|
رحلة في الأدب السوداني ..عندما يكتب { الآخر } عنا بموضوعية وبصدق
|
رحلة في الأدب السوداني *************************** مقال نشرته جريدة القدس العربية يوم الأربعاء الماضي للكاتب السوري / محمد زكريا ...جدير بالقراءة
تظاهرة ثقافية جميلة عاشتها مدينة برلين في هذا الشهر حيث قدم بيت الشام للثقافة والحوار ندوة ثقافية كانت عبارة عن قراءة معمقة في كتاب الكاتب الفلسطيني محمد شاويش ـ نحو ثقافة تأصيلية ـ (البيان التأصيلي) الصادر عن دار نينوي للدارسات والنشر في سورية عام 2007 قدمها الدكتور حامد فضل الله تعرض فيها لكثير من المحاور والأسئلة المعمقة التي مهدت لحوار غني وهادف ساد الندوة، خاصة أن الحضور كان عربيا شمل كثير ا من الأقطار العربية علي رأسهم الأشقاء السودانيون، الذي تقدمهم الإعلامي البارز الأستاذ حسن عبد الوهاب، الذي شغل مناصب إعلامية كثيرة وكبيرة، وقد عبر الأخوة السودانيون عن كرمهم وباسم جمعيتهم الجمعية السودانية الألمانية للثقافة والتنمية والديمقراطية حيث نظموا محاضرة تسرد نماذج من الأدب السوداني في مقر جمعيتهم بتاريخ 24/2/2008، يقدمها الأستاذ حسن عبد الوهاب الذي قدم جهدا مميزا وملحوظا في استعراض وتحليل نماذج من الشعر السوداني ، وسياق تطوره والمراحل التي مر بها، لم يتردد الأستاذ حسن عبد الوهاب بحسم موضوع الهوية السودانية والتي تشكل هاجسا ومحورا ذا إشكالات معقدة ومركبة بين العروبة والأفرقانية، حيث حسم الموضوع لصالح الثقافة العربية كعامل له تأثيره علي مراحل الحياة والثقافة في تاريخ السودان قبل فجر الإسلام، حيث استدل بذلك بسرد الكثير من السمات والقيم العربية التي تمثلها السوداني ومنها الكرم والشجاعة والإيثار، كما انه بدا التأثير واضحا علي تمثل الكثير من الشعر الجاهلي كنموذج احتذاه الشعراء مما يمكن اعتباره المرحلة الكلاسيكية أو التقليدية في الشعر السوداني ومنها أن يبدأ الشاعر قصيدته بالغزل، كما كان الجاهلي يقف علي الأطلال ويتشبب بصاحبته وهكذا ساد نمط الشعر المقفي الذي سار علي النمط الجاهلي ، الذي مثله الشاعر الفحل محمد سعيد العباسي ، وقد عبر الشعر السوداني بالفترة التي أعقبت الاستقلال عن التحامه بالعروبة وقضاياها والتعامل معها، ومنها التفاعل مع الأحداث التي ألمت بالمنطقة فها هو محمد سعيد العباسي ينفجر غضبا علي المستعمر الفرنسي الذي قصف دمشق بالأربعينيات بقصيدته المشهورة. صبرا دمشق فكل طرف باكِ لما استبيح مع الظلام حماك جرح العروبة جرح سائل بكت العروبة كلها لبكاكي وقرأت في الخرطوم آيات الآسي وسمعت في بيروت أنة شاك وفي فترة ما بعد الاستقلال نما في السودان احساس أعمق بالانتماء الأفريقي كركن أساسي مكون في الحياة السودانية وطغي علي السطح تيار انبري له مجموعة من الشباب كونوا ما يسمي بمدرسة الغابة والصحراء، عبر عن هذا الانتماء الأفريقاني كعامل لا غني عنه في حياة السودان شعراء ممتازون منهم: النور عثمان ابكر، محمد المكي إبراهيم، محمد عبد الحي، وفضيلي جماع. تميزت هذه الفترة بانفعال شعراء اليسار والشيوعيين علي وجه الخصوص بالتعبير الشعري عن الثورات التي حصلت في العالم ، كفيتنام، وحركة عدم الانحياز حيث كان السودان نفسه جزءاً منها ، وهنا أيضا تميز السودان بخاصية ذات نكهة وطعم خاص. مثل ما تكونت الأحزاب في البلدان الأخري بأطياف سياسية مختلفة كذلك كان الحال في السودان لكن تأثير الحزب الشيوعي السوداني كان مبكرا قياسا لبعض الدول العربية، كما كان لجماعة الاخوان المسلمين تأثير كبير علي الحياة السياسية في السودان، بالإضافة للأحزاب القومية التي مثلت ولاءات طائفية. لقد تميزت العلاقات السودانية بالتسامح والود ،السودانيون يتحدثون عن هذا التعايش والتعاون الذي كان يسود خلال النضال ومطاردة الأمن والسلطة للمناضلين في مواراتهم عن أعين أجهزة الأمن ، ويرددون أن أخلاق القمع جاءتهم من الخارج ويتهمون كل الديكتاتوريات العربية برفد السودان ونظامه بأخلاق الطغمة والاستبداد، من الحوادث ذات المغزي المعبر، أن بعد الاستقلال زار وفد من الحزب الشيوعي السوفييتي، الحزب الشيوعي السوداني ويومها سأل السيد عبد الرحمن المهدي عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي ـ ود يا محجوب انتم فقراء وضيوفكم عاوزين تضيفوهم ازاي. فقال له: سنقدم لهم شاي وقهوة . قال: دول يا محجوب تجيبهم عندي عشان نقوم بالجواب. وهكذا ذبحت الذبائح واحتفل بوفد الشيوعيين بكرم في بيت رجل الدين والزعيم السياسي عبد الرحمن المهدي الذي هو ابن المهدي وزعيم طائفة الأنصار المهدية. هذا هو السودان حالة من الحب والجمال وتماهٍ بالثقافة العربية، حالة من الصوفية بالتعامل مع الإنسان وقد لعبت الصوفية دورا كبيرا بالتأثير علي الثقافة السودانية والشعر السوداني. ولو أمعنا النظر في هذه الأبيات من قصيدة العودة إلي سنار التي تعكس رأيا في الهوية السودانية كما يراها رواد مدرسة الغابة والصحراء. العودة إلي سنار: بدوي أنت لا من بلاد الزنج لا أنا منكم، تائه يغني بلسان ويصلي بلسان هذا هو السوداني الذي ينشد الحياة، حديقة بها كل شيء قابل للتفتح والازدهار، ومن القصائد الغزلية التي يرددها السودانيون قصيدة الشاعر الكبير صلاح أحمد إبراهيم: يا مارية يا مارية ليت لي أزميل... فديافس... وروح عبقرية من المؤسف أنني بهذه الندوة بالقدر الذي كنت مفتونا ومحلقا مع حسن عبد الوهاب القدير واللماح وصاحب الدعابة المتزنة بسكبه وصياغته للكلمات والشعر السوداني الجميل، فقد ضيعت بذات القدر فرصة رصد الشعر المتنوع الذي استدل به والذي كان يعبق ويستنهض حس الجمهور أضف إلي ذلك الألق الذي أسبغه الدكتور حامد فضل الله علي الندوة وإدارتها. جميلاً كان هذا اليوم السوداني. لقد كان يوما للشعر والدفء، وجميل هذا النشاط الذي بدأ يتفتح في برلين، حيث شكل السودانيون دفأه الذي ذوب ذلك الصقيع. ******** محمد زكريا كاتب سوري مقيم في برلين
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة في الأدب السوداني ..عندما يكتب { الآخر } عنا بموضوعية وبصدق (Re: omer abdelsalam)
|
استاذ عمر عبدالسلام سلامات: فترة طويلة لم نتلقي فيها (اسفيريا) وها انتا اليوم تعطرنا ببوست/ اعتقد اقلية المثقفين والمهتمين باشكالية الهوية والمشهد الثقافي السودان في اشد الحوجة اليه كثيرا طرحوا السؤال حول اسهمات السودان الثقافية في المحفل الاقليمي ولكن الاسئلة ما زالت برسم الاجابات/ بنظرة عامة فانك ستلاحظ بان الاسماء السودانية في الفضاء العربي والافريقي اكثر من شحيحة باستثناء الروائي العالمي الطيب صالح والشاعر الفيتوري ولحد ما مصطفى سند والبرفسور شبرين والصلحي والدكتور راشد دياب وقليلون اخرون/ اذن علي المهتمين بامر الثقافة السودانية العمل عن كثب وبجهد كي يكون لنا مكانا بين شمس المعرفة/ مع فائق القبول والاحترامات..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة في الأدب السوداني ..عندما يكتب { الآخر } عنا بموضوعية وبصدق (Re: omer abdelsalam)
|
أخي عمر عبد السلام
لك التحية والتقدير على هذا البوست الرائع عن الأدب السوداني في عيون الآخرين، واستوقفتنى قصيدة (مرية) للشاعر الراحل صلاح أحمد ابراهيم، وكنت قد حضرت قبل فترة تكريما للشاعر السعودي محمد العلي أقامته اثنينية عبد المقصود خوجهبجدة، استهل فيها الشاعر محمد العلي كلمته بقراءة هذه القصيدة كاملة، وقال ان هذه القصيدة كاتنت مفتاح تحوله من الشعر العمودي الى الشعر الحديث، فالأدب السوداني في المحيط العربي له اسهاماته المقدرة، علينا أن نسبر أغوار هذا الوجود السوداني لنوثق لهذا الحضور السوداني في المشهد الثقافي العربي ونظرة الغير لنا عبر مثل هذه البوستات الرائعة
شكرا أخي عمر
سيف الدين عيسى مختار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة في الأدب السوداني ..عندما يكتب { الآخر } عنا بموضوعية وبصدق (Re: omer abdelsalam)
|
Quote: علينا أن نسبر أغوار هذا الوجود السوداني لنوثق لهذا الحضور السوداني في المشهد الثقافي العربي ونظرة الغير لنا |
شكرا لمرورك اخي / سيف الدين نعم نحن في حاجة لذلك ...يقولون عنا اننا في حاجة ايضا الى شوية { لحلحة } ليصل فكرنا وأدبنا الى الآخر .
Quote: فها هو محمد سعيد العباسي ينفجر غضبا علي المستعمر الفرنسي الذي قصف دمشق بالأربعينيات بقصيدته المشهورة. صبرا دمشق فكل طرف باكِ لما استبيح مع الظلام حماك جرح العروبة جرح سائل بكت العروبة كلها لبكاكي |
اخي سيف لوتكرمت ان توضح لنا صحة المعلومة التى تسائل عنها الزميل / كمال على الزين بان القصيدة اعلاه للشاعر العباسي قد تكون للشاعر أحمد محمد صالح . ماهي الحقيقة ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة في الأدب السوداني ..عندما يكتب { الآخر } عنا بموضوعية وبصدق (Re: omer abdelsalam)
|
أولا القصيدة التي جاء في مطلعها عذرا دمشق، أظنها لأحمد شوقي ثانيا لا شعر المتعوربين ولا طول إحتماءهم بالشعر الجاهلي بقادر علي حسم هويتنا هويتنا علي الأرض قائمة منذ آلاف السنين قبل أن يكون للعرب لغة وشعر وحضارة وأسخر ممن يقول أن الكرم والشجاعة سمات للعرب لا للإفارقة وأستكثر الرد علي ذلك
يقول المثل الأفريقي أن بقاء جذع شجرة علي الماء لعشرة لن يجعل من تمساحا
| |
|
|
|
|
|
|
|