|
الشاعر اللبناني الياس لحود لـ "ثقافة الاضواء"
|
كان حضورا في الخرطوم الشاعر اللبناني«الياس لحّود»: الشعر يشكل خطراً والعقل العربي عقل شعري حاوره/ الصادق الرضي كتبت شعرك باللغة الفرنسية والعربية ولك محاولات باللهجة المحكية، على افتراض ان اللغة وطن الشاعر حدثنا عن الحياة في أكثر من وطن وعن الشعر في أكثر من لغة!! الحقيقة اللغة هى اسلوب الشعر، ليست وطناً ولا مغترباً اللغة هى الشعر بهذا المعنى، لا شعر خارج اللغة كما انه لا لغة خارج الشعر، أي لا لغة سابقة للشعر لغة الشعر تولد لحظة التفجُّر. لحظة التفجر هذه تخلق لغتها، لأن اللغة في كمون رغم انك تحس احياناً ان اللغة ككائنات، اقصد عبارات، ألفاظ ملفوظات دلالات ودالات، اللغة بصفتها كذلك تعيش في حالة كمون، أي في حالة تربُّص، وليس في حالة تقوقع كما يظن او في حالة سيلان دائم، اللغة تكمن لها كمائنها، عندما تبدأ لحظة التفجر الشعري او ما نسميه لحظة الولادة تأخذ اللغة شكلها الجديد، بولاداتها الجديدة او مولوداتها الجديدة «فلنسمها مولوداتها الجديدة» تبدأ بالتكون، تقل لي هذا الكلام قد ينطبق مع بعض افكار «جومسكي» حيث القواعد التوليدية، ان لا قواعد قبل الإستعمال، حتى وإن وجدت هذه القواعد في شكل قوالب ولا فرق هنا بين القواعد والقوالب، ولكن هذه الحالة ليست حالة اعطاء ليست حالة خلق، ربما كانت حالة كمونية تاريخية ولكن حين تبدأ الولادة، رغم صعوبة ما اقول، تبدأ ساعة ذلك من خلال تفجرات وتشظيات معينة تتلملم، تتجمع تتواثب تتكوكب حول المعاني، من هنا يفقد المعنى شخصيته الشكلية ويتحول الى ظل كلما دخلت اللغة الى حالة الوجود وبدأت تتكون من خلال الوجود الشعري، هذه بحاجة الى تفسير أكثر نبقي فقط حدود تحديداته ـ لنيسر للقارئ ما نقول ـ اختصر ذلك بالتالي: لا لغة خارج الإبداع لا لغة شعرية سابقة للخلق الشعري كل خلق توجد معه لغته. ايضاً حدثنا عن كيف مسَّك الفن، عن بدايات التكوين الإبداعي والثقافي او كما عبر لوركا ذات يوم: من اراك طريق الشعراء؟ ـ لأصل الى هذا السؤال لا مفر من ان اعود الى جزء من سؤالك السابق، عندما قلت انني كتبت باللغة الفرنسية. جاك دريدا يقول: «ان المفكر بعامة يعمل من خلال ثلاث لغات، اللغة الأصلية التي يكتب بها، ولغة اخرى يفكر بها ولغة ثالثة يتخيل بها» اذن ثمة لغات ثلاث يشتغل عليها الكاتب انا لا اقول ذلك فحسب بل اضيف ان استعمالك للغة لا يخلو من وجود لغات اخرى معك، بل ان اللغة الأخرى ضرورية، كما ان الآخر بمعناه الابداعي ضرورة فلغة الآخر ايضاً ضرورة، ماهو الخطأ الذي نرتكبه نحن؟ نحن نعادي افعال الآخر ونعتبر لغته فعلاً، وهذا خطأ يجب ان نفصل بين الآخر وبين لغته، لغة الآخر هى ملك لجميع الناس، بينما فعل الآخر هو معي او ضدي. على هذا اسس التالي: لماذا كتبت بداية باللغة العامية، فيما بعد استعمل عبارة لغة محكية، بداية كتبت باللغة العامية لغة شبيهة بلغة الأغنية والزجل وسواه، اللغة المحكية رغم انها عامية فهى لغة فصحى في ذاتها، من هنا كنت احتاج الى لغة اخرى تتكون فيها أفكاري، اتكلم هنا وأنا دون العاشرة، وبما انني كنت بمدارس فرنسية عربية، لذلك كنت اخاف من الفصحى العربية على اساس انها فصحى منمقة، مقولبة، مقوعدة بشكل يمنعني الإقتراب منها ما لم ألم بها بالكامل إقتربت من اللغة الفرنسية ذات القواعد الأقل حتى في النظم، اذن لأنك تعرف تبدأ في الكتابة بينما في اللغة الفرنسية هناك بحر واحد، تستطيع بواسطته ان تبدع كثيراً بمجزوءاته وكانت اسهل بالنسبة لي هذا لا يعني ابداً انني لم أكن اهجس في امتلاك لغة كتابة القصيدة الكلاسيكية، انا بدأت كلاسيكياً، انا الـ«مابعد حداثوي الآن» الـ«شديد العلاقة بالثورة على كل الكلاسيكية». كتب مجموعة كبيرة من الأشعار بعد ان كتبت باللغة المحكية والفرنسية، وبالفرنسية كتبت مجموعة كبيرة هى غير منشورة ولكنها سهلت في كتابة القصيدة العروضية العربية، على صعيد الحالة المعنوية، كنت لا أحب اللغة العربية، الغريب انني كنت لا أحبها ولا أحب اللغة الفرنسية، اللغة كلغة لا اطيقها كقواعد، اقول دائماً كان ذلك دون سن العاشرة كانت اختي تساعدني في مواضيع الإنشاء العربية، بينما بدأت اكتب قصيدة عمودية واذ بي اكيد علاقة عميقة بالثراث لأن المناخ الذي كنت اعيش فيه مناخ تراثي من مجموعة شعراء أقارب لي كنت في مدرسة الرهبات والراهبات وتعرف انها مدرسة تقيم مهرجانات إلقاء شعر، كنت القي هذا الشعر واتعلمه على يد شاعر كبير من أقاربي اذن سأتساحب في هذه المرحلة وابدأ في إنتاج قصيدة ـ فاجأتني ـ ذات روح قوية، ووجدت نفسي في حاجة الى تبديل، بدأ اطلاعي على قصائد الحداثة بالدرجة الأولى عند السياب وحاوي وعدد من الشعراء، وكنت اجمع في إطلاعي ما بين الشعر الحديث العربي والشعر الحديث الأوربي، وبهذا استطعت ان اكوّن خلفية ديناميكية خرجت منها الى بدية كتابة قصيدة التفعيلة التي كنت اركز فيها كثيراً على الإيقاع الموظف، وهنا اريد ان اقول لك انني موسيقي أكتب واعزف الموسيقى، وهذا ساعدني كثيراً في الشعر، على تنويع الموسيقى في الشعر، وكيف ان هذا التنويع يتداخل كما حدث في قصيدة «البطل» التي قرأتها في الأمسية الشعرية، وعمرها خمس وعشرين سنة، دخلت من بحر لبحر دون ان تشعر بتناقض البحرين: بحر المتدارك وبحر الطويل عن خلفية التكوين، لا اريد ان استفيض في الكلام حول ذلك، من خلال الأسئلة القادمة نستطيع ان نمر عليها. ربما كثر الحديث مؤخراً عن إنحسار الشعر انتاجاً وتداولاً تأثيراً وفعالية، لصالح الرواية بزعم ان العصر عصر رواية ـ كيف تنظر للأمر؟! لي آراء حول هذا الأمر، في حوارات متعددة، ارى نقيض ما يطرح، ان العصر عصر شعر حتى في الشعر هناك ثمة رواية سيرة وثمة سرد، يمكن ان يعطيني حق طرح الموضوع متناقضاً مع هذه المقولة، ارى ان الشعر يسيطر على كل شئ، السينما رغم انها رواية وقصة وحكاية وسيناريو بشكل من الأشكال، الا ان الشعرية هى اداته الأساسية، المقولة تحتوي كلاماً اوربياً نقل عربياً. واستغل ثرثرة صحفية لا ارى صحة له، وكما قلت لك نحن نأخذ من الآخر ماله علاقة بالآخر وننسبه الينا، لا تستطيع ان تأخذ كلاماً نشأ في ظروف مغايرة لظروفك وتفرضه على إبداع أي حينما نقول بفرنسا ان الرواية الجديدة او القصة الجديدة استهلكت القصة القديمة والشعر بمعنى ان العصر اصبح عصر الرواية الجديدة لأنها ليست رواية «بلزاك» كما نعرفها «الرواية ذات الأطر الروائية» وانما اصبحت الرواية نصاً مفتوحاً ذا فضاء شعري، أي استهلكت الشعر في فضائها، كما استهلكته في انساقها، نستطيع ان نقول هذا الكلام عن الشعر الفرنسي او عن الشعر الأمريكي خاصة في الكتابة القصصية الإنجليزية والأمريكية، لكن الشعب العربي شعب شعري تاريخنا وجغرافيتنا وعلمنا شعر، الشعر في العربية الهواء الذي نتنفسه، تراثياً تعرض الشعر لهزات عنيفة جداً لو صح هذا الكلام، لاقتلعته. الشعر يشكل خطراً والعقل العربي عقل شعري. ان الشعر العربي سيبقى شعراً ولن تحل مكانه الأسلوبيات والأجناس الأخرى، والرواية العربية الجديدة في حالة ازمة وانحسار حتى مع محمد شكري وكبار من يكتب رواية جديدة، نرى ان الأزمة هى ازمة رواية ليست ازمة قصيدة اي ازمة القصيدة مع ذاتها لا الأجناس الأخرى. شكلت بيروت، ذات يوم مركزاً للإشعاع الثقافي العربي الأمر الذي يفتقده النشاط الثقافي العربي اليوم ما أثر العزلة برأيك، التي تحيط بالمشهد الإبداعي هنا وهناك على الإبداع الذي ينتج الآن؟! اسأل هنا لماذا شكلت بيروت هذا المركز الإشعاعي، الجواب بسبب التعددية اولاً وعدم المصادرة والإلغاء، اي الزمن الذي شكلت فيه بيروت هذا الإشعاع كان زمناً ثقافياً ديمقراطياً او شبه ديمقراطي لم يكن فيه منع ولا تابو، التابوهات لم تكن موجودة بهذا المعنى، استطاعت بيروت بواسطة هذه التنوعية والتعددية، ان تتلقح وتلقح فكرها وإبداعها واستطاعت فيما بعد ان تنتج اشعاعات معينة بثت على الوطن العربي، نستطيع ان نعيد ذلك في أي مكان عربي عندما نفسح في مجال التنوعية والتعددية والديمقراطية، اذن الأزمة هى ازمة ديمقراطية ولنعترف بصراحة كلية بأنها ازمة ديمقراطية في العمق حتى على مستوى النتاج الثقافي، ما نحتاجه في الساحة الثقافية هو هذه الديمقراطية بين المثقفين، بين المفكرين، بين المبدعين المفكرين وعلى كل الأصعدة، نحن نطالب السياسي ان يعطي الثقافي هذه الديمقراطية وندخل في حوار غير مطلوب هل السياسي اسبق ام الثقافي والحوار الصحيح في الساحة الثقافية يجب ان يكون الحوار حول أي ديمقراطية موجودة بين المثقفين، ثم هل على المثقف ان يبقى مثقفاً جاهلاً او مثقفاً مدرسياً او مثقف الشهادة، تعرف ان اكثر شهادات الدكتوراة المعطاة في الجامعات لا تساوي ثقافياً أكثر ما تساوي مدرسياً، كم هو الثقافي في هذه الشهادة هذا هو السؤال، لا وجود للثقافي مالم يفسح في مجال الديمقراطيات والحوار، ثم علينا ان نبحث ايضاً في الساحة الثقافية بذاتها عن عدم الالغاء، لماذا يعني وجودك الغائي، لماذا يعني وجودك فرض رأيك عليَّ، لماذا يعني تعميم النموذج الذي تؤمن به أنت وإلغاء النماذج الأخرى، هذا لا ينتج ادباً بمستوى المرحلة، لا ينتج ادباً مصيرياً لا ينتج فكراً مصيرياً، اين الفلسفة العربية الآن، نسمع بمشاريع فلسفية كثيرة لكن لا فيلسوف عربي الآن اين جيل«دولوز» العربي، اين سارتر عند العرب، كما نعتقد ان حسن حنفي، محمد اركون، سامي ادهم، علي حرب، عبد الله العروي، محمد عابد الجابري، هناك مشاريع لفلاسفة ولعلماء بستملوجيا موجودة لدينا، ولكن لم نمسك بقبضتنا الإجتماعية او الثقافية على هذه المشاريع، لم نمتلكها او نقبض عليها حتى الآن، هى لا تزال في حالة التكون، اليست بحاجة الى وقت أكثر، من الذي أخذته أي خمسين سنة، خمسون سنة ليست لدينا فلسفة، لدينا شعر وربما لدينا رواية في حالة التباس، والواجب ان نركز على الفلسفة اولاً، التطور يبدأ من الفلسفة ومن المعرفيات اساساً لكي تؤسس بعد ذلك. معارك كثيرة، اثارتها «قصيدة النثر» اين تقف من هذه القضية المتشابكة والملتبسة على مستوى الإنتاج والمفهوم؟ ثمة اتهامات كثيرة واتهامات معاكسة لا علاقة بي بها، لأن الذين ينتقدون «قصيدة النثر» يقعون في نثرية عمودية، شبيهة بما ينتقدون، نثريات الشعر الذين ينتقدون القصيدة الكلاسيكية من شعراء قصيدة النثر ايضاً يقعون في قصيدة دعنا نسمَّيها قصيدة النثر العمودية، ولكن الذين يبدعون بالمعنى الكامل الذين يكتبون كتابة شعرية لا ارى ان هذه ازمة لديهم. ما الذي جعل الساحة تتورط في هذا المسألة وبالتالي في هذا السؤال لماذا حدث هذا؟ لأننا اساساً شعب اصوات، تعرف اننا نستهلك الكلم ونستهلك الأصوات وعندما لم نعد نستهلك القوافي والأوزان حولناها الى اصوات بين بعضنا بعضاً في الصحف، صدقني المسألة هى اننا نبني على ما لا لزوم له اين النقد أساساً انتقدنا الفكر العربي والفلسفة العربية اين النقد العربي يجب ان نسأل اين النقاد العرب اين نجد نقداً مؤسساً ان كانت هناك مشاريع بعد طه حسين ـ المدرسة العربية المتأثرة بالغرب، لكانت لدينا مشاريع متفائلة مثلاً تؤسس لنقد جديد على اساس النصوص الموجودة الآن، اين اصبحت هذه المدارس في عداد المدرسيات، نوع من النقد المدرسي يلقي على الطلاب ولكن ليس على صعيد آخر، والقراءات، مثلما ترى، النقدية التي تتم على النصوص، هى اخوانيات، مقررة سلفاً وتخضع للعرض والطلب والوظيفة الثقافية أكثر مما تخضع للإبداع الثقافي. لماذا اقول هذا الكلام المعروف؟ هذا كلام معروف لدينا جميعاً فقط لا نجروء على قوله. حدثنا عن المشهد الثقافي في بيروت الأسماء الجديدة على مستوى الشعر ـ القصة الروائية، ماذا بشأن المسرح والفنون.. أي ماذا هناك؟! لا اتهرب عن الإجابة بذكر الأسماء والبعض يتهرب ولكن حقيقة في حوار عفوي وشفاهي ـ مسجلاً ـ يجعل من الصعوبة ان تستحضر الأسماء في امكنتها وفي سياقها وسيرورتها، او صيرورة الإبداع، لكن اريد ان اقول انه لا يزال هناك تنوع بلبنان ربما كانت بيروت هى المركز الأطراف ليست قوية في المشهد ولكن لم يعد ثمة شك نحو الجنوب كما كان ـ خاصة شعراء الجنوب، الساحة الثقافية العربية ممتلئة بشعراء الجنوب حتى الآن، أي بعد انحسار مد شعراء المقاومة الفلسطينية لم يبق في الساحة الا شعراء الجنوب خاصة الأربع شعراء المعروفين والقصيدة تتطور على ايديهم وتقريباً الإبداع العربي يتمحور في اكثريته، يتمحور حول إبداعات شبيهة بإبداعاتهم. المشهد ينحسر جنوبياً نحو المركز، على صعيد الرواية الرواية الجديدة اعتقد انها لم تضف شيئاً جديداً على مدى عشر سنوات على صعيد المسرح، هناك محاولات كنت اتمنى ان تكون أكثر على صعيد السينما، هناك مراوحة اتمنى لو أنها تعطي أكثر لكن الفضائيات اخذت هذا الدور خاصة في بيروت لدينا محطات أكثر، لدينا تقريباً 06منطقة بث، والفضائيات تؤثر على المبدع المسرح والسينمائي، ولدينا موسيقى متطورة تؤدي عملها على مستوى الموسيقى الشرق اوسطية والكلاسيكية اوركسترا متكاملة اتمنى ان تحضر هذه الأوركسترا الوطنية الى السودان، لدينا المسرح الغنائي الأوبريت وزياد الرحباني ومستوى الفن التشكيلي، ليست لدينا ازمة لكن ليس لدينا ايضاً ما ينافس في هذا السياق، لبنان في حالة غليان ارى ان الملحق الثقافي لصحيفة السفير هى افضل ملحق ثقافي واعمق يشرف عليه عباس بيضون!. نشر بـ " ثقافة الاضواء "
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الشاعر اللبناني الياس لحود لـ "ثقافة الاضواء" (Re: أبوذر بابكر)
|
تحياتى اخى الصادق وللياس لحود اهديك مختارات من وصايا الأخضر العربيّ الأرض بيت الياسمين... الأرض بيت المال... قالوا، قال جدّي: الأرض بيت الجسم أطرب ما يدفّئه إذا دنت النهاية والشموخ أبيضّ في أعلى الجبين... و«زهات» أسدلت السنين على خزامى شعرها وعلى ندى «مرج العيون» وسنديان الوعر أطلق غيمتين جديلتين على قراميد الخيام وحور «بنت جبيل» لوّح من بعيد بالجنوب وغراب وادي الضيم خطّ على الخيام/وساب «شكر الله» ضحكته القتيلة في وجوه الناس اضطرّ جدّي أن «يبيع» الأرض باع حنينه وبكى بكته الهندباء. وديك وادي التّيم أطلق بوقه المكسور في تيه البلاغة أه ما أقساك ردّدت الصخور وكلّ ربعة سوسن غنّت: «جبينك كرم عاج» وحين صارت كلّ ذرّة عنفوان أخضر من جسمه كانون جمر عادت الأرض الحبيبة في الطريق إلى صباه... الأرض بنت الياسمين الأرض صالون الفضاء مشيد بصدورنا ومدجّج بالعاشقين دفّئ يديك بصدرها خمسون بل ستون أرض صباك مدماك من السنوات جسمك فجرك العربيّ وجهك مزهر بالميّتين ومترع بالطيّبين.. خمسون بل عشرون عمر صباك صخر صباك من حرمون من واد إلى جبل هدير رغيفك العربيّ صوت صريرك المحفور في كفّيك ألف عراك...
الأرض بيت المال قالوا؟! قال جدّي: «الأرض بيت الخبز نبنيه فيأبى أن يعمّرنا بعيد أخضر... أو عرس يوم واحد طول الحياة نشقى... ولكنّا كنملات الجنوب على مطلات الجباه بكل درب مزهرون مشيّدون بألف عيد من ضنى وبألف عرس من أنين.. ونسير.. أو سرنا إلى أن أصبح القمح الفلانيّ المطاحن والقرى/الخبز الفلانيّ البلاد وما عليها من رجال... أو جبال». شهقت فساتين النساء مزغردات حين طلّ الأشبهيّ على أكفّ الأمّهات.. ألقوا على حانوت بطرس دمعتين وكاد أحمد أن يكون جريدة من أذرع أو ضفّتين من الحجار... الأرض بيت النار بندقية جارنا عباس تغمزه أذا لمعت غمامه الأرض مملكة القيامة الجسم بيت لا يكف عن المسير.. قال جدي يا ذكي إذن الأرض جسمك لا يضاع ولا يباع/الأرض خبزك... أنت خبز الأرض للشهداء/من عرق جبينك أنت من عرق الجبين... وغمرت دفء تراب جدّي مثل تفّاح تصدّى ووقفت وحدي بين كفّ الأفق والريحان أقطف قبلة من ثغر «يولا» (يولا الجميلة في جواربها الخجولة/يولا التي قتلوا أباها مرتين واللّوز يشهق باسمها وبكلّ لحظة زيزفون لاهث قتلوا براعم جسمها الملك الحزين) الأرض بيت المال؟؟ والدنيا يهود... أو نصارى في اشتداد البورصة العمياء داروا.. أو خطايا مسلمين؟ الأرض كوخ الشعب متروس بدمع الناس مبنيّ بخبز الكادحين فال جدّي...
قام «شكر الله» والأموات ساروا خلفه مترجّلين على الدروب ما بين قلبي والجنوب عاشقت أرضي كلّ حين بلدتين من الصبايا بين «بنت جبيل» تقطف تبغهنّ عن الشفاه وصوت «مرجعيون» تنده: «يا معين» وغمرت وجهي كلّ هذا الأخضر العربيّ مات مات جدّي مات في تشرين واكتسحت جنازته البراعم زغردت والرعد عمّر في التراب قصائداً ومقاومين... «مات جدي سار في تشييعه جمع صغير وحملناه على نعش حقير ودفناه فقير هكذا تغمر موتانا الحتوف» قال جدّي... قال لا تنس الحكاية وارتدى جبلاً من الأوجاع/باع وما ارتضى... صدّقت قلبي لا مفرّ من الحكاية: كان يا ما كان كان الناس يحترفون في أقصى جنوب الأرض أرضاً من لهب وحكايا عمرها دمع العرب وخطايا شيّدت فوق الخطايا... جبل من كفّ يافا شاهر خيل الضحى حتى حلب صاح جدّي من حجار القبر غنّى وارتدى من أرضها عشرين صخراً أخضراً: «أوصيك يا ابني» مهجتي هذا التراب... والأرض بيت النار سمّاها المتيّم في هواها «ياسمين» وياسمين أميرة يبدو الفراش ببيتها نحلا يعمّر جسمها عرياً ورمّاناً حزين والجسم بيت النار جدي صاح وهو يعابث القدمين بيت لا يكفّ عن المسير مشيّد.. كيف اتجهت مشى في الباب.. في درف الشبابيك القرى والناس يمتشقون خبزاً/ثم يحترفون خبز الآه «يا ابني» الأرض فصح يديك/«يا ابني» الأرض بيت الخبز مبنيّ بلحم الصامدين والخبز؟ أجساد إذا بيدرتها اعتمرت عباءات البيادر والسفوح وعمّرت قمماً من الأبطال أولها ابتداء الأخضر العربيّ آخرها جروح الأربعين... صدّقت جدي لا مفرّ من النهاية كان يا ما كان... قرب بيتي بيت يولا (يولا الجميلة في قميص النوم/يولا وسطهنّ ورقصة من عاشقات) كان يا ما كان: بيت الجسم. بيت القمح.. بيت الأصفر الذهبيّ... بيت النار عشنا في جنوب الأرض نزرع أخضراً ونلفّه بجروحنا ونقول يوماً سوف يطلع... كنّا... ونزرع أحمراً في ظلّه ونقول يوماً سوف يطلع... هكذا كنا... ويكبر كلّ شيء في المقالع/ كان يا ما كان كان الأسود العربيّ مبذوراً أناشيداً وأضرحة... وكان الأحمر المزروع حبّاً في التراب يؤوب من جدّي إلى أقصى الخليقة ثمّ يبتكر القيامه كان كلّ الصخر... كلّ الرعد في حرمون يصغي قرب بيت فوق قلبي حين صاح الأخضر العربيّ: هبيّ «برعمت رعداً وشتّت صامدين نبتوا من دمه نصراً مبين بعثوا من كلّ صوب أمّة أطلقت في البوح أرض الياسمين» هذه الأبيات صارت قالها جدّي لجدّي من سنين... الباس لحود
| |
|
|
|
|
|
|
|