في ذلك اليوم الخريفي كنت عائدا لتوي من محكمة جنايات كوستي حيث كنت اترافع في احدى قضايا القتل العمد التي روعت اهل المدينة في ذلك العام من بداية التسعينات، وفي طريق عودتي توقفت امام المكتب التجاري لعمي المغفور له باذن الله علي احمد كيلا الذي اشتهر بنوادره وتزمته في الكرم وكريم الاخلاق السودانية. وكان عمي جالسا على كرسيه ممسكا بكتاب "المسيد" للاستاذ الطيب محمد الطيب الذي صدر لتوه. وكان كتاب المسيد قد احتوى، اضافة الى سيرة وتاريخ الخلاوي والمسيد واثرها في التربية الاسلامية السودانية، على سيرة بعض القبائل والعشائر السودانية. وكان من بين تلك العشائر التي ورد ذكرها وتقصي شجرة نسبها وهجراتها داخل السودان مجموعة الجابراب الجعلية ، ومسيرة اولاد الشيخ جابر البولادي الذي درس القرآن في مناطق الجعليين والشايقية في شمال السودان، ثم قصة نزوح احد اولاده الى منطقة امسنط واستقراره بها ( ورد ايضا في طبقات ود ضيف الله انها جزيرة امسنط قرب مدني). وكان عمي علي كيلا منتشيا لورود هذه المعلومة وتوثيقها في هذا الكتاب المهم، وكان يضع علامة على تلك الصفحات حتى يسهل الرجوع اليها عندما يتحدى احد زائريه مفاخرا ومتحديا ان كانت قبيلته مذكورة في كتاب المسيد.
كتاب المسيد هو الثاني من حيث الاهمية بعد كتاب طبقات ود ضيف الله في البحث الشعبي لتوثيقه لسيرة وتاريخ الخلاوي والمسيد في بقاع السودان المختلفة وتتبع دورها في التربية السودانية الاسلامية. والثيمة الاساسية للكتاب هي تقصي تجربة المسيد نفسها والبحث عن جذورها عربيا وافريقيا، حيث نتلمس من خلال هذه السيرة صيرورة بناء الثقافة السودانية الاسلامية وتأثيرها على الشخصية والعقل السوداني، التي ربما تجاهلها الكثيرون رغم اهميتها لكل دارس في فهم قضايا التنوع الثقافي في السودان وخلفيتها.
المطلع على كتاب المسيد سيجد جهدا عظيما تقول مقدمته انه استغرق اكثر من ربع قرن في البحث والتقصي والجمع، واخذ سفرات طويلة لدول كثيرة منها اليمن ودول الخليج العربي وتشاد وموريتانيا ونيجريا وغيرها من الدول. اعادت دار "عزة للطباعة والنشر" نشر الكتاب في عام 2005 ، ولكن لم تشر هذه النسخة الى الاصدارة الاولى للكتاب التي كانت في بداية التسعينات على ما اظن.
الاستاذ الطيب محمد الطيب كان محظوظا نحسده على ما توفر له من موهبة ونشاط ذهني وقاد ساعده على تحقيق حصاد وافر من معرفة لصيقة بمكنون هذا التنوع الثقافي دون تظاهر، ومعرفة ثرة بز بها اقرانه وأبناء جيله من حملة الشهادات العليا والدرجات العلمية الرفيعة بصورة جعلت منه مرجعاُ شعبيا دون منازع في التاريخ الشعبي. واذا كان السوادانيون متهمون بأنهم لا يعرفون بعضهم البعض فقد ألمّ الطيب بمعرفة تامة بنسيج المجتمع السوداني واصوله وخبر مكوناته،وتلك معرفة لا يلقاها الا المحظوظون. اللهم ارحم فقيد الامة الاستاذ الطيب محمد الطيب بقدر ما قدم من خدمات جليلة لشعبه، وبقدر ما حفظ لاهله من جذور وانساب ومدعاة للتفاخر.
يا وطن يا نيل يا سامى احبك يا من وهبت لى حياتى ياغالى واتمنى اشوفك دايما فى العلالى فى سلام لا حروب لا قتال لاشمال لا جنوب لا شروق لا غروب نعيش فى سلام نبى مجدك يا بلادى شعب واحد للعلاء سائر ونطوى صفحة الماضى ونعيد مجدك يا بلادى هيا يا شباب نبى سودانى ونقول وداعا للماضى لا دنقلاوى لا شايقى لا دنيكاوى كلنا شعب واحد ضدى الاعادى ويصبح سودنا فوق فى العلالى ونبى مجدك يا سودانى
أخى العزيز إبراهيم
بفرحة قدومك الميمون أهديك تلك القصيدة المجذوبيه.... واعرف أنك تحمل فى دواخلك وطن خيّر ديمقراطى... أخوك أسامه خلف الله
02-22-2007, 09:03 AM
Ahmed Yousif Abu Harira
Ahmed Yousif Abu Harira
تاريخ التسجيل: 10-19-2005
مجموع المشاركات: 2030
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة