|
(التناص ذاكرة الأدب) في ترجمة لنجيب غزاوي
|
صدر عن اتحاد الكتاب العرب كتاب جديد يحمل عنوان « التناص ذاكرة الأدب» لتيفين ساميول ومن ترجمة د. نجيب غزاوي. يعالج المؤلف مصطلح التناص الذي استخدم كثيراً وعرف وحمل معاني مختلفة، بحيث بات مفهوماً غامضاً في الخطاب الأدبي، يفضل بعض النقاد على استخدامه اليوم استعمال مصطلحات مجازية تشير إلى حضور نص في نص آخر، بطريقة أقل اتقاناً، مثل: النسيج، المكتبة، التشابك، الدمج، أو بعبارة أبسط: الحوار ويمتلك هذا المصطلح بفضل مظهره الحيادي، القدرة على تجميع عدة تمظهرات للنصوص الأدبية، وتقاطعاتها، وترابطها، فالأدب يكتب، بكل تأكيد، في علاقته مع العالم، ويكتب أيضاً في علاقته مع نفسه، وتاريخ إنتاجه، والمسار الطويل لأصوله. وإذا كان لكل نص أصالته الخاصة، فإنه يتبع، في الوقت نفسه، سلالة يمكنه أن يظهرها بشكل أو بآخر وتشكل هذه السلالة شجرة ذات تفرعات عديدة وذات أرمولات، تتناثر ضمنها الأنساب، وتأخذ التطورات مسارات أفقية وعمودية في آن معاً. وبذلك يصبح مستحيلاً أن نرسم اللوحة التحليلية للعلاقات التي تقيمها النصوص فيما بينها: فهي تولد جميعاً في الطبيعة نفسها، وتتأثر ببعضها البعض، وفق مبدأ سلالة غير عفوية وفي الوقت نفسه، لا نجد أبداً تكاثراً صرفاً أو تبنياً كاملاً. ويبقى استرجاع نص بكامله محض صدفة أو مفتعلاً، أو نتيجة لذكرى غير واضحة المعالم، أو تخليداً معلناً لكاتب، أو خضوعاً لنموذج أو تجريباً لقاعدة و استيحاء إرادياً. ويمضي الكاتب في مقدمته معرفاً بموضوعه فيصف أنواع التناص ويصنفها: فمنها التلميح، والمرجعية، والمحاكاة، والسرقة الأدبية، واللصق، من مختلف الأنواع. وتقدم هذه الأنواع مضموناً موضوعياً للمفهوم دون أن تخرجه من غموضه النظري فهل التناص قناع لنقد المصادر أم تفكير جديد حول الملكية الأدبية وأصالة النص؟ أم أنه مفهوم تاريخي ابتدع كي تتم المطابقة بين الخطاب الأدبي والممارسات الحديثة للكتابة، أم أنه مفهوم نظري قادر على التعبير عن الروابط بين الأعمال الأدبية والأدب كافة؟ وهل هو ظاهرة من بين ظواهر صيغ الكتابة الأدبية، أم آلية حاسمة من أجل فهم جزء جوهري من عملها؟. يتردد النقاد أمام هذه الاحتمالات، وتتشعب الممارسات، وتبقى النظرية غامضة، ثم يقوم المؤلف باسترجاع عناصر الموضوع وبعملية تركيب تاريخية ونقدية لأن الأدب لم يتوقف يوماً عن التذكر وحمل متعة واحدة: هي متعته الخاصة، وذلك عبر التكرار الحزين حيث يتأمل الأدب ذاته في مرآته الخاصة وعبر الاستعادة الهدامة أو المسلية، حيث يقوم الابداع بتجاوز ما سبقه. في الفصل الأول يتحدث المؤلف عن تاريخ النظريات وفي الثاني يصف التقانات المستخدمة ويعالج التفكير حول ذاكرة الأدب وكذلك حول طبيعة مجالها وأبعاده وحركته، بخاصة ضمن آلية المرجعية ـ الإعادة من الأدب وإليه ـ والواقعية ـ أي الربط بين الأدب والواقع ليقدم المؤلف في الفصل الثالث تعريفاً للأدب يأخذ بعين الاعتبار هذا البعد التذكري وأخيراً لتتبدى عندئذ مظاهر التوأمة بين العمل ومجمل الثقافة التي تغذيه وتخترقه بعمق، بكل أبعادها، ويذوب التنافر الموجود في نص التناص في أصالة النص. الكتاب هام جداً للمشتغلين بنقد الأدب على وجه الخصوص أما المترجم فهو الدكتور نجيب غزاوي أستاذ اللسانيات في جامعة تشرين السورية والذي قدم أبحاثاً عديدة في مجال اللسانيات وعلم الدلالة والسيمياء كما ترجم العديد من الأبحاث والكتب منها اللسانيات في القرن العشرين لجورج مونان وآخرها في المعنى لجوليان غريماس. جريدة (14 اكتوبر) 4 ديسمبر 2008
|
|
|
|
|
|