|
حوار تماضر مع ثقافة الاضواء
|
الفنانة «تماضر شيخ الدين» لـ «ثقافة الاضواء» مازلت اداوم على ممارسة الغناء في المسرح وكتابة الشعر يا للثراء في ذكرى معهد الموسيقى والمسرح يا للعطر النظم الاجتماعية تعمل سلباً دون التوصل لوجدان سوداني موحد حاورها: الصادق الرضي عرفها الجمهور السوداني من خلال ما قدمت في المسرح القومي من اعمال، (احلام الزمان) نموذجاً، كما عرفها ايضاً في الاخراج للمسرح ومن خلال الدراما الاذاعية والتلفزيونية ومن خلال برامج عديدة ومتنوعة. (تماضر شيخ الدين) اسم احبه السودانيون وعميقاً حالت ظروف كثيرة دون ان يخرج حوارنا معها كما خططنا له، من محل اقامتها بامريكا كان لنا معها هذا الحوار الذي ننشره بجانب أخر ابداعاتها الشعرية، على وعد ان يمتد عبر محاور اخرى في وقت قريب. لماذا المسرح تحديداً، دون سائر الفنون هو الذي استحوذ عليك كفنان ومبدع مع انك تمارسين كتابة الشعر والغناء ايضاً؟! للمسرح قدرة على امتصاص المواهب المتعددة للفنان، وتسميته بـ «ابو الفنون» هي تسمية جادة ولها اصولها التاريخية والفنية. كان الفنان قديماً يقوم بكل الادوار فهو مقلد محاكٍ ويغني ويرقص، يكتب نصه بنفسه وينفذ ثيابه واكسسواراته، لم تكن التقسيمات الحادة بين الفنون والتخصصات قد ولجت عالم المسرح الا في ايام المسرح الكلاسيكي، ايام العلبة المسرحية السحرية، اما على المستوى الشخصي، فاقول ان استاذي هاشم صديق لعب دوراً مهماً في توجيه موهبتي الى هذا المنحى، فقد جئت لمعهد الموسيقى والمسرح خصيصاً لدراسة الموسيقى وقد كنت - ولازلت - شغوفة بها، ولكنه اصر على ان موهبتي في التمثيل اكثر جدية وقال ان الموسيقى متاحة ويمكن تعلمها بصورة فردية. المهم، ما اورده من اسباب شكل مستقبلي عبر هذا الخيار لكنني مازلت اداوم على ممارسة الغناء في المسرح والكتابة للمسرح، وكتابة الشعر. ماهي تأثيرات معهد الموسيقى والمسرح على تكوينك الفني والثقافي ولو على سبيل الشهادة؟ معهد الموسيقى والمسرح!!! يا للثراء في الذكرى ويا للعطر، ان تأتي الى المعهد في ذلك الزمن، هو ان تنتقل الى عالم يشبه الحلم حيث مدينة الفنون الفاضلة، كل شخص موقّع و«مهرمن» على نسق الكون، الكل يعرف ألمك ونزيفك الداخلي ويحمل جيناتك، المسماة بالفن هذه. مشينا على اهداب الزمان لحين، لكن نظرنا حولنا في غضب بعدها، لنجد ان امامنا الكثير من العمل لننجزه، على مستوى الطلاب، المناهج والتقييم، الورش الفنية، العلاقة الاكاديمية بين القسمين (الموسيقى - المسرح)، هيئة الاساتذة، العلاقة الخارجية بين المعهد والمجتمع السوداني، ماذا ينتظر منا دافع الضرائب، ومشكل الآلام، الفنان الاكبر، الشعب السوداني؟!. ايضاً الوضع السياسي السائد وعلاقة المعهد به، كل هذه الاسئلة تصعدت وخرجت الى ارض العراك، وكل منا ادلى بدلوه للخير او للشر وانطفأ الحلم الجميل. تعرض المعهد بعدنا للشتات وغضب المتطرفين، محزن ما آل اليه حال المعهد!. وللاذاعة شجون، من خلال عملك بالاذاعة ما الذي ميز الدراما الاذاعية فوجدت قبولاً عند الجمهور السوداني اكثر مما وجدته دراما التلفزيون بل والمسرح، برأيك؟! الاذاعة مسرح الكلمة والصوت، فيها يجد الكاتب براحاً اكبر للبوح والانعتاق، المسرح بمدلولاته المرئيةوالمبصرة يقصقص اجنحة الكلمة فيما اعتقد، ولذا نجحت الاذاعة في استقطاب الاذن المستمعة خاصة بعد «نظريتي الجديدة» هل اخبرتك عنها؟! انها تتلخص في ان الجمهور السوداني بمحافظته وصرامة نظامه الاخلاقي، قيد الممثل وصار هناك اتفاق مضمر بين الجهتين على حدود الحرية والانطلاق في الاداء، لا يتعداه اياً من اطراف المعادلة. منذ ان انتقلت للعيش في امريكا وانا اقارن بين الممثل في السودان والدول العربية وبين الممثل في الدول الغربية، الكل يستخدم ذات الادوات للنفاذ الى عقل وقلب المتلقي، ولكن المساحات تتباين فللممثل في امريكا والغرب المدى الواسع وما احاط به، ولنا القنوات الضيقة والدروب المحفوفة بالخطر. نعرف ان لك تجربة في تدريس فنون المسرح بمعهد تدريب المعلمين بام درمان، ماذا عن هذه التجربة وعن تلك الايام؟!. سألتني عن تدريس الدراما، وأرجو ان اطلق هذا النداء عبر صحيفتكم الغراء للاستاذ الصديق «بشير سهل جمعة» وزير التربية والتعليم بالقضارف، عندما جئت في زيارتي الاخيرة الى السودان طلب مني التعاون في مهرجان فني يقام في منطقة القضارف، وحيث ان ظروف الزيارة لم تكن تسمح لي بهذه المشاركة فقد اعطيته كراسة كنت قد كتبت فيها منهج الالعاب لتعليم المسرح في المدارس المتوسطة اقول له: اعطني كراستي واطلق يديّ. كانت تجربة تدريس الفنون - الدراما، تجربة اكاديمية ثرة بعد التخرج، للمدرسين، وقمنا خلال تلك الفترة بعمل ورش فنية في المدارس المتوسطة وقام الكثير من طلابي - الاساتذة، بنقل افكار مسرحية صغيرة من شأنها ان تفجر طاقات الاطفال في المجال الدرامي والشعري والموسيقي، كانت ايام مشهودة ايضاً لان هذه الورش قادتنا الى بناء كثير من المسارح «المصاطب» في عشرات المدارس، لتهيئة الطلاب نفسياً للانتباه لاقامة العروض المسرحية بمدارسهم. لك اهتمام واضح، برز من خلال برامج اذاعية وتلفزيونية، بالموروث الشعبي السوداني ماذا هناك في هذا الخصوص؟!. اسمح لي ان اقول، فيما يتعلق بالموروث الشعبي، و«الفنان الذي بداخلي» ان الذي بداخلي هذا ليس فناناً انه انسان، فقط انسان سوداني كامل الخريطة، فحينما يعيش الانسان في اقاليم متباعدة ومختلفة في بلد كالسودان، تتقمصه روح نبتة وكوش وافريقيا السوداء وحضارات البحر الاحمر والقرن الافريقي، ويدخل جسمه «زار» التوحد، يرى الانسان السوداني على حقيقته، في كل منطقة من مناطقه هو مشروع كامل من مشاريع الثقافة والفن، الغناء والرقص، الاخلاق الحميدة والتماسك الاجتماعي والعلاقات الاسرية بسحرها وسطوتها وتأثيرها، يتكون الفرد من القبيلة ويخرج للعالم رجلاً سمحاً اذا باع اذا اشترى واذا اقتضى. ومع ذلك ايضاً يستطيع المرء ان يرى كيف ان هذه النظم الاجتماعية تفرض نوعاً من الحدود القاسية وكيف انها تعمل سلباً دون التوصل الى وجدان سوداني موحد. والدور المهم الذي يلعبه الفن هنا هو ان يربط بين هذه الخيوط الدقيقة وان يبدع شبكة وجدان سوداني جديدة. لعبة المحار والليل والنسور شعر: تماضر شيخ الدين ها انت تستعين بمهجتك على المكاره وتتدفق الامكنة من مخيلتك كالطحالب تتدلى من خصر جبل تحدق حتى انحناء الشعاع في النهايات السحيقة وتصيخ السمع حتى يستحيل السكون الى ضوضاء جديدة منذ ان فاتك ركب سفينة نوح لم تكن كفؤاً كما كان ركابها فلم يكن لك مثيل يزاوج صنفك تركوك في اليم الغاضب وحيداً كنسر حاولت ان تمسك بحبل او لوحة حتى تنجو ولكن اسمك لم يكن مذكورا في دفتر العبور المقدس ها انت مجهول المنبت مازلت تبحث لنفسك عن اقبية مشروعة تختبيء فيها تسلقت كثيراً من الجدران المتشققة التي نما العشب في اقدامها نمت في حواف الآبار المهجورة، وسهرت مع المحار في اصداف دافئة احياناً طرقت ابواباً صلدة، مفاتيحها الصدئة سر مدفون في بهو النسيان مع البنائين المجهولين كيف دخلت الى مدن مسحورة جدرانها من غيوم وابنيتها من فقاقيع البلور؟! كيف تمشي هكذا بين حدائقها المعلقة وتحط في اوراق ازاهرها كفراشة ملونة؟! اشّد ما يحيرني فيك الضوء الضوء في مدائنك كثيف كنهر من ذئبق، مثقل بالرطوبة، هل رأيت حملة احجار الاهرامات وهم يعبرون نهر الضوء الزئبق هذا وانت ترقب من شرفة غميتك تلك؟! هل اتاك حديث موسى وانقسام البحر؟! قالوا انك خرجت من بطن حوت، عند انقسام البحر، هل جاءت الفرقة بين المائين وقد صاحبها دوي صاخب، ام سكون مخيف مطبق! قالوا ان الانسان عندما أُمر ان يختار جحيمه، قال: أرني طعامي فجاءوا له بالخراف التي مضغها والاسماك وابقار شرب لبنها واشجار الفاكهة وبرك الماء التي شربها وتلال القمح والذرة وحقول البصل والطماطم، وجبال الفول فمضى يتوه في البيداء وطلب ان يصوم للرب ها انت ذا تستعين بمهجتك على المكاره تنام في عيون البحار وفي غابات الشجن اللولبي وتبكي تحط النسور في عقر حدائقك وينام بناة الاهرامات في غرفك الداخلية تحدق حتى نقطة انحناء الشعاع وتصيخ السمع حتى يستحيل السكون الى ضوضاء يمكن مطالة ملف ثقافة الاضواء عبر www.aladdwaa.com
|
|
|
|
|
|