|
الشاعر يوسف الحبوب لـ " ثقافة الاضواء "
|
الشاعر «يوسف الحبوب» لـ «ثقافة الاضواء»
الحداثة هي اللحظة ذاتها وما بعدها اللحظة القادمة
متأمل واحد برؤية ثاقبة لقصيدة باهرة يمثل اغلبية
لابد ان يكون هناك تحول حقيقي نحو احترام الذات باحترام الآخر
حاوره: الصادق الرضي
من الاصوات الشعرية التي ظهرت في النصف الثاني من ثمانينات القرن المنصرم، لم يطالعه القراء الا من خلال ما نشر بالصحف والمجلات الثقافية المختلفة، وله مشاركات عديدة في مهرجانات شعرية وثقافية بالعراق والاردن، التقينا به في اجازته الاخيرة، التي امضاها بيننا، قادماً من سلطنة عمان حيث يقيم ويعمل، حول عدة محاور فالى هناك:
تقيم وتعمل خارج البلاد، منذ فترة، ماهو اثر الابتعاد عن الوطن فيزيائياً، بالنسبة للمبدع من واقع تجربتك؟ واجهتني اسئلة صعبة وغاية من التعقيد خلال سنوات الغربة الاولى لكنني ازعم بأنني تغلبت عليها في تجربة شخصية جداً جعلتني الجأ الى التأمل ولك صديقي الصادق ان تتخيل وانت تحمل كاميرا فوتغرافية وتديرها بالاتجاه الذي تهوى ثم تبدأ عملية Fucafing ... عندها الصور ستكون لديك اكثر دقة واقرب الى الوقع عن عدم الالتفات اليها وانت في قمة اللهاث اليومي.. هكذا يبدو لي او قد تكون محاولة لتجميل المنظر والرؤى او تبريرها الا انه في جميع الاحوال لا يخلو الامر من اعادة صياغة الاشياء برؤية من خارج دائرة الفعل اليومي ولا يخلو الامر ايضاً من التأمل الهادي لمنتوج وطن باكمله برموزه وشخوصه وتجاربه اجتماعياً، ثقافياً، سياسياً.. بما في ذلك منتوجك الشخصي وقد تكتشف كمية من الحنين الهائل لاشياء بسيطة اصيلة كانت غائبة عنك وانت داخلها.. اعتقد ان من العبث اهدار الوقت في الغربة بالتفكير خارج الاطار الذي اتحدث فيه لذا لا تجدني الا عائدا اتأبط افكاراً شتى ومحاولات لسبر اغوار التخريب في سبيل نقاء اكثر ونضج اقوى. ايضاً تلاحظ الهجرة التي حدثت لمبدعين ومثقفين سودانيين مؤخراً نعتقد انها لم تثمر ثقافياً كما حدث مع مثقفين ومبدعين شوام.. ومغاربة .. الخ.. تعليقك؟ لا اشاطرك الرأي بل على العكس من ذلك فلو تأملنا تجربة السودانيين المبدعين الذين هاجروا لدول الخليج وهي اقدم الهجرات لتراءى لنا كم هائل من الابداع الجيد للمتلقي العربي ولك ان تنظر الى الملاحق الثقافية في الصحف الخليجية.. والملتقيات الفكرية والادبية هناك.. بل لك ان تتجول في معارض الكتاب الشهيرة - معرض الشارقة، ابوظبي، مسقط.. الخ لوجدت ان المبدع السوداني المهاجر تزين كتبه واجهات المعارض.. انظر ماذا كتب النقاد العرب عن صديقنا امير تاج السر.. وكيف احتفت به دار جمل للطباعة والنشر بالمانيا!! وما يكتبه سامي سالم من امريكا. او الرواية التي (يشتغل فيها مجئ فضل الله بكندا.. معارض التشكيل للفنانين المهاجرين. الصحيح ان الهجرة كانت قسرية لظروف شرسة وهجمة يومية لاقصاء الآخر.. بقى من بقى وهاجر من هاجر وهم الغالبية ولعل غالبيتهم يضعون الاسباب الحقيقية لهذا التهجير الجماعي في الشتات نصب اعينهم لذا يعمدون الى التحول سواء من خلال فعلهم اليومي الاخاذ او من خلال نتاجاتهم والتي برؤاها العميقة وبدافع الرغبة في هذا التحول تتجلى في هذا الكم الهائل والمميز من الابداع.. لذا استطيع القول بكل اطمئنان ان الهجرة اثمرت ثقافياً واني ابشركم بهذا التحدي القادم... على الرغم من ان يوسف الحبوب اسم معروف في الساحة الشعرية وصاحب انتاج موزع على الصحف والمجلات ولكن لم يعرف كتابه الاول الطريق الى المطبعة حتى الآن.. ماذا هناك؟ لا شيء سوى الاحباط المستمر.. الكراسات الشعرية والمخطوطات.. والمشاريع كثيرة لكنه الاحباط.. اللهاث اليومي الدائم هو الذي يوافي ارواحنا باستمرار.. كيف نتخلص من ذلك الشيء الرابط تحت نوافذ اعيننا وتحت مسام الاحساس.. احاول الخروج من خناق هذا الاحسار والافكاك انه الحصار. الحرائق تتصدر وقتي وتبادلني اطلاق النار علىّ يتحول لوني في برق مسرع الى لون النار يتآكل مابي.. مابي يأكل مابي مابي يأكل مابي.. ومابي يأكل مابي ومابي يأكل مابي مابي يتآكل.. ي.. ت.. آ.. ك.. ل لا شيء اذاً فكل الكون حرائق وهذا الوقت حصار. هنالك بعض القصائد تمد اليك لسانها.. فتتراجع بحثاً عن توأم لهذه القصيدة وهكذا تبقى هواجس التجويد كما اوصاني بذلك صلاح احمد ابراهيم.. لا نتعجل.. ولنجعل الصدق وحده ينداح ويكون دفتي كتاب. ثم حتى اكون اكثر صدقاً اقول لك تواجهني مشكلة الارشفة وكأنني ابن جيل المشافهة وهذا تأخر حقيقي.. قد اعطيك قصيدة جديدة وهي النسخة الاصل والوحيدة لدىّ واذهب.. ثم بعد فترة احاول استجماع ماهو موزع بين الاصدقاء وقد افلح الا انني في اغلب الاحيان افشل في ذلك.. الآن يلح علىّ الشيب والتجربة والغربة والاصدقاء لذا ادفع الآن بكراسة شعرية الى المطبعة فدعنا نرى ذلك الى اين يقود. اثير جدل كثيف حول آفاق ما بعد الحداثة في الكتابة الابداعية.. ماهو تصورك الخاص لمفهوم «الحداثة» وماذا عن قصيدة النثر كقالب فني اثار الكثير من الجدل؟. دعنا نبدأ قبل الجدل من حيث بحث امر الحداثة ذاتها.. وهذا يوصلنا الى مفهوم ارى انه حقيقي في مسألة بحث آفاق ما بعد الحداثة... فنحن نتابع الحداثة من تحولاتها التي لا تتوقف وعدم توقفها هو الذي يشيء بولادة ما بعدها اي ما بعد الحداثة واذا كنا بهذه النظرة في تتابع مستمر لتحولات الحداثة التي لا تتوقف فاننا دون شك لا نتوصل ابداً الى القبض عليها.. او ما بعدها.. الحداثة هي اللحظة ذاتها وما بعدها هي اللحظة القادمة بعد قليل والتي بعد برهة تتحول الى اللحظة ذاتها.. اذا نحن نتحدث عن الطائر الموجود في كل مكان ولا مكان وعندما نريد ان نقبض عليه حياً فانه يفتح جناحيه ويطير متحولاً الى قبضة من المقاطع والحروف واللوحات و.... ولكي لا ندخل في المتاهة المفهومية دعنا نقول بان آفاق ما بعد الثقافة تنجلي بصبغتها ظاهرة شمولية ويمكن القبض على جوانبها في مختلف الحقول الاساسية للمعرفة دون ان يكون من السهل علينا ان نتوصل الى وحدتها او القبض عليها كوحدة اي بمعنى آخر ان الحداثة وما بعدها قد اصبحت حالة نفسية فنية تتواجد في كل الازمنة والعصور.. فشكسبير كان حديثاً في وقته او قل ان الحداثة تجسدت في شخصه مثلما تجسدت في ديستوفسكي او بودلير او رامبو او ابي تمام او المتنبي.. او محمد عبد الحي... وهكذا نسعى بنفس السياق ما يستمد من التوتر الابداعي وحساسيته التي تكون جدار وافق ما بعد الحداثة.. وفي نفس السياق اؤمن تماماً بان من يعتقد بانه يكفي ان نكون احدث من حيث الزمن لكي نكون اكثر حداثة ممن سبقونا، هذا هراء وهو لهاث وراء اللحظة... وهكذا كل من يرى ويعتقد بان كل لحظة افضل من سابقتها لمجرد انها اتت بعدها.. ولذلك اصبح البعض يحتفي ويتمسك بالصراعات الجديدة كلما ظهرت ثم يتخلون عنها بنفس السرعة اذا ما سقطت او انصرفت الانظار لها.. ان حداثة اللحظة لا تكفي وانما ينبغي ان تكملها الحداثة الفنية او الابداعية اي عمل حقيقي، انجاز باهر وعبقري. هكذا يمكن ان نكون فهماً واضحاً لا لبس فيه لقصيدة النثر فلا جدال اذاً من كونها كائن شعري يحمل بين طياته حياته او مماته باقتراب صاحب التجربة من العبقرية والابداع الحقيقي او اغترابه عن هذه المكونات.
انتشرت مؤخراً مقولة عن ان العصر عصر الرواية... في اشارة الى انحسار الاهتمام الجماهيري بالشعر.. ما رأيك.. لا اعتقد ان الشعر زعيماً متسلطاً وارهابياً لدولة من دول العالم الثالث حتى تلتف حوله جماهير، مأجورة، او مجبورة.. وبعد انقلاب لزعيم اكثر تسلطاً وقبحاً وارهاباً تنفض عنه الجماهير لتلجأ للالتحاق بالزعيم الجديد.. الشعر يبقى.. اقتربنا او ابتعدنا منه.. الصحيح ان الحكي او القصصية هي التي تدور دورتها الآن انظر احداث العالم من حولك.. لا تتصور الا حكايات.. 11 سبتمبر افغانستان.. العراق.. الـ .. الـ كلها احداث بها من الدراما والتسلل.. والرواية الكثير لكن هل يتساوى ذلك مع قصيدة واحدة لعزاباوند.. فالشعر يظل لصيق بجلدة احساسنا الداخلي.. وكلنا يحتاج الى النظر الى ما بداخل جلدنا من احساس لذا لن ينهزم جماهيرياً.. ان متأمل واحد برؤية ثاقبة وعميقة لقصيدة باهرة.. يمثل بالنسبة لي اغلبية.. اليس كذلك.. الشعر مخلوق خاص ولديّ احساس بانه لا يمكن ان يقال ان الشعر جماهيري او دون ذلك.. فهو مملكة وكيان قائم يراه الجميع شاءوا ام ابو هو مملكة يدخلها القديسون والانقياء وايضاً اصحاب الاحلام الخائبة..!! والمجانين.. واحياناً الممتعضين من افعال النقاد. قبل مدة قصيرة (اتت الجماهير متراصة ولا مكان لموطن قدم للاستماع الى عبد الرحمن الابنودي.. ماذا نسمى هذا؟).
اعلنت الخرطوم مؤخراً كعاصمة للثقافة العربية في 5002م كيف تتصور ان يكون المشهد؟ اذا كنت تريد ما اتمناه فهذا شيء آخر اما ان كنت تريد غير ذلك اقول انه يجب ان نتحلى بالكثير من الشجاعة لكي نشخص الحالة.. كيف نحتفي بالثقافة في الخرطوم والحكومة القائمة الآن تقصي الآخر فقط جراء اختلاف منظوره الثقافي بل تسحبه ليبقى رهن الاعتقال.. هذا ولا يزال كان سلوكاً له مبرراته في ادبيات من هم وراء الحكومة واعتقد ان تلقف الدولة لهذا الامر وثرثرتها حوله الا محاولة بائسة لتجميل وجهها في وقت واحد نعلم جميعاً انها ضد الثقافة والمثقف.. ضد الابداع وحتى لا نبتعد عن سياق الدول الاخرى نحاول ان نحتفي بشكل بدائي ومخجل بالثقافة اذ تتبنى الدولة الرسمية هذا الحدث دون جعل الامر للجهات ذات الاهلية ودعمها من جانب الدولة وترك الامر في التخطيط والادارة.. يبقى المسألة محصورة في محاولة للتجميل.. ان الامر تعدى مجموعة «ترامس شاي» في برنامج ايام لها ايقاع لابد ان يكون هنالك تحول حقيقي نحو احترام الذات باحترام الآخر وبالتحول الديمقراطي ودعم رؤى السلام العادل والحقيقي وتنمية قدرات المواطن الثقافية والشروع في بناء حقيقي للبنيات الاساسية للثقافة ودعم الكتاب والغاء الجمارك والرسوم على كل مدخلات الانتاج الثقافي.. كتب.. اخبار.. طباعة.. سينما.. هذا هو الاحتفال الحقيقي اما غير ذلك فمؤامرة ليس الا.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الشاعر يوسف الحبوب لـ " ثقافة الاضواء " (Re: Alsadig Alraady)
|
الشاعر الرقيق الصادق الرضي
ليتنا من نورٍ لنغفر ..
أسكن الله والدكم جنانه الخالدات والصبر الجميل بقلبك مستقر ..
هنا بعضا من قصائد يوسف الحبوب ( خرائط لمفردات القصيدة )
(1) المغني
صوتٌ يزدهي بصداه الجميل مبعداً عن خيالاته كل الكتل الواجفة يقرب لون الضحى لوحة فوق صمت الأصيل مبحراً خلف ذاك الأثر تذكرته فجأة .. أي صوت نبيـــل ..
(2) عـادة
تبادلني في المساء بهجتي باحتشاد السهر .. أعدل في مناخ المزاج مرةً باشتهاء القمر .. ومرةً باصطفاء السفر .. وعند رقبة الصباح أقاوم النعاس والوظيفة فأين مهرجان الغناء ؟؟ أين ذكريات المساء .. ؟؟ وأين .. أين المفر ؟
(3) انتشاء
أن تملأ رئتيك بالزهو غناءً وحدك تشمخ كالطود كالـ (أ ) وقوفاً وأنت تنحاز الي المنتظرين الفتح الي عافية النوم حروباً أخرى ستظل تحاك عليك فاسمح للرئة اليمنى أن تتنفس بالصبر وباليسرى أن تترنم بالزهو غناءً ولا باس إذاً .. أن نتدبر أحوال الطقس تغضّن وجهك بالغربة تعرّق ساعدك الأيمن للحب وصحت : بــــــلادي …!!!! أضلاع النيل تنادت وأكتمل الضوء تكاثر في أغصان القلب وانتشر الزهو غناءً في الطرقات ..
__
كدا كيف يا الجندرية ..
رحمابي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الشاعر يوسف الحبوب لـ " ثقافة الاضواء " (Re: AlRa7mabi)
|
انا لله وانا اليه راجعون يا رحمابي واللهم آمين ثم الشكر الجميل على نصوص يوسف الحبوب وعلى اطلالتك الفاعلة وكانني يا جندرية تصورت انك اول من سيقرا الحوار ، دام عشقك للشعر واضم صوتي لصوتك عسى ان يكون الحبوب بيننا ليتواصل التواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الشاعر يوسف الحبوب لـ " ثقافة الاضواء " (Re: الجندرية)
|
عزيزي الصادق شكرا على نشرك الحوار هنا . استمتعت جدا بقصائد الحبوب ، وقرأت اجاباته على أسئلتك بتعمق . أضم صوتي الى صوته فيما قال عن عاصمة الثقافة . للحق ... أضحكتني مسألة "ترامس الشاي" !! فعلا ، يبدو أن الأمر لن يعدو ذلك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الشاعر يوسف الحبوب لـ " ثقافة الاضواء " (Re: Alsadig Alraady)
|
الغياب ، الاغتراب ،، الرحيل وأشياء أخر ، تحرمنا من متابعة ما يؤسسه جيل النباهة الابداعية السودانيين الموزَّعين على الأطالس شعراً وروايةً ولوحةً تشكيلية .. مسرحاًوأغنية . هذا الجيل الذي يمشي واثقاً وهو يحقق مشروع المجذوب الحالم بجيل يجعل من الكتابة هماً متتابعاً ومشغولية كبرى . أشكرك ياالصادق على هذه الإضاءة التي عرّفتنا بالحبوب . واشكر ، كذلك، المبدع الآخر الرحمابي على انزال القصيدة الجميلة . وأضم صوتي للجندرية متمنياً امدادنا بمزيد من ذاك الألق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الشاعر يوسف الحبوب لـ " ثقافة الاضواء " (Re: Alsadig Alraady)
|
مزيدا من قصائد يوسف الحبوب
أمرأة ممسوســة
الكرات الملونات يتدحرجن من علٍ باتجاهي هل أركوض؟؟ الحدائق الجميلات .. يعطرن قميصي الأبيض والمنديل .. هل أجلس ؟؟ الأغنيات الناضرات .. يشرحن صدر قلبي للنبوءة هل أرقص ؟؟ النجوم اللامعات .. يسقطن بانبهار على عرشي فهل أحي العلم القصائد المدهشات .. يتوزعن كفراشات الحقل حولي فهل أغني النشيد الوطني ؟؟
ها .. إمرأة ممسوسة جعلتني أهذي فهل عرفتم ما أعني
| |
|
|
|
|
|
|
|