دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
معاوية يس يكتب عن الراحل : التاج مصطفى
|
دمعة حزن على المطرب التاج مصطفى نصف قرن من الإبداع الموسيقي والتجديد في فن الغناء السوداني كتب معاوية - حسن يس: لم أر له نظيراً بين رصفائه المطربين السودانيين في أدبه الجم، وعلمه وفضله، وحلو حديثه ورقة صوته. كان يتلقى الدرس في الفصل نفسه الذي درس فيه قيثارة الشعر العربي في السودان الشاعر التجاني يوسف بشير، في المعهد العلمي بأم درمان، الذي كان نواة لجامعة أم درمان الاسلامية. وحين كتب عليه أن يقتحم الحياة العملية بقسوتها ومرارتها اختار أشق المهن فنياً، إذ احترف إصلاح الساعات في سوق مدينة أم درمان العتيق. ثم تفرغ لمزاولة أعمال البناء، وتخصص في تشييد بوابات المنازل المطعمة بالرخام والحجر والمنقوش. وكان من أميز الذين نحتوا شواهد القبور في أم درمان. ودخل عالم الغناء في وقت كانت الأغنية السودانية تمر فيه بمرحلة انتقالها من عصر "الحقيبة" إلى عصر الآلات الموسيقية وما سمي الحداثة، ورغم شدة التنافس، استطاع أن يرسخ أقدامه، ويفرض أسلوبه، ويحافظ على تفرده وتميزه. إنه الفنان الملحن التاج مصطفى الذي توفي في 21 إبريل/ نيسان الماضي في أحد مستشفيات العاصمة السودانية. وُلد محمد تاج الأقوياء مصطفى، وهذا اسمه الحقيقي، في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني ،1931 في قرية أم مَرّحِي، مسقط رأس جده العارف بالله الشيخ أحمد الطيب البشير. وتنتمي الأسرة إلى قبيلة الجمّوعية، وهم رهط من الجعليين. درس في خلوة (كُتّاب) الشيخ زين العابدين، حيث بدأ حفظ القرآن في السابعة من عمره. ونزحت أسرته إلى أم درمان، واستقر بها المقام في حي كرري. والتحق بعد ذلك بمدرسة العناية، التابعة لمعهد أم درمان العلمي، وهي ما يعادل القسم الصناعي في المدارس الدينية آنذاك. ومكث هناك نحو سبع سنوات، تعلم فيها البناء والتشييد. زاول عدداً من المهن بعد تخرجه، فقد عمل "سروجياً" في مصلحة المخازن والمهمات التابعة للحكومة السودانية، متخصصاً في صنع الأحذية والحقائب الجلدية. وامتهن النجارة، وبعدها البناء الذي يعتبره مهنته الأساسية. وزاول في غضون ذلك عدداً من المهن، منها إصلاح الساعات، وتشييد البوابات الرخامية، ونحت شواهد القبور! وساهم أثناء اشتغاله بالبناء في تشييد عدد من معالم وضروح مدن العاصمة السودانية الثلاث، خصوصاً مبنى كلية المعلمات في أم درمان، ومطار الخرطوم الدولي. لم يكن عسيراً عليه أن يكتشف موهبته الفنية الغنائية، وذلك بحكم نشأته في بيت ديني، تقام فيه ليالي المديح والذكر، وتتردد في أصدائه ضربات الطبول وإيقاعات "الطار"، وأصوات المادحين والمنشدين. ولا بد إلى جانب ذلك - من تأثير قوي تركه المكان الذي انتقل إليه التاج مع أبويه. فقد ارتحلت الأسرة إلى منزل في حي المسالمة، يقع شمال الكنيسة القبطية في أم درمان. كانت مقاهي تلك المنطقة تعج بأصوات المغنين الصادرة من أجهزة الفونغراف. وكانت أشهر أغنيات ذلك الزمان: "زهرة الروض الظليل"، و"في الضواحي وطرف المداين"، و"الساكن جبال التاكا"، و"عبدة ما ينسى مودتك الفؤاد"، و"عزة في هواك"، وغيرها. وكان أبرز مطربي ذلك العهد علي الشايقي وكرومة وسرور والأمين برهان ومحمد الأمين بادى وأم الحسن الشايقية وعائشة الفلاتية. ويشير التاج مصطفى إلى تأثره، في طور اليفاعة، بمغنية حسنة الصوت من منطقة السروراب تسمّى "الرّجا"، كانت تقيم حفلات الأعراس في المنطقة الممتدة من شمال أم درمان حتى مدينة شندي حاضرة ملك قبيلة الجعليين. ولا بد أن سني الدراسة بالمعهد العلمي بأم درمان كان لها تأثير واضح في تكوين المقومات الفنية والأدبية لشخصية المطرب التاج مصطفى. فقد كان المعهد العلمي مكاناً لتخريج العلماء والأدباء. وكانت تمتلئ أركانه بالجدل والنقاش، ككل الجامعات الكبرى في عصر النهضة. وكان المعهد العلمي ساحة معارك مستمرة بين المؤيدين لأمير الشعراء أحمد شوقي، وكانوا أغلبية، والمعارضين له، وكانوا قلة، على رأسهم الشاعر خالد آدم (ابن الخياط)، والشاعر الممثل المؤلف المسرحي خالد عبد الرحمن خالد (أبو الروس). يشير التاج إلى أن من المصادر التي ساعدت على تنمية ذائقته الفنية مشاهدته واستماعه للمطربين الحاج محمد أحمد سرور وعبد الكريم كرومة اللذين يعتبران رائدي فن الغناء الحديث في السودان. ويقول: "كنت متأثراً بالفنان كرومة. كنت أتابع حفلاته التي تقام في الأحياء المختلفة. أما أول فنان أعجبت به من الفنانين الذين يغنون بمصاحبة الآلات الحديثة فهو الفنان عبد الحميد يوسف". وظل يذكر، بحيوية لم يمحها تقادم العهد، حفلة عرس في منزل جيرانهم، أحياها الفنان عبد الحميد يوسف، الذي رافقه يحيى زهري باشا عازفاً للعود. وكانت تلك المرة الأولى التي يشاهد فيها التاج العود. وذهب إلى محل النجار المتخصص في صنع الأعواد عبد الحميد أحمد الحاج، في شارع أبو روف، واشترى عوداً. وكثيراً ما كان يختلف إلى المحل ليطلب من عبد الحميد أن يدوزن له العود. ويقول إنه علم نفسه بنفسه، مبتدئاً بمحاولة عزف أغنية "بنات المدرسة" التي كانت أحد الألحان الشائعة عهد ذاك. وانتقل منها إلى محاولة عزف أغنية "فتاة النيل" للمطربة عائشة الفلاتية. اعتاد التاج ارتياد "نادي الإصلاح الرياضي"، في أم درمان، ليواصل مرانه على عزف العود. وكان أبرز العازفين الذين دأبوا على الحضور إلى النادي الموسيقار برعي محمد دفع الله الذي أضحى أبرز علم في المدرسة السودانية لعزف العود. وحين بدأ التاج يتلمس الإحساس الفني في دخيلته، كان أشهر أساطين الطرب في السودان فضل المولى زنقار وعبد الحميد يوسف وحسن عطية وأحمد المصطفى وإبراهيم الكاشف. هكذا بدأ رحلته الفنية الطويلة بترديد أغنيات ذلك الزمان، مثل "بعيد الدار" و"سمير الروح" و"على النجيلة جلسنا". ولم يكن هناك مكان لممارسة هذه الهواية غير الضوء المنبعث من عمود الإضاءة! أما السبب المباشر لدخوله الإذاعة، ومن ثم ولوجه قلوب معظم السودانيين منذ ذلك الوقت، فقد كان للمصادفة فيه دور كبير. إذ كان يردد أغنيتي الكاشف "أنا ما بقطف زهور خدودك" و"انت بدر السماء في صفاك"، في حفلة زواج في منزل أسرة صديقه الممثل عبد الوهاب الجعفري، كان بين حضورها السيد عبد الوهاب علي أبو عثمان، الذي كان لصيقاً بأسرة مجلة "هنا أم درمان" (الإذاعة والتلفزيون والمسرح لاحقاً)، خصوصاً رئيس تحريرها المبارك إبراهيم . التقاه أبو عثمان أثناء الحفلة، وطلب منه أن يقابله في الخامسة من مساء اليوم التالي بدار الإذاعة السودانية. وهكذا بدأت في عام 1946 مسيرة استمرت أكثر من نصف قرن. أول أغنية اقتحم بها التاج مصطفى عالم الغناء والطرب هي أغنية "فتاة النيل"، للشاعر إسماعيل خورشيد. وبعد أن أداها حيّة على الهواء من داخل أستوديو الإذاعة، وجد اسمه في الأسبوع التالي منشوراً على صفحات مجلة "هنا أم درمان"، ضمن المطربين الكبار، الكاشف وحسن عطية وأحمد المصطفى. وذكرت المجلة أن هذا المطرب الجديد سيؤدي "حفلة" أخرى في الأسبوع التالي. وكان الفاصل الغنائي يسمى "حفلة"، إذ كان يقدم حيّاً قبل وصول أجهزة تسجيل الأسطوانات والشرائط إلى البلاد. من الموسيقيين الذين وجدهم قد سبقوه بالانتماء إلى فرقة الإذاعة فرح إبراهيم ، وبدر التهامي، وحسن خواض، وعازف العود محمد أحمد داكو الذي رافق المطربين حسن سليمان (الهاوي) وحسن عطية وعبد الحميد يوسف. ويقول التاج إن التحاقه بالإذاعة السودانية أتى تالياً لسرور وحسن عطية والفلاتية وأحمد المصطفى وعبد الحميد يوسف وحسن سليمان الهاوي. ويتمسك بأن المجموعة التي تلته تشمل الفنانين عثمان الشفيع وعثمان حسين وعبد العزيز محمد داوود وعبد الدافع عثمان. وأشار إلى أن أول فاصل غنائي طُلب منه أداؤه على الهواء شاركه فيه عازف العود فرح إبراهيم ، الذي كان يصاحب بالعزف المطربة عائشة الفلاتية ومطربيْن لم يكتب لهما حظ من الشهرة، هما سيد أحمد محمد وحسن أحمد . وسرعان ما وجد المطرب الجديد قبولاً، وطلب منه متعهدو الحفلات إحياء حفلتين في كل من شندي وكوستي، وقد رافقته إليهما فرقة موسيقية ضمت الماحي إسماعيل وشقيقه محمد إسماعيل الماحي وكامل عباس. وبعد عودته إلى العاصمة، وثّق التاج علاقته مع عازف الكمان السر عبد الله الذي لازمه في حفلاته الغنائية نحو 15 عاماً، وأفاده بترغيبه في تعلّم كتابة النوتة الموسيقية. واتسع نطاق علاقاته الاجتماعية مع المشتغلين بصنع الطرب، لينضم إلى أصدقائه ومرافقيه العازفين سعد أحمد عمر ومحجوب عوّاض وبدر التهامي ومحمد طالب. من المصادر المهمة في التكوين الفني للتاج، الندوات والحفلات التي كانت تقام كل ليلة في مقر "نادي الحديد"، بأم درمان، وكان يحييها الفنان فضل المولى زنقار، ويرافقه عازفاً الجزولي سليمان، وهاوي الغناء علي الريح (شقيق الشاعر الملحن عبد الرحمن الريح). وأثناء عمل التاج في مصلحة المخازن والمهمات تعرف إلى زميله في العمل الشاعر أحمد إبراهيم فلاح الذي اشتهر ب "شاعر العيون". وكانت ذروة نشاطهما الفني حين يلتقيان على متن الترام المتجه من الخرطوم بحري إلى أم درمان بعد انتهاء ساعات الدوام. وكان التاج يحرص على رحلة الترام حتى لو كان غائباً عن العمل، فهو يحرص على الذهاب إلى الخرطوم بحري في منتصف النهار ليبدأ رحلة الفن مع زملائه. وهو الترام نفسه الذي وقعت تحته حادثة بتر ساق المطرب عبد الدافع عثمان في عام 1944 وكان التاج مصطفى أحد شهودها. وكان التاج بارعاً في أداء أغنيات الكاشف، وربطته به صلات عميقة. ويقول إنه كان معجباً بالكاشف "كصديق وأستاذ. والواحد اتعلم من الكاشف الغيرة على الفن ذاته. وأول شخص شجعني بعد ما غنيت أول مرة كان الكاشف"، بل طلب من المطرب الناشئ أن يحل محله في حفلة عامة أقيمت في مدينة كوستي. أي ثقة.. وأي مساعدة.. وأي تشجيع! هجر التاج كلمات أولى أغنياته "فتاة النيل"، وقام بتفريغ لحنها على كلمات قصيدة "يا نسيم أرجوك" التي نظمها الشاعر عوض عبد الرحمن الحسين. والأعجب أن صديقه إسماعيل خورشيد شاعر "فتاة النيل" وافق على هذا التحول وباركه! لقد كان ديدن العلاقة بين المشتغلين بالفن الغنائي آنذاك خالياً من الحساسيات التي عرفها الوسط الفني لاحقاً. وانتظم التاج في تقديم إنتاجه الخاص، فكانت ثانية أغنياته "شقاء الحب". وكانت الثالثة: فقدت حبيب آلمني بُعدُه وذُقت عذاب الهَجر بَعْدُه يوم لِقاهُ سَعدي وسَعدُه يا ريت ما كان فارقني مرّة وما لبث التاج أن جاء بأغنية "الملهمة"، من نظم عبد الرحمن الريح، التي أحدثت انقلاباً في مستوى الغناء الجديد، وأذكت التنافس بين المطربين. ولمضاهاتها تبارى أولئك المطربون فقدموا الأغنيات الآتية: - الفنان أحمد المصطفى: أغنية "الوسيم"، من كلمات المذيع طه حمدتو. - الفنان حسن عطية: أغنية "القمر الأخضر" (فيردلونا)، من نظم الرئيس محمد أحمد محجوب. - الفنان عثمان حسين: أغنية "الفراش الحائر" من كلمات الشاعر قرشي محمد حسن. - الفنان عبد الحميد يوسف: أغنية "غضبك جميل زي بسمتك". وتمثل أغنية "الملهمة" أسلوباً كان جديداً في تنويع المقاطع الغنائية داخل الأغنية، في وقت اتسم فيه الغناء بالطابع الأحادي الميلودية وضعف الفكرة اللحنية، وضآلة الشكل الموسيقي. ولهذا السبب اعتبرها الفريق إبراهيم أحمد عبد الكريم "ملهمة جيل بحاله"، في إشارة إلى التنافس الذي أذكته والأعمال الفنية الجديدة التي رأت النور بفضلها. بعد تنامي شعبية المطرب الصاعد، قرر أن يثقف نفسه موسيقياً، فعكف على حضور الدروس التمهيدية التي قدمها الأستاذان حسني وشعلان، من أساتذة البعثة التعليمية المصرية في السودان. وواظب على حضور الدروس التي قدمها بعدهما العميد أحمد مرجان. وبعد ذلك اتجه إلى حضور الدروس الموسيقية التي قدمها الموسيقار المصري مصطفى كامل الذي يتمسك التاج بأنه أكثر من أفاد منه. وأتاحت له هذه المعارف الموسيقية أن يعمل أستاذاً للموسيقا في "الجامعة الشعبية" التي أدارها السيد نجم الدين عوض. وشاركه التدريس في تلك الجامعة الفنان العاقب محمد حسن، والموسيقار إسماعيل عبد المعين، والموسيقار الإيطالي ايزو مايستريللي الذي طلب من التاج أن يسمح له بعزف صولو الكمان في أغنيته الشهيرة "ليلة الذكرى". وفي نهاية خمسينات القرن العشرين توقف نشاط "الجامعة الشعبية". فاتجه التاج إلى زملائه في حي العرب، واتفق مع الشاعر الملحن عبد الرحمن الريح على تكوين مجموعة خاصة بهم، ضما إليها الفنان الفاتح حاج سعد، الذي قدم إليه عبد الرحمن الريح، من نظمه وتلحينه، أغنيتي "ممكون وصابر" و"أنا المعذب بالجمال"، وعلي سالم، وحمزة خلف رحمة الله، ومحجوب عوض (من أبناء واد مدني)، ومحمد عوض ودّ السُّرَّة، والفنان رمضان حسن، الذي قدم إليه التاج لحن أغنيتي "اليوم عاطر والسحاب ماطر" و"الأمان الأمان". والشعراء الذين قام التاج مصطفى بتلحين وأداء القصائد الغنائية التي نظموها هم: عبد الرحمن الريح، محمد بشير عتيق، عوض فضل الله، إسماعيل حسن، علي محمود التنقاري، الطاهر حسن السُّنِّي، إدريس عمر، فؤاد أحمد عبد العظيم، الطيب يوسف هاشم، عوض أحمد الحسين، محمد علي عبد الله الأمي، عبد المنعم عبد الحي، الأخطل الصغير، ابن المعتز، الشاب الظريف، محاسن رضا (مصرية)، إسماعيل خورشيد، حسين بازرعة، سيف الدين الدسوقي. ولم يكن التاج بخيلاً بألحانه على زملائه. فقد قدم إلى المطربة عائشة الفلاتية ثلاثة ألحان: "الحبايب" (عنّي مالهم صدوا واتواروا)، و"باقي ليْ يومين وأسافر"، و"اسعفوني"، وهي من نظم الشاعر علي محمود التنقاري. وحققت أغنية "الحبايب" شعبية غير مسبوقة، وظلت تتردد على الألسن منذ العقد السادس في القرن العشرين حتى مطلع القرن الحادي والعشرين. ويصف التاج زميلته الفلاتية بأنها "أعظم صوت جاء بعد الفنانة الرجا التي ذكرتها سابقاً، وإن كانت عائشة الفلاتية بطيئة في الحفظ، لكن صوتها كان عظيماً ورائعاً حقاً". وقدم التاج إلى زميله الفنان إبراهيم الكاشف لحنين صارا اثنتين من أعظم الأغنيات التي تغنى بها الكاشف، وهما لحنا أغنية "رسائل" (حبيبي اكتب لي) للشاعر عبيد عبد الرحمن، وأغنية "العيون" للشاعر سيد عبد العزيز. ومن نماذج التعاون بينهما، قيام الكاشف بعرض أغنيته "الحبيب وين قالوا ليْ سافر" على التاج، فأدخل عليها الأخير لمسات لطيفة، من قبيل ترديد كلمة "أيوة" من قبل أعضاء الفرقة الموسيقية، ومقطع "أوع لا تنسى". ويقول التاج "الكاشف يستحق كل ذلك وأكثر، لأن مقدرته التصويرية الصوتية خارقة. كنا نحب بعضنا بعضاً. وكنا يعرض كل منا غناءه الجديد على الآخر". وكان التاج يسعد بصداقاته الممتدة وسط أهل الفن. يذكر في اعتزاز أن زميله عبد الكريم الكابلي يتغنى في جلساته الخاصة بأغنية "الملهمة". وكان الفنان عبد العزيز داوود يردد لأصدقائه أغنيتي التاج "يا نسيم قول للأزاهر" و"السادة لونو خمري". وكان الكاشف يترنم بلحن التاج الشهير "يا بهجة حياتي". وترنم الفنان محمد حسنين بأغنية التاج "فقدت حبيب". أما الفنان رمضان زايد فقد كان يتغنى بعدد كبير من أغنيات التاج. وواصل التاج عطاءه حتى نهاية العقد السادس من القرن العشرين. وخلال العقد التالي توقف. وقد سألته عن أسباب توقفه، فقال: "الفنان دائماً شفاف تجاه كل شيء محزن. فأنا لديّ قرابة المائة أغنية لا يذاع منها سوى ثلاث أو أربع أغنيات. وسجلت للإذاعة عدداً كبيراً من الأغنيات الوطنية، لكني لا أسمع منها شيئاً إلا بعد إلحاح وإصرار وشكوى، لذلك آثرت أن أتوقف". في عام 1959 سئل التاج مصطفى عن أعظم خمس أغنيات سودانية، فكان رده: - "أجراس المعبد" للشاعر حسين عثمان منصور، تلحين برعي محمد دفع الله، غناء عبد العزيز محمد داود. - "لو انت نسيت" كلمات وتلحين الشاعر عبد الرحمن الريح (كان يتغنى بها التاج آنذاك قبل أن يعطيها الشاعر إلى المطرب حسن عطية). - "المقرن في الصباح" كلمات خالد عبد الرحمن خالد أبو الروس، تلحين وغناء إبراهيم الكاشف. - "يا ملاكي الصغير" كلمات عبد الوهاب البياتي، تلحين وغناء التاج مصطفى. - "لا تُخْفِ ما فعلتْ بك الأشواقُ" من نظم الشاب الظريف، تلحين وغناء التاج مصطفى. وفي عام 1989 سألته ما هي أعظم الأغنيات التي تغنى بها من ألحانه، فأجاب: - "مي" للشاعر بشارة الخوري (الأخطل الصغير). - "بهجة حياتي" للشاعر إسماعيل خورشيد. - "يا غايب عن العين" للشاعر الطيب يوسف هاشم. - "أيها الساقي" للشاعر الاندلسي ابن المعتز. - "أطياف" للشاعرة المصرية محاسن رضا. - "القضية كيف؟" للشاعر بشير عمر بشير، وهو نشيد يتحدث عن انتفاضة السودانيين في عام 1958. تزوج التاج مصطفى في عام ،1956 ورزقه الله بأربع بنات وخمسة أبناء. عن صحيفة الخيج
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يس يكتب عن الراحل : التاج مصطفى (Re: Alsadig Alraady)
|
شكرا للاستاذ الشاعر الكبير الصادق الرضى والشكر موصول للاستاذ الكبير معاوية يس على هذا المقال الرائع عن الراحل الاستاذ الفنان التاج مصطفى .. روعة المقال المليء بالمعلومات الموثقة والمعرفة التامة المفيدة ديدن الكاتب معاوية فهو الصحفى الشامل الذى عودنا دائماعلي الكلام الدسم دائماما نلتفت نحوه لمعرفة اكثر لعزيز علينا فقدناه ... ومقاله عن الراحل احمد الجابرى لا زلت احتفظ به ومن احسن ما كتب عنه. فى نهاية عام 1996 فى ايام مايو الاولى احس الفنان التاج مصطفى بان الاذاعة تتجاهله وكانت فى ذلك الوقت اهم منبر اعلامى بل الوحيد المنتشر فى اجزاء كبيرة فى السودان .. ولا تذيع اغانيه رغم ثقله الفنى الكبير الا فى اوقات متباعدة وكاد يصيبه الاحباط من الوسط الفنى الذى كان يحس فيه عدم الوفاء ...الى ان كتب الاستاذ معاوية يس مقاله الشهير عن الفنان التاج مصطفى فى مجلة الدستور فى لندن تحت عنوان التاج مصطفى والاغانى التى تجرح وتداوى ..استعرض فيه حياة فناننا واغنياته وكان ذلك فى عام 86.. هذا المقال كان بمثابة روح جديدة لفناننا واعجب به ايما اعجاب واتصل بالاستاذ معاوية شاكرا له وقال له بالحرف .. لولا كبر سنى لنحت لك تمثال وهذا يدل على مدى تاثرهوتاثير هذا المقال على نفسه مما خلق فيه روحا جديدة مليئة بالعطاء فى المجال الفنى واكتسبت اغنياته مستمعين جدد على مدى الايام .. واغنياته اليوم يرددها الشباب السودانى الذى لم يعاصره او يراه فالكنز الثمين يحتفظ بقيمته على مر السنيين .. هذا المقال لا بد ان يرفقه الزميل معاوية مع المقال السابق ذكره فى كتابه موسوعة الغناء فى السودان والذى هو تحت الطبع الان .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يس يكتب عن الراحل : التاج مصطفى (Re: الكيك)
|
انا اسف لبض الاخطاء المطبعية واهمها ايام مايو الاولى 69 كتبت 96.. اول مرة التفى فيها بالفنان التاج مصطفى فى وفاة والدتهم عام 19992 عندما ذهبت لتعزية الاستاذ السمانى مصطفى مدير شركة الامارات فى السودان حينها فى منزلهم فى امبدة واول مرة اعرف فى ذلك اليوم ان التاج مصطفى شقيقه عندما قال لى شيل الفاتحة مع اخوى التاج وجلست معه حوالى نصف ساعة نتحدث مع بعض عن الهجمة الاخوانية على كل شىء فى السودان فى تلك الايام والتى كانت حديث الناس ولم تسعفنى الايام بالالتقاء به ثانية . رحم الله الفنان التاج مصطفى بقدر ما قدم من فن جميل وخلق رفيع عرف به طوال حياته..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يس يكتب عن الراحل : التاج مصطفى (Re: الكيك)
|
الاعزاء : على عثمان ، الجندرية ، الكيك اول مقابلة صحافية اجريها في حياتي المهنية ، كانت مع الفنان الراحل التاج مصطفى وشاركني فيها الزميل الصحفي القاص عثمان شنقر حيث اجريناها لصالح صحيفة " الغد " متوقفة الصدور ، في العام 1995: ذهبنا الى منزله بامبدة ، حيث التقينا به وكانت مقابلة نشرت على صفحة كاملة ، لازلت احتفظ بها وحين فكرت في طباعتها وتجهيزها لاعادة نشرها في البورد وجدت هذا المقال الرصين والمؤثر لاستاذنا الحصيف معاوية يس فهنيئا لنا به ودمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يس يكتب عن الراحل : التاج مصطفى (Re: تاج السر حسن)
|
شكراً للصادق لنقل المقال وشكر لراكوبة لوضعه رائعة التاج يا نسيم أرجوك من منكم يتكرم بنقل ألأغنية الرائعة على النجيلة جلسنا يا راكوبة ؟ وشكراً معاوية يس الملاحظ أن الكمات التى كان يختارها فنانو ذلك العصر وخصوصا المرحوم التاج غاية فى الذوق والادب والرفعة ... وكمان الرومانسية صفة ذلك العصر ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يس يكتب عن الراحل : التاج مصطفى (Re: kh_abboud)
|
العزيز الصادق شكرا علي البوست الرائع . للتوثيق اظن ان التاج ولد في العشرينات لان اصدقائه كانوا مواليد العشرينات و يمكن ان اقول في النصف الاخير من العشرينات . و كالعاده لم يكن السودانيون يدققون في الاعمار و عاده ما يخصمون عدة سنوات حتي يتأخر المعاش ..... و الخ . في الفتره الاخيره لم يكن شريط التاج مصطفي يتغير في العربيه . بالرغم من انني في التسعينات كنت اجد صعوبه في الاستماع اليه لانه الفنان الوحيد الذي يجعلني اغالب البكا بالصنقيع ، فكل نبره في صوته تذكرني بالسودان و خاصه امدرمان . العم محمد بدري العميد الاصغر رحمة الله عليه كان شيوعيا من الرعيل الاول مثل ابناء اخته فاروق و الطيب ميرغني شكاك و ابن اخته الاخر الذي في نفس عمره ابراهيم مجذوب مالك . و سمعت من العم محمد بدري انهم بينما كانوا ينقلون بعض ماكينات الرونيو و الورق لطباعة المنشورات ان تعطلت سيارتهم و هذا ايام الاستعمار . فشاهد العم محمد بدري الفنان التاج مصطفي فناداه ( يا التاج ، يا التاج . ) . و عندما توقف التاج بالسياره طلب منه محمد بدري اخذ الماكينات و الورق و الاحتفاظ بهم الي حين مراجعتهم و لم يتردد التاج للحظه بل قال ( جدا ) . لقد وجد البعض انفسهم في الحبس بواسطة ابارو فقط لحيازة ماكينة كتابه . و لكن الفارس التاج مصطفي كان ود بلد بسيط مجاملا بشوشا سهلا . كم من فنانين هذا الزمن علي استعداد لان يخاطر بعد ان صاروا فنانين كبار تبتسم لهم الدنيا. من احد الاسباب في تفكيري للرجوع الي السودان هو ان احظي بمشاهدة التاج مصطفي . الا رحم الله التاج مصطفي . شوقي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يس يكتب عن الراحل : التاج مصطفى (Re: shawgi badri)
|
تاج السر حسن: هي من اجمل الصور التي شكلت طفولة الوجدان kh_abboud :نعم الاستاذ الراحل التاج مصطفى من ذلك الجيل الذي صنع للاغنية السودانية مجدا على الرغم من شح ومحدودية الواقع الذي عاشوه استاذنا شوقي بدري : مرورك زين البوست وشكرا عميقا للمسة التوثيقية القيمة
| |
|
|
|
|
|
|
|