دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
البشير و قيادات حزبية في حوارات صحفية
|
خلال أسبوع قضيته بالسودان في مايو من العام الجاري 2009م، أجريت حوارات صحفية لصالح جريدة "26 سبتمبر" اليمنية التي اعمل لديها في صنعاء، مع كل من الرئيس عمر حسن البشير، والدكتور إبراهيم احمد عمر وزير العلوم والتقانة نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الفكر والثقافة، والأستاذ ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان رئيس الكتلة البرلمانية للحركة في المجلس الوطني، والدكتورة مريم الصادق المهدي مساعدة الأمين العام للاتصال بحزب الأمة القومي، والأستاذ تاج السر محمد صالح مستشار رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السيد محمد عثمان الميرغني. هذه الحوارات نشرت على حلقات في "26 سبتمبر" تحت عنوان رئيسي: "السودان في منعطف هام.. تحديات وتحولات". لمن يهمهم الأمر أعيد ننشرها في هذا البوست.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: البشير و قيادات حزبية في حوارات صحفية (Re: أسامة عبد الجليل)
|
العزيز تراث دائما ما تكون مهماتك الصحفية محفوفة بقدر من الصعاب والفكاهة فمثلا ما زلت اذكر حواراتك العميقة لمجلة الثقافة العربية عن احتمالات السلام في جنوب السودان العام 88وما صاحبها من مواقف غاية وآية في الظرف الكامن في الواقع السوداني البهي. وقد التقينا في زيارتك الخاطفة للبلد ولم تسمح الظروف بلقاءات طوال حتي نعيد سيرتها الاولي علي المستويات الاخوية الراسخة والتي لها من الاشواق ما لايحصي .اها تراث نحن سافرنا وبعدنا وماباقي الا الباقي والتواصل وسلام مربع لجميع من معكــــــــــــــــــــــــ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: البشير و قيادات حزبية في حوارات صحفية (Re: مطر قادم)
|
أهلييييييييين ياسامة .. الشوق شديد.. كيف حالك انت ومهيار مع العزوبية.. انا شخصيا مانفعت معاي خالص. وافكر جادا في اللحاق بأماني والاولاد يوم الخمس القادم كان ربنا هون. اللقاء مع بت ابو ومع مهاب ومنهال بعد كل هذه السنوات واحد من ايضا من اهم اسباب تفكيري في السفر فكم اشتاق رؤيتهم. كما ان زهراء أختى ستكون ايضا في امدرمان ولي منهاسنوات طويلة قاسية.
اعتقد ان الحوارات مع القيادات الحزبية كانت أكثر حيوية من الحوار مع البشير، خاصة ان هذا الاخير لم يتم مباشرة، بل كتابة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: البشير و قيادات حزبية في حوارات صحفية (Re: تراث)
|
هام: أعزائي بكري أبو بكر وكافة أعضاء المنبر صديقنا عادل السعيد في صنعاء لا يستطيع منذ فترة المشاركة في حوارات المنبر بسبب انه لا يستطيع الدخول باسمه عبر كلمة المرور الخاصة به، حاول مرات عديدة التواصل مع بكري، ولم يتلقى ردأ. ارجو المساعدة في حل هذه المشكلة الفنية حتى لا نحرم اكثر من مساهماته القيمة في منبرنا هذا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: البشير و قيادات حزبية في حوارات صحفية (Re: تراث)
|
أرجو أن يفوم الأخ الريس بكري أبو بكر بمراجعة أشتراك الأخ عادل السعيد.
كما أرجو ان تبلغه تحياتي يا عثمان ، وأن ترسل لي أيميله في الماسنجر..
اشكرك مرة أخرى على هذه الحوارات التي سوف أتابعها..
وأتمنى أن تقضي ايام سعيدة بأرض الوطن..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: البشير و قيادات حزبية في حوارات صحفية (Re: تراث)
|
الحوار الثالث مع الدكتور ابراهيم احمد عمروزير العلوم والتقانة نائب رئيس المؤتمر الوطني: • دكتور إبراهيم، ماذا بعد تثبيت موقفكم الرافض لقرار محكمة الجنايات الدولية بشأن الرئيس عمر البشير، ما هي الخطوة التالية في التعامل مع هذا القرار؟ • الخطوات التي نتخذها الآن بخصوص محكمة الجنايات الدولية هي مواصلة للموقف الذي اتخذناه من قبل، فما زلنا نرفض التعامل مع المحكمة، ونرفض الاعتراف بأن قرارها بشأن الرئيس البشر هو عمل قانوني عدلي. انه عمل سياسي يستهدف السودان. ولذلك سنستمر في دعوة الأشقاء والأصدقاء لرفض هذا العمل، وسنستمر في عملنا الدبلوماسي في دعوة الدول عموما والمجتمع الدولي لأن ينظر إلى هذا الأمر من منظوره الصحيح كعمل سياسي يستهدف السودان. وسنواصل دعوة الدول الأفريقية والعربية التي هي عضو في هذه المحكمة الجنائية إلى أن تنسحب من ميثاقها وتعتبره عملا موجه ضد الدول الأفريقية بالأساس، ونوع من الاستعمار الحديث لا ينطلي على أحد. هذا من ناحية من الناحية الثانية، نحن لا نستبعد انه وبعد أن تتأكد المحكمة من رفضنا لهذا القرار، أن تلجأ إلى مجلس الأمن، وتطلب منه اتخاذ إجراءات ضد السودان وضد الرئيس البشير. نحن نتحسب لذلك أيضا، ولهذا ما زلنا نعمل مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين والأعضاء المتوقعين في أي مرحلة من المراحل، ونأمل انه إذا جاء مثل هذا الطلب إلى المجلس أن يجد من يرفضه.
• لكن أيضا يظل الاحتمال الآخر قائما في أن يقبل مجلس الأمن طلب محكمة الجنايات وان يبدأ سلسلة متدرجة من العقوبات ضد السودان.. ماذا تعدون لذلك؟
• أولا نحن نستبعد كثيرا أن يتخذ مجلس الأمن مثل هذا القرار إذا دعته المحكمة الجنائية لذلك. ثانيا نحن نؤكد أن حكومة السودان والشعب السوداني لن يستلم لأي عمل عدائي مثل هذا ولن يقبل أية عقوبات تفرض عليه من مجلس الأمن، وبالتالي ستكون هناك مواجهة بين مجموعة من الدول والسودان، واعتقد أن السودان لن يكون له خيار سوى الرفض والاستمرار في الرفض، لأن الخيار الآخر هو أن نقبل بتمزيق السودان، وما أعلمه قطعا من الحكومة السودانية وأحزاب الوحدة الوطنية وما رأيته من تفاعل الشعب السوداني يؤكد انه سيواجه وسيقاوم أي اتجاه لفرض عقوبات من مجلس الأمن في المستقبل.
• وماذا بشأن القضية الأساسية التي وقفت خلف قرار محكمة الجنايات الدولية.. واعني بها قضية دارفور.. أما آن الأوان لأن تضع الحرب أوزارها؟
• الأوان آن من قبل.. لكن لكل اجل كتاب، حقيقة الحكومة السودانية، ونحن في المؤتمر الوطني لن نالوا جهدا في محاولة الوصول إلى حل لقضية دارفور، ولذلك لم ندع إلى لقاء أو مؤتمر أو مشاورات حول هذه القضية إلا ولبينا الدعوة حرصا منا على السلام في دارفور، وما من خطوة يمكن أن تتخذها الحكومة أو يتخذها الحزب كعمل سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو حتى رياضي إلا واتخذناه في سبيل حل مشكلة دارفور. ولكن هذه المشكلة ليست مشكلة داخلية فقط، فمن يقرأ الساحة السياسية، خاصة الدولية، يعرف أن هناك أصابع تلعب بهذه القضية وتسخرها لأغراض جيوبولتيكية أوسع من دارفور وأوسع من السودان. وكل الناس يعرفون الآن أن قضية دارفور أعلن عنها بالصورة الواضحة في موقع الهولوكست في الولايات المتحدة الأمريكية، فالصهيونية العالمية كعادتها تحاول أن تعيد الحياة لقضية الهولوكست من أية مشكلة في الدنيا. وكل من نظر في الفضائيات الدولية للمظاهرات التي خرجت ضد السودان كان يرى أن الصهيونية واليهود هم العنصر الأساسي في هذه المظاهرات. ومن المعروف أن حملة SAVE DARFUR هي موضوعة صهيونية تتولي نشر الأكاذيب والافتراءات على السودان بصورة كبيرة جدا، وكل من يعرف قوة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية يفهم لماذا يأتي المسئولون الأمريكيون ويذهبون إلى دارفور ثم يأتون إلى الخرطوم فيقولون أنهم لم يجدوا إبادة جماعية، ولكنهم عندما يذهبون إلى الولايات المتحدة الأمريكية يقولون انه توجد إبادة جماعية.
• وماذا تفعل الحكومة، وماذا تفعلون كحزب حاكم لسد الثغرات التي ينفذ منها الآخرون للتدخل في الشأن الداخلي للسودان؟
• قمنا بحركة دبلوماسية واسعة وأرسلنا لكل دولة صديقة وشقيقة، وبل حتى إلى الدول التي نأمل فيها الحياد، أرسلنا مندوبا خاصا يشرح الوضع بالضبط ويقدم البينات والأدلة على أن الموقف في دارفور غير ما يسمعون عنه، ثم دعونا عددا كبيرا من المسئولين من دول كثيرة جدا وأعطيناهم الفرصة ليذهبوا لدارفور ليروا بأعينهم أن الصورة هناك خلاف ما هي عليه في الفضائيات التي تسيطر عليها المجموعات اليهودية والصهيونية في العالم، في بريطانيا وفي فرنسا وأمريكا وغيرها. وقد أثمر العمل الدبلوماسي الكثير في تغيير الصورة الموجودة عالميا عن السودان، واقتنع كثير من المسئولين بان هذه الصورة كاذبة، ولا تمثل الحقيقة، ولذلك رأيتم أن الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومجموعة الـ 77 والصين كلها الآن واقفة مع السودان. لذلك لو كان الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة لكسب السودان أي تصويت، لكن عندما تأتي إلى مجلس الأمن، حيث الفيتو والدول الثلاث المشهورة بمواقفها ضد السودان: الولايات المتحدة، وبريطانيا، فرنسا، تجد أن الصورة مختلفة، لذلك يأتي التصويت لغير صالح السودان. وهذا كله جانب واحد. الجانب الثاني هو العمل الميداني في دارفور، وهو عمل مهم جدا، لأن دارفور أصبحت عند العالم هي مجموعة من المعسكرات وتجاوز للقيم الإنسانية، لذلك سعينا لأن نذهب إلى دارفور ونبيّن حرصنا على رتق النسيج الاجتماعي، ونؤكد احترامنا للتعايش القبلي واحترامنا للفئات المختلفة في هناك، وأنشأنا حكومات في دارفور كلها من دارفور، الوالي، وحكومته، والمجلس التشريعي، والسلطة كلها في يد دارفوريين، وهناك الميزانيات التي تذهب لدارفور، كما أننا فتحنا الباب لمساعدات إقليمية ودولية تذهب لدارفور وعملنا على إقامة قرى نموذجية لينتقل إليها سكان المعسكرات.
• عفوا معالي الوزير اعتقد أن الأهم هو أن يتم التوصل إلى اتفاق مع الفصائل التي تحمل السلاح لوقف الحرب؟
• نعم، العمل مع الفصائل جار أيضا، لقد ذهبنا إلى اجتماعات كثيرة في داخل إفريقيا، الكثير منها في أنجمينا بنيجيريا وأبشي في تشاد، حتى وصلنا إلى اتفاقية أبوجا، وكان المجتمع الدولي حاضرا وكذلك المنظمات العربية الإقليمية والأفريقية حاضرة، وقيل حينها أن من يخرج عن هذا الاتفاق سيعاقب من قبل المجتمع الدولي، لكن عندما عدنا إلى السودان من نيجريا فوجئنا بأن الأمم المتحدة ترسل الأخضر الإبراهيمي مندوبا لها ليقول انه يريد أن يأتي بقوات من الأمم المتحدة إلى دارفور. حدث ذلك في حين أن اتفاق أبوجا تحدث عن قوات من الاتحاد الأفريقي، وانأ شخصيا قلت للإبراهيمي : إننا عدنا من أبوجا فرحين نريد من الأمم المتحدة أن تأتي وتهنئ وتساعد على تنفيذ هذا الاتفاق، فإذا انتم توجدون مشكلة جديدة في اقل من أسبوع، تريدون أن تغيروا القوات الأفريقية بقوات دولية، ونحن نعلم ماذا تفعل القوات الدولية في العالم، وهذا مخالف للاتفاقية. ومنذ ذاك الحين بدأت المشاكل، وبدأت دول محددة تتبنى مجموعات بعينها من المتمردين وتمدهم بالسلاح والمال وبالدعم السياسي والمعنوي. ورغما عن كل هذا فقد مددننا أيدينا لكل حركة تريد أن تصل إلى سلام. لكن المشكلات والانقسامات في داخل تلك الحركات هي ذاتها مشكلة، لان كل مجموعة منهم لا ترضي بالأخرى، وتتشظى كل حركة واحدة إلى عشرات الحركات، فلا تدري عند من منهم الراية؟ تتفق مع هذا فيأتي الأخر ليقول أن هذا الاتفاق لا يلزمه. لقد أصبحت المشكلة هي كيفية تجميع هذه الحركات. جرت محاولات كثيرة في داخل السودان وخارجه لتحقيق ذلك دون فائدة، وأصبحت الحكومة في حاجة إلى تجميع هؤلاء الناس لتتفاهم معهم على أشياء تحل المشكلة.
• أرى أن الوسطاء هم الأنسب للقيام بالدور الرئيسي في تجميع الحركات وتوحيد مواقفها؟
• الوسطاء بذلوا جهودا كبيرة ومقدرة، ومنهم سالم احمد سالم (مبعوث الاتحاد الأفريقي للسلام في دارفور) حاول حتى نفد صبره، ولازال يحاول ويواجه نفس المشكلة، والدول نفسها حاولت لكنها لم تستطع. لبيبا بكل قوتها وصلتها وأثرها لم تستطع أن تجمعهم على صعيد واحد، كذلك مصر لم تستطع، وقطر تحاول الآن ولا نعرف ستنجح أم لا؟ لكنها لم تستطع حتى الآن، خاصة وقد ظهر الآن أمر جديد إذ أن خليل إبراهيم رئيس "حركة العدل والمساواة" ادعى انه هو الوحيد الذي يمثل دارفور، وأصبحت هذه مشكلة جديدة فهو يرفض أن يجلس مع الآخرين حول مائدة واحدة للنقاش. أما عبد الواحد محمد نور (رئيس حركة تحرير السودان- جناح عبد الواحد) فهو يجلس في أوروبا ولا يقابل حتى مندوبين من حركته يذهبون إليه، وهو يذهب إلى تل أبيب وأصبح واضحا انه تحت الخط الإسرائيلي. ومع كل ذلك يبقى العمل مستمرا مع الحركات، لكن توجد مشاكل حقيقية.
• هل يعني ذلك انه لا يوجد أفق قريب لحل قضية دارفور؟
• الأفق لن يأتي ما لم تكون هناك موضوعية وصدق في التعامل، وهذا الآن مفقود عند بعض العناصر، والأفق لن يأتي قريبا إلا إذا اقتنعت كل هذه الجهات بأنه لا مخرج إلا بالحوار والتفاهم، لأنه بالقوة لن يتم شيء من المطلوب. الآن بعض هذا الحركات واقعة تحت قبضة أناس يريدون فقط إسقاط النظام، وهناك ادوار خارجية ضارة، فرنسا مثلا تنفذ برنامج أوروبي معروف منذ عشرات السنين لتمزيق السودان. إن الحل عند إسرائيل وفرنسا الحل هو أن يفصل الجنوب وتنفصل دارفور، وتتغير خريطة السودان، فما دامت لهم الهيمنة على هذه الحركات فلن تتركها لتصل إلى حل . ويبقى الأمل في النهاية أن تفقد هذه الحركات شعبيتها ويثوب بعضها إلى الصواب. ولذلك لابد أن تعمل كل الجهات والجهود مع بعضها: الدبلوماسية، والعمل الاجتماعي، والعمل الإنساني، والمواجهة في الميدان، والاتصالات بالمجتمع الدولي والدول المجاورة مثل ليبيا ومصر وغيرها، ولابد كذلك أن يسير حل النزاع في تشاد مع كل ذلك بالتزامن.
• ألا تعولون على منبر الدوحة في الوصول إلى نتيجة ايجابية؟
• نحن ذهبنا إلى الدوحة وسنذهب إلى هناك، وسنشكر الأخوة القطريين على مساعيهم وسنعمل جهدنا الكامل في أن نصل إلى ثمرة من هذه الاجتماعات، لكن يجب ألا نخفي هذه المشاكل، يجب ألا نغفل ان هذه الحركات لم تأتي حتى الآن مجتمعة برأي واحد، إنها منقسمة فيما بينها، وأحدها يدعي انه الممثل الوحيد لدارفور ويرفض الآخرين، ومازلنا نعتقد أن فرنسا، ورغم أنها والولايات المتحدة يؤيدان العمل في قطر، لكنها تقوم بدور سلبي جدا الآن في تشاد. وعليه ورغم كل هذا الاستقبال الحسن من جانبنا للعمل في قطر وسعينا الدءوب لان نصل في نتيجة، لكن هناك مشكلات يجب ألا يغفلها الناس حتى لا يفرطوا في التفاؤل.
• الخيار العسكري أين موضعه. هل الحكومة تعتقد أنها يمكن أن تحسم أزمة دارفور عبر الحرب؟
• الخيار العسكري لو كان بين الحركات والحكومة لحسم الأمر في أيام، لكن هذا الخيار يعني أيضا الموقف في تشاد، ويعني الموقف الفرنسي في تلك الدولة. ومن ثم فان الخيار العسكري ليس من السهل أن يكون حاسما في وقت قصير بسبب الظروف المحيطة ونسبة لان الحدود مفتوحة مع دول كثيرة، وبالتالي إذا تحركت قواتنا المسلحة على قوات عدوة فيمكن للأخيرة أن تدخل إلى دولة أخرى، فإذا لاحقتها دخل حدود تلك الدولة فان مشكلة ستنشأ مع تلك الدولة، وإذ لم تلاحقها فإنها ستعود مرة أخرى، ولذلك لا أقول ان الخيار العسكري بعيد لكنه ليس فقط بين قوات الحكومة وقوات المتمردين.
• وهل الحكومة تفضل هذا الخيار؟
• لا بالطبع.
• ننتقل إلى الجنوب، خلال هذه الأيام القليلة التي قضيتها في الخرطوم وقبلها من خلال متابعة أخبار السودان، لمست عن قرب وجود حالة توتر شديد بين شريكي اتفاقية نيفاشا للسلام في جنوب السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان)، لماذا هذا التوتر؟
• أولا الوضع في جنوب السودان فيه أشياء كثيرة تحتاج إلى مراجعة، الأمن في كثير من أطراف الجنوب غير مستتب، والتنمية هناك تكاد أن تكون صفرا، والتحول الذي جاءت به اتفاقية السلام بالنسبة للجنوبيين كأفراد يكاد أن يكون للأسوأ، إنهم يكادوا أن يتحسرون على ما كان من قبل ذلك، بسبب الإدارة الموجودة في الجنوب، ولذلك هناك من يحاول أن يقول أن كل الأشياء بسبب المؤتمر الوطني، وان يجعلوا من هذا الأخير شماعة، رغم أن المؤتمر الوطني، أو الحكومة القومية تعطي حكومة الجنوب كل مستحقاتها المالية شهر بشهرا ويجري نشر ذلك في الصحف. ورغم أن الشرطة كلها تقريبا في الجنوب عند حكومة الجنوب، إلا أن الحركة الشعبية لم تضع قواتها في مكان بعيد عن نقاط الشرطة كما يجب، وهذه القوات تسيطر الآن على الشوارع والمدن وعلى الحكومة نفسها، والاختلافات ببن الزعامات الجنوبية موجودة أيضا. ثم أن هناك مجموعة من الشماليين الذين يريدون أن يحققوا سياسات الحزب الشيوعي السوداني عن طريق الحركة الشعبية، فيلقون بالمسؤولية على المؤتمر الوطني، ويقدمون اقتراحات تمثل فهم وسياسة وبرنامج الحزب الشيوعي. إذا فإن المشكلة تكمن في عدم الوفاء بالآمال التي كان يرجى أن تتحقق في الجنوب بموجب الاتفاقية، وهناك مجموعات تحاول أن تعزي ذلك للمؤتمر الوطني وتلقى عليه هذه المسؤولية، أو تقديم برامج ليست هي برامج الحركة أو الجنوبيين بل برامج مجموعات أخرى، ومن هنا تحدث هذه المشكلات على سبيل المثال المشكلة التي حدثت في البرلمان بسبب القانون الجنائي، هذا القانون ليس للجنوبيين مشكلة معه. والحديث عن الشريعة الإسلامية في القانون لا يخصهم لان الجنوب مستثنى من تطبيق الشريعة بموجب اتفاقية السلام.
• ولكن وماذا بشأن الجنوبيين الموجودين في الشمال؟
• الجنوبيون في الشمال حقهم محفوظ حسب القانون، لكن هنا في الشمال توجد جهات أخرى معادية للقانون الجنائي الذي توجد فيه الشريعة وتريد أن تستبدله بقانون جديد، فتعمل بهذا مشكلة، رغم أن الجنوبيين ليس لهم في ذلك ناقة ولا جمل، وحقهم محفوظ في الشمال وفي الجنوب.
• أنا التقيت قيادي في الحركة الشعبية تحدث معي عن وجود نحو 800 امرأة غير مسلمة في السجون محكوم عليهن وفقا للشريعة الإسلامية؟
• هذا غير صحيح، أولاً لا يوجد مثل هذا العدد في السجون، وثانيا، كان الأمر متعلقا بمخالفات إدارية وأطلق سراحهم.
• كيف مخالفات إدارية؟
• مثلا بيع الخمور، فهو ممنوع طبعا.
• حتى بالنسبة لغير المسلمين؟
• طبعا، فلا يمكن لغير المسلم أن يفتح محلا لبيع الخمور، أما إذا كان في بيته وشرب الخمر فلنيسأله احد. إذا الأمر ليس كما ذكرت، ولكن إذا كان هناك شيء عام وفي العلن فان الإنسان يحاسب عليه، فإذا تعاطي الخمر شخص غير مسلم ومشى في الشارع فلا يوجد مشكلة، ولكنه لو أحدث فوضى أو اعتدى على شخص آخر، أو ارتكب أية مخالفة قانونية فانه سيساءل ويحاسب على ذلك. ما أريد أن أقوله أن الجنوبيين ليس لديهم مشكلة في العيش بسلام في الشمال أو في الجنوب.
• يعني التوتر الحادث الآن بين شريكي اتفاقية السلام، وقبله سلسل متصلة من المشاكل والخلافات بينهم، سواء أن كانت بسبب قضية أبيي أو غيرها، هل تدل على فشل الشراكة بينهما؟
• هذه المشاكل إذا قسناها بما تم انجازه فسنقول أن هذه الشراكة نجحت. لان النجاح أو الفشل يقاس بنسبة ما حققه هذا أو ذاك، فكونه حتى الآن وخلال أربع سنوات منذ توقيع اتفاقية السلام لم يحدث صدام عسكري في الجنوب بين الحكومة والحركة الشعبية، هذا نجاح كبير، بعد أن كان هناك ألاف الموتى وآلاف الحرائق وعمليات الاقتتال، هذا نجاح كبير، لا يقدر بثمن. ثانيا: كل القضايا التي تثار الآن مشينا فيها خطوات، وموضوع آبيي سيحسم نهائيا بموجب قرار محكمة التحكيم الدولية الدائمة في لاهاي
• على ضوء ما حدث ويحدث، ماذا تتوقع أن تكون نتيجة استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان المقرر إجراؤه في سنة 2011م؟
• حتى الآن الصورة غير واضحة كثيرا، وهي أميل للتشاؤم منها للتفاؤل. أي أنها أميل لخيار للانفصال من الوحدة.
• لماذا؟ • لأن المواقف غير واضحة، مواقف بعض القيادات وبعض الفصائل والضباط في الجيش الشعبي (التابع للحركة الشعبية) لا تستدعي التفاؤل. لكننا نعرف الآن من القاعدة الجنوبية وشعورها بأن الحركة الشعبية لم تأتي لها بأمور كثيرة ولم تأتي لها بشيء يذكر، وان حالتهم قبل الاتفاقية كانت أحسن من حالتهم الآن، نعرف أن ذلك يجعل التصويت في الاستفتاء، لو ترك لهذه الجماهير لحالها وبدون تدخل، ربما جاء لصالح الوحدة. لكن الخوف الذي يجعلنا، أيضا، نرى أن الأمور غير واضحة وتدعو للتشاؤم، ينبع من أن القوى المؤثرة في الجنوبيين منشقة، وعلى الأقل هناك قولان، فنحن نسمع الأمريكان والأوروبيين يقولون في جلساتهم معنا أنهم يريدون وحدة السودان، وأنهم لا يسعون إلى تمزيق السودان، ولا يرغبون في انفصال الجنوب، وأحيانا يقدمون مبررات لذلك، فيقولون أن الجنوب منطقة مقفلة ولا تصلح أن تكون دولة مستقلة، وان البترول في الجنوب سينضب بعد زمن وجيز، وان المستوى الحضاري هناك في حاجة لان يتفاعل مع الشمال. لكن ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، نرى أشياء تجعلك تقول أن هذا الكلام غير صحيح، فهم مثلا يدربون جيشا خاص للجنوب ويمدونه بالسلاح، كما أنهم يتعاملون مع سياسيي الجنوب بطريقة خاصة، مثلا الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش كان يدعو سلفا كير (نائب رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب) ولا يدعو للبشير، ويتعامل مع كير كرئيس دولة. فبعض التصرفات لا تنبي بأنهم فعلا يعملون لوحدة السودان، بل أنهم يشكلون في الجنوب بحيث يصير دولة منفصلة. ولذلك فان الصورة حتى الآن فيها عدم رؤية. وإذا وجد تفاؤل فانه سيأتي من قبل جماهير الجنوبيين الذين وعوا الحركة الشعبية في حكمها خلال السنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام. ورأوا كيف كان حالهم قبل ذلك، وبالتالي ربما صوتوا لصالح الوحدة.
[• بروفيسور إبراهيم، تعتقد لو حدث انفصال.. كيف ستكون علاقة الدولتين؟
• لو تركنا على حالنا ستكون علاقات مقبولة وطيبة بين دولتين إفريقيتين ليس بينهما مشاكل. ولكن توقعي الشخصي أنه إذا انفصل الجنوب فان إسرائيل والأمريكان سيهبطون بغضهم وقضيضهم في الجنوب ليديروا البلد وليوجهوا سياستها، ولكي يخنقوا المياه عن السودان وعن مصر، ويحدثون فصلا تاما بين العرب والأفارقة في الجنوب. في تقديري إذا انه إذا انفصل الجنوب لن تكون هناك مشكلة من الجنوبيين إنما من القوى الأجنبية التي ستعينهم في بناء دولتهم الحديثة، ومن ثم سيكون هناك تصادم بين الدولتين.
• نتمنى أن ألا يحدث ذلك كله.. وان يحافظ السودان على وحدته. اسمح لنا بالانتقال إلى موضوع الانتخابات الرئاسية والنيابية المركزية والفيدرالية التي كان من المقرر إجراؤها في يوليو من العام الجاري 2009 إلى ابريل من العام القادم 2010م .. هل تتوقعون أن تؤدي تلك الانتخابات إلى تغير ملموس في موازين القوى السياسية الموجودة الآن في المؤسسات التشريعية والتنفيذية؟
• نعم، فنحن أولا لا نتوقع أن تكسب الحركة الشعبية نفس وزنها الموجود الآن، إن نصيبها من مقاعد البرلمان المركزي سينقص، ومن ثم نصيبها في الحكومة.
• والمؤتمر الوطني؟
• اعتقد أن المؤتمر الوطني إذا لم يحافظ على نصيبه الحالي، فانه سيزيد أو يقل قليلا جدا. أما الأحزاب التقليدية القديمة: حزب الأمة القومي، والحزب الاتحادي الديمقراطي، اعتقد أن ليس لديها الكثير من القوى التي تدعيها، وستأخذ المجموعات العرقية التي تحولت إلى أحزاب سياسية عددا من الدوائر التي كانت محسوبة لصالح تلك الأحزاب. وسيأتي حزبا الأمة والاتحادي بأعداد متواضعة جدا، ومع ذلك فان تمثيلها سيكون اكبر قليلا مما هو عليه الآن. فحزب الأمة غير موجود الآن في مؤسسات الدولة، أما الحزب الاتحادي فهو "خشم بيوت" (أي منقسم على نفسه لعدة أجنحة) فيه ناس مع حكومة الوحدة الوطنية، وناس خارجها، وفي ناس مع التجمع الوطني الديمقراطي، وإذا جمعتهم كلهم فجائز يحظى بنفس القدر الحالي.
• هل سيدخل المؤتمر الوطني الانتخابات متحالفاً مع أي حزب أو أحزاب أخرى؟
• حتى الآن هذا الموضوع لم يطرح، فالتحالفات وتحديد الدوائر التي سنخوض فيها الانتخابات، نحن نمنع الكلام فيها حتى هذا الوقت.
• لو تحالفتم، مع من ستتحالفون؟
• لو تحالفنا، ربما في الفترة الأخيرة كان اقرب الناس إلينا الاتحاديين (الحزب الاتحادي الديمقراطي).
• وماذا عن حزب الأمة؟
• حزب الأمة لازالت توجد صلة معه، وتوجد لجنة مشكلة بين الحزبيين ولكني أرى انه بعض قيادات وأعضاء حزب الأمة لا ستسير كثيرا في هذا الاتجاه، ولكن هناك أيضا بعض العناصر تتعاون مع المؤتمر الوطني.
• ما هي طبيعة علاقتكم بالحزب الاتحادي الديمقراطي؟
• الاتحادي علاقتنا به طيبة..
• أي اتحادي تقصد.. الحزب الاتحادي بقيادة السيد محمد عثمان الميرغني أم الاتحادي جناح الشريف الهندي.؟
• الاثنين، الشريف الهندي جزء مننا، جزء من الحكومة الآن، والميرغني عندنا علاقة كانت في الماضي متوترة، ولكنها لان طيبة.
• دعنا ننتقل من السياسة إلى الاقتصاد.. للازمة المالية العالمية، ما هو الأثر الذي أحدثته في السودان؟
• طبعا، السودان ومنذ بدء إنتاج البترول أصبح نصف ميزانيته من البترول.
• نعم حجم إيرادات البترول يساوي 60% من الموازنة العامة للدولة حسبما أوضح وزير المالية السوداني مؤخرا. فكم يشكل البترول من صادرات السودان؟
• ربما نحو 80% من الصادرات.. المهم أن السودان فقد بسبب الأزمة المالية العالمية مبلغ ضخم بسبب انخفاض أسعار البترول، من ثم فإن جانب التنمية في الميزانية سيتأثر، ستكون الميزانية لتسيير الأحوال أكثر منها ميزانية للتنمية. ومع ذلك فنحن لن نتأثر كبقية الدول التي يقوم اقتصادها على نظام غير النظام الإسلامي، مثل تلك الدول التي لديها علاقات قوية مع أمريكا والغرب، ولديها ديون ومعونات من تلك الدول. فالسودان، منذ سنوات، لا يستلم معونات من أمريكا ومن الغرب والمؤسسات العالمية مثل البنك الدولي.
• عفوا يا دكتور ما تتحدث بشأنه عن أن السودان لا يستلم معونات من أمريكا وغيرها من الدول والمنظمات المانحة .. اعتقد انه مشكلة، وليست ميزة بالنسبة لدولة عالم ثالثية مثل السودان، فالمجتمع الدولي مجتمع منفتح والدول في العالم الثالث لا نستطيع أن تعيش بدون مساعدة الآخرين؟
• فلنقل أنها مشكلة، ولكنها لم تحصل بسبب الحادث في العالم الآن من انهيار اقتصادي، إنها حادثة قبل ذلك، بل وقبل إتيان نظام الإنقاذ للحكم في 1989م، إنها بدأت سنة 1986 أو 1987م. فمنذ عهد نميري، ومن بعده سوار الدهب، ثم حكومة الصادق المهدي، بدأت المشاكل والديون تتراكم على السودان، وكثر الكلام عن النظام الاقتصادي السوداني، وتباينت الآراء حول دور المؤسسات الدولية وعلى رأسها البنك الدولي. وعندما جاءت "الإنقاذ" في سنة 89م اتخذت تلك الدول موقفا عدائيا واضحا وأوقفت كل الدعم باعتباره أن نظام "الإنقاذ" غير ديمقراطي، ثم وبعد وقوع بعد الأحداث تم تصنيف السودان بأنه دولة راعية للإرهاب. وبالتالي، وردا على سؤالك، فان هذا العالم المنفتح لكي تتعاون معه فأنت في حاجة للرد على اتهاماته هذه. واعتقد أن هذا هو ما حدث، فما يحدث الآن في السودان هو كله رد على هذه الاتهامات. فإذا كانوا يرون انه لم تكن هناك ديمقراطية، فهم مقتنعين انه توجد الآن ديمقراطية، ويرون مقدار الديمقراطية والحكم الرشيد والحريات المتوفرة في السودان مقارنة مع الدول التي يتعاونون معها في المنطقتين العربية الإفريقية. ومن ثم إذا كانت الديمقراطية والموقف من الإرهاب هم فعلا السبب الأساسي في القطعية مع السودان، فان السودان عمل كل ما يستطيع لإحداث الانفتاح مع المجتمع الدولي. ونحن الآن نتحاور مع الأمريكان باعتبار أن العلاقات الثنائية معهم يجب أن تتناول هذه القضايا، ونسألهم: لماذا تضعونا بهذا التصنيف حتى الآن؟ ونقول لهم: انتم تتحدثون عن أن الدولة ليس فيها حريات، فماذا عما ترونه من حريات التعبير والنشاط الحزبي والصحافة والإعلام؟ كما أننا نلفتهم إلى ما أنجزناه في مجال التنمية. خلاصة الأمر أن كل ما كانوا يطرحونه من مبررات لمواقفهم تجاه السودان، ليس لديهم الحق في أن يطرحونه الآن، إذا كانت تلك المبررات هي فعلا السبب في المواقف.
• لكن كأنه توجد مؤشرات لتحسن العلاقات بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية في ظل التوجهات الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة بعد الزيارتين المهمتين للمبعوث الأمريكي للسودان سكوت غيرشين في ابريل ومايو من العام الجاري وزيارة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي جون كيري للسودان؟
• حتى الآن فان زيارات غريشين وكيري، ورغم أن نتائجها لم تصل منتهاها بعد، إلا أنها تسير في اتجاه تصحيح الوضع.. نأمل أن تقوم بذلك، ولكن يجب ألا ننسى أن هناك لوبي في الولايات المتحدة يعمل ضد السودان.
• نعود للوضع الاقتصادي مرة ثانية.. كم ينتج السودان من النفط حاليا؟
• نحو 500 ألف برميل في اليوم.
• كم يصدر منها؟
• نحو 300 ألف برميل تقريباً.
• كانت توجد توقعات سابقة بان يصل إنتاج النفط في السودان في نهاية 2008م إلى نحو مليون برميل؟
• لا، التوقعات تقول أن الإنتاج سيزيد عن حجم الإنتاج الحالي بعد عام 2008م. والآن توجد مؤشرات جيدة في بعض الواقع مثل منطقة الدند.
• يعني هل نتوقع أن يزداد إنتاج النفط في المستقبل؟
• نعم، كما يتوقع أن تزحف مناطق الإنتاج شمالا بعض الشئ.
• هل الكمية المنتجة حاليا معظمها في الجنوب؟
• نعم
• دكتور إبراهيم، أن يتحول السودان من دولة زراعية بالدرجة الأولى إلى دولة تعتمد على إنتاج كميات محدودة من النفط، تساوي 60% من الموازنة و80% من الصادرات ألا ترى أن هذه كارثة تضع اقتصاد السودان في كف عفريت، فالنفط ثروة يمكن أن تتضاءل ويمكن أن تنضب، وأسعارها ليست في اليد؟
• ستكون كارثة لو غفلنا عن هذه الحقائق، ولكنا غير غافلين عنها. فنحن نعتمد مبدأ الوقاية خير من العلاج، لذلك فإننا نولي الزراعة اهتماما كبيرا جدا ونهتم بالثروة الحيوانية كثيرا، كما نهتم بالتعدين جيدا، وكذلك بالتوليد الكهربائي بإنتاج الطاقة وتعديد مصادرها وبالغذاء وتعدده. ننحن منتبهين إلى أن الاعتماد على البترول يعد مشكلة، بدليل ما حدث الآن حينما نقص سعره من 148 دولارا إلى 48 دولارا، أي أننا فقدنا 100 دولار في البرميل الواحد. التجربة أمامنا ، لذلك فنحن نعطي التنمية الزراعية النسبة الأكبر من مخصصات الموازنة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: البشير و قيادات حزبية في حوارات صحفية (Re: تراث)
|
الحوار الرابع مع الدكتورة مريم الصادق المهدي مساعدة الأمين العام للاتصال في حزب الأمة القومي
• نطمئن أولا على حزب الأمة، كيف حاله ألان، وفي ماذا يفكر وماذا يعمل، ما هي أولوياته في المرحلة الحالية؟ • كما تعلم نحن حزب الاستقلال والحزب الأكثر تجذراً في تاريخ السودان والأكثر تمددا في جغرافيته، بما في ذلك التمدد الجديدة للجغرافيا بين سودانيي المهجر والتمدد النوعي الفني والتقني، كما أننا نتمتع بخواص مهمة أخرى يعول عليها في تأمين وضع السودان، من بينها الربط بين مختلف الثنائيات والمتضادات في تاريخ السودان وفي راهنه. لقد تكون حزب الأمة كتحالف بين الأنصار ككيان وطني وديني ودعوى انتبه إلى أنه لابد أن يمد جسور التواصل مع آخرين هم إخوانه في المواطنة، رغم أنهم قد يكونوا مختلفين عنه في العقيدة وفي الدين، ومن ثم فان الأنصار هم مكون أساسي من مكونات الحزب، وهناك مكون أساسي آخر يتشكل من كيانات قبلية واجتماعية كبيرة، مضاف إليهم مجموعة من القوى الجديدة آنذاك والقوى الحديثة ممثلة في حركة الخريجين وعدد من المثقفين، وهذه المجموعة الأخيرة جاءت من كل أنحاء السودان ووجدت رعاية كبيرة جدا من إمام الأنصار حينها الإمام عبد الرحمن المهدي طيب الله ثراه. وعليه فان حزب الأمة يقوم على هذه الفكرة التحالفية العريضة لتمثيل السودان بكل تنوعه الكبير الواسع، وهو مملوك لكل هذه القوى.
• عفوا، لكن أسرة المهدي ظلت تقوم بالدور الأساسي في قيادة الحزب؟ • صحيح، كان ومازال هناك دور تاريخي لأسرة المهدي على أساس أنها أسرة تعكس هذا التنوع، إن قوة أسرة المهدي تنبع من مواقعها كأسرة متمددة في الواقع السوداني الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بتنوعه، وبالتالي لها دورها في الحزب. ولكن كل عضوية الحزب القادمة من كل أنحاء السودان لها الملكية نفسها في الحزب، لأنها تملك الإرث وفخر الانتماء لهذا الكيان ولهذا الحزب. لذلك فنحن بحق حزب دارفور، وفي الوقت نفسه نحن بحق وحقيقة حزب أهل البحر (النيل) على امتداده. وألان وفي ظل المهددات الكثيرة لوحدة السودان فان حزب الأمة هو المرشح بقوة وبفعالية لان يرأب الصدع الحادث، لأنه حزب مملوك للقوى التي يقوم النزاع بينها، وهو موجود في كل مناطق التماس على امتدادها بعرض السودان، إن الأهل هناك ينتمون إليه بحق ويمتلكوا هذا الانتماء عبر التاريخ والجغرافيا معا. وبالإضافة إلى القطاعات التقليدية القديمة التي تعتبر أن حزب الأمة هو تمظهرها وارثها، فان الحزب هو أيضا حزب الأجيال والقوى الحديثة وعلى رأسها المرأة، فقد حقق الحزب طفرة نوعية في تمثل النوع وإيجاد مساحة واسعة لصوته. وأنا اعتقد بصدق أننا حزب المرأة السودانية الأول بلا منازع. كما أننا وبنفس الدرجة حزب المهنيين والفئويين وغيرهم من القطاعات الحديثة. ولذلك فقد اتخذ الحزب قبل عام قرار استراتيجي بشأن التحالفات الحديثة، ويقصد بها التحالف مع المهنيين والحرفيين والفنانين وغيرهم من القطاعات العريضة التي ليس لها حزب سياسي، والتي نعرض عليها التحالف عبر برامج مشتركة. وهذا كله يوضح مدى الطفرة التي حدثت في حزب الأمة وجعلته يمثل بقوة القطاع الحديث والقطاعات التقليدية معا، وتجد فيه كل هذه القطاعات ملكية وتمثيل حقيقي لرؤاها وآمالها.
راهن السودان
• دكتورة مريم: كيف تلخصين الواقع السياسي الراهن في السودان؟
التحدي المطروح الآن هو أن يكون السودان أو لا يكون، وأنا هنا أتحدث عن الكينونة بمعناها الحقيقي، بمعناها الجغرافي وليس السياسي والاقتصادي فقط، نحن وصلنا لدرجة أعلي من الخطر ومن اللون الأحمر في السودان وصرنا أمام مهددات حقيقية لهذا السودان الواحد.
• ما هي هذه المهددات؟ • • أهمها شدة الاستقطاب السياسي الذي أدى إلى استقطاب اقتصادي حاد، لقد جاءت قلة عبر انقلاب الإنقاذ وقالوا أن لديهم مشروع حضاري وان من ليس معهم فهو ضدهم. وانطلاقا من ذلك ومن نظرتهم العروبية والاسلاموية الخاصة نفوا كل الأخر، وأداروا الوطن بأجندة ضيقة وخاصة بأقلية صغيرة، وهذا أدى لاستقطاب سياسي حاد كان من الطبيعي أن يؤدي بدوره، إلى استقطاب اقتصادي حاد، ومن هنا جاءت مواكب المفصولين والمطرودين والمشردين، وجاءت مسألة التمكين الاقتصادي من باب الولاء، وهذا أدى لاستقطاب اجتماعي غير مسبوق، فالموالين اصبحوا هم الرؤساء الاجتماعيين ورؤساء القبائل، أما الآخرين فليس لهم مكان. وفي ظل هذه الاستقطابات الحادة تم رفع السلاح وأصبح هو وسيلة للتعبير عن الاختلاف في الرأي ونيل الحقوق، وحينها بدأ الناس يتساءلون لماذا نحن في بلد واحد؟ ظهر هذا السؤال بقوة شديدة غير مسبوقة في تاريخ السودان، وأصبح حق تقرير المصير لأهلنا في جنوب السودان مطلب سياسي عام يصوغ الآن الوضع السياسي في السودان. ومع شدة المواجهات التي حدثت في دارفور والقمع الشديد الذي والكارثة الإنسانية الغبن وعدم تناول مسألة العدالة بصورة جادة ، بدأت تظهر مثل هذه التساؤلات وسط الأهل في دارفور، وكذلك في الشرق، وتظهر حتى في شمال السودان حيث بدأ البعض يتحدث عن الالتحاق بمصر. لقد وصلنا درجة الخطر في شدة الاستقطاب، وأصبح وجود السودان جغرافيا مهدد بقوة.
• وما هو المخرج من كل ذلك؟
• اعتقد أن مواجهة الخطر الكبير المحدق بالسودان لن تتم إلا عبر الإجماع الوطني. اعتقد أننا سنستطيع تنفيس الاستقطاب الحاد بإجماع وطني تمثله حكومة وحدة وطنية حقيقية. فمثل هذه الحكومة وإعادة الشرعية لاتفاقية نيفاشا صار أمرا مطلوبا، خاصة بعد تاريخ 9 يوليو 2009م الذي كان من المقرر أن تجري فيه الانتخابات العامة، لان الدستور الذي يحكم البلاد الآن يقول أن الحكومة بشكلها الحالي ينتهي أوانها في 9 يوليو 2009م، وهذا لم يحدث بسبب فشل الشريكين في إنفاذ العهود وتحقيق الشراكة بينهما. لذلك ولتحقيق الإجماع الوطني وتنفيس كل هذه الاحتقانات وإيجاد الحل الفاعل لقضية دارفور والإعداد المجدي للانتخابات، فنحن في حاجة لآلية جديدة لانجاز كل هذه المهام ولخلق الثقة بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي الذي أصبح جزء من المكون الداخلي السوداني، ولهذا فنحن نتحدث عن ضرورة إيجاد حكومة وحدة وطنية حقيقية تخرجنا من الأزمة الدستورية التي سنقع فيها.
• حكومة وحدة وطنية جديدة بدون انتخابات؟
• نعم، الانتخابات كان من المفترض أن تكون قامت حسب الفرضية التي تم التوافق عليها ووضع الدستور على أساسها.. لكن هذا لم يحدث لان الشريكين لم يحققا شراكتهم وأصبحا في عراك مستمر، ولم ينجزا ما التزموا به
• هل هذا هو سبب تأجيل الانتخابات من يوليو 2009م إلى فبراير ثم إلى ابريل 2010م.
• لان الانتخابات لها شروط موضوعية ومتطلبات لتحقيق فاعليتها وجدواها، الشروط التي تحدثوا عنها والتزموا بها ولم يوفوها، وعلى رأس ذلك ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وإعادة النازحين واللاجئين، وتحقيق التحول الديمقراطي، وتنزيل الباب الرابع من الدستور الخاص بالحريات في واقع القوانين عبر إلغاء القوانين والمواد المقيدة للحريات، وتقنين حريات التعبير والتنظيم والنشر وغيرها، هذه كلها التزامات نابعة من متن اتفاقية نيفاشا لم يتم الوفاء بها. وما تم الإيفاء جاء به في أزمان متأخرة جدا، مثل الإحصاء السكاني الذي كان من المفترض أن يتم قبل عامين ونصف من الموعد الذي جرى فيه، وتعلم الخلاف الحادث حتى مع إجراؤه فإخواننا في الحركة الشعبية أعلنوا رفضهم له.
• يعني هل ترين أن تأجيل الانتخابات كان خروجا عن الدستور؟
• نعم هو خروج عن الدستور.
• إذا كان كذلك، فعلى أي أساس جرى التعديل؟
• هذه هي المشكلة التي تتحدث عنها القوى السياسية، الحاكمون لا يولونها الاعتبار الكافي، فالدستور يقول أن الانتخابات العامة تُجرى في موعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية التي تبدأ في 9 يوليو 2005. أما اتفاقية السلام، التي تعتبر جزء من الدستور، فقد نصت في جزء منها على أن الانتخابات يجب أن تجري في نهاية السنة الثالثة، وان من حق الشريكين أن يجلسا ويقيما الموقف ويحددان ما إذا كان يمكن إقامة الانتخابات في موعدها أم يتم تأجيلها، لكن في البروتوكولات الملحقة بالاتفاقية جاء أن الانتخابات تجري بنهاية السنة الرابعة، ومن هنا حدث اللبس..
• عفوا دكتورة، حزب الأمة، حسب علمي، كان من ضمن القوى التي وافقت على تأجيل الانتخابات؟
• نعم، فنحن كنا نقول أن الانتخابات ولكي تكون حقيقية وفعالة لا يمكن أن تقوم في موعدها السابق، لكننا تحدثنا عن آلية مختلفة لتحديد المواعيد البديلة. كما تعلم فان تأجيل الانتخابات جاء الآن من قبل مفوضية الانتخابات، والمفوضية ليس لديها الحق في ذلك، هذا الحق مملوك دستوريا للشريكين، وليس من حقهما تفويض أية جهة أخرى لاتخاذ القرار بشأنه ، خاصة لو كانت تلك الجهة جهة فنية غير سياسية. نحن في حزب الأمة ومعنا قوى سياسية أخرى ظللنا نقول منذ أزمة الشريكين في أكتوبر 2007 انه لابد أن تأتي حكومة وحدة وطنية حقيقية تحسم المشاكل الكبيرة بعد أن عجز الشريكان عن تحقيق أي نوع من الشراكة. لقد أدى فشل الشريكين إلى تعطيل المسيرة الوطنية، وفاقم من مشكلة عدم الثقة بين الأطراف السودانية، وكذلك بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي بسبب والعجز والأخطاء الحادثة في حل أزمة دارفور، وعدم مخاطبة كل المشكلات الحادثة. لذلك نحن نرى أن تجزئة المشاكل هو نهج غير صحيح، لابد من وضع نظام للأولويات يتم عبره مخاطبة القضايا كحزم، وخلق مداخيل متعددة المسارات للمشكلات. أن حكومة الوحدة الوطنية الحقيقية ستحل أزمة الثقة ما بيننا نحن داخليا، ومع والمجتمع الدولي، من خلال تحقق المشروعية الدستورية بعد أن انقضى أوان الحكومة الحالية في 9 يوليو الماضي.
• من يتفق معكم في المناداة بتشكيل حكومة وحدة وطنية ؟
• جميع القوى السياسية
• وإلى أي حد يمكن القبول بهذا الطرح من قبل الحكومة؟
• هذا سؤال كبير. ما نطرحه هو الحل الموضوعي وهو من أجلنا جميعا. وموضوعيا يجب أن يكون محل قبولنا جميعا، لكن من الواضح الآن أن إخواننا في المؤتمر الوطني متمترسون عند بعض تصريحات قادتهم الذين يتحدثون باستهزاء شديد عن فكرة حكومة الوحدة الوطنية. انأ أعتقد أن إخواننا في المؤتمر الوطني أنفسهم ليسوا على قلب شخص واحد، ولذلك نحن نعاني في معرفة مواقف المؤتمر، اعتقد أن هناك البعض في المؤتمر يتعاملون بمنطق وعقل وقادرون على رؤية ما هو صحيح. نحن نعلم انه يصعب علي أي مجموعة حاكمة ومسيطرة على الحكم أن تتنازل للآخرين وتشركهم معها، لكن شدة الأزمات واستفحالها ودنوها من الخطورة يستدعي من الجميع التعامل بعقل وحكمة ووطنية.
• هل إقامة مثل هذه الحكومة الوطنية يتطلب تأجيل آخر للانتخابات لمرة أخرى، أم أن الفترة المتبقية تكفي لانجاز مهامها؟ • عند قيام حكومة الوحدة الوطنية فربما تتفق تلك الحكومة مع رؤية مفوضية الانتخابات بشأن التأجيل ، وربما تدخل بعض التعديل، المهم في النهاية أن تكون الانتخابات مجدية وحقيقية.
• ألا يمكن أن تتوفر شروط جعل الانتخابات حقيقة ومجدية حتى الوقت المحدد الآن لإجراء الانتخابات في 2010؟
• يمكن.. هناك شروط مثل ترسيم الحدود، وإعادة النازحين، تحتاج إلى وقت وإلى مال، كما تحتاج لظروف موضوعية ومناخية تهيئ لانجازها، وهذه لا يمكن تجاوز الوقت فيها. لكن جل الأشياء وأخطرها تحتاج إلى إرادة سياسية، ولذلك فحتى الشروط التي تستوجب زمنا محددا فان توفر أو عدم توفر الإرادة السياسية سيؤثر عليها، فإذا وجدت تلك الإرادة السياسية فهي ستأخذ الزمن الموضوعي الذي تحتاجه، لكن إذا غابت تلك الإرادة فان ما تبقى من الزمن لن يكفي.
• تعتقدين ما الذي سيحدث.. هل سيتم تحقيق هذه الشروط؟
• اعتقد أن الفترة الحالية والفترة القصيرة المقبلة ستحدد شكل فعلنا، نحن في مرحلة تشكل، وبقدر توفر الوعي الوطني والإرادة السياسية والجدية يمكن انجاز المطلوب، لا يوجد مستحيل، لكن وبالقدر الذي تعوزنا فيه المطلوبات التي ذكرتها آنفا، وبقدر الاستغراق في مصالحنا الذاتية والحزبية ومكتسباتنا الأصغر سيضيع منا الزمن. أنها إذن مسالة عمل سياسي، ومسالة تنادي حقيقي. ليس المطلوب أن يتماهى أي إنسان في الآخر، ولا أن ينسى أو يبتعد عن برامجه الحزبية وغيرها. المطلوب هو الاتفاق على حد أدنى لـتأمين الوطن، وهذا ما حاول أن يفعله حزب الأمة في السنة الماضية مع المؤتمر الوطني عبر اتفاقية التراضي الوطني بين الحزبين، فقد كانت تلك الاتفاقية محاولة لتجسد هذه الفكرة، فكرة أننا مختلفين سياسيا ونعترف بهذا الاختلاف السياسي، لكن علينا أن نحدد سقوفا دنيا لا نختلف فيها بشأن الوطن، وبحيث لا تؤدي اختلافاتنا السياسية وتطلعاتنا المختلفة إلى نسيان السودان وعدم تأمينه من المخاطر.
• هذه الاتفاقية.. اتفاقية التراضي اذكر أنها تضمنت بند يحدد فترة 3 أشهر لتحقيق عدد من المتطلبات، وقد تجاوزنا هذه الفترة، هل تم تحقيق تلك المتطلبات؟
• ما تم too little too late حسبما يقول الخواجات، انه قليل جدا ومتأخر كثيراً.
• يعني.. أن الاتفاقية لم تعد قائمة؟
• لا نستطيع القول أنها لم تعد قائمة، لان الأسس التي قامت عليها لازلت مطلوبات بيننا جميعا كمكونات سياسية ومدنية وعسكرية.
• يعني هل لازالت هناك خطوات تجري في تنفيذ الاتفاقية؟
• ليس في للاتفاقية إنما في معانيها ومبادئها، حيث تجري اتصالات بيننا وبين المؤتمر الوطني لمحاولة تحقيق الاجتماع الوطني الذي كانت تتكلم عنه الاتفاقية، وعلى رأس ذلك الإجماع الوطني في القضايا الرئيسية في السودان الآن وهي: مسالة الجنائية الدولية، وحل أزمة دارفور، ومسالة الحكم والانتخابات. فهذه القضايا مطروحة الآن بيننا كقوى سياسية سودانية. وقد تقدم حزب الأمة مؤخرا بمبادرة لتكوين لجنة وطنية عليا تتولى فك الاحتكار في تناول هذه القضايا المهمة، وبحيث تكون هذه اللجنة هي الآلية لتحقيق الإجماع الوطني، والتعاطي مع هذه القضايا، ومواجهة المشكلة الدستورية ،التي سنواجهها قريبا، والمشاكل الاقتصادية، وتحقيق الإجماع الوطني بين كل القوى المدنية والعسكرية السودانية.
• ممن تكون هذه اللجنة؟
• نحن تكلمنا عن 8 أحزاب سياسية هي: المؤتمر الوطني، الحركة الشعبية، حزب الأمة، الحزب الاتحادي الديمقراطي، الحزب الشيوعي، حزب المؤتمر الشعبي، مؤتمر جبهة الشرق، وحركة تحرير السودان بقيادة ميني اركو مناوي.
الانتخابات العامة
• حزب الأمة هل سيخوض الانتخابات الرئاسية والنيابية؟
• نعم
• وماذا يتوقع أن يحصل بموجبها. في آخر انتخابات في 1986م، قبل العهد الحالي (عهد الرئيس عمر البشير)، نال حزبكم العدد الأكبر من مقاعد البرلمان مقارنة مع بقية القوى، اذكر انه نال حوالي 40% من المقاعد.. ماذا فعلت بكم السنوات والأحوال منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وكيف سيؤثر ما حدث عبر 20 عاما في النتيجة التي يمكن أن يحققها حزب الأمة في الانتخابات القادمة؟
• أنا أتوقع انه إذا لم يحتفظ حزب الأمة بنفس ما ناله في انتخابات 1986م فانه سيتوسع، خاصة في القطاعات الحديثة وفي المدن، وحتى في جهات لم يكن لديه فيها وجود كبير في السابق، مثل الشمالية والشرق. لا أريد أن استبق الأحداث، ولكني أتحديث عن قراءة موضوعية لما حدث في السودان وما قام به حزب الأمة من بطولات وما سجله من مواقف في الفترة الماضية لكبح مكامن الخطر في الجبهات السياسية والاقتصادية في السودان. إن حزب الأمة يتميز بعضويته الملتزمة لأنه هو نابع منها ويعبر عنها، ولذلك لم تفلح سنوات الشمولية والقائمة على الترهيب والترغيب في أن تقتلعه من جماهيره، كما يتميز الحزب بقيادته المناضلة التي تتقدم دوما صفوف النضال والفداء، فضلا عن تميزه ببرامجه القائمة على الدراسة وعلى الشورى الواسعة. نحن إبطال الأداء المتميز في الفداء وفي الصمود والشجاعة وفي الفكر وفي الثبات على المبدأ والمصداقية، ولذلك فقد حزنا على احترام الجميع داخل السودان وخارجه، ولكل ذلك اعتقد أننا أذا لم نحصل في الانتخابات القادمة على أكثر مما حصلنا عليه في انتخابات في 1986م فمن طبيعي انه نحتفظ بحصتنا السابقة.
• من المتوقع أن يكون الرئيس عمر البشير هو مرشح المؤتمر الوطني في انتخابات الرئاسة، فهل ستنافسونه؟
• سنخوض الانتخابات في كل المستويات.
• هل نتوقع أن يكون السيد الصادق المهدي هو مرشحكم لرئاسة الجمهورية؟
• المرشحون ومؤهلاتهم وغيرها، تحدده لجنة خاصة في الحزب، هي لجنة الانتخابات، لكن من المتوقع جدا أن يكون الأمام الصادق هو مرشحنا، فهو منافس قوي وشخصية قومية تتميز بالإحاطة وبالخبرة، ولديه تجربة واسعة ومشهود له بنزاهة اليد وبالحفاظ على حقوق الإنسان. وكما تعلم فهو عضو المكتب التنفيذي في نادي مدريد، وهو نادي حصري يدخله فقط رؤساء الحكومات والدول السابقين الذين تم انتخابهم بصورة ديمقراطية ولا يوجد في سجلهم أية انتهاكات لحقوق الإنسان أو اختلاسات، وهو من بين قلة صغيرة يمثلون عالم الجنوب في النادي، وبالتالي فهو مصدر فخر كبير لنا في حزب الأمة، ونحن في السودان، إذا لم يكن على مستوى العالم الثالث كله، أحوج ما نكون إليه. لكن كما قلت إليك فان أمر مرشحي الحزب متروك للجنة المختصة.
• هل ستخوضون الانتخابات منفردين أم بالتحالف مع قوى أخرى؟
• هذا أيضا متروك للجنة مختصة في الحزب، لقد بدأت لجنة الانتخابات عملها قبل أكثر من عام، ومن بين عدد من ورش العمل التي نظمتها كانت هناك ورشة خاصة بالتحالفات في الانتخابات القادمة، وجاءت التوصية بان تنشأ لجنة خاصة بالتحالفات، وهذه اللجنة تقوم بعملها الآن. وكما تعلم فان هناك عدة مستويات للانتخابات القادمة، رئاسية وبرلمانية مركزية، وولائه، وانتخابات ولاة، وانتخابات محلية، كما أن الانتخابات ستجري على مستويين جغرافي وتمثيل نسبي، إضافة إلى تمثل للمرأة على عدة مستويات، ولذلك فان تحالفاتنا ليس بالضرورة أن تكون بنفس الصورة في كل المستويات.
• ما هي اقرب الأحزاب إليكم ألان؟
• كل الأحزاب قريبة بالنسبة لنا، نحن نتميز بعلاقات حقيقة وإستراتيجية مع القوى السياسية السودانية الأخرى، ونحرص على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع تلك القوى تأمينا للسودان، ومصلحة السودان هي التي ستحكم تحالفاتنا في الانتخابات.
• هل يوجد احتمال أن يخوض حزب الأمة الانتخابات متحالفا مع المؤتمر الوطني؟
• انأ شخصيا استبعد ذلك. نحن ندعو لان يكون هناك تحالف بيننا والمؤتمر الوطني خاص بانجاز الانتخابات الحقيقية، أي أن نعمل سويا لتوفير شروط الانتخابات الحقيقية الفعالة المجدية، وضمان حريتها ونزاهتها، وهذا مطروح مع كل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. لكن فيما يخص الانتخابات القائمة على برامج الأحزاب فأنا أستبعد تحالفنا مع المؤتمر الوطني، لان طرحنا الأساسي في حزب الأمة يأتي كبديل لإزالة السياسات والمعطيات الخطيرة التي قام المؤتمر الوطني في السنوات السابقة، فهذا هو عهدنا على أنفسنا، نحن نريد أن نغير السودان البغيض الذي أنتجته السياسات الحالية بسودان عريض يضم الجميع.
• هل يحتمل أن تعودوا إلى حلفائكم السابقين في التجمع الوطني الديمقراطي؟
كما قلت فان تحالفاتنا ربما تختلف باختلاف مستويات الانتخابات، نحن لدينا ما اسميه بالتحالف الذكي، وهو قائم على برنامجنا في الحزب، ويستهدف القطاعات الكبيرة التي ليس لديها أحزاب، ولكنها مقتنعة بطرح الحزب عبر مؤسساتها النقابية والجمعية. أما التحالفات السياسية فاللجنة الحزبية المختصة لازالت تدرسها.
قضية دارفور
• قضية السودان المركزية في الوقت الحاضر، دارفور.. ما آخر رؤى حزب الأمة بشأنها؟
• رؤى حزب الأمة واحدة، يجب أولا أن نتفق على تشخيص القضية. نحن نقول أن المشكلة في جوهرها هي مشكلة سياسية يجب أن تحل بصورة سياسية ووطنية جامعة، أي أن جميع أهل المصلحة من كل الاتجاهات يجب أن يشاركوا في هذا الحل، وألا يقتصر الأمر فقط على المجوعات المسلحة دون أهل دارفور الآخرين، فهناك قوى سياسة واجتماعية واقتصادية وأكاديمية كبيرة في دارفور ليست مشمولة في هذه الحركات، لكنها جزء مهم لبلورة كيفية الوصول إلى الحل. ومن ناحية ثانية، هناك قضايا بعينها لابد من وضعها في أية مفاوضات لحل المشكلة. إذ لابد من التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، واتفاق حول كيفية توصيل الإغاثة للنازحين والمهاجرين، كما لابد أن يكون هناك إعلان مبادئ متفق عليه يجري بموجبه التفاوض. ونحن في حزب الأمة نقول أن من المهم جدا أن نبنى على ما كان، وان نستصحب الايجابي منه ونستبعد السالب، وعليه فنحن نعتقد أن إعلان أبوجا للمبادئ يعد اتفاقا جيدا يمكن الاستناد عليه وتطويره. وكأساس أيضا لابد من وجود عمل أساسي لتوحيد الحركات المسلحة في دارفور. ونحن هنا لا نتحدث عن توحيد تلك الحركات في جسم فيزيائي واحد، بل نتحدث عن توحيد الأجندة التي يتفق عليها كل أهل دارفور. ومن الضروري أيضا العمل على بناء الثقة مع الأهل في دارفور عموما، عبر تغيير الإدارات التي كانت جزءاً من مآسي الفترة الماضية، بإدارات مجمع عليها. كما أننا في نحن في حزب الأمة ندعو لما أسميناه الحوار الدارفوري - الدارفوري الذي يتناول هذه القضايا. لكن قضية دارفور تحتاج أكثر من ذلك إلى مؤتمر قومي جامع يقوم بتسوية الاتفاقيات السودانية كلها مع بعضها البعض. فكما تعلم فان اتفاقية أبوجا تعارضت مع اتفاقية نيفاشا، بحيث لم يكن هناك أي عطاء مجزي أو أي عرض حقيقي في أبوجا. فبدلا من جعل اتفاقية نيفاشا سابقة ومثال يحتذى به لمعالجة قضايا بقية أهلنا في أنحاء السودان المختلفة، تم جعلها سقفا لعدم إعطاء الأهل في دارفور أيا من مطالبهم. وهذه قضية يحتاج حلها إلى مؤتمر جامع يتم فيه مساواة كل الاتفاقات بصورة تمنع تناقضها وتجعلها تتكامل مع بعضها البعض. ونحن نعتقد أيضا انه من الضروري لحل قضية دارفور عقد مؤتمر للأمن الإقليمي مع دول الجوار للاتفاق على أسس حسن الجوار والتعاون المشترك وكيفية التداول في شؤونا الداخلية مع بعضنا البعض بأسس متفق عليها.
• حزب الأمة لديه قاعدة شعبية كبيرة في دارفور، فما هي جهوده هناك من اجل وضع حد للحرب والمشكلات القائمة، بحكم نفوذه الشعبي في الإقليم؟
• دارفور هي شغلنا الشاغل، ورياديتنا في هذا الموضوع موجودة من قبل انفجار الإحداث في يونيو 2002م، لقد دعينا حينها كل أهلنا في دارفور من جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وقلنا لهم إننا وبحسب متابعتنا ووجودنا واستقرائنا لما يدور في دارفور، نرى أن الوضع مقبل على انفجار خطير، ولذلك فعلينا أن نجلس ونتفق حول كيفية الخروج من احتمالات تفجير الوضع. لكن إخواننا في المؤتمر قالوا حينها أن هذا الأمر يخصهم وحدهم، وليس للآخرين دخل فيه. لقد ظللنا نركز على ضرورة معالجة الأوضاع في دارفور منذ يونيو 2002م، وعندما انفجر الوضع هناك كنا أول من هب للإغاثة وإنشاء غرف خاصة لمتابعة الأمر، كما بذلنا الجهد الأكبر عبر الإعلام والقنوات الدبلوماسية والتعبئة الشعبية وصياغة الرؤى السياسية التي كبحت زمام الأمور وجعلت القوى والقبائل الكبيرة في دارفور تنأى بنفسها عن الخوض في العمل المسلح، وتقدمنا بالكثير من الرؤى التي كبحت الأمر في دارفور. وفي مرحلة لاحقة أنشئ في 2005م تحالف خاص بدارفور لعبت فيه قيادة حزب الأمة دورا كبيرا في وضع بدائل ورؤى أساسية لاتفاق أبوجا لم يتم الأخذ بها. إن اهتمامنا بوضع حد لما يدور في دارفور هو الذي جعلنا نعود للحوار مع المؤتمر الوطني، وتوصلنا معه في 22 مايو 2004م إلى اتفاقيات خاصة بدارفور، لكن للأسف إخواننا في المؤتمر الوطني اكتفوا فقط بتوقيع تلك الاتفاقيات ولم يقوموا بما يلزم، ولذلك استمرت الأوضاع وتداعياتها في التفاقم، وجاء عقب ذلك مباشرة في أغسطس 2004م قرار مجلس الأمن رقم 1556 الذي وضع السودان في الباب السابع، المادة 41 من ميثاق المنظمة الدولية التي تسبق التدخل العسكري. خلاصة الأمر أن حزب الأمة ليس مجرد حزب دارفور الذي ينتمي إليه عدد كبير من الدارفوريين، بل هو أهم استثمار ورصيد لدارفور، لأنه الحزب الوحيد الذي لم يدخل في الاستقطاب الاثني القبلي الحادث هناك، وبالمقابل فان دارفور تولي اهتماما كبيرا بحزب الأمة لأنه حزبها وطوق النجاة مما تعانيه.
الجنائية الدولية
• قرار محكمة الجنايات الدولية بشأن الرئيس البشير كيف تعاملتم معه؟
• نحن كنا من المؤيدين لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 الذي أحال قضية الوضع في دارفور إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لأننا نؤمن أن العدالة واجبة، ولان نداءاتنا كانت تؤكد أن تعزيز الثقة المطلوب لحل قضية دارفور يتطلب تقصي الحقائق ومعرفة من هم الجناة لمجازاتهم، ومن هم المعتدي عليهم لتعويضهم وجبر أضراهم . وقبل ذلك فقد كنا من المناصرين لدور المحكمة في النظام الدولي للعدالة ونعتقد أنها تعبر عن تطور في هذا الجانب، ولذلك نادينا بالتجاوب مع المحكمة عموما، ومع دورها في السودان، وبان نصادق على نظام روما. فالسودان كان من الدول التي نادت بإنشاء المحكمة في 1998 ووقع مبدئيا على الالتزام بقانون روما في 2000م، بل أن هناك ممثلان لوزارة العدل السودانية شاركا في صياغة قانون روما. وكان من المفترض أن يوقع السودان على ذلك الميثاق لولا أسباب فنية وليس مبدئية حالت دون ذلك. كما كنا في حزب الأمة ننادي بإكمال توقيع الميثاق حتى نحول محكمة الدولية من قضاء بديل لقضاء مكمل. هذا كان موقفنا، لكن ومنذ فترة اتضح لنا أن القضية تسير في شكل تصعيد ما بين المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية وبين الحكومة السودانية، وأخذت الأشياء طابعاً اقرب ما يكون للطابع الشخصي، ورغم أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لديه الصلاحية في إيقاف التحقيق في القضية لو رأي ذلك، إلا أن الحكومة السودانية قررت استفزازه الشخصي في هذا الموضوع، فسار الأمر بشكله التصعيدي الذي تابعناه، وحرصنا في حزب الأمة على قيادة حملة دبلوماسية لمنع وصول الأمر إلى رأس الدولة لان ذلك من شأنه أن يخلف مواجهة حقيقية.
• تقصدين ألا يصل الأمر إلى صدور قرار ضد الرئيس البشير؟
• نعم.. ليس لأننا نعتقد أن هناك إنسان لديه عنده حصانة مطلقة، بل نحن نعرف أن محكمة الجنايات الدولية أنشأت خصيصا لإنهاء كل ما يسمى بالحصانات. لكن ولأسباب منطقية خاصة بنا في السودان، رأينا أن قرار المحكمة بشأن البشير سيوثر سلبا على قضيتي العدالة والاستقرار كمتطلبات مهمة جدا لتحقيق السلام في السودان، لأن الحديث عن القبض على رأس الدولة يخلق تناقض وصراع مباشر ما بين الحق في العدالة والحق في الاستقرار.
• والآن ماذا بعد صدور قرار المحكمة.. كيف ترون التعامل معه؟
• نرى أن التعامل مع هذا القرار يجب أن يتم على ثلاث مستويات بالأقل، مستوى قانوني ومستوى سياسي ومستوى دبلوماسي. وفي المستوى القانوني لابد من حل مشكلة العدالة في السودان من خلال إجراء الإصلاحات القانونية المطلوبة خاصة أن هناك قرار دولي خطير ينبغي التعامل معه، هو القرار رقم 1591 الذي حول مجلس الأمن بموجبه نفسه إلى لجنة للحكم على ما يدور في دارفور، وهذا يتطلب أن يكون هناك وضعا قانونيا مأمنا في السودان. أما فيما يخص محكمة الجنايات الدولية، فنحن نادينا بتشكيل محكمة هجين من قضاة سودانيين مستقلين وقضاة عرب وقضاة أفارقة لتطبيق القانون الدولي الإنساني.
• لمحاكمة من؟
• لمحاكمة كل الناس المشتبه بتورطهم في ارتكاب جرائم في دارفور.
• وفقا لأي حيثيات، وباتهامات من؟
• محكمة الجنايات الدولية يمكن أن تكون هي الأساس، فهي لم تأتي بما تقوله من العدم، بل من القرار 1593 الذي جاء من القرار 1574 الذي أنشاء لجنة لتقصي الحقائق ترأسها كاسيس الايطالي، ووافقت عليها الحكومة السودانية، وهذه اللجنة هي التي وضعت قائمة المتهمين وحولتها إلى محكمة الجنايات الدولية في 31 مارس 2005م، ثم قامت المحكمة بدورها بدراساتها حول الموضوع وجاء مدعى المحكمة لويس اوكامبو إلى السودان، ثم قبل الدعوى في أكتوبر 2009م. أن رؤيتنا لتشكيل المحكمة الهجين هي رؤية سياسية قانونية لم تكتمل حتى الآن، ولازلنا نتشاور حولها مع بقية القوى السياسية ومع الجهات الدبلوماسية المعنية بالقانون الدولي. إن محكمة الجنايات الدولية لابد أن تراجع موقفها وتراجع الطريقة التي وضعت بموجبها اتهاماتها الموجهة كلها ضد دول العالم الثالث، ليس من اجل إنهاء دورها، ولكن لتصحيح وضعها ومنع تحولها إلى أداة قمع جديدة تستخدمها دول العالم الأول ضد دول العالم الثالث، فهذا ليس هو الغرض الذي أنشأت من اجله، وبهذه الطريقة التي تسير بها فإنها يمكن أن تقع في ورطة، ونحن لا نريد لها ذلك، لأننا نراها فعلا محكمة مجدية ونؤمن بدورها في العدالة الدولية، كما نؤمن بدورها في السودان، لكن هذا الدور يجب ألا يؤدي إلى مزيد من الإشكاليات والى تفجير الأوضاع. أما على المستوى السياسي، فلابد أن يكون هناك حل جدي وجذري لازمة دارفور. وفي هذا الصدد أيضا لابد من العمل من اجل أن يفعل مجلس الأمن المادة 16 من ميثاق روما لتأجيل تنفيذ القرار ضد البشير، وهذا بدوره المستوى الدبلوماسي، حيث ينبغي على السودان والدول العربية والإفريقية أن يبذلوا جهودهم لإيجاد حل للقضية عبر التواصل مع مجلس الأمن والمحكمة الجنائية والاتحاد الأوروبي وغيرها من الأطراف ذات العلاقة والتأثير. إن قضية الجنائية الدولية مسالة كبيرة وحقيقية وباقية لا ننتهي بالتقادم ولا تسقط، وستظل معلقة على السودان وتؤثر في علاقاته الدولية. ومن ثم لابد من النظر إليها بالجدية المطلوبة وحلها بالجذرية المطلوبة. وفي هذا لا يوجد حل جاهز، لابد من أعمال الفكر، ولابد أن نتملك الحل جميعنا، إذ أن الانفراد الحادث الآن بالموضوع من قبل المؤتمر الوطني لا يوصل إلى شيء، كما أن التصعيد الجاري لا يفيد، ولذلك تقدمنا في حزب الأمة بمقترح تشكل اللجنة الثمانية التي سبق الحديث عنها، لإنهاء الاحتكار في التعاطي مع محكمة الجنايات الدولية، ومخاطبة بقية المشاكل، وتحقيق الاجتماع الوطني.
تقرير المصير
• الدكتورة مريم، نقترب كل يوم أكثر من مواعيد الاستفتاء على تقرير المصير التي صارت قريبة.. والمخاوف تتزايد من أن تأتي النتيجة لصالح الانفصال.. كيف ترين الأمر؟
• المهم كان ولازال، أن نعمل بصورة تحقق المصداقية بيننا وتجعلنا متفقون جميعا على أن السودان هو بلدنا. هذه مسالة مهمة بالنسبة لتقرير المصير الذي أصبح قاب قوسين أو ادني.
نحن نأمل الوحدة ولكن اعتقد أننا لم نعمل من اجلها. وفي كل الأحوال، فان تقرير المصر إذا أتي بالوحدة فيجب أن تكون وحدة بين أهل الاتفاق واضح بينهم، أما إذا أتي بالانفصال فمن المهم جدا أن يكون انفصالا بين دولتين صديقتين، وإلا فانا سندخل في حروب لا تنتهي.
• وأي الخيارين ترجحين حدوثه؟
• هناك معطيات تجعل البعض يتحدث عن أنه سيحصل انفصال، وهناك معطيات أخرى تجعل البعض يرجح الوحدة.
• وأنت ماذا ترين.. أي الخيارين أرجح واغلب؟
• لا استطيع أن أتحدث في هذا الأمر.. دعني أتكلم عن الخيارين معا. إن العوامل التي تؤدي للانفصال يتحدث عنها باستمرار إخواننا في الحركة الشعبية، فهم يقولون أن الوحدة غير جاذبة وانه لم ينجز شيء يذكر مما هو مطلوب، وهذا صحيح، فهناك الكثير من المشكلات لم تحل، خاصة في ترسيم الحدود وما يترتب عليه من حقوق في البترول وغيرها. ونحن في حزب الأمة نقول أن الطريقة التي تمت بها قسمة الثروة أساسا تدعو للانفصال لأنها تجعل بقية السودان يشارك الجنوب في خيراته بدون أن يشاركه في مشكلاته. وبالمقابل فان هناك حديث معقول أيضا عن العوامل التي تؤدي للوحدة، لكن للأسف فان هذه العوامل ليست متعلقة بالعمل الايجابي، بل بالمشاكل الحادثة الآن في جنوب السودان، وبالمشاكل التي تعاني منها الحركة الشعبية في إدارة الحكم في الجنوب والصراعات القبلية الناشئة هناك، فهذه المشكلات تشعر أهل الجنوب بأنهم يحتاجون للشمال كعامل لتحقيق الوحدة الجنوبية الداخلية. المهم في هذه المسالة كلها أن ننجز وعودنا ونعمل لتحقيق الوحدة لان تكون جاذبة. فالوحدة هي المجدية للشمال والجنوب. وان نعمل في الوقت نفسه على انه يكون الوضع الذي يأتي أيا كان، عاملا لمزيد من الاستقرار ومزيد من التعاون وليس لمزيد من المشاكل والتناحر في الشمال و في الجنوب وفيما بينهما.
| |
|
|
|
|
|
|
|