|
و خبأ نجم تلألأ كمال عبادي يرحل دون استئذان
|
إبراهيم علي إبراهيم المحامي واشنطن ،،
لم تعد لنا مساحة للحزن ، ولم يكن لنا متسع من الوقت لوداع حبيبنا الراحل المقيم في قلوب الجميع كمال عبادي ، لا لأنه لم يكن لدينا استعدادا للحزن ، ولكن لأن احتفالنا بمعرفته وزخم علاقتنا به وألقها وعنفوانها لم ينته بعد ، كما أن كمال عبادي لا يترك لك مساحة للحزن حتى في رحيله ، فهو لا يترك إلا صوراً خالدة من البهجة والفرح والإحساس المتدفق بالحياة ، كما أن كمال عبادي عادة ما ينسحب من مجالسنا دون استئذان.
كنا دائماً نلتقي على الدعابة وحب الوطن ، أو قل : هكذا كان أسلوبه في صنع الصداقات ، وهكذا يكون الأصحاب. وطغت على صداقتنا سعة قلبه الفسيح وترحابه الدائم بنا كشيخ للسودانيين. يستضيفك قلبه المليء بحب الناس قبل أن ترحب بك يداه الكريمتان. فقد كان عادلا في صداقاته وفياً لها ، وكريماً بين أهله ومحبيه.
نادرا ما تجد إنساناً يجمع في جوانحه وشخصه كل هذا الكم الهائل من العلم والمعرفة مثل ما فعل كمال. فقد كان رجل لمّاح رهيف الفكر ، رائع الحضور ، يقطر ذكاء ، ويتقاسم معرفته مع الناس كما يتقاسم خبزه. فقد عرفناه مجيداً في تقسيم حضوره بين فئات الناس ، وبارعاً في توزيع حبه بينهم.
كان كمال كالعطر ينتشر مع ذرات الهواء أينما حلّ ، وحيثما كان يضيء ليالي واشنطن ، تلك المدينة التي عشقها ومات فيها. كان خفيف كالظل الطويل ، شامخ كترهاقا ، يحكي في فرح و تجلجل ضحكاته في المكان. يعبر المسافات بين الأصدقاء كالرواق ، وينصرف في خفة بالغة كظل الضحى!
كان كمن جاء مستعجلا إلى هذه الحياة ، طوى الأيام كعود ثقاب ، مسرعاً كشهاب خاطف ، مخلفاً ورائه رياحاً من الحزن. لن أستطيع أن ارثي كمال كما فعل أصدقائه من قبلي ، ولكن أخي كمال اسمح لي أن أقول لك بكل تأكيد: "إن ابتسامتك وضحكاتك المجلجلة قادرة على اختراق اصعب جدران النسيان".
= ألا رحم الله كمالا و أنزله منزلة الصديقين والشهداء =
|
|
|
|
|
|