الحقيقة التي يمكن تراوح بين هذا وذاك . أو تقع في مكان ما بينهما . ومع ذلك فان ( حكيم ) اعتقد إن انطباعه الأول لم يعرّفه شيئاً متعارف عليه ، رغم أن ذلك الانطباع وضعه أمام أول مداخل المعرفة الحقيقية ، وهي أنها ككرة مطاطية تتقاذف بين الإضاءة والعتمة . ولاعتقاده هذا فانه أوقف هذا التقاذف عنوة ، فانحاز للمجتمع الذي أتي منه ضد الذي ذهب إليه . ثم سرعان ما اكتشف ان ذلك اختيار غير مدقق فيه ، فرجع ليرى أن العالم الذي انتقل إليه عالم مختلف لكن " يظل الشخص إنسـاناً في البدء والمنتهى " . لكــن وفي هـذه المــرة أنهــي ( حكيم ) الثنائية مرة أخرى لصالح طرف ضـد الأخـر ، فأصبح لا يـرى سـوى العتمــة / الخفـاء : " وهكذا بدأ لي الإنسان مبهماً وغارقاً في محيط من العتمة ، بل تائهاً في غابة من الغموض ، وقد بدأت بنفسي فوجدتها مستغلقة وتأبى الإفصاح " . وربما يكون هذا هو الذي جعل ( حكيم ) يقدم في خطابه مفردة العتمة على مفردة الإضاءة ، وهو نفس الترتيب الذي اتخذه عنوان الرواية عندما وضع " الخفاء " قبل " رائعة النهار " وجعل " الخفاء " أوضح ما في تصميم الغلاف الخارجي للرواية .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بعد الغلاف . قراءة في عنوان الرواية . (Re: تراث)
|
العزيز تراث في الأول عايزين نهنيك ونهني أنفسنا على عودة {فردة جناحك التاني} ومعآ لإثراء البورد بالمفيد. أمس كنت في أمسية شعرية في الشيرتون ضمن فعاليات مهرجان الدوحة الثقافي ،أهدتني الشاعرة حصة العوضي ديوان شعرها الجديد ، لفت نظري الغلاف وتأملته مليآ وتذكرت البوست بتاعك الأول عن غلاف رواية الخفاء لتكتمل الفائدة ياريت لو عملت لنك للبوست المذكور هنا وكل الحب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بعد الغلاف . قراءة في عنوان الرواية . (Re: hala alahmadi)
|
أبو ساندرا إطلالتك دائماً حلوة .. شكراً على الاقتراح بإنزال لنك بوست الغلاف . سأنفذه . والدوحة القاعد تكاوينا بي زيارة رقية وراق ليها ، وبفعالياتها الثقافية ، وضحكاتهم البترن وأغانيكم عبر صوت التلفون ، يا فيها يا ........ فيها . شدوا حيلكم انت ونادوس معانا . الرحمابي لك الشكر كله على إشادتك . اعتبرها وساماً على كلي . مساهمتك القصيرة عن علاقة العنوان بما أسميته (الموضوع) وضرب المثل بثلاثية مستغانمي مفيدة وتستحق الوقوف عندها . ولا أخفي عليك إنني أظن إن اختيار عنوان (عابر سرير ) ربما يكون قد تم لأسباب بعد نصية ، وتحديداً لأسباب ترويجية . وبعض الظن إثم . أمين زوربا مشتاقين . أتلهف لمعرفة آخر أخبارك . هالة تشرفت بإطلالتك هنا وفرحت كثيراً برفعك للبوست . كأنه الدعاء لأخيك بظهر الغيب ...
| |
|
|
|
|
|
|
|