|
سعادة «محمد احمد السويدي» لـ«ثقافة الأضواء»
|
الأمين العام للمجمع الثقافي ـ ابوظبي والشاعر سعادة «محمد احمد السويدي» لـ«ثقافة الأضواء» ما ترجم من عهد المأمون الى الآن اقل مما نشر في اسبانيا في عام اننا لا نفكر في حلول آنية انما نفكر في حلول استراتيجية العرب والمسلمون لعبوا دوراً مهماً في ربط القارات الثلاث بشبكة طرق هائلة
حاوره: الصادق الرضي بدعوة كريمة من المجمع الثقافي ابو ظبي ، كنا حضوراً بمعرض ابو ظبي الدولي الرابع عشر للكتاب الذي اقيم في الفترة ما بين 7 ابريل - 61 ابريل 4002م ، حيث شهدنا عن قرب انجازات هذا الصرح الثقافي البازخ ، يقف خلف مشاريعه الطموحة مخطط ثقافي صاحب رؤى متقدمة وبعد استراتيجي وهو بجانب ذلك شاعر مطبوع وذائع الصيت ، كان لابد من مقابلته مخططاً ثقافياً وشاعراً. بحاضرة «ليوا» واحة في قلب الصحراء ، حاضرة ذات حضور تاريخي خاص جرت مقابلتنا مع سعادة محمد احمد السويدي الشاعر والامين العام للمجمع الثقافي. نريد بعض الضوء حول تبنيكم لمشروع الترجمة العربية كما اعلنتم في المؤتمر الصحافي عقب إفتتاح المعرض، ايضاً حول الموسوعة الشعرية وإمكانية انتاجها ورقياً؟ ـ بداية فيما يتعلق بمشروع الترجمة العربية هناك فجوة كبيرة وخلل كبير في هذه المنظومة، والأرقام تقول ان ما ترجم من عهد المأمون الى وقتنا الحاضر اقل مما نشر في اسبانيا في عام 2002م فضلاً على ان هناك قراءة تقول ان عدد الكتب التي تصدر لكل مليون في الوطن العربي سنوياً هى اربعة كتب، بينما في المجر قرابة خمسمائة وفي دولة متقدمة كإسبانيا الف«هذه ارقام تقريبية» اذن حجم النشر العربي حجم التجربة العربية لا تتفق مع الثلاثمائة مليون عربي، ايضاً إختصاراً للوقت وجدنا ان العلة تكمن في المؤسسة التربوية، هذه المؤسسة التي يجب ان ترسخ عادة القراءة «من 6 الى 21 سنة»، هذا كلام مختصر لكثير من اللقاءات والأبحاث والعصف الفكري مع كثير من الخبراء في هذا الجانب، لذلك رأينا ان نشجع حركة الترجمة، بل وان نرسي تقليد ان الكتاب لا يتحول الى سوق بمعنى ان لا يقوم الناشر بتقرير ما ينشر وبالتالي تطرح هذه البضاعة وتكون في أحيان كثيرة كاسدة، لأن الإنسان العربي اساساً لم يطلبها فلقد قمنا في المجمع الثقافي بطلب محدد من بعض الناشرين أننا نريد في العام القادم هذه العناوين، بصفة ان لدينا ايضاً «دار الكتب الوطنية» لدينا قراءنا، جرى التعاقد كما يتم بمعارض اوربا وفرانكفورت وغيرها بشكل او بآخر، ان معرض الكتاب ليس هو معرض لعرض الكتب وبيعها، انما معرض للإتفاق حول ما يصدر بعد عام، او بعد ستة اشهر وهكذا، نريد ان نرسخ هذا المفهوم ونلحق بركب العالم، هذا بإختصار شديد ما يتعلق بالترجمة، بقي شئ واحد اردنا ان نكرم عشرة أعمال وذلك بأن نقتني مجموعة 052 نسخة من الأعمال المميزة في هذا العام. الموسوعة الشعرية لن تتحول الى ورق لأنها اساساً نهضت على فكرة استحالة انتاج هذا الكم من الورق ونشره عبر العالم العربي مدارس، جامعات، بيوت. الورق له في الوطن العربي مشاكل كبيرة، اولاً مسألة الشحن ثانياً مسألة الرقابة، لا يزال يعامل الكتاب الورقي كما تعامل المخدرات، القضية اننا لسنا ضد الورق بالعكس ان الوعاء الاول للمعرفة هو الورق، وسيظل الورق ولكن عندما فكرنا في إقامة مكتبة هائلة من آلاف الكتب لم نجد سوى الحل الرقمي وسيلة لوضع هذه الآلاف المؤلفة من الكتب على قرص ونسخة بمبالغ زهيدة جداً وتعميمه على الوطن العربي 0032 ديوان من الشعر، بالإضافة الى 566 مرجعاً من امهات المراجع العربية، من ضمنها «الأغاني» و«العقد الفريد» بالإضافة الى عشرة معاجم، نريد ان تتاح للقارئ في العالم العربي بدولار او اقل، هذه هى الثورة التي نريد ان نحدثها في عالم النشر. الا يخشى على هذه المشاريع من ان تنهزم جراء الأمية الإلكترونية كما انهزم المشروع الثقافي العربي من قبل جراء الأمية على مستوى«فك الخط»؟! ـ بلاشك الأمية الإلكترونية متفشية في الوطن العربي ولكن الذين يراهنون على المستقبل، وهو طبيعة الرؤيوي انني لا ألبي حاجة السوق اليوم، انني ألبي حاجة الطلب بعد ثلاثين سنة من الآن، مشروعي دائماً ارتبط بثلاثين سنة لأنه ليس مشروعاً ربحوياً، ليس مشروعاً يلبي حاجة العقول العربية اليوم، انا اخطط لثلاثين سنة قادمة وعندما بدأت مشروع الموسوعة الشعرية في سنة 5991م وكنت قد حملت تجربة البنوك الإلكترونية، عام 3891م عندما عدت من الولايات المتحدة اقول اننا حين نفكر في حلول لا نفكر في حلول آنية، وانما نفكر في حلول استراتيجية، ومع ارتفاع الهواتف في العالم العربي والحاسوب ومع ارتفاع وسائل النقل والإتصالات التي نعرف بعضها وبعضها لا يزال في الغيب، اقول ان هذا القرص سيحل محلاً كبيراً، وسيزداد المرتادون والمنتفعون به في العقود القادمة، انا اراهن على الأجيال التي لم تتفتح بعد نحن قدمنا ما لدينا وقريباً او بعيداً سنزول تاركين للأزهار الطرية، الأزهار الأجمل منا، فرصة التنفس في مناخ لم يكن متاحاً لنا في يوم من الأيام. اذن نريد بعض الضوء عن مشروع آخر من مشروعاتكم«ارتياد الآفاق»؟ ـ ارتياد الآفاق هو مشروع ينضوي لمشروع أكبر منه نشأ في جامعة«كمبردج» وهو بعنوان«مشروع الشبكة الذهبية» وهو مشروع اساساً يبحث في نشأة المدن منذ اربعة آلاف سنة قبل الميلاد الى انتهاء عصر القافلة، هذه الفترة بالتحديد وفي القرون الثاني عشر والثالث عشر لعب العرب والمسلمون دوراً مهماً في ربط القارات الثلاث، لأول مرة بشبكة طرق هائلة، عندما خرج«ابن بطوطة» في رحلة الثلاثين سنة جاب الآفاق بدون جواز، وكان يمثل الرحالة المسلم الذي ذهب شرقاً وغرباً ليعود بتجربة نقلت الى اسفاره الأربعة او الخمسة في رحلة تكاد تكون الأجمل والأهم في العصور الوسطى، في رأيي ان نشأة المدن هذه التي نرصدها ونحن نرصد بين خمسين الى ستين مدينة بشكل اساسي وتقريباً ثلاثمائة الى ستمائة مدينة بشكل فرعي، فرّعنا في هذا المشروع خرائط الرحالة، وحللنا وفهرسنا المحتويات فذهبت النباتات الى جهة، المباني الى جهة، الأزياء الى جهة، الحكايات الشعبية الى جهة، فأنت عندما تريد سماع الحكايات التي تقام في القدس ستسمعها باللسان المقدسي، وعندما تريد سماع الحكايات بالمغرب ستسمعها باللسان المغربي، وستنتقل في الزي من بلد الى بلد، وكل هذا عبر الخرائط والخط الزمني في اسلوب شيق، ومعرفة فيها نوع من التحبيب الى المتلقي وفي وسائل عصرية سمعية بصرية عبر شبكة الإنترنت. نلاحظ ان المجمع الثقافي كصرح ثقافي سامق لم يهتم بإصدار مجلة ثقافية متخصصة ربما كان من شأنها ان تسهم في اثراء الساحات الثقافية هنا وهناك ـ كانت لنا تجارب وانا اقول ان تجارب المجمع الثقافي ما نجح منها استمر وما تعثر منها اوقف او توقف، ونعترف بأن التجربة التي مضى فيها المجمع الثقافي مضى بنجاحات، وايضاً هناك إخفاقات وهذا واقع العمل الثقافي ووجدنا ان المجلة على الرغم من ضرورتها وإيماني الشخصي بها، الا انها لأسباب لا يسع المجال لذكرها الآن انها لم تنجح، لذلك ابقينا على الأنشطة التي كتب لها النجاح، وفيما يتعلق بالمجمع له ارشيف ضخم بكل الأنشطة التي تمت هى موثقة وهى على شبكة الإنترنت، ويستطيع المرء ان يعود لها متى شاء لكن سوف نصر على ان تكون للمجمع مجلة تليق بهذا الصرح ان شاء الله. هل هناك أي تنسيق بينكم وبين مراكز ثقافية مشابهة في الوطن العربي؟ ـ جرى تواصل مع كثير من المراكز عربية وعالمية، ولكن كلمة تنسيق كلمة«عملة ذات وجهين»، كلمة تنسيق في حد ذاتها كلمة جيدة، ولكن ايضاً هى تحمل في مضمونها نوعاً من الروتين العقيم، كنت في زيارة الى مراكز ثقافية اوربية في لندن وباريس، وكان المركز قرب المركز وكنت اسألهم هل هناك تنسيق بين الأنشطة، فأجاب بـ«لا» لأنهم يؤمنون بأن المعرفة يجب ان تنتج حرّة وتقدم للمتلقي فيختار ان يذهب الى هذا المركز او ذاك. من هذا الباب وجدت ان كلمة تنسيق بين المراكز امر لا يعنيني كثيراً ولكن زيارة المراكز الثقافية في العالم العربي والتعرف عليها والتواصل وتبادل الخبرات هذا امر اؤمن به وسأستمر في تطويره. جرى الإعلان مؤخراً عن الخرطوم عاصمة للثقافة العربية عام 5002م ترى ماهو افق مساهمتكم ضمن مساهمة دولة الإمارات العربية المتحدة؟ ـ هناك الأمر الخاص بتمثيل الدولة سياسياً والممثل السياسي للدولة هى وزارة الإعلام والثقافة التي يرعاها سمو الشيخ اخي عبد الله بن زايد، لا استطيع الإجابة على هذا الشق، ولكن اقول ان المجمع الثقافي سيسهم بتجربته في هذه المناسبة، وسأسهم انا شخصياً بـ«ارتياد الآفاق» الذي ارعاه شخصياً، في أن اكون هناك وسنقدم خلاصة ما انتجناه في شتى هذه الحقول حتى يتسنى لنا مع الأخوة في السودان التعرف على نشاطاتنا المختلفة وتبادل الأفكار حول مستقبل هذه العلاقات. بوصفكم ناشراً ماهى الأزمات المتعلقة بصناعة الكتاب الماثلة وماهى آفاق إدارتها؟ ـ النشر في العالم العربي كما اسلفت القول، علته تكمن في السنوات الأولى للدرس عند الطالب، المناهج التعليمية ليست ذكية بالمقدار الذي يحرضنا على المطالعة عندما ننبت ونكبر لازالت هذه المناهج مقصورة على معرفة«قرن اوسطية» الى ذلك محصورة على معرفة لا تخرج من بيئتها، اضرب مثلاً بسيطاً اقول ماهو الشعر مثلاً؟ في المناهج التعليمية بين السادسة والثانية عشرة حتى في سنين لاحقة نحن لا نتعرف على شاعر بعظمة شكسبير، وهو أكثر شاعر توزيعاً في العالم ولا نتعرف على شاعر مثل لوركا وهو أهم شعراء اسبانيا، كما لا نتعرف على طاغور الشاعر الهندي الكبير ولا نتعرف من شعر الهايكو على شئ وهو شعر تعتز به اليابان والقضية لا تنتهي. السؤال من الذين وضعوا مناهج الشعر في هذه المناهج، وكيف قرروا لنا ان لا يكون مثلاً امرؤ القيس وابو الطيب المتنبي ومحمود درويش الشاعر المعاصر وبدر شاكر السياب ومظفر النواب، وحتى الشعر المحكي الذي يجب ان يقدم، لماذا هذا الخجل من شعر نتداوله يومياً وهو شعر اللغة المحكية، لماذا لا يكون جزءاً من الدرس، لماذا هذا القلق على اللغة العربية من ان تقهر من ان تبعث، والبعث الحقيقي هو صادر من اللغة الإنجليزية التي اصبحت هى المهيمنة والمسيطرة، واصبح المتحدثون باللغة الإنجليزية في الصين أكثر منهم في الولايات المتحدة الأمريكية. لازال هناك قلق كبير من هؤلاء الذين يحرصون على حماية الشئ والتقوقع وعدم الخروج من مغارة إفلاطون ـ اسميها ـ فيظلون في العتمة، ويحكمون هذا الحكم الصارم على أبنائنا وجيالنا القادمة بأن نكون اطفال الكهف، العالم تقدم وتغير وعرف ثورة صناعية وفكرية وديمقراطية ولم يعد يخشى المعرفة، المعرفة مفتوحة كنت ادعو الى قراءة التوراة والإنجيل ليس بحكمها كتباً مقدسة، نحن نقدس القرآن الكريم ونعترف بالتوراة والإنجيل ولكن نقرأ هذه الكتب قراءة تاريخية نعرف ما قيل فيها، اسرائيل لا تعرف عن خصمنا شيئاً لا نعرف عن كتبه وافلامه وادبائه، وهذا في رأيي هروب من التنين الذي تحدث عنه جلال الدين الرومي والذي كان خلف بوابة مغلقة، وقد احتشد قوم وحذروا من هذا التنين الذي سيلتهم أي مخلوق يفتح الباب، فما كان من جلال الدين الا ان يفتح الباب ويجد حشرة فيسحقها بقدميه ويمضي. نريد ان تحدثنا ـ شاعراً ـ عن القصيدة الأولى وبدايات التكوين الإبداعي والثقافي؟ ـ البداية كانت بسيطة يحاكي فيها الهاوي كتابات ادهشته كما يدهش طفل لمرأى لوحة جديدة او مشهد جديد، وبدأ في سلم متدرج الى ان كانت هناك الجرأة في ان انشر نصاً انا برئ منه اليوم، وبعد فترة من العمر تكاد تكون تجربة قد أكملت ثلاثة عقود واقول انني أقف اليوم امام«الكاملوث» الذي وقفت امامه قبل عشرين سنة والتي حاولت فيها نقل الصورة التي لاحت لي في شكل خاطف، ولقد بعثت بدواوين من الشعر وبقصائد هى اليوم في رأيي خربشات لشكل المخلوق الأول، اين انا الآن من ذلك المخلوق اقول إنني في مطاردة لنقل الصورة التي رأيتها ـ نقل الصورة التي لاحت التي تبدت تنزلت، وامامي الآن ديوان جديد سأبعث به للمطبعة اعترف بأنه لم ينقل الصورة بعد، ولكن ما فيه من تصويرات ومن خربشات هى اقرب النماذج وصولاً الى ما رأيت متى سأظل اطارد هذا الكائن لا اعرف، ولكن اعرف انني اليوم اصبحت اسكن نفس الغابة وسوف اقبض عليه. هل يمر الشعر العربي بأزمة.. هل هناك انحسار ما يشهده هذا الضرب من الإبداع، كيف ترى الى واقع الشعر العربي اليوم؟ ـ الشعر العربي اليوم يتراوح بين الهلوسة والإبداع، وهناك نصوص عرفت طريقها الى الصحافة والتلفزيون وهى نصوص لمشعوذين، وهناك نصوص ارتقت بالتجربة الشعرية الى افاق يستغربها الإنسان في زمن ضحل وزمن الهزيمة، فنحن بين«البينين» اقول ان الشعر ديوان العرب كان هذا قبل الراديو والتلفزيون والسينما، ولقد انحسر الشعر بهدوء وسكينة وصمت في كثير من الشعوب وهو ايضاً ينحسر في الوطن العربي، ولكن لا تزال شعلة الشعر المقدسة مضيئة. www.aladdwaa.com
|
|
|
|
|
|